فقه
المعاملات أجر
الأجر في اللغة: الثواب. يقال: أجرت فلانا عن عمله كذا , أي أثبته منه ,
والله تعالى يأجر العبد أي يثيبه ,
أما في الاصطلاح الفقهي فالأجر هو العوض
الذي يدفعه المستأجر للمؤجر في مقابل المنفعة المعقود عليها.
وهو في عقد الإجارة بمنزلة الثمن في عقد البيع , هذا عند جمهور الفقهاء
خلافا للمالكية الذين يطلقون على العوض في إجارة الآدمي وما ينقل من غير
السفن والحيوان أجرا , بينما يسمون البدل في إجارة غير الآدمي وما لا ينقل
كالدور والأراضي وما ينقل من سفن وحيوان كراء ,
وقال بعضهم: يطلق الأجر على بدل منافع من يعقل , والكراء على بدل منافع من
لا يعقل , وقد يطلق أحدهما على الآخر.
أجر المثل
المثل في اللغة يأتي بمعنى الشبيه.
أما مصطلح أجر المثل عند الفقهاء فالمراد به الأجرة أي بدل المنفعة التي
قدرها أهل الخبرة السالمون عن الغرض ,
وينظر في تقدير أجر المثل , في الإجارة الواردة على الأعيان إلى شيئين:
أ - إلى المنفعة المعادلة لمنفعة المأجور , وما يبذل مقابلها من عوض.
ب - إلى زمان الإجارة ومكانها.
وكذا يلزم إذا كانت الإجارة واردة على العمل أن ينظر إلى شيئين:
أ - إلى شخص مماثل للأجير في ذلك العمل , وما يعطى مقابله من عوض.
ب - إلى زمان الإجارة ومكانها. حيث إن الأجرة تختلف باختلاف الأعمال
والأزمنة والأماكن.
ولو اختلف أجر المثل بين الناس , فيؤخذ الوسط.
ولا يخفى أن أجر المثل في عقود الإجارة قد يكون زائدا على الأجر المسمى ,
وقد يكون ناقصا عنه , وقد يكون مساويا له.
وعلى ذلك تكون النسبة بينهما الخصوص والعموم الوجهي.
أمانة
الأمانة في اللغة ضد الخيانة.
وفي الاصطلاح الشرعي قسمها القاضي أبو الوليد بن رشد إلى قسمين:
أمانة بين العبد وربه , وأمانة بين العباد. فأما الأمانة التي بين العبد
وخالقه: فهي الأمانة في الدين , أي الفرائض التي افترضها الله على عباده ,
وهي التي عرضها سبحانه وتعالى على السموات والأرض والجبال , فأبين أن
يحملنها شفقا منها وخوفا ألا تقوم بالواجب لله فيها , وحملها الإنسان إنه
كان ظلوما جهولا.
وأما الأمانة التي بين المخلوقين: فهي التي يأتمن الناس بعضهم بعضا فيها.
وقد أمر الله تعالى بأدائها إلى أهلها , سواء أكانوا أبرارا أم فجارا. وهذه
الأمانة وردت على لسان الفقهاء بمعنيين:
(أحدهما) بمعنى الشيء الذي يوجد عند الأمين , سواء أكان أمانة بقصد
الاستحفاظ كالوديعة , أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور ومال , الشريك وعامل
المضاربة , أم دخل بطريق الأمانة في يد شخص بدون عقد ولا قصد كما لو ألقت
الريح في دار أحد مال جاره , فحيث كان ذلك بدون عقد فلا يكون وديعة , بل
أمانة.
(والثاني) بمعنى الصفة فيما يسمى ببيع الأمانة , كالمرابحة والتولية
والوضيعة والاسترسال. وفي الولايات , سواء كانت عامة كالقاضي أم خاصة
كالوصي وناظر الوقف , أو فيمن يترتب على كلامه إلزام الغير كالشاهد.
أهلية
الأهلية في اللغة تعني الجدارة والكفاية لأمر من الأمور.
أما في المصطلح الفقهي فهي: كون الإنسان بحيث يصح أن يتعلق به الحكم ,
والمقصود بالحكم الخطاب التشريعي. فالأهلية صفة أو قابلية في الإنسان
يقدرها الشارع في الشخص تجعله محلا صالحا لأن يتعلق به الخطاب التشريعي ,
باعتبار أن الشارع فيما شرع إنما يخاطب الناس بالأحكام آمرا وناهيا ويلزمهم
بتنفيذها واحترامها.
وهي عند الفقهاء قسمان: أهلية وجوب , وأهلية أداء.
فأما أهلية الوجوب , فهي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه.
ومناطها الصفة الإنسانية , ولا علاقة لها بالسن أو العقل أو الرشد. فكل
إنسان في أي طور كان أو صفة يتمتع بأهلية الوجوب , حتى ولو كان جنينا أو
مجنونا. كل ما في الأمر أن أهلية الوجوب فيه قد تكون ناقصة وقد تكون كاملة.
أما أهلية الأداء , فهي صلاحية الإنسان لصدور الفعل عنه على وجه يعتد به
شرعا. ومناطها التمييز والعقل , فلا وجود لهذه الأهلية في الطفل قبل أن
يصير مميزا قادرا على فهم الخطاب التشريعي إجمالا وعلى القيام ببعض
الأعباء.
إبراء
الإبراء في اللغة: جعل الغير بريئا من حق عليه.
وفي الاصطلاح الفقهي: هو إسقاط الشخص حقا له في ذمة آخر. فإذا لم يكن الحق
في ذمة الشخص كحق الشفعة وحق السكنى الموصى به , فتركه لا يعد إبراء , بل
هو إسقاط محض. وعلى ذلك فالأعيان التي لا تتعلق بالذمة ليست محلا للإبراء.
وإذا وقع الإبراء عن عين مضمونة كان ذلك إبراء عن قيمتها إن هلكت بسبب موجب
للضمان , أما غير ذلك , فلا أثر للإبراء إذا وقع على عين , فتجوز المطالبة
بالعين رغم الإبراء منها. والإبراء عند فقهاء الحنفية قسمان: إبراء إسقاط
وإبراء استيفاء. وقد اعتبروا الأول منهما هو الإبراء الحقيقي , حيث إن
الثاني (الذي هو عبارة عن الاعتراف بالقبض والاستيفاء للحق الثابت لشخص في
ذمة آخر) هو نوع من الإقرار , غير أنهم اعتبروهما قسيمين من حيث كون كل
منهما يراد به قطع النزاع وفصل الخصومة وعدم جواز المطالبة بالحق بعده.
إبضاع
الإبضاع في اللغة: التزويج.
يقال: أبضعت المرأة إبضاعا , أي أنكحتها , أما في الاصطلاح الفقهي فيرد
بمعنى بعث المال مع من يتجر به تبرعا والربح كله لرب المال , أو بتعبير
آخر: هو اتجار ببضاعة للمالك ربحها , والعامل وكيل متبرع.
وقد جاء في م 1059 من المجلة العدلية: الإبضاع هو إعطاء شخص لآخر رأس مال
على أن يكون جميع الربح عائدا له , ويسمى رأس المال بضاعة , والمعطي المبضع
, والآخذ المستبضع.
إجارة
الإجارة في اللغة اسم للأجرة , وهي كراء الأجير.
أما في الاصطلاح الفقهي فهي تمليك المنافع بعوض , سواء أكان ذلك العوض عينا
أو دينا أو منفعة.
وتنقسم الإجارة عند الفقهاء باعتبار نوع المنفعة المعقود عليها إلى قسمين:
إجارة أعيان , كاستئجار الدور والحوانيت والأراضي والسيارات والثياب ونحوها
,
وإجارة أعمال , كاستئجار أرباب الحرف والصنائع والعمال والخدم.
إجارة الذمة
لقد قسم جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة الإجارة باعتبار
محل تعلق المنفعة المعقود عليها إلى قسمين:
إجارة واردة على العين , وإجارة واردة على الذمة. فالإجارة الواردة على
العين تكون المنفعة المعقود عليها متعلقة بتلك العين , كما إذا استأجر شخص
دارا أو أرضا أو سيارة معينة أو استأجر شخصا بعينه لخياطة ثوب ونحو ذلك.
أما الإجارة الواردة على الذمة , فتكون المنفعة المعقود عليها متعلقة بذمة
المؤجر , كما إذا استأجر دابة موصوفة للركوب أو الحمل فقال: استأجرت منك
دابة صفتها كذا لتحملني إلى موضع كذا فقبل وهذا النوع من الإجارة يسمى
بإجارة الذمة نظرا لتعلق المنفعة المعقود عليها بذمة المؤجر.
إصلاح
الإصلاح في اللغة: التغيير إلى استقامة الحال على ما تدعو إليه الحكمة.
ويكون في الحسيات والمعنويات , فيقال في الأولى: أصلحت الآلة وأصلحت الجدار
وأصلحت الأرض. ويقال في الثانية: أصلحت بين المتخاصمين. وهو في الجملة نقيض
الإفساد.
ويرد هذا اللفظ على ألسنة الفقهاء في مواطن شتى , مثل إصلاح المالك للعين
المؤجرة لاستمرار الانتفاع بها , وإصلاح الأرض بإحياء الموات فيها , وإقامة
الولي والوصي والقيم لإصلاح مال المحجور عليه , وغيرها.
إفلاس
الإفلاس في اللغة: أن يصير المرء ذا فلوس بعد أن كان ذا ذهب وفضة , أو أن
يصير إلى حال ليس له فلوس.
أما الإفلاس في الاصطلاح الفقهي: فهو أن يكون الدين الذي على الشخص أكثر من
ماله , سواء أكان غير ذي مال أصلا , أم كان له مال , إلا أنه أقل من دينه.
قال ابن قدامة: وإنما سمي من غلب دينه ماله مفلسا وإن كان له مال , لأن
ماله مستحق الصرف في جهة دينه , فكأنه معدوم.
إقالة
الإقالة في اللغة تعني الرفع والإزالة , ومن ذلك قولهم: أقال الله عثرته أي
رفعه من سقوطه. ومن ذلك الإقالة في البيع , لأنها رفع للعقد ونقض له
وإبطال.
والإقالة في الاصطلاح الفقهي: رفع العقد , له وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي
الطرفين.
إكراه
الإكراه في اللغة: حمل الغير على ما يكرهه قهرا. وفي الاصطلاح الشرعي هو
(حمل الغير على ما لا يرضاه من قول أو فعل , بحيث لا يختار مباشرته لو خلي
ونفسه) .
والمراد بالرضا: ارتياح النفس وانبساطها عن عمل ترغب فيه. أما الاختيار:
فهو القصد إلى مقدور متردد بين الوجود والعدم بترجيح أحد جانبيه على الآخر.
فإن استقل الفاعل في قصده فاختياره صحيح , وإن لم يستقل فاختياره فاسد.
وهذا التفريق بين الرضا والاختيار هو مذهب الحنفية , حيث إن الاختيار عندهم
أعم من الرضا , إذ قد يوجد الاختيار ولا يوجد الرضا , وذلك عند قصد المكلف
إلى أهون الشرين وأخف الضررين. وهذا هو ما يسمى بالاختيار الفاسد. أما
جمهور الفقهاء فلا يرون هذه التفرقة. ومن جهة أخرى ينقسم الإكراه إلى
قسمين: إكراه ملجئ وإكراه غير ملجئ.
والفقهاء مختلفون في تعريف كل واحد منهما. فلينظر في مظانه.
إمضاء
الإمضاء في اللغة يعني الإنفاذ.
وفي الاصطلاح الفقهي يستعمل بمعنى الإجازة , يقال أمضى العقد , أي جعله
نافذا بعد أن كان موقوفا على إجازته , أو جعله لازما بعد أن كان له الخيار
في فسخه بأحد الخيارات الشرعية المعروفة كخيار العيب وخيار الشرط وخيار
تفرق الصفقة. .. إلخ. وقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (يقول ابن آدم مالي مالي. وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت , أو
لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت) . قال الفقهاء: فمعنى (أمضيت) في الحديث أي:
جعلت الصدقة باتة لازمة بإقباضها. وقال ابن الطلاع القرطبي: فقد شرط رسول
الله صلى الله عليه في الصدقة الإمضاء , والإمضاء هو الإقباض.
إيجاب
الإيجاب في اللغة: الإيقاع , يقال: وجب البيع , أي وقع. وأوجبته إيجابا:
أوقعته , ويطلق الإيجاب في أصول الفقه على (طلب الشارع الفعل على سبيل
الإلزام) , وهو بهذا المعنى قسيم التحريم والإباحة.
أما في المصطلح الفقهي فهو أول بيان يصدر من أحد المتعاقدين , معبرا عن جزم
إرادته في إنشاء العقد أيا كان هذا البادئ منهما. بخلاف القبول , فهو ما
يصدر من الطرف الآخر بعد الإيجاب , معبرا عن موافقته عليه , نص على ذلك
الحنفية.
فالبادئ بعبارته في إنشاء العقد دائما هو الموجب عندهم , والآخر هو القابل
, سواء أكان البادئ مثلا في عقد البيع هو البائع بقوله: بعت , أم المشتري
بقوله: اشتريت , أو كان البادئ في نحو الإجارة هو المؤجر بقوله: أجرت , أو
المستأجر بقوله: استأجرت , وهكذا في سائر العقود.
وعلى ذلك جاء في (م 101) من المجلة العدلية: (الإيجاب: أول كلام يصدر من
أحد العاقدين لأجل إنشاء التصرف , وبه يوجب ويثبت التصرف) .
وقال النسفي: والإيجاب في العقد أصل , والقبول بناء عليه) .
ويرى غير الحنفية أن الإيجاب: ما يصدر من البائع والمؤجر والزوجة أو وليها
على اختلاف بين المذاهب. سواء صدر أولا أو آخرا , لأنهم الذين سيملكون:
المشتري السلعة المبيعة , والمستأجر منفعة العين , والزوج العصمة وهكذا.
اتحاد المجلس
الاتحاد لغة: صيرورة الذاتين واحدة , ولا يكون إلا في العدد من اثنين
فصاعدا , والمجلس: هو موضع الجلوس. ويراد باتحاد المجلس عند الفقهاء المجلس
الواحد , وبالإضافة إلى إلى ذلك يستعمله الحنفية دون غيرهم بمعنى تداخل
متفرقات المجلس. وليس المراد بالمجلس عندهم موضع الجلوس فحسب , بل هو أعم
من ذلك , فقد يحصل اتحاد المجلس مع الوقوف , ومع تغاير المكان والهيئة.
واتحاد المجلس في العقود وغيرها على قسمين: حقيقي , بأن يكون القبول في
مجلس الإيجاب. وحكمي , إذا تفرق مجلس القبول عن مجلس الإيجاب , كما في
الكتابة والمراسلة , فيتحدان حكما. واتحاد المجلس يؤثر في بعض الأحكام
منفردا , وأحيانا لا يؤثر إلا مع غيره , وذلك نحو اشتراط اتحاد النوع مع
اتحاد المجلس في تداخل فدية محظورات الإحرام.
احتكار
يقال في اللغة: احتكر فلان الشيء , إذا جمعه وحبسه يتربص به الغلاء ,
والاسم الحكرة.
أما الاحتكار عند الفقهاء فالمراد به: شراء ما يحتاج إليه الناس من طعام
ونحوه وحبسه انتظارا لغلائه وارتفاع ثمنه.
والفرق بينه وبين الادخار الذي هو تخبئة لوقت الحاجة: إن الاحتكار لا يكون
إلا فيما يضر بالناس حبسه. أما الادخار فإنه يتحقق فيما يضر حبسه وفيما لا
يضر , وفي النقود وغيرها من الأموال المثلية أو القيمية , كما أن الادخار
قد يكون مطلوبا في بعض صوره , كادخار الدولة حاجات الأمة ونحو ذلك.
اختصاص
الاختصاص في اللغة: الانفراد بالشيء دون الغير. أو إفراد الشخص دون غيره
بشيء ما.
أما في الاصطلاح الفقهي فقد عرفه ابن رجب بقوله (هو عبارة عما يختص مستحقه
بالانتفاع به , ولا يملك أحد مزاحمته , وهو غير قابل للشمول والمعاوضات) .
ومعنى غير قابل للشمول , أي شمول جميع صنوف الانتفاع.
وقال العلائي: الاختصاص ضربان , اختصاص فيما لا يقبل الملك كالجلد النجس
قبل الدباغ والكلاب ونحوها. وثانيهما: اختصاص فيما يقبل الملك , كالاختصاص
في إحياء الموات بالتحجير.
وقال الزركشي: الفرق بين الملك والاختصاص أن الملك يتعلق بالأعيان والمنافع
, والاختصاص إنما يكون في المنافع , وبأن الاختصاص أوسع , ولهذا شواهد ,
منها أنه يثبت فيما لا يملك من النجاسات كالكلب والزيت النجس وجلد الميتة
ونحوه. ومما يجدر بيانه أن هذا المصطلح مستعمل على ألسنة فقهاء الشافعية
والمالكية والحنابلة , أما الحنفية فإنهم يسمونه (حقا) , وهو عندهم: عبارة
عما يختص به الإنسان انتفاعا وارتفاقا لا تصرفا كاملا , كطريق الدار ومسيل
الماء والشرب وشارع الطريق , فإنه قد ينتفع المرء بمسيل مائه على سطح جاره
وبطريق داره , ولو أراد أن يتصرف بالتمليك فيه بيعا أو هبة أو نحوهما لا
يمكنه ذلك. قاله القابسي.
استرداد
الاسترداد في اللغة: طلب الرد وسؤاله. ولم يخرج الفقهاء في استعمالهم لهذه
الكلمة عن معناها اللغوي.
وقد ذكر الفقهاء للاسترداد أسبابا متنوعة , منها: الاستحقاق , والتصرفات
غير اللازمة , وفساد العقد , ووقفه , وانتهاء مدته , والإقالة , والإفلاس ,
والموت , والرشد , وغير ذلك. وتطلب أحكامها من مواطنها في مدونات الفقه.
استصناع
الاستصناع في اللغة: سؤال الصنع أو طلبه.
وفي الاصطلاح الفقهي عرفه صاحب مرشد الحيران (م 569) بأنه طلب عمل شيء خاص
, على وجه مخصوص , مادته من الصانع. فإذا قال شخص لآخر من أهل الصنائع:
اصنع لي الشيء الفلاني بالأوصاف التالية بكذا درهما وقبل الصانع ذلك , كان
ذلك استصناعا.
على أن الفقهاء اختلفوا في تكييفه الفقهي فقال بعضهم: هو مواعدة وليس ببيع.
وقيل: هو وعد غير ملزم للصانع. وقال غيرهم: هو بيع , لكن للمشتري فيه خيار
الرؤية. وقيل: هو عقد ملزم للطرفين.
اضطرار
الاضطرار في اللغة: الإلجاء إلى ما فيه ضرر بشدة وقسر. وقيل: الإلجاء إلى
ما ليس منه بد.
والاضطرار في المصطلح الفقهي يعني وقوع المكلف في الحالة الملجئة لاقتراف
الممنوع أو ترك المطلوب شرعا , كما في الإكراه الملجئ وخشية الهلاك جوعا
ودفع الاعتداء على النفس أو العرض أو المال ونحو ذلك.
والاضطرار شرعا حالة استثنائية جعلها الشارع مناطا لرفع الإثم عن المضطر
فيما يتعلق بحقوق الله تعالى لقوله سبحانه: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا
ما اضطررتم إليه) الأنعام:
وعلى ذلك جاء في قواعد الفقهاء (الضرورات تبيح المحظورات) و (ما أبيح
للضرورة يقدر بقدرها) و (لا واجب في الشريعة مع عجز , ولا حرام مع ضرورة) .
