فقه
المعاملات تطبيقات الرهن
الرهن التأميني أو
الرسمي
تكلم علماء القانون على ما أسموه بالرهن التأميني وهو يعرف بأنه عقد يكسب
به الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقا عينيا , يكون له بمقتضاه أن يتقدم
على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من
ثمن ذلك العقار في أي يد يكون.
ويظهر من التعريف خصائص الرهن التأميني: وهي كونه عقدا واردا على عقار يمنح
صاحبه حق التقدم أو الأولوية على بقية الدائنين العاديين في استيفاء حقه من
ثمن العقار عند بيعه.
ومن أهم خصائصه: أن يقع على عقار , أو حق عيني على عقار , وهو الأهم في
الحياة العملية.
ولا بد لانعقاد هذا الرهن من تسجيله في صحيفة العقار المخصصة له في السجلات
العقارية , فالتسجيل ركن فيه , ويتحمل الراهن نفقات العقد من كتابة ونفقات
تسجيل إلا إذا اتفق مع المرتهن على غير ذلك.
والرهن التأميني حق لا يتجزأ , فكل جزء من أجزاء العقار المرهون ضامن لكل
الدين , وكل جزء من الدين مضمون بالعقار المرهون.
أثر الرهن التأميني بالنسبة إلى الراهن:
التصرف بالمرهون:
للراهن أن يتصرف في عقاره المرهون رهنا تأمينيا تصرفا محتملا للفسخ ,
كالبيع والإجارة والهبة والصدقة ونحو ذلك , إذا فعله الراهن قبل سقوط الدين
لكن يكون تصرفه موقوفا نفاذه على رضا المرتهن أو قبوله , لأن الراهن لا
يفقد ملكية العقار ولا حيازته ولا حقه في التصرف فيه , غير أن الملكية
تنتقل مثقلة بالرهن إذا كان الرهن قد سجل في دائرة التسجيل العقاري قبل
تسجيل التصرف.
فإذا أجاز المرتهن البيع يتحول حقه إلى الثمن , بخلاف بدل الإجارة.
إدارة المرهون:
كما أن للراهن حق التصرف في العقار المرهون , فإن له أيضا لصاحبه حق إدارته
, فله استعمال العقار المرهون بنفسه , واستغلاله بواسطة غيره , وله أن يحصل
على غلته , حتى تاريخ نزع ملكيته جبرا عند عدم الوفاء بالدين , لأن الغلة
تلحق بعد هذا التاريخ بالعقار , وتصبح من عناصر الوفاء بالدين.
ضمان سلامة المرهون حتى تاريخ الوفاء بالدين:
يضمن الراهن سلامة المرهون حتى تاريخ الوفاء بالدين , ولا يجوز له أن يقوم
بأي عمل من شأنه ضياع ضمان الدائن أو إنقاصه بتخريب أو تعيب.
وللدائن أن يتخذ من الوسائل ما يحفظ حقه , كأن يطلب من المحكمة تعيين حارس
على العقار أو منع الراهن أو غيره من تخريب المرهون ومن أي عمل من شأنه
إنقاص قيمة الضمان.
وله أن يرجع على الراهن بجميع النفقات التي ينفقها من أجل حفظ العين ,
كمصروفات الحراسة , والتقاضي وإعادة العين إلى أصلها عند نشوء الضمان.
وإذا هلك العقار المرهون أو تعيب قضاء وقدرا , كان على الراهن إما الوفاء
بالدين قبل حلول الأجل , أو تقديم ضمان جديد للمرتهن.
وكذلك إذا هلك المرهون أو تعيب بخطأ من الراهن , كان على الراهن إما وفاء
الدين فورا , أو تقديم ضمان جديد لمدينه.
أما إذا طرأت أعمال تعرض المرهون للهلاك أو التعيب أو تجعله غير كاف للضمان
, كالحفر قرب العقار , فللمرتهن الطلب من المحكمة وقف هذه الأعمال التي
تمنع وقوع الضرر.
وفي حال هلاك العقار المرهون ينتقل الرهن التأميني إلى بدله , كالتعويض ,
أو مبلغ التأمين أو مقابل نزع الملكية للمنفعة العامة , من ثمن أنقاض أو
عقار آخر , وللمرتهن استيفاء حقه من هذه الأموال طبقا لمرتبته بين
الدائنين.
أثر الرهن بالنسبة إلى الدائن المرتهن:
تنازل المرتهن عن حقه لغيره:
للمرتهن رهنا تأمينيا أن يتنازل عن حقه في المرهون لآخر لأن له حقا عينيا
فيه , ولكن بشرط موافقة المدين الراهن.
ويسجل حينئذ سند التنازل في دائرة التسجيل حفظا لحق المتنازل له.
