تنوير الحوالك شرح موطأ مالك

(كتاب الْجَنَائِز)

[519] عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غسل فِي قَمِيص قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ رُوَاة الْمُوَطَّأ مُرْسلا إِلَّا سعيد بن عفير فَإِنَّهُ قَالَ عَن مَالك عَن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ وَهُوَ حَدِيث مَشْهُور عِنْد الْعلمَاء وَأهل السّير والمغازي قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون ذَلِك خَاصّا بِهِ لِأَن السّنة عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَالْجُمْهُور أَن يجرد الْمَيِّت وَلَا يغسل فِي قَمِيصه

(1/172)


[520] عَن أم عَطِيَّة الْأَنْصَارِيَّة قَالَت دخل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفيت ابْنَته الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث أصل السّنة فِي غسل الْمَوْتَى لَيْسَ يرْوى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث أم مِنْهُ وَلَا أصح وَعَلِيهِ عول الْعلمَاء فِي ذَلِك وَقَالَ أهل السّير إِن ابْنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي سهدت أم عَطِيَّة غسلهَا هِيَ أم كُلْثُوم قَالَ وكل من روى هَذَا الحَدِيث من رُوَاة الْمُوَطَّأ يَقُولُونَ فِيهِ بعد قَوْله أَو أَكثر من ذَلِك إِن رأيتن ذَلِك وَسَقَطت هَذِه الْجُمْلَة ليحيى وَقَالَ النَّوَوِيّ قَوْله إِن رأيتن ذَلِك هُوَ بِكَسْر الْكَاف خطابا لأم عَطِيَّة وَمَعْنَاهُ إِن احتجتن إِلَى ذَلِك وَلَيْسَ مَعْنَاهُ التَّخْيِير وتفويض ذَلِك إِلَى شهوتهن وَكَانَت أم عَطِيَّة غاسلة للبنات وَكَانَت من فاضلات الصحابيات وَاسْمهَا نسيبة بِضَم النُّون وَقيل بِفَتْحِهَا وَأما بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الَّتِي غسلتها رَضِي الله عَنْهَا فَهِيَ زَيْنَب هَكَذَا قَالَه الْجُمْهُور وَقَالَ بعض أهل السّير إِنَّهَا أم كُلْثُوم وَالصَّوَاب زَيْنَب كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة مُسلم انْتهى حقوه بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا لُغَتَانِ فسر فِي الْمُوَطَّأ بالإزار قَالَ النَّوَوِيّ وأصل الحقو معقد الْإِزَار وَسمي بِهِ الْإِزَار مجَازًا لِأَنَّهُ يشد فِيهِ أشعرنها إِيَّاه أَي اجعلنه شعارا لَهَا وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد وَالْحكمَة فِي إشعارها لَهُ التَّبَرُّك قَالَه النَّوَوِيّ

[523] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفن فِي ثَلَاثَة أثوب بيض قَالَ بن عبد الْبر هَذَا أثبت حَدِيث يرْوى فِي كفن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سحُولِيَّة قَالَ النَّوَوِيّ بِفَتْح السِّين وَضمّهَا وَالْفَتْح أشهر وَهُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرين قَالَ بن الْأَعرَابِي وَغَيره هِيَ ثِيَاب بيض نقية لَا تكون إِلَّا من الْقطن وَقَالَ بن قُتَيْبَة ثِيَاب بيض وَلم يَخُصهَا بالقطن وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ منسوبة إِلَى سحول مَدِينَة بِالْيمن يحمل مِنْهَا هَذِه الثِّيَاب لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة قَالَ النَّوَوِيّ أَي كفن فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب غرهما وَلم يكن مَعَ الثَّلَاثَة شَيْء آخر هَكَذَا فسره الشَّافِعِي وَجُمْهُور الْعلمَاء وَهُوَ الصَّوَاب الذ يَقْتَضِيهِ ظَاهر الحَدِيث قَالُوا وَيسْتَحب أَن لَا يكون فِي الْكَفَن قَمِيص وَلَا عِمَامَة وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة يسْتَحبّ قَمِيص وعمامة وتأولوا الحَدِيث على أَن مَعْنَاهُ لَيْسَ الْقَمِيص والعمامة من جملَة الثَّلَاثَة وَإِنَّمَا هما زائدتان عَلَيْهَا

(1/173)


[524] أَصَابَهُ مشق بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الْمغرَة قَالَ فِي النِّهَايَة للمهلة قَالَ الْبَاجِيّ رَوَاهُ يحيى بِكَسْر الْمِيم ويروى بِالضَّمِّ وَهِي الصديد والقيح وَقَالَ فِي النِّهَايَة يرْوى بِضَم الْمِيم وَكسرهَا وَهِي الْقَيْح والصديد الَّذِي يذوب فيسيل من الْجَسَد وَمِنْه قيل للنحاس الذائب مهل

[525] عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن العَاصِي كَذَا رَوَاهُ يحيى وَهُوَ وهم وَصَوَابه عَن عبد الله بن عَمْرو

(1/174)


