تنوير الحوالك شرح موطأ مالك

 [32] كتاب الطَّهَارَة عَن عَمْرو بن يحيى الْمَازِني عَن أَبِيه يحيى بن عبَادَة بن أبي حسن أَنه قَالَ بِعَبْد الله بن زيد بن عَاصِم لأبي مُصعب وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ أَن رجلا قَالَ لعبد الله ولمعن بن عِيسَى عَن عَمْرو وَعَن أَبِيه يحيى أَنه سمع أَبَا حسن وَهُوَ جد عَمْرو بن يحيى قَالَ لعبد الله بن زيد وَفِي موطأ مُحَمَّد بن حسن عَن مَالك حَدثنَا عَمْرو عَن أَبِيه يحيى أَنه سمع جده أَبَا حسن يسْأَل عبد الله بن زيد وَكَذَا سَاقه سجنون فِي الْمُدَوَّنَة وَعند البُخَارِيّ من طَرِيق وهيب عَن عَمْرو بن يحيى ع أَبِيه قَالَ شهِدت عَمْرو بن أبي حسن يسْأَل عبد الله بن زيد وَعِنْده أَيْضا من طَرِيق سُلَيْمَان عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه قَالَ كال يكثر عَمْرو من الْوضُوء فَقَالَ لعبد الله بن زيد وَفِي الْمُسْتَخْرج لأبي نعيم من طَرِيق الداروردي عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه عَن عَمه عَمْرو بن أبي حسن قَالَ كنت كثير الْوضُوء فَقلت لعبد الله بن زيد قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالَّذِي يجمع هَذَا الِاخْتِلَاف أَن يُقَال اجْتمع عِنْد عبد الله بن زيد أَبُو حسن الْأنْصَارِيّ وَابْنه عَمْرو وَابْن ابْنه يحيى فَسَأَلُوهُ عَن صفة الْوضُوء وَتَوَلَّى السُّؤَال مِنْهُم لَهُ عَمْرو بن أبي حسن فَحَيْثُ نسب إِلَيْهِ السُّؤَال كَانَ على الْحَقِيقَة وَحَيْثُ نسب إِلَى أبي حسن فعلى الْمجَاز لكَونه الْأَكْبَر كَانَ حَاضرا وَحَيْثُ نسب ليحيى فعلى الْمجَاز أَيْضا لكَونه ناقل الحَدِيث وَقد حضر السُّؤَال قَالَ وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق خَالِد الوَاسِطِيّ عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه قَالَ قُلْنَا لعبد الله فَإِنَّهُ يشْعر بِأَنَّهُم اتَّفقُوا على سُؤَاله وَهُوَ جد عمْرَة بن يحيى قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيع رُوَاته وَانْفَرَدَ بِهِ مَالك وَلم يُتَابِعه عَلَيْهِ أحد وَلم يقل أحد من رُوَاة هَذَا الحَدِيث فِي عبد الله بن زيد بن عَاصِم إِنَّه جد عَمْرو بن يحيى الْمَازِني إل مَالك وَحده فَإِنَّهُ عَمْرو بن يحيى بن عمَارَة بن أبي حسن الْمَازِني الْأنْصَارِيّ لَا خلاف فِي ذَلِك ولجده أبي حسن صُحْبَة فِيمَا ذكر بَعضهم فَعَسَى أَن يكون جده لأمه وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد فِي شرح الْإِلْمَام هَذَا وهم قَبِيح من يحيى بن يحيى أَو من غَيره قَالَ وأعجب مِنْهُ أَنه سُئِلَ عَنهُ بن وضاح وَكَانَ من الْأَئِمَّة فِي الحَدِيث وَالْفِقْه فَقَالَ هُوَ جده لأمه ورحم الله من انْتهى إِلَى مَا سمع ووقف دون مَا لم يعلم وَكَيف جَازَ هَذَا على بن وضاح وَالصَّوَاب فِي الْمُدَوَّنَة الَّتِي كَانَ يقرئها ويرويها عَن سَحْنُون وَهِي بَين يَدَيْهِ ينظر فِيهَا كل حِين قَالَ وصواب الحَدِيث مَالك عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه أَن رجلا قَالَ لعبد الله بن زيد وَهَذَا الرجل هُوَ عمَارَة بن أبي حسن الْمَازِني وَهُوَ جد عَمْرو بن يحيى الْمَازِني انْتهى قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ فِي شرح أبي دَاوُد وَهُوَ حسن وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر الضمي رَاجع للرجل الْقَائِل الثَّابِت فِي رِوَايَة أَكثر الروَاة فَإِن صَحَّ أَنه أَبُو حسن فَهُوَ جد عَمْرو حَقِيقَة أَو ابْنه عَمْرو فمجاز لِأَنَّهُ عَم أَبِيه يحيى فَأطلق عَلَيْهِ جدا لكَونه فِي مَنْزِلَته قَالَ وَزعم بَعضهم أَن الضمي رَاجع لعبد الله بن زيد وَهُوَ سَهْو لِأَنَّهُ لَيْسَ جدا لعمرة بن يحيى لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا قَالَ وَأما قَول صَاحب الْكَمَال وَمن تبعه فِي تَرْجَمَة عَمْرو بن يحيى أَنه بن بنت عبد الله بن زيد فغلط توهمه من هَذِه الرِّوَايَة وَقد ذكر بن سعد أَن أم عَمْرو هِيَ حميدة بنت مُحَمَّد بن إِيَاس بن المنكذر وَقَالَ غَيره هِيَ أم النُّعْمَان بنت أبي حَيَّة وَقَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن يحيى فَقَالَ فِيهِ عَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه وأخطا فِيهِ إِنَّمَا هُوَ عبد الله بن زيد بن عَاصِم وهما صحابيان متغايران وهم إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق فيهمَا فجعلهما وَاحِدًا فِيمَا حكى قَاسم بن أصبغ عَنهُ قَالَ والغلط لَا يسلم مِنْهُ أحد وَإِذا كَانَ بن عُيَيْنَة مَعَ جلالته غلط فِي ذَلِك فإسماعيل بن إِسْحَاق أَيْن يَقع من بن عُيَيْنَة إِلَّا أَن الْمُتَأَخِّرين أوسع علما وَأَقل عذرا انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم غلط الْحفاظ من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي ذَلِك وَمِمَّنْ نَص على غلطه البُخَارِيّ وَقد قيل إِن بن عبد ربه لَا يعرف لَهُ غير حَدِيث الْأَذَان هَل تَسْتَطِيع أَن تريني قَالَ بن التِّين هَذَا من التلطف بالعالم فِي السوال فَدَعَا بِوضُوء هُوَ بِفَتْح الْوَاو المَاء بِالْكَسْرِ يفرغ فراغا كسمع يسمع سَمَاعا أَي انصب ذكره فِي الصِّحَاح على يَده زَاد أَبُو مُصعب الْيَمين فَغسل يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ قَالَ الْحَافِظ بن جُحر كَذَا لمَالِك وَوَقع فِي رِوَايَة وهيب عِنْد البُخَارِيّ وخَالِد بن عبد الله عِنْد مُسلم والداروردي عِنْد أبي نعيم ثَلَاثًا قَالَ فَهَؤُلَاءِ حفاظ وَقد اجْتَمعُوا ورواياتهم مُقَدّمَة على الْحَافِظ الْوَاحِد قَالَ وَقد ذكر مُسلم عَن وهيب أَنه سمع هَذَا الحَدِيث مرَّتَيْنِ من عَمْرو بن يحيى املاء فتأكد تَرْجِيح رِوَايَته وَلَا يُقَال يحمل على وَاقِعَتَيْنِ لِاتِّحَاد الْمخْرج وَالْأَصْل عدم التَّعَدُّد وَفِي رِوَايَة أبي مُصعب يَده بالافراد على إِرَادَة الْجِنْس ثمَّ تمضمض واستنثر كَذَا فِي رِوَايَة يحيى وَفِي رِوَايَة أبي مُصعب بدله واستنشق قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين وَفِيه إِطْلَاق الاستنثار على الِاسْتِنْشَاق قَالَ الْحَافِظ بن حجر لِأَنَّهُ يستلزمه وَفِي شرح مُسلم للنووي الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور من أهل اللُّغَة وَغَيرهم أَن الاستنثار غير الِاسْتِنْشَاق وَأَنه إِخْرَاج المَاء من الْأنف بعد الِاسْتِنْشَاق خلافًا لما قَالَه بن الْأَعرَابِي وَابْن قُتَيْبَة أَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ مَأْخُوذ من النثرة وَهُوَ طرف الْأنف وَأما الِاسْتِنْشَاق فَهُوَ إِيصَال المَاء إِلَى دَاخل الْأنف وجذبه بِالنَّفسِ إِلَى أقصاه ثمَّ غسل يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ مرَّتَيْنِ قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْمَنْقُول فِي علم الْعَرَبيَّة أَن أَسمَاء الْأَعْدَاد والمصادر والأجناس إِذا كررت كَانَ المُرَاد حُصُولهَا مكررة لَا للتوكيد اللَّفْظِيّ فَإِنَّهُ قَلِيل الْفَائِدَة لَا يحسن حَيْثُ يكون للْكَلَام محمل غَيره مِثَال ذَلِك جَاءَ الْقَوْم اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَو رجلا رجلا وضربته ضربا ضربا أَي اثْنَيْنِ بعد اثْنَيْنِ ورجلا بعد رجل وَضَربا بعد ضرب قَالَ وَهَذَا الْموضع مِنْهُ أَي غسلهمَا مرَّتَيْنِ بعد مرَّتَيْنِ أَي أفرد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بِالْغسْلِ مرَّتَيْنِ وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر لم تخْتَلف الرِّوَايَات عَن عَمْرو بن يحيى فِي غسل الْيَدَيْنِ مرَّتَيْنِ لَكِن فِي مُسلم من طَرِيق حبَان بن وَاسع عَن عبد الله بن زيد أَنه رَأْيِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ وَفِيه وَغسل يَده الْيُمْنَى ثَلَاثًا ثمَّ الْأُخْرَى ثَلَاثًا فَيحمل على أَنه وضوء آخر لكَون مخرج الْحَدِيثين غر مُتحد إِلَى الْمرْفقين تَثْنِيَة مرفق بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْفَاء وبفتح الْمِيم وَكسر الْفَاء لُغَتَانِ مشهورتان قَالَ فِي الصِّحَاح وَهُوَ موصل الذِّرَاع من الْعَضُد وَقَالَ فِي الْمُحكم أَعلَى الذِّرَاع وأسفل الْعَضُد وَقَالَ فِي الْمَشَارِق عظم طرف الذِّرَاع مِمَّا يَلِي الْعَضُد قَالَ بَعضهم سمي بذلك لِأَنَّهُ يرتفق عَلَيْهِ أَي تكأ ويعتمد قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْيَد حَقِيقَة من أَطْرَاف الانامل الى الابط وَنَحْوه قَول الْخطاب مَا بَين الْمنْكب إِلَى أَطْرَاف الْأَصَابِع كُله اسْم لليد وارتضاه النَّوَوِيّ فِي تهذيبه وَقد كَانَ وَقع من أَيَّام السُّؤَال عَمَّا تطلق عَلَيْهِ الْيَد حَقِيقَة هَل هُوَ هَذَا أَو الذِّرَاع أَو الْكَفّ وَعز عَلَيْهِم النَّقْل فِي ذَلِك فأخرجت لَهُم هَذَا النَّقْل ثمَّ مسح رَأسه لأبي مُصعب بِرَأْسِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ الْبَاء للتعدية فَيجوز حذفهَا واثباتها لذَلِك يُقَال مسحت رَأس الْيَتِيم ومسحت بِرَأْسِهِ وَقيل دخلت الْبَاء لتفيد مَعنا آخر وَإِن الْغسْل لُغَة يَقْتَضِي مغسولا بِهِ وَالْمسح لُغَة لَا يَقْتَضِيهِ فَلَو قَالَ تَعَالَى وَامْسَحُوا رؤوسكم لأجزأ الْمسْح بِالْيَدِ بِغَيْر مَاء فَكَأَنَّهُ قَالَ برؤسكم المَاء فَهُوَ على الْقلب وَالتَّقْدِير امسحوا رؤسكم بِالْمَاءِ فَأقبل بهما وَأدبر قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل مَعْنَاهُ أقبل إِلَى جمة قَفاهُ وَرجع كَمَا فسر بعده وَقيل المُرَاد أدبر وَأَقْبل وَالْوَاو لَا تَقْتَضِي رُتْبَة قَالَ وَهَذَا أولى ويعضده رِوَايَة هيب فِي البُخَارِيّ فَأَدْبَرَ بهما وَأَقْبل بَدَأَ بِمقدم رَأسه إِلَى آخر قَالَ الْحَافِظ بن حجر الظَّاهِر أَنه من الحَدِيث وَلَيْسَ مدرجا من كَلَام مَالك وَفِي الصِّحَاح بدأت بالشَّيْء ابتدأت بِهِ وبدأت الشَّيْء فعلته ابْتِدَاء ومقدم الرَّأْس ومؤخره كِلَاهُمَا بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وَيجوز فيهمَا الْكسر وَالتَّخْفِيف والقفا بِالْقصرِ وَحكى بن جني فِيهِ الْمَدّ وَهُوَ قَلِيل قَالَ فِي الصِّحَاح هُوَ مُؤخر الْعُنُق وَقَالَ فِي الْمُحكم وَرَاء الْعُنُق وَفِيه التَّذْكِير والتأنيث قَالَ بن عبد الْبر روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة هَذَا الحَدِيث فَذكر فِيهِ مسح الرَّأْس مرَّتَيْنِ وَهُوَ خطأ لم يذكرهُ أحد غَيره قَالَ وَأَظنهُ تَأَوَّلَه على أَن الإقبال مرّة والأدبار أخري ثمَّ غسل رجلَيْهِ زَاد وهيب فِي رِوَايَته عِنْد البُخَارِيّ إِلَى الْكَعْبَيْنِ قَالَ بن سَيّده الرجل قدم الْإِنْسَان وَغَيره قَالَ أَبُو إِسْحَاق الرجل من أصل الْفَخْذ إِلَى الْقدَم انْتهى قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين وَهُوَ حَقِيقَة فِي ذَلِك وَأما الكعبان فَالْمَشْهُور أَنَّهُمَا العظمان الناتئان عِنْد مفصل السَّاق والقدم من كل رجل وَقيل الكعب الْعظم الَّذِي فِي ظهر الْقدَم عِنْد معقد الشرَاك فَائِدَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي شرح مُسلم لم يَجِيء فِي حَدِيث عبد الله بن زيد للأذنين ذكر وَيُمكن أَن يكون ذَلِك لَان اسْم الرَّأْس يضمهما وَتعقبه الشَّيْخ ولي الدّين بِأَن الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ أخرجَا من حَدِيثه رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ فَأخذ مَاء لأذنيه خلاف المَاء الَّذِي مسح بِهِ رَأسه وَقَالا صَحِيح

(1/32)


[33] إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فليجعل فِي أَنفه قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى وَلم يقل مَاء وَهُوَ مَفْهُوم من الْخطاب فَكَأَن قَوْله فليجعل فِي أَنفه إِذا تَوَضَّأ إِنَّمَا هُوَ المَاء وَلذَلِك قَالَ ثمَّ لينثر وَرَوَاهُ القعْنبِي وَابْن بكير وَأكْثر الروَاة فَقَالُوا فِي أَنفه مَاء ثمَّ لينثر بِكَسْر الْمُثَلَّثَة بعد النُّون الساكنة على الْمَشْهُور وَحكى ضمهَا قَالَه النَّوَوِيّ وَفِي الصَّحِيح ثمَّ لينتثر بِزِيَادَة تَاء وَفِي النَّسَائِيّ ثمَّ ليستنثر بِزِيَادَة سين وتاء قَالَ الْفراء يُقَال نثر الرجل وانتثر واستنثر إِذا حرك النثرة فِي الطَّهَارَة وَهِي طرف الْأنف وَقيل الْأنف نَفسه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هُوَ من النثر وَهُوَ الطرح وَهُوَ هُنَا طرح المَاء الَّذِي تَنْشَق قبل ليخرج مَا تعلق بِهِ من قذر الْأنف وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة نثر ينثر بِالْكَسْرِ إِذا امتخط واستنثر استفعل مِنْهُ أَي استنشق المَاء ثمَّ استخرج مَا فِي الْأنف وَمن استجمر فليوتر قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ الْهَرَوِيّ الِاسْتِجْمَار هُوَ الْمسْح بالجمار وَهِي الْأَحْجَار الصغار وَمِنْه سميت جمار الرَّمْي وَقَالَ بن الْقصار يجوز أَن يُقَال إِنَّه أَخذ من الِاسْتِجْمَار بالبخور الَّذِي يطيب بِهِ الرَّائِحَة وَهَذَا يزِيل الرَّائِحَة القبيحة قَالَ وَقد اخْتلف قَول مَالك وَغَيره فِي معنى الِاسْتِجْمَار الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث فَقيل هَذَا وَقيل المُرَاد بِهِ فِي البخور أَن يَأْخُذ مِنْهُ ثَلَاث قطع أَو يَأْخُذ ثَلَاث مَرَّات تسْتَعْمل وَاحِدَة بعد أُخْرَى قَالَ وَالْأول أظهر وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّه الصَّحِيح الْمَعْرُوف

