طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ط دار القلم

ص -51-        كتاب الصّوم:
قال الصّوم في اللّغة: هو الكفّ والإمساك يقال صامت الشّمس في كبد السّماء أي قامت في وسط السّماء ممسكة عن الجري في مرأى العين.
وقال النّابغة الذّبيانيّ:

خيل صيام وخيل غير صائمة                تحت العجاج وأخرى تعلك اللّجما

الخيل الأفراس ولا واحد لها من لفظها وقيل واحدها خائل والجمع خيل كما يقال سافر وسفر.
وقوله صيام نعت لها وهو جمع صائم ومعناه، ممسكات عن الاعتلاف.
وخيل غير صائمة أي وأفراس أخر غير ممسكات عنه بل هي معتلفة تحت العجاج أي الغبار وهو في الحرب وأفراس أخر تعلك أي تلوك اللّجما جمع لجام والألف الّتي في آخره زيادة إشباعا للفتحة وتسوية للقافية وقد علك يعلك من حدّ دخل أي لاك يلوك والعلك بالكسر ما يلاك.
والعلك بالفتح المصدر وهو اللّوك.
وفي الشّرع عبارة عن الإمساك عن الأكل والشّرب والمباشرة مع النّيّة في جميع النّهار لقوله تعالى:
{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}1 بعد قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}2 البقرة: 187 أي الجماع والرّفث في غير هذا هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1  البقرة: 187.
2  البقرة: 187.

 

ص -52-        الكلام القبيح وقد رفث يرفث رفثا من حدّ دخل وأرفث يرفث إرفاثا من حدّ أدخل أي تكلّم بالقبيح: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ}1 أي سكن وقيل أي ستر من النّار، {وَأَنْتُم لِبَاسٌ لَهُّنَّ}2 كذلك: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ}3 أي قد ائتمنكم اللّه على أمر دينكم فإذا خالفتم فقد خنتم: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}4 أي جامعوهنّ والمباشرة مسّ البشرة البشرة وهي ظاهر جلد الإنسان: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}5 أي قضى لكم من الولد وقيل ما أحلّ اللّه لكم في القرآن.
وقيل التمسوا ليلة القدر الّتي جعلها اللّه لكم:
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ}6 أي بياض النّهار {مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}7 أي سواد اللّيل قال أميّة بن أبي الصّلت:

الخيط الأبيض لون الصّبح منفتق              والخيط الأسود لون اللّيل مطموم

بحذف الهمزة من الأبيض والأسود وتحرّك اللّام ليستوي النّظم والمنفتق المنشق والمطموم المجموع بعضه إلى بعض من قولك طمّ البئر إذا كبسها بوضع التّراب ونحوه بعضه على بعض.
وفي حديث إفطار الأعرابيّ: هلكت وأهلكت أي هلكت بنفسي وأهلكت غيري وفسّره بقوله واقعت امرأتي أي جامعتها ووقعت عليها. وفيه: فأتي بعرق فيه تمر هو مفتوح العين والرّاء وهو الزّنبيل من اللّيف وغيره.
وفيه: واللّه ما بين لابتي المدينة تثنية اللّابة وهي الحرّة وهي كلّ أرض ألبستها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1  البقرة: 178.
2  البقرة: 178.
3 البقرة: 178.
4 البقرة: 178.
5 البقرة: 178.
6 البقرة: 178.
7 البقرة: 178.

 