أما فيما يتعلق بحقوق العباد , فليس الاضطرار رافعا للمسئولية المدنية أو
الجنائية عن المضطر. فالمضطر لإزهاق روح الغير - الذي لم يعتد عليه - حفظا
لسلامته يقتص منه , والمضطر لإتلاف مال الغير لمصلحته يلزمه ضمانه شرعا ,
بناء على أصل عصمة دم المسلم وماله وعرضه. وقد قرر ذلك الفقهاء في قواعدهم
حين نصوا على أن (الاضطرار لا ينافي عصمة المحل) و (الاضطرار لا يبطل حق
الغير) . (وانظر مصطلح ضرورة) .
البيع
أصل البيع في اللغة: مبادلة المال بالمال , وهو من الأضداد , كالشراء ,
ولذلك يطلق على كل من العاقدين أنه بائع ومشتر. لكن إذا أطلق البائع
فالمتبادر للذهن أنه باذل السلعة.
وفي الاصطلاح الفقهي: البيع هو تمليك البائع مالا للمشتري بمال يكون ثمنا
للمبيع.
وعبر عنه بعض الفقهاء بأنه مبادلة مال بمال بالتراضي.
قال المناوي: ومن أحسن ما وسم به البيع أنه تمليك عين مالية أو منفعة مباحة
على التأبيد بعوض مالي.
وهو عند الفقهاء أربعة أنواع:
(أحدها) بيع العين بالعين , كبيع السلع بأمثالها , ويسمى بيع المقايضة.
(والثاني) بيع العين بالدين , نحو بيع السلع بالأثمان المطلقة. وإليه تنصرف
كلمة بيع إذا أطلقت.
(والثالث) بيع الدين بالدين , وهو بيع الثمن المطلق بالثمن المطلق , ويسمى
عقد الصرف.
(والرابع) بيع الدين بالعين , وهو السلم , حيث إن المسلم فيه مبيع , وهو
دين , ورأس المال قد يكون عينا وقد يكون دينا , غير أن قبضه شرط قبل افتراق
العاقدين , فيصير بذلك عينا.
التزام
يقال في اللغة: لزم الشيء لزوما , أي ثبت ودام , ولزمه المال: وجب عليه.
وألزمته المال والعمل فالتزمه , أي أوجبته , فثبت عليه.
ويطلق مصطلح الالتزام في الفقه الإسلامي بطريق الاشتراك على أحد معنيين:
معنى خاص , ومعنى عام.
فتعريفه بمعناه الخاص: إيجاب الإنسان على نفسه شيئا من المعروف , مطلقا أو
معلقا على شيء , وهو عام في جميع التبرعات. وهذا المفهوم خاص بمذهب
المالكية , ولا يعرف عند غيرهم.
وتعريفه بالمعنى العام: إيجاب الإنسان أمرا على نفسه , إما باختياره
وإرادته من تلقاء نفسه , وإما بإلزام الشرع إياه , فيلتزمه لأن الشرع ألزمه
به , امتثالا وطاعة لأمر الشارع.
التعدي
التعدي لغة: مجاوزة الحد , أو مجاوزة الشيء إلى غيره. ولا يخرج استعمال
الفقهاء لهذا اللفظ عن ذلك المعنى , إذ هو عندهم (مجاوزة ما ينبغي الاقتصار
عليه شرعا أو عرفا وعادة) . وإن فيه معنى الظلم وتجاوز الحق.
وعلى ذلك فالتعدي عندهم يشمل الاعتداء على النفس وما دونها , كما يتناول
الاعتداء على مال الغير بطريق الغصب والإتلاف , كما يطلق على تجاوز الأمين
حده فيما اؤتمن عليه من أموال الغير , كتعدي الوديع على الوديعة بانتفاعه
بها أو جحودها , وكتعدي العامل في المضاربة بتقليب المال فيما لم يأذن صاحب
المال له فيه , وكتعدي الأجير بمخالفة أمر المستأجر صراحة أو دلالة , ونحو
ذلك. وموجب التعدي عند الفقهاء الضمان إذا اقترن به الضرر.
الحوالة المطلقة
لقد تفرد الحنفية بتقسيم الحوالة إلى قسمين: مطلقة ومقيدة.
وقالوا: الحوالة المطلقة: هي التي لم تقيد بالإعطاء من مال المدين الذي في
ذمة المحال عليه أو تحت يده بطريق الأمانة أو الضمان. ويكون الإعطاء فيها
من مال المحال عليه نفسه , سواء أكان للمحيل مال عنده أو دين عليه أم لا.
فهي عبارة عن التزام يتعلق بذمة المحال عليه فقط بدون ربط ذلك بشيء آخر.
وعلى ذلك نصت م (878) من مرشد الحيران: (الحوالة المطلقة هي أن يحيل المدين
بدينه غريمه على آخر حوالة مطلقة غير مقيدة بأدائه من الدين الذي للمحيل في
ذمة المحال عليه أو من العين التي له عنده وديعة أو مغصوبة أو يحيله على
شخص ليس له عنده ولا عليه شيء) .
الحوالة المقيدة
لقد تفرد الحنفية دون سائر الفقهاء بتقسيم الحوالة إلى مطلقة ومقيدة.
وقالوا الحوالة المقيدة: هي التي قيدت بالإعطاء من مال المدين الذي في ذمة
المحال عليه أو تحت يده بطريق الأمانة أو الضمان. مثل أن يقول المدين لآخر:
أحلت فلانا عليك بالألف التي لي في ذمتك , فيقبل. أو يقول له: أحلت فلانا
عليك بالألف التي له علي على أن تؤديها إليه من الدراهم التي أودعتكها , أو
على أن تؤديها إليه من الدراهم التي اغتصبتها مني , فيقبل , ويجيز المحال
في الأحوال كلها.
الدين الحال
الدين الحال عند الفقهاء هو ما يجب أداؤه عند طلب الدائن , فتجوز المطالبة
بأدائه على الفور , والمخاصمة فيه أمام القضاء. وهو خلاف الدين المؤجل.
هذا وإن من الديون ما لا يكون إلا حالا شرعا , بحيث لا يصح تأجيله , فإن
تأجل فسد العقد , مثل رأس مال السلم والبدلين في الصرف باتفاق الفقهاء ,
ومثل رأس مال المضاربة عند الحنفية والشافعية والمالكية والأجرة في إجارة
الذمة عند الشافعية والمالكية.
الدين المؤجل
الدين المؤجل في المصطلح الفقهي هو ما لا يجب أداؤه قبل حلول أجله.
لكن لو أدى قبله يصح ويسقط عن ذمة المدين. والدين المؤجل قد يكون منجما على
أقساط , لكل قسط منها أجل معلوم فيجب الوفاء بكل قسط منها في الموعد
المضروب له , ولا يجبر المدين على الأداء قبل حلول الأجل.
هذا , وإن من الديون ما يثبت مؤجلا على نجوم , كالدية على العاقلة , فقد
ثبت بالإجماع أنها تدفع منجمة على ثلاث سنين , في كل سنة ثلثها.
وقسيم الدين المؤجل عند الفقهاء الدين الحال , أي المعجل , حيث إنهم قسموا
الدين باعتبار وقت أدائه إلى قسمين: حال ومؤجل.
الدين المشترك
الدين المشترك في المصطلح الفقهي هو ما كان سبب ثبوته في ذمة المدين متحدا
, سواء أكان ثمن مبيع مشترك بين اثنين أم أكثر بيع صفقة واحدة ولم يذكر في
العقد مقدار ثمن حصة كل واحد من الشركاء , أم كان دينا آيلا بالإرث إلى عدة
ورثة , أم كان قيمة مال مستهلك مشترك , أم بدل قرض مستقرض من مال مشترك بين
اثنين أو أكثر.
الشرط
الشرط في اللغة: هو العلامة , وجمعه شروط. كذلك تسمى الصكوك شروطا , لأنها
علامات دالة على التوثق.
والشرط في الاصطلاح الفقهي: هو ما يتوقف ثبوت الحكم عليه.
وقد قسم الفقهاء الشرط باعتبار مصدر اشتراطه إلى قسمين: جعلي وشرعي ,
وسيأتي بيانهما.
الشرط الجزائي
هذا مصطلح قانوني حديث لم يكن معروفا عند فقهائنا الأقدمين بهذا , الاسم
وإن كان مفهومه ومدلوله معروفا عندهم ومبحوثا في فصول الشروط العقدية من
مدوناتهم الفقهية.
أما تعريف الشرط الجزائي بمفهومه الحديث: فهو اتفاق بين العاقدين على تقدير
مسبق للتعويض الذي يستحقه الدائن أو الملتزم له إذا لم ينفذ الملتزم أو
المدين التزامه أو تأخر في تنفيذه.
وسبب هذه التسمية أنه يوضع عادة كشرط ضمن شروط العقد الأصلي الذي يستحق
الدائن أو الملتزم له التعويض على أساسه.
والأصل في الشرط الجزائي أن يكون تقديرا عادلا مقدما للتعويض الذي يلحق
الملتزم له أو الدائن نتيجة عدم التنفيذ أو التأخر فيه , لكن قد يستعمل
لأغراض أخرى , مثل أن يتفقا على مبلغ كبير يزيد كثيرا على الضرر الذي
يتوقعانه , فيكون في هذه الحالة بمثابة تهديد مالي.
وقد يتفقان على مبلغ صغير يقل كثيرا عن الضرر المتوقع فيكون الشرط الجزائي
بمثابة إعفاء أو تخفيف من المسئولية. . وقد يكون الغرض منه تأكيد التزام
التعهد عن الغير بتحديد مبلغ التعويض الذي يكون مسئولا عنه إذا لم يقم بحمل
الغير على التعهد. . إلخ.
الكالئ بالكالئ
الكالئ في اللغة معناه المؤخر , وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ.
والمراد به عند الفقهاء بيع النسيئة بالنسيئة أو الدين المؤخر بالدين
المؤخر ,
وصوره عند الفقهاء خمس:
(الأولى) بيع دين مؤخر لم يكن ثابتا في الذمة بدين مؤخر كذلك. كأن يشتري
المرء شيئا موصوفا في الذمة إلى أجل بثمن موصوف في الذمة مؤجل. ويسمى
المالكية هذه الصورة: ابتداء الدين بالدين.
(والثانية) بيع دين مؤخر سابق التقرر في الذمة للمدين بما يصير دينا مؤجلا
من غير جنسه. فيكون مشتري الدين هو نفس المدين وبائعه هو الدائن , ويسمي
المالكية هذه الصورة: فسخ الدين في الدين.
(والثالثة) بيع دين مؤخر سابق التقرر في الذمة للمدين نفسه إلى أجل آخر
بزيادة عليه. وهي الصورة المشهورة في الجاهلية: تقضي أم تربي؟ فإن لم يقضه
أخر عنه الدين مقابل زيادة في المال.
(والرابعة) بيع دين مؤخر سابق التقرر في الذمة لغير المدين بثمن موصوف في
الذمة مؤجل. ويسمي المالكية هذه الصورة: بيع الدين بالدين.
(والخامسة) بيع دين مؤخر سابق التقرر في الذمة بدين مماثل - من جنسه أو من
غير جنسه - لشخص آخر على نفس المدين. كما لو كان له دين على إنسان , ولآخر
مثله على ذلك الإنسان , فباع أحدهما ماله عليه بما لصاحبه عليه , سواء اتفق
الجنس أم اختلف.
الكفالة المضافة
الكفالة المضافة في الاصطلاح الفقهي: هي الكفالة التي انعقدت مضافة إلى
زمان مستقبل , بحيث إذا حل ذلك الزمان ثبتت ولزمت , ويطالب الكفيل بما جاء
فيها. أما قبل حلول الزمن المستقبل المضاف إليه , فلا يطالب الكفيل
بالكفالة.
هذا وقد قسم الفقهاء الكفالة باعتبار نفس العقد إلى ثلاثة أقسام: كفالة
منجزة , وكفالة مضافة.
فالأولى هي التي انعقدت غير معلقة بشرط ولا مضافة إلى زمان مستقبل ,
والثانية هي التي انعقدت معلقة بشرط , والثالثة هي التي انعقدت مضافة إلى
زمان مستقبل.
الكفالة المعلقة
الكفالة المعلقة في المصطلح الفقهي: هي الكفالة التي انعقدت معلقة بشرط ,
بحيث إذا تحقق الشرط ثبتت ولزمت , وإذا انتفى الشرط انعدمت وسقطت.
كما لو قال شخص لآخر: إن لم يعطك فلان مطلوبك , فأنا أعطيكه. فلو طالب
الدائن المدين بحقه ولم يعطه إياه ذلك الرجل أو توفى قبل إعطائه إياه , لزم
المال الكفيل في تلك الساعة في الحال , ويطالب به.
وكذا لو قال شخص لآخر: إذا لم يعطك مدينك فلان ما عليه من الدين إلى الوقت
الفلاني , فأنا أعطيكه. فإذا مضت المدة المضروبة , ولم يعطه المدين دينه ,
كان الكفيل مطالبا به.
وكذلك لو قال رجل لآخر: بع الشيء الفلاني من فلان , وإذا لم يعطك الثمن
فأنا أعطيكه , انعقدت الكفالة , فإذا طالب البائع المشتري بالثمن بعد البيع
ولم يعطه إياه , يثبت له حق مطالبة الكفيل. ومثل ذلك ما لو قال شخص لآخر:
إذا لم يسلمك مدينك غدا , أعطيك غدا , أعطيك ما لك عليه من الدين. فإذا جاء
الغد , ولم يسلمه مدينه , لزمه بناء على تلك الكفالة المعلقة أداء ذلك
الدين.
المضمون بغيره
لقد قسم فقهاء الحنفية الأعيان المضمونة إلى قسمين: أعيان مضمونة بنفسها ,
وأعيان مضمونة بغيرها.
وهو نظير تقسيم الشافعية للضمان إلى ضمان يد وضمان عقد , حيث إن ما كان
مضمونا بنفسه فضمانه ضمان يد , وما كان مضمونا بغيره فضمانه ضمان عقد. هذا
في الجملة.
وقد مثل الحنفية للأعيان المضمونة بغيرها بالمبيع في يد البائع إذا تلف قبل
تسليمه للمشتري , فإنه مضمون عليه بالثمن , فينفسخ العقد ويسقط الثمن عن
المشتري. قالوا: وكالعين المرهونة إذا تلفت في يد المرتهن , فإنها تكون
مضمونة بالأقل من قيمتها ومن الدين. فلو كانت قيمة المرهون مساوية لقدر
الدين سقط الدين بتمامه عن الراهن , وصار المرتهن مستوفيا لحقه. أما إذا
كانت قيمة المرهون أكثر من الدين , فيسقط الدين عن الراهن , أما الزيادة
فلا تلزم المرتهن ولا يضمنها للراهن إن كان هلاك الرهن بدون تعديه أو
تفريطه. ولو كانت أقل من الدين سقط من الدين بقدره ورجع المرتهن بما بقي له
من الدين على الراهن.
انتفاع
الانتفاع بالشيء لغة: الوصول إلى خيره. من النفع , وهو ما يستعان به في
الوصول إلى الخيرات. وما يتوصل به إلى الخير , فهو خير , فالنفع خير , وضده
الضر.
وفي الاصطلاح الشرعي عرف بعض الفقهاء الانتفاع الجائز بأنه حق المنتفع في
استعمال العين واستغلالها ما دامت قائمة على حالها وإن لم تكن رقبتها
مملوكة له.
وغالبا ما يستعمل الفقهاء كلمة الانتفاع مضافة إلى الحق أو الملك. فيقولون:
حق الانتفاع أو تمليك الانتفاع عبارة عن الترخيص لشخص أو الإذن له في أن
يباشر بنفسه فقط الانتفاع كالإذن في سكنى المدارس والربط وحق الجلوس في
المساجد والأسواق واستعمال الطرق والأنهار فيما لا يضر العامة , ودخول
الأماكن التي يأذن أصحابها بدخولها وبتناول ما يسمحون بتناوله منها ونحو
ذلك. فلمن أذن له في ذلك أن ينتفع بنفسه , ويمتنع في حقه أن ينقله لغيره
بعوض أو بغير عوض.
انعقاد
الانعقاد في اللغة ضد الانحلال , ومن معانيه: التأكد والتوثق والارتباط.
أما في الاصطلاح الفقهي فهو عبارة عن ارتباط الإيجاب الصادر من أحد
العاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه. ويترتب عليه
التزام كل واحد من العاقدين بما وجب به للآخر.
وعلى ذلك عرفته المجلة العدلية بأنه (تعلق كل من الإيجاب والقبول بالآخر
على وجه مشروع يظهر أثره في متعلقهما) . ذلك أن الإيجاب والقبول متى حصلا
بشرائطهما الشرعية اعتبر بينهما ارتباط هو في الحقيقة ارتباط بين الشخصين
بموضوع العقد (وموضوع العقد هو الأثر المقصود منه الذي شرع العقد لأجله)
فيصبح كل منهما ملزما بالحقوق التي التزمها بمقتضى عقده تجاه الطرف الآخر.
انفساخ
يقال في اللغة: انفسخ الشيء , إذا انتقض. ومنه انفساخ العزم والبيع , وهو
انتقاضه ,
ويطلق مصطلح (انفساخ العقد) على ألسنة الفقهاء بمعنى انتهاء العقد وانحلال
رابطته لاستحالة تنفيذه بسبب طارئ غير إرادي , كانفساخ البيع بهلاك المبيع
قبل تسليمه للمشتري , وذلك لاستحالة تنفيذ العقد بالتسليم بعد هلاك محله ,
فينفسخ العقد لفقد ما يعتمد عليه بقاؤه. لأنه لو بقي لأوجب مطالبة المشتري
بالثمن , وإذا طالبه بالثمن , فهو يطالبه بتسليم المبيع , والبائع عاجز عن
التسليم , فتمتنع المطالبة من الجهتين أصلا , فينفسخ العقد ضرورة لانعدام
فائدة البقاء. وإذا انفسخ سقط الثمن عن المشتري , لأن انفساخه يعني ارتفاعه
من الأصل , كأن لم يكن.
ومثل ذلك انفساخ المزارعة والمساقاة والشركة بموت أحد العاقدين , لأن هذه
العقود تنشئ التزامات عملية ذات نتائج متجددة , فيها انسحاب واستمرار يعتمد
بقاؤه على بقاء العاقد علاوة على بقاء المحل.
وقد عرف القرافي الانفساخ بقوله: (انقلاب كل واحد من العوضين لصاحبه) .
بدل
البدل في اللغة معناه: الخلف.
ويرد لفظ البدل على ألسنة الفقهاء في أبواب
المعاملات المالية بمعنى العوض: وهو ما يبذل في مقابلة غيره.
ومن ذلك قولهم في باب الصرف: يشترط في صحة العقد التقابض في البدلين قبل
التفرق.
وفي باب الإجارة: الأجرة هي بدل المنفعة المعقود عليها.
وفي البيع: يشترط في كل من البدلين أن يكون مالا متقوما. ومرادهم في ذلك
كله ونحوه من البدل العوض.
بيع الحاضر للبادي
الحاضر: هو من كان من أهل الحاضرة , أي المقيم في المدن والقرى. ضد البادي:
وهو ساكن البادية وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع
الحاضر للبادي.
والمراد بذلك عند جماهير الفقهاء أن يتولى الحضري بيع سلعة البدوي , بأن
يصير الحاضر سمسارا للبادي البائع. قال الحلواني: هو أن يمنع السمسار
الحاضر البدوي من البيع , ويقول له: لا تبع أنت , أنا أعلم بذلك , فيتوكل
له , ويبيع ويغالي , ولو تركه يبيع بنفسه لرخص على الناس , وذهب بعض
الحنفية - كصاحب الهداية , إلى أن المراد به: أن يبيع الحضري سلعته من
البدوي , وذلك طمعا في الثمن الغالي.
