حاشية السندي
على سنن النسائي (كتاب الزَّكَاة)
قَوْله
[2435] لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ كَانَ
بَعَثَهُ إِلَيْهَا فِي ربيع الأول قبل حجَّة الْوَدَاع
وَقِيلَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ
تَبُوكَ وَقِيلَ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَاخْتُلِفَ هَلْ بَعَثَهُ وَالِيًا أَوْ قَاضِيًا
فَجَزَمَ الغساني بِالْأولِ وبن عَبْدِ الْبَرِّ
بِالثَّانِي وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ
عَلَيْهَا إِلَى أَنْ قَدِمَ فِي عَهْدِ عمر فَتوجه إِلَى
الشَّام فَمَاتَ بهَا
(5/2)
قوما أهل كتاب أَي الْيَهُود فقد كَثُرُوا
يَوْمئِذٍ فِي أقطار الْيمن فادعهم إِلَى أَن يشْهدُوا الخ
أَي فادعهم بالتدريج إِلَى ديننَا شَيْئا فَشَيْئًا وَلَا
تَدعهُمْ إِلَى كُله دفْعَة لِئَلَّا يمنعهُم من دُخُولهمْ
فِيهِ مَا يَجدونَ فِيهِ من كَثْرَة مُخَالفَته لدينهم
فَإِن مثله قد يمْنَع من الدُّخُول وَيُورث التنفير لمن
أَخذ قبل على دين آخر بِخِلَاف من لم يَأْخُذ على آخر
فَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على أَن الْكَافِر غير مُكَلّف
بالفروع كَيفَ وَلَو كَانَ ذَاك مَطْلُوبا للَزِمَ أَن
(5/3)
التَّكْلِيف بِالزَّكَاةِ بعد الصَّلَاة
وَهَذَا بَاطِل بالِاتِّفَاقِ وَهَذَا الحَدِيث لَيْسَ
مسوقا لتفاصيل الشَّرَائِع بل لكيفية الدعْوَة إِلَى
الشَّرَائِع إِجْمَالا وَأما تفاصيلها فَذَاك أَمر مفوض
إِلَى معرفَة معَاذ فَترك ذكر الصَّوْم وَالْحج لَا يضر
كَمَا لَا يضر ترك تفاصيل الصَّلَاة وَالزَّكَاة تُؤْخَذ
من أغنيائهم وَترد على فقرائهم الظَّاهِر أَن المُرَاد من
اغنياء أهل تِلْكَ الْبَلدة وفقرائهم فَالْحَدِيث دَلِيل
لمن يَقُول بِمَنْع نقل الزَّكَاة من بَلْدَة إِلَى
بَلْدَة وَيحْتَمل أَن المُرَاد من أَغْنِيَاء الْمُسلمين
وفقرائهم حَيْثُمَا كَانُوا فَيُؤْخَذ من الحَدِيث جَوَاز
النَّقْل فَاتق دَعْوَة الْمَظْلُوم أَي فَلَا تظلمهم فِي
الْأَخْذ خوفًا من دُعَائِهِمْ عَلَيْك وَفِيه أَن الظُّلم
يَنْبَغِي تَركه للْكُلّ وان كَانَ لَا يُبَالِي
بِالْمَعَاصِي لخوفه مِنْهُ وَأَنه مُنْفَرد عَن سَائِر
الْمعاصِي بِمَا فِيهِ من خوف دَعْوَة الْمَظْلُوم وَقد
جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات فَإِنَّهَا لَيست بَيْنهَا
وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ أَيْ لَيْسَ لَهَا صَارِفٌ
يَصْرِفُهَا وَلَا مَانِعٌ يَمْنَعُهَا وَالْمُرَادُ
أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا كَمَا جَاءَ
فِي الحَدِيث عِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا دَعْوَةُ
الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا
فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَ
بن الْعَرَبِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا
فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ الدَّاعِيَ
عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ إِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ مَا
طَلَبَ واما أَن يُؤَخر لَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَإِمَّا
أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلُهُ وَهَذَا
كَمَا قُيِّدَ مُطْلَقُ قَوْلِهِ تَعَالَى أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ ذكره
السُّيُوطِيّ
قَوْله
[2436] من عددهن لأصابع يَدَيْهِ يُرِيد أَن ضمير عددهن
لأصابع يَدَيْهِ أَن لَا آتِيك يُرِيد انه كَانَ كَارِهًا
لَهُ ولدينه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الا إِن
الله تَعَالَى من عَلَيْهِ واني كنت أمرا الخ الظَّاهِر ان
كَانَ زَائِدَة وَالْمرَاد أَنِّي فِي الْحَال لَا أَعقل
شَيْئا الخ وَلَيْسَ المُرَاد أَنه كَانَ فِي سالف
الزَّمَان كَذَلِك ومقصوده أَنه
(5/4)
ضَعِيف الرَّأْي عقيم النّظر فَيَنْبَغِي
للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يجْتَهد
فِي تَعْلِيمه وافهامه بِمَا بَعثك مَا استفهامية
وَالْجُمْلَة بَيَان السُّؤَال أسلمت وَجْهي إِلَى الله
أَي جعلت ذاتي منقادة لحكمه وسلمت جَمِيع مَا يرد على
مِنْهُ تَعَالَى فَالْمُرَاد بِالْوَجْهِ تَمام النَّفس
وتخليت التخلي التفرغ أَرَادَ التبعد من الشّرك وَعقد
الْقلب على الْإِيمَان أَي تركت جَمِيع مَا يعبد من دون
الله وصرت عَن الْميل إِلَيْهِ فَارغًا وَلَعَلَّ هَذَا
كَانَ بعد أَن نطق بِالشَّهَادَتَيْنِ لزِيَادَة رسوخ
الْإِيمَان فِي الْقلب وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا إنْشَاء
الْإِسْلَام لِأَنَّهُ فِي معنى الشَّهَادَة
بِالتَّوْحِيدِ وَالشَّهَادَة بالرسالة قد سبقت مِنْهُ
بقوله الا مَا عَلمنِي الله وَرَسُوله أَو أَن هَذَا
الْكَلَام يتَضَمَّن الشَّهَادَة بالرسالة لما فِي أسلمت
وَجْهي من الدّلَالَة على قبُوله جَمِيع أَحْكَامه
تَعَالَى وَمن جملَة تِلْكَ الْأَحْكَام أَن يشْهد
الْإِنْسَان لرَسُوله بالرسالة فَفِيهِ أَن الْمَقْصُود
الْأَصْلِيّ هُوَ إِظْهَار التَّوْحِيد وَالشَّهَادَة
بالرسالة بِأَيّ عبارَة كَانَت وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2437] اسباغ الْوضُوء شطر الْإِيمَان فِي رِوَايَة مُسلم
الطّهُور شطر الْإِيمَان
(5/5)
وَذكروا فِي تَوْجِيهه وُجُوهًا لَا تناسب
رِوَايَة الْكتاب مِنْهَا أَن الْإِيمَانَ يُطَهِّرُ
نَجَاسَةَ الْبَاطِنِ وَالْوُضُوءَ يُطَهِّرُ نَجَاسَةَ
الظَّاهِر وَهَذَا ان تمّ يُفِيد أَن الْوضُوء شطر
الْإِيمَان كَرِوَايَة مُسلم لَا أَن اسباغه شطر
الْإِيمَان كَمَا فِي رِوَايَة الْكتاب مَعَ أَنه لَا يتم
لِأَنَّهُ يقتضى أَن يَجْعَل الْوضُوء مثل الْإِيمَان
وعديله لَا نصفه أَو شطره وَكَذَا غَالب مَا ذكرُوا
وَالْأَظْهَر الْأَنْسَب لما فِي الْكتاب أَن يُقَال
أَرَادَ بِالْإِيمَان الصَّلَاة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى
وَمَا كَانَ الله لِيُضيع ايمانكم الْكَلَام على تَقْدِير
مُضَاف أَي إِكْمَال الْوضُوء شطرا كَمَال الصَّلَاة
وتوضيحه أَن إِكْمَال الصَّلَاة باكمال شرائطها
الْخَارِجَة عَنْهَا واركانها الدَّاخِلَة فِيهَا وَأعظم
الشَّرَائِط الْوضُوء فَجعل إكماله نصف إِكْمَال الصَّلَاة
وَيحْتَمل أَن المُرَاد التَّرْغِيب فِي إِكْمَال الْوضُوء
وتعظيم ثَوَابه حَتَّى كَأَنَّهُ بلغ إِلَى نصف ثَوَاب
الْإِيمَان وَالله تَعَالَى أعلم وَالْحَمْد لله تملأ
بِالتَّاءِ الفوقانية بِاعْتِبَار الْكَلِمَة وَظَاهره أَن
الْأَعْمَال تتجسد عِنْد الْوَزْن وَالتَّسْبِيح
وَالتَّكْبِير يمْلَأ بالافراد أَي كل مِنْهُمَا أَو
مجموعهما وَفِي بعض النّسخ يملآن بالتثنية وَالظَّاهِر أَن
هَذَا يكون عِنْد الْوَزْن كَمَا فِي عديله وَلَعَلَّ
الْأَعْمَال تصير أجساما لَطِيفَة نورانية لَا تتزاحم
بَعْضهَا وَلَا تزاحم غَيرهَا كَمَا هُوَ الْمشَاهد فِي
الْأَنْوَار إِذْ يُمكن أَن يسرج ألف سراج فِي بَيت وَاحِد
مَعَ أَنه يمتلئ نورا من وَاحِد من تِلْكَ السرج لَكِن
كَونه لَا يزاحم يجْتَمع مَعَه نور الثَّانِي وَالثَّالِث
ثمَّ لَا يمْتَنع امتلاء الْبَيْت من النُّور جُلُوس
القاعدين فِيهِ لعدم الْمُزَاحمَة فَلَا يرد أَنه كَيفَ
يتَصَوَّر ذَلِك مَعَ كَثْرَة التسبيحات والتقديسات
(5/6)
مَعَ أَنه يلْزم من وجود وَاحِد أَن لَا
يبْقى مَكَان لشخص من أهل الْمَحْشَر وَلَا لعلم آخر متجسد
مثل تجسد التَّسْبِيح وَغَيره وَالله تَعَالَى أعلم
وَالصَّلَاة نور لَعَلَّ لَهَا تَأْثِيرا فِي تنوير
الْقُلُوب وانشراح الصُّدُور برهَان دَلِيل على صدق
صَاحبهَا فِي دَعْوَى الْإِيمَان إِذْ الاقدام على بذل
المَال خَالِصا لله لَا يكون الا من صَادِق فِي ايمانه
وَالصَّبْر ضِيَاء أَي نور قوي فقد قَالَ تَعَالَى هُوَ
الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا وَلَعَلَّ
المُرَاد بِالصبرِ الصَّوْم وَهُوَ لكَونه قهرا على
النَّفس قامعا لشهوتها لَهُ تَأْثِير عَادَة فِي تنوير
الْقلب بأتم
(5/7)
وَجه حجَّة لَك ان عملت بِهِ أَو عَلَيْك
ان قرأته بِلَا عمل بِهِ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2438] ثمَّ أكب أَي سقط على مَاذَا حلف أَي على التعين ان
لم يبين نعم ظهر من قَرَائِن الْأَحْوَال أَنه من
الْأُمُور الشَّدِيدَة الهائلة مَا من عبد وَفِيه أَن
مرتكب الصَّغَائِر إِذا أَتَى بالفرائض لَا يعذب إِذْ لَا
يُنَاسب أَن يُقَال يُمكن
(5/8)
أَن يكون هَذَا بعد خُرُوجه من الْعَذَاب
إِذْ يَأْبَى عَنهُ ادخل بِسَلام وَهُوَ الْمُوَافق
لقَوْله تَعَالَى ان تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ
الْآيَة وَأَن الْكَبَائِر المخلة لدُخُول الْجنَّة
ابْتِدَاء هِيَ الموبقات السَّبع وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2439] هَل على من يدعى من تِلْكَ الْأَبْوَاب
الِاسْتِفْهَام هَا هُنَا بِمَعْنى النَّفْي كَمَا فِي
قَوْله تَعَالَى هَل جَزَاء الْإِحْسَان
(5/9)
الا الْإِحْسَان وَأما قَوْله فَهَل يدعى
فَهُوَ اسْتِفْهَام تَحْقِيق قَوْله الْأَكْثَرُونَ
أَمْوَالًا من قَالَ الخ اسْتثِْنَاء من هَذَا الحكم
وَفِيه أَنه يَصح رَجَعَ الضَّمِير إِلَى الْحَاضِر فِي
الذِّهْن ثمَّ تَفْسِيره للمخاطب إِذا سَأَلَ عَنهُ وَمعنى
الا من قَالَ هَكَذَا أَي الا من تصدق من الْأَكْثَرين فِي
جَمِيع الجوانب وَهُوَ كِنَايَة عَن كَثْرَة التَّصَدُّق
فَذَاك لَيْسَ من الأخسرين وَقَوله قَالَ اما بِمَعْنى
تصدق وَقَوله هَكَذَا إِشَارَة إِلَى حثية فِي الجوانب
الثَّلَاث أَي تصدق فِي جَمِيع جِهَات الْخَيْر تصدقا
كالحثى فِي الْجِهَات الثَّلَاث أَو بِمَعْنى فعل أَي الا
من فعل بِمَالِه فعلا مثل الحثى فِي الْجِهَات الثَّلَاث
وَهُوَ كِنَايَة عَن التَّصَدُّق الْعَام فِي جِهَات
الْخَيْر وحثيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بَيَان
للمشار
(5/10)
إِلَيْهِ بهكذا وَالْعرب تجْعَل القَوْل
عبارَة عَن جَمِيع الْأَفْعَال
[2440] تطؤه بأخفافها رَاجع للابل لِأَن الْخُف مَخْصُوص
بهَا كَمَا أَن الظلْف وَهُوَ المنشق من القوائم مُخْتَصّ
بالبقر وَالْغنم والظباء والحافر مُخْتَصّ بالفرس والبغل
وَالْحمار والقدم للآدمي ذكره السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة
التِّرْمِذِيّ وتنطحه بقرونها رَاجع للبقر وتنطحه
الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة كسر الطَّاء وَيجوز الْفَتْح
نفدت بِكَسْر الْفَاء واهمال الدَّال أَو بِفَتْحِهَا
واعجام الذَّال
قَوْله
[2441] الا جعل أَي مَاله وَالظَّاهِر جَمِيع المَال لَا
قدر الزَّكَاة فَقَط شُجَاع بِالضَّمِّ وَالْكَسْر
الْحَيَّة الذّكر وَقيل الْحَيَّة مُطلقًا أَقرع لَا شعر
على رَأسه لِكَثْرَة سمه وَقيل هُوَ الْأَبْيَض الرَّأْس
من كَثْرَة السم وَهُوَ يفر مِنْهُ كَانَ هَذَا فِي أول
الْأَمر قبل أَن يصير طوقا لَهُ مَا بخلوا بِهِ ظَاهره
أَنه يَجْعَل قدر الزَّكَاة طوقا لَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي
بخل بِهِ وَظَاهر الحَدِيث أَنه الْكل وَيُمكن أَن يُقَال
المُرَاد فِي الْقُرْآن مَا بخلوا بِزَكَاتِهِ وَهُوَ كل
المَال وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال ثمَّ لَا
تنَافِي بَين هَذَا وَبَين قَوْله تَعَالَى وَالَّذين
يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة الْآيَة إِذْ يُمكن أَن
يَجْعَل بعض أَنْوَاع المَال طوقا وَبَعضهَا يحمى عَلَيْهِ
فِي نَار جَهَنَّم أَو يعذب حينا بِهَذِهِ الصّفة وحينا
بِتِلْكَ الصّفة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/11)
[2442] لَا يُعْطِي حَقَّهَا أَيْ لَا
يُؤَدِّي زَكَاتَهَا وَالْجُمْلَة صفة ابل فِي نجدتها
ورسلها قيل النجدة الشدَّة أَو السّمن وَالرسل بِالْكَسْرِ
الهينة وَالثَّانِي أَي يُعْطِي وَهِيَ سِمَانٌ حِسَانٌ
يَشْتَدُّ عَلَيْهِ إِخْرَاجُهَا فَتِلْكَ نَجْدَتُهَا
وَيُعْطِي فِي رِسْلِهَا وَهِيَ مَهَازِيلُ وَفِي
النِّهَايَة وَالْأَحْسَن وَالله تَعَالَى أعلم أَن
الْمُرَادُ بِالنَّجْدَةِ الشِّدَّةَ وَالْجَدْبَ
وَبِالرِّسْلِ الرَّخَاءَ وَالْخِصْبَ لِأَنَّ الرِّسْلَ
اللَّبَنُ وَإِنَّمَا يَكْثُرُ فِي حَالِ الرخَاء وَالْخصب
وَالْمعْنَى أَنه يخرج حق الله حَال الضّيق والجدب وَحَال
السعَة وَالْخصب وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق للتفسير الَّذِي
فِي الحَدِيث
(5/12)
وَهُوَ ظَاهر كأغذ مَا كَانَت بغين
مُعْجمَة وذال مُعْجمَة مُشَدّدَة أَي أسْرع وَأنْشط وأسره
بِالسِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء أَي كأسمن مَا
كَانَت من السِّرّ وَهُوَ اللب وَقيل مِنَ السُّرُورِ
لِأَنَّهَا إِذَا سَمِنَتْ سَرَّتِ النَّاظِرَ إِلَيْهَا
وَرُوِيَ وَآشَرِهِ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَشِينٍ
مُعْجَمَةٍ وَتَخْفِيفِ رَاء أَي أبطره وأنشطه يبطح على
بِنَاء الْمَفْعُول أَي يلقى على وَجهه بقاع القاع
الْمَكَان الْوَاسِع قرقر بِفَتْح القافين الْمَكَان
المستوي كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة أَي على هَذَا
المعذب والا فقد جَاءَ أَنه يُخَفف عَلَى الْمُؤْمِنِ
حَتَّى يَكُونَ أَخَفَّ
(5/13)
عَلَيْهِ من صَلَاة مَكْتُوبَة فَيرى
سَبيله اما إِلَى الْجنَّة أَو إِلَى النَّار كَمَا فِي
مُسلم عَقْصَاءُ هِيَ الْمُلْتَوِيَةُ الْقَرْنَيْنِ وَلَا
عَضْبَاءُ هِيَ الْمَكْسُورَة الْقرن
قَوْله
[2443] لما توفّي على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا اسْتخْلف
أَي جعل خَليفَة وَكفر أَي منع الزَّكَاة وعامل مُعَاملَة
من كفر أَو ارْتَدَّ لإنكاره افتراض الزَّكَاة قيل انهم
حملُوا قَوْله تَعَالَى خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة على
الْخُصُوص بِقَرِينَة ان صَلَاتك سكن لَهُم فَرَأَوْا أَن
لَيْسَ لغيره أَخذ زَكَاة فَلَا زَكَاة بعده كَيفَ تقَاتل
النَّاس أَي من يمْنَع من الزَّكَاة من الْمُسلمين حَتَّى
يَقُولُوا
(5/14)
اما أَن يحمل على أَنه كَانَ قبل شرع
الْجِزْيَة أَو على أَن الْكَلَام فِي الْعَرَب وهم لَا
يقبل مِنْهُم الْجِزْيَة والا فالقتال فِي أهل الْكتاب
يرْتَفع بالجزية أَيْضا وَالْمرَاد بِهَذَا القَوْل
إِظْهَار الْإِسْلَام فَشَمَلَ الشَّهَادَة لَهُ صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بالرسالة وَالِاعْتِرَاف بِكُل
مَا علم مَجِيئه بِهِ من فرق بِالتَّشْدِيدِ أَو
التَّخْفِيف أَي من قَالَ بِوُجُوب الصَّلَاة دون
الزَّكَاة أَو يفعل الصَّلَاة وَيتْرك الزَّكَاة فَإِن
الزَّكَاة حق المَال أَشَارَ بِهِ إِلَى دُخُولهَا فِي
قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الا بِحقِّهِ
وَلذَلِك رَجَعَ عمر إِلَى أبي بكر وَعلم أَن فعله مُوَافق
للْحَدِيث وَأَنه قد وفْق بِهِ من الله تَعَالَى عقَالًا
هُوَ بِكَسْر الْعين الْحَبل الَّذِي يعقل بِهِ الْبَعِير
وَلَيْسَ من الصَّدَقَة فَلَا يحل لَهُ الْقِتَال فَقيل
أَرَادَ الْمُبَالغَة بِأَنَّهُم لَو منعُوا من الصَّدَقَة
مَا يُسَاوِي هَذَا الْقدر لحل قِتَالهمْ فَكيف إِذا
منعُوا الزَّكَاة كلهَا وَقيل قد يُطلق العقال على صَدَقَة
عَام وَهُوَ المُرَاد هَا هُنَا مَا هُوَ أَي سَبَب رجوعي
إِلَى رأى أبي بكر الا أَن رَأَيْت الخ أَي لما ذكر أَبُو
بكر من قَوْله فَإِن الزَّكَاة حق المَال وَالله تَعَالَى
أعلم بِحَقِيقَة الْحَال
قَوْله
[2444] فِي كل أَرْبَعِينَ لَعَلَّ هَذَا إِذا زَاد
الْإِبِل على مائَة وَعشْرين فيوافق الْأَحَادِيث الْأُخَر
(5/15)
لَا يفرق ابل عَن حِسَابهَا أَي تحاسب
الْكل فِي الْأَرْبَعين وَلَا يتْرك هزال وَلَا سمين وَلَا
صَغِير وَلَا كَبِير نعم الْعَامِل لَا يَأْخُذ الا الْوسط
مُؤْتَجِرًا بِالْهَمْزَةِ أَي طَالبا لِلْأجرِ وَقَوله
وَشطر ابله الْمَشْهُور رِوَايَة سُكُون الطَّاء من شطر
على أَنه بِمَعْنى النّصْف وَهُوَ بِالنّصب عطف على ضمير
آخِذُوهَا لِأَنَّهُ مفعول وَسقط نون الْجمع للاتصال أَو
هُوَ مُضَاف إِلَيْهِ الا أَنه عطف على مَحَله وَيجوز
جَرّه أَيْضا وَالْجُمْهُور على أَنه حِين كَانَ
التَّغْرِير بالأموال جَائِزا فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ
نسخ فَلَا يجوز الْآن أَخذ الزَّائِد على قدر الزَّكَاة
وَقيل مَعْنَاهُ أَنه يُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة وان أدّى
ذَلِك إِلَى نصف المَال كَأَن كَانَ لَهُ ألف شَاة
فاستهلكها بعد أَن وَجَبت عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاة إِلَى
أَن بَقِي لَهُ عِشْرُونَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ
عَشْرُ شِيَاهٍ لِصَدَقَةِ الْألف وان كَانَ ذَلِك نصفا
للقدر الْبَاقِي ورد بِأَن اللَّائِق بِهَذَا الْمَعْنى
أَن يُقَال انا آخذوا شطر مَاله لَا آخِذُوهَا وَشطر مَاله
بالْعَطْف كَمَا فِي الحَدِيث وَقيل وَالصَّحِيح أَن
يُقَال وَشطر مَاله بتَشْديد الطَّاء وَبِنَاء الْمَفْعُول
أَي يَجْعَل الْمُصدق مَاله نِصْفَيْنِ وَيتَخَيَّر
عَلَيْهِ فَيَأْخُذ الصَّدَقَة من خير النصفين عُقُوبَة
وَأما أَخذ الزَّائِد فَلَا وَلَا يخفى أَنه قَول يَأْخُذ
الزِّيَادَة وَصفا وتغليطا للرواة بِلَا فَائِدَة وَالله
تَعَالَى أعلم
(5/16)
عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا أَيْ
حَقٌّ مِنْ حُقُوقه وواجب من واجباته قَوْله أوسق بِفَتْح
الْألف وَضم السِّين جمع وسق بِفَتْح وَاو أَو كسرهَا
وَسُكُون سين والوسق سِتُّونَ صَاعا وَالْمعْنَى إِذا خرج
من الأَرْض أقل من ذَلِك فِي الْمكيل فَلَا زَكَاة
عَلَيْهِ فِيهِ وَبِه أَخذ الْجُمْهُور وَخَالفهُم أَبُو
حنيفَة وَأخذ بِإِطْلَاق حَدِيث فِيمَا سقته السَّمَاء
الْعشْر الحَدِيث
[2446] خَمْسِ ذَوْدٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ
الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْملَة وَالرِّوَايَة الْمَشْهُورَة
بِإِضَافَة خمس وروى بتنوينه على أَن ذود بدل مِنْهُ
والذود مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ لَا وَاحِدَ
لَهُ من لَفظه وَإِنَّمَا يُقَال فِي الْوَاحِد بعير وَقيل
بل نَاقَة فَإِن الذود فِي الاناث دون الذُّكُور لَكِن
حملوه فِي الحَدِيث على مَا يعم الذّكر وَالْأُنْثَى فَمن
ملك خمْسا من الْإِبِل ذُكُورا يجب عَلَيْهِ فِيهَا
الصَّدَقَة فَالْمَعْنى إِذا كَانَ الْإِبِل أقل من خمس
فَلَا صَدَقَة فِيهَا خمس أَوَاقٍ كجوار جمع أُوقِيَّة
بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء وَيُقَال
(5/17)
لَهَا الوقية بِحَذْف الْألف وَفتح الْوَاو
وَهِي أَرْبَعُونَ درهما وَخَمْسَة أَوَاقٍ مِائَتَا
دِرْهَم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ان هَذِه فَرَائض
الصَّدَقَة أَي هَذِه الصَّدقَات الْمَذْكُورَة فِيمَا
سَيَجِيءُ هِيَ المفروضات من جنس الصَّدَقَة فرض رَسُول
الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي أوجب أَو شرع
أَو قدر لِأَن ايجابها بِالْكتاب الا أَن
(5/18)
التَّحْدِيد وَالتَّقْدِير عَرفْنَاهُ
بِبَيَان النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
الَّتِي أَمر الله بِلَا وَاو وَكَذَا فِي أبي دَاوُد
فَهِيَ بَدَلٌ مِنَ الَّتِي الْأُولَى وَفِي صَحِيحِ
الْبُخَارِيِّ بواو الْعَطف عَلَى وَجْهِهَا أَيْ عَلَى
هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي هَذَا الحَدِيث
فَلَا يُعْط أَي الزَّائِد أَو فَلَا يُعْطه الصَّدَقَة
أصلا لِأَنَّهُ انْعَزل بالجور بنت مَخَاض بِفَتْح الْمِيم
والمعجمة المخففة الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا الْحول وَدخلت
فِي الثَّانِي وحملت أمهَا والمخاض الْحَامِل أَي دخل وَقت
حملهَا وان لم تحمل فَابْن لبون ذكر بن اللَّبُون هُوَ
الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ حولان وَصَارَت أمه لبونا بِوَضْع
الْحمل وتوصيفه بالذكورة مَعَ كَونه مَعْلُوما من الِاسْم
اما للتَّأْكِيد وَزِيَادَة الْبَيَان أَو لتنبيه رب
المَال والمصدق لطيب رب المَال نفسا بِالزِّيَادَةِ
الْمَأْخُوذَة إِذا تَأمله فَيعلم أَنه سقط عَنهُ مَا
كَانَ بإزائه من فضل الْأُنُوثَة فِي الْفَرِيضَة
الْوَاجِبَة عَلَيْهِ وليعلم الْمُصدق أَن سنّ الذُّكُورَة
مَقْبُولَة من رب المَال فِي هَذَا النَّوْع وَهَذَا أَمر
نَادِر وَزِيَادَة الْبَيَان فِي الْأَمر الْغَرِيب
النَّادِر ليتَمَكَّن فِي النَّفس فضل تمكن مَقْبُول كَذَا
ذكره الْخطابِيّ حَقه بِكَسْر الْمُهْملَة وَتَشْديد
الْقَاف هِيَ الَّتِي أَتَت عَلَيْهَا ثَلَاث سِنِين
وَمعنى طروقه الْفَحْل هِيَ الَّتِي طرقها أَي نزا
عَلَيْهَا والطروقة
(5/19)
بِفَتْح الطَّاء فعولة بِمَعْنى مفعولة
جَذَعَة بِفَتْح الْجِيم والذال الْمُعْجَمَة هِيَ الَّتِي
أَتَى عَلَيْهَا أَربع سِنِين فَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت
لبون الخ أَي إِذا زَاد بِجعْل الْكل على عدد الأربعينات
والخمسينات مثلا إِذا زَاد وَاحِد على الْعدَد الْمَذْكُور
يعْتَبر الْكل ثَلَاث أربعينات وَوَاحِد وَالْوَاحد لَا
شَيْء فِيهِ وَثَلَاث أربعينات فِيهَا ثَلَاث بَنَات لبون
إِلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَة وَفِي ثَلَاثِينَ وَمِائَة حقة
لخمسين وبنتا لبون لأربعين وَهَكَذَا وَلَا يظْهر
التَّغْيِير الا عِنْد زِيَادَة عشر فَإِذا تبَاين الخ أَي
اخْتلف الْأَسْنَان فِي بَاب الْفَرِيضَة بِأَن يكون
الْمَفْرُوض سنا وَالْمَوْجُود عِنْد صَاحب المَال سنا آخر
فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ الحقة الضَّمِير للقصة وَالْمرَاد
أَن الحقة تقبل مَوضِع الْجَذعَة مَعَ شَاتين أَو عشْرين
درهما حمله بعض على أَن ذَاك تفَاوت قيمَة مَا بَين
الْجَذعَة والحقة فِي تِلْكَ الْأَيَّام فَالْوَاجِب هُوَ
تفَاوت الْقيمَة لَا تعْيين ذَلِك فاستدل بِهِ على جَوَاز
أَدَاء الْقيم فِي الزَّكَاة وَالْجُمْهُور على تعْيين
ذَلِك الْقدر بِرِضا صَاحب المَال والا فليطلب السن
الْوَاجِب وَلم يجوزوا الْقيمَة
(5/20)
وَمعنى استيسرتا لَهُ أَي كَانَتَا
موجودتين فِي مَاشِيَته مثلا ثَلَاث شِيَاه بِالْكَسْرِ
جمع شَاة هرمة بِفَتْح فَكسر أَي كَبِيرَة السن الَّتِي
سَقَطَتْ أَسْنَانُهَا وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ بِفَتْحِ وَقد
تضم أَي ذَات عيب وَلَا تَيْس الْغنم أَي فَحل الْغنم
الْمعد لضرابها اما لِأَنَّهُ ذكر وَالْمُعْتَبر فِي
الزَّكَاة الاناث دون الذُّكُور لِأَن الاناث أَنْفَع
للْفُقَرَاء واما لِأَنَّهُ مُضر بِصَاحِب المَال
لِأَنَّهُ يعز عَلَيْهِ وعَلى الأول قَوْله الا أَن يَشَاء
الْمُصدق بتَخْفِيف الصَّاد وَكسر الدَّال الْمُشَدّدَة
وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور أَي الْعَامِل على الصَّدقَات
والإستثناء مُتَعَلق
(5/21)
بالأقسام الثَّلَاث فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى
التَّفْوِيض إِلَى اجْتِهَاد الْعَامِل لكَونه
كَالْوَكِيلِ للْفُقَرَاء فيفعل مَا يرى فِيهِ الْمصلحَة
وَالْمعْنَى لَا تُؤْخَذ كَبِيرَة السن وَلَا المعيبة
ولااليس الا أَن يرى الْعَامِل أَن ذَلِك أفضل
للْمَسَاكِين فَيَأْخذهُ نظرا لَهُم وعَلى الثَّانِي اما
بتَخْفِيف الصَّاد وَفتح الدَّال الْمُشَدّدَة أَو
بتَشْديد الصَّاد وَالدَّال مَعًا وَكسر الدَّال أَصله
الْمُتَصَدّق فأدغمت التَّاء فِي الصَّاد وَالْمرَاد صَاحب
المَال وَالِاسْتِثْنَاء مُتَعَلق بالاخير أَي لَا يُؤْخَذ
فَحْلُ الْغَنَمِ إِلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ
يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَفِي أَخْذِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ
إِضْرَارٌ بِهِ وَلَا يجمع بَين متفرق مَعْنَاهُ عِنْد
الْجُمْهُور على النَّهْي أَي لَا يَنْبَغِي لمالكين يجب
على مَال كل مِنْهُمَا صَدَقَة وَمَا لَهما متفرق بِأَن
يكون لكل مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ شَاة فَتجب فِي مَال كل
مِنْهُمَا شَاة وَاحِدَة أَن يجمعا عِنْد حُضُور الْمُصدق
فِرَارًا عَن لُزُوم الشَّاة إِلَى نصفهَا إِذْ عِنْد
الْجمع يُؤْخَذ من كل المَال شَاة وَاحِدَة وعَلى هَذَا
قِيَاس وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع بِأَن يكون لكل مِنْهُمَا
مائَة شَاة وشَاة فَيكون عَلَيْهِمَا عِنْد الِاجْتِمَاع
ثَلَاث شِيَاه أَن يفرقا مَا لَهما ليَكُون على كل وَاحِد
شَاة وَاحِدَة فَقَط وَالْحَاصِل أَن الْخَلْط عِنْد
الْجُمْهُور مُؤثر فِي زِيَادَة الصَّدَقَة ونقصانها لَكِن
لَا يَنْبَغِي لَهُم أَن يَفْعَلُوا ذَلِك فِرَارًا عَن
زِيَادَة الصَّدَقَة وَيُمكن تَوْجِيه النَّهْي إِلَى
الْمُصدق أَي لَيْسَ لَهُ الْجمع والتفريق خشيَة نُقْصَان
الصَّدَقَة أَي لَيْسَ لَهُ أَنه إِذا رأى نُقْصَانا فِي
الصَّدَقَة على تَقْدِير الِاجْتِمَاع أَن يفرق أَو رأى
نُقْصَانا على تَقْدِير التَّفَرُّق أَن يجمع وَقَوله
خشيَة الصَّدَقَة مُتَعَلق بالفعلين على التَّنَازُع أَو
بِفعل يعم الْفِعْلَيْنِ أَي لَا يفعل شَيْء من ذَلِك
