المتواري على
أبواب البخاري (60 -[كتاب اللبَاس] )
(300 - (1) بَاب الْحَرِير للنِّسَاء)
فِيهِ عَليّ - رَضِي لله اعنه -: كساني النَّبِي -[صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم]- حلَّة سيراء، فَخرجت بهَا،
فَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه فشققتها بَين نسَائِي.
وَفِيه عمر - رَضِي الله عَنهُ -: إِنَّه رأى حلَّة سيراء
تبَاع، فَقَالَ: يَا رَسُول الله} لَو ابتعتها للوفد -
فَذكر الحَدِيث إِلَى قَوْله - إِنَّمَا بعثت بهَا إِلَيْك
لتبيعها أَو تكسوها.
وَفِيه أنس: إِنَّه رأى على أم كُلْثُوم بنت النَّبِي
-[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- برد حَرِير سيراء.
قلت: الْأَحَادِيث مُطَابقَة للتَّرْجَمَة، إِلَّا حَدِيث
عمر فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا " لتبيعها أَو تكسوها "، وَلم
يقل: للنِّسَاء. وَلَكِن قد علم أَنه لَا يَكْسُوهَا
للرِّجَال، لِأَنَّهُ نَهَاهُ عَنْهَا. وَالنَّاس فِي
الدّين شرع، فَلم يبْق إِلَّا النِّسَاء. فتعيّن جَوَاز
لباسهن لَهُ.
(1/351)
ويردُ عَلَيْهِ احْتِمَال أَن يَبِيعهَا
أَو يَكْسُوهَا كَافِرًا. وَقد ورد هَذَا صَرِيحًا فِي
حَدِيث عمر، إِلَّا أَن يكون البُخَارِيّ مَا صحّ عِنْده
أَن عمر كساها لأخٍ لَهُ مُشْتَرك بِإِذن النَّبِي -[صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم]- وَبنى على أَن الْكَافِر مُخَاطب
فتعيّن كَون النِّسَاء. وَالله أعلم.
(301 - (2) بَاب مَا كَانَ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم]- يتَّخذ من اللبَاس والبسط؟)
فِيهِ ابْن عَبَّاس: عَن عمر، دخلت على النَّبِي -[صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم]- فَإِذا هُوَ على حَصِير قد أثر فِي
جنبه، وَتَحْت رَأسه مرفقة من أَدَم حشوها لِيف، وَإِذا
أهب معلقَة وقرَظ.
وَفِيه هِنْد بنت الْحَارِث: عَن أم سَلمَة، اسْتَيْقَظَ
النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- من اللَّيْل، وَهُوَ
يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله، مَاذَا أنزل اللَّيْلَة من
الْفِتْنَة؟ وماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صَوَاحِب
الحجرات؟ كم من كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية يَوْم
الْقِيَامَة.
قَالَ الزُّهْرِيّ: كَانَت هِنْد لَهَا أزرار فِي كميّها
بَين أصابعها.
(1/352)
قلت: رضى الله عَنْك! الْمُطَابقَة بَين
حَدِيث هِنْد وَبَين التَّرْجَمَة من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-
قَالَ: أيقظوا صَوَاحِب الحجرات. _ يَعْنِي أَزوَاجه _،
ثمَّ حذّرهن من لِبَاس الشفوف لِأَن الْجَسَد بهَا
مَوْصُوف. فَإِذا حذّر نِسَاءَهُ مِنْهُ فَمَا الظَّن بِهِ
-[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-.
وَالثَّانِي: أَن هنداً راوية الحَدِيث فهمت هَذَا
الْمَعْنى فَجعلت أزراراً على كميها خشيَة ظُهُور طرفها.
وَأفهم البُخَارِيّ بِهَذَا أَن الحَدِيث على غير مَا ظنّه
بَعضهم من أَن المُرَاد: رُبّ كاسيٍ ة من الثِّيَاب
عَارِية من التَّقْوَى، فَهِيَ عَارِية يَوْم الْقِيَامَة.
وَهَذَا الْمَعْنى يشبه لَوْلَا فهمته هِنْد مِنْهُ.
وَالله أعلم. وتاويل رَاوِي الحَدِيث فِي سِيَاق
التَّفْسِير مقدّم على غَيره.
(302 - (3) بَاب مَا يُدعى بِهِ لمن لَبِسَ ثوبا جَدِيدا)
فِيهِ أم خَالِد: أَتَى النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم]- بِثِيَاب فِيهَا خميصة سَوْدَاء. فَقَالَ: من
ترَوْنَ نكسو هَذِه الخميصة؟ فأسكت الْقَوْم. قَالَ:
ائْتُونِي بِأم خَالِد. فَأتى بى النَّبِي -[صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم]-، فألبسنيها بِيَدِهِ وَقَالَ: أبلي
وأخلقي _ مرَّتَيْنِ _. فَجعل ينظر
(1/353)
إِلَى علم الخميصة، وَيُشِير بِيَدِهِ إلىّ
وَيَقُول: يَا أم خَالِد: هَذَا سنا.
والسنا بِلِسَان الْحَبَشَة: الْحسن.
قلت: رضى الله عَنْك! كَانَ هَذَا من قبيل التهنئة بلباس
الْجَدِيد. وَأدْخلهُ البُخَارِيّ لِئَلَّا يظنّ أَن مثل
هَذَا من قبيل مَا اخْتلف فِيهِ من التهنئة بالمواسم
الشَّرْعِيَّة. وَالله أعلم.
(303 - (4) بَاب وصل الشّعْر)
فِيهِ مُعَاوِيَة: إِنَّه قَالَ على الْمِنْبَر -
وَتَنَاول قصَّةً من شَعرٍ كَانَت بيد حرسي -: أَيْن
عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعت النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم]- ينْهَى عَن مثل هَذَا. وَيَقُول: إِنَّمَا هَلَكت
بَنو إِسْرَائِيل حِين اتّخذ هَذِه نِسَاؤُهُم.
وَفِيه أَبُو هُرَيْرَة: عَن النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم]- لعن الله الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة.
وَفِيه أَسمَاء: إِن امْرَأَة جَاءَت إِلَى النَّبِي -[صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم]- فَقَالَت: إِنِّي أنكحت ابْنَتي،
ثمَّ أَصَابَهَا شكوى، فتمزّق رَأسهَا، وَزوجهَا يستحثّني
بهَا. أفأصل شعرهَا؟ فسبّ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم]- الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة.
قَالَ نَافِع: الوشم فِي اللثة.
(1/354)
قلت: رضى الله عَنْك {الْأَحَادِيث مُطَابقَة إِلَّا قَول
نَافِع: الوشم فِي اللثة. لَكِن وَجه دُخُوله أَن الوشم
كره لِأَن يغيّر الْخلقَة بِمَعْنى التحسين، فساواه
الْوَصْل فِي ذَلِك.
(304 - (5) بَاب التصاوير)
فِيهِ أَبُو طَلْحَة: قَالَ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم]- لَا يدْخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ كلب وَلَا
تصاوير.
قلت: رضى الله عَنْك} اتبع البُخَارِيّ حَدِيث الْوَصْل
والوشم بِأَحَادِيث التصاوير، لاشتراك الْجَمِيع فِي
مضاهاة خلق الله. |