ومما يجدر ذكره في هذا المقام أن الحنابلة اعتبروا البدوي شاملا للمقيم في
البادية , ولكل من يدخل البلدة من غير أهلها , سواء أكان بدويا أم من قرية
أم بلدة أخرى.
بيع الحصاة
اختلف الفقهاء في معنى بيع الحصاة الوارد في الحديث الشريف حظره على أربعة
أقوال:
(أحدها) أن يكون هناك أشياء مختلفة كأثواب مثلا , فيقول البائع للمشتري:
ألق حصاة عليها , فأي ثوب وقعت عليه , كان هو المبيع , بلا تأمل ولا رؤية
ولا خيار له بعد ذلك.
(والثاني) أن يقول البائع للمشتري: بعتك من هذه الأرض من محل وقوفي أو وقوف
فلان إلى ما تنتهي إليه رمية هذه الحصاة بكذا وكذا.
(والثالث) أن يقول البائع للمشتري: بعتك هذا بكذا على أني متى رميت هذه
الحصاة وجب البيع ولزم.
(والرابع) أن يقول البائع: إذا رميت هذه الحصاة , فهذا الثوب مبيع منك
بعشرة. أي يجعل الرمي كصيغة العقد.
تأمين
التأمين في اللغة مأخوذ من الأمانة التي هي ضد الخيانة. فيقال: أمنه تأمينا
وائتمنه واستأمنه.
أما في لغة الفقهاء فيعنون به قول ' آمين) , فيقولون: أمنت
على الدعاء تأمينا , أي قلت عنده آمين. ومعناه: استجب.
أما عقد التأمين فهو عقد معاوضة يلتزم أحد طرفيه وهو المؤمن أن يؤدي إلى
الطرف الآخر , وهو المؤمن له أو إلى المستفيد الذي جعل التأمين لمصلحته
عوضا ماليا يتفق عليه , يدفع عند وقوع الخطر أو تحقق الخسارة المبينة في
العقد , وذلك نظير رسم: يسمى قسط التأمين , يدفعه المؤمن له بالقدر والأجل
والكيفية التي ينص عليها العقد المبرم بينهما.
تبرع
التبرع في اللغة: التطوع من غير شرط. وتبرع بالأمر: فعله غير طالب عوضا.
وأما في الاصطلاح , فلم يضع الفقهاء تعريفا للتبرع , وإنما عرفوا أنواعه
كالوصية والهبة والوقف وغيرها. والذي يستنتج من مجموع تعريفاتهم لضروبه
وأنواعه أنه بذل المكلف مالا أو منفعة لغيره في الحال أو المآل بلا عوض
بقصد البر والمعروف غالبا.
وعندما تعرض الفقهاء لتصنيف العقود المسماة أدرجوا التبرعات
تبعة
لفظ (التبعة) وتعبير (تحمل التبعة) من الاصطلاحات القانونية العصرية التي
لم تكن معروفة على ألسنة الفقهاء , غير أن معناها عندهم مألوف معروف إذ
يقصد بها الضمان , أي كون الشخص هو المتحمل لغرم الهلاك أو النقصان أو
التعيب إذا طرأ على الشيء.
فإذا قيل: البائع قبل تسليم المبيع للمشتري هو الذي يتحمل تبعة هلاكه ,
والمشتري إنما يصير متحملا لها بعد قبضه , فالمراد بالتبعة مسئولية العطب ,
أو الضمان الذي هو مقابل الزيادة والنماء والسلامة التي يعبر عنها الفقهاء
بالخراج أو بالغنم في قواعدهم الكلية (الخراج بالضمان) و (الغنم بالغرم) .
تجارة
التجارة في اللغة تعني تقليب المال بالبيع والشراء ونحو ذلك طلبا للربح.
وقد عرفها النووي بأنها (تقليب المال وتصريفه لطلب النماء) , وعرفها
المناوي بأنها (تقليب المال بالتصرف فيه لغرض الربح) .
تركة
تركة الميت في اللغة: ما يتركه من الميراث. والجمع تركات.
وفي الاصطلاح اختلف الفقهاء في تعريفها على رأيين:
فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن التركة هي كل
ما يخلفه الميت من الأموال والحقوق الثابتة مطلقا.
وذهب الحنفية إلى أن التركة هي ما يتركه الميت من الأموال صافيا عن تعلق حق
الغير بعينه , ويتبين من خلال هذين المفهومين أن التركة تشمل الحقوق مطلقا
عند الجمهور ومنها المنافع. في حين أن المنافع لا تدخل في التركة عند
الحنفية , حيث إنهم يحصرون التركة في المال أو الحق الذي له صلة بالمال لا
غير.
تسليم
تسليم الشيء لغة وفي استعمال الفقهاء يعني إعطاءه وجعله سالما خالصا لا
يشاركه فيه غيره.
ويتحقق التسليم - في المبيع والمرهون والثمن والمسلم فيه والموهوب والمهر
وغير ذلك.
عند فقهاء الحنفية بأن يخلي صاحبه بينه وبين مستحقه بحيث يتمكن من التصرف
فيه بغير حائل. قالوا: ومتى حصل التسليم من طرف صار الطرف الآخر قابضا له
حكما ولو لم يتناوله حسا , لأن من وجب عليه التسليم لابد وأن يكون له سبيل
للخروج من عهدة ما وجب عليه , والذي في وسعه هو التخلية ورفع الموانع عرفا
وعادة. أما الإقباض الحسي , فليس في وسعه , لأنه فعل اختياري للقابض , فلو
تعلق وجوب التسليم به لتعذر عليه الوفاء بالواجب , وذلك غير جائز.
وذهب الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أن التخلية تسليم في العقار فقط.
أما المنقول فيكون تسليمه بحسب العرف , إما بالتناول باليد أو بالنقل
والتحويل أو بتوقيته بالوحدة القياسية التي تراعى فيه كالوزن والكيل والطول
ونحو ذلك.
تصرف
التصرف في اللغة: التقلب.
يقال صرفته في الأمر تصريفا , فتصرف: قلبته , فتقلب
أما التصرف في المصطلح الفقهي: فهو كل ما يصدر عن الشخص من قول أو فعل
ويترتب عليه حكم شرعي.
وعلى ذلك فهو نوعان: فعلي وقولي.
فالتصرف الفعلي: هو ما كان قوامه عملا غير لساني كإحراز المباحات والغصب
والإتلاف وتسلم المبيع وقبض الدين ونحو ذلك.
أما التصرف القولي فهو ضربان:
أحدهما تصرف قولي عقدي , سواء أكان فيه ارتباط بين طرفين على المعنى الأخص
للعقد , أو كان مما يتم بإرادة واحدة على المعنى الأعم له.
والثاني: تصرف قولي غير عقدي , كالدعوى فإنها طلب حق أمام القضاء ,
وكالإقرار والإنكار والحلف على نفي دعوى الخصم , فإنها أخبار تترتب عليها
أحكام شرعية. وكذلك القذف والقدح فإنها اعتداءات تترتب عليها أحكام شرعية
أيضا.
تغرير
يقال في اللغة: غره غرا , وغرورا , أي خدعه وأطعمه بالباطل , وغرر بنفسه
تغريرا , عرضها للهلاك.
والتغرير في الاصطلاح الفقهي عبارة عن إظهار الشيء بمظهر غير حقيقي , مع
إعطائه صفة ليست له , لكي يستثير رغبة الطرف الآخر فيقدم على إبرام العقد.
ومن أمثلته: تصرية ضرع الشاة , والإعلان الكاذب عن مزايا سلعة لإغراء الغير
بشرائها , ونحو ذلك. والتغرير كما يكون من البائع للمشتري , فإنه يكون أيضا
من المشتري للبائع فيما يخص الثمن , كما يكون من الدلال لأحدهما.
تفرق
التفرق في اللغة: ضد التجمع , وهو كذلك عند الفقهاء , وإنهم ليستعملونه في
كلامهم عن عقد الصرف والسلم وبيع الربويات ببعضها وغير ذلك ويريدون به تفرق
العاقدين بأبدانهما , كما في قولهم: يشترط لصحة الصرف التقابض في البدلين
قبل التفرق. ويشترط لصحة المسلم تسليم رأس المال قبل التفرق. .. إلخ.
أما حد التفرق , فلا خلاف بين الفقهاء في أن المرجع فيه إلى عرف الناس
وعاداتهم فيما يعدونه تفرقا , حيث إن الشارع أناط به أحكاما , ولم يبينه ,
وليس له حد في اللغة , فيرجع فيه إلى العرف , ويحمل على ما تعاهده الناس ,
كما هو الحال في القبض والإحراز ونحوهما.
تفرق الصفقة
الصفقة في اللغة: اسم المرة من الصفق , وهو الضرب باليد على يد أخرى أو على
يد شخص آخر عند البيع.
وكانت العرب إذا وجب البيع , ضرب أحد المتبايعين يده على يد صاحبه. ومن هنا
استعملت الصفقة بمعنى عقد البيع نفسه. وتفريق الصفقة: تفريق ما اشتراه في
عقد واحد.
أما الصفقة في الاصطلاح الفقهي: فهي العقد الواحد بثمن واحد.
ومعنى (تفرق الصفقة) عند الفقهاء: أن لا يتناول حكم العقد جميع المعقود
عليه , أو يتناوله ثم ينحسر عنه , فتكون الصفقة الواحدة المجتمعة قد تفرقت
أو تبعضت أو تجزأت. وبكل هذه المترادفات يعبر الفقهاء , فيقولون: (تفرق
الصفقة) و (تبعيض الصفقة) و (تجزؤ الصفقة) . هذا ,
وقد ذكر الفقهاء أن تفرق الصفقة يستوجب خيارا عندما يقع البيع في صفقة
واحدة , أي صفقة لم يتعدد عاقدها من بائع أو مشتر , ولا فصل فيها الثمن على
المعقود عليه المتعدد.
تقسيط
تقسيط الدين في اللغة: جعله أجزاء معلومة من القسط وهو الحصة والنصيب ,
وجمعه أقساط.
وفي الاصطلاح الفقهي: التقسيط هو تقسيم الدين إلى حصص أو مقادير , لتدفع
أقساطا معلومة في آجال معلومة محددة , وقد عرفته المجلة العدلية بأنه
(تأجيل أداء الدين مفرقا إلى أوقات متعددة معينة) , وبيع التقسيط هو لون من
ألوان بيع النسيئة , فهو بيع يتفق فيه على تعجيل المبيع وتأجيل الثمن كله
أو بعضه على أقساط معلومة لآجال معلومة.
وهذه الآجال قد تكون منتظمة المدة , في كل شهر مثلا قسط أو في كل سنة أو
غير ذلك , كما أنها قد تكون متساوية المقدار أو متزايدة أو متناقصة.
تلف
التلف في اللغة يعني الهلاك والعطب , وهو كذلك في الاستعمال الفقهي ,
والإتلاف هو إحداث التلف.
وقد حكى الفقهاء أن التلف إما أن يكون بعارض سماوي , وهو ما يعبر عنه
بالآفة السماوية أو بالجائحة. وإما أن يكون بفعل من المخلوق , وهذا يقسمه
الفقهاء إلى نوعين: تلف حسي , وتلف شرعي.
ويريدون بالتلف الحسي هلاك العين نفسها , سواء أتى عليها كلها أو بعضها ,
ويريدون بالتلف الشرعي. وهو المسمى عند المالكية بالتلف الحكمي. منع الشارع
من الانتفاع بالعين مع بقائها بسبب من المتلف. كما لو اشترى شخص أمة
فأعتقها أبوه قبل قبضها , وذلك لأن الشارع جعل عتق أبيه كعتقه , حيث رتب
عليه حكمه , ومثله الكتابة والتدبير والصدقة والهبة.
تمليك
التمليك في اللغة وفي الاصطلاح الفقهي: جعل الغير مالكا للشيء ,
وهو عند الفقهاء على أربعة أنواع: -
(الأول) تمليك العين بالعوض وهو البيع.
(والثاني) تمليك العين بلا عوض , وهو الهبة.
(والثالث) تمليك المنفعة بالعوض , وهو الإجارة.
(والرابع) تمليك المنفعة بلا عوض , وهو العارية.
تولية
التولية في اللغة تعني جعل الشخص واليا.
أما (بيع التولية) في الاصطلاح الفقهي: فهو البيع الذي يحدد فيه رأس المال
نفسه ثمنا بلا ربح ولا خسارة. فهو نفل جميع المبيع من البائع إلى المولى
بما قام عليه بلفظ وليتك ونحوه من غير زيادة ولا نقصان.
ويصنف بيع التولية في النظر الفقهي تحت بيوت الأمانة , لأن البائع مؤتمن
فيه في إخباره عن الثمن الذي اشترى المبيع به.
ثمن
الثمن في اللغة: العوض. قال الراغب , الثمن اسم لما يأخذه البائع في مقابلة
المبيع , عينا كان أو سلعة , وكل ما يحصل عوضا عن شيء فهو
ثمنه
ويطلق الفقهاء كلمة (الثمن) في مقابل القيمة , ويريدون بها (العوض الذي
تراضى عليه المتعاقدان , سواء أكان مطابقا لقيمته الحقيقية أم ناقصا عنها
أم زائدا عليها) .
كذلك يطلق الفقهاء الثمن في مقابل المبيع في عقد البيع ويريدون به (ما يكون
بدلا للمبيع ويتعلق بالذمة) .
جزاف
الجزاف - بكسر الجيم وضمها وفتحها ,
ثلاث لغات , والكسر أفصح وأشهر: هو بيع ما لم يعلم قدره على التفصيل. أي
خرصا بلا كيل أو وزن أو ذرع أو عد أو تقدير من المجازفة , وهي المساهلة ,
وقيل: أصل الجزاف الجهل بالشيء , وهي كلمة فارسية معربة.
جعالة
الجعالة - بكسر الجيم , وقيل بالتثليث. تطلق في اللغة على الجعل: وهو ما
يجعل للإنسان على عمله. أعم من الأجر والثواب.
أما في الاصطلاح الفقهي: التزام عوض معلوم على معين معلوم أو مجهول يعسر
ضبطه.
وصورتها أن يجعل الرجل للرجل أجرا معلوما , ولا ينقده إياه , على أن يعمل
له في زمن معلوم أو مجهول. مما فيه منفعة للجاعل , على أنه إن أكمل العمل
كان له الجعل المقرر , وإن لم يتمه فلا شيء له , إذ لا منفعة فيه للجاعل
إلا بعد تمامه.
جعل
الجعل في اللغة: هو الأجر الذي يأخذه الإنسان عوضا عن عمل يقوم به.
ويطلق أيضا على ما يعطاه المجاهد ليستعين به على جهاده. وقد سمي بذلك في
الإطلاقين لأنه شيء يجعل. ولا يخرج الاستعمال الفقهي للكلمة عن معناها
اللغوي.
جلب
الجلب في اللغة هو المجلوب , أي ما يجلب من بلد إلى بلد.
واستعمله الفقهاء بمعنى السلع والأقوات التي يجاء بها من بلد إلى آخر
للتجارة.
أما مصطلح (تلقي الجلب) فالمراد به عندهم استقبال القادمين الذين يحملون
البضائع والأقوات لشرائها منهم قبل أن يبلغوا بها السوق.
وهذا التعبير درج على استعماله فقهاء الحنفية , ويسميه الشافعية والحنابلة
(تلقي الركبان) والمالكية (تلقي السلع) .
جهالة
الجهالة في اللغة ضد العلم. من الجهل الذي هو: خلو النفس من العلم , أو
اعتقاد شيء بخلاف ما هو عليه.
ويستعمل الفقهاء لفظ (الجهالة) فيما إذا كان الجهل متعلقا بخارج عن الإنسان
كمبيع ومشترى ومؤخر وثمن ونحو ذلك من الأشياء. أما كلمة الجهل , فإنهم
يستعملونها غالبا في حالة ما إذا كان الإنسان موصوفا به في اعتقاده أو قوله
أو فعله.
أما الفرق بين الجهالة والغرر , فقد ذكر القرافي المالكي أن الغرر ما لا
يدرى هل يحصل أم لا؟ كالطير في الهواء والسمك في الماء.
أما ما علم حصوله وجهلت صفته , فهو المجهول , كبيع الإنسان ما في كمه , فهو
يحصل قطعا , لكن لا يدرى أي شيء هو. وذهب ابن تيمية إلى أن الجهالة نوع من
أنواع الغرر , فكل جهالة غرر وليس كل غرر جهالة.
حجر
الحجر في اللغة: المنع.
ثم استعمل في اصطلاح الفقهاء في منع
مخصوص وهو المنع من التصرف في المال.
وهو عندهم نوعان: حجر على الإنسان لحق نفسه , وحجر عليه لحق غيره فأما
الحجر عليه لمصلحة نفسه , كالحجر على الصبي والمجنون. وأما الحجر عليه
لمصلحة غيره كالحجر على المفلس لحق الغرماء وعلى الراهن في التصرف في العين
المرهونة لحق المرتهن وعلى المريض في مرض موته لحق الغرماء وحق الورثة.
حرز
الحرز في اللغة يعني الحمى. وهو الموضع الحصين. من أحرز الشيء , إذا احتاط
في حفظه.
والحرز عند الفقهاء هو ما جعل عادة لحفظ أموال الناس , كالدار والحانوت
والصندوق وغير ذلك.
وقد عرفه بعضهم بأنه (ما لا يعد المالك أنه مضيع لماله إذا وضعه فيه) .
وقد اتفق الفقهاء على أن المرجع في تحديده للعرف والعادة , وأنه يختلف
باختلاف الأحوال والأوقات كما هو الشأن في الأعراف والعادات.
حسبة
الحسبة لغة: اسم من الاحتساب. ومن معانيها الأجر وحسن التدبير والنظر. ومنه
قولهم: فلان حسن الحسبة في الأمر , إذا كان حسن التدبير له. والاحتساب من
معانيه: البدار إلى طلب الأجر وتحصيله.
أما الحسبة اصطلاحا , فقد عرفها جمهور الفقهاء بأنها: الأمر بالمعروف الذي
ظهر تركه , والنهي عن المنكر إذا ظهر فعله.
حطيطة
الحطيطة في اللغة من الحط , وهو إنزال الشيء من علو إلى سفل. يقال حط من
الثمن كذا , أي أسقط , واسم المحطوط: الحطيطة.
أما بيع الحطيطة في الاصطلاح الفقهي: فهو البيع بمثل الثمن الأول الذي
اشترى به البائع , مع حط قدر معلوم منه. وهو نوع من بيوع الأمانة ,
ويصنفه الفقهاء تحتها , لأن البائع مؤتمن فيه في إخباره برأس المال , ويسمى
بيع الحطيطة عند الفقهاء وضيعة ونقيصة أيضا.
حوالة
الحوالة في اللغة مأخوذة من التحويل , وهو النقل من موضع إلى آخر.
قال المطرزي: أصل التركيب دال على الزوال والنقل.
أما في الاصطلاح الشرعي , فقد ذهب جماهير الفقهاء إلى أن الحوالة (نقل
الدين من ذمة إلى ذمة أخرى) . مشتقة من التحول , لأنها تنقل الحق من ذمة
المحيل إلى ذمة المحال عليه. وعلى ذلك عرفها المناوي بقوله هي إبدال دين
بآخر للدائن على غيره رخصة.
وحكي عن محمد بن الحسن الشيباني أنه قال: هي نقل المطالبة فقط , مع بقاء
الدين في ذمة المحيل.
حيازة
يقول أهل اللغة إن كل من ضم إلى نفسه شيئا , فقد حازه حوزا وحيازة.
أما في الاصطلاح الفقهي , فأكثر ما تستعمل هذه الكلمة في مذهب المالكية ,
وإنهم ليستعملونها في كتبهم بمعنيين أحدهما أعم من الآخر.