[526] عَن بن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر كَانُوا يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ مُرْسل عِنْد رُوَاته وَقد وَصله عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه جمَاعَة مِنْهُم يحيى بن صَالح الوحاظي وَعبد الله بن عون وحاتم بن سَالم الْقَزاز وَوَصله أَيْضا كَذَلِك جمَاعَة ثِقَات من أَصْحَاب بن شهَاب مِنْهُم بن عُيَيْنَة وَمعمر وَيحيى بن سعيد ومُوسَى بن عقبَة وَابْن أخي بن شهَاب وزايد بن سعد وعباس بن الْحسن الْحَرَّانِي على اخْتِلَاف عَن بَعضهم ثمَّ أسْند رواياتهم قلت رِوَايَة بن عُيَيْنَة أخرجهَا أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ عقب إخْرَاجهَا هَكَذَا رَوَاهُ غير وَاحِد عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وروى معمر وَيُونُس بن يزِيد وَمَالك وَغَيرهم من الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهل الحَدِيث يرَوْنَ أَن الْمُرْسل أصح قَالَ بن الْمُبَارك حَدِيث الزُّهْرِيّ فِي هَذَا مُرْسل أصح من حَدِيث بن عُيَيْنَة وَقَالَ النَّسَائِيّ عقب إِخْرَاجه هَذَا خطأ وَالصَّوَاب مُرْسل قَالَ بن الْمُبَارك الْحفاظ عَن بن شهَاب ثَلَاثَة مَالك وَمعمر وَابْن عُيَيْنَة فَإِذا اتّفق اثْنَان على شَيْء وَخَالَفَهُمَا الآخر تركنَا قَول الآخر وَالْخُلَفَاء هَلُمَّ جرا قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين بن هِشَام هَذَا كَلَام مُسْتَعْمل فِي الْعرف كثيرا وَذكره الْجَوْهَرِي فِي صحاحه فَقَالَ تَقول كَانَ ذَلِك عَام كَذَا وهلم جرا إِلَى الْيَوْم وَفِي الْعباب للصغاني مثله وَقَالَ بن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الزَّاهِر معنى هَلُمَّ جرا سِيرُوا على هيئتكم أَي تثبتوا فِي سيركم وَلَا تجهدوا أَنفسكُم قَالَ وَهُوَ مَأْخُوذ من الْجَرّ وَهُوَ أَن تنزل الْإِبِل وَالْغنم ترعى فِي السّير قَالَ وَفِي انتصاب جرا ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن يكون مصدرا وضع مَوضِع الْحَال وَالتَّقْدِير هَلُمَّ جارين أَي متثبتين الثَّانِي أَن يكون على الْمصدر لِأَن فِي هَلُمَّ معنى جر فَكَأَنَّهُ قيل جروا جرا وَقَالَ بعض النَّحْوِيين جرا نصب على التَّمْيِيز وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف وهلم جرا مَعْنَاهُ تعال على هيئتك وانتصاب جرا على أَنه مصدر فِي مَوضِع الْحَال أَي جارين قَالَه البصريون وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ مصدر لِأَن معنى هَلُمَّ جر وَقيل انتصب على التَّمْيِيز وَأول من قَالَه عَابِد بن زيد قَالَ فَإِن جَاوَزت مغْفرَة رمت بِي إِلَى أُخْرَى كتلك هَلُمَّ جرا قَالَ بن هِشَام وَبعد فعندي توقف فِي كَون هَذَا التَّرْكِيب عَرَبيا مَحْضا وَالَّذِي رَابَنِي مِنْهُ أُمُور الأول أَن إِجْمَاع النَّحْوِيين واللغويين مُنْعَقد على أَن لهلم مَعْنيين أَحدهمَا تعال فَتكون قَاصِرَة كَقَوْلِه تَعَالَى هَلُمَّ إِلَيْنَا أَي تَعَالَوْا إِلَيْنَا وَالْآخر أحضر فَتكون متعدية كَقَوْلِه تَعَالَى هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ أَي أحضروهم وَلَا مساغ لأحد الْمَعْنيين هُنَا الثَّانِي أَن إِجْمَاعهم مُنْعَقد على أَن فِيهَا لغتين حجازية وَهِي الْتِزَام استتارها ضميرها فَتكون اسْم فعل وتميمية وَهِي أَن يتَّصل بهَا ضمائر الرّفْع البارزة فَتكون فعلا وَلَا نَعْرِف لَهَا موضعا أَجمعُوا فِيهِ على الْتِزَام كَونهَا سَام فعل وَلم يق أحد أَنه سمع هلما جرا وَلَا هلموا جرا وَلَا هَلُمِّي جرا الثَّالِث أَن تخَالف الجملتين المتعاطفتين بِالطَّلَبِ وَالْخَبَر مُمْتَنع أَو ضَعِيف وَهُوَ لَازم هُنَا إِذا قلت كَانَ ذَلِك عَام أول وهلم جرا الرَّابِع أَن أَئِمَّة اللُّغَة الْمُعْتَمد عَلَيْهِم لم يتَعَرَّضُوا لهَذَا التَّرْكِيب حَتَّى صَاحب الْمُحكم مَعَ كَثْرَة استيعابه وتتبعه وَإِنَّمَا ذكره صَاحب الصِّحَاح وَقد قَالَ أَبُو عَمْرو بن الصّلاح فِي شرح مشكلات الْوَسِيط أَنه لَا يقبل مَا تفرد بِهِ وَكَانَ ذَلِك على مَا ذكره فِي أول كِتَابه من انه ينْقل عَن الْعَرَب الَّذين سمع مِنْهُم فَإِن زَمَانه كَانَت اللُّغَة فِيهِ قد فَسدتْ واما صَاحب الْعباب فَإِنَّهُ قلد صَاحب الصِّحَاح فنسخ كَلَامه وَأما بن الْأَنْبَارِي فَلَيْسَ كِتَابه مَوْضُوعا لتفسير الْأَلْفَاظ المسموعة من الْعَرَب بل وَضعه للْكَلَام على مَا يجْرِي فِي محاورات النَّاس وَقد يكون تَفْسِيره على تَقْدِير ان يكون عَرَبيا فَإِنَّهُ لم يُصَرح بِأَنَّهُ عَرَبِيّ وَلذَلِك لَا أعلم أحدا من النُّحَاة تكلم عَلَيْهَا غَيره ولخص أَبُو حَيَّان أَشْيَاء من كَلَامه فَوَهم فِيهِ لِأَنَّهُ ذكر أَن الْكُوفِيّين قَالُوا ان جرا مصدر والبصريين قَالُوا إِنَّه حَال وَهَذَا يَقْتَضِي أَن الْفَرِيقَيْنِ تكلمُوا فِي إِعْرَاب ذَلِك وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا قَالَ بن الْأَنْبَارِي ان قِيَاس إعرابه على قَوَاعِد الْبَصرِيين أَن يُقَال إِنَّه حَال وعَلى قَوَاعِد الْكُوفِيّين أَن يُقَال إِنَّه مصدر هَذَا معنى كَلَامه وَهَذَا هُوَ الَّذِي فهمه أَبُو الْقَاسِم الزجاجي ورد عَلَيْهِ فَقَالَ البصريون لَا يوجبون فِي نَحْو ركضا من قَوْلك جَاءَ زيد ركضا ان يكون مَفْعُولا مُطلقًا بل يجيزون ان يكون التَّقْدِير جَاءَ زيد يرْكض ركضا فَكَذَلِك يجوز على قِيَاس قَوْلهم ان يكون التَّقْدِير هَلُمَّ يجر جرا انْتهى قَول بن الْأَنْبَارِي مَعْنَاهُ سِيرُوا على هيئتكم إِلَى آخِره معترض من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن فِيهِ إِثْبَات معنى لهلم لم يُثبتهُ لَهَا أحد وَالثَّانِي أَن هَذَا التَّفْسِير لَا ينطبق على المُرَاد بِهَذَا التَّرْكِيب فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُرَاد بِهِ اسْتِمْرَار مَا ذكر قبله من الحكم فَلهَذَا قَالَ صَاحب الصِّحَاح وهلم جرا إِلَى الْيَوْم ثمَّ قَالَ بن هِشَام وَالَّذِي ظهر لنا فِي تَوْجِيه هَذَا الْكَلَام بِتَقْدِير كَونه عَرَبيا أَن هَلُمَّ هَذِه هِيَ القاصرة الَّتِي بِمَعْنى ائْتِ وتعال إِلَّا أَن فِيهَا تجويزين أَحدهمَا أَنه لَيْسَ المُرَاد بالإتيان هُنَا الْمَجِيء الْحسي بل الِاسْتِمْرَار على الشَّيْء والمداومة عَلَيْهِ كَمَا تَقول امش على هَذَا الْأَمر وسر على هَذَا المنوال وَالثَّانِي أَنه لَيْسَ المُرَاد الطّلب حَقِيقَة وانما المُرَاد الْخَبَر وَعبر عَنهُ بِصِيغَة الطّلب كَمَا فِي فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا وجرا مصدر جَرّه يجره إِذا سحبه وَلَكِن لَيْسَ المُرَاد الْجَرّ الْحسي بل المُرَاد التَّعْمِيم كَمَا اسْتعْمل السحب بِهَذَا الْمَعْنى فِي قَوْلهم هَذَا الحكم منسحب على كَذَا أَي شَامِل لَهُ فَإِذا قيل كَانَ ذَلِك عَام كَذَا وهلم جرا فَكَأَنَّهُ قيل وَاسْتمرّ ذَلِك فِي بَقِيَّة الأعوام استمرارا فَهُوَ مصدر أَو اسْتمرّ مستمرا فَهُوَ حَال مُؤَكدَة وَذَلِكَ ماش فِي جَمِيع الصُّور وَهَذَا هُوَ الَّذِي يفهمهُ النَّاس من هَذَا الْكَلَام وَبِهَذَا التَّأْوِيل ارْتَفع إِشْكَال الْعَطف فَإِن هَلُمَّ جرا حِينَئِذٍ خبر وإشكال الْتِزَام إِفْرَاد الضَّمِير إِذْ فَاعل هَلُمَّ هَذِه مُفْرد أبدا كَمَا تَقول وَاسْتمرّ ذَلِك أَو وَاسْتمرّ مَا ذكرته انْتهى كَلَام بن هِشَام

