المتواري على
أبواب البخاري (47 -[كتاب النَّفَقَات] )
(251 - (1) بَاب كسْوَة الْمَرْأَة بِالْمَعْرُوفِ)
فِيهِ عليّ: آتى إلىّ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم]- حلَّة سيراء، فلبستها فَرَأَيْت الْغَضَب فِي
وَجهه، فشققتها بَين نسَائِي.
قلت: رَضِي الله عَنْك} مَوضِع الْمُطَابقَة تشقيقه للحلة
بَين نِسَائِهِ. وَهَذَا من الاقتصاد بِالْمَعْرُوفِ
بِحَسب الْحَال لَا بالإسراف والتغالي، لِأَن الَّذِي نَاب
فَاطِمَة - عَلَيْهَا السَّلَام - من هَذِه الحلّة خرقَة
رضيت بهَا، قبلتها.
(252 - (2) بَاب نَفَقَة الْمُعسر على أَهله)
فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة: أَتَى النَّبِي -[صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم]- رجل فَقَالَ: هَلَكت: قَالَ: وَلم؟
قَالَ:
(1/300)
وَقعت على أَهلِي فِي رَمَضَان. قَالَ:
أعتق رَقَبَة. قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي. قَالَ: فَصم
شَهْرَيْن متتاليين. قَالَ: لَا أَسْتَطِيع. قَالَ: فأطعم
سِتِّينَ مِسْكينا. قَالَ: لَا أجد. فَأتى النَّبِي [صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم] بعرق فِيهِ ثمن. فَقَالَ: أَيْن
السَّائِل؟ قَالَ: أَنا، قَالَ: فَتصدق بِهَذَا. قَالَ:
على أحْوج منّا؟ فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ مَا بَين لَا
بتيها أهل بَيت أحْوج منا. فَضَحِك النَّبِي -[صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم]- حَتَّى بَدَت أنيابه. قَالَ: فَأنْتم
إِذا.
قلت: رَضِي الله عَنْك {وَجه الِاسْتِدْلَال أَن
الْكَفَّارَة وَاجِبَة، وَمَعَ هَذَا اسقطها عَنهُ فِي
الْحَال الْمُعَارضَة مَا هُوَ أوجب مِنْهَا، وَهُوَ
الانفاق على الزَّوْجَة، وَإِن كَانَ مُعسرا. وَلَو لم تكن
النَّفَقَة وَاجِبَة عَلَيْهِ مَا سقط بهَا الْوَاجِب.
(253 - (3) بَاب: {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك}
[الْبَقَرَة: 233] وَهل على الْمَرْأَة مِنْهُ شَيْء؟)
8 - (وَضرب الله مثلا رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم لَا يقدر على
شَيْء، وَهُوَ كل على مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يوجهه لَا
يَأْتِ بِخَير} [النَّحْل: 76]
فِيهِ أم سَلمَة: هَل لي من أجر فِي بني أبي سَلمَة أَن
أنْفق عَلَيْهِم، وَلست بتاركتهم هَكَذَا وَهَكَذَا.
وَإِنَّمَا هم بنيّ. قَالَ: نعم لَك أجر مَا أنفقت
عَلَيْهِم.
فِيهِ هِنْد: قَالَت: يَا رَسُول الله} إِن أَبَا سُفْيَان
رجل شحيح، فَهَل عليّ جنَاح أَن آخذ من مَاله مَا
يَكْفِينِي وبنىّ؟ قَالَ: خذى بِالْمَعْرُوفِ.
(1/301)
قلت: رَضِي الله عَنْك {وَجه الْمُطَابقَة
يتَبَيَّن بمقصوده. وَإِنَّمَا قصد الرَّد على من زعم أَن
الْأُم يجب عَلَيْهَا نَفَقَة وَلَدهَا بعد أَبِيه،
وإرضاعه لدخولها فِي إِطْلَاق: " وعَلى الْوَارِث مثل
ذَلِك " فَبين البُخَارِيّ أَن الْأُم كَانَت كلا على
الْأَب وَاجِبَة النَّفَقَة عَلَيْهِ. وَمن هُوَ كل
بالاصالة لَا يقدر على شَيْء فِي الْغَالِب. كَيفَ أَن
يتَوَجَّه عَلَيْهِ أَن ينْفق على غَيره؟ وَبِحَدِيث أم
سَلمَة فَإِنَّهُ صَرِيح فِي إنفاقها على بنيها فضلا،
وتطوعاً. وَبِحَدِيث هِنْد فَإِنَّهُ أوجب لَهَا أَن
تَأْخُذ من مَال زَوجهَا نَفَقَة بنيه، من حَيْثُ لَا
يشْعر. فَإِذا كَانَت سَاقِطَة عَنْهَا فِي حَيَاته،
فَالْأَصْل اسْتِصْحَاب حَال السُّقُوط بعد الْوَفَاة.
(254 - (4) بَاب المراضع من المواليات وغيرهن.)
فِيهِ أم حَبِيبَة: زوج النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم]-: قَالَت يَا رَسُول الله} انكح أُخْتِي بنت أبي
سُفْيَان. قَالَ: وتحبين ذَلِك؟ قَالَت: نعم، لست لَك
بمخلية، وَأحب من شاركني فِي الْخَيْر أُخْتِي. فَقَالَ:
إِن ذَلِك لَا يحل لي. فَقلت: يَا رَسُول الله! إِنَّا
نتحدث أَنَّك تُرِيدُ أَن تنْكح درة بنت أبي سَلمَة
فَقَالَ: ابْنة أم سَلمَة؟ فَقلت: نعم. فَقَالَ: فوَاللَّه
لَو لم تكن ربيبتي فِي حجري مَا حلت لي، إِنَّهَا ابْنة
أخي من الرضَاعَة. أرضعتني وَأَبا سَلمَة ثويبة. فَلَا
تعرضن على بناتكن وَلَا أخواتكن.
(1/302)
وَقَالَ عُرْوَة: ثوثبة أعْتقهَا أَبُو لَهب.
قلت: رَضِي الله عَنْك {يُشِير بقوله: " المواليات وغيرهن
" إِلَى أَن حُرْمَة الرَّضَاع تَنْتَشِر. كَانَت
الْمُرضعَة حرَّة أَصْلِيَّة، أَو مولاة، أَو أمة لِأَن
ثويبة كَانَت مولاة أبي لَهب. |