خشيَة الصَّدَقَة وَأما عِنْد أبي حنيفَة لَا أثر للخلطة
فَمَعْنَى الحَدِيث عِنْده على ظَاهر النَّفْي على أَن
النَّفْي رَاجع إِلَى الْقَيْد وَحَاصِله نفي الْخَلْط
لنفي الْأَثر أَي لَا أثر للخلطة والتفريق فِي تقليل
الزَّكَاة وتكثيرها أَي لَا يفعل شَيْء من ذَلِك خشيَة
الصَّدَقَة إِذْ لَا أثر لَهُ فِي الصَّدَقَة وَالله
تَعَالَى أعلم وَمَا كَانَ من خليطين الخ مَعْنَاهُ عِنْد
الْجُمْهُور أَن مَا كَانَ متميزا لَاحَدَّ الخلطين من
المَال فَأخذ السَّاعِي من ذَلِك المتميز يرجع إِلَى
صَاحبه بِحِصَّتِهِ بِأَن كَانَ لكل عشرُون وَأخذ
السَّاعِي من مَال أَحدهمَا يرجع
(5/22)
بِقِيمَة نصف شَاة وان كَانَ لأَحَدهمَا
عشرُون وَللْآخر أَرْبَعُونَ مثلا فَأخذ من صَاحب عشْرين
يرجع إِلَى صَاحب أَرْبَعِينَ بالثلثين وان أَخذ مِنْهُ
يرجع على صَاحب عشْرين بِالثُّلثِ وَعند أبي حنيفَة يحمل
الخليط على الشَّرِيك إِذْ المَال إِذا تميز فَلَا يُؤْخَذ
زَكَاة كل الا من مَاله وَأما إِذا كَانَ المَال بَينهمَا
على الشّركَة بِلَا تميز وَأخذ من ذَلِك الْمُشْتَرك
فَعنده يجب التراجع بِالسَّوِيَّةِ أَي يرجع كل مِنْهُمَا
على صَاحبه بِقدر مَا يُسَاوِي مَاله مثلا لأَحَدهمَا
أَرْبَعُونَ بقرة وَللْآخر ثَلَاثُونَ وَالْمَال مُشْتَرك
غير متميز فَأخذ السَّاعِي عَن صَاحب أَرْبَعِينَ مُسِنَّة
وَعَن صَاحب ثَلَاثِينَ تبيعا وَأعْطى كل مِنْهُمَا من
المَال الْمُشْتَرك فَيرجع صَاحب أَرْبَعِينَ بأَرْبعَة
أَسْبَاع التبيع على صَاحب ثَلَاثِينَ وَصَاحب ثَلَاثِينَ
بِثَلَاثَة أَسْبَاع المسنة على صَاحب أَرْبَعِينَ
وَاحِدَة بِالنّصب على نزع الْخَافِض أَي بِوَاحِدَة أَو
هِيَ صفة وَالتَّقْدِير بِشَاة وَاحِدَة الا أَن يَشَاء
رَبهَا أَي فَيعْطى شَيْئا تَطَوّعا وَفِي الرقة بِكَسْر
الرَّاء وَتَخْفِيف الْقَاف الْفضة الْخَالِصَة مَضْرُوبَة
كَانَت
(5/23)
أَولا
قَوْله
[2448] إِذا هِيَ أَي الْإِبِل لم يُعْط على بِنَاء
الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل وَمن حَقّهَا أَن تحلب بحاء
مُهْملَة وَالظَّاهِر أَن المُرَاد وَالله تَعَالَى أعلم
من حَقّهَا الْمَنْدُوب حلبها على المَاء لِمَنْ
يَحْضُرُهَا مِنَ الْمَسَاكِينِ وَإِنَّمَا خُصَّ
الْحَلْبُ بِمَوْضِعِ الْمَاءِ لِيَكُونَ أَسْهَلَ عَلَى
الْمُحْتَاجِ مِنْ قَصْدِ الْمَنَازِلِ وَذَكَرَهُ
الدَّاوُدِيُّ بِالْجِيمِ وَفَسَّرَهُ بِالْإِحْضَارِ
إِلَى الْمُصدق وَتعقبه بن دحْيَة وَجزم بِأَنَّهُ
تَصْحِيف أَلا لَا يَأْتِين أَي لَيْسَ لاحدكم أَن يَأْخُذ
الْبَعِير ظلما أَو خِيَانَة أَو غلولا فَيَأْتِي بِهِ
يَوْم الْقِيَامَة رُغَاءٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَغَيْنٌ
مُعْجَمَةٌ صَوْتُ الْإِبِلِ يُعَارٌ بِتَحْتِيَّةٍ
مَضْمُومَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ صَوْتُ الْمَعْزِ كنز
أحدهم أَي مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة من المَال وَلم يؤد
زَكَاته شجاعا بِضَم الشين وَهُوَ مَنْصُوب على الخبرية
وكتابته بِلَا ألف كَمَا فِي بعض النّسخ مَبْنِيّ على
عَادَة أهل
(5/24)
الحَدِيث فِي كِتَابَة الْمَنْصُوب بِلَا
ألف أَحْيَانًا حَتَّى يلقمه من ألقمه حجرا أَي أدخلهُ فِي
فَمه قَوْله إِذا كَانَت رسلًا لأَهْلهَا رسلًا بِكَسْر
الرَّاء بِمَعْنى اللين وَكَذَا مَا كَانَ من الْإِبِل
وَالْغنم من عشر إِلَى خمس وَعشْرين وَالظَّاهِر أَنه
أَرَادَ بِهِ الْمَعْنى الأول أَي إِذا اتَّخَذُوهَا فِي
الْبَيْت لاجل اللَّبن وَأخذ التَّرْجَمَة من مَفْهُوم فِي
كل ابل سَائِمَة وَيحْتَمل على بعد أَنه أَرَادَ الثَّانِي
أَي إِذا كَانَت دون أَرْبَعِينَ فَأخذ من
قَوْله
[2449] من كل أَرْبَعِينَ أَنه لَا زَكَاة فِيمَا دون
أَرْبَعِينَ لَكِن هَذَا مُخَالف لسَائِر الْأَحَادِيث
وَقد تقدم حمل
(5/25)
الحَدِيث على مَا ينْدَفع بِهِ التَّنَافِي
بَين الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2452] أَن يَأْخُذ أَي فِي الْجِزْيَة من كل حالم أَي
بَالغ عدله بِفَتْح الْعين أَو كسرهَا مَا يُسَاوِي
الشَّيْء قيمَة معافر بِفَتْح الْمِيم برود بِالْيمن تبيعا
مَا دخل فِي الثَّانِيَة مُسِنَّة مَا دخل فِي الثَّالِثَة
قَوْله عجل بِكَسْر الْعين ولد الْبَقر تَابع
(5/26)
تبع أَي أمه وَلذَلِك يُسمى تبيعا جذع
بِفتْحَتَيْنِ أَي ذكر أَو جَذَعَة أَي أُنْثَى قَوْله
جماء هِيَ الَّتِي لَا قرن لَهَا وماذا حَقّهَا ظَاهره
الْحق الْوَاجِب الَّذِي فِيهِ الْكَلَام لَكِن مَعْلُوم
أَن ذَلِك الْحق الْوَاجِب هُوَ الزَّكَاة لَا الْمَذْكُور
فِي الْجَواب فَيَنْبَغِي أَن يَجْعَل السُّؤَال عَن الْحق
الْمَنْدُوب وَتركُوا السُّؤَال عَن الْوَاجِب الَّذِي
كَانَ فِيهِ الْكَلَام لظُهُوره عِنْدهم اطراق فَحلهَا أَي
اعارته للضراب واعارة دلوها لاخراج المَاء من الْبِئْر لمن
يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا دلو مَعَه يقضمها بِفَتْح الضَّاد
الْمُعْجَمَة من
(5/27)
الْقَضْمُ بِقَافٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ
الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ الْفَحْل أَي الذّكر
الْقوي بِأَسْنَانِهِ قَوْله
(5/28)
[2457] أَن لَا نَأْخُذ راضع لبن أَي
صَغِيرا يرضع اللَّبن أَو المُرَاد ذَات لبن بِتَقْدِير
الْمُضَاف أَي ذَات راضع لبن وَالنَّهْي على الثَّانِي
لِأَنَّهَا من خِيَار المَال وعَلى الأول لَان حق
الْفُقَرَاء فِي الاوساط وَفِي الصغار اخلال بحقهم وَقيل
الْمَعْنى أَن مَا أعدت للدر لَا يُؤْخَذ مِنْهَا شَيْء
ثمَّ فِي نسخ الْكتاب راضع لبن بِدُونِ من وَفِي رِوَايَة
أبي دَاوُد من راضع لبن بِكَلِمَة من وَهِي زَائِدَة وَقد
نقل السُّيُوطِيّ عبارَة الْكتاب بِمن فِي الْحَاشِيَة
وَالله تَعَالَى أعلم كوماء أَي مشرفة السنام عالية قَوْله
فآتاه بِالْمدِّ
[2458] فَصِيلًا مَخْلُولًا أَيْ مَهْزُولًا وَهُوَ
الَّذِي جُعِلَ فِي أَنْفِهِ خِلَالٌ لِئَلَّا يَرْضَعَ
أُمَّهُ فَتَهْزِلَ اللَّهُمَّ لَا تبَارك فِيهِ أَي ان
ثَبت صدقته تِلْكَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَالَ
اللَّهُمَّ صل الخ لقَوْله تَعَالَى وصل عَلَيْهِم ان
صَلَاتك سكن لَهُم قَوْله
(5/30)
[2460] قَالَ أرضوا مصدقيكم علم صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن عامليه لَا يظْلمُونَ وَلَكِن
أَرْبَاب الْأَمْوَال لمحبتهم بالأموال يعدون الْأَخْذ
ظلما فَقَالَ لَهُم مَا قَالَ فَلَيْسَ فِيهِ تَقْرِير
للعاملين على الظُّلم وَلَا تَقْرِير للنَّاس على الصَّبْر
عَلَيْهِ وعَلى إِعْطَاء الزِّيَادَة على مَا حَده الله
تَعَالَى فِي الزَّكَاة
قَوْله
[2461] إِذا أَتَاكُم الْمُصدق بتَخْفِيف الصَّاد
وَتَشْديد الدَّال الْمَكْسُورَة وَهُوَ الْعَامِل فليصدر
أَي يرجع قَوْله
(5/31)
[2462] عَن مُسلم بن ثفنة بمثلثة وَفَاء
وَنون مفتوحات وَقيل كسر الْفَاء قَالُوا هُوَ خطأ من
وَكِيع وَالصَّوَاب مُسلم بن شُعْبَة قَوْله اسْتعْمل بن
عَلْقَمَة أبي بِالْإِضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم على
عرافة قومه بِكَسْر الْعين أَي الْقيام بأمورهم ورياستهم
أَن يُصدقهُمْ من التَّصْدِيق أَي يَأْخُذ مِنْهُم
الصَّدقَات يُقَال لَهُ سعد بِفَتْح أَوله وَقيل بكسره
اخْتلف فِي صحبته لنشبر من شبرت الثَّوْب أشبره كنصر فِي
شعب بِكَسْر الشين وَاد بَين جبلين والشعاب بِكَسْر الشين
جمعه فاعمد من عمد كضرب والمضارع لاحضار تِلْكَ الْهَيْئَة
مُمْتَلِئَةً مَحْضًا وَشَحْمًا أَيْ سَمِينَةً كَثِيرَةَ
اللَّبَنِ وَالْمَحْضُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ
مُعْجَمَةٍ هُوَ اللَّبَنُ والشافع الحابل بِالْبَاء
الْمُوَحدَة أَي الْحَامِل إِلَى عنَاق بِفَتْح الْعين
وَالْمرَاد مَا كَانَ دون ذَلِك معتاط قيل هِيَ الَّتِي
امْتنعت عَن الْحمل لسمنها وَهُوَ لَا يُوَافق
(5/32)
مَا فِي الحَدِيث الا أَن يُرَاد بقوله
وَقد حَان ولادها الْحمل أَي أَنَّهَا لم تحمل وَهِي فِي
سنّ يحمل فِيهِ مثلهَا
قَوْله
[2464] منع بن جميل الخ أَي منعُوا الزَّكَاة وَلم يؤدوها
إِلَى عمر مَا يَنْقِمُ بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مَا
يُنْكِرُ أَو يكره الزَّكَاة الا لأجل أَنه كَانَ فَقِيرا
فأغناه الله فَجعل نعْمَة الله تَعَالَى سَببا لكفرها
أدراعه جمع درع الْحَدِيد وأعتده بِضَم الْمُثَنَّاة
الْفَوْقِيَّة جمع عتد بتفحتين هُوَ مَا يعده الرَّجُلُ
مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّلَاحِ وَقِيلَ الْخَيْلُ خَاصَّةً
وَرُوِيَ بِالْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ عَبْدٍ وَالْأَوَّلُ
هُوَ الْمَشْهُورُ ولعلهم طالبوا خَالِدا بِالزَّكَاةِ عَن
أَثمَان الدروع والأعتد بِظَنّ أَنَّهَا للتِّجَارَة فَبين
لَهُم صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا وقف فِي
سَبِيل الله فَلَا زَكَاة فِيهَا أَو لَعَلَّه أَرَادَ أَن
خَالِدا لَا يمْنَع الزَّكَاة ان وَجَبت عَلَيْهِ
لِأَنَّهُ قد جعل أدراعه وأعتده فِي سَبِيل الله تَبَرعا
وتقربا إِلَيْهِ تَعَالَى وَمثله لَا يمْنَع الْوَاجِب
فَإِذا أخبر بعد الْوُجُوب أَو منع فَيصدق فِي قَوْله
ويعتمد على فعله وَالله تَعَالَى
(5/33)
أعلم فَهِيَ عَلَيْهِ الظَّاهِر أَن ضمير
عَلَيْهِ للْعَبَّاس وَلذَلِك قيل أَنه ألزمهُ بِتَضْعِيفِ
صَدَقَتِهِ لِيَكُونَ أَرْفَعَ لِقَدْرِهِ وَأَنْبَهَ
لِذِكْرِهِ وأنفى للذم عَنهُ وَالْمعْنَى فَهِيَ صدقته
ثَابِتَة عَلَيْهِ سيصدق بهَا ويضيف إِلَيْهَا مثلهَا كرما
وعَلى هَذَا فَمَا جَاءَ فِي مُسلم وَغَيره فَهِيَ على
مَحْمُول على الضَّمَان أَي أَنا ضَامِن متكفل عَنهُ والا
فالصدقة عَلَيْهِ وَيحْتَمل أَن ضمير عَلَيْهِ لرَسُول
الله وَهُوَ الْمُوَافق لما قيل انه صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم استسلف مِنْهُ صَدَقَة عَاميْنِ أَو هُوَ
عجل صَدَقَة عَاميْنِ إِلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسلم وَمعنى على عِنْدِي لَا يُقَال لَا يبْقى حِينَئِذٍ
للمبتدأ عَائِد لأَنا نقُول ضمير فَهِيَ لصدقة الْعَبَّاس
أَو زَكَاته فَيَكْفِي للربط كَأَنَّهُ قيل فصدقته على
الرَّسُول وَقيل فِي التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ
أَن الأَصْل على وهاء عَلَيْهِ لَيست ضميرا بل هِيَ هَاء
السكت فالياء فِيهَا مُشَدّدَة أَيْضا وَهَذَا بعيد
مُسْتَغْنى عَنهُ بِمَا ذكرنَا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2465] مثله سَوَاء أَي هَذِه الرِّوَايَة مثل السَّابِقَة
وَسَوَاء تَأْكِيد للمماثلة قَوْله أقتل على بِنَاء
الْمَفْعُول كَأَنَّهُ شكى أَن الْعَامِل شدد عَلَيْهِ فِي
الْأَخْذ وَكَاد يُفْضِي ذَلِك إِلَى قتل رب المَال بعده
صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ إِذا كَانَ
الْحَال فِي وقته ذَاك فَكيف بعده وَحَاصِل الْجَواب أَن
الزَّكَاة شرعت لتصرف فِي مصارفها وَلَوْلَا ذَاك لما أخذت
أصلا وَلَيْسَت مِمَّا لَا فَائِدَة فِي أَخذهَا فَلَيْسَ
لرب المَال أَن يشدد فِي الْإِعْطَاء حَتَّى يُفْضِي ذَاك
إِلَى تَشْدِيد الْعَامِل وَيحْتَمل أَن هَذَا الشاكي هُوَ
الْعَامِل يشكو شدَّة
(5/34)
أَرْبَاب الْأَمْوَال فِي الْإِعْطَاء
حَتَّى يخَاف أَن يُؤَدِّي ذَاك إِلَى الْقَتْل وَمعنى
بعْدك أَي بعد غيبتي عَنْك وذهابي إِلَى أَرْبَاب
الْأَمْوَال وَحَاصِل الْجَواب أَنه لَوْلَا اسْتِحْقَاق
المصارف لما أَخذنَا الزَّكَاة بل تركنَا الْأَمر إِلَى
أَصْحَاب الْأَمْوَال وَالنَّظَر للمصارف يَدْعُو إِلَى
تحمل المشاق فَلَا بُد من الصَّبْر عَلَيْهَا وَهَذَا
الْوَجْه أنسب بترجمة المُصَنّف وموافقة لفظ الحَدِيث
للوجهين غير خُفْيَة
قَوْله
[2467] لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا
فَرَسِهِ حملوها على مَالا يكون للتِّجَارَة وَمن يَقُول
بِالزَّكَاةِ فِي الْفرس يحمل الْفرس على فرس الرّكُوب
وَأما مَا أعد
(5/35)
للنماء فَفِيهِ عِنْده صَدَقَة على
الْوَجْه الْمُبين فِي كتب الْفُرُوع قَوْله
(5/36)
[2477] قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الْخَيْلِ
وَالرَّقِيقِ أَيْ تركت لكم أَخذ زَكَاتهَا وتجاوزت عَنهُ
وَهَذَا لَا يَقْتَضِي سبق وجوب ثمَّ نسخه من كل
مِائَتَيْنِ أَي مِائَتي دِرْهَم وَلذَلِك قَالَ وَلَيْسَ
فِيمَا دون مِائَتَيْنِ زَكَاة وَالله تَعَالَى أعلم
(5/37)
(بَاب زَكَاة الحلى)
بِضَم حاء وَكسر لَام وَتَشْديد تحتية جمع حلى بِفَتْح حاء
وَسُكُون لَام كثدى وثدي وَالْجُمْهُور على أَنه لَا