(1/33)


[35] مَالك أَنه بلغه أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَصله ملم من طرق عَن سَالم مولى شَدَّاد بِهِ ويل قَالَ النَّوَوِيّ أَي هلكة وخيبة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر اخْتلف فِي مَعْنَاهُ على أَقْوَال أظهرها مَا رَوَاهُ بن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي سعيد مَرْفُوعا ويل وَاد فِي جَهَنَّم قَالَ وَجَاز الِابْتِدَاء بالنكرة لِأَنَّهُ دُعَاء للاعقاب جمع عقب بِكَسْر الْقَاف وسكونها وَهُوَ مُؤخر الْقدَم قَالَ الْبَغَوِيّ مَعْنَاهُ لأَصْحَاب الأعقاب الْمُقَصِّرِينَ فِي غسلهَا وَقيل أَرَادَ أَن الْعقب يخْتَص بالقعاب إِذا قصر فِي غسله زَاد القَاضِي عِيَاض فَإِن مَوَاضِع الْوضُوء لَا تمسها النَّار كَمَا جَاءَ فِي أثر السُّجُود أَنه محرم على النَّار قَالَ بن عبد الْبر ورد هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة جمَاعَة من الصَّحَابَة وأصحها من جِهَة الْإِسْنَاد حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَحَدِيث عبد الله بن الْحَارِث بن جرير الزبيدِيّ وَحَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ ثمَّ حَدِيث عَائِشَة فَهُوَ مدنِي حسن وَفِي حَدِيث عبد الله بن الْحَارِث زِيَادَة فَإِن لَفظه ويل لِلْأَعْقَابِ وبطون الْأَقْدَام من النَّار قلت حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَابْن عَمْرو أخرجهُمَا الشَّيْخَانِ وَحَدِيث عبد الله بن الْحَارِث أخرجه أَحْمد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ

(1/34)


[37] إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه فليغسل يَده قبل أَن يدخلهَا فِي وضوئِهِ أَي فِي المَاء الَّذِي فِي الْإِنَاء الْمعد للْوُضُوء زَاد الشَّافِعِي وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَة ثَلَاث مَرَّات قَالَ الرَّافِعِيّ وَالْقدر الَّذِي يسْتَحبّ غسله مَا بَين رُؤُوس الْأَظْفَار والكوع هُوَ الَّذِي يغمس فِي الْإِنَاء غَالِبا للاغتراف قَالَ وعَلى ذَلِك ينزل قَوْله تَعَالَى فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا قَالَ وَلَو دخل الساعد فِي مُسَمّى الْيَد لم يكن إِلَى التَّقْيِيد بالمرافق حَاجَة فِي قَوْله تَعَالَى وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ فَإِن أحدكُم قَالَ الْبَيْضَاوِيّ فِيهِ إِيمَاء إِلَى أَن الْبَاعِث على الْأَمر بذلك احْتِمَال النَّجَاسَة لَان الشَّارِع إِذا ذكر حكما وعقبه بعلة دلّ على أَن ثُبُوت الحكم لأَجلهَا وَمثله قَوْله فِي حَدِيث الْمحرم الَّذِي سقط فَمَاتَ فَإِنَّهُ يبْعَث عَلَيْهَا بعد نهيهم عَن تطييبه فنبه على عِلّة النَّهْي وَهِي كَونه محرما وَعبارَة الشَّيْخ أكمل الدّين إِذا ذكر الشَّارِع حكما وعقبه أمرا مصدرا بِالْفَاءِ كَانَ ذَلِك إِيمَاء إِلَى أَن ثُبُوت الحكم لأَجله نَظِيره قَوْله الْهِرَّة لَيست بنجسة فَإِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده زَاد بن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْهُ أَي من جسده وَزَاد الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث جَابر وَلَا على مَا وَضعهَا وَلأبي دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده أَو أَيْن كَانَت تَطوف يَده قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين يحْتَمل أَنه شكّ من بعض الروَاة وَهُوَ الْأَقْرَب وَيحْتَمل أَنه ترديد من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الشَّافِعِي كَانُوا يستجمرون وبلادهم حارة فَرُبمَا عرق أحدهم إِذا نَام فَيحْتَمل أَن تَطوف يَده على الْمحل أَو على بشرة أَو دم حَيَوَان أَو قذر غير ذَلِك وَذكر غير وَاحِد أَن بَات فِي هَذَا الحَدِيث بِمَعْنى صَار مِنْهُم بن عُصْفُور والأبدي فِي شرح الجزولية وَإِن كَانَ أَصْلهَا للسكون لَيْلًا كَمَا قَالَه الْخَلِيل وَغَيره وَقد اسْتشْكل هَذَا التَّرْكِيب من جِهَة أَن انْتِفَاء الدِّرَايَة لَا يُمكن أَن يتَعَلَّق بِلَفْظ أَيْن باتت يَده وَلَا بِمَعْنَاهُ لَان مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَام وَلَا يُقَال إِنَّه لَا يدْرِي الِاسْتِفْهَام فَقَالُوا مَعْنَاهُ لَا يدْرِي تعْيين الْموضع الَّذِي باتت فِيهِ فَيكون فِيهِ مُضَاف مَحْذُوف وَلَيْسَ استفهاما وَإِن كَانَت صورته صُورَة الِاسْتِفْهَام وَوَقع فِي آخر الحَدِيث عِنْد بن عدي فِي الْكَامِل زِيَادَة فَإِن غمس يَده فِي الْإِنَاء من قبل أَن يغسلهَا فليرق ذَلِك المَاء قَالَ بن عدي هَذِه الزِّيَادَة مُنكرَة لَا تحفظ

[41] عَن سعيد بن سَلمَة من آل بني الْأَزْرَق قَالَ بن عبد الْبر لم يرو عَنهُ فِيمَا علمت إِلَّا صَفْوَان بن سليم وَمن كَانَت هَذِه حَاله فَهُوَ مَجْهُول لَا تقوم بِهِ حجَّة عِنْدهم وَتعقب بِأَنَّهُ روى عَنهُ أَيْضا اللحلاح أَبُو كثير ذكره الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند وَحَدِيثه عَنهُ فِي مُسْتَدْرك الْحَاكِم قَالَ الرَّافِعِيّ وَعكس بعض الروَاة الاسمين فَقَالَ سَلمَة بن سعيد وَبدل بَعضهم فَقَالَ عبد الله بن سعيد عَن الْمُغيرَة بن أبي بردة قَالَ بن عبد الْبر سَأَلَ مُحَمَّد بن عِيسَى التِّرْمِذِيّ البُخَارِيّ عَن حَدِيث مَالك هَذَا فَقَالَ هُوَ حَدِيث صَحِيح قَالَ قلت هشيم يَقُول فِيهِ الْمُغيرَة بن أبي بردة فَقَالَ وهم فِيهِ أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة قَالَ الرَّافِعِيّ روى الحَدِيث بَعضهم عَن الْمُغيرَة عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وَلَا يُوهم ذَلِك إرْسَالًا فِي إِسْنَاد الْكتاب فَإِن فِيهِ ذكر سَماع الْمُغيرَة من أبي هُرَيْرَة جَاءَ رجل قَالَ الرَّافِعِيّ يذكر أَنه كَانَ من بني مُدْلِج قلت كَذَا فِي مُسْند أمد وَعند الطَّبَرَانِيّ أَن اسْمه عبد الله المدلجي وَفِي رِوَايَة عِنْده العركي أَي الملاح وَعند بن عبد الْبر أَنه الْفراش الطّهُور مَاءَهُ الْحل ميتَته قَالَ الرَّافِعِيّ لما عرف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتِبَاه الْأَمر على السَّائِل فِي مَاء الْبَحْر أشْفق أَن يشْتَبه عَلَيْهِ حكم ميتَته وَقد يبتلى بهَا رَاكب الْبَحْر فعقب الْجَواب عَن سُؤَاله بِبَيَان حكم الْميتَة قَالَ والحل بِمَعْنى الْحَلَال وَقد ورد بِلَفْظ الْحَلَال فِي بعض الرِّوَايَات انْتهى قلت أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث جَابر بن عبد الله وَأنس وَعبد الله بن عمر

(1/35)


[42] عَن حميدة بنت أبي عُبَيْدَة بن فَرْوَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى وَهُوَ غلط مِنْهُ لم يُتَابِعه عَلَيْهِ أحد وَإِنَّمَا يَقُول رُوَاة الْمُوَطَّأ كلهم ابْنة عبيد بن رِفَاعَة إِلَّا أَن زيد بن الْحباب قَالَ فِيهِ عَن مَالك حميدة بنت عبيد بن رَافع نِسْبَة إِلَى جده وَهُوَ عبيد بن رِفَاعَة بن رَافع بن مَالك بن العجلان الْأنْصَارِيّ وَقَالَ يحيى أَيْضا حميدة بِفَتْح الْحَاء وَإِن عبيد الله بن يحيى وَمُحَمّد بن وضاح عَنهُ وَغير يحيى من رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك يَقُول حميدة بِضَم الْحَاء وحميدة هَذِه امْرَأَة إِسْحَاق وَكَذَلِكَ قَالَ يحيى الْقطَّان وَمُحَمّد بن الْحسن لشيباني عَن مَالك وكنيها أم يحيى انْتهى وَكَانَت تَحت بن أبي قَتَادَة قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ بن الْمُبَارك عَن مَالك فَقَالَ امْرَأَة أبي قَتَادَة قَالَ وَهَذَا وهم مِنْهُ إِنَّمَا هِيَ امْرَأَة ابْنه وَوَقع فِي الْأُم للشَّافِعِيّ وَكَانَت تَحت بن قَتَادَة أَو أبي قَتَادَة الشَّك من الرّبيع كَذَا وَقع فِي الأَصْل قَالَ الرَّافِعِيّ وَفِي الشَّك إِلَى الرّبيع شُبْهَة لِأَن أَب نعيم عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عدي روى عَن الْحسن بن مجد الزَّعْفَرَانِي عَن الشَّافِعِي عَن مَالك الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ كَذَلِك وَهَذَا يُوهم أَن الشَّك من غير الرّبيع وَقَالَ وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق وَغَيره عَن مَالك وَكَانَت عِنْد أبي قَتَادَة وَهَذَا يصدق على التَّقْدِيرَيْنِ قَالَ وَالْوَاقِع مَا رَوَاهُ الْأَكْثَرُونَ الأول وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي مَوضِع آخر بِلَا شكّ قَالَ وَيدل عَلَيْهِ أَنه قَالَ لَهَا يَا ابْنة أخي وَلَا يحسن تَسْمِيَة الزَّوْجَة باسم الْمَحَارِم فَسَكَبت قَالَ الرَّافِعِيّ يُقَال سكب يسْكب سكبا أَي صب فسكب سكوبا أَي انصب وضوا أَي المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ فرآني أنظر إِلَيْهِ أَي نظر الْمُنكر أَو المتعجب إِنَّهَا لَيست بِنَجس قَالَ الرَّافِعِيّ مَحْمُول على الْوَصْف بِالْمَصْدَرِ يُقَال نجس ينجس نجسا فَهُوَ نجس أَيْضا ونجس والمذكر والمؤنث يستويان فِي الْوَصْف بِالْمَصْدَرِ قَالَ وَلَو قرئَ أَنَّهَا لَيست تنجس أَي مَا تلغ فِيهِ لَكَانَ صَحِيحا فِي الْمَعْنى وَكَأن قَوْله إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم حسن الْموقع أَي إِذا كَانَت تَطوف فِي الْبَيْت وَلَا يسْتَغْنى عَنْهَا تخفف الْأَمر فِيمَا تلغ فِيهِ وَلذَلِك صَار بَعضهم إِلَى الْعَفو مَعَ تَيَقّن نَجَاسَة فمها لَكِن الرِّوَايَة لَا تساعد انْتهى أَنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم أَو الطوافات قَالَ الرَّافِعِيّ يرويهِ بَعضهم بِالْوَاو وعَلى رِوَايَة أَو يجوز أَن يكون هَذَا شكا من بعض الروَاة وَيجوز أَن يُرِيد التنويع أَي ذكورها هِيَ ذُكُور من يطوف وإناثها من الْإِنَاث قَالَ ويروى عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّهَا لَيست بِنَجس هِيَ كبعض أهل الْبَيْت يَعْنِي الْهِرَّة قلت أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَكَذَا رِوَايَة الْوَاو وَقَالَ بن عبد الْبر معنى الطوافي الَّذِي يداخلوننا ويخالطوننا

[44] إِن كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليتوضؤون جَمِيعًا قَالَ الرَّافِعِيّ يُرِيد كل رجل مَعَ امْرَأَته وأنهما كَانَا يأخذان من إِنَاء وَاحِد وَكَذَلِكَ ورد فِي بعض الرِّوَايَات قَالَ وَمثل هَذَا اللَّفْظ يُرَاد بِهِ أَنه كَانَ مَشْهُورا فِي ذَلِك الْعَهْد وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُنكر عَلَيْهِ وَلَا يُغَيِّرهُ قلت مَا تَتَكَلَّم على هَذَا الحَدِيث أحد أحسن من الرَّافِعِيّ فَلَقَد خطّ فِيهِ جمَاعَة

(1/36)


[45] عَن أم ولد لإِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَوَاهُ قُتَيْبَة عَن مَالك فَقَالَ عَن أم ولد لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَمن طَرِيق أخرجه التِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ وَرَوَاهُ عبد الله بن الْمُبَارك عَن مَالك فَقَالَ عَن أم ولد لعوف بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ وَهُوَ وهم وَإِنَّمَا هُوَ لإِبْرَاهِيم وَهُوَ الصَّحِيح أَنَّهَا سَأَلت أم سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ الْحُسَيْن بن الْوَلِيد عَن مَالك فَأَخْطَأَ فِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث عَن حميدة أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة وَهَذَا خطأ وَإِنَّمَا هُوَ لأم سَلمَة لَا لعَائِشَة وَكَذَا رَوَاهُ الْحفاظ فِي الْمُوَطَّأ وَغير الْمُوَطَّأ عَن مَالك يطهره مَا بعده قَالَ بن عبد الْبر وَغَيره قَالَ مَالك مَعْنَاهُ فِي الْعِنَب الْيَابِس والقذر الجاف الَّذِي لَا يلصق مِنْهُ بِالثَّوْبِ شَيْء وَإِنَّمَا يعلق فيزول الْمُتَعَلّق بِمَا بعده لِأَن النَّجَاسَة يطهرها غير المَاء

[46] يقلس قَالَ فِي النِّهَايَة القلس بِالتَّحْرِيكِ وَقيل بِالسُّكُونِ مَا خرج من الْجوف مَلأ الْفَم أَو دونه وَلَيْسَ بقيء فَإِن عَاد فَهُوَ الْقَيْء

[48] أكل كتف شَاة ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ قَالَ الْحَافِظ بن حجر أَفَادَ القَاضِي إِسْمَاعِيل أَن ذَلِك كَانَ فِي بَيت ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب وَهِي بنت عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/37)


[49] بالصهباء بِفَتْح الْمُهْملَة وَالْمدّ وَهِي من أدنى خَيْبَر أَي طرفها مِمَّا يَلِي الْمَدِينَة قَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي مُعْجم الْبلدَانِ هِيَ على بريد من خَيْبَر وَبَين البُخَارِيّ أَن هَذِه الْجُمْلَة من قَول يحيى بن سعيد أدرجت بالسويق قَالَ الداوودي هُوَ دَقِيق الشّعير أَو السلت المقلو فثرى بِضَم الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد الرَّاء وَيجوز تخفيفها أَي بل بِالْمَاءِ

[55] عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعِي لطعام وَصله أَبُو دَاوُد من طَرِيق بَان جريج وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة كِلَاهُمَا عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر وَفِيه أَن الدَّاعِي امْرَأَة من الْأَنْصَار ثمَّ تَوَضَّأ وَصلى زَاد فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ الظّهْر ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ زَاد فِي رِوَايَته الْعَصْر قَالَ بن عبد الْبر عِنْد هَذَا الحَدِيث مرسلات مَالك كلهَا صَحِيحَة مُسندَة

[56] أعراقية قَالَ بن رَشِيق أَي أبالعراق اسْتَفَدْت هَذَا الْعلم يَعْنِي وَتركت عمل أهل الْمَدِينَة