(1/175)


[529] من خطأ السّنة أَي من مخالفتها

[531] عَن أبي هُرَيْرَة انه نهى عَن يتبع بعد مَوته بِنَار قَالَ بن عبد الْبر قد روى النَّهْي عَن ذَلِك من حَدِيث بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

[532] نعى النَّجَاشِيّ قَالَ بن عبد الْبر هُوَ اسْم لكل من ملك الْحَبَشَة كَمَا يُقَال كسْرَى وَقَيْصَر واسْمه أضحمة وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّة وَكَانَ عيه إِيَّاه فِي رَجَب سنة تسع من الْهِجْرَة وَصرح غَيره بِأَن ياءه سَاكِنة

(1/176)


[533] عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف أَن مسكينة مَرضت قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف على مَالك فِي الْمُوَطَّأ فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَقد وَصله مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْقرشِي عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن أبي أُمَامَة عَن رجل من الْأَنْصَار ومُوسَى مَتْرُوك وَقد روى سُفْيَان بن حُسَيْن هَذَا الحَدِيث عَن بن شهَاب عَن أبي أُمَامَة بن سهل عَن أَبِيه أخرجه بن أبي شيبَة وَهُوَ حَدِيث مُسْند مُتَّصِل صَحِيح من غير حَدِيث مَالك من حَدِيث الزُّهْرِيّ وَغَيره وروى من وُجُوه كَثِيرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلهَا ثَابِتَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وعامر بن ربيعَة وَابْن عَبَّاس وَأنس وَيزِيد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة انها امْرَأَة سَوْدَاء كَانَت تنقي الْمَسْجِد من الْأَذَى وَفِي لفظ تقم الْمَسْجِد أخرجه الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا كرهنا أَن نخرجك لَيْلًا ونوقظك زَاد فِي حَدِيث عَامر بن ربيعَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تَفعلُوا ادْعُونِي لجنائزكم أخرجه بن ماجة وَفِي حَدِيث يزِيد بن ثَابت قَالَ فَلَا تَفعلُوا لَا يموتن فِيكُم ميت مَا كنت بَين أظْهركُم إِلَّا آذنتموني بِهِ فَإِن صَلَاتي عَلَيْهِ لَهُ رَحْمَة أخرجه أَحْمد

[536] صليت وَرَاء أبي هُرَيْرَة على صبي لم يعْمل خَطِيئَة قطّ فَسَمعته يَقُول اللَّهُمَّ أعذه من عَذَاب الْقَبْر قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون أَبُو هُرَيْرَة اعتقده لشَيْء سَمعه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن عَذَاب الْقَبْر أَمر عَام فِي الصَّغِير وَالْكَبِير وَإِن الْفِتْنَة فِيهِ لَا تسْقط عَن الصغر لعدم التَّكْلِيف فِي الدُّنْيَا واقل بن عبد الْبر عَذَاب الْقَبْر غير فتْنَة الْقَبْر وَلَو عذب الله عبَادَة أَجْمَعِينَ كَانَ غير ظَالِم لَهُم وَقَالَ بَعضهم لَيْسَ المُرَاد بِعَذَاب الْقَبْر هُنَا عُقُوبَته وَلَا السُّؤَال بل مُجَرّد الْأَلَم بالغم والهم وَالْحَسْرَة والوحشة والضغطة وَذَلِكَ يعم الْأَطْفَال وَغَيرهم