زَكَاة فِيهَا وَظَاهر كَلَام المُصَنّف على وُجُوبهَا
فِيهَا كَقَوْل أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَأجَاب
الْجُمْهُور بِضعْف الْأَحَادِيث قَالَ التِّرْمِذِيّ لم
يَصح فِي هَذَا الْبَاب عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم شَيْء لَكِن تعدد أَحَادِيث الْبَاب وتأييد
بَعْضهَا بِبَعْض يُؤَيّد القَوْل بِالْوُجُوب وَهُوَ
الْأَحْوَط وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مسكتان بِفَتَحَات
أَي سواران وَالْوَاحد مسكة بِفَتَحَات والسوار من الحلى
مَعْرُوف وتكسر السِّين وتضم وسورته السوار
(5/38)
بِالتَّشْدِيدِ أَي ألبسته إِيَّاه
قَوْله
[2481] لَهُ زَبِيبَتَانِ تَثْنِيَةُ زَبِيبَةٍ بِفَتْحِ
الزَّايِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ قيل هما النُّكْتَتَانِ
السَّوْدَاوَانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ وَقِيلَ نُقْطَتَانِ
يَكْتَنِفَانِ فَاه وَقيل غير ذَلِك أَو يطوقه بِفَتْح
أَوله وَتَشْديد الطَّاء وَالْوَاو المفتوحتين أَي يصير
لَهُ ذَلِك الشجاع طوقا قَوْله بِلِهْزِمَتَيْهِ بِكَسْرِ
اللَّامِ وَالزَّايِ بَيْنَهُمَا هَاءٌ سَاكِنَةٌ فِي
صَحِيح البُخَارِيّ يَعْنِي شدقيه وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ
هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي اللَّحْيَيْنِ تَحت
الْأُذُنَيْنِ وَفِي الْجَامِع
(5/39)
هما لحم الْأُذُنَيْنِ الَّذِي يَتَحَرَّك
إِذا أكل الْإِنْسَان
قَوْله
[2484] لَا يحل فِي الْبر بِكَسْر الْحَاء أَي لَا يجب
وَمِنْه
(5/40)
قَوْله تَعَالَى أم أردتم أَن يحل
عَلَيْكُم غضب أَي يجب على قِرَاءَة الْكسر وَمِنْه حل
الدّين حلولا وَأما الَّذِي بِمَعْنى النُّزُول فبضم
الْحَاء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى أَو تحل قَرِيبا من
دَارهم
قَوْله
[2488] فِيمَا سقت السَّمَاء أَي الْمَطَر من بَاب ذكر
الْمحل وَإِرَادَة الْحَال وَالْمرَاد مَالا يحْتَاج سقيه
إِلَى مُؤنَة والبعل بموحدة مَفْتُوحَة وَعين مُهْملَة
سَاكِنة مَا شَرِبَ مِنَ النَّخِيلِ بِعُرُوقِهِ مِنَ
الْأَرْضِ من غير سقى السَّمَاء وَلَا غَيرهَا بالسواني
جمع سانية وَهِي بعير يستقى عَلَيْهِ والنضح بِفَتْح
فَسُكُون هُوَ السقى بالرشا وَالْمرَاد مَا يحْتَاج إِلَى
مُؤنَة الْآلَة وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بِعُمُوم الحَدِيث
على وجوب الزَّكَاة فِي كل مَا أخرجته الأَرْض من قَلِيل
وَكثير وَالْجُمْهُور جعلُوا هَذَا الحَدِيث لبَيَان مَحل
الْعشْر وَنصفه وَأما الْقدر الَّذِي يُؤْخَذ مِنْهُ
فَأخذُوا من حَدِيث لَيْسَ فِيمَا دون خمس أوسق صَدَقَة
وَهَذَا أوجه لما فِيهِ من اسْتِعْمَال كل من الْحَدِيثين
فِيمَا سيق لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالدوالي جمع
دالية آلَة لاخراج المَاء قَوْله
(5/41)
[2491] إِذا خرصتم الْخرص تَقْدِير مَا على
النّخل من الرطب تَمرا وَمَا على الْكَرم من الْعِنَب
زبيبا ليعرف مِقْدَار عشره ثمَّ يخلى بَينه وَبَين مَالِكه
وَيُؤْخَذ ذَلِك الْمِقْدَار وَقت قطع الثِّمَار
وَفَائِدَته التَّوسعَة على أَرْبَاب الثِّمَار فِي
التَّنَاوُل مِنْهَا وَهُوَ جَائِز عِنْد الْجُمْهُور
خلافًا للحنفية لإفضائه إِلَى الرِّبَا وحملوا أَحَادِيث
الْخرص على أَنَّهَا كَانَت قبل تَحْرِيم الرِّبَا ودعوا
الثُّلُث من الْقدر الَّذِي قررتم بالخرص وبظاهره قَالَ
أَحْمد وَإِسْحَاق وَغَيرهمَا وَحمل أَبُو عُبَيْدَة
الثُّلُث
(5/42)
على قدر الْحَاجة وَقَالَ يتْرك قدر
احتياجهم ومشهور مَذْهَب الشَّافِعِي وَكَذَا مَذْهَب
مَالك أَن لَا يتْرك لَهُم وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ المتحصل
من صَحِيح النّظر يعْمل بِالْحَدِيثِ وَقَالَ الْخطابِيّ
إِذا أَخذ الْحق مِنْهُم مُسْتَوفى أضرّ بهم فَإِنَّهُ
يكون مِنْهُ الساقطة والهالكة وَمَا يَأْكُلهُ الطير
وَالنَّاس وَقيل معنى الحَدِيث أَن لم يرْضوا بخرصكم فدعوا
لَهُم الثُّلُث وَالرّبع ليتصرفوا فِيهِ ويضمنوا لكم حَقه
وتتركوا الْبَاقِي إِلَى أَن يجِف فَيُؤْخَذ حَقه لَا أَنه
يتْرك لَهُم بِلَا خرص وَلَا إِخْرَاج وَقيل اتْرُكُوا
لَهُم ذَلِك ليتصدقوا مِنْهُ على جيرانهم وَمن يطْلب
مِنْهُم لَا أَنه لَا زَكَاة عَلَيْهِم فِي ذَلِك وَالله
تَعَالَى أعلم قَوْله الجعرور بِضَم جِيم وَسُكُون عين
مُهْملَة وَرَاء مكررة ضرب رَدِيء من التَّمْر يحمل رطبا
صغَارًا لَا خير فِيهِ ولون حبيق بِضَم الْحَاء
الْمُهْملَة وَفتح الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُثَنَّاة
التَّحْتِيَّة وقاف نوع رَدِيء من التَّمْر مَنْسُوب إِلَى
رجل اسْمه ذَاك الرذالة بِضَم الرَّاء واعجام الذَّال
الرَّدِيء
قَوْله
[2493] صَالح بن أبي عريب بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة
وَكسر الرَّاء قَوْله وَقد علق رجل وَكَانُوا يعلقون فِي
الْمَسْجِد ليَأْكُل مِنْهُ من يحْتَاج إِلَيْهِ قِنَا حشف
القنا بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح مَقْصُور هُوَ العذق بِمَا
فِيهِ من الرطب والقنو بِكَسْر الْقَاف أَو ضمهَا وَسُكُون
النُّون مثله والحشف بِفتْحَتَيْنِ هُوَ الْيَابِس
الْفَاسِد من التَّمْر وقنا حشف بِالْإِضَافَة وَفِي
نُسْخَة قنو حشف فَجعل يطعن فِي الْقَامُوس طعنه
بِالرُّمْحِ كمنع وَنصر ضربه يَأْكُل حشفا أَي جَزَاء حشف
فَسمى الْجَزَاء باسم الأَصْل وَيحْتَمل أَن يَجْعَل
الْجَزَاء من جنس الأَصْل ويخلق الله تَعَالَى فِي هَذَا
الرجل شهاء الحشف فيأكله فَلَا يُنَافِي ذَلِك قَوْله
تَعَالَى وَلكم فِيهَا مَا تشْتَهي أَنفسكُم وَالله
تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/43)
[2494] فِي طَرِيق مأتى كمرمى أَي مسلوك
فعرفها أَمر من التَّعْرِيف فَإِن جَاءَ صَاحبهَا أَي
فَهُوَ الْمَطْلُوب والا أَي وان لم يَجِيء فلك أَي فَهِيَ
لَك قَالَ السُّيُوطِيّ نقلا عَن بن مَالك فِي هَذَا
الْكَلَام حذف جَوَاب الشَّرْط الأول وَحذف فعل الشَّرْط
بعد إِلَّا وَحذف الْمُبْتَدَأ من جملَة الْجَواب للشّرط
الثَّانِي وَالتَّقْدِير فَإِن جَاءَ صَاحبهَا أَخذهَا
والا يَجِيء فَهِيَ لَك وَظَاهر الحَدِيث أَنه يملكهَا
الْوَاجِد مُطلقًا وَقد يُقَال لَعَلَّ السَّائِل كَانَ
فَقِيرا فَأَجَابَهُ على حسب حَاله فَلَا يدل على أَن
الْغنى يملك وَفِيه أَنه كم من فَقير يصير غَنِيا فالاطلاق
فِي الْجَواب لَا يحسن الا عِنْد إِطْلَاق الحكم
فَلْيتَأَمَّل وَمَا لم يكن فِي طَرِيق مأتى الخ قَالَ
الْخطابِيّ يُرِيد العادي الَّذِي لَا يعرف مَالِكه وَفِي
الرِّكَاز بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الْكَاف آخِره زَاي
(5/44)
مُعْجمَة من ركزه إِذا دَفنه وَالْمرَاد
الْكَنْز الجاهلي المدفون فِي الأَرْض وَإِنَّمَا وَجب
فِيهِ الْخمس لِكَثْرَة نَفعه وسهولة أَخذه قَوْله العجماء
هِيَ الْبَهِيمَة لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم وكل مَالا
يقدر على الْكَلَام فَهُوَ أعجم جرحها بِفَتْح الْجِيم على
الْمصدر لَا غير وَهُوَ بِالضَّمِّ اسْم مِنْهُ وَذَلِكَ
لِأَن الْكَلَام فِي فعلهَا لَا فِيمَا حصل فِي جَسدهَا من
الْجرْح وان حمل جرحها بِالضَّمِّ على جرح حصل فِي جَسَد
مجروحها يكون الْإِضَافَة بعيدَة وَأَيْضًا الهدر حَقِيقَة
هُوَ الْفِعْل لَا أَثَره فِي الْمَجْرُوح فَلْيتَأَمَّل
جَبَّار بِضَم جِيم وخفة مُوَحدَة أَي هدر قَالَ
السُّيُوطِيّ وَالْمُرَادُ الدَّابَّةُ الْمُرْسَلَةُ فِي
رَعْيِهَا أَوِ الْمُنْفَلِتَةُ من صَاحبهَا وَالْحَاصِل
أَن المُرَاد مَا لم يكن مَعَه سائق وَلَا قَائِد من
الْبَهَائِم إِذا أتلف شَيْئا نَهَارا فَلَا ضَمَان على
صَاحبهَا والمعدن بِكَسْر الدَّال
(5/45)
وَالْمرَاد أَنه إِذا اسْتَأْجر رجلا
لاستخراج مَعْدن أَو لحفر بِئْر فانهار عَلَيْهِ أَو وَقع
فِيهَا إِنْسَان بعد أَن كَانَ الْبِئْر فِي ملك الرجل
فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وتفاصيل الْمسَائِل فِي كتب
الْفُرُوع قَوْله نحل هُوَ ذُبَاب الْعَسَل وَالْمرَاد
الْعَسَل وَاديا كَانَ فِيهِ النَّحْل ولى بِكَسْر لَام
مُخَفّفَة على بِنَاء الْفَاعِل أَو مُشَدّدَة على بِنَاء
الْمَفْعُول وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَاب غيث أَي والا
فَلَا يلْزم عَلَيْك حفظه لِأَن الذُّبَاب غير مَمْلُوك
فَيحل لمن يَأْخُذهُ وَعلم أَن الزَّكَاة فِيهِ غير
وَاجِبَة على وَجه يجْبر صَاحبه على الدّفع لَكِن لَا
يلْزم الامام حمايته
(5/46)
الا بأَدَاء الزَّكَاة وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله فرض أَي أوجب والْحَدِيث من أَخْبَار الْآحَاد
فمؤداه الظَّن فَلذَلِك قَالَ بِوُجُوبِهِ دون افتراضه من
خص الْفَرْض بالقطعى وَالْوَاجِب بالظني زَكَاة رَمَضَان
هِيَ صَدَقَة الْفطر ونصبها على المفعولية وصاعا بدل
مِنْهَا أَو حَال أَو على نزع الْخَافِض أَي فِي زَكَاة
رَمَضَان وَالْمَفْعُول صَاعا على الْحر وَالْعَبْد على
بِمَعْنى عَن إِذْ لَا وجوب على العَبْد وَالصَّغِير كَمَا
فِي بعض الرِّوَايَات إِذْ لَا مَال للْعَبد وَلَا
تَكْلِيف على الصَّغِير نعم يجب على العَبْد عِنْد بعض
وَالْمولى نَائِب فَعدل بِالتَّخْفِيفِ أَي قَالُوا ان نصف
صَاع من بر سَاوَى فِي الْمَنْفَعَة وَالْقيمَة صَاعا من
شعير أَو تمر فيساويه فِي الاجزاء فَالْمُرَاد أَي قاسوه
بِهِ وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَنهم إِنَّمَا قاسوه لعدم
النَّص مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي الْبر
بِصَاع أَو نصفه والا فَلَو كَانَ عِنْدهم حَدِيث بالصاع
لما خالفوه أَو بِنصفِهِ لما احتاجوا إِلَى الْقيَاس بل
حكمُوا بذلك وَلَعَلَّ ذَلِك هُوَ الْقَرِيب لظُهُور عزة
الْبر وقلته فِي الْمَدِينَة فِي ذَلِك الْوَقْت فَمن
الَّذِي يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر مِنْهُ حَتَّى يتَبَيَّن
بِهِ حكمه أَنه صَاع أَو نصفه وَأما حَدِيث أبي سعيد
فَظَاهره أَن بَعضهم كَانُوا يخرجُون صَاعا من بر أَيْضا
لَكِن لَعَلَّه قَالَ ذَلِك بِنَاء على أَن النَّبِي صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم شرع لَهُم صَاعا من غير
الْبر وَلم يبين لَهُم حَال الْبر فقاس عَلَيْهِ أَبُو
سعيد حَال الْبر وَزعم أَنه ان ثَبت من أحد الْإِخْرَاج
فِي وقته للبر لَا بُد أَنه أخرج الصَّاع لَا نصفه أَو
لَعَلَّ بَعضهم أدّى أَحْيَانًا الْبر فَأدى صَاعا
بِالْقِيَاسِ فَزعم أَبُو سعيد أَن الْمَفْرُوض فِي الْبر
ذَلِك وَبِالْجُمْلَةِ فقد علم بالأحاديث أَن إِخْرَاج
الْبر لم يكن
(5/47)
مُعْتَادا متعارفا فِي ذَلِك الْوَقْت فقد
روى بن خُزَيْمَة فِي مُخْتَصر الْمسند الصَّحِيح عَن بن
عمر قَالَ لم يكن الصَّدَقَة على عهد رَسُول الله صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الا التَّمْر وَالزَّبِيب
وَالشعِير وَلم تكن الْحِنْطَة وروى البُخَارِيّ عَن أبي
سعيد كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفطر صَاعا من
طَعَام وَكَانَ طعامنا يَوْمئِذٍ الشّعير وَالزَّبِيب
والأقط وَالتَّمْر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من
الْمُسلمين اسْتِدْلَال بِالْمَفْهُومِ فَلَا عِبْرَة بِهِ
عِنْد من لَا يَقُول بِهِ وَلذَا يُوجب فِي العَبْد
الْكَافِر بِإِطْلَاق النُّصُوص
(5/48)
قَوْله
[2506] لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ وَكُنَّا
نفعله الظَّاهِر أَن المُرَاد سقط الْأَمر بِهِ لَا إِلَى
نهى بل إِلَى إِبَاحَة وَالْأَمر
(5/49)
فِي ذَاته حسن فَفعل النَّاس لذَلِك
وَهَذَا بِنَاء على اعْتِبَار بَقَاء الْأَمر السَّابِق
أمرا جَدِيدا وَاعْتِبَار رفع ذَلِك الْبَقَاء رفع الْأَمر
فَقيل لم نؤمر بِهِ وَلذَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ
إِنَّ وُجُوبَ زَكَاةِ الْفطر مَنْسُوخ وَهُوَ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ كيسَان
الْأَصَم وَأَشْهَب من الْمَالِكِيَّة وبن اللبان من
الشَّافِعِيَّة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَتُعُقِّبَ
بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا مَجْهُولًا وَعَلَى
تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى النَّسْخِ
لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ
لِأَنَّ نُزُولَ فَرْضٍ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ فَرْضٍ آخَرَ
وَمِنْهُمْ من أول الحَدِيث الدَّال على الافتراض فَحمل