[57] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الاستطابة قَالَ بن الْبر هَكَذَا رَوَاهُ عَن مَالك جمَاعَة الروَاة مُرْسلا إِلَّا مَا ذكره سَحْنُون فِي رِوَايَة بعض الشُّيُوخ عَنهُ عَن بن الْقَاسِم عَن مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وَقد رُوِيَ عَن بن بكير أَيْضا فِي الْمُوَطَّأ هَكَذَا وَهُوَ غلط فَاحش وَلم يره وَاحِد كَذَلِك لَا من أَصْحَاب هِشَام وَلَا من أَصْحَاب مَالك وَلَا رَوَاهُ أحد عَن عُرْوَة عَن بِأَيّ هُرَيْرَة وَإِنَّمَا رَوَاهُ مُسلم بن قرظ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قلت وَمن طريقها خرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والاستطابة طلب الطّيب وَهِي والاستجمار والاستنجاء بِمَعْنى وَاحِد إِلَّا أَن الِاسْتِجْمَار لَا يكون إِلَّا بالأحجار والآخران يكونَانِ بِالْمَاءِ ويكونان بالأحجار

(1/38)


[58] الْمقْبرَة بِتَثْلِيث الْبَاء وَالْكَسْر أقلهَا السَّلَام عَلَيْكُم قَالَ الْبَاجِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض يحْتَمل أَن أحيوا لَهُ حِين سمعُوا سَلَامه كَأَهل القليب وَيحْتَمل أَن يسلم عَلَيْهِم مَعَ كَونهم أَمْوَاتًا لامتثال أمته ذَلِك بعده قَالَ الْبَاجِيّ وَهُوَ الْأَظْهر وَقَالَ بن عبد الْبر روى تَسْلِيم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْقُبُور من وُجُوه بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة وَجَاء عَن الصَّحَابَة وَالسَّلَف الصَّالح فِي ذَلِك آثَار كَثِيرَة وَقَالَ بن رَشِيق كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام إِذا مر بالقبور يسلم ليحصل لَهُم ثَوَاب التَّحِيَّة وتزكيتها دَار قوم قَالَ صَاحب الْمطَالع هُوَ مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص أَو النداء الْمُضَاف وَالْأول أظهر قَالَ وَيصِح الْجَرّ على الْبَدَل من الْكَاف وَالْمِيم فِي عَلَيْكُم وَالْمرَاد بِالدَّار على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ الْأَخيرينِ الْجَمَاعَة أَو أهل الدَّار وعَلى الأول مثله أَو الْمنزل وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون قَالَ النَّوَوِيّ وَغَيره للْعُلَمَاء فِي اتيانه بِالِاسْتِثْنَاءِ مَعَ أَن الْمَوْت لَا شكّ فِيهِ أَقْوَال أظهرها أَنه لَيْسَ للشَّكّ وَإِنَّمَا هُوَ للتبرك وامتثال أَمر الله فِيهِ وَالثَّانِي أَنه عَادَة للمتكلم حسن بِهِ كَلَامه وَالثَّالِث أَنه عَائِد إِلَى اللحوق فِي هَذَا الْمَكَان وَالْمَوْت بِالْمَدِينَةِ وَالرَّابِع أَن إِن بِمَعْنى إِذا وَالْخَامِس أَنه رَاجع إِلَى اسْتِصْحَاب الْإِيمَان لمن مَعَه لاله وَالسَّادِس أَنه كَانَ مَعَه من يظنّ بهم النِّفَاق فَعَاد الِاسْتِثْنَاء إِلَيْهِم وددت أَنِّي قد رَأَيْت إِخْوَاننَا أَي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا قَالَ القَاضِي عِيَاض وَقيل المُرَاد تمني لقائهم بعد الْمَوْت قَالَ بل أَنْتُم أَصْحَابِي قَالَ الْبَاجِيّ فِي شرح الْمُوَطَّأ لم ينف بذلك أخوتهم وَلَكِن ذكر مزيتهم الزَّائِدَة بالصحبة واختصاصهم بهَا وَإِنَّمَا منع أَن يسموا بذل لِأَن التَّسْمِيَة وَالْوَصْف على سَبِيل الثَّنَاء والمدح للمسمى يجب أَن يكون بأرفع حالاته وَأفضل صِفَاته وللصحابة بالصحبة دَرَجَة لَا يلحقهم فِيهَا أحد فَيجب أَن يوصفوا بهَا وَنَقله القَاضِي عِيَاض ثمَّ النَّوَوِيّ وَزَاد فَهَؤُلَاءِ إخْوَة صحابة وَالَّذين لم يَأْتُوا إخْوَة لَيْسُوا بصحابة وَأَنا فرطهم على الْحَوْض قَالَ اباجي يُرِيد أَنه يتقدمهم إِلَيْهِ ويجدونه عِنْده يُقَال فرطت الْقَوْم إِذا تقدمتهم لترود لَهُم المَاء وتهيء لَهُم الدلاء والرشاء وافترط فَلِأَن ابْنا لَهُ أَي تقدم لَهُ بن غر جمع أغر والغرة بَيَاض فِي وَجه لفرس محجلة من التحجيل وَهُوَ بَيَاض فِي يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ دهم جمع أدهم وَهُوَ الْأسود والدهمة السوَاد بهم جمع بهيم قيل وَهُوَ الْأسود أَيْضا وَقيل هُوَ الَّذِي لَا يخالط لَونه لون سواهُ سَوَاء كَانَ أَبيض أَو أسود أَو أَحْمَر بل يكون لَونه خَالِصا فَإِنَّهُم يأْتونَ يَوْم الْقِيَامَة غرا محجلين من الْوضُوء زَاد مُسلم وَغَيره سِيمَا أمتِي لَيْسَ لأحد غَيرهَا فاستدل بذلك طَائِفَة على أَن الْوضُوء من خَصَائِص هَذِه الْأمة وَقَالَ آخَرُونَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بهَا وَإِنَّمَا الَّذِي اخْتصّت بِهِ الْغرَّة والتحجيل وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء من قبلي وَأجَاب الْأَولونَ بِأَنَّهُ حدث ضَعِيف وَلَو صَحَّ احْتمل أَن يكون الْأَنْبِيَاء اخْتصّت بِهِ دون أممهم وَعند بن عبد الْبر من حَدِيث عبد الله بن بسر أمتِي يَوْم الْقِيَامَة غر من السُّجُود ومحجلون من الْوضُوء فَلَا يذادن قَالَ الْبَاجِيّ وَابْن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى وَتَابعه مطرف وَابْن نَافِع على النَّهْي أَي لَا يفعلن أحد فعلا يذاد بِهِ عَن حَوْضِي وَرَوَاهُ أَبُو مُصعب وَتَابعه بن الْقَاسِم وَابْن وهب وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ بلام التَّأْكِيد على الاخبار أَي لَيَكُونن لَا محَالة من يذاد عَن حَوْضِي أَي يطرد عَنهُ وذاله الأولى مُعْجمَة وَالثَّانيَِة مُهْملَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ أناديهم إِلَّا هَلُمَّ أَي تعللوا قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن الْمُنَافِقين والمرتدين وكل من تَوَضَّأ يحْشر بالغرة والتحجيل ولأجلها دعاهم وَلَو لم يكن السيما إِلَّا للْمُؤْمِنين لما دعاهم وَلما ظن أهم مِنْهُم قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لمن رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبدل بعده وارتد فَدَعَاهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعلمه بهم أَيَّام حَيَاته وتظاهرهم بِالْإِسْلَامِ وَإِن لم يكن لَهُم يَوْمئِذٍ غرَّة وَلَا تحجيل لَكِن لكَوْنهم عِنْده أَيَّام حَيَاته وصحبته باسم الْإِسْلَام وَظَاهره قَالَ القَاضِي عِيَاض ولأول أظهر فقد ورد أَن الْمُنَافِقين يُعْطون نورا ويطفأ عِنْد الْحَاجة فَكَمَا جعل الله لَهُم نورا بِظَاهِر إِيمَانهم ليغتروا بِهِ حَتَّى يطفأ عِنْد حَاجتهم على الصِّرَاط كَذَلِك لَا يبعد أَن يكون لَهُم هُنَا غرَّة وتحجيل حَتَّى يذادوا عِنْد حَاجتهم إِلَى الْوُرُود نكالا من الله ومكرا بهم وَقَالَ الداوودي لَيْسَ فِي هَذَا مِمَّا يحتم بِهِ للمذادين بِدُخُول النَّار وَيحْتَمل أَن يذادوا وقتا فتلحقهم شدَّة ثمَّ يتلافاهم الله برحمته وَيَقُول لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سحقا ثمَّ يشفع فيهم قَالَ الْبَاجِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض كَأَنَّهُ جعلهم من أهل الْكَبَائِر من الْمُؤمنِينَ زَاد القَاضِي أَو من بدل ببدعة لَا تخرجه عَن الْإِسْلَام قَالَ غَيره وعَلى هَذَا لَا يبعد أَن يَكُونُوا أهل غرَّة وتحجيل بكونهم من الْمُؤمنِينَ وَقَالَ بن عبد الْبر كل من أحدث فِي الدّين فَهُوَ من المطرودين عَن الْحَوْض كالخوارج وَالرَّوَافِض وَأَصْحَاب الْأَهْوَاء وَكَذَلِكَ الظلمَة المسرفون فِي الْجور وطمس الْحق والمعلنون بالكبائر فَكل هَؤُلَاءِ يخَاف عَلَيْهِم أَن يَكُونُوا مِمَّن عنوا بِهَذَا الْخَبَر فسحقا بِسُكُون الْهَاء وَضمّهَا لُغَتَانِ أَي بعدا وَهُوَ مَنْصُوب على تَقْدِير ألزمهم الله سحقا أَو سحقهم سحقا فَائِدَة روى بن شَاكر فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى قَالَ ذكر الشَّافِعِي الْمُوَطَّأ فَقَالَ مَا علمنَا أَن أحدا من الْمُتَقَدِّمين ألف كتابا أحسن من موطأ مَالك وَمَا ذكر فِيهِ من الْأَخْبَار وَلم يذكر مرغوبا عَنهُ الرِّوَايَة كَمَا ذكر غَيره فِي كتبه وَمَا عَلمته ذكر حَدِيثا فِيهِ ذكر أحد من الصَّحَابَة إِلَّا مَا فِي حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن ليذادن رجال عَن حَوْضِي فَلَقَد أَخْبرنِي من سمع مَالِكًا ذكر هَذَا الحَدِيث وَأَنه ورد أَنه لم يُخرجهُ فِي الْمُوَطَّأ

[59] عَن حمْرَان بِضَم الْحَاء على المقاعد قيل هِيَ دكاكين حول دَار عُثْمَان وَقيل الدرج وَقيل مَوضِع قرب الْمَسْجِد قَالَ القَاضِي عِيَاض ولفظها يَقْتَضِي أَنَّهَا مَوَاضِع جرت الْعَادة بالقعود فِيهَا لَوْلَا أَنه فِي كتاب الله قَالَ الْبَاجِيّ وَغَيره كَذَا رَوَاهُ يحيى بن بكير بالنُّون وهاء الضَّمِير أَي لَوْلَا أَن مَعْنَاهُ فِيهِ مَا حَدثكُمْ بِهِ لِئَلَّا تتكلوا وَرَوَاهُ أَبُو مُصعب بِالْيَاءِ وَمد الْألف وهاء التَّأْنِيث أَي لَوْلَا أَنه تضمن مَعْنَاهُ فَيحسن وضوءه أَي يَأْتِي بِهِ تَاما بِكَمَال صفته وآدابه إِلَّا غفر لَهُ هَذَا مَخْصُوص بالصغائر كَمَا صرح بِهِ فِي حَدِيث آخر وَبَين الصَّلَاة الْأُخْرَى أَي الَّتِي تَلِيهَا قَالَ مَالك أرَاهُ يُرِيد هَذِه الْآيَة أقِم الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ قَالَ الْبَاجِيّ على هَذَا التَّأْوِيل تصح الرِّوَايَتَانِ أَنه وَآيَة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عُرْوَة أَن الْآيَة إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ قَالَ الْبَاجِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض وَالنَّوَوِيّ وعَلى هَذَا لَا تصح رِوَايَة النُّون وَالْمعْنَى على هَذَا لَوْلَا آيَة تمنع من كتمان شَيْء من الْعلم مَا حدثتكم قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّحِيح تَأْوِيل عُرْوَة قلت وَيشْهد لَهُ مَا أخرجه أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب فِي كتاب الْعلم لَهُ قَالَ حَدثنَا حجاج بن مُحَمَّد عَن بن جريج قَالَ أَخْبرنِي عَطاء أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة وَالنَّاس يسألونه يَقُول لَوْلَا آيَة أنزلت فِي سُورَة الْبَقَرَة مَا أخْبرت بِشَيْء لَوْلَا أَنه قَالَ إِن الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى الْآيَة

(1/40)


[60] عَن عبد الله الصنَابحِي قَالَ بن عبد الْبر سُئِلَ بن معِين عَن أَحَادِيث الصنَابحِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مُرْسلَة لَيْسَ لَهُ صُحْبَة وَإِنَّمَا هُوَ من كبار التَّابِعين وَلَيْسَ هُوَ عبد الله وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو عبيد الله واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عسيلة خرجت الْخَطَايَا من فِيهِ قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون معنى ذَلِك أَن فِيهِ كَفَّارَة لما يخص الْفَم من الْخَطَايَا فَعبر عَن ذَلِك بخروجها مِنْهُ وَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ أَن يعفوا تَعَالَى عَن عِقَاب ذَلِك الْعُضْو بِالذنُوبِ الَّتِي اكتسبها الْإِنْسَان وَإِن لم يخْتَص بذلك الْعُضْو وَقَالَ القَاضِي عِيَاض ذكر خُرُوج الْخَطَايَا اسْتِعَارَة لحُصُول الْمَغْفِرَة عِنْد ذَلِك لاأن الْخَطَايَا فِي الْحَقِيقَة شَيْء يحل فِي المَاء حَتَّى تخرج من تَحت أشفار عَيْنَيْهِ قَالَ الْبَاجِيّ جعل الْعَينَيْنِ مخرجا لخطايا الْوَجْه دون الْفَم وَالْأنف لِأَنَّهُمَا مختصان بِطَهَارَة مَشْرُوعَة فِي الْوضُوء دون الْعَينَيْنِ فَإِذا مسح بِرَأْسِهِ خرجت الْخَطَايَا من رَأسه حَتَّى تخرج من أُذُنَيْهِ فِيهِ إِشْعَار بِأَن خَطَايَا الرَّأْس مُتَعَلقَة بِالسَّمْعِ وأصرح مِنْهُ مَا عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير من حَدِيث أبي أُمَامَة وَإِذا مسح بِرَأْسِهِ كفر بِهِ مَا سَمِعت أذنَاهُ نَافِلَة أَي زَائِدا لَهُ فِي الْأجر على كَفَّارَة الذُّنُوب

(1/41)


[61] العَبْد الْمُسلم أَو الْمُؤمن قَالَ الْبَاجِيّ الظَّاهِر أَن هَذَا اللَّفْظ شكّ من الرَّاوِي كل خَطِيئَة نظر إِلَيْهَا بِعَيْنيهِ قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا يدل على أَن الْوضُوء يكفر عَن كل عُضْو مَا اخْتصَّ بِهِ من الْخَطَايَا مَعَ المَاء أَو مَعَ آخر قطر المَاء قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا شكّ من الرَّاوِي فَإِذا غسل يَدَيْهِ قَالَ الْبَاجِيّ كَذَا روى هَذَا الحَدِيث رُوَاة الْمُوَطَّأ غير بن وهب فَإِنَّهُ زَاد فِيهِ ذكر الرَّأْس وَالرّجلَيْنِ حَتَّى يخرج نقيا من الذُّنُوب قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ خص الْعلمَاء هَذَا بالضمائر قَالُوا وَأما الْكَبَائِر فَلَا يكفرهَا إِلَّا التَّوْبَة قَالَ وَكَذَلِكَ فعلوا فِي غير هَذَا من الْأَحَادِيث الَّتِي ذكر فِيهَا غفران الذُّنُوب ومسندهم فِي ذَلِك أَنه ورد التَّقْيِيد بِهِ فِي الحَدِيث الثَّابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ الصَّلَوَات الْخمس وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة ورمضان إِلَى رَمَضَان كَفَّارَات لما بَينهمَا مَا اجْتنبت فَجعلُوا التَّقْيِيد فِي هَذَا الحَدِيث مُقَيّدا للاطلاق فِي غَيره لَكِن قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد فِيهِ نظر وَحكى بن التِّين فِي ذَلِك خلافًا فَقَالَ اخْتلف هَل يغْفر لَهُ بِهَذَا الْكَبَائِر إِذا لم يصر عَلَيْهَا أم لَا يغْفر لَهُ سوى الصَّغَائِر قَالَ وَهَذَا كُله لَا يدْخل فِيهِ مظالم الْعباد وَقَالَ صَاحب الْمُفْهم لَا بعد فِي أَن يكون بعض الْأَشْخَاص تغْفر لَهُ الْكَبَائِر والصغائر بِحَسب مَا يحضرهُ من الْإِخْلَاص ويراعيه من الْإِحْسَان والآداب وَذَلِكَ فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَقَالَ النَّوَوِيّ ماوردت بِهِ الْأَحَادِيث أَنه يكفر إِن وجد مَا يكفره من الصَّغَائِر كفره وَإِن لم يُصَادف صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة كتب بِهِ حَسَنَات وَرفع بِهِ دَرَجَات وَإِن صَادف كَبِيرَة أَو كَبَائِر وَلم يُصَادف صَغِيرَة رجونا أَن يُخَفف من الْكَبَائِر