أما بالمعنى الأعم , فيريدون بالحيازة إثبات اليد على الشيء والتمكن منه ,
وهو نفس معنى القبض عند سائر الفقهاء. وأما بالمعنى الأخص , أي الحيازة
التي هي سند الملكية للحائز الذي يدعيها , فهي وضع اليد والتصرف في الشيء
المحوز كتصرف المالك في ملكه بالبناء والغرس والهدم وغير ذلك من وجوه
التصرف. فهي عبارة عن سلطة فعلية على شيء , يمارسها شخص قد يكون مالكا لذلك
الشيء أو غير مالك له.
خراج
الخراج في اللغة: الغلة.
وفي الاصطلاح الفقهي: هو ما يوضع على الأرض غير العشرية من حقوق تؤدى عنها
إلى بيت المال. ذلك أن الفلاحين الذين يعملون فيها قد اكتروها بغلة معلومة
والصلة بينه وبين الجزية: أنهما يجبان على أهل الذمة , ويصرفان في مصارف
الفيء.
أما الفرق بينهما: فهو أن الجزية توضع على الرءوس , بينما الخراج يوضع على
الأرض. وأن الجزية تسقط بالإسلام , أما الخراج فلا يسقط بالإسلام , ويبقى
مع الإسلام والكفر.
أما الخراج المقصود في حديث (الخراج بالضمان) فهو: ما حصل من غلة العين
المبيعة كائنة ما كانت , وذلك كأن يشتري الشخص شيئا فيستغله مدة , ثم يطلع
فيه على عيب قديم فله رد العين وأخذ الثمن الذي دفعه , وما استغله فهو له ,
لأن المبيع لو تلف في يده في تلك المدة لكان من ضمانه , ولم يكن على البائع
شيء , فالخراج مستحق بسبب الضمان.
خسارة
الخسارة في اللغة تعني النقص فيما شأنه النماء , وهي ضد الربح.
وقال الراغب: هي بانتقاص رأس المال , وعلى ذلك يقال: خسر فلان في تجارته
خسارة وخسرا وخسرانا , أي نقص رأس ماله. وتنسب الخسارة للإنسان فيقال: خسر
فلان , وللفعل , فيقال: خسرت تجارته , ولا يخرج الاستعمال الفقهي للكلمة عن
معناها في اللغة.
خلط
الخلط في اللغة: الجمع بين أجزاء شيئين فأكثر , مائعين أو جامدين أو
متخالفين , يقال: خلط الشيء بغيره , إذا مزجه به. والخلط أعم من أن يكون
بين المائعات ونحوها مما لا يمكن تمييزه أو غيرها مما يمكن تمييزه بعد
الخلط , ولا يخرج الاستعمال الفقهي للكلمة عن مدلولها اللغوي.
هذا , ويرد تعبير (خلط المالين) عند الفقهاء في الزكاة , حيث جاء في
عباراتهم: إذا خلط اثنان من أهل الزكاة مالين لهما مما تجب فيه الزكاة خلطة
شيوع أو جوار , فيزكيان زكاة الواحد عند بعض الفقهاء , وفي الشركة , إذ جاء
في كتبهم: اختلف الفقهاء في اشتراط خلط المالين قبل العقد لانعقاد الشركة ,
وذهب جمهورهم إلى عدم اشتراطه , وفي الولاية حيث نصوا على أنه يجوز للولي
خلط مال الصبي بماله ومؤاكلته للإرفاق إذا كان في الخلط حظ للصبي. . إلخ.
خلو
يقال في اللغة: خلا الإناء مما فيه خلوا , أي فرغ. وخلا المنزل من أهله
خلوا , أي صار خاليا , وخلا الشيء من العيب خلوا , أي برئ منه.
أما مصطلح (الخلو) المتعارف في الحوانيت ونحوها في الاستعمال الفقهي فهو
عبارة عن شراء حق القرار والإقامة بها على الدوام والاستمرار مقابل الأجرة
فقط , دون جواز الإخراج منها. وذلك بأن يجعل المالك أو الواقف أو المتولي
على الحانوت قدرا معينا من النقود يؤخذ من الساكن , ويعطيه به تمسكا شرعيا
, فلا يملك صاحب الحانوت بعد ذلك إخراج الساكن الذي ثبت له الخلو ولا إجارة
الحانوت لغيره ما لم يدفع له المبلغ المرقوم. ومسألة الخلو هذه من
المعاقدات التي استحدثت في العهد العثماني , وتسمى كذلك في مصر والشام ,
أما في بلاد المغرب فتسمى بالجلسة والزينة والمفتاح.
خيار
الخيار في اللغة: اسم مصدر من الاختيار , وهو الاصطفاء والانتقاء.
ويرد على ألسنة الفقهاء في المعاقدات بمعنى حق العاقد في اصطفاء خير
الأمرين له: إمضاء العقد أو فسخه , وقد جاء في م208 من مجلة الأحكام
الشرعية على مذهب أحمد: (الخيار: هو أن يكون للعاقد حق فسخ العقد أو
إمضائه) .
وبيان ذلك أن الأصل في العقد بعد إبرامه امتناع انفراد أحد المتعاقدين
بفسخه إلا بتخويل الشارع أحد المتعاقدين أو كليهما حق الفسخ , بأن يجعل
للعاقد الخيار بين المضي في العقد وبين فسخه لأحد الأسباب التي عدها الشارع
مسوغة لحق الخيار أو لاتفاق سابق بين العاقدين على منح هذا الحق لأحدهما أو
كليهما. وعلى ذلك عرف الفقهاء الخيار بأنه: كون أحد العاقدين في فسحة من
اختيار العقد أو تركه.
دين
يقال في اللغة: داينت فلانا , إذا
عاملته دينا , إما أخذا وإما عطاء.
والتداين والمداينة: دفع الدين. سمي بذلك لأن أحدهما يدفعه والآخر يلتزمه.
ويستعمل الفقهاء كلمة الدين بمعنيين أحدهما أعم من الآخر.
أما بالمعنى الأعم فيريدون به مطلق (الحق اللازم في الذمة) بحيث يشمل كل ما
ثبت في الذمة من أموال , أيا كان سبب وجوبها , أو حقوق محضة كسائر الطاعات
من صلاة وصوم وحج ونذر إلخ. . .
وأما بالمعنى الأخص - أي في الأموال. فللفقهاء قولان في حقيقته
(أحدهما) للحنفية , وهو أنه عبارة عن (ما يثبت في الذمة من مال في معاوضة
أو إتلاف أو قرض) .
وعلى ذلك يخرج عنه كل ما ثبت بغير هذه الأسباب الثلاثة كالزكاة والدية وأرش
الجناية ونحو ذلك.
(والثاني) للشافعية والمالكية والحنابلة , وهو أنه كل (ما يثبت في الذمة من
مال بسبب يقتضي ثبوته) .
وعلى ذلك يدخل فيه كل ما لزم في الذمة من أموال , سواء ثبتت في نظير عين
مالية أو منفعة أو ثبتت حقا لله تعالى من غير مقابل كالزكاة.
ذمة
الذمة في اللغة تأتي بمعنى العهد والأمان والضمان.
أما في الاصطلاح الشرعي فيرى الحنفية أن الذمة عبارة عن وصف شرعي قدر
الشارع وافترض وجوده في الشخص إيذانا بصلاحيته لأن تكون له حقوق ولأن تجب
عليه واجبات , بحيث يكون بمنزلة السبب لكون الإنسان أهلا للوجوب له وعليه.
وعلى ذلك فهي طرف ووعاء اعتباري يقدر
قيامه في الشخص بحيث يستقر فيه الوجوب , وتثبت فيه الديون وسائر الالتزامات
التي تترتب عليه , كما تثبت فيه الحقوق التي تجب له.
وخالفهم في ذلك بعض الفقهاء فنصوا على أن الذمة ليست صفة مقدرة مفترضة ,
وإنما هي النفس والذات , فإذا قيل ثبت المال في ذمة فلان , وتعلق بذمته ,
وبرئت ذمته , واشتغلت ذمته , فالمراد بذمته ذاته ونفسه , لأن الذمة في
اللغة العهد والأمانة , ومحلهما النفس والذات , فسمي محلها باسمها.
رأس المال
رأس المال في اللغة: أصل المال بلا ربح
ولا زيادة. قال تعالى في آية الربا: (فإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون
ولا تظلمون) (البقرة: 972)
ويرد هذا المصطلح على ألسنة الفقهاء في باب السلم , ويعنون به الثمن الذي
يعجله رب السلم للمسلم إليه وفي المضاربة ويعنون به جملة المال التي يدفعه
رب المال إلى العامل ليستثمرها بتقليبها في أنواع التجارات. وفي شركة
الأموال بمعنى المبلغ الذي يدفعه الشركاء لتنميته وتثميره بعمل الشركاء.
وفي بيوع الأمانة التي تشمل المرابحة والتولية والوضيعة بمعنى الثمن الأصلي
الذي اشترى به البائع.
وفي باب الربا بمعنى أصل المال المدفوع على سبيل القرض أو أصل الثمن
الملتزم به في الذمة دون زيادة أو ربح مقابل الأجل.
ربا
الربا في اللغة: الزيادة والنماء والعلو.
ويطلق في الشريعة على زيادة مخصوصة. وهو فيها نوعان:
(أحدهما) ربا الجاهلية , ويسمى ربا الديون أو ربا النسيئة.
وله صورتان , الأولى: أن يتقرر في ذمة شخص لآخر دين. سواء أكان منشؤه قرضا
أم بيعا أم غير ذلك. فإذا حل الأجل طالبه رب الدين , فقال المديون: زدني في
الأجل أزدك في الدراهم ففعل.
والثانية: أن يقرض شخص آخر عشرة دراهم بأحد عشر أو نحو ذلك إلى أجل.
(والنوع الثاني) ربا البيوع , وهو ثابت التحريم بقوله صلى الله عليه وسلم
(الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر
والملح بالملح مثلا بمثل , سواء بسواء , يدا بيد , فإذا اختلفت هذه الأصناف
فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) .
وهو قسمان: ربا فضل , وربا نساء.
فإذا باع الشخص غيره درهما بدرهمين أو صاعا من تمر بصاعين منه مع تعجيل
البدلين , كان ذلك ربا فضل.
وإذا باعه دينارا بعشرة دراهم أو صاعا من تمر بصاع من شعير مع تأخير أحد
البدلين , كان ذلك ربا نساء.
هذا , وقد اختلف الفقهاء فيما إذا كان النهي في الحديث مقتصرا على الأصناف
الستة المذكورة فيه أم أنه يتعداها إلى غيرها , وإذا كان متعديا فما هي
العلة أو العلل التي يدور معها التحريم وجودا وعدما؟
ربح
الربح في اللغة: الزيادة الحاصلة في التجارة. ثم يتجوز به في كل ما يعود من
ثمرة عمل , ويسند الفعل تارة إلى صاحب التجارة , وتارة إلى التجارة نفسها ,
فيقال: ربح في تجارته , وربحت تجارته.
ويطلق الربح في المصطلح الفقهي على الزيادة في رأس المال نتيجة تقليب المال
من حال إلى حال في عمليات التبادل المختلفة ,
وهو نوعان: مشروع , وغير مشروع. فما نتج من الربح عن عقد مشروع كان حلالا
مشروعا , وما نتج عن تصرف محرم كان محرما.
والربح نوع من النماء , وعلى ذلك كان كل ربح نماء , وليس كل نماء , ربحا ,
إذ قد يكون النماء ربحا , وقد يكون غلة , وقد يكون فائدة (. فائدة. غلة.
نماء) .
رشوة
الرشوة مأخوذة من الرشا , وهو في اللغة: الحبل. يقال: استرشاه , إذا طلب
منه الرشوة , ورشاه , إذا أعطاه , وارتشى , أخذها.
وإنما سميت كذلك لأنه يتوصل بها فاعلها إلى مطلوبة الحبل
أما الرشوة في اصطلاح الفقهاء فقد عرفها الجرجاني بأنها (ما يعطى لإبطال حق
أو لإحقاق باطل) .
وقال النووي: (الرشوة محرمة على القاضي وغيره من الولاة مطلقا , لأنها تدفع
إليه ليحكم بحق أو ليمتنع من ظلم , وكلاهما واجب عليه , فلا يجوز أخذ العوض
عليه) .
وأما دافع الرشوة , فإنه توصل بها إلى باطل فحرام عليه , وهو المراد
بالراشي الملعون , وإن توصل بها إلى تحصيل حق ودفع ظلم فليس بحرام , ,
يختلف الحال في جوازه ووجوبه باختلاف المواضع.
وقال ابن القيم: والفرق بين الهدية والرشوة وإن اشتبها في الصورة القصد فإن
الراشي قصده بالرشوة التوصل إلى إبطال حق أو تحقيق باطل. فهذا الراشي
الملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإن رشا لدفع الظلم عن
نفسه اختص المرتشي وحده باللعنة. وأما المهدي , فقصده استجلاب المودة
والمحبة والإحسان. فإن قصد المكافأة فهو معاوض , وإن قصد الربح فهو مستكثر.
رهن
الرهن في اللغة كما قال ابن فارس: أصل يدل على ثبات شيء يمسك بحق أو غيره.
وعند الفقهاء يطلق على أمرين: على عقده , وعلى الشيء المرهون نفسه.
فإذا قصدوا به العقد عرفوه بأنه ' حبس شيء مالي بحق يمكن استيفاؤه منه ,
وإذا عنوا به المرهون عرفوه بأنه (المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من
ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه) .
زكاة
الزكاة لغة: النماء والزيادة والبركة والطهارة والصلاح.
وتطلق في الشرع على الحصة المقدرة من المال التي فرضها الله للمستحقين ,
كما تطلق على نفس إخراج تلك الحصة.
وقد عرفها الماوردي وغيره بأنها: اسم لأخذ شيء مخصوص من مال مخصوص على
أوصاف مخصوصة لطائفة مخصوصة.
قال النسفي: وسميت الزكاة زكاة لأنه
يزكو بها المال بالبركة , ويطهر بها المرء بالمغفرة.
سفتجة
السفتجة في الأصل كلمة فارسية معربة , أصلها (سفته) وهي الشيء المحكم ,
وتجمع على سفاتج.
أما في الاصطلاح الفقهي فهي عبارة عن رقعة أو كتاب أو صك يكتبه الشخص
لنائبه أو مدينه في بلد آخر يلزمه فيه بدفع مبلغ من المال لشخص أقرضه مثله.
وقد سميت هذه المعاملة سفتجة لما فيها من إحكام الأمر وتوثيقه وتجنب العناء
والخطر.
سفه
أصل السفه في اللغة: الخفة والسخافة. ثم استعمل في خفة النفس لنقصان العقل.
وفي الاصطلاح الفقهي: هو إسراف المال وتضييعه وإتلافه على خلاف مقتضى العقل
أو الشرع , ولو في الخير , كما لو صرف شخص جميع ماله في بناء مسجد من غير
حاجة عامة.
وعاهة السفه خفة تعتري الإنسان من الفرح والغضب , فتحمله على العمل بغير
ملاحظة النفع الدنيوي والديني.
وقد جاء في م946 من المجلة العدلية: (السفيه: هو الذي يصرف ماله في غير
موضعه , ويبذر في مصارفه ويضيع أمواله ويتلفها بالإسراف) . والذين لا
يزالون يغفلون في أخذهم وإعطائهم , ولم يعرفوا طريق تجارتهم وتمتعهم بحسب
بلاهتهم وخلو قلوبهم يعدون أيضا من السفهاء.
سلف
يطلق السلف في اللغة وفي الاستعمال الفقهي على عقد السلم. غير أن السلم لغة
أهل الحجاز , والسلف لغة أهل العراق. قال القاضي عياض: وأصله من التقدم ,
سمي بذلك لتقدم رأس المال فيه , (ر. سلم) .
كذلك يطلق عند الفقهاء على القرض , فيقال: تسلف واستسلف , إذا استقرض مالا
ليرد مثله , وأسلفته كذا , أي أقرضته.
قيل: وإنما سمي القرض سلفا من قولهم كان هذا في سالف الدهر , لأن صاحب
الدين يقول: كان لي عند فلان فيما سلف كذا.
سلم
السلم في اللغة يرد بمعنى الإعطاء والترك والتسليف.
أما في الاصطلاح الفقهي فهو عبارة عن بيع موصوف في الذمة ببدل يعطي عاجلا.
وقد اختلف الفقهاء في تعريفه تبعا لاختلافهم في شروطه , فالحنفية ,
والحنابلة الذين شرطوا لصحته قبض رأس المال في المجلس وتأجيل المسلم فيه ,
احترازا من السلم الحال عرفوه بأنه بيع مؤجل بمعجل.
والشافعية الذين شرطوا لصحته قبض رأس المال في المجلس , أجازوا كون السلم
حالا ومؤجلا عرفوه بأنه عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلا.
أما المالكية الذين منعوا السلم الحال , غير أنهم لم يشترطوا تسليم رأس
المال في مجلس العقد , وأجازوا تأجيله اليومين والثلاثة لخفة الأمر , فقد
عرفوه بأنه بيع معلوم في الذمة محصور بالصفة بعين حاضرة أو ما هو في حكمها
إلى أجل معلوم.
سوم
يقال في اللغة: سام البائع السلعة سوما , أي عرضها للبيع وذكر ثمنها.
وسام المشتري المبيع واستامه سوما: طلب شراءه بالثمن الذي تقرر به البيع.
والتساوم بين اثنين: أن يعرض البائع سلعته بثمن ما , ويطلبها صاحبه بثمن
دونه.
قال الراغب: السوم أصله الذهاب في ابتغاء الشيء , فهو لفظ مركب من الذهاب
والابتغاء. وأجري مجرى الذهاب في قولهم (سامت الإبل , فهي سائمة) ومجرى
الابتغاء في قولهم (سمت كذا) .
لا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن معناها في اللغة. وحديث النهي عن سوم
الإنسان على سوم أخيه , يعني لا يشتري على شرائه , ويجوز حمله على البائع
أيضا , كأن يعرض رجل على المشتري سلعته بثمن ما , فيركن إليه ويتجه للإقدام
على شرائها , فيقول له آخر: عندي مثلها بأقل من هذا الثمن.
أما مصطلح (القبض على سوم الشراء) فمعناه أن يأخذ المشتري من البائع شيئا
على أن يشتريه إن أعجبه) .
و (القبض على سوم النظر) هو أن يقبض مالا لغيره لينظر فيه أو يريه لغيره
دون أن يفصح عن رغبته في شرائه إن أعجبه أو رضيه. والقبض على سوم الشراء
معروف عند جماهير الفقهاء , بخلاف القبض على سوم النظر فإنه غير مستعمل إلا
على ألسنة فقهاء الحنفية.
شركة
أصل الشركة في اللغة: توزيع الشيء بين اثنين فأكثر على جهة الشيوع.
وفي الاصطلاح الفقهي: هي اختلاط نصيبين فصاعدا , بحيث لا يتميز أحدهما عن
غيره.
ثم أطلق اسم الشركة على العقد , وإن لم يوجد اختلاط النصيبين. وقيل: (هي
اجتماع شخصين فأكثر في استحقاق أو تصرف)
. وتنقسم الشركة عند الفقهاء إلى قسمين رئيسيين: شركة ملك , وشركة عقد.
فشركة الملك: هي أن يكون الشيء مشتركا بين اثنين أو أكثر من أسباب التملك ,
كالشراء والهبة والوصية والميراث أو خلط الأموال أو اختلاطهما بصورة لا
تقبل التمييز والتفريق , وتنقسم شركة الملك إلى شركة دين وشركة غيره من عين
أو حق أو غيرهما.
وشركة العقد: هي عقد بين متشاركين في الأصل والربح.
