تنوير الحوالك شرح موطأ مالك

 [147] كتاب الصَّلَاة عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أَرَادَ أَن يتَّخذ خشبتين الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر روى قصَّة عبد الله بن زيد هَذِه فِي بَدْء الْأَذَان جمَاعَة من الصَّحَابَة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة وَمَعَان مُتَقَارِبَة والأسانيد فِي ذَلِك متواترة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قد اسْتشْكل اثبات حكم الْأَذَان برؤيا عبد الله بن زيد لِأَن رُؤْيا غير الْأَنْبِيَاء لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حكم شَرْعِي وَأجِيب بِاحْتِمَال مُقَارنَة الْوَحْي لذَلِك وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل من طَرِيق عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ أحد كبار التَّابِعين أَن عمر لما رأى الْأَذَان جَاءَ ليخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ الْوَحْي قد ورد بذلك فَمَا راعه إِلَّا أَذَان بِلَال فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبَقَك بذلك الْوَحْي قَالَ الْحَافِظ وَهَذَا أصح مِمَّا حكى الدَّاودِيّ عَن بن إِسْحَاق أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأَذَانِ قبل أَن يُخبرهُ عبد الله بن زيد وَعمر بِثمَانِيَة أَيَّام انْتهى وَفِي كتاب الْأَذَان لأبي الشَّيْخ عَن بن عَبَّاس قَالَ الْأَذَان نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ فرض الصَّلَاة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ الْحَافِظ مغلطاي أَي مَعَ فرض الْجُمُعَة وَأخرج بن عَبَّاس قَالَ علم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَذَان حِين أسرِي بِهِ وَأخرج بن شاهين عَن زيد بن الْمُنْذر قَالَ حَدثنِي الْعَلَاء قَالَ قلت لِابْنِ الحنيفة كُنَّا نتحدث أَن الْأَذَان رُؤْيا رَآهَا رجل من الْأَنْصَار فَفَزعَ وَقَالَ عمدتم إِلَى أحسن دينكُمْ فزعمتم أَنه كَانَ رُؤْيا هَذَا وَالله الْبَاطِل وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عرج بِهِ انْتهى إِلَى مَكَان من السَّمَاء وقف وَبعث الله ملكا مَا رَآهُ أحد فِي السَّمَاء قبل ذَلِك الْيَوْم فَعلمه الْأَذَان

[148] عَن بن شهَاب عَن عَطاء بن يزِيد ذكر الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن طَاهِر فِي كتاب ذخيرة الْحفاظ أَن الْمُغيرَة بن سكلاب رَوَاهُ عَن مَالك فَزَاد فِي سَنَده سعيد بن الْمسيب مَقْرُونا بعطاء وَقَالَ بن عدي ذكر سعيد فِي هَذَا الْإِسْنَاد غَرِيب لَا أعلم يرويهِ عَن مَالك غير مُغيرَة وَهُوَ ضَعِيف وَفِي التَّمْهِيد رَوَاهُ مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر وَذَلِكَ خطأ من كل من رَوَاهُ عَن مُسَدّد أَو غَيره وَفِي كتاب أَطْرَاف الْمُوَطَّأ لأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى الدانىء وَرَوَاهُ عَمْرو بن مَرْزُوق عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ وَذَلِكَ وهم إِذا سَمِعْتُمْ النداء قَالَ الرَّافِعِيّ أَي الْأَذَان سمي بِهِ لِأَنَّهُ نِدَاء إِلَى الصَّلَاة وَدُعَاء إِلَيْهَا فَقولُوا مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن قَالَ الْحَافِظ بن حجر ادّعى بن وضاح أَن قَوْله الْمُؤَذّن مدرج وَإِن الحَدِيث انْتهى عِنْد قَوْله مثل مَا يَقُول قَالَ وَتعقب بِأَن الادراج لَا يثبت بِمُجَرَّد الدَّعْوَى وَقد اتّفقت الرِّوَايَات فِي الصَّحِيحَيْنِ والموطأ على إِثْبَاتهَا وَلم يصب صَاحب الْعُمْدَة فِي حذفهَا قَالَ الْحَافِظ مغلطاي وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت أَن لفظ عبد الرَّزَّاق عَن مَالك فَقولُوا مثل مَا يَقُول الْمُنَادِي قَالَ الرَّافِعِيّ وَظَاهر قَوْله مثل مَا يَقُول أَنه يَقُول مثل قَوْله فِي جَمِيع الْكَلِمَات لَكِن وَردت أَحَادِيث باستثناء حَيّ على الصَّلَاة وَحي على الْفَلاح وَإنَّهُ يَقُول بدلهما لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَقَالَ بن الْمُنْذر يحْتَمل أَن يكون ذَلِك من الِاخْتِلَاف الْمُبَاح فَيَقُول تَارَة كَذَا وَتارَة كَذَا

(1/66)


[149] عَن سمى بِضَم أَوله بِلَفْظ التصغير مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أَي بن الْحَارِث بن هِشَام لَو يعلم النَّاس قَالَ الطَّيِّبِيّ وضع الْمُضَارع مَوضِع الْمَاضِي ليُفِيد اسْتِمْرَار الْعلم مَا فِي النداء فِي رِوَايَة بشر بن عمر عَن مَالك عِنْد السراج الْأَذَان والصف الأول زَاد أَبُو الشَّيْخ فِي رِوَايَة لَهُ من طَرِيق الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة من الْخَيْر وَالْبركَة قَالَ الْبَاجِيّ اخْتلف فِي الصَّفّ الأول هَل هُوَ الَّذِي يَلِي الامام أَو الْمُنكر قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالصَّحِيح أَنه الَّذِي يَلِي الامام قَالَا فَإِن كَانَ بَين الامام وَالنَّاس سَائل كَمَا أحدث النَّاس المقاصير فالصف الأول الَّذِي يَلِي الْمَقْصُورَة ثمَّ لم يَجدوا إِلَّا أَن يستهموا أَي يقترعوا وَقيل المُرَاد يتراموا بِالسِّهَامِ وَإنَّهُ خرج مخرج الْمُبَالغَة وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث لتجالدوا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ عَلَيْهِ أَي على مَا ذكر من الْأَمريْنِ وَقَالَ بن عبد الْبر الْهَاء عَائِدَة على الصَّفّ الأول لَا على النداء وَهُوَ وَجه الْكَلَام لِأَن الضَّمِير يعود لأَقْرَب مَذْكُور ونازعه الْقُرْطُبِيّ وَقَالَ إِنَّه يلْزم مِنْهُ أَن يبْقى النداء ضائعا لَا فَائِدَة لَهُ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن مَالك بِلَفْظ لاستهموا عَلَيْهِمَا وَهُوَ مفصح بالمراد من غير تكلّف مَا فِي التهجير هُوَ النكير إِلَى الصَّلَاة أَي صَلَاة كَانَت قَالَه الْهَرَوِيّ وَغَيره وَخَصه الْخَلِيل بِالْجمعَةِ قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّوَاب الْمَشْهُور الأول وَقَالَ الْبَاجِيّ التهجير التبكير إِلَى الصَّلَاة فِي الهاجرة وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا فِي الظّهْر أَو الْجُمُعَة لاستبقوا إِلَيْهِ قَالَ بن أبي جَمْرَة المُرَاد الاستباق معنى لَا حسا لِأَن الْمُسَابقَة على الْأَقْدَام حسا تَقْتَضِي السرعة فِي الْمَشْي وَهُوَ مَمْنُوع مِنْهُ مَا فِي الْعَتَمَة أَي العشا قَالَ النَّوَوِيّ وَقد سبق النَّهْي عَن تَسْمِيَة الْعشَاء عتمة وَالْجَوَاب عَن هَذَا الحَدِيث من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن هَذِه التَّسْمِيَة بَيَان للْجُوَاز وَإِن ذَلِك النَّهْي لَيْسَ للتَّحْرِيم وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهر أَن اسْتِعْمَاله الْعَتَمَة هُنَا لمصْلحَة وَنفي مفْسدَة لِأَن الْعَرَب كَانَت تسْتَعْمل لَفْظَة الْعشَاء فِي الْمغرب فَلَو قَالَ لَو يعلمُونَ مَا فِي الْعشَاء لحملوها على الْمغرب ففسد الْمَعْنى وَفَاتَ الْمَطْلُوب فَاسْتعْمل الْعَتَمَة الَّتِي يعرفونها وَلَا يَشكونَ فِيهَا قَالَ وقواعد الشَّرْع متظاهرة على احْتِمَال أخف المفسدتين لدفع أعظمها وَالصُّبْح قَالَ الْبَاجِيّ خص هَاتين الصَّلَاتَيْنِ بذلك لِأَن السَّعْي إِلَيْهِمَا أشق من غَيرهمَا زَاد النَّوَوِيّ لما فِيهِ من تنقيص أول النّوم وَآخره وَلَو حبوا بِسُكُون الْبَاء قَالَ النَّوَوِيّ وَإِنَّمَا ضَبطه لِأَنِّي رَأَيْت من الْكِبَار من صحفه وَفِي شرح الْمَشَارِق للشَّيْخ أكمل الدّين الحبو بِالْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُوَحدَة هُوَ الْمَشْي على الْيَدَيْنِ والركبتين وَلابْن أبي شيبَة من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء وَلَو حبوا على الْمرَافِق والركب

[150] إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أُقِيمَت قَالَ وَسميت الْإِقَامَة تثويبا لِأَنَّهَا دُعَاء إِلَى الصَّلَاة بعد الدُّعَاء بِالْأَذَانِ من قَوْلهم ثاب إِذا رَجَعَ وَقد ورد من طَرِيق آخر بِلَفْظ إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة قَالَ النَّوَوِيّ وَإِنَّمَا ذكر الْإِقَامَة للتّنْبِيه بهَا على مَا سواهَا لِأَنَّهُ إِذا نهى عَن إتيانها سعيا فِي حَال الْإِقَامَة مَعَ خوف فَوت بَعْضهَا فَقبل الْإِقَامَة أولى قَالَ وأكد ذَلِك بِبَيَان الْعلَّة بقوله فَإِن أحدكُم فِي صَلَاة مَا كَانَ يعمد إِلَى صَلَاة وَهَذَا يتَنَاوَل جَمِيع أَوْقَات الْإِتْيَان إِلَى الصَّلَاة وأكد ذَلِك تَأْكِيدًا آخر بقوله فَمَا أدركتم فصلوا وَمَا فاتكم فَأتمُّوا فَحصل فِيهِ تَنْبِيه وتأكيد لِئَلَّا يتَوَهَّم متوهم أَن النَّهْي إِنَّمَا هُوَ لمن لم يخف فَوت بعض الصَّلَاة فَصرحَ بِالنَّهْي وَإِن فَاتَ من اصلاة مَا فَاتَ وَبَين مَا يفعل فِيمَا فَاتَ وَقَوله وَعَلَيْكُم السكنية بِالرَّفْع على أَنَّهَا جملَة فِي مَوضِع الْحَال وَضَبطه الْقُرْطُبِيّ بِالنّصب على الإغراء

(1/67)


[151] فَإِذا كنت فِي غنمك أَو باديتك قَالَ الرَّافِعِيّ يحْتَمل أَن يكون شكا من الرَّاوِي وَيحْتَمل أَن يُرِيد فِي غنمك أَو فِي باديتك بَعيدا عَن الْغنم أَو بِلَا غنم قَالَ مغلطاي والبادية هِيَ الصَّحرَاء لاتي لَا عمَارَة فِيهَا لَا يسمع مدى صَوت الْمُؤَذّن المدى بِفَتْح الْمِيم وَالْقصر الْغَايَة والمنتهى قَالَ الْبَيْضَاوِيّ غَايَة الصَّوْت يكون للمصغي من انتهائه فَإِذا شهد لَهُ من بعد عَنهُ وَوصل إِلَيْهِ مُنْتَهى صَوته فَلِأَن يشْهد لَهُ من دنا مِنْهُ وَسمع مبادي صَوته أولى جن قَالَ الرَّافِعِيّ يشبه أَن يُرِيد مُؤمن الْجِنّ وَأما غَيرهم فَلَا يشْهدُونَ للمؤذن بل يغيرون وينفرون من الْأَذَان وَلَا أنس قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل هُوَ خَاص بِالْمُؤْمِنِينَ فَأَما الْكفْر فَلَا شَهَادَة لَهُ قَالَ وَهَذَا لَا يسلم لقائله لما جَاءَ فِي الْآثَار من خِلَافه وَلَا شَيْء قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ سَائِر الْحَيَوَانَات لِأَنَّهُ الَّذِي يَصح أَن يسمع صَوته وَقَالَت طَائِفَة الحَدِيث على عُمُومه فِي سَائِر الْحَيَوَانَات والجماد وَإِن الله تَعَالَى يخلق لَهَا إدراكا للاذان وعقلا وَمَعْرِفَة كَقَوْلِه تَعَالَى وَإِن من شَيْء إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ قلت وَيشْهد لَهُ مَا فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَة لَا يسمع صَوته شجر وَلَا مدر وَلَا حجر وَلَا جن وَلَا إنس وَلأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مدى صَوته وَيشْهد لَهُ كل رطب ويابس وَنَحْوه للنسائي من حَدِيث الْبَراء وَصَححهُ بن السكن إِلَّا شهد لَهُ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الزين بن الْمُنِير السِّرّ فِي هَذِه الشَّهَادَة مَعَ أَنَّهَا تقع عِنْد عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة أَن أَحْكَام الْآخِرَة جرت على نعت أَحْكَام الْخلق فِي الدُّنْيَا من تَوْجِيه الدَّعْوَى وَالْجَوَاب وَالشَّهَادَة وَقَالَ التوربشتي المُرَاد من هَذِه الشَّهَادَة إشهار الْمَشْهُود لَهُ يَوْم الْقِيَامَة بِالْفَضْلِ وعلو الدرجَة وكما أَن الله يفضح بِالشَّهَادَةِ قوما فَكَذَلِك يكرم بِالشَّهَادَةِ آخَرين وَقَالَ الْبَاجِيّ فَائِدَة ذَلِك أَن من يشْهد لَهُ يكون أعظم أجرا فِي الْآخِرَة مِمَّن أذن فَلم يسمعهُ من يشْهد لَهُ قَالَ أَبُو سعيد سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الرَّافِعِيّ يَعْنِي أَنه لَا يسمع إِلَى آخِره قلت وَقد بَينه بن خُزَيْمَة فِي رِوَايَته وَلَفظه قَالَ أَبُو سعيد إِذا كنت فِي الْبَوَادِي فارفع صَوْتك بالنداء فَانِي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يسمع إِلَى آخِره وَرَوَاهُ يحيى الْقطَّان عَن مَالك بِلَفْظ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَذِنت فارفع صَوْتك فَإِنَّهُ لَا يسمع إِلَى آخِره قَالَ الْحَافِظ بن حجر فَالظَّاهِر أَن ذكر الْبَادِيَة وَالْغنم وقُوف

(1/68)


[152] إِذا نُودي للصَّلَاة أدبر الشَّيْطَان زَاد مُسلم حَتَّى يكون مَكَان الروحاء قَالَ الرَّاوِي وَهِي من الْمَدِينَة سِتَّة وَثَلَاثُونَ ميلًا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بِهِ إِبْلِيس وَيحْتَمل أَن المُرَاد جنس شَيْطَان الْجِنّ لَهُ ضراط جملَة اسمية وَقعت حَالا بِدُونِ وَاو لحُصُول الارتباط بالضمير وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَله بِالْوَاو وَقَالَ القَاضِي عِيَاض يُمكن حمله على ظَاهره لِأَنَّهُ جسم منفذ يَصح مِنْهُ خُرُوج الرّيح وَيحْتَمل أَنه عبارَة عَن شدَّة خَوفه ونفاره حَتَّى لَا يسمع النداء أَو يصنع ذَلِك اسْتِخْفَافًا كَمَا يَفْعَله السُّفَهَاء وَيحْتَمل أَنه لَا يعمد ذَلِك بل يحصل لَهُ عِنْد سَماع الْأَذَان شدَّة خوف يحصل لَهُ ذَلِك الصَّوْت بِسَبَبِهَا وَيحْتَمل أَن يتَعَمَّد ذَلِك ليناسب مَا يُقَابل الصَّلَاة من الطَّهَارَة بِالْحَدَثِ قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا أدبر الشَّيْطَان عِنْد الْأَذَان لِئَلَّا يسمعهُ فيضطر إِلَى أَن يشْهد لَهُ بذلك يَوْم الْقِيَامَة وَقيل لعظم أَمر الْأَذَان لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من قَوَاعِد التَّوْحِيد وَإِظْهَار شعار الْإِسْلَام وإعلانه وَقيل ليأسه من وسوسته للْإنْسَان عِنْد الاعلان بِالتَّوْحِيدِ قَالَ بن الْجَوْزِيّ فَإِن قيل كَيفَ يهرب الشَّيْطَان من الْأَذَان وَيَدْنُو فِي الصَّلَاة وفيهَا الْقُرْآن ومناجاة الْحق عز وَجل فَالْجَوَاب أَن بعده عِنْد الْأَذَان لغيظه من ظُهُور الدّين وَغَلَبَة الْحق وعَلى الْأَذَان هَيْبَة يشْتَد انزعاجه لَهَا وَلَا يكَاد يَقع فِيهِ رِيَاء وَلَا غَفلَة عِنْد النُّطْق بِهِ لِأَن النَّفس لَا تحضره وَأما الصَّلَاة فَإِن النَّفس تحضر فَيفتح لَهَا الشَّيْطَان أَبْوَاب الوسواس وَقَالَ بن أبي جَمْرَة الْأَذَان إِعْلَام بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أفضل الْأَعْمَال بِأَلْفَاظ هِيَ من الذّكر لَا يُزَاد فِيهَا وَلَا ينقص مِنْهَا بل تقع على وفْق الْأَمر فيفر من سماعهَا وَأما الصَّلَاة فَلَمَّا يَقع من كثير من النَّاس فِيهَا من التَّفْرِيط فيتمكن من المفرط فَلَو قدر أَن الْمُصَلِّي وفى بِجَمِيعِ مَا أَمر بِهِ فِيهَا لم يقر بِهِ إِذا كَانَ وَحده وَهُوَ نَادِر وَكَذَا إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ مثله فَإِنَّهُ يكون أندر فَإِذا قضي النداء أقبل زَاد مُسلم فوسوس حَتَّى إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ بِضَم الْمُثَلَّثَة وَكسر الْوَاو الْمُشَدّدَة أَي أُقِيمَت وَأَصله من ثاب إِذا رَجَعَ ومقيم الصَّلَاة رَاجع إِلَى الدُّعَاء إِلَيْهَا فَإِن الْأَذَان دُعَاء إِلَى الصَّلَاة والاقامة دَعَا إِلَيْهَا حَتَّى يخْطر بَين الْمَرْء وَنَفسه هُوَ بِضَم الطَّاء وَكسرهَا حَكَاهُمَا القَاضِي عِيَاض فِي الْمَشَارِق قَالَ وضبطناه عَن المتقنين بِالْكَسْرِ وسمعناه من أَكثر الروَاة بِالضَّمِّ قَالَ وَالْكَسْر هُوَ الْوَجْه وَمَعْنَاهُ يوسوس وَهُوَ من قَوْلهم خطر الْفَحْل بدنه إِذا حركه فَضرب بِهِ فَخذيهِ وَأما بِالضَّمِّ فَمن السلوك وَالْمرَاد أَن يدنو مِنْهُ فيمر بَينه وَبَين قلبه فيشغله عَمَّا هُوَ فِيهِ وَبِهَذَا فسر الشارحون للموطأ وبالأول فسره الْخَلِيل وَقَالَ الْبَاجِيّ فيحول بَين الْمَرْء وَبَين مَا يُرِيد من نَفسه من إقباله على صلَاته وإخلاصه انْتهى اذكر كَذَا قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَذَا أَعم من أَن يكون فِي أُمُور الدُّنْيَا أَو فِي أُمُور الدّين كَالْعلمِ لما لم يكن يذكر زَاد مُسلم من قبل أَي لشَيْء لم يكن على ذكره قبل دُخُوله فِي الصَّلَاة وَمن هُنَا استنبط أَبُو حنيفَة للَّذي شكا إِلَيْهِ أَنه دفن مَالا ثمَّ لم يهتد لمكانه أَن يُصَلِّي ويحرص على أَن لَا يحدث نَفسه بِشَيْء من أُمُور الدُّنْيَا فَفعل فَذكر مَكَان المَال فِي الْحَال حَتَّى يظل الرجل إِن يدْرِي كم صلى الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة بالظاء المشالة الفتوحة بِمَعْنى يصير وبكسر همزَة إِن بِمَعْنى مَا أَو لَا النافية وَرُوِيَ بِفَتْح الْهمزَة ونسبها ابْن عبد الْبر لأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَرُوِيَ بالضاد الساقطة مَكْسُورَة بِمَعْنى ينسى ومفتوحة بِمَعْنى يتحير من الضلال وَهُوَ الْحيرَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ لَيست رِوَايَة فتح أَن بِشَيْء إِلَّا مَعَ رِوَايَة الضَّاد الساقطة فَتكون أَن مَعَ الْفِعْل فِي تَأْوِيل الْمصدر فِي مَوضِع مفعول صل أَو بِإِسْقَاط حرف لجر أَي يضل من درايته وَكَذَا قَالَ القَاضِي عِيَاض لَا يَصح فتحهَا إِلَّا على رِوَايَة من روى يضل بِكَسْر الضَّاد فَتكون أَن مَعَ الْفِعْل مَفْعُوله أَي يجهل درايته وينسى عدد ركعاته قَالَ بن دَقِيق الْعِيد وَلَو روى هَذَا الْوَجْه حَتَّى يضل الرجل بِضَم أَوله لَكَانَ وَجها صَحِيحا يُرِيد حَتَّى يضل الشَّيْطَان الرجل عَن دراية كم صلى قَالَ وَلَا أعلم أحدا رَوَاهُ كَذَا لكنه لَو روى لَكَانَ صَحِيحا فِي الْمَعْنى غير خَارج عَم مُرَاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/69)


[153] عَن أبي حَازِم اسْمه سَلمَة بن دِينَار عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أَنه قَالَ ساعتان يفتح لَهما أَبْوَاب السَّمَاء قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مَوْقُوف فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة الروَاة وَمثله لَا يُقَال من جِهَة الرَّأْي وَقد رَوَاهُ أَيُّوب بن سُوَيْد وَمُحَمّد بن مخلد وَإِسْمَاعِيل بن عَمْرو عَن مَالك مَرْفُوعا وَرُوِيَ من طرق مُتعَدِّدَة عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره قلت وَمن بعض طرقه المرفوعة أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَلأبي نعيم فِي الْحِلْية من حَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعا ثَلَاث سَاعَات للمرء الْمُسلم مَا دَعَا فِيهِنَّ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ مَا لم يسْأَل قطيعة رحم أَو مأثما حِين يُؤذن الْمُؤَذّن بِالصَّلَاةِ حَتَّى يسكت وَحين يلتقي الصفان حَتَّى يحكم الله بَينهمَا وَحين ينزل الْمَطَر حَتَّى يسكن قَالَ الْبَاجِيّ قَوْله يفتح لَهما يحْتَمل أَن يُرِيد يَقع فيهمَا وَإِن يُرِيد يفتح من أجل فضيلتهما وَقل دَاع ترد عَلَيْهِ دَعوته قَالَ الْبَاجِيّ إِخْبَار بِأَن الْإِجَابَة فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ هِيَ الْأَكْثَر وَإِن رد الدُّعَاء فيهمَا ينْدر وَلَا يكَاد يَقع قلت بل قل هُنَا للنَّفْي الْمَحْض كَمَا هُوَ أحد استعمالاتها قَالَ بن مَالك فِي التسهيل وَغَيره ترد قل للنَّفْي الْمَحْض فَترفع الْفَاعِل متلوا بِصفة مُطَابقَة لَهُ نَحْو قل رجل يَقُول ذَلِك وَقل رجلَانِ يَقُولَانِ ذَلِك وَهِي من الْأَفْعَال الَّتِي منعت التَّصَرُّف وَسُئِلَ مَالك عَن تَسْلِيم الْمُؤَذّن على الامام ودعائه إِيَّاه للصَّلَاة وَمن أول من سلم عَلَيْهِ فَقَالَ لم يبلغنِي أَن التَّسْلِيم كَانَ فِي الزَّمَان الأول قَالَ الْبَاجِيّ أَي لم يكن فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُم وَإِنَّمَا كَانَ الْمُؤَذّن يُؤذن فَإِن كَانَ الامام فِي شغل جَاءَ الْمُؤَذّن فاعلمه باجتماع النَّاس للصَّلَاة دون تكلّف وَلَا اسْتِعْمَال فَأَما مَا يتَكَلَّف الْيَوْم من وقُوف الْمُؤَذّن بِبَاب الْأَمِير وَالسَّلَام عَلَيْهِ وَالدُّعَاء للصَّلَاة بعد ذَلِك فَإِنَّهُ لِمَعْنى المباهاة وَالصَّلَاة تنزه عَن ذَلِك وَقد قَالَ القَاضِي أَبُو الْحق فِي مبسوطه عَن عبد الْملك بن الْمَاجشون ان كَيْفيَّة السَّلَام السَّلَام عَلَيْك أَيهَا الْأَمِير وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته الصَّلَاة يَرْحَمك الله وَقد قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق رُوِيَ أَن عمر أنكر على أبي مَحْذُورَة دعاءه إِيَّاه إِلَى الصَّلَاة وَأول من فعله مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ انْتهى وَقَالَ بن عبد الْبر أول من فعل ذَلِك مُعَاوِيَة أَمر الْمُؤَذّن أَن يشعره ويناديه فَيَقُول السَّلَام على أَمِير الْمُؤمنِينَ الصَّلَاة يَرْحَمك اله وَقيل أَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أول من فعل ذَلِك قَالَ وَالْأول أصح وَفِي الخطط للمقريزي قَالَ الْوَاقِدِيّ وَغَيره كَانَ بِلَال يقف على بَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعد الْأَذَان فَيَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله الصَّلَاة يَا رَسُول اله فَلَمَّا ولى أَبُو بكر كَانَ سعد الْقرظ يقف على بَابه فَيَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا خَليفَة رَسُول اله الصَّلَاة يَا خَليفَة رَسُول الله فَلَمَّا ولي عمر ولقب أَمِير الْمُؤمنِينَ كَانَ الْمُؤَذّن يقف على بَابه وَيَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ إِن عمر أَمر الْمُؤَذّن فَزَاد فِيهَا رَحِمك الله وَيُقَال إِن عُثْمَان زَادهَا وَمَا زَالَ المؤذنون إِذا أذنوا سلمُوا على الْخُلَفَاء وأمراء الْأَعْمَال ثمَّ يُقِيمُونَ الصَّلَاة بعد السَّلَام فَيخرج الْخَلِيفَة أَو الْأَمِير فَيصَلي بِالنَّاسِ هَكَذَا كَانَ الْعَمَل مُدَّة أَيَّام بني أُميَّة ثمَّ مُدَّة أَيَّام بني الْعَبَّاس حَتَّى ترك الْخُلَفَاء الصَّلَاة بِالنَّاسِ فَترك ذَلِك انْتهى وَفِي الْأَوَائِل للعسكري من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن بن أبي قَالَ قلت لِلزهْرِيِّ من أول من سلم عَلَيْهِ فَقيل السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة اله وَبَرَكَاته حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح الصَّلَاة يَرْحَمك الله فَقَالَ مُعَاوِيَة بِالشَّام ومروان بن الحكم بِالْمَدِينَةِ

[154] مَالك أَنه بلغه أَن الْمُؤَذّن جَاءَ عمر بن الْخطاب يُؤذنهُ لصَلَاة الصُّبْح فَوَجَدَهُ نَائِما فَقَالَ الصَّلَاة خير من النّوم فَأمره عمر فَجَعلهَا فِي نِدَاء الصُّبْح قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم أحدا روى هَذَا عَن عمر من وَجه يحْتَج بِهِ وَتعلم صِحَّته وَإِنَّمَا جَاءَ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن رجل يُقَال لَهُ إِسْمَاعِيل لَا أعرفهُ قَالَ والتثويب مَحْفُوظ مَعْرُوف فِي أَذَان بِلَال وَأبي مَحْذُورَة فِي صَلَاة الصُّبْح للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت روى بن ماجة من حَدِيث بن الْمسيب عَن بِلَال أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤذنهُ لصَلَاة الْفجْر فَقيل هُوَ نَائِم فَقَالَ الصَّلَاة خير من النّوم مرَّتَيْنِ فأقرت فِي تأذين الْفجْر فَثَبت الْأَمر على ذَلِك وروى بَقِي بن مخلد عَن أبي مَحْذُورَة قَالَ كنت غُلَاما صَبيا فَأَذنت بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر يَوْم حنين فَلَمَّا انْتَهَيْت إِلَى حَيّ على الْفَلاح قَالَ ألحق فِيهَا الصَّلَاة خير من النّوم والأثر الَّذِي ذكره مَالك عَن عمر أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من طَرِيق وَكِيع فِي مُصَنفه عَن الْعمريّ عَن نَافِع عَن بن عمر عَن عمر وَعَن سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن نَافِع عَن بن عمر عَن عمر أَنه قَالَ لمؤذنه إِذا بلغت حَيّ على الْفَلاح فِي الْفجْر فَقل الصَّلَاة خير من النّوم الصَّلَاة خير من النّوم

[155] عَن عَمه أبي سهل بن مَالك عَن أَبِيه أَنه قَالَ مَا أعرف شَيْئا مِمَّا أدْركْت النَّاس عَلَيْهِ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد الصَّحَابَة إِلَّا النداء بِالصَّلَاةِ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنه بَاقٍ على مَا كَانَ عَلَيْهِ لم يدْخلهُ تَغْيِير وَلَا تَبْدِيل بِخِلَاف الصَّلَاة فقد أخرت عَن أَوْقَاتهَا وَسَائِر الْأَعْمَال دَخلهَا التَّغْيِير

(1/71)


[156] إِلَّا صلوا فِي الرّحال جمع رَحل وَهُوَ الْمنزل والمسكن قَالَ الرَّافِعِيّ وَقد يُسمى مَا يستصحبه الْإِنْسَان فِي سَفَره من الأثاث رحلا قَالَ وَرُبمَا سبق إِلَى الظَّن لذَلِك أَن أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤَذّن يَقُول ذَلِك كَانَ فِي الْأَسْفَار وَقد ورد التَّصْرِيح بذلك فِي رِوَايَة وَورد فِي أُخْرَى أَن ذَلِك كَانَ بِالْمَدِينَةِ والحم فِي ذَلِك لَا يخْتَلف قَالَ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث بَيَان أَنه مَتى يُنَادي الْمُنَادِي بِهَذِهِ الْكَلِمَة أَفِي خلال الْأَذَان أم بعده لَكِن الشاعفي عرف من سَائِر الرِّوَايَات أَنه لَا بَأْس بادخالها فِي الْأَذَان فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْأُم وَأحب للامام أَن يَأْمر بِهَذَا إِذا فرغ الْمُؤَذّن من أَذَانه وَإِن قَالَه فِي أَذَانه فَلَا بَأْس

[160] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ يَقُول من صلى بِأَرْض فلاة صلى عَن يَمِينه ملك وَعَن شِمَاله ملك فَإِن أذن وَأقَام الصَّلَاة أَو أَقَامَ صلى وَرَاءه من الْمَلَائِكَة أَمْثَال الْجبَال هَذَا مُرْسل لَهُ حكم الرّفْع فَإِن مثله لَا يُقَال من جِهَة الرَّأْي وَقد رُوِيَ مَوْصُولا وَمَرْفُوعًا فَأخْرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من طَرِيق سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ إِذا كَانَ الرجل فِي أَرض فِي فَأَقَامَ الصَّلَاة خَلفه ملكان فَإِن أذن وَأقَام صلى خَلفه من الْمَلَائِكَة مَالا يرى طرفاه يَرْكَعُونَ بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دُعَائِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق دَاوُد بن أبي هِنْد عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مَكْحُول قَالَ من أَقَامَ الصَّلَاة صلى مَعَه ملكان فَإِن أذن وَأقَام صلى خَلفه سَبْعُونَ ملكا قَالَ الْبَاجِيّ قَوْله صلى عَن يَمِينه ملك وَعَن شِمَاله ملك يحْتَمل أَن يَكُونَا هما الحافظين وَإِن ذَلِك مكانهما من الْمُكَلف فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا حكما يخْتَص بِالْمَلَائِكَةِ وَحكم الْآدَمِيّين مُخَالف لذَلِك فَإِنَّهُ لَو صلى مَعَه رجلَانِ قاما وَرَاءه قَالَ وَقَوله فَإِن أذن وَأقَام الصَّلَاة أَو أَقَامَ كَذَا فِي رِوَايَة يحيى بِالشَّكِّ وَرِوَايَة أبي منصف وَغَيره فَإِن أذن وَأقَام صلى وَرَاءه إِلَى آخِره قَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد وَهَذِه الرِّوَايَة عِنْدِي هِيَ الأَصْل قَالَ الْبَاجِيّ وَيحْتَمل أَن يبلغ بالملكين دَرَجَة الْجَمَاعَة إِذا كَانَ بِموضع لَا يقدر عَلَيْهَا وَهُوَ رَاغِب فِيهَا قلت وَفِي فتاوي الحناطي من أَصْحَابنَا لَو حلف من صلى فِي فضاء من الأَرْض مُنْفَردا بِأَذَان وَإِقَامَة أَنه صلى بِالْجَمَاعَة كَانَ بارا فِي يَمِينه وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَاسْتدلَّ بِحَدِيث سلمَان وَوَافَقَهُ السُّبْكِيّ فِي الحلبيات وَاسْتدلَّ بِهِ وَبِحَدِيث الْمُوَطَّأ

(1/72)


[161] إِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وأشربوا حَتَّى يُنَادي بن أم مَكْتُوم قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي صَحِيح بن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَغَيرهمَا من حَدِيث أنيسَة مَرْفُوعا أَن بن أم مَكْتُوم يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤذن بِلَال وَادّعى بن عبد الْبر وَجَمَاعَة من الْأَئِمَّة أَنه مقلوب وَإِن الصَّوَاب حَدِيث الْبَاب قَالَ الْحَافِظ وَقد كنت أميل إِلَى ذَلِك إِلَى أَن رَأَيْت الحَدِيث فِي صَحِيح بن خُزَيْمَة من طَرِيقين آخَرين عَن عَائِشَة وَفِي بعض أَلْفَاظه مَا يبعد وُقُوع الْوَهم فِيهِ وَهُوَ قَوْله إِذا أذن عَمْرو فَإِنَّهُ ضَرِير الْبَصَر فَلَا يَغُرنكُمْ وَإِذا أذن بِلَال فَلَا يطعن أحدكُم وَجَاء عَن عَائِشَة أَيْضا أَنَّهَا كَانَت تنكر حَدِيث بن عمر وَتقول إِنَّه غلط أخرج ذَلِك الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الداروردي عَن هِشَام عَن أَبِيه عَنْهَا مَرْفُوعا أَن بن أم مَكْتُوم يؤذه بلَيْل فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤذن بِلَال قَالَت عَائِشَة وَكَانَ بِلَال لَا يُؤذن حَتَّى يبصر الْفجْر قَالَ وَكَانَت عَائِشَة تَقول غلط بن عمر فَقَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد جمع بن خُزَيْمَة والصفي بَين الْحَدِيثين بِمَا حَاصله أَنه يحْتَمل أَن يكون الْأَذَان كَانَ نوبا بَين بِلَال وَابْن أم مَكْتُوم وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلم النَّاس أَن الْأَذَان الأول مِنْهُمَا لَا يحرم على الصَّائِم شَيْئا وَلَا يدل على دُخُول وَقت الصَّلَاة بخلف الثَّانِي وَجزم بن حبَان بذلك وَلم يُبْدِهِ احْتِمَالا لمن قد روى ذَلِك قَالَ بن أبي شيبَة فِي المُصَنّف حَدثنَا عَفَّان بن شُعْبَة عَن جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن قَالَ سَمِعت عَمَّتي تَقول حججْت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن بن أم مَكْتُوم يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وأشربوا حَتَّى يُنَادي بِلَال وَإِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وأشربوا حَتَّى يُنَادي بن أم مَكْتُوم وَابْن أم مَكْتُوم اسْمه عَمْرو وَقيل كَانَ اسْمه الْحصين فَسَماهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله وَهُوَ قرشي عامري أسلم قَدِيما وَالْأَشْهر فِي اسْم أَبِيه قيس بن زَائِدَة وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُكرمهُ ويستخلفه على وَشهد الْقَادِسِيَّة فِي خلَافَة عمر وَاسْتشْهدَ بهَا وَقيل رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة فَمَاتَ بهَا وَاسم أمه عَاتِكَة بنت عبد الله المخزومية وَزعم بَعضهم أَنه ولد أعمى فكنيت أمه أم مَكْتُوم لاكتتام نور بَصَره وَالْمَعْرُوف أَنه عمي بعد سنتَيْن

(1/73)


[162] عَن بن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله هَذَا إِسْنَاد آخر لمَالِك فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف على مَالك فِي الْإِسْنَاد الول أَنه مَوْصُول وَأما هَذَا فَرَوَاهُ يحيى مُرْسلا وَتَابعه أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَوَصله القعْنبِي فَقَالَ عَن أَبِيه وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ انْفَرد القعْنبِي بروايته إِيَّاه فِي الْمُوَطَّأ مَوْصُولا عَن مَالك وَلم يذكر غَيره من رُوَاة الْمُوَطَّأ فِيهِ بن عمر وَوَافَقَهُ على وَصله عَن مَالك خَارج الْمُوَطَّأ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَعبد الرَّزَّاق وروح بن عبَادَة وَأَبُو مرّة وكامل بن طَلْحَة وَآخَرُونَ وَوَصله عَن الزُّهْرِيّ جمَاعَة من حفاظ أَصْحَابه قَالَ وَكَانَ بن أم مَكْتُوم رجلا أعمى ظَاهره على رِوَايَة القعْنبِي أَن فَاعل قَالَ هُوَ بن عمر وَبِه جزم الشَّيْخ موفق الدّين الْحَنْبَلِيّ فِي الْمُغنِي وَفِي البُخَارِيّ فِي بَاب الصّيام مَا يتعهد لَهُ وَصرح الْحميدِي فِي الْجمع بِأَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة رَوَاهُ عَن بن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه أَنه قَالَ وَكَانَ بن أم مَكْتُوم إِلَى آخِره قَالَ الْحَافِظ بن حجر فثبتت صِحَة وَصله وَذكر الْخَطِيب فِي كتاب المدرج أَن يُونُس بن يزِيد رَوَاهُ عَن بن شهَاب فَجعله من كَلَام سَالم وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة الرّبيع بن سُلَيْمَان عَن بن وهب عَن يُونُس وَاللَّيْث جَمِيعًا عَن بن شهَاب وَفِيه قَالَ سَالم وَكَانَ رجلا ضَرِير الْبَصَر وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي خَليفَة والطَّحَاوِي عَن يزِيد بن سُفْيَان كِلَاهُمَا عَن القعْنبِي مُفِيدا أَنه بن شهَاب وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق ومعاذ بن الْمثنى وَأَبُو مُسلم الْكَجِّي الثَّلَاثَة عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ والخزاعي عِنْد أبي الشَّيْخ وَتَمام عِنْد أبي نعيم وَعُثْمَان الدَّارمِيّ عِنْد الْبَيْهَقِيّ كلهم عَن القعْنبِي لَا يُنَادي حَتَّى يُقَال لَهُ أَصبَحت أَصبَحت قَالَ بن وضاح قَالَ بعض أهل الْعلم لَيْسَ معنى أَصبَحت أَن الصُّبْح قد ظهر وانفجر وَلكنه على معنى التحذير من طلوعه وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد الأولى عِنْدِي أَن مَعْنَاهُ أَن الْفجْر قد بدا وَلَو كَانَ على مَا قَالَه بن وضاح لَكَانَ أَذَان بن أم مَكْتُوم فِي بَقِيَّة اللَّيْل وَقبل انفجار الصُّبْح فَإِن قيل إِبَاحَة الْأكل إِلَى أَذَانه على هَذَا يُؤَدِّي إِلَى الْأكل بعد الْفجْر فَالْجَوَاب أَن معنى الحَدِيث كلوا إِلَى الْوَقْت الَّذِي يُؤمر فِيهِ بِالْأَذَانِ وَهُوَ إِذا قيل لَهُ أَصبَحت وَهُوَ أول طُلُوع الْفجْر وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر الأولى قَول من قَالَ معنى أَصبَحت قاربت الصَّباح وَهُوَ الَّذِي اعْتَمدهُ بن حبيب وَابْن عبد الْبر والأصيلي وَجَمَاعَة وَلَا يلْزم وُقُوع أَذَانه قبل الْفجْر لاحْتِمَال أَن يكون قَوْلهم ذَلِك يَقع فِي آخر جُزْء من اللَّيْل قَالَ وَهَذَا وَإِن ان مستبعدا فِي الْعَادة فَلَيْسَ بمستبعد من مُؤذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤَيد بِالْمَلَائِكَةِ فَلَا يُشَارِكهُ فِيهِ من لم يكن بِهَذِهِ الصّفة وأذانه يَقع فِي أول جُزْء من طُلُوع الْفجْر وَقد روى أَبُو قُرَّة من وَجه آخر عَن بن عمر حَدِيثا فِيهِ وَكَانَ بن أم مَكْتُوم يتوخى الْفجْر فَلَا يخطيه

