طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ط دار القلم

ص -284-     كتاب الكفالة والحوالة:
الكفالة: الضّمان، من حدّ دخل وأصلها الضّمّ ومنه قولهم كفل فلان فلانا إذا ضمّه إلى نفسه يمونه ويصونه قال اللّه تعالى:
{وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}1 والكفل مواصلة الصّيام وهو الضّمّ بين الصّيامات في الأيّام قال القطاميّ يصف إبلا تقف عند مؤخّرات الحياض فلا تشرب لداء بها:

يلذن بأعقار الحياض كأنّها               نساء النّصارى أصبحت وهي كفّل

وقال في مجمل اللّغة: الكفل بكسر الكاف هو الضّعف من الأجر والإثم يعني به ما روي من فعل كذا فله كفلان من الأجر ومن فعل كذا فله كفلان من الوزر فالكفالة ضمّ ذمّة في التزام المطالبة بالدّين.
وقول النّبيّ عليه السلام:
"الزّعيم غارم" أي الكفيل ضامن وقد زعم زعامة من حدّ دخل أي كفل وغرم أي ضمن من حدّ علم والمصدر الغرم والغرام والغرامة والمغرم والنّعت الغريم والغارم.
التّكفيل التّضمين ومن القاضي أخذ الكفيل من الخصم.
وإذا كان الكفيل يسوّف أي يؤخّر ويمطل وهو من كلمة سوف يقول سوف أفعل ولا يفعل.
وإذا كفل بما ذاب له على فلان أي ثبت قاله في ديوان الأدب وقال في مجمل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة آل عمران: 37.

 

ص -285-     اللّغة أي وجب قال والذّوب العسل الأبيض الخالص وأذاب فلان أمره أي أصلحه وذاب الشّيء الجامد أي انحلّ وذابت الشّمس إذا اشتدّ حرّها وكان قولهم ذاب له على فلان كذا مأخوذا من ذوب الجامد فإنّ الجامد ربّما لا يوصل إلى الانتفاع به لاجتماعه وانعقاده فإذا ذاب شيء منه تيسّر الوصول إلى الانتفاع به فقولهم ما ذاب لك على فلان أي حصل وتقرّر وظهر.
وإذا سلّم الكفيل أي الضّامن المكفول بنفسه أي المطلوب أو المكفول به أي المال الواجب إلى المكفول له أي الطّالب فقد تفصّى عن العهدة أي خرج عن الضّمان من الفصية وهي الخروج من الضّيق إلى السّعة والتّفصّي من البليّة التّخلّص.
 إذا كفل بنفس فلان فإن لم يواف به فعليه المال الموافاة الإتيان.
وإذا استعدى على المكفول به يقال استعدى المدّعي الأمير أو القاضي على المدّعى عليه فأعداه القاضي وهو طلبه من القاضي أن ينتقم من خصمه باعتدائه عليه واسم هذا الطّلب العدوى قاله في مجمل اللّغة.
وقول المتفقّهة تعليق البروات بالشّروط باطل بترك الهمزة وإثبات الواو غير صحيح في اللّغة بل الصّحيح تعليق البراءات فإنّ الكلمة في الأصل مهموزة وإذا قال كفلت لك بنفس فلان وإن لم أوافك به غدا فعليّ المال الّذي لك على فلان وهو غير المكفول بنفسه لم يصحّ عند محمّد رحمه اللّه لأنّ الكفالة الثّانية ليست بشكل الكفالة الأولى هذا بفتح الشّين وهو المثل والمشاكل المشابه والشّكل بالكسر الدّلال يقال امرأة ذات شكل أي دلال.
الكفالة للاستيثاق أي للأحكام والتّوثيق كذلك والشّيء الوثيق المحكم ومصدره الوثاقة وهو من حدّ شرف.
ولو كفل ثلاثة رهط فالرّهط دون العشرة من الرّجال.
والحوالة مأخوذة من التّحويل وهو النّقل من مكان إلى مكان فهو نقل الدّين من