استيفاء المرتهن حقه من المرهون عند الأجل:
للمرتهن بماله حق الأولوية أن يستوفي دينه من العقار المرهون عند حلول أجل
الدين , طبقا لمرتبته بين الدائنين , مع مراعاة الإجراءات القانونية
المقررة.
فإذا لم يف العقار بدينه , كان له الرجوع بباقي دينه على أموال المدين
كدائن عادي.
وإذا وجدت زيادة ردت على الراهن.
3 شرط تملك المرهون:
هذا شرط باطل مناف لما تقرر في الحديث السابق: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي
رهنه له غنمه وعليه غرمه.
فإذا اشترط المرتهن في العقد تملك المرهون في مقابل دينه إن لم يؤده الراهن
في الأجل المعين , أو إذا اشترط بيعه دون مراعاة الإجراءات القانونية ,
فالرهن صحيح والشرط باطل.
أثر الرهن التأميني بالنسبة إلى غير العاقدين:
حق التقدم:
يترتب على الرهن التأميني كالرهن الحيازي حق الدائن المرتهن بالأولوية أو
التقدم أو الامتياز على بقية الدائنين العاديين في اقتضاء دينه , طبقا
لمرتبة قيده في دائرة التسجيل.
وأما الدائنون الشخصيون العاديون فلا امتياز لأحدهم في التقدم على سواه ,
بل توزع عليهم أموال المدين بنسبة ديونهم.
ويستوفي الدائن المرتهن حقه من ثمن العقار المرهون أو من المال الذي حل
محله , كمقابل ضمان الهلاك أو التأمين بنفس المرتبة , وذلك بعد حسم ما أنفق
على الإجراءات.
ويعتبر ثمن العقار هو الضامن لسداد الدين , وإذا دفع تعويض عن العقار
المرهون , فإن ذلك التعويض يحل محله في الضمان للدائن الواحد أو أكثر.
وتحدد مرتبة كل دائن بالرقم التتابعي للتسجيل في صحيفة العقار في السجل
العقاري , فإذا تعدد الدائنون المرتهنون ضد مدين واحد وتقدموا في وقت واحد
لتسجيل رهونهم سجلوا برقم واحد وكانوا في مرتبة واحدة.
أما إذا لم يسجلوا رهونهم في وقت واحد , فيكون للدائن السابق في التسجيل حق
الرجحان على من يليه في المرتبة أو الدرجة.
ويجوز للدائن المرتهن أن يتنازل عن مرتبته لدائن آخر له رهن على ذات العقار
, على أن هذا التنازل مقيد بمقدار دين المتنازل فحسب , ويجوز الاحتجاج ضد
الدائن الآخر المتنازل له بجميع الدفوع , وبكل ما كان يجوز الاحتجاج به ضد
المتنازل الذي هو الدائن.
ومرتبة الرهن التأميني تعتبر من تاريخ التسجيل في دائرة التسجيل.
ويظل الرهن التأميني محتفظا بمرتبته حتى يقيد بدائرة التسجيل ما يدل على
انقضائه بأي وسيلة من وسائل الانقضاء والمنصوص عليها في القانون.
حق التتبع:
يثبت للدائن المرتهن أيضا بالنسبة للغير ما يسمى بحق التتبع , أي تتبع
العقار المرهون في يد أي حائز له , لاستيفاء دينه عند حلول أجل الوفاء به
طبقا لمرتبته , فهو من الآثار المهمة لعقد الرهن التأميني.
وهذا الحق كحق التقدم يثبت لصاحب الحق العيني , فله أن يتتبع الشيء المتعلق
به حقه في أي يد انتقل إليها , أي إن حق التتبع ينتقل بانتقال العين مهما
كان سبب انتقالها من يد إلي يد , لأن للراهن حق بيع عقاره المرهون والتصرف
فيه على أن يبقى مثقلا بالرهن.
ومن مقتضيات هذا الحق: أن للدائن المرتهن أن يستوفي دينه منه عند حلول
الأجل وعدم سداده , واستيفاء الدين يتم باتخاذ إجراءات نزع ملكيه العقار
المرهون , والتي تبدأ بإنذار كل من المدين الراهن وحائز العقار (الذي
انتقلت إليه ملكية المرهون بعد الرهن أو ثبت له أي حق عيني فيه) بالسداد ,
وإلا اتبعت الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات أمام المحاكم
المدنية وفي القوانين الخاصة
الرهن عند الجمهور يتعلق بجملة الحق
المرهون فيه وببعضه , فإذا رهن العقار في عدد ما , فأدي الراهن منه بعضه ,
فإن الرهن بأسره يبقى بيد المرتهن حتى يستوفي كامل حقه لأن الرهن محبوس بحق
, فوجب أن يكون محبوسا بكل جزء منه , كحبس التركة على الورثة حتى يؤدوا
ديون الميت.