[163] عَن بن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع رفعهما كَذَلِك قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى عَن مَالك وَلم يذكر فِيهِ الرّفْع عِنْد الانحطاط إِلَى الرُّكُوع وَتَابعه على ذَلِك جمَاعَة من الروَاة للموطأ عَن مَالك مِنْهُم القعْنبِي وَأَبُو مُصعب وَابْن بكير وَسَعِيد بن الحكم ومعن بن عِيسَى وَالشَّافِعِيّ وَيحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي وَإِسْحَاق الطباع وروح بن عبَادَة وَعبد الله بن نَافِع الزبيدِيّ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأَبُو حذافة أَحْمد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل وَابْن وهب فِي رِوَايَة عَنهُ وَرَوَاهُ بن وهب وَابْن الْقَاسِم وَيحيى بن سعيد الْقطَّان وَابْن أبي أويس وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وجريرة بن أَسمَاء وَإِبْرَاهِيم بن طهما وَعبد الله بن الْمُبَارك وَبشر بن عمر وَعُثْمَان بن عمر وَعبد الله بن يُوسُف وخَالِد بن مخلد ومكي بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ وخارجة بن مُصعب وَعبد الْملك بن زِيَاد وَعبد الله بن نَافِع الصايغ وَأَبُو قُرَّة مُوسَى بن طَارق ومطرف بن عبد الله كل هَؤُلَاءِ رَوَوْهُ عَن مَالك فَذكرُوا فِيهِ الرّفْع عِنْد الانحطاط للرُّكُوع قَالُوا فِيهِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا افْتتح الصَّلَاة حَذْو مَنْكِبَيْه وَإِذا ركع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع ذكر الدَّارَقُطْنِيّ الطّرق عَن أَكْثَرهم عَن مَالك كَمَا ذكرنَا وَهُوَ الصَّوَاب وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَائِر من رَوَاهُ من أَصْحَاب بن شهَاب عَنهُ وَقَالَ جمَاعَة إِن إِسْقَاط ذكر الرّفْع عِنْد الانحطاط إِنَّمَا أَتَى من مَالك وَهُوَ الَّذِي رُبمَا وهم فِيهِ لِأَن جماعته حفاظ رووا عَنهُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَالَ بن عبد الْبر وَهَذَا الحَدِيث آخر الْأَحَادِيث الْأَرْبَعَة الَّتِي رَفعهَا سَالم عَن أَبِيه ووقفها نَافِع عَن بن عمر وَالْقَوْل فِيهَا قَول سَالم وَلم يلْتَفت النَّاس فِيهَا إِلَى نَافِع وَالثَّانِي من بَاعَ عبدا وَله مَال جعله نَافِع عَن بن عمر عَن عمر وَالثَّالِث النَّاس كابل مائَة لَا تَجِد فِيهَا رَاحِلَة وَالرَّابِع فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون أَو كَانَ بعلا الْعشْرَة وَمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر قَالَ بن عبد الْبر وَرفع الْيَدَيْنِ فِي الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة عِنْد أهل الْعلم تَعْظِيم لله وَعبادَة لَهُ وابتهال إِلَيْهِ واستسلام لَهُ وخضوع فِي الْوُقُوف بَين يَدَيْهِ وَاتِّبَاع لسنة الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ سلم وروى الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ يكْتب فِي كل إِشَارَة يشيرها الرجل بِيَدِهِ فِي الصَّلَاة بِكُل أصْبع حَسَنَة أَو دَرَجَة والحذو بِسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة والحذاء بِالْمدِّ الازاء والمقابل وللطبراني من حَدِيث وَائِل بن حجر قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صليت فَاجْعَلْ يَديك حذاء أذنيك وَالْمَرْأَة تجْعَل يَديهَا حذاء ثديها وَقَالَ سمع الله لمن حَمده قَالَ الْعلمَاء معنى سمع هُنَا أجَاب وَمَعْنَاهُ أَن من حمد الله تَعَالَى متعرضا لثوابه اسْتَجَابَ الله لَهُ وَأَعْطَاهُ مَا تعرض لَهُ فانا نقُول رَبنَا لَك الْحَمد لتَحْصِيل ذَلِك

(1/74)


[164] عَن بن شهَاب عَن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكبر فِي الصَّلَاة كلما خفض وَرفع قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم خلافًا من رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَرَوَاهُ عبد الْوَهَّاب بن عَطاء عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن أَبِيه مَوْصُولا وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن نجيح عَن أَبِيه عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن عَليّ بن أبي طَالب وَلَا يَصح فِيهِ إِلَّا مَا فِي الْمُوَطَّأ مُرْسل وَقد أَخطَأ فِيهِ أَيْضا مُحَمَّد بن مُصعب القرقساني فَرَوَاهُ عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَلَا يَصح فِيهِ هَذَا الْإِسْنَاد وَالصَّوَاب عِنْدهم مَا فِي الْمُوَطَّأ

[165] عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة رَوَاهُ شُعْبَة عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان كَذَلِك مُرْسلا بِلَفْظ كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا كبر لافتتاح اصلاة وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع

[166] إِنِّي لأشبهكم بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الرَّافِعِيّ هَذِه الْكَلِمَة مَعَ الْفِعْل المأتي بِهِ نازلة منزلَة حِكَايَة فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/75)


[171] عَن بن شهَاب عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ مَالك وَجَمَاعَة أَصْحَاب بن شهَاب عَنهُ عَن مُحَمَّد بن جُبَير وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عَمْرو عَن بن شهَاب عَن نَافِع بن جُبَير وَالصَّوَاب فِيهِ مُحَمَّد بن جُبَير عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ بِالطورِ فِي الْمغرب قَالَ بن عبد الْبر فِي هَذَا الحَدِيث شَيْء سقط وَهُوَ معنى بديع حسن من الْفِقْه وَذَلِكَ أَن جُبَير بن مطعم سمع هَذَا الحَدِيث من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ كَافِر وَحدث بِهِ عَنهُ وَهُوَ مُسلم وَقد روى هَذِه الْقِصَّة فِيهِ عَن مَالك عَليّ بن الرّبيع بن الركين وَإِبْرَاهِيم بن عَليّ التَّمِيمِي جَمِيعًا عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فدَاء أُسَارَى بدر فَسَمعته يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ وَلم أسلم يَوْمئِذٍ فَكَأَنَّمَا صدع قلبِي وَقَالَ لَو كَانَ مطعم حَيا وكلمني فِي هَؤُلَاءِ النَّفر لأعتقتهم وَلَفظ إِبْرَاهِيم فِي هَؤُلَاءِ لتركتهم لَهُ وروى البُخَارِيّ من طَرِيق سُفْيَان قَالَ حَدثُونِي عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب وَالطور فَلَمَّا بلغ هَذِه الْآيَة أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هم المسيطرون كَاد قلبِي يطير قَالَ سُفْيَان فَأَما أَنا فَانِي سَمِعت الزُّهْرِيّ يحدث عَن مُحَمَّد بن جُبَير عَن أَبِيه سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ لم أسمعهُ زَاد الَّذِي قَالُوا لي قَالَ اب عبد الْبر وَرَوَاهُ يزِيد بن أبي حبيب عَن بن شهَاب فَجعل مَوضِع الْمغرب الْعَتَمَة ثمَّ أخرج من طَرِيق بن لَهِيعَة قَالَ حَدثنَا يزِيد بن أبي حبيب أَن بن شهَاب كتب إِلَيْهِ قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ قدمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فدَاء أُسَارَى بدر فَسَمعته يقْرَأ فِي الْعَتَمَة بِالطورِ وَرَوَاهُ سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ بِلَفْظ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأكلمه فِي أُسَارَى بدر فوافقته وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ الْمغرب أَو الْعشَاء فَسَمعته وَهُوَ يقْرَأ وَقد خرج صَوته من الْمَسْجِد إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَاله مِنْ دَافِعٍ فَكَأَنَّمَا صدع قلبِي أخرجه أَبُو عبيد وَابْن عبد الْبر

(1/76)


[172] أَن أم الْفضل بنت الْحَارِث هِيَ وَالِدَة بن عَبَّاس الرَّاوِي عَنْهَا وَاسْمهَا لبَابَة الْهِلَالِيَّة وَيُقَال إِنَّهَا أول امْرَأَة أسلمت بعد خَدِيجَة إِنَّهَا لآخر مَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ بهَا فِي الْمغرب زَاد البُخَارِيّ ثمَّ مَا صلى لنا بعْدهَا حَيّ قَبضه الله وَفِي النَّسَائِيّ أَن هَذِه الصَّلَاة الَّتِي حكتها أم الْفضل كَانَت فِي بَيته لَا فِي الْمَسْجِد

[175] عَن الْبَراء بن عَازِب أَنه قَالَ صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشَاء زَاد البُخَارِيّ فِي سفر فَقَرَأَ فِيهَا بِالتِّينِ وَالزَّيْتُون فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ فِي الرَّكْعَة الأولى

[176] بن حنين بِضَم الْحَاء وَفتح النُّون نهى عَن لبس القسي قَالَ الْبَاجِيّ بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد السِّين قَالَ وَفَسرهُ بن وهب بِأَنَّهَا ثِيَاب مضلعة يُرِيد مخططة بالحرير كَانَت تعْمل بالقس وَهُوَ مَوضِع بِمصْر يَلِي الفرماء وَفِي النِّهَايَة هِيَ ثِيَاب من كتَّان مخلوط بحرير يُؤْتى بهَا من مصر نسبت إِلَى قَرْيَة على سَاحل الْبَحْر قَرِيبا من تنيس يُقَال لَهَا القس بِفَتْح الْقَاف وَبَعض أهل الحَدِيث بِكَسْرِهَا وَقيل أصل القسي القزي بالزاي مَنْسُوب إِلَى القز وَهُوَ ضرب من الابريسم فأبدل من الزَّاي سينا وَقيل هُوَ مَنْسُوب إِلَى القس وَهُوَ الابريسم الصقيع لبياضه قَالَ الْبَاجِيّ وَقع فِي رِوَايَة أبي مُصعب زِيَادَة وَلَفظه فَنهى عَن لبس القسي والمعصفر وَتَابعه على ذَلِك العقنبي ومعن وَبشر وَأحمد بن إِسْمَاعِيل السَّهْمِي وَجَمَاعَة وَعَن قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الرُّكُوع رَوَاهُ معمر عَن بن شهَاب عَن إِبْرَاهِيم بن حُصَيْن فَزَاد وَالسُّجُود

(1/77)


[177] عَن أبي حَازِم التمار اسْمه دِينَار مولى الْأَنْصَار وَيُقَال مولى أبي رهم الْأنْصَارِيّ وَذكر حبيب عَن مَالك ااسمه يسَار مولى قيس بن عسد بن عبَادَة عَن البياضي اسْمه فَرْوَة بن عَمْرو بن ودقة بن عبيد بن عَامر بن بياضة فَخذ من الْخَزْرَج شهد الْعقبَة وبدرا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد خرج على النَّاس وهم يصلونَ رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد عَن يحيى بن سعيد فَذكر فِي حَدِيثه أَن ذَلِك كَانَ فِي رَمَضَان وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معتكف فِي قبَّة على بَابهَا حَصِير وَالنَّاس يصلونَ عصبا عصبا أخرجه بن عبد الْبر إِن الْمُصَلِّي يُنَاجِي ربه قَالَ الْبَاجِيّ تَنْبِيه على معنى الصَّلَاة وَالْمَقْصُود بهَا ليكْثر الِاحْتِرَاز من الْأُمُور الْمَكْرُوهَة المدخلة للنقص فِيهَا والاقبال على أُمُور الطَّاعَة المتممة لَهَا فَلْينْظر بِمَا يناجيه بِهِ قَالَ الْبَاجِيّ أَرَادَ بِهِ التحذير من أَن يناجيه بِالْقُرْآنِ على وَجه مَكْرُوه وَإِن كَانَ الْقُرْآن كُله طَاعَة وقربة وَلَا يجْهر بَعْضكُم على بعض بِالْقُرْآنِ قَالَ الْبَاجِيّ لِأَن فِي ذَلِك أَذَى ومنعا من الإقبال على الصَّلَاة وتفريغ السِّرّ لَهَا وَتَأمل مَا يُنَاجِي بِهِ ربه من الْقُرْآن قَالَ وَإِذا كَانَ رفع الصَّوْت بِقِرَاءَة الْقُرْآن مَمْنُوعًا حِينَئِذٍ لأَذى الْمُصَلِّين فبغيره من الحَدِيث وَغَيره أولى قَالَ بن عبد الْبر وَإِذا نهي الْمُسلم عَن أَذَى الْمُسلم فِي عمل الْبر وتلاوة الْقُرْآن فأذاه فِي غير ذَلِك أَشد تَحْرِيمًا وَقد ورد مثل هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد قَالَ اعْتكف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد فَسَمِعتهمْ يجهرون بِالْقِرَاءَةِ فكشف السّتْر وَقَالَ إِلَّا إِن كلكُمْ يُنَاجِي ربه فَلَا يؤذين بَعْضكُم بَعْضًا وَلَا يرفع بَعْضكُم على بعض فِي الْقِرَاءَة أَو قَالَ فِي الصَّلَاة قَالَ بن عبد الْبر حَدِيث البياضي وَأبي سعيد ثابتان صَحِيحَانِ قَالَ وَقد رُوِيَ بِسَنَد ضَعِيف عَن عَليّ قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرفع الرجل صَوته بِالْقُرْآنِ قبل الْعشَاء وَبعدهَا يغلط أَصْحَابه وهم يصلونَ قلت وَكَثِيرًا مَا يسْأَل فِي هَذَا الْمَعْنى عَمَّا اشْتهر على الْأَلْسِنَة مَا أنصف الْقَارئ الْمُصَلِّي وَلَا أصل لَهُ وَلَكِن هَذِه أُصُوله

(1/78)


[178] عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ قُمْت وَرَاء أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فكلهم كَانَ لَا يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم إِذا افْتتح الصَّلَاة قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي كتاب الروَاة عَن مَالك كَذَا رَوَاهُ عَن مَالك كَافَّة أَصْحَابه مَوْقُوفا وَكَذَا رَوَاهُ غير وَاحِد عَن أبي مُصعب عَن مَالك وَرَوَاهُ سُلَيْمَان بن عبد الحميد البهراني عَن أبي مُصعب عَن مَالك عَن حميد عَن أنس قَالَ صليت مَعَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصليت وَرَاء أبي بكر فَلم يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصليت وَرَاء عمر فَلم يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصليت وَرَاء عُثْمَان فَلم يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ الْخَطِيب تفرد سُلَيْمَان بِرِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن أبي مُصعب هَكَذَا مَرْفُوعا وَقَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة رُوَاته فِيمَا علمت مَوْقُوفا وروته طَائِفَة عَن مَالك فَرَفَعته ذكرت فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ ذَلِك بِمَحْفُوظ مِنْهُ الْوَلِيد بن مُسلم وَأَبُو قُرَّة مُوسَى بن طَارق وَإِسْمَاعِيل بن مُوسَى السّديّ كلهم رَوَوْهُ عَن مَالك عَن حميد عَن أنس قَالَ صليت خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فكلهم كَانَ لَا يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرحين إِذا افْتتح الصَّلَاة وَرَوَاهُ بن أخي بن وهب عَن عَمه عبد الله بن وهب حَدثنَا عبيد الله بن عمر وَمَالك بن أنس وسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن حميد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يجْهر بِالْقِرَاءَةِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن أنس قَتَادَة وثابت الْبنانِيّ وَغَيرهمَا كلهم أسْندهُ وَذكر فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا أَنهم اخْتلف عَلَيْهِم فِي لَفظه اخْتِلَافا كثيرا مضطربا متدافعا مِنْهُم من يَقُول فِيهِ كَانُوا لَا يقرؤون بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمِنْهُم من يَقُول كَانُوا لَا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَقد قَالَ فِيهِ بَعضهم كَانُوا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمِنْهُم من قَالَ كَانُوا لَا يتركون بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمِنْهُم من قَالَ كَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين قَالَ وَهَذَا اضْطِرَاب لَا تقوم مَعَه حجَّة لأحد من الْفُقَهَاء انْتهى وَأَقُول قد كثرت الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْبَسْمَلَة إِثْبَاتًا ونفيا وكلا الْأَمريْنِ صَحِيح أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ بهَا وَترك قرَاءَتهَا وجهر بهَا وأخفاها وَالَّذِي يُوضح صِحَة الْأَمريْنِ ويزيل إِشْكَال من شكك على الْفَرِيقَيْنِ مَعًا أَعنِي من أثبت كَونهَا آيَة من أول الْفَاتِحَة وكل سُورَة وَمن نفى ذَلِك قَائِلا إِن الْقُرْآن لَا يثبت بِالظَّنِّ وَلَا ينفى بِالظَّنِّ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ طَائِفَة من الْمُتَأَخِّرين أَن إِثْبَاتهَا ونفيها كِلَاهُمَا قَطْعِيّ وَلَا يستغرب ذَلِك فَإِن الْقُرْآن نزل على سَبْعَة أحرف وَنزل مَرَّات متكررة فَنزل فِي بَعْضهَا بِزِيَادَة وَبَعضهَا بِحَذْف كَقِرَاءَة ملك وَمَالك ونجوى تحتهَا وَمن تحتهَا فِي بَرَاءَة وَإِن الله هُوَ الْغَنِيّ الحميد وَإِن الله الْغَنِيّ فِي سُورَة الْحَدِيد فَلَا يشك أحد وَلَا يرتاب فِي أَن الْقِرَاءَة بِإِثْبَات الْألف وَمن وَهُوَ وَنَحْو ذَلِك متواترة قَطْعِيَّة الاثبات وَإِن الْقِرَاءَة بِحَذْف ذَلِك أَيْضا متواترة قَطْعِيَّة الْحَذف وَإِن ميزَان الاثبات والحذف فِي ذَلِك سَوَاء وَكَذَلِكَ نقُول فِي الْبَسْمَلَة انها نزلت فِي بعض الأحرف وَلم تنزل فِي بَعْضهَا فاثباتها قَطْعِيّ وحذفها قَطْعِيّ وكل متواتر وكل فِي السَّبع فَإِن نصف الْقُرَّاء السَّبْعَة قرؤوا بإثباتها وَبَعْضهمْ قرؤوا بحذفها وَقِرَاءَة السَّبْعَة كلهَا متواترة فَمن قَرَأَ بهَا فَهِيَ ثَابِتَة فِي حرفه متواترة اليه ثمَّ مِنْهُ إِلَيْنَا وَمن قَرَأَ بحذفها فحذفها فِي حرفه متواتر إِلَيْهِ ثمَّ مِنْهُ إِلَيْنَا وألطف من ذَلِك أَن نَافِعًا لَهُ راويان قَرَأَ أَحدهمَا عَنهُ بهَا وَالْآخر بحذفها فَدلَّ على أَن الْأَمريْنِ تواترا عِنْده بِأَن قَرَأَ بالحرفين مَعًا كل بأسانيد متواترة فَبِهَذَا التَّقْرِير اجْتمعت الْأَحَادِيث الْمُخْتَلفَة على كَثْرَة كل جَانب مِنْهَا وانجلى الاشكال وزاح التشكيك يستغرب الاثبات مِمَّن أثبت وَلَا النَّفْي مِمَّن نفى وَقد أَشَارَ إِلَى بعض مَا ذكره أستاذ الْقُرَّاء الْمُتَأَخِّرين الامام شمس الدّين بن الْجَزرِي فَقَالَ فِي كِتَابه النشر بعد أَن حكى فِي المسئلة خَمْسَة أَقْوَال مَا نَصه قلت هَذِه الْأَقْوَال ترجع إِلَى النَّفْي والاثبات وَالَّذِي نعتقده أَن كليهمَا صَحِيح وَإِن كل ذَلِك حق فَيكون الِاخْتِلَاف فِيهَا كاختلاف الْقِرَاءَة هَذَا لَفظه وَقَررهُ أَيْضا بأبسط من كَلَام بن الْجَزرِي الْحَافِظ بن حجر فِيمَا نَقله عَنهُ تِلْمِيذه الشَّيْخ برهَان الدّين البقاعي فِي مُعْجَمه فَائِدَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي نكته على بن الصّلاح سمع حميد هَذَا الحَدِيث من أنس وَمن قَتَادَة عَن أنس إِلَّا أَنه سمع من أنس الْمَوْقُوف وَمن قَتَادَة عَنهُ الْمَرْفُوع قَالَ أَبُو سعيد بن الْأَعرَابِي فِي مُعْجَمه حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصغاني حَدثنَا يحيى بن معِين عَن بن أبي عدي عَن حميد عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان كَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين قَالَ بن معِين قَالَ بَان عدي وَكَانَ حميد إِذا قَالَ عَن قَتَادَة عَن أنس رَفعه وَإِذا قَالَ عَن أنس لم يرفعهُ

(1/79)


[186] أَن أَبَا سعيد مولى عَامر بن كرير قَالَ بن عبد الْبر هُوَ تَابِعِيّ مَعْدُود فِي أهل الْمَدِينَة لَا يُوقف لَهُ على اسْم وَذكر المذى فِي تهذيبه أَنه رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَلم يذكر لَهما ثَالِثا مَعَ أَنه سمع هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه من أبي بن كَعْب وَصله من طَرِيقه عَنهُ الْحَاكِم إِنِّي لأرجو أَن لَا تخرج من الْمَسْجِد حَتَّى تعلم سُورَة قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ معنى التَّسْلِيم لأمر الله والاقرار بقدرته وانه وَإِن كَانَ تَعْلِيم ذَلِك يَسِيرا إِلَّا انه لَا يقطع بِتَمَامِهِ إِلَّا أَن يُعلمهُ الله بذلك وَمعنى تعلم سُورَة أَي تعلم من حَالهَا مَا لم تكن تعلمه قبل ذَلِك وَإِلَّا فقد كَانَ عَالما بالسورة وحافظا لَهَا مَا أنزل الله فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الْقُرْآن مثلهَا قَالَ الْبَاجِيّ ذكر بعض شُيُوخنَا أَن معنى ذَلِك انها تجزي من غَيرهَا فِي الصَّلَاة وَلَا يَجْزِي غَيرهَا مِنْهَا وَسَائِر السُّور يَجْزِي بَعْضهَا من بعض وَهِي سُورَة قسمهَا الله تَعَالَى بَينه وَبَين عَبده يحْتَمل أَن تكون هَذِه من الصِّفَات الَّتِي يخْتَص بهَا وَلها مَعَ ذَلِك صِفَات تخْتَص بهَا من أَنَّهَا السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم وَغير ذَلِك من كَثْرَة ثَوَاب أَو حَسَنَة قلت وَيُؤَيّد ذَلِك مَا أخرجه عبد بن حميد عَن بن عَبَّاس يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَاتِحَة الْكتاب تعدل بِثُلثي الْقُرْآن وَلم يرد فِي سُورَة مثل ذَلِك وَإِنَّمَا ورد فِي قُلْ هُوَ الله أحد أَنه ثلث الْقُرْآن وَفِي قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَنَّهَا ربع الْقُرْآن وَهِي السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَعْطَيْت قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد قَوْله تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم وَسميت السَّبع لِأَنَّهَا سبع آيَات والمثاني لآنها تثنى فِي كل رَكْعَة قَالَ الْبَاجِيّ وَإِنَّمَا قيل لَهَا الْقُرْآن الْعَظِيم على معنى التَّخْصِيص لَهَا بِهَذَا الِاسْم وَإِن كَانَ كل شَيْء من الْقُرْآن قُرْآنًا عَظِيما كَمَا يُقَال فِي الْكَعْبَة بَيت الله وَإِن كَانَت الْبيُوت كلهَا لله وَلَكِن على سَبِيل التَّخْصِيص والتعظيم لَهُ

(1/80)


[188] عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن قَالَ بن عبد الْبر لَيْسَ هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ إِلَّا عَن الْعَلَاء عِنْد جَمِيع الروَاة وَقد انْفَرد مطرف فِي غير الْمُوَطَّأ فَرَوَاهُ عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن أبي السَّائِب وَسَاقه كَمَا فِي الْمُوَطَّأ سواهُ وَهُوَ غير مَحْفُوظ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ غَرِيب من حَدِيث مَالك عَن بن شهَاب لم يروه غير مطرف أَنه سمع أَبَا السَّائِب قَالَ النَّوَوِيّ لَا يعرف اسْمه مولى هِشَام بن زهرَة قَالَ المذى فِي التَّهْذِيب وَيُقَال مولى عبد الله بن هِشَام زهرَة وَيُقَال مولى بني زهرَة روى عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ والمغيرة بن شُعْبَة وَلم يذكر لَهُم رَابِعا من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن هِيَ الْفَاتِحَة سميت بذلك لِأَنَّهَا فاتحته كَمَا سميت مَكَّة أم الْقرى لِأَنَّهَا أَصْلهَا ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَقيل لِأَنَّهَا اشْتَمَلت على جَمِيع عُلُوم الْقُرْآن بطرِيق الْإِجْمَال فَهِيَ خداج أَي ذَات خداج أَي نُقْصَان يُقَال خدجت النَّاقة إِذا أَلْقَت وَلَدهَا قبل أَوَان النِّتَاج وَإِن كَانَ نَام الْخلق وأخدجته إِذا وَلدته نَاقِصا وَإِن كَانَ لتَمام الْولادَة هَذَا قَول الْخَلِيل والأصمعي وَأبي حَاتِم وَآخَرين وَقَالَ جمَاعَة من أهل اللُّغَة خدجت وأخدجت إِذا ولدت لغير تَمام غير تَمام هُوَ تَأْكِيد فغمز ذراعي قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ على معنى التأنيس لَهُ وتنبيهه على فهم مُرَاده والبعث لَهُ على جمع ذهنه وفهمه لجوابه قَالَ الله تَعَالَى قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ قَالَ الْعلمَاء أَرَادَ بِالصَّلَاةِ هن الْفَاتِحَة سميت بذلك لِأَنَّهَا لَا تصح إِلَّا بهَا كَقَوْلِه الْحَج عَرَفَة وَالْمرَاد قسمتهَا من جِهَة الْمَعْنى لِأَن نصفهَا الأول تحميد لله تَعَالَى وتمجيد وثناء عَلَيْهِ وتفويض إِلَيْهِ وَالنّصف الثَّانِي سُؤال وتضرع وافتقار وَاحْتج الْقَائِلُونَ بِأَن الْبَسْمَلَة لَيست من الْفَاتِحَة بِهَذَا الحَدِيث قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ من أوضح مَا احْتَجُّوا بِهِ لِأَنَّهَا سبع آيَات بِالْإِجْمَاع فَثَلَاث فِي أَولهَا ثَنَاء أَولهَا الْحَمد لله وَثَلَاث دُعَاء أَولهَا اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَالسَّابِعَة متوسطة وَهِي إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين قَالُوا وَلِأَنَّهُ لم يذكر الْبَسْمَلَة فِيمَا عدده وَلَو كَانَت مِنْهَا لذكرها وَأجِيب بِأَن التصنيف عَائِد إِلَى جملَة الصَّلَاة لَا إِلَى الْفَاتِحَة هَذَا حَقِيقَة اللَّفْظ أَو عَائِد إِلَى مَا يخْتَص بِالْفَاتِحَةِ من الْآيَات الْكَامِلَة وَبِأَن معنى قَوْله يَقُول العَبْد الْحَمد لله أَي إِذا انْتهى فِي قِرَاءَته إِلَى ذَلِك يَقُول العَبْد الْحَمد لله رب الْعَالمين يَقُول الله حمدني عَبدِي إِلَى آخِره قَالَ الْعلمَاء إِنَّمَا قَالَ حمدني وَأثْنى عَليّ ومجدني لِأَن التَّحْمِيد وَالثنَاء بجميل الْأَفْعَال والتمجيد الثَّنَاء بِصِفَات الْجلَال وَيُقَال أثنى عَلَيْهِ فِي ذَلِك كُله وَلِهَذَا جَاءَ جَوَابا للرحمن الرَّحِيم لاشتمال اللَّفْظَيْنِ على الصِّفَات الذاتية والفعلية يَقُول العَبْد إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين فَهَذِهِ الْآيَة بيني وَبَين عَبدِي قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ أَن بعض الْآيَة تَعْظِيم للباري تَعَالَى وَبَعضهَا استعانة من العَبْد بِهِ على أَمر دينه ودنياه ولعبدي مَا سَأَلَ أَي من العون فَهَؤُلَاءِ لعبدي قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ أَن هَؤُلَاءِ الْآيَات مُخْتَصَّة بِالْعَبدِ لِأَنَّهَا دعاؤه بالتوفيق إِلَى صِرَاط من أنعم عَلَيْهِم والعصمة من صِرَاط المغضوب عَلَيْهِم والضالين

[193] عَن بن أكيمَة اسْمه عمَارَة وَقيل عَمْرو وكنيته أَبُو الْوَلِيد آنِفا بِمد أَوله وَكسر النُّون أَي قَرِيبا إِنِّي أَقُول مَالِي أنازع الْقُرْآن هُوَ بِمَعْنى التثريب واللوم لمن فعل ذَلِك قَالَ الْبَاجِيّ وَمعنى منازعتهم لَهُ إِلَّا يفردوه بِالْقِرَاءَةِ ويقرؤوا مَعَه من التَّنَازُع بِمَعْنى التجاذب

(1/82)


[194] إِذا أَمن الامام فَأمنُوا قَالَ الْبَاجِيّ قيل مَعْنَاهُ إِذا بلغ مَوضِع التَّأْمِين من الْقِرَاءَة وَقيل إِذا دَعَا قَالُوا وَقد يُسمى الدَّاعِي مُؤمنا كَمَا يُسمى الْمُؤمن دَاعيا قَالَ وَالْأَظْهَر عندنَا أَن معنى أَمن الامام قَالَ آمين كَمَا أَن معنى فَأمنُوا قُولُوا آمين إِلَّا أَن يعدل عَن هَذ االظاهر بِدَلِيل إِن وجد أَي وَجه سَائِغ فِي اللُّغَة انْتهى وَالْجُمْهُور على القَوْل الْأَخير لَكِن اولوا قَوْله إِذا أَمن على أَن المُرَاد إِذا أَرَادَ التَّأْمِين ليَقَع تَأْمِين الامام والمأمون مَعًا فَإِنَّهُ يسْتَحبّ بِهِ الْمُقَارنَة قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ لَا يسْتَحبّ مُقَارنَة الامام فِي شَيْء من الصَّلَاة غَيره وَقَالَ وَلَده إِمَام الْحَرَمَيْنِ يُمكن تقليله بِأَن التَّأْمِين لقِرَاءَة الامام لَا لتأمينه فَلذَلِك لَا يتَأَخَّر عَنهُ فَإِنَّهُ من وَافق فِي رِوَايَة فِي الصَّحِيحَيْنِ فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة قَالَ الْبَاجِيّ فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا من كَانَ تأمينه على صفة تَأْمِين الْمَلَائِكَة من الْإِخْلَاص والخشوع وَحُضُور النِّيَّة والسلامة من الْغَفْلَة وَقيل مَعْنَاهُ أَن يكون دعاؤه للْمُؤْمِنين كدعاء الْمَلَائِكَة لَهُم فَمن كَانَ دعاؤه على ذَلِك فقد وَافق دعاؤهم وَقيل إِن الْمَلَائِكَة الْحفظَة المتعاقبين يشْهدُونَ الصَّلَاة مَعَ الْمُؤمنِينَ فيؤمنون إِذا أَمن الامام فَمن فعل مثل فعلهم فِي حضورهم الصَّلَاة وَقَوْلهمْ آمين عِنْد تَأْمِين الامام غفر لَهُ وَقيل معنى الْمُوَافقَة الْإِجَابَة فَمن اسْتُجِيبَ لَهُ كَمَا يُسْتَجَاب للْمَلَائكَة غفر لَهُ قَالَ الْبَاجِيّ وَهَذِه تاويلات فِيهَا تعسف وَلَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا يدل على شَيْء مِنْهَا دَلِيل وَالْأولَى حمل الحَدِيث على ظَاهره مَا لم يمْنَع من ذَلِك مَانع وَمَعْنَاهُ أَن من قَالَ آمين عِنْد قَول المئشكة آمين غفر لَهُ وَإِلَى هَذَا ذهب الداوودي انْتهى وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر المُرَاد الْمُوَافقَة فِي القَوْل وَالزَّمَان خلافًا لمن قَالَ المُرَاد الْمُوَافقَة فِي الْإِخْلَاص والخشوع كَابْن حبَان فَإِنَّهُ لما ذكر الحَدِيث قَالَ يُرِيد مُوَافقَة المئشكة فِي الْإِخْلَاص بِغَيْر إعجاب وَكَذَا جنح إِلَيْهِ غَيره فَقَالَ نَحْو ذَلِك من الصِّفَات المحمودة فِي إِجَابَة الدُّعَاء أَو فِي الدُّعَاء بِالطَّاعَةِ خَاصَّة أَو المُرَاد بتأمين المئئكة استغفارهم للْمُؤْمِنين وَقَالَ بن الْمُنِير الْحِكْمَة فِي اثار الْمُوَافقَة فِي القَوْل وَالزَّمَان أَن يكون الْمَأْمُوم على يقظة للاتيان بالوظيفة فِي محلهَا لِأَن المئئكة لَا غَفلَة عِنْدهم فَمن وافقهم كَانَ متيقظا ثمَّ ظَاهره أَن المُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ جَمِيعهم وَاخْتَارَهُ بن بزيزة وَقيل الْحفظَة مِنْهُم وَقيل الَّذين يتعاقبون مِنْهُم إِذا قُلْنَا إِنَّهُم غير الْحفظَة قَالَ الْحَافِظ وَالَّذِي يظْهر أَن المُرَاد بهم من يشْهد تِلْكَ الصَّلَاة مِمَّن فِي الأَرْض أَو فِي السَّمَاء للْحَدِيث الْآتِي إِذا قَالَ أحدكُم آمين وَقَالَت الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء آمين فَوَافَقت أحداهما الأخري وروى عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ صُفُوف أهل الأَرْض على صوف أهل السَّمَاء فَإِذا وَافق آمين فِي الأَرْض آمين فِي السَّمَاء غفر للْعَبد قَالَ الْحَافِظ وَمثله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ فالمصير إِلَيْهِ أولى قلت وَقد أخرجه سنيد عَن حجاج عَن بن جريج قَالَ أَخْبرنِي الحكم بن أبان أَنه سمع عِكْرِمَة يَقُول إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة نصف أهل الأَرْض صف أهل السَّمَاء فَإِذا قَالَ قَارِئ الأَرْض وَلَا الضَّالّين قَالَت الْمَلَائِكَة آمين فَإِذا وَافَقت آمين أهل الأَرْض آمين أهل السَّمَاء غفر لأهل الأَرْض مَا تقدم من ذنوبهم غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه قَالَ الْبَاجِيّ يَقْتَضِي غفران جَمِيع ذنُوبه الْمُتَقَدّمَة قَالَ غَيره وَهُوَ مَحْمُول عِنْد الْعلمَاء على الصَّغَائِر وَوَقع فِي أمالي الْجِرْجَانِيّ فِي آخر هَذَا الحَدِيث زِيَادَة وَمَا تَأَخّر فَائِدَة ألف الْحَافِظ بن حجر كتابا سَمَّاهُ الْخِصَال المكفرة للذنوب الْمُقدمَة والمؤخرة وَسَبقه إِلَى ذَلِك الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ وَقد رَأَيْت أَن ألخص أَحَادِيثه هُنَا لتستفاد أخرج بن أبي شيبَة فِي مُسْنده ومصنفه وَأَبُو بكر الْمروزِي فِي مُسْند عُثْمَان وَالْبَزَّار عَن عُثْمَان بن عَفَّان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يسبغ عبد الْوضُوء إِلَّا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه عَن سعد بن أبي وَقاص عَن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ حِين يسمع الْمُؤَذّن أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَفِي لفظ رَسُولا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج بن وهب فِي مُصَنفه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا أَمن الامام فَأمنُوا فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس فِي كتاب الثَّوَاب عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى سبْحَة الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ إِيمَانًا واحتسابا غفرت لَهُ ذنُوبه كلهَا مَا بقدم مِنْهَا وَمَا تَأَخّر إِلَّا الْقصاص وَأخرج أَبُو الأسعد الْقشيرِي فِي الْأَرْبَعين عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ إِذا سلم الامام يَوْم الْجُمُعَة قبل أَن يثني رجلَيْهِ فَاتِحَة الْكتاب وَقل هُوَ الله أحد وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس سبعا سبعا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر أخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج النَّسَائِيّ فِي الْكُبْرَى وقاسم بن أصبغ فِي مُصَنفه عَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَامَ شهر رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَمن قَامَ لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو سعيد النقاش الْحَافِظ فِي أَمَالِيهِ عَن بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ يَوْم عَرَفَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أم سَلمَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أهل بِحجَّة أَو عمْرَة من الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَوَجَبَت لَهُ الْجنَّة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الله هُوَ بن سمعود سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من جَاءَ حَاجا يُرِيد وَجه الله غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَحْمد بن منيع وَأَبُو يعلى فِي مسنديهما عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قضى نُسكه وَسلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ آخر سُورَة الْحَشْر غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو عبد الله بن مَنْدَه فِي أَمَالِيهِ عَن بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قاد مكفوفا أَرْبَعِينَ خطْوَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو أَحْمد الناصح فِي فَوَائده عَن بن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سعى لِأَخِيهِ الْمُسلم فِي حَاجَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان وَأَبُو يعلى فِي مسنديهما عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من عَبْدَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فيتصافحان ويصليان على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا لم يَتَفَرَّقَا حَتَّى يغْفر لَهما ذنوبهما مَا تقدم مِنْهَا وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أكل طَعَاما ثمَّ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَطْعمنِي هَذَا الطَّعَام ورزقنيه من غير حول مني وَلَا قُوَّة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمن لبس ثوبا فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي كساني هَذَا ورزقنيه من غير حول مني وَلَا قُوَّة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَقد تلخص من هَذِه الْأَحَادِيث سِتَّة عشر خصْلَة وَقد نظمتها فِي أَبْيَات على وزن يَا سلسلة الرمل وَهِي هَذِه قد جَاءَ من الْهَادِي وَهُوَ خير نَبِي أَخْبَار مسانيد قد رويت بايصال فِي فضل خِصَال غافرات ذنُوب مَا قدم أَو أخر للممات بافضال حج وضوء قيام لَيْلَة قدر واسهر وصم لَهُ وقُوف عَرَفَة إقبال آمين وقارئ الْحَشْر ثمَّ من قاد أعمى وشهيد إِذا الْمُؤَذّن قد قَالَ سمى لأخ وَالضُّحَى وَعند لِبَاس حمد ومجيء من اليلياء باهلال فِي الْجُمُعَة يقْرَأ نوافلا وصفاح مَعَ ذكر صَلَاة على النَّبِي مَعَ الْآل قَالَ بن شهَاب وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول آمين هَذَا مَرَاسِيل بن شهَاب وَقد أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي غرائب مَالك والعلل مَوْصُولا من طَرِيق حَفْص بن عمر الْمدنِي عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ وَقَالَ تفرد بِهِ حَفْص بن عمر وَهُوَ ضَعِيف وَقَالَ بن عبد الْبر لم يُتَابع حَفْص على هَذَا اللَّفْظ بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ الْحَافِظ بن حجر وآمين بِالتَّخْفِيفِ وَالْمدّ فِي جَمِيع الرِّوَايَات وَعَن جَمِيع الْقُرَّاء وفيهَا لُغَات أُخْرَى شَاذَّة لم ترد بهَا الرِّوَايَة وَمَعْنَاهَا اللَّهُمَّ استجب عِنْد الْجُمْهُور وَقيل هُوَ اسْم من أَسمَاء الله رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة بِإِسْنَاد ضَعِيف وَعَن هِلَال بن يسَار التَّابِعِيّ مثله وَأنْكرهُ جمَاعَة

[196] إِذا قَالَ أحدكُم آمين زَاد مُسلم فِي صلَاته قَالَ الْحَافِظ بن حجر فَيحمل الْمُطلق على الْمُقَيد

[197] إِذا قَالَ الإِمَام سمع الله لمن حَمده فَقولُوا اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد فَإِنَّهُ من وَافق قَوْله قَول الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِيهِ إِشْعَار بِأَن الْمَلَائِكَة تَقول مَا يَقُول المأمومون وَقَالَ بن عبد الْبر الْوَجْه عِنْدِي فِي هَذَا وَالله أعلم تَعْظِيم فضل الذّكر وَأَنه يحط الأوزار وَيغْفر الذُّنُوب وَقد أخبر الله عَن الْمَلَائِكَة أَنهم يَسْتَغْفِرُونَ للَّذين آمنُوا فَمن كَانَ مِنْهُ من القَوْل مثل هَذَا بإخلاص واجتهاد وَنِيَّة صَادِقَة وتوبة صَحِيحَة غفرت ذنُوبه إِن شَاءَ الله قَالَ ومث لهَذِهِ الْأَحَادِيث المشكلة الْمعَانِي الْبَعِيدَة التَّأْوِيل عَن مخارج لَفظهَا وَاجِب ردهَا إِلَى الْأُصُول الْمُجْتَمع ليها

(1/85)


[198] عَن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن المعاوي بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين وَبعد الْألف وَاو قَالَ بن عبد الْبر مَنْسُوب إِلَى بني مُعَاوِيَة فَخذ من الْأَنْصَار وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ قَالَ الْبَاجِيّ روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة هَذَا الحَدِيث عَن مُسلم بن أبي مَرْيَم وَزَاد فِيهِ قَالَ هِيَ مذبة الشَّيْطَان لَا يسهو أحدكُم مَا دَامَ يُشِير بأصبع قَالَ الْبَاجِيّ فَفِيهِ أَن معنى الْإِشَارَة دفع السَّهْو وقمع الشَّيْطَان الَّذِي يوسوس وَقيل إِن الْإِشَارَة مَعْنَاهَا التَّوْحِيد

[201] إِنَّمَا سنة الصَّلَاة أَن تنصب رجلك إِلَى آخِره هَذِه الصّفة حكمهَا الرّفْع

(1/86)