ص -53-        حجارة سود.
فتبسّم حتّى بدت نواجذه جمع ناجذ وهو ضرس الحلم قاله صاحب الدّيوان.
وقال صاحب المجمل: هو السّنّ بين النّاب والضّرس.
وفيه:
"يجزيك ولا يجزي أحدا غيرك" أي ينوب عنك ويكفيك وصرفه من حدّ ضرب كقوله تعالى: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}1 ويجزئك بضمّ الياء وهمزة الآخر أي يكفيك ويغنيك من قولك جزأت الإبل بالعشب عن الماء أي اكتفت به وأجزأها العشب أي كفاها وأغناها فأمّا بضمّ الياء وآخره بالياء فغير ثابت على الأصل إلّا على وجه تليين المهموز للتّخفيف.
ورمضان مشتقّ من الإرماض أي الإحراق وقد رمض يرمض رمضا من حدّ علم أي احترق وأرمضه غيره والرّمضاء الحجارة المحماة وفي المثل كالمستغيث من الرّمضاء بالنّار يضرب لمن استغاث من ظالم إلى من هو أظلم منه أو نفر من أمر شديد إلى أمر أشدّ منه وسمّي هذا الشّهر به لأنّه يحرق الذّنوب أي يمحوها وفي اشتقاقه وجوه أخر نذكرها تتميما للفائدة.
أحدها أنّه مشتقّ من قولهم سكّين رميض أي حادّ فعيل بمعنى فعول وقد رمضته أرمضه رمضا من حدّ ضرب أي حدّدته سمّي به الشّهر لأنّه يهيّج القلوب والنّفوس على الاستكثار من الخيرات والطّاعات.
ووجه آخر أنّه من قولهم أتيت فلانا فلم أصبه فرمضته ترميضا وهو أن تنتظر شيئا سمّي به لأنّ المؤمنين ينتظرون الكرامات فيه ويتوقّعون المثوبات.
ووجه آخر أنّه من قولهم رمضت الظّبي إذ اتّبعته وسقته في الرّمل الّذي اشتدّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البقرة: 48

 

ص -54-        حرّه لترمض قوائمه فتتفسّخ فيقف فتأخذه سمّي به الشّهر لأنّ المؤمن يؤمر بالصّوم والقيام فيجوع ويعطش بالنّهار ويتعب ويسهر باللّيل فيعجز فيقف عن اتّباع الشّهوات وطلب اللّذّات فيخلص للّه تعالى ولذلك قال: "الصّوم لي وأنا أجزي به" فإنّ الصّيام يخلص لي كما يخلص ذلك الظّبي للصّائد إذا انقطع سعيه وظهر عجزه.
وقوله عليه السلام:
"رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له" أي لصق بالرّغام بفتح الرّاء وهو التّراب والرّمل اللّين وهو دعاء سوء كأنّه قال كبّه اللّه وأذلّه وفي بعض الرّوايات: "من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده اللّه" قيل معناه أهلكه اللّه من قولك بعد يبعد بعدا فهو بعيد من حدّ علم أي هلك قال اللّه تعالى: {أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}1.
وقيل معناه بعده اللّه من رحمته وكرامته من البعد الّذي هو ضدّ القرب وقد بعد يبعد بعدا فهو بعيد من حدّ شرف.
فإن قالوا كيف دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على هؤلاء الثّلاثة دعاء السّوء وقد أرسل رحمة للعالمين وكان يدعو لعصاة أمّته في جميع مدّته ويبشّر أهل الكبائر بشفاعته؟.
قلنا عنه جوابان أحدهما يشتمل الرّوايتين والثّاني يخصّ الرّواية الثّانية.
أمّا الأوّل فإنّما قال ذلك موافقة لجبريل عليه السلام: في الحال وقد تدارك ذلك بما كان دعا قبل ذلك ربّه أن يستجيب مثل هذا الدّعاء في أهله بالخير على ما روي أنّه عليه السلام قال:
"إنّي عاهدت ربّي وقلت يا ربّ إنّي بشر أغضب كما يغضب البشر فأيّما عبد مسلم سببته أو لعنته في حال غضبي فاجعل ذلك رحمة له وكرامة فأجابني إلى ذلك".
وأمّا الجواب الثّاني في الرّواية الثّانية وهو قوله عليه السلام:
"فأبعده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1هود: 95.