[62] وحانت بِالْمُهْمَلَةِ أَي قربت فالتمس النَّاس أَي طلبُوا وضوأ بِفَتْح الْوَاو فَأتى بِالضَّمِّ وَفِي رِوَايَة عِنْد البُخَارِيّ أَن ذَلِك كَانَ بالزوراء وَهِي سوق بِالْمَدِينَةِ ثمَّ أَمر النَّاس يَتَوَضَّئُونَ مِنْهُ قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا إِنَّمَا يكون بِوَحْي يعلم بِهِ أَنه إِذا وضع يَده فِي الْإِنَاء نبع المَاء حَتَّى يعم أَصْحَابه الْوضُوء فَرَأَيْت المَاء يَنْبع بِفَتْح أَوله وَضم الْمُوَحدَة وَيجوز كسرهَا وَفتحهَا من تَحت أَصَابِعه قَالَ بن عبد الْبر الَّذِي أُوتِيَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذِه الْآيَة أوضح مِمَّا أُوتِيَ مُوسَى من انفجار المَاء من الْحجر فَإِن خُرُوج المَاء من الْحِجَارَة مَعْهُود بِخِلَاف الْأَصَابِع حَتَّى توضؤوا من عِنْد آخِرهم قَالَ الْكرْمَانِي حَتَّى للتدريج وَمن للْبَيَان أَي تَوَضَّأ النَّاس حَتَّى تَوَضَّأ الَّذين هم عِنْد آخِرهم وَهُوَ كِنَايَة عَن جَمِيعهم وَعند بِمَعْنى فِي لَان عِنْد وَإِن كَانَت للظرفية الْخَاصَّة لَكِن الْمُبَالغَة تَقْتَضِي أَن يكون لمُطلق الظَّرْفِيَّة وَكَأَنَّهُ قَالَ الَّذين هم فِي آخِرهم وَقَالَ التَّيْمِيّ الْمَعْنى تَوَضَّأ الْقَوْم حَتَّى وصلت النّوبَة إِلَى الآخر وَقَالَ النَّوَوِيّ إِن من هُنَا بِمَعْنى إِلَى وَهِي لُغَة فَائِدَة قَالَ بن بطال هَذَا الحَدِيث شهده جمع من الصَّحَابَة إِلَّا انه لم يرو إِلَّا من طَرِيق أنس وَذَلِكَ لطول عمره ولطلب النَّاس غلو السَّنَد وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذِه الْقِصَّة رَوَاهَا الْعدَد الْكثير من الثِّقَات عَن الجم الْغَفِير عَن الكافة مُتَّصِلا عَن جملَة من الصَّحَابَة بل لم يُؤثر عَن أحد مِنْهُم إِنْكَار ذَلِك فَهُوَ مُلْحق بالقطعي من معجزاته

[63] نعيم بن عبد الله الْمدنِي المجمر كَانَ أَبوهُ عبد الله يجمر الْمَسْجِد إِذا قعد عمر على الْمِنْبَر وَقبل كَانَ من الَّذين يجمرون الْكَعْبَة من تَوَضَّأ فَأحْسن وضوءه الحَدِيث قَالَ بن عبد البركان نعيم يُوقف كثيرا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمثل هَذَا الحَدِيث لَا يُقَال من جِهَة الرَّأْي فَهُوَ مُسْند وَقد ورد مَعْنَاهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَغَيره بأسانيد صِحَاح ثمَّ خرج عَامِدًا إِلَى الصَّلَاة أَي قَاصِدا لَهَا دون غَيرهَا يكْتب لَهُ بِإِحْدَى خطوتيه حَسَنَة ومحى عَنهُ بِالْأُخْرَى سَيِّئَة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد أَن لخطاه حكمين فَيكْتب لَهُ بِبَعْضِهَا حَسَنَات وتمحى عَنهُ بِبَعْضِهَا سيئات وَإِن حكم زِيَادَة الْحَسَنَات غير حكم محو السَّيِّئَات قَالَ وَهَذَا ظَاهر اللَّفْظ وَلذَلِك فرق بَينهمَا قَالَ وَقد ذكر قوم أَن معنى ذَلِك وَاحِد وَإِن كتبه الْحَسَنَات هُوَ بِعَيْنِه محو السَّيِّئَات وَفِي الصِّحَاح الخطوة بِالضَّمِّ مَا بَين الْقَدَمَيْنِ وبالفتح الْمرة الْوَاحِدَة وَقد جزم الْيَعْمرِي أَنَّهَا هُنَا بِالْفَتْح وضبطها الْقُرْطُبِيّ وَابْن حجر بِالضَّمِّ فَإِذا سمع أحدكُم الْإِقَامَة فَلَا يسع قَالَ الْبَاجِيّ منع من ذَلِك لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا انه تقل بِهِ الخطا وَكَثْرَة الخطا مرغب فِيهِ لما ذكر من كتب الْحَسَنَات ومحو السَّيِّئَات وَالثَّانِي أَنه يخرج عَن الْوَقار الْمَشْرُوع فِي إتْيَان الصَّلَاة

(1/42)


[64] إِنَّمَا ذَلِك وضوء النِّسَاء قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ بن نَافِع يرد أَن الِاسْتِجْمَار بِالْحِجَارَةِ يُجزئ الرجل وَإِنَّمَا يكون الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ للنِّسَاء وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد يحْتَمل عِنْدِي وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه أَرَادَ أَن ذَلِك عَادَة النِّسَاء وَإِن عَادَة الرِّجَال الِاسْتِجْمَار وَالثَّانِي أَنه يُرِيد بذلك عيب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا التصفيق للنِّسَاء وَهَذَا لَا يرَاهُ مَالك وَلَا أَكثر أهل الْعلم

[65] إِذا شرب الْكَلْب قَالَ الْحَافِظ بن حجر كَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ وَالْمَشْهُور من رِوَايَة جُمْهُور أَصْحَاب أبي الزِّنَاد عَنهُ إِذا ولغَ وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة يُقَال ولغَ يلغ بِالْفَتْح فيهمَا إِذا شَرّ ب بِطرف لِسَانه وَقَالَ ثَعْلَب هُوَ أَن يدْخل لِسَانه فِي المَاء وَغَيره من كل مَائِع فيحركه زَاد بن درسْتوَيْه شرب أَو لم يشرب وَقَالَ مكي فَإِن كَانَ غير مَائِع يُقَال لعقه وَقَالَ الْمُطَرز فَإِن كَانَ فَارغًا يُقَال لحسه قَالَ الحافئ بن حجر وَادّعى بن عبد الْبر أَن لفظ شرب لم يروه إِلَّا مَالك وَغَيره رَوَاهُ بِلَفْظ ولغَ وَلَيْسَ كَمَا ادّعى فقد رَوَاهُ بن خُزَيْمَة وَابْن الْمُنْذر من طَرِيقين عَن هِشَام بن حسان عَن بن سِيرِين بِلَفْظ إِذا شرب وَرَوَاهُ مَالك بِلَفْظ إِذا ولغَ أخرجه أَبُو عبيد فِي كتاب الطّهُور لَهُ عَن إِسْمَاعِيل بن عمر عَنهُ وَمن طَرِيقه أوردهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَكَذَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت من طَرِيق أبي عَليّ الْحَنَفِيّ عَن مَالك وَهُوَ فِي نُسْخَة صَحِيحَة من بن ماجة من رِوَايَة روح بن عبَادَة عَن مَالك أَيْضا قَالَ وَكَانَ أَبُو الزِّنَاد حدث بِهِ باللفظين مَعًا لتقاربهما فِي الْمَعْنى فِي إِنَاء أحدكُم قَالَ الرَّافِعِيّ أَي مِنْهُ أَو شرب المَاء فِي الْإِنَاء فليغسله سبع مَرَّات زَاد الشَّافِعِي وَمُسلم من طَرِيق بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أولَاهُنَّ أَو أخراهن بِالتُّرَابِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم يَقع فِي رِوَايَة مَالك التتريب وَلَا ثَبت فِي شَيْء من الروايت عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا عَن بن سِيرِين على أَن بعض أَصْحَابه لم يذكرهُ وَرُوِيَ أَيْضا عَن الْحسن وَأبي رَافع عَنهُ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ وَعبد الرَّحْمَن وَالِد السّديّ عِنْد الْبَزَّار

(1/43)


[66] عَن مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا وَاعْمَلُوا وَخير أَعمالكُم الصَّلَاة وَلَا يحافظ على الْوضُوء إِلَّا مُؤمن قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث يتَّصل مُسْندًا من حَدِيث ثَوْبَان وَعبد الله بن عَمْرو من طرق صِحَاح قلت حَدِيث ثَوْبَان أخرجه بن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ بِلَفْظ الْمُوَطَّأ إِلَّا أَن فِيهِ وَاعْلَمُوا أَن خير أَعمالكُم الصَّلَاة وَحَدِيث بن عمر وَأخرجه بن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَفِيه وَاعْلَمُوا أَن من أفضل أَعمالكُم الصَّلَاة وَأخرج بن ماجة أَيْضا عَن أبي أُمَامَة يرفع الحَدِيث قَالَ اسْتَقِيمُوا وَنِعما إِن اسْتَقَمْتُمْ وَخير أَعمالكُم الصَّلَاة الحَدِيث وَأخرج بن عبد الْبر من وَجه آخر عَن ثَوْبَان مَرْفُوعا سددوا وقاربوا وَاعْمَلُوا وَخير أَعمالكُم الصَّلَاة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر اسْتَقِيمُوا أَي لَا تزيغوا وتميلوا عَمَّا سنّ لكم وَفرض عَلَيْكُم وليتكُمْ تطيقون ذَلِك قَالَ الْبَاجِيّ وَلنْ تُحْصُوا قَالَ بن نَافِع مَعْنَاهُ وَلنْ تُحْصُوا الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَلَا تمكنكم الاسْتقَامَة فِي كل شَيْء وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد مَعْنَاهُ عِنْدِي لَا يمكنكم اسْتِيعَاب أَعمال الْبر من قَوْله تَعَالَى عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ وَقَالَ مطرف مَعْنَاهُ وَلنْ تُحْصُوا مالكم من الْأجر إِن اسْتَقَمْتُمْ قَالَ الْبَاجِيّ وَقَوله وَخير أَعمالكُم الصَّلَاة يُرِيد أَنَّهَا أَكثر أَعمالكُم أجرا وَلَا يحافظ على الْوضُوء إِلَّا مُؤمن يُرِيد أَنه لَا يديم فعله فِي المكاره وَغَيرهَا مُنَافِق

(1/44)