[539] إِذا صليتا لوقتهما قَالَ الْبَاجِيّ أَي لوقت الصَّلَاتَيْنِ الْمُخْتَار وَهُوَ فِي الْعَصْر إِلَى الاصفرار وَفِي الصُّبْح إِلَى الْإِسْفَار

(1/177)


[540] عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عَن عَائِشَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جُمْهُور الروَاة مُنْقَطِعًا وَرَوَاهُ حَمَّاد بن خَالِد الْخياط عَن مَالك عَن أبي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة فَانْفَرد بذلك عَن مَالك مَا أسْرع مَا نسي النَّاس أَي إِلَى إِنْكَار مَالا يعْرفُونَ وَالْعَيْب والطعن على سُهَيْل بن بَيْضَاء هِيَ أمه وَاسْمهَا دعد والبيضاء وصف لَهَا وَأَبوهُ وهب بن ربيعَة الْقرشِي الفِهري وَكَانَ سُهَيْل قديم الْإِسْلَام هَاجر إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ إِلَى الْمَدِينَة وَشهد بَدْرًا وَغَيرهَا وَمَات سنة تسع من الْهِجْرَة

(1/178)


[545] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث لَا أعلمهُ يرْوى على هَذَا النسق بِوَجْه من الْوُجُوه غير بَلَاغ مَالك هَذَا وَلكنه صَحِيح من وُجُوه مُخْتَلفَة وَأَحَادِيث شَتَّى جمعهَا مَالك ووفاته يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَابِتَة من حَدِيث أنس فِي الصَّحِيح وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء فِيهِ واما دَفنه يَوْم الثُّلَاثَاء فمختلف فِيهِ قلت روى بن سعد فِي الطَّبَقَات عَن بن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ حِين زاغت الشَّمْس وروى من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة مَضَت من ربيع الأول وروى من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب قَالَ اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَرْبَعَاء لليلة بقيت من صفر وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة مَضَت من ربيع الأول وَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء وَرُوِيَ أَيْضا عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَسَعِيد بن الْمسيب أَنه توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة قَالَ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ فحبس بَقِيَّة يَوْمه وَلَيْلَته وَمن الْغَد حَتَّى دفن من اللَّيْل وَرُوِيَ عَن أبي بن عَبَّاس بن سهل أَبِيه عَن جده قَالَ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ فَمَكثَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء حَتَّى دفن يَوْم الْأَرْبَعَاء قَالَ بن كثير القَوْل بِأَنَّهُ دفن يَوْم الثُّلَاثَاء غَرِيب وَالْمَشْهُور عَن الْجُمْهُور أَنه دفن لَيْلَة الْأَرْبَعَاء وروى بن عسد عَن مُحَمَّد بن قيس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَكَى يَوْم الْأَرْبَعَاء لإحدى عشرَة لَيْلَة بقيت من صفر فاشتكى ثَلَاث عشرَة لَيْلَة وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين مضتا من شهر ربيع الأول وَصلى النَّاس عَلَيْهِ أفذاذا لَا يؤمهم أحد وَصله الْبَيْهَقِيّ عَن بن عَبَّاس وَابْن سعد عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ وَرَوَاهُ عَن سعيد بن الْمسيب وَغَيره قَالَ بن كثير وَهُوَ أَمر مجمع عَلَيْهِ لَا خلاف فِيهِ قَالَ وَاخْتلف فِي تَعْلِيله فَقيل هُوَ من بَاب التَّعَبُّد الَّذِي يعسر تعقل مَعْنَاهُ وَقيل ليباشر كل وَاحِد الصَّلَاة عَلَيْهِ مِنْهُ اليه وَقَالَ الْعقيلِيّ ان الله أخبر أَنه وَمَلَائِكَته يصلونَ عَلَيْهِ وَأمر كل وَاحِد من الْمُؤمنِينَ ان يُصَلِّي عَلَيْهِ فَوَجَبَ على كل أحد أَن يُبَاشر الصَّلَاة عَلَيْهِ مِنْهُ اليه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ بعد مَوته من هَذَا الْقَبِيل قَالَ وَأَيْضًا فَإِن الْمَلَائِكَة لنا فِي ذَلِك أَئِمَّة انْتهى وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْأُم ذَلِك لعظم أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتنافسهم فِيمَن يتَوَلَّى الصَّلَاة عَلَيْهِ وصلوا عَلَيْهِ مرّة بعد مرّة وروى بن سعد عَن عبد الله بن عمر بن عَليّ بن أبي طَالب عَن عَليّ أَنه قَالَ لما وضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على السرير لَا يقوم عَلَيْهِ أحد هُوَ إمامكم حَيا وَمَيتًا فَكَانَ يدْخل النَّاس رسلًا رسلًا فيصلون عَلَيْهِ صفا صفا لَيْسَ لَهُم إِمَام وَيُكَبِّرُونَ وعي قَائِم بحيال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته اللَّهُمَّ إِنَّا نشْهد أَن قد بلغ مَا أنزل إِلَيْهِ ونصح لأمته وجاهد فِي سَبِيل الله حَتَّى أعز الله دينه وتمت كَلمته اللَّهُمَّ فاجعلنا مِمَّن يتبع مَا أنزل إِلَيْهِ وثبتنا بعده واجمع بَيْننَا وَبَينه فَيَقُول النَّاس آمين حَتَّى صلى عَلَيْهِ الرِّجَال ثمَّ النِّسَاء ثمَّ الصّبيان وَظَاهر هَذَا ان المُرَاد بقوله وَصلى النَّاس عَلَيْهِ مَا ذهب إِلَيْهِ جمَاعَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل عَلَيْهِ الصَّلَاة الْمُعْتَادَة وَإِنَّمَا كَانَ النسا يأْتونَ فَيدعونَ وَيَتَرَحَّمُونَ قَالَ الْبَاجِيّ وَوَجهه أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من كل شَهِيد والشهيد يُغْنِيه فَضله عَن الصَّلَاة عَلَيْهِ فَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى قَالَ وَإِنَّمَا فَارق الشَّهِيد فِي الْغسْل لِأَن الشَّهِيد حذر من غسله إِزَالَة الدَّم عَنهُ وَهُوَ مَطْلُوب بَقَاؤُهُ لطيبه وَلِأَنَّهُ عنوان بِشَهَادَتِهِ فِي الْآخِرَة وَلَيْسَ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يكره إِزَالَته عَنهُ فَافْتَرقَا وَقَالَ بن سعد أَيْضا أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عمر حَدثنِي مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ قَالَ وجدت هَذَا فِي صحيفَة بِخَط أبي فِيهَا لما كفن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوضع على سَرِيره دخل أَبُو بكر وَعمر فَقَالَا السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ومعهما نفر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار قدر مَا يسع الْبَيْت فَسَلمُوا كَمَا سلم أَبُو بكر وَعمر وهما فِي الصَّفّ الأول حِيَال رَسُول الله اللَّهُمَّ إِنَّا نشْهد أَن قد بلغ مَا أنزل إِلَيْهِ ونصح لأمته وجاهد فِي سَبِيل الله حَتَّى أعز الله دينه وتمت كَلِمَاته فأومن بِهِ وَحده لَا شريك لَهُ فاجعلنا يَا إلهنا مِمَّن يتبع القَوْل الَّذِي أنزل مَعَه واجمع بَيْننَا وَبَينه حَتَّى يعرفنا وتعرفه بِنَا فَإِنَّهُ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رؤفا رحِيما لَا نبغي بِالْإِيمَان بَدَلا وَلَا نشتري بِهِ ثمنا أبدا فَيَقُول النَّاس آمين آمين ثمَّ يخرجُون وَيدخل آخَرُونَ حَتَّى صلوا عَلَيْهِ الرِّجَال ثمَّ النِّسَاء ثمَّ الصّبيان فَلَمَّا فرغوا من الصَّلَاة تكلمُوا فِي مَوضِع قَبره وَأخرج بن عبد الْبر من حَدِيث سَالم بن عبيد أَنهم قَالُوا لأبي بكر هَل يصلى على الْأَنْبِيَاء قَالَ يَجِيء قوم فيكبرون وَيدعونَ وَيَجِيء آخَرُونَ حَتَّى يفرغ النَّاس فَقَالَ نَاس يدْفن عِنْد الْمِنْبَر وَقَالَ آخَرُونَ يدْفن بِالبَقِيعِ فجَاء أَبُو بكر الصّديق فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا دفن نَبِي قطّ إِلَّا فِي مَكَانَهُ الَّذِي توفّي فِيهِ فحفر لَهُ فِيهِ وَصله بن سعد من طَرِيق دَاوُد بن الْحصين عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس وَمن طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَذكر بَعضهم ان هَذَا أول اخْتِلَاف وَقع بَين الصَّحَابَة فَلَمَّا كَانَ عِنْد غسله أَرَادوا نزع قَمِيصه الحَدِيث وَصله أَبُو دَاوُد من حَدِيث يحيى بن عباد عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَابْن ماجة من حَدِيث بُرَيْدَة