ويلاحظ أن الرهن التأميني يرتب للدائن حقا عينيا على المال المرهون دون أن
تنتقل حيازة هذا المال إلى يد الدائن بل تبقى حيازته في يد المدين الراهن ,
وهو لا يرد إلا على العقار. فالعقار وحده دون المنقول هو الذي يمكن رهنه
رهنا رسميا وذلك فيما عدا بعض الاستثناءات الواردة في القانون على سبيل
الحصر رهن السفن البحرية (الرهن البحري) , ورهن الطائرات (الرهن الجوي) ,
ورهن المحل التجاري (الرهن التجاري) .
وقد منع بعض الفقهاء المعاصرين الرهن التأميني الذي جاء به القانون المعاصر
لأنه لا يشترط فيه القبض الذي نطقت به الآية الكريمة , ولكن أقره فقهاء
آخرون إذ أن القبض في رأي بعض الأئمة لا يعد ركنا من أركان العقد , ويرى
هؤلاء أن قيد الرهن بالسجل يجعله في حكم القبض.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز اقتضاء الدين من غير العقار المرهون , وليس
له أن يدفع بضرورة الرجوع على المدين قبل التنفيذ على عقاره , وهو ما يسمى
في القوانين الحديثة بالدفع بتجريد المدين , لأن العبرة بالعين محل الضمان
ومحل الوفاء أيضا.
ويجوز أن يستوفي الدائن المرتهن حقه من ثمن العقار المرهون أو من المال
الذي حل محله , كمقابل ضمان الهلاك أو التأمين بنفس المرتبة , وذلك بعد حسم
ما أنفق على الإجراءات.
ويعتبر ثمن العقار هو الضامن لسداد الدين , وإذا دفع تعويض عن العقار
المرهون , فإن ذلك التعويض يحل محله في الضمان للدائن الواحد أو أكثر عملا
بالقاعدة الشرعية: (إذا بطل الأصل يصار إلى البدل) .
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بنك فيصل
الإسلامي السوداني فتوى رقم (22)
السؤال:
هل يجوز أن يطلب البنك الإسلامي تأمينات عينية أو شخصية من شريكه؟
الجواب:
الشراكة مبنية على الوكالة والأمانة , فكل شريك وكيل في التصرف بمال شريكه
وأمين عليه , والأمين لا يضمن الأمانة إلا إذا تعدي أو قصر في حفظها.
والضمان أو الكفالة هو ضم ذمة الضمان إلى ضمة المضمون عنه في التزام الحق ,
فيثبت في ذمتهما جميعا ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما , ويجوز الضمان بعد
وجوب الحق باتفاق الفقهاء , ويجوز قبل وجوبه عند الحنفية والمالكية
والحنابلة.
وبناء على هذا يجوز للبنك في هذه المذاهب عندما يشارك غيره أن يطلب ضامنا
يضمن له ما يضيع من ماله بتعد أو تقصير منه , ولا يجوز للبنك أن يطلب ضامنا
يضمن ما يضيع من غير تعد ولا تقصير من الشريك , لان ما يضيع في هذه الحالة
لا يكون مضمونا على الشريك لان ما يضيع في هذه الحالة لا يكون مضمونا على
الشريك فلا يكون مضمونا على ضامنه.
هذا بالنسبة للضمان - أما الرهن ويراد به في الفقه الإسلامي - الرهن
الحيازي - فهو حبس شيء مالي بحق يمكن استيفاؤه منه والفرق بينه وبين الرهن
العقاري - الائتماني أو الرسمي - هو أن الرهن الحيازي فيه المرهون في يد
المرتهن إلى أن يستوفي حقه أما الرهن العقاري فان المرهون يبقى في يد
الراهن يتصرف به , ولكنه يجعل للمرتهن الحق في أن يتقدم على الدائنين في
استيفاء حقه من ثمن العقار المرهون ولو انتقل إلى شخص آخر.
والغرض من الضمان والرهن بنوعيه واحد هو توثيق الحق والاطمئنان إلى
استيفاءه.
وقد جوز المالكية أخذ الرهن من الشريك إذا كان الغرض منه أن يستوفي منه ما
يضيع من مال الشركة بتعد أو تقصير من الشريك , فقال الخرشي: (ويشترط في
المرهون فيه أن يكون دينا احترازا من الأمانة فلا يجوز أن يدفع فرضا -
مضاربة - ويأخذ رهنا. وقال الشيخ العدوى تعليقا على قول الخرشي (ويأخذ رهنا
أي لان الأمانة إذا ضاعت أ6وتلفت لا يلزم المؤتمن عليها شيء , والمراد ضاعت
بغير تفريط , وأما لو أخذ منه رهنا على أنها إذا ضاعت بتفريط يكون ضمنا لها
, ولا رهن لأجل ذلك فيصح فلا فرق عند المالكية بين الرهن والضمان -
الكفالة.