[71] عَن بن شهَاب عَن عباد بن زِيَاد وَهُوَ من ولد الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن أَبِيه عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ مَالك بن عباد بن زِيَاد وَهُوَ من ولد الْمُغيرَة لم يخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ عَنهُ فِي ذَلِك وَهُوَ غلط مِنْهُ لم يُتَابِعه أحد من رُوَاة بن شهَاب وَلَا غَيرهم عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ من ولد الْمُغيرَة وَلم يقل أحد ذَلِك غَيره وَسَائِر رُوَاة الْمُوَطَّأ يَقُولُونَ عَن عباد بن زِيَاد من ولد الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَلَا يَقُولُونَ عَن أَبِيه الْمُغيرَة كَمَا قَالَ يحيى قَالَ ثمَّ وجدت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي رَوَاهُ عَن مَالك كَذَلِك قَالَ وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن سعيد بن عبد الحميد بن جَعْفَر قَالَ فِيهِ عَن أَبِيه كَمَا قَالَ يحيى قَالَ وَهُوَ وهم قَالَ بن عبد الْبر وَإسْنَاد هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَغَيره لَيْسَ بالقائم وَهُوَ مُنْقَطع فَإِن عباد بن زِيَاد لم ير الْمُغيرَة وَلم يسمع مِنْهُ شَيْئا وَإِنَّمَا يرويهِ بن شهَاب عَن عباد بن زِيَاد عَن عُرْوَة وَحَمْزَة ابْني الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن أَبِيهِمَا الْمُغيرَة وَرُبمَا حدث بِهِ بن شهَاب عَن عباد بن زِيَاد عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه لَا يذكر حَمْزَة انْتهى وَفِي شرح أبي دَاوُد للشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ قَالَ الشَّافِعِي وهم مَالك فَقَالَ عباد بن زِيَاد من ولد الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَإِنَّمَا هُوَ مولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَرَآهُ عَنهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِيمَا نَقله عَنهُ ابْنه فِي الْعِلَل وهم مَالك فِي هَذَا الحَدِيث فِي نسب عباد بن زِيَاد وَلَيْسَ هُوَ من ولد الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَيُقَال لَهُ عباد بن زِيَاد بن أبي سُفْيَان وَإِنَّمَا يرويهِ عَن عُرْوَة وَحَمْزَة ابْني الْمُغيرَة عَن الْمُغيرَة وَقَالَ مُصعب الزبيرِي أَخطَأ فِيهِ مَالك حَيْثُ قَالَ عَن عباد بن زِيَاد من ولد الْمُغيرَة وَالصَّوَاب عَن عباد بن زِيَاد عَن رجل من ولد الْمُغيرَة وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَحَادِيث الَّتِي خُولِفَ فِيهَا مَالك خَالفه صَالح بن كيسَان وَمعمر وَابْن جريج وَيُونُس وَعَمْرو بن الْحَارِث وَعقيل بن خَالِد وَعبد الرَّحْمَن بن مُسَافر وَغَيرهم فَرَوَوْه عَن الزُّهْرِيّ عَن عباد بن زِيَاد عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه فزادوا على مَالك فِي الْإِسْنَاد عُرْوَة بن الْمُغيرَة بَعضهم قَالَ عَن بن شهَاب عَن عباد عَن عُرْوَة وَحَمْزَة ابْني الْمُغيرَة عَن أَبِيهِمَا قَالَ ذَلِك عقيل وَعبد الرَّحْمَن بن خَالِد وَيُونُس من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ وَلم ينْسب أحد مِنْهُم عبادا إِلَى الْمُغيرَة وَهُوَ عباد بن زِيَاد بن أبي سُفْيَان قَالَ ذَلِك مُصعب الزبيرِي وَقَالَهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَيحيى بن معِين وَغَيرهم وَوهم مَالك فِي إِسْنَاده فِي موضِعين أَحدهمَا قَوْله عباد بن زِيَاد من ولد الْمُغيرَة وَالْآخر إِسْقَاطه من الْإِسْنَاد عُرْوَة وَحَمْزَة ابْني الْمُغيرَة وَقَالَ فِي الْعِلَل وهم فِيهِ مَالك وَهُوَ مِمَّا يعْتد بِهِ عَلَيْهِ وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَن روح بن عبَادَة عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عباد بن زِيَاد عَن رجل من ولد الْمُغيرَة فَإِن كَانَ روح حفظه عَن مَالك هَكَذَا فقد أَتَى بِالصَّوَابِ عَن الزُّهْرِيّ وَرَوَاهُ أُسَامَة عَن رجل من ولد الْمُغيرَة فَإِن كَانَ روح حفظه عَن مَالك هَكَذَا فقد أَتَى بِالصَّوَابِ عَن الزُّهْرِيّ وَرَوَاهُ أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ وَبرد بن سِنَان وَابْن سمْعَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه لم يذكرُوا فِي الْإِسْنَاد عبادا وَالصَّحِيح قَول من ذكر عبادا وَعُرْوَة انْتهى ذهب لِحَاجَتِهِ فِي غَزْوَة تَبُوك زَاد مُسلم وَأَبُو دَاوُد قبل الْفجْر وَكَانَت غَزْوَة تَبُوك سنة تسع من الْهِجْرَة فِي رَجَب وَهِي آخر غَزَوَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَفسِهِ وَهِي من أَطْرَاف الشَّام المقاربة للمدينة قيل سميت بذلك لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى قوما من أَصْحَابه يبوكون عين تَبُوك أَي يدْخلُونَ فِيهَا الْقدح ويحركونه ليخرج المَاء فَقَالَ مَا زلتم تبوكونها بوكا كمى بِضَم الْكَاف الْجُبَّة هِيَ مَا قطع من الثِّيَاب مشمرا قَالَه فِي الْمَشَارِق وَقد صلى بهم رَكْعَة زَاد مُسلم وَأَبُو دَاوُد من صَلَاة الْفجْر وَزَاد أَحْمد قَالَ الْمُغيرَة فَأَرَدْت تَأْخِير عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعه فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَاد مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَرَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَفِي مُسْند الْبَزَّار من حَدِيث أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قبض نَبِي حَتَّى يؤمه رجل من أمته الرَّكْعَة الَّتِي بقيت عَلَيْهِم لفظ مُسلم وَأبي دَاوُد الرَّكْعَة الثَّانِي ثمَّ سلم عبد الرَّحْمَن فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صلَاته فَفَزعَ الْمُسلمُونَ فَأَكْثرُوا التَّسْبِيح لأَنهم سبقوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا سلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم قد أصبْتُم أَو قد أَحْسَنْتُم وَبِهَذَا ظهر أَن فِي رِوَايَة مَالك حذفا كثيرا فَائِدَة اخْرُج بن سعد فِي الطَّبَقَات بِسَنَد صَحِيح عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَنه سُئِلَ هَل أم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد من هَذِه الْأمة غير أبي بكر قَالَ نعم كُنَّا فِي سفر فَلَمَّا كَانَ من السحر انْطلق وَانْطَلَقت مَعَه حَتَّى تبرزنا عَن النَّاس فَنزل عَن رَاحِلَته فتغيب عني حَتَّى مَا أرَاهُ فَمَكثَ طَويلا ثمَّ جَاءَ فَصَبَبْت عَلَيْهِ فَتَوَضَّأ وَمسح على خفيه ثمَّ ركبنَا فَأَدْرَكنَا النَّاس وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة فتقدمهم عبد الرَّحْمَن ببن عَوْف وَقد صلى بهم رَكْعَة وهم فِي الثَّانِيَة فَذَهَبت أوذنه فنهاني فصلينا الرَّكْعَة الَّتِي أدْركْت وقضينا الَّتِي سبقتنا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين صلى خلف عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مَا قبض نَبِي قطّ حَتَّى يُصَلِّي خلف رجل صَالح من أمته هَذَا الحَدِيث صَرِيح فِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى مرّة مؤتما بِأبي بكر وَقد اسْتشْكل بِمَا فِي الصَّحِيح عَن سهل بن سعيد السَّاعِدِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف ليصلح بَينهم فحانت الصَّلَاة فجَاء الْمُؤَذّن إِلَى أبي بكر فَقَالَ أَتُصَلِّي للنَّاس فأقيم قَالَ نعم فصلى أَبُو بكر فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس فِي الصَّلَاة فتخلص حَتَّى وقف فِي الصَّفّ فصفقت النَّاس وَكَانَ أَبُو بكر لَا يلْتَفت فِي صلَاته فَلَمَّا أَكثر النَّاس التصفيق الْتفت فَرَأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن امْكُث مَكَانك فَرفع أَبُو بكر يَدَيْهِ فَحَمدَ الله على مَا أَمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بكر حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفّ وَتقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى فَلَمَّا انْصَرف قَالَ يَا أَبَا بكر مَا مَنعك أَن ثَبت إِذْ أَمرتك فَقَالَ أَبُو بكر مَا كَانَ لِابْنِ أبي قُحَافَة أَن يُصَلِّي بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْجَوَاب أَن التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ قد أخرجَا عَن عَائِشَة قَالَت صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلف أبي بكر فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَاعِدا قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس قَالَ صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلف أبي بكر قَاعِدا فِي ثوب متوشحا بِهِ وَقَالَ حسن صَحِيح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى خلف أبي بكر فِي ثوب وَاحِد برد مُخَالفا بَين طَرفَيْهِ فَلَمَّا أَرَادَ أَن يقوم قَالَ ادْع لي أُسَامَة بن زيد فجَاء فأسند ظَهره إِلَى نَحوه فَكَانَت آخر صَلَاة صلاهَا وَأخرج النَّسَائِيّ عَن أنس قَالَ آخر صَلَاة صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ الْقَوْم فِي ثوب وَاحِد متوشحا خلف أبي بكر وَأخرج بن حبَان فِي صَحِيحه عَن عَائِشَة أَن أَبَا بكر صلى بِالنَّاسِ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّفّ خَلفه وَقد استشكلت هَذِه الْأَحَادِيث بِمَا فِي الصَّحِيح عَن عَائِشَة قَالَت لما مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَحَضَرت الصَّلَاة أذن فَقَالَ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَخرج أَبُو بكر يُصَلِّي فَوجدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَفسه خفَّة فَخرج يهادي بَين رجلَيْنِ كَأَنِّي أنظر رجلَيْهِ تخطان من الوجع فَأَرَادَ أَبُو بكر أَن يتَأَخَّر فأومئ إِلَيْهِ أَن مَكَانك ثمَّ أَتَى بِهِ حَتَّى جلس إِلَى جنبه فَقيل للاعمش فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاس بِصَلَاة أبي بكر فَقَالَ نعم وَلمُسلم عَن جَابر نَحوه وَفِيه أَن أَبَا بكر كَانَ مَأْمُوما وَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ هُوَ الامام وَفِيه وَأَبُو بكر يسمع النَّاس تكبيره وَالْجَوَاب أَن هَذِه الْأَحَادِيث الْمُخْتَلفَة قد جمع بَينهَا بن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن حزم فَقَالَ بن حبَان وَنحن نقُول بِمَشِيئَة الله وتوفيقه إِن هَذِه الْأَخْبَار كلهَا صِحَاح وَلَيْسَ شَيْء مِنْهَا معَارض الآخر وَلَكِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي عَلَيْهِ صَلَاتَيْنِ فِي الْمَسْجِد جمَاعَة لَا صَلَاة وَاحِدَة فِي أحداهما كَانَ مَأْمُوما وَفِي الْأُخْرَى كَانَ إِمَامًا قَالَ وَالدَّلِيل على أَنَّهَا كَانَت صَلَاتَيْنِ لَا صَلَاة وَاحِدَة أَن فِي خبر عبيد الله بن عبد الله عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج بَين رجلَيْنِ تُرِيدُ بأحهما الْعَبَّاس وبالآخر عليا وَفِي خبر مَسْرُوق عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج بَين بُرَيْدَة وثوبة قَالَ فَهَذَا يدلك على أَنَّهَا كَانَت صَلَاتَيْنِ لَا صَلَاة وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة وَالَّذِي نعرفه بالاستدلال بِسَائِر الْأَخْبَار أَن الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلف أبي بكر هِيَ صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَهِي آخر صَلَاة صلاهَا حَتَّى مضى لسبيله وَهِي غير الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا أَبُو بكر خَلفه قَالَ وَلَا يُخَالف هَذَا مَا ثَبت عَن أنس فِي صلَاتهم يَوْم الْإِثْنَيْنِ وكشف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ستر الْحُجْرَة وَنَظره إِلَيْهِم وهم صُفُوف فِي الصَّلَاة وَأمره إيَّاهُم باتمامها وإرخائه السّتْر فَإِن ذَلِك إِنَّمَا كَانَ فِي الرَّكْعَة الأولى ثمَّ انه وجد فِي نَفسه خفَّة فَخرج فَأدْرك مَعَه الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَالَ وَالَّذِي يدل على ذَلِك مَا ذكر مُوسَى بن عقبَة فِي الْمَغَازِي وَذكره أَبُو الْأسود عَن عُرْوَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقلع عَنهُ الوعك لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ فغدا صَلَاة الصُّبْح يتَوَكَّأ على الْفضل بن عَبَّاس وَغُلَام لَهُ وَقد سجد النَّاس مَعَ أبي بكر فِي صَلَاة الصُّبْح وَهُوَ قَائِم فِي الْأُخْرَى فتخلص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَامَ إِلَى جنب أبي بكر فاستأخر أَبُو بكر فَأخذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَوْبِهِ فقدمه فِي مُصَلَّاهُ فصفا جَمِيعًا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس وَأَبُو بكر قَائِم يقْرَأ الْقُرْآن فَلَمَّا قضى أَبُو بكر قِرَاءَته قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَكَعَ مَعَه الرَّكْعَة الْأَخِيرَة ثمَّ جلس أَبُو بكر حِين قضى سُجُوده يتَشَهَّد وَالنَّاس جُلُوس فَلَمَّا سمل أتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّكْعَة الْأَخِيرَة ثمَّ انْصَرف إِلَى جذع من جُذُوع الْمَسْجِد فَذكر الْقِصَّة فِي دُعَائِهِ أُسَامَة بن زيد وَعَهده إِلَيْهِ فِيمَا بَعثه فِيهِ ثمَّ فِي وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى بن شهَاب وَعُرْوَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ فَالصَّلَاة الَّتِي صلاهَا أَبُو بكر وَهُوَ مَأْمُوم هِيَ صَلَاة الظّهْر وَهِي الَّتِي خرج فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْفضل بن عَبَّاس وَغُلَام لَهُ قَالَ وَفِي ذَلِك جمع بَين الاخبار الَّتِي وَردت فِي هَذَا الْبَاب وَقَالَ بن حزم أَيْضا إنَّهُمَا صلاتان متغايرتان بِلَا شكّ إِحْدَاهمَا الَّتِي رَوَاهَا الْأسود عَن عَائِشَة وَعبيد الله عَنْهَا وَعَن بن عَبَّاس صفتهَا أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أم النَّاس وَالنَّاس خَلفه وَأَبُو بكر عَن يَمِينه فِي موقف الْمَأْمُوم الَّذِي يسمع النَّاس تكبيره وَالصَّلَاة الثَّانِيَة الَّتِي رَوَاهَا مَسْرُوق وَعبيد الله عَن عَائِشَة وَحميد عَن أنس صفتهَا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ خلف أبي بكر فِي الصَّفّ مَعَ النَّاس فارتفع الاشكال جملَة قَالَ وَلَيْسَت صَلَاة وَاحِدَة فِي الدَّهْر فَجعل ذَلِك على التَّعَارُض بل فِي يَوْم خمس صلوَات ومرضه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ مُدَّة اثْنَي عشر يَوْمًا فِيهِ سِتُّونَ صَلَاة أَو نَحْو ذَلِك انْتهى

(1/47)


[77] رعف بِفَتْح الْعين والمضارع بضَمهَا

[82] وَلَا حَظّ فِي الْإِسْلَام لمن ترك الصَّلَاة أَخذ بِظَاهِرِهِ من كفر بترك الصَّلَاة تكاسلا وَهُوَ مَذْهَب جمع من الصَّحَابَة وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَمَال اليه الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ فِي ترغيبه يثعب بمثلثة ثمَّ عين مُهْملَة ثمَّ مُوَحدَة قَالَ فِي النِّهَايَة أَي يجْرِي وَقَالَ فِي الْعين أَي ينفجر

(1/48)


[84] عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود أَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ بن عبد الْبر هَذَا إِسْنَاد لَيْسَ بِمُتَّصِل لِأَن سُلَيْمَان بن يسَار لم يسمع من الْمِقْدَاد وَلَا من عَليّ وَلم ير وَاحِدًا مِنْهُمَا فَإِنَّهُ ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَلَا خلاف أَن الْمِقْدَاد توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ قَالَ وَبَين سُلَيْمَان وَعلي فِي هَذَا الحَدِيث بن عَبَّاس أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق بن وهب عَن مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن بن عَبَّاس قَالَ قَالَ عَليّ بن أبي طَالب أرْسلت الْمِقْدَاد بن الْأسود الحَدِيث الْمَذْي فِي لُغَتَانِ أفصحهما فتح الْمِيم وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْيَاء وَالْأُخْرَى كسر الذَّال وَتَشْديد الْيَاء وَهُوَ مَاء أَبيض رَقِيق يخرج عِنْد الملاعبة وتذكر الْجِمَاع فلينضح فرجه أَي ليغسله قَالَ فِي النِّهَايَة يرد النَّضْح بِمَعْنى الْغسْل والازالة وَأَصله الرشح وَيُطلق على الرش وَضَبطه النَّوَوِيّ بِكَسْر الضَّاد قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَاتفقَ فِي بعض مجَالِس الحَدِيث أَن الشَّيْخ أَبَا حَيَّان قَرَأَهُ بِفَتْح الضَّاد فَرد عَلَيْهِ السراج الدمنهوري وَقَالَ نَص النَّوَوِيّ على أَنه بِالْكَسْرِ فأساء أَبُو حَيَّان وَقَالَ حق النَّوَوِيّ أَن يستفيده مني وَالَّذِي نلْت هُوَ الْقيَاس قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَكَلَام الْجَوْهَرِي يشْهد لما قَالَه النَّوَوِيّ لَكِن نقل عَن صَاحب الْجَامِع أَن الْكسر لُغَة وَإِن الْأَفْصَح الْفَتْح وليتوضأ وضوءه للصَّلَاة قَالَ الرَّافِعِيّ بِقطع احْتِمَال حمل التَّوَضُّؤ على الْوَضَاءَة الْحَاصِلَة بِغسْل الْفرج فَإِن غسل الْعُضْو الْوَاحِد قد يُسمى وضوا كَمَا ورد أَن الْوضُوء قبل الطَّعَام يَنْفِي الْفقر وَالْمرَاد غسل ليد

[85] مثل الخريزة تَصْغِير الخرزة وَهِي الْجَوْهَرَة وَفِي رِوَايَة عَنهُ مثل الحمانة وَهِي اللؤلؤة

[88] الصَّلْت بن زبيد بِضَم الزَّاي ومثناتين تَحت مصغر

(1/49)


[89] عَن عبد الله بن أبي بكر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ بن عبد الْبر هَذَا خطأ من يحيى حَيْثُ قَالَ عَن مُحَمَّد وَالصَّوَاب بن مُحَمَّد بِلَا شكّ وَلَيْسَ الحَدِيث لمُحَمد بن عَمْرو بن حزم عِنْد أحد من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وَلَا رَوَاهُ بِوَجْه من الْوُجُوه وَقد حدث بِهِ بن وضاح على الصِّحَّة فَقَالَ عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم فَقَالَ عُرْوَة مَا علمت هَذَا قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مَعَ مَنْزِلَته من الْعلم وَالْفضل دَلِيل على أَن الْجَهْل بِبَعْض المعلومات لَا يدْخل نقيصة على الْعَالم إِن كَانَ عَالما بالسنن إِذْ الْإِحَاطَة بِجَمِيعِ المعلومات لَا سَبِيل إِلَيْهَا بسرة بِضَم الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُهْملَة

(1/50)


[98] غرفات بِفَتْح الرَّاء ثمَّ يفِيض أَي يسيل والافاضة الاسالة على جلده قَالَ الرَّافِعِيّ سَائِر بدنه قَالَ وَقد يكنى بِالْجلدِ عَن الْبدن

[99] الْفرق بِفَتْح الرَّاء على الْأَفْصَح الْأَشْهر وَحكى اسكانه وَنقل أَبُو عبيد الِاتِّفَاق على أَنه ثَلَاثَة آسع وَأَنه سِتَّة عشر رطلا قَالَ الْبَاجِيّ روى يحيى الْفرق بتسكين الرَّاء وَرَوَاهُ غَيره بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ الصَّحِيح وَقَالَ الْأَزْهَرِي الْفرق فِي كَلَام الْعَرَب الْفَتْح والمحدثون يسكنونه وَفِي النِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير الْفرق بِالتَّحْرِيكِ مكيال يسع سِتَّة عشر رطلا وَهِي اثْنَا عشر مدا وَثَلَاثَة آصَع فَأَما الْفرق بِالسُّكُونِ فمائة وَعِشْرُونَ رطلا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ غَرِيب من الْجَنَابَة أَي بِسَبَب الْجَنَابَة

[100] ونضح فِي عَيْنَيْهِ قَالَ بن عبد الْبر لم يُتَابع بن عمر على النَّضْح فِي الْعين أحد قَالَ وَله شَدَائِد حمله عَلَيْهَا الْوَرع قَالَ وَفِي أَكثر الموطآت سُئِلَ مَالك عَن ذَلِك فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَل

(1/51)


[101] ولتضغث باعجام الضَّاد والغين ومثلثة قَالَ فِي النِّهَايَة الضغث معالجة شعر الرَّأْس بِالْيَدِ عِنْد الْغسْل كَأَنَّهَا تخلط بعضه بِبَعْض ليدْخل فِيهِ الغسول وَالْمَاء إِذا مس الْخِتَان الْخِتَان قَالَ أهل اللُّغَة ختان الْمَرْأَة إِنَّمَا يُسمى حفاضا فَذكره هُنَا بِلَفْظ الْخِتَان للمشاكلة

