طلبة
الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ط دار القلم ص -208-
كتاب الصّيد:
الصّيد: الاصطياد والصّيد ما يصاد وهو الممتنع
بقوائمه أو جناحيه وقول اللّه تعالى:
{وَمَا
عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}1
أي الصّوائد من الجرح من حد صنع وهو الكسب ومن
الجرح الّذي هو الجراحة أيضا لأنّه يجرح
الصّيد ويكسب لصاحبه المال وقوله تعالى:
{مُكَلِّبِينَ}2
أي مسلّطين الكلاب على الصّيد.
وقال النّخعيّ: إذا خزق المعراض فكل الخزق
الإصابة والجرح من حدّ ضرب والمعراض السّهم
الّذي لا ريش عليه يمرّ معترضا غالبا.
قال ابن مسعود رضي اللّه عنه: من رمى صيدا
فتردّى من جبل فمات فلا تأكله فإنّي أخاف أن
يكون التّردّي قتله أي السّقوط وقوله تعالى:
{وَالْمُتَرَدِّيَةُ}3 هي السّاقطة من جبل أو في بئر.
وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نهى
عن كلّ ذي خطفة ونهبة ومجثّمة وعن كلّ ذي ناب
من السّباع ومخلب من الطّير والخطف السّلب من
حدّ علم.
والخطفة المرّة منه والنّهب من حدّ صنع كذلك
والاختطاف والانتهاب افتعال منهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة المائدة: 4.
2 سورة المائدة: 4.
3 سورة المائدة: 3.
ص -209-
والمجثّمة تروى بكسر الثّاء وفتحها وهو من
التّجثيم وثلاثيّه الجثوم وهو تلبّد الطّائر
بالأرض من حدّ دخل.
والمجثّمة بالكسر الطّائر الّذي من عادته
الجثوم على غيره ليقتله وهذا لسباع الطّيور
فهذا نهي عن أكل طائر هذا عادته وبالفتح هو
الصّيد الّذي يجثم عليه طائر فيقتله فهذا نهي
عن أكل ما قتله طائر آخر جاثما عليه. وقيل
المجثّمة بالفتح الطّائر يجثمه إنسان فيرميه
فيقتله والمخلب ظفر الطّائر والنّاب من
الأسنان وفارسيّة المخلب جنكال وفارسيّة
النّاب فنخمّسهم والمراد من هذا مخلب هو سلاح
وناب هو سلاح لأنّ الجمل يحلّ وله ناب
والحمامة تحلّ ولها مخلب فعرف أنّ المراد ما
قلنا.
وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه نهى
عن أن تنخع الشّاة إذا ذبحت النّخع من حدّ صنع
مجاوزة منتهى الذّبح وهو قطع الأوداج وما
وراءها إلى النّخاع وهو خيط الرّقبة والنّخاع
بفتح النّون وضمّها وكسرها عرق مستبطن في
الفقار وقيل خطّ أبيض في جوف الفقار بفتح
الفاء وقيل النّخع كسر عنق الشّاة قبل أن
تبرد.
وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال:
"كلّ ما أنهر الدّم وأفرى الأوداج" الإنهار التّسييل ومنه النّهر الّذي يسيل فيه الماء والإفراء القطع
على وجه الإفساد والفري من حدّ ضرب هو القطع
على وجه الإصلاح والأوداج جمع ودج بفتح الدّال
ولكلّ حيوان ودجان وعروق الذّبح أربعة ودجان
والحلقوم والمريء فالحلقوم مجرى النّفس
والمريء مجرى الطّعام والشّراب على وزن فعيل
وهو مهموز.
ثمّ قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في آخر
هذا الحديث:
"ما خلا السّنّ والظّفر والعظم فإنّها مدى الحبشة" ما خلا بمعنى إلّا وهي كلمة استثناء وتنصب ما بعدها وخلا بدون كلمة
ما في معناها ويجوز خفض ما بعدها ونصبه فأمّا.
ما خلا فليس بعدها إلّا النّصب وكلمة عدا وما
عدا على هذا.
ص -210-
والمدى
جمع مدية وهي السّكّين والشّافعيّ رحمة اللّه
عليه لا يجيز الذّبح بالسّنّ المنزوعة والظّفر
المنزوع وإن أفرى الأوداج بهذا الحديث ونحن
نجيزه بأوّل هذا الحديث ونحمل آخر الحديث على
غير المنزوع لأنّ الحبشة يفعلون ذلك لأنّ من
عادتهم أن لا يقلّموا الأظفار ويحدّدوا
الأسنان بالمبرد ويقاتلون بالخدش والعضّ.
وقال عمر رضي اللّه عنه: لا تجرّوا العجماء
إلى مذبحها وأحدّوا الشّفرة وأسرعوا الممرّ
على الأوداج ولا تنخعوا الإحداد التّحديد
والشّفرة السّكّين العظيمة والعجماء البهيمة
والممرّ المرّ والنّخع ما قلناه في حديث قبله.