[546] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَنه قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجلَانِ الحَدِيث وَصله بن سعد من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة واخرج عَن أبي طَلْحَة قَالَ اخْتلفُوا فِي الشق واللحد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ شَقوا كَمَا يحْفر أهل مَكَّة وَقَالَت الْأَنْصَار الحدوا كَمَا نحفر بأرضنا فَلَمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِك قَالُوا اللَّهُمَّ خر لنبيك ابْعَثُوا إِلَى أبي عُبَيْدَة والى أبي طَلْحَة فَأَيّهمَا جَاءَ قبل الآخر فَيعْمل عمله فجَاء أَبُو طَلْحَة فَقَالَ وَالله إِنِّي لأرجو أَن يكون الله قد خار لنَبيه أَنه كَانَ يرى اللَّحْد فيعجبه واخرج بن سعد وَابْن ماجة عَن بن عَبَّاس قَالَ لما أَرَادوا أَن يحفروا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجلَانِ كَانَ أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح يضرح كحفر أهل مَكَّة وَكَانَ أَبُو طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ هُوَ الَّذِي يحْفر لأهل الْمَدِينَة وَكَانَ يلْحد فَدَعَا الْعَبَّاس رجلَيْنِ فَقَالَ لأَحَدهمَا اذْهَبْ إِلَى أبي عُبَيْدَة وَقَالَ للْآخر اذْهَبْ إِلَى أبي طَلْحَة اللَّهُمَّ خر لِرَسُولِك فَوجدَ صَاحب أبي طَلْحَة أَبَا طَلْحَة فجَاء بِهِ فألحد لَهُ

[547] مَالك أَنه بلغه أَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت تَقول مَا صدقت بِمَوْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى سَمِعت وَقع الكرازين أَي الْمساحِي جمع كرزين قَالَ بن عبد الْبر لَا أحفظه عَن أم سَلمَة مُتَّصِلا وَإِنَّمَا هُوَ عَن عَائِشَة قلت رَوَاهُ الْوَاقِدِيّ عَن بن أبي سُبْرَة عَن الجليس بن هِشَام عَن عبد الله بن وهب عَن أم سَلمَة نَحوه وَقَول عَائِشَة أخرجه بن عسد من طَرِيق عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت اعلمنا بدفن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مَعنا صَوت الْمساحِي لَيْلَة الاربعاء فِي السحر

(1/180)


