حاشية السندي
على سنن النسائي (كتاب مَنَاسِك الْحَج)
قَوْله
[2619] فِي كل عَام أَي هُوَ مَفْرُوض على كل انسان
مُكَلّف فِي كل سنة أَو هُوَ مَفْرُوض عَلَيْهِ مرّة
وَاحِدَة لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ الخ أَي لوَجَبَ الْحَج
كل عَام وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي أَن أَمر افتراض
الْحَج كل عَام كَانَ مفوضا إِلَيْهِ حَتَّى لَو قَالَ نعم
لحصل وَلَيْسَ بمستبعد إِذْ يجوز أَن يَأْمر الله تَعَالَى
بِالْإِطْلَاقِ ويفوض أَمر التَّقْيِيد إِلَى الَّذِي فوض
إِلَيْهِ الْبَيَان فَهُوَ ان أَرَادَ أَن يبقيه على
الْإِطْلَاق يبقيه عَلَيْهِ وان أَرَادَ أَن يُقَيِّدهُ
بِكُل عَام يُقَيِّدهُ بِهِ ثمَّ فِيهِ إِشَارَة إِلَى
كَرَاهَة السُّؤَال فِي النُّصُوص الْمُطلقَة والتفتيش عَن
قيودها بل يَنْبَغِي الْعَمَل باطلاقها حَتَّى يظْهر
فِيهَا قيد وَقد جَاءَ الْقُرْآن مُوَافقا لهَذِهِ
الْكَرَاهَة ذروني أَي اتركوني من السُّؤَال عَن الْقُيُود
فِي المطلقات مَا تركتكم عَن التَّكْلِيف فِي الْقُيُود
فِيهَا وَلَيْسَ المُرَاد لَا تَطْلُبُوا مني الْعلم مَا
دَامَ لَا أبين لكم بنفسي وَاخْتِلَافهمْ عطف على كَثْرَة
السُّؤَال إِذْ الِاخْتِلَاف وان قل يُؤَدِّي إِلَى
الْهَلَاك وَيحْتَمل أَنه عطف على سُؤَالهمْ فَهُوَ
أَخْبَار عَمَّن تقدم بِأَنَّهُ كثر اخْتلَافهمْ فِي
الْوَاقِع فأداهم إِلَى
(5/110)
الْهَلَاك وَهُوَ لَا يُنَافِي أَن
الْقَلِيل من الِاخْتِلَاف مؤد إِلَى الْفساد فَإِذا
أَمرتكُم الخ يُرِيد أَن الْأَمر الْمُطلق لَا يَقْتَضِي
دوَام الْفِعْل وَإِنَّمَا يَقْتَضِي جنس الْمَأْمُور بِهِ
وَأَنه طَاعَة مَطْلُوبَة يَنْبَغِي أَن يَأْتِي كل انسان
مِنْهُ على قدر طاقته وَأما النَّهْي فَيَقْتَضِي دوَام
التّرْك وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2620] لَا تَسْمَعُونَ سَماع قبُول وَلَا تطيعون ان
سَمِعْتُمْ وَقَوله لَا تطيعون كالتتميم للْأولِ والتأكيد
لَهُ أَو لبَيَان أَن الطَّاعَة تَنْتفِي اصالة لتعذرها
أَو تعسرها لَا لاستلزام انْتِفَاء السّمع انتفاءها وَالله
تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2621] وَلَا الظعن بِفتْحَتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي
وَالْأولَى مُعْجمَة وَالثَّانيَِة مُهْملَة مصدر ظعن يظعن
بِالضَّمِّ إِذا سَار وَفِي الْمجمع الظعن الرَّاحِلَة أَي
لَا يقوى على السّير وَلَا على الرّكُوب من كبر السن قَالَ
السُّيُوطِيّ قَالَ الإِمَام أَحْمد وَلَا أَعْلَمُ فِي
إِيجَابِ الْعُمْرَةِ حَدِيثًا أَجْوَدَ مِنْ هَذَا وَلَا
أصح مِنْهُ وَلَا يخفى أَن الْحَج وَالْعمْرَة عَن
الْغَيْر ليسَا بواجبين على الْفَاعِل فَالظَّاهِر حمل
الْأَمر على النّدب وَحِينَئِذٍ فَفِي دلَالَة الحَدِيث
على وجوب الْعمرَة خَفَاء لَا يخفى وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
(5/111)
[2622] الْحجَّة المبرورة قيل هِيَ الَّتِي
لَا يخالطها إِثْمٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْبِرِّ وَهُوَ
الطَّاعَةُ وَقِيلَ هِيَ المقبولة الْمُقَابلَة بِالْبرِّ
وَهُوَ الثَّوَاب وَمن عَلَامَات الْقَبُولِ أَنْ يَرْجِعَ
خَيْرًا مِمَّا كَانَ وَلَا يعاود الْمعاصِي وَقيل هِيَ
الَّتِي لَا رِيَاء فِيهَا وَقيل هِيَ الَّتِي لَا يعقبها
مَعْصِيّة وهما داخلان فِيمَا قبلهمَا لَيْسَ لَهَا جَزَاء
الا الْجنَّة أَي دُخُولهَا أَولا والا فمطلق الدُّخُول
يَكْفِي فِيهِ الْإِيمَان وعَلى هَذَا فَهَذَا الحَدِيث من
أَدِلَّة أَن الْحَج يغْفر بِهِ الْكَبَائِر أَيْضا
لحَدِيث رَجَعَ كَيَوْم وَلدته أمه بل هَذَا الحَدِيث
يُفِيد مغْفرَة مَا تقدم من الذُّنُوب وَمَا تَأَخّر
وَالله تَعَالَى أعلم وَالْعمْرَة إِلَى الْعمرَة قيل
يحْتَمل أَن تكون إِلَى بِمَعْنَى مَعَ أَيِ الْعُمْرَةُ
(5/112)
مَعَ الْعمرَة أَو بمعناها مُتَعَلقَة
بكفارة أَي تكفر إِلَى الْعمرَة ولازمة أَنَّهَا تكفر
الذُّنُوب الْمُتَأَخِّرَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2625] وَفد الله ثَلَاثَة فِي الْقَامُوس وَفد إِلَيْهِ
وَعَلِيهِ يفد وَفْدًا ورد وَفِي الصِّحَاح وَفد فلَان على
الْأَمِير أَي ورد رَسُولا فَهُوَ وَافد وَالْجمع وَفد مثل
صَاحب وَصَحب فَالْمَعْنى السائرون إِلَى الله القادمون
عَلَيْهِ من الْمُسَافِرين ثَلَاثَة أَصْنَاف فتخصيص
هَؤُلَاءِ من بَين العابدين لاخْتِصَاص السّفر بهم عَادَة
والْحَدِيث اما بعد انْقِطَاع الْهِجْرَة أَو قبلهَا لَكِن
ترك ذكرهَا لعدم دوامها وَالسّفر للْعلم لَا يطول غَالِبا
فَلم يذكرُوا السّفر إِلَى الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة
الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث لَا تشد الرّحال الا إِلَى
ثَلَاثَة مَسَاجِد لَيْسَ بِمَثَابَة السّفر إِلَى الْحَج
وَنَحْوه فَترك وَيحْتَمل أَن لَا يُرَاد بِالْعدَدِ
الْحصْر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/113)
[2626] جِهَاد الْكَبِير أَي هما
بِمَنْزِلَة الْجِهَاد لفاعلهما وكل هَؤُلَاءِ
الْمَذْكُورين يُمكن لَهُم الْوُصُول إِلَيْهِمَا
قَوْله
[2627] فَلم يرْفث بِضَم الْفَاء وَلم يفسق بِضَم السِّين
الرَّفَث القَوْل الْفُحْش وَقيل الْجِمَاع وَقَالَ
الْأَزْهَرِي الرَّفَث اسْم لكل مَا يُريدهُ الرجل من
الْمَرْأَة وَالْفِسْق ارْتِكَاب شَيْء من الْمعْصِيَة
وَالظَّاهِر أَن المُرَاد نفي الْمعْصِيَة بالْقَوْل
والجوارح جَمِيعًا وَهُوَ المُرَاد بقوله تَعَالَى فَلَا
رفث وَلَا فسوق وَالله تَعَالَى أعلم رَجَعَ كَيَوْم
وَلدته أمه أَي صَار أَو رَجَعَ من ذنُوبه أَو فرغ من
الْحَج وَحمله على معنى رَجَعَ إِلَى بَيته بعيد وَقَوله
كَيَوْم وَلدته أمه خبر على الأول أَو حَال على الْوُجُوه
الاخر بِتَأْوِيل كنفسه يَوْم وَلدته أمه إِذْ لَا معنى
لتشبيه الشَّخْص بِالْيَوْمِ وَقَوله كَيَوْم يحْتَمل
الاعراب وَالْبناء على الْفَتْح وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2628] فنجاهد بِالنّصب جَوَاب الْعرض وَلَكِن هُوَ
بِالتَّخْفِيفِ حرف اسْتِدْرَاك أَو بِالتَّشْدِيدِ على
خطاب النسْوَة أَو حرف اسْتِدْرَاك فَلْيتَأَمَّل قَوْله
(5/114)
[2630] تابعوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة أَي
اجعلوا أَحدهمَا تَابعا للْآخر وَاقعا على عقبَة أَي إِذا
حججتم فاعتمروا وَإِذا اعتمرتم فحجوا فَإِنَّهُمَا متابعان
الْكِير بِكَسْر الْكَاف كير الْحداد الْمَبْنِيّ من الطين
وَقيل زق ينْفخ بِهِ النَّار فالمبني من الطين كور
وَالظَّاهِر أَن المُرَاد هَا هُنَا نفس النَّار على الأول
ونفخها على الثَّانِي والخبث بِفتْحَتَيْنِ ويروى بِضَم
فَسُكُون هُوَ الْوَسخ والردئ الْخَبيث قَوْله
(5/115)
[2631] دون الْجنَّة أَي سواهَا
قَوْله
[2632] أَكنت قاضيه أَي الدّين فاقضوا الله أَي دينه
فَهُوَ أَي الله أَحَق بِالْوَفَاءِ ظَاهره أَن حق الله
يقدم على حق العَبْد عِنْد الإجتماع وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
(5/116)
[2635] من خثعم بِفَتْح مُعْجمَة وَسُكُون
مُثَلّثَة فَفتح مُهْملَة غير منصرف للعلمية وَوزن
الْفِعْل أَو التَّأْنِيث لكَونه
(5/117)
اسْم قَبيلَة أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا
يُفِيد أَن افتراض الْحَج لَا يشْتَرط لَهُ الْقُدْرَة على
السّفر وَقد قرر صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك
فَهُوَ يُؤَيّد أَن الِاسْتِطَاعَة الْمُعْتَبرَة فِي
افتراض الْحَج لَيست بِالْبدنِ وَإِنَّمَا هِيَ بالزاد
وَالرَّاحِلَة وَالله
(5/118)
تَعَالَى أعلم قَوْله رَدِيف هُوَ
الرَّاكِب خلف آخر
قَوْله
[2642] فحول وَجهه من الشق الآخر أَي فحول الْفضل وَجهه من
الشق الآخر إِلَى شقّ الخثعمية ينظر إِلَيْهَا أَو كلمة من
بِمَعْنى إِلَى وَضمير حول للنَّبِي صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم وَيحْتَمل أَن المُرَاد بالشق الآخر هُوَ
شقّ الخثعمية سمى آخر لكَون الْفضل كَانَ نَاظرا قبل ذَلِك
إِلَى غير شقها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/119)
[2644] أَنْت أكبر ولد أَبِيك فحج عَنهُ
يُرِيد أَن الْأَكْبَر أَحَق بتخليص ذمَّة الْأَب من غَيره
قَوْله وَلَكِ أَجْرٌ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ
بِسَبَبِ حَمْلِهَا لَهُ وَتَجْنِيبِهَا إِيَّاهُ مَا
يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَفِعْلِ مَا يَفْعَله قَوْله
(5/120)
[2648] بِالرَّوْحَاءِ بِفَتْح الرَّاء
الْمَمْدُود اسْم مَوضِع قَالُوا رَسُول الله صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي وَأَصْحَابه من المحفة
بِكَسْر الْمِيم وَحكى فتحهَا وَتَشْديد الْفَاء مركب من
مراكب النِّسَاء كالهودج الا أَنَّهَا لَا تقبب كَمَا يقبب
الهودج كَذَا فِي الصِّحَاح
قَوْله
[2649] فِي خدرها بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي سترهَا
قَوْله
(5/121)
[2650] من ذِي الْقعدَة بِفَتْح الْقَاف
وَكسرهَا لَا نرى الا الْحَج حِكَايَة لحَال غَالب
الْقَوْم والا فَكَانَ فيهم من نوى الْعمرَة بل قد جَاءَ
أَنَّهَا كَانَت مُحرمَة بِعُمْرَة أَن يحل أَي يَجْعَل
نُسكه عمْرَة وَالْجُمْهُور على أَن هَذَا لَا يجوز
الْيَوْم وَأحمد على الْجَوَاز قَوْله يهل من أهل أَي يحرم
وَهُوَ خبر بِمَعْنى الْأَمر فَإِن خبر الشَّارِع آكِد فِي
الطّلب من الْأَمر وَالْمرَاد أَنه لَا يُؤَخر عَن ذِي
الحليفة والا فالتقديم عِنْد الْجُمْهُور جَائِز وَذي
الحليفة بِالتَّصْغِيرِ مَوضِع مَعْلُوم
[2651] من الْجحْفَة بِتَقْدِيم الْجِيم على الْحَاء
الْمُهْملَة الساكنة من قرن بِفَتْح فَسُكُون وغلطوا
الْجَوْهَرِي فِي قَوْله أَنه بِفتْحَتَيْنِ من يَلَمْلَم
بِفَتْح الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح اللامين بَينهمَا مِيم
سَاكِنة
قَوْله
[2652] أَيْن تَأْمُرنَا أَن نهل إِلَى قَوْله يهل وَجه
كَونه جَوَاب الْأَمر مَا تقدم من أَن خبر الشَّارِع
بِمَعْنى الْأَمر قَوْله بن بهْرَام بِفَتْح الْمُوَحدَة
وَكسرهَا
(5/122)
[2653] وَلأَهل الْعرَاق ذَات عرق وَقد
جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات العقيق أَيْضا وَالْمَشْهُور
أَن عمر هُوَ الَّذِي عين لَهُم ذَات عرق من غير أَن
يبلغهُ الحَدِيث فَإِن صَحَّ هَذَا الْخَبَر فَهَذَا من
مُوَافقَة عمر الصَّوَاب فِي الِاجْتِهَاد وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله وَقت أَي حدد وَعين للْإِحْرَام بِمَعْنى أَنه
لَا يجوز التَّأْخِير عَنهُ لَا بِمَعْنى أَنه لَا يجوز
التَّقْدِيم عَلَيْهِ
(5/123)
[2654] وَقَالَ هن لَهُنَّ أَي لأهلهن
الَّذِي قررت لأجلهم فِيمَا سبق وَلكُل آتٍ أَتَى
عَلَيْهِنَّ من غير أهلهن أَي لكل مار عَلَيْهِنَّ من غير
أهلهن الَّذين قررت لأجلهم قيل هَذَا يَقْتَضِي أَن
الشَّامي إِذا مر بِذِي الحليفة فميقاته ذُو الحليفة
وَعُمُوم وَلأَهل الشَّام الْجحْفَة يَقْتَضِي أَن
مِيقَاته الْجحْفَة فهما عمومان متعارضان قلت انه لَا
تعَارض إِذْ حَاصِل العمومين أَن الشَّامي الْمَار بِذِي
الحليفة لَهُ ميقاتان أُصَلِّي وميقات بِوَاسِطَة
الْمُرُور بِذِي الحليفة وَقد قرروا أَن الْمِيقَات مَا
يحرم مجاوزته بِلَا احرام لَا مَا لَا يجوز تَقْدِيم
الْإِحْرَام عَلَيْهِ فَيجوز أَن يُقَال ذَلِك الشَّامي
لَيْسَ لَهُ مُجَاوزَة شَيْء مِنْهُمَا بِلَا احرام فَيجب
عَلَيْهِ أَن يحرم من أَولهمَا وَلَا يجوز التَّأْخِير
إِلَى آخرهما فَإِنَّهُ إِذا احرم من اولهما لم يُجَاوز
شَيْئا مِنْهُمَا بِلَا احرام وَإِذا أخر إِلَى آخرهما فقد
جَاوز الأول مِنْهُمَا بِلَا احرام وَذَلِكَ غير جَائِز
لَهُ وعَلى هَذَا فَإِذا جَاوز هُنَا بِلَا احرام فقد
ارْتكب حرامين بِخِلَاف صَاحب مِيقَات وَاحِد فَإِنَّهُ
إِذا جاوزه بِلَا احرام فقد ارْتكب حَرَامًا وَاحِدًا
وَالْحَاصِل أَنه لَا تعَارض فِي ثُبُوت ميقاتين لوَاحِد
نعم لَو كَانَ معنى الْمِيقَات مَالا يجوز تَقْدِيم
الْإِحْرَام عَلَيْهِ لحصل التَّعَارُض وَبِهَذَا ظهر
اندفاع التَّعَارُض بَين حَدِيث ذَات عرق والعقيق أَيْضا