وفرق الحنابلة بين الرهن والضمان فمنعوا أخذ الرهن بما لم يجب ضمانه وعللوا
ذلك بأن في أخذ الرهن ضررا بالرهن لان المرهون يبقى في يد المرتهن فيمنع
الراهن من التصرف فيه خلاف الضمان.
هذا بالنسبة للرهن الحيازي , أما الرهن العقاري الائتماني - فان أخذه من
الشريك جائز تخريجا على مذهب المالكية , لأنهم إذا جاز عندهم أخذ الرهن
الحيازي مع ما فيه من حبس المرهون , فانه يجوز عندهم أخذ الرهن العقاري
الذي ليس في حبس المرهون من باب أولى , وهو جائز أيضا عند الحنابلة قياسا
على الضمان لأنهم عللوا التفرقة بين الضمان والرهن ببقاء المرهون في يد
المرتهن وهذا متحقق في الرهن الحيازي أما الرهن الائتماني فلا يكون فيه
المرهون في يد المرتهن فلا فرق بينه وبين الضامن.
وخلاصة الجواب هو أنه يجوز للبنك أن يطلب من شريكه ضامنا يضمن ما يضيع من
مال الشركة بتعد أو تقصير من الشريك عملا بمذهب الحنفية والمالكية
والحنابلة , كما يجوز له أن يأخذ من شريكه رهنا عقاريا - ائتمانيا - عملا
بمذهب المالكية والحنابلة , ورهنا حيازيا عملا بمذهب المالكية.
بنك دبى الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية فتوى رقم (22)
السؤال:
هل يجوز للمصرف الإسلامي ادخال السعلة المباعة بالمرابحة كضمان؟
الجواب:
العقد شريعة المتعاقدين , فإذا اشترط البائع أن يحبس المبيع حتى أداء جميع
الثمن فهو شرط يقتضيه العقد , وانما يحبس البائع المبيع إذا كان الثمن حالا
, أما إذا كان مؤجلا فلا يجوز الحبس لأنه رضى بتأخير الثمن , لكن يجوز له
أن يرهن المبيع رهنا ائتمانيا أي رسميا ينص عليه في العقد حتى يستوفي الثمن
ضمانا لحق البنك , لان الرهن الائتماني لا يمنع المالك من التصرف في ملكه.
رهن الغاروقة
يعرف في بعض البلدان العربية ولا سيما في مصر ما يسمى برهن الغاروقة: وهو
أن يدفع أحدهم إلى الآخر مبلغا من المال , ويأخذ منه أرضا رهنا في ذلك
المبلغ , على أن يزرعها المرتهن لنفسه , ما دام المال الذي دفعه في ذمة
الراهن.
أجاز المالكية أن يأذن الراهن للمرتهن
بالانتفاع بالرهن إذا كان الدين ناشئا من عقد بيع , لا من عقد قرض حتى لا
يؤدي إلى قرض جر نفعا.
فقد جاء في التقنين المالكي (م132) :
(يجوز للمرتهن أن يشترط منفعة الرهن لنفسه أن عينت مدتها بزمن أو عمل ,
وحسبت من الدين , سواء كان دينا من بيع أو من قرض , فإن لم تحسب من الدين
منع إشراطها له إن كان الدين من قرض , وجاز إن كان من بيع) .
ويتبين من هذا النص المتقدم أن شرط المنفعة للمرتهن في الرهن المسمي بين
الناس برهن الغاروقة إنما هو شرط فاسد لا يوجب جواز المنفعة للمرتهن , لأنه
رهن في دين من قرض , لا من بيع , فهو من قبيل الصورة الممنوعة المتقدمة في
النص , ولا ينفع المرتهن قول الراهن له: وهبتك منفعة الرهن ما دام دينك في
ذمتي , لأنه من الحيل الباطلة.
وإذا وقع هذا الرهن , وزرع المرتهن الأرض , فإن الزرع له لأنه من عمله ,
وكان عليه لصاحب الأرض - وهو الراهن - أجرة مثلها , ويحاسبه بها من أصل
الدين الذي في ذمته.
رهن الكمبيالة
وسندات الدين
الكمبيالة هي ورقة تجارية ثلاثية الأطراف تتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى
الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه , بأن يدفع لإذن شخص ثالث هو
المستفيد أو الحامل مبلغا معينا من النقود بمجرد الاطلاع أو في ميعاد معين
أو قابل للتعيين.