 

ص -286-     ذمّة إلى ذمّة فيقتضي فراغ الأولى عنه وثبوته في الثّانية وليست الكفالة كذلك فإنّها ضمّ ذمّة فيقتضي بقاء الدّين في الذّمّة الأولى ليتحقّق معنى الضّمّ وعلى حقيقة اللّفظ خرج جواب أصحابنا فيهما أنّ الحوالة مبرّئة والكفالة غير مبرّئة على ما عرف.
والمحيل من عليه الدّين إذا حوّل ذلك الدّين إلى ذمّة غيره.
والمحتال صاحب الدّين ولا يقال المحتال له لأنّه لا حاجة إلى هذه الصّلة وإن كان يتكلّم به المتفقّهة المحال.
والمحال عليه والمحتال عليه كلاهما اسم من قبل الحوالة فصار من عليه الدّين يسمّى محالا عليه بفعل من عليه الدّين وهو الإحالة ومحتالا عليه وبفعل صاحب الدّين وهو الاحتيال فهو مفعول الفعلين جميعا.
وقال النّبيّ عليه السلام:
"من أحيل على مليء فليتبع" والمليء القادر على إيفاء الدّين والمصدر الملاءة من حدّ شرف أي من حوّل دينه إلى إنسان قادر عليه فليطلب ذلك من قابل الحوالة.
وعن عثمان رضي اللّه عنه وعن شريح في الحوالة إذا أفلس فلا توى على مال مسلم أي يعود إلى المحيل وهذا عندنا.
أفلس أي صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير ويستعمل مكان افتقر.
وفلّسه القاضي أي قضى بإفلاسه حين ظهر له حاله.
قال: وإذا كفل ثلاثة رهط بعضهم كفلاء عن بعض مليّهم عن معدمهم ، وحيّهم عن ميّتهم يكون القادر كفيلا عن المعدم الّذي يفتقر منهم على إثر إعدامه، ويكون الحيّ كفيلا عن الّذي يموت منهم على إثر موته فهو باطل لأنّه لا يدري من يفتقر، ومن يموت، ولو قال: ما أقرضته فهو عليّ فباعه شيئا بثمن دين فليس ذلك على الكفيل لأنّه كفل بالقرض دون الدّين، والقرض مال يقطعه من أمواله فيعطيه عينا فأمّا حقّ ثبّت له عليه دينا فليس بقرض.
ولو قال: ما داينته فهو عليّ فأقرضه شيئا فهو على الكفيل لأنّ اسم الدّين شامل

 

ص -287-     يتناول ما وجب في ذمّته دينا بالعقد، وما صار دينا في ذمّته أيضا باستقراضه، واستهلاكه فتناول ذلك النّوعين جميعا، والأوّل يتناول المال المستقرض دون الواجب بالعقد لخصوص ذلك ، وعموم هذا.
ولو قال لشريكه أو خليطه: ادفع إلى فلان كذا قضاء عنّي فالخليط المذكور هاهنا هو الّذي بينهما أخذ، وإعطاء ، ومداينات، ولم يرد به الشّريك فقد عطفه عليه، وهما غيران، وكذا فسّره محمّد رحمه اللّه في الكتاب.
والدّراهم البخّيّة بتشديد الخاء والياء نوع من أجود الدّراهم منسوبة إلى بخ وقالوا هي الّتي كتب عليها بخ وذكر في مقابلتها دراهم الغلّة وهي الّتي تروج في السّوق في الحوائج الغالبة.
والدّراهم القسيّة بتشديد الياء وحدها على وزن الفعيلة قال في ديوان الأدب أي فضّة صلبة جعله من قساوة القلب.
وقال في باب الأفعال: قسا الدّرهم يقسو إذا زاف.
وقال في شرح الغريبين: هي نفاية بيت المال وقال في الجامع الكبير في اللّغة القاشي بالشّين المعجمة على وزن القاضي في كلام أهل السّواد الفلس الرّديء قال وقولهم درهم قسيّ بالسّين على وزن فعيل كأنّه إعراب قاش قال وهذا عن الأصمعيّ.
وذكر في المسألة الحسابيّة من هذا الكتاب وهي أصعب مسائل أصحابنا رحمهم اللّه في الحساب وما وقع فيها من الخطأ لأصحابنا وإنّ أبا الحسين الأهوازيّ رحمه اللّه صحّحها وهي تخرج من أربعة آلاف ومائتي ألف وخمسين ألفا كلمات لا بدّ من كشفها وتفسيرها منها.
الجذر النّاطق.
والجذر الأصمّ.