دون الْمِيقَات أَي دَاخله حَيْثُ ينشئ أَي يهل حَيْثُ
ينشئ السّفر من أنشأ إِذا أحدث يُفِيد أَنه لَيْسَ لمن
كَانَ دَاخل الْمِيقَات أَن يُؤَخر الْإِحْرَام عَن أَهله
يَأْتِي ذَلِك الحكم على أهل مَكَّة أَي فَلَيْسَ لأهل
مَكَّة أَن يؤخروا الْإِحْرَام عَن مَكَّة وَيشكل عَلَيْهِ
قَول عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة حَيْثُ جوزوا لمن كَانَ
دَاخل الْمِيقَات التَّأْخِير إِلَى آخر الْحل وَلأَهل
مَكَّة إِلَى آخر الْحرم
(5/124)
من حَيْثُ أَنه مُخَالف للْحَدِيث وَمن
حَيْثُ أَن الْمَوَاقِيت لَيست مِمَّا يثبت بِالرَّأْيِ
(5/125)
قَوْله
[2657] لمن أَرَادَ الْحَج وَالْعمْرَة يُفِيد بِظَاهِرِهِ
أَن الْإِحْرَام على من يُرِيد النُّسُكَيْنِ لَا من
يُرِيد مَكَّة وَمر بِهَذِهِ الْمَوَاقِيت وَبِه يَقُول
الشَّافِعِي وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن هَذِه الْمَوَاقِيت
مَوَاقِيت لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة جَمِيعًا لَا لِلْحَجِّ
فَقَط فَيلْزم أَن تكون مَكَّة لأَهْلهَا ميقاتا لِلْحَجِّ
وَالْعمْرَة جَمِيعًا لَا لِلْحَجِّ فَقَط كَمَا عَلَيْهِ
الْجُمْهُور واعتمار عَائِشَة من التَّنْعِيم لَا يُعَارض
هَذَا وَهَذَا الْإِيرَاد لصَاحب الصَّحِيح مُحَمَّد بن
إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ على الْجُمْهُور قَوْله مبدأه
بِفَتْح الْمِيم وَضمّهَا وَالْبَاء سَاكِنة فِيهَا أَي
ابْتِدَاء حجه وَهُوَ مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة كَذَا
ذكره عِيَاض فِي شرح مُسلم قَوْله فِي
(5/126)
[2660] الْمُعَرَّسِ بِضَمِّ الْمِيمِ
وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَة
ثمَّ سين مُهْملَة عَن سِتَّة أَمْيَال من الْمَدِينَة
كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ وَالتَّقْدِير لَا يَخْلُو عَن
نظر أَتَى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أرى فِي الْمَنَام
قَوْله فلتغتسل أَي للتنظيف الظَّاهِرِيّ لَا للتطهير
فَلذَلِك شرع مَعَ النّفاس قَوْله
(5/127)
[2664] إِلَّا أَنَّهَا لَا تَطوف
بِالْبَيْتِ أَي أَصَالَة وَأما السَّعْي فَيتَأَخَّر تبعا
للطَّواف إِذْ لَا يجوز تَقْدِيمه لِأَن الْحيض وَالنّفاس
يمنعان عَنهُ أَصَالَة قَوْله بالأبواء بِفَتْح الْهمزَة
وَسُكُون مُوَحدَة وَمد جبل بَين الْحَرَمَيْنِ
[2665] بَين قَرْني الْبِئْر هما قرنا الْبِئْر المبنيان
على جانبيها أَو هما خشبتان فِي جَانِبي الْبِئْر لأجل
الْبِئْر وَقَوله كَيفَ كَانَ لَا يَخْلُو عَن اشكال لِأَن
الِاخْتِلَاف بَينهمَا كَانَ فِي أصل الْغسْل لَا فِي
كيفيته فَالظَّاهِر ان إرْسَاله كَانَ للسؤال عَن أَصله
الا أَن يُقَال أرْسلهُ ليسأله عَن الأَصْل والكيفية على
تَقْدِير جَوَاز الأَصْل مَعًا فَلَمَّا علم جَوَاز
الأَصْل بِمُبَاشَرَة أبي أَيُّوب سكت عَنهُ وَسَأَلَ عَن
الْكَيْفِيَّة لَكِن قد يُقَال مَحل الْخلاف هُوَ الْغسْل
بِلَا احْتِلَام فَمن أَيْن علم بِمُجَرَّد فعل أبي
أَيُّوب جَوَاز ذَلِك الا أَن يُقَال لَعَلَّه علم ذَلِك
بقرائن وأمارات وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله فطأطأه أَي
خفضه قَوْله
(5/128)
[2666] أَو بورس بِفَتْح فَسُكُون نبت أصفر
طيب الرّيح يصْبغ بِهِ
قَوْله
[2667] لَا يلبس بِفَتْح الْبَاء وَلَا الْبُرْنُس بِضَم
الْبَاء وَالنُّون كل ثوب رَأسه مِنْهُ وَلَا الْعِمَامَة
بِكَسْر الْعين الا لمن اسْتثِْنَاء مِمَّا يفهم أَنه لَا
يجوز الخفان لمحرم الا لمن لَا يجد وَلَو كَانَ من ظَاهره
لوَجَبَ ترك اللَّام أَي لَا يلبس محرم خُفَّيْنِ الا من
لَا يجد ثمَّ الْجَواب غير مُطَابق للسؤال ظَاهر لِأَن
السُّؤَال عَمَّا يجوز لبسه لَا عَمَّا لَا يجوز وَفِي
الْجَواب مَا لَا يجوز وَالْجَوَاب أَنه عدل عَن بَيَان
الملبوس الْجَائِز إِلَى بَيَان غير الْجَائِز لِأَن غير
الْجَائِز منحصر وَأما الْجَائِز فَلَا ينْحَصر فَبين غير
الْجَائِز ليعرف أَن الْبَاقِي جَائِز وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله
(5/129)
[2668] وَهُوَ ينزل عَلَيْهِ على بِنَاء
الْمَفْعُول بالجعرانة بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون الْعين
وَتَخْفِيف الرَّاء وَقد تكسر الْعين وتشدد الرَّاء
فَأَشَارَ إِلَى عمر أَي لعلمه بِأَنِّي أَتَمَنَّى
رُؤْيَته فِي تِلْكَ الْحَال أَن تعال أَن تفسيرية وتعال
بِفَتْح اللَّام فَأَتَاهُ رجل أَي فقد أَتَاهُ رجل
وَالْجُمْلَة بَيَان لعِلَّة الْوَحْي لِأَن الرجل جَاءَهُ
بعد الْوَحْي متضمخ بِطيب بِالرَّفْع صفة رجل أَي يفوح
مِنْهُ رَائِحَة الطّيب فالطيب كَانَ بجسده وَكَانَ لابس
(5/130)
جُبَّة فَلذَلِك أمره صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم بِغسْل الطّيب مَعَ الْأَمر بِنَزْع
الْجُبَّة لما احْتَاجَ إِلَى غسله بعد النزع إِذا نزل
بِسَبَب سُؤَاله يَغِطُّ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ
وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُشَدَّدَةٍ والغطيط صَوت النَّائِم
الْمَعْرُوف لذَلِك أَي لما طَرَأَ عَلَيْهِ وَقت الْوَحْي
فسرى بسين مَضْمُومَة وَرَاء مُشَدّدَة وتخفف مَكْسُورَة
أَي كشف عَنهُ مَا طرأه حَالَة الْوَحْي وَأما الطّيب
فاغسله أمره بذلك اما لخُصُوص الطّيب الَّذِي كَانَ وَهُوَ
الخلوق كَمَا جَاءَ بِهِ التَّصْرِيح فِي رِوَايَات
فَإِنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ لغير الْمحرم أَيْضا أَو لحَال
الْإِحْرَام وعَلى الثَّانِي فاستعماله صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم الطّيب قبل الْإِحْرَام مَعَ بَقَائِهِ بعد
الْإِحْرَام نَاسخ لهَذَا
(5/131)
الحَدِيث لِأَن هَذَا الحَدِيث كَانَ
أَيَّام الْفَتْح واستعماله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسلم الطّيب كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع قَوْله القمص
بِضَمَّتَيْنِ جمع قَمِيص
[2670] وَلَا زعفران قَالَ السُّيُوطِيّ منصرف لِأَنَّهُ
لَيْسَ فِيهِ الا الْألف وَالنُّون فَقَط
قَوْله
[2671] السَّرَاوِيل لمن لَا يجد ازارا الخ أَخذ
بِإِطْلَاقِهِ أَحْمد وَهُوَ أرْفق وَحمل الْجُمْهُور
هَذَا الحَدِيث على حَدِيث بن عمر فقيدوه بِالْقطعِ حملا
للمطلق على الْمُقَيد وَأجَاب أَحْمد بِأَن حَدِيث بن عمر
كَانَ قبل هَذَا الْإِطْلَاق وَقد يُقَال قد جَاءَ
التَّقْيِيد فِي رِوَايَات بن عَبَّاس فِي الْخُف كَمَا
سَيَجِيءُ فِي الْكتاب نعم التَّقْيِيد فِي الْإِزَار مَا
جَاءَ فِي شَيْء من الْأَحَادِيث لَا فِي حَدِيث بن عمر
وَلَا فِي حَدِيث بن عَبَّاس فَلْيتَأَمَّل
وَبِالْجُمْلَةِ فالمحل مَحل كَلَام وَأما قَوْله والخفين
فَالظَّاهِر والخفان لكَونه مُبْتَدأ الا أَن يُقَال كَانَ
فِي الأَصْل وَلبس الْخُفَّيْنِ ثمَّ حذف الْمُضَاف وَأبقى
الْمُضَاف إِلَيْهِ على حَاله من الْجَرّ وَهُوَ جَائِز
وَارِد على قلَّة
(5/132)
وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَلَا تنتقب
الْمَرْأَة الْحَرَام أَي الْمُحرمَة والنقاب مَعْرُوف
للنِّسَاء لَا يَبْدُو مِنْهُ الا العينان القفازين
بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد تلبسه نسَاء الْعَرَب فِي
أَيْدِيهنَّ يغط الْأَصَابِع والكف والساعد من الْبرد
(5/133)
قَوْله
[2682] إِنِّي لبدت من التلبيد وَهُوَ أَن يَجْعَل الْمحرم
صَمْغًا أَوْ غَيْرَهُ لِيَتَلَبَّدَ شَعْرُهُ أَيْ
يَلْتَصِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلَا يَتَخَلَّلُهُ
الْغُبَارُ وَلَا يُصِيبُهُ الشَّعَثُ وَلَا الْقَمْلُ
وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَطُولُ مكثه فِي الْإِحْرَام
فَلَا أحل من الْإِحْرَام من الْحَج يَوْم النَّحْر قَوْله
يهل من الاهلال وَهُوَ رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ
قَوْله
[2684] قبل أَن يحل من الاحلال أَو الْحل أَي قبل أَن يحل
كل الْحل بِالطّوافِ وَالْمرَاد قبل أَن يطوف وَقَوْلها
بيَدي مُتَعَلق بطيبت قَوْله
(5/136)
[2687] لحرمه حِين أحرم قَالَ النَّوَوِيّ
ضبطوه بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَالضَّمُّ أَكْثَرُ
وَلَمْ يَذْكُرِ الْهَرَوِيُّ وَآخَرُونَ غَيْرَهُ
وَأَنْكَرَ ثَابِتٌ الضَّمَّ عَلَى الْمُحدثين وَقَالَ
الصَّوَاب الْكسر وَالْمرَاد بِهِ الْإِحْرَام
قَوْله
[2688] يَعْنِي لَيْسَ لَهُ بَقَاء يحْتَمل أَن الضَّمِير
لطيب النَّاس أَي طيبكم الَّذِي تستعملونه عِنْد
الْإِحْرَام لَيْسَ لَهُ بَقَاء بِخِلَاف طيب رَسُول الله
صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ كَانَ بَاقِيا
بعد الْإِحْرَام كَمَا سَيَجِيءُ أَو لطيب رَسُول الله صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالتَّفْسِير على زعم
الرَّاوِي والا فقد تبين خِلَافه وَهِي أَرَادَت بقوله
لَيْسَ يشبه طيبكم أَي كَانَ أطيب من طيبكم أَو نَحْو
هَذَا لَا مَا فهم الرَّاوِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/137)
[2691] وَحين يُرِيد أَن يزور الْبَيْت
الظَّاهِر أَن الْوَاو زَائِدَة أَي ولحله حِين يُرِيد الخ
أَو التَّقْدِير وَكَانَ لِحلِّهِ حِين يُرِيد أَن يزور
الخ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2693] إِلَى وَبِيصُ الطِّيبِ هُوَ الْبَرِيقُ وَزْنًا
وَمَعْنًى وَصَادُهُ مُهْملَة قَوْله فِي مفرق بِفَتْح
مِيم وَكسر رَاء هُوَ الْمَكَان الَّذِي يفرق فِيهِ
الشّعْر فِي وسط الرَّأْس قَوْله
(5/138)
[2694] فِي مفارق جمع مفرق قِيلَ
ذَكَرَتْهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَعْمِيمًا لِجَوَانِبِ
الرَّأْسِ الَّتِي يفرق فِيهَا الشّعْر وَأَحَادِيث
الْبَاب أدل دَلِيل على جَوَاز اسْتِعْمَال طيب قبل
الْإِحْرَام يبْقى جرمه بعده وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَمن
لَا يَقُول بِهِ يدعى الْخُصُوص وَلَكِن الخصائص لَا تثبت
الا بِدَلِيل والعموم الأَصْل وَالله تَعَالَى أعلم
(5/139)
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ ادَّهَنَ
بِأَطْيَبِ دُهْنٍ يجده للطحاوي وَالدَّارَقُطْنِيّ
بالغالية الجيدة
(5/140)
قَوْله
[2704] لِأَن أطلي يُقَال طليته بِكَذَا إِذا لطخته واطليت
افتعلت مِنْهُ إِذا فعلته بِنَفْسِك فالتشديد هَا هُنَا
أظهر وان خففت تقدر الْمَفْعُول أَي نَفسِي بالقطران
بِفَتْح فَكسر مَعْرُوف وَاللَّام فِي لِأَن أطلي
مَفْتُوحَة وَهُوَ مُبْتَدأ خَبره أحب ينضخ طيبا
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي يفوح أَو بِالْمُهْمَلَةِ أَي
يترشح قَوْله أَن يتزعفر الرجل أَي يسْتَعْمل
الزَّعْفَرَان فِي الْبدن أَو مُطلقًا وَلَا اخْتِصَاص
لهَذَا الحَدِيث بِحَالَة الْإِحْرَام نعم إِطْلَاقه
يَشْمَل حَالَة الْإِحْرَام أَيْضا بل حَالَة الْإِحْرَام
أولى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/141)
[2709] وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ قَالَ
النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَهِيَ
الثِّيَابُ الْمَخِيطَةُ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ
ثِيَابٌ قِصَارٌ لِأَنَّهَا قُطِعَتْ عَنْ بُلُوغِ
التَّمَامِ وَقيل المقطع من الثِّيَاب الْمفصل على الْبدن
أَي الَّذِي يفصل أَولا على الْبدن ثمَّ يخاط مِنْ قَمِيصٍ
وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يُقَطَّعُ مِنْهَا كَالْأُزُرِ
وَالْأَرْدِيَةِ مُتَضَمِّخٌ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ
الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ متلطخ بخلوق بِفَتْح خاء مُعْجمَة
آخِره قَاف طِيبٌ مَعْرُوفٌ مُرَكَّبٌ يُتَّخَذُ مِنَ
الزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ قَوْله
(5/142)
[2710] وَهُوَ مصفر بتَشْديد الْفَاء
الْمَكْسُورَة مُسْتَعْمل للصفرة فِي لحيته وَتلك
الصُّفْرَة هِيَ الخلوق
قَوْله
[2711] أَن يضمدهما بضاد مُعْجمَة وَمِيم مَكْسُورَة أَي
يلطخهما بصبر بِفَتْح صَاد مُهْملَة وَكسر مُوَحدَة فِي
الْأَشْهر مَعْلُوم
قَوْله