ويتم تداول الكمبيالة عن طريق التظهير سواء بالكتابة على الكمبيالة ذاتها
أو على ورقة أخرى متصلة بها ويوقعها المظهر.
ويأخذ هذا التظهير أحد الأنواع الثلاثة التالية:
التظهير التام ,
وهو التظهير الناقل للملكية.
التظهير التوكيلي ,
وهو الذي لا ينقل ملكية الكمبيالة للمظهر إليه , وإنما ينقل إليه حق مباشرة
جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة باستثناء التظهير , إذ لا يجوز له
تظهيرها إلا على سبيل التوكيل.
التظهير التأميني
وهو عبارة عن رهن الحق الثابت في الكمبيالة للمظهر إليه ضمانا لدين على
المظهر , ويشتمل التظهير في هذه الحالة على عبارة (القيمة للضمان) أو
(القيمة رهن) .
وهذا النوع من التظهير التأميني لا يترتب عليه نقل ملكية الكمبيالة إلى
المظهر إليه وإنما يحوزها بصفته دائنا مرتهنا وتحكم العلاقة بين المظهر
والمظهر إليه قواعد الرهن.
وعلى ذلك , يلتزم المظهر إليه بالمحافظة على الكمبيالة , فإذا حل ميعاد
استحقاق الكمبيالة قبل حلول أجل الدين المضمون بالرهن , فإنه يقوم بتحصيل
قيمتها ويستوفي منه قيمة دينه ويرد الباقي إلى المظهر.
أما إذا حل أجل الدين المضمون بالرهن قبل حلول ميعاد استحقاق الكمبيالة ولم
يقم المدي المظهر بالسداد , فإن المظهر إليه يتخذ إجراءات التنفيذ على
الكمبيالة المرهونة , فيحصل على إذن من القاضي بتملكها أو بيعها عن طريق
خصمها لدى أحد البنوك.
وهناك بعض الأنواع الأخرى من الرهن , حيث يتقدم بعض عملاء المصارف بطلب
تسهيلات ائتمانية ويعرضون رهن ما يمتلكونه من سندات دين أو أسهم شركات
وبنوك أخرى , أو رهن ودائعهم.
إن رهن الكمبيالة أو سندات الدين أو غيرها
مما يندرج ضمن رهن الدين عموما هو غير جائز بالنظر لقول جمهور الفقهاء
الذين يشترطون أن يكون المرهون عينا , فلا يصح رهن الدين , ولو لمن هو عليه
لأنه غير مقدور على تسليمه , ولأن القبض شرط للزوم الرهن لقوله تعالى
{فرهان مقبوضة} ولا يرد ذلك على الدين.
أما عند المالكية , فإنه يجوز رهن كل ما يباع ومنه الدين لجواز بيعه عندهم
, فيجوز رهنه من المدين ومن غيره.
ومثال الرهن من غير المدين: أن يكون لخالد دين عند عمر , ولعمر دين على
أحمد , فيرهن عمر دينه الثابت له في ذمة أحمد لدى خالد بدينه الثابت له في
ذمته (أي ذمة عمر) والطريقة: هي أن يدفع له وثيقة الدين الذي على أحمد ,
حتى يوفيه دينه.
أما مثال رهن الدين عند المدين: لو كان خالد دائنا لعمر بمئة دينار , وعمر
دائن لخالد بمئة رطل حديد , جاز لعمر أن يجعل دينه من الحديد رهنا عند خالد
بدينه الذي يستحقه قبل عمر , حيث جعل الدين الذي للدائن رهنا في الدين الذي
عليه لآخر , والمرهون: دينه عند مدين له.
ويقع رهن الدين باعتباره منقولا , وتتغير أحكامه بما يتفق وطبيعة الدين ,
فيتم باتفاق الراهن والمرتهن , وقبض الأخير لسند الدين , على أن يثبت
الاتفاق بسند موثق , ولا يعتبر نافذا إلا بإعلان المدين أو بقبوله سندا
ثابت التاريخ , كما هو الأمر في حوالة الدين , على أن تحسب مرتبة الرهن من
تاريخ الإعلان أو تاريخ قبول المدين.
ولا يكون نافذا في حق الغير إلا بحيازة المرتهن سند الدين شأن رهن المنقول
حيازيا.
أما في السندات الرسمية أو الإذنية , فإن الرهن يتم بالطريقة القانونية
لحوالتها على أن يذكر أن الحوالة تمت على سبيل الرهن , وتعتبر السندات
لحاملها كالمنقولات المادية , وتجري عليها أحكامها , ويشترط في الدين حتى
يمكن رهنه أن يكون قابلا للحوالة أو الحجز , فلا يجوز رهن دين النفقة , أو
معاش التقاعد أو الديون التي لا يجوز الحجز عليها.