فرض على معنى قدر قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ
أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ لَكِنْ نقل فِي عرف الشَّرْع إِلَى
الْوُجُوب وَالْحمل عَلَيْهِ أولى وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا
الحَدِيث يضعف كَون الافتراض قَطْعِيا وَيُؤَيّد القَوْل
بِأَنَّهُ ظَنِّي وَهَذَا هُوَ مُرَاد الْحَنَفِيَّة
بقَوْلهمْ أَنه وَاجِب وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2508] أَو نصف صَاع من قَمح هُوَ بِفَتْح الْقَاف
وَسُكُون الْمِيم الْبر قَوْله
(5/50)
[2509] مِنْ سُلْتٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ
وَسُكُونِ اللَّامِ وَمُثَنَّاةٍ نوع من الشّعير يشبه
الْبر
قَوْله
[2511] أَو صَاعا من أقط بِفَتْح فَكسر اللَّبن المتحجر
قَوْله
(5/51)
[2512] صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا
مِنْ شَعِيرٍ ظَاهره أَنه أَرَادَ بِالطَّعَامِ الْبر
لَكِن قد عرفت تَوْجِيهه
قَوْله
[2513] فِيمَا علم النَّاس من التَّعْلِيم من سمراء
الشَّام أَي الْقَمْح الشَّامي الا تعدل أَي تساويه فِي
الْمَنْفَعَة وَالْقيمَة وَهِي مدَار الْأَجْزَاء فتساويه
فِي الْأَجْزَاء أَو المُرَاد تساويه فِي الْأَجْزَاء
قَوْله
[2514] أَو صَاعا من دَقِيق هَذِه زِيَادَة من سُفْيَان بن
عُيَيْنَة وَهِي وهم مِنْهُ فأنكروا عَلَيْهِ هَذِه
الزِّيَادَة فَتَركهَا
قَوْله
[2518] لَا نخرج غَيره هَذَا يدل على مَا حققنا أَنهم مَا
كَانُوا يخرجُون الْبر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/52)
[2520] الْمِكْيَال مكيال أهل الْمَدِينَة
أَي الصَّاع الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْكَفَّارَات
وَتجب إِخْرَاج صَدَقَة الْفطر بِهِ صَاع الْمَدِينَة
وَكَانَت الصيعان مُخْتَلفَة فِي الْبِلَاد وَالْوَزْن وزن
أهل مَكَّة أَي وزن الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَط وَالْمرَاد
أَن الْوَزْن الْمُعْتَبر فِي بَاب الزَّكَاة وزن أهل
مَكَّة وَهِي الدَّرَاهِم الَّتِي
(5/54)
الْعشْرَة مِنْهَا بسبعة مَثَاقِيل
وَكَانَت الدَّرَاهِم مُخْتَلفَة الأوزان فِي الْبِلَاد
وَكَانَت دَرَاهِم أهل مَكَّة هِيَ الدَّرَاهِم
الْمُعْتَبرَة فِي بَاب الزَّكَاة فأرشد صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَلِك بِهَذَا الْكَلَام وَقيل ان
أهل الْمَدِينَة أهل زراعات فهم أعلم بأحوال الْمِكْيَال
وَأهل مَكَّة أَصْحَاب تِجَارَات فهم أعلم بِالْمَوَازِينِ
وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأعلمهم من الاعلام تُؤْخَذ
من أغنيائهم الخ الظَّاهِر أَن الضميرين لَهُم فيفهم
مِنْهُ الْمَنْع عَن النَّقْل لَكِن يحْتَمل جعل الضميرين
للْمُسلمين فَلذَلِك مَا جزم المُصَنّف فِي التَّرْجَمَة
وَالله تَعَالَى أعلم وكرائم أَمْوَالهم أَي خِيَارهَا
فَإِن الْحق يتَعَلَّق بالوسط قَوْله قَالَ رجل أَي من بني
إِسْرَائِيل كَمَا فِي مُسْند
(5/55)
أَحْمد فالاستدلال بِهِ مَبْنِيّ على أَن
شرع من قبلنَا شرع لنا مَا لم يظْهر النّسخ لأتصدقن هِيَ
من بَاب الِالْتِزَام كالنذر فَصَارَ الصَّدَقَة وَاجِبَة
فصح الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي صَدَقَة الْفَرْض فَأَصْبحُوا
أَي الْقَوْم الَّذين كَانَ فيهم ذَلِك الْمُتَصَدّق تصدق
على بِنَاء الْمَفْعُول وَهُوَ أَخْبَار بِمَعْنى
التَّعَجُّب أَو الْإِنْكَار اللَّهُمَّ لَك الْحَمد على
سَارِق أَي لأجل وُقُوع الصَّدَقَة فِي يَده دون من هُوَ
أَشد حَالا مِنْهُ أَو هُوَ للتعجب كَمَا يُقَال سُبْحَانَ
الله فَأتى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي فَأرى فِي
الْمَنَام ورؤيا غير الْأَنْبِيَاء وان كَانَ لَا حجَّة
فِيهَا لَكِن هَذِه الرُّؤْيَا قد قررها النَّبِي صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَحصل الِاحْتِجَاج بتقريره صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَلَعَلَّ أَن تستعف بِهِ من
زنَاهَا ظَاهره أَنه أعْطى لَعَلَّ حكم عَسى فأقيم أَن
مَعَ الْمُضَارع مَوضِع الِاسْم وَالْخَبَر جَمِيعًا هَا
هُنَا وَأدْخل ان فِي الْخَبَر فِيمَا بعد وَيُمكن أَن
يَجْعَل ان مَعَ الْمُضَارع اسْم لَعَلَّ وَيكون
(5/56)
الْخَبَر محذوفا أَي يحصل وَنَحْوه
قَوْله
[2524] بِغَيْر طهُور بِضَم الطَّاء من غلُول بِضَم
الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْمرَاد الْحَرَام والْحَدِيث قد
تقدم فِي كتاب الطَّهَارَة
قَوْله
[2525] من طيب أَي حَلَال وَقد يُطلق على المستلذ بالطبع
وَالْمرَاد هَا هُنَا هُوَ الْحَلَال وَجُمْلَة لَا يقبل
الله الخ مُعْتَرضَة لبَيَان أَنه لَا ثَوَاب فِي غير
الطّيب لَا أَن ثَوَابه دون هَذَا الثَّوَاب إِذْ قد
يتَوَهَّم من التَّقْيِيد أَنه شَرط لهَذَا الثَّوَاب
بِخُصُوصِهِ لَا لمُطلق الثَّوَاب فمطلق الثَّوَاب يكون
بِدُونِهِ أَيْضا فَذكر هَذِه الْجُمْلَة دفعا لهَذَا
التَّوَهُّم وَمعنى عدم قبُوله أَنه لَا يثيب عَلَيْهِ
وَلَا يرضى بِهِ بِيَمِينِهِ الْمَرْوِيّ عَن السّلف فِي
هَذَا وَأَمْثَاله أَن يُؤمن الْمَرْء بِهِ ويكل علمه
إِلَى الْعَلِيم الْخَبِير وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن
الرِّضَا بة وَالْقَبُول وَإِن كَانَت تَمْرَة ان وصلية
أَي وَلَو كَانَت الصَّدَقَة شَيْئا
(5/57)
حَقِيرًا فتربو عطف على أَخذهَا أَي تزيد
تِلْكَ الصَّدَقَة كَمَا يُربي والتشبيه يعْتَبر بَين
لَازم الأول وَبَين هَذَا أَي يُرَبِّيهَا الرَّحْمَن
كَمَا يربى فَلُوَّهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ
وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَي الصَّغِير من أَوْلَاد الْفرس
فَإِن تَرْبِيَته تحْتَاج إِلَى مُبَالغَة فِي الاهتمام
بِهِ عَادَة والفصيل ولد النَّاقة وَكلمَة أَو للشَّكّ من
الرَّاوِي أَو التنويع وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2526] لَا شكّ فِيهِ أَي فِي مُتَعَلّقه وَالْمرَاد
تَصْدِيق بلغ حد الْيَقِين بِحَيْثُ لَا يبْقى مَعَه أدنى
توهم لخلافه والا فَمَعَ بَقَاء الشَّك لَا يحصل
الْإِيمَان أَو ايمان لَا يشك الْمَرْء فِي حُصُوله لَهُ
بِأَن يتَرَدَّد هَل حصل لَهُ الْإِيمَان أم لَا
وَالْوَجْه هُوَ الأول وَالله تَعَالَى أعلم لَا غلُول
بِضَم الْغَيْن أَي لَا خِيَانَة مِنْهُ فِي غنائمه طول
الْقُنُوت أَي ذَات طول الْقُنُوت أَي الْقيام قيل مُطلقًا
وَقيل فِي صَلَاة اللَّيْل وَهُوَ الأوفق بِفِعْلِهِ صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ جهد الْمقل بِضَمِّ
الْجِيمِ أَيْ قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ حَالُ من قل لَهُ
المَال وَالْمرَاد مَا يُعْطِيهِ الْمقل على قدر طاقته
وَلَا يُنَافِيهِ حَدِيث خير الصَّدَقَة
(5/58)
مَا كَانَ عَن ظهر غنى لعُمُوم الْغَنِيّ
للقلى وغنى الْيَد من هجر أَي هِجْرَة من هجر وعقر جَوَاده
أَي فرسه وَالْمرَاد قتل من صرف نَفسه وَمَاله فِي سَبِيل
الله
قَوْله
[2527] إِلَى عرض مَاله بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون
الرَّاء أَي جَانِبه وَظَاهر الْأَحَادِيث أَن الْأجر على
قدر حَال الْمُعْطِي لَا على قدر المَال الْمُعْطى فَصَاحب
الدرهمين حَيْثُ أعْطى نصف مَاله فِي حَال لَا يعْطى
فِيهَا الا الأقوياء يكون أجره على قدر همته بِخِلَاف
الْغنى فَإِنَّهُ مَا أعْطى نصف مَاله وَلَا فِي حَال لَا
يعْطى فِيهَا عَادَة وَيحْتَمل ان يُقَال لَعَلَّ
الْكَلَام فِيمَا إِذا صَار إِعْطَاء الْفَقِير الدِّرْهَم
سَببا لاعطاء ذَلِك الْغَنِيّ تِلْكَ الدَّرَاهِم
وَحِينَئِذٍ يزِيد أجر الْفَقِير فَإِن لَهُ مثل أجر
الْغَنِيّ وَأجر زِيَادَة دِرْهَم لَكِن لفظ الحَدِيث لَا
يدل على هَذَا الْمَعْنى وَلَا يُنَاسِبه وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله فَيَجِيء بِالْمدِّ أَي من أُجْرَة الْعَمَل
قَوْله
(5/59)
[2530] أَبُو عقيل بِفَتْح الْعين لَغَنِيّ
عَن صَدَقَة هَذَا أَي الَّذِي جَاءَ بالصاع وَمُرَاد
الْمُنَافِقين أَن أحدا لَا يعْطى فتكلموا فِيمَن أعْطى
الْقَلِيل بِهَذَا الْوَجْه وفيمن أعْطى الْكثير بِأَنَّهُ
مراء
قَوْله
[2531] إِن هَذَا المَال خضرَة بِفَتْح الْخَاء وَكسر ضاد
وحلوة بِضَم مُهْملَة أَي كفاكهة أَو كبقلة يرغب فِيهَا
لحسن لَوْنهَا وَطيب طعمها فأنث لذَلِك بِطيب نفس أَي
بِلَا سُؤال وَلَا طمع أَو بِطيب نفس الْمُعْطى وانشراح
صَدره بِإِشْرَافِ نَفْسٍ أَيْ تَطَّلِعُ إِلَيْهِ
وَتَطْمَعُ فِيهِ
(5/60)
وَهُوَ أَيْضا يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ نفس
الْآخِذ أَو الْمُعْطِي كَالَّذي يَأْكُل أَي لَا
يَنْقَطِع شهاؤه فَيبقى فِي حيرة الطّلب على الدَّوَام
وَلَا يقْضِي شهواته الَّتِي لأَجلهَا طلبه وَالْيَد
الْعليا الْمَشْهُور تَفْسِيرهَا بالمنفقة وَهُوَ
الْمُوَافق للأحاديث وَقيل عَلَيْهِ كثيرا مَا يكون
السَّائِل خيرا من الْمُعْطِي فَكيف يَسْتَقِيم هَذَا
التَّفْسِير وَلَيْسَ بِشَيْء إِذْ التَّرْجِيح من جِهَة
الْإِعْطَاء وَالسُّؤَال لَا من جَمِيع الْوُجُوه
وَالْمَطْلُوب التَّرْغِيب فِي التَّصَدُّق والتزهيد فِي
السُّؤَال وَمِنْهُم من فسر الْعليا بالمتعففة عَن
السُّؤَال حَتَّى صحفوا المنفقة فِي الحَدِيث بالمتعففة
وَالْمرَاد الْعُلُوّ قدرا وعَلى الْوَجْهَيْنِ فالسفلى
هِيَ السائلة اما لِأَنَّهَا تكون تَحت يَد الْمُعْطِي
وَقت الْإِعْطَاء
(5/61)
ولكونها ذليلة بذل السُّؤَال وَالله
تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَوْله وابدأ أَي فِي
الْإِعْطَاء بِمن تعول أَي بِمن عَلَيْك مُؤْنَته وَمَا
بَقِي مِنْهُم فَتصدق بِهِ على الْغَيْر أمك بِالنّصب أَي
أعْطهَا أَو لَا ثمَّ أدناك أَي الْأَقْرَب إِلَيْك نسبا
وسببا
قَوْله
[2534] عَن ظهر غنى أَي بِمَا يبْقى خلفهَا غنى لصَاحبه
قلبِي كَمَا كَانَ للصديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَو
قَالَ بِي فَيصير الْغَنِيّ للصدقة كالظهر للْإنْسَان
وَرَاء الْإِنْسَان فاضافه الظّهْر إِلَى الْغنى
بَيَانِيَّة لبَيَان أَن الصَّدَقَة إِذا كَانَت بِحَيْثُ
يبْقى لصَاحِبهَا الْغنى بعْدهَا اما لقُوَّة قلبه أَو
لوُجُود شَيْء بعْدهَا يسْتَغْنى بِهِ عَمَّا تصدق فَهُوَ
أحسن وان كَانَت بِحَيْثُ يحْتَاج صَاحبهَا بعْدهَا إِلَى
مَا أعْطى ويضطر إِلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي لصَاحِبهَا
التَّصَدُّق بِهِ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2535] تصدق بِهِ على نَفسك أَي اقْضِ بِهِ حوائج نَفسك
قَوْله
(5/62)
[2536] ثمَّ قَالَ تصدقوا أَي فِي
الْجُمُعَة الثَّانِيَة كَمَا تقدم فِي أَبْوَاب
الْجُمُعَة بذة بِفَتْح فتشديد ذال مُعْجمَة أَي سَيِّئَة
أَن تفطنوا فِي الْقَامُوس فطن بِهِ واليه وَله كفرح وَنصر
وكرم وانتهره أَي مَنعه من الْعود إِلَى مثل ذَلِك وَهُوَ
الْإِعْطَاء مَعَ حَاجَة النَّفس مَعَ قلَّة الصَّبْر
قَوْله
[2537] مولى آبى اللَّحْم بِمد الْهمزَة كَانَ يَأْبَى
اللَّحْم وَلَا يَأْكُلهُ وَقيل مَا يَأْكُل مَا ذبح
للأصنام أَن أقدد لَحْمًا أَي أقطعه فأطعمته مِنْهُ أَي
أَعْطيته الْأجر بَيْنكُمَا أَي أَن رضيت بذلك يحل لَهُ
إِعْطَاء مثل هَذَا مِمَّا يجْرِي فِيهِ الْمُسَامحَة
وَلَيْسَ المُرَاد تَقْرِير العَبْد على أَن يعْطى بِغَيْر
رضَا الْمولى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/63)
[2538] على كل مُسلم أَي يتَأَكَّد فِي
حَقه نَدبه لَا أَنه وَاجِب يعتمل يكْتَسب الملهوف
بِالنّصب صفة ذَا الْحَاجة أَي المكروب الْمُحْتَاج
فَإِنَّهَا أَي الْإِمْسَاك عَن الشَّرّ والتأنيث للْخَبَر
قَوْله
(5/64)
[2539] إِذا تَصَدَّقت الْمَرْأَة من بَيت
زَوجهَا مَحْمُول على مَاذَا عملت بِرِضَاهُ بِإِذن صَرِيح
أَو بِإِذن مَفْهُوم مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ كَإِعْطَاءِ
السَّائِلِ كِسْرَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا جرت الْعَادة بِهِ
هَذَا إِذا علمت أَن نفس الزَّوْج كنفوس غَالب النَّاس فِي
السماحة وان شكت فِي رِضَاهُ فَلَا بُد من صَرِيح الْإِذْن
وَأما إِعْطَاء الْكثير فَلَا بُد فِيهِ من صَرِيح الْأذن
أَيْضا والخازن الَّذِي بِيَدِهِ حفظ الطَّعَام أَو نَحوه
وَرُبمَا هُوَ الَّذِي يُبَاشر الْإِعْطَاء كل وَاحِد
مِنْهُمَا أَي من الزَّوْج وَالزَّوْجَة وهما الأَصْل
وَالْخَادِم تَابع فَترك ذكره ثمَّ الْمُمَاثلَة فِي أصل
الْأجر وَقدره قَولَانِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/65)