 

ص -55-        اللّه" فقد سمعت عن شيخي الإمام الخطيب الأستاذ إسماعيل بن محمّد النّوحيّ يحكي عن الشّيخ الإمام عبد العزيز بن أحمد الحلوانيّ رحمهم اللّه أنّه حكى عن أبي حنيفة رحمه اللّه أنّه سئل لم دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على هؤلاء النّفر الثّلاثة المذكورين في هذا الحديث دعاء السّوء وهو نبيّ الرّحمة فقال لم يدع عليهم بالسّوء ولم قلتم إنّه دعاء سوء فقالوا إنّه قال فأبعده اللّه قال فأيّ شيء أبعده اللّه قالوا أبعده اللّه من الرّحمة والكرامة ونحو ذلك قال وما الدّليل على ذلك قالوا فأيّ شيء معناه.
قال معناه واللّه أعلم من أدرك رمضان فلم يغفر له أو أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له أو ذكرت بين يديه فلم يصلّ عليّ فقد استحقّ الوعيد فأبعده اللّه من ذلك الوعيد فهذا دعاء لهم بالخير وليس بدعاء عليهم بالشّرّ وهذه فائدة جليلة تنبّه لها إمام الأئمّة ونبّه عليها علماء الأمّة وباللّه التّوفيق.
وقوله: وهو يرى أنّ الشّمس قد غابت بضمّ الياء أي يظنّ يقال أري على ما لم يسمّ فاعله أي ظنّ ومستقبله يرى بحذف الهمزة وأصله يرأى كما قيل في الرّؤية رأى يرى وأصله يرأى فحذف الهمزة في المستقبل للتّخفيف.
وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه فأتي بعسّ من لبن وهو القدح العظيم وقوله: بعثناك داعيا ولم نبعثك أي بعثناك داعيا إلى الصّلاة بالأذان ولم نبعثك حافظا للشّمس، فظنّ بعض النّاس أنّ عمر رضي اللّه عنه قال ذلك إنكارا على المؤذّن إخباره بأنّ الشّمس لم تغرب، وأنّه إنّما بعثه للأذان لا للتّعرّف عن حال الشّمس والإخبار به، وبئسما ظنّوا وكيف يظنّ به الإنكار للإخبار بالحقّ وحاله في كونه قائما بالحقّ قابلا له، لكن قال ذلك شكرا له وثناء عليه ، أي كنّا بعثناك لأمر واحد وهو الأذان، وخفى علينا الأهمّ وهو أن نقول لك: تعرّف لنا حال الشّمس وأخبرنا بها، وقد قمت لنا في هذا المهمّ أحسن القيام وأخبرتنا به فنحن لك شاكرون وبالخير ذاكرون.
ثمّ قال: ما تجانفنا لإثم أي ما ملنا إليه قاصدين يقال جنف يجنف جنفا من حدّ علم وتجانف تجانفا أي مال.

 

ص -56-        وفي حديث أمّ سلمة رضي اللّه عنها كان يصبح جنبا من قراف أي جماع وقد قارف قرافا ومقارفة أي جامع وباشر كما يقال خالف خلافا ومخالفة وهو من القرف وهو القشر والقرفة القشرة والمقارفة مسّ الجلد الجلد كالمباشرة.
رجل ذرعه القيء أي سبقه وغلبه يذرع بفتح الرّاء وإذا تقيّأ أي تكلّف القيء واستقاء أي طلب القيء وسأله فسين الاستفعال للطّلب والسّؤال أي فعل فعلا يخرج به القيء والمصدر منه الاستقاءة بزيادة الهاء كالاستقالة والاستطالة في الوزن.
وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه احتجم وهو صائم محرم بالقاحة هي موضع بين مكّة والمدينة.
وأهل العوالي أهل قرى في أعالي المدينة.
والحروريّة نسبة إلى حروراء اسم قرية.
يسألون سؤال التّعنّت هو طلب العنت وهو المشقّة والضّيق.
وكان أملككم لإربه الألف للتّفضيل والكاف منصوبة لأنّه خبر كان أي أقدركم لإربه بكسر الهمزة وتسكين الرّاء أي لعضوه ولحاجته أيضا فهو اسم لهما جميعا أي كان يملك حفظ عضوه عن الإنزال وعن الوقوع في المواقعة وكان يقدر على الامتناع عن حاجة الرّجال.
 وفي رواية لأربه بفتح الهمزة والرّاء وهو الحاجة ومعناه ما مرّ.
وقوله عليه السلام:
"ألا إنّ لكلّ ملك حمى وحمى اللّه محارمه فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه" الحمى الحريم لأنّه يحمى أي يحفظ وقد حمى حماية من حدّ ضرب وحام يحوم حوما أي دار ويوشك بضمّ الياء وكسر الشّين أي يسرع ووشك يوشك وشكا فهو وشيك من حدّ شرف أي سرع وأوشك يوشك إيشاكا من حدّ أدخل أي أسرع.