[2712] لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ
أَيْ علمت فِي ابْتِدَاء شروعي مَا علمت الْآن من لُحُوق
الْمَشَقَّة بِأَصْحَابِي بانفرادهم بِالْفَسْخِ حَتَّى
توقفوا وترددوا وراجعوه لما سقت الْهدى حَتَّى فسخت مَعَهم
قَالَه حِين أَمرهم بِالْفَسْخِ فترددوا وجعلتها أَي
النّسك
(5/143)
والتأنيث بِاعْتِبَار الْمَفْعُول
الثَّانِي أَعنِي عمْرَة لكَونه كالخبر فِي الْمَعْنى أَو
لجعلت الْحجَّة ثيابًا صبيغا أَي مصبوغة وَهُوَ فعيل
بِمَعْنى الْمَفْعُول فَلذَلِك ترك التَّاء محرشا فِي
النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالتَّحْرِيشِ هُنَا ذِكْرَ مَا
يُوجب عتابه لَهَا قَوْله فاقعصته أَي قتلته الرَّاحِلَة
قتلا سَرِيعا قَوْله خَارِجا رَأسه وَوَجهه قيل كشف
(5/144)
الْوَجْه لَيْسَ لمراعاة الْإِحْرَام
وَإِنَّمَا هُوَ لصيانة الرَّأْس من التغطية كَذَا ذكره
النَّوَوِيّ وَزعم أَن هَذَا التَّأْوِيل لَازم عِنْد
الْكل قلت ظَاهر الحَدِيث يُفِيد أَن الْمحرم يجب عَلَيْهِ
كشف وَجهه أَيْضا وان الْأَمر بكشف وَجه الْمَيِّت لمراعاة
الْإِحْرَام نعم من لَا يَقُول بمراعاة احرام الْمَيِّت
يحمل الحَدِيث على الْخُصُوص وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يؤول
الحَدِيث كَمَا زعم النَّوَوِيّ وَالله تَعَالَى اعْلَم
قَوْله افراد الْحَج الْمُحَقِّقُونَ قَالُوا فِي نُسكه
صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنه الْقرَان وَقد
صَحَّ ذَلِك من رِوَايَة اثْنَي عشر من الصَّحَابَة
بِحَيْثُ لَا يحْتَمل التَّأْوِيل وَقد جمع أَحَادِيثهم بن
حزم الظَّاهِرِيّ فِي حجَّة الْوَدَاع لَهُ وَذكره حَدِيثا
حَدِيثا قَالُوا وَبِه يحصل الْجمع بَين أَحَادِيث الْبَاب
أما أَحَادِيث الافراد فمبنية على أَن الرَّاوِي سَمعه
يُلَبِّي بِالْحَجِّ فَزعم أَنه مُفْرد بِالْحَجِّ فَأخْبر
على حسب ذَلِك وَيحْتَمل أَن المُرَاد بإفراد الْحَج أَنه
لم يحجّ بعد افتراض الْحَج عَلَيْهِ الا حجَّة
(5/145)
وَاحِدَة وَأما أَحَادِيث التمنع فبنيه على
أَنه سَمعه يُلَبِّي بِالْعُمْرَةِ فَزعم أَنه متمتع
وَهَذَا لَا مَانع مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا مَانع من افراد
نسك بِالذكر للقارن على أَنه قد يختفي الصَّوْت
بِالثَّانِي وَيحْتَمل أَن المُرَاد بالتمتع الْقرَان
لِأَنَّهُ من الاطلاقات الْقَدِيمَة وهم كَانُوا يسمون
الْقُرْآن تمتعا وَالله تَعَالَى أعلم وَقيل معنى أفرد أَو
تمتّع أَنه أَمر بِهِ فان الْآمِر بالشَّيْء يُسمى فَاعِلا
وَأما أَحَادِيث الْقرَان فَلَا تحْتَمل مثل هَذَا
التَّأْوِيل
قَوْله
[2717] موافين لهِلَال ذِي الْحجَّة أَي قرب طلوعه لخمس
بَقينَ من ذِي الْقعدَة من أوفى عَلَيْهِ أشرف
قَوْله
[2718] لَا نرى بِفَتْح النُّون أَي لَا نعتقد وَقيل بِضَم
النُّون وَالْمرَاد لَا ننوي الا الْحَج لكَونه
الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ فِي الْخُرُوج أَو لِأَن الغالبين
فيهم مَا نووا الا الْحَج وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2719] الصَّبِي بن معبد هُوَ بِضَم صَاد مُهْملَة وَفتح
بَاء مُوَحدَة وَتَشْديد يَاء قَوْله مكتوبين على لَعَلَّه
أَخذ من قَوْله تَعَالَى وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة
لله أَنَّهُمَا مفروضان على الْإِنْسَان هريم
بِالتَّصْغِيرِ
(5/146)
العذيب تَصْغِير عذب اسْم مَاء لبني تَمِيم
على مرحلة من كوفة مَا هَذَا بأفقه من بعيره أَي ان عمر
منع من الْجمع واشتهر ذَلِك الْمَنْع وَهُوَ لَا يدْرِي
بِهِ فَهُوَ وَالْبَعِير سَوَاء فِي عدم الْفَهم يَا
هَنَّاهْ أَيْ يَا هَذَا وَأَصْلُهُ هَنَّ ألحقت الْهَاء
لبَيَان الْحَرَكَة فَصَارَ ياهنة وَأُشْبِعَتِ
الْحَرَكَةُ فَصَارَتْ أَلِفًا فَقِيلَ يَا هَنَّاهْ
بِسُكُونِ الْهَاءِ وَلَكَ ضَمُّ الْهَاءِ قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ هَذِه اللَّفْظَة تخْتَص بالنداء هديت على
بِنَاء الْمَفْعُول وتاء الْخطاب أَي هداك الله بِوَاسِطَة
من أَفْتَاك أَو هداك من أَفْتَاك فَإِن قلت كَانَ عمر
يمْنَع عَن الْجمع فَكيف قَرَّرَهُ على ذَلِك بِأَحْسَن
تَقْرِير قلت كَأَنَّهُ يرى جَوَاز ذَلِك لبَعض الْمصَالح
وَيرى أَنه جوز للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
لذَلِك فَكَأَنَّهُ كَانَ يرى أَن من
(5/147)
عرض لَهُ مصلحَة اقْتَضَت الْجمع فِي حَقه
فالجمع فِي حَقه سنة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2722] عَن عَليّ بن الْحُسَيْن هُوَ زين العابدين كَمَا
فِي فتح الْبَارِي قَوْله ألم تكن تنْهى على صِيغَة
الْخطاب وتنهى على بِنَاء الْمَفْعُول
(5/148)
أَي أَنِّي أنهى النَّاس جَمِيعًا عَن
الْجمع كَمَا كَانَ عمر ينهاهم وَأَنت فَكيف لَك أَن تفعل
وتخالف أَمر الْخَلِيفَة فَأَشَارَ عَليّ إِلَى انه لَا
طَاعَة لأحد فِيمَا يُخَالف سنة رَسُول الله صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لمن علم بهَا وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله أمره من التأمير أَي جعله أَمِيرا وقرنت أَي
جمعت بَين الْحَج وَالْعمْرَة هَذَا وَأَمْثَاله من أقوى
الْأَدِلَّة على أَنه كَانَ قَارنا لِأَنَّهُ مُسْتَند
إِلَى قَوْله وَالرُّجُوع إِلَى قَوْله عِنْد الِاخْتِلَاف
هُوَ الْوَاجِب خُصُوصا لقَوْله تَعَالَى فَإِن تنازعتم
فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول وعموما لَان
الْكَلَام إِذا كَانَ فِي حَال أحد وَحصل فِيهِ
الِاخْتِلَاف يجب الرُّجُوع فِيهِ إِلَى قَوْله لِأَنَّهُ
أَدْرِي بِحَالهِ وَمَا أسْند أحد مِمَّن قَالَ
بِخِلَافِهِ إِلَى قَوْله فَتعين الْقُرْآن وَالله
تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2727] ثمَّ لم ينزل فِيهَا أَي فِي النَّهْي عَن هَذِه
الْخصْلَة وَهِي الْجمع قَالَ فيهمَا رجل أَي عمر
فَإِنَّهُ كَانَ ينْهَى عَن الْجمع كعثمان قَوْله لبيْك
حجَّة وَعمرَة هَذَا أصرح الْكل وَلَا يُمكن الْخلاف بعده
أصلا قَوْله
(5/149)
[2731] مَا تعدونا الا صبيانا أَي كأنكم
مَا تأخذون بقولنَا لعدكم ايانا صبيانا حِينَئِذٍ
(5/150)
قَوْله تمتّع اعْلَم أَن التَّمَتُّع عِنْد
الصَّحَابَة كَانَ شَامِلًا للقران أَيْضا واطلاقه على مَا
يُقَابل الْقرَان اصْطِلَاح حَادث وَقد جَاءَ أَن النَّبِي
صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قَارنا فَالْوَجْه
أَن يُرَاد بالتمتع هَا هُنَا فِي شَأْنه صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْقرَان تَوْفِيقًا بَين
الْأَحَادِيث وَالْمعْنَى انْتفع بِالْعُمْرَةِ إِلَى أَن
حج مَعَ الْجمع بَينهمَا فِي الْإِحْرَام وَمعنى قَوْله
بَدَأَ بِالْعُمْرَةِ أَنه قدم الْعمرَة ذكرا فِي
التَّلْبِيَة فَقَالَ لبيْك عمْرَة وحجا فَلَمَّا قدم أَي
قَارب دُخُول مَكَّة فقد جَاءَ أَنه قَالَ لَهُم بسرف من
كَانَ مِنْكُم أهْدى أَي سَوَاء كَانَ قَارنا أَو
مُعْتَمِرًا وَبِه أَخذ أَئِمَّتنَا وَأحمد وليقصر من
التَّقْصِير وَلم يَأْمر بِالْحلقِ مَعَ أَنه أفضل ليبقى
الشّعْر لِلْحَجِّ إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله تَفْسِير
لقَوْله تَعَالَى وَسَبْعَة إِذا رجعتم وَفِيه أَن لَيْسَ
المُرَاد إِذا فَرَغْتُمْ من النّسك كَمَا قَالَه
عُلَمَاؤُنَا وَلَا يخفى أَن هَذَا مَرْفُوع لَا من قَول
بن عمر ثمَّ خب بِفَتْح خاء مُعْجمَة وَتَشْديد مُوَحدَة
(5/151)
أَي مَشى مشيا سَرِيعا مَعَ تقَارب الخطا
وَهُوَ الْمَعْنى بالرمل
قَوْله
[2733] إِذا رَأَيْتُمُوهُ قد ارتحل فارتحلوا أَي ارتحلوا
مَعَه ملبين بِالْعُمْرَةِ ليعلم أَنكُمْ قدمتم السّنة على
قَوْله وَأَنه لَا طَاعَة لَهُ فِي مُقَابلَة السّنة فَلم
ينههم أَي بعد أَن سبق بَينه وَبَين على مَا سبق وَعلم أَن
عليا وَأَصْحَابه مَا انْتَهوا عَن ذَلِك بقوله وَقيل
هَذَا رُجُوع من عُثْمَان عَن النَّهْي عَن الْمُتْعَة
ويبعده آخر الحَدِيث أخبر على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَانَ
عليا أَرَادَ أَن يُعِيد مَعَه الْكَلَام ليرْجع عَن
النَّهْي وَالْحَاصِل أَن عمر وَعُثْمَان رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَا يريان أَن التَّمَتُّع فِي وقته
صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بِسَبَب من
الْأَسْبَاب وَتَركه أفضل وَعلي كَانَ يرَاهُ أَنه السّنة
أَو أفضل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/152)
[2734] إِلَّا من جهل أَمر الله أَي حكمه
وشرعه قَالَ ذَلِك اعْتِمَادًا على نهي عمر وَأَنه لَا
ينْهَى عَن الْمَشْرُوع وصنعناها مَعَه أَي وَكَانَ نهى
عمر بتأول قَوْله رويدك بِضَم الرَّاء أَي أخر فَلَعَلَّ
فتياك تخَالف مَا أحدث عمر فيغضب عَلَيْك قد فعله أَي
فَلَا نهى عَنهُ لذاته بل لِأَن النَّاس لَا يؤدون حق
الْحَج لأَجله أَن يظلوا بِفَتْح الْيَاء والظاء وَتَشْديد
اللَّام معرسين من أعرس إِذا دخل بامرأته عِنْد بنائها
وَالْمرَاد هَا هُنَا الْوَطْء أَي ملمين بنسائهم وَضمير
بِهن للنِّسَاء بِقَرِينَة الْمقَام فِي الْأَرَاك بِفَتْح
الْهَمْز شجر مَعْرُوف وَلَعَلَّه أُرِيد هَا هُنَا أَرَاك
كَانَ بِقرب عَرَفَات يُرِيد أَن الْأَفْضَل للْحَاج أَن
يتفرق شعره ويتغير حَاله والتمتع فِي حق غَالب النَّاس
صَار مُؤديا إِلَى خلَافَة فنهيتهم لذَلِك وَالله تَعَالَى
أعلم
قَوْله
[2736] وانها لفي كتاب الله أَي فَاعْلَم تَأْوِيل الْكتاب
وَالسّنة وان النَّهْي عَنْهَا لَا يُخَالف الْكتاب
وَالسّنة إِذْ لَا يظنّ بِهِ أَنه قصد بِهِ إِظْهَار
مُخَالفَته للْكتاب وَالسّنة قَوْله
(5/153)
[2737] إِنِّي قصرت من التَّقْصِير وَفِي
رِوَايَة أَنه قصر لحجته قَالَ بن حزم فِي حجَّة الْوَدَاع
لَهُ وَهَذَا مُشكل يتَعَلَّق بِهِ من يَقُول أَنه صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مُتَمَتِّعا
وَالصَّحِيح الَّذِي لَا يشك فِيهِ وَالَّذِي نَقله الكواف
أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لم يقصر من شعره
شَيْئا وَلَا أحل من شَيْء من احرامه إِلَى أَن حلق بمنى
يَوْم النَّحْر وَلَعَلَّ مُعَاوِيَة عني بِالْحجَّةِ
عمْرَة الْجِعِرَّانَة لِأَنَّهُ قد أسلم حِينَئِذٍ وَلَا
يسوغ هَذَا التَّأْوِيل فِي رِوَايَة من روى أَنه كَانَ
فِي ذِي الْحجَّة أَو لَعَلَّه قصر عَنهُ عَلَيْهِ
الصَّلَاة وَالسَّلَام بَقِيَّة شعر لم يكن اسْتَوْفَاهُ
الحلاق بعد قصره مُعَاوِيَة على الْمَرْوَة يَوْم النَّحْر
وَقد قيل ان الْحسن بن عَليّ أَخطَأ فِي إِسْنَاد هَذَا
الحَدِيث فَجعله عَن معمر وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظ أَنه عَن
هِشَام وَهِشَام ضَعِيف قلت لَكِن كَلَام أبي دَاوُد فِي
سنَنه يدْفع هَذَا الْجَواب حَيْثُ بَين أَن الْحسن بن
عَليّ لَيْسَ بمنفرد بِهَذَا الحَدِيث بل مَعَه مُحَمَّد
بن يحيى أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فمشطتني
بِالتَّخْفِيفِ أَي سرحت شعر رَأْسِي وأصلحته بذلك أَي
بالتمتع فليتئد بتاء مُشَدّدَة بعْدهَا همزَة
(5/154)
افتعال من التؤدة أَي ليتأن وَلَا يتعجل
بالمضي على فتيانا فَأتمُّوا أَي فاقتدوا بِهِ وخذوا بقوله
واتركوا قَوْلنَا ان خَالف قَوْله قَالَ تَعَالَى
وَأَتمُّوا الْحَج أَي واتمام كل بإتيانه بسفر جَدِيد أَو
باحرام جَدِيد لَا يَجْعَل أَحدهمَا تَابعا للْآخر لم يحل
أَي والمتمتع قد يحل إِذا لم يكن تمتعه على وَجه الْقرَان
وَالْحَاصِل أَن الْجمع بَين الْقُرْآن وَالسّنة قد
أَدَّاهُ إِلَى النَّهْي عَن التَّمَتُّع وَالْقرَان
جَمِيعًا فَيحصل حِينَئِذٍ الاتمام والحل يَوْم النَّحْر
لَا قبله وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2739] قَالَ فِيهَا أَي فِي النَّهْي عَن الْمُتْعَة
قَائِل بِرَأْيهِ فَلَا عِبْرَة لَهُ فِي مُقَابلَة صَرِيح
السّنة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2740] تسع حجج بكسرالحاء الْمُهْملَة وبجيم مكررة أَي تسع
سِنِين ثمَّ أذن من التأذين والايذان أَي نَادَى وَأعلم
وَالْمرَاد أَمر بالنداء فَنَادَى الْمُنَادِي وَيحْتَمل
على بعد أَن يقْرَأ على بِنَاء الْمَفْعُول حَاج أَي خَارج
