إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام ط مؤسسة الرسالة

كتاب الأشربة
1 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال - على منبر رسول الله -: "أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر: ما خامر العقل ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيها عهدا ننتهي إليه: الجد والكلالة وأبواب من الربا"1.
فيه دليل على أن اسم الخمر لا يقتصر على ما اعتصر من العنب كما قال أهل الحجاز خلافا لأهل الكوفة.
و قوله: "وهي من كذا وكذا" جملة في موضع الحال.
وقوله: "خامر العقل", مجاز تشبيه وهو من باب تشبيه المعنى بالمحسوس.
والجد: يريد به ميراثه وقد كان للمتقدمين فيه خلاف كثير ومذهب أبي بكر رضي الله عنه: أنه بمنزلة الأب عند عدم الأب.
والكلالة: من لا أب له ولا ولد عند الجمهور.
2 - عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن البتع؟ فقال: "كل شراب أسكر فهو حرام" 2.
قال رضي الله عنه: البتع: نبيذ العسل.
البتع: بكسر الباء وسكون التاء ويقال: بفتحها أيضا.
وفيه دليل على تحريمه وتحريم كل مسكر نعم أهل الحجاز يرون أن المراد بالشراب الجنس لا العين والكوفيون يحملونه على القدر المسكر وعلى قول الأولين: يكون المراد بقوله أسكر أنه مسكر بالقوة أي فيه صلاحية ذلك.
3 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "بلغ عمر أن فلانا باع خمرا3 فقال:
ـــــــ
1 البخاري "4619" ومسلم "3032" "33".
2 البخاري "5585" ومسلم "2001".
3 البخاري "2223" ومسلم "1582".

(1/483)


قاتل الله فلانا ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها؟" 1.
جملوها: أذابوها.
وفيه دليل على تحريم بيع ما حرمت عينه.
وفيه دليل على استعمال الصحابة القياس في الأمور من غير نكير لأن عمر رضي الله عنه قاس تحريم بيع الخمر عند تحريمها على بيع الشحوم عند تحريمها وهو قياس من غير شك وقد وقع تأكيد أمره بأن قال عمر فيمن خالفه قاتل الله فلانا وفلان الذي كنى عنه هو: سمرة بن جندب.
ـــــــ
1 البخاري "2223" ومسلم "1582".

(1/484)