وجاء في مواهب الجليل للحطاب (5 / 4) : وذكر في التوضيح وغيره أن رهن الدين
يصح ولو على غائب , ويكفي في حوزه الإشهاد , والظاهر هنا الصحة أيضا ,
والله أعلم.
يتبين من هذا أنه في صورة رهن الدين من غير المدين لا بد فقها من قبض وثيقة
الحق , والإشهاد على حيازتها.
أما صورة رهن الدين من المدين فيشترط لصحتها , سواء أكان الدينان من قرض أو
بيع , أن يكون أجل الدين المرهون هو أجل الدين المرهون به أو أبعد منه ,
بأن يحل الدينان في وقت واحد , أو يحل دين الرهن بعد حلول الدين المرهون
به.
أما إذا كان أجل حلول الدين المرهون أقرب , أو كان الدين المرهون حالا ,
فرهنه لا يصح , لأنه يؤدى إلى إقراض نظير إقراض , إن كان الدينان من قرض ,
وإلى اجتماع بيع وسلف إن كانا من بيع , لأن بقاء الدين المرهون بعد أجله
عند المدين به , يعد سلفا في نظير سلف الدين المرهون به.
وإذا كان الدينان من بيع , فبقاء الدين المرهون يعد سلفا مصاحبا للبيع ,
وهو ممنوع عند المالكية.
والتزامات المرتهن والراهن في رهن الدين هي ذات التزاماتهما في رهن المنقول
حيازيا فيجب على الراهن أن يسلم سند الدين , وأن يرتب حق الرهن , وأن يضمنه
, ويلتزم المرتهن بصيانة الدين المرهون , فيحول دون أمر الزمان ويقطع المدة
, حتى لا يسقط الدين بالتقادم , ويقتضى الاستحقاقات الدورية والتكاليف في
مواعيدها , على أن يقوم بإخطار الراهن , وله أن يحسم ذلك من النفقات , ثم
من أصل الدين , كما أوضحت.
وعلى الدائن المحافظة على الدين المرهون. وإذا كان له أن يقضي شيئا من
المدين , دون تدخل الراهن , فعليه أن يقوم به في الزمان والمكان المعينين
للاستيفاء , وأن يعلم الراهن بذلك , وهذا معتمد على المصلحة المتوفرة.
على أنه يجوز للمدين في الدين المرهون أن يعترض على صحة الحق المضمون
بالرهن , فلو كان العقد الذي نشأ عنه الحق باطلا , كان الرهن باطلا كذلك.
وللمدين أن يتمسك بالبطلان قبل الدائن المرتهن. وله أن يتمسك بأن الحق قد
انقضي بأي سبب من أسباب انقضاء الحقوق , أو أن الحق المضمون بالرهن نفسه
قبل الدائن المرتهن قد انقضى تبعا لانقضاء الحق , وذلك قياسا على أن المدين
في الحوالة له أن يحتج بما يجوز له أن يدفع به دين الدائن الأصلي , كأن
يكون عقد الدين المرهون باطلا , أو أن الدين قد انقضي.
ويجب على المدين في الدين المرهون: أن يؤدي الدين إلى الراهن والمرتهن معا
إذا استحق قبل استحقاق الدين المضمون بالرهن. وللراهن والمرتهن أن يتفقا
على إيداع ما يؤديه المدين في يد عدل , حتى يستحق الدين المضمون , وينتقل
حق الرهن إلى ما تم إيداعه.
وإذا اصبح كل من الدين المرهون والدين المضمون بالرهن مستحق الأداء , ولم
يستوف المرتهن حقه , جاز له أن يقبض من الدين ما يكون مستحقا له , ويرد
الباقي إلى الراهن إذا كان كل من الدين المستحق والدين المرهون من جنس واحد
, وإلا جاز له أن يطلب بيع الدين المرهون أو تملكه بقيمته لاستيفاء حقه.
هذا ويجوز أخذ الوديعة رهنا ولكن يشترط أن يستمر ريعها لصاحبها لأنها تبقى
على ملكه لكن تحبس للاستيفاء منها في حال عدم سداد الدين.
أما بالنسبة لقبول رهن عبارة عن اسهم بنوك ربوية فلا يجوز ذلك كما ذهبت
إليه فتاوى بعض الهيئات الشرعية للبنوك الإسلامية.
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة
الرقابة الشرعية سؤال رقم (33)
السؤال:
الرجاء إفتاءنا فيما يلي: يدفع إلينا بعض العملاء كمبيالات آجلة التحصيل
ويطالبون بدفع أقل من قيمتها حالا وهذا كما هو معلوم نوع من أنواع الربا.