إِلَى الْحَج يلْتَمس أَي يقْصد وَيطْلب والإفراد
(5/155)
بإفراد كل لفظا يأتم بتَشْديد الْمِيم أَي
يقْتَدى وَيفْعل مَا يفعل تَفْسِير للاقتداء وَالْمرَاد
يفعل مثل مَا يفعل كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد ينزل
الْقُرْآن الخ هُوَ حث على التَّمَسُّك بِمَا أخبر بِهِ
عَن فعله لَا ننوى الا الْحَج أَي أول الْأَمر وَقت
الْخُرُوج من الْبيُوت والا فقد أحرم بعض بِالْعُمْرَةِ
أَو هُوَ خبر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حَال غالبهم أَو
المُرَاد أَن الْمَقْصد الْأَصْلِيّ من الْخُرُوج كَانَ
الْحَج وان نوى بعض الْعمرَة قَوْله غير أَن لَا تطوفي
كلمة لَا زَائِدَة أَو هُوَ اسْتثِْنَاء مِمَّا يفهم أَي
لَا فرق بَيْنك وَبَين الْمحرم غير أَن لَا تطوفي قَوْله
منيخ من أَنَاخَ حَيْثُ حج كَأَنَّهُ بِمَعْنى حِين حج من
اسْتِعَارَة ظرف الْمَكَان للزمان
(5/156)
ففلت بِالتَّخْفِيفِ أَي أخرجت مَا فِيهِ
من الْقمل
قَوْله
[2744] وامكث حَرَامًا كَمَا أَنْت أَي ابق محرما على مَا
أَنْت عَلَيْهِ من الْإِحْرَام قيل مَا فَائِدَة قَوْله
كَمَا أَنْت وَقَوله وامكث محرما يُغني عَنهُ قلت
كَأَنَّهُ صرح بذلك تَنْبِيها على أَن مَا عَلَيْهِ احرام
ليتبين بذلك أَن الْإِحْرَام الْمُبْهم احرام شرعا وَهَذَا
مَطْلُوب مُهِمّ فَيحْتَاج إِلَى زِيَادَة التَّنْبِيه
وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/157)
[2745] قد نضحت الْبَيْت أَي طيبته بنضوح
بِفَتْح النُّون ضرب من الطّيب تفوح رَائِحَته
قَوْله
[2746] عَام نزل الْحجَّاج بِابْن الزبير أَي جَاءَ يقاتله
من قبل مَرْوَان فَقيل لَهُ أَي لِابْنِ الزبير قتال
بِالرَّفْع فَاعل كَائِن ان يصدوك أَي يمنعوك عَن الْبَيْت
إِذا أصنع إِذا من الْحُرُوف الناصبة للْفِعْل الْمُضَارع
وأصنع مَنْصُوب بهَا كَمَا صنع من التَّحَلُّل حِين حصر
بِالْحُدَيْبِية وَلذَلِك أوجب أَو لَا عمْرَة لكَونه صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ حِين الْإِحْصَار
مُعْتَمِرًا ثمَّ حِين لاحظ أَن أَمر الْحَج وَالْعمْرَة
وَاحِد أوجب الْحَج مَعَ الْعمرَة وَأهْدى بِفَتْح
الْهمزَة فعل مَاض من الاهداء بِقديد بِالتَّصْغِيرِ
(5/158)
بطوافه الأول أَي بِأول طواف طافه بعد
النَّحْر وَالْحلق فَإِنَّهُ ركن الْحَج عِنْدهم لَا
الَّذِي طافه حِين الْقدوم وان كَانَ هُوَ الْمُتَبَادر من
اللَّفْظ فَإِنَّهُ للقدوم وَلَيْسَ بِرُكْن لِلْحَجِّ
لَكِن بعض رِوَايَات
(5/159)
حَدِيث بن عمر يبعد هَذَا التَّأْوِيل
وَيَقْتَضِي أَن الطّواف الَّذِي يُجزئ عَنْهُمَا هُوَ
الَّذِي حِين
(5/160)
الْقدوم فَفِي بَعْضهَا ثمَّ قدم أَي
مَكَّة فَطَافَ لَهما طَوافا وَاحِدًا وَفِي بَعْضهَا ثمَّ
قدم فَطَافَ لَهما طَوافا وَاحِدًا فَلم يحل حَتَّى حل
مِنْهُمَا جَمِيعًا وَفِي بَعْضهَا وَكَانَ يَقُول أَي بن
عمر لَا يحل حَتَّى يطوف طَوافا وَاحِدًا يَوْم يدْخل
مَكَّة وَفِي بعض فَخرج حَتَّى إِذا جَاءَ الْبَيْت طَاف
بِهِ سبعا وَبَين الصَّفَا والمروة سبعا لم يزدْ عَلَيْهِ
وَرَأى أَنه مجزئ عَنهُ وَأهْدى وَفِي بعض ثمَّ طَاف لَهما
طَوافا وَاحِدًا بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة لم
يحل مِنْهُمَا حَتَّى أحل مِنْهُمَا لحجه يَوْم النَّحْر
وَفِي بعض ثُمَّ انْطَلَقَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا
حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ وَلَمْ يَزِدْ على ذَلِك وَلم ينْحَر وَلم
يحلق حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر فَنحر وَحلق وَرَأى أَنه
قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ
الْأَوَّلِ وكل هَذِه الرِّوَايَات فِي الصَّحِيح
وَالنَّظَر فِي هَذِه الرِّوَايَات يبعد ذَلِك التَّأْوِيل
لَكِن القَوْل بِأَنَّهُ مَا كَانَ يرى طواف الافاضة
مُطلقًا أَو للقران أَيْضا قَول بعيد بل قد ثَبت عَنهُ
طواف الافاضة مَرْفُوعا فاما أَنه لَا يرى طواف الافاضة
للقارن ركن الْحَج بل يرى أَن الرُّكْن فِي حَقه هُوَ
الأول والافاضة سنة أَو نَحْوهَا وَهَذَا لَا يَخْلُو عَن
بعد أَو أَنه يرى دُخُول طواف الْعمرَة فِي طواف الْقدوم
لِلْحَجِّ وَيرى أَن طواف الْقدوم من سنَن الْحَج للمفرد
الا أَن الْقَارِن يُجزئهُ ذَلِك عَن سنة الْقدوم
لِلْحَجِّ وَعَن فرض الْعمرَة وَتَكون الافاضة عِنْده ركنا
لِلْحَجِّ فَقَط وَقيل المُرَاد بِالطّوافِ السَّعْي بَين
الصَّفَا والمروة وَلَا يخفى بعده أَيْضا فَإِن مُطلق اسْم
الطّواف ينْصَرف إِلَى طواف الْبَيْت سِيمَا وَهُوَ
مُقْتَضى الرِّوَايَات وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
وَالرغْبَاء بِفَتْح الرَّاء مَعَ الْمَدّ وَبِضَمِّهَا
مَعَ الْقصر وَحكى
(5/161)
الْفَتْح وَالْقصر كالسكرى من الرَّغْبَة
وَمَعْنَاهُ الطّلب فِي الْمَسْأَلَة
قَوْله
[2753] مر أَصْحَابك أَمر ندب عِنْد الْجُمْهُور وَأمر
وجوب عِنْد الظَّاهِرِيَّة أَن يرفعوا إِظْهَارًا لشعار
الْإِحْرَام وتعليما للجاهل مَا يسْتَحبّ لَهُ فِي ذَلِك
الْمقَام قَوْله أهل أَي أول الْهلَال
[2754] فِي دبر الصَّلَاة أَي رَكْعَتي الْإِحْرَام قَالَ
التِّرْمِذِيّ وَهُوَ الَّذِي يستحبه أهل الْعلم قلت
فَإِنَّهُم حملُوا اخْتِلَاف الصَّحَابَة فِي مَوضِع
الْإِحْرَام على الإختلاف
(5/162)
بِحَسب الْعلم بِأَن النَّاس لكثرتهم مَا
تيَسّر لكلهم الِاطِّلَاع على تَمام الْحَال فبعضهم اطلعوا
على تلبيته دبر الصَّلَاة وَبَعْضهمْ على تلبيته عِنْد
الاسْتوَاء على الرَّاحِلَة وَبَعْضهمْ على تلبيته حِين
اسْتِوَاء الرَّاحِلَة على الْبَيْدَاء فَزعم كل أَن مَا
سَمعه أول تلبيته وَأَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
أحرم بهَا فَنقل الْأَمر على وفْق ذَلِك وَكَانَ الْأَمر
أَنه أحرم من بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة فِي مَسْجِد ذِي
الحليفة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الَّذِي تكذبون
فِيهَا هَكَذَا فِي النُّسْخَة الَّتِي كَانَت عِنْدِي
بتذكير الْمَوْصُول وَكَأَنَّهُ لاعْتِبَار أَنه الْمَكَان
وَأما التَّأْنِيث فَهُوَ الأَصْل ثمَّ رَأَيْت أَن
التَّأْنِيث فِي غَالب النّسخ فَلَعَلَّهُ الْمُعْتَمد
وَمعنى تكذبون فِيهَا فِي شَأْنهَا وَنسبَة الْإِحْرَام
إِلَيْهَا بِأَنَّهُ كَانَ من عِنْدهَا مَا أهل أَي مَا
رفع صَوته بِالتَّلْبِيَةِ الا من مَسْجِد ذِي الحليفة أَي
حِين ركب لَا حِين فرغ من الرَّكْعَتَيْنِ فَإِن بن عمر
كَانَ يظنّ الاهلال عِنْد الرّكُوب وَالله تَعَالَى أعلم
(5/163)
قَوْله
[2761] أَقَامَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسلم أَي بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة فتدارك أَي تدافع
النَّاس أَي دفع بَعضهم بَعْضًا إِلَى الْخُرُوج أَو
تزاحموا عِنْد الْخُرُوج واستثفرى أَي شدى مَحل الدَّم
بِثَوْب قَوْله أَقبلنَا أَي أقبل غالبنا وَفِيهِمْ جَابر
(5/164)
بسرف بِكَسْر الرَّاء عركت حَاضَت حل
مَاذَا أَي حل أَي حُرْمَة فَإِن بالاحرام يحصل حرم
مُتعَدِّدَة الْحل كُله أَي حل الْحرم كلهَا ان هَذَا أَمر
كتبه الله أَي قدره من غير اخْتِيَار العَبْد فِيهِ فَلَا
عتب على العَبْد بِهِ فاغتسلي لاحرام الْحَج قد حللت من
حجتك وعمرتك صَرِيح فِي أَنَّهَا كَانَت قارنة وَأَن
الْقَارِن يَكْفِيهِ طواف الْحَج من النُّسُكَيْنِ إِنِّي
أجد فِي نَفسِي أَي حَيْثُمَا اعْتَمَرت عمْرَة
مُسْتَقلَّة كَسَائِر الْأُمَّهَات لَيْلَة الحصبة بِفَتْح
الْحَاء وَسُكُون الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي لَيْلَة
الْإِقَامَة بالمحصب بعد النَّفر من منى
(5/165)
قَوْله فِي حجَّة الْوَدَاع بِفَتْح
الْوَاو وَكسرهَا قَوْله فأهللنا أَي بَعْضنَا وَفِيهِمْ
كَانَت عَائِشَة فَقَالَ انقضي رَأسك بِضَم الْقَاف وضاد
مُعْجمَة أَي حلي ضفره وامتشطي لَعَلَّ المُرَاد بذلك هُوَ
الِاغْتِسَال لاحرام الْحَج كَمَا وَقع التَّصْرِيح بذلك
فِي رِوَايَة جَابر ودعى الْعمرَة قَالَ عُلَمَاؤُنَا أَي
اتركيها واقضيها بعد وَقَالَ الشَّافِعِي أَي اتركي
الْعَمَل للْعُمْرَة من الطّواف وَالسَّعْي لَا أَنَّهَا
تتْرك الْعمرَة أصلا وَإِنَّمَا أمرهَا أَن تدخل الْحَج
على الْعمرَة فَتكون قارنة وعَلى هَذَا فَتكون عمرتها من
التَّنْعِيم تَطَوّعا لاقضاء عَن وَاجِب وَلَكِن أَرَادَ
أَن يطيب نَفسهَا فأعمرها وَكَانَت قد سَأَلته ذَلِك ليحصل
لَهَا عمْرَة مُسْتَقلَّة كَمَا حصل لسَائِر أُمَّهَات
الْمُؤمنِينَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِلَّا أَنَّ
قَوْلَهُ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي لَا يُشَاكِلُ
هَذِهِ الْقَضِيَّةَ وَلَوْ تَأَوَّلَهُ مُتَأَوِّلٌ على
الترخيص فِي نسخ الْعمرَة كَمَا أذن لأَصْحَابه فِي نسخ
الْحَجِّ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَأَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ
بِأَنَّ نقض الرَّأْس والامتشاط جَائِز فِي الْإِحْرَامِ
بِحَيْثُ لَا يَنْتِفُ شَعْرًا وَقَدْ يُتَأَوَّلُ
بِأَنَّهَا كَانَتْ مَعْذُورَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ
بِالِامْتِشَاطِ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ بِالْأَصَابِعِ
لِغُسْلِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيَلْزَمُ
(5/166)
مِنْهُ نقضه هَذِه مَكَان عمرتك ظَاهر فِي
أَن الثَّانِيَة قَضَاء عَن الأولى كَمَا قَالَ
عُلَمَاؤُنَا لَكِن قد يُقَال لَو كَانَ قَضَاء لعلمها أَو
لَا لتنوي لَا أخبر بِهِ بعد الْفَرَاغ فَلْيتَأَمَّل
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ رَفْعُ مَكَانٍ عَلَى
الْخَبَرِ أَي عوض عمرتك الَّتِي تركتهَا وَيَجُوزُ
النَّصْبُ عَلَى الظَّرْفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ
غَيْرُهُ وَالْعَامِلُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ
كَائِنَةٌ مَكَان عمرتك أَو مجعولة مَكَانهَا فَطَافَ
الَّذين أهلوا بِالْعُمْرَةِ أَي لركن الْعمرَة ثمَّ طافوا
طَوافا آخر أَي لركن الْحَج فَإِنَّمَا طافوا أَي للركن
طَوافا وَاحِدًا والا فقد ثَبت أَن الْكل طافوا طوافين
طافوا حِين الْقدوم بِمَكَّة وطافوا للافاضة لَكِن الَّذين
أَحْرمُوا بِالْعُمْرَةِ فطوافهم الأول ركن الْعمرَة
وَالثَّانِي ركن الْحَج وَأما الَّذين جمعُوا فطوافهم
الأول سنة الْقدوم وَالثَّانِي ركن الْحَج وَالْعمْرَة
جَمِيعًا عِنْد
(5/167)
من يَقُول بِدُخُول أَفعَال الْعمرَة فِي
الْحَج وَقيل بل المُرَاد بِالطّوافِ السَّعْي بَين
الصَّفَا والمروة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2765] ان ضباعة بِضَم الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف
الْمُوَحدَة أَن تشْتَرط وَمن لَا يَقُول بالاشتراط يدعى
الْخُصُوص بهَا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2766] الشَّرْط بَين النَّاس أَي هُوَ مثل الشَّرْط بَين
النَّاس فَيجوز أَو الشَّرْط بَين النَّاس لَا بَين
العَبْد وربه تَعَالَى فَلَا يجوز وعَلى هَذَا فمراده
بِذكر الحَدِيث أَنه يعلم الحَدِيث وتأويله بِأَنَّهُ
مَخْصُوص بهَا وَالله تَعَالَى أعلم ومحلى بِفَتْح مِيم
وَكسر الْحَاء أَي مَكَان تحللي قَوْله
(5/168)
[2769] يُنكر الِاشْتِرَاط لَا دَلِيل
فِيهِ لمن يُنكر لجَوَاز أَن يكون إِنْكَار أَتَى عَن عدم
الِاطِّلَاع على نقيضه وَمَعْرِفَة أَن الحكم مَخْصُوص
بهَا حسبكم أَي كافيكم وَلَا مُعَارضَة بَينه وَبَين
جَوَاز الإشتراط قَوْله
(5/169)
[2771] فِي بضع عشرَة مائَة اعرابه كاعراب
خمس عشرَة أَي فِي ألف ومئات فَوْقه وأشعر الاشعار أَن
يطعن فِي أحد جَانِبي سَنَام الْبَعِير حَتَّى يسيل دَمهَا
ليعرف أَنَّهَا هدى ويتميز ان خلطت وَعرفت إِذا ضلت ويرتدع
عَنْهَا السراق ويأكلها الْفُقَرَاء ان ذبحت فِي الطَّرِيق
لخوف الْهَلَاك وَهُوَ جَائِز عِنْد الْجُمْهُور وَمن أنكر
فَلَعَلَّهُ أنكر الْمُبَالغَة لَا أَصله وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله بدنه بِضَم فَسُكُون جمع وبفتحتين مُفْرد
قَوْله
(5/170)