 

ص -57-        أصبحوا يوم الشّكّ متلوّمين أي منتظرين غير آكلين ولا عازمين على الصّوم إلى أن يظهر أنّه شعبان أو رمضان.
"لا صيام لمن لم يبيّت الصّيام من اللّيل" روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة لم يبيّت بياء مشدّدة بين الباء والتّاء من التّبييت يقال بيّت هذا الأمر باللّيل تبييتا أي فكّر فيه ليلا ودبّر فيه قال تعالى: {بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ}1.
ورواية أخرى لم يبت الصّيام من اللّيل بضمّ الأوّل وكسر الثّاني وتخفيف الثّالث من الإباتة من هذا أيضا من باب الإفعال يقال أبات هذا الأمر باللّيل يبيته إباتة ومعنى هاتين الرّوايتين لا صيام لمن لم يفكّر في أمر صومه في ليله ورواية لم يبتّ بضمّ الأوّل وكسر الثّاني وتشديد الثّالث من الإبتات وهو القطع.
ورواية أخرى لم يبتّ بفتح الأوّل وضمّ الثّاني وتشديد الثّالث من البتّ وهو القطع من حدّ دخل ومعنى هاتين الرّوايتين لا صيام لمن لم ينوه باللّيل قطعا من غير تردّد.
وفي رواية لمن لم يؤرّضه من اللّيل بالهمزة من التّأريض وبغير همز من التّوريض أي لم يهيّئه ولم يؤسّسه.
وفي رواية:
"لمن لم يعزم الصّيام من اللّيل".
وفي رواية:
"لمن لم ينو قبل طلوع الفجر" وهذا كلّه لنفي الكمال دون الوجود.
وفي مسألة الشّهادة على رؤية الهلال يروى قوله عليه الصّلاة والسلام:
"أطيعوا السّلطان ولو أمّر عليكم عبد حبشيّ أجدع" أي مقطوع الأذن من حدّ علم. وقوله عليه السلام: "تمّ على صومك" أي امض عليه وأتممه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 النساء: 81.

 

ص -58-        وإذا استعط الصّائم هو من السّعوط بفتح السّين وهو دواء يجعل في الأنف بالمسعط بضمّ الميم والعين وهو الّذي يسعط به الصّبيّ الدّواء وقد أسعطه غيره واستعط بنفسه والوجور كذلك والّذي يوجر به الميجرة يقال وجره وأوجره وجمع المسعط المساعط وجمع الميجرة المواجر.
والحقنة دواء يجعل في مؤخّر الإنسان يقال حقنه يحقنه من حدّ ضرب واحتقن بنفسه.
والجائفة طعنة تبلغ الجوف وقد جافه يجوفه جوفا أي طعنة بلغ بها جوفه.
والآمّة على وزن فاعلة شجّة تبلغ أمّ الرّأس وهي الجلدة الّتي تجمع الدّماغ يقال أمّه يؤمّه من حدّ دخل أي شجّه آمّة.
والإحليل مخرج البول من الذّكر.
عليكم بصيام الأبخر وهو منتن الفم من حدّ علم أي غير المتطيّب.
قالت عائشة وحفصة رضي اللّه عنهما: فأهدي لنا حيس هو طعام يصنع من تمر وزبد فبادرتني حفصة أي سارعتني وعاجلتني وكانت بنت أبيها أي على صفة أبيها في المسارعة إلى الخيرات.
رجل هجم عليه شهر رمضان أي دخل يهجم من حدّ دخل. حتّى أتى قديدا هو اسم موضع بين المدينة ومكّة فشكا النّاس إليه الجهد بفتح الجيم أي المشقّة وقد جهده الصّوم وغيره جهدا من حدّ صنع أي أتعبه وشقّ عليه فأمّا الجهد بضمّ الجيم فهو الوسع والطّاقة قال اللّه تعالى:
{وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ}1.
وقوله عليه السلام:
"ليس من البرّ الصّيام في السّفر" يروى هذا الحديث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1التوبة: 79.