[203] أَنه سمع عمر بن الْخطاب وَهُوَ على الْمِنْبَر يعلم النَّاس التَّشَهُّد قَالَ فِي الاستذكار مَا أوردهُ مَالك فِي التَّشَهُّد عَن عمر وَابْن عمر وَعَائِشَة حكمه الرّفْع لِأَن من الْمَعْلُوم أَنه لَا يُقَال بِالرَّأْيِ وَلَو كَانَ رَأيا لم يكن ذَلِك أَقُول من الذّكر أولى من غَيره من سَائِر الذّكر التَّحِيَّات لله فَسرهَا بَعْضهَا بِالْملكِ وَبَعْضهمْ بِالْبَقَاءِ وَبَعْضهمْ بِالسَّلَامِ وَعَن الْعُتْبِي أَن الْجمع فِي لفظ التَّحِيَّات سَببه أَنهم كَانُوا يحيون الْمُلُوك بأثنية مُخْتَلفَة كَقَوْلِهِم أنعم صباحا وأبيت اللَّعْن وعش كَذَا سنة فَقيل اسْتِحْقَاق الأثنية كلهَا لله تَعَالَى وَقيل الْمَعْنى ان التَّحِيَّات بالأسماء الْحسنى كلهَا لله تَعَالَى الزاكيات لله قَالَ بن حبيب هِيَ صَالح الْأَعْمَال الطَّيِّبَات هِيَ طَيّبَات القَوْل الصَّلَوَات لله قَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا يَنْبَغِي أَن يُرَاد بهَا غير الله وَقَالَ الرَّافِعِيّ مَعْنَاهُ الرَّحْمَة لله على الْعباد السَّلَام علينا قيل السَّلَام هُوَ الله تَعَالَى وَمَعْنَاهُ الله علينا أَي على حفظنا وَقيل هُوَ جمع سَلامَة

(1/87)


[208] عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة قَالَ بن عبد الْبر لم يخرج عَنهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ حكما وَاسْتغْنى عَنهُ فِي الْأَحْكَام بالزهري وَمثله وَإِنَّمَا ذكر عَنهُ فِي الْمُوَطَّأ حَدِيثا وَاحِدًا من الْمسند فِي بَاب الْجَامِع وَهَذَا الحَدِيث أوردهُ مَالك عَنهُ هُنَا مَوْقُوفا وَرَوَاهُ الداروردي عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن مليح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرْفُوعا الَّذِي يرفع رَأسه وَيخْفِضهُ قبل الإِمَام فَإِنَّمَا ناصيته يَد شَيْطَان قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ الْوَعيد لمن فعل ذَلِك واخبار أَن ذَلِك من فعل الشَّيْطَان بِهِ وَإِن انقياده لَهُ وطاعته إِيَّاه فِي الْمُبَادرَة بالخفض وَالرَّفْع قبل إِمَامه انقياد من كَانَت ناصيته بِيَدِهِ

[211] سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْعَصْر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى وَلم يقل لنا وَرَوَاهُ بن الْقَاسِم وَابْن وهب والقعنبي وَالشَّافِعِيّ وقتيبة عَن مَالك فَقَالُوا صلى لنا فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ واسْمه الْخِرْبَاق بن عَمْرو كل ذَلِك لم يكن قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ تَأْوِيلَانِ أَحدهمَا أَن مَعْنَاهُ لم يكن الْمَجْمُوع فَلَا يَنْفِي وجود أَحدهمَا وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّوَاب أَن مَعْنَاهُ لم يكن ذَاك وَلَا ذَا فِي ظَنِّي بل فِي ظَنِّي أَنِّي أكملت الصَّلَاة أَرْبعا قَالَ وَيدل على صِحَة هَذَا التَّأْوِيل وَأَنه لَا يجوز غَيره أَنه جَاءَ فِي رِوَايَات للْبُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لم تقصر وَلم أنس فنفى الْأَمريْنِ فَقَالَ أصدق ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نعم قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ تكلم ذُو الْيَدَيْنِ وَالْقَوْم وهم بعد فِي الصَّلَاة فَجَوَابه من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنهم لم يَكُونُوا على يَقِين من الْبَقَاء فِي الصَّلَاة لأَنهم كَانُوا مجوزين لنسخ الصَّلَاة من أَربع إِلَى رَكْعَتَيْنِ وَالثَّانِي أَن هَذَا كَانَ خطابا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجوابا وَذَلِكَ لَا يبطل الصَّلَاة وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح أَن الْجَمَاعَة أومئوا أَي نعم فعلى هَذِه الرِّوَايَة لم يتكلموا فَإِن قيل كَيفَ رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قَول الْجَمَاعَة وعندكم لَا يجوز للْمُصَلِّي الرُّجُوع فِي قدر صلَاته إِلَى قَول غَيره إِمَامًا كَانَ أَو مَأْمُوما وَلَا يعْمل إِلَّا على يَقِين نَفسه فَجَوَابه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَهُمْ ليتذكر فَلَمَّا ذَكرُوهُ تذكر فَعلم السَّهْو فَبنى عَلَيْهِ لَا أَنه رَجَعَ إِلَى مُجَرّد قَوْلهم

(1/88)


[212] عَن بن شهَاب عَن أبي بكر بن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة قَالَ بن عبد الْبر هُوَ قرشي عدوي لَا يُوقف لَهُ على اسْم وَهُوَ من ثِقَات التَّابِعين وَحَدِيثه هَذَا مُنْقَطع عِنْد جَمِيع رُوَاة الْمُوَطَّأ فَقَالَ لَهُ ذُو الشمالين رجل من بني زهرَة بن كلاب قَالَ الْبَاجِيّ قَول بن شهَاب فِي هَذَا الحَدِيث ذُو الشمالين فِيهِ نظر وَقَالَ بن أبي حثْمَة ذُو الشمالين عُمَيْر بن عبيد بن عَمْرو بن فضلَة من خُزَاعَة حَلِيف لبني زهرَة بن كلاب قتل يَوْم بدر وَذُو الْيَدَيْنِ هُوَ الْخِرْبَاق وَهُوَ غير ذِي الشمالين وَالْجمع بَينهمَا فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ مِمَّا خَلفه فِيهِ الْحفاظ من الروَاة عَن أبي هُرَيْرَة مُحَمَّد بن سِيرِين وَأَبُو سُفْيَان غَيرهمَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحفاظ عَن أبي سَلمَة وَبَين هَذَا أَن أَبَا هُرَيْرَة يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث صلى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك رَوَاهُ أَبُو مُصعب وَغَيره وَهَذَا يَقْتَضِي مُشَاهدَة أبي هُرَيْرَة لهَذِهِ الصَّلَاة وَذُو الشمالين قتل يَوْم بدر وَإِسْلَام أبي هُرَيْرَة بعد ذَلِك بأعوام جمة قَالَ وَلم يذكر أَن شهَاب فِي حَدِيثه هَذَا سُجُود السَّهْو وَقد ذكره جمَاعَة من الْحفاظ عَن أبي هُرَيْرَة وَالْأَخْذ بِالزَّائِدِ أولى إِذا كَانَ رَاوِيه ثِقَة وَقَالَ بن عبد الْبر الزُّهْرِيّ فِي هَذَا الحَدِيث أَن الْمُتَكَلّم ذُو الشمالين لم يُتَابع عَلَيْهِ فذو الشمالين هُوَ عُمَيْر بن عَمْرو بن غيثان خزاعي حَلِيف لبني زهرَة قتل ببدر وَذُو الْيَدَيْنِ اسْمه الْخِرْبَاق سلمي من بني سليم قَالَ وَقد اضْطربَ الزُّهْرِيّ فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ اضطرابا أوجب عِنْد أهل الْعلم بِالنَّقْلِ تَركه من رِوَايَته خَاصَّة ثمَّ ذكر طرقه وَبَين اضطرابها فِي الْمَتْن والإسناد وَذكر مُسلم بن الْحجَّاج غلط الزُّهْرِيّ فِي حَدِيثه قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم أحدا من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ المصنفين فِيهِ عول على الزُّهْرِيّ فِي قصَّة ذِي الْيَدَيْنِ وَكلهمْ تَرَكُوهُ لاضطرابه وَأَنه لم يتم لَهُ إِسْنَادًا وَلَا متْنا وَإِن كَانَ إِمَامًا عَظِيما فِي هَذَا الشَّأْن فالغلط لَا يسلم مِنْهُ بشر والكمال لله تَعَالَى وكل أحد يُؤْخَذ من قَوْله وَيتْرك إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر اتَّفقُوا على تغليط الزُّهْرِيّ فِي قَوْله ذُو الشمالين لِأَنَّهُ قتل ببدر وَذُو الْيَدَيْنِ عَاشَ بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُدَّة وَحدث بِهَذَا الحَدِيث ولقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَده طول وَقيل كَانَ يعْمل بيدَيْهِ جَمِيعًا

(1/89)


[214] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا روى الحَدِيث عَن مَالك جَمِيع الروَاة مُرْسلا وَلَا أعلم أحدا أسْندهُ عَن مَالك إِلَّا الْوَلِيد بن مُسلم فَإِنَّهُ وَصله عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد تَابع مَالِكًا على إرْسَاله الثَّوْريّ وَحَفْص بن ميسرَة الصَّنْعَانِيّ وَمُحَمّد بن جَعْفَر وَدَاوُد بن قيس وتابع الْوَلِيد على وَصله جمَاعَة عَن زيد بن أسلم قلت وَصله مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طرق عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق عبد الْعَزِيز الداروردي عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن بن عَبَّاس وَقَالَ بن حبَان فِي صَحِيحه وهم عبد الْعَزِيز فِي قَوْله عَن بن عَبَّاس وَإِنَّمَا هُوَ عَن أبي سعيد شفعها أَي ردهَا إِلَى الشفع ترغيم للشَّيْطَان أَي إِي إغاظة لَهُ وإذلال قَالَ النَّوَوِيّ الْمَعْنى ان الشَّيْطَان لبس عَلَيْهِ صلَاته وتدارك مَا لبس عَلَيْهِ فأرغم الشَّيْطَان ورده خاسئا مُبْعدًا عَن مُرَاده وكملت صَلَاة بن آدم وامتثل أَمر الله تَعَالَى الَّذِي عصى بِهِ إِبْلِيس من امْتِنَاعه عَن السُّجُود

[218] عَن عبد الله بن بُحَيْنَة هِيَ أمه وَاسم أَبِيه مَالك بن القشب الْأَزْدِيّ ونظرنا أَي انتظرنا

(1/90)


[220] عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة عَن أمه أَن عَائِشَة قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ جمَاعَة الروَاة عَن املك فِي الْمُوَطَّأ عَن عَلْقَمَة عَن أمه عَن عَائِشَة وَسقط ليحيى عَن أمه وَهُوَ مِمَّا عد عَلَيْهِ وَلم يُتَابِعه على ذَلِك أحد من الروَاة أهْدى أَبُو جهم بن حُذَيْفَة اسْمه عبيد وَيُقَال عَامر قرشي عدوي صَحَابِيّ مَشْهُور وَيُقَال فِيهِ أَبُو جهيم بِالتَّصْغِيرِ خميصة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْمِيم وبالصاد الْمُهْملَة كسَاء مربع لَهُ علمَان فكاد يفتنني قَالَ الْبَاجِيّ بَين أَن الْفِتْنَة لم تقع وَإِن صلَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كملت

[221] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبس خميصة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُرْسل عِنْد جَمِيع الروَاة عَن مَالك إِلَّا معن بن عِيسَى فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مُسْندًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جمَاعَة أَصْحَاب هِشَام عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أنبجانية بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون النُّون وَكسر الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْجِيم وَبعد النُّون يَاء النِّسْبَة كسَاء غليظ لَا علم لَهُ قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ مَنْسُوب إِلَى مَوضِع يُقَال لَهُ أنبجان وَتعقب بذلك قَول أبي حَاتِم السجسْتانِي لَا يُقَال كسَاء أنبجاني وَإِنَّمَا يُقَال ميجاني نِسْبَة إِلَى ميج مَوضِع أعجمي

[222] عَن عبد الله بن أبي بكر أَن أَبَا طَلْحَة الْأنْصَارِيّ كَانَ يُصَلِّي فِي حَائِط لَهُ قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث لَا أعلمهُ مرويا من غير هَذَا الْوَجْه وَهُوَ مُنْقَطع فطار دبسي فَطَفِقَ يتَرَدَّد يلْتَمس مخرجا قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي أَن انتساق النّخل واتصال جرائدها كَانَت تمنع الدبسي من الْخُرُوج فَجعل يتَرَدَّد بِطَلَب الْمخْرج فأعجبه ذَلِك أَي سُرُورًا بصلاح مَاله وَحسن إقباله ثمَّ رَجَعَ إِلَى صلَاته أَي الإقبال عَلَيْهَا وتفريغ نَفسه لتمامها فَقَالَ لقد أصابتني فِي مَالِي هَذَا فتْنَة أَي اختبرت فِي هَذَا المَال فشغلني عَن الصَّلَاة هُوَ صَدَقَة لله قَالَ الْبَاجِيّ أَرَادَ إِخْرَاج مَا فتن بِهِ من مَاله وتكفير اشْتِغَاله عَن صلَاته قَالَ وَهَذَا يدل على أَن مثل هَذَا كَانَ يقل مِنْهُم ويعظم فِي نُفُوسهم فضعه حَيْثُ شِئْت قَالَ الْبَاجِيّ إِنَّمَا صرف ذَلِك إِلَى اخْتِيَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعلمه بِأَفْضَل مَا تصرف إِلَيْهِ الصَّدقَات

(1/91)


[223] قد ذللت أَي مَالَتْ الثَّمَرَة بعراجينها لِأَنَّهَا عظمت وَبَلغت حد النضج

[224] فَلبس عَلَيْهِ بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة الْخَفِيفَة أَي خلط عَلَيْهِ

[225] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لأنسى أَو أنسى لأسن قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسْندًا وَلَا مَقْطُوعًا من غير هَذَا الْوَجْه وَهُوَ أحد الْأَحَادِيث الْأَرْبَعَة الَّتِي فِي الْمُوَطَّأ الَّتِي لَا تُوجد فِي غَيره مُسندَة وَلَا مُرْسلَة وَمَعْنَاهُ صَحِيح فِي الْأُصُول وَقَالَ الْبَاجِيّ أَو فِي الحَدِيث للشَّكّ عِنْد بَعضهم وَقَالَ عِيسَى بن دِينَار وَابْن نَافِع لَيست للشَّكّ وَمعنى ذَلِك أنسى أَنا أَو ينسيني الله تَعَالَى قَالَ وَيحْتَاج هَذَا إِلَيّ بَيَان لِأَنَّهُ أضَاف أحد النسيانين إِلَيْهِ وَالثَّانِي إِلَى الله تَعَالَى وَإِن كُنَّا نعلم أَنه إِذا نسي فَإِن الله هُوَ الَّذِي نساه أَيْضا وَذَلِكَ يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا أَن يُرِيد لأنسى فِي الْيَقَظَة وأنسى فِي النّوم فَأصَاب النسْيَان فِي الْيَقَظَة إِلَيْهِ لِأَنَّهَا حَال التَّحَرُّز فِي غَالب أَحْوَال النَّاس وأضاف النسْيَان فِي النّوم إِلَى غَيره لما كَانَت حَالا يقل فِيهَا التَّحَرُّز وَلَا يُمكن فِيهَا مِنْهُ مَا يُمكن فِي حَال الْيَقَظَة وَالثَّانِي أَن يُرِيد إِنِّي لأنسى على حسب مَا جرت الْعَادة بِهِ من النسْيَان مَعَ السَّهْو والذهول عَن الْأَمر أَو أنسى مَعَ تذكر الْأَمر والاقبال عَلَيْهِ والتفرغ لَهُ فأضاف أحد النسيانين إِلَى نَفسه لما كَانَ كالمضطر إِلَيْهِ

(1/92)


[227] من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة غسل الْجَنَابَة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ غسلا على صفة غسل الْجَنَابَة وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ الْجنب المغتسل بجنابته قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالْأول قَول الْأَكْثَر وَفِي رِوَايَة بن جريج عَن سمي عِنْد عبد الرَّزَّاق فاغتسل أحدكُم كَمَا يغْتَسل من الْجَنَابَة وَالثَّانِي فِيهِ إِشَارَة إِلَى اسْتِحْبَاب الْجِمَاع يَوْم الْجُمُعَة وَالْحكمَة فِيهِ أَن تسكن نَفسه فِي الرواح إِلَى الصَّلَاة وَلَا تمتد عينه إِلَى شَيْء يرَاهُ وَفِيه حمل الْمَرْأَة أَيْضا على الِاغْتِسَال قلت وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَيعْجزُ أحدكُم أَن يُجَامع أَهله فِي كل يَوْم جُمُعَة قَالَ لَهُ أَجْرَيْنِ اثْنَيْنِ أجر غسله وَأجر غسل امْرَأَته أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة ثمَّ رَاح فِي السَّاعَة الأولى قيل ذَلِك مُعْتَبر من الزَّوَال وَعَلِيهِ مَالك وَالْمرَاد بِهِ حِينَئِذٍ بالساعات الْخمس أَجزَاء لَطِيفَة عقبه لِأَن الرواح إِنَّمَا يكون بعد نصف النَّهَار وَقيل من أول النَّهَار وَعَلِيهِ الشَّافِعِي وَالْمرَاد بالرواح الذّهاب وسوغ الْإِطْلَاق كَونه ذَهَابًا لأمر يُؤْتى بِهِ بعد الزَّوَال قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَلم أر التَّعْبِير بالرواح فِي شَيْء من طرق هَذَا الحَدِيث إِلَّا فِي رِوَايَة مَالك هَذِه عَن سمي وَقد رَوَاهُ بن جريج عَن سمي بِلَفْظ غَدا وَرَوَاهُ أَبُو سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ المستعجل إِلَى الْجُمُعَة كالمهدي بَدَنَة الحَدِيث صَححهُ بن خُزَيْمَة وَفِي حَدِيث سَمُرَة ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الْجُمُعَة فِي التبكير كَأَجر الْبَدنَة الحَدِيث أخرجه بن ماجة وَلأبي دَاوُد من حَدِيث عَليّ مَرْفُوعا إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة غَدَتْ الشَّيَاطِين براياتها إِلَى الْأَسْوَاق وتغدو الْمَلَائِكَة فتجلس على بَاب الْمَسْجِد فتكتب الرجل من سَاعَة وَالرجل من ساعتين الحَدِيث فَدلَّ مَجْمُوع هَذِه الْأَحَادِيث على أَن المُرَاد بالرواح الذّهاب فَكَأَنَّمَا قرب بَدَنَة أَي تصدق بهَا متقربا إِلَى الله وَقيل المُرَاد أَن لَهُ نَظِير مَا لصَاحب الْبَدنَة من الثَّوَاب مِمَّن شرع لَهُ القربان لِأَن القربان لم يشرع لهَذِهِ الْأمة على الْكَيْفِيَّة الَّتِي كَانَت بالأمم السالفة أَي فعوضوا عَنهُ مَا يقوم مقَامه وَفِي لفظ عِنْد البُخَارِيّ كَمثل الَّذِي يهدي بَدَنَة فَكَانَ المُرَاد بالقربان فِي رِوَايَة مَالك الاهداء إِلَى الْكَعْبَة وَالْمرَاد بالبدنة الْوَاحِد من الْإِبِل ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى سميت بذلك لعظم دنها وَالْهَاء فِيهَا للوحدة لَا للتأنيث كَبْشًا أقرن قَالَ النَّوَوِيّ وَصفه بِهِ لِأَنَّهُ أكمل وَأحسن صُورَة وَلِأَن قرنه ينْتَفع بِهِ وَمن رَاح فِي السَّاعَة الرَّابِعَة فَكَأَنَّمَا قرب دجَاجَة فِي رِوَايَة عِنْد النَّسَائِيّ فَكَأَنَّمَا قرب بطة وَجعل الدَّجَاجَة فِي السَّاعَة الْخَامِسَة والبيضة فِي السَّاعَة السَّادِسَة والدجاجة بِتَثْلِيث الدَّال وَالْفَتْح أفْصح ثمَّ الْكسر وتقعان على الذّكر وَالْأُنْثَى فَإِذا خرج الامام حضرت الْمَلَائِكَة استنبط مِنْهُ الْمَاوَرْدِيّ أَن التبكير لَا يسْتَحبّ للْإِمَام قَالَ وَيدخل الْمَسْجِد من أقرب أبوابه إِلَى الْمِنْبَر وَقَالَ الْبَاجِيّ قَوْله خرج يُرِيد بِهِ خرج عَلَيْهِم فِي الْجَامِع لِأَنَّهُ خُرُوج مِمَّا كَانَ مَسْتُورا فِيهِ من منزل وَغَيره وَحَضَرت بِفَتْح الضَّاد أفْصح من كسرهَا قَالُوا وَالْمَلَائِكَة الْمشَار إِلَيْهِم غير الْحفظَة وظيفتهم كِتَابَة حاضري الْجُمُعَة ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَفِي رِوَايَة فِي الصَّحِيح إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وقفت الْمَلَائِكَة على بَاب الْمَسْجِد يَكْتُبُونَ الأول فَالْأول فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ فَإِذا جلس الامام طَوَوْا صُحُفهمْ وجاؤا يَسْتَمِعُون الذّكر وَلأبي نعيم فِي الْحِلْية من حَدِيث بن عمر مَرْفُوعا إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة بعث الله مَلَائِكَة بصحف من نور وَأَقْلَام من نور فَذكر الحَدِيث يَسْتَمِعُون الذّكر قَالَ الرَّافِعِيّ أَي الْخطْبَة وَقَالَ الْبَاجِيّ الْمَعْنى أَنَّهَا لَا تكْتب فَضِيلَة من يَأْتِي ذَلِك الْوَقْت

(1/93)


[229] عَن بن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله أَن قَالَ دخل رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك مُرْسلا لم يَقُولُوا عَن أَبِيه وَوَصله عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه رواح بن عبَادَة وَجُوَيْرِية بن أَسمَاء وَإِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَعُثْمَان بن الحكم الجذامي وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل وَعبد الْوَهَّاب بن عَطاء وَيحيى بن مَالك بن أنس وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي والوليد بن مُسلم وَعبد الْعَزِيز بن عمرَان وَمُحَمّد بن عمر الْوَاقِدِيّ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الحنيني والقعنبي فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق عَنهُ زَاد الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت وَيحيى بن مُحَمَّد الشجري وخَالِد بن حميد زَاد فِي الْعِلَل وَأَبُو قُرَّة قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَاب الزُّهْرِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن عمر وَهُوَ الصَّوَاب وَعند الزُّهْرِيّ فِيهِ أَسَانِيد أخر صِحَاح مِنْهَا سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمِنْهَا طَاوس عَن بن عَبَّاس وَعَن نَافِع عَن بن عمر وَقيل عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة وَقيل عَنهُ عَن عبيد بن السباق عَن بن عَبَّاس وَقيل عَنهُ عَن أنس وَالصَّحِيح من ذَلِك كُله حَدِيث عمر وَابْنه وَرَوَاهُ عَمْرو بن دِينَار عَن الزُّهْرِيّ مُرْسلا انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل والْحَدِيث مَوْصُول فِي الصَّحِيحَيْنِ فَأخْرجهُ البُخَارِيّ من طَرِيق جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن مَالك وَمُسلم من طَرِيق بن وهب عَن يُونُس وَكِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَالرجل الْمَذْكُور سَمَّاهُ بن وهب وَابْن الْقَاسِم فِي روايتيهما للموطأ عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ بن عبد الْبر وَلَا أعلم فِيهِ خلافًا قَالَ وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة بن وهب عَن أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ عَن نَافِع عَن بن عمر وَفِي رِوَايَة معمر عَن الزُّهْرِيّ عِنْد عبد الرَّزَّاق وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي رواتيه لهَذِهِ الْقِصَّة عِنْد مُسلم قَالَ وَذكر عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار أَن عِكْرِمَة مولى بن عَبَّاس أخبرهُ أَن عُثْمَان بن عَفَّان جَاءَ وَعمر يخْطب فَذكر مثل حَدِيث بن عمر وَأبي هُرَيْرَة قَالَ وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مَرْفُوعا ثمَّ أخرج من طَرِيق مُحَمَّد بن عمر الْمدنِي حَدثنَا بشر بن السّري عَن عمر بن الْوَلِيد الشني عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلهو أحدكُم حَتَّى إِذا كَادَت الْجُمُعَة تفوت جَاءَ يتخطى رِقَاب النَّاس يؤذيهم فَقَالَ مَا فعلت يَا رَسُول الله وَلَكِن كنت رَاقِدًا ثمَّ استيقظت وَقمت فَتَوَضَّأت ثمَّ أَقبلت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يَوْم وضوء هَذَا قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا حدث بِهِ مَرْفُوعا وَهُوَ عِنْدِي وهم لَا أَدْرِي مِمَّن وَإِمَّا الْقِصَّة مَحْفُوظَة لعمر لَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى فَقَالَ عمر أَيَّة سَاعَة هَذِه بتَشْديد الْيَاء التَّحْتِيَّة تَأْنِيث أَي اسْتِفْهَام إِنْكَار وتوبيخ على تَأَخره إِلَى هَذِه السَّاعَة وَفِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة فَقَالَ عمر لم تحتبسون عَن الصَّلَاة انقلبت من السُّوق روى أَشهب عَن مَالك فِي الْعُتْبِيَّة أَن الصَّحَابَة كَانُوا يكْرهُونَ ترك الْعَمَل يَوْم الْجُمُعَة على نَحْو تَعْظِيم الْيَهُود السبت وَالنَّصَارَى الْأَحَد وَالْوُضُوء أَيْضا قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ مَنْصُوب أَي تَوَضَّأت الْوضُوء فَقَط قَالَه الزُّهْرِيّ وَقَالَ بن حجر أَي وَالْوُضُوء أَيْضا اقتصرت على الْوضُوء وَجوز الْقُرْطُبِيّ الرّفْع على أَنه مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف أَي وَالْوُضُوء أَيْضا تقتصر عَلَيْهِ قَالَ وَأغْرب السُّهيْلي فَقَالَ اتّفق الروَاة على الرّفْع لِأَن النصب يُخرجهُ إِلَى معنى الْإِنْكَار يَعْنِي وَالْوُضُوء لَا يُنكر قَالَ مَا تقدم قَالَ وَالظَّاهِر أَن الْوَاو عاطفة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هِيَ عوض من همزَة الِاسْتِفْهَام كَقِرَاءَة بن كثير قَالَ فِرْعَوْن وآمنتم بِهِ وَقَوله أضا أَي ألم يكفك أَن فاتك فعل التبكير إِلَى الْجُمُعَة حَتَّى أضفت إِلَيْهِ ترك الْعَمَل المرغوب فِيهِ قلت وَفِيه دَلِيل على أَن هَذِه اللَّفْظَة عَرَبِيَّة فَإِن بن هِشَام توقف فِي ذَلِك ثمَّ أعْربهَا مصدرا من آض تَاما بِمَعْنى رَجَعَ لَا من آض نَاقِصا بِمَعْنى صَار قَالَ وَهِي إِمَّا مفعول مُطلق حذف عَامله أَي أرجع إِلَى الاخبار رُجُوعا وَلَا أقتصر على مَا قدمت أَو حَال حذف عاملها وصاحبها أَي أخبر أَو أحكي أَيْضا فَتكون حَالا من ضمير الْمُتَكَلّم فَهَذَا هُوَ الَّذِي يسْتَمر فِي جَمِيع الْمَوَاضِع قَالَ وَمِمَّا يؤنسك بِمَا ذكرته من أَن الْعَامِل مَحْذُوف أَنَّك تَقول عِنْد مَال وَأَيْضًا علم فَلَا يكون قبلهَا مَا يصلح للْعَمَل فِيهَا فَلَا بُد حِينَئِذٍ من التَّقْدِير

(1/94)


[230] عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ عِنْد رِوَايَة لم يَخْتَلِفُوا فِي إِسْنَاده وَرَوَاهُ بكر بن السرُور الصفاني عَن مَالك زيد بن أسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه مَرْفُوعا قَالَ وَهَذَا خطأ فِي الْإِسْنَاد بِلَا شكّ وَبكر سيء الْحِفْظ ضَعِيف هَذِه عَن مَالك مَنَاكِير وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر لم تخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي إِسْنَاده عَن مَالك وَرِجَاله مدنيون وَفِي رُوَاته تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ صَفْوَان عَن عَطاء وَقد تَابع مَالِكًا على رِوَايَته الداروردي عَن صَفْوَان عِنْد بن حبَان وَخَالَفَهُمَا عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق فَرَوَاهُ عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أخرجه أَبُو بكر الْمروزِي فِي كتاب الْجُمُعَة لَهُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت رَوَاهُ يحيى بن مَالك عَن أَبِيه بِهَذَا السَّنَد مثله مَوْقُوفا أَحْسبهُ سقط على بعض الروَاة ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ فِي الْعِلَل رَوَاهُ إِسْحَاق بن الطباع عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد وَوهم فِيهِ وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن صَفْوَان فَقَالَ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد وَمِنْهُم من قَالَ عَنهُ بِالشَّكِّ عَن أَحدهمَا وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة عَن صَفْوَان عَن عَطاء بن يسَار مُرْسلا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ نَافِع الْقَارِي عَن صَفْوَان عَن أبي هُرَيْرَة وَوهم فِيهِ وَالصَّحِيح من ذَلِك صَفْوَان عَن بن يسَار عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى غسل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب أَي متأكد قَالَ بن عبد الْبر المُرَاد أَنه وَاجِب فرضا بل مؤول أَي وَاجِب فِي السّنة أَو فِي الْمُرُوءَة أَو فِي الْأَخْلَاق الجميلة كَمَا تَقول الْعَرَب وَجب حَقك ثمَّ أخرج بِسَنَدِهِ من طَرِيق أَشهب عَن مَالك أَنه سُئِلَ عَن غسل الْجُمُعَة أواجب هُوَ قَالَ هُوَ حسن وَلَيْسَ بِوَاجِب وَأخرج من طَرِيق بن وهب أَن مَالِكًا سُئِلَ عَن غسل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب هُوَ قَالَ هُوَ سنة ومعروف قيل إِن فِي الحَدِيث وَاجِب قَالَ وَلَيْسَ كل مَا جَاءَ فِي الحَدِيث يكون كَذَلِك على كل محتلم أَي بَالغ وَإِنَّمَا ذكر الِاحْتِلَام لكَونه الْغَالِب

(1/95)


[231] عَن نَافِع عَن بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا جَاءَ أحدكُم أَي إِذا أَرَادَ أَن يَجِيء كَمَا فِي رِوَايَة اللَّيْث عَن نَافِع عِنْد مُسلم إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَأْتِي الْجُمُعَة فليغتسل قَالَ الْحَافِظ بن حجر رِوَايَة نَافِع عَن بن عمر لهَذَا الحَدِيث مَشْهُورَة جدا وَقد اعتنى بتخريج طرقه أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه فساقه من طَرِيق سبعين نفسا رَوَوْهُ عَن نَافِع قَالَ وَقد تتبعت مَا فته وجمعت مَا وَقع لي من طرقه فِي جُزْء مُفْرد فبلغت أَسمَاء من رَوَاهُ عَن نَافِع مائَة وَعشْرين نفسا فمما يُسْتَفَاد مِنْهُ هُنَا ذكر سَبَب الحَدِيث فَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن نَافِع عِنْد أبي عوَانَة كَانَ النسا يَغْدُونَ فِي أَعْمَالهم فَإِذا كَانَ الْجُمُعَة جاؤوا وَعَلَيْهِم ثِيَاب متغيرة فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ من جَاءَ مِنْكُم الْجُمُعَة فليغتسل وَمِنْهَا ذكر مَحل القَوْل فَفِي رِوَايَة الحكم بن عتيبة عَن نَافِع عَن بن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول على أَعْوَاد هَذَا الْمِنْبَر بِالْمَدِينَةِ أخرجه يَعْقُوب الْجَصَّاص فِي فَوَائده وَمِنْهَا يدل على تكْرَار ذَلِك فَفِي رِوَايَة صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع عَن أبي مُسلم الْكَجِّي بِلَفْظ كَانَ إِذا خطب يَوْم الْجُمُعَة قَالَ الحَدِيث وَمِنْهَا زِيَادَة فِي امتن فَفِي رِوَايَة عُثْمَان بن وَاقد عَن نَافِع عَن أبي عوَانَة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صحاحهم من أَتَى الْجُمُعَة من الرِّجَال وَالنِّسَاء فليغتسل وَمن لم يأتها فَلَيْسَ عَلَيْهِ غسل وَمِنْهَا زِيَادَة فِي الْمَتْن والإسناد أَيْضا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان من طرق عَن مفضل بن فضال عَن عَيَّاش بن عَبَّاس الْقِتْبَانِي عَن بكير بن عبد الله الْأَشَج عَن نَافِع عَن بن عمر عَن حَفْصَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُمُعَة وَاجِبَة على كل محتلم وعَلى من رَاح إِلَى الْجُمُعَة الْغسْل قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط لم يروه عَن نَافِع بِزِيَادَة حَفْصَة إِلَّا بكير وَلَا عَنهُ غلا عَيَّاش تفرد بِهِ مفضل قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَرُوَاته ثِقَات وَلَا مَانع أَن يسمعهُ بن عمر من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن غَيره من الصَّحَابَة

[232] إِذا قلت لصاحبك أنصت والأمام يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فقد لغوت قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ الْمَنْع من الْكَلَام وأكد ذَلِك بِأَن من أَمر غَيره حِينَئِذٍ بِالصَّمْتِ فَهُوَ لاغ لِأَنَّهُ قد أَتَى من الْكَلَام بِمَا ينْهَى عَنهُ كَمَا أَن من نهى فِي الصَّلَاة مُصَليا عَن الْكَلَام فقد أفسد على نَفسه صلَاته وَإِنَّمَا نَص على أَن الْأَمر بِالصَّمْتِ لاغ تَنْبِيها على أَن كل مُكَلم غَيره لاغ واللغو رَدِيء الْكَلَام وَمَا لاخير فِيهِ انْتهى وَفِي حَدِيث بن عَمْرو مَرْفُوعا وَمن لنا وتخطى رِقَاب النَّاس كَانَت لَهُ ظهرا أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة قَالَ بن وهب أحد رُوَاته مَعْنَاهُ أَجْزَأت عَنهُ الصَّلَاة وَحرم فَضِيلَة الْجُمُعَة وَلأَحْمَد من حَدِيث عَليّ مَرْفُوعا وَمن قَالَ صه فقد تكلم وَمن تكلم فَلَا جُمُعَة لَهُ

(1/96)


[236] أَن رجلا عطس يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب فشمته رجل إِلَى جنبه فَسَأَلَ عَن ذَلِك سعيد بن الْمسيب فَنَهَاهُ بِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وَخَالف فِي الْجَدِيد وَقَالَ ليشمت وَاسْتدلَّ فِي الْأُم بِحَدِيث الْحسن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا عطس الرجل والأمام يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فشمته وَهُوَ مُرْسل وَلَيْسَ مَذْهَب الشَّافِعِي رد الْمُرْسل مُطلقًا بل يحْتَج بِهِ إِذا اعتضد فَكَأَنَّهُ رأى لَهُ عاضدا ثمَّ رَأَيْت فِي مُصَنف بن أبي شيبَة من طَرِيق الْأَعْمَش والغيرة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ كَانُوا يردون السَّلَام يَوْم الْجُمُعَة والأمام يخْطب ويشمتون الْعَاطِس فَهَذَا عاضده

(1/97)


[239] فَقَالَ بن شهَاب كَانَ عمر بن الْخطاب يقْرؤهَا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فامضوا إِلَى ذكر الله وَصله عبد بن حميد فِي تَفْسِيره قَالَ أَنا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ لقد توفّي عمر وَمَا يقْرَأ هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْجُمُعَة إِلَّا فامضوا إِلَى ذكر الله وَأخرج مثله عَن أبي وَابْن مَسْعُود

(1/98)


[240] فِيهِ سَاعَة لَا يُوَافِقهَا أَي يصادفها عبد مُسلم وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا يَقُول عَامَّة رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي هَذَا الحَدِيث وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي إِلَّا قُتَيْبَة بن سعيد وَأَبا مُصعب وَابْن أبي أويس والتنيس ومطرفا فانهم أسقطوها وَقَالُوا وَهُوَ يسْأَل الله فِيهَا شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ وَبَعْضهمْ يَقُول أعطَاهُ إِيَّاه قَالَ وَهِي زِيَادَة مَحْفُوظَة عَن أبي الزِّنَاد من رِوَايَة مَالك وورقاء وَغَيرهمَا عَنهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر حكى أَبُو مُحَمَّد بن السَّيِّد عَن مُحَمَّد بن وضاح أَنه كَانَ يَأْمر بحذفها من الحَدِيث قَالَ وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَنه يشكل عَلَيْهِ أصح الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي تعْيين هَذِه السَّاعَة وهما حديثان أَحدهمَا أَنَّهَا من جُلُوس الْخَطِيب على الْمِنْبَر إِلَى انْصِرَافه من الصَّلَاة وَالثَّانِي أَنَّهَا من بعد الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس وَقد احْتج أَبُو هُرَيْرَة على عبد الله بن سَلام لما ذكر لَهُ القَوْل الثَّانِي بِأَنَّهَا لَيست سَاعَة صَلَاة وَقد ورد النَّص بِالصَّلَاةِ فَأَجَابَهُ بِالنَّصِّ الآخر أَن منتظر الصَّلَاة ف يحكم الْمُصَلِّي فَلَو كَانَ قَوْله وَهُوَ قَائِم عِنْد أبي هُرَيْرَة ثَابتا لاحتج عَلَيْهِ بِهِ لكنه سلم لَهُ الْجَواب وارتضاه وَأفْتى بِهِ بعده وَأما إشكاله على الحَدِيث الأول فَمن جِهَة انه يتَنَاوَل حَال الْخطْبَة كُله وَلَيْسَت صَلَاة على الْحَقِيقَة وَقد أُجِيب عَن هَذَا الاشكال بِحمْل الصَّلَاة على الدُّعَاء أَو الِانْتِظَار وبحمل الْقيام على الْمُلَازمَة أَو الْمُوَاظبَة وَيُؤَيّد ذَلِك أَن حَال الْقيام فِي الصَّلَاة غير حَال السُّجُود وَالرُّكُوع وَالتَّشَهُّد مَعَ أَن السُّجُود مَظَنَّة إِجَابَة الدُّعَاء فَلَو كَانَ المُرَاد بِالْقيامِ حَقِيقَة لأخرجه فَدلَّ لعى أَن المُرَاد مجَاز الْقيام وَهُوَ الْمُوَاظبَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ثمَّ إِن جملَة وَهُوَ قَائِم حَال من عبد وَيُصلي حَال ثَانِيَة أَو من ضمير قَائِم وَيسْأل حَال ثَالِثَة مرادفة أَو متداخلة وَأَشَارَ بِيَدِهِ يقللها فِي رِوَايَة البُخَارِيّ من طَرِيق سَلمَة بن عَلْقَمَة عَن بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة وَوضع أنملته على بطن الْوُسْطَى والخنصر وَبَين أَبُو مُسلم الْكَجِّي أَن الَّذِي وضع هُوَ بشر بن الْمفضل رِوَايَة عَن سَلمَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَكَأَنَّهُ فسر الْإِشَارَة بذلك وللطبراني فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أنس وَهِي قدر هَذَا يَعْنِي قَبْضَة وَلمُسلم وَهِي سَاعَة خَفِيفَة قَالَ الزين بن الْمُنِير الْإِشَارَة لتقليلها هُوَ التَّرْغِيب فِيهَا والحض عَلَيْهَا ليسارة وَقتهَا وغزارة فَضلهَا وَقد اخْتلف أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ فِي هَذِه السَّاعَة على أَكثر من ثَلَاثِينَ قولا فَقيل انها رفعت حَكَاهُ بن عبد الْبر عَن قوم وزيفه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض رده السّلف على قَائِله وَقيل انها فِي جُمُعَة وَاحِدَة من كل سنة وَقيل إِنَّهَا مخفية فِي جَمِيع الْيَوْم كَمَا أخفيت لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر وَالِاسْم الْأَعْظَم فِي الْأَسْمَاء الْحسنى وَهُوَ قَضِيَّة كَلَام الرَّافِعِيّ وَغَيره وَالْحكمَة فِي ذَلِك بعث الْعباد على الِاجْتِهَاد فِي الطّلب واستيعاب الْوَقْت بِالْعبَادَة وَقيل انها تنْتَقل فِي يَوْم الْجُمُعَة وَلَا تلْزم سَاعَة بِعَينهَا وَرجحه الْغَزالِيّ والمحب الطَّبَرِيّ وَقيل هِيَ عِنْد أَذَان الْمُؤَذّن لصَلَاة الْغَدَاة وَقيل من طُلُوع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس وَقيل عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَقيل أول سَاعَة بعد طُلُوع الشَّمْس وَقيل فِي آخر السَّاعَة الثَّالِثَة من النَّهَار لحَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَفِي آخر ثَلَاث سَاعَات مِنْهُ سَاعَة من دَعَا الله فِيهَا اسْتُجِيبَ لَهُ أخرجه أَحْمد وَقيل إِذا زَالَت الشَّمْس وَقيل إِذا أؤم الْمُؤَذّن لصَلَاة الْجُمُعَة وَقيل من الزَّوَال إِلَى مصير الظل ذِرَاعا وَقيل إِلَى أَن يخرج الامام وَقيل إِلَى أَن يدْخل فِي الصَّلَاة وَقيل من الزَّوَال إِلَى غرُوب الشَّمْس وَقيل مَا بَين خُرُوج الامام إِلَى أَن تُقَام الصَّلَاة وَقيل عِنْد خُرُوج الامام وَقيل مَا بَين خُرُوج الامام إِلَى أَن تَنْقَضِي الصَّلَاة وَقيل مَا بَين أَن يحرم البيع إِلَى أَن يحل وَقيل مَا بَين الْأَذَان إِلَى انْقِضَاء الصَّلَاة وَقيل مَا بَين أَن يجلس الامام على الْمِنْبَر إِلَى أَن تقضي الصَّلَاة رَوَاهُ مُسلم عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهَذَا القَوْل يُمكن أَن يتحد مَعَ الَّذِي قبله وَقيل من حِين يفْتَتح الامام الْخطْبَة حَتَّى يفرغها رَوَاهُ بن عبد الْبر عَن بن عمر مَرْفُوعا وَقيل عِنْد الْجُلُوس بَين الْخطْبَتَيْنِ وَقيل عِنْد نزُول الامام من الْمِنْبَر وَقيل عِنْد أقامة الصَّلَاة لحَدِيث الطَّبَرَانِيّ عَن مَيْمُونَة بنت سعد أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله أَفْتِنَا عَن صَلَاة الْجُمُعَة قَالَ فِيهَا سَاعَة لَا يَدْعُو العَبْد فِيهَا ربه إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ قلت أَيَّة سَاعَة هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ ذَلِك حِين يقوم الإِمَام وَقيل من إِقَامَة الصَّلَاة إِلَى الِانْصِرَاف مِنْهَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَمْرو بن عَوْف مَرْفُوعا وَحسنه وَقيل هِيَ السَّاعَة الت كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَة وَقيل من صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس مَرْفُوعا وَقيل فِي صَلَاة الْعَصْر وَقيل بعد الْعَصْر إِلَى آخر وَقت الِاخْتِيَار وَقيل من حِين تصفر الشَّمْس إِلَى أَن تغيب وَقيل آخر سَاعَة بعد الْعَصْر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن جَابر مَرْفُوعا وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عقب هَذَا الحَدِيث وَقيل إِذا تدلى نصف الشَّمْس للغروب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن فَاطِمَة بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرْفُوعا قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ أصح الْأَحَادِيث فِيهَا حَدِيث أبي مُوسَى فِي مُسلم وَأشهر الْأَقْوَال فِيهَا قَول عبد الله بن سَلام قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَمَا عداهما إِمَّا ضَعِيف الْإِسْنَاد أَو مَوْقُوف اسْتندَ قَائِله إِلَى اجْتِهَاد دون تَوْقِيف ثمَّ اخْتلف السّلف أَي الولين الْمَذْكُورين أرجح فرجح كلا مرجحون فرجح مَا فِي حَدِيث أبي مُوسَى الْبَيْهَقِيّ وَابْن الْعَرَبِيّ والقرطبي وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّه الصَّحِيح أَو الصَّوَاب وَرجح قَول بن سَلام أَحْمد بن حَنْبَل وَابْن رَاهَوَيْه وَابْن عبد الْبر والطرطوشي وَابْن الزملكاني من الشَّافِعِيَّة وَأَقُول هَهُنَا أَمر وَذَلِكَ أَن مَا أوردهُ أَبُو هُرَيْرَة على بن سَلام منن أَنَّهَا لَيست سَاعَة صَلَاة وَارِد على حَدِيث أبي مُوسَى أَيْضا لِأَن حَال الْخطْبَة لَيست سَاعَة صَلَاة ويتميز مَا بعد الْعَصْر بِأَنَّهَا سَاعَة دُعَاء وَقد قَالَ فِي الحَدِيث يسْأَل الله شَيْئا وَلَيْسَ حَال الْخطْبَة سَاعَة دُعَاء لِأَنَّهُ مَأْمُور فِيهَا بالإنصات وَكَذَلِكَ غَالب الصَّلَاة وَوقت الدُّعَاء مِنْهَا إِمَّا عِنْد الْإِقَامَة أَو فِي السُّجُود أَو فِي التَّشَهُّد فَإِن حمل الحَدِيث على هَذِه الْأَوْقَات اتَّضَح وَيحمل قَوْله وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي على حَقِيقَته فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ وعَلى مجازه فِي الْإِقَامَة أَي قَائِم يُرِيد الصَّلَاة وَهَذَا تَحْقِيق حسن فتح الله بِهِ وَبِه يظْهر تَرْجِيح رِوَايَة أبي مُوسَى على قَول بن سَلام لابقاء الحَدِيث على ظَاهره من قَوْله يُصَلِّي وَيسْأل فَإِنَّهُ أولى من حمله على انْتِظَار الصَّلَاة لِأَنَّهُ مجَاز بعيد وموهم أَن انْتِظَار الصَّلَاة شَرط فِي الْإِجَابَة وَلِأَنَّهُ لَا يُقَال فِي منتظر الصَّلَاة قَائِم يُصَلِّي وَإِن صدق أَنه فِي صَلَاة لِأَن لفظ قَائِم يشْعر بملابسة الْفِعْل وَالَّذِي أختاره أَنا من هَذِه الْأَقْوَال أَنَّهَا عِنْد إِقَامَة الصَّلَاة وغالب الْأَحَادِيث المرفوعة تشهد لَهُ أما حَدِيث مَيْمُونَة فصريح فِيهِ وَكَذَا حَدِيث عَمْرو بن عَوْف وَلَا يُنَافِيهِ حَدِيث أبي مُوسَى لِأَنَّهُ ذكر أَنَّهَا فِيمَا بَين أَن يجلس الامام إِلَى أَن تقضي الصَّلَاة وَذَلِكَ صَادِق بِالْإِقَامَةِ بل منحصر فِيهَا لِأَن وَقت الْخطْبَة لَيْسَ وَقت صَلَاة وَلَا دُعَاء فِي غالبها وَلَا تظن أَنه أَرَادَ استغراق هَذَا الْوَقْت قطعا لِأَنَّهَا خَفِيفَة بالنصوص وَالْإِجْمَاع وَوقت الْخطْبَة وَالصَّلَاة متسع وغالب الْأَقْوَال الْمَذْكُورَة بعد الزَّوَال وَعند الْأَذَان تحمل على هَذَا وَترجع إِلَيْهِ وَلَا تتنافى وَقد أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن مَالك الصَّحَابِيّ قَالَ إِنِّي لأرجو أَن تكون سَاعَة الْإِجَابَة فِي أحدى السَّاعَات الثَّلَاث إِذا أذن الْمُؤَذّن وَمَا دَامَ الامام على الْمِنْبَر وَعند الْإِقَامَة وَأقوى شَاهد لَهُ قَوْله وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فأحمل وَهُوَ قَائِم على الْقيام للصَّلَاة عِنْد الْإِقَامَة وَيُصلي على الْحَال الْمقدرَة وَتَكون هَذِه الْجُمْلَة الحالية شرطا فِي الْإِجَابَة وَأَنَّهَا مُخْتَصَّة بِمن شهد الْجُمُعَة ليخرج من تخلف عَنْهَا هَذَا مَا ظهر لي فِي هَذَا الْمحل من التَّقْرِير وَالله أعلم