[2774] ثمَّ سلت أَي أزاله بِأُصْبُعِهِ
فَلَمَّا اسْتَوَت بِهِ أَي رَاحِلَته وَهِي غير الَّتِي
أشعرها قَوْله فافتل من فتل كضرب
[2775] ثمَّ لَا يجْتَنب أَي بعد أَن يبْعَث بِتِلْكَ
الْهَدَايَا إِلَى مَكَّة فالمرء يبْعَث الْهدى إِلَى
مَكَّة لَا يحرم عَلَيْهِ مَا يحرم على الْمحرم كَمَا زعم
بن عَبَّاس وَمُرَاد عَائِشَة الرَّد عَلَيْهِ
قَوْله
[2776] قبل أَن يبلغ التَّقْيِيد بذلك لكَونه مَحل الْخلاف
وَأما بعد بُلُوغ الْهدى مَحَله فَلَا يَقُول بن عَبَّاس
أَيْضا بَقَاء الْحُرْمَة
قَوْله
[2780] من عهن بِكَسْر فَسُكُون الصُّوف الْمَصْبُوغ
ألوانا قَوْله
(5/171)
[2781] قد حلوا بِعُمْرَة أَي بِجعْل نسكهم
عمْرَة
قَوْله
[2782] أماط عَنهُ أَي أَزَال عَنهُ فَلَمَّا اسْتَوَت
بِهِ الْبَيْدَاء هَذَا يُفِيد أَنه أهل حِين اسْتِوَاء
الرَّاحِلَة على الْبَيْدَاء وَهَذَا خلاف مَا تقدم عَن بن
عَبَّاس أَنه أهل بعد الصَّلَاة فَلَعَلَّهُ تحقق عِنْده
الْأَمر بعد هَذَا
(5/172)
فَرجع عَنهُ إِلَى مَا تحقق عِنْده وَالله
تَعَالَى أعلم قَوْله غنما أَي حَال كَون الْهدى غنما
والْحَدِيث صَرِيح
(5/173)
فِي جَوَاز تَقْلِيد الْغنم فَلَا وَجه
لمنع
(5/174)
فِي جَوَاز تَقْلِيد الْغنم فَلَا وَجه
لمنع من منع ذَلِك
قَوْله
[2788] ثمَّ لَا يحرم من أحرم أَي لَا يصير محرما
قَوْله
[2792] بعث بِالْهدى أَي بعث أحدهم بِالْهدى والْحَدِيث
يدل على أَن الَّذِي يبْعَث بِالْهدى مُخَيّر بَين أَن
يصير محرما وَبَين أَن يبْقى حَلَالا قَوْله مَعَ أبي
بِالْإِضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم تُرِيدُ أَبَا بكر
رَضِي الله عَنهُ وعنها
[2793] حَتَّى ينْحَر الْغَايَة لبَيَان الدَّوَام
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا قَائِل بِالْحُرْمَةِ بعد هَذِه
الْغَايَة فَإِذا لَا حُرْمَة إِلَى هَذِه الْغَايَة فَلَا
حُرْمَة أصلا وَهُوَ الْمَطْلُوب قَوْله قَالَت وَلَا نعلم
الْحَاج يحله من أحل أَي يَجعله حَلَالا خَارِجا عَن
الْإِحْرَام بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى فِي حق النِّسَاء
[2795] الا الطّواف بِالْبَيْتِ أَي طواف الافاضة وَأما
الْحلق فَلَا يحله بِالْكُلِّيَّةِ
قَوْله
[2796] وَيخرج بِالْهدى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يخرج
من يبْعَث مَعَه الْهدى بِالْهدى قَوْله
(5/175)
وَيلك كلمة بِمَعْنى الدُّعَاء
بِالْهَلَاكِ وَقد لَا يُرَاد بهَا الْحَقِيقَة بل الزّجر
وَهُوَ المُرَاد هَا هُنَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/176)
[2802] إِذا ألجئت على بِنَاء الْمَفْعُول
أَي اضطررت وَهل بعد أَن ركب اضطرارا لَهُ المقاومة على
الرّكُوب أَو لَا بُد من النُّزُول إِذا رأى قُوَّة على
الْمَشْي قَولَانِ وَقد يُؤْخَذ من قَوْله حَتَّى يجد ظهرا
تَرْجِيح القَوْل الأول وَقد يمْنَع ذَلِك بِأَنَّهَا
لَيست غَايَة لمداومة الرّكُوب عَلَيْهَا بل هِيَ غَايَة
لجَوَاز الرّكُوب كلما ألجيء إِلَيْهِ أَي لَهُ أَن يركب
كلما ألجئ إِلَى أَن يجد ظهرا فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[2803] وَلَا نرى بِضَم النُّون وَفتحهَا وَهُوَ أقرب أَي
لَا نعزم وَلَا ننوى وَالْمرَاد بعض الْقَوْم أَي غالبهم
كَمَا تقدم مرَارًا أَلا ترى إِلَى قَوْلهَا طفنا مَعَ
أَنَّهَا مَا طافت لكَونهَا حَاضَت وَجُمْلَة طفنا حَال
أَي قد طفنا وَجَوَاب لما أَمر رَسُول الله صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا هُوَ دَلِيل النّسخ وَقد
قَالَ بِهِ أَحْمد والظاهرية وَالْجُمْهُور على أَن النّسخ
كَانَ مَخْصُوصًا بالصحابة قَالَ أَو مَا كنت كَأَنَّهُ
استفهم تقريرا والا فقد علم بِهِ قبل انها حَاضَت
وَيحْتَمل أَنه نسي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/177)
[2805] أَهْلَلْنَا أَصْحَاب النَّبِي صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَاب بِالنّصب على
الِاخْتِصَاص وَقد سبق مرَارًا أَن المُرَاد الْغَالِب
ومذاكيرنا تقطر من الْمَنِيّ يُرِيد قرب الْعَهْد
بِالْجِمَاعِ لأبركم أَي أطوعكم لله وَلَوْلَا الْهدى أَي
معي وَلَو اسْتقْبلت الخ أَي لَو علمت فِي ابْتِدَاء شروعي
مَا علمت الْآن من لُحُوق الْمَشَقَّة بِأَصْحَابِي
بانفرادهم بِالْفَسْخِ حَتَّى توقفوا وترددوا وراجعوا لما
سقت الْهدى حَتَّى فسخت مَعَهم قَالَ حِين أَمرهم
بِالْفَسْخِ فترددوا عُمْرَتنَا هَذِه أَي الَّتِي فِي
أَيَّام الْحَج أَو الَّتِي فسخنا الْحَج بهَا
وَالْجُمْهُور على الأول وَأحمد والظاهرية على الثَّانِي
قَوْله
(5/178)
[2808] بل لنا خَاصَّة أَي التَّمَتُّع
عَام لَكِن فسخ الْحَج بِالْعُمْرَةِ خَاص وَبِه قَالَ
الْجُمْهُور وَمن يرى الْفَسْخ عَاما يرى أَن هَذَا
الحَدِيث لَا يصلح للمعارضة
قَوْله
[2809] كَانَت لنا رخصَة أَي بِوَصْف الْفَسْخ والا فَلَا
خُصُوص قَوْله
(5/179)
[2813] كَانُوا يرَوْنَ الضَّمِير لأهل
الْجَاهِلِيَّة لَا للصحابة كَمَا يُوهِمهُ كَلَام بَعضهم
لقَوْله ويجعلون الْمحرم صفر وَلَيْسَ هَذَا من شَأْن
الصَّحَابَة قَالَ السُّيُوطِيّ وَهَذَا من تحكمات أهل
الْجَاهِلِيَّة الْفَاسِدَة وَقَوله ويجعلون الْمحرم صفر
قَالَ السُّيُوطِيّ نقلا عَن النَّوَوِيّ وَهُوَ مَصْرُوفٌ
بِلَا خِلَافٍ وَحَقُّهُ أَنْ يُكْتَبَ بِالْأَلِفِ
لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ لَكِنَّهُ كُتِبَ بِدُونِهَا يَعْنِي
عَلَى لُغَة ربيعَة أَي لُغَة من يقف على الْمَنْصُوب
بِلَا ألف فَإِن الْخط مَدَاره على الْوَقْف وَلَا بُدَّ
مِنْ قِرَاءَتِهِ مُنَوَّنًا وَفِي الْمُحْكَمِ كَانَ
أَبُو عُبَيْدَةَ لَا يَصْرِفُهُ وَمَعْنَى يَجْعَلُونَ
يُسَمُّونَ وَيَنْسُبُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَيْهِ لِئَلَّا
تَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ حُرُمٍ
فَتَضِيقَ بِذَلِكَ أَحْوَالُهُمْ وَهُوَ المُرَاد بالنسيء
إِذا برأَ بِفتْحَتَيْنِ وهمزة وَتَخْفِيف الدَّبَرْ
بِفَتْحَتَيْنِ الْجُرْحُ الَّذِي يَكُونُ فِي ظَهْرِ
الْبَعِير أَي زَالَ عَنْهَا الجروح الَّتِي حصلت بِسَبَب
سفر الْحَج عَلَيْهَا
(5/180)
وَعَفَا الْوَبَرْ أَيْ كَثُرَ وَبَرُ
الْإِبِلِ الَّذِي قلعته رِحَالُ الْحَجِّ وَانْسَلَخَ
صَفَرْ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظ كلهَا
تقْرَأ سَاكِنَةَ الْآخِرِ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا لِأَنَّ
مُرَادُهُمُ السَّجْعَ الْحِلُّ كُلُّهُ أَيْ حِلٌّ
يَحِلُّ لَهُ فِيهِ جَمِيع مَا يحرم على الْمحرم حَتَّى
جماع النِّسَاء وَذَلِكَ تَمام الْحل
قَوْله
[2814] وَكَانَ فِيمَن لم يكن مَعَه الْهدى هَكَذَا فِي
صَحِيح مُسلم وَبِهَذَا الْإِسْنَاد وَلَكِن فِي صَحِيح
بِإِسْنَاد آخر وَكَانَ طَلْحَة بن عبيد الله فِيمَن سَاق
الْهدى فَلم يحل
قَوْله
[2815] دخلت الْعمرَة فِي الْحَج من جوز الْفَسْخ يَقُول
دخلت نِيَّة الْعمرَة فِي نِيَّة الْحَج بِحَيْثُ أَن من
نوى الْحَج صَحَّ لَهُ الْفَرَاغ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ
وَمن لَا يجوز الْفَسْخ يَقُول حلت فِي أشهر الْحَج وَصحت
بِمَعْنى دخلت فِي وَقت الْحَج وشهوره وَبَطل مَا كَانَ
عَلَيْهِ أهل الْجَاهِلِيَّة من عدم حل الْعمرَة فِي أشهر
الْحَج أَو دخل أَفعَال الْعمرَة فِي أَفعَال الْحَج فَلَا
يجب على الْقَارِن الا احرام وَاحِد وَطواف وَاحِد
وَهَكَذَا وَمن لَا يَقُول بِوُجُوب الْعمرَة يَقُول ان
المُرَاد أَنه سقط افتراضها بِالْحَجِّ فَكَأَنَّهَا دخلت
فِيهِ وَبَعض الِاحْتِمَالَات لَا يُنَاسب الْمقَام وَالله
تَعَالَى أعلم قَوْله تخلف أَي تَأَخّر عَنهُ صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
(5/181)
[2816] أَن يناولوه سَوْطه أَي وَقد نَسيَه
كَمَا فِي رِوَايَة أَو سقط عَنهُ كَمَا فِي أُخْرَى وَجمع
بَينهمَا بِأَن أُرِيد بالسقوط النسْيَان أَو الْعَكْس
تجوزا ثمَّ شدّ أَي حمل عَلَيْهِ وأبى بَعضهم أَي
امْتَنعُوا عَن الْأكل طعمه بِضَم فَسُكُون أَي طَعَام
وَالْمَقْصُود بِنِسْبَة الطَّعَام إِلَيْهِ تَعَالَى قطع
التَّسَبُّب عَنْهُم أَي فَلَا اثم عَلَيْكُم والا فَكل
الطَّعَام مِمَّا يطعم الله تَعَالَى عَبده فَافْهَم
وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/182)
[2818] حَتَّى إِذا كَانُوا أَي فِي
الطَّرِيق أَو فِي أثْنَاء ذَلِك بَين الرفاق الرفاق ككتاب
جمع الرّفْقَة مُثَلّثَة الرَّاء وَسُكُون الْفَاء وَهِي
جمَاعَة توافقهم فِي السّفر بِالْأُثَايَةِ بِضَمِّ
الْهَمْزَةِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَمُثَلَّثَةٍ مَوْضِعٌ
بطرِيق الْجحْفَة إِلَى مَكَّة بَين الرُّوَيْثَة
بِالتَّصْغِيرِ وَالْعَرج بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة
وَسُكُون الرَّاء وجيم قَرْيَة جَامِعَة على أَيَّام من
الْمَدِينَة حَاقِفٌ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ قَافٍ ثُمَّ فَاءٍ
أَيْ نَائِم قد انحنى فِي نَومه وَقيل أَي وَاقِف منحن
رَأسه بَين يَدَيْهِ إِلَى رجلَيْهِ وَقيل الحاقف الَّذِي
لَجأ إِلَى حقف وَهُوَ مَا انعطف من الرمل لَا يرِيبهُ من
راب يريب أَو أراب أَي لَا يتَعَرَّض لَهُ وَلَا يزعجه
قَوْله بن جثامة بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ ثاء مُثَلّثَة
مُشَدّدَة بالأبواء بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُوَحدَة
وبالمد
(5/183)
[2819] أَو بودان بِفَتْح الْوَاو
وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة هما مكانان بَين
الْحَرَمَيْنِ مَا فِي وَجْهي من الْكَرَاهَة أما انه أَي
الشان وَفِي نُسْخَة أَنا وعَلى النسختين فهمزة ان
مَكْسُورَة للابتداء الا أَنا بِفَتْح الْهمزَة أَي لأَنا
حرم بِضَمَّتَيْنِ أَي محرمون والتوفيق بَين هَذَا وَمَا
تقدم أَن هَذَا قد صيد لَهُ أَو هَذَا فِي الْحمار الْحَيّ
وَمَا سبق فِيمَا لم يصد لَهُ وَكَون هَذَا كَانَ حَيا
مِمَّا لَا يُوَافقهُ الرِّوَايَات وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
(5/184)
[2824] عَام الْحُدَيْبِيَة بِهَذَا تبين
أَن تَركه الْإِحْرَام ومجاوزته الْمِيقَات بِلَا احرام
كَانَ قبل أَن تقرر الْمَوَاقِيت فَإِن تَقْرِير
الْمَوَاقِيت كَانَ سنة حج الْوَدَاع كَمَا روى عَن أَحْمد
أَن نقتطع قَالَ السُّيُوطِيّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ
يَقْطَعَنَا الْعَدُوُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم أرفع بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَكْسُورَةِ
أَيْ أُكَلِّفُهُ السَّيْرَ السَّرِيعَ شأوا بِالْهَمْز
أَيْ قَدْرَ عَدْوِهِ وَهُوَ قَائِلٌ مِنَ الْقَيْلُولَةِ
بالسقيا
(5/185)
بِضَم السِّين مَوضِع قَوْله فاضلة أَي
قِطْعَة فاضلة أَي فضلَة وَبَقِيَّة قَوْله فاختلست أَي
سلبت فأشفقوا أَي خَافُوا هَل أشرتم الخ يدل على أَنهم لَو
أشاروا أَو أعانوا لما كَانَ لَهُم أَن يَأْكُلُوا
(5/186)
قَوْله
[2827] صيد الْبر أَي مصيده حَلَال أَي وَأَنْتُم حرم
كَمَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَهُوَ
بِضَمَّتَيْنِ جمع حرَام بِمَعْنى الْمحرم أَو يصاد قَالَ
السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد كَذَا فِي النّسخ
والجاري على قوانين الْعَرَبيَّة أَو يصد لِأَنَّهُ
مَعْطُوف على المجزوم وَذكر فِي حَاشِيَة الْكتاب نقلا عَن
الشَّيْخ ولي الدّين هَكَذَا الرِّوَايَة بِالْألف وَهِي
جَائِزَة على لُغَة قلت وَالْوَجْه نصب يصاد على أَن أَو
بِمَعْنى الا أَن فَلَا اشكال قَوْله عَمْرو بن أبي عَمْرو
لَيْسَ بِالْقَوِيّ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ قَدْ
تَبِعَ النَّسَائِيَّ على هَذَا بن حزم وسبقهما إِلَى
تَضْعِيفِهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ لَكِنْ
وَثَّقَهُ أَحْمد وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وبن
عَدِيٍّ وَغَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ لَهُ الشَّيْخَانِ فِي
صَحِيحَيْهِمَا وَكفى بهما فَوَجَبَ قَبُولُ خَبَرِهِ