[2540] لامْرَأَة عَطِيَّة أَي من مَال
الزَّوْج والا فالعطية من مَالهَا لَا يحْتَاج إِلَى اذن
عِنْد الْجُمْهُور
قَوْله
[2541] عَنْ فِرَاسٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَرَاءٍ خَفِيفَةٍ
وَسِينٍ مُهْملَة قَوْله اجْتَمعْنَ عِنْده قَالَ
السُّيُوطِيّ زَاد بن حبَان لم يُغَادر مِنْهُنَّ وَاحِدَة
(5/66)
فَقُلْنَ وَفِي رِوَايَة بن حبَان فَقلت
بِالْمُثَنَّاةِ وَهَذَا يُفِيد أَن عَائِشَة هِيَ السائلة
أَيَّتنَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَيُّنَا بِلَا
تَاءٍ وَهُوَ الْأَفْصَح لُحُوقا نصب على التَّمْيِيز
أَطْوَلكُنَّ بِالرَّفْع عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ
مَحْذُوفٍ أَيْ أَسْرَعُكُنَّ لُحُوقا بِي وَلم يقل طولا
كن لَان اسْم التَّفْضِيل إِذا أضيف يجوز فِيهِ ترك
الْمُطَابقَة يذرعنها أَي يقدرن بِذِرَاع وَفِي رِوَايَة
البُخَارِيّ فَأخذُوا قَصَبَة يَذْرَعُونَهَا بتذكير
الضَّمِير وَهُوَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَالصَّوَابُ
مَا هُنَا فَكَانَت سَوْدَة الخ كَذَا وَقع فِي رِوَايَة
احْمَد وَغَيره لَكِن نَص غير وَاحِد أَن الصَّوَاب
زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَهِيَ أَوَّلُ نِسَائِهِ لُحُوقًا
وَتُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَبَقِيَتْ سَوْدَةُ
(5/67)
إِلَى أَن توفيت فِي خلَافَة مُعَاوِيَة
قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ قلت عِنْدِي أَنَّهُ وَقَعَ
فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ
وَسَقَطَ لَفْظَةُ زَيْنَبَ وَأَنَّ أَصْلَ الْكَلَامِ
فَأَخَذْنَ قَصَبَةً فَجَعَلْنَ يَذْرَعْنَهَا فَكَانَتْ
سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا أَي حَقِيقَة وَكَانَت
أسرعهن لُحُوقا بِهِ زَيْنَبُ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ
كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فَأَسْقَطَ الرَّاوِي لَفْظَةَ
زَيْنَبَ وَقَدَّمَ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الأولى
وَالْحَاصِل أَنَّهُنَّ فهمن ابْتِدَاء ظَاهر الطول ثمَّ
عرفن بِمَوْت زَيْنَب أول أَن المُرَاد بطول الْيَد
كَثْرَة الْعَطاء وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2542] أَي الصَّدَقَة أفضل مُبْتَدأ وَخبر ان تصدق
(5/68)
أَي تَتَصَدَّق بالتاءين فحذفت إِحْدَاهمَا
تَخْفِيفًا وَيحْتَمل أَن يكون بتَشْديد الصَّاد وَالدَّال
جَمِيعًا شحيح قيل الشُّحُّ بُخْلٌ مَعَ حِرْصٍ وَقِيلَ
هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْبُخْلِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي
كَالْوَصْفِ اللَّازِمِ وَمن قبيل الطَّبْع تَأمل بِضَم
الْمِيم الْعَيْش أَي الْحَيَاة فَإِن المَال يعز على
النَّفس صرفه حِينَئِذٍ فَيصير محبوبا وَقد قَالَ تَعَالَى
لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ
قَوْله
[2545] وَهُوَ يحتسبها يُرِيد أجرهَا من الله بِحسن
(5/69)
النِّيَّة وَهُوَ أَن يَنْوِي بِهِ أَدَاء
مَا وَجب عَلَيْهِ من الْإِنْفَاق بِخِلَاف مَا إِذا أنْفق
ذاهلا
قَوْله
[2546] من يَشْتَرِيهِ مني من لَا يرى بيع الْمُدبر
مِنْهُم من يحملهُ على أَنه كَانَ مُدبرا مُقَيّدا بِمَرَض
أَو بِمدَّة كعلمائنا وَمِنْهُم من يحملهُ على أَنه دبره
وَهُوَ مديون كأصحاب مَالك وَالْأول بعيد وَالثَّانِي
يردهُ آخر الحَدِيث وَالْأَقْرَب أَن هَذَا الحَدِيث
دَلِيل الْجَوَاز من غير معَارض قوى يحوج إِلَى تَأْوِيله
قَوْله
[2547] ان مثل الْمُنفق الْمُتَصَدّق أَي الْمُنفق على
نَفسه وَأَهله الْمُتَصَدّق فِي سبل الْخَيْر فَإِن
الْبُخْل يمْنَع الْأَمريْنِ جَمِيعًا فَلذَلِك جمع
بَينهمَا وَقد
(5/70)
جَاءَ الإقتصار على أَحدهمَا لِكَوْنِهِمَا
كالمتلازمين عَادَة جبتان بِضَم جِيم وَتَشْديد مُوَحدَة
تَثْنِيَة جُبَّة وَهُوَ ثوب مَخْصُوص أَو جنتان بنُون بدل
بَاء تَثْنِيَةُ جُنَّةٍ وَهِيَ الدِّرْعُ وَهَذَا شَكٌّ
مِنَ الرَّاوِي وصوبوا النُّون لقَوْله من حَدِيد وتواسعت
عَلَيْهِ الدرْع وَغير ذَلِك نعم إِطْلَاق الْجُبَّة
بِالْبَاء على الْجنَّة بالنُّون مجَازًا غير بعيد
فَيَنْبَغِي أَن يكون الْجنَّة بالنُّون هُوَ المُرَاد فِي
الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ لَدُنْ ثُدِيِّهِمَا بِضَمِّ
الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْملَة وَتَشْديد
الْيَاء جمع ثدى بِفَتْح فَسُكُون إِلَى تراقيهما بِفَتْح
مثناة من فَوق وَكسر قَاف جمع ترقوة وهما العظمان المشرفان
فِي أَعلَى الصَّدْر وَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا جبل
عَلَيْهِ الْإِنْسَان من الشُّح وَلذَلِك جمع بَين
الْبَخِيل والجواد فِيهِ وَأما قَوْله اتسعت عَلَيْهِ
الدرْع فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى مَا يفِيض الله تَعَالَى
على من يَشَاء من التَّوْفِيق للخير فيشرح لذَلِك صَدره
أَو مرت أَي جَاوَزت ذَلِك الْمحل وَهَذَا شكّ من
الرَّاوِي حَتَّى تجن بِضَم أَوله وَكسر الْجِيم وَتَشْديد
النُّون من أجن الشَّيْء إِذا ستره بَنَانَهُ بِفَتْحِ
الْمُوَحَّدَةِ وَنُونَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ أَيْ
أَصَابِعه وَتَعْفُو أَثَره أَي تمحو أثر مَشْيه بسبوغها
وكمالها كَثوب من يجر على الأَرْض إِشَارَة إِلَى كَمَال
الاتساع والاسباغ وَالْمرَاد أَن الْجواد إِذا هم
بِالنَّفَقَةِ اتَّسع لذَلِك بِتَوْفِيق الله تَعَالَى
صَدره وطاوعته يَدَاهُ فامتدتا بالعطاء والبذل والبخيل
يضيق صَدره وتنقبض يَده من الْإِنْفَاق فِي الْمَعْرُوف
واليه أَشَارَ بقوله قَلَصَتْ أَيِ انْقَبَضَتْ
(5/71)
كل حَلقَة بِسُكُون اللَّام يوسعها أَي
يَحْكِي هَيْئَة توسعة الْبَخِيل تِلْكَ الْجنَّة فَلَا
تتسع أَي قَائِلا فَلَا تتسع بتوسعة الْبَخِيل وَالله
تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2548] حَتَّى تعفى أَثَره بتَشْديد الْفَاء للْمُبَالَغَة
أَي تَعْفُو قَوْله
(5/72)
[2549] ثمَّ دَعَوْت بِهِ أَي بذلك
الشَّيْء فَنَظَرت إِلَيْهِ أَنه أَي قدر قَالَت نعم
تَصْدِيق وَتَقْرِير لما بعد الِاسْتِفْهَام من النَّفْي
أَي مَا أُرِيد ذَلِك بل أُرِيد أَن يعطيني الله تَعَالَى
من غير علمي بذلك ضَرُورَة أَن الَّذِي يدْخل بِعلم
الْإِنْسَان مَحْصُور ورزق الله أوسع من ذَلِك فيطلب
مِنْهُ تَعَالَى ان يُعْطي بِلَا حصر وَلَا عد وَحَاصِل
الِاسْتِفْهَام اما تريدين تقليل الصَّدَقَة ورزق الله
وَحَاصِل الْجَواب أَنَّهَا مَا تُرِيدُ ذَلِك بل تُرِيدُ
التكثير فيهمَا قَالَ مهلا أَي استعملي الرِّفْق والتأني
فِي الْأُمُور واتركي الاستعجال الْمُؤَدِّي إِلَى أَن
تطلبي علم مَالا فَائِدَة فِي علمه لَا تحصي صِيغَة نهي
الْمُؤَنَّث من الإحصاء وَالْيَاء للخطاب أَي
(5/73)
لَا تعدِي مَا تُعْطِي قَوْله فيحصى
بِالنّصب جَوَاب أَي حَتَّى يعطيك الله أَيْضا بِحِسَاب
وَلَا يرزقك من غير حِسَاب وَالْمرَاد التَّعْلِيل
قَوْله
[2551] مَا أَدخل على الزبير قيل مَا أَعْطَانِي قوتا لي
وَقيل بل المُرَاد أَعم لَكِن المُرَاد إِعْطَاء مَا علمت
فِيهِ بالاذن دلَالَة أرضخ من بَاب فتح والرضخ برَاء وضاد
مُعْجمَة وخاء كَذَلِك الْعَطِيَّة القليلة وَلَا توكي
بِضَم الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الْكَاف صِيغَة نهي
المخاطبة من الايكاء بِمَعْنى الشد والربط أَي لَا تمنعي
مَا فِي يدك فيوكي بِالنّصب فيشدد الله عَلَيْك أَبْوَاب
الرزق وَفِيه أَن السخاء يفتح أَبْوَاب الرزق وَالْبخل
بِخِلَافِهِ
قَوْله
[2552] وَلَو بشق تَمْرَة بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة أَي
نصفهَا قَوْله
(5/74)
[2553] فأشاح بِوَجْهِهِ أَي صرف وَجهه
كَأَنَّهُ يَرَاهَا وَيخَاف مِنْهَا أَو جد على الايصاء
باتقائها إِذْ اقبل إِلَيْنَا فِي خطابه فَإِن المشيح
يُطلق على الْخَائِف والجاد فِي الْأَمر والمقبل عَلَيْك
قَوْله
[2554] عامتهم من مُضر أَي غالبهم من مُضر بل كلهم اضراب
إِلَى التَّحْقِيق فَفِيهِ أَن قَوْله عامتهم كَانَ عَن
عدم التَّحْقِيق وَاحْتِمَال أَن يكون الْبَعْض من غير
مُضر أول الوهلة فَتغير أَي انقبض فَدخل لَعَلَّه
لاحْتِمَال أَن يجد
(5/75)
فِي الْبَيْت مَا يدْفع بِهِ فاقتهم
فَلَعَلَّهُ مَا وجد فَخرج والأرحام وَلَعَلَّه قصد بذلك
التَّنْبِيه على أَنهم من ذَوي أَرْحَامكُم فيتأكد لذَلِك
وصلهم تصدق رجل قيل هُوَ مجزوم بلام أَمر مقدرَة أَصله
ليتصدق وَهَذَا الْحَذف مِمَّا جوزه بعض النُّحَاة قلت
الْوَاجِب حِينَئِذٍ أَن يكون يتَصَدَّق بياء تحتية بل
تَاء فوقية وَلَا وَجه لحذفها فَالْوَجْه أَنه صِيغَة مَاض
بِمَعْنى الْأَمر ذكر بِصُورَة الاخبار مُبَالغَة وَبِه
انْدفع قَوْله انه لَو كَانَ مَاضِيا لم يساعد عَلَيْهِ
قَوْله وَلَو بشق تَمْرَة لِأَن ذَلِك لَو كَانَ اخبارا
معنى وَأما إِذا كَانَ أمرا معنى فَلَا يتَأَمَّل حَتَّى
رَأَيْت كومين ضبط بِفَتْح الْكَاف وَضمّهَا قَالَ بن
السراج هُوَ بِالضَّمِّ اسْمٌ لِمَا كُوِّمَ وَبِالْفَتْحِ
الْمَكَانُ الْمُرْتَفع كالرابية قَالَ عِيَاض فالفتح هَا
هُنَا أَوْلَى لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْكَثْرَةُ
وَالتَّشْبِيهُ بِالرَّابِيَةِ يَتَهَلَّل يَسْتَنِير
وَيظْهر عَلَيْهِ أَمَارَات السرُور كَأَنَّهُ مذهبَة
ذكرُوا أَن الرِّوَايَة فِي النَّسَائِيّ بِضَم مِيم
وَسُكُون ذال مُعْجمَة وَفتح هَاء ثمَّ مُوَحدَة قَالَ
القَاضِي عِيَاض وَهُوَ الصَّوَاب وَمَعْنَاهُ فضَّة
مذهبَة أَي مموهة بِالذَّهَب فَهَذَا أبلغ فِي حسن
الْوَجْه وإشراقه أَو هُوَ تَشْبِيه بالمذهبة من الْجُلُود
وَهِي شَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَصْنَعُهُ مِنْ جُلُودٍ
وَتَجْعَلُ فِيهِ خُطُوطًا وَضبط بَعضهم بدال مُهْملَة
وَضم الْهَاء بعْدهَا نون قَالُوا هُوَ إِنَاء الدّهن من
سنّ فِي الْإِسْلَام الخ أَي أَتَى بطريقة مرضية يقْتَدى
بِهِ فِيهَا كَمَا فعل الْأنْصَارِيّ الَّذِي أَتَى بَصَره
فَلهُ أجرهَا أَي أجر عَملهَا
(5/76)
وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2555] الَّذِي يعطاها على بِنَاء الْمَفْعُول ونائب
الْفَاعِل ضمير الْمَوْصُول والمنصوب للصدقة وَالْمعْنَى
الَّذِي يُرَاد أَن يعْطى الصَّدَقَة قَوْله
(5/77)
[2556] اشفعوا تشفعوا على بِنَاء
الْمَفْعُول من التشفيع أَي تقبل شفاعتكم أَحْيَانًا
فَتكون سَببا لقَضَاء حَاجَة الْمُحْتَاج فَإِن قصدتم
ذَلِك يكون لكم أجر على الشَّفَاعَة وَفِي رِوَايَة
صَحِيحَة اشفعوا تؤجروا وَهُوَ أظهر
قَوْله
[2557] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ
رَسُولَ الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان
الرجل الخ اللَّفْظ صَرِيح فِي الرّفْع لَكِن السُّوق
يَقْتَضِي أَن قَوْله ان الرجل ليسألني الخ من قَول
مُعَاوِيَة وَإِنَّمَا الْمَرْفُوع اشفعوا تؤجروا وَهُوَ
الْمُوَافق لما فِي بعض رِوَايَات أبي دَاوُد وَهُوَ مقتضي
سوق رِوَايَته الْمَشْهُورَة وسوقها أقوى فِي اقْتِضَاء
الْوَقْف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وان من الْغيرَة
بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة
[2558] وَمن الْخُيَلَاء بِضَم خاء مُعْجمَة وَالْكَسْر
لُغَة وَفتح يَاء مَمْدُود الإختيال فِي الرِّيبَة بِكَسْر
الرَّاء أَي مَوَاضِع التُّهْمَة والتردد فتظهر فائدتها
وَهِي الرهبة والانزجار وان لم تكن رِيبَة تورث البغض
والفتن اختيال الرجل بِنَفسِهِ أَي اظهاره الاختيال
والتكبر فِي نَفسه بِأَن يمشي مشي المتكبرين قَالَ
الْخطابِيّ هُوَ أَن يقدم فِي الْحَرْب بنشاط نفس وَقُوَّة
قلب لَا يجبن وَعند الصَّدَقَة قيل هُوَ أَن يهزه سجية
السخاء فيعطيها طيبَة بهَا نَفسه من غير من وَلَا استكثار
وان كَانَ كثيرا بل كلما يعْطى فَلَا يُعْطِيهِ الا وَهُوَ
مُسْتَقل لَهُ قَوْله
(5/78)
[2559] وَلَا مخيلة بِمَعْنى الْخُيَلَاء
قَوْله
[2560] كالبنيان بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة أَي كالحائط
وَالْمرَاد أَن من شَأْن الْمُؤمن أَن يكون على الْحق
الَّذِي هُوَ مُقْتَضى الْإِيمَان وَيلْزم مِنْهُ توَافق
الْمُؤمنِينَ على ذَلِك الْحق وتناصرهم وتأييد بَعضهم
لبَعض الَّذِي يعْطى مَا أَمر بِهِ من غير زِيَادَة أَو
نُقْصَان فِيهِ بهوى طيبَة بهَا بِالصَّدَقَةِ نَفسه أَي
يكون رَاضِيا بذلك قَالَ ذَلِك إِذْ كثيرا مَالا يرضى
الْإِنْسَان بِخُرُوج شَيْء من يَده وان كَانَ ملكا لغيره