(1/100)


[241] عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم أحدا سَاق هَذَا الحَدِيث أحسن سِيَاقَة من يزِيد بن الْهَاد وَلَا أتم معنى فِيهِ مِنْهُ إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ فَلَقِيت بضرة بن أبي بصرة وَلم يُتَابِعه أحد عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف فَلَقِيت أَبَا بصرة وَهِي مصيخة أَي مستمعة مصغية حَتَّى تطلع الشَّمْس شفقا من السَّاعَة قَالَ الرَّافِعِيّ أَي خوفًا كَأَنَّهَا أعلمت أَنَّهَا تقوم يَوْم الْجُمُعَة فتخاف هِيَ قِيَامهَا كل جُمُعَة وَقَوله حَتَّى تطلع الشَّمْس يدل على أَنَّهَا إِذا طلعت عرفت الدَّوَابّ أَنه لَيْسَ بذلك الْيَوْم إِلَّا الْجِنّ والأنس قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ اسْتثِْنَاء من الْجِنْس لِأَن اسْم الدَّابَّة وَاقع على كل مَا دب ودرج قَالَ وَقد قيل إِن وَجه عدم اشفاقهم أَنهم قد علمُوا أَن بَين يَدي السَّاعَة شُرُوطًا ينتظرونها قَالَ وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بالبين لأَنا نجد مِنْهُم من لَا يصيخ وَلَا علم لَهُ بِالشُّرُوطِ وَقد كَانَ النَّاس قبل أَن يعلمُوا بِالشُّرُوطِ لَا يصيخون فَلَقِيت بصرة قَالَ بن عبد الْبر الصَّوَاب أَبَا بصرة واسْمه جميل بن بصرة قَالَ والغلط من يزِيد لَا من مَالك لَا تعْمل المطى أَي لَا تسير ويسافر عَلَيْهَا إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد هُوَ اسْتثِْنَاء مفرغ أَي إِلَى مَوضِع قَالَ السكي لَيْسَ فِي الأَرْض بقْعَة لَهَا فضل بذاتها حَتَّى يُسَافر أليها لذَلِك الْفضل غير هَذِه الثَّلَاثَة وَأما غَيرهَا فَلَا يُسَافر إِلَيْهَا لذاتها بل لِمَعْنى فِيهَا من علم أَو جِهَاد أَو نَحْو ذَلِك فَلم يَقع الْمُسَافِر إِلَى ذَلِك الْمَكَان بل إِلَى من فِي ذَلِك الْمَكَان قَالَ عبد الله بن سَلام كذب كَعْب قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ أَن من سمع الْخَطَأ وَجب عَلَيْهِ إِنْكَاره ورده على كل من سَمعه مِنْهُ إِذا كَانَ عِنْده فِي رده أصل صَحِيح قَالَ عبد الله بن سَلام قد علمت أَيَّة سَاعَة هِيَ قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ دَلِيل على أَن للْعَالم أَن يَقُول أَنا أعلم كَذَا إِذا لم يكن على سَبِيل الْفَخر والسمعة وَلَا تضن أَي لَا تبخل

(1/101)


[242] عَن يحيى بن سعيد أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا على أحدكُم لَو اتخذ ثَوْبَيْنِ لجمعته سوى ثوبي مهنته وَصله بن عبد الْبر من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي عَن يحيى بن سعيد الْأمَوِي عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة وَمن طَرِيق مهْدي بن مَيْمُون عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ رَوَوْهُ هَكَذَا عَن يحيى فَقَط وَرَوَاهُ بن وهب عَن يحيى بن سعيد وَرَبِيعَة بن عبد الرَّحْمَن فَذكر الحَدِيث قَالَ وَالْمرَاد بثوبين قَمِيص ورداء أَو جُبَّة ورداء والمهنة بِفَتْح الْمِيم الْخدمَة وَقد ورد هَذَا الْمَتْن من حَدِيث يُوسُف بن عبد الله بن سَلام مَرْفُوعا لَا يضر أحدكُم أَن يتَّخذ ثَوْبَيْنِ للْجُمُعَة سوى ثوبي مهنته وَمن طَرِيق آخر عَن يُوسُف عَن أَبِيه قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم جُمُعَة فَقَالَ وَمَا على أحدكُم لَو اشْترى ثَوْبَيْنِ للْجُمُعَة سوى ثوبي مهنته أخرجهُمَا بن عبد الْبر

[245] على إِثْر سُورَة الْجُمُعَة أَي فِي الرَّكْعَة الثَّانِي

[246] عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ مَالك لَا أَدْرِي أعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم لَا أَنه قَالَ من ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات من غير عذر وَلَا عِلّة طبع الله على قلبه قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث يسند من وُجُوه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحْسنهَا إِسْنَادًا حَدِيث أبي الْجَعْد الضمرِي أخرجه الشَّافِعِي فِي الْأُم وَأَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة بِلَفْظ من ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات تهاونا بهَا طبع الل على قلبه وَأخرج بن عبد الْبر من حيدث أبي قَتَادَة مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات من غير ضَرُورَة فقد طبع الله على قلبه وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة ثَلَاثًا وَلَاء من غير عذر فقد طبع الله على قلبه وَمن مُرْسل سعيد بن الْمسيب مَرْفُوعا ن ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات من غير عذر طبع الل على قلبه وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم من حَدِيث بن عَبَّاس مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة ثَلَاثًا من غير ضَرُورَة كتب منافقا فِي كتاب لَا يمحى وَلَا يُبدل قَالَ الْبَاجِيّ معنى الطَّبْع على الْقلب أَن يَجْعَل بِمَنْزِلَة الْمَخْتُوم عَلَيْهِ لَا يصل إِلَيْهِ شَيْء من الْخَيْر

[247] عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب خطبتين يَوْم الْجُمُعَة وَجلسَ بَينهمَا قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ مُرْسلا وَهُوَ يتَّصل من وُجُوه ثَابِتَة من غير حَدِيث مَالك فَفِي الصَّحِيحَيْنِ من طَرِيق عبيد اله بن عمر عَن نَافِع عَن بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب خطبتين قَائِما يفصل بَينهمَا بجلوس

(1/102)


[248] أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي الْمَسْجِد إِلَى آخِره قَالَ بن عبد الْبر تَفْسِير هَذِه اللَّيَالِي الْمَذْكُورَات فِيهِ بِمَا رَوَاهُ النُّعْمَان بن بشير قَالَ قمنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شهر رَمَضَان لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين إِلَى ثلث اللَّيْل ثمَّ قمنا مَعَه لَيْلَة خمس وَعشْرين إِلَى نصف اللَّيْل ثمَّ قمنا لَيْلَة سبع وَعشْرين حَتَّى ظننا أَن لَا ندرك الْفَلاح أخرجه النَّسَائِيّ وَأما عدد مَا صلى فَفِي حَدِيث ضَعِيف أَنه صلى عشْرين رَكْعَة وَالْوتر أخرجه بن أبي شيبَة من حَدِيث بن عَبَّاس وَأخرج بن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث جَابر أَنه صلى بهم ثَمَان رَكْعَات ثمَّ أوتر وَهَذَا أصح إِلَّا أَنِّي خشيت أَن يفْرض عَلَيْكُم قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ القاض أَبُو بكر يحْتَمل أَن يكون الله أوحى إِلَيْهِ أه إِن وَاصل هَذِه الصَّلَاة مَعَهم فَرضهَا عَلَيْهِم وَيحْتَمل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظن أَن ذَلِك سيفرض عَلَيْهِم لما جرت عَادَته بِأَن مَا داوم عَلَيْهِ على وَجه الِاجْتِمَاع من الْقرب فرض على أمته وَيحْتَمل أَن يُرِيد بذلك أَنه خَافَ أَن يظنّ أحد من أمته بعده إِذا داوم عَلَيْهَا وُجُوبهَا

(1/103)


[249] عَن بن شهَاب عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرغب فِي قيام رَمَضَان قَالَ بن عبد الْبر اخْتلفت الروَاة عَن مَالك فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث فَرَوَاهُ يحيى بن يحى ي هَكَذَا مُتَّصِلا وَتَابعه بن بكير وَسَعِيد بن عفير وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْقسم ومعن وَعُثْمَان بن عمر عَن مَالك بِهِ وَرَوَاهُ القعْنبِي وَأَبُو مُصعب ومطرف وَابْن نَافِع وَابْن وهب وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَكِيع بن الْجراح وَجُوَيْرِية بن أَسمَاء كلهم عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلا لم يذكرُوا أَبَا هُرَيْرَة وَعند القعْنبِي ومطرف وَالشَّافِعِيّ وَابْن نَافِع وَابْن بكير وَأبي مُصعب عَن مَالك حَدِيثه عَن بن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه هَكَذَا رَوَوْهُ فِي الْمُوَطَّأ وَلَيْسَ هُوَ عِنْد يحيى أصلا وَعند الشَّافِعِي حَدِيث حميد وَلَيْسَ عِنْده حَدِيث أبي سَلمَة من غير أَن يَأْمر بعزيمة قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ لَا يَأْمُرهُم أَمر إِيجَاب وتحتيم بل أَمر ندب وترغيب ثمَّ فسره بقوله فَيَقُول إِلَى آخِره وَهَذِه الصِّيغَة تَقْتَضِي التَّرْغِيب وَالنَّدْب دون الْإِيجَاب فَيَقُول من قَامَ رَمَضَان قَالَ بن عبد الْبر أجمع رُوَاة الْمُوَطَّأ على هَذَا اللَّفْظ وَلذَلِك أدخلهُ مَالك فِي بَاب قيام رَمَضَان ويصححه قَوْله كَانَ يرغب فِي قيام رَمَضَان وَأما أَصْحَاب بن شهَاب فانهم اخْتلفُوا فَرَوَاهُ مَالك وَمعمر وَيُونُس وَأَبُو أويس كَذَلِك وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَحده عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ من صَامَ رضمان وَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن عمر وَيحيى بن أبي كثير وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ كلهم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ من صَامَ رَمَضَان وَرَوَاهُ عقيل عَن الزُّهْرِيّ بِلَفْظ من صَامَ رَمَضَان وقامه قَالَ النَّوَوِيّ وَالْمرَاد بِقِيَام رَمَضَان صَلَاة التَّرَاوِيح وَقَالَ غَيره لَيْسَ المُرَاد بِقِيَام رَمَضَان صَلَاة التَّرَاوِيح بل مُطلق الصَّلَاة الْحَاصِل بهَا قيام اللَّيْل إِيمَانًا واحتسابا قَالَ النَّوَوِيّ معنى إِيمَانًا تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حق مُعْتَقد أفضليته وَمعنى احتسابا أَن يُرِيد بِهِ الله وَحده لَا بِقصد رُؤْيَة النَّاس وَلَا غير ذَلِك مِمَّا يُخَالف الْإِخْلَاص انْتهى ونصبهما على الْمصدر أَو الْحَال غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه قَالَ النَّوَوِيّ الْمَعْرُوف عِنْد الْفُقَهَاء أَن هَذَا مُخْتَصّ بغفران الصَّغَائِر دون الْكَبَائِر قَالَ بَعضهم وَيجوز أَن يُخَفف من الْكَبَائِر إِذا لم يُصَادف صَغِيرَة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر ظَاهره يتَنَاوَل الصَّغَائِر والكبائر وَبِه جزم بن الْمُنْذر فَائِدَة اخْرُج بن عبد الْبر من طَرِيق حَامِد بن يحيى عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ حَامِد بن يحيى عَنهُ قَامَ رَمَضَان وَلم يقل صَامَ وَزَاد وَمَا تَأَخّر وَهِي زِيَادَة مُنكرَة فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قد تَابعه على هَذِه الزِّيَادَة قُتَيْبَة عَن سُفْيَان عِنْد النَّسَائِيّ وَالْحُسَيْن الْمروزِي فِي كتاب الصّيام لَهُ وَهِشَام بن عمار فِي الْجُزْء الثَّانِي عشر من فَوَائده ويوسف النجاحي فِي فَوَائده كلهم عَن بن عُيَيْنَة ووردت أَيْضا من طَرِيق أبي سَلمَة من وَجه آخر أخرجهَا أَحْمد من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن ثَابت عَن الْحسن كِلَاهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووردت أَيْضا من رِوَايَة مَالك نَفسه أخرجهَا أَبُو عبد الله الْجِرْجَانِيّ فِي أَمَالِيهِ من طَرِيق بَحر بن نصر عَن بن وهب عَن ملك وَيُونُس عَن الزُّهْرِيّ وَلم يُتَابع بَحر بن نصر على ذَلِك أحد من أَصْحَاب بن وهب وَلَا من أَصْحَاب مَالك وَلَا يُونُس سوى مَا قدمْنَاهُ قَالَ بن شهَاب فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْأَمر على ذَلِك إِلَى آخِره قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا مُرْسل أرْسلهُ بن شهَاب قَالَ وَمعنى قَوْله وَالْأَمر على ذَلِك وَحَال النَّاس على مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ترك النَّاس وَالنَّدْب إِلَى الْقيام وَإِن لَا يجتمعوا فِيهِ على إِمَام يُصَلِّي بهم خشيَة أَن يفْرض عَلَيْهِم وَيصِح أَن يَكُونُوا لَا يصلونَ إِلَّا فِي بُيُوتهم أَو يُصَلِّي الْوَاحِد مِنْهُم فِي الْمَسْجِد وَيصِح أَن يَكُونُوا لم يجمعوا على إِمَام وَاحِد وَلَكنهُمْ كَانُوا يصلونَ أوزاعا مُتَفَرّقين وَقَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ اسْتمرّ الْأَمر هَذِه الْمدَّة على أَن كل وَاحِد يقوم رَمَضَان فِي بَيته مُنْفَردا حَتَّى انْقَضى صدر من خلَافَة عمر ثمَّ جمعهم عمر على أبي بن كَعْب فصلى بهم جمَاعَة وَاسْتمرّ الْعَمَل على فعلهَا جمَاعَة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قَوْله وَالْأَمر على ذَلِك أَي على ترك الْجَمَاعَة فِي التَّرَاوِيح وَلأَحْمَد فِي رِوَايَة بن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ فِي هَذَا الحَدِيث وَلم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع النَّاس على الْقيام قَالَ وَقد أدرج بَعضهم قَول بن شهَاب فِي نفس الْخَبَر أخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيق معمر عَن بن شهَاب قَالَ وَأما مَا رَوَاهُ بن وهب عَن أبي هُرَيْرَة خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا النَّاس فِي رَمَضَان يصلونَ فِي نَاحيَة الْمَسْجِد فَقَالَ مَا هَذَا فَقيل نَاس يصلى بهم أبي بن كَعْب فَقَالَ أَصَابُوا وَنعم مَا صَنَعُوا ذكره بن عبد الْبر فَفِيهِ مُسلم بن خَالِد وَهُوَ ضَعِيف وَالْمَحْفُوظ أَن عمر هُوَ الَّذِي جمع النَّاس على أبي بن كَعْب انْتهى

(1/104)


[250] أوزاع بِسُكُون الْوَاو بعْدهَا زَاي أَي جمَاعَة متفرقون فَقَوله فِي الرِّوَايَة متفرقون تَأْكِيد لَفْظِي وَقَوله يُصَلِّي الرجل إِلَى آخِره بَيَان لما أجمله أَولا فَقَالَ عمر إِلَى آخِره قَالَ بن التِّين وَغَيره استنبط عمر ذَلِك من تَقْرِير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى مَعَه فِي تِلْكَ اللَّيَالِي وَإِن كَانَ كره ذَلِك لَهُم فانما كره خشيَة أَن يفْرض عَلَيْهِم فَلَمَّا مَاتَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حصل الْأَمْن من ذَلِك وَرَأى عمر ذَلِك لما فِي الِاخْتِلَاف من افْتِرَاق الْكَلِمَة ولآن الِاجْتِمَاع على وَاحِد أنشط لكثير من الْمُصَلِّين فَجَمعهُمْ على أبي بن كَعْب أَي جعله لَهُم إِمَامًا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ عملا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب الله وَقد قَالَ عمر أقرؤنا أبي وروى سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق عُرْوَة أَن عمر جمع النَّاس على أبي بن كَعْب فَكَانَ يُصَلِّي بِالرِّجَالِ وَكَانَ تَمِيم الدَّارِيّ يُصَلِّي بِالنسَاء وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب قيام اللَّيْل لَهُ مَه هَذَا الْوَجْه فَقَالَ سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة بدل تَمِيم قَالَ بن حجر وَلَعَلَّ ذَلِك كَانَ فِي وَقْتَيْنِ ثمَّ خرجت مَعَه لَيْلَة أُخْرَى وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة قارئهم أَي إمَامهمْ الْمَذْكُور وَهُوَ صَرِيح فِي أَن عمر كَانَ لَا يُصَلِّي مَعَهم لِأَنَّهُ كَانَ يرى أَن الصَّلَاة فِي بَيته وَلَا سِيمَا فِي آخر اللَّيْل أفضل وَقد روى مُحَمَّد بن نصر فِي قيام اللَّيْل من طَرِيق طَاوس عَن بن عَبَّاس قَالَ جِئْت عمر فِي السحر فَسمع هيعة النَّاس فَقَالَ مَا هَذَا قيل خَرجُوا من الْمَسْجِد وَذَلِكَ فِي رَمَضَان فَقَالَ مَا بَقِي من اللَّيْل أحب مِمَّا مضى فَقَالَ عمر نعمت الْبِدْعَة هَذِه أصل الْبِدْعَة مَا على غير مِثَال سَابق وَتطلق فِي الشَّرْع على مَا يُقَابل السّنة أَي مَا لم يكن فِي عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تَنْقَسِم إِلَى الْأَحْكَام الْخَمْسَة وَالَّتِي تنامون عَنْهَا أفضل قَالَ بن حجر هَذَا تَصْرِيح مِنْهُ بِأَن الصَّلَاة فِي آخر اللَّيْل أفضل من أَوله

[151] عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ أَمر عمر بن الْخطاب أبي بن كَعْب وتميما الدَّارِيّ أَن يقوما للنَّاس بِإِحْدَى عشرَة رَكْعَة قَالَ الْبَاجِيّ لَعَلَّ عمر أَخذ ذَلِك من صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفِي حَدِيث عَائِشَة انها سُئِلت عَن صلَاته فِي رَمَضَان فَقَالَت مَا كَانَ يزِيد فِي رَمَضَان وَلَا فِي غَيره على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة إِلَّا فِي بزوغ الْفجْر قَالَ الْبَاجِيّ هِيَ أَوَائِله وَأول مَا يَبْدُو مِنْهُ

[253] مَا أدْركْت النَّاس قَالَ الْبَاجِيّ أَي الصَّحَابَة إِلَّا وهم يلعنون الْكَفَرَة فِي رَمَضَان قَالَ اباجي أَي فِي قنوت الْوتر

(1/105)


[255] عَن سعيد بن جُبَير عَن رجل عِنْده رضَا قَالَ بن عبد الْبر قيل انه الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ فقد أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن سعيد بن جُبَير عَن الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة بِهِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من وَجه آخر عَن أبي جَعْفَر عَن بن الْمُنْكَدر عَن سعيد بن جُبَير عَن عَائِشَة بِهِ وَلم يذكر بَينهمَا أحدا وَقد ورد مثل حَدِيث عَائِشَة هَذَا من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء أخرجه الْبَزَّار مَا من امْرِئ تكون لَهُ صَلَاة بلَيْل يغلبه عَلَيْهَا نوم قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يذهب بِهِ النّوم فَلَا يَسْتَيْقِظ وَالثَّانِي أَن يَسْتَيْقِظ ويمنعه غَلَبَة النّوم من الصَّلَاة فَهَذَا حكمه أَن ينَام حَتَّى يذهب عَنهُ مَانع النّوم إِلَّا كتب الله لَهُ أجر صلَاته قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد الَّتِي اعتادها وَقَالَ وَيحْتَمل ذَلِك عِنْدِي وُجُوهًا أَحدهَا أَن يكون لَهُ أجرهَا غير مضاعف وَلَو عَملهَا لَكَانَ لَهُ أجرهَا مضاعفا لِأَنَّهُ لَا خلاف أَن الَّذِي يُصَلِّي أكمل حَالا وَيحْتَمل أَن يُرِيد أَن لَهُ أجر نِيَّته وَيحْتَمل أَن يكون لَهُ أجر من تمنى أَن يُصَلِّي مثل تِلْكَ الصَّلَاة وَلَعَلَّه أَرَادَ أجر تأسفه على مَا فَاتَهُ مِنْهَا انْتهى وَقَالَ بن عبد الْبر الحَدِيث دَلِيل على أَن الْمَرْء يجازى على مَا نوى من الْخَيْر وَإِن لم يعْمل كَا لَو علمه وَأَن النِّيَّة يعْطى عَلَيْهَا كَالَّذي يعْطى على الْعَمَل إِذا حيل بَينه وَبَين ذَلِك الْعَمَل ينوم أَو نِسْيَان أوغير ذَلِك من وُجُوه الْمَوَانِع فَيكْتب لَهُ أجر ذَلِك الْعَمَل وَإِن لم يعمله فضلا من الله ونعمة وَكَانَ نَومه عَلَيْهِ صَدَقَة قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي أَنه لَا يحْتَسب عَلَيْهِ وَيكْتب لَهُ أجر الْمُصَلِّين

[256] كنت أَنَام بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر هَذَا من أثبت حَدِيث يرْوى فِي هَذَا الْمَعْنى فَإِذا سجد غمزني أقل النَّوَوِيّ اسْتدلَّ بِهِ من يَقُول لمس النِّسَاء لَا ينْقض الْوضُوء وَالْجُمْهُور حملوه على أَن غمزه فَوق حَائِل قَالَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر من حَال لنائم والبيوت يَوْمئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مصابيح قَالَ النَّوَوِيّ أَرَادَت بِهِ الِاعْتِذَار تَقول لوك ان فِيهَا مصابيح فقبضت رجْلي عِنْد إِرَادَة السُّجُود وَلم أحوجه إِلَى غمزي وَقَالَ بن عبد الْبر قَوْلهَا يَوْمئِذٍ تُرِيدُ حِينَئِذٍ إِذْ المصابيح إِنَّمَا تتَّخذ فِي اللَّيَالِي دون الْأَيَّام قَالَ وَهَذَا مَشْهُور فِي لِسَان الْعَرَب يعبر بِالْيَوْمِ عَن الْحِين وَالْوَقْت كَمَا يعبر بِهِ عَن النَّهَار

[257] إِذا نعس بِفَتْح الْعين أحدكُم فِي صلَاته فليرقد قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا عَام فِي صَلَاة الْفَرْض وَالنَّفْل فِي اللَّيْل وَالنَّهَار هَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب الْجُمْهُور وَلَكِن لَا يخرج فَرِيضَة عَن وَقتهَا وَحمله مَالك وَجَمَاعَة على نفل اللَّيْل لِأَنَّهُ مَحل النُّون غلابا لَعَلَّه يذهب يسْتَغْفر قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ القَاضِي معنى يسْتَغْفر مَعنا يَدْعُو

(1/106)


[258] عَن إِسْمَاعِيل بن أبي حَكِيم أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع امْرَأَة من اللَّيْل قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُنْقَطع منن رِوَايَة إِسْمَاعِيل وَهُوَ مُتَّصِل من طرق صِحَاح ثَابِتَة من حَدِيث مَالك وَغَيره فَأخْرجهُ البُخَارِيّ من طَرِيق القعْنبِي عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَأخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة الحولاء بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمدّ بنت تويت بتاء مثناة من فَوق أَوله وَآخره وَهُوَ بن حبيب بِفَتْح الْمُهْملَة بن أَسد بن عبد الْعُزَّى من رَهْط خَدِيجَة أم المومنين رَضِي الله عَنْهَا عرفت الْكَرَاهِيَة بتَخْفِيف الْيَاء فِي وَجهه قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي أَنه رُؤِيَ فِي وَجهه من التقطيب وَغير ذَلِك مَا عرفت بِهِ كراهيته لما وصفت بِهِ إِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِفَتْح الْمِيم فيهمَا قَالَ والملل بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارف فِي حَقنا محَال فِي حق الله تَعَالَى فَيجب تَأْوِيل الحَدِيث قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مَعْنَاهُ لَا يعاملكم مُعَاملَة المَال فَيقطع عَنْكُم ثَوَابه وجزاءه وَبسط فَضله وَرَحمته حَتَّى تقطعوا أَعمالكُم وَقيل مَعْنَاهُ لَا يمل إِذا مللتم قَالَه بن قُتَيْبَة وَغَيره وَفِي فتح الْبَارِي الملال استثقال الشَّيْء ونفور النَّفس عَنهُ بعد محبته وَهُوَ محَال على الله تَعَالَى بِاتِّفَاق قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَجَمَاعَة من الْمُحَقِّقين إِنَّمَا أطلق هَذَا على جِهَة الْمُقَابلَة اللفظية مجَازًا كَمَا قَالَ تَعَالَى وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا وأنظاره وَهَذَا بِنَاء على أَن حَتَّى على بَابهَا فِي انْتِهَاء الْغَايَة وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من الْمَفْهُوم وجنح بَعضهم إِلَى تَأْوِيلهَا فَقيل مَعْنَاهُ لَا يمل الله إِذا مللتم وَهُوَ مُسْتَعْمل فِي كَلَام الْعَرَب وَمِنْه قَوْلهم فِي البليغ لَا يَنْقَطِع حَتَّى يَنْقَطِع خصومه لِأَنَّهُ لَو انْقَطع حِين ينقطعون لم يكن لَهُ عَلَيْهِم مزية وَقَالَ الْمَازرِيّ قيل إِن حَتَّى هُنَا بِمَعْنى الْوَاو فَيكون التَّقْدِير لَا يمل وتملون فنفى عَنهُ الْملَل وأثبته لَهُم قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالْأول أليق وأجرى على الْقَوَاعِد وَأَنه من بَاب الْمُقَابلَة اللفظية وَقَالَ بن حبَان فِي صَحِيحه هَذَا من أَلْفَاظ المعارف الَّتِي لَا يتهيأ للمخاطب أَن يعرف الْقَصْد بِمَا يُخَاطب بِهِ إِلَّا بهَا وَهَذَا رَأْيه فِي جَمِيع الْمُتَشَابه اكلفوا بِسُكُون الْكَاف وَفتح اللَّام أَي خُذُوا وتحملوا من الْعَمَل مَا لكم بِهِ طَاقَة قَالَ الْبَاجِيّ أَي بالمداومة عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا النّدب إِلَى تَكْلِيف مالنا طَاقَة وَالثَّانِي نهينَا عَن تَكْلِيف مَالا نطيق وَهُوَ أليق بنسق الحَدِيث قَالَ وَقَوله من الْعَمَل الْأَظْهر أَنه أَرَادَ بِهِ عمل الْبر لأه ورد على سَببه وَلِأَنَّهُ لفظ ورد من الشَّارِع فَوَجَبَ أَن يحمل على الْأَعْمَال الشَّرْعِيَّة

(1/107)


[262] كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل أحدى عشرَة رَكْعَة يُوتر مِنْهَا بِوَاحِدَة فَإِذا فرغ اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن قَالَ بن عبد الْبر إِلَى هُنَا انْتَهَت رِوَايَة يحيى وَتَابعه جمَاعَة الروَاة للموطأ وَأما أَصْحَاب بن شهَاب فرووا هَذَا الحَدِيث عَن بن شهَاب بِإِسْنَادِهِ هَذَا فَجعلُوا الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر لَا بعد الْوتر وَذكر بَعضهم فِيهِ أَن كَانَ يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهُم من لم يذكر ذَلِك وَكلهمْ ذكر اضطجاعه بعد رَكْعَتي الْفجْر فِي هَذَا الحَدِيث وَزعم مُحَمَّد بن يحيى الديلِي وَغَيره أَن مَا ذكرُوا فِي ذَلِك هُوَ الصَّوَاب دون مَا قَالَه مَالك قَالَ بن عبد الْبر وَلَا يدْفع مَا قَالَه مَالك من ذَلِك لموضعه من الْحِفْظ والإتقان ولثبوته فِي بن شهَاب وَعلمه بحَديثه

[263] مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزِيد فِي رَمَضَان وَلَا فِي غَيره على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَأما مَا رَوَاهُ بن أبي شيبَة من حَدِيث بن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي رَمَضَان عشْرين رَكْعَة وَالْوتر فإسناده ضَعِيف وَقد عَارضه هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح مَعَ كَون عَائِشَة أعلم بِحَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا من غَيرهَا يُصَلِّي أَرْبعا فَلَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ هن فِي نِهَايَة من كَمَال الْحسن والطول مستغنيات بِظُهُور حسنهنَّ وطولهن عَن السُّؤَال عَنهُ إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا من خَصَائِص الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام

[264] يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاث عشرَة رَكْعَة قَالَ بن عبد الْبر ذكر قوم من الروَاة لهَذَا الحَدِيث عَن هِشَام بن عُرْوَة أَنه كَانَ لَا يجلس فِي شَيْء من الْخمس رَكْعَات إِلَّا فِي آخِرهنَّ رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة وَأَبُو عوَانَة ووهيب وَغَيرهم وَأكْثر الْحفاظ رووا هَذَا الحَدِيث عَن هِشَام كَمَا رَوَاهُ مَالك قَالَ وَالرِّوَايَة الْمُخَالفَة لرِوَايَة مَالك إِنَّمَا حدث بهَا عَن هِشَام أهل الْعرَاق وَمَا حدث بهَا هِشَام بِالْمَدِينَةِ قبل خُرُوجه إِلَى الْعرَاق أصح عِنْدهم وَقَالَ الْبَاجِيّ ذكرت عَائِشَة فِي هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشرَة رَكْعَة غير رَكْعَتي الْفجْر وَذكرت فِي الحَدِيث السَّابِق أَنه كَانَ لَا يزِيد على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة وَقد ذكر بعض من لم يتَأَمَّل أَن رِوَايَة عَائِشَة اضْطَرَبَتْ فِي الْحَج وَالرّضَاع وَصَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيْلِ وَقصر الصَّلَاة فِي السّفر قَالَ وَهَذَا غلط مِمَّن قَالَه فقد أجمع الْعلمَاء على أَنَّهَا أحفظ الصَّحَابَة فَكيف بغيرهم وَإِنَّمَا حمله على هَذَا قلَّة مَعْرفَته بمعاني الْكَلَام ووجوه التَّأْوِيل فَإِن الحَدِيث الأول إِخْبَار عَن صلَاته الْمُعْتَادَة الْغَالِبَة وَالثَّانِي إِخْبَار عَن زِيَادَة وَقعت فِي بعض الْأَوْقَات أَو ضمت فِيهِ مَا كَانَ يفْتَتح بِهِ صلَاته من رَكْعَتَيْنِ خفيفتين قبل الاحدى عشرَة

(1/108)


[265] مخرمَة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة بَات لَيْلَة عِنْد مَيْمُونَة فِي بعض طرق الحَدِيث عِنْد أبي عوَانَة قَالَ بَعَثَنِي أبي الْعَبَّاس إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَاجَة فَوَجَدته جَالِسا فِي الْمَسْجِد فَلم أستطع أَن ُأكَلِّمهُ فَلَمَّا صلى الْمغرب قَامَ فَرَكَعَ حَتَّى أذن الْمُؤَذّن بِصَلَاة الْعشَاء زَاد مُحَمَّد بن نصر فِي قيام اللَّيْل فَقَالَ لي يَا بني بت اللَّيْلَة عندنَا فاضطجعت فِي عرض الوسادة بِفَتْح الْعين لمقابلته بالطول وَقيل بِالضَّمِّ بِمَعْنى الْجَانِب وَالصَّوَاب الأول 1 قَالَ الداوودي والوسادة مَا يضعون رؤوسهم عَلَيْهِ للنوم وَعند مُحَمَّد بن نصر وسَادَة من أَدَم حشوها لِيف فَمسح النّوم عَن وَجهه بِيَدِهِ أَي أثر النّوم من بَاب إِطْلَاق السَّبَب على الْمُسَبّب أَو عَيْنَيْهِ من بَاب إِطْلَاق اسْم الْحَال على الْمحل ثمَّ قَرَأَ الْعشْر الْآيَات أَولهَا إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَى آخر السُّورَة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن ذَلِك ليبتدئ يقظته بِذكر الله ويختمها بِذكرِهِ عِنْد نَومه وَيحْتَمل أَن ذَلِك ليذكر مَا ندب إِلَيْهِ من الْعِبَادَة وَمَا وعد على ذَلِك من الثَّوَاب فَإِن هَذِه الْآيَات جَامِعَة لكثير من ذَلِك تنشيطا لَهُ على الْعِبَادَة إِلَى شن مُعَلّق فِي رِوَايَة البُخَارِيّ معلقَة قَالَ النَّوَوِيّ الشن الْقرْبَة الْخلق فَمن أنث وَمن ذكر فعلى إِرَادَة السقاء والوعاء فَتَوَضَّأ مِنْهَا فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن نصر فاستفرغ من الشن فِي إِنَاء ثمَّ تَوَضَّأ فَأحْسن وضوءه فِي رِوَايَة لمُسلم فأسبغ الْوضُوء وَلم يمس من المَاء إِلَّا قَلِيلا وَأخذ بأذني الْيُمْنَى يفتلها قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَنه فعل ذَلِك تأنيسا لَهُ وَيحْتَمل أَنه فعله إيقاظا لَهُ وَقَالَ النَّوَوِيّ قيل فتلها تَنْبِيها لَهُ من النعاس وَقيل ليتنبه لهيبة الصَّلَاة وموقف الْمَأْمُوم وَغير ذَلِك قَالَ وَالْأول أظهر 2 لقَوْله فِي الرِّوَايَة الآخرى فَجعلت إِذا أغفيت يَأْخُذ بشحمة أُذُنِي وَهِي عِنْد مُسلم قلت لَكِن فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن نصر فَعرفت أَنه إِنَّمَا صنع ذَلِك ليؤنسني بِيَدِهِ فِي ظلمَة اللَّيْل فصلى رَكْعَتَيْنِ إِلَى آخِره هِيَ مَذْكُورَة سِتّ مَرَّات زَاد بن خُزَيْمَة يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أوتر زَاد ملم فتكاملت صلَاته ثَلَاث عشرَة رَكْعَة أَتَاهُ الْمُؤَذّن هُوَ بِلَال كَمَا سمي فِي رِوَايَة البُخَارِيّ

(1/109)


[266] عَن عبد الله بن أبي بكر هُوَ بن عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ فتوسدت عتبته أَو فسطاطه قَالَ الْبَاجِيّ العتبة مَوضِع الْبَاب والفسطاط نوع لقباب وَالْخَبَر بالتفسير الأول أشبه وَيحْتَمل أَن ذَلِك شكّ من الرَّاوِي فصلى رَكْعَتَيْنِ طويلتين قَالَ الْبَاجِيّ انْفَرد يحيى بن يحيى فِي هَذَا الحَدِيث بأمرين أَحدهمَا أَنه قَالَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين طويلتين وَسَائِر أَصْحَاب الْمُوَطَّأ قَالُوا عَن مَالك فِي الْأَوليين خفيفتين وَالثَّانِي أَنه قَالَ طويلتين طويلتين ثَلَاثًا وسائى أَصْحَاب الْمُوَطَّأ قَالُوا ذَلِك مرَّتَيْنِ فَقَط بِعني بذلك الْمُبَالغَة فِي طولهما وَقَالَ بن عبد الْبر لم يُتَابع يحيى على هَذَا أحد من رِوَايَة الْمُوَطَّأ وَالَّذِي فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيعهم فصلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ طويلتين طويلتين طويلتين فأسقط يحيى ذكر الرَّكْعَتَيْنِ الخفيفتين وَذَلِكَ خطأ وَاضح لِأَن الْمَحْفُوظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَدِيث زيد بن خَالِد وَغَيره أَنه كَانَ يفْتَتح صَلَاة اللَّيْل بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين وَقَالَ أَيْضا طويلتين طويلتين مرَّتَيْنِ وَغَيره يَقُول ثَلَاث مَرَّات وَذَلِكَ مَا عد على يحيى من سقطه وغلطه والغلط لَا يسلم مِنْهُ أحد انْتهى دون اللَّتَيْنِ قبلهمَا قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي فِي الطول