[104] يكسل قَالَ فِي النِّهَايَة أكسل الرجل إِذا جَامع ثمَّ أدْركهُ فتور فَلم ينزل وَمَعْنَاهُ صَار ذَا كسل

[103] مثل الْفروج يسمع الديكة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل مَعْنيين أَنه كَانَ صَبيا قبل الْبلُوغ فَسَأَلَ عَن مسَائِل الْجِمَاع الَّذِي لَا يعرفهُ وَلم يبلغ حَده وَالثَّانِي أَنه لم يبلغ مبلغ الْكَلَام فِي الْعلم

(1/52)


[107] عَن عبد الله بن دِينَار عَن بن عمر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا فِي الْمُوَطَّأ وَهُوَ الْمَحْفُوظ وَرَوَاهُ عِيسَى عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر وَهَذَا كالمستغرب عِنْدهم وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قد رَوَاهُ عَنهُ عَن نَافِع كَذَلِك خَمْسَة أَو سِتَّة فَلَا غرابة لَكِن الأول أشهى أَنه قَالَ ذكر عمر قَالَ الْحَافِظ بن حجر مُقْتَضَاهُ أَنه من مُسْند بن عمر وَكَذَا هُوَ عِنْد أَكثر الروَاة وَرَوَاهُ أَبُو نوح عَن مَالك فَزَاد عَن عمر وَقد بَين النَّسَائِيّ سَبَب ذَلِك فِي رِوَايَته من طَرِيق بن عون عَن نَافِع قَالَ أصَاب ان عمر جَنَابَة فَأتى عمر فَذكر ذَلِك لَهُ فَأتى عمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستخبره فَقَالَ ليتوضأ ويرقد قَالَ الْحَافِظ وعَلى هَذَا فَالضَّمِير فِي قَوْله أَنه تصيبه يعود على بن عمر لَا على عمر تَوَضَّأ واغسل ذكرك ثمَّ نم قَالَ بن الْجَوْزِيّ الْحِكْمَة فِيهِ أَن الْمَلَائِكَة تبعد عَن الْوَسخ وَالرِّيح الكريهة وَأَن الشَّيَاطِين تقرب من ذَلِك وَقَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف فِي حِكْمَة هَذَا الْوضُوء فَقَالَ أَصْحَابنَا لِأَنَّهُ يُخَفف الْحَدث وَقيل لَعَلَّه أَن ينشط إِلَى الْغسْل إِذا بل أعضاءه وَقيل ليبيت على إِحْدَى الطهارتين خشيَة أَن يَمُوت فِي مَنَامه قلت أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن مَيْمُونَة بنت سعد قَالَت قلت يَا رَسُول الله هَل يَأْكُل أَحَدنَا وَهُوَ جنب قَالَ لَا يَأْكُل حَتَّى يتَوَضَّأ قلت يَا رَسُول الله هَل يرقد الْجنب قَالَ مَا أحب أَن يرقد وَهُوَ جنب حَتَّى يتَوَضَّأ فَانِي أخْشَى أَن يتوفى فَلَا يحضرهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الْبَاجِيّ وَلَا يبطل هَذَا الْوضُوء ببول وَلَا غَائِط قَالَه مَالك فِي الْمَجْمُوعَة وَلَا يبطل بِشَيْء إِلَّا بمعاودة الْجِمَاع فَإِن جَامع بعد وضوئِهِ أعَاد الْوضُوء لِأَن الْجِمَاع الثَّانِي يحْتَاج من إِحْدَاث الْوضُوء مثل مَا احتاجه الأول قلت وَيخرج من هَذَا لغز لطيف فَيُقَال لنا وضوء لَا يُبطلهُ الْحَدث وَإِنَّمَا يُبطلهُ الْجِمَاع وَقد نظمته فَقلت قل للفقيه وللمفيد وَلكُل ذِي بَاعَ مديد مَا قلت فِي متوضئ قد جَاءَ بِالْأَمر السديد لَا ينقضون وضوءه مهما تغوط أَو يزِيد ووضوؤه لم ينْتَقض إِلَّا بإيلاج جَدِيد

[110] أَن عَطاء بن يسَار أخبرهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كبر فِي صَلَاة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُرْسل وَقد رُوِيَ مُتَّصِلا مُسْندًا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي بكرَة قلت حَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَحَدِيث أبي بكرَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَفِيه أَنَّهَا صَلَاة الْفجْر

[111] إِلَى الجرف بِضَم الْجِيم وَالرَّاء وَفَاء قَالَ الرَّافِعِيّ على ثَلَاثَة أَمْيَال من الْمَدِينَة من جَانب الشَّام فَنظر فِي ثَوْبه فَرَأى فِيهِ أثر الِاحْتِلَام وَغسل مَا رأى فِي ثَوْبه قَالَ الرَّافِعِيّ يحْتَمل أَن ذَلِك لِأَنَّهُ استنجى بِالْحجرِ وَيحْتَمل أَنه كَانَ تنظفا وَلذَلِك نضح مَا لم ير فِيهِ شَيْئا مُبَالغَة فِي التَّنْظِيف

(1/53)


[112] فَقَالَ لقد ابْتليت بالاحتلام مُنْذُ وليت أَمر النَّاس قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد أَن شغله بِأَمْر النَّاس واهتمامه بهم صرفه عَن الِاشْتِغَال بِالنسَاء فَكثر عَلَيْهِ الِاحْتِلَام وَيحْتَمل أَن يُرِيد أَن ذَلِك كَانَ وقتا لابتلائه بِهِ لِمَعْنى من الْمعَانِي لم يذكرهُ وَوَقته بِمَا ذكر من ولَايَته

(1/54)


[115] عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير أَن أم سليم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ وَقَالَ فِيهِ بن أبي أويس عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن أم سليم وكل من روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك لم يذكر فِيهِ عَنهُ عَن عَائِشَة فِيمَا علمت إِلَّا بن أبي الْوَزير وَعبد الله بن نَافِع فَإِنَّهُمَا روياه عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن أم سليم ثمَّ أسْندهُ من طريقهما قَالَ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ تَابع بن أبي الْوَزير على إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث عَن مَالك حباب بن جبلة وَعبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون ومعن بن عِيسَى قَالَ بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ أَبُو دَاوُد تَابع بن شهَاب مسافع الحَجبي فَرَوَاهُ أَيْضا عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَ بن عبد الْبر وَأما هِشَام بن عُرْوَة فَرَوَاهُ عَن أَبِيه عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة قَالَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي وهما حديثان عندنَا اتهى قلت وَقد وَصله مُسلم وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق عَن عَائِشَة فَقَالَت لَهَا عَائِشَة أُفٍّ لَك فِي حَدِيث آخر أَن أم سَلمَة هِيَ القائلة ذَلِك قَالَ القَاضِي عِيَاض وَيحْتَمل أَن عَائِشَة وَأم سَلمَة كَانَتَا هما أنكرتا عَلَيْهَا فَأجَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل وَاحِدَة بِمَا أجابها وَإِن كَانَ أهل الحَدِيث يَقُولُونَ ان الصَّحِيح هُنَا أم سَلمَة لَا عَائِشَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ جمع حسن لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع حُضُور أم سَلمَة وَعَائِشَة عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مجْلِس وَاحِد قَالَ الْبَاجِيّ قَوْلهَا أُفٍّ لَك على معنى الْإِنْكَار لقولها والاغلاظ عَلَيْهَا لما أخْبرت بِهِ عَن النِّسَاء وَقَالَ القَاضِي عِيَاض أُفٍّ لَك أَي استحقارا لَك وَهِي كلمة تسْتَعْمل فِي الاستحقار والاستقذار وأصل الأف وسخ الأظافر فِيهِ عشرَة لُغَات أُفٍّ بِالضَّمِّ وَالْكَسْر وَالْفَتْح دون تَنْوِين وبالتنوين أَيْضا وَذَلِكَ مَعَ ضم الْهمزَة فَهَذِهِ سِتَّة وَإنَّهُ واف بِكَسْر الْهمزَة وَفتح الْفَاء وأف بِضَم الْهمزَة وتسكين الْفَاء وافى بِضَم الْهمزَة وَالْقصر انْتهى قلت بل فِيهِ نَحْو أَرْبَعِينَ لُغَة حَكَاهَا أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف وَغَيره وَقد نظمتها فِي أَبْيَات فَقلت أُفٍّ ربع أخيره ثمَّ ثلث مبتداه مشددا ومخفف وبتنوينه وبالترك أفا لَا ممالا وبالامالة مضعف وبكسر ابتدا وافى مثلت وزد الْهَاء فِي أُفٍّ أطلق لَا أُفٍّ ثمَّ مدا بِكَسْر أُفٍّ واف ثمَّ أفو فاحفظ ودع مَا يزيف وَهل ترى ذَلِك بِكَسْر الْكَاف الْمَرْأَة قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ دَلِيل على أه لَيْسَ كل النِّسَاء تحتلمن وَإِلَّا لما أنْكرت عَائِشَة وَأم سَلمَة قَالَ قد يُوجد عدم الِاحْتِلَام فِي بعض الرِّجَال إِلَّا أَن فِي ذَلِك النِّسَاء أوجد وَأكْثر قلت وَأي مَانع من أَن يكون ذَلِك خصيصة لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّهُنَّ لَا يحتلمن كَمَا أَن من خَصَائِص الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام انهم لَا يحتلمون لِأَن الِاحْتِلَام من الشَّيْطَان فَلم يُسَلط عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ لم يُسَلط على أَزوَاجه تكريما لَهُ تربت يَمِينك قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ عِيسَى بن دِينَار مَا أرَاهُ أَرَادَ بذلك إِلَّا خيرا وَمَا الاتراب إِلَّا الْغنى قَالَ الْبَاجِيّ فَرَأى أَن ترب من الاتراب وَلَيْسَ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ من التُّرَاب وَقَالَ بن نَافِع مَعْنَاهُ ضعف عقلك الْجُهَنِيّ هَذَا وَقيل مَعْنَاهُ افْتَقَرت يداك من الْعلم إِذا جهلت مثل هَذَا فقد قل حظك من الْعلم وَهُوَ معنى قَول بن كيسَان وَقَالَ الْأَصْمَعِي مَعْنَاهُ الحض على تعلم مثل هَذَا كَمَا يُقَال انج ثكلتك أمك لَا يُرِيد أَن تثكل وَقَالَ أَبُو عَمْرو معنى تربت يَمِينك أَصَابَهَا التُّرَاب وَلم يدع عَلَيْهَا بالفقر وَقَالَ الدَّاودِيّ قد قَالَ قوم إِنَّهَا ثربت بالثاء الْمُثَلَّثَة يُرِيد استغنت من الثرب وَهُوَ الشَّحْم وَقَالَ هِيَ لُغَة للقبط صيروا التَّاء ثاء حَتَّى جرى على أَلْسِنَة الْعَرَب كَمَا أبدلوا من الثَّاء فَاء قَالَ الْبَاجِيّ وَالْأَظْهَر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خاطبها على عَادَة الْعَرَب فِي تخاطبها وهم يستعملون هَذِه اللَّفْظَة عِنْد الْإِنْكَار لمن لَا يُرِيدُونَ فقره وَإِن كَانَ مَعْنَاهَا افْتَقَرت يداك يُقَال ترب فلَان إِذا افْتقر فلصق بِالتُّرَابِ وأترب إِذا اسْتغنى وَصَارَ مَاله كالتراب كَثْرَة قَالَ وَيحْتَمل أَن يفعل ذَلِك بعائشة على وَجه التَّأْدِيب لَهَا لانكارها مَا أقرّ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يقر إِلَّا على الصَّوَاب وَقد قَالَ اللَّهُمَّ أَيّمَا مُؤمن سببته فَاجْعَلْ ذَلِك قربَة إِلَيْك فَلَا يمْتَنع على هَذَا أَن يَقُول ذَلِك لَهَا لتؤجر وليكفر بهَا مَا قالته لأم سليم قَالَ وروى بن حبيب عَن مَالك تربت بِمَعْنى خسرت وَهُوَ بِمَعْنى مَا قدمْنَاهُ وَقيل مَعْنَاهُ امْتَلَأت تُرَابا انْتهى وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا اللَّفْظ وَشبهه يجْرِي على أَلْسِنَة الْعَرَب من غير قصد للدُّعَاء وَقد قَالَ البديع فِي رسَالَته وَقد يوحش اللَّفْظ وَكله ود وَيكرهُ الشَّيْء وَلَيْسَ من فعله بُد هَذِه الْعَرَب تَقول لَا أَب لَك للشَّيْء إِذا أهم وقاتله الله وَلَا يُرِيدُونَ الذَّم وويل أمه لأمر إِذا تمّ وَلَك لباب فِي هَذَا الْبَاب أَن تنظر إِلَى القَوْل وقائله فَإِن كَانَ وليا فَهُوَ الولا وَإِن خشن وَإِن كَانَ عدوا فَهُوَ الْبلَاء وَإِن حسن وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذِه اللَّفْظَة خلاف كثير منتشر جدا للسلف وَالْخلف من الطوائف كلهَا وَالأَصَح الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَاهَا أَنَّهَا كلمة أَصْلهَا افْتَقَرت وَلَكِن الْعَرَب اعتادت اسْتِعْمَالهَا غير قاصدة حَقِيقَة مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ فَيذكرُونَ تربت يداك وقاتله الله مَا أشجعه وَلَا أم لَهُ وَلَا أَب لَك وثكلته أمه وويل أمه وَمَا اشبه هَذَا من الفاظهم يَقُولُونَهَا عِنْد إِنْكَار الشَّيْء والزجر عَنهُ أَو الذَّم عَلَيْهِ أَو استعظامه أَو الْحَث عَلَيْهِ أَو الْإِعْجَاب بِهِ وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة هَذِه الْكَلِمَة جَارِيَة على أَلْسِنَة الْعَرَب لَا يُرِيدُونَ بهَا الدُّعَاء على الْمُخَاطب وَلَا وُقُوع الْأَمر بهَا كَمَا يَقُولُونَ قَاتله الله وَقَالَ بَعضهم هُوَ دُعَاء على الْحَقِيقَة لِأَنَّهُ رأى الْحَاجة خيرا لَهَا وَالْأول الْوَجْه انْتهى وَاعْلَم أَنِّي فِي هَذَا الْكتاب أطنب حَيْثُ يسْتَحق الإطناب وأوجز حَيْثُ مَا يَقْتَضِي الْحَال الإيجاز وَمَا أحسن قَول من قَالَ يرْمونَ بالخطب الطوَال وَتارَة وَحي الملاحظ خيفة الرقباء وَمن أَيْن يكون الشّبَه ضبط بِفَتْح الشين وَالْبَاء وبكسر الشين وَسُكُون الْبَاء قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد شبه الابْن لأحد أَبَوَيْهِ أَو لاقاربه وَمعنى ذَلِك أَن للْمَرْأَة مَاء تَدْفَعهُ عِنْد اللَّذَّة الْكُبْرَى كَمَا للرجل مَا يَدْفَعهُ عِنْد اللَّذَّة الْكُبْرَى فَإِذا سبق مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة خرج الْوَلَد يشبه عمومته وَإِذا سبق مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل خرج الْوَلَد يشبه خؤلته

(1/55)