[548] عَن يحيى بن سعيد أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت رَأَيْت ثَلَاثَة أقمار الحَدِيث وَصله بن سعد من طَرِيق زيد بن هَارُون وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة كِلَاهُمَا عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن عَائِشَة وَكَذَا رَوَاهُ قُتَيْبَة عَن مَالك مَوْصُولا وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ كَمَا قَالَ بن عبد الْبر على إرْسَاله وَأخرج بن سعد عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ قَالَت عَائِشَة رَأَيْت فِي حُجْرَتي ثَلَاثَة أقمار فَأتيت أَبَا بكر فَقَالَ مَا أولتيها قلت أولتها ولدا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسكت أَبُو بكر حَتَّى قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ خير أقمارك ذهب بِهِ ثمَّ كَانَ أَبُو بكر وَعمر دفنُوا جَمِيعًا فِي بَيتهَا

[551] عَن وَاقد بن عَمْرو بن سعد بن معَاذ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى وَسَائِر الروَاة يَقُولُونَ عَن وَاقد بن عمر بن سعد بن معَاذ وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد رِوَايَة أَرْبَعَة من التَّابِعين فِي نسق لَكِن مَسْعُود ولد على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقوم فِي الْجَنَائِز ثمَّ جلس بعد قَالَ الْبَاجِيّ الْقيام وَالْجُلُوس فِي موضِعين أَحدهمَا لمن مرت بِهِ وَالثَّانِي لمن يشيعها يقوم لَهَا حِين تُوضَع وَالْجُلُوس نَاسخ للْقِيَام فِي موضِعين

[553] فَمَا يجلس آخر النَّاس حَتَّى يؤذنوا قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد حَتَّى يؤذنوا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَقَالَ الدَّاودِيّ حَتَّى يُؤذن لَهُم بالانصراف بعد الصَّلَاة وَقَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن أبي بكر شيخ مَالك فَقَالَ فَمَا ينْصَرف النسا حَتَّى يؤذنوا

(1/181)


[554] قد غلب عَلَيْهِ أَي غَلبه الْأَلَم حَتَّى مَنعه مجاوبة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَرْجع أَي قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون تصبرا لنَفسِهِ واشعارا لَهَا ان الْكل لله وَإِن الْكل رَاجع إِلَى الله وَقَالَ غلبنا عَلَيْك قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ التَّصْرِيح بِمَعْنى استرجاعه وتأسفه الشُّهَدَاء سَبْعَة سوى الْقَتِيل فِي سَبِيل الله هم أَكثر من ذَلِك وَقد جمعتهم فِي خبر فناهزوا الثَّلَاثِينَ المطعون هُوَ الَّذِي يَمُوت فِي الطَّاعُون وَالْغَرق هُوَ الَّذِي يَمُوت غرقا فِي المَاء وَصَاحب ذَات الْجنب هُوَ مرض مَعْرُوف وَهُوَ ورم حَار يعرض فِي الغشاء المستبطن للاضلاع والمبطون قَالَ بن عبد الْبر قيل هُوَ صَاحب الاسهال وَقيل المحبون وَقَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ الَّذِي يَمُوت بِمَرَض بَطْنه كالاستسقاء وَنَحْوه وَفِي كتاب الْجَنَائِز لأبي كبر الْمروزِي عَن شَيْخه بن سُرَيج انه صَاحب القولنج والحرق هُوَ الَّذِي يَحْتَرِق فِي النَّار فَيَمُوت وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع بِضَم الْجِيم وَكسرهَا قَالَ بن عبد الْبر قيل هِيَ الَّتِي تَمُوت من الْولادَة سَوَاء أَلْقَت وَلَدهَا أم لَا وَقيل هِيَ الَّتِي تَمُوت فِي النّفاس وَوَلدهَا فِي بَطنهَا لم تلده وَقيل هِيَ الَّتِي تَمُوت عذراء لم تفتض قا ل وَالْقَوْل الثَّانِي اشهر وَأكْثر وَقَالَ فِي النِّهَايَة الْجمع بِالضَّمِّ بِمَعْنى الْمَجْمُوع وَالْمعْنَى انها مَاتَت مَعَ شَيْء مَجْمُوع فِيهَا يغر مُنْفَصِل عَنْهَا من حمل أَو بكارة قَالَ الْبَاجِيّ هَذِه ميتات فِيهَا شدَّة الْأَلَم فتفضل الله على أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن جعلهَا تمحيصا لذنوبهم وَزِيَادَة فِي أُجُورهم حَتَّى يبلغهم بهَا مَرَاتِب الشُّهَدَاء وَقَالَ بن الْأَثِير فِي النِّهَايَة الشَّهِيد فِي الأَصْل من قتل مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله ثمَّ اتَّسع فِيهِ فَأطلق على هَؤُلَاءِ وَسمي شَهِيدا لِأَن الله وَمَلَائِكَته شُهُود لَهُ بِالْجنَّةِ وَقيل لِأَنَّهُ حَيّ فَكَأَنَّهُ شَاهد أَي حَاضر وَقيل لِأَن مَلَائِكَة الرَّحْمَة تشهده وَقيل لقِيَامه بِشَهَادَة الْحق فِي أَمر الله حَتَّى قتل وَقيل لِأَنَّهُ يشْهد مَا أعد الله لَهُ من الْكَرَامَة وَقيل غير ذَلِك فَهُوَ فعيل بِمَعْنى فَاعل وَبِمَعْنى مفعول على اخْتِلَاف التَّأْوِيل تَتِمَّة بَقِي من الشُّهَدَاء صَاحب السل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث سلمَان وَأحمد من حَدِيث رَاشد بن خُنَيْس والغريب رَوَاهُ بن ماجة من حَدِيث بن عَبَّاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث بن عمر والصابوني فِي الْمِائَتَيْنِ من حَدِيث جَابر وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عنترة وَصَاحب الْحمى رَوَاهُ الديلمي فِي مُسْند الفردوس من حَدِيث أنس واللديغ والشريق وَالَّذِي يفترسه السَّبع والخار عَن دَابَّته رَوَاهَا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عَبَّاس والمتردي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عنترة وَابْن مَسْعُود وَالْمَيِّت على فرَاشه فِي سَبِيل الله رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة والمقتول دون مَاله أَو دينه أَو دَمه أَو أَهله رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة ن حَدِيث سعيد بن زيد أَو دون مظْلمَة رَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث بن عَبَّاس وَالْمَيِّت فِي السجْن وَقد حبس ظلما رَوَاهُ بن مَنْدَه من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب وَالْمَيِّت عشقا رَوَاهُ الديلمي من حَدِيث بن عَبَّاس وَالْمَيِّت وَهُوَ طَالب للْعلم رَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث أبي ذَر وَأبي هُرَيْرَة