تنقسم باعتبار التساوي والتفاوت في المال والتصرف والدين إلى قسمين: شركة
مفاوضة , وشركة عنان.
وتنقسم باعتبار رأس مالها إلى ثلاثة أنواع: شركة أموال وشركة أعمال وشركة
وجوه.
شركة الأبدان
قال الشيرازي: شركة الأبدان هي الشركة على ما يكتسبان بأبدانهما.
وعرفها الحنابلة بأنها (اشتراك اثنين فأكثر فيما يمتلكانه بأبدانهما من
مباح , أو يتقبلانه في ذممهما من عمل) . قالوا: وصفتها أن يشترك اثنان
فأكثر بدون رأس مال في تقبل الأعمال في ذممهما بالأجرة , أو في تملك
المباحات كالاصطياد والاحتشاش والاحتطاب , على أن يكون الكسب بينهما أنصافا
أو أثلاثا أو أرباعا أو غير ذلك.
سميت بذلك لاشتراكهما في عمل أبدانهما.
شركة الأعمال
وهي أن يتعاقد اثنان فأكثر على أن يتقبلوا نوعا معينا من العمل أو أكثر ,
أو غير معين لكنه عام , وأن تكون الأجرة بينهم بنسبة معلومة. وذلك كالخياطة
والصباغة والبناء وتركيب الأدوات الصحية وغير ذلك.
وتسمى هذه الشركة أيضا: شركة الصنائع والتقبل.
شركة الأموال
وهي عقد بين اثنين فأكثر على أن يتجروا في رأس مال لهم , ويكون الربح بينهم
بنسبة معلومة , سواء علم مقدار رأس المال عند العقد أم لا , لأنه يعلم عند
الشراء , وسواء شرطوا أن يشتركوا جميعا في كل شراء وبيع أم شرطوا أن ينفرد
كل واحد بصفقاته أم أطلقوا , هذا مفهومها عند الحنفية.
وقال الحنابلة: (شركة المال هي الاجتماع في استحقاق عين بمنافعها أو دون
منافعها أو في استحقاق المنافع دون العين) .
شركة الإباحة
وهي كون العامة مشتركين في صلاحية التملك بالأخذ والإحراز للأشياء المباحة
التي ليست في الأصل ملكا لأحد كالماء والكلأ والأشجار النابتة في الجبال
المباحة.
شركة العنان
وهي أن يشترك اثنان أو أكثر في نوع من أنواع التجارة أو في عموم التجارات ,
بحيث يلتزم المتعاقدون فيها بأن يدفع كل منهم حصة معينة من رأس المال ,
ويكون الربح بينهم بحسب ما يتفقون عليه , والوضيعة على قدر المال المدفوع.
هذا مفهومها عند الحنفية.
وعرفها الحنابلة بقولهم: (شركة العنان: هي عقد شركة بين عدد على رأس مال
معلوم , لكل منهم قدر معين ليعمل فيه جميعهم , على أن يكون لكل منهم من
الربح جزء مشاع معلوم) وقد أورد الجبي في شرحه لغريب ألفاظ المدونة مفهوما
مغايرا فقال: (شركة العنان - بفتح العين وكسرها - هي شركة في سلعة بعينها
أو سلع بأعيانها , ولا يجاوزان في الشراء إلى غيرها , وليس بمفاوض له)
شركة المفاوضة
هي كل شركة يتساوى فيها الشركاء في المال والتصرف والدين من ابتداء الشركة
إلى انتهائها.
وعلى ذلك عرفها الشيرازي بقوله (هي أن يعقد الشركة على أن يشتركا فيما
يكتسبان بالمال والبدن , وأن يضمن كل واحد منهما ما يجب على الآخر بغصب أو
بيع أو ضمان) .
وقال الجرجاني: هي ما تضمنت وكالة وكفالة , وتساويا مالا وتصرفا ودينا) .
وقد جاء في م8771 من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد: شركة المفاوضة
نوعان:
(الأول) تفويض كل من الشريكين صاحبه شراء وبيعا ومضاربة وتوكيلا ومسافرة
بالمال وارتهانا وضمانا وتقبلا لما يرى من الأعمال , وهذا النوع جمع بين
جميع أنواع الشركة.
(والنوع الثاني) هو الاشتراك في كل ما يثبت لهما أو عليهما.
شركة الوجوه
هي أن يتعاقد اثنان فأكثر بدون ذكر رأس مال على أن يشتريا نسيئة ويبيعا
نقدا ويقتسما الربح بينهما بنسبة ضمانهما للثمن.
وقد عرفتها م1776 من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد بأنها (اشتراك
شخصين فأكثر في ربح ما يشتريانه في ذممهما بجاههما) .
ووجه اشتراط الفقهاء فيها جعل الربح على قدر ما ضمن من الثمن الاحتراز عن
ربح ما لم يضمن.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الربح في شركة الوجوه على ما تشارط الشريكان
بغض النظر عن قدر ضمان كل واحد منهما للثمن.
شفعة
الشفعة في اللغة: اسم للملك المشفوع بملكك. من قولهم: كان وترا فشفعته بآخر
, أي جعلته زوجا له.
أما الشفعة في الاصطلاح الفقهي: فهي حق تملك العقار المبيع أو بعضه , ولو
جبرا على المشتري , بما قام عليه من الثمن والمؤن. مأخوذة من الشفع , وهو
الضم إلى الفرد , لأن الشفيع يضم ما شفع فيه إلى نصيبه.
صحة العقد
الصحة في اللغة: حالة أو ملكة بها تصدر الأفعال عن موضعها سليمة.
وعند الفقهاء: هي موافقة الفعل - ذي الوجهين وقوعا - الشرع. وعرفها
الجرجاني (بأنها عبارة عن كون الفعل مسقطا للقضاء في العبادات , أو سببا
لترتب ثمراته المطلوبة منه عليه شرعا في المعاملات) .
والعقد الصحيح في الاصطلاح الفقهي: هو المستجمع لأركانه وشرائطه , بحيث
تترتب عليه آثاره الشرعية المطلوبة منه. وعلى ذلك عرفه فقهاء الحنفية بأنه
(ما كان مشروعا بأصله ووصفه بحيث يمكن أن يظهر أثره بانعقاده) .
والمراد بأصل الشيء: ما يتوقف تصور الشيء على وجوده. ومشروعية أصله هو أن
يكون بحال قد اعتبرها الشارع , بأن يكون ركنه صادرا
من أهله مضافا إلى محل قابل لحكمه. ومشروعية وصفه أن يكون الشارع قد اعتبر
توصيف ذلك الشيء به , بأن تكون أوصافه صحيحة سالمة من الخلل , وأن يخلو من
أحد الشروط المفسدة للعقد. مثال ذلك أن الشارع قد اعتبر في أصل البيع أن
يكون بإيجاب وقبول مفيدين للتمليك والتملك , وأن يكونا صادرين من عاقلين ,
وأن يكون محلهما وهو الثمن والمبيع مالا متقوما. فإذا وجد هذا الأصل كما
اعتبره الشارع يكون البيع مشروعا من جهة أصله.
كما اعتبر الشارع أن يكون ذلك الأصل موصوفا بأوصاف مخصوصة , ككون الثمن عند
التأجيل مؤجلا إلى أجل معلوم وما إلى ذلك. فإذا وجدت تلك الأوصاف كما
اعتبرها الشارع , يكون البيع مشروعا من جهة وصفه.
ومشروعية الأصل والوصف في العقد تجعله صحيحا صالحا لترتب آثاره عليه.
صرف
الصرف لغة: رد الشيء من حالة إلى حالة أو إبداله بغيره ,
وفي الاصطلاح الفقهي: (هو بيع النقد بالنقد) . فكأن الدينار إذا صرف
بالدراهم رد إليها , حيث أخذت بدله.
وذكر المطرزي أن أصل الصرف من الفضل أو النقل , وأن بيع الأثمان ببعضها
إنما سمي صرفا , إما لأن الغالب على عاقده طلب الفضل والزيادة , أو لاختصاص
هذا العقد بنقل كلا البدلين من يد إلى يد في مجلس العقد.
صفقة
الصفقة لغة: اسم المرة من الصفق , وهو الضرب باليد على يد أخرى أو على يد
شخص آخر عند البيع.
وكانت العرب إذا وجب البيع ضرب أحد المتبايعين يده على يد صاحبه.
ثم استعملت الصفقة بمعنى عقد البيع نفسه. هذا , وإن الصفقة لتطلق في
الاستعمال الفقهي على (العقد الواحد بثمن واحد) .
أما مصطلح (الصفقتين في صفقة) فالمراد به عندهم: الجمع بين عقدين في عقد
واحد , يخفي الثمن أو البدل الحقيقي في كل عقد بانفراده. كالجمع بين البيع
والإجارة , أو البيع والإعارة , أو البيع والسلف أو البيع والزواج ونحو
ذلك. وقيل: هو أن يقول الرجل للرجل: أبيعك هذا نقدا بكذا ونسيئة بكذا ,
ويفترقان على ذلك. أي بدون أن يبين المشتري بأي الثمنين اشترى.
صلح
الصلح لغة: اسم من المصالحة والتصالح , خلاف المخاصمة والتخاصم , وهو مختص
بإزالة النفار بين الناس.
أما في الاصطلاح الفقهي , فقد اتفقت المذاهب الأربعة على أن الصلح عبارة عن
معاقدة يرتفع بها النزاع بين الخصوم , ويتوصل بها إلى الموافقة بين
المختلفين.
فهو عقد وضع لرفع المنازعة بعد وقوعها بالتراضي عندهم. وزاد المالكية على
هذا المدلول: العقد على رفعها قبل وقوعها أيضا وقاية.
فجاء في حد الإمام ابن عرفة للصلح أنه (انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع
نزاع أو خوف وقوعه) . ففي التعبير ب (خوف وقوعه) إشارة إلى جواز الصلح
لتوقي منازعة غير قائمة بالفعل , ولكنها محتملة الوقوع.
وينقسم الصلح في نظر الفقهاء إلى ثلاثة أقسام: صلح عن إقرار , وصلح عن
إنكار , وصلح عن سكوت.
صيغة
الصيغة لغة: العمل والتقدير. وصيغة القول كذا , أي مثاله وصورته , على
التشبيه بالعمل والتقدير. ويقال: صيغة الأمر كذا وكذا , أي هيئته التي بني
عليها. وصيغة الكلام: أي ألفاظه التي تدل على مفهومه , وتختص به , وتميزه
عن غيره. مأخوذة من صاغ الرجل الذهب صياغة , أي جعله حليا.
أما صيغة العقد: فهي الألفاظ والعبارات التي يتركب منها العقد. أي العبارات
المتقابلة التي تدل على اتفاق الطرفين وتراضيهما على إنشاء العقد , وهي
التي تسمى في لغة الفقهاء بالإيجاب والقبول , وعلى ذلك عرفها بعض الفقهاء
المحدثين بقوله (هي ما يكون به العقد , من قول أو إشارة أو كتابة , تبيينا
لإرادة العاقد , وكشفا عن كلامه النفسي) .
ضرورة
الضرورة في اللغة اسم من الاضطرار , وهو الإكراه والإلجاء.
أما في الاصطلاح الفقهي: فهي الحالة الملجئة لاقتراف الممنوع أو ترك فعل
المطلوب , بحيث يغلب على ظن المكلف أنه إن لم يرتكب المحظور هلك أو لحقه
ضرر جسيم ببدنه أو ماله أو عرضه , مما يجعله فاقد الرضا بما يأتي , وإن
اختاره لمفسدته المرجوحة. وقد جعل الشرع هذه الحالة الاستثنائية رافعة
للحكم التكليفي الأصلي بطلب الفعل أو الترك , قال تعالى: (وقد فصل لكم ما
حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) (الأنعام: 911) (فمن اضطر غير باغ ولا عاد
فلا إثم عليه) (البقرة: 371) وعلى ذلك جاء في القواعد الفقهية (الضرورات
تبيح المحظورات) و (ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها) .
ولا يخفى أن الضرورات التي عرضنا مفهومها هي غير ما يسمى عند الأصوليين عند
كلامهم على مقاصد الشريعة - (بالضروريات) التي تجب المحافظة عليها لأنها
قوام مصالح الدين والدنيا , بحيث لو انخرمت لآلت أمور الناس إلى فساد
وتهارج في الدنيا , مع فوت النجاة والنعيم في الآخرة , والتي هي قسيم
الحاجيات والتحسينيات , لأن الأولى هي الظروف الطارئة الملجئة التي جعلها
الشارع مناطا للتخفيف عن المكلف ورفع الإثم عنه استثناء , بينما الثانية هي
عماد مصالح الدين والدنيا التي طلب الشارع من المكلف تقيتها وتكميلها
والمحافظة عليها أصالة , وهي الدين والنفس والعقل والعرض
والنسل والمال.
ضمان
أصل الضمان في اللغة: جعل الشيء في شيء يحويه ومن ذلك قولهم: ضمنت الشيء
كذا: إذا جعلته في وعائه فاحتواه. ثم أطلق على الالتزام , باعتبار أن ذمة
الضامن تحوي ما ضمن وتنشغل به فيلتزمه.
أما الفقهاء فقد استعملوا مصطلح الضمان بمعان ثلاثة: فاستعمله فقهاء
الشافعية والمالكية والحنابلة بمعنى الكفالة التي هي ضم ذمة الضامن إلى ذمة
المضمون عنه في التزام الحق) .
واستعمله فقهاء الحنفية بمعنى (الالتزام بتعويض مالي عن ضرر الغير) ,
فقالوا: الضمان عبارة عن رد مثل الهالك إن كان مثليا أو قيمته إن كان
قيميا.
واستعمله جل الفقهاء بمعنى تحمل تبعة الهلاك , وهو المدلول المقصود في
القاعدة الفقهية (الخراج بالضمان) .
ضمان الدرك
ضمان الدرك عند الفقهاء: هو الكفالة برد الثمن للمشتري عند استحقاق المبيع
, بأن يقول: تكفلت أو ضمنت بما يدركك في هذا المبيع.
وإنما سمي دركا لالتزامه الغرامة عند إدراك المستحق عين ماله.
ومن الفقهاء من قال: إن ضمان الدرك استعمل في ضمان الاستحقاق عرفا , وهو أن
يضمن الثمن عند استحقاق المبيع. ومنهم من جعله نوعا من ضمان العهدة. ومنهم
من قال: إن ضمان الدرك هو نفس ضمان العهدة.
ضمان السوق
المراد بضمان السوق في الاصطلاح الفقهي: أن يكفل شخص ما يلزم التاجر من دين
, وما يقبضه من عين مضمونة.
وقال ابن تيمية: (هو أن يضمن الضامن ما يجب على التاجر للناس من الديون) .
وهذا المصطلح مستعمل على ألسنة فقهاء الحنابلة دون غيرهم , وقد جاء في م
3901 من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد: يصح ضمان السوق. مثلا: لو ضمن
ما يلزم التاجر , أو ما يبقى عليه للتجار , أو ما يقبض من الأعيان المضمونة
, صح الضمان) .
ضمان العهدة
قال الأزهري: كفالة العهدة: ضمان عيب كان معهودا عند البائع , أو استحقاق
يجب ببينة تقوم لمستحقها , فتسلم السلعة إليه , ويرجع المشتري على البائع
بما أدى إليه من الثمن.
يقال: استعهدت من فلان فيما اشتريت منه , أي أخذت كفيلا بعهدة السلعة إن
استحقت أو ظهر بها عيب.
وهذا المصطلح مستعمل على ألسنة فقهاء الحنابلة وبعض الشافعية , وقليلا ما
يرد عند غيرهم.
قال ابن قدامة: ضمان العهدة قد يكون عن البائع للمشتري , وقد يكون عن
المشتري للبائع. فضمانه عن المشتري هو أن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل
تسليمه , وإن ظهر فيه عيب أو استحق , رجع بذلك على الضامن. وضمانه عن
البائع للمشتري هو أن يضمن عن البائع الثمن متى خرج المبيع مستحقا , أو رد
بعيب , أو أرش العيب.
فضمان العهدة في الموضعين هو ضمان الثمن أو جزء منه عن أحدهما للآخر.
وحقيقة العهدة: الكتاب الذي يكتب فيه وثيقة البيع ويذكر فيه الثمن , فعبر
به عن الثمن الذي يضمنه. .. وألفاظ ضمان العهدة أن يقول: ضمنت عهدته أو
ثمنه أو دركه , أو يقول للمشتري: ضمنت خلاصك منه. أو يقول: متى خرج المبيع
مستحقا فقد ضمنت لك الثمن.
عارية
العارية في اللغة مشتقة من التعاور , وهو التناوب والتداول.
وفي الاصطلاح الفقهي (هي عقد تبرع
بالمنفعة) فكأن المعير جعل لغيره نوبة في الانتفاع بملكه على أن تعود
النوبة إليه بالاسترداد متى شاء.
وهذا التعريف للعارية فيه خروج من خلاف الفقهاء: هل العارية تمليك للمنافع
أم إباحة لها؟
حيث إن الحنفية والمالكية ذهبوا إلى أنها تمليك للمنفعة مجانا , بينما ذهب
الشافعية والحنابلة إلى أنها إباحة للمنافع بغير عوض.
وقد ذكر القونوي من الحنفية أن العارية نوعان: حقيقية , ومجازية.
فالحقيقية: إعارة الأعيان التي يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها كالثوب
والسيارة والبيت ونحو ذلك.
والمجازية: إعارة ما لا يمكن الانتفاع به إلا بالاستهلاك. كالدراهم
والدنانير والطعام المكيل أو الموزون أو العددي المتقارب , فهذه إعارة صورة
, قرض معنى.
عاقلة
العاقلة لغة , جمع عاقل , وهم الذين يغرمون العقل , وهي الدية ,
وإنما سميت الدية عقلا لوجهين:
(أحدهما) أن الإبل كانت تعقل بفناء ولي المقتول.
(والثاني) أنها تعقل الدماء عن السفك , أي تمسكها. وقيل: لأنهم يمنعون من
يحملونها عنه من الجناية , لعلمهم بحاله , ولا يخرج الاستعمال الفقهي
للكلمة عن مدلولها في اللغة. والعاقلة عند أكثر الفقهاء العصبات من أهل
العشيرة.
وعند الحنفية: أهل الديوان لمن هو منهم , وقبيلته التي تحميه فيمن ليس
منهم.
عامل
العامل في اللغة , من العمل.
قال الراغب: وهو كل فعل من الحيوان بقصد. فهو أخص من الفعل , لأن الفعل قد
ينسب إلى الحيوان الذي يقع منه فعل بغير قصد , وقد ينسب إلى الجماد ,
والعمل قلما ينسب إلى ذلك.
أما العامل في اصطلاح الفقهاء فهو من يستحق أجرا أو نصيبا من الربح أو
الغلة مقابل عمل يقوم به.
ويرد هذا اللفظ على ألسنة الفقهاء في المزارعة والمساقاة والمضاربة طرفا في
العقد مقابل صاحب الأرض أو صاحب الشجر أو صاحب رأس المال , وفي الزكاة
بمعنى متولي جمع الصدقات من الأموال الظاهرة , وفي الأحكام السلطانية بمعنى
الوالي أو حاكم الإقليم ونحو ذلك. والجمع عمال.
عتق
العتق والعتاق والعتاقة في لغة الفقهاء يعني زوال الرق , أو الخروج من
المملوكية.
فهو عبارة عن إسقاط المولى حقه عن مملوكه بوجه مخصوص , به يصير المملوك من
الأحرار.
قال الأزهري: وهو مشتق من قولهم: عتق الفرس , إذا سبق ونجا , وعتق الفرخ ,
إذا طار واستقل , والعبد بالعتق يتخلص ويذهب حيث شاء.