وقوله عليه السلام:
"إنّ
اللّه تعالى كتب عليكم الإحسان في كلّ شيء
فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة" بكسر القاف
"وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة"
بكسر الذّال وهي للحالة. وقال عليه السلام:
"العصفورة تعجّ إلى ربّها وتقول سل قاتلي فيم
قتلني بغير حقّ" قيل: وما القتل بحقّ؟ قال:
"أن تذبح ذبحا".
العجّ والعجيج الصّوت من حدّ ضرب روي أنّ رجلا
أضجع شاة وهو يحدّد الشّفرة وهي تلاحظه فقال
عليه السلام:
"أردت أن تميتها موتات"
الملاحظة النّظر بمؤخّر العين وإماتتها موتات
هو إفزاع قلبها مرّات.
وسئل عليّ رضي اللّه عنه عمّن قطع رأس شاة
فأبانه قال هي ذكاة وحيّة أي سريعة.
وعن عباية بن رافع بن خديج أنّ بعيرا من
الصّدقة ندّ فرماه رجل بسهم وسمّى فقتله فقال
النّبيّ عليه السلام:
"إنّ لها أوابد كأوابد الوحش فإذا فعلت شيئا
من ذلك فافعلوا بها كما فعلتم بهذا ثمّ كلوها".
النّداد والنّدود والنّدّ النّفار من حدّ ضرب
والأوابد النّوافر من الإنس وقد أبد من حدّ
ضرب أي توحّش ونفر.
وروي أنّ بعيرا تردّى في بئر في المدينة فوجئ
من قبل خاصرته فأخذ منه ابن
ص -211-
عمر
رضي اللّه عنهما عشيرا بدرهمين.
التّردّي السّقوط والوجأ الضّرب بالسّكّين من
حدّ صنع والخاصرة تهيكاه وهي وسط الحيوان.
والعشير: بفتح العين وكسر الشّين العشر أي
اشتراه ابن عمر رضي اللّه عنهما مع زهده فدلّ
على حلّه ومن رواه من المتفقّهة بضمّ العين
وفتح الشّين وحمله على التّصغير فقد أخطأ لأنّ
التّصغير للتّقليل والنّقصان عن المقدار وإذا
نقص من تمام العشر شيء لم يكن عشرا فالصّحيح
ما أعلمتك.
وعن عمرة قالت: خرجت مع وليدة لنا أي جارية أو
مولاة لنا أي معتقة فاشترينا جرّيثة هي بكسر
الجيم وتشديد الرّاء وهي نوع من السّمك يقال
لها بالفارسيّة مارماهي فوضعناها في زبيل أي
زنبيل إذا أسقطت النّون فتحت الزّاي وإذا
أثبتّها كسرت الزّاي. وذكر في الحديث.
وجاء عبد أسود إلى ابن عبّاس رضي اللّه عنهما
فقال: إنّي أكون في غنم لأهلي أي جعلوها في
يدي أرعاها قال وإنّي لبسبيل من الطّريق أي
يمرّ عليّ النّاس أفأسقيهم من لبنهم أي يجوز
لي أن أسقي النّاس من لبن هذه الغنم بغير إذن
أهلي قال: لا.
قال: فإنّي لأرمي فأصمي وأنمي.
قال: كل ما أصميت ودع ما أنميت.
الإصماء أن ترمي الصّيد فيموت وأنت تراه وقد
أصميته فصمى من حدّ ضرب أي مات مكانه قبل أن
يتوارى عن الرّامي.
والصّميان السّرعة والخفّة من حدّ ضرب.
والإنماء أن ترميه فيموت بعد أن يغيب عن بصرك.
كره أكل الغداف هو الغراب الّذي يأكل الجيف
وقال في ديوان الأدب هو
ص -212-
غراب
القيظ وهو الصّيف وإنّما أضيف هذا إلى ذلك
الفصل لأنّه أكثر ما يرى فيه.
وفي حديث تحريم الحمر الأهليّة يوم خيبر قلنا
بيّنا إنّما حرّمها لأنّها لم تخمس أي لم يؤخذ
خمسها فقال سعيد بن جبير حرّمها ألبتّة أي
قطعا من غير معنى آخر.
خنس بن الحارث عن أبيه قال كنّا إذا نتجت فرس
أحدنا فلوّا ذبحناه وقلنا الأمر قريب فنهانا
عمر رضي اللّه عنه عن ذلك وقال في الأمر تراخ.
نتجت على ما لم يسمّ فاعله أي ولدت ونتجها
صاحبها نتاجا من حدّ ضرب.
والفلوّ بفتح الفاء وتشديد الواو المهر.
وقولهم: الأمر قريب أي أمر السّاعة وهي
القيامة يعني تقوم السّاعة قبل أن يصير هذا
بحال يركب فقال رضي اللّه عنه في الأمر تراخ
أي تباعد وتأخير.
وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه نهى
عن مهر البغيّ وحلوان الكاهن وثمن الكلب.
البغيّ الفاجرة والبغاء بكسر الباء الفجور
والبغاء بضمّ الباء الطّلب.
والبغي الظّلم وصرف الكلّ من حدّ ضرب وكلّ ذلك
في القرآن قال اللّه تعالى:
{وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّا}1 وقال تعالى:
{وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى
الْبِغَاءِ}2 وقال عزّ من قائل:
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ}3 وقال جلّ ذكره:
{وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}4 ومهر البغيّ هو أجر الزّانية على الزّنا وحلوان الكاهن عطاؤه
الكهانة من حدّ دخل.
وإذا قتل الصّيد خنقا هو من حدّ دخل والمصدر
بتسكين النّون وكسرها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورةمريم: 28.
2 سورة النور: 33.
3 سورة آل عمران: 83.
4 سورة الأعراف: 33.
ص -213-
وإذا
صاح بالكلب فانزجر بزجره أي انساق بسياقه
واهتاج بهيجه.
عق: وعناق الأرض بفتح العين هو شيء من دوابّ
الأرض مثل الفهد يقال له بالفارسيّة سيّاه
كوش.
"والكلب الأسود البهيم
شيطان" أي: الّذي لا يخالط سواده شيء آخر.
وإذا كمن الكلب حتّى استمكن من الصّيد الكمون
الاختفاء من حدّ دخل والاستمكان التّمكّن.
وإذا نهش الكلب قطعة من اللّحم أي أخذها
بأسنانه هو من حدّ صنع وانتهش كذلك.
{وَمَا
أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}1
الإهلال رفع الصّوت بالتّسمية.
المجوسيّ إذا حضن بيضا تحت دجاجة أي وضعه
تحتها وأجلسها عليه لإخراج الفرخ.
كان الصّحابة في سفر فأصابتهم مخمصة أي مجاعة
فألقى البحر إليهم دابّة يقال لها عنبر فأكلوا
منها شهرا هي نوع من السّمك.
وقال النّبيّ عليه السلام:
"ما لفظه البحر فكل" أي
ألقاه وهو من حدّ ضرب،
"وما نضب عنه فكل" أي غار عنه وهو من حدّ دخل
"وما طفا فوق الماء فلا تأكل" أي خفّ وعلا وجرى يقال طفا العود على الماء أي جرى ومرّ الظّبي
يطفو إذا خفّ على الأرض والمصدر الطّفوّ على
وزن الفعول والسّمك الطّافي هو هذا.
ومات حتف أنفه أي بهلاك نفسه من غير سبب
وحقيقته انقطاع أنفاسه وخروجها من أنفها.
وإذا رمى صيدا فأثخنه أي أوهنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة: 173.
ص -214-
وإذا
ردّت الرّيح السّهم عن سننه أي طريقه.
وإذا رماه بمروة حديدة أي حجر أبيض برّاق يكون
فيه النّار والحديدة المحدّدة.
والحشرات صغار دوابّ الأرض جمع حشرة بفتح
الشّين.
وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
"الضّبّ لم يكن من طعام قومي فأعافه"
أي: أكرهه من حدّ علم والمصدر العياف.
وقال عليه السلام:
"إنّ
أحدكم ليجلس على أريكته ويقول أحللنا ما أحلّه
اللّه تعالى وحرّمنا ما حرّمه اللّه تعالى
وإنّ ممّا حرّمه اللّه تعالى لحوم الحمر
الأهليّة".
الأريكة السّرير المزيّن الّذي فوقه حجلة
بفتح الجيم أي كلّة وهي السّتر الرّقيق.
يعني أنّ أحدكم في آخر الزّمان يتنعّم فلا
يتعلّم ويقول أحللنا ما أحلّه اللّه وحرّمنا
ما حرّمه اللّه أي ما نجده في القرآن ولا
معرفة لهم بالأخبار ليقولوا بحرمة ما ثبتت
حرمته بالأخبار فاعلموا أنّ اللّه تعالى حرّم
الحمار الأهليّ وأنا أخبركم بذلك ولا ذكر له
في القرآن.
وما لا يؤكل من البحر لا يجوز بيعه إلّا
السّفن بفتح السّين والفاء هو جلد سمك خشن في
البحر يجعل على قوائم السّيوف.
ونهي عن أكل لحوم الإبل الجلّالة وهي الّتي
تتبع النّجاسات والجلّة بالفتح البعرة
واستعيرت هاهنا للعذرة فإنّ الإبل تتناول
العذرات دون البعرات ومنه قول النّبيّ عليه
السلام:
"قذرت لكم
جوالّ القرى" بتشديد اللّام جمع جالّة وهي الحمير الّتي تأكل العذرات وقذرت من
حدّ علم أي استقذرت واستخبثت. |