(1/182)


[555] عَن عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه عَن عمْرَة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة الروَاة إِلَّا القعْنبِي فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْد فِي الْمُوَطَّأ إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء الْحَيّ قا ل النَّوَوِيّ فأوله الْجُمْهُور على من أوصى أَن يبكى عَلَيْهِ ويناح بعد مَوته فنفذت وَصِيّه وَكَانَ من عَادَة الْعَرَب بذلك وَقَالَت طَائِفَة مَعْنَاهُ انه يعذب بِسَمَاعِهِ بكاء أَهله ويرق لَهُم وَإِلَيْهِ ذهب بن جرير وَرجحه القَاضِي عِيَاض وَقَالَت عَائِشَة مَعْنَاهُ ان الْكَافِر يعذب فِي حَال بكاء أَهله عَلَيْهِ بِذَنبِهِ لَا ببكائه قَالَ وَالصَّحِيح قَول الْجُمْهُور وَأَجْمعُوا على أَن المُرَاد بالبكاء هُنَا الْبكاء بِصَوْت ونياحة لَا بِمُجَرَّد دمع الْعين

[556] لَا يَمُوت لأحد من الْمُسلمين ثَلَاثَة من الْوَلَد فَتَمَسهُ النَّار بِالنّصب جَوَابا للنَّفْي إِلَّا تَحِلَّة الْقسم بِفَتْح الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة وَكسر الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام أَي مَا ينْحل بِهِ الْقسم وَهُوَ الْيَمين يُقَال فعلته تَحِلَّة الْقسم أَي قدر مَا حللت بِهِ يَمِيني وَالْمرَاد بِهِ قَوْله تَعَالَى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا قَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ لَا يدْخل النَّار ليعاقب بهَا وَلكنه يدخلهَا مجتازا وَلَا يكون ذَلِك الْجَوَاز إِلَّا قدر مَا تنْحَل بِهِ الْيَمين وَهُوَ الْجَوَاز على الصِّرَاط

[557] عَن أبي النَّضر السّلمِيّ بِفَتْح السِّين وَاللَّام قَالَ بن عبد الْبر بن النَّضر هَذَا مَجْهُول فِي الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا الْخَبَر وَاخْتلف فِيهِ رُوَاة الْمُوَطَّأ فأكثرهم يَقُول عَن بن النَّضر وَقَالَ بن بكير والقعنبي عَن أبي النَّضر وَقَالَ بَعضهم عبد الله بن النَّضر وَقَالَ بَعضهم مُحَمَّد بن النَّضر وَلَا يَصح وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين انه أنس بن مَالك بن النَّضر نسب إِلَى جده وَإِن كنيته أَبُو النَّضر وَهَذَا جهل لِأَن أنسا لَيْسَ بسلمي من بني سَلمَة وكنيته أَبُو حَمْزَة بِإِجْمَاع انْتهى

[558] مَالك أَنه بلغه عَن أبي الْحباب بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا جَاءَ هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ عِنْد عَامَّة رُوَاته وَقد رَوَاهُ معن بن عِيسَى عَن مَالك عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أبي الْحباب بِهِ وحامته أَي قرَابَته وخاصته وَمن يحزنهُ ذَهَابه وَمَوته جمع حميم وَلَيْسَت لَهُ خَطِيئَة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد أَنه يحط عَنهُ خطاياه بذلك أَو يحصل لَهُ من الْأجر على ذَلِك مَا يزن جَمِيع ذنُوبه

(1/183)


[559] عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليعز الْمُسلمين فِي مصائبهم الْمُصِيبَة بِي قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث روته طَائِفَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه وَقد رُوِيَ أَيْضا مُسْندًا من حَدِيث سهل بن سعد وَعَائِشَة والمسور بن مخرمَة

[560] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أم سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث يتَّصل من وُجُوه شَتَّى إِلَّا ان بَعضهم يَجعله لأم سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَعْضهمْ يَجعله لأم سَلمَة عَن أبي سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَصَابَته مُصِيبَة قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا اللَّفْظ مَوْضُوع فِي أصل كَلَام لعرب لكل من قَالَه شَرّ أَو خير وَلَكِن يخْتَص فِي عرف الِاسْتِعْمَال بالرزايا والمكاره فَقَالَ كَمَا أَمر الله قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُشِير إِلَى غير الْقُرْآن فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآن الْأَمر بِهِ بل تبشير من قَالَه وَالثنَاء عَلَيْهِ وَلِهَذَا وَصله بقوله اللَّهُمَّ أجرني إِلَى آخِره يُقَال أجره بِالْقصرِ وَقد يمد أَي أعطَاهُ أجره

(1/184)


[561] كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل فَقِيه إِلَى آخِره قَالَ فِي الاستذكار هَذَا خبر حسن عَجِيب فِي التعازي وَلَيْسَ فِي كل الموطآت وَمَا ذكرته من الْعَارِية للحلي على جِهَة ضرب الْمثل لَا يدْخل فِي مَذْمُوم الْكَذِب بل ذَلِك من الْأَمر الْمَحْمُود عَلَيْهِ صَاحبه

[562] عَن أبي الرِّجَال هُوَ لقب لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ عشرَة أَوْلَاد رجال وكنيته أَبُو عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن حَارِثَة بن النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ عَن أمه عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ يحيى بن صَالح الوحاظي وَعبد الله بن عبد الْوَهَّاب كِلَاهُمَا عَن مَالك عَن أبي الرِّجَال عَن عمْرَة عَن عَائِشَة مُسْندًا يَعْنِي نباش الْقُبُور قَالَ بن عبد الْبر هَذَا التَّفْسِير من قَول مَالك وَلَا أعلم أحدا يُخَالِفهُ فِي ذَلِك