عرف
العرف لغة: ضد النكر. وأصله المعروف من الخير والبر والإحسان , ثم أطلق على
ما يتعارفه الناس فيما بينهم. والنسبة إليه عرفي.
أما العرف عند الفقهاء فهو ما استقر في النفوس من جهة العقول , وتلقته
الطباع السليمة بالقبول.
وقيل: هو ما عرف العقلاء أنه حسن , وأقرهم الشارع عليه. وهو دليل كاشف إذا
لم يوجد نص ولا إجماع على اعتباره أو إلغائه , كالاستئجار بعوض مجهول لا
يؤدي إلى النزاع.
والعرف في المعاملات المالية معتبر بمنزلة الشرط فيها ,
وعلى ذلك جاء في القواعد الفقهية (المعروف عرفا كالمشروط شرطا) و (المعروف
بين التجار كالمشروط بينهم) و (التعيين بالعرف كالمشروط بينهم) و (التعيين
بالعرف كالتعيين بالنص) .
عسب الفحل
يطلق (عسب الفحل) في اللغة على ضرابه وعلى مائه وعلى نسله. ثم قيل للكراء
الذي يأخذه صاحب الفحل على ضرابه , لتسمية العرب الشيء باسم غيره إذا كان
معه أو من سببه.
وقد روى الترمذي والنسائي وابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى
عن عسب الفحل.
وقد ذكر شراح الحديث أن المراد بعسب الفحل المنهي عنه كراء الفحل للضراب أو
بيع ضراب الفحل أو مائه.
ولا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز ذلك , وإن , كان بينهم ثمة اختلاف قي
تعليله , حيث علل الكاساني المنع بأنه بيع معدوم عند العقد , وعلله
الشوكاني بأنه بيع غير متقوم وغير معلوم وغير مقدور على تسليمه.
عقار
العقار لغة: كل مال له أصل , من دار أو أرض أو نخل أو ضيعة أو غير ذلك.
مأخوذ من عقر الدار , وهو أصلها.
أما في الاصطلاح الفقهي فقد اختلف الفقهاء في المراد بالعقار على قولين:
(أحدهما) للحنفية: وهو أن العقار (ما له أصل ثابت لا يمكن نقله وتحويله ,
كالأراضي والدور) . أما البناء والشجر فيعتبران من المنقولات , إلا إذا
كانا تابعين للأرض , فيسري عليهما حينئذ حكم العقار بالتبعية.
(والثاني) للشافعية والمالكية والحنابلة: وهو أن العقار يطلق على الأرض
والبناء والشجر.
عقد
يطلق العقد في اللغة على جملة معان , منها: الشد والربط والإحكام والتوثيق
والجمع بين أطراف الشيء.
أما في الاصطلاح الفقهي , فيستعمل الفقهاء كلمة العقد في مدوناتهم بمعنيين:
أحدهما (وهو المشهور) : الربط الحاصل بين كلامين أو ما يقوم مقامهما
كالإشارة والكتابة على وجه يترتب عليه حكم شرعي.
فإذا قيل: زوجت وتزوجت , وجد معنى شرعي وهو النكاح , يترتب عليه حكم شرعي ,
وهو حل المتعة الزوجية. وكذا إذا قيل: بعت واشتريت وجد معنى شرعي وهو البيع
, يترتب عليه حكم شرعي وهو ملك المعقود عليه.
فالعقد على هذا الإطلاق يستوجب وجود طرفين له , لكل طرف منهما إرادة تتفق
وتتوافق مع إرادة الطرف الآخر.
والثاني: وهو أعم من الأول بحيث لا يستوجب وجود طرفين له في جميع حالاته ,
بل قد يكون من جانب واحد. فهو يشمل الارتباط الحاصل بين جانبين كالبيع
والإجارة والوكالة والزواج ونحو ذلك , كما يشمل التصرفات التي تتم من قبل
طرف واحد , كالطلاق والعتق المجردين عن المال والوقف والنذر والإبراء وما
شابه ذلك لما فيها من العزم وعقد الإرادة على تنفيذها.
عين
العين في اللغة تطلق بالاشتراك على أشياء مختلفة , فمنها الباصرة وعين
الماء وعين الشمس وما ضرب من الدنانير , ويقال لنفس الشيء عينه , ولخيار
المتاع عينه , وللطليعة عين.
قال ابن فارس: ومن الباب العين: وهو المال العتيد الحاضر. يقال: هو عين غير
دين. أي هو مال حاضر تراه العيون.
كذلك يطلق الفقهاء كلمة العين على المال الحاضر , في مقابل الدين فيقولون:
العين هي الشيء المعين المشخص , كبيت وسيارة وحصان وصبرة (كوم) حنطة وصبرة
دراهم حاضرتين بخلاف الدين الذي هو عبارة عما يثبت في الذمة من غير أن يكون
معينا مشخصا , سواء أكان نقدا أو غيره.
جاء في القواعد الفقهية (والمعين لا يستقر في الذمة , وما تقرر في الذمة لا
يكون معينا) . وأساس التمييز بين العين والدين عند الفقهاء هو الاختلاف
والتباين في التعلق , حيث إن الدين يتعلق بذمة المدين , ويكون وفاؤه بدفع
أية عين مثلية من جنس الدين الملتزم به , ولهذا صحت فيه الحوالة والمقاصة ,
بخلاف العين , فإن الحق يتعلق بذاتها , ولا يتحقق الوفاء عند الالتزام بها
إلا بأدائها بعينها.
ومن أجل ذلك لم تصح الحوالة أو المقاصة في الأعيان , لأنها إنما تستوفى
بذواتها لا بأمثالها.
غارم
الغارم في اللغة هو المديون الذي لا يجد ما يقضي به دينه.
وفي الشريعة هو أحد الأصناف الثمانية الذين يستحقون نصيبا من الزكاة.
وقد اختلف الفقهاء في تعريفه , فذهب الحنفية إلى أن الغارم: من عليه دين ,
ولا يملك نصابا فاضلا عن دينه.
وعند الشافعي ومالك وأحمد: الغارمون نوعان: غارم
لمصلحة نفسه , كمن استدان في نفقة أو كسوة أو علاج أو زواج ونحو ذلك إذا
كان غير واجد لما يقضي به الدين فائضا عن حاجته , وكان دينه حالا , وله
مطالب من جهة العباد , وليس سببه إسرافا في مباح أو إنفاقا في معصية. ومثل
ذلك إذا كان منشأ غرمه جائحة كحريق أو غرق ذهب بماله. وغارم لمصلحة المجتمع
, كمن استدان لفك أسير أو قري ضيف أو لإصلاح ذات البين بين المسلمين ونحو
ذلك , فيعد بذلك غارما ولو كان غنيا.
غبن
أصل الغبن في اللغة: النقص. ومنه قيل: غبن فلان ثوبه , إذا ثنى طرفه وخاطه.
والغبن عند الفقهاء هو النقص في أحد العوضين , بأن يكون أحدهما أقل مما
يساوي البدل الآخر عند التعاقد. فهو من جهة الغابن تمليك مال بما يزيد على
قيمته , ومن جهة المغبون تملك مال بأكثر من قيمته.
فالغبن إذا هو كون المقابلة بين البدلين غير عادلة , لعدم التساوي بين ما
يأخذه أحد العاقدين وبين ما يعطيه.
وقد عرفه الراغب الأصبهاني بقوله: والغبن: أن تبخس صاحبك في معاملة بينك
وبينه في ضرب من الإجفاء) .
وهو عند الفقهاء نوعان: يسير , وفاحش. فاليسير: ما لا يخرج عن تقويم
المقومين , أي تقدير أهل الخبرة في السوق السالمين من الغرض , ولا تكاد
تخلو عنه المعاملات في الغالب.
والفاحش: هو ما يخرج عن تقويم المقومين. أما التطبيقات الفقهية لهذا الضابط
في التفريق بين اليسير والفاحش , فتختلف بحسب الأشياء والأزمان والأعراف.
وعلى سبيل المثال لذلك حددت مجلة الأحكام العدلية (م 165) الغبن الفاحش بما
زاد على قدر نصف العشر في العروض , والعشر في الحيوانات , والخمس في العقار
, ومستند هذا التحديد هو العرف الجاري وقت صدورها.
غرامة
الغرامة في اللغة تعني أن يلتزم الإنسان ما ليس عليه , وعرفها بعض الفقهاء
بأنها: ما يعطي من المال على كره الضرر والمشقة. وقيل: هي ما يلزم بأدائه
من المال , من الغرم , وهو الخسارة والنقص.
غرر
الغرر لغة: الخطر , وقيل: أصل الغرر النقصان. من قول العرب: غارت الناقة ,
إذا نقص لبنها.
أما الغرر في الاصطلاح الفقهي , فهو ما كان مستور العاقبة. وعقد الغرر: هو
ما خفيت عاقبته أو تردد بين الحصول: والفوات.
وقال ابن القيم: الغرر تردد بين الوجود والعدم , فنهي عن بيعه لأنه من جنس
القمار الذي هو الميسر , وهو إنما يكون قمارا إذا كان أحد المتعاوضين يحصل
له مال , والآخر قد يحصل له وقد لا يحصل.
غصب
الغصب في اللغة: أخذ الشيء ظلما وقهرا.
وفي الاصطلاح الفقهي: (هو أخذ مال متقوم محترم بلا إذن مالكه دون خفية) .
والفرق بين الغاصب والسارق: أن السارق يأخذ مال الغير خفية من موضع كان
ممنوعا من الوصول إليه. أما الغاصب فيأخذ مال الغير ظلما وقهرا جهارا
معتمدا على قوته.
غلة
الغلة لغة: ما يتناوله الإنسان من دخل أرضه.
ويطلق جمهور الفقهاء مصطلح (الغلة) على مطلق الدخل الذي يحصل من ريع الأرض
أو أجرتها أو أجرة الدار أو السيارة أو أية عين استعمالية ينتفع بها بقاء
عينها.
ويستعمل فقهاء المالكية هذه الكلمة بمعنى أخص. وذلك في مقابل الفائدة في
مصطلحهم - ويريدون بها: ما يتجدد من السلع التجارية بلا بيع لرقابها , كثمر
الأشجار والصوف واللبن المتجدد من الأنعام المشتراة لغرض التجارة قبل بيع
رقابها , وأجرة الدار وسائر عروض التجارة , وكذا زيادة المبيع في ذاته إذا
اشتراه للتجارة بعشرين ثم كبر ونما فباعه بعد ذلك بخمسين. فهذه الزيادة في
جميع ما ذكرنا تسمى عندهم غلة. بخلاف الزيادة فيما اشتراه للقنية , فإنها
تسمى (فائدة) في اصطلاحهم لا غلة.
ويطلق الحنفية مصطلح (الغلة) على الدراهم التي تروج في السوق في الحوائج
الغالبة , ويقبلها التجار ويأخذونها , غير أن بيت المال يردها لعيب فيها.
فساد
الفساد في اللغة نقيض الصلاح , ويعني في الأصل تغير الشيء عن الحال السليمة
, وخروجه عن الاعتدال , ثم استعمل في جميع الأمور الخارجة عن نظام
الاستقامة.
وفي الاصطلاح الفقهي لا خلاف بين
العلماء في أن الفساد مرادف للبطلان في غير العقود والمعاملات المالية
غالبا , وكذا فيها عند غير الحنفية.
وعلى ذلك لا يترتب على العقد الفاسد عندهم أي حكم أو أثر لمخالفته الأمر
والنهي الشرعيين في نظام التعاقد.
أما الحنفية , فقد استعملوه للدلالة على حالة يعتبرون فيها العقد مختلا في
بعض نواحيه الفرعية اختلالا يجعله في مرتبة بين الصحة والبطلان , فلا هو
بالباطل غير المنعقد , لأن مخالفته لنظامه الشرعي ليست مخالفة جوهرية كما
في حالة البطلان , ولا هو بالصحيح التام الاعتبار , لأن فيه إخلالا بنظام
التعاقد ولو أنه في ناحية فرعية غير جوهرية , وعلى ذلك عرفوه بأنه , ما كان
مشروعا بأصله دون وصفه ' أي بأن كان صادرا من أهله في محل قابل لحكمه , لكن
لازمه وصف غير مشروع فصار العقد منهيا عنه شرعا من أجله.
فسخ
الفسخ في اللغة يأتي بمعنى الإزالة والرفع والنقض. ولا يخرج الاستعمال
الفقهي للكلمة عن مدلولها اللغوي.
وعلى ذلك عرف ابن نجيم الفسخ في العقود بأنه (حل رابطة العقد) .
وقال القرافي: (هو قلب كل واحد من العوضين لصاحبه) .
وقال غيرهم: رفع العقد على وصف كان قبله بلا زيادة ولا نقصان. والذي يتحصل
من كلام الفقهاء أن هذا الرفع إما أن يترتب على سبب إرادي , كما في الإقالة
وخيار العيب وخيار الشرط ونحوهما , فيسمى فسخا.
وإما أن ينشأ بسبب طارئ غير إرادي , كما في حالة انفساخ البيع بهلاك المبيع
قبل تسليمه للمشتري , وذلك لاستحالة تنفيذ العقد بالتسليم بعد هلاك محله ,
فينفسخ العقد لفقد ما يعتمد عليه بقاؤه. وكما في حالة انفساخ الشركة
والمضاربة والمزارعة والمساقاة بموت أحد العاقدين , لأن هذه العقود تنشئ
التزامات عملية ذات نتائج متجددة , فيها انسحاب واستمرار يعتمد بقاؤه على
بقاء العاقد علاوة على بقاء المحل. ويسمى هذا الزوال انفساخا.
هذا , وقد عرف بعض الفقهاء المحدثين الفسخ بمعناه الأعم الشامل للحالتين
بقوله: (هو إنهاء للعقد الصحيح , ناتج عن شرط أدرجه المتعاقدان في العقد ,
أو شرط افترضه الشارع , أو ناشئ عن استحالة تنفيذ الالتزام) .
ويلاحظ في التعريف عدم الإشارة إلى الفسخ بسبب الامتناع عن التنفيذ , لأن
الفقه الإسلامي لا يعترف بذلك الامتناع سببا من أسباب الفسخ.
فقير
أصل الفقير في اللغة: هو مكسور الفقار , والفقار عظم الظهر.
أما في الاصطلاح الشرعي , فقد قال الراغب الأصبهاني: الفقير يستعمل على
أربعة أوجه:
(الأول) وجود الحاجة الضرورية , وذلك عام للإنسان ما دام في دار الدنيا.
قال تعالى: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) (فاطر: 15)
(والثاني) فقر النفس , وهو المقابل بقوله صلى الله عليه وسلم (إنما الغنى
غنى النفس) .
(والثالث) الفقر إلى الله. وهو المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم
(اللهم أغنني بالافتقار إليك , ولا تفقرني بالاستغناء عنك) .
(والرابع) عدم المقتنيات. وهو المذكور في قوله تعالى: (إنما الصدقات
للفقراء والمساكين) . (التوبة: 60) .
وهذا الرابع اختلف الفقهاء في حده: فقال الشافعية والحنابلة: الفقراء هم
الذين لا شيء لهم أصلا , والمساكين هم الذين لهم شيء لا يقوم بهم.
وذهب المالكية إلى أن المسكين أشد حالا من الفقير , فالفقير هو الذي لا
يملك قوت عامه , والمسكين هو الذي لا يملك شيئا. وذهب الحنفية إلى أن
الفقير هو الذي يملك دون نصاب الزكاة , والمسكين هو الذي لا يملك شيئا.
وقيل: الفقير هو المحتاج الذي يسأل الناس , والمسكين هو الذي لا يسألهم رغم
حاجته.
قبض
القبض لغة: تناول الشيء بجميع الكف. ويستعار لتحصيل الشيء وإن لم يكن فيه
مراعاة الكف.
ولا خلاف بين الفقهاء على اختلاف مذاهبهم في أن القبض عبارة عن حيازة الشيء
والتمكن من رقبته , سواء أكان ما يمكن تناوله باليد أم لم يكن.
قال العز بن عبد السلام (قولهم قبضت
الدار والأرض والعبد والبعير , يريدون بذلك الاستيلاء والتمكن من التصرف) .
أما القبض , بفتح الباء - فهو ما يجمع من المغانم.
وقال القاضي عياض: وكل ما قبض من مال فهو قبض.
قبول
يقال في اللغة: قبلت القول , أي صدقته , وقبلت الهدية أخذتها.
أما في الاصطلاح الفقهي , فقد ذهب الحنفية إلى أن القبول هو: ما يصدر من
الطرف المتعاقد الآخر بعد الإيجاب , معبرا عن موافقته عليه.
فالبادئ بعبارته في إنشاء العقد هو الموجب عندهم دائما , والآخر هو القابل
, سواء أكان البادئ مثلا في عقد البيع هو البائع بقوله بعت أم المشتري
بقوله اشتريت. أم كان البادئ في نحو الإجارة هو المؤجر بقوله آجرت أم
المستأجر بقوله استأجرت , وهكذا في سائر العقود.
وعلى ذلك جاء في (م 102) من المجلة العدلية (القبول: ثاني كلام يصدر من أحد
العاقدين لأجل إنشاء التصرف , وبه يتم العقد) .
ويرى غير الحنفية أن الإيجاب هو ما يصدر من العاقد مفيدا تمليك المعقود
عليه (محل العقد) سواء صدر أولا أم آخرا.
والقبول: هو بيان الطرف الآخر المعبر عن موافقته على ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: (فالإيجاب أن يقول: بعتك أو ملكتك أو لفظا يدل
عليهما , والقبول أن يقول: اشتريت أو قبلت) .
قراض
القراض لغة وفي الاستعمال الفقهي يعني المضاربة: وهي أن يدفع المرء إلى
غيره نقدا ليتجر به على أن يكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه , وتكون
الوضيعة إن وقعت على صاحب المال.
قال الأزهري: وأصل القراض مشتق من القرض , وهو القطع , وذلك لأن صاحب المال
قطع للعامل فيه قطعة من ماله , وقطع له من الربح فيه شيئا معلوما. وإنما
خصت شركة المضاربة بهذا الاسم , لأن لكل واحد منهما في الربح شيئا مقروضا ,
أي مقطوعا لا يتعداه.
قرض
القرض في اللغة: القطع.
أما في مصطلح الفقهاء: فهو دفع المال لمن ينتفع به على أن يرد بدله , ويسمى
نفس المال المدفوع على الوجه المذكور قرضا في لغة الفقهاء.
والقرض بهذا المعنى هو القرض الحقيقي , وقد تفرد الشافعية فجعلوا له قسيما
سموه (القرض الحكمي) ووضعوا له أحكاما تخصه , ومثلوا له بالإنفاق على
اللقيط المحتاج , وإطعام الجائع وكسوة العاري إذا لم يكونوا فقراء بنية
القرض , وبمن أمر غيره بإعطاء مال لغرض الآمر , كإعطاء شاعر أو ظالم أو
إطعام فقير أو فداء أسير وك: بع هذه وأنفقه على نفسك بنية القرض.
قسمة
القسمة لغة: التفريق.
وفي المصطلح الفقهي: هي تمييز الحقوق وإفراز الأنصباء. وعلى ذلك عرفت بأنها
(جمع نصيب شائع في معين) , أي في نصيب معين. وإنما كانت جمعا للنصيب بعد
تفرق , لأنه كان قبل القسمة موزعا على جميع أجزاء المشترك - إذ ما من جزء
مهما قل إلا ولكل واحد من الشركاء فيه بنسبة ما له في المجموع الكلي. ثم
صار بعد القسمة منحصرا في جزء معين لا تتخلله حقوق أحد من بقية الشركاء ,
ولو كانت الجزئية باعتبار الزمان , كما في المهايأة الزمانية.