[267] عَن نَافِع وَعبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم يخْتَلف على مَالك فِي إِسْنَاد إِلَّا أَن فِي رِوَايَة مكي بن إِبْرَاهِيم عَن مَالك أَن نَافِعًا وَعبد الله بن دِينَار أخبراه كَذَا فِي الموطآت للدارقطني وَأوردهُ الْبَاقُونَ بالعنعنة أَن رجلا للنسائي من أهل الْبَادِيَة قَالَ بن حجر وَلم أَقف على اسْمه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَلَاة اللَّيْل فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن نصر قَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ تَأْمُرنَا أَن نصلي من اللَّيْل صَلَاة اللَّيْل زَاد أَصْحَاب السّنَن وَابْن خُزَيْمَة من طَرِيق عَليّ الْأَزْدِيّ عَن بن عمر وَالنَّهَار مثنى مثنى أَي اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَهُوَ غير منصرف للعدل وَالْوَصْف وَلمُسلم من طَرِيق عقبَة بن حُرَيْث قَالَ قلت لِابْنِ عمر مَا مثنى مثنى قَالَ تسلم من كل رَكْعَتَيْنِ صلى رَكْعَة وَاحِدَة فِي رِوَايَة الشَّافِعِي وَابْن وهب ومكي بن إِبْرَاهِيم عَن مَالك فَليصل رَكْعَة أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت هَكَذَا بِصِيغَة الْأَمر وَقَالَ بن عبد الْبر كل من روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك من رُوَاة الْمُوَطَّأ وَغَيرهم قَالُوا فِيهِ صفة صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى إِلَّا الحنيني وَحده فَإِنَّهُ روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك والعمري جَمِيعًا عَن نَافِع عَن بن عمر مَرْفُوعا صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مثنى مثنى فَزَاد فِيهِ وَالنَّهَار وَذَلِكَ خطأ عَن مَالك لم يُتَابِعه أحد عَلَيْهِ

(1/110)


[268] عَن بن محيريز اسْمه عبد الله أَن رجلا من بني كنَانَة يدعى المخدجي قَالَ بن عبد الْبر هُوَ مَجْهُول لَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث وَقيل ان اسْمه رفيع والمخدجي لقب وَلَيْسَ بِنسَب فِي شَيْء من قبائل الْعَرَب يكنى أَبَا مُحَمَّد قَالَ بن عبد الْبر يُقَال انه سعد بن أَوْس الْأنْصَارِيّ لم يضيع مِنْهُنَّ شَيْئا اسْتِخْفَافًا بحقهن قَالَ الْبَاجِيّ احْتِرَاز من السَّهْو وَالنِّسْيَان الَّذِي لَا يُمكن أحدا الِاحْتِرَاز مِنْهُ إِلَّا من خصّه الله بالعصمة وَقَالَ بن عبد الْبر ذهبت طَائِفَة إِلَى أَن التضييع للصَّلَاة الْمشَار إِلَيْهِ هُنَا إِلَّا يُقيم حُدُودهَا من مُرَاعَاة وَقت وطهارة وإتمام رُكُوع وَسُجُود وَنَحْو ذَلِك وَهُوَ مَعَ ذَلِك يُصليهَا

[269] عَن أبي بكر بن عمر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا وَقع عِنْد شُيُوخنَا وَكَانَ أَحْمد بن خَالِد يَقُول ان يحيى رَوَاهُ أَبُو بكر بن عمر وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جمَاعَة أَصْحَاب مَالك وَهُوَ كَمَا قَالَ وَهُوَ أَبُو بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب لم يُوقف لَهُ على اسْم

(1/111)


[276] صَلَاة الْمغرب وتر صَلَاة النَّهَار قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مَرْفُوع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَد ضَعِيف من حَدِيث بن مَسْعُود مَرْفُوعا وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقفه علية

[283] عَن عبد الله بن عمر أَن أُخْته حَفْصَة أخْبرته قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن مثله قلت وَالْأَخ عَن أُخْته

(1/112)


[284] عَن يحيى بن سعيد أَن عَائِشَة قَالَت قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث عِنْد جمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ وَقد رَوَاهُ بن عُيَيْنَة وَغَيره عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قلت أخرجه البُخَارِيّ من طَرِيق زُهَيْر بن مُعَاوِيَة وَمُسلم من طَرِيق عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق جرير ثَلَاثَتهمْ عَن حييّ بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عمْرَة عَن عَائِشَة بِهِ قَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف وَقد رَوَاهُ مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن يحى بن حبَان عَن عمْرَة وَهُوَ وهم لم يُتَابِعه عَلَيْهِ أحد وَرَوَاهُ هشيم عَن يحيى بن سعيد عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة وَهُوَ أَيْضا لم يُتَابع عَلَيْهِ

[285] عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ سمع قوم الْإِقَامَة قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف الروَاة عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث إِلَّا الْوَلِيد بن مُسلم فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن مَالك عَن شريك عَن أنس وَرَوَاهُ الداروردي عَن شريك فأسند عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة ثمَّ أخرجه من الطَّرِيقَيْنِ وَقَالَ وَقد روى هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْمَعْنى من حَدِيث عبد الله بن سرجس وَابْن بُحَيْنَة وَأبي هُرَيْرَة أصلاتان مَعًا قَالَ الْبَاجِيّ إِنْكَار وتوبيخ

(1/113)


[288] صَلَاة الْجَمَاعَة تفضل صَلَاة الْفَذ بِالْمُعْجَمَةِ أَي الْمُنْفَرد بِسبع وَعشْرين دَرَجَة قَالَ التِّرْمِذِيّ عَامَّة من رَوَاهُ قَالُوا خمْسا وَعشْرين إِلَّا بن عمر فَإِنَّهُ قَالَ سبعا وَعشْرين قَالَ بن حجر وَعنهُ أَيْضا رِوَايَة مخمس وَعشْرين عِنْد أبي عوَانَة فِي مستخرجه وَهِي شَاذَّة وَإِن كَانَ راويها ثِقَة قَالَ وَأما غَيره فصح عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد فِي الصَّحِيح وَعَن بن مَسْعُود عِنْد أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة وَعَن أبي بن كَعْب عِنْد بن ماجة وَالْحَاكِم وَعَن عَائِشَة وَأنس عِنْد السراج وَورد أَيْضا من طرق ضَعِيفَة عَن معَاذ وصهيب وَعبد الله بن زيد وَزيد بن ثَابت وَكلهَا عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَاتفقَ الْجَمِيع على خمس وَعشْرين سوى رِوَايَة أَنِّي فَقَالَ أَربع أَو خمس على الشَّك وَسوى رِوَايَة لأبي هُرَيْرَة عِنْد أَحْمد قَالَ فِيهَا سبع وَعِشْرُونَ وَفِي سندها ضعف قَالَ وَاخْتلف فِي أَي العددين أرجح فَقيل رِوَايَة الْخمس لِكَثْرَة رواتها وَقيل رِوَايَة السَّبع لِأَن فِيهَا زِيَادَة من عدل حَافظ قَالَ وَوَقع الِاخْتِلَاف أَيْضا فِي مُمَيّز الْعدَد فَفِي رِوَايَة دَرَجَة وَفِي أُخْرَى جزأ وَفِي أُخْرَى ضعفا وَفِي أُخْرَى صَلَاة وَالظَّاهِر أَن ذَلِك من تصرف الروَاة وَيحْتَمل أَن يكون من التفنن فِي الْعبارَة قَالَ ثمَّ إِن الْحِكْمَة فِي هَذَا الْعدَد الْخَاص غير مُحَققَة الْمَعْنى وَنقل الْقُرْطُبِيّ عَن النوربشتي مَا حَاصله أَن ذَلِك لَا يدْرك بِالرَّأْيِ بل مرجعه إِلَى علم النُّبُوَّة الَّتِي قصرت عُلُوم الالباء عَن إِدْرَاك حَقِيقَته انْتهى وَقَالَ بن عبد الْبر الْفَضَائِل لَا تدْرك بِقِيَاس وَلَا مدْخل فِيهَا للنَّظَر وَإِنَّمَا هِيَ بالتوقيف قَالَ وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْنَاد لَا أحفظه الْآن صَلَاة الْجَمَاعَة تفضل صَلَاة أحدكُم أَرْبَعِينَ دَرَجَة وَقَالَ الْبَاجِيّ هَذَا الحَدِيث يَقْتَضِي أَن صَلَاة الْمَأْمُوم تعدل ثَمَانِيَة وَعشْرين من صَلَاة الْفَذ لِأَنَّهَا تساويها وتزيد عَلَيْهَا سبعا وَعشْرين قَالَ الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند اخْتلفت الرِّوَايَات فِي الْعدَد الَّذِي تفضل بِهِ صَلَاة الْجَمَاعَة صَلَاة الرجل وَحده فَروِيَ بِسبع وَعشْرين وبخمس وَعشْرين وَأَرْبع وَعشْرين وَعَن شُعَيْب بن الحبحاب عَن أنس قَالَ فضل الصَّلَوَات فِي الْجمع على الْوَاحِد بِعشْرين وَمِائَة دَرَجَة فَلَقَد رَأَيْته يَقُول أَرْبعا وَعشْرين وأربعا وَعشْرين حَتَّى عد خمس مَرَّات قَالَ وَكَيف يجمع بَين الرِّوَايَات ذكرُوا فِيهِ وُجُوهًا مِنْهَا أَن الله تَعَالَى يُعْطي مَا شا من شَاءَ فيزيد وَينْقص كَمَا يبسط الرزق ويدر وَمِنْهَا أَن الْأجر يتَفَاوَت بالتفاوت فِي رِعَايَة الْأَدَب والخشوع وَمِنْهَا أَن التَّفَاوُت يَقع بحس قلَّة الْجُمُعَة وَكَثْرَتهَا أَو يتَفَاوَت حَال الامام أَو فَضِيلَة الْمَسْجِد وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم الْجمع بَين رِوَايَة سبع وَعشْرين وَخمْس وَعشْرين من ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَنه لَا مُنَافَاة بَينهمَا فَذكر الْقَلِيل لَا يَنْفِي الْكثير وَمَفْهُوم الْعدَد بَاطِل عِنْد جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ وَالثَّانِي أَن يكون أخبر أَولا بِالْقَلِيلِ ثمَّ أعلمهُ الله تَعَالَى بِزِيَادَة الْفضل فَأخْبر بهَا الثَّالِث أَنه يخْتَلف باخْتلَاف الْمُصَلِّين وَالصَّلَاة فَيكون لبَعْضهِم سبع وَعِشْرُونَ ولبعضهم خمس وَعِشْرُونَ بِحَسب كَمَال الصَّلَاة ومحافظته على هيئتها وخشوعها وَكَثْرَة جماعتها وفضلهم وَشرف الْبقْعَة وَنَحْو ذَلِك فَهَذِهِ هِيَ الْأَجْوِبَة الْمُعْتَمدَة وَقد قيل إِن الدرجَة غير الْجُزْء وَهَذَا غَفلَة من قَائِله فَإِن فِي الصَّحِيحَيْنِ سبعا وَعشْرين دَرَجَة خمْسا وَعشْرين دَرَجَة فَاخْتلف الْقدر مَعَ اتِّحَاد لفظ الدرجَة وَقَالَ الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ ظهر لي فِي هذَيْن العددين شَيْء لم أسبق إِلَيْهِ لِأَن لفظ بن عمر صَلَاة الْجَمَاعَة وَمَعْنَاهُ الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة كَمَا وَقع فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة صَلَاة الرجل فِي الْجَمَاعَة وعَلى هَذَا فَكل وَاحِد من الْمَحْكُوم لَهُ بذلك صفى فِي جمَاعَة وَأدنى الْأَعْدَاد الَّتِي يتَحَقَّق فِيهَا ذَلِك ثَلَاثَة حَتَّى يكون كل وَاحِد صلى فِي جُمُعَة وكل وَاحِد مِنْهُم أَتَى بحسنة وَهِي بِعشْرَة فَيحصل من مَجْمُوعه ثَلَاثُونَ فاقتصر فِي الحَدِيث على الْفضل الزَّائِد وَهُوَ سَبْعَة وَعِشْرُونَ دون الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ أصل ذَلِك انْتهى قلت وَأخرج بن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن بن عَبَّاس قَالَ فضل صَلَاة الْجَمَاعَة على صَلَاة الْوحدَة خمس وَعِشْرُونَ دَرَجَة فَإِن كَانُوا كثر فعلى عدد من فِي الْمَسْجِد فَقَالَ رجل وَإِن كَانُوا عشرَة آلَاف قَالَ نعم وَإِن كَانُوا أَرْبَعِينَ ألفا وَأخرج عَن كَعْب قَالَ عَليّ عدد من فِي الْمَسْجِد وَهَذَا يدل على أَن التَّضْعِيف الْمَذْكُور مُرَتّب على أقل عدد تحصل بِهِ الْجَمَاعَة وَأَنه يزِيد بِزِيَادَة الْمُصَلِّين

[289] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صَلَاة الْجَمَاعَة أفضل من صَلَاة أحدكُم وَحده بِخَمْسَة وَعشْرين جزأ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة الروَاة وَرَوَاهُ جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن مَالك باسنده فَقَالَ فضل صَلَاة الْجَمَاعَة على صَلَاة أحدكُم خمس وَعِشْرُونَ صَلَاة وَرَوَاهُ عبد الْملك بن زِيَاد النصيبي وَيحيى بن مُحَمَّد بن عباد عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ الشَّافِعِي وروح بن عبَادَة وعمار بن مطر عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة

(1/114)


[290] وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ هُوَ قسم كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثيرا مَا يقسم بِهِ وَالْمعْنَى أَن أَمر نفوس الْعباد بيد الله تَعَالَى أَي بتقديره وتدبيره لقد هَمَمْت جَوَاب الْقسم والهم الْعَزْم وَقيل دونه وَزَاد مُسلم فِي أَوله أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد نَاسا فِي بعض الصَّلَوَات فَقَالَ ذَلِك فَأفَاد ذكر سَبَب الحَدِيث فيحطب أَي يكسر ليسهل إشعال النَّار بِهِ ثمَّ أُخَالِف إِلَى رجال أَي آتيهم من خَلفهم وَقَالَ الْجَوْهَرِي خَالف إِلَى فلَان أَي أَتَاهُ إِذا غَابَ عَنهُ لَو يعلم أحدهم أَنه يجد عظما سمينا فِي بعض الروايا عرقا سمينا وَهُوَ الْعظم بِمَا عَلَيْهِ من اللَّحْم أَو مرماتين تَثْنِيَة مرماة بِكَسْر الْمِيم وَحكى الْفَتْح قَالَ الْخَلِيل وَغَيره هِيَ مَا بَين ظلفي الشَّاة من اللَّحْم وَقيل سهم الهدف وَالْأول انسب لذكر الْعظم السمين قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ وَغَيره وَقَالَ بن الْأَثِير وَجهه أَنه لما ذكر الْعظم السمين وَكَانَ مِمَّا يُؤْكَل أتبعه بالسهمين لِأَنَّهُمَا مِمَّا يلهى بِهِ وَقَالَ الرَّافِعِيّ قيل المرماتان قطعتا لحم وَقيل سَهْمَان يحرز الرجل بهما سبقه وَالْمِيم الأولى تفتح وتكسر وَذكر أَنَّهَا إِذا فسرت بِالسَّهْمِ فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْكسر وَإِن ميمها إِذا فسرت بِمَا بَين الظلْف أَصْلِيَّة قَالَ وَقَوله حسنتين أَي جيدتين وَقيل الْحسن الْعظم فِي الْمرْفق مِمَّا يَلِي الْبَطن والقبيح عظم الْمرْفق مِمَّا يَلِي الْكَتف وهما عاريات عَن اللَّحْم لَيْسَ عَلَيْهِمَا إِلَّا دسم قَلِيل ومقصود الْكَلَام التوبيخ وَمَعْنَاهُ أَن أَحدهمَا لَو علم أَنه يجد عظما قَلِيل الْمَنْفَعَة لتسارع إِلَيْهِ فَكيف يتكاسل عَن الصَّلَاة على عظم فائدتها وَإِن أحدهم يسْعَى فِي احراز سبق الدُّنْيَا فَكيف يرضى باهمال سبق الْآخِرَة وَتَخْصِيص الْعشَاء فِي قَوْله لشهد الْعشَاء إِشَارَة إِلَى أَنه يسْعَى إِلَى الشَّيْء الحقير فِي ظلمَة اللَّيْل فَكيف يرغب عَن الصَّلَاة وَفِي بضع الرِّوَايَات أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خصص ذَلِك بِصَلَاة الْعشَاء فَقَالَ آمُر بِصَلَاة الْعشَاء فَيُؤذن لَهَا إِلَى آخِره وَاحْتج بذلك على فَضِيلَة هَذِه الصَّلَاة انْتهى

[291] أفضل الصَّلَاة صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتكُمْ إِلَّا صَلَاة الْمَكْتُوبَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع الموطآت مَوْقُوف على زيد وَهُوَ مَرْفُوع عَنهُ من وُجُوه صِحَاح قلت أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طرق عَن سَالم أبي النَّضر عَن بسر بن سعيد عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا بِهِ وَفِيه قصَّة فِي سَبَب الحَدِيث وَقَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي كتاب الْمُتَّفق والمفترق أَنا عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن السمسار أَنا أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن صَالح الْأَبْهَرِيّ حَدثنَا أَبُو الْحسن أَحْمد بن عمر بن يُوسُف هُوَ بن جوصا حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبان بن مُحَمَّد بن حَرْبِيّ الشَّامي حَدثنَا أَبُو مسْهر عبد الْأَعْلَى بن مسْهر حَدثنَا مَالك بن أنس عَن أبي النَّضر عَن بسر بن سعيد عَن زيد بن ثَابت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير صَلَاتكُمْ صَلَاتكُمْ فيخ بُيُوتكُمْ إِلَّا صَلَاة الْفَرِيضَة قَالَ أَبُو الْحسن بن عُمَيْر لم يُتَابع إِسْمَاعِيل بن أبان أحد على رفع هَذَا الحَدِيث انْتهى وَلم يذكر إِسْمَاعِيل بِجرح كَمَا ذكره الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان وَلَا فِي الْمُغنِي وَلَا بن حجر فِي اللِّسَان

(1/115)


[292] عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة قَالَ بن عبد الْبر هُوَ مدنِي صَالح الحَدِيث وَلم يكن بِالْحَافِظِ ولحرملة وَالِده صُحْبَة وَرِوَايَة مَاتَ هُوَ فِي خلَافَة السفاح وَقيل سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة بَيْننَا وَبَين الْمُنَافِقين شُهُود الْعشَاء وَالصُّبْح قَالَ الرَّافِعِيّ يَعْنِي الْآيَة والعلامة فانهم لَا يشْهدُونَ امتثالا لِلْأَمْرِ وَلَا احتسابا للاجر ويثقل عَلَيْهِم الْحُضُور فِي وَقتهَا فيتخلفون قَالَ بن عبد الْبر وَهَذَا الحَدِيث مُرْسل لَا يحفظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسْندًا وَمَعْنَاهُ مَحْفُوظ من وُجُوه ثَابِتَة أَو نَحْو هَذَا شكّ من الرَّاوِي أَو توق فِي الْعبارَة قَالَ الْبَاجِيّ

[293] قَالَ بَيْنَمَا رجل يمشي بطرِيق إِذْ وجد غُصْن شوك على الطَّرِيق فَأَخَّرَهُ فَشكر الله لَهُ فغفر لَهُ وَقَالَ الشُّهَدَاء خَمْسَة المطعون والمبطون والغرف وَصَاحب الْهدم والشهيد فِي سَبِيل الله قَالَ الْبَاجِيّ انْتَهَت رِوَايَة يحيى بن يحيى وَجَمَاعَة من رِوَايَة الْمُوَطَّأ إِلَى حَيْثُ ذكرنَا وَزَاد أَبُو مُصعب بعد ذَلِك وَقَالَ لَو علم النَّاس مَا فِي النداء والصف الأول ثمَّ لم يَجدوا إِلَّا أَن يستهموا عَلَيْهِ لاستهموا وَلَو يعلمُونَ مَا فِي التهجير لاستبقوا إِلَيْهِ وَلَو يعلمُونَ مَا فِي الْعَتَمَة وَالصُّبْح لأتوهما وَلَو حبوا وَقَالَ بن عبد الْبر هن ثَلَاثَة أَحَادِيث فِي وَاحِد لذَلِك يَرْوِيهَا جمَاعَة من أَصْحَاب مَالك وَكَذَلِكَ هِيَ مَحْفُوظَة عَن أبي هُرَيْرَة وَالثَّالِث سقط ليحيى من بَاب وَهُوَ عِنْده فِي بَاب آخر وَقد مر بشرحه قَالَ الْبَاجِيّ قَوْله فَشكر الله لَهُ يحْتَمل ان يُرِيد جازاه على ذَلِك بالمغفرة أَو اثنى عَلَيْهِ ثَنَاء اقْتضى الْمَغْفِرَة لَهُ أَو أَمر الْمُؤمنِينَ بشكره وَالثنَاء عَلَيْهِ بجميل فعله وَقَالَ بن حجر أَي رَضِي قعله وَقبل مِنْهُ

(1/116)


[295] فَقَالَ لَهُ عُثْمَان من شهد الْعشَاء فَكَأَنَّمَا قَامَ نصف لَيْلَة وَمن شهد الصُّبْح فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يكون رَأيا وَقد روى مَرْفُوعا قلت أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عُثْمَان بن حَكِيم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن عُثْمَان بن فان مَرْفُوعا بِلَفْظ من صلى الْعشَاء فِي جمَاعَة كَانَ كقيام نصف لَيْلَة وَمن صلى الْعشَاء وَالصُّبْح فِي جمَاعَة كَانَ لقِيَام لَيْلَة قَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف قد رُوِيَ عَن بن أبي عمْرَة عَن عُثْمَان مَوْقُوفا وَرُوِيَ من غير وَجه عَن عُثْمَان مَرْفُوعا

[296] بسر بن محجن قَالَ بن عبد الْبر هُوَ بِالسِّين الْمُهْملَة فِي رِوَايَة مَالك وَأكْثر الروَاة عَن زيد بن أسلم وَقَالَ فِيهِ الثَّوْريّ بِالْمُعْجَمَةِ قَالَ أَبُو نعيم وَالصَّوَاب كَمَا قَالَ مَالك

(1/117)


[299] فَإِن لَهُ سهم جمع قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ بن وهب مَعْنَاهُ لَهُ سَهْمَان من الْأجر وَقَالَ الْأَخْفَش الْجمع الْجَيْش قَالَ الله تَعَالَى سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ قَالَ وَسَهْم الْجمع هُوَ السهْم من الْغَنِيمَة قَالَ الْبَاجِيّ وَيحْتَمل عِنْدِي أَن ثَوَابه مث لسهم الْجَمَاعَة من الْأجر وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ مثل سهم من يبيت بِمُزْدَلِفَة فِي الْحَج لِأَن جمعا اسْم مُزْدَلِفَة حَكَاهُ سَحْنُون عَن مطرف وَلم يُعجبهُ وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ أَن لَهُ سهم الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ صَلَاة الْفَذ وَصَلَاة الْجَمَاعَة وَيكون فِي ذَلِك احْتِرَاز لَهُ بِأَنَّهُ لَا يضيع لَهُ أجر الصَّلَاتَيْنِ وَقَالَ الداوودي يروي فَإِن لَهُ سَهْما جمعا بِالتَّنْوِينِ وَمعنى ذَلِك أَنه يُضَاعف لَهُ الْأجر مرَّتَيْنِ قَالَ الْبَاجِيّ وَالصَّحِيح من الرِّوَايَة وَالْمعْنَى مَا قدمْنَاهُ وَقَالَ بن عبد الْبر قَول بن وهب فِي مَعْنَاهُ يضعف لَهُ الْأجر أشبه من قَول من قَالَ إِن الْجمع هُنَا الْجَيْش وَإِن لَهُ أجر الْغَازِي فِي سَبِيل الله قَالَ مُصعب بن عبد الله سَأَلت عبد الله بن الْمُنْذر بن الزبير مَا معنى مِنْهُم جمع قَالَ نصيب رجلَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوف عَن فصحاء الْعَرَب

[301] إِذا صلى أحدكُم بِالنَّاسِ فليخفف فَإِن فيهم الضَّعِيف والسقيم المُرَاد بالضعيف هُنَا ضَعِيف الْخلقَة وبالسقيم من بِهِ مرض وَالْكَبِير قَالَ بن عبد الْبر أَكثر الروَاة للموطأ لَا يَقُولُونَ فِي هَذَا الحَدِيث وَالْكَبِير وَقَالَهُ جمَاعَة مِنْهُم يحيى وقتيبة وَفِي رِوَايَة لمُسلم من وَجه آخر عَن أبي الزِّنَاد وَالصَّغِير وَالْكَبِير وَزَاد الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عُثْمَان بن أبي العَاصِي وَالْحَامِل والمرضع وَمن حَدِيث عدي بن حَاتِم والعابر السَّبِيل وَالْبُخَارِيّ من حَدِيث أبي مَسْعُود وَذَا الْحَاجة

(1/118)


[304] عَن بن شهَاب عَن أنس قَالَ بن عبد الْبر لم تخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي سَنَده وَرَوَاهُ سُوَيْد بن سعيد عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ خطأ لم يُتَابِعه أحد عَلَيْهِ فجحش شقَّه بِضَم الْجِيم ثمَّ حاء مُهْملَة مَكْسُورَة خدش قَالَه النَّوَوِيّ وَقَالَ بن عبد الْبر الجحش فَوق الخدش وَقَالَ الرَّافِعِيّ يُقَال جحش فَهُوَ مجحوش إِذا أَصَابَهُ مثل الخدش أَو أَكثر وانسجح جلده وَكَانَت قدمه انفكت من الصرعة كَمَا فِي رِوَايَة بشر بن الْمفضل عَن حميد عَن أنس عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ قَالَ بن حجر وَلَا يُنَافِي مَا هُنَا لاحْتِمَال وُقُوع الْأَمريْنِ قَالَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق الحَدِيث عَن بن جريج عَن الزُّهْرِيّ فَقَالَ فجحش سَاقه الْأَيْمن فَزعم بَعضهم أَنَّهَا مصحفة من شقَّه وَلَيْسَ كَذَلِك لموافقة رِوَايَة حميد لَهَا وَإِنَّمَا هِيَ مفسرة لمحل الخدش من الشق الْأَيْمن لِأَنَّهُ لم يستوعبه قَالَ وَأفَاد بن حبَان أَن هَذِه الْقِصَّة كَانَت فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس من الْهِجْرَة إِنَّمَا جعل الامام قَالَ الرَّافِعِيّ أَي نصب أَو اتخذ أَو نَحْوهمَا قَالَ وَيجوز أَن يُرِيد إِنَّمَا جعل الامام إِمَامًا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ قَالَ الرَّافِعِيّ هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرهم وَهُوَ تَأْكِيد للضمير وَرَوَاهُ آخَرُونَ أجميعن على الْحَال

[305] وَهُوَ شَاك بتَخْفِيف الْكَاف بِوَزْن قَاض من الشكاية وَهِي الْمَرَض وَصلى وَرَاءه قوم قيَاما سمى مِنْهُم أنس فِي الحَدِيث السَّابِق وَأَبُو بكر وَعمر وَجَابِر فِي رِوَايَات

[306] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي مَرضه قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَقد أسْندهُ جمَاعَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مِنْهُم حَمَّاد بن سَلمَة وَابْن نمير وَأَبُو أُسَامَة قلت من طَرِيق بن نمير أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَمن طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة أخرجه الشَّافِعِي فِي الْأُم وَكَانَ النَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر أَي يتعرفون بِهِ مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله لضعف صَوته عَن أَن يسمع النَّاس تَكْبِير الِانْتِقَال فَكَانَ أَبُو بكر يسمعهم ذَلِك

[307] عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص وَعَن مولى لعَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة الروَاة عَن مَالك بِلَا خلاف بَينهم وَرَوَاهُ بن عُيَيْنَة عَن إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور عَن أنس وَالْقَوْل عِنْدهم قَول ماك والْحَدِيث مَحْفُوظ لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قلت رَوَاهُ بن ماجة من طَرِيق الْأَعْمَش عَن حبيب عَن أبي مُوسَى الْحذاء عَن عبد الله بن عَمْرو

(1/119)


[308] عَن بن شهَاب عَن عبد الله بن عَمْرو هُوَ مُنْقَطع لما قدمنَا الْمَدِينَة نالنا وباء هُوَ سرعَة الْمَوْت وكثرته فِي النَّاس من وعكها قَالَ بن عبد الْبر قَالَ أهل اللُّغَة الوعك لَا يكون إِلَّا من الْحمى دون سَائِر الْأَمْرَاض فِي سبحتهم هِيَ صَلَاة النَّافِلَة صَلَاة الْقَاعِد مثل نصف صَلَاة الْقَائِم قَالَ الْبَاجِيّ أَي فِي الْأجر لِأَن الصَّلَاة لَا تتبعض وَلَا يَصح نصفهَا دون سائرها

[309] عَن السَّائِب بن يزِيد عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة السَّهْمِي عَن حَفْصَة هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة صحابة فِي نسق وَاحِد يروي بَعضهم عَن بعض هواسم أبي ودَاعَة الْحَارِث بن صبيرة

(1/120)


[313] حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا يَقْتَضِي أَن الْوُسْطَى غير الْعَصْر لِأَن الشَّيْء لَا يعْطف على نَفسه

[317] يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد مُشْتَمِلًا بِهِ فِي بَيت أم سَلمَة وَاضِعا طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنه أَخذ طرف ثَوْبه تَحت يَده الْيُمْنَى وَوَضعه على كتفه الْيُسْرَى وَأخذ الطّرف الآخر تَحت يَده الْيُسْرَى فَوَضعه على كتفه الْيُمْنَى وَهَذَا نوع من الاشتمال يُسمى التوشيح وَيُسمى الاضطباع وَهُوَ مُبَاح فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا لِأَنَّهُ يُمكنهُ إِخْرَاج يَده للسُّجُود وَغَيره دون كشف عَوْرَته

[318] أَن سَائِلًا قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم أَقف على تَسْمِيَته أَو لكلكم ثَوْبَان قَالَ الْخطابِيّ لَفظه استخبار وَمَعْنَاهُ الاخبار عَمَّا هيم عَلَيْهِ من قلَّة الثاب وَوَقع فِي ضمنه الْفَتْوَى من طَرِيق الفحوى كَأَنَّهُ يَقُول إِذا علمْتُم أَن ستر الْعَوْرَة فرض وَالصَّلَاة لَازِمَة وَلَيْسَ لكل وَاحِد مِنْكُم ثَوْبَان فَكيف لم تعلمُوا أَن الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد جَائِزَة

[319] المشجب عود تنشر عَلَيْهِ الثِّيَاب قَالَه صَاحب الْعَيْنِيّ

[320] مَالك أَنه بلغه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من لم يجد ثَوْبَيْنِ قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مَحْفُوظ عَن جَابر من رِوَايَة أهل الْمَدِينَة قلت أخرجه البُخَارِيّ من طَرِيق فليح بن سُلَيْمَان عَن سعيد بن الْحَارِث عَن جَابر وَمُسلم من طَرِيق حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن أبي حرزة عَن عبَادَة بن الْوَلِيد عَن جَابر

(1/121)


[322] فَليصل فِي ثوب وَاحِد ملتحفا بِهِ قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ البُخَارِيّ قَالَ الزُّهْرِيّ الملتحف المتوشح وَهُوَ الْمُخَالف بَين طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ فَجعل الالتحاف هُوَ التوشح وَالْمَشْهُور من لُغَة الْعَرَب أَن الالتحاف هُوَ الالتفاف فِي الثَّوْب على أَي وَجه كَانَ فَيدْخل تَحْتَهُ التوشح والاشتمال وَقد خص مِنْهُ اشْتِمَال الصماء

[323] الدرْع الْقَمِيص والخمار مَا يختمر بِهِ

[324] عَن مُحَمَّد بن زيد بن قنفذ عَن أمه اسْمهَا أم حرَام ذكره الْمزي أَنَّهَا سَأَلت أم سَلمَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر فِي الاستذكار هُوَ فِي الْمُوَطَّأ مَوْقُوف وَرَفعه عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار قلت أخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيقه عَن مُحَمَّد بن زيد عَن أمه عَن أم سَلمَة أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتُصَلِّي الْمَرْأَة فِي درع وخمار لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَار قَالَ إِذا كَانَ الدرْع سابغا يُغطي ظهر قدميها ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق مَالك مَوْقُوفا وَقَالَ رَوَاهُ مَالك وَبكر بن مُضر وَحَفْص بن غياث وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَابْن أبي ذِئْب وَابْن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن زيد عَن أمه عَن أم سَلمَة وَلم يذكر أحد مِنْهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصروا بِهِ على أم سَلمَة

[325] عَن الثِّقَة عِنْده عَن بكير قَالَ بن عبد الْبر الثِّقَة هُنَا هُوَ اللَّيْث بن سعد ذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ أَبُو سَلمَة مَنْصُور بن سَلمَة وَهَذَا مِمَّا رَوَاهُ مَالك عَن اللَّيْث قَالَ بن عبد الْبر أَكثر مَا فِي كتب مَالك عَن بكير بن الْأَشَج يَقُول أَصْحَابه بن وهب وَغَيره أَنه أَخذه من كتب بكير كَانَ أَخذهَا من مُحرمَة ابْنه فَنظر فِيهَا

[326] الْمنطق قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ الْإِزَار قَالَ صَاحب الْعين هُوَ إِزَار فِيهِ تكة تنتطق بِهِ الْمَرْأَة والمنطقة مَا شدّ بِهِ الْوسط

(1/122)


[327] عَن دَاوُد بن الْحصين عَن الْأَعْرَج أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يجمع بَين الظّهْر وَالْعصر فِي سَفَره إِلَى تَبُوك قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ أَصْحَاب مَالك مُرْسلا إِلَّا أَبَا مُصعب فِي غير الْمُوَطَّأ وَمُحَمّد بن مبارك الصودي وَمُحَمّد بن خَالِد بن عتمة ومطرفا والحنيني وَإِسْمَاعِيل بن دَاوُد المخرافي فانهم قَالُوا عَن مَالك عَن دَاوُد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا ثمَّ أسْند طرقهم قَالَ وَذكر أَحْمد بن خَالِد أَن يحيى بن يحيى رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأ كَذَلِك مُسْندًا وَقَالَ أَصْحَاب مَالك على إرْسَاله قَالَ وَأما نَحن فَلم نجده عِنْد جمَاعَة شُيُوخنَا إِلَّا مُرْسلا فِي نُسْخَة يحيى وَرِوَايَته وَقد يُمكن أَن يكون بن وضاح طرح أَبَا هُرَيْرَة من رِوَايَته عَن يحيى لِأَنَّهُ رأى بن الْقَاسِم ويغره مِمَّن انْتَهَت إِلَيْهِ رِوَايَته عَن مَالك فِي الْمُوَطَّأ قد أرسل الحَدِيث فَظن أَن رواي يحيى غلط لم يُتَابع عَلَيْهِ فَرمى أَبَا هُرَيْرَة وَأرْسل الحَدِيث انْتهى

[328] وَالْعين تبض قَالَ الْبَاجِيّ رَوَاهُ يحيى بن يحيى وَجَمَاعَة من أَصْحَاب الْمُوَطَّأ بالصَّاد غير مُعْجمَة وَمَعْنَاهُ تبرق وَرَوَاهُ بن الْقَاسِم والقعنبي بِالْمُعْجَمَةِ أَي تقطر وتسيل يُقَال بص المَاء وصب على الْقلب بِمَعْنى قَالَ والوجهان مَعًا صَحِيحَانِ قَالَ وَقَوله بِشَيْء من مَاء يُشِير إِلَى تقليله فَسَأَلَهُمَا قَالَ الْبَاجِيّ روى أَبُو بشر الدولابي أَنَّهُمَا كَانَا من النافقين

(1/123)


[330] عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا فِي غير خوف وَلَا سقر قَالَ مَالك أرى ذَلِك كَانَ فِي مطر قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم للْعُلَمَاء فِي هَذَا الحَدِيث أَقْوَال مِنْهُم من تَأَوَّلَه على أَنه جمع بِقدر الْمَطَر وَهَذَا مَشْهُور عَن جمَاعَة من الْكِبَار الْمُتَقَدِّمين وَهُوَ ضَعِيف بالرواية الْأُخْرَى فِي مُسلم من غير خوف وَلَا مطر وَمِنْهُم من تَأَوَّلَه على أَنه كَانَ فِي غيم فصلى الظّهْر ثمَّ انْكَشَفَ الْغَيْم وَبَان أَن وَقت الْعَصْر دخل فَصلاهَا وَهَذَا أَيْضا بَاطِل لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ فِيهِ أدنى احْتِمَال فِي الظّهْر وَالْعصر فَلَا احْتِمَال فِيهِ فِي الْمغرب وَالْعشَاء وَمِنْهُم من تَأَوَّلَه على تَأْخِير الأولى إِلَى آخر وَقتهَا فَصلاهَا فِيهِ فَلَمَّا فرغ مِنْهَا دخلت الثَّانِيَة فَصلاهَا فِيهِ فَصَارَت صورته صُورَة جمع وَهَذَا أَيْضا ضَعِيف وباطل لِأَنَّهُ مُخَالف للظَّاهِر مُخَالفَة لَا تحْتَمل وَمِنْهُم من قَالَ هُوَ مَحْمُول على الْجمع بِقدر الْمَرَض أَو نَحوه مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ من الاعذار وَهُوَ قَول أَحْمد بن حَنْبَل وَالْقَاضِي حُسَيْن من أَصْحَابنَا وَاخْتَارَهُ الْخطابِيّ وَالْمُتوَلِّيّ وَالرُّويَانِيّ وَهُوَ الْمُخْتَار فِي تَأْوِيله لظَاهِر الحَدِيث وَلِأَن الْمَشَقَّة فِيهِ أَشد من الْمَطَر وَذهب جمَاعَة من الْأَئِمَّة إِلَى جَوَاز الْجمع فِي الْحَضَر للْحَاجة لمن لَا يَتَّخِذهُ عَادَة وقو قَول بن سِيرِين وَأَشْهَب وَحَكَاهُ الْخطابِيّ عَن الْقفال الْكَبِير الشَّاشِي من أَصْحَابنَا وَعَن أبي إِسْحَاق الْمروزِي وَجَمَاعَة من أَصْحَاب الحَدِيث وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذر وَيُؤَيِّدهُ أَن فِي مُسلم قَالَ سعيد بن جُبَير فَقلت لِابْنِ عَبَّاس مَا حمله على ذَلِك قَالَ أَرَادَ أَن لَا يحرج أمته فَلم يعلله بِمَرَض وَلَا غَيره انْتهى كَلَام النَّوَوِيّ وَقد اخْتَار مَا اخْتَارَهُ من جَوَاز الْجمع بِعُذْر الْمَرَض جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم السُّبْكِيّ والاسنوي والبلقيني وَهُوَ اخْتِيَاري

[334] عَن بن شهَاب عَن رجل من آل خَالِد بن أسيد أَنه سَأَلَ عبد الله بن عمر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ جمَاعَة الروَاة عَن مَالك وَلم يقم مَالك إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث لِأَنَّهُ لم يسم الرجل الَّذِي سَأَلَ بن عمر وَأسْقط من الْإِسْنَاد رجلا وَالرجل الَّذِي لم يسمه هُوَ أُميَّة بن عبد الله بن خَالِد بن أسيد بن أبي الْعيص بن أُميَّة وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ بن شهَاب عَن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن أُميَّة بن عبد الله بن خَالِد عَن بن عمر كَذَلِك رَوَاهُ معمر وَاللَّيْث بن سعد وَيُونُس بن زيد قلت أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق اللَّيْث عَن بن شهَاب بِهِ

(1/124)


[335] فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ زَاد أَحْمد فِي مُسْنده إِلَّا الْمغرب فَكَأَنَّهَا كَانَت ثَلَاثًا وَزيد فِي صَلَاة الْحَضَر لِابْنِ خُزَيْمَة وَابْن حبَان فَلَمَّا قدم الْمَدِينَة زيد فِي صَلَاة الْحَضَر رَكْعَتَانِ وَتركت صَلَاة الْفجْر لطول الْقِرَاءَة وَصَلَاة الْمغرب لِأَنَّهَا وتر النَّهَار

[353] يُصَلِّي وَهُوَ على حمَار وَقَالَ بن عبد الْبر بِذكر الْحمار فِيهِ عَمْرو بن يحيى وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى خَيْبَر زَاد الحنيني عَن مَالك خَارج الْمُوَطَّأ ويومي إِيمَاء

(1/126)


[354] عَن عبد الله بن دِينَار عَن بن عمر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ وَرَوَاهُ يحيى بن سَلمَة عَن قعنب عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر قَالَ وَالصَّوَاب مَا فِي الْمُوَطَّأ