فهل يجوز للبنك أن يعطى في هذه الحالة قيمة الكمبيالة لصاحب الكمبيالة
كاملة على سبيل المضاربة.
على أن تكون الكمبيالة مستندا ماليا لدى البنك يعود به البنك على المضارب
في حالة تقصيرة أو تعدية كضمان (لرأس المال) وإلا تحصل قيمة الكمبيالة في
تاريخها المحدد بالعمولة المحددة دون أن تكون هناك علاقة بين المضاربة
والكمبيالة.
الجواب:
يتكون السؤال من عناصر هي:
أ - يقدم العميل الكمبيالة إلى البنك لتبقى بيده.
ب - يدفع البنك قيمة الكمبيالة للعميل كاملة على سبيل المضاربة.
ج - تبقى الكمبيالة لدى البنك مستندا ماليا كضمان لرأس المال في حالة هلاك
المال بتعدي المضارب أو تقصيره.
د - تحصل قيمة الكمبيالة في تاريخها المحدد بالعمولة المحددة دون أن تكون
هناك علاقة بين المضارب والكمبيالة.
إنه لأمر مشروع أن يدخل البنك كرب مال مع أي عامل في المال على سبيل
المضاربة دون أن تكون هناك علاقة بين المضاربة والكمبيالة وإذا افترضنا صحة
ذلك فما هي إذن الصفة القانونية التي يحتفظ البنك على أساسها بالكمبيالة؟
إن الكمبيالة ضمان لرأس المال كما جاء بالسؤال في حالة ضياعه بالتعدي أو
التفريط فالكمبيالة إذن على صلة وثيقة بالمضاربة لأنها هي التي توفر عادة
ثقة البنك للدخول في عمليات الإقراض مع عملائه.
وإذا لم تحدد الصفة التي يحتفظ البنك على أساسها بالكمبيالة فإن ذلك قد
يؤدى إلى بطلان المضاربة.
فما هو البديل الذي تجوز معه المضاربة إذن؟ إن تظهير الكمبيالة يعتبر عرفا
وقانونا قرينة على نقل ملكيتها إلى البنك ما لم يثبت العميل أن التظهير كان
لأغراض أخرى غير نقل الملكية.
ومن بين أغراض التظهير أن يكون البنك وكيلا عن العميل وتحصيل قيمة
الكمبيالة عند حلول أجلها وإضافتها لحسابه.
وقد يكون الغرض من التظهير هو رهن الكمبيالة نفسها لمدة معينة يستردها
العميل بعدها بعد أن يرد ما اقترضه من البنك وفى هذه الحالة يمكن تظهيرها
تظهيرا تأمينيا على الكمبيالة أو يمكن تظهيرها تظهيرا عاديا على أن يبين
هذا الغرض في عقد المضاربة الذي يحدد بنود الاتفاق وشروطه ويكون للمضارب حق
استرداد الكمبيالة بعينها عند تصفية المضاربة وبذلك وحده تكون الكمبيالة
ضمانا أو رهنا في مقابل التلف المتوقع بالتعدي أو التفريط ويجرى عليها
أحكام المال المرهون في الشرع والقانون لان الرهن شرعا هو المال الذي يجعل
وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه (ولما كان مال
المضاربة من الأمانات التي سبق القول بأنها لا تضمن بالرهن إلا أنه يمكن أن
يضاف إلى التعريف بعد أن تعذر استيفاؤه) ممن هو عليه بسبب هلاك المال بتعدي
المضارب أو تفريطه.
ولما كان الرهن للكمبيالة كورقة تجارية أو مستند مالي فلم تعد هناك حاجة
إلى التعرض لخلاف الفقهاء في جواز رهن النقود نفسها لان قيمة الكمبيالة لم
تعد موضوع الرهن.
وأخيرا ومع تقديرنا لرفض إدارة البنك عمليات خصم الكمبيالات بالفائدة التي
تمارسها البنوك الربوية ولكي تكون المضاربة التي يدخل فيها البنك مع أصحاب
الكمبيالات صحيحة من كل الوجوه وخالية من الشبهة التي قد تؤثر في سلامة
التصرف وتعرض معاملات البنك الإسلامي إلى ما يثار حول هذه المعاملات من نقد
فاننا نشير إلى بعض هذه الشبه بغرض تحاشيها في التعامل:
أ - أن يلجأ البنك إلى استغلال حاجة مقدم الكمبيالة ويعرض عليه الدخول في
مضاربة ما كان يرغب في دخولها إلا مكرها تدفعه ضرورة الحصول على قيمة
الكمبيالة وهذه مضاربة وان كانت صحيحة من حيث الشكل إلا أن فيها قدرا من
الإكراه وعدم الرضا قد لا يجعل عائدها من طيبات الكسب لأنه عقد لم يكن
للمضارب خيار في شروطه أو الدخول فيه.