[563] مَالك أَنه بلغه أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت تَقول كسر عظم الْمُسلم مَيتا ككسره وَهُوَ حَيّ قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الداروردي عَن سعد بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة مَرْفُوعا قلت وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة

[564] وألحقني بالرفيق قَالَ اب عبد الْبر هُوَ أَعلَى الْجنَّة وَقيل الْمَلَائِكَة والأنبياء والصالحون من قَوْله وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا

[565] مَالك أَنه بلغه أَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من نَبِي يَمُوت الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة

(1/185)


[566] إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض عَلَيْهِ مَقْعَده قَالَ الْبَاجِيّ الْعرض لَا يكون إِلَّا على حَيّ يعلم مَا يعرض عَلَيْهِ وَفهم مَا يُخَاطب بِهِ بالغدة والعشي أَي كل غَدَاة وكل عشي حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة سَقَطت إِلَى من وَرَايَة القعْنبِي وَفِي رِوَايَة لمُسلم إِلَيْهِ

[567] كل بن آدم تَأْكُله الأَرْض أَي جَمِيع جِسْمه سوى مَا اسْتثْنى من الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء إِلَّا عجب الذَّنب قَالَ الْبَاجِيّ لِأَنَّهُ أول مَا خلق من الْإِنْسَان وَهُوَ الَّذِي يبْقى مِنْهُ ليعاد تركيب الْخلق عَلَيْهِ

[568] إِنَّمَا نسمَة الْمُؤمن قَالَ الْبَاجِيّ فِي كتاب أبي الْقَاسِم الْجَوْهَرِي إِن النَّسمَة الرّوح وَالنَّفس وَالْبدن وَفِي هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يَعْنِي الرّوح قَالَ وَعِنْدِي انه يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ مَا يكون فِيهِ الرّوح من الْمَيِّت قبل الْبَعْث وَيحْتَمل أَنه شَيْء من مَحل الرّوح تبقى فِيهِ الرّوح طير يعلق بِفَتْح اللَّام ويروى بِالضَّمِّ أَي تَأْكُل وترعى وَاخْتلف فِي هَذَا الحَدِيث فَقيل انه عَام فِي الشُّهَدَاء وَغَيرهم إِذا لم تحبسهم عَن الْجنَّة كَبِيرَة وَلَا دين وَقيل إِنَّه خَاص بِالشُّهَدَاءِ دون غَيرهم لِأَن الْقُرْآن وَالسّنة لَا يدلان إِلَّا على ذَلِك

[569] إِذا أحب عَبدِي لقائي الحَدِيث فسر فِي الحَدِيث الصَّحِيح بِمَا عِنْد الْمَوْت حِين يُشَاهد مقَامه إِمَّا من الْجنَّة وَإِمَّا من النَّار

[570] عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ رجل قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَوَقفه مُصعب الزبيرِي والقعنبي على أبي هُرَيْرَة لَئِن قدر الله عَلَيْهِ قَالَ بن عبد الْبر هُوَ من الْقدر الَّذِي هُوَ الْقَضَاء وَلَيْسَ من بَاب الْقُدْرَة والاستطاعة كَقَوْلِه تَعَالَى فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ وَقيل بِمَعْنى ضيق كَقَوْلِه تَعَالَى وَمن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ

(1/186)


[571] كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة أَي الْإِسْلَام هَذَا أشهر الْأَقْوَال هُنَا جَمْعَاء أَي تَامَّة الْخلق لم يذهب من بدنهَا شَيْء هَل تحس فِيهَا من جَدْعَاء أَي مَقْطُوعَة الْأذن وَالْجُمْلَة حَال على تَقْدِير مقولا فِيهَا ذَلِك قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد ان الْمَوْلُود يُولد على الْفطْرَة ثمَّ يُغَيِّرهُ بعد ذَلِك أَبَوَاهُ كَمَا أَن الْبَهِيمَة تولد تَامَّة لَا جدع فِيهَا من أصل الْخلقَة وَإِنَّمَا تجدع بعد ذَلِك ويغير خلقتها

[573] عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث فِي جَمِيع الموطآت بِهَذَا الْإِسْنَاد وَأَخْطَأ فِيهِ سُوَيْد بن سعيد عَن مَالك فَقَالَ عَن معبد بن كَعْب عَن أَبِيه وَلَيْسَ بِشَيْء يستريح مِنْهُ الْعباد والبلاد وَالشَّجر وَالدَّوَاب لما يَتَرَتَّب على ذنُوبه من منع الْمَطَر

[574] عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما مَاتَ عُثْمَان الحَدِيث وَصله بن عبد الْبر من طَرِيق يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة

[575] بعثت إِلَى أهل البقيع لأصلي عَلَيْهِم قَالَ بن عبد الْبر يحْتَمل أَن تكون الصَّلَاة هُنَا الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار وَإِن تكون كَالصَّلَاةِ على الْمَوْتَى خُصُوصِيَّة لَهُ وليعم بِصَلَاتِهِ من لم يصل عَلَيْهِ حِين دَفنه

(1/187)


[576] عَن نَافِع أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ أَسْرعُوا بجنائزكم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ جُمْهُور رُوَاة الْمُوَطَّأ مَوْقُوفا وَرَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم عَن مَالك عَن نَافِع عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يُتَابع على ذَلِك عَن مَالك وَلكنه مَرْفُوع من غير رِوَايَة مَالك من طَرِيق أَيُّوب عَن نَافِع عَن أبي هُرَيْرَة وَمن طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قلت وَمن طَرِيق الزُّهْرِيّ أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ بن عبد الْبر تَأَول قوم هَذَا الحَدِيث على تَعْجِيل الدّفن لَا الْمَشْي وَلَيْسَ كَمَا ظنُّوا وَفِي قَوْله تضعونه عَن رِقَابكُمْ مَا يرد قَوْلهم