 

ص -59-        بالميم مكان اللّام الّتي للتّعريف في هذه الكلمات الثّلاث، "ليس من امبرّ ام صيام في أمسفر" وهي لغة بعض العرب، وهو كما روي: طاب امضرب أي حلّ الضّرب والقتال.
الشّيخ الفاني الهرم الّذي فنيت قوّته وقوله تعالى:
{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}1 أي لا يطيقونه ولا مضمرة ونظيره في القرآن {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}2 معناه لئلّا تضلّوا وفي قراءة بعضهم: "وعلى الّذين يطوّقونه" بتشديد الواو وفتحها أي يكلّفونه فلا يطيقونه.
وقوله عليه الصّلاة والسلام:
"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" أي لا يشكّكك يقال رابه يريبه ريبا أي شكّكه وارتاب يرتاب إذا شكّ وأراب يريب إرابة أي أتى بما يتّهم عليه والرّيبة التّهمة.
"فإن غمّ عليكم الهلال" أي ستر من حدّ دخل.
كالدّم المتوالي أي المتتابع.
الظّهار والمظاهرة مصدران لقولك ظاهر الرّجل من امرأته أي قال لها أنت عليّ كظهر أمّي.
وفيه لغتان أخريان إحداهما اظّاهر يظّاهر اظّاهرا وأصله تظاهر فأدغمت وشدّدت.
واللّغة الأخرى اظّهّر يظّهّر اظّهّرا بتشديد الظّاء والهاء جميعا وأصله تظهّر وقرئ بها كلّها قوله تعالى:
{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}3

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1   البقرة: 184
2  النساء: 176
3  المجادلة: 2.

 

ص -60-        وفي حديث سلمة بن صخر في الظّهار فلم أتمالك أي لم أملك نفسي.
انسلخ الشّهر أي مضى.
الجنون المطبق بكسر الباء الثّابت المالئ المشدّد.
والإفاقة الصّحو.
المدّ مكيال يسع فيه منّا من ماء.
والصّاع مكيال يسع فيه أربعة أمنان.
الهاشميّ صاع منسوب إلى هاشم يسع فيه ستّة عشر منّا والحجّاجيّ منسوب إلى الحجّاج لأنّه هو الّذي أخرجه وأظهره وكان يمنّ به على أهل العراق ويقول ألم أخرج لكم صاع عمر رضي اللّه تعالى عنه.
وينشدون في مسألة نيّة اليمين في قوله للّه عليّ صوم كذا قول القائل معناه:

لهنّك من عبسيّة لوسيمة                   على هنوات كاذب من يقولها

واللّه إنّك من عبسيّة أي منسوبة إلى قبيلة عبس لوسيمة أي لجميلة على هنوات أي خصلات سوء كاذب من يقولها أي كذب من قال ذلك فيك فالأوّل اختصار من كلمتين واللّه إنّك حذف الواو والألف واللّام من أوّلها والألف الوسطى والهمزة من إنّك.
وقوله من عبسيّة هو على التّعجّب وهو مدح والوسيمة الجميلة من حدّ شرف.
والهنوات جمع هناة وهي الخصلة الرّديئة وكاذب خفض على المجاورة وهو نعت من يقولها أي من يصفك بالهنوات فقد كذب.
وقوله عليه السلام:
"السّواك مطهرة للفم مرضاة للرّبّ" أي سبب للطّهر وسبب للرّضاء كما روي: "الولد مبخلة مجبنة مجهلة" أي سبب للبخل والجبن والجهل.