[116] جَاءَت أم سليم امْرَأَة أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ زَاد أَبُو دَاوُد وَهِي أم أنس بن مَالك إِن الله لَا يستحي من الْحق قَالَ ابباجي يحْتَمل أَن تُرِيدُ لَا يَأْمر أَن يسحي من الْحق وَيحْتَمل أَن تُرِيدُ لَا يمْتَنع من ذكره امْتنَاع المستحيي قَالَ وَإِنَّمَا قدمت ذَلِك بَين يَدي قَوْلهَا لما احْتَاجَت إِلَيْهِ من السُّؤَال عَن أَمر يسحي النِّسَاء من ذكره وَلم يكن لَهَا بُد مِنْهُ وَقَالَ الرَّافِعِيّ مَعْنَاهُ لَا يتْركهُ فَإِن من يستحي من الشَّرّ يتْركهُ وَالْمعْنَى أَن الْحيَاء لَا يَنْبَغِي أَن يمْنَع من طلب الْحق ومعرفته وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد لَعَلَّ لقَائِل أَن يَقُول إِنَّمَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل الْحيَاء فِي حق الله إِذا كَانَ الْكَلَام مثبتا كَمَا جَاءَ إِن الله حييّ كريم وَأما فِي النَّفْي فالمستحيلات على الله تنفى وَلَا يشْتَرط فِي النَّفْي أَن يكون الْمَنْفِيّ مُمكنا وَجَوَابه أَنه لم يرد النَّفْي على الاستحياء مُطلقًا بل ورد على الاستحياء من الْحق وبطريق الْمَفْهُوم يَقْتَضِي أَنه يستحي من غير الْحق فَيَعُود بطرِيق الْمَفْهُوم إِلَى جَانب الاثبات انْتهى ويستحيي بياءين فِي لُغَة الْحجاز وبياء وَاحِدَة فِي لُغَة تَمِيم إِذا هِيَ احْتَلَمت الِاحْتِلَام افتعال من الْحلم بِضَم الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَهُوَ مَا يرَاهُ النَّائِم فِي نَومه وخصصه الْعرف بِبَعْض ذَلِك وَهُوَ رُؤْيَة الْجِمَاع وَفِي رِوَايَة أَحْمد من حَدِيث أم سليم أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله إِذا رَأَتْ الْمَرْأَة أَن زَوجهَا يُجَامِعهَا فِي الْمَنَام أتغتسل وَفِي ربيع الْأَبْرَار للزمخشري عَن بن سِيرِين قَالَ لَا تحتلم ودعا إِلَّا على أَهله قَالَ نعم إِذا رَأَتْ المَاء أَي الْمَنِيّ بعد الاستيقاظ زَاد البُخَارِيّ من طَرِيق آخر عَن هِشَام فغطت أم سَلمَة يَعْنِي وَجههَا وَقَالَت يَا رَسُول الله وتحتلم الْمَرْأَة قَالَ نعم تربت يَمِينك فيمَ يشبهها وَلَدهَا وَلأَحْمَد أَنَّهَا قَالَت وَهل للْمَرْأَة مَاء فَقَالَ هن شقائق الرِّجَال قَالَ الرَّافِعِيّ أَي نظائرهم وأمثالهم فِي الْخلق

(1/56)


[119] ويعطينه الْخمْرَة قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ مِقْدَار مَا يضع الرجل عَلَيْهِ وَجهه فِي سُجُوده من حَصِير أَو نسجة خوص أَو نَحوه من الثِّيَاب وَلَا يكون خمرة إِلَّا فِي هَذَا الْمِقْدَار وَسميت خمرة لِأَن خيوطها مستورة بسعفها انْتهى

(1/57)


[120] عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره قَالَ جمَاعَة مِنْهُم بن سعد وَابْن حبَان وَابْن عبد الْبر أَن ذَلِك كَانَ فِي غَزْوَة بني المصطلق حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ هِيَ الشّرف الَّذِي قُدَّام ذِي الحليفة أَو بِذَات الْجَيْش هِيَ من الْمَدِينَة على بريد وَبَينهَا وَبَين العقيق سَبْعَة أَمْيَال عقد بِكَسْر الْمُهْملَة كل مَا يعْقد ويعلق فِي الْعُنُق وَتسَمى قلادة وَلأبي دَاوُد من حَدِيث عمار بن يَاسر أَنه كَانَ من جزع أظفار على التماسه أَي لأجل طلبه وَجعل يطعن بِضَم الْعين وَكَذَا جَمِيع مَا هُوَ حسي وَأما الْمَعْنَوِيّ فَيُقَال يطعن بِالْفَتْح هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فيهمَا مَعًا وَحكى فيهمَا مَعًا الْفَتْح وَالضَّم فَأنْزل الله آيَة التَّيَمُّم قَالَ بن الْعَرَبِيّ هَذِه العضلة مَا وجدت لدائها من دَوَاء لأَنا لَا نعلم أَي الْآيَتَيْنِ عنت عَائِشَة وَقَالَ بن بطال هِيَ آيَة النِّسَاء أَو آيَة الْمَائِدَة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هِيَ آيَة النِّسَاء وَوَجهه بِأَن آيَة الْمَائِدَة تسمى آيَة الْوضُوء وَآيَة النِّسَاء لَا ذكر للْوُضُوء فِيهَا فَيتَّجه تَخْصِيصه أَن بِآيَة التَّيَمُّم وَأورد الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول هَذَا الحَدِيث عِنْد ذكر آيَة النِّسَاء أَيْضا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وخفي على الْجَمِيع مَا ظهر للْبُخَارِيّ من أَن المُرَاد بهَا آيَة الْمَائِدَة بِغَيْر تردد لرِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث إِذْ ضرح فِيهَا بقوله فَنزلت يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ الْآيَة فَقَالَ أسيد هُوَ بِالتَّصْغِيرِ بن حضير هُوَ مُهْملَة ثمَّ مُعْجمَة مصغر أَيْضا مَا هِيَ بِأول بركتكم يَا آل أبي بكر أَي بل هِيَ مسبوقة بغَيْرهَا من البركات وَالْمرَاد بآل أبي بكر نَفسه وَأَهله وَأَتْبَاعه وَفِي تَفْسِير إِسْحَاق المسببي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا مَا كَانَ أعظم بركَة قلادتك فَبَعَثنَا الْبَعِير أَي أثرناه فَوَجَدنَا العقد تَحْتَهُ لأبي دَاوُد من حَدِيث عمار بن يَاسر فِي آخِره زِيَادَة فَقَامَ الْمُسلمُونَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضربُوا بِأَيْدِيهِم الأَرْض ثمَّ رفعوا أَيْديهم وَلم يقبضوا من التُّرَاب شَيْئا فمسحوا بهَا وُجُوههم وأيديهم إِلَى المناكب وَمن بطُون أَيْديهم إِلَى الآباط

[124] عَن زيد بن اسْلَمْ أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم أحدا روى هَذَا مُسْندًا بِهَذَا اللَّفْظ وَمَعْنَاهُ صَحِيح ثَابت

[125] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت مُضْطَجِعَة قَالَ بن عبد الْبر لم تخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَلَا أعلم أَنه رُوِيَ بِهَذَا اللَّفْظ من حَدِيث عَائِشَة أَلْبَتَّة ويتصل مَعْنَاهُ من حَدِيث أم سَلمَة وَهُوَ فِي الصَّحِيح وَغَيره نفست قَالَ الْخطابِيّ أصل هَذِه الْكَلِمَة من النَّفس إِلَّا أَنهم فرقوا بَين بِنَاء الْفِعْل من الْحيض وَالنّفاس فَقَالُوا فِي الْحيض نفست بِفَتْح النُّون والولادة بضَمهَا وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم هُوَ هُنَا بِفَتْح النُّون وَكسر الْفَاء هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَة وَهُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور فِي اللُّغَة إِن نفست بِفَتْح النُّون مَعْنَاهُ حَاضَت وَأما فِي الْولادَة فَيُقَال بِضَم النُّون قَالَ وَقد نقل أَبُو حَاتِم عَن الاسمعي الْوَجْهَيْنِ فِي الْحيض والولادة وَذكر ذَلِك غير وَاحِد قَالَ وأصل ذَلِك كُله خُرُوج الدَّم وَالدَّم يُسمى نفسا

(1/59)


[128] بالدرجة قَالَ بن عبد الْبر من رَوَاهُ هَكَذَا فَهُوَ على تَأْنِيث الدرج وَكَانَ الْأَخْفَش يرويهِ الدرجَة وَيَقُول هُوَ جمع درج مثل خرجَة وَخرج وترسة وترس وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة هَكَذَا يرْوى بِكَسْر الدَّال وَفتح الرَّاء جمع درج وَهُوَ كالصفد الصَّغِير تضع فِيهِ الْمَرْأَة خف متاعها وطيبها وَقيل إِنَّمَا هُوَ بالدرجة تَأْنِيث درج وَقيل إِنَّمَا هِيَ الدرجَة بِالضَّمِّ وَجَمعهَا الدرج وَأَصله شَيْء يدرج أَي يلف فَيدْخل فِي حَيَاء النَّاقة ثمَّ يخرج وَيتْرك على حوار فتشتبه فتظنه وَلَدهَا فتر أمه انْتهى الكرسف الْقطن حَتَّى تَرين الْقِصَّة الْبَيْضَاء بِفَتْح الْقَاف وَالصَّاد الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة قَالَ بن رَشِيق وَهُوَ الطُّهْر الْأَبْيَض الَّذِي يرينه النِّسَاء عِنْد النَّقَاء من الْحيض شبه بياضه بالقص وَهُوَ الجص وَقَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ أَن تخرج القطنة أَو الْخِرْقَة الَّتِي تحشى بهَا الْحَائِض كَأَنَّهَا قصَّة بَيْضَاء لَا يخالطها صفة وَقيل الْقِصَّة شَيْء كالخيط يخرج بعد انْقِطَاع الدَّم كُله

[129] عَن ابْنة زيد بن ثَابت اسْمهَا أم أسعد فَكَانَت تعيب ذَلِك عَلَيْهِنَّ قَالَ الْبَاجِيّ لتكلفهن من ذَلِك مَالا يلْزم قَالَ وَإِنَّمَا يلْزم النّظر إِلَى الطُّهْر إِذا أَرَادَت النّوم أَو إِن أقمن لصَلَاة الصُّبْح قَالَه مَالك فِي الْمَبْسُوط

[133] أرجل بتَشْديد الْجِيم من الترجيل وَهُوَ تَسْرِيح الشّعْر وتنظيفه

(1/60)


[134] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا وَقع فِي رِوَايَة يحيى وَهُوَ خطأ بَين مِنْهُ وَغلط بِلَا شكّ وَإِنَّمَا الحَدِيث فِي لهشام عَن فَاطِمَة امْرَأَته وَكَذَا رَوَاهُ كل من روى عَن هِشَام مَالك وَغَيره عَن أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق أَنَّهَا قَالَت سَأَلت امْرَأَة فِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن هِشَام أَن أَسمَاء قَالَت سَأَلت كَذَا أخرجه الشَّافِعِي قَالَ الرَّافِعِيّ مُمكن أَن تَعْنِي فِي رِوَايَة مَالك نَفسهَا وَيُمكن أَنَّهَا سَأَلت عَنهُ وَسَأَلَ غَيرهَا أَيْضا فترجع كل رِوَايَة إِلَى سُؤال قَالَ وَذكر الْبَيْهَقِيّ أَن الصَّحِيح أَن امْرَأَة سَأَلت وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر أغرب النَّوَوِيّ فضعف رِوَايَة سُفْيَان بِلَا دَلِيل وَهِي صَحِيحَة الْإِسْنَاد لَا عِلّة لَهَا قَالَ وَلَا بعد فِي أَن يتهم الرَّاوِي اسْم نَفسه كَمَا وَقع فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي قصَّة الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب أَرَأَيْت هِيَ بِمَعْنى أَخْبرنِي وَيجب فِي التَّاء إِذا لم تتصل بهَا الْكَاف مَا يجب لَهَا مَعَ سَائِر الْأَفْعَال من تذكير وتأنيث وتثنية وَجمع إِذا أصَاب ثوبها الدَّم بِنصب ثوبها وَرفع الدَّم من الْحَيْضَة قَالَ النَّوَوِيّ بِفَتْح الْحَاء أَي الْحيض وَقَالَ الرَّافِعِيّ يجوز فِيهِ الْكسر وَهِي الْحَالة الَّتِي عَلَيْهَا الْمَرْأَة وَيجوز الْفَتْح وَهِي الْمرة من الْحيض قَالَ وَهَذَا أظهر فلتقرضه قَالَ الْبَاجِيّ رَوَاهُ يحيى وَأكْثر الروَاة بِضَم الرَّاء وتخفيفها وَرَوَاهُ القعْنبِي بِكَسْر الرَّاء وتشديدها وَمَعْنَاهُ تَأْخُذ المَاء وتغمره بأصبعها للْغسْل وَقَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ تقطعه بأطراف الْأَصَابِع مَعَ المَاء ليتحلل ثمَّ لتنضحه قَالَ النَّوَوِيّ أيتغسله قَالَ وَهُوَ بِكَسْر الضَّاد كَذَا قَالَه الْجَوْهَرِي وَغَيره وَقَالَ الرَّافِعِيّ فسره الشَّافِعِي بِالْغسْلِ قَالَ النَّضْح يُطلق على الصب والرش وَالْغسْل وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ المُرَاد هُنَا الرش لِأَن غسل الدَّم اسْتُفِيدَ من قَوْله فلتقرصه وَأما النصح فَهُوَ لما شكت فِيهِ من الثَّوْب ورده الْحَافِظ بن حجر بِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ اخْتِلَاف الضمائى فِي الْمرجع وَهُوَ خلاف الأَصْل وَبِأَن الرش على الْمَشْكُوك فِيهِ لَا يُفِيد شَيْئا لِأَنَّهُ إِن كَانَ طَاهِرا فَلَا حَاجَة إِلَيْهِ وَإِن كَانَ متنجسا لم يطهر بذلك

[135] فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة والشين الْمُعْجَمَة بِصِيغَة التصغير اسْمه قيس بن الْمطلب بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي وَهِي غير فَاطِمَة بنت قيس الَّتِي طلقت ثَلَاثًا إِنِّي لَا أطهر قَالَ الْبَاجِيّ تُرِيدُ لَا يَنْقَطِع عَنْهَا الدَّم إِنَّمَا ذَلِك بِكَسْر الْكَاف عرق بِكَسْر الْعين وَسُكُون الرَّاء هُوَ الْمُسَمّى بالعاذل بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَلَيْسَت بالحيضة قَالَ النَّوَوِيّ يجوز فِيهَا الْوَجْهَانِ الْكسر على الْحَالة وَاخْتَارَهُ الْخطابِيّ وَالْفَتْح وَهُوَ الْأَظْهر أَي الْحيض قَالَ وَهَذَا الْوَجْه نَقله الْخطابِيّ عَن أَكثر الْمُحدثين أَو كلهم وَهُوَ فِي هَذَا الْموضع مُتَعَيّن أَو قريب من الْمُتَعَيّن فَإِن الْمَعْنى يَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ إِثْبَات الِاسْتِحَاضَة وَنفي الْحيض قَالَ وَأما مَا يَقع فِي كثير من كتب الْفِقْه إِنَّمَا ذَلِك عرق انْقَطع أَو انفجر فَهِيَ زِيَادَة لَا تعرف فِي الحَدِيث وَإِن كَانَ لَهَا معنى فَإِذا أَقبلت الْحَيْضَة قَالَ النَّوَوِيّ يجوز هُنَا الْوَجْهَانِ فتح الْحَاء وَكسرهَا جَوَازًا حسنا فَإِذا ذهب قدرهَا قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد قدر الْحَيْضَة على مَا قدره الشَّرْع وَإِن يُرِيد قدرهَا على مَا ترَاهُ الْمَرْأَة باجتهادها وَإِن يُرِيد قدرهَا على مَا تقدم من عَادَتهَا فِي حَيْضهَا

(1/61)


[136] عَن نَافِع عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن أم سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ مَالك وَأَيوب وَرَوَاهُ اللَّيْث بن سعد وصخر بن جوَيْرِية وَعبد الله بن عمر عَن نَافِع عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رجلا أخبرهُ عَن أم سَلمَة فادخلوا بَين سُلَيْمَان وَبَين أم سَلمَة رجلا أَن امْرَأَة قَالَ الْبَاجِيّ يُقَال هِيَ فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش قَالَ وَقد بَين ذَلِك حَمَّاد بن زيد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي حَدِيثهمَا عَن أَيُّوب عَن سُلَيْمَان بن يسَار قلت وَكَذَا هُوَ مُبين فِي سنَن أبي دَاوُد من طَرِيق وهيب عَن أَيُّوب كَانَت تهراق الدِّمَاء قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنَّهَا من كَثْرَة الدَّم بهَا كَانَت تهريقه وَفِي النِّهَايَة كَذَا جَاءَ هَذَا الحَدِيث تهراق الدَّم على مَا لم يسم فَاعله وَالدَّم مَنْصُوب أَي تهراق هِيَ الدَّم وَهُوَ مَنْصُوب على التَّمْيِيز وَإِن كَانَ معرفَة وَله نَظَائِر أَو يكون قد أجْرى تهراق مجْرى نفست الْمَرْأَة غُلَاما ونتج الْفرس مهْرا قَالَ وَيجوز رفع الدَّم على تَقْدِير تهراق دماؤها وَيكون اللف وَاللَّام بَدَلا من الْإِضَافَة كَقَوْلِه أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ أَي عقدَة نِكَاحه أَو نِكَاحهَا قَالَ وَالْهَاء تهراق بدل من همزَة أراق يُقَال أراق المَاء يريقه وهراقه يهريقه بِفَتْح الْهَاء هراقة انْتهى وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل اخْتلفُوا فِي تَشْبِيه الْفِعْل اللَّازِم بِالْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي كَمَا شبه وَصفه باسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي فَأجَاز ذَلِك بعض الْمُتَأَخِّرين فَتَقول زيد قد تفقأ الشَّحْم أَصله تفقأ شحمه فأضمرت فِي تفقأ ونصبت الشَّحْم تَشْبِيها بالمفعول وَاسْتدلَّ بِمَا رُوِيَ فِي الحَدِيث كَانَت امْرَأَة تهراق الدِّمَاء وَمنع من ذَلِك أَبُو عَليّ الشلويين وَقَالَ لَا يكون ذَلِك إِلَّا فِي الصِّفَات وَتَأَول الحَدِيث على أَنه إِسْقَاط حرف الْجَرّ أَو على إِضْمَار فعل أَي بالدماء أَو يهريق الله الدِّمَاء مِنْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح إِذْ لم يثبت ذَلِك من لِسَان الْعَرَب لتستثفر بمثلثة قبل الْفَاء قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ أَن تشد فرجهَا بِخرقَة عريضة بعد أَن تحتشي قطنا وتوثق طرفيها فِي شَيْء تشده على وَسطهَا فتمنع بذلك سيل الدَّم وَهُوَ مَأْخُوذ من ثفر الدَّابَّة الَّذِي يَجْعَل تَحت ذنبها فَائِدَة قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْحيض ثَلَاثَة أَحَادِيث حديثان لَيْسَ فِي نَفسِي شَيْء مِنْهُمَا حَدِيث عَائِشَة فِي قَضِيَّة فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش وَحَدِيث أم سَلمَة وَالثَّالِث فِي قلبِي مِنْهُ شَيْء وَهُوَ حَدِيث حمْنَة بنت جحش قَالَ أَبُو دَاوُد وَمَا عدا هَذِه الثَّلَاثَة أَحَادِيث فَفِيهَا اخْتِلَاف واضطراب وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الأشبيلي حَدِيث فَاطِمَة أصح حَدِيث يرْوى فِي الِاسْتِحَاضَة