أحد المتصدقين أَي يُشَارك صَاحب المَال فِي الصَّدَقَة
فيصيران متصدقين وَيكون هُوَ أَحدهمَا هَذَا على أَن
الرِّوَايَة بِفَتْح الْقَاف وَهُوَ الَّذِي صَرَّحُوا
بِهِ نعم جَوَاز الْكسر على أَن اللَّفْظ جمع أَي هُوَ
متصدق من المتصدقين قَوْله
(5/79)
[2561] الجاهر بِالْقُرْآنِ قد سبق
الحَدِيث
قَوْله
[2562] لَا ينظر الله أَي نظر رَحْمَة أَولا والا فَلَا
يغيب أحد عَن نظره وَالْمُؤمن مَرْحُوم بِالآخِرَة قطعا
الْعَاق لوَالِديهِ المقصر فِي أَدَاء الْحُقُوق
إِلَيْهِمَا المترجلة الَّتِي تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ
فِي زِيِّهِمْ وَهَيْئَاتِهِمْ فَأَمَّا فِي الْعلم والرأي
فمحمود والديوث وَهُوَ الَّذِي لَا غيرَة لَهُ على أَهله
لَا يدْخلُونَ الْجنَّة لَا يسْتَحقُّونَ الدُّخُول
ابْتِدَاء والمدمن الْخمر أَي المديم شربه الَّذِي مَاتَ
بِلَا تَوْبَة قَوْله
(5/80)
[2563] لَا يكلمهم الله الخ كِنَايَة عَن
عدم الِالْتِفَات إِلَيْهِم بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة
المسبل من الإسبال بِمَعْنى الارخاء عَن الْحَد الَّذِي
يَنْبَغِي الْوُقُوف عِنْده وَالْمرَاد إِذا كَانَ عَن
مخيلة وَالله تَعَالَى أعلم والمنفق بتَشْديد الْفَاء أَي
المروج سلْعَته بِكَسْر السِّين مبيعه
قَوْله
[2565] وَلَو بظلف الظِّلْفُ بِكَسْرِ الظَّاءِ
الْمُعْجَمَةِ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَافِرِ للْفرس
والبغل والخف للبعير وَالْمَقْصُود الْمُبَالغَة قَوْله
(5/81)
[2566] الا دعى لَهُ أَي للْمولى شُجَاع
بِالرَّفْع على أَنه نَائِب الْفَاعِل لدعى أَو بِالنّصب
على أَنه حَال مقدم كَمَا فِي بعض النّسخ وَلَا عِبْرَة
بالخط ونائب الْفَاعِل هُوَ فَضله الَّذِي منع أَي دعى
لَهُ فَضله شجاعا يتلمظ يُدِير لِسَانه عَلَيْهِ وَيتبع
أَثَره وعَلى تَقْدِير رفع شُجَاع فَضله بِالرَّفْع بدل
مِنْهُ بِنَاء على مَا قَالُوا ان الْمُبدل مِنْهُ لَيْسَ
فِي حكم التنحية حَتَّى جوزوا ذَلِك فِي قَوْله تَعَالَى
وَجعلُوا لله شُرَكَاء الْجِنّ فَقَالُوا الْجِنّ بدل من
شُرَكَاء مَعَ أَنه لَا معنى لقَوْله وَجعلُوا لله الْجِنّ
بِدُونِ شُرَكَاء أَو هُوَ خبر مَحْذُوف أَي هُوَ فَضله
وَيجوز أَن ينصب بِتَقْدِير أعنى وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله من استعاذ الخ حَاصله من توسل بِاللَّه فِي شَيْء
يَنْبَغِي أَن لَا يحرم مَا أمكن
[2567] وَمن أَتَى بِلَا مدأى فعل مَعْرُوفا حَال كَونه
واصلا اليكم أَو بِالْمدِّ أَعْطَاكُم الْمَعْرُوف والى
لتضمين معنى الْوُصُول أَو الْإِحْسَان بِالْمثلِ بل
بِأَحْسَن قَوْله
(5/82)
[2568] وَإِنِّي كنت امْرأ كَانَ زَائِدَة
أَو بِمَعْنى صَار قَوْله بِمَا بَعثك مَا استفهامية وَقد
سبق الحَدِيث قَرِيبا محرم أَي حرم الله تَعَالَى على كل
مُسلم تعرض بِكُل مُسلم بِكُل وَجه الا مَا إباحه
الدَّلِيل أَخَوان أَي هما أَي المسلمان أَو يُفَارق أَي
إِلَى أَن يُفَارق فالمضارع مَنْصُوب بعد أَو بِمَعْنى
إِلَى أَن وَحَاصِله أَن الْهِجْرَة من دَار الشّرك إِلَى
دَار الْإِسْلَام وَاجِب على كل من آمن فَمن ترك فَهُوَ
عَاص يسْتَحق رد الْعَمَل وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2569] رجل أَخذ كِنَايَة عَن مداومة الْجِهَاد معتزل
مُنْفَرد عَن النَّاس يدل على جَوَاز الْعُزْلَة إِذا
خَافَ الْفِتْنَة فِي شعب بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة
ويعتزل شرور النَّاس قيل يَنْبَغِي أَن يقْصد بِهِ تَركهم
عَن شَره الَّذِي يسْأَل بِاللَّه على بِنَاء الْفَاعِل
أَي الَّذِي يجمع بَين القبيحين أَحدهمَا السُّؤَال
بِاللَّه وَالثَّانِي عدم الْإِعْطَاء لمن يسْأَل بِهِ
تَعَالَى فَمَا يُرَاعِي حُرْمَة اسْمه تَعَالَى فِي
الْوَقْتَيْنِ جَمِيعًا وَأما جعله مَبْنِيا للْمَفْعُول
فبعيد إِذْ لَا صنع للْعَبد فِي أَن يسْأَله السَّائِل
بِاللَّه فَلَا وَجه للْجمع بَينه وَبَين ترك الْإِعْطَاء
فِي هَذَا الْمحل وَالْوَجْه فِي افادة ذَلِك الْمَعْنى
أَن يُقَال الَّذِي لَا يعْطى إِذا سُئِلَ بِاللَّه
وَنَحْوه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/83)
[2570] فَرجل أَي فأحدهم معطى رجل فتخلفه
أَي مَشى خَلفه وَقوم أَي وَالثَّانِي قَارِئ قوم مِمَّا
يعدل بِهِ أَي يُسَاوِيه يتملقني أَي يتَضَرَّع لدي
بِأَحْسَن مَا يكون وَقد تقدم الحَدِيث قَوْله
(5/84)
[2572] بِهَذَا الطّواف الْبَاء زَائِدَة
فِي خبر لَيْسَ ترده اللُّقْمَة أَي يرد على الْأَبْوَاب
لأجل اللُّقْمَة أَو أَنه إِذا أَخذ لقْمَة رَجَعَ إِلَى
بَاب آخر فَكَأَن اللُّقْمَة ردته من بَاب إِلَى بَاب
وَالْمرَاد لَيْسَ الْمِسْكِين الْمَعْدُود فِي مصارف
الزَّكَاة هَذَا الْمِسْكِين بل هَذَا دَاخل فِي الْفَقِير
وَإِنَّمَا الْمِسْكِين المستور الْحَال الَّذِي لَا
يعرفهُ أحد الا بالتفتيش وَبِه يتَبَيَّن الْفرق بَين
الْفَقِير والمسكين فِي المصارف وَقيل المُرَاد لَيْسَ
الْمِسْكِين الْكَامِل الَّذِي هُوَ أَحَق بِالصَّدَقَةِ
وأحوج إِلَيْهَا الْمَرْدُود على الْأَبْوَاب لأجل
اللُّقْمَة وَلَكِن الْكَامِل الَّذِي لَا يجد الخ فَمَا
الْمِسْكِين قيل مَا تَأْتِي كَثِيرًا لِصِفَاتِ مَنْ
يَعْقِلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ
لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ وَعَلِيهِ هَذَا الحَدِيث وَلَا
يفْطن لَهُ على بِنَاء الْمَفْعُول مخففا فَيتَصَدَّق
بِالنّصب جَوَاب النَّفْي وَكَذَا فَيسْأَل
قَوْله
[2573] الْأكلَة بِضَم الْهمزَة اللُّقْمَة
قَوْله
[2574] إِن لم تجدي الخ أَي يَنْبَغِي أَن لَا يرجع عَن
الْبَاب محروما قَوْله
(5/85)
[2575] والعائل الْفَقِير المزهو كالمدعو
أَي المتكبر
قَوْله
[2576] الحلاف أَي كثير الْحلف لترويج مبيعه قَوْله
(5/86)
[2577] السَّاعِي أَي الكاسب الَّذِي يكْسب
المَال على الأرملة أَي لأجل التَّصَدُّق عَلَيْهَا
والمسكين عطف على الأرملة من لَا زوج لَهَا من النِّسَاء
قَوْله
[2578] بذهيبة تَصْغِير الذَّهَب للْإِشَارَة إِلَى تقليله
وَفِي نُسْخَة بِلَا تَصْغِير بتربتها أَي مخلوطة بترابها
بن علاثة بِضَم عين مُهْملَة وَتَخْفِيف لَام ومثلثة
صَنَادِيد قُرَيْش أَي أَشْرَافهم وَالْوَاحد صنديد
بِكَسْر الصَّاد قَالَ أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم اعتذارا كث اللِّحْيَة أَي غليظها مشرف
الوجنتين أَي مرتفعهما والوجنة مثلث الْوَاو أَعلَى الخد
غائر الْعَينَيْنِ أَي ذاهبهما إِلَى الدَّاخِل ناتئ
بِالْهَمْزَةِ أَي مُرْتَفع الجبين
(5/87)
أيأمنني أَي الله حَيْثُ بَعَثَنِي رَسُولا
إِلَيْهِم فَإِن مدَار الرسَالَة على الْأَمَانَة ان من
ضئضئ الخ أَي مَنعه عَن الْقَتْل ثمَّ ذكر هَذِه
الْقَضِيَّة ليعلم أَن وُقُوع هَذَا الْأَمر الشنيع من
الرجل غير بعيد فَفِي الحَدِيث اخْتِصَار والضئضئ
بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ بَيْنَهُمَا
هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ همزَة هُوَ الأَصْل يُرِيد
أَنه يخرج من نَسْله وعقبه كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ قلت
الْوَجْه أَن يُقَال من قبيلته إِذْ لَا يُقَال لنسل الرجل
أَنه أَصله الا أَن يُقَال بِنَاء على اعْتِبَار
الْإِضَافَة بَيَانِيَّة وَالْخُرُوج مِنْهُ خُرُوج من
نَسْله وَالله تَعَالَى أعلم لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ أَي
حلقهم بالصعود إِلَى مَحل الْقبُول أَو بالنزول إِلَى
الْقُلُوب ليفقهوا يَمْرُقُونَ أَي يخرجُون وَظَاهره أَنهم
كفرة وَبِه يَقُول أهل الحَدِيث أَو بَعضهم لَكِن أهل
الْفِقْه على إسْلَامهمْ فَالْمُرَاد الْخُرُوج من حُدُود
الْإِسْلَام أَو كَمَاله من الرَّمية بِفَتْح رَاء
وَتَشْديد يَاء هِيَ الصَّيْد المرمى لِأَنَّهُ ذَاته
مرمية قَتْلَ عَادٍ أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا
كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ
(5/88)
قَوْله
[2579] تحملت حمالَة بِفَتْح الْحَاء مَا يَتَحَمَّلُهُ
الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ دِيَةٍ أَو غَرَامَة أَي
تكفلت مَالا لاصلاح ذَات الْبَين قَالَ الْخطابِيّ هِيَ
أَن يَقع بَين الْقَوْم التشاجر فِي الدِّمَاء
وَالْأَمْوَال وَيخَاف من ذَلِك الْفِتَن الْعَظِيمَة
فيتوسط الرجل فِيمَا بَينهم يسْعَى فِي ذَات الْبَين
وَيضمن لَهُم مَا يترضاهم بذلك حَتَّى يسكن الْفِتْنَة
قَوْله
[2580] أقِم أَي كن فِي الْمَدِينَة مُقيما ان الصَّدَقَة
أَي الْمَسْأَلَة لَهَا كَمَا فِي الرِّوَايَة السَّابِقَة
أَلا لأحد ثَلَاثَة أَي لَا تحل الا لصَاحب ضَرُورَة ملجئة
إِلَى السُّؤَال كأصحاب هَذِه الضرورات وَالله تَعَالَى
أعلم قواما بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مَا يَقُومُ
بِحَاجَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ أَو سدادا بِكَسْر السِّين
مَا يَكْفِي حَاجته والسداد بِالْكَسْرِ كل شَيْء سددت
بِهِ خللا وَالشَّكّ من بعض الروَاة وَالظَّاهِر أَن هَذَا
قلب من بعض الروَاة والا فَهَذِهِ الْغَايَة إِنَّمَا
يُنَاسب الثَّانِي وللغاية الَّتِي تَجِيء هُنَاكَ تناسب
الأول وَقد جَاءَت الرِّوَايَات كَذَلِك كَرِوَايَة مُسلم
وَغَيره جَائِحَة أَي آفَة فاجتاحت أَي أستأصلت مَاله
كالغرق والحرق وَفَسَاد الزَّرْع حَتَّى يشْهد أَي
(5/89)
أَصَابَته فاقة إِلَى أَن ظَهرت ظهورا
بَينا وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة الشَّهَادَة بل
الظُّهُور وَالْمَقْصُود بِالذَّاتِ أَنه ان أَصَابَته
فاقة بالتحقيق ذَوي الحجى بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة
الْعقل سحت بِضَمَّتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي حرَام
قَوْله
[2581] إِنَّمَا أَخَاف أَي مَا أَخَاف عَلَيْكُم الْفقر
وَإِنَّمَا أَخَاف عَلَيْكُم الْغنى أَو يَأْتِي الْخَيْر
أَي المَال لقَوْله تَعَالَى ان ترك خيرا فَكيف يَتَرَتَّب
عَلَيْهِ الشَّرّ حَتَّى يخَاف مِنْهُ تكلم بِضَم حرف
المضارعة من التكليم الرُّحَضَاءَ بِضَمِّ الرَّاءِ
وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ
مَمْدُودَةٍ هُوَ عَرَقٌ يَغْسِلُ الْجِلْدَ لِكَثْرَتِهِ
قَوْله أشاهد السَّائِل وَفِي نُسْخَة أفشاهد السَّائِل
الخ يُرِيد التَّمْهِيد للجواب عَن شَاهد السَّائِل أَي
عَمَّا اعْتمد
(5/90)
السَّائِل عَلَيْهِ فِي سُؤَاله بِتَقْدِير
نفس الشَّاهِد حَتَّى يُجيب عَنهُ أَي أشاهد السَّائِل
هَذَا وَهُوَ أَنه لَا يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ مِمَّا
ينْبت الرّبيع قيل هُوَ الْفَصْل الْمَشْهُور بالانبات
وَقيل هُوَ النَّهر الصَّغِير المنفجر عَن النَّهر
الْكَبِير أَو يلم بِضَم الْيَاء وَكسر اللَّام أَي يقرب
من الْقَتْل ثمَّ الْمَوْجُود فِي نسخ الْكتاب إِنَّ
مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ بِدُونِ
كلمة مَا قبل يقتل وَهُوَ اما مبْنى على أَن من فِي مِمَّا
ينْبت تبعيضية وَهِي اسْم عِنْد الْبَعْض فَيصح أَن يكون
اسْم ان وَيقتل خبر ان أَو كلمة مَا مقدرَة والموصول مَعَ
صلته اسْم ان وَالْجَار وَالْمَجْرُور أعنى مِمَّا ينْبت
خَبره وَقَوله الا آكِلَة الْخضر كلمة الا بتَشْديد
اللَّام استثنائية والآكلة بِمد الْهمزَة وَالْخضر بِفَتْح
خاء وَكسر ضاد معجتمتين قيل نوع من الْبُقُول لَيْسَ من
جيدها وأحرارها وَقيل هُوَ كلأ الصَّيف الْيَابِس
وَالِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع أَي لَكِن آكِلَة الخضرة
تنْتَفع بأكلها فَإِنَّهَا تَأْخُذ الْكلأ على الْوَجْه
الَّذِي يَنْبَغِي وَقيل مُتَّصِل مفرغ فِي الاثبات أَي
يقتل كل آكِلَة الا آكِلَة الْخضر وَالْحَاصِل أَن مَا
ينبته الرّبيع خير لَكِن مَعَ ذَلِك يضر إِذا لم تستعمله
الآكلة على وَجهه وَإِذا اسْتعْملت على وَجهه لَا يضر
فَكَذَا المَال وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال
إِذا امتدت خاصرتاها أَي شبعت اسْتقْبلت عين الشَّمْس
تستمرئ بذلك فثلطت بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَاللَّام أَي
أَلْقَت رجيعها سهلا رَقِيقا خضرَة بِفَتْح فَكسر أَي
كبقلة خضرَة فِي المنظر حلوة أَي كفاكهة حلوة فِي الذَّوْق
فلكثرة ميل الطَّبْع يَأْخُذ الْإِنْسَان بِكُل وَجه
فيؤديه ذَلِك إِلَى الْوَجْه الَّذِي لَا يَنْبَغِي
فَيهْلك ان أعْطى مِنْهُ الْيَتِيم الخ أَي بعد أَن أَخذه
بِوَجْهِهِ والى هَذَا الْقَيْد أَشَارَ بِذكر يَقْتَضِيهِ
