طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ط دار القلم

ص -189-     كتاب اللّقيط:
اللّقيط: طفل يوضع على الطّريق سمّي به لأنّه يلقط في العاقبة.
واللّقط الرّفع من حدّ دخل والالتقاط كذلك وروي أنّ رجلا التقط لقيطا فأتى به عليّا رضي اللّه عنه فقال هو حرّ ولأن أكون وليت منه مثل الّذي وليت أنت كان أحبّ إليّ من كذا وكذا اللّام في لأن للتّأكيد. ووليت معناه لو عملت بنفسي يقال ولي الشّيء يليه بالكسر في الماضي والمستقبل جميعا أي لو عملت أنا بنفسي ما عملت أنت من أخذه كان أحبّ إليّ من كثير من أعمال الخير.
وعن سنين أبي جميلة هذا هو الصّحيح بضمّ السّين ونون بعدها ياء تصغير ثمّ نون وأبو جميلة كنيته.
والفقهاء يقولون سنيّ بن جميلة على النّسبة والصّحيح عند الحفّاظ ما ذكرت من الكنية قال وجدت منبوذا على بابي أي لقيطا وهو من النّبذ وهو الإلقاء من حدّ ضرب فأتيت به عمر رضي اللّه عنه فقال لي عمر رضي اللّه عنه عسى الغوير أبؤسا بالهمز جمع بؤس أو بأس وهما الشّدّة وتقديره لعلّ الغوير وهو تصغير غار يتضمّن أبؤسا ونصبه بإضمار هذا الفعل أو نحوه وإيقاعه عليه وهو مثل تتمثّل به العرب عند سماع ما يكرهونه وتوهّم ظهور ما يخافونه.

 

ص -190-     واختلفوا في أصل المثل وفي المراد بهذا الغوير قيل أصله أنّ قوما نزلوا غارا فانهار عليهم فهلكوا.
وقيل نهشتهم فيه حيّة فماتوا.
وقيل هجم عليهم عدوّ فيه فأسروا.
والصّحيح فيه أنّ الغوير اسم ماء كان لبني كلب والمثل لزبّاء ملكة العرب.
وكان نصر اللّخميّ وزير جذيمة الأبرش الملك بعد قتل الزّبّاء جذيمة يطلب الثّأر من الزّبّاء بقتلها وكان لا يصل إلى ذلك فاحتال ودخل في خدمتها وكانت تبعث به إلى العراق فيحمل إليها الظّرائف فعل ذلك مرارا وفي المرّة الأخيرة اشترى صناديق وجعل في كلّ صندوق رجلا تامّ السّلاح وعدل عن الجادّة أي طريق العامّة وأخذ في طريق فيه هذا الماء المسمّى بالغوير فأخبرت بذلك فقالت عسى الغوير أبؤسا أي عسى أن يلحقنا من هذا ما نكرهه ثمّ صعدت المنظرة تنظر إلى الأحمال وهي على الجمال وهم في ذلك الطّريق فقالت:

ما للجمال مشيها وئيدا                          أجندلا يحملن أم حديدا

أم صرفانا باردا شديدا                             أم الرّجال درّعا قعودا

قولها: مشيها بخفض الياء وهو بدل من الجمال أي ما لمشي الجمال وئيدا أي في تؤدة أي ما لها تمشي في تؤدة أي إبطاء أيحملن جندلا أي حجارة أم يحملن حديدا أم صرفانا أي رصاصا وهو أيضا أجود التّمر وأوزنه أم يحملن الرّجال دارعين.
والدّارع الّذي عليه الدّرع والدّرّع جمع الدّارع.
والقعود جمع القاعد وكان كما تفرّست فإنّهم قدموا ونزلوا وجعلوا الصّناديق في الدّار فخرجوا من اللّيل وقتلوها.
وقول عمر رضي اللّه عنه: هاهنا يحتمل معنيين أحدهما أنّه توهّم أنّه ولد زنا

 

ص -191-     فيتأذّى به النّاس أو ظنّ أنّه ولد هذا الحاضر وأنّه يلقي نفقته على غيره.
وإذا وجد اللّقيط في كنيسة أو بيعة الكنيسة موضع صلاة اليهود وجمعها الكنائس والبيعة موضع صلاة النّصارى وجمعها البيع وفي ديوان الأدب جعل كلّ واحد منهما للنّصارى وفي الأسامي على ما ذكرته وهو الصّحيح والعطف هاهنا دليل المغايرة أيضا.
وقول القائل:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا                       بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد

أي بنو بنينا هم بنونا لأنّ نسبهم إلينا فيقال فلان بن فلان فينسب إلى جدّه من قبل أبيه فأمّا بنو بناتنا فهم بنو الأباعد أي لا ينسب ابن البنت إلى أمّه وإلى أبي أمّه بل يقال ابن فلان فينسب إلى أبيه وكان ذلك من أباعد أبي البنت نسبا وإن كان ختنا له سببا وقول القائل:

وإنّما أمّهات النّاس أوعية                       مستودعات وللأنساب آباء

هو الرّواية الصّحيحة في هذا البيت وهو في تعاليق طلبة العلم مختلّ بمرّة.