(1/62)


[137] عَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة أَنَّهَا رَأَتْ زَيْنَب بنت جحش الَّتِي كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَكَانَت تستحاض قَالَ الْبَاجِيّ قَول رَأَتْ زَيْنَب وهم لِأَن زَيْنَب بنت جحش كَانَت زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأُخْتهَا حمْنَة كَانَت تَحت طَلْحَة بن عبيد الله وَأُخْتهَا أم حَبِيبَة كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَاسْمهَا جهبة وَقد روى هَذَا الحَدِيث بن عفير عَن مَالك وَقَالَ ابْنة جحش فَلم يسمهَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ القعْنبِي عَن مَالك فَإِن كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا فَهُوَ الصَّوَاب وَقَالَ القَاضِي عِيَاض اخْتلف أَصْحَاب الْمُوَطَّأ فِي هَذَا عَن مَالك فأكثرهم يَقُولُونَ زَيْنَب بنت جحش وَكثير من الروَاة يَقُولُونَ عَن ابْنة جحش قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب قَالَ وَيبين الْوَهم فِيهِ بقوله كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن وَزَيْنَب هِيَ أم الْمُؤمنِينَ لم يَتَزَوَّجهَا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قطّ إِنَّمَا تزَوجهَا أَولا زيد بن حَارِثَة ثمَّ تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّتِي كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف هِيَ أم حَبِيبَة وَقَالَ بن عبد الْبر قيل إِن بَنَات جحش الثَّلَاثَة زَيْنَب وَأم حَبِيبَة وَحمْنَة زوج طَلْحَة كن يستحضن كُلهنَّ وَقيل إِنَّه لم يستحض مِنْهُنَّ إِلَّا أم حَبِيبَة وَذكر القَاضِي يُونُس بن مغيث فِي كِتَابه الموعب فِي شرح الْمُوَطَّأ مث لهَذَا وَذكر أَن كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ اسْمهَا زَيْنَب ولقب إِحْدَاهُنَّ حمْنَة وكنبة الْأُخْرَى أم حَبِيبَة قَالَ وَإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا فقد سلم مَالك من الْخَطَأ فِي تَسْمِيَة أم حَبِيبَة زَيْنَب انْتهى كَلَام القَاضِي قَالَ النَّوَوِيّ وَأما قَوْله أم حَبِيبَة فقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ الصَّحِيح أَنَّهَا أم حبيب بِلَا هَاء وَاسْمهَا حَبِيبَة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قَول الْحَرْبِيّ صَحِيح وَكَانَ من أَئِمَّة النَّاس بِهَذَا الشَّأْن وَقَالَ أَبُو عَليّ الغساني الصَّحِيح أَن اسْمهَا حَبِيبَة وَقَالَ بن الْأَثِير يُقَال لَهَا أم حَبِيبَة وَقيل أم حبيب قَالَ وَالْأول أَكثر وَكَانَت مُسْتَحَاضَة وَأهل السّير يَقُولُونَ الْمُسْتَحَاضَة أُخْتهَا حمْنَة بنت جحش قَالَ بن عبد الْبر الصَّحِيح إنَّهُمَا كَانَتَا تستحاضان انْتهى وَقَالَ صَاحب الْمطَالع قَول الْمُوَطَّأ رَأَتْ زَيْنَب بنت جحش قَالَ الْحَرْبِيّ صَوَابه أم حبيب وَاسْمهَا حَبِيبَة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ أَبُو عَمْرو وَهُوَ الْأَكْثَر وَبَنَات جحش ثَلَاث زَيْنَب وحبيبة هَذِه وَحمْنَة فَقيل كن يستحضن كُلهنَّ وَقيل بل حَبِيبَة فَقَط وَقيل بل حَبِيبَة وَحمْنَة وَهَذَا الْأَصَح وَحكى لنا شَيخنَا أَبُو إِسْحَاق اللواتي عَن بن سهل عَن يُونُس بن عبد الله القَاضِي أَنه حكى إِن بَنَات جحش كن ثَلَاثًا اسْم كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ زَيْنَب وَكن يستحضن كُلهنَّ قَالَ القَاضِي وَسَأَلت عَن ذَلِك حفيده يُونُس بن مُحَمَّد بن مغيث فصححه قَالَ بن قرقول وَهَذَا لَا يقبل وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يسمع إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَأهل الْمعرفَة بِهَذَا الشَّأْن لَا يثبتونه وَإِنَّمَا حمل عَلَيْهِ من قَالَه إِنَّه لَا ينْسب إِلَى مَالك وهم انْتهى فَائِدَة عد الْحَافِظ بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ المستحاضات من الصحابيات فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبلغن عشرَة بَنَات جحش الثَّلَاثَة على مَا تقدم وَفَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش وَتقدم حَدِيثهَا وَسَوْدَة بنت زَمعَة وحديثها عِنْد أبي دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَأم سَلمَة وحديثها فِي سنَن سعيد بن مَنْصُور وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ فِي سنَن أبي دَاوُد أَيْضا لَكِن على التَّرَدُّد هَل هُوَ عَنَّا أَو عَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش وسهلة بنت سُهَيْل ذكرهَا أَبُو دَاوُد أَيْضا وَأَسْمَاء بنت مرشد ذكرهَا الْبَيْهَقِيّ وَغَيره وبادية بنت غيلَان ذكرهَا ان مَنْدَه وروى الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي حمْنَة حَدِيث يحيى بن أبي كثير أَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة استحاضت قَالَ الْحَافِظ بن حجر لَكِن الحَدِيث فِي سنَن أبي دَاوُد من حِكَايَة زَيْنَب عَن غَيرهَا وَهُوَ أشبه فانها كَانَت ف زَمَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَغِيرَة لِأَنَّهُ دخل على أمهَا فِي السّنة الثَّالِثَة وَهِي ترْضع

[140] أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصبي فَبَال على ثَوْبه قَالَ الْحَافِظ بن حجر يظْهر لي أَن المُرَاد بِهِ بن أم قيس الْمَذْكُور فِي الحَدِيث بعده قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون الْحسن بن عَليّ أَو الْحُسَيْن فقد وَقع لَهما أَيْضا ذَلِك كَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أم سَلمَة وَغَيرهَا فَأتبعهُ إِيَّاه بِإِسْكَان الْمُثَنَّاة أَي أتبع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَوْل المَاء أَي صبه عَلَيْهِ وَلمُسلم فَاتبعهُ وَلم يغسلهُ وَلابْن الْمُنْذر فنضحه عَلَيْهِ

(1/63)


[141] عَن أم قيس بنت مُحصن قَالَ بن عبد الْبر اسْمهَا جذامة يَعْنِي بِالْجِيم والذال الْمُعْجَمَة وَقَالَ السُّهيْلي اسْمهَا آمِنَة وَهِي أُخْت عكاشة بن مُحصن الْأَسدي وَكَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول أَنَّهَا أَتَت بِابْن لَهَا صَغِير قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم أَقف على تَسْمِيَته قَالَ وروى النَّسَائِيّ أَن ابْنهَا هَذَا مَاتَ فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ صَغِير فِي حجره بِفَتْح الْحَاء فَبَال على ثَوْبه قَالَ الْحَافِظ بن حجر أَي ثوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَأغْرب بن شعْبَان من الْمَالِكِيَّة فَقَالَ المُرَاد بِهِ ثوب الصَّبِي وَالصَّوَاب الأول وَلم يغسلهُ ادّعى الْأصيلِيّ أه هَذِه الْجُمْلَة مدرجة فِي آخر الحَدِيث من كَلَام بن شهَاب وَإِن الْمَرْفُوع انْتهى عِنْد قَوْله فنضحه قَالَ وَكَذَلِكَ روى معمر عَن بن شهَاب وَكَذَلِكَ أخرجه بن أبي شيبَة قَالَ فرشه وَلم يرد على ذَلِك وَتوقف الْحَافِظ بن حجر فِي ذَلِك قَالَ نعم زَاد معمر فِي رِوَايَته قَالَ بن شهَاب فمضت السّنة أَن يرش بَوْل الصَّبِي وَيغسل بَوْل الْجَارِيَة أخرجه عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه

[142] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ دخل أَعْرَابِي الْمَسْجِد وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ من طرق عَن يحيى عَن أنس بقه قَالَ بن عبد الْبر وَهَذَا الحيدث أصح حَدِيث يرْوى فِي المَاء قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد حكى أَبُو بكر التاريخي عَن عبد الله بن رَافع الْمدنِي أَن هَذَا الْأَعرَابِي هُوَ الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي لَكِن أخرج أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي الصَّحَابَة من مُرْسل سُلَيْمَان بن يسَار أَنه ذُو الْخوَيْصِرَة قَالَ وَكَانَ رجلا جَافيا وَفِي الصَّحِيح أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تِلْكَ الْقِسْمَة أعدل فَقَالَ لَهُ وَيحك وَمن يعدل إِذا لم أعدل وَفِي التِّرْمِذِيّ فِي أول هَذَا الحَدِيث انه صلى ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي ومحمدا وَلَا ترحم مَعنا أحدا فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد تحجرت وَاسِعًا فَلم يلبث أَن بَال فِي الْمَسْجِد قَالَ بعض الْفُضَلَاء فَهُوَ الْقَائِل والسائل والبائل بذنوب بِفَتْح الْمُعْجَمَة قَالَ الْخَلِيل هُوَ الدَّلْو ملأى مَاء وَقَالَ بن فَارس الدَّلْو الْعَظِيمَة وَقَالَ بن السّكيت فِيهَا مَاء قربت من الملء وَلَا يُقَال لَهَا فارغة ذنُوب فصب على ذَلِك الْمَكَان زَاد مُسلم ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ إِن هَذِه الْمَسَاجِد لَا تصلح لشَيْء من هَذَا الْبَوْل وَلَا القذر إِنَّمَا هِيَ لذكر الله وَالصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن

[143] بَلغنِي أَن بعض من مضى كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ من الْغَائِط قَالَ فِي الاستذكار عي بِمن مضى عمر بن الْخطاب لِأَن من رِوَايَته أَنه كَانَ يتَوَضَّأ بِالْمَاءِ لما تَحت إزَاره وَقد روى فِي قصَّة أهل قبَاء أَنهم كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ من الْغَائِط بِالْمَاءِ

(1/64)


[144] عَن بن شهَاب عَن بن السباق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي جُمُعَة من الْجمع وَصله بن ماجة من طَرِيق صَالح بن أبي الْأَخْضَر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد بن السباق عَن بن عَبَّاس بِهِ وَفَاتَ بن عبد الْبر ذَلِك وَاسم بن السباق عبيد وَهُوَ من ثِقَات التَّابِعين بِالْمَدِينَةِ وأشرافهم يَا معشر الْمُسلمين قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم المعشر الطَّائِفَة الَّذين يشملهم وصف فالشباب معشر والشيوخ معشر وَالنِّسَاء معشر والأنبياء معشر وَكَذَا مَا أشبهه إِن هَذَا يَوْم جعله الله عيدا أَي لهَذِهِ الْأمة خَاصَّة قَالَ أَبُو سعد فِي شرف الْمُصْطَفى وَابْن سراقَة فِي الاعداد خص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَوْم الْجُمُعَة عيدا لَهُ ولأمته قَالَ بن عبد الْبر فِي الحَدِيث دَلِيل على أَن من حلف أَن يَوْم الْجُمُعَة يَوْم عيد لم يَحْنَث وَكَذَا لَو حلف على فعل شَيْء يَوْم عيد وَلَا نِيَّة لَهُ فَإِنَّهُ يبر بِفِعْلِهِ يَوْم جُمُعَة وَعَلَيْكُم بِالسِّوَاكِ قَالَ الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند السِّوَاك فِيمَا حكى بن دُرَيْد من قَوْلهم سكت الشَّيْء إِذا دلكته سوكا وَذكر أَنه يُقَال ساك فَاه فَإِذا قلت استاك لم يذكر الْفَم وَعَن الْخَلِيل أَنه من قَوْلهم تساوكت الْإِبِل أَي اضْطَرَبَتْ أعناقها من الهزال وَذَلِكَ لِأَن الْيَد تضطرب عِنْد السِّوَاك قَالَ والسواك الْعود نَفسه والسواك اسْتِعْمَاله وَعَن أبي حنيفَة الدينَوَرِي أَنه يُقَال سواك ومسواك وَيجمع مساويك وسوكا انْتهى

[145] لَوْلَا أَن أشق على أمتِي قَالَ الرَّافِعِيّ أَي اثقل عَلَيْهِم يَقُول شققت عَلَيْهِ إِذا أدخلت عَلَيْهِ الْمَشَقَّة أشق شقا بِالْفَتْح لأمرتهم بِالسِّوَاكِ قَالَ الرَّافِعِيّ أَي أَمر إِيجَاب وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد اسْتدلَّ بِهِ بعض أهل الْأُصُول على أَن الْأَمر للْوُجُوب وَوجه الِاسْتِدْلَال أَن كلمة لَوْلَا تدل على انْتِفَاء الشَّيْء لوُجُود غَيره فتدل على انْتِفَاء الْأَمر لوُجُود الْمَشَقَّة والمنفي لأجل الْمَشَقَّة إِنَّمَا هُوَ الْوُجُوب لَا الِاسْتِحْبَاب فَإِن اسْتِحْبَاب السِّوَاك ثَابت عِنْد كل صَلَاة فَيَقْتَضِي ذَلِك أَن الْأَمر للْوُجُوب انْتهى وَفِي مُسْند أَحْمد من حَدِيث فتم بن الْعَبَّاس أَو تَمام بن الْعَبَّاس لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لفرضت عَلَيْهِم السِّوَاك كَمَا فرضت عَلَيْهِم الْوضُوء وَلابْن ماجة من حَدِيث أبي أُمَامَة مَا جَاءَ فِي جِبْرِيل إِلَّا أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خشيت أَن يفْرض عَليّ وعَلى أمتِي لَوْلَا أَنِّي أَخَاف أَن أشق على أمتِي لفرضته لَهُم تَنْبِيه فِي الحَدِيث اخْتِصَار من أَثْنَائِهِ وَآخره وَقد أخرجه الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد بِسَنَدِهِ بِلَفْظ لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِتَأْخِير الْعشَاء والسواك عِنْد كل صَلَاة

[146] عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ لَوْلَا أَن يشق على أمته لأمرهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل وضوء قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث يدْخل فِي الْمسند لاتصاله من غير مَا وَجه وَلما يدل عَلَيْهِ اللَّفْظ قَالَ وَبِهَذَا اللَّفْظ رَوَاهُ أَكثر الروَاة عَن مَالك وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ يحيى أَبُو مُصعب وَابْن بكير والقعنبي وَابْن الْقَاسِم وَابْن وهب وَابْن نَافِع وَرَوَاهُ معن بن عِيسَى وَأَيوب بن صَالح وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَجُوَيْرِية وَأَبُو قُرَّة مُوسَى بن طَارق وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس ومطرف بن عبد الله اليساري ألأصم وَبشر بن عمر وروح بن عبَادَة وَسَعِيد بن عفير وَسَحْنُون عَن بن الْقَاسِم عَن مَالك بِسَنَدِهِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْلَا أَن يشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل وضوء

(1/65)