وَقَدْ سَكَتَ أَبُو دَاوُدَ على خَبره فَهُوَ عِنْده حسن
أَو
(5/187)
صَحِيح قَوْله جنَاح أَي اثم والحدأة
بِكَسْر حاء مُهْملَة وَفتح دَال بعْدهَا همزَة كعنبة أخس
الطُّيُور تخطف أَطْعِمَة النَّاس من أَيْديهم والفأرة
بِهَمْزَة سَاكِنة وتسهل الْعَقُور بِفَتْح الْعين
مُبَالغَة عَاقِر وَهُوَ الْجَارِح المفترس قَوْله الأبقع
هُوَ الَّذِي فِي ظَهره أَو فِي بَطْنه بَيَاض وَقد أَخذ
(5/188)
الْقَيْدِ طَائِفَةٌ وَأَجَابَ غَيْرُهُمْ
بِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةَ أصح قَوْله عكاز
بِضَم عين وَشدَّة كَاف عَصا ذَات حَدِيدَة إِلَّا يُطْفِئ
من الاطفاء
[2831] عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ بِكَسْرِ الْجِيمِ
وَتَشْدِيدِ النُّونِ هِيَ الْحَيَّاتُ الَّتِي تَكُونُ
فِي الْبُيُوتِ وَاحِدُهَا جَان هُوَ الدَّقِيق الْخَفِيف
إِلَّا ذَا الطفيتين هُوَ بِضَم طاء وَسُكُون فَاء الخطان
الأبيضان على ظهر الْحَيَّة والأبتر الْقصير الذَّنب
يطمسان الْبَصَر أَي يخطفان بِمَا فيهمَا من الخاصية وَقيل
يقصدان الْبَصَر باللسع قَوْله
(5/189)
[2832] وَهُوَ حرَام أَي وَالْحَال أَن
الْقَائِل حرَام أَي محرم أَي دَاخل فِي الْحرم قَوْله
والفويسقة هِيَ الْفَأْرَة تَصْغِير فاسقة لخروجها من جُحر
على النَّاس وافسادها
قَوْله
[2835] فِي الْحرم بِفتْحَتَيْنِ أَي حرم مَكَّة أَو
بِضَمَّتَيْنِ جمع حرَام أَي فِي الْمَوَاضِع الْمُحرمَة
قَوْله
(5/190)
[2836] عَن الضبع بِفَتْح مُعْجمَة وَضم
مُوَحدَة حَيَوَان مَعْرُوف فَأمرنِي أَي أَمر إِبَاحَة
ورخصة أصيد هِيَ أَي أَفِي قَتلهَا جَزَاء قَوْله وَهُوَ
محرم بِهَذَا أَخذ عُلَمَاؤُنَا فجوزوا نِكَاح الْمحرم
قَوْله
(5/191)
[2842] لَا ينْكح بِفَتْح الْيَاء أَي لَا
يعْقد لنَفسِهِ وَلَا يخْطب كينصر من الْخطْبَة بِكَسْر
الْخَاء وَهَذَا يمْنَع تَأْوِيل النِّكَاح فِي الحَدِيث
بِالْجِمَاعِ كَمَا قيل وَلَا ينْكح بِضَم الْيَاء أَي لَا
يعْقد لغيره وكل مِنْهَا يحْتَمل النَّهْي وَالنَّفْي
بِمَعْنى النَّهْي وغالب أهل الحَدِيث وَالْفِقْه أخذُوا
بِهَذَا الحَدِيث وَرَأَوا أَن حَدِيث بن عَبَّاس وهم لما
جَاءَ عَن مَيْمُونَة وَرَافِع خِلَافه فرجحوا حَدِيث
مَيْمُونَة وَرَافِع لكَون مَيْمُونَة صَاحِبَة
الْوَاقِعَة فَهِيَ أعلم بهَا من غَيرهَا وَرَافِع كَانَ
سفيرا بَين النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
وَبَينهَا وبن عَبَّاس كَانَ إِذْ ذَاك صَغِيرا وَلكَون
حَدِيثهمَا أوفق بِالْحَدِيثِ القولي الَّذِي رَوَاهُ
عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَقَالُوا وَلَو سلم
أَن حَدِيث بن عَبَّاس يُعَارض حَدِيث ميمونه يسْقط
الحديثان للتعارض وَيبقى حَدِيث
(5/192)
عُثْمَان القولي سالما عَن الْمُعَارضَة
فيؤيد بِهِ وَلَو سلم أَن حَدِيث بن عَبَّاس لَا يسْقط
وَلَا يُعَارضهُ حَدِيث مَيْمُونَة وَرَافِع فَلَا شكّ
أَنه حِكَايَة فعل يحْتَمل الْخُصُوص وَحَدِيث عُثْمَان
قَول نَص فِي التشريع فَيُؤْخَذ بِهِ قطعا على مُقْتَضى
الْقَوَاعِد وَقَالَ بَعضهم بل حَدِيث بن عَبَّاس أرجح
سندا فقد أخرجه السِّتَّة فَلَا يُعَارضهُ شَيْء من حَدِيث
مَيْمُونَة وَرَافِع وَالْأَصْل فِي الْأَفْعَال الْعُمُوم
فَيقدم على حَدِيث عُثْمَان أَيْضا فَيُؤْخَذ بِهِ دون
غَيره وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2845] احْتجم وَهُوَ محرم تجوز الْحجامَة للْمحرمِ عِنْد
كثير بِلَا حلق شعر لَكِن سَيَجِيءُ أَنه احْتجم فِي
الرَّأْس والحجامة لَا تَخْلُو عَادَة عَن حلق فالأوفق
بِالْحَدِيثِ أَن يُقَال بِجَوَاز حلق مَوضِع الْحجامَة
إِذا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2848] من وثء بِفَتْح وَاو وَسُكُون مُثَلّثَة آخِره
همزَة والعامة تَقول بِالْيَاءِ وَهُوَ غلط وجع يُصِيب
اللَّحْم وَلَا يبلغ الْعظم أَو وجع يُصِيب الْعظم من غير
كسر قَوْله
(5/193)
[2850] وسط رَأسه قَالَ السُّيُوطِيّ
بِفَتْح السِّين أَي متوسطة بلحى جمل بِفَتْح لَام وَحكى
كسرهَا وَسُكُون مُهْملَة وجمل بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ
مَوضِع بَين الْحَرَمَيْنِ قَوْله
(5/194)
[2851] أَو انسك بِضَم السِّين أَي اذْبَحْ
أَي ذَلِك بتَشْديد الْيَاء لبَيَان التَّخْيِير وَأَنه
يجوز كل وَاحِد مَعَ الْقُدْرَة على الآخر قَوْله وَتصدق
فِيهِ اخْتِصَار أَي افْعَل التَّصَدُّق أَو مَا يقوم
مقَامه قَوْله فوقصته الوقص كسر الْعُنُق
[2853] وَلَا تمسوه بِطيب من الْمس وَالْبَاء للتعدية
قَوْله
(5/195)
[2854] وَلَا تمسوه طيبا من الامساس قَوْله
فأقعصه أَي قَتله قتلا سَرِيعا والتذكير بملاحظة الْإِبِل
قَوْله
(5/196)
[2857] وَأَنه لَفظه بعيره أَي رَمَاه
قَوْله
[2858] أقبل رجل حَرَامًا قَالَ الامام النَّوَوِيّ
هَكَذَا هُوَ فِي مُعظم النّسخ حَرَامًا وَفِي بَعْضهَا
حرَام وَهَذَا هُوَ الْوَجْه وَالْأول وَجهه ان يكون حَالا
وَقد جَاءَت الْحَال من النكرَة على قلَّة فوقص على بِنَاء
الْمَفْعُول وألبسوه ثوبيه من الألباس قَوْله
(5/197)
[2859] أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً
إِنْ شَاءَ اللَّهُ للتبرك فَلَا يضر فِي الْإِيجَاب أَو
هُوَ شَرط لما بعده وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2860] من عرج أَو كسر الخ كسر على بِنَاء الْمَفْعُول
وعرج بِكَسْر الرَّاء على بِنَاء الْفَاعِل فِي الصِّحَاح
بِفَتْح الرَّاء إِذا أَصَابَهُ شَيْء فِي رجله فَجعل يمشي
مشْيَة العرجان وبالكسر إِذا كَانَ ذَلِك خلقَة وَفِي
النِّهَايَة إِذا صَار أعرج أَي من أحرم ثمَّ حدث لَهُ بعد
الْإِحْرَام مَانع من الْمُضِيّ على مُقْتَضى الْإِحْرَام
غير احصار الْعَدو بِأَن كَانَ أحد كسر رجله أوصار أعرج من
غير صَنِيع من أحد يجوز لَهُ أَن يتْرك الْإِحْرَام وان لم
يشْتَرط التَّحَلُّل وَقَيده بَعضهم بالإشتراط وَمن يرى
أَنه من بَاب الْإِحْصَار لَعَلَّه يَقُول معنى حل كَاد
أَن يحل قبل أَن يصل إِلَى نُسكه بِأَن يبْعَث الْهدى مَعَ
أحد ويواعده يَوْمًا بِعَيْنِه يذبحها فِيهِ فِي الْحرم
فيتحلل بعد الذّبْح قَوْله
(5/198)
[2862] بِذِي طوى اسْم مَوضِع بِقرب مَكَّة
حِين يقدم مُتَعَلق بكان ينزل على أكمة بِفَتَحَات دون
الْجَبَل وَأَعْلَى من الرابية وَقيل دون الرابية بنى على
بِنَاء الْمَفْعُول
قَوْله
[2863] فَأصْبح بالجعرانة أَي فَرجع إِلَى الْجِعِرَّانَة
لَيْلًا فَأصْبح بهَا كبائت فِيهَا أَي كَأَنَّهُ بَات
بالجعرانة لَيْلًا وَمَا خرج مِنْهَا من بطن سرف بِكَسْر
الرَّاء قَوْله
(5/199)
[2864] كَأَنَّهُ سبيكة فضَّة
بِالْإِضَافَة فِي الْقَامُوس سبيكة كسفينة الْقطعَة
المذوبة المُرَاد تشبيهه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
بالقطعة من الْفضة فِي الْبيَاض والصفاء وَالله تَعَالَى
أعلم
قَوْله
[2865] الَّتِي بالبطحاء أَي مِمَّا يَلِي الْمَقَابِر
السُّفْلى أَي الَّتِي تلِي بَاب الْعمرَة قَوْله دخل
مَكَّة أَي يَوْم الْفَتْح وَلِوَاؤُهُ أَبيض قَوْله
(5/200)
[2867] وَعَلِيهِ المغفر بِكَسْر الْمِيم
وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الْفَاء هُوَ
المنسوج من الدرْع على قدر الرَّأْس أَي على رَأسه المغفر
فَلَا تعَارض بَينه وَبَين حَدِيث وَعَلِيهِ عِمَامَة
سَوْدَاء إِذْ يحْتَمل أَن تكون الْعِمَامَة فَوق المغفر
أَو بِالْعَكْسِ أَو كَانَ أول دُخُوله على رَأسه المغفر
ثمَّ أزاله وَلبس الْعِمَامَة بعد ذَلِك وَالله تَعَالَى
أعلم بن خطل بِفتْحَتَيْنِ وَقد أجَاز صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم فِي قَتله حَيْثُ كَانَ لكَونه كَانَ
يُؤْذِيه وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2870] عَن أبي الْعَالِيَة الْبَراء بِالتَّشْدِيدِ
لِأَنَّهُ كَانَ يبرى النبل قَوْله
(5/201)
[2873] فِي عمْرَة الْقَضَاء قيل هِيَ
عمْرَة كَانَت قَضَاء عَمَّا صد عَنْهَا عَام
الْحُدَيْبِيَة وَقيل بل الْقَضَاء بِمَعْنى المقاضاة
والمصالحة فَإِنَّهُ صَالح عَلَيْهَا كفار قُرَيْش
الْيَوْم نَضْرِبكُمْ فِي النِّهَايَة سُكُون الْبَاءِ
مِنْ نَضْرِبْكُمْ مِنْ جَائِزَاتِ الشِّعْرِ
وَمَوْضِعُهَا الرّفْع قلت نبه على ذَلِك لِئَلَّا
يتَوَهَّم أَن جزمه لكَونه جَوَاب الْأَمر فَإِن جعله
جَوَابا فَاسد معنى وَلَعَلَّ المُرَاد نَضْرِبكُمْ أَن
نقضتم الْعَهْد وصددتموه عَن الدُّخُول والا فَلَا يَصح
ضَربهمْ لمَكَان الْعَهْد على تَنْزِيله أَي لأجل
تَنْزِيله بِمَكَّة أَي نَضْرِبكُمْ حَتَّى ننزله بِمَكَّة
وَقيل المُرَاد تَنْزِيل الْقُرْآن يزِيل الْهَام
بِالتَّخْفِيفِ الرَّأْس عَن مقِيله أَي مَوْضِعه مستعار
من مَوضِع القائلة وَيذْهل بِضَم الْيَاء أَي يَجعله ذاهلا
فَقَالَ لَهُ عمر الخ كَأَنَّهُ رأى أَن الشّعْر مَكْرُوه
فَلَا يَنْبَغِي أَن يكون بَين يَدَيْهِ صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ
(5/202)
وَسلم وَفِي حرمه تَعَالَى وَلم يلْتَفت
إِلَى تَقْرِير النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
لاحْتِمَال أَن يكون قلبه مشتغلا بِمَا مَنعه عَن
الِالْتِفَات إِلَى الشّعْر أسْرع فيهم أَي فِي
التَّأْثِير فِي قُلُوبهم مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ بِنُونٍ
وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَحَاءٍ مُهْملَة من الرَّمْي
بِالسَّهْمِ أَي فَيجوز للْمصْلحَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2874] حرمه الله أَي حكم بِكَوْنِهِ حرما يَوْمئِذٍ وان
ظهر بَين النَّاس بعد ذَلِك على لِسَان الْأَنْبِيَاء
وَلما كَانَ إِبْرَاهِيم أول نَبِي أظهر ذَلِك بعد الطوفان
أَو مُطلقًا قيل حرمه إِبْرَاهِيم بِحرْمَة الله أَي
بِتَحْرِيمِهِ وَالْحَاصِل أَن تَحْرِيمه منتسب إِلَى الله
تَعَالَى على الدَّوَام فَلَا بُد من مراعاته لَا يعضد على
بِنَاء الْمَفْعُول أَي لَا يقطع وَلَا ينفر
(5/203)
بتَشْديد الْفَاء على بِنَاء الْمَفْعُول
أَي لَا يتَعَرَّض لَهُ بالإصطياد وَغَيره وَلَا يلتقط على
بِنَاء الْفَاعِل لقطته بِضَم لَام وَفتح قَاف أَو بسكونه
الا من عرفهَا من التَّعْرِيف قيل أَي على الدَّوَام ليحصل
بِهِ الْفرق بَين الْحرم وَغَيره والا لَا يحسن ذكره هَا
هُنَا فِي مَحل ذكر الاحكام الْمَخْصُوصَة بِالْحرم
الثَّابِتَة لَهُ بِمُقْتَضى التَّحْرِيم وَمن لَا يَقُول
بِوُجُوب التَّعْرِيف على الدَّوَام يرى أَن تَخْصِيصه
كتخصيص الْإِحْرَام بِالنَّهْي عَن الفسوق فِي قَوْله فَمن
فرض فِيهِنَّ الْحَج فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال
مَعَ أَن النَّهْي عَام وَحَاصِله زِيَادَة الاهتمام
بِأَمْر الْإِحْرَام وَبَيَان أَن الاجتناب عَن الفسوق فِي
الْإِحْرَام آكِد فَكَذَا التَّخْصِيص هَا هُنَا لزِيَادَة
الاهتمام بِأَمْر الْحرم وَأَن التَّعْرِيف فِي لقطته
متأكد وَلَا يختلي على بِنَاء الْمَفْعُول خلاه بِفَتْح
خاء مُعْجمَة وَقصر وَحكى بِمد هُوَ الرطب من النَّبَات
الا الأذخر بِهَمْزَة مَكْسُورَة وذال مُعْجمَة نبت
مَعْرُوف طيب الرَّائِحَة وَجوز فِيهِ الرّفْع على
الْبَدَل وَالنّصب على الِاسْتِثْنَاء وَلم يرد الْعَبَّاس
ان يَسْتَثْنِي بل أَرَادَ أَن يلقن النَّبِي صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك بل أَرَادَ أَن يلْتَمس
مِنْهُ ذَلِك وَأما اسْتِثْنَاؤُهُ صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم فَأتى بِوَحْي جَدِيد أَو لتفويض من الله
تَعَالَى إِلَيْهِ مُطلقًا أَو مُعَلّقا بِطَلَب أحد
اسْتثِْنَاء شَيْء من ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2875] وَأحل لي سَاعَة مُقْتَضَاهُ أَنه لَيْسَ لأحد بعده
صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يُقَاتل بِمَكَّة
ابْتِدَاء مَعَ اسْتِحْقَاق أَهلهَا الْقِتَال وَعَلِيهِ
بعض الْفُقَهَاء إِذْ خُصُوص الْحُرْمَة بِمَكَّة وخصوص حل
الْقِتَال بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا
يظْهر حِينَئِذٍ والا فبدون اسْتِحْقَاق الْأَهْل لَا يحل
الْقِتَال فِي غير مَكَّة أَيْضا وَمعنى الِاسْتِحْقَاق
