طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ط دار القلم

ص -195-     كتاب الإباق:
الإباق: الهرب لا عن تعب ورهب وصرفه من حدّ دخل وضرب جميعا والنّعت الآبق وجمعه الأبّاق.
وروي عن أبي عمرو الشّيبانيّ أنه قال: كنت قاعدا عند عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه فجاء رجل فقال إنّ فلانا قدم بإباق من الفيّوم هو اسم موضع فقال القوم لقد أصاب أجرا فقال عبد اللّه رضي اللّه عنه وجعلا إن شاء من كلّ رأس أربعين درهما أي إن شاء أخذ الجعل الواجب بردّه فيصيب الأجر والجعل جميعا.
والجعل ما جعل للإنسان من شيء على الشّيء يفعله.
وروي أنّ عبدا لرجل أخذ عبدا آبقا لآخر فكتب إلى مولاه بذلك وطلب منه أن يأتي أهله فيجتعل له منهم أي كتب رادّ الآبق إلى مالك نفسه يقول له اذهب إلى مولى الآبق وخذ منه الجعل لي لأنّي أردّ عبده الآبق ففعل مولاه ذلك ثمّ كتب إليه فأقبل بالعبد ليردّه فأبق منه فاختصموا إلى شريح رحمه اللّه فضمّنه إيّاه فاختصموا إلى عليّ رضي اللّه عنه فقال أخطأ شريح وأساء القضاء أي لم يكن أن يضمّنه لأنّه قد أشهد عند الأخذ ثمّ قال عليّ رضي اللّه عنه يحلف العبد الأحمر للعبد الأسود باللّه لأبق منه ولا ضمان عليه اللّام في لأبق لام تأكيد وهو يزاد في جواب القسم إذا كان للإثبات.
والعبد الأحمر هو الّذي أخذ الآبق وكان من السّودان.
ويقبل كتاب القاضي إلى القاضي في العبد الآبق عند أبي يوسف رحمه اللّه والقاضي المكتوب إليه يختم في عنق العبد أي يجعل في عنقه شيئا يعلم به أنّه أبق لئلّا يأبق ثانيا ولو فعل تيسّر أخذه.

 

ص -196-     كتاب المفقود:
روي عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى أنه قال: أنا لقيت المفقود نفسه فحدّثني حديثه فقال أكلت خزيرة في أهلي فأخذني نفر من الجنّ فكنت فيهم ثمّ بدا لهم في عتقي فأعتقوني ثمّ أتوا بي قريبا من المدينة فقالوا هل تعرف النّخل قلت نعم فخلّوا عنّي فجئت فإذا عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه قد أبان امرأتي بعد أربع سنين فحاضت وأنقضت عدّتها وتزوّجت فخيّرني عمر رضي اللّه عنه بين أن يردّها عليّ وبين المهر.
المفقود من غاب فلم يوقف على أثره ولم يوصل إلى خبره من الفقد والفقدان وهما خلاف الوجود والوجدان من حدّ ضرب والافتقاد كذلك فأمّا التّفقّد فهو طلب الشّيء في مظانّه.
والخزيرة أن تنصب القدر بلحم تقطّع صغارا على ماء كثير فإذا نضج ذرّ عليه الدّقيق فإذا لم يكن فيها لحم فهي عصيدة.
ثمّ بدا لهم من البداء وهو حدوث الرّأي من حدّ دخل.
وقوله خيّرني بين أن يردّها عليّ وبين المهر أي يردّها عليّ بالنّكاح الأوّل أو يختلع بمهرها إذا حمل على هذا فهو معمول به وإن حمل على أن يردّها عليه بنكاح جديد أو تعطيه المهر الّذي أخذته من الثّاني فهو حكم لا نقول به بل نقول بقول عليّ رضي اللّه عنه امرأة ابتليت فلتصبر حتّى يستبين موت أو طلاق.
وكان شيخنا الإمام الخطيب إسماعيل بن محمّد النّوحيّ النّسفيّ رحمه اللّه يحكي

 

ص -197-     عن الشّيخ الإمام شمس الأئمّة عبد العزيز بن أحمد الحلوانيّ رحمه اللّه: أنّ هذا المفقود كان اسمه خرافة وكان بعد رجوعه عن الجنّ يحكي بين أصحابه أشياء منهم يتعجّبون منها وكانوا لا يقفون على صحّتها فكانوا يقولون هذا حديث خرافة وصار هذا مثلا يضرب عند سماع ما لا يعرف صحّته والخرافات عند النّاس كلمات لا صحّة لها مأخوذة من هذا.
وإذا فقد الرّجل بصفّين أو بالجمل ثمّ اختصم ورثته في ماله في زمن أبي حنيفة رحمة اللّه عليه فقسّمه بينهم صفّين موضع فيه كان القتال بين عليّ ومعاوية رضي اللّه عنهما والجمل اسم لجمل عائشة رضي اللّه عنها وعن أبيها وكانت خرجت مع طلحة والزّبير لقتال عليّ رضي اللّه عنهم وكانت وفاة عليّ رضي اللّه عنه سنة أربعين من الهجرة ووفاة أبي حنيفة سنة خمسين ومائة.
ولو كان مات ابن له زمن خالد بن عبد اللّه هو القسريّ وكان أميرا بعد الحجّاج بن يوسف.