طلبة
الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ط دار القلم ص -186-
كتاب التّحرّي:
التّحرّي القصد.
وقيل الطّلب ويراد به طلب الصّواب هاهنا.
وقيل هو التماس الأحرى أي الأولى ويقال فلان
حريّ بكذا على وزن فعيل أي خليق والاثنان
حريّان والجمع أحرياء وهو حرى بفتح الحاء
والرّاء مقصورا كذلك ويستوي فيه الاثنان
والجمع.
وقيل هو من الحرى بفتح الحاء والرّاء والقصر
وهو النّاحية يقال لا تطر بضمّ الطّاء حرانا
أي لا تقرب ما حولنا ولا تدر بناحيتنا.
وحراء بكسر الحاء والمدّ جبل بمكّة سمّي به
لأنّه على طرف منها وناحية بها فالتّحرّي هو
التّمسّك بطرف وناحية من الأمر عند اشتباه
وجوهه والتباس جوانبه وقيل هو من قولك حرى
حريا أي نقص من حدّ ضرب.
ويقال فلان يحري كما يحري القمر أي ينقص.
ويقال رماه اللّه تعالى بأفعى حارية وهي
الحيّة الّتي كبرت ونقص جسمها وهي أخبث
الحيّات.
فالتّحرّي هو تنقّص الاشتباه أي التّكلّف عند
اشتباه الأمر من وجوه لزوال بعض وجوهه ونقصانه
ورجحان بعض وجوهه للحقّ والصّواب بما يلوح من
دليله وبرهانه.
ص -187-
وقيل
هو من الحرى بفتح الحاء والرّاء بالقصر الّذي
هو موضع البيض من الأفحوص وهو أوطأ موضع فيه
وأهيأه فالتّحرّي من هذا هو القصد إلى المعنى
الّذي هو أحقّ ما يقع صوابه في القلب عند
الاشتباه وأجدره. وقال في مجمل اللّغة تحرّى
فلان بالمكان إذا تمكّث فالتّحرّي من هذا هو
التّثبّت في الاجتهاد لطلب الحقّ والرّشاد عند
تعذّر الوصول إلى حقيقة المطلوب والمراد.
وقال النّبيّ عليه السلام لوابصة بن معبد:
"البرّ ما اطمأنّ إليه قلبك والإثم ما حكّ في صدرك" ويروى:
"ما حاك في صدرك فما اطمأنّ إليه قلبك فخذه
وما حكّ في صدرك -أو قال-
حاك في صدرك فدعه وإن أفتاك المفتون"
فإنّ قلب المؤمن يطمئنّ إلى الحلال ويضطرب عند
الحرام.
قوله:
"اطمأنّ" أي سكن والاسم الطّمأنينة وحكّ في صدرك أي تخالج وخدش من حدّ دخل.
ويروى حاك ومصدره الحيك من حدّ ضرب أي أثّر.
وقيل حرّك من قولهم حاك في مشيته إذا وسّع
رجليه وحرّك منكبيه.
"وإن أفتاك المفتون" جمع مفت فالرّواية الصّحيحة هذه وهي بضمّ الميم ورواه بعضهم
المفتون بفتح الميم وهو مفعول من الفتنة وهو
اسم الواحد أي الرّجل الضّالّ المضلّ وهو ما
ذكره النّبيّ عليه السلام في حديثه الآخر:
"أفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا" أي خذ بما يقع في قلبك التّيقّن بحلّه لا بما يفتيك الجاهل عن
جهله.
والنّسران اللّذان يعرف بهما القبلة وهما
النّجمان اللّذان يستويان في مرأى العين عند
عشاء الصّيف ويواجهان أهل المشرق وإذا
استقبلوا المغرب أحدهما يسمّى النّسر الواقع
تشبيها بالطّائر الواقع على الأرض لأنّه ثلاثة
أنجم أحدها متقدّم وآخران خلفه كالطّير الواقع
يتقدّم أوّله ويتأخّر جناحاه والآخر يسمّى
النّسر الطّائر لأنّه ثلاثة أنجم متوسّط
ومتيامن ومتياسر كالطّائر في حال طيرانه يكون
جناحاه
ص -188-
عن
يمينه وعن يساره.
إذا ظهر أنّه تيامن أي استقبل يمين القبلة
وتياسر أي استقبل يسار القبلة واستدبر أي جعل
إليهما ظهره.
وإذا أجر عبده سنته ثمّ أعتقه بعد ستّة أشهر
فالعبد بالخيار فيما بقي في نفاذ الإجارة على
الحرّ ضررا به.
يقال في المثل: تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها
أي بإجارتها نفسها للإرضاع بثدييها أي صبر
الحرّ على الجوع أيسر عليه من تحمّل مذلّة
إجارة النّفس. |