[355] عَن أبي مرّة قيل اسْمه يزِيد وَقيل قسيمة

[356] فلَان بن هُبَيْرَة قيل هُوَ جعدة بن هُبَيْرَة ورده بن عبد الْبر بِأَنَّهُ ابْنهَا فَلَا تحْتَاج إِلَى اجارته لصِغَر سنه وَالْحكم بِإِسْلَامِهِ وَلَا يعرف لهبيرة بن من غير أم هَانِئ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالَّذِي يظْهر لي أَن فِي الرِّوَايَة حذفا أَو تحريفا أَي فلَان بن عَم هُبَيْرَة أَو قريب هُبَيْرَة فَسقط لفظ عَم أَو تغير لفظ قريب بِلَفْظ بن قَالَ وَقد سمى بن هِشَام فِي سيرته وَغَيره الَّذِي أجارته الْحَارِث بن هِشَام وَعبد الله بن أبي ربيعَة وهما مخزوميان فَيصح أَن يكون كل مِنْهُمَا بن عَم هُبَيْرَة لِأَنَّهُ مخزومي وَقيل الْحَارِث وَزُهَيْر بن أبي أُميَّة المخزوميان فَلَمَّا فرغ من غسله قَامَ فصلى ثَمَانِي رَكْعَات قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا أصل فِي صَلَاة الضُّحَى على أَنه يحْتَمل أَن يكون فعل ذَلِك لما اغْتسل وجدد طَهَارَته لَا لقصده للْوَقْت إِلَّا أَنه قد روى أَنَّهَا سَأَلته فَقَالَت مَا هَذِه الصَّلَاة فَقَالَ صَلَاة الضُّحَى فأضافها إِلَى الْوَقْت قلت أخرجه بن عبد الْبر من طَرِيق عِكْرِمَة بن خَالِد عَن أم هَانِئ بنت أبي طَالب قَالَت قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فتح مَكَّة فَنزل بِأَعْلَى مَكَّة فصلى ثَمَان رَكْعَات فَقلت يَا رَسُول الله مَا هَذِه الصَّلَاة قَالَ صَلَاة الضُّحَى وَقَالَ النَّوَوِيّ توقف القَاضِي عِيَاض وَغَيره فِي دلَالَة هَذَا الحَدِيث وَقَالُوا لِأَنَّهَا إِنَّمَا أخْبرت عَن وَقت صلَاته لَا عَن نِيَّتهَا لفعلها كَانَت صَلَاة شكر لله تَعَالَى على الْفَتْح قَالَ وَيَردهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَد صَحِيح عَن أم هَانِئ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح صلى سبْحَة الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ

(1/127)


[357] عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا قَالَت مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي سبْحَة الضُّحَى قطّ قَالَ بن عبد الْبر لَيْسَ أحد من الصَّحَابَة إِلَّا وَقد فَاتَهُ من الحَدِيث مَا أَحْصَاهُ غَيره والاحاطة ممتنعة فقد صَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الضُّحَى من حَدِيث أم هَانِئ وَفِي الصَّحِيح عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَة قَالَ مَا حَدثنَا أحد أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى غير أم هَانِئ وَذكر الحَدِيث وَأخرج مُسلم عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ سَأَلت وحرصت على أَن أجد أحدا يحدثني أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي سبْحَة الضُّحَى فَلم أجد غير أم هَانِئ وَذكر الحَدِيث وَفِي لفظ سَأَلت عَن صَلَاة الضُّحَى فِي إِمَارَة عُثْمَان وَأَصْحَاب رَسُول الله متوافرون فَلم أجد أحدا أثبت فِي صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضُّحَى إِلَّا أم هَانِئ قَالَ بن عبد الْبر وَقد كَانَ الزُّهْرِيّ يُفْتِي بِحَدِيث عَائِشَة هَذَا وَيَقُول ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل الضُّحَى قطّ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلونها بالهواجر وَلم يكن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عمر يصلونَ الضُّحَى وَلَا يعرفونها انْتهى قلت وَقد رَود أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الضُّحَى من ديث أنس وَجَابِر وَعُثْمَان بن مَالك وَعبد الله بن أبي أوفى وَجبير بن مطعم وَحُذَيْفَة بن الْيَمَانِيّ وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وعابد بن عَمْرو وَسعد بن أبي وَقاص وَأبي هُرَيْرَة وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الله بن بشر وَقُدَامَة وحَنْظَلَة الثقفيين وَعبد الله بن عَبَّاس وَغَيرهم بل ورد من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَيْضا فَأخْرج مُسلم عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَربع رَكْعَات وَيزِيد مَا شَاءَ وَالْعجب من بن عبد الْبر كَيفَ أورد هَذَا الحَدِيث وَقَالَ إِنَّه حَدِيث مُنكر غير صَحِيح مَرْدُود لحَدِيث الْبَاب فَإِن الحَدِيث مخرج فِي صَحِيح مُسلم فَلَا سَبِيل إِلَى الحكم عَلَيْهِ بِعَدَمِ الصِّحَّة وَلَا منافة بَينه وَبَين حَدِيث الْبَاب فَإِن النَّوَوِيّ جمع بَينهمَا فِي شرح مُسلم بِأَن حَدِيث الْبَاب لَيْسَ فِيهِ إِلَّا نفي الرُّؤْيَة وَهُوَ إِنَّمَا كَانَ يكون عِنْدهَا فِي وَقت الضُّحَى فِي نَادِر من الْأَوْقَات لكَونه فِي الْمَسْجِد أَو فِي مَوضِع آخر أَو عِنْد سَائِر نِسَائِهِ فَلم تره وَأما حَدِيث الاثبات فقد تكون عَلمته بِخَبَرِهِ أَو خبر غَيره أَنه صلاهَا وَورد فِي الْأَمر بهَا وَالتَّرْغِيب فِيهَا أَحَادِيث كَثِيرَة وَقد ألفت فِي ذل جزأ استوعبت فِيهِ مَا ورد فِيهَا وَهل يتَصَوَّر أَن تُوجد سنة أَمر بهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَفْعَلهَا ذكر ذَلِك فِي صَلَاة الضُّحَى وَقد تبين خِلَافه قلت ورد أَنَّهَا كَانَت وَاجِبَة عَلَيْهِ وعد الْفُقَهَاء ذَلِك فِي خَصَائِصه وَذكر أَيْضا فِي الْأَذَان لَكِن ثَبت عِنْد التِّرْمِذِيّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن فِي سفر وَجزم بِهِ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَقَالَ إِن الحَدِيث جيد الْإِسْنَاد وَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي الرَّوْضَة وَقَالَ إِن الحَدِيث حسن وَقَالَ فِي الْخُلَاصَة انه صَحِيح وَتَابعه بن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة والسبكي فِي شرح الْمِنْهَاج وَذكر الْحَافِظ مغلطاي أَن بعض الْأُمَرَاء سَأَلَهُ عَن ذَلِك فِي سنة عشْرين وسِتمِائَة فألف فِيهِ جزأ وَذكر ذَلِك أَيْضا الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ قلت وظفرت بِحَدِيث ثَان قَالَ سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه حَدثنَا أَبُو مطوية حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الْقرشِي عَن بن أبي مليكَة قَالَ أذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّة فَقَالَ حَيّ على الْفَلاح وَذكر ذَلِك أَيْضا فِي الْخِتَان لِأَنَّهُ ولد مختونا وَجَوَابه أَن الْخِتَان عندنَا وَاجِب لَا سنة وَإِذا فتح بَاب وَاجِب أَمر بِهِ وَلم يجب عَلَيْهِ جَاءَ شَيْء كثير فِي الخصائص على انه ورد أَن جده عبد الْمطلب ختنه يَوْم سابعه وَمَال إِلَيْهِ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ وَضعف رِوَايَة أَنه ولد مختونا وَقيل ختنه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد شقّ صَدره وَقد ثَبت أَنه ختن الْحسن وَالْحُسَيْن وَإِنِّي لأستحبها قَالَ الْبَاجِيّ كَذَا فِي رِوَايَة يحيى وَفِي رِوَايَة غَيره وَإِنِّي لأستحبها وَهُوَ يحب أَن يعمله قَالَ النَّوَوِيّ ضبطناه بِفَتْح الْيَاء أَي يعمله

(1/128)


[358] عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تصلي الضُّحَى ثَمَانِي رَكْعَات قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَنَّهَا كَانَت تفعل ذَلِك بِخَبَر مَنْقُول عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَخَبَر أم هَانِئ وَلِهَذَا اقتصرت على هَذَا الْعدَد وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا الْمِقْدَار هُوَ الَّذِي كَانَ يُمكنهَا المداومة عَلَيْهِ قَالَ وَلَيْسَ صَلَاة الضُّحَى من الصَّلَوَات المحصورة بِالْعدَدِ فَلَا يُزَاد عَلَيْهَا وَلَا ينقص مِنْهَا وَلكنهَا من الرغائب الَّتِي يفعل الْإِنْسَان مِنْهَا مَا أمكنه قلت وَهَذَا الَّذِي قَالَه هُوَ الصَّوَاب الْمُخْتَار فَلم يرد فِي شَيْء من الْأَحَادِيث مَا يدل على حصرها فِي عدد مَخْصُوص وَقد أخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه عَن الْأسود أَن رجلا سَأَلَهُ كم أُصَلِّي الضُّحَى قَالَ كم شِئْت وَأخرج عَن الْحسن أَنه سُئِلَ هَل كَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلونَ الضُّحَى قَالَ نعم كَانَ مِنْهُم من يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهُم من يُصَلِّي أَرْبعا وَمِنْهُم من يمد إِلَى نصف النَّهَار وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ كَانَ من أَشد الصَّحَابَة توخيا لِلْعِبَادَةِ وَكَانَ يُصَلِّي عَامَّة الضُّحَى وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الله بن غَالب انه كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى مائَة رَكْعَة وَقد قَالَ الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ لم أر عَن أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ أَنه حصرها فِي اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة وَلَا عَن أحد من أَئِمَّة الْمذَاهب كالشافعي وَأحمد وَإِنَّمَا ذكر ذَلِك الرَّوْيَانِيّ فَقَط فتابعه الرَّافِعِيّ ثمَّ النَّوَوِيّ

(1/129)


[359] عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك أَن جدته مليكَة قَالَ الرَّافِعِيّ مليكَة جدة أنس أنصارية روى عَنْهَا أنس وَقَالَ بَعضهم مليكَة بِفَتْح الْمِيم وَلم يصحح وَقَالَ بن عبد الْبر قَوْله أَن جدته مليكَة تَصْغِير ملك تَقوله وَالضَّمِير فِي جدته عَائِد على إِسْحَاق وَهِي جدة إِسْحَاق أم أَبِيه عبد الله بن أبي طَلْحَة وَهِي أم سليم بنت ملْحَان زوج أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ وَهِي أم أنس بن مَالك كَانَت تَحت أَبِيه مَالك بن النَّضر فَولدت لَهُ أنس بن مَالك وَالرَّاء بن مَالك ثمَّ خلف عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَة قَالَ وَذكر عبد الرَّزَّاق هَذَا الحَدِيث عَن مَالك عَن إِسْحَاق عَن أنس أجدته مليكَة يَعْنِي جدة إِسْحَاق دعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لطعام صَنعته وسَاق الحَدِيث بِمَعْنى مَا فِي الْمُوَطَّأ انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ الصَّحِيح أَنَّهَا جدة إِسْحَاق فَتكون أم أنس لِأَن إِسْحَاق بن أخي أنس لأمه وَقيل انها جدة أنس وَهِي بِضَم الْمِيم وَفتح اللَّام وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي قَالَه الْجُمْهُور من الطوائف وَعَن الْأصيلِيّ أَنَّهَا بِفَتْح الْمِيم وَكسر اللَّام وَهَذَا غَرِيب ضَعِيف مَرْدُود وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر الضمي رفي جدته يعود على إِسْحَاق جزم بِهِ بن عبد الْبر وَعبد الْحق وعياض وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَجزم بن سعد وَابْن مَنْدَه وَابْن الْحصار بِأَنَّهَا جدة أنس وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَة وَمن تبعه وَكَلَام عبد الْغَنِيّ فِي الْعُمْدَة وَهُوَ ظَاهر السِّيَاق وَيُؤَيِّدهُ مَا روينَاهُ فِي فَوَائِد الْعِرَاقِيّين لأبي الشَّيْخ من طَرِيق الْقَاسِم بن يحيى الْمقدمِي عَن عبد الله بن عمر عَن إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ أرسلتني جدتي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاسْمهَا مليكَة فجاءنا فَحَضَرت الصَّلَاة الحَدِيث قَالَ وَمُقْتَضى كَلَام من أعَاد الضَّمِير فِي جدته إِلَى إِسْحَاق أَن يكون اسْم أم سليم مليكَة ومستندهم فِي ذَلِك مَا رَوَاهُ بن عُيَيْنَة عَن إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ صففت أَنا وَيُقِيم فِي بيتنا خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمي أم سليم خلفنا هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ والقصة وَاحِدَة طولهَا مَالك واختصرها سُفْيَان قَالَ وَيحْتَمل تعددها فَلَا تخَالف مَا تقدم وَقد ذكر بن سعد فِي الطَّبَقَات أم أنس هِيَ أم سليم بنت ملْحَان وَقَالَ هِيَ الغميصا وَيُقَال الرميصا وَيُقَال اسْمهَا سهلة وَيُقَال أنيفة وَيُقَال رميئة وَيُقَال رميلة وَأَنَّهَا مليكَة بنت مَالك قَالَ وَكَون مليكَة جدة أنس لَا يَنْفِي كَونهَا جدة إِسْحَاق لِأَن وَالِده عبد الله أَخُو أنس لأمه فَأكل مِنْهُ قَالَ بن عبد الْبر زَاد فِيهِ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَعبد الله بن عون الْقَزاز ومُوسَى بن أعين عَن مَالك وأكلت مِنْهُ ثمَّ دَعَا بِوضُوء فَتَوَضَّأ ثمَّ قَالَ قُم فَتَوَضَّأ وَمر الْعَجُوز فلتتوضأ وَمر هَذَا الْيَتِيم فَليَتَوَضَّأ ولأصلي لكم قومُوا فلأصلي لكم بلام كي وَنصب الْيَاء أَي فقيامكم لأصلي لكم من طول مَا لبث قَالَ الرَّافِعِيّ كَأَنَّهُ يُرِيد فرش فَإِن مَا فرش فقد لبسته الأَرْض هَذَا كَمَا أَن مَا يستر بِهِ الْكَعْبَة والهودج يُسمى لباسا لَهما واليتيم قَالَ النَّوَوِيّ اسْمه ضمية بن سعد الْحِمْيَرِي والعجوز قَالَ النَّوَوِيّ هِيَ أم أنس أم سليم وَقَالَ بن حجر هِيَ مليكَة الْمَذْكُورَة أول لَطِيفَة روى السلَفِي فِي الطيوريات بِسَنَدِهِ أَن أَبَا طَلْحَة زوج أم أنس قَامَ إِلَيْهَا مرّة يضْربهَا فَقَامَ أنس ليخلصها وَقَالَ لَهُ خل عَن الْعَجُوز فَقَالَت أَتَقول الْعَجُوز عجز الله ركبتك فصلى لنا رَكْعَتَيْنِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر أورد مَالك هَا الحَدِيث فِي تَرْجَمَة صَلَاة الضُّحَى وَتعقب بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن أنس أَنه لم ير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا مرّة وَاحِدَة فِي دَار الْأنْصَارِيّ الضخم الَّذِي دَعَاهُ ليُصَلِّي فِي بَيته وَأجَاب صاب القبس بِأَن مَالِكًا نظر إِلَى الْوَقْت الَّذِي وَقعت فِيهِ تِلْكَ الصَّلَاة وَهُوَ قوت صَلَاة الضُّحَى لجعله عَلَيْهِ وَإِن أنسا لم يطلع على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نوى بِتِلْكَ الصَّلَاة صَلَاة الضُّحَى

[361] عَن زيد بن أسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه عِنْد بن وهب عَن زيد عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعد إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ روى بن أبي شيبَة عَن بن مَسْعُود أَن الْمُرُور بَين يَدي الْمُصَلِّي يقطع فَصف صلَاته فَإِن أَبى فليقاتله هُوَ عندنَا على حَقِيقَته وَهُوَ أَمر ندب وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ المُرَاد بالمقاتلة المدافعة وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ فَإِن أَبى فليجعل يَده فِي صَدره وليدفعه فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان أَي فعله فعل الشَّيْطَان أَو المُرَاد شَيْطَان ن الانس وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ فَإِن مَعَه الشَّيْطَان

(1/130)


[362] عَن بسر بن سعيد أَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أرْسلهُ إِلَى أبي جهيم قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَكَذَا روى مَالك هَذَا الحَدِيث لم يخْتَلف عَلَيْهِ فِيهِ أَن الْمُرْسل هُوَ زيد وَإِن الْمُرْسل إِلَيْهِ هُوَ أَبُو جهيم وَهُوَ بِضَم الْجِيم وَفتح الْخَاء مُصَغرًا واسْمه عبد الله بن الْحَارِث بن الصمَّة الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ وَتَابعه سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي النَّضر عِنْد مُسلم وَابْن ماجة وَغَيرهمَا وَخَالَفَهُمَا بن عُيَيْنَة عَن أبي النَّضر فَقَالَ عَن بسر بن سعيد قَالَ أَرْسلنِي أَبُو جهيم إِلَى زيد بن خَالِد أسأله فَذكر هَذَا الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ بن عُيَيْنَة مقلوا أخرجه أبن أبي خَيْثَمَة عَن أَبِيه عَن بن عُيَيْنَة ثمَّ قَالَ بن أَي خَيْثَمَة سُئِلَ عَنهُ يحيى بن معِين فَقَالَ هُوَ خطأ إِنَّمَا هُوَ أَرْسلنِي زيد إِلَى أبي جهيم كَمَا قَالَ مَالك وَتعقب ذَلِك بن الْقطَّان فَقَالَ لَيْسَ خطأ بن عُيَيْنَة فِيهِ بمتعين لاحْتِمَال أَن يكون أَبُو جهيم بعث بسرا إِلَى زيد وَبَعثه زيد إِلَى أبي جهيم يتثبت كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا عِنْد الآخر قَالَ بن حجر تَعْلِيل الْأَئِمَّة للأحاديث مَبْنِيّ على غَلَبَة الظَّن فَإِذا قَالُوا أَخطَأ فلَان فِي كَذَا لم يتَعَيَّن خَطؤُهُ فِي نفس الْأَمر بل هُوَ رَاجِح الِاحْتِمَال فيعتمد وَلَوْلَا ذَلِك مَا اشترطوا انْتِفَاء الشاذ وَهُوَ مَا يُخَالف الثِّقَة فِيهِ من هُوَ أرجح مِنْهُ فِي حد الصَّحِيح لَو يعلم الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي أَي أَمَامه بِالْقربِ مِنْهُ وَاخْتلف فِي ضبط ذَلِك فَقيل إِذا مر بَينه وَبَين مِقْدَار سُجُوده وَقيل بَينه وَبَينه ثَلَاثَة أَذْرع وَقيل بَينه وَبَينه قدر رمية بِحجر وَوَقع عِنْد السراج من طَرِيق الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن أبي النَّضر بَين يَدي الملي وَالْمُصَلي أَي الستْرَة مَاذَا عَلَيْهِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر زَاد الْكشميهني من رُوَاة البُخَارِيّ من الْإِثْم وَلَيْسَت هَذِه الزايدة فِي شَيْء من الرِّوَايَات غير والْحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ بِدُونِهَا وَقَالَ بن التِّين لم يخْتَلف على مَالك فِي شَيْء مِنْهُ وَكَذَا رَوَاهُ بَاقِي السِّتَّة وَأَصْحَاب المسانيد والمستخرجات بِدُونِهَا وَلم أرها فِي شَيْء من الرِّوَايَات مُطلقًا لَكِن فِي مُصَنف بن أبي شيبَة يَعْنِي من الْإِثْم فَيحْتَمل أَن تكون ذكرت فِي أصل البُخَارِيّ حَاشِيَة فظنها الْكشميهني أصلا لِأَنَّهُ لم يكن من الْحفاظ وَقد عزاها الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي الأكام للْبُخَارِيّ وَأطلق فعيب ذَلِك عَلَيْهِ وعَلى صَاحب الْعُمْدَة فِي إبهامه أَنَّهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأنكر بن الصّلاح فِي مُشكل الْوَسِيط على من أثبتها فِي الْخَبَر فَقَالَ لفظ الْإِثْم لَيْسَ فِي الحَدِيث صَرِيحًا وَلما ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب بِدُونِهَا قَالَ فِي رِوَايَة رويناها فِي الْأَرْبَعين لعبد الْقَادِر الرهاوي مَاذَا عَلَيْهِ من الْإِثْم لَكَانَ أَن يقف أَرْبَعِينَ هَذَا الْعدَد لَهُ اعْتِبَار فِي الشَّرْع كَبِير كالثلاث والسبع وَقد أفردت فِي أعداد السَّبع جزأ وَفِي أعداد الْأَرْبَعين آخر وَفِي بن ماجة وَابْن حبَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة لَكَانَ أَن يقف مائَة عَام خير لَهُ من الخطوة الَّتِي خطاها خيرا لَهُ بِالنّصب خبر كَانَ وَعند التِّرْمِذِيّ بِالرَّفْع على أَنه الِاسْم

(1/131)


[366] عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود هُوَ أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة قَالَ بن عبد الْبر لم يكن بعد الصَّحَابَة إِلَى يَوْمنَا هَذَا مِمَّا علمت فَقِيه أشعر مِنْهُ وَقد جمع الزبير بن بكار أشعاره فِي كتاب مُفْرد أتان بِالْمُثَنَّاةِ الْأُنْثَى من الْحمر ناهزت الِاحْتِلَام أَي قاربته يُصَلِّي للنَّاس بمنى كَذَا قَالَ مَالك وَأكْثر أَصْحَاب الزُّهْرِيّ وَلمُسلم من رِوَايَة بن عُيَيْنَة بِعَرَفَة قَالَ بن حجر وَهِي شَاذَّة وَفِيه أَن ذَلِك كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع ترتع أَي ترعى

(1/132)


[372] عَن يحيى بن سعيد أَنه بلغه أَن أَبَا ذَر كَانَ يَقُول مسح الْحَصْبَاء مسحة وَاحِدَة وَتركهَا خير من حمر النعم قَالَ بن عبد الْبر ورد عَنهُ مَرْفُوعا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي الْأَحْوَص أَنه سمع أَبَا ذَر يرويهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا قَامَ أحدكُم للصَّلَاة فَإِن الرَّحْمَة تواجهه فَلَا يمسح الْحَصْبَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن بن أبي ليلى عَن أبي ذَر قَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كل شَيْء حَتَّى سَأَلته عَن مسح الْحَصْبَاء قَالَ وَاحِدَة أودع قَالَ بن عبد الْبر حمر النعم بتسكين الْمِيم لَا غير هِيَ الْحمر من الْإِبِل وَهِي أحسن ألوانها عِنْدهم وَأخرج من طَرِيق مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي عَن عَمْرو بن دِينَار عَن أبي نَضرة عَن أبي ذَر قَالَ إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فامشوا إِلَيْهَا على هنيتكم وصلوا مَا أدركتم فَإِذا سلم الامام فاقضوا مَا بَقِي وَلَا تَمسحُوا لاتراب عَن الأَرْض إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَلِأَن أَصْبِر عَنْهَا أحب إِلَيّ من مائَة نَاقَة سَوْدَاء الحدقة وَأخرج أَحْمد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مسح الصباء فَقَالَ وَاحِدَة وَلِأَن تمسكه عَنْهَا خير من مائَة نَاقَة كلهَا سود الحدق وَقَالَ بن جريج قلت لعطاء كَانُوا يشددون فِي الْمسْح للحصباء لموْضِع الجبين مَالا يشددون فِي مسح الْوَجْه من التُّرَاب قَالَ أجل

[375] عَن عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ من كَلَام النُّبُوَّة إِذا لم تستح فأفعل مَا شِئْت روى البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من طَرِيق مَنْصُور عَن ربعي بن حِرَاش عَن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ البدري أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن مِمَّا أدْرك النَّاس من كَلَام النُّبُوَّة الأولى إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت قَالَ بن عبد الْبر لَفظه أَمر وَمَعْنَاهُ الْخَبَر بِأَن من لم يكن لَهُ حَيَاء يحجزه عَن محارم الله فَسَوَاء عَلَيْهِ فعل الصَّغَائِر وارتكاب الْكَبَائِر وَفِيه معنى التحذير والوعيد على قلَّة الْحيَاء وَمن هَذَا الحَدِيث أَخذ الْقَائِل إِذا لم تخش عَاقِبَة اللَّيَالِي وَلم تَسْتَحي فَاصْنَعْ مَا تشَاء فَلَا وَالله مَا فِي الْعَيْش خير وَلَا الدُّنْيَا إِذا ذهب الْحيَاء وقِي لمعناه إِذا كَانَ الْفِعْل مِمَّا لَا يستحيا مِنْهُ شرعا فافعله وَلَا عَلَيْك من النَّاس قَالَ وَهَذَا تَأْوِيل ضَعِيف وَالْأول هُوَ الْمَعْرُوف عِنْد الْعلمَاء وَالْمَشْهُور مخرجه عِنْد الْعَرَب والفصحاء وَوضع الْيَدَيْنِ إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى فِي الصَّلَاة يضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى وتعجيل الْفطر والاستيناء بالسحور روى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد صَحِيح عَن بن عَبَّاس معت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء أمرنَا بتعجيل فطرنا وَتَأْخِير سحورنا وَإِن نضع أَيْمَاننَا على شَمَائِلنَا فِي الصَّلَاة وروى الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَفعه قَالَ ثَلَاث من أَخْلَاق النُّبُوَّة تَعْجِيل الْإِفْطَار وَتَأْخِير السّحُور وَوضع الْيُمْنَى على الشمَال فِي الصَّلَاة وروى بن عبد الْبر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث من النُّبُوَّة تَعْجِيل الْإِفْطَار وَتَأْخِير السّحُور وَوضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فِي الصَّلَاة وروى سعيد بن مَنْصُور عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ ثَلَاث من النُّبُوَّة فَذكرت مثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة وروى الطَّبَرَانِيّ عَن يعلى بن مرّة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة يُحِبهَا الله عز وَجل تَعْجِيل الْإِفْطَار وَتَأْخِير السّحُور وَضرب الْيَدَيْنِ إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى فِي الصَّلَاة

(1/133)


[376] ينمى ذَلِك أَي يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

[378] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عبد الله بن الأرقم أخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق زُهَيْر عَن هِشَام بِهِ وَقَالَ روى وهيب بن خَالِد وَشُعَيْب بن إِسْحَاق وَأَبُو ضَمرَة هَذَا الحَدِيث عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن رجل حَدثهُ عَن عبد الله بن أَرقم وَالْأَكْثَر الَّذِي رووا عَن هِشَام قَالُوا كَمَا قَالَ زُهَيْر وَقَالَ بن عبد الْبر تَابع مَالِكًا عفى رِوَايَته زُهَيْر بن مُعَاوِيَة وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَحَفْص بن غياث وَمُحَمّد بن إِسْحَاق وشجاع بن الْوَلِيد وَحَمَّاد بن زيد وَأَبُو مُعَاوِيَة كلهم قَالُوا كَمَا قَالَ مَالك وَقَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف رَوَاهُ مُحَمَّد بن بِلَال عَن عمرَان الْقطَّان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن بن عمر

[379] وَهُوَ ضام بَين وركيه أَي من شدَّة الحقن

[380] الْمَلَائِكَة تصلي على أحدكُم هَل المُرَاد بهم الْحفظَة أَو السيارة أَو أَعم من ذَلِك كل مُحْتَمل ذكره الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ اللَّهُمَّ أَغفر لَهُ على إِضْمَار قائلين أَو يَقُول وَهُوَ بَيَان لقَوْله تصلي اللَّهُمَّ ارحمه زَاد ابْن ماجة اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ

[381] لَا يزَال أحدكُم فِي صَلَاة أَي حكما فِي الثَّوَاب مَا دَامَت الصَّلَاة تحبسه قَالَ الْبَاجِيّ سَوَاء انْتظر وَقتهَا أم إِقَامَتهَا فِي الْجَمَاعَة

(1/134)


[382] أَن أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن كَانَ يَقُول من غَدا أَو رَاح إِلَى الْمَسْجِد إِلَى آخِره قَالَ بن عبد الْبر مَعْلُوم أَن هَذَا لَا يدْرك بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَاد لأه قطع على غيب من حكم الله وَأمره فِي ثَوَابه قلت وَقد ورد مَرْفُوعا أخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من دخل مَسْجِدي هَذَا ليتعلم خيرا أَو يُعلمهُ كَانَ بِمَنْزِلَة الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من غَدا إِلَى الْمَسْجِد لَا يُرِيد إِلَّا أَن يتَعَلَّم خيرا أَو يُعلمهُ كَانَ لَهُ كَأَجر حَاج أم حجَّته

[383] عَن نعيم بن عبد الله المجمر أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول إِذا صلى أحدكُم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ مَوْقُوف وَقد رَفعه عَن مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد بن وهب وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَعُثْمَان بن عمر والوليد بن مُسلم وَيحيى بن بكير فِي رِوَايَة عَنهُ وَأَشَارَ إِلَى أَن رِوَايَة بن وهب عِنْد بن الْجَارُود وَرِوَايَة الْوَلِيد وَعُثْمَان عِنْد النَّسَائِيّ فِي حَدِيث الْوَلِيد وَأسْندَ بن عبد الْبر رِوَايَة إِسْمَاعِيل إِلَّا أَنه قَالَ عَن مَالك عَن نعيم بن عبد الله عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره مَرْفُوعا

[384] إِلَّا أخْبركُم بِمَا يمحو الله بِهِ الْخَطَايَا قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث من أحسن مَا يرْوى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فَضَائِل الْأَعْمَال وَقَالَ الْبَاجِيّ محو الْخَطَايَا كِنَايَة عَن غفرانها وَالْعَفو عَنْهَا وَقد يكون محوها من كتاب الْحفظَة دَلِيلا على عَفوه تَعَالَى عَمَّن كتبت لعيه وترفع بِهِ الدَّرَجَات قَالَ الْبَاجِيّ أَي الْمنَازل فِي الْجنَّة وَيحْتَمل أَن يُرِيد رفع دَرَجَته فِي الدُّنْيَا بِالذكر الْجَمِيل وَفِي الْآخِرَة الثَّوَاب الجزيل إسباغ الْوضُوء أَي إِتْمَامه وإكماله واستيعاب أَعْضَائِهِ بِالْمَاءِ عِنْد المكاره قَالَ الْبَاجِيّ من شدَّة برد وألم جسم وحاجة إِلَى النّوم وعجلة إِلَى أَمر مُهِمّ وَغير ذَلِك وَكَثْرَة الخطا إِلَى الْمَسَاجِد قَالَ الْبَاجِيّ وَهُوَ يكون ببعد الدَّار عَن الْمَسْجِد وَيكون بِكَثْرَة التكرر عَلَيْهِ وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا إِنَّمَا يكون فِي صَلَاتَيْنِ الْعَصْر بعد الظّهْر وَالْعشَاء بعد الْمغرب وَأما انْتِظَار الصُّبْح بعد الْعشَاء فَلم يكن من عمل النَّاس وَكَذَلِكَ انْتِظَار الظّهْر بعد الصُّبْح وَأما انْتِظَار الْمغرب بعد الْعَصْر فَلَا أذكر فِيهِ نصا قَالَ وَحكمه عِنْدِي حكم انْتِظَار الصُّبْح بعد الْعشَاء وَالظّهْر بعد الصُّبْح لِأَن الَّذِي ينْتَظر صَلَاة لَيْسَ بَينهَا وَبَين الَّتِي صلى اشْتِرَاك فِي وَقت قَالَ وَفِي ظَنِّي أَنِّي رَأَيْته رِوَايَة عَن مَالك من طَرِيق بن وهب وَلَا أذكر موضعهَا الْآن فذلكم الرِّبَاط قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي منن الرِّبَاط المرغب فِيهِ لِأَنَّهُ قد ربط نَفسه على هَذَا الْعَمَل وَحبس نَفسه عَلَيْهِ قَالَ وَيحْتَمل أَن يُرِيد تَفْضِيل هَذَا الرِّبَاط على غَيره من الرِّبَاط فِي الثغور وَلذَا قَالَ فذلكم الرِّبَاط أَي إِنَّه أفضل انواعه كَمَا يُقَال جِهَاد النَّفس هُوَ الْجِهَاد أَيْن إِنَّه أفضله وَيحْتَمل أَنه يُرِيد أَنه الرِّبَاط الْمُمكن المتيسر وَقد قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ أَن ذَلِك من أَلْفَاظ الْحصْر وكرره ثَلَاثًا على معنى التَّعْظِيم لشأنه انْتهى

(1/135)


[385] مَالك أَنه بلغه أَن سعيد بن الْمسيب قَالَ يُقَال لَا يخرج من الْمَسْجِد أحد بعد النداء إِلَّا أحد يُرِيد الرُّجُوع إِلَيْهِ إِلَّا مُنَافِق قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يُقَال مثله من جِهَة الرَّأْي وَلَا يُقَال إِلَّا توقيفا قلت ورد مَرْفُوعا أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد رِجَاله رجال الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يسمع النداء فِي مَسْجِدي هَذَا ثمَّ يخرج مِنْهُ إِلَّا لحَاجَة ثمَّ لَا يرجع إِلَيْهِ إِلَّا مُنَافِق وَأخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة أَنه رأى رجلا خرج بعد مَا أذن الْمُؤَذّن فَقَالَ أما هَذَا فقد عَصا أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كُنْتُم فِي الْمَسْجِد فَنُوديَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يخرج أحدكُم حتي يُصَلِّي قَالَ بن عبد الْبر قَالَ مَالك دخل أَعْرَابِي الْمَسْجِد وَأذن الْمُؤَذّن فَقَامَ يحل عقال نَاقَته ليخرج فَنَهَاهُ سعيد بن الْمسيب فَلم ينْتَه فَمَا سَارَتْ بِهِ غير يسير حَتَّى رقصت بِهِ فأصيب فِي جسده فَقَالَ سعيد قد بلغنَا أَنه خرج من بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة لغير الْوضُوء أَنه يصاب وَقَالَ الْبَاجِيّ قَوْله إِلَّا مُنَافِق يُرِيد أَن ذَلِك من أَفعَال الْمُنَافِقين

[386] إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فليركع رَكْعَتَيْنِ قبل ان يجلس هُوَ أَمر ندب بالاجماع سوى أهل الظَّاهِر فَقَالُوا بِالْوُجُوب

(1/136)


[390] ذهب إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف أَي بن مَالك بن الْأَوْس أحد قبيلتي الْأَنْصَار وَبَنُو عمر بطن مِنْهُم وَكَانَت مَنَازِله بقباء ليصلح بَينهم زَاد النَّسَائِيّ فِي كَلَام وَقع بَينهم وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ أَنه خرج بعد صَلَاة الظّهْر فِي أنَاس من أَصْحَابه وسمى الطَّبَرَانِيّ مِنْهُم أبي بن كَعْب وَسَهل بن بَيْضَاء وحانت الصَّلَاة للْبُخَارِيّ صَلَاة الْعَصْر فجَاء الْمُؤَذّن إِلَى آخِره لِأَحْمَد وَأبي دَاوُد وَابْن حبَان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِبلَال إِن حضرت الْعَصْر وَلم آتِك فَمر أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَلَمَّا حضرت الْعَصْر أذن بِلَال ثمَّ أَتَى أَبَا بكر الحَدِيث قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَأما قَوْله أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فأقيم فانما استفهمه هَل يُبَادر أول الْوَقْت أَو ينْتَظر قَلِيلا ليَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجح عِنْد أبي بكر الْمُبَادرَة لِأَنَّهَا فَضِيلَة متحققة فَلَا ترك لفضيلة متوهمة وَقَوله فأقيم بِالنّصب قَالَ نعم زَاد البُخَارِيّ فِي رِوَايَة إِن شِئْت قَالَ بن حجر وَإِنَّمَا فوض لَهُ لاحتما ل أَن يكون عِنْده زِيَادَة علم من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس فِي الصَّلَاة أَي عقب مَا كبر أَبُو كبر للافتتاح كَمَا فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَبِهَذَا يُجَاب عَن الْفرق بَين المقامين حَيْثُ امْتنع أَبُو بكر هُنَا أَن يسْتَمر إِمَامًا وَحَيْثُ اسْتمرّ فِي مرض مَوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين صلى خَلفه الرَّكْعَة الثَّانِيَة من الصُّبْح كَمَا صرح بِهِ مُوسَى بن عقبَة فِي الْمَغَازِي فَكَأَنَّهُ لما أَن مضى مُعظم الصَّلَاة حسن الِاسْتِمْرَار وَلما لم يمض مِنْهَا إِلَّا الْيَسِير لم يسْتَمر وَكَذَا وَقع لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف حَيْثُ صلى خَلفه الرَّكْعَة الثَّانِيَة من الصُّبْح فَإِنَّهُ اسْتمرّ فِي صلَاته إِمَامًا لهَذَا الْمَعْنى فتخلص حَتَّى وقف فِي الصَّفّ قَالَ الْمُهلب لَا تعَارض بَين هَذَا وَبِي النَّهْي عَن التخطي لآن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ كَغَيْرِهِ فِي أَمر الصَّلَاة وَلَا غَيرهَا لِأَن لَهُ أَن يتَقَدَّم بِسَبَب مَا ينزل عَلَيْهِ من الْأَحْكَام من نابه أَي أَصَابَهُ الْتفت إِلَيْهِ بِضَم التَّاء مَبْنِيا للْمَفْعُول وَإِنَّمَا التصفيح أَي التصفيق للنِّسَاء زَاد النَّسَائِيّ وَالتَّسْبِيح للرِّجَال

[395] اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته قَالَ الْبَاجِيّ ذُريَّته من كَانَت عَلَيْهِ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولادَة من وَلَده وَولد وَلَده كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم قَالَ بن عبد الْبر آل إِبْرَاهِيم يدْخل فِيهِ إِبْرَاهِيم وَآل مُحَمَّد يدْخل فِيهِ مُحَمَّد وَمن هُنَا جَاءَت الْآثَار فِي هَذَا الْبَاب مرّة بإبراهيم وَمرَّة بآل إِبْرَاهِيم وَرُبمَا جَاءَ ذَلِك فِي حَدِيث وَاحِد وَمَعْلُوم أَن قَوْله تَعَالَى أدخلُوا آل فوعون أَشد الْعَذَاب أَن فوعون دَاخل مَعَهم وَبَارك على مُحَمَّد قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء معنى الْبركَة هُنَا الزِّيَادَة من الْخَيْر والكرامة وَقيل هِيَ بِمَعْنى التطيهر والتزكية

(1/138)


[396] أمرنَا الله ان نصلي عَلَيْك أَي لقَوْله تَعَالَى صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً فَكيف نصلي عَلَيْك أَي كَيفَ نلفظ بِالصَّلَاةِ زَاد الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ إِذا نَحن صلينَا عَلَيْك فِي صَلَاتنَا حَتَّى تمنينا أَنه لم يسْأَله أَي كرهنا سُؤَاله مَخَافَة أَن يكون كرهه وشق عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد الحَدِيث قيل مَا وَجه تَشْبِيه الصَّلَاة عَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم والقاعد أَن الْمُشبه بِهِ أفضل من الْمُشبه وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْأَنْبِيَاء وَأجِيب بأجوبة أَحدهَا قَالَ النَّوَوِيّ وَحَكَاهُ بعض أَصْحَابنَا عَن الشَّافِعِي أَن مَعْنَاهُ صل على مُحَمَّد وَتمّ الْكَلَام هُنَا ثمَّ اسْتَأْنف وعَلى آل مُحَمَّد أَي وصل على آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم فالمسئول لَهُ مثل إِبْرَاهِيم وَآله هم آل مُحَمَّد لَا نَفسه الثَّانِي مَعْنَاهُ اجْعَل لمُحَمد وَآله صلا مِنْك كَمَا جَعلتهَا لإِبْرَاهِيم وَآله فالمسئول الْمُشَاركَة فِي أصل الصَّلَاة لَا قدرهَا الثَّالِث أَنه على ظَاهره وَالْمرَاد اجْعَل لمُحَمد وَآله صَلَاة بِمِقْدَار الصَّلَاة الَّتِي لإِبْرَاهِيم وَآله والمسئول مُقَابلَة الْجُمْلَة بِالْجُمْلَةِ فَإِن الْمُخْتَار فِي الْآل أَنهم جَمِيع الِاتِّبَاع وَيدخل فِي آل إِبْرَاهِيم خلائق لَا يُحصونَ من الْأَنْبِيَاء وَلَا يدْخل فِي آل مُحَمَّد نَبِي فَطلب الحاق هَذِه الْجُمْلَة الَّتِي فِيهَا نَبِي وَاحِد بِتِلْكَ الْجُمْلَة الَّتِي فِيهَا خلائق من الْأَنْبِيَاء قَالَ النَّوَوِيّ هَذِه الْأَقْوَال الثَّلَاثَة هِيَ المختارة من جَمِيع مَا قيل فِي ذَلِك وَقَالَ القَاضِي عِيَاض أظهر الْأَقْوَال أَنه سَأَلَ ذَلِك لنَفسِهِ وَلأَهل بَيته ليتم النِّعْمَة عَلَيْهِم كَمَا أتمهَا على إِبْرَاهِيم وَآله وَقيل بل سَأَلَ ذَلِك لأمته وَقيل بل ليبقى ذَلِك لَهُ دَائِما إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَيجْعَل لَهُ بِهِ لِسَان صدق فِي الآخرين كإبراهيم وَقيل كَانَ ذَلِك قبل أَن يعلم أَنه أفضل من إِبْرَاهِيم وَقيل سَأَلَ صَلَاة يَتَّخِذهُ بهَا خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم أَي فِي التَّشَهُّد وَهُوَ قَوْلهم السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته قَالَ النَّوَوِيّ وعلمتم بِفَتْح الْعين وَكسر اللَّام المخففة وَمِنْهُم من رَوَاهُ بِضَم الْعين وَتَشْديد اللَّام أَي علمتكموه وَكِلَاهُمَا صَحِيح

[398] كَانَ يُصَلِّي قبل الظّهْر الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى لم يقل فِي بَيته إِلَّا فِي رَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب فَقَط وتابعة القعْنبِي على ذَلِك وَقَالَ بن بكير فِي هَذَا الحَدِيث فِي بَيته فِي موضِعين أَحدهمَا فِي رَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب وَالْآخر فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْجُمُعَة وَابْن وهب يَقُول فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد المغر وَبعد الْعشَاء فِي بَيته وَذكر انْصِرَافه فِي الْجُمُعَة وَتَابعه على هَذَا جمَاعَة من رُوَاة مَالك