قضاء الحق
القضاء لغة: إحكام الشيء والفراغ منه , ويطلق على إمضاء الحكم. ومنه سمي
الحاكم قاضيا , لأنه يمضي الأحكام ويحكمها. وعلى ذلك استعمل اسما للولاية
المعروفة.
أما قضاء الحق عند الفقهاء فالمراد به رده وتسليمه لصاحبه. واقتضاؤه: قبضه
, ويلاحظ أن القضاء والاقتضاء بهذا المفهوم يختصان في الاستعمال الفقهي
بالديون دون الأعيان , فيقال: قضى فلان غريمه دينه , أي أداه إليه ,
واقتضاه: أي اتخذه وتسلمه.
قمار
القمار لغة: المراهنة , يقال: قامره مقامرة وقمارا , أي راهنه فغلبه , وقال
المغراوي: أصل المقامرة في كلام العرب المغابنة , يقال: قامره قمارا
ومقامرة: إذا غابنه.
ويطلق القمار في الاصطلاح الفقهي على كل لعب يشترط فيه غالبا أن يأخذ
الغالب شيئا من المغلوب.
وحقيقته مراهنة على غرر محض , وتعليق للملك على الخطر في الجانبين وعلى ذلك
عرفه ابن تيمية بأنه أخذ مال الإنسان وهو على مخاطرة , هل يحصل له عوضه أو
لا يحصل.
ويطلق كثير من الفقهاء على القمار اسم الميسر , وإن كان لفظ القمار في
الأصل أعم من الميسر , لإطلاقه على جميع أنواع المراهنة , بخلاف الميسر
فإنه لم يكن يطلق إلا على المقامرة بالأقداح لاقتسام الجزور بطريقة خاصة
على عادة أهل الجاهلية.
قيمة
القيمة لغة: الثمن الذي يقاوم به المتاع , أي يقوم مقامه.
وفي الاصطلاح الفقهي (هي الثمن الحقيقي للشيء) . وإنها لتختلف عادة باختلاف
الزمان والمكان والأحوال.
وقد عرفها الفقهاء بأنها (ما قوم به الشيء , بمنزلة المعيار , من غير زيادة
ولا نقصان) .
أما التقويم فهو مصدر قومت السلعة: إذا حددت قيمتها وقدرها , يقال: قومت
المتاع , إذا جعلت له قيمة معلومة.
كراء
الكراء في اللغة مصدر كارى , أكريت
الدار والدابة أي أجرتها.
ويطلق الكراء عند الفقهاء على الأجرة نفسها , كما يطلق على عقد الإجارة ,
غير أن المالكية منهم يفرقون بين الكراء والإجارة بتفريق دقيق فيقولون:
(الكراء والإجارة شيء واحد في المعنى , غير أنه يطلق على العقد على منافع
الآدمي وما ينقل من غير السفن والحيوان إجارة , وعلى العقد على منافع ما لا
ينقل كالدور والأرضين وما ينقل من سفن وحيوان كراء. وقيل: إن الإجارة تطلق
على منافع من يعقل والمؤاكرة على منافع من لا يعقل. وقد يطلق أحدهما على
الآخر) .
كفالة الدين
الكفالة لغة تعني التحمل والالتزام , يقال , كفلته وكفلت به وعنه: إذا
تحملت.
وقال ابن الأنباري: تكفلت بالمال , التزمت به وألزمته نفسي.
أما في الاصطلاح الشرعي , فقد اختلف الفقهاء في تعريف كفالة الدين على
أربعة أقوال: فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنها ضم ذمة الكفيل إلى ذمة
المكفول في التزام بالدين , فيثبت في ذمتهما جميعا , ولصاحب الحق مطالبة من
شاء منهما. وذهب المالكية إلى أنها ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المكفول في
الالتزام بالدين , إلا أنهم قالوا ليس للمكفول له أن يطالب الكفيل بالدين
إلا إذا تعذر عليه الاستيفاء من الأصيل , لأن الضمان وثيقة , فلا يستوفى
الحق منها إلا عند العجز عن استيفائه من المدين كالرهن.
وذهب الحنفية إلى أنها ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة , أي في
وجوب الأداء لا في وجوب الدين.
وذهب ابن أبي يعلى وداود وأبو ثور وأحمد في رواية عنه إلى أن الدين ينتقل
بالكفالة إلى ذمة الكفيل. كما في الحوالة - فلا يكون للدائن أن يطالب
الأصيل بعدها بشيء.
كنز
الكنز في اللغة ضد الإنماء.
ومعناه: جعل المال بعضه على بعض وادخاره , كذلك يقال للمال إذا أحرز في
وعاء كنز , ويطلق أيضا على المال المخزون والمضمون , وقيل: هو المال
المدفون.
وقال المناوي: وقد صار في الدين صفة لكل مال لم يخرج منه الواجب , وإن لم
يكن مدفونا.
لزوم العقد
اللزوم في اللغة: الثبوت والدوام , يقال: لزم الشيء لزوما , أي ثبت ودام ,
ولزمه المال والعمل , أي وجب عليه.
ولزوم العقد في الاصطلاح الفقهي يعني أنه بات لا يملك أحد طرفيه فسخه
وإبطاله والتحلل منه. ذلك أن العقد متى اكتسب صفة اللزوم , فليس لأحد
المتعاقدين أن يرجع فيه وينقضه إلا باتفاقهما على الإقالة , لأن في نقض
العقد تغييرا للوضع الحقوقي الذي استقر بين العاقدين. ومن أجل ذلك توقف
نقضه على التراضي كأصل العقد. ولا يخفى أن اللزوم فكرة أساسية ضرورية في
العقود , ولولاها لفقد العقد أهم خصائصه ومزاياه في بناء الأعمال والحياة
الاكتسابية.
مباح
المباح لغة من الإباحة , وهي الظهور , يقال: أباح بسره , أي أظهره , وقيل
من باحة الدار , وهي ساحتها. وفيه معنى السعة وانتفاء العائق , لأن الساحة
تتسع للتصرف فيها.
ويقال: أباح الرجل ماله , أي أذن في أخذه وتركه , وجعله مطلق الطرفين.
ويرد لفظ (المباح) على ألسنة الفقهاء بمعنى ما جاز للمكلف إتيانه وتركه
شرعا من الأعمال , قسيم الفرض والواجب
والحرام والمكروه.
وعلى ذلك قالوا في تعريفه: هو ما استوى طرفاه , يعني ما ليس بفعله ثواب ولا
بتركه عقاب. كما يستعملونه بمعنى ما يحل تملكه بالإحراز , لعدم قيام ملك
أحد أو اختصاصه عليه , فيقولون إحراز المباحات من أسباب التملك , ويريدون
بها ما كان على الإباحة الأصلية من الأشياء , كالكلأ في البراري والحطب في
الغابات والماء في الأنهار والبحار ونحو ذلك. وعلى ذلك عرفوا المال المباح
بأنه: كل ما خلقه الله لينتفع به الناس على وجه معتاد وليس في حيازة أحد مع
إمكانية حيازته , ولكل إنسان حق تملكه بالإحراز , سواء أكان حيوانا أم
نباتا أم جمادا.
مبيع
المبيع لغة: اسم للسلعة التي تباع.
وفي الاصطلاح الفقهي: هو ما يباع من الأموال , ويكون المقصود الأصلي من عقد
البيع , لأن الانتفاع إنما يكون بالأعيان , والأثمان وسيلة للمبادلة.
أما كيفية التمييز بينه وبين الثمن في البيع , فهناك عدة اتجاهات للفقهاء
في ذلك
(منها) أن الثمن ما ألصق به الباء , والمبيع ما يقابله , كقولك بعت كذا
بكذا , فالأول مبيع والثاني ثمن ,
(ومنها) أن الثمن هو النقد مطلقا والمبيع ما يقابله. فإن لم يكن في العقد
نقد أو كان العوضان نقدين فالثمن ما ألصقت به الباء , والمبيع ما يقابله.
(ومنها) أن الثمن ما يثبت في الذمة دينا عند المقابلة , وهو النقدان
والمثليات إذا كانت معينة وقوبلت بالأعيان أو غير معينة وصحبها حرف الباء ,
والمبيع ما يقابل ذلك.
متقوم
يقال في اللغة: قومت الشيء فتقوم , أي عدلته فتعدل. وقومت المتاع: أي جعلت
له قيمة معلومة. من التقويم , وهو تحديد القيمة وتقديرها.
ويرد تعبير (المال المتقوم) على ألسنة الفقهاء , ومقصودهم من التقويم أحد
شيئين:
ما يباح الانتفاع به شرعا , أو ما يقابله في عرف الناس.
وبيان ذلك أن الحنفية قسموا المال إلى قسمين متقوم وغير متقوم , وقالوا: إن
المتقوم هو ما يحل الانتفاع به شرعا في حال الاختيار , وغير المتقوم: ما لا
يحل الانتفاع به شرعا من الأموال. وشرطوا في صحة عقود المعاوضات أن يكون
المعقود عليه مالا متقوما.
بينما ذهب سائر الفقهاء إلى اشتراط حل الانتفاع شرعا في ماهية المال وعلى
ذلك لا يتصور عندهم مال لا يحل الانتفاع به شرعا , لانعدام الماهية بانتفاء
شرطها. غير أنه يرد على ألسنتهم تعبير المال المتقوم بمعنى المال الذي
يقابله قيمة مادية في عرف الناس.
مثلي
المثلي في اللغة - نسبة إلى المثل - وهو ما له وصف ينضبط به كالحبوب
والحيوان المعتدل , فإنه ينسب إلى صورته وشكله , فيقال مثلي: أي له مثل
شكلا وصورة من أصل الخلقة , قاله الفيومي.
أما المثلي في الاصطلاح الفقهي: فهو ما تماثلت آحاده أو أجزاؤه , بحيث يمكن
أن يقوم بعضها مقام بعض دون فرق يعتد به , وكان له نظير في الأسواق.
وهو في العادة إما مكيل أو موزون أو مزروع أو معدود. فالمثليات إذا: هي
أموال متوفرة في السوق تخضع أنواعها للوحدات القياسية العرفية , وهي الوزن
والحجم والطول والعدد. ومثال ذلك جميع المصنوعات التي تنتجها المصانع اليوم
, ويلتزم فيها بالتوحيد النوعي وعدم تغيير النموذج من ملابس وأدوات ومحلات
وآلات وسيارات وغيرها مما يتوفر له نظير في السوق.
مخاطرة
المخاطرة في اللغة تأتي بمعنى المراهنة , يقال: خاطرته على مال , أي راهنته
عليه.
من الخطر , الذي هو الإشراف على الهلاك , أو التردد بين السلامة والتلف ,
أما في الاصطلاح الفقهي , فقد قال ابن القيم: المخاطرة مخاطرتان: مخاطرة
التجار , وهو أن يشتري السلعة بقصد أن يبيعها ويربح ويتوكل على الله في
ذلك. والخطر الثاني , الميسر الذي يتضمن أكل المال بالباطل. فهذا الذي حرمه
الله تعالى ورسوله , مثل بيع الملامسة والمنابذة وحبل الحبلة والملاقيح
والمضامين وبيع الثمار قبل بدو صلاحها. وفي هذا النوع يكون أحدهما قد قمر
الآخر وظلمه , بخلاف التاجر الذي اشترى السلعة ثم بعد هذا نقص سعرها , فهذا
من الله سبحانه ليس لأحد فيه حيلة.
مرابحة
المرابحة لغة من الربح: وهو النماء والزيادة.
يقال: رابحته على سلعته مرابحة , أي أعطيته ربحا , وأعطاه مالا مرابحة , أي
على أن الربح بينهما.
أما (بيع المرابحة) في الاصطلاح الفقهي: فهو بيع ما ملكه بما قام عليه
وبفضل. فهو بيع للعرض - أي السلعة - بالثمن الذي اشترى به مع زيادة شيء
معلوم من الربح. وعلى ذلك عرفه صاحب القوانين الفقهية بقوله: (هو أن يعرف
صاحب السلعة المشتري بكم اشتراها , ويأخذ منه ربحا , إما على الجملة , مثل
أن يقول اشتريتها بعشرة , وتربحني دينارا أو دينارين , وإما على التفصيل ,
وهو أن يقول: تربحني درهما لكل دينار , أو غير ذلك) .
ويصنف الفقهاء بيع المرابحة تحت بيوع الأمانة , لأن البائع مؤتمن فيه في
إخباره عن الثمن الذي اشترى به المبيع.
مزارعة
المزارعة في اللغة وفي الاصطلاح الفقهي: معاقدة على الزرع بين صاحب الأرض
وبين المزارع , على أن يقسم الحاصل بينهما بالحصص التي يتفقان عليها وقت
العقد. فهي نوع شركة على كون الأرض من طرف والعمل من طرف آخر , على أن تزرع
الأرض , وتكون حاصلاتها بينهما.
وقد جاء في م 1949 من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد: (المزارعة
والمخابرة: هي دفع أرض وحب لمن يزرعه ويقوم عليه , أو مزروع ليعمل عليه
بجزء مشاع معلوم من المتحصل) .
وقال النووي: (المزارعة هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج من زرعها ,
والبذر من مالك الأرض , والمخابرة مثلها , إلا أن البذر من العامل , وقيل
هما بمعنى واحد , والصحيح الأول وبه قال الجمهور) .
مساقاة
المساقاة لغة مأخوذة من السقي , وذلك أن يقوم شخص على سقي النخيل والكرم
ومصلحتهما , ويكون له من ريع ذلك جزء معلوم (قاله ابن فارس) .
ولا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن ذلك المعنى ,
وعلى ذلك عرفت اصطلاحا بأنها (معاقدة على دفع الشجر والكروم إلى من يصلحها
بجزء معلوم من ثمرها) ,
وجاء في م 1947 من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد: (المساقاة دفع شجر
مغروس معلوم ذي ثمر مأكول لمن يعمل عليه بجزء شائع معلوم من ثمره) .
ويقال لرب الشجر: مساق , وللآخر: عامل. وعلى ذلك فالمساقاة نوع شركة على أن
تكون أشجار من طرف وتربية من طرف آخر , ويقسم ما يحصل من الثمر بينهما ,
ويسمى هذا العقد أيضا: معاملة.
قال الصغاني: المعاملة في كلام أهل العراق هي المساقاة في لغة الحجازيين.
مساومة
المساومة في اللغة من السوم , وتعني عرض السلعة على المشتري للبيع مع ذكر
الثمن.
أما المساومة عند الفقهاء فتعني البيع بما يتفق عليه البيعان , دون أن يخبر
البائع المشتري بالثمن الذي قام عليه المشتري بالثمن الذي قام عليه المبيع
به , سواء علمه المشتري أم لا , وعلى ذلك عرفها ابن جزي المالكي بقوله:
(المساومة هو أن يتفاوض المشتري مع البائع في الثمن حتى يتفقا عليه من غير
تعريف بكم اشتراها) , وأساس ذلك أن الفقهاء يقسمون البيع باعتبار طريقة
تحديد الثمن إلى: مساومة , وأمانة.
فأما المساومة , فهو البيع الذي لا يظهر البائع فيه رأس ماله , وأما بيع
الأمانة , فهو الذي يحدد فيه الثمن بمثل رأس المال أو أزيد أو أنقص. وأنما
سمي بيع أمانة , لأن البائع مؤتمن فيه في إجباره برأس المال , وبيع الأمانة
عند الفقهاء على ثلاثة أنواع: مرابحة وتولية ووضيعة (مرابحة - تولية -
وضيعة) .
مشاهرة
المشاهرة من الشهر.
ويرد هذا اللفظ على ألسنة الفقهاء في معرض ذكر وقت سداد أقساط الثمن المؤجل
أو الأجرة في إجارة الأعيان أو الأعمال ونحو ذلك. فيقال: تم التعاقد على
دفع الثمن أو الكراء المقدر بكذا وكذا على عشرة نجوم أو أقساط مشاهرة , أي
بأقساط شهرية.
مصلحة
المصلحة لغة مأخوذة من الصلاح , وهو ضد الفساد.
ويقال: في الأمر مصلحة: أي خير , والجمع المصالح.
وترد كلمة (المصلحة) على ألسنة الفقهاء بمعنى اللذة وأسبابها والفرح
وأسبابه , ضد المفسدة التي تعني الألم وأسبابه والغم وأسبابه.
قالوا: وكلاهما نفسي وبدني , ودنيوي وأخروي.
وذهب الغزالي إلى أن المصلحة هي المحافظة على مقصود الشرع من الخلق , وهو
أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم. فكل ما يتضمن حفظ هذه
الأصول الخمسة فهو مصلحة , وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة , ودفعه
مصلحة.
مضاربة
المضاربة في اللغة مفاعلة من الضرب: وهو السير في الأرض.
وتطلق في الاصطلاح الفقهي على دفع مال معين معلوم لمن يتجر فيه بجزء مشاع
معلوم له من ربحه.
وأهل العراق يسمون هذه المعاقدة مضاربة , وأهل الحجاز يسمونها قراضا.
وإنما سمي هذا العقد مضاربة , لأن المضارب يسير في الأرض غالبا طلبا للربح.
وقيل: لأن كل واحد منهما يضرب في الربح بسهم. وقيل: لما فيه من الضرب
بالمال والتقليب.
وقد عرفت مجلة الأحكام العدلية (م 1404) المضاربة (بأنها نوع شركة على أن
رأس المال من طرف , والسعي والعمل من الطرف الآخر) .
ويقال لصاحب رأس المال: رب المال. وللعامل: مضارب. وقد بين الجرجاني
طبيعتها وتكييفها الفقهي بقوله: (وهي إيداع أولا وتوكيل عند عمله , وشركة
إن ربح , وغصب إن خالف , وبضاعة إن شرط كل الربح للمالك , وقرض إن شرطه
للمضارب) .
والمضاربة عند الفقهاء نوعان: مطلقة , ومقيدة. فالمضاربة المطلقة هي التي
لا تتقيد بزمان ولا مكان ولا نوع تجارة ولا بتعيين بائع ولا مشتر. وإذا
تقيدت بواحد من هذه فتكون مضاربة مقيدة.
مطل
المطل لغة: إطالة المدافعة عن أداء الحق. يقال: مطله بالدين , إذا سوفه
بوعد الوفاء مرة بعد مرة.
ولا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن معناها اللغوي.
قال الحافظ ابن حجر: ويدخل في المطل كل من لزمه حق , كالزوج لزوجته ,
والسيد لعبده , والحاكم لرعيته , وبالعكس. ولا تعتبر المدافعة والتسويف في
قضاء الدين عند الفقهاء مطلا إذا كان ذلك الدين مؤجلا في الذمة لم يحل
أوانه , لأن صاحب الدين لما رضي بتأجيله , فقد أسقط حقه في التعجيل , ولم
يعد له قبل المدين حق في استيفائه قبل حلول الأجل. ومن ثم لا يعتبر الممتنع
عن الوفاء في هذه الحالة مماطلا , بل متمسكا بحق شرعي. ثم إن مطل المدين
بالدين الحال في الشريعة نوعان: مطل بحق , ومطل بباطل.
فأما المطل بحق: فهو مطل المدين المعسر الذي لا يجد وفاء لدينه , فإنه يمهل
حتى يوسر , ويترك يطلب الرزق لنفسه وعياله ودائنيه.
وأما المطل بالباطل: فهو مطل الموسر القادر على قضاء الدين بلا عذر.
وهو من كبائر الإثم , ومن الظلم الموجب للعقوبة الحاملة على الوفاء.
معاوضة
المعاوضة لغة من العوض , وهو الخلف , أو البدل الذي يبذل في مقابلة غيره.
يقال: استعاضه , أي سأله العوض , فعاوضه: أي أعطاه إياه , واعتاض: واعتاض:
أخذ العوض ,
والمعاوضة عند الفقهاء تعني: المبادلة بين عوضين , وجمعها معاوضات.