فِي الْمُقَابل فَلَا بُد فِي الْخَبَر من أَمريْن
أَحدهمَا تَحْصِيله بِوَجْهِهِ وَالثَّانِي صرفه فِي
مصارفه وَعند انْتِفَاء أَحدهمَا يصير ضَرَرا وعَلى هَذَا
فقد ترك مُقَابل الْمَذْكُور هَا هُنَا فِيمَا بعد أعنى
(5/91)
وَالَّذِي يَأْخُذهُ بِغَيْر حَقه أَي أَو
لَا يَسْتَعْمِلهُ بعد أَخذه بِحقِّهِ فِي مصارفه فَفِي
الْكَلَام صِيغَة الاحتباك وَقد يُقَال فِيهِ إِشَارَة
إِلَى الْمُلَازمَة بَين القيدين فَلَا يوفق الْمَرْء
للصرف فِي المصارف الا إِذا أَخذه بِوَجْهِهِ قَلما يصرف
فِي غير مصارفه وَالله تَعَالَى اعْلَم
قَوْله
[2582] اثْنَتَانِ أَي فَفِيهَا أَجْرَانِ فَهَذَا حث على
التَّصَدُّق على الرَّحِم والاهتمام بِهِ قَوْله
(5/92)
[2583] تصدقن الظَّاهِر أَنه أَمر ندب
بِالصَّدَقَةِ النَّافِلَة لِأَنَّهُ خطاب بالحاضرات وبعيد
أَنَّهُنَّ كُلهنَّ مِمَّن فرض عَلَيْهِنَّ الزَّكَاة
وَكَأن المُصَنّف حمله على الزَّكَاة لِأَن الأَصْل فِي
الْأَمر الْوُجُوب وَلَو من حليكن بِضَم حاء وَكسر لَام
وَتَشْديد تحتية على الْجمع وجوزوا فتح الْحَاء وَسُكُون
اللَّام على أَنه مُفْرد قلت الافراد يُنَاسب الْإِضَافَة
إِلَى الْجمع الا ان يحمل على الْجِنْس وَلَا دلَالَة
فِيهِ على وجوب الزَّكَاة فِي الحلى وان حملنَا الحَدِيث
على الزَّكَاة لِأَن الْأَدَاء من الحلى لَا يقتضى
الْوُجُوب فِيهَا خَفِيف ذَات الْيَد أَي قَلِيل المَال
وَلَا تخبر من نَحن أَي بِلَا سُؤال والا فَعِنْدَ
السُّؤَال يجب الاخبار فَلَا يُمكن الْمَنْع عَنهُ
وَلذَلِك أخبر بِلَال بعد السُّؤَال أجر الْقَرَابَة أَي
أجر وَصلهَا
قَوْله
[2584] لِأَن يحتزم بِفَتْح اللَّام وَالْكَلَام من قبيل
وَأَن تَصُومُوا خير لكم أَي مَا يلْحق الْإِنْسَان
بالاحتزام من التَّعَب الدنيوي خير مِمَّا يلْحقهُ بالسؤال
من التَّعَب الاخروي فَعِنْدَ الْحَاجة يَنْبَغِي لَهُ أَن
يخْتَار الأول وَيتْرك الثَّانِي وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
(5/93)
[2585] مزعة لحم بِضَم مِيم وَحكى كسرهَا
وَفتحهَا وَسُكُون زَاي مُعْجمَة وَعين مُهْملَة الْقطعَة
الْيَسِيرَة من اللَّحْم وَالْمرَاد أَنه يَجِيء ذليلا لَا
جَاهَ لَهُ وَلَا قَدْرَ كَمَا يُقَالُ لَهُ وَجه عِنْد
النَّاس أَو لَيْسَ لَهُ وَجه أَو أَنه يعذب فِي وَجهه
حَتَّى يسْقط لَحْمه أَو أَنه يَجْعَل لَهُ ذَلِك عَلامَة
يعرف بِهِ وَالظَّاهِر مَا قيل أَنه جازاه الله من جنس
ذَنبه فَإِنَّهُ صرف بالسؤال مَاء وَجهه عِنْد النَّاس
قَوْله
[2586] عَن بسطَام بِكَسْر الْمُوَحدَة وَحكى فتحهَا قَالَ
بن الصَّلَاحِ أَعْجَمِيٌّ لَا يَنْصَرِفُ وَمِنْهُمْ مَنْ
صَرَفَهُ قَوْله على أُسْكُفَّة الْبَاب بِهَمْزَة
مَضْمُومَة وَسُكُون سين مُهْملَة وَضم كَاف وَتَشْديد
فَاء عتبته مَا فِي الْمَسْأَلَة من الضَّرَر أَو الْإِثْم
قَوْله
(5/94)
[2587] أسأَل على تَقْدِير حرف
الِاسْتِفْهَام وَالْمرَاد أسأَل المَال من غير الله
المتعال والا فَلَا منع للسؤال من الله تَعَالَى بل هُوَ
الْمَطْلُوب فتسأل الصَّالِحين أَي القادرين على قَضَاء
الْحَاجة أَو أخيار النَّاس لأَنهم لَا يحرمُونَ
السَّائِلين ويعطون مَا يُعْطون عَن طيب نفس وَالله
تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2588] إِذا نفد بِكَسْر الْفَاء واهمال أَي فرغ مَا يكون
مَا مَوْصُولَة لَا شَرْطِيَّة والا لوَجَبَ يكن بِحَذْف
الْوَاو وَالْفَاء فِي قَوْله فَلَنْ أدخره لتضمن
الْمُبْتَدَأ معنى الشَّرْط أَي لَيْسَ أحبسه عَنْكُم
وَلَا أَن فَرد بِهِ دونكم وَمن يستعفف يعفه من شَرْطِيَّة
هُنَا وَفِيمَا بعد والفعلان مجزومان أَي من يطْلب العفاف
وَهُوَ ترك السُّؤَال يُعْطه الله العفاف وَمن يتصبر أَي
تكلّف فِي تحمل مشاق الصَّبْر وَفِي التَّعْبِير بِبَاب
لتكلف إِشَارَة إِلَى أَن ملكة الصَّبْر تحْتَاج فِي
الْحُصُول إِلَى الِاعْتِبَار وَتحمل المشاق من
الْإِنْسَان يصبره الله من التصبير أَي جعله صَابِرًا
قَوْله
(5/95)
[2590] من يضمن لي وَاحِدَة أَي خصْلَة
وَاحِدَة يُرِيد من يديم على هَذِه الْخصْلَة فَلهُ
الْجنَّة فِي مقابلتها أَن لَا يسْأَل النَّاس شَيْئا أَي
من مَالهم والا فَطلب مَاله عَلَيْهِم لَا يضر وَالله
تَعَالَى أعلم
(5/96)
[2592] جَاءَت أَي مَسْأَلته خموشا بِضَم
أَوله مَنْصُوب على الْحَال وَهُوَ مصدر أَو جمع من خَمش
الْجلد قشره بِنَحْوِ عود أَو كدوحا مثل خموشا وزنا وَمعنى
وأو للشَّكّ من بعض الروَاة وماذا يُغْنِيه أَي مَا الْغنى
الْمَانِع عَن السُّؤَال وَلَيْسَ المُرَاد بَيَان الْغنى
الْمُوجب لِلزَّكَاةِ أَو الْمحرم لأخذها من غير سُؤال
قَوْله
[2593] لَا تلحفوا فِي الْمَسْأَلَة من ألحف أَو لحف
بِالتَّشْدِيدِ أَي ألح عَلَيْهِ قَوْله
(5/97)
[2595] سرحتني بتَشْديد الرَّاء أَي
أرسلتني أُوقِيَّة بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء أَي
أَرْبَعُونَ درهما
قَوْله
[2596] فَقَالَت لي أَي أَهلِي والتأنيث لِأَن المُرَاد
الْمَرْأَة أَو لِأَن الْأَهْل جمع معنى فولى بتَشْديد
اللَّام أَي أدبر وَهُوَ مغضب بِفَتْح الضَّاد أَي موقع
فِي الْغَضَب انك تُعْطى من شِئْت أَي لَا تُعْطى فِي
المصارف وَإِنَّمَا تتبع فِيهِ مشيئتك أَن لَا أجد أَي
لأجل أَن لَا أجد وَله أُوقِيَّة أَو عدلها هَذَا يدل على
أَن التَّحْدِيد بِخَمْسِينَ درهما لَيْسَ مَذْكُورا على
وَجه التَّحْدِيد بل هُوَ مَذْكُور على وَجه التَّمْثِيل
للقحة بِفَتْح اللَّام على أَنَّهَا لَام ابْتِدَاء
واللقحة بِفَتْح اللَّام أَو كسرهَا النَّاقة الْقَرِيبَة
الْعَهْد بالنتاج أَو الَّتِي هِيَ ذَات لبن قَوْله
(5/98)
[2597] لَا تحل الصَّدَقَة أَي سؤالها والا
فَهِيَ تحل للْفَقِير وان كَانَ قَوِيا صَحِيح الْأَعْضَاء
إِذا أعطَاهُ أحد بِلَا سُؤال مرّة بِكَسْر مِيم وَتَشْديد
رَاء أَي قُوَّة سوى صَحِيح الْأَعْضَاء قَوْله فَقلب
بتَشْديد اللَّام جلدين بِفَتْح جِيم وَسُكُون لَام أَي
قويين
(5/99)
[2598] ان شئتما أَي أعطيتكما كَمَا فِي
رِوَايَة وَهَذَا يدل على أَنه لَو أدّى أحد إِلَيْهِمَا
يحل لَهما أَخذه وَيُجزئ عَنهُ والا لم يَصح لَهُ أَن
يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا بمشيئتهما فَقَوله ولاحظ فِيهَا
الضَّمِير للصدقة على تَقْدِير الْمُضَاف أَي فِي سؤالها
أَو للمسألة الْمَعْلُومَة من الْمقَام مكتسب أَي قَادر
على الْكسْب قَوْله كدوح بِضَمَّتَيْنِ أَي آثَار القشر
ترك أَي الكدوح أَو السُّؤَال وَهَذَا لَيْسَ بِتَخْيِير
بل هُوَ توبيخ مثل قَوْله تَعَالَى فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن
شَاءَ فليكفر ذَا سُلْطَان قَالَ الْخطابِيّ هُوَ أَن
يسألة حقة من بَيت المَال الَّذِي فِي يَده أَو شَيْئا
ظَاهره أَنه عطف على ذَا سُلْطَان وَلَا
(5/100)
يَسْتَقِيم أذ السُّؤَال يتَعَدَّى إِلَى
مفعولين الشَّخْص وَالْمَطْلُوب الْمُحْتَاج إِلَيْهِ
وَذَا سُلْطَان هُوَ الأول وَترك الثَّانِي للْعُمُوم
وشيئا هَا هُنَا لَا يصلح أَن يكون الأول بل هُوَ
الثَّانِي الا أَن يُرَاد بشيئا شخصا وَمعنى لَا يجد
مِنْهُ أَي من سُؤَاله بدا وَهُوَ تكلّف بعيد فَالْأَقْرَب
أَن يُقَال تَقْدِيره أَو يسْأَل شَيْئا الخ وَحذف هَا
هُنَا الْمَفْعُول الأول لقصد الْعُمُوم أَو يقدر يسْأَل
ذَا سُلْطَان أَي شَيْء كَانَ أَو غَيره شَيْئا لَا يجد
مِنْهُ بدا فَهُوَ من عطف
(5/101)
شَيْئَيْنِ على شَيْئَيْنِ الا أَنه حذف من
كل مِنْهُمَا مَا ذكر مماثله فِي الآخر من صَنْعَة
الاحتباك وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2603] لَا أرزأ بِتَقْدِيم الرَّاء الْمُهْملَة على
الزَّاي الْمُعْجَمَة آخِره همزَة أَي لَا آخُذُ مِنْ
أَحَدٍ شَيْئًا وَأَصْلُهُ النَّقْصُ قَوْله
(5/102)
[2604] بعمالة بِضَم الْعين الْمُهْملَة
أَي رزق الْعَامِل إِذا أَعْطَيْت على بِنَاء الْمَفْعُول
قَوْله
[2605] ألم أخبر على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْمرَاد
الِاسْتِفْهَام عَن مُتَعَلق الاخبار لَا عَنهُ نَفسه
تعْمل على عمل أَي تسْعَى عَلَيْهِ فتعطى على بِنَاء
الْمَفْعُول عمالة بِضَم الْعين أَي أُجْرَة إِنِّي أردْت
بِضَم التَّاء الَّذِي أردْت بِفَتْح التَّاء
(5/103)
فتموله أَي إِذا أخذت فَإِن شِئْت أبقه
عنْدك مَالا وَإِن شِئْت تصدق بِهِ فَلَا تتبعه أَي من
أتبع مخففا أَي فَلَا تجْعَل نَفسك تَابِعَة لَهُ ناظرة
إِلَيْهِ لأجل أَن يحصل عنْدك أشارة إِلَى أَن الْمدَار
على عدم تعلق النَّفس بِالْمَالِ لَا على عدم أَخذه ورده
على الْمُعْطى وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2606] تلِي من الْولَايَة غير مشرف من
(5/104)
الْأَشْرَاف أَي غير طامع
(5/105)
قَوْله
[2609] إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ قَالَ
النَّوَوِيُّ تَنْبِيهٌ على الْعلَّة فِي تَحْرِيم
الزَّكَاة عَلَيْهِم وَأَن التَّحْرِيم لِكَرَامَتِهِمْ
وَتَنْزِيهِهِمْ عَنِ الْأَوْسَاخِ وَمَعْنَى أَوْسَاخِ
النَّاسِ أَنَّهَا تَطْهِير لأموالهم ونفوسهم كَمَا قَالَ
الله تَعَالَى خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم
بهَا فَهِيَ كغسالة الأوساخ
قَوْله
[2610] من أنفسهم أَي أَنه يعد وَاحِدًا مِنْهُم فَحكمه
كحكمهم فَيَنْبَغِي أَن لَا تحل الزَّكَاة لِابْنِ أُخْت
هاشمي كَمَا لَا تحل لهاشمي ولإفادة هَذَا الْمَعْنى ذكر
المُصَنّف هَذَا الحَدِيث هَا هُنَا قَالَ النَّوَوِيُّ
اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يُوَرِّثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ
وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا
اللَّفْظ مَا يقتضى توريثه وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه
بَينه وَبينهمْ ارتباط وَقَرَابَةً وَلَمْ يَتَعَرَّضْ
لِلْإِرْثِ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ
الْمُرَادَ أَنَّهُ كَالْوَاحِدِ مِنْهُمْ فِي إِفْشَاءِ
سرهم بِحَضْرَتِهِ وَنَحْو ذَلِك
قَوْله
[2612] وان مولى الْقَوْم مِنْهُم أَي فَلَا تحل لَك لكونك
مَوْلَانَا قَوْله
(5/106)
[2613] بسط يَده أَي أكل
قَوْله
[2614] ولاءها بِفَتْح الْوَاو أَي لأَنْفُسِهِمْ اشتريها
أَي مَعَ ذَلِك الشَّرْط كَمَا فِي رِوَايَة وَهُوَ
الَّذِي يَقْتَضِيهِ الظَّاهِر لِأَن مواليها كَانُوا
يأبون الشِّرَاء بِدُونِ هَذَا الشَّرْط فَكيف يتَحَقَّق
مِنْهُم الشِّرَاء بِدُونِهِ نعم يلْزم مِنْهُ أَن يفْسد
البيع لِأَنَّهُ شَرط فِي نفع لأحد الْعَاقِدين وَمثله
مُفسد وَأَيْضًا هُوَ من بَاب الخداع فتجويزه مُشكل وَلَا
مخلص الا بالْقَوْل بِأَن للشارع أَن يخص من شَاءَ بِمَا
يَشَاء فَيمكن أَنه خص هَذَا البيع بِالْجَوَازِ ليبطل
عَلَيْهِم الشَّرْط بعد وجوده للْمُبَالَغَة فِي الانزجار
وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله
(5/107)
[2614] هُوَ لَهَا صَدَقَة فَالظَّاهِر أَن
صَدَقَة بِالرَّفْع خبر وَلها بِمَعْنى فِي حَقّهَا
مُتَعَلق بهَا قَالَ بن مَالِكٍ يَجُوزُ فِي صَدَقَةٌ
الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خبر هُوَ وَلها صفة صَدَقَة
فَصَارَت حَالا وَالنّصب على الْحَال أَو يَجْعَل لَهَا
الْخَبَر انْتهى فَلْيتَأَمَّل قَوْله وَكَانَ زَوجهَا حرا
أَي حِين خيرت فالتخيير لِلْعِتْقِ لَا لكَون الزَّوْج
عبدا وَبِه قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَمَا جَاءَ أَنه كَانَ
عبدا فمحمله أَن الرَّاوِي مَا علم بِعِتْقِهِ فَزعم
بَقَاءَهُ على الْحَال الأولى وَمن أثبت الْحُرِّيَّة فمعه
زِيَادَة علم فَيقبل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأضاعه
أَي بترك الْقيام بِالْخدمَةِ والعلف وَنَحْوهَا أبتاعه
أَي أشتريه
[2615] انه بَائِعه اسْم فَاعل أَي يَبِيعهُ برخص بِضَم
رَاء وَسُكُون خاء ضد الغلاء فان الْعَائِد أَي
بِالْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيّ بِخِلَاف مَا إِذا رده
الْإِرْث فَلَا يُسمى صَاحبه عَائِدًا وَالْحَاصِل أَن مَا
أخرجه الْإِنْسَان لله فَلَا يَنْبَغِي لِأَن يَجْعَل
لنَفسِهِ بِفعل اخْتِيَاري وَلَا ينْتَقض بِنِكَاح الْأمة
الْمُعتقَة فَإِنَّهُ من بَاب زِيَادَة الْإِحْسَان
فَلْيتَأَمَّل ثمَّ هَذَا الْكَلَام لَا يُفِيد
التَّحْرِيم أَو عدم الْجَوَاز إِذْ لم يعلم عود الْكَلْب
فِي قيئه بِحرْمَة أَو عدم جَوَاز وَلَكِن تفِيد أَنه
قَبِيح مَكْرُوه بِمَنْزِلَة الْمَكْرُوه المستقذر طبعا
وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/108)
[2618] فتؤدى على بِنَاء الْمَفْعُول
وَالله تَعَالَى أعلم
(5/109)
|