ب - أن تكون المضاربة صورية بحتة لا وجود لها في الواقع ويتخذ منها ذريعة
أو حيلة للحصول على فائدة ربوية ولما كان الربا محرما تحريما قاطعا فإن كل
ما يؤدي إليه من وسائل وان كانت مباحة في الأصل كالمضاربة فانها تكون محرمة
وباطلة وتتأتى هذه الصورة بأن يحرر عقد المضاربة ثم تقدر قيمة شراء للسلعة
المعينة موضوع المضاربة ثم يقدر للسلعة نفسها القيمة التي ستباع بها ثم
يحتسب الربح من الفرق بين التقديرين ويدفع المضارب حصته من الربح بعد خصمه
من قيمة الكمبيالة أو سداده لحساب البنك تحت اسم المضاربة في نفس اليوم
الذي يحرر فيه العقد أو بعده وهذا العقد في معناه ومقصده قرض ربوي وان جاء
في صورة المضاربة لان المقاصد المشروعة من العقود العبرة فيها للمعانى لا
للألفاظ أو الصيغ القانونية.
ج - لقد توسعنا في الإجابة على الاستفسار بدافع الحرص على سلامة المعاملات
من الربا أو شوائبه والنأي بها عن كل شبهة يمكن أن تتخذ ذريعة لسهام النقد
الموجهة من أعداء الاتجاه الإسلامي بوجه عام والبنوك الإسلامية على وجه
الخصوص ولا زلنا نرى أن يفتح البنك مجال القرض الحسن لأصحاب الكمبيالات
الذين يحتفظون بودائع ثابتة أو حسابات جارية في البنك تقارب القدر المطلوب
للقرض وفى ذلك دعم للمبادئ الإسلامية التي قام البنك أساسا لتأصيلها
والدعوة إليها.
وأخيرا نقول أن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقني.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي الجزء الثالث فتوى رقم
(217)
السؤال:
حيث أن بعض عملائنا في بيت التمويل ممن يطلبون تسهيلات ائتمانية يعرضون رهن
اسهم بنوك ربوية أو ودائع أو خطابات ضمان صادرة عن البنوك الربوية لصالح
بيت التمويل كضمان مقابل منحهم تسهيلات ائتمانية.
لذا يرجى إفادتنا إن كان ذلك جائزا من الناحية الشرعية أم لا؟
الجواب:
بالنسبة لقبول رهن عبارة عن اسهم بنوك ربوية لا يجوز وأما بالنسبة لقبول
خطابات الضمان الصادرة عن البنوك الربوية فهو جائز , لأنها كفالة ممن هو
أهل للكفالة , ولا علاقة لنا بتعامل الكفيل تعاملا غير مشروع , لان الكفالة
تتعلق بذمته , وأما الودائع فان رهن اصلها (رأس المال) جائز.
أما رهن فوائدها فلا يجوز (ويرى فضيلة الشيخ رد عدم الفرق بين اسهم البنوك
الربوية وبين الودائع المستثمرة فيها) .
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي الجزء الثالث فتوى رقم
(219)
السؤال:
هل نستطيع أن نأخذ الوديعة كرهن لتسديد الدين أو اعتبار الدين مقدما بسبب
وجود ارتباط مصرفي بين الدينين طبقا للقانون.
الجواب:
في حال أخذ الوديعة رهنا يستمر ريعها لصاحبها لأنها تبقى على ملكه لكن تحبس
للاستيفاء منها في حال عدم سداد الدين.
أما الاستفادة من التقديم الذي يمنحه القانون للديون المصرفية التي يجري
ارتباط بينها فهو امر يحتاج إلى بحث شرعي. لأنه في حال الإفلاس لا يستحق
التقديم حسب المقرر فقها إلا حساب الرهن أو البائع الذي لم يستوف الثمن
وسلعته قائمة لدى المشتري حين الإفلاس فالأمر يحتاج لنظر شرعي.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي الجزء الثالث فتوى رقم
(220)
السؤال:
هل يجوز لإدارة الائتمان أن تشترط في العقد حجز مستحقات الشركة على القطاع
التجاري ضمانا لديون آجالها تجاه الائتمان.
الجواب:
يجوز لإدارة الائتمان حجز مستحقات الشركة على القطاع التجاري ضمانا لديونها
تجاه الائتمان وذلك قبل أن تستحق هذه الالتزامات بشرط أن يكون هذا مشترطا
عند التعاقد مع العميل.
|