 

ص -288-     ومنها المال.
ومنها العدد المطلق واستخراج الجذور ومقترنات الجبر ومفرداته.
والجذر العدد المضروب في نفسه ويسمّى شيئا والمجتمع من ضرب العدد في نصيبه يسمّى مالا ومفردات الجبر ما لا يعدل جذورا وما لا يعدل عددا وجذور تعدل عددا ومقترنات الجبر مال وجذور تعدل عددا ومال وعدد تعدل جذورا وجذور وعدد تعدل مالا والجذر النّاطق ما يعلم حقيقته والأصمّ يقرب من الصّواب ولا يصل العباد إليه حقيقة قطعا.
وكانت عائشة رضي اللّه عنها تقول في دعائها سبحان الّذي لا يعلم الجذر الأصمّ إلّا هو.
والجذر في اللّغة الأصل وقال الخليل رضي اللّه عنه الجذر أصل الحساب كالعشرة تضرب في عشرة فيكون جذرا للمائة وتمام معرفتها لمن اجتهد في معرفة علم الحساب وكتابنا لهذا القدر.
وقال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه: 

أما تراني كيّسا مكيّسا                            بنيت بعد نافع مخيّسا

الكيّس بالتّشديد النّعت من الكياسة من حدّ ضرب وفارسيّته زيرك.
والمكيّس بفتح الياء المجعول كيّسا والمنسوب إلى الكياسة ونافع اسم سجن بناه لحبس الجناة ومخيّس سجن آخر بناه بعد ذلك بكسر الياء من التّخييس وهو التّذليل والقهر والتّليين وقيل سمّي به لأنّ المحبوسين لازموه كما يلازم الأسد خيسه بكسر الخاء وهو الشّجر الملتفّ وعلى هذا يكون مخيّسا بفتح الياء أي ملازما.
وروي عن عمر رضي اللّه عنه أنّ رجلا جاءه فقال أجرني أي أمّنّي يقال آجره أي آمنه فقال: من ماذا فقال من دم عمد أي جنايتي هذه فقال عمر رضي اللّه عنه السّجن بالفتح أي ادخل السّجن وإن رفع فمعناه لك السّجن.

 