وعقود المعاوضات في مصطلحهم عبارة عن ضرب من التمليكات التي تقوم على أساس
إنشاء حقوق والتزامات متقابلة بين العاقدين , بخلاف التبرعات التي تقوم على
أساس الرفق والمعونة والمنحة من طرف لآخر دون مقابل.
والمعاوضات في نظرهم جنس ينتظم مبادلة مال بمال , ومبادلة مال بمنفعة ,
ومبادلة مال بغير ما هو مال ولا منفعة بالمعنى المصطلح عليه عندهم. ويلتحق
بها مبادلة المنفعة بالمنفعة , ومبادلة المنفعة بما ليس بمال ولا منفعة
بالمعنى الاصطلاحي لديهم. فهي تشمل البيع بجميع أنواعه من بيع مطلق ومقايضة
وصرف وسلم والاستصناع والصلح عن إقرار وقسمة الأعيان والتخارج وحوالة الحق
والإجارة والجعالة والمهايأة والزواج والخلع ونحو ذلك.
وهذا التقسيم والتفصيل في القضية مستمد من مذهب الحنفية وغير موجود في
المذاهب الأخرى.
معجوز التسليم
العجز في اللغة معناه الضعف , يقال: عجز فلان عن الشيء إذا ضعف عنه.
ومعجوز التسليم. في أبواب المعاملات - عند الفقهاء: ما كان غير مقدور على
تسليمه. وما كانت هذه صفته لا يجوز بيعه عند جماهير الفقهاء , كالعبد الآبق
والبعير الشارد اللذين لا يعرف مكانهما ونحو ذلك , لأنه من بيوع الغرر.
كما أن معجوز التسليم من المبيعات إذا طرأ عليه هذا الوصف بآفة سماوية ونحو
ذلك - بعد ما كان مقدوره - قبل قبض المشتري , فإنه يوجب انفساخ العقد ضرورة
, لاستحالة تنفيذه , وانتفاء الفائدة من بقائه منعقدا.
معدوم
المعدوم في اللغة: خلاف الموجود , من العدم الذي يعني الفقد وانتفاء الوجود
, غير أن الفقد أخص إذ يعني عدم الشيء بعد وجوده , والعدم يقال فيه وفيما
لم يوجد بعد.
وقد نص جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة على بطلان
بيع المعدوم الذي سيوجد في المستقبل إلا السلم بشرائطه الخاصة.
وخالفهم في ذلك ابن تيمية وابن القيم فقالا بجواز بيع المعدوم الذي لا
يتضمن غررا ومقامرة وحظره فيما تضمن شيئا من ذلك. قال ابن القيم: والمعدوم
على ثلاثة أقسام: معدوم موصوف في الذمة: وهذا يجوز بيعه اتفاقا. ومعدوم تبع
للموجود , وإن كان اكثر منه.
وهو نوعان: نوع متفق عليه , وهو بيع الثمار بعد بدو صلاح ثمرة واحدة منها ,
وإن كانت بقية أجزاء الثمار معدومة وقت العقد. ونوع مختلف فيه , كبيع
المقاثي والمباطخ إذا طابت. ومعدوم لا يدري أيحصل أولا يحصل , ولا ثقة
لبائعه بحصوله , والمشتري منه على خطر. فهذا الذي منع الشارع بيعه لا لكونه
معدوما , بل لكونه غررا , كبيع حبل الحبلة , وبيع الملامسة والمنابذة
والملاقيح والمضامين.
مقايضة
المقايضة لغة: المبادلة. من قولهم تقيض فلان أباه: إذا نزع إليه في الشبه.
وهما قيضان: أي مثلان.
أما المقايضة في الاصطلاح الفقهي فتعني معاوضة عرض بعرض. أي مبادلة مال
بمال , كلاهما من غير النقود , وعرفها بعضهم بأنها بيع العين بالعين , أو
بيع السلعة بالسلعة.
ملاءة
يقال في اللغة: رجل مليء , أي غني مقتدر. وقد ملؤ ملاءة , وهو أملأ القوم ,
أي أقدرهم وأغناهم. والملأ: أشراف القوم. سموا بذلك لملاءتهم بما يلتمس
عندهم من المعروف وجودة المعروف وجودة الرأي , أو لأنهم يملئون العيون أبهة
, والصدور هيبة ,
ولا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن معناها في اللغة.
ملك
الملك لغة: احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به.
وفي الاصطلاح الفقهي: هو عبارة عن اتصال شرعي بين الشخص وبين شيء يكون
مطلقا لتصرفه فيه وحاجزا عن تصرف غيره فيه. وهو قدرة يثبتها الشرع ابتداء
على التصرف. وقد قيل في تعريفه إنه (حكم شرعي يقدر في عين أو منفعة يقتضي
تمكن من ينسب إليه من انتفاعه به والعوض عنه من حيث هو كذلك) .
منفعة
المنفعة لغة: كل ما يستفاد من الشيء , عرضا كان أم مادة , كاللبن والولد
بالنسبة إلى الحيوان , والثمرة بالنسبة إلى الشجرة ونحو ذلك , مأخوذة من
النفع , وهو في اللغة الخير. وأصله ما يستعان به في الوصول إلى الخيرات ,
وما يتوصل الإنسان به إلى مطلوبه.
ويرى أكثر الفقهاء أن المنفعة لا تطلق إلا على الفائدة العرضية التي تستفاد
من الأعيان بطريق استعمالها , كسكنى المنازل وركوب السيارة ولبس الثوب وعمل
العامل , ولا تتناول الفوائد المادية كاللبن بالنسبة إلى الحيوان والثمر
بالنسبة إلى الشجر والأجرة بالنسبة إلى الأعيان التي تستأجر وما أشبه ذلك.
وإنما يسمى ذلك عندهم غلة.
منقول
المنقول في اللغة مشتق من النقل , وهو التحويل من موضع إلى موضع.
أما المنقول من الأموال في الاصطلاح الفقهي فهو خلاف العقار ,
وقد عرف بأنه (كل ما يمكن نقله وتحويله) . فيشمل النقود والعروض والحيوانات
والسيارات والسفن والطائرات والمكيلات والموزونات وما أشبه ذلك.
مهايأة
المهايأة لغة: المناوبة.
وهي عند الفقهاء: قسمة المنافع على التعاقب والتناوب. وذلك بأن يتواضع
المتشاركون على أمر فيتراضوا به , بمعنى أن كلا منهم يرضى بحالة واحدة
ويختارها.
والمهايأة بهذا المعنى نوعان: زمانية , ومكانية.
فالمهايأة الزمانية: كما لو تهيأ اثنان على أن يزرعا الأرض المشتركة بينهما
هذا سنة والآخر سنة أخرى , أو على سكنى الدار سنة والآخر سنة أخرى , أو على
سكنى الدار المشتركة بالمناوبة هذا سنة والآخر سنة أخرى.
والمهايأة المكانية: كما لو تهايأ اثنان في الأراضي المشتركة بينهما على أن
يزرع أحدهما نصفها والآخر نصفها الآخر , أو في الدار المشتركة على أن يسكن
أحدهما في طرفها والآخر في الطرف الآخر أو أحدهما في الدور الأعلى والثاني
في الدور الأسفل أو في الدارين المشتركتين على أن يسكن أحدهما في الأولى
والثاني في الثانية.
مواعدة
المواعدة لغة تعني إنشاء وعدين متقابلين من شخصين. فهذا يعد فلانا بكذا ,
والآخر يعد فلانا بكذا , في مقابلة ذلك. من الوعد وهو: الإخبار عن فعل
المرء أمرا في المستقبل يتعلق بالغير.
أما في الاصطلاح الفقهي فهي عبارة عن إعلان شخصين عن رغبتهما في إنشاء عقد
في المستقبل تعود آثاره عليهما. وأكثر الفقهاء استعمالا لهذا المصطلح
المالكية , وقد عبر الخطاب عنها - في النكاح - بقوله: (المواعدة أن يعد كل
واحد منهما صاحبه بالتزويج , فهي مفاعلة , ولا تكون إلا من اثنين , فإن وعد
أحدهما دون الآخر , فهذه العدة) .
ناجز
الشيء الناجز في اللغة: هو الحاضر. ويقول الفقهاء: باعه
ناجزا بناجز , أي يدا بيد. وباعه غائبا
بناجز , أي نسيئة بنقد.
نجش
أصل النجش في اللغة: الإثارة , ولهذا قيل للصياد الناجش , لإثارته الصيد.
أما في الاصطلاح الفقهي فقد شرحه النووي بقوله: حقيقة النجش المنهي عنه في
البيع أن يحضر الرجل السوق , فيرى السلعة تباع بثمن فيزيد في ثمنها , وهو
لا يرغب في ابتياعها , ليقتدي به الراغب , فيزيد لزيادته ظنا منه بأن تلك
الزيادة لرخص السلعة , اغترارا به. وهذه خديعة محرمة.
وحيث كان مفهوم النجش عند الفقهاء الزيادة في المبيع بقصد الخديعة والتغرير
, فإنه لا فرق عندهم فيه بين أن يكون الناجش مالكا للسلعة أم لا. بل قال
بعضهم: إن المالك للسلعة الذي يزيد في ثمنها للتغرير هو شر من الذي لا يملك
السلعة ويزيد في ثمنها دون أن يقصد شراءها.
نسيئة
النسيئة والنساء في اللغة واصطلاح الفقهاء يعني التأخير والتأجيل , خلاف
النقد والتعجيل , من قولهم: نسأ الشيء إذا أخر. ومنه النسيء الذي كانت
تفعله العرب في الجاهلية , وهو تأخير الأشهر الحرم.
أما بيع النسيئة فالمراد به بيع الشيء على أساس تأخير بدله.
نفاذ العقد
يقال في اللغة نفذ الشيء نفذا ونفاذا ونفوذا الشيء: خرقه وجاز عنه وخلص منه
, ويقال: نفذ الأمر والقول نفاذا , أي مضى. كأنه مستعار من نفاذ السهم في
الرمية , فإنه لا مرد له.
أما مصطلح (نفاذ العقد) عند الفقهاء فيعني أن العقد منتج لنتائجه المترتبة
عليه شرعا بمجرد انعقاده. فنفاذ البيع مثلا يعني أنه منذ انعقاده صحيحا قد
نقل ملكية المبيع إلى المشتري وملكية الثمن إلى البائع , وأوجب بين الطرفين
سائر الالتزامات العقدية الأخرى التي تترتب عليه , كوجوب التسليم والتسلم ,
وضمان العيب القديم في المبيع إذا ظهر فيه عيب , إلخ. وعكس العقد النافذ:
العقد الموقوف , وهو الذي لا تترتب عليه آثاره بمجرد انعقاده , رغم انعقاده
صحيحا. بل إنها تكون معلقة محجوزة على إجازة من توقف لحقه. فإن أجازه نفذ
وترتبت عليه نتائجه مستندة إلى وقت الانعقاد , وإن رده بطل.
نقد
النقد في اللغة. كما قال ابن فارس - أصل يدل على إبراز شيء وبروزه. ومن
الباب نقد الدراهم: وهو تمييزها والكشف عن حالها في جودتها أو غير ذلك.
والنقد عند الفقهاء خلاف النسيئة , وإنهم ليطلقونه بمعنى الإقباض والتسليم
إذا كان الشيء المعطى نقودا , فيقولون: نقدت الرجل الدراهم , بمعنى أعطيته
, فانتقدها , أي قبضها. وإنما سموا إقباض الدراهم والدنانير نقدا , لتضمنه
- في الأصل - تمييزها وكشف حالها من حيث الجودة , وإخراج الزيف منها من قبل
المعطي والآخذ.
كذلك يطلقونه على نفس الذهب والفضة , ومن هنا عرفوا عقد الصرف بأنه بيع
النقد بالنقد , ومرادهم به الدراهم والدنانير.
أما مصطلح (بيع النقد) فهو كما قال ابن جزي المالكي: أن يعجل الثمن مثمن.
نماء
النماء في اللغة: الزيادة.
وقد قيل: كل شيء على وجه الأرض إما نام وإما صامت , فالنامي مثل النبات
والأشجار , والصامت كالحجر والجبل.
وقد ذكر اللغويون أن النماء في النقود مجاز , بخلاف الماشية فإنه فيها
حقيقة , لأنها تزيد بتوالدها.
ويطلق جل الفقهاء النماء على نفس الشيء الزائد من العين , كلبن الماشية
وولدها , في مقابلة الكسب الذي هو ' ما حصل بسبب العين , وليس بعضا منها
ككسب العبد ونحوه.
ويقسم فقهاء المالكية في اصطلاحهم النماء إلى ثلاثة أقسام: ربح , وغلة ,
وفائدة. فكل ربح في نظرهم نماء , وكل غلة نماء , وكل فائدة نماء , وليس كل
نماء ربحا بالتحديد أو غلة بالتقييد أو فائدة , لأن النماء أعم منها مطلقا.
هاء وهاء
قال الجبي في شرح غريب ألفاظ المدونة: هاء وهاء , أي خذ وأعط , يدا بيد.
وقال الخطابي: هاء وهاء معناه التقابض. وهاء إنما هو قول الرجل لصاحبه إذا
ناوله الشيء (هاك) أي خذ , فأسقطوا الكاف من اللفظ , وعوضوه بالمد بدلا من
الكاف. وتعبير (هاء وهاء) جاء في قوله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب
ربا إلا هاء وهاء. إلخ. الحديث) وقد فسره الفقهاء بأن هذه البياعات لا تجوز
إلا إذا قال كل واحد من العاقدين لصاحبه (هاء) أي خذ , والمراد بذلك القبض.
هبة
الهبة لغة: الإعطاء بلا عوض.
وقد ذكر جمهور الفقهاء أن الهبة والهدية والصدقة والعطية ألفاظ ذات معان
متقاربة , وكلها تمليك في الحياة بغير عوض , واسم العطية شامل لجميعها ,
وكذلك الهبة. غير أن هناك تغايرا بين الصدقة والهدية , لأن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة.
والفرق بينهما أن من أعطى شيئا يتقرب به إلى الله تعالى للمحتاج فهو صدقه ,
ومن دفع إلى إنسان شيئا مجانا للتقرب إليه ونيل محبته فهو هدية.
هلاك
الهلاك في اللغة مرادف للتلف , وهو ذهاب الشيء وفناؤه.
وحكى الراغب الأصبهاني أن الهلاك على عدة أوجه , منها: افتقاد الشيء عنك ,
وهو عند غيرك موجود.
ومنها: هلاك الشيء باستحالة وفساد , ومنها: الموت.
ومنها بطلان الشيء من العالم وعدمه رأسا , وذلك هو الهلاك الأكبر المسمى
فناء.
وقد جرى على ألسنة الفقهاء استعمال الهلاك والتلف بمعنى واحد , وهو خروج
الشيء عن أن يكون منتفعا به المنفعة المطلوبة منه عادة.
وديعة
الوديعة لغة مأخوذة من ودعت الشيء: إذا تركته.
ويطلق الفقهاء كلمة الوديعة شرعا على
العين التي توضع عند الغير ليحفظها , وعلى الإيداع بمعنى العقد المقتضي
للحفظ.
غير أن الفقهاء اختلفوا في تعريف هذا العقد تبعا لاختلافهم في بعض شروطه ,
فالحنفية والمالكية الذين اشترطوا في الشيء المودع أن يكون مالا , ولم
يشترطوا في الحفظ أن يكون تبرعا عرفوه بأنه (تسليط المالك غيره على حفظ
ماله) ,
والشافعية الذين شرطوا في الشيء المودع أن يكون مالا أو مختصا محترما -
كنجس منتفع به - ولم يشترطوا في الحفظ أن يكون تبرعا من الحافظ عرفوه بأنه
(توكيل بالحفظ لمملوك أو مختص)
والحنابلة الذين اعتبروا في الشيء المودع أن يكون مالا أو مختصا , واشترطوا
أن حفظه من الوديع على سبيل التبرع عرفوه بأنه (توكيل في حفظ مملوك أو
محترم مختص تبرعا من الحافظ) .
وصية
الوصية في اللغة من وصيت الشيء: إذا وصلته.
أما في الاصطلاح الفقهي فهي (تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع) .
وقد سميت بذلك لأن الموصي وصل ما كان في أيام حياته بما بعده من أيام
مماته.
وضيعة
الوضيعة في اللغة: الحطيطة والنقصان. ويقال: وضع في تجارته وضيعة , أي خسر
ولم يربح.
أما بيع الوضيعة في الاصطلاح الفقهي فهو بيع يحدد فيه الثمن بنقص عن رأس
المال أو بخسارة فيه. فهو بيع بنقيصة عن الثمن الأول الذي اشترى به , وهو
من بيوع الأمانة , ويصنف تحتها , لأن البائع مؤتمن فيه في إخباره عن الثمن
الذي اشترى به.
ويسمى عند الفقهاء أيضا ببيع الحطيطة وبيع النقيصة.
وعد
الوعد في اللغة وعند الفقهاء: هو الإخبار عن فعل المرء أمرا في المستقبل
يتعلق بالغير , سواء أكان خيرا أم شرا.
وعلى ذلك , فقد يكون الوعد بمعروف , كقرض حسن أو تمليك عين أو منفعة مجانا
للموعود , وقد يكون بصلة أو بر أو مؤانسة كعيادة مريض وزيارة صديق وصلة رحم
ومرافقة في سفر ومجاورة في سكن , وقد يكون بنكاح كما في خطبة النساء , وقد
يكون بمعصية كما إذا وعد شخصا بمعونة على شرب خمر أو فعل فاحشة أو إتلاف
مال ظلما وعدوانا ونحو ذلك.
ويعد بعض الفقهاء الوعد نوعا من شهادة المرء على نفسه.
وفاء
الوفاء في اللغة يعني ملازمة طريق المساواة , والمحافظة على العهود , وحفظ
مراسم المحبة والمخالطة , سرا وعلانية , حضورا وغيبة.
وقد فرق أبو هلال العسكري بين الوفاء والإنجاز بأن الوفاء يكون في العهود ,
والإنجاز في الوعود.
أما الوفاء بمعناه الأخص في الديون والالتزامات فيرد على ألسنة الفقهاء
بمعنى الأداء.
وقف
الوقف لغة: الحبس.
وفي الاصطلاح الفقهي هو (تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة) .
وهذا التعريف فيه خروج من الخلاف الفقهي في حكم العين الموقوفة , هل تنتقل
إلى ملك الموقوف عليه أم إلى ملك الله تعالى أم تبقى على ملك الواقف؟
حيث إن الفقهاء ذهبوا في هذه المسألة إلى ثلاثة اتجاهات , وعرف كل فريق
منهم الوقف بناء على مذهبه في حكم العين الموقوفة , فتباينت تعريفاتهم تبعا
لذلك الاختلاف.
وبيان ذلك أن الشافعية والصاحبين من الحنفية ذهبوا إلى أن العين الموقوفة
تنتقل إلى ملك الله تعالى.
بينما ذهب أبو حنيفة والمالكية إلى أن العين الموقوفة تبقى على ملك الواقف.
وذهب الحنابلة إلى أن العين الموقوفة تنتقل إلى ملك الموقوف عليه.
وكالة
الوكالة في اللغة: التفويض إلى الغير , ورد الأمر إليه.
ومعناها في الاصطلاح الفقهي إقامة الغير مقام النفس فيما يقبل النيابة من
التصرفات.
فهي عبارة عن تفويض تصرف إلى الغير ليفعله في حياته بشرائط خاصة.
وقد عرفها المناوي بقوله: الوكالة شرعا استنابة جائز التصرف مثله فيما له
عليه تسلط أو ولاية ليتصرف فيه.
وجاء في م 519 من مرشد الحيران: (التوكيل هو إقامة الغير مقام نفسه في تصرف
جائز معلوم) .
|