لَو جَوَّزنَا فِي مَكَّة لغيره صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم لم يبْق للاختصاص معنى وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله
(5/204)
[2876] يبْعَث الْبعُوث بِضَم الْمُوَحدَة
جمع بعث بِمَعْنى الْمَبْعُوث أَي يُرْسل الجيوش لقِتَال
عبد الله بن الزبير سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَكَانَ عَمْرو
أَمِير الْمَدِينَة من جِهَة يزِيد بن مُعَاوِيَة فَكتب
إِلَيْهِ أَن يُوَجه إِلَى بن الزبير جيوشا حِين امْتنع
عَن بيعَته وَأقَام بِمَكَّة فَبعث بعثا أحَدثك
بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر الْغَد بِالنّصب أَي ثَانِي
يَوْم الْفَتْح وَضمير سمعته ووعاه لِلْقَوْلِ أَي حفظه
قلبِي وَضمير أبصرته للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسلم وتفكيك الضَّمِير مَعَ ظُهُور الْقَرِينَة لَا يضر
وَالْمَقْصُود الْمُبَالغَة فِي تَحْقِيق حفظه ذَلِك
القَوْل وَأَخذه عَنهُ عيَانًا وَقَوله حِين تكلم يحْتَمل
التَّعَلُّق بِمَا قبله وَبِمَا بعده إِن مَكَّة الخ
مَعْنَاهُ أَن تَحْرِيمهَا بِوَحْي الله تَعَالَى وَأمره
(5/205)
لَا أَنه اصْطلحَ النَّاس على تَحْرِيمهَا
بِغَيْر امْرَهْ أَن يسفك بِكَسْر الْفَاء وَحكى ضمهَا أَي
يسيله يعضد بِضَم الضَّاد هُوَ الْمَشْهُور عِنْد أهل
الحَدِيث قيل وَالصَّحِيح الْكسر أَي يقطع وَإِنَّمَا أذن
على بِنَاء الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول وَالْحَاصِل أَن
استدلاله بَاطِل بِوَجْهَيْنِ من جِهَة الْخُصُوص وَعدم
الْبَقَاء وَقد عَادَتْ حرمتهَا الخ كِنَايَة عَن عود
حرمتهَا بعد تِلْكَ السَّاعَة كَمَا كَانَت قبل تِلْكَ
السَّاعَة فَلَا اشكال بِأَن الْخطْبَة كَانَت فِي الْغَد
من يَوْم الْفَتْح وعود الْحُرْمَة كَانَ بعد تِلْكَ
السَّاعَة لَا فِي الْغَد فَمَا معنى الْيَوْم وَلَا بِأَن
أمس هُوَ يَوْم الْفَتْح وَقد رفعت الْحُرْمَة فِيهِ فَكيف
قيل كحرمتها بأمس وَيحْتَمل أَن يُقَال الْيَوْم ظرف
للْحُرْمَة لَا للعود وَمعنى كحرمتها أَي كرفع حرمتهَا أَي
الْعود كالرفع حَيْثُ كَانَ كل مِنْهُمَا بأَمْره تَعَالَى
وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2877] يَغْزُو هَذَا الْبَيْت أَي يَقْصِدهُ بالهدم وَقتل
الْأَهْل بِالْبَيْدَاءِ هِيَ الْمَفَازَة الَّتِي لَا
شَيْء
(5/206)
فِيهَا وَلَعَلَّ المُرَاد هَا هُنَا هِيَ
الْمَفَازَة الَّتِي بِقرب الْمَدِينَة الْمَشْهُورَة
بِهَذَا الِاسْم بَين النَّاس قَوْله الْبعُوث بِضَم
الْبَاء أَي الجيوش قَوْله يكون لَهُم أَي يصير لَهُم
ذَلِك الْمحل قبورا بِلَا عَذَاب وَالْحَاصِل أَن الْمَوْت
والخسف يشملهم ظَاهرا لَكِن حَالهم بعد ذَلِك كَحال
الْمُؤمن فِي قَبره لَا كَحال من خسف بِهِ استحقاقا قَوْله
ليؤمن من أم بتَشْديد الْمِيم إِذا قصد وَالنُّون ثَقيلَة
للتَّأْكِيد أَي ليقصدن هَذَا الْبَيْت جَيش
(5/207)
قَوْله
[2881] خمس فواسق الْمَشْهُور الْإِضَافَة وروى
بِالتَّنْوِينِ على الْوَصْف وَبَينهمَا فِي الْمَعْنى فرق
دَقِيق ذكره بن دَقِيق لِأَن الْإِضَافَة تَقْتَضِي الحكم
على خمس من الفواسق بِالْقَتْلِ أشعر التَّخْصِيص بِخِلَاف
الحكم فِي غَيرهَا بطرِيق الْمَفْهُوم وَأما التَّنْوِين
فَيَقْتَضِي وصف الْخمس بِالْفِسْقِ من جِهَة الْمَعْنى
وَقد يشْعر بِأَن الحكم مترتب على ذَلِك وَهُوَ الْقَتْل
مُعَلل بِمَا جعل وَصفا وَهُوَ الْفسق فَيَقْتَضِي ذَلِك
التَّعْمِيم لكل فَاسق من الدَّوَابّ وَهُوَ ضد مَا
اقْتَضَاهُ الأول من الْمَفْهُوم من التَّخْصِيص قَوْله
فابتدرناها أَي سبق كل منا صَاحبه إِلَى قَتلهَا وَفِيه
أَن حَيَّة غير الْبيُوت تقتل وَلَو كَانَ حرما
(5/208)
قَوْله فأضرمنا أوقدنا وقاها فِيهِ
أَخْبَار بِأَنَّهَا سلمت مِمَّا فعلوا من اضرام النَّار
وَغَيره وَتَسْمِيَة فعلهم شرا للمشاكلة أَو المُرَاد
بِالشَّرِّ مَا هُوَ ضَرَر فِي حق الْغَيْر قَوْله الفويسق
تَصْغِير فَاسق وَهُوَ تَصْغِير تحقير ويقتضى زِيَادَة
الذَّم
(5/209)
قَوْله
[2892] بِحرَام الله أَي بِتَحْرِيمِهِ الا لِمُنْشِد من
أنْشد أَي الا لمعرف قد سبق الْخلاف أَنه هَل يلْزم دوَام
التَّعْرِيف أَو يَكْفِي التَّعْرِيف سنة كَسَائِر
الْبِلَاد مجربا أَي ذَا تجربة قَوْله اسْتِقْبَال الْحَاج
اسْتدلَّ عَلَيْهِ بقول بن رَوَاحَة خلوا بني الْكفَّار
لدلالته على أَنهم اسْتَقْبلُوهُ والْحَدِيث قد مضى قَوْله
أغيلمة تَصْغِير أغلمة وَالْمرَاد الصّبيان وَلذَلِك صغرهم
قَوْله
(5/211)
[2895] يفعل هَذَا أَي الرّفْع فِي غير
مَحَله أَو الرّفْع عِنْد رُؤْيَة الْبَيْت وَذَلِكَ لِأَن
الْيَهُود أَعدَاء الْبَيْت فَإِذا رَأَوْهُ رفعوا
أَيْديهم لهدمه وتحقيره وَلَيْسَ المُرَاد أَن الْيَهُود
يزورونه ويرفعون الْأَيْدِي عِنْده بذلك وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله
(5/212)
[2896] مَكَانا فِي دَار يعلى الخ أَشَارَ
فِي التَّرْجَمَة إِلَى أَن وَجهه أَن الْبَيْت كَانَ يرى
من ذَلِك الْمَكَان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله صَلَاة
فِي مَسْجِدي الخ قد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْمَسَاجِد
قَوْله
[2898] الا الْمَسْجِد الْكَعْبَة هَكَذَا فِي النُّسْخَة
الَّتِي عِنْدِي بتعريف الْمَسْجِد بِاللَّامِ وَالَّذِي
فِي بَاب الْمَسَاجِد الا مَسْجِد الْكَعْبَة
بِالْإِضَافَة وَهُوَ الْأَظْهر وَوجه هَذِه النُّسْخَة
أَن يَجْعَل بَدَلا بِتَقْدِير مُضَاف أَي مَسْجِد
الْكَعْبَة قَوْله
(5/213)
[2900] ألم ترى خطاب للْمَرْأَة وجزمه
بِحَذْف النُّون أَي ألم تعلمي أَن قَوْمك بِكَسْر الْكَاف
يُرِيد قُريْشًا لَوْلَا حدثان الْمَشْهُور كسر الْحَاء
وَسُكُون الدَّال وَقيل يجوز بالفتحتين أَي لَوْلَا قرب
عَهدهم بالْكفْر يُرِيد أَن الْإِسْلَام لم يتَمَكَّن فِي
قُلُوبهم فَلَو هدمت لربما نفروا مِنْهُ لأَنهم يرَوْنَ
تَغْيِيره عَظِيما لَئِن كَانَت عَائِشَة الخ قيل لَيْسَ
هَذَا شكا فِي سَماع عَائِشَة فَإِنَّهَا الحافظة المتقنة
لكنه جرى على مَا يعْتَاد فِي كَلَام الْعَرَب من الترديد
(5/214)
للتقرير وَالتَّعْيِين قلت هُوَ مَا سمع من
عَائِشَة بِلَا وَاسِطَة فَيمكن أَنه جوز الْخَطَأ على
الْوَاسِطَة فَشك لذَلِك على أَن خطأ عَائِشَة مُمكن
وَبِالْجُمْلَةِ فسماع عَائِشَة عِنْد بن عمر لَيْسَ
قَطْعِيا فالتعليق لافادة ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم مَا
أرى بِضَم الْهمزَة أَي مَا أَظن استلام الرُّكْنَيْنِ أَي
مسحهما وَالسِّين فِيهِ أَصْلِيَّة وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ
السَّلَامِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ يُقَالُ اسْتَلم أَي أصَاب
السَّلَام وَهِي الْحِجَارَة كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ
الْحجر بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم هُوَ
الْموضع الْمُسَمّى بِالْحَطِيمِ لم يتم على بِنَاء
الْفَاعِل من التَّمام أَو على بِنَاء الْمَفْعُول من
الاتمام على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم أَي الْقَوَاعِد
الْأَصْلِيَّة الَّتِي بنى إِبْرَاهِيم الْبَيْت عَلَيْهَا
فالركنان اللَّذَان يَلِيَانِ الْحجرَ لَيْسَا
بِرُكْنَيْنِ وَإِنَّمَا هُمَا بَعْضُ الْجِدَارِ الَّذِي
بَنَتْهُ قُرَيْشٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَلِمْهُمَا
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
قَوْله
[2901] حَدَاثَة عهد بِفَتْح الْحَاء أَي قربه خلفا
بِفَتْح خاء مُعْجمَة وَسُكُون لَام أَي بَابا من خَلفه
مُقَابلا لهَذَا الْبَاب الَّذِي من قُدَّام
قَوْله
[2902] حَدِيثُ عَهْدٍ كَذَا رُوِيَ بِالْإِضَافَةِ
وَحَذْفِ الْوَاوِ فِي مثل هَذَا وَالصَّوَاب حَدِيث عهد
ورد بِأَنَّهُ من قبيل وَلَا تَكُونُوا أول كَافِر بِهِ
فقد قَالُوا تَقْدِيره أول فريق كَافِر أَو فَوْج كَافِر
يُرِيدُونَ أَن هَذِه الْأَلْفَاظ مُفْردَة لفظا وَجمع
معنى فَيمكن رِعَايَة لَفظهَا وَلَا يخفى أَن لفظ الْقَوْم
كَذَلِك وَأجِيب أَيْضا بِأَن فعيلا يَسْتَوِي فِيهِ
الْجمع والافراد قَوْله فهدم على بِنَاء الْمَفْعُول
(5/215)
[2903] مَا أخرج مِنْهُ من الْحجر وألزقته
أَي ألصقت بَابه بِالْأَرْضِ بِحَيْثُ مَا بَقِي مرتفعا
عَن وَجههَا كأسنمة الْإِبِل جمع سَنَام متلاحكة أَي
متلاصقة شَدِيدَة الِاتِّصَال قَوْله يخرب من التخريب
قَالُوا هَذَا التخريب عِنْد قرب الْقِيَامَة حَيْثُ لَا
يبْقى فِي الأَرْض أحد يَقُول الله الله
[2904] ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ تَثْنِيَةُ سُوَيْقَةٍ
وَهِيَ تَصْغِيرُ السَّاقِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ فَلِذَلِكَ
ظَهَرَتِ التَّاءُ فِي تَصْغِيرِهَا وَإِنَّمَا صَغَّرَ
السَّاقَيْنِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى سُوقِ الْحَبَشَة
الدقة قَوْله واجاف أَي رد الْبَاب عَلَيْهِم مَلِيًّا
بِفَتْح الْمِيم وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء أَي
زَمَانا طَويلا قَوْله
(5/216)
[2907] ودنا خُرُوجه أَي قرب خُرُوجه من
الْكَعْبَة وَحدث بِمَعْنى أحدث أَي فعل وَأبْدى فِي
الْكَعْبَة شَيْئا أَي فَأَرَدْت أَن أحققه رَكْعَتَيْنِ
هَذَا يَقْتَضِي أَن بِلَالًا ذكر لَهُ كم صلى وَقَوله
ونسيت أَن أسأله كم صلى يُفِيد أَنه مَا ذكر لَهُ ذَلِك
فَالظَّاهِر أَن تعْيين كَون الصَّلَاة الرَّكْعَتَيْنِ
كَانَ من بن عمر بِنَاء على الْأَخْذ بِالْأَقَلِّ إِذْ
أقل الصَّلَاة النهارية أَن تكون رَكْعَتَيْنِ وَالله
تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/217)
[2908] فِي وَجه الْكَعْبَة أَي فِي محاذاة
الْبَاب قَوْله وَلم يصل قيل علم أُسَامَة بذلك لكَونه
كَانَ مَشْغُولًا فَمَا اطلع على الصَّلَاة فَأخْبر بِحَسب
ذَلِك والمثبت مقدم هَذِه الْإِشَارَة إِلَى الْكَعْبَة
المشرفة أوجهتها وعَلى الثَّانِي الْحصْر وَاضح وعَلى
الأول بِاعْتِبَار من كَانَ دَاخل الْمَسْجِد أَو من كَانَ
بِمَكَّة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2910] حَدِيث عَهدهم بِرَفْع عَهدهم على الفاعلية
وَلَيْسَ عِنْدِي
(5/218)
يُفِيد أَن كلا من الْأَمريْنِ مَانع من
ذَلِك قَوْله
(5/219)
[2918] كَانَ يَقُود بن عَبَّاس أَي حِين
كف بَصَره عِنْد الشقة بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد
الْقَاف بِمَعْنى النَّاحِيَة الَّذِي يَلِي الْحجر
بِفتْحَتَيْنِ أَي الْحجر الْأسود والموصول صفة الرُّكْن
مِمَّا يَلِي الْبَاب أَي بَاب الْبَيْت أَي الَّتِي بَين
الْحجر وَالْبَاب أما أنبئت على صِيغَة الْخطاب وَبِنَاء
الْمَفْعُول أَي أخْبرت
قَوْله
[2919] أَن مسحهما يحطان بالتثنية وَالضَّمِير للركنين
والعائد إِلَى الْمسْح مُقَدّر أَي بِهِ وَفِي نُسْخَة يحط
بالافراد وَهُوَ أظهر فَهُوَ أَي الطّواف كَعدْل رَقَبَة
أَي مثل اعتاق رَقَبَة فِي الثَّوَاب وَالْكَاف زَائِدَة
وَالْعدْل يجوز فِيهِ فتح الْعين وَكسرهَا وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله بخزامة بِكَسْرِ الْخَاءِ هِيَ حَلْقَةٌ مِنْ
شَعْرٍ تُجْعَلُ فِي أحد جَانِبي منخري الْبَعِير
وَإِنَّمَا مَنعه عَن ذَلِك وَأمره بالقود بِالْيَدِ
لِأَنَّهُ إِنَّمَا يفعل بالبهائم وَهُوَ مثلَة والترجمة
تُؤْخَذ من الْأَمر لكَونه كلَاما قَوْله
(5/221)
[2921] فِي نذر أَي لأجل نذر نَذره قَوْله
صَلَاة أَي كَالصَّلَاةِ فِي كثير من الْأَحْكَام أَو
مثلهَا فِي الثَّوَاب أَو فِي التَّعْلِيق بِالْبَيْتِ
فأقلوا أَي فَلَا تكثروا فِيهِ الْكَلَام وان كَانَ
جَائِزا لِأَن مماثلته بِالصَّلَاةِ يَقْتَضِي ان لَا
يتَكَلَّم فِيهِ أصلا كَمَا لَا يتَكَلَّم فِيهَا فحين
أَبَاحَ الله تَعَالَى فِيهِ الْكَلَام رَحْمَة مِنْهُ
تَعَالَى على العَبْد فَلَا أقل من أَن يكثر فِيهِ ذَلِك
وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/222)
[2924] يَا بني عبد منَاف تقدم الحَدِيث
فِي مبَاحث أَوْقَات الصَّلَاة
قَوْله
[2926] إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَفِيهِ أَن الإحتراز عَن