ص -289-     ثمّ قال: كأنّي بالطّلبة قد حلّوا أي اعلم بحضور طالبيك كأنّي أعاينهم قد حلّوا أي نزلوا بهذا المنزل لأخذك.
وعن عمر رضي اللّه عنه أنّه خطب وقال: ألا إنّ أسيفع أسيفع جهينة قد رضي من دينه وأمانته أن يقال يسبق الحاجّ فادّان معرّضا فأصبح وقد دين به فمن كان له عليه دين فليغد علينا فإنّا نقسم ماله بين غرمائه فإيّاكم والدّين فإنّ أوّله همّ وآخره حرب.
أسيفع اسم رجل وهو تصغير الأسفع وأسيفع جهينة بدل من الأوّل وكرّره على وجه الإضافة إلى قبيلته وهي جهينة تعريفا وتمييزا عن غيره الّذي يسمّى باسمه.
رضي من دينه وأمانته بقول النّاس إنّ الأسيفع رجل فيه خير يسبق الحاجّ أي يتقدّمهم في المنزل.
فادّان معرّضا بتشديد الدّال على وزن افتعل وأصله أدّتان أي أخذ الدّين أو قبل الدّين أو سأل الدّين كلّ ذلك يستقيم فيه معرّضا أي متعرّضا لكلّ من يعرض له وقيل من أيّ موضع أمكن وقيل أي معرضا عن قول من يقول لا تستدن أي مولّيا من كان له دين وقيل أي مولّيا عن القضاء فأصبح وقد رين به أي غلب بالدّين على ما لم يسمّ فاعله وقد ران يرين قال اللّه تعالى:
{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}1 أي غلب فمن كان له عليه دين فليغد أي فليأتنا بالغداة فإنّا نقسم ماله بالغداة بين غرمائه أي بإذنه ورضائه وهو تأويل أبي حنيفة رحمه اللّه فإنّه لا يرى الحجر على الحرّ على ما يعرف فإيّاكم والدّين فإنّ أوّله همّ وآخره حرب إن صحّت روايته بتسكين الرّاء فهو إحدى الحروب أي يؤدّي ذلك إلى المنازعة والمحاربة وإن صحّت بفتح الرّاء هو مصدر حرب من حدّ دخل أي أخذ ماله وتركه بغير شيء أي يؤخذ ماله في قضاء الدّين فيفتقر.
ويروى فإنّا بائعو ماله فقاسموه بين غرمائه بالحصص وسقطت النّون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة المطففين:14.

 

ص -290-     للإضافة ولو قال بائعون نصب قوله ماله لأنّه مفعول.
وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: ليس في هذه الأمّة صفد ولا تسيير ولا غلّ ولا تجريد الصّفد الشّدّ والإيثاق من حدّ ضرب بتسكين الفاء في المصدر فإذا فتحها فهو اسم الوثاق بفتح الواو والكسر لغة فيه وهو ما يوثق به قال اللّه تعالى:
{مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ}1 وهي جمع صفد والتّسيير تفعيل من السّير والغلّ ما يشدّ به اليد إلى العنق والتّجريد الإعراء عن الثّياب أي لا يفعل هذه الأشياء بأصحاب الجنايات.
والدّعّار يحبسون جمع داعر وهو الخبيث الفاسد مأخوذ من العود الدّاعر هو الكثير الدّخان وذلك من حدّ علم.
التّعزير الضّرب دون الحدّ من العزر وهو إيقار الحمار وشدّ الخيط على خياشيم البعير للإيجار وأصله في مجمل اللّغة والتّثقّف التّسوية.
ويعزّر من يؤذي إنسانا ويزدريه الازدراء الاستخفاف والإزراء التّصغير والزّراية العيب من حدّ ضرب يقال أزرى عليه فعله أي عابه.
وقال النّبيّ عليه السلام:
"أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلّا الحدّ" أي اعفوا عن ذوي المروآت والمتجمّلين زلّاتهم.
وقال عليه السلام:
"تجافوا عن عقوبة ذوي المروءة إلّا الحدّ" أي تباعدوا والمروءة الإنسانيّة بالهمزة وهي مصدر المرء من غير فعل.
ولا يجب المال على الحويل أي قابل الحوالة إن اتّضعت السّوق أي تراجعت الأسعار فيها.
قلت رغائب النّاس الصّحيح رغبات النّاس فأمّا الرّغائب فهي جمع رغيبة وهي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1سورة ابراهيم: 49.

 

ص -291-     العطاء الكثير ويقع أيضا على الشّيء النّفيس المرغوب فيه فأمّا أن تكون بمعنى الرّغبة فلا استعمال فيه.
ضمان الدّرك ضمان الاستحقاق دون ردّ الثّمن بالعيب وهو من الإدراك أي ما يدركه من جهة نفسه.
تحاصّ الغرماء أي تقاسموا بالحصص جمع حصّة وهي النّصيب.