 

ص -61-        وقوله عليه السلام: "ما زال جبريل يوصيني بالسّواك حتّى خشيت لأدردنّ" وفي رواية: "أن يدردني".
الدّرد سقوط الأسنان وقد درد يدرد دردا فهو أدرد من حدّ علم وأدرده غيره إدرادا.
لخلوف فم الصّائم بضمّ الخاء أي تغيّر رائحته وقد خلف من حدّ دخل.
والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما أفطرتا وقضتا الحامل المرأة الّتي في بطنها حمل بفتح الحاء أي ولد.
والحاملة بالهاء الّتي على رأسها أو ظهرها حمل بكسر الحاء وقد أخجل بعض أهل اللّغة بعض من يدّعي علم الفقه ولا حظّ له من الأدب بسؤال يبتنى على معرفة اللّغة فقال.
ما تقول في الحاملة إذا خافت على حملها وذكر هذه الكلمة بالكسر وهي صائمة هل يباح لها أن تفطر قال نعم قال أخطأت ولا خلاف بين الأمّة في أنّه لا يباح لها ذلك.
قال وكيف قال إنّي سألتك عن امرأة حملت على ظهرها أو رأسها حملا وخافت على ذلك سقوطا أو نحوه وليس في هذا ما يبيح لها الإفطار فخجل وهذا تبيين لكم أنّ الفقيه لا يكمل ولا يأمن الغلط إلّا بكماله في علم الأدب واللّه تعالى يمنّ علينا بحسن التّهدّي فيه بمنّه وطوله.
والمرضع الّتي لها ولد رضيع والمرضعة هي الّتي ترضع ولدها.
وقوله عليه السلام:
"أدّوا صدقة الفطر عن كلّ منفوس" أي مولود.
السّمراء الحنطة.
كانوا يكرهون الأشقاص جمع شقص وهو الطّائفة من الشّيء أي البعض وهو

 

ص -62-        بكسر الشّين.
وقوله عليه السلام:
"أدّوا عمّن تمونون" أي تحملون مؤنتهم.
المستسعى معتق البعض يستسعى أي يطلب منه السّعاية في قيمة ما لم يعتق منه.
والمدبّر الّذي أعتق عن دبر أي بعد موت المولى.
القنّ الرّقيق الّذي لم ينعقد له سبب عتق ويقول في ديوان الأدب عبد قنّ إذا ملك هو وأبواه ويستوي فيه الواحد وما فوقه والذّكر والأنثى قلت وهو عند الفقهاء ما أعلمتك.
والاعتكاف الاحتباس في المسجد وكذا العكوف وقد عكف يعكف بالضّمّ والكسر وقيل هو الإقامة والعكف الحبس والوقف قال اللّه تعالى:
{وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}1 وفي حديث اعتكاف أمّهات المؤمنين قال عليه السلام: "البرّ ترون بهنّ" البرّ منصوب وهو مفعول بقوله ترون بضمّ التّاء أي تظنّون أنّ هذا منهنّ طاعة أي برّهنّ أن لا يخرجن.
وفي حديث ليلة القدر إنّها ليلة إحدى وعشرين.
قال جبريل عليه السلام: إنّ الّذي تطلب وراءك، أي: أمامك كما في قوله تعالى:
{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ}2  أي أمامهم وقال اللّه تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ}3.
فعاد إلى معتكفه، بفتح الكاف أي موضع اعتكافه.
فهاجت السّماء، عشيّتئذ أي ثار السّحاب تلك العشيّة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1  الفتح: 25.
2  الكهف: 79.
3  ابراهيم: 16.

 

ص -63-        وكان عرش المسجد من جريد أي سقفه من أغصان النّخلة.
فوكف أي قطر المطر وسال من العرش.
وجبهته وأرنبة أنفه في الماء والطّين الأرنبة طرف الأنف.
وفي نوادر الصّوم قال إذا أكل لحما مدوّدا بكسر الواو وتشديدها وهو الّذي وقع فيه الدّود.
إذا كانت السّماء مصحية أي منكشفة.
ويجري على ألسن الفقهاء الرّمضان الأوّل والرّمضان الثّاني معرّفا بالألف واللّام وهو خطأ فإنّه اسم علم لهذا الشّهر والأعلام معارف بأنفسها فلا حاجة إلى تعريفها بما تعرّف به أسماء الأجناس واللّه تعالى أعلم.