[399] إِنِّي لأَرَاكُمْ من وَرَاء ظَهْري قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء مَعْنَاهُ أَن الله تَعَالَى خلق لَهُ إدراكا فِي قَفاهُ يبصر بِهِ من وَرَائه وَقد انخرقت الْعَادة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَكْثَرَ من هَذَا قَالَ الْحِفْظ بن حجر قيل كَانَت لَهُ عين خلف ظَهره يرى بهَا دَائِما وَقيل كَانَ بَين كَتفيهِ عينان كسم الْخياط يبصر بهما لَا يحجبهما ثوب وَلَا يغره وَقيل كَانَ يبصر من وَرَائه بعيني وَجهه خرقا للْعَادَة أَيْضا فَكَانَ يرى بهما من غير مُقَابلَة لِأَن الْحق عِنْد أهل السّنة أَن الرُّؤْيَة لَا يشْتَرط لَهَا الْمُقَابلَة وَلِهَذَا حكمُوا بِجَوَاز رُؤْيَة الله تَعَالَى فِي الْآخِرَة وَقيل بل كَانَت صورهم تنطبع فِي حَائِط قبلته كَمَا تنطبع فِي الْمرْآة فَيرى أمثلتهم فِيهَا ويشاهد أفعالهم

[400] مَالك عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْتِي قبَاء رَاكِبًا وماشيا قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى مَالك عَن نَافِع وَقَالَ جلّ رُوَاة الْمُوَطَّأ مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن بن عمر والْحَدِيث صَحِيح لمَالِك عَنْهُمَا جَمِيعًا قَالَ وَاخْتلف فِي سَبَب اتيانه فَقيل لزيارة الْأَنْصَار وَقيل للتفرج فِي غيطانها وَقيل للصَّلَاة فِي مَسْجِدهَا تبركا بِهِ وَهُوَ الْأَشْبَه

(1/139)


[401] عَن يحيى بَين سعيد عَن النُّعْمَان بن مرّة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا ترَوْنَ فِي الشَّارِب الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لم تخْتَلف الروَاة عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث عَن النُّعْمَان بن مرّة وَهُوَ حَدِيث صَحِيح مُسْند من ودوه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قلت روى أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أَسْوَأ النَّاس سَرقَة الَّذِي يسرق صلَاته قَالُوا يَا رَسُول الله وَكَيف يسرقها قَالَ لَا يتم ركوعها وَلَا سجودها وروى الطَّبَرَانِيّ مثله من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَعبد الله بن مُغفل وَأبي قَتَادَة قَالَ الْبَاجِيّ قصد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يعلمهُمْ أَن الاخلال بإتمام الرُّكُوع وَالسُّجُود كَبِيرَة وَأَنه أَسْوَأ مِمَّا تقرر عِنْدهم أَنه فَاحِشَة وَإِنَّمَا خص الرُّكُوع وَالسُّجُود لِأَن الاخلال فِي الغلب إِنَّمَا يَقع بهما وَسَماهُ سَرقَة على معنى أه خِيَانَة فِيمَا اؤتمن على أَدَائِهِ

[402] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اجعلوا من صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتكُمْ قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مُرْسل فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيعهم وَقد أسْندهُ نَافِع عَن بن عمر قلت أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن بن عمر مَرْفُوعا اجعلوا فِي بُيُوتكُمْ من صَلَاتكُمْ وَلَا تتخذوها قبورا قَالَ بن عبد الْبر اخْتلف فِي معنى هَذَا الحَدِيث فَقيل أَرَادَ بقوله من صَلَاتكُمْ النَّافِلَة وَقيل الْمَكْتُوبَة لما فِيهِ من تَعْلِيم الْأَهْل حُدُود الصَّلَاة مُعَاينَة وَهُوَ أثبت من التَّعْلِيم بالْقَوْل وَمن على الأول زَائِدَة وعَلى الثَّانِي تبعيضية

(1/140)


[408] هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن رجل من الْمُهَاجِرين لم ير بِهِ بَأْسا أَنه سَأَلَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أأصلي فِي عطن الْإِبِل فَقَالَ عبد الله لَا وَلَكِن صل فِي مراح الْغنم قَالَ بن عبد الْبر مثل هَذَا ن الْفرق بَين الْغنم والابل لَا يدْرك بِالرَّأْيِ وَالنَّظَر وَقد روى هَذَا الحَدِيث يُونُس بن بكير عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ صلوا فِي مراح الْغنم وَلَا تصلوا فِي أعطان الْإِبِل وَورد من رِوَايَة جمَاعَة من الصَّحَابَة قَالَ وَأَصَح مَا قبل فِي الْفرق أَن الْإِبِل لَا تكَاد تهدأ وَلَا تقر فِي العطن بل تثور فَرُبمَا تقطع صَلَاة الْمُصَلِّي وَجَاء فِي الحَدِيث أَنَّهَا خلقت من جن قَالَ الْبَاجِيّ عطن الْإِبِل مباركها عِنْد المَاء ومراح الْغنم مجتمعها من آخر النَّهَار

[410] وَهُوَ حَامِل أُمَامَة زَاد مُسلم على عَاتِقه قَالَ بن حجر وَالْمَشْهُور فِي الرِّوَايَات تَنْوِين حَامِل وَنصب أُمَامَة وروى بِالْإِضَافَة وأمامة بِضَم الْهمزَة وَتَخْفِيف الميمين كَانَت صَغِيرَة على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَزَوجهَا على بعد وَفَاة فَاطِمَة بِوَصِيَّة مِنْهَا وَلم تعقب وَلأبي العاصى هُوَ وَالِد أُمَامَة قَالَ الْكرْمَانِي الْإِضَافَة فِي قَوْله بنت زَيْنَب بِمَعْنى اللَّام فاظهر فِي الْمَعْطُوف وَهُوَ قَوْله لأبي العاصى مَا هُوَ مُقَدّر فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بن ربيعَة بن عبد شمس قَالَ بن حجر كَذَا رَوَاهُ الجهمي عَن مَالك وَرَوَاهُ يحيى بن بكير ومعن بن عِيسَى وَأَبُو مُصعب وَغَيرهم عَن مَالك فَقَالُوا بن الرّبيع وَهُوَ الصَّوَاب وَادّعى الْأصيلِيّ أَنه بن الرّبيع بن ربيعَة فنسبه مَالك رمة إِلَى جده ورده عِيَاض والقرطبي وَغَيرهمَا لاطباق النسابين على خِلَافه نعم قد نسبه مَالك إِلَى جده فِي قَوْله بن عبد شمس وَإِنَّمَا هُوَ بن عبد الْعُزَّى بن عبد شمس أطبق على ذل النسابون أَيْضا وَاسم أبي العَاصِي لَقِيط وَقيل مقسم وَقيل الْقَاسِم وَقيل مهشم وَقيل هشيم وَهُوَ مَشْهُور بكنيته أسلم قبل الْفَتْح وَهَاجَر ورد عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنَته زَيْنَب وَمَاتَتْ مَعَه وَمَات هُوَ فِي خلَافَة أبي بكر فَإِذا سجد وَضعهَا لمُسلم فَإِذا ركع وَلأبي دَاوُد حَتَّى إِذا أَرَادَ أَن يرْكَع أَخذهَا فوضعها ثمَّ ركع وَسجد حَتَّى إِذا فرغ من سُجُوده وَقَامَ أَخذهَا فَردهَا فِي مَكَانهَا قَالَ النَّوَوِيّ ادّعى بعض الْمَالِكِيَّة أَن هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ وَبَعْضهمْ أَنه من الخصائص وَبَعْضهمْ أَنه كَانَ لضَرُورَة وكل ذَلِك مَرْدُود لَا دَلِيل عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يُخَالف قَوَاعِد الشَّرْع

(1/141)


[411] يتعاقبون فِيكُم مَلَائِكَة أَي يَأْتِي طَائِفَة عق بطَائفَة أُخْرَى ثمَّ تعود الأولى عقب الثَّانِيَة وَإِنَّمَا يكون التَّعَاقُب بَين طائفتين أَو رجلَيْنِ مرّة مرّة وتوارد جمَاعَة من شرَّاح الحَدِيث وَمَعَهُمْ بن مَالك على أَن الحَدِيث جَاءَ على لُغَة أكلوني البراغيث وَالْحق مَا قَالَه جمَاعَة آخَرُونَ مِنْهُم أَبُو حَيَّان أَن الحَدِيث تصرف فِيهِ الرَّاوِي فقد رَوَاهُ البُخَارِيّ بِلَفْظ الْمَلَائِكَة يتعاقبون فِيكُم مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ وملائكة بِالنَّهَارِ وَالنَّسَائِيّ بِلَفْظ ان الْمَلَائِكَة يتعاقبون فِيكُم وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة بِلَفْظ أَن لله مَلَائِكَة يتعقبون وَنقل القَاضِي عِيَاض عَن الْجُمْهُور أَن هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة هم الْحفظَة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الْأَظْهر عِنْدِي أَنهم غَيرهم قَالَ بن حجر ويقويه أَنه لم ينْقل أَن الْحفظَة يفارقون الْإِنْسَان وَلَا أَن حفظَة اللَّيْل غير حفظَة النَّهَار قلت بل نقل ذَلِك أخرج بن أبي زمنين فِي كتاب السّنة بِسَنَدِهِ عَن الْحسن قَالَ الْحفظَة أَرْبَعَة يتعقبونه ملكان بِاللَّيْلِ وملكان بِالنَّهَارِ تَجْتَمِع هَذِه الاملاك الْأَرْبَعَة عِنْد صَلَاة الْفجْر وَهُوَ قَوْله تَعَالَى إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي كتاب العظمة عَن بن الْمُبَارك قَالَ وكل بِهِ خَمْسَة أَمْلَاك ملكان بِاللَّيْلِ وملكان بِالنَّهَارِ يجيئان ويذهبان وَملك خَامِس لَا يُفَارِقهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارا وَأخرج أَبُو نعيم فِي كتاب الصَّلَاة عَن الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ قَالَ يلتقي الحارسان عِنْد صَلَاة الصُّبْح فَيسلم بَعضهم على بعض فتصعد مَلَائِكَة اللَّيْل وتكتب مَلَائِكَة النَّهَار ثمَّ يعرج الَّذين باتوا فِيكُم فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ الَّذين كَانُوا وَهِي أوضح لشمولها لمن كَانَ فِي اللَّيْل وَمن كَانَ فِي النَّهَار كَيفَ تركْتُم عبَادي قَالَ بن أبي جَمْرَة وَقع السُّؤَال عَن آخر الْأَعْمَال لِأَن الْأَعْمَال بخواتيمها وأتيناهم وهم يصلونَ زَاد بن خُزَيْمَة فَاغْفِر لَهُم يَوْم الدّين

[412] انكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف قَالَ الْبَاجِيّ أَرَادَ أَنَّهُنَّ قد دعون إِلَى غير صَوَاب كَمَا دعين فهن من جنسهن وَقد زَاد الدَّوْرَقِي مُسْنده أَن أَبَا بكر هُوَ الَّذِي أَمر عَائِشَة أَن تُشِير على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن يَأْمر عمر بِالصَّلَاةِ

(1/142)


[413] عَن بن شهَاب عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ سَائِر رُوَاة الْمُوَطَّأ مُرْسلا وَعبيد الله لم يدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا روح بن عبَادَة فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن مَالك مُتَّصِلا مُسْندًا ثمَّ أخرجه من طَرِيقه فَقَالَ عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ وَرَوَاهُ اللَّيْث بن سعد وَابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن الزُّهْرِيّ مثل رِوَايَة روح عَن مَالك سَوَاء وَرَوَاهُ صَالح بن كيسَان وَأَبُو أويس عَن بن شهَاب عَن عَطاء بن يزِيد عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار أَن نَفرا من الْأَنْصَار حدثوه وَرَوَاهُ معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء عَن عبيد الله بن عدي عَن عبد الله بن عدي الْأنْصَارِيّ وسَاق الحَدِيث فَسمى الرجل الْمُبْهم ثمَّ أسْند هَذِه الطّرق كلهَا إِذْ جَاءَهُ رجل فساره قَالَ الْبَاجِيّ وَابْن عبد الْبر هُوَ عتْبَان بن مَالك فِي قتل رجل قَالَ هُوَ مَالك بن الدخشم أُولَئِكَ الَّذين نهاني الله عَنْهُم قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي نَهَاهُ عَن قَتلهمْ لِمَعْنى الْإِيمَان وَإِن جَازَ أَن يلْزمهُم الْقَتْل بعد ذَلِك بِمَا يلْزم سَائِر الْمُسلمين من الْقصاص وَالْحُدُود

[414] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ لَا تجْعَل قَبْرِي وثنا يعبد قَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَهُوَ حَدِيث غَرِيب لَا يكا د يُوجد قَالَ وَزعم الْبَزَّار أَن مَالِكًا لم يُتَابِعه أحد على هَذَا الحَدِيث إِلَّا عمر بن مُحَمَّد عَن زيد بن أسلم وَلَيْسَ بِمَحْفُوظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَجه من الْوُجُوه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه لَا إِسْنَاد لَهُ غَيره إِلَّا أَن عمر بن مُحَمَّد أسْندهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعمر بن مُحَمَّد ثِقَة روى عَنهُ الثَّوْريّ وَجَمَاعَة قَالَ وَأما قَوْله اشْتَدَّ غضب الله على قوم اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد فَإِنَّهُ مَحْفُوظ من طرق كَثِيرَة صِحَاح هَذَا كَلَام الْبَزَّار قَالَ بن عبد الْبر مَالك عِنْد جمعهم حجَّة فِيمَا نقل وَقد أسْند حَدِيثه هَذَا عمر بن مُحَمَّد وَهُوَ من ثِقَات أَشْرَاف أهل الْمَدِينَة روى عَنهُ مَالك بن أنس وَالثَّوْري وسليم بن بِلَال وَهُوَ عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب فَهَذَا الحَدِيث صَحِيح عِنْد من قَالَ بمراسيل الثِّقَات وَعند من قَالَ بالمسند لاسناد عمر بن مُحَمَّد لَهُ وَهُوَ مِمَّن تقبل زِيَادَته ثمَّ أسْندهُ من كتاب الْبَزَّار من طَرِيق عمر بن مُحَمَّد عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا بِلَفْظ الْمُوَطَّأ سَوَاء وَمن كتاب الْعقيلِيّ من طَرِيق سُفْيَان عَن حَمْزَة بن الْمُغيرَة عَن سهل بن صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ لَا تجْعَل قَبْرِي وثنا لعن الله قوما اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد قَالَ بن عبد الْبر قيل مَعْنَاهُ النَّهْي عَن السُّجُود على قُبُور الْأَنْبِيَاء وَقيل النَّهْي عَن اتخاذها قبْلَة يصلى إِلَيْهَا

[415] عَن بن شهَاب عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ بن عبد الْبر كَذَا قَالَ يحيى وَهُوَ غلط بَين إِنَّمَا هُوَ عَن مَحْمُود بن الرّبيع لَا يحفظ إِلَّا لَهُ وَلم يروه أحد من أَصْحَاب مَالك وَلَا من أَصْحَاب بن شهَاب إِلَّا عَن مَحْمُود بن الرّبيع عتْبَان بِكَسْر الْعين

(1/143)


[416] عَن عباد بن تَمِيم عَن عَمه هُوَ عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْمَازِني أَنه رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسْتَلْقِيا فِي الْمَسْجِد وَاضِعا إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى قَالَ الْخطابِيّ فِيهِ أَن النَّهْي الْوَارِد عَن ذَلِك مَنْسُوخ أَو مَخْصُوص بِمَا إِذا خيف أَن تبدو الْعَوْرَة زَاد الْبَاجِيّ وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا من خَصَائِصه إِلَّا أَن فعل عمر وَعُثْمَان يدل على أَنه عَام

[417] قَلِيل قراؤه أَي الخلون من معرفَة مَعَانِيه وَالْفِقْه فِيهِ وتضيع حُرُوفه أَي المحافظين على حُدُوده أَكثر من المحافظين على التَّوَسُّع فِي معرفَة أَنْوَاع الْقرَاءَات قَلِيل من يسْأَل أَي لِكَثْرَة المتفقهين كَثِيرَة من يُعْطي أَي المتصدقون يطيلون فِيهِ الصَّلَاة ويقصرون الْخطْبَة أَي يعْملُونَ بِالسنةِ يبدون أَعْمَالهم قبل أهوائهم قَالَ الْبَاجِيّ أَي إِذا عرض لَهُم عمل بر وَهوى بدؤا بِعَمَل الْبر وقدموه على مَا يهوون

[418] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ بَلغنِي أَن أول مَا ينظر فِيهِ من عمل العَبْد اصلاة فَإِن قبلت مِنْهُ نظر فِيمَا بَقِي من عمله وَإِن لم تقبل مِنْهُ لم ينظر فِي شَيْء من عمله وَردت أَحَادِيث مَرْفُوعَة بِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنى وأقربها غلى لَفظه مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة الصَّلَاة فَإِن صلحت صلح لَهُ سَائِر عمله وَإِن فَسدتْ فسد سَائِر عمله وَأخرج عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا يسْأَل عَنهُ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة ينظر فِي صلَاته فَإِن صلحت فقد أَفْلح وَإِن فَسدتْ فقد خَابَ وخسر

(1/144)


[420] مَالك أَنه بلغه عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا تحفظ قصَّة الْأَخَوَيْنِ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص إِلَّا فِي مُرْسل مَالك هَذَا قَالَ وَقد أنكرهُ الْبَزَّار وَقطع بِأَنَّهُ لَا يُوجد من حَدِيث سعد أَلْبَتَّة وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يُنكره لِأَن مَرَاسِيل مَالك أُصُولهَا صِحَاح كلهَا وَجَائِز أَن يرْوى هَذَا الحَدِيث سعد وَغَيره وَقد رَوَاهُ بن وهب عَن مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه مثل حَدِيث مَالك سَوَاء وأظن مَالِكًا أَخذه من كتب بكير بن الْأَشَج أَو أخبرهُ بِهِ عَنهُ مخرمَة ابْنه فَإِن بن وهب انْفَرد بِهِ لم يروه أحد غَيره فِيمَا قَالَ جمَاعَة من أهل الحَدِيث وَتحفظ قصَّة الْأَخَوَيْنِ من حَدِيث طَلْحَة بن عبيد الله وَأبي هُرَيْرَة وَعبيد بن خَالِد انْتهى غمر هُوَ الْكثير المَاء يبْقى قَالَ بن عبد الْبر بِالْبَاء لَا بالنُّون من درنه أَي وسخه

[423] دوى صَوته بِفَتْح الذَّال وَكسر الْوَاو وَتَشْديد الْيَاء وَهُوَ صَوت مُرْتَفع متكرر لَا يفهم فَإِذا هُوَ يسْأَل عَن الْإِسْلَام زَاد البُخَارِيّ فِي رِوَايَة فَأخْبرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشرائع الْإِسْلَام فَقَالَ أَخْبرنِي مذا فرض الله عَليّ من الصَّلَاة فَقَالَ الصَّلَوَات الْخمس قَالَ هَل عَليّ غَيْرهنَّ قَالَ لَا إِلَّا أَن تطوع بتَشْديد الطَّاء وَالْوَاو وَأَصله تتطوع بتاءين فأدغمت إِحْدَاهمَا وَاخْتلف فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاء هَل هُوَ مُتَّصِل أم مُنْقَطع فعلى الأول يجب إتْمَام التَّطَوُّع بِالشُّرُوعِ فِيهِ وعَلى الثَّانِي لَا أَفْلح الرجل إِن صدق قيل فلاحه إِذا لم ينقص وَاضح وَأما إِذا لم يزدْ فَمَا وَجهه وَأجَاب النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ أثبت لَهُ الْفَلاح لِأَنَّهُ أُتِي بِمَا عَلَيْهِ وَقيس فِيهِ أَنه إِذا أَتَى بزائد على ذَلِك لَا يكون مفلحا لِأَنَّهُ إِذا أَفْلح بالوجب فَقَط فبالمندوب مَعَه أولى

(1/145)


[424] يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم قَالَ الْبَاجِيّ القافية مُؤخر الرَّأْس وَقَالَ صَاحب الْعَيْنِيّ هِيَ الْقَفَا وَقيل هِيَ وسط الرَّأْس وَبَدَأَ بِهِ بن رَشِيق إِذا هُوَ نَام قَالَ الْحَافِظ بن حجر يحْتَمل أَن يكون على عُمُومه وَإِن يخص بِمن نَام قبل صَلَاة الْعشَاء وَإِن يخص مِنْهُ من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ عِنْد نَومه فقد ثَبت أَنه يحفظ من الشَّيْطَان ثَلَاث عقد الْأَرْجَح أَنه على حَقِيقَته وَأَنه كَمَا يعْقد السَّاحر من يسحره فَيَأْخُذ خيطا يعْقد مِنْهُ عقدَة وَيتَكَلَّم فِيهِ بِالسحرِ فيتأثر المسحور عِنْد ذَلِك وَلابْن ماجة جعل فِيهِ ثَلَاث عقد يضْرب أَي بِيَدِهِ على الْعقْدَة تَأْكِيدًا وإحكاما لَهَا قَائِلا عَلَيْك ليل طَوِيل

[425] سمع غير وَاحِد من عُلَمَائهمْ إِلَى آخِره قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا وَإِن لم يسْندهُ مَالك إِلَّا أَنه يجْرِي عِنْده مجْرى الْمُتَوَاتر وَهُوَ أقوى من الْمسند

(1/146)


[429] عَن أبي عبيد مولى بن أَزْهَر اسْم أبي عبيد سعد بن عبيد وَابْن أَزْهَر عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر بن عَوْف بن أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف شهِدت الْعِيد مَعَ عمر بن الْخطاب فصلى زَاد عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ قبل أَن يخْطب بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة ثمَّ انْصَرف فَخَطب زَاد عبد الرَّزَّاق فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن تَأْكُلُوا نسككم بعد ثَلَاث فَلَا تأكلوه بعْدهَا قَالَ بن عبد الْبر أَظن مَالِكًا إِنَّمَا حذف هَذَا لِأَنَّهُ مَنْسُوخ

(1/147)


[433] عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَن عمر بن الْخطاب سَأَلَ أَبَا وَاقد إِلَى آخِره قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم هَذِه الرِّوَايَة مُرْسلَة لِأَن عبيد الله لم يدْرك عمر وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن عبيد الله عَن أبي وَاقد قَالَ سَأَلَني عمر وَهَذِه مُتَّصِلَة فَإِنَّهُ أدْرك أَبَا وَاقد بِلَا شكّ وسَمعه بِلَا خلاف قَالُوا وَأما سُؤال عمر أَبَا وَاقد فَيحْتَمل أَنه شكّ فِي ذَلِك فاستثبته أَو أَرَادَ إِعْلَام النَّاس بذلك أَو نَحْو هَذَا من الْمَقَاصِد قَالُوا وَيبعد أَن عمر لم يعلم ذَلِك مَعَ شُهُوده صَلَاة الْعِيد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَّات وقربه مِنْهُ

[440] ذَات الرّقاع هِيَ غَزْوَة مَعْرُوفَة قَالَ الْبَاجِيّ كَانَت سنة خمس من الْهِجْرَة وَبهَا نزلت صَلَاة الْخَوْف فِيمَا ذكره بن الْمَاجشون وَسميت بذلك لأَنهم مَشوا على أَقْدَامهم فنقبت فشدوها بالخرق والرقاع وَقيل لأَنهم رقعوا راياتهم فِيهَا وَقيل كَانَت أَرضًا ذَات ألوان وَقيل ذَات الرّقاع شَجَرَة نزلُوا تحتهَا وَقيل الرّقاع جبل هُنَاكَ فِيهِ بَيَاض وَحُمرَة وَسَوَاد وجاه بِكَسْر الْوَاو وَضمّهَا أَي مُقَابل

(1/148)


[441] أَن سهل بن أبي حثْمَة الْأنْصَارِيّ حَدثهُ قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مَوْقُوف على سهل فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة الروَاة عَن مَالك وَمثله لَا يُقَال من جِهَة الرَّأْي وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا مُسْندًا بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن صَالح بن حوات عَن سهل بن أبي حثْمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه وَعبد الرَّحْمَن أسن من يحيى بن سعيد وَأجل رَوَاهُ شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن كَذَلِك

[442] قَالَ نَافِع لَا أرى عبد الله بن عمر حَدثهُ إِلَّا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا روى مَالك هَذَا الحَدِيث عَن نَافِع على الشَّك فِي رَفعه وَرَوَاهُ عَن نَافِع جمَاعَة وَلم يشكوا فِي رَفعه مِنْهُم بن أبي ذِئْب ومُوسَى بن عقبَة وَأَيوب بن مُوسَى وَكَذَا رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن بن عمر مَرْفُوعا وَرَوَاهُ خَالِد بن معدان عَن بن عمر مَرْفُوعا

(1/149)


[443] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ مَا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر يَوْم الخَنْدَق حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس قَالَ بن عبد الْبر هَذَا السَّنَد من حَدِيث بن مَسْعُود وَأبي سعيد وَجَابِر وَذكر الْبَاجِيّ أَن ذَلِك لشغل بِالْقِتَالِ وَأَنه نسخ بِصَلَاة الْخَوْف وَكَانَت غَزْوَة الخَنْدَق فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس

[444] إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء الْحِكْمَة فِي هَذَا الْكَلَام أَن بعض الْجَاهِلِيَّة الضلال كَانُوا يعظمون الشَّمْس وَالْقَمَر فَبين أَنَّهُمَا آيتان مخلوقتان لله تَعَالَى لَا صنع لَهما بل هما كَسَائِر الْمَخْلُوقَات يطْرَأ عَلَيْهِمَا النَّقْص والتغيير كغيرهما لَا يخسفان بِفَتْح أَوله لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ قَالَ النَّوَوِيّ كَانَ بعض الضلال من المنجمين وَغَيرهم يَقُول لَا يخسفان إِلَّا لمَوْت عَظِيم أَو نَحْو ذَلِك فَبين أَن هَذَا بَاطِل لِئَلَّا يغتر بأقوالهم لَا سِيمَا وَقد صَادف موت إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أحد أغير من الله قَالَ النَّوَوِيّ قَالُوا مَعْنَاهُ لَيْسَ أحد أمنع من الْمعاصِي من الله تَعَالَى وَلَا أَشد كَرَاهَة لَهَا مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَا أمة مُحَمَّد قَالَ الْبَاجِيّ ناداهم بذلك على معنى إِظْهَار الاشفاق عَلَيْهِم والرأفة بهم كَمَا يَقُول الرجل لِابْنِهِ يَا بني لَو تعلمُونَ مَا أعلم أَيمن عَظِيم قدرَة الله وَشدَّة انتقامه

(1/150)


[445] تكعكعت أَي تَأَخَّرت إِنِّي رَأَيْت الْجنَّة هِيَ رُؤْيَة عين على حَقِيقَتهَا قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين بن عَطاء الله الْأَنْبِيَاء يطالعون بحقائق الْأَشْيَاء والأولياء يطالعون بمثالها قَالَ ويكفرن العشير هُوَ الزَّوْج قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى ويكفرن بِالْوَاو وَلم يرو ذَلِك من رُوَاة الْمُوَطَّأ غَيره وَالْمَحْفُوظ عَن مَالك من رِوَايَة سَائِر الروَاة بِغَيْر وَاو قَالَ الْحَافِظ بن حجر اتَّفقُوا على أَن الْوَاو غلط من يحيى

(1/151)


[447] عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر هِيَ زَوْجَة هِشَام وَبنت عَمه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر هِيَ جدة هِشَام وَفَاطِمَة جَمِيعًا آيَة بِالرَّفْع أَي هَذِه آيَة فَقُمْت حَتَّى تجلاني بمثناة وجيم وَلَام مُشَدّدَة أَي غطاني الغشي هُوَ بِفَتْح الْغَيْن وَسُكُون الشين وَتَخْفِيف الْيَاء وَرُوِيَ بِكَسْر الشين وَتَشْديد الْيَاء وهما بِمَعْنى قَالَ بن بطال الغشي مرض يعرض من طول التَّعَب وَالْوُقُوف وَهُوَ ضرب من الاغماء إِلَّا أَنه دونه رَأَيْته بِضَم الْهمزَة حَتَّى الْجنَّة وَالنَّار ضبط بالحركات الثَّلَاث فيهمَا وَلَقَد أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور قَالَ الْبَاجِيّ بَيَان أَنه أعلم بذلك فِي ذَلِك الْوَقْت قَالَ والفتنة الاختبار وَلَيْسَ الاختبار فِي الْقَبْر بِمَنْزِلَة التَّكْلِيف وَالْعِبَادَة وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ إِظْهَار الْعَمَل وإعلام الْمَآل وَالْعَاقبَة كاختبار الْحساب انْتهى والْحَدِيث مُطلق وَبَين فِي رِوَايَة أُخْرَى أَن الْمُؤمن يفتن سبعا وَالْمُنَافِق أَرْبَعِينَ صباحا مثل أَو قَرِيبا من فتْنَة الدَّجَّال كَذَا ورد بترك التَّنْوِين فِي الأول وإثباته فِي الثَّانِي قَالَ بن مَالك وتوجيهه أَن أَصله مثل فتْنَة الدَّجَّال أَو قَرِيبا من فتْنَة الدَّجَّال فَحذف مَا أضيف إِلَيْهِ مثل وَترك على هَيئته قبل الحذفة لَهُ لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ قَالَ الْكرْمَانِي وَجه الشّبَه بَين الفتنتين الشدَّة والهول والهموم لَا أَدْرِي أَيَّتهمَا قَالَت أَسمَاء جملَة مُعْتَرضَة بَين بهَا الرَّاوِي أَن الشَّك مِنْهُ هَل قَالَت أَسمَاء مثل أَو قَالَت قَرِيبا قَالَ بن عبد الْبر وَفِيه أَنهم كَانُوا يراعون الْأَلْفَاظ فِي الحَدِيث الْمسند مَا علمك بِهَذَا الرجل قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل يحْتَمل أَنه مثل للْمَيت فِي قَبره وَالْأَظْهَر أَنه سمي لَهُ نم صَالحا قَالَ القَاضِي أَي لَا روع عَلَيْك مِمَّا تروع بِهِ الْكَفَرَة من الْعرض على النَّار أَو غَيرهم من عَذَاب الْقَبْر إِن كنت لمؤمنا بِالْكَسْرِ وَهِي المخففة من الثَّقِيلَة وَاللَّام هِيَ الفارقة

(1/152)


[448] خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمصلى فَاسْتَسْقَى زَاد بن عُيَيْنَة عَن عبد الله بن أبي بكر وَصلى رَكْعَتَيْنِ وحول رِدَاءَهُ ذكر الْوَاقِدِيّ أَن طول رِدَائه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ سِتَّة أَذْرع فِي ثَلَاثَة أَذْرع عَن يحيى بن سعيد عَن عَمْرو بن شُعَيْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا استسقى الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ مَالك وَجَمَاعَة عَن يحيى مُرْسلا وَرَوَاهُ آخَرُونَ عَن يحيى عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده مُسْندًا مِنْهُم سُفْيَان النَّوَوِيّ قلت أخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيقه

[450] وتقطعت السبل قيل المُرَاد أَن الْإِبِل ضعفت لقلَّة الْقُوت عَن السّفر أَو لكَونهَا لَا تَجِد فِي طريقها من الْكلأ مَا يُقيم أودها وَقيل المُرَاد نفاد مَا عِنْد النَّاس من الطَّعَام أَو قلته فَلَا يَجدونَ مَا يحملونه إِلَى الْأَسْوَاق والأكام بِكَسْر الْهمزَة وَقد تفتح وتمد جمع أكمة بِفَتَحَات وَهِي دون الْجَبَل وَأَعْلَى من الرابية وبطون الأودية المارد بهَا مَا يتَحَصَّل فِيهِ المَاء لينْتَفع بِهِ قَالُوا وَلم يمسع أفعلة جمع فَاعل إِلَّا أَوديَة جمع وَاد فانجابت عَن الْمَدِينَة انجياب الثَّوْب قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ بن قَاسم قَالَ مَالك مَعْنَاهُ تدورت عَن الْمَدِينَة كَمَا يَدُور جيب الْقَمِيص وَقَالَ بن وهب يَعْنِي تقطعت عَن الْمَدِينَة كانقطاع الثَّوْب الْخلق

[451] بِالْحُدَيْبِية بتَخْفِيف الْيَاء على إِثْر سَمَاء أَي مطر

(1/153)


[452] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا أنشأت الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث لَا أعرفهُ بِوَجْه من الْوُجُوه فِي غير الْمُوَطَّأ إِلَّا مَا ذكره الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي يحيى عَن إِسْحَاق بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أنشأت بحريّة ثمَّ استحالت شامية فَهُوَ أمطر لَهَا إِذا أنشأت بحريّة أَي ظَهرت سَحَابَة من نَاحيَة الْبَحْر ثمَّ تشاءمت أَي أخذت نَحْو الشَّام فَتلك عين غديقة بِالتَّنْوِينِ فيهمَا أَي مَاء كثير يَقُول فَتلك سَحَابَة يكون مَاؤُهَا غدقا وغديقة تَصْغِير غدقة قَالَ الْبَاجِيّ الْعين مطر أَيَّام لَا يقْلع وَأهل بلدنا يروون غديقة على التصغير وَقد حَدثنَا بِهِ أَبُو عبد الله الصُّورِي الْحَافِظ وَضَبطه لي بِخَط يَده بِفَتْح الْغَيْن وَهَكَذَا حَدثنِي بِهِ عبد الْغَنِيّ الْحَافِظ عَن حَمْزَة بن مُحَمَّد الْكِنَانِي الْحَافِظ وَقَالَ سَحْنُون معنى ذَلِك أَنَّهَا بِمَنْزِلَة مَا يفور من الْعين

[454] مولى لآل الشِّفَاء فِي رِوَايَة مولى الشِّفَاء وَهِي بنت عبد الله بن عبد شمس بن خَالِد صحابية وَهِي أم سليم بن أبي حثْمَة الكرابيس هِيَ المراحيض وَاحِدهَا كرباس وَقيل تخْتَص بمراحيض الغرف وَأما مراحيض الْبيُوت فانما يُقَال لَهَا الكنف

[455] عَن نَافِع عَن رجل من الْأَنْصَار أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى وَأما سَائِر الروَاة فانهم يَقُولُونَ عَن رجل من الْأَنْصَار عَن أَبِيه وَهُوَ الصَّوَاب

(1/154)


[456] عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن عَمه وَاسع الثَّلَاثَة تابعيون لَكِن قيل إِن لواسع رُؤْيَة فَذكر لذَلِك فِي الصَّحَابَة وحبان بِفَتْح الْمُهْملَة وبالموحدة لقد ارتقيت على ظهر بَيت لنا فِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَمُسلم على ظهر بَيت أُخْتِي حَفْصَة زَاد الْبَيْهَقِيّ فِي رِوَايَته فحانت مني التفاتة على لبنتين بِفَتْح اللَّام وَكسر الْمُوَحدَة وَفتح النُّون تَثْنِيَة لبنة وَهِي مَا يصنع من الطين أَو غَيره للْبِنَاء قبل أَن يحرق ثمَّ قَالَ لَعَلَّك الْخطاب لواسع

[457] فَإِن الله قبل وَجهه إِذا صلى قَالَ بن عبد الْبر هُوَ كَلَام على التَّعْظِيم لشأن الْقبْلَة وإكرامها

[458] بصاقا أَو مخاطا أَو نخامة الأول من الْفَم وَالثَّانِي من الْأنف وَالثَّالِث من الْحلق

[459] عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة الروَاة إِلَّا عبد الْعَزِيز بن يحيى فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر وَالصَّحِيح مَا فِي الْمُوَطَّأ إِذْ جَاءَهُم آتٍ هُوَ عباد بن بشر وَقيل عباد بن نهيك

(1/155)


[460] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ صلى الحَدِيث قَالَ بن الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ مُرْسلا وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن خَالِد بن عتبَة عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا

[462] صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا هُوَ خَاص بِمَا كَانَ مَسْجِدا فِي زَمَنه دون مَا زيد بعده بِخِلَاف مَسْجِد الْحَرَام فَإِنَّهُ يَشْمَل كل الْحرم قَالَه النَّوَوِيّ خير من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنَّهَا أَكثر ثَوابًا إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام بِالنّصب على الِاسْتِثْنَاء وروى بِالْجَرِّ على أَن الصّفة بِمَعْنى غير وَاخْتلف فِي مَعْنَاهُ فَقيل المُرَاد أَن الصَّلَاة فِيهِ أفضل من مَسْجده وَقيل الْمَعْنى فَإِن الصَّلَاة فِي مَسْجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تفضله بِأَقَلّ من ألف وَقَالَ الْبَاجِيّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الِاسْتِثْنَاء أَن الْمَسْجِد الْحَرَام حكمه خَارج عَن أَحْكَام سَائِر المواطن فِي الْفَضِيلَة الْمَذْكُورَة وَلَا نعلم حكمه من هَذَا الْخَبَر فَيصح أَن تكون الصَّلَاة فِيهِ أفضل من مَسْجده أَو دونه أَو مُسَاوِيَة

[463] عَن أبي هُرَيْرَة أَو عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ رُوَاة الْمُوَطَّأ على الشَّك إِلَّا معن بن عِيسَى وروح بن عبَادَة فَإِنَّهُمَا قَالَا فِيهِ عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد جَمِيعًا على الْجمع لَا على الشَّك وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك فَقَالَ عَن أبي هُرَيْرَة وَحده وَلم يذكر أَبَا سعيد وَكَذَا رَوَاهُ حَفْص بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة وَحده مَا بَين بَيْتِي ومنبري قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الطَّبَرِيّ فِي المُرَاد ببيتي هُنَا قَولَانِ أَحدهمَا الْقَبْر لِأَنَّهُ رُوِيَ مَا بَين قَبْرِي وَالثَّانِي بَيت سكناهُ على ظَاهره وهما متقاربان لِأَن قَبره فِي بَيته قَالَ بن حجر وعَلى الأول المُرَاد بِالْبَيْتِ فِي قَوْله بَيْتِي أحد بيوته لَا كلهَا وَهُوَ بَيت عَائِشَة الَّذِي صَار فِيهِ قَبره وَقد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِلَفْظ مَا بَين الْمِنْبَر وَبَيت عَائِشَة وَرِوَايَة مَا بَين قَبْرِي ومنبري أخرجهَا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عمر وَالْبَزَّار من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص قَالَ وَنقل بن زبالة أَن ذرع مَا بَين الْمِنْبَر وَالْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْقَبْر الْآن ثَلَاث وَخَمْسُونَ ذِرَاعا وَقيل أَربع وَخَمْسُونَ وَسدس وَقيل خَمْسُونَ إِلَّا ثُلثي ذِرَاع قَالَ وَهُوَ الْآن كَذَلِك فَكَأَنَّهُ نقص لما أَدخل من الْحُجْرَة فِي الْجِدَار رَوْضَة من رياض الْجنَّة قَالَ النَّوَوِيّ ذكرُوا فِي مَعْنَاهُ قَوْلَيْنِ أَحدهمَا أَن ذَلِك الْموضع بِعَيْنِه ينْقل إِلَى الْجنَّة وَالثَّانِي أَن الْعِبَادَة فِيهِ تُؤدِّي إِلَى الْجنَّة قلت روى الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص مَرْفُوعا مَا بَين مَسْجِدي إِلَى الْمصلى رَوْضَة من رياض الْجنَّة ومنبري على حَوْضِي قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ أَكثر الْعلمَاء المُرَاد منبره بِعَيْنِه الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا ينْتَقل يَوْم الْقِيَامَة فينصب على الحوص قَالَ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر وَأنكر كثير مِنْهُم غَيره وَقيل مَعْنَاهُ أَن قصد منبره والحضور عِنْده لملازمة الْأَعْمَال الصَّالِحَة يُورد صَاحبه الْحَوْض وَيَقْتَضِي شربه مِنْهُ

(1/156)


[465] مَالك أَنه بلغه عَن عبد الله بن عمر أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تمنعوا إِمَاء الله مَسَاجِد الله وَصله البُخَارِيّ من طَرِيق أبي شامة عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن بن عمر

[466] مَالك أَنه بلغه عَن بسر بن سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا شهِدت إحداكن صَلَاة الْعشَاء فَلَا تمسن طيا وَصله مُسلم من طَرِيق بن وهب عَن مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن بسر بن سعيد عَن زَيْنَب الثقفية امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود بِهِ وَوَصله هُوَ وَالنَّسَائِيّ من طرق عَن بكير بِهِ وَوَصله النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق زِيَاد بن سعد عَن الزُّهْرِيّ عَن بسر بن سعيد عَن زَيْنَب بِهِ وَرَوَاهُ أَبُو عَلْقَمَة الْفَروِي عَن يزِيد بن خصيفَة عَن بسر بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ أسْندهُ بن عبد الْبر من طَرِيقه وَقَالَ إِنَّه خطأ وَقَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف رَوَاهُ يَعْقُوب الدَّوْرَقِي عَن بن علية عَن عبد الرَّحْمَن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن هِشَام عَن بكير بن الْأَشَج عَن بسر بن سعيد عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ

[468] لَو أدْرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أحدث النِّسَاء قَالَ الْبَاجِيّ تَعْنِي الطّيب والتجمل وَقلة التستر وتسرع كثير مِنْهُنَّ إِلَى المناكر لمنعهن الْمَسَاجِد كَمَا مَنعه نسَاء بني إِسْرَائِيل قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون فِي شَرِيعَة بني إِسْرَائِيل منع النِّسَاء من الْمَسَاجِد وَيحْتَمل أَنَّهُنَّ منعن بعد الْإِبَاحَة لمثل هَذَا قلت أخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كن نسَاء بني إِسْرَائِيل يتخذن أرجلا من خشب يتشوفن للرِّجَال فِي الْمَسَاجِد فَحرم الله عَلَيْهِنَّ الْمَسَاجِد وسلطت عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَة

(1/157)


[469] عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أَن فِي الْكتاب الَّذِي كتبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم أَن لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا أصل فِي كِتَابَة الْعلم وتحصينه فِي الْكتب وَقَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَقد رُوِيَ مُسْندًا من وَجه صَالح وَهُوَ كتاب مَشْهُور عِنْد أهل السّير مَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم معرفَة يسْتَغْنى بهَا فِي شهرتها عَن الْإِسْنَاد لِأَنَّهُ أشبه التَّوَاتُر فِي مَجِيئه لتلقي النَّاس لَهُ بِالْقبُولِ قلت أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق بن إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ هَذَا كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عندنَا الَّذِي كتبه لعَمْرو بن حزم حِين بَعثه إِلَى الْيمن يفقه أَهلهَا وَيُعلمهُم السّنة وَيَأْخُذ صَدَقَاتهمْ فَكتب لَهُ كتابا وعهدا وَأمره فيهم أمره فَكتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ عهدا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم حِين بَعثه إِلَى الْيمن أمره بتقوى الله فِي أمره كُله فان اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وَأمره أَن يَأْخُذ الْحق كَمَا أمره أَن يبشر النَّاس بِالْخَيرِ وَيَأْمُرهُمْ بِهِ وَيعلم النَّاس الْقُرْآن ويفقههم فِيهِ وَينْهى النَّاس فَلَا يمس أحد الْقُرْآن إِلَّا وَهُوَ طَاهِر يخبر النَّاس بِالَّذِي لَهُم وَالَّذِي عَلَيْهِم ويلين لَهُم فِي الْحق ويشتد عَلَيْهِم فِي الظُّلم فَإِن اله كره الظُّلم وَنهى عَنهُ وَقَالَ إِلَّا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ويبشر النَّاس بِالْجنَّةِ وبعملها وينذر النَّاس النَّار وعملها ويستألف النَّاس حَيّ يفقهوا فِي الدّين وَيعلم النَّاس معالم الْحَج وسننه وفرائضه وَينْهى النَّاس أَن يُصَلِّي الرجل فِي ثوب وَاحِد صغر إِلَّا أَن يكون وَاسِعًا فيخالف بَين طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ وَينْهى أَن يحتبي الرجل فِي ثوب وَاحِد ويفضي إِلَى السَّمَاء بفرجه وَلَا يعقص شعر رَأسه إِذا عَفا فِي قَفاهُ وَينْهى النَّاس إِن كَانَ بَينهم هيج أَن يدعوا إِلَى الْقَبَائِل والعشائر وَليكن دعاؤهم إِلَى الله وَحده لَا شريك لَهُ فَمن لم يدع إِلَى الله ودعا إِلَى العشائر والقبائل فليعطفوا فِيهِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يكون دعاؤهم إِلَى الله وَحده لَا شريك لَهُ وَيَأْمُر النَّاس باسباغ الْوضُوء وُجُوههم وأيديهم إِلَى الْمرَافِق وأرجلهم إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن يمسحوا رؤوسهم كَمَا أَمرهم الله وَأمره بِالصَّلَاةِ لوَقْتهَا وإتمام الرُّكُوع والخشوع وَإِن يغلس بالصبح ويهجر بالهاجرة حَتَّى تميل الشَّمْس وَصَلَاة الْعَصْر وَالشَّمْس فِي الأَرْض مُدبرَة وَالْمغْرب حِين يقبل اللَّيْل لَا تُؤخر حَتَّى تبدو النُّجُوم فِي السَّمَاء وَالْعشَاء أول اللَّيْل وَأمرهمْ السَّعْي إِلَى الْجُمُعَة إِذا نُودي بهَا وَالْغسْل عِنْد الرواج إِلَيْهَا وَأمره أَن يَأْخُذ من الْغَنَائِم خمس الله وَمَا كتب على الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدَقَة من الْعقار فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سقت الْقرب نصف الْعشْر وَفِي كل عشر من الْإِبِل شَاتَان وَفِي كل عشْرين أَربع وَفِي كل ثَلَاثِينَ من الْبَقر تبيع أَو تبيعة جذع أَو جَذَعَة وَفِي كل أَرْبَعِينَ من الْغنم سَائِمَة شَاة فانها فَرِيضَة الله الَّتِي افْترض على الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدَقَة فَمن زَاد فَهُوَ خير لَهُ وَأَنه من أسلم من يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ إسلاما خَالِصا من نَفسه فدان دين الْإِسْلَام فَإِنَّهُ من الْمُؤمنِينَ لَهُ مَالهم وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم وَمن كَانَ على نَصْرَانِيَّة أَو يَهُودِيَّة فَإِنَّهُ لَا يُغير عَنْهَا وعَلى كل حالم ذكر أَو أُنْثَى حر أَو عبد دِينَار واف أَو عرضه من الثِّيَاب فَمن أدّى ذَلِك فَإِن لَهُ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله وَمن منع ذَلِك فَإِنَّهُ عَدو الله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ جَمِيعًا صلوا الله على مُحَمَّد وَالسَّلَام عَلَيْهِ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد روى سلمَان بن دَاوُد عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده هَذَا الحَدِيث مَوْصُولا بِزِيَادَات كَثِيرَة فِي الزكوات والديات وَغير ذَلِك ونقصان عَن بعض مَا ذَكرْنَاهُ قلت وسأسوقه فِي كتاب الْعُقُول

[471] من فَاتَهُ حزبه من اللَّيْل فقرأه حِين تَزُول الشَّمْس إى صَلَاة الظّهْر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ وَهُوَ وهم من دَاوُد لِأَن الْمَحْفُوظ من حَدِيث بن شهَاب عَن السَّائِب بن يزِيد وَعبيد الله بن عبد الله عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارئ عَن عمر من نَام عَن حزبه فقرأه مَا بَين صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الظّهْر كتب لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ من اللَّيْل وَمن أَصْحَاب بن شهَاب من رَفعه عَنهُ بِسَنَدِهِ عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهَذَا أولى بِالصَّوَابِ من حَدِيث دَاوُد حِين جعله من زَوَال الشَّمْس إِلَى صَلَاة الظّهْر لِأَن ذَلِك وَقت ضيق قد لَا يسع الحزب وَلِأَن بن شهَاب أتقن حفظا وَأثبت نقلا قلت أخرجه مُسلم وَالْأَرْبَعَة من طَرِيق يُونُس عَن بن شهَاب بِهِ مَرْفُوعا

(1/159)


[473] ثمَّ لببته بردائه بتَشْديد الْبَاء الأولى أخذت بِمَجَامِع رِدَائه فِي عُنُقه وجررته بِهِ مَأْخُوذ من اللبة بِفَتْح اللَّام لِأَنَّهُ يقبض عَلَيْهَا إِن هَذَا الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف اخْتلف الْعلمَاء فِي المُرَاد بسبعة أحرف على نَحْو أَرْبَعِينَ قولا سقتها فِي كتابي الإتقان وأرجحها عِنْدِي قَول من قَالَ إِن هَذَا من الْمُتَشَابه الَّذِي لَا يدْرِي تَأْوِيله فَإِن الحَدِيث كالقرآن مِنْهُ الْمُحكم والمتشابه

[474] إِنَّمَا مثل صَاحب الْقُرْآن أَي الَّذِي يألفه

[475] أَن الْحَارِث بن هِشَام هُوَ أَخُو أبي جهل أسلم يَوْم الْفَتْح وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة وَاسْتشْهدَ فِي فتوح الشَّام سَأَلَ كَذَا هُنَا وَفِي أَكثر الْكتب على أَنه من مُسْند عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَعند أَحْمد عَن عَائِشَة عَن الْحَارِث بن هِشَام قَالَ سَأَلت فَجعله من مُسْند الْحَارِث أَحْيَانًا بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة وعامله يأتيني فِي مثل صلصلة الجرس الصلصلة بمهملتين مفتوحتين وَسُكُون اللَّام الأولى فِي الأَصْل صَوت وُقُوع الحَدِيث بعضه على بعض ثمَّ أطلق على كل صَوت لَهُ طنين وَقيل هُوَ صَوت متدارك لَا يفهم من أول وهلة والجرس الجلجل ثمَّ قيل الصلصلة الْمَذْكُورَة صَوت الْملك بِالْوَحْي وَقيل صَوت خَفق أجنحته وَهُوَ أشده عَليّ قيل إِنَّمَا كَانَ يَأْتِيهِ هَكَذَا إِذا نزلت آيَة وَعِيد أَو تهديد فَيفْصم بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْفَاء وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة أَي يقْلع وأصل الفصم الْقطع وَأَحْيَانا يتَمَثَّل أَي يتَصَوَّر لي الْملك أَي جِبْرِيل وَاللَّام للْعهد رجلا نصب على الْمصدر أَي مثل رجل أَو على التَّمْيِيز أَو الْحَال أَي هَيْئَة رجل وَقد تقدم تَحْقِيق ذَلِك فِي أول هَذَا الشَّرْح فيكلمني وَقع فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق القعْنبِي عَن مَالك فيعلمني بِالْعينِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ تَصْحِيف فَإِنَّهُ فِي الْمُوَطَّأ رِوَايَة القعْنبِي بِالْكَاف فأعي مَا يَقُول زَاد أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه وَهُوَ أهونه عَليّ وَإِن جَبينه ليتفصد بِالْفَاءِ وتشدد الْمُهْملَة مَأْخُوذ من الفصد وَهُوَ قطع الْعرق لاسالة الدَّم شبه جَبينه بالعرق الْمَقْصُود مُبَالغَة فِي كَثْرَة الْعرق وصحفه الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن طَاهِر بِالْقَافِ فَرده عَلَيْهِ المؤتمن السَّاجِي وَابْن نَاصِر فكابر وأصر على الْقَاف عرقا نصب على التَّمْيِيز زَاد الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل فِي آخر الحَدِيث وَإِن كَانَ ليوحى إِلَيْهِ وَهُوَ على نَاقَته فَتضْرب بِجِرَانِهَا من ثقل مَا يُوحى إِلَيْهِ

(1/160)


[476] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ أنزلت عبس وَتَوَلَّى وَصله التِّرْمِذِيّ من طَرِيق سعد بن يحيى الْأمَوِي عَن أَبِيه عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي عبد الله بن أم مَكْتُوم اسْم أَبِيه زَائِدَة وَقيل قيس وَقيل شُرَيْح بن قيس بن زَائِدَة وَاسم أم مَكْتُوم عَاتِكَة رجل من عُظَمَاء الْمُشْركين فِي مُسْند أبي على من حَدِيث أنس انه أبي بن خلف وَفِي تَفْسِير بن جرير من حَدِيث بن عَبَّاس انه كَانَ يُنَاجِي عتبَة بن ربيعَة وَأَبا جهل بن هِشَام وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَمن مُرْسل قَتَادَة وَهُوَ يُنَاجِي أُميَّة بن خلف فأنزلت عبس وَتَوَلَّى زَاد أَبُو يعلى عَن أنس فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك يُكرمهُ وَأخرج بن جرير عَن بن زيد قَالَ كَانَ يُقَال لَو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتم من الْوَحْي شَيْئا كتم هَذَا عَن نَفسه

[477] عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسير قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مُرْسل إِلَّا انه مَحْمُول على الِاتِّصَال لِأَن أسلم رَوَاهُ عَن عمر وَقد رَوَاهُ جمَاعَة بِهَذَا الْمَعْنى عَن مَالك عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر مَوْصُولا قلت أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طرق عَن مَالك كَمَا فِي الْمُوَطَّأ على صُورَة الْإِرْسَال قَالَ بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ هَذَا السِّيَاق صورته الْإِرْسَال لِأَن أسلم لم يدْرك زمَان هَذِه الْقِصَّة لكنه مَحْمُول على أَنه سَمعه من عمر بِدَلِيل قَوْله فِي أَثْنَائِهِ قَالَ عمر فحركت بَعِيري إِلَى آخِره وَقد جَاءَ من طَرِيق أُخْرَى سَمِعت عمر أخرجه الْبَزَّار من طَرِيق مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة عَن مَالك ثمَّ قَالَ لَا نعلم رَوَاهُ عَن مَالك هَكَذَا إِلَّا بن عَثْمَة وَابْن غَزوَان وَرِوَايَة بن غَزوَان أخرجهَا أَحْمد عَنهُ وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي الغرايب من طَرِيق مُحَمَّد بن حَرْب وَيزِيد بن أبي حَكِيم وَإِسْحَاق الحنيني كلهم على الِاتِّصَال ثكلتك أمك بِكَسْر الْكَاف من الشكل وَهُوَ فقدان الْمَرْأَة وَلَدهَا دَعَا على نَفسه ندما على إلحاحه خوف غَضَبه وحرمان فَائِدَته قَالَ بن عبد الْبر وقلما أغضب عَالم إِلَّا حرمت فَائِدَته نزرت بزاي ثمَّ رَاء مخففا أَي ألححت عَلَيْهِ ويروى مشددا أَي أقللت كَلَامه إِذْ سَأَلته مَا لَا يحب أَن يُجيب عَنهُ فَمَا نشبت بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة ثمَّ مُوَحدَة سَاكِنة أَي لم أتعلق بِشَيْء غير مَا ذكرت

(1/161)


[478] عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة الثَّلَاثَة تابعيون يخرج فِيكُم قوم قَالَ الْبَاجِيّ ذكر بعض الْعلمَاء أَنهم بِهَذَا اللَّفْظ سموا الْخَوَارِج قَالَ وَأجْمع النَّاس على أَن الطَّائِفَة المرادة بذلك هم الْخَوَارِج الَّذين قَاتلهم عَليّ رَضِي الله عَنهُ تحقرون بِفَتْح أَوله أَي تستقلون يقرؤون الْقُرْآن وَلَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ جمع حنجرة وَهِي آخر الْحلق مِمَّا يَلِي الْفَم وَقيل أصل الصَّدْر عِنْد طرف الْحُلْقُوم وَالْمعْنَى أَن قراءتهم لَا يرفعها الله وَلَا يقبلهَا وَقيل لَا يعْملُونَ بِالْقُرْآنِ فَلَا يثابون على قراءتهم فَلَا يحصل لَهُم إِلَّا سرده وَقَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد أَنه لَيْسَ لَهُم مِنْهُ حَظّ إِلَّا مروره على لسانهم لَا يصل إِلَى حُلُوقهمْ فضلا عَن أَن يصل إِلَى قُلُوبهم لِأَن الْمَطْلُوب تعقله وتدبره بِوُقُوعِهِ فِي الْقلب وَقَالَ بن رَشِيق الْمُغنِي لَا يَنْتَفِعُونَ بقرَاءَته كَمَا لَا ينْتَفع الْآكِل والشارب من الْمَأْكُول والمشروب إِلَّا بِمَا يُجَاوز حنجرته قَالَ وَكَانَ الْخَوَارِج بتكفيرهم النَّاس لَا يقبلُونَ خبر أحد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يعرفوا بذلك شَيْئا من سنَنه وَأَحْكَامه المبينة لمجمل الْقُرْآن عَن مراداته فِي خطابه يَمْرُقُونَ من الدّين قَالَ بن بطال المروق عِنْد أهل اللُّغَة الْخُرُوج وَقَالَ بن رَشِيق هُوَ الْخُرُوج السَّرِيع كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَهِي الطريدة من الصَّيْد فعيلة من الرَّمْي بِمَعْنى مفعولة دَخَلتهَا الْهَاء إِشَارَة إِلَى نقلهَا من الوصفية إِلَى الاسمية وَتنظر فِي الْقدح بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الدَّال وحاء مهملتين وَهُوَ خشب السهْم وتتمارى فِي الفوق بِضَم الْفَاء وَهُوَ مَوضِع الْوتر من السهْم أَي يتشكك هَل علق بِهِ شَيْء من الدَّم الْمَعْنى أَن هَؤُلَاءِ يخرجُون من الْإِسْلَام بَغْتَة كخروج السهْم إِذا رَمَاه رام قوي الساعد فَأصَاب مَا رَمَاه فنفذ مِنْهُ بِسُرْعَة بِحَيْثُ لَا يعلق بِالسَّهْمِ وَلَا بِشَيْء مِنْهُ من المرمى شَيْء فَإِذا التمس الرَّامِي سَهْمه لم يجده علق بِشَيْء من الدَّم وَلَا غَيره وَفِي رِوَايَة بن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ سيخرج قوم من الْإِسْلَام خُرُوج السهْم من الرَّمية عرضت للرِّجَال فرموها فأغرق سهم أحدهم مِنْهَا فَخرج فَأَتَاهُ فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ لم يتَعَلَّق بنصله من الدَّم شَيْء ثمَّ نظر إِلَى الْقدح الحَدِيث

[479] مَالك أَنه بلغه أَن عبد الله بن عمر مكث على سُورَة الْبَقَرَة ثَمَانِي سِنِين يتعلمها وَصله بن سعد فِي طبقاته عَن عبد الله بن جَعْفَر عَن أبي الْمليح عَن مَيْمُون أَن بن عمر تعلم سُورَة الْبَقَرَة فِي أَربع سِنِين قَالَ الْبَاجِيّ لَيْسَ ذَلِك لبطء حفظه معَاذ الله بل لِأَنَّهُ كَانَ يتَعَلَّم فرائضها وأحكامها وَمَا يتَعَلَّق بهَا وَأخرج الْخَطِيب فِي رِوَايَة مَالك عَن بن عمر قَالَ تعلم عمر الْبَقَرَة فِي اثْنَتَيْ عشرَة سنة فملا خَتمهَا نحر جزورا

(1/162)


[480] عَن عبد الله بن يزِيد مولى الْأسود بن سُفْيَان عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف فِيهِ عَن مَالك إِلَّا أَن رجلا من أهل الْإسْكَنْدَريَّة رَوَاهُ عَن بن بكير عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ وَعبد الله بن يزِيد جَمِيعًا عَن أبي سَلمَة وَذكر الزُّهْرِيّ فِيهِ خطأ عَن مَالك لَا يَصح

(1/163)


[485] عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي صعصعة عَن أَبِيه قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن مَالك فَقَالُوا عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه أخرجه النَّسَائِيّ والإسماعيلي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالُوا ان الصَّوَاب الأول أَنه سمع رجلا يقْرَأ هُوَ قَتَادَة بن النُّعْمَان أَخُو أبي سعد لأمه كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة فِي مُسْند أَحْمد يتقالها بتَشْديد اللَّام أَي يعْتَقد انها قَليلَة إِنَّهَا لتعدل ثلث الْقُرْآن ذهب جمَاعَة إِلَّا أَن هَذَا وَنَحْوه من الْمُتَشَابه الَّذِي لَا يدْرِي تَأْوِيله وَإِلَى ذَلِك نحا أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وإياه أخْتَار قَالَ بن عبد الْبر السُّكُوت فِي هَذِه المسئلة أفضل من الْكَلَام وَأسلم

[486] عَن عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن عبيد بن حنين مولى آل زيد بن الْخطاب الحَدِيث قَالَ التِّرْمِذِيّ فِيهِ حسن صَحِيح غ لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مَالك وَقَالَ بن عبد الْبر عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن هُوَ بن السَّائِب بن عُمَيْر مدنِي ثِقَة وَقَالَ فِيهِ القعْنبِي ومطرف عبد الله وَالصَّوَاب الأول وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَالزُّبَيْر بن بكار فِي عبيد بن حنين مولى الحكم بن أبي العَاصِي

[487] عَن بن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه أخبرهُ أَن قل هُوَ الله أحد تعدل ثلث الْقُرْآن وَإِن تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك تجَادل عَن صَاحبهَا قَالَ بن عبد الْبر حميد تَابِعِيّ أحد الثِّقَات الاثبات ومث لهَذَا لَا يُؤْخَذ بِالرَّأْيِ وَلَا بُد أَن يكون توقيفا وَقد تقدّمت الْجُمْلَة الأولى فِي حَدِيث أبي سعيد واما الثَّانِيَة فَأخْرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة فِي الْقُرْآن خَاصَمت عَن صَاحبهَا حَتَّى أدخلته الْجنَّة تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك وَأخرج أَحْمد وَالْأَرْبَعَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن سُورَة من كتاب الله مَا هِيَ إِلَّا ثَلَاثُونَ آيَة شفعت لرجل حَتَّى غفر لَهُ تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن بن عَبَّاس أَنه قَالَ لرجل اقْرَأ تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك فانها المنجية والمجادلة تجَادل يَوْم الْقِيَامَة عِنْد رَبهَا لِقَارِئِهَا وتطلب لَهُ أَن ينجيه من عَذَاب النَّار وينجو بهَا صَاحبهَا من عَذَاب الْقَبْر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوَدِدْت أَنَّهَا فِي قلب كل إنسا من أمتِي وَأخرج سعد بن مَنْصُور عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ كَانَ يُقَال إِن من الْقُرْآن سُورَة تجَادل عَن صَاحبهَا فِي الْقَبْر تكون ثَلَاثِينَ آيَة فنظروا فوجدوها تبَارك وَفِيه أَحَادِيث أخر سقتها فِي التَّفْسِير الْمَأْثُور وَعرف من مجموعها أَنَّهَا تجَادل عَنهُ فِي الْقَبْر وَفِي الْقِيَامَة مَعًا لتدفع عَنهُ الْعَذَاب وتدخله الْجنَّة

(1/164)


[488] كَانَت لَهُ عدل عشر رِقَاب قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ أَن ثَوَابهَا عتق عشر رِقَاب إِلَّا أحد عمل أَكثر من ذَلِك قَالَ الْبَاجِيّ إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِئَلَّا يظنّ السَّامع أَن الزِّيَادَة على ذَلِك مَمْنُوعَة كتكرار الْعَمَل فِي الْوضُوء

[489] حطت عَنهُ خطاياه قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَن يكون فِي ذَلِك كَفَّارَة لَهُ كَقَوْلِه تَعَالَى إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ

[490] عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ من سبح دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ الحَدِيث مَوْقُوف فِي الْمُوَطَّأ وَمثله لَا يدْرك بِالرَّأْيِ وو مَرْفُوع صَحِيح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وُجُوه كثير ثَابِتَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الله بن عَمْرو وَكَعب بن عجْرَة وَغَيرهم

(1/165)


[492] عَن زِيَاد بن أبي زِيَاد قَالَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء إِلَّا أخْبركُم بِخَير أَعمالكُم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر قد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مُسْندًا من طرق جَيِّدَة عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق عبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد عَن زِيَاد مولى بن عَبَّاس عَن أبي بحريّة عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا بِهِ وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من حَدِيث بن عمر مَرْفُوعا أَيْضا قَالَ الْبَاجِيّ قَوْله ذكر الله يحْتَمل ذكره بِاللِّسَانِ وَذكره بِالْقَلْبِ وَهُوَ ذكره عِنْد الْأَوَامِر بامتثالها وَعند الْمعاصِي باجتنابها قَالَ زِيَاد بن أبي زِيَاد قَالَ معَاذ بن جبل مَا عمل بن آدم من عمل أنجى لَهُ من عَذَاب الله من ذكر الله أخرجه بن عبد الْبر من طَرِيق طَاوس بن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا وَأخرجه بن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن غنم عَن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا قَالَ الْبَاجِيّ وَهُوَ يحْتَمل الذكرين الْمشَار إِلَيْهِمَا آنِفا

[493] قَالَ رجل وَرَاءه قَالَ بن بشكوال هُوَ رِفَاعَة بن رَافع رَاوِي الحَدِيث كَمَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَكَثِيرًا مَا يَقع فِي الْأَحَادِيث إِبْهَام اسْم وَهُوَ راويها وَذَلِكَ إِمَّا مِنْهُ لقصد إخفاء عمله أَو من بعض الروَاة تَصرفا مِنْهُ ونسيانا رَبنَا وَلَك الْحَمد حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ زَاد النَّسَائِيّ كَمَا يحب رَبنَا ويرضى من الْمُتَكَلّم آنِفا يَعْنِي قبل هَذَا وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا فِيمَا يقرب أَيهمْ يكتبهن بِرَفْع أَي الاستفهامية مُبْتَدأ وَمَا بعده خبر وَقَبله يَقُول مُقَدرا على حد قَوْله تَعَالَى يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ أول رُوِيَ بِالضَّمِّ على الْبناء لقطعه عَن الْإِضَافَة وَبِالنَّصبِ على الْحَال

[494] عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بن عبد الْبر كَذَا روى هَذَا الحَدِيث جمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك بهدا الْإِسْنَاد وَرَوَاهُ غير وَاحِد عَن أبي الزِّنَاد وَرَوَاهُ بن وهب عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ غَرِيب لكل نَبِي دَعْوَة أَي وعد الْإِجَابَة فِيهَا قطعا بِخِلَاف سَائِر دعواتهم فانهم دعوا بهَا على رَجَاء الْإِجَابَة من غير يَقِين وَلَا وعد

[495] عَن يحيى بن سعيد أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو فَيَقُول اللَّهُمَّ فالق الاصباح الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لم تخْتَلف الروَاة عَن مَالك فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَلَا فِي مَتنه وَقد رَوَاهُ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن يحيى بن سعيد عَن مُسلم بن يسَار قَالَ كَانَ من دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره ذكره بن أبي شيبَة عَن أبي خَالِد قَالَ الْبَاجِيّ وَمعنى فالق الاصباح أَي خلقه وابتدأه وأظهره وجاعل اللَّيْل سكنا أَي يسكن فِيهِ وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسبانا أَي يحْسب بهما الْأَيَّام والشهور والأعوام قَالَ وَقَوله فِي سَبِيلك يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ جِهَاد الْعَدو وَإِن يُرِيد سَائِر أَعمال الْبر من تَبْلِيغ الرسَالَة وَغَيرهَا فَإِن ذَلِك كُله فِي سَبِيل الله تَعَالَى

[496] ليعزم المسئلة أَي يعري دعاءه وسؤاله من لفظ الْمَشِيئَة

(1/166)


[497] يُسْتَجَاب لأحدكم قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل الاخبار عَن وجوب وُقُوع الْإِجَابَة وَعَن جَوَاز وُقُوعهَا

[498] عَن بن شهَاب عَن أبي عبد الله الْأَغَر وَعَن أبي سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر من رَوَاهُ الْمُوَطَّأ من لَا يذكر أَبَا سَلمَة قَالَ والْحَدِيث مَنْقُول من طرق متواترة ووجوه كَثِيرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى كل لَيْلَة هَذَا من الْمُتَشَابه الَّذِي يسكت عَن الْخَوْض فِيهِ وَإِن كَانَ لابد فَأولى مَا يُقَال فِيهِ مَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ إِن الله يُمْهل حَتَّى يمْضِي شطر اللَّيْل ثمَّ يَأْمر مناديا يَقُول هَل من دَاع فيستجاب لَهُ فَالْمُرَاد إِذن نزُول أمره أَو الْملك بأَمْره وَذكر بن فورك أَن بعض الْمَشَايِخ ضَبطه ينزل بِضَم أَوله على حذف الْمَفْعُول أَي ينزل ملكا قَالَ الْبَاجِيّ وَفِي الْعُتْبِيَّة سَأَلت مَالِكًا عَن الحَدِيث الَّذِي جَاءَ فِي جَنَازَة سعد بن معَاذ فِي الْعَرْش فَقَالَ لَا تتحدثن بِهِ وَمَا يَدْعُو الْإِنْسَان إِلَى أَن يحدث بِهِ وَهُوَ يرى مَا فِيهِ من التَّغْرِير وَحَدِيث إِن الله خلق آدم على صورته وَحَدِيث السَّاق قَالَ بن الْقَاسِم لَا يَنْبَغِي لمن يَتَّقِي الله أَن يحدث بِمثل هَذَا قيل لَهُ والْحَدِيث الَّذِي جَاءَ أَن الله تَعَالَى ضحك فَلم يره من هَذَا وَأَجَازَهُ وَكَذَلِكَ حَدِيث التَّنْزِيل قَالَ وَيحْتَمل أَن يفرق بَينهمَا من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن حَدِيث التَّنْزِيل والضحك أَحَادِيث صِحَاح لم يطعن فِي شَيْء مِنْهَا وَحَدِيث اهتزاز الْعَرْش وَالصُّورَة والساق لَيست أسانيدها تبلغ فِي الصِّحَّة دَرَجَة حَدِيث التَّنْزِيل وَالثَّانِي أَن التَّأْوِيل فِي حَدِيث التَّنْزِيل أقرب وَأبين والعذر بِسوء التَّأْوِيل فِيهَا أبعد انْتهى حَتَّى يبْقى ثلث اللَّيْل الآخر بِرَفْع الآخر صفة ثلث من يدعوني فاستجيب لَهُ إِلَى أَخّرهُ هُوَ بِنصب الْأَفْعَال المقترنة بِالْفَاءِ

[499] عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ أَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَت قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك فِي إرْسَاله وَهُوَ مُسْند من حَدِيث الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن عَائِشَة وَمن حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة من طرق صِحَاح ثَابِتَة قلت طَرِيق الْأَعْرَج أخرجهَا مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق عبد الله بن عمر عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن عَائِشَة بِهِ لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك قَالَ بن عبد الْبر روينَا عَن مَالك أَنه قَالَ فِيهِ يَقُول وَإِن اجتهدت فِي الثَّنَاء عَلَيْك فَلَنْ أحصي نعمك ومننك وإحسانك

(1/167)


[500] عَن طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَلَا أحفظه بِهَذَا الْإِسْنَاد مُسْندًا من وَجه يحْتَج بِهِ وَقد جَاءَ مُسْندًا من حَدِيث عَليّ وَابْن عَمْرو قلت وَأبي هُرَيْرَة أخرجه هُوَ وَحَدِيث بن عمر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَأخرج حَدِيث عَليّ بن أبي شيبَة وَبَقِي بن مخلد والجندي فِي فَضَائِل مَكَّة أفضل الدُّعَاء دُعَاء يَوْم عَرَفَة قَالَ الْبَاجِيّ أَي أعظمه ثَوابًا وأقربه إِجَابَة وَأفضل مَا قلت أَنا والنبيون من قبلي لفظ حَدِيث عَليّ أَكثر دعائي وَدُعَاء الْأَنْبِيَاء قبلي بِعَرَفَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ زَاد فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَكَذَا فِي حَدِيث عَليّ لَكِن لَيْسَ فِيهِ بِيَدِهِ الْخَيْر وَفِي حَدِيث بن عَمْرو لَكِن لَيْسَ فِيهِ يحيى وَيُمِيت وَفِيه بِيَدِهِ الْخَيْر

[501] الْمَسِيح الدَّجَّال بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْمُهْملَة الْخَفِيفَة آخِره حاء مُهْملَة سمي بذلك لِأَنَّهُ مَمْسُوح الْعين الْيُمْنَى من فتْنَة الْمحيا هِيَ مَا يعرض للْإنْسَان مُدَّة حَيَاته من الافتنان بالدنيا والشهوات والجهالات وَأَعْظَمهَا وَالْعِيَاذ بِاللَّه من أَمر الخاتمة عِنْد الْمَوْت وَالْمَمَات قَالَ الْبَاجِيّ هِيَ فتْنَة الْقَبْر

(1/168)


[502] أَنْت نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء مَعْنَاهُ منورهما أَي خَالق نورهما وَقَالَ أَبُو عبيد مَعْنَاهُ بنورك يَهْتَدِي أهل السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَقيل مَعْنَاهُ مدير شمسها وقمرها ونجومها قيام السَّمَاوَات وَالْأَرْض هُوَ بِمَعْنى القيوم أَي الَّذِي لَا يَزُول والقائم على كل شَيْء أَي المدير أَمر خلقه رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض هُوَ بِمَعْنى السَّيِّد المطاع والمصلح وَالْمَالِك أَنْت الْحق أَي المتحقق وجوده وَوَعدك الْحق إِلَى آخِره أَي كُله مُتَحَقق لَا شكّ فِيهِ ولقاؤك حق المُرَاد بِهِ الْبَعْث على الصَّوَاب وَقيل الْمَوْت قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ بَاطِل هُنَا لَك أسلمت أَي استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك وَبِك آمَنت أَي صدقت بك وَبِكُل مَا أخْبرت وامرت ونهيت وَإِلَيْك أنبت أَي أَطَعْت وَرجعت إِلَى عبادتك أَي أَقبلت عَلَيْهَا وَقيل مَعْنَاهُ رجعت إِلَيْك فِي تدبيري أَي فوضت غليك وَبِك خَاصَمت أَي مَا أَعْطَيْتنِي من الْبَرَاهِين وَالْقُوَّة خَاصَمت من عاند فِيك وَكفر بك وقمعته بِالْحجَّةِ وَالسيف وَإِلَيْك حاكمت أَي كل من جحد الْحق حاكمته إِلَيْك وجعلتك الْحَاكِم بيني وبيه لَا غَيْرك مِمَّا كَانَت تحاكم اليه الْجَاهِلِيَّة وَغَيرهم من صنم وكاهن ونار وَشَيْطَان فَأغْفِر لي مَا قدمت إِلَى آخِره قَالَ ذَلِك مَعَ عصمته تواضعا وخضوعا وإشفاقا وإجلالا وليقتدى بِهِ فِي أصل الدُّعَاء والخضوع وَحسن التضرع

[503] عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك أَنه قَالَ جَاءَنَا عبد الله بن عمر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى وَطَائِفَة لم يجْعَلُوا بَين عبد الله شيخ مَالك وَبَين بن عمر أحدا وَمِنْهُم من قَالَ عَن مَالك عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك عَن عتِيك بن الْحَارِث بن عتِيك قَالَ جَاءَنَا عبد الله بن عمر وَهِي رِوَايَة بن الْقَاسِم وَمِنْهُم من قَالَ مَالك عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك عَن جَابر بن عتِيك قَالَ جَاءَنَا بن عمر وَهِي رِوَايَة القعْنبِي ومطرف قَالَ وَرِوَايَة يحيى أولى بِالصَّوَابِ إِن شَاءَ الله بِأَن لَا يظْهر عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم أَي من غير الْمُؤمنِينَ وَلَا يُهْلِكهُمْ بِالسِّنِينَ أَي بِالْمحل والجدب والجوع بِأَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم أَي الْحَرْب والفتن وَالِاخْتِلَاف الْهَرج بِسُكُون الرَّاء الْقَتْل

[504] عَن زيد بن أسلم أَنه كَانَ يَقُول مَا من دَاع يَدْعُو إِلَّا كَانَ بَين إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا أَن يُسْتَجَاب لَهُ وَإِمَّا أَن يدّخر لَهُ وَإِمَّا أَن يكفر عَنهُ قَالَ بن عبد الْبر مثل هَذَا يَسْتَحِيل أَن يكون رَأيا واجتهادا وانما هُوَ تَوْقِيف وَهُوَ خبر مَحْفُوظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أخرج من حَدِيث جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ دُعَاء الْمُسلم بَين إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا أَن يُعْطي مَسْأَلته الَّتِي سَأَلَ أَو يرفع بهَا دَرَجَة أَو يحط بهَا عَنهُ خَطِيئَة مَا لم يدع بقطيعة رحم ومأثم أَو يستعجل قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مخرج فِي التَّفْسِير الْمسند لقَوْل الله تَعَالَى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ

[505] عَن عبد الله بن دِينَار قَالَ رَآنِي عبد الله بن عمر وَأَنا أَدْعُو وأشير بأصبعين أصْبع من كل يَد فنهاني قَالَ فِي الاستذكار هَذَا مَأْخُوذ من فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ مر بِسَعْد وَهُوَ يَدْعُو وَيُشِير بِأُصْبُعِهِ فَنَهَاهُ قَالَ الْبَاجِيّ الْوَاجِب ان يكون الدُّعَاء باليدين وبسطهما على معنى التضرع وَالرَّغْبَة

(1/169)


[506] أَن سعيد بن الْمسيب كَانَ يَقُول إِن الرجل ليرْفَع بِدُعَاء وَلَده من بعده وَقَالَ بيدَيْهِ أَي أَشَارَ نَحْو السَّمَاء فرفعهما قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يدْرك بِالرَّأْيِ وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد جيد مَرْفُوعا ثمَّ أخرج من طَرِيق أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمُؤمن ليرْفَع لَهُ الدرجَة فِي الْجنَّة فَيَقُول يَا رب بِمَ هَذَا فَيُقَال لَهُ بِدُعَاء ولدك من عَبدك

[507] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَنه قَالَ إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة وَلَا تجْهر بصلاتك الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ من طَرِيق ملك بن سعيد عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة

[508] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو فَيَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْخيرَات قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ طَائِفَة من رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم عبد الله بن يُوسُف التنيسِي وَهُوَ حَدِيث صَحِيح ثَابت من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عايش وَابْن عَبَّاس وثوبان وَأبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ

[509] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من دَاع يَدْعُو إِلَى هدي الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث يسند عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طرق شَتَّى من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَجَرِير وَغَيرهمَا ثمَّ أخرج من طَرِيق الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دَعَا إِلَى هدى كَانَ لَهُ من الْأجر مثل من تبعه لَا ينقص ذَلِك من أُجُورهم شَيْئا وَمن دَعَا إِلَى ضَلَالَة كَانَ عَلَيْهِ من الْإِثْم مثل آثام من تبعه لَا ينقص ذَلِك من آثامهم شَيْئا قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث أبلغ شَيْء فِي فضل تَعْلِيم الْعلم الْيَوْم والدعا إِلَيْهِ وَإِلَى جَمِيع سبل الْخَيْر وَالْبر

[510] اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من أَئِمَّة الْمُتَّقِينَ اقْتدى فِي هَذَا الدُّعَاء بقوله تَعَالَى وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً وثمرته أَن لَهُ مثل أجر من اقْتدى بِهِ

[511] وَغَارَتْ النُّجُوم أَي غربت

(1/170)


[512] عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله الصنَابحِي قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ جُمْهُور الروَاة عَن مَالك وَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم مطرف وَإِسْحَاق بن عِيسَى الطباع عَن عَطاء عَن أبي عبد الله الصنَابحِي قَالَ وَهُوَ الصَّوَاب وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن عسيلة تَابِعِيّ ثِقَة لَيست لَهُ صُحْبَة قَالَ وروى زُهَيْر بن مُحَمَّد هَذَا الحَدِيث عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء عَن عبد الله الصنَابحِي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ خطأ والصنابحي لم يلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزُهَيْر لَا يحْتَج بحَديثه إِن الشَّمْس تطلع وَمَعَهَا قرن الشَّيْطَان قَالَ الْخطابِيّ اخْتلفُوا فِي تَأْوِيل هَذَا الْكَلَام فَقيل مَعْنَاهُ مُقَارنَة الشَّيْطَان للشمس عِنْد دنوها للطلوع والغروب ويوضحه قَوْله فَإِذا ارْتَفَعت فَارقهَا إِلَى آخِره فَحرمت الصَّلَاة فِي هَذِه الْأَوْقَات لذَلِك وَقيل معنى قرن الشَّيْطَان قوته من قَوْلك أَنا مقرن لهَذَا الْأَمر أَي مطبق لَهُ قوي عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَن الشَّيْطَان انما يقوى أمره فِي هَذِه الْأَوْقَات لِأَنَّهُ يسول لعبدة الشَّمْس ان يسجدوا لَهَا فِي هَذِه الْأَوْقَات وَقيل قرنه حزبه وَأَصْحَابه الَّذين يعْبدُونَ الشَّمْس وَقيل ان الشَّيْطَان يُقَابل الشَّمْس عِنْد طُلُوعهَا وينتصب دونهَا حَتَّى يكون طُلُوعهَا بَين قرنيه وهما جانبا رَأسه فينقلب سُجُود الْكفَّار للشمس عبَادَة لَهُ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض معنى قَرْني الشَّيْطَان هُنَا يحْتَمل الْحَقِيقَة وَالْمجَاز والى الْحَقِيقَة ذهب الدَّاودِيّ وَغَيره وَلَا بعد فِيهِ وَقد جَاءَت آثَار مصرحة بغروبها على قَرْني الشَّيْطَان وَأَنَّهَا تُرِيدُ عِنْد الْغُرُوب للسُّجُود لله فَيَأْتِي شَيْطَان يصدها فتغرب بَين قرنيه ويحرقه الله وَقيل مَعْنَاهُ الْمجَاز والاتساع وَإِن قَرْني الشَّيْطَان أَو قرنه الْأمة الَّتِي تعبد الشَّمْس وَتُطِيعهُ فِي الْكفْر بِاللَّه وَأَنَّهَا لما كَانَت تسْجد لَهَا وَيُصلي من يَعْبُدهَا من الْكفَّار حِينَئِذٍ نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التَّشَبُّه بهم قلت صحّح النَّوَوِيّ حمله على الْحَقِيقَة

[513] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق يحيى الْقطَّان عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن بن عمر حَاجِب الشَّمْس أَي طرف قرصها قَالَ الْجَوْهَرِي حواجب الشَّمْس نَوَاحِيهَا حَتَّى تبرز لفظ البُخَارِيّ حَتَّى ترْتَفع

[514] فَنقرَ أَرْبعا أَي أسْرع الْحَرَكَة فِيهَا كنقر الطَّائِر

(1/171)


[515] لَا يتحر أحدكُم كَذَا وَقع بِلَفْظ الْخَبَر قَالَ السُّهيْلي يجوز الْخَبَر عَن مُسْتَقر أَمر الشَّرْع أَي لَا يكون إِلَّا هدا وَقَالَ الْعِرَاقِيّ يحْتَمل ان يكون نهيا وَإِثْبَات الْألف إشباع فَيصَلي بِالنّصب فِي جَوَاب النَّفْي أَو السَّعْي قَالَ بن خروف وَيجوز فِيهِ الْجَزْم على الْعَطف وَالرَّفْع على الْقطع أَي لَا يتحَرَّى فَهُوَ يُصَلِّي وَفِي رِوَايَة القعْنبِي لَا يتحَرَّى أَن يُصَلِّي وَمَعْنَاهُ لَا يتحَرَّى الصَّلَاة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ الْمَنْع من النَّافِلَة فِي هَذَا الْوَقْت أَو الْمَنْع من تَأْخِير الْفَرْض إِلَيْهِ