طواف النِّسَاء مَعَ الرِّجَال مهما أمكن أحسن حَيْثُ
أجَاز لَهَا فِي حَال إِقَامَة الصَّلَاة الَّتِي هِيَ
حَالَة اشْتِغَال الرِّجَال بِالصَّلَاةِ لَا فِي حَال
طواف الرِّجَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله على بعير
يرَوْنَ أَنه كَانَ للزحام أَو لنَوْع مرض فقد جَاءَ
الْأَمْرَانِ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِك بِلَا عذر لِأَن
الْوَاجِب طواف الْإِنْسَان بالقران وَهَذَا حَقِيقَة
للمركب ويضاف إِلَى الْإِنْسَان بالمجاز فَلَا يجوز بِلَا
ضَرُورَة بِمِحْجَنِهِ بِكَسْر الْمِيم مَعْرُوف قَوْله
(5/223)
[2929] ينْهَى عَن ذَلِك أَي يَقُول
الطّواف يُوجب التَّحْلِيل فَمن أَرَادَ الْبَقَاء على
احرامه فَعَلَيهِ أَن لَا يطوف وَالْحَاصِل أَنه كَانَ يرى
الْفَسْخ الَّذِي أَمر بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسلم الصَّحَابَة أحرم بِالْحَجِّ قد جَاءَ مِنْهُ أَنه
تمتّع بِالْعُمْرَةِ وَهَذَا الْجَواب يَقْتَضِي أَنه
أَرَادَ بالتمتع الْقرَان فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله
(5/224)
[2930] لما قدم يُرِيد أَنه لَا يَأْتِي
أَهله اقْتِدَاء بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
فِي ذَلِك واتيانا للنسك على الْوَجْه الَّذِي أَتَى بِهِ
هُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
قَوْله
[2931] لَوْلَا أَن معي الْهدى لأحللت فهم مِنْهُ أَن
الْمَانِع هُوَ الْهدى لَا الْجمع فَصَاحب الْجمع كالمتمتع
والمفرد يجوز لَهُ الْفَسْخ ان قُلْنَا بِعُمُومِهِ
للصحابه وَلمن بعدهمْ كَمَا عَلَيْهِ الْبَعْض قَوْله
(5/225)
[2932] فَطَافَ طَوافا وَاحِدًا أَي للركن
وَقد تقدم الْبَحْث فِي حَدِيث بن عَمْرو فِي أَن النَّبِي
صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم طَاف للقدوم والافاضة
قطعا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2933] أَن يصد على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا أَن صددت
قَوْله
(5/226)
[2936] بك حفيا أَي معتنيا بشأنك بالتقبيل
وَالْمسح وَالْكَلَام وان كَانَ خطابا للحجر فالمقصود
اسماع الْحَاضِرين ليعلموا أَن الْغَرَض الِاتِّبَاع لَا
تَعْظِيم الْحجر كَمَا كَانَ عَلَيْهِ عَبدة الْأَوْثَان
فالمطلوب تَعْظِيم أَمر الرب وَاتِّبَاع نبيه صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله كَيفَ يقبل ذكر فِي حَدِيث
وان رَآهُ خَالِيا قبله ثَلَاثًا قيل ترْجم المُصَنّف
رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنَنه الْكُبْرَى بقوله كم يقبله
وَهُوَ الْأَلْيَق قلت وَكَأَنَّهُ رَاعى هَا هُنَا أَنه
قبله إِذا رَآهُ خَالِيا فعده كَيْفيَّة وَلما كَانَ
دلَالَة الحَدِيث على الكمية ظَاهِرَة دون الْكَيْفِيَّة
صَار تَرْجَمَة الْكَيْفِيَّة أوفق بدأبه لِأَن دأبه
رَحمَه الله تَعَالَى التَّنْبِيه على الدقائق
فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/227)
[2939] ثمَّ مضى على يَمِينه أَي أَخذ فِي
الطّواف من يَمِين نَفسه أَو يَمِين الْبَيْت يَعْنِي أَنه
بَدَأَ من يَمِين الْبَيْت إِذْ الْحجر الْأسود فِي
يَمِينه فَإِذا بَدَأَ بِهِ فقد بَدَأَ بِالْيَمِينِ
وَيَمِين الْبَيْت إِنَّمَا يظْهر للمحاذاة للباب إِذْ
الْبَاب بِمَنْزِلَة الْوَجْه فَمَا كَانَ فِي يسَار
المحاذي فَهُوَ يَمِين الْبَيْت على قِيَاس من يُحَاذِي
وَجه انسان فيسار المحاذي يَمِين من يحاذيه وَالْأَقْرَب
هُوَ الأول وَهُوَ أَن المُرَاد يَمِين الطَّائِف وَالله
تَعَالَى أعلم فَقَالَ وَاتَّخذُوا الخ للتّنْبِيه على أَن
فعله تَفْسِير لهَذِهِ الْآيَة قَوْله
(5/228)
[2940] يرمل الثَّلَاث الرمل بِفتْحَتَيْنِ
اسراع الْمَشْي مَعَ تقَارب الخطا وَهُوَ الخبب وَهُوَ دون
الْعَدو والوثوب من بَاب نصر
قَوْله
[2941] فَإِنَّهُ يسْعَى أَي يسْرع وَقد يَجِيء السَّعْي
بِمَعْنى الْمَشْي مُطلقًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى
فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله سَجْدَتَيْنِ أَي رَكْعَتَيْنِ
من تَسْمِيَة الشَّيْء باسم الْجُزْء قَوْله اسْتَلم هُوَ
افتعال من السَّلَام بِمَعْنى التَّحِيَّة أَو السلمة
بِكَسْر اللَّام بِمَعْنى الْحجر وَمَعْنَاهُ على هَذَا
لمس الْحجر أَو تنَاوله وَنَظِيره اكتحل من الْكحل
بِمَعْنى الْحجر الْمَخْصُوص وَمعنى اكتحل أصَاب الْكحل
وَالْمرَاد بالركن الْأسود الْحجر الْأسود وَأطلق عَلَيْهِ
اسْم الرُّكْن بعلاقة الْحُلُول وَلذَلِك وصف بالأسود
وَتعلق اسْتَلم على التَّقْرِير الثَّانِي مَبْنِيّ على
التَّجْرِيد مثل أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا يخب من بَاب نصر
وَالْجُمْلَة بَيَان كَيْفيَّة الطّواف قَوْله
(5/229)
[2944] من الْحجر إِلَى الْحجر أَي فِي
تَمام دورة الطّواف قَوْله وَهَنَتْهُمْ رُوِيَ
بِالتَّخْفِيفِ وَبِالتَّشْدِيدِ أَضْعَفَتْهُمْ يَثْرِبَ
بِالْفَتْحِ غير منصرف فَاطلع بِالتَّخْفِيفِ أَي أوقفهُ
الله تَعَالَى عَلَيْهِ
(5/230)
[2945] وَأَن يمشوا صَرِيح فِي أَنه لَا
رمل بَين الرُّكْنَيْنِ وَهُوَ معَارض بِمَا تقدم من قَول
جَابر رمل من الْحجر إِلَى الْحجر وَهُوَ اثبات فَلِذَا
أَخذ بِهِ النَّاس وَيحْتَمل أَن يكون قَول بن عَبَّاس
رخصَة فِي حق بعض الضِّعَاف نَاحيَة الْحجر بِكَسْر
مُهْملَة وَسُكُون أَي لَا فِي نَاحيَة الرُّكْنَيْنِ
فَلذَلِك جوز الْمَشْي فِي نَاحيَة الرُّكْنَيْنِ
لهَؤُلَاء بِفَتْح اللَّام قَالَ الشَّيْخ عز الدّين
فَكَانَ ذَلِكَ ضَرْبًا مِنَ الْجِهَادِ قَالَ وَعِلَّتُهُ
فِي حَقنا تذكر نعْمَة الله تَعَالَى على نبيه صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِالْعِزَّةِ وَالْقُوَّة بعد
ذَلِك
قَوْله
[2946] إِن زحمت على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا أَو غلبت
أَي فَهَل لي أَن أتركه فَأَشَارَ بن عمر إِلَى ان طَالب
السّنَن يَنْبَغِي لَهُ أَن يبعد هَذَا السُّؤَال من نَفسه
فَإِنَّهُ شَأْن من يُرِيد ترك السّنَن وَإِنَّمَا
يَنْبَغِي لَهُ أَن يعرف أَنه سنة ثمَّ يسْعَى فِي
تَحْصِيله مهما أمكن من غير وُقُوع فِي الْمَحَارِم كإيذاء
الْمُسلمين وَإِذا أَرَادَ ذَلِك فَلَا يمنعهُ الزحام
وَغَيره من تَحْصِيله على وَجهه قَوْله
(5/231)
[2949] الا الرُّكْنَيْنِ اليمانيين هُوَ
تَغْلِيب وَالْمرَاد الْأسود واليماني وَهُوَ
بِالتَّخْفِيفِ وَقد يشدد
قَوْله
[2951] من نَحْو مُتَعَلق بالولي أَي يَلِيهِ من نَاحيَة
دور الجمحيين بِضَم الْجِيم وَفتح الْمِيم وَكسر الْحَاء
بعْدهَا بَاء مُشَدّدَة قَوْله
(5/232)
[2954] على بعير أَي رَاكِبًا عَلَيْهِ
بمحجن بِكَسْر مِيم وَسُكُون حاء مُهْملَة هُوَ عَصا معوج
الرَّأْس وَفعله الطّواف على الْبَعِير مَحْمُول على عذر
كَمَا جَاءَ قَوْله وَتقول الخ أَي تَطوف عُرْيَانَة وتنشد
هَذَا الشّعْر وَحَاصِله الْيَوْم أَي يَوْم الطّواف أما
أَن ينْكَشف كل الْفرج أَو بعضه وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ
فَلَا أحل لأحد أَن ينظر إِلَيْهِ قصدا تُرِيدُ أَنَّهَا
كشفت الْفرج لضَرُورَة الطّواف لَا لاباحة النّظر إِلَيْهِ
والاستمتاع بِهِ فَلَيْسَ لأحد أَن يفعل ذَلِك وَالله
تَعَالَى أعلم قَوْله يُؤذن من التأذين بِمَعْنى النداء
مُطلقًا والايذان
(5/233)
[2957] وَلَا يطوف بِالْجَزْمِ على
النَّهْي لفظا وَيحْتَمل أَنه نفى بِمَعْنى النَّهْي
قَوْله الْأَنْفس مُؤمنَة أَي فَمن يردهَا فليؤمن
[2958] عهد فَأَجله أَو أمده هُوَ شكّ إِلَى أَرْبَعَة
أشهر قلت وَالَّذِي فِي التِّرْمِذِيّ عَن على من كَانَ
بَينه وَبَين النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
عهد فعهده إِلَى مدَّته وَمن لَا مُدَّة لَهُ فَأَرْبَعَة
أشهر قلت وَهُوَ الْمُوَافق لقَوْله تَعَالَى فسيحوا فِي
الأَرْض أَرْبَعَة أشهر إِلَى قَوْله الا الَّذين عاهدتم
من الْمُشْركين ثمَّ لم ينقصوكم شَيْئا الْآيَة وَبِه ظهر
أَن فِي هَذِه الرِّوَايَة اختصارا مخلا وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله حَتَّى صَحِلَ ضبط بِكَسْر الْحَاء أَي ذهب
حِدته قَوْله سَبْعَة بِضَمَّتَيْنِ أَي سبع الطّواف
وَلَيْسَ بَينه الخ ظَاهره أَنه لَا حَاجَة إِلَى الستْرَة
فِي مَكَّة وَبِه قيل وَمن لَا يَقُول بِهِ يحملهُ على أَن
الطائفين كَانُوا يَمرونَ وَرَاء مَوضِع السُّجُود أَو
وَرَاء مَا يَقع فِيهِ نظر الخاشع قَوْله
(5/234)
[2961] نبدأ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ يُفِيد
أَن بداية الله ذكرا يَقْتَضِي الْبِدَايَة عملا
وَالظَّاهِر أَنه يَقْتَضِي ندب الْبِدَايَة عملا لَا
وُجُوبهَا وَالْوُجُوب فِيمَا نَحن فِيهِ من دَلِيل آخر
فرقى بِكَسْر الْقَاف
(5/235)
حَتَّى تصوبت أَي تسفلت
(5/236)
قَوْله
[2964] شرب من مَاء زَمْزَم وَهُوَ قَائِم هَذَا مَخْصُوص
بمورده وَقيل فعله لبَيَان الْجَوَاز وَقيل بل لضَرُورَة
فَإِنَّهُ مَا وجد محلا للقعود هُنَاكَ وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله الَّذِي يخرج مِنْهُ على بِنَاء الْمَفْعُول
أَي الْبَاب الْمَعْهُود بِالْخرُوجِ مِنْهُ قَوْله
(5/237)
[2967] إِنَّمَا كَانَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ
الْجَاهِلِيَّةِ لَا يطوفون أَي فجَاء الْقُرْآن بِنَفْي
الْإِثْم لرد مَا زَعَمُوا من الْإِثْم لَا لإِفَادَة أَنه
مُبَاح وَلَيْسَ بِوَاجِب فَكَانَت أَي الطّواف بَينهمَا
والتأنيث بِاعْتِبَار الْخَبَر وَالْمرَاد ثَابتا بِالسنةِ
أَنه مَطْلُوب فِي الشَّرْع فَلَيْسَ مِمَّا لَا مبالاة
بِتَرْكِهِ
قَوْله
[2968] أَن لَا يطوف أَي بِأَن لَا يطوف أَو فِي أَن لَا
يطوف بِتَقْدِير حرف الْجَرّ من أَن لَو كَانَت كَمَا
أولتها أَي لَو كَانَ المُرَاد بِالنَّصِّ مَا تَقول
وَهُوَ عدم الْوُجُوب لَكَانَ نظمه فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ
أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا تُرِيدُ أَن الَّذِي
يسْتَعْمل للدلالة على عدم الْوُجُوب عينا هُوَ رفع
الْإِثْم عَن التّرْك وَأما رفع الْإِثْم عَن الْفِعْل فقد
يسْتَعْمل فِي الْمُبَاح وَقد يسْتَعْمل فِي الْمَنْدُوب
أَو الْوَاجِب أَيْضا بِنَاء على أَن الْمُخَاطب يتَوَهَّم
فِيهِ الْإِثْم فيخاطب نفي الْإِثْم وان كَانَ الْفِعْل
فِي نَفسه وَاجِبا وَفِيمَا نَحن فَهِيَ كَذَلِك فَلَو
كَانَ الْمَقْصُود فِي هَذَا الْمقَام الدّلَالَة على عدم
الْوُجُوب عينا لَكَانَ الْكَلَام اللَّائِق بِهَذِهِ
الدّلَالَة أَن يُقَال فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يتطوف
بهما قبل أَن يسلمُوا مُتَعَلق بِمَا بعده
(5/238)
مَنَاة الطاغية مَنَاة اسْم صنم والطاغية
صفة وَيجوز الْإِضَافَة على معنى مَنَاة الْفرْقَة
الطَّاغِيَةِ وَهُمُ الْكُفَّارُ عِنْدَ الْمُشَلَّلِ
بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفتح الْمُعْجَمَة ولامين الأولى
مَفْتُوحَة مُشَدّدَة اسْم مَوضِع يتحرج أَي يخَاف الْحَرج
قد سنّ أَي شرع وجوبا
(5/239)
قَوْله
[2973] وَيَدْعُو بَين ذَلِك أَي بَين مَرَّات هَذَا
الذّكر
(5/240)
وليشرف على بِنَاء الْفَاعِل أَي ليَكُون
مَرْفُوعا من أَن يَنَالهُ أحد غشوه أَي ازدحموا عَلَيْهِ
وكثروا قَوْله بن جمْهَان بِضَم الْجِيم
قَوْله
[2976] ان أَمْشِي عومل مُعَاملَة الصَّحِيح أَو الْيَاء
للإشباع قَوْله
(5/241)
[2977] الا أَنه قَالَ وَأَنا شيخ كَبِير
أَي الا قَوْله وَأَنا شيخ كَبِير فَإِن سعيد بن جُبَير لم
يذكرهُ قَوْله ليرى من الاراءة
قَوْله
[2980] الا شدا أَي عدوا قَوْله
(5/242)
[2981] انصبت قدماه بتَشْديد الْبَاء أَي
انحدرتا بالسهولة حَتَّى وصلتا إِلَى بطن الْوَادي
(5/243)
قَوْله وَأَصْحَابه أَي الَّذين وافقوه فِي
الْقرَان وَقيل بل مُطلقًا وَالصَّحَابَة كَانُوا مَا بَين
قَارن ومتمتع وكل مِنْهُمَا يَكْفِيهِ سعي وَاحِد
وَعَلِيهِ بني المُصَنّف تَرْجَمته وَالله تَعَالَى أعلم
(5/244)
قَوْله فِي عمرته قَالُوا عمْرَة
الْجِعِرَّانَة فَإِنَّهُ أسلم حِينَئِذٍ قَوْله
(5/245)
[2989] فِي أَيَّام الْعشْر أَي عشر ذِي
الْحجَّة قد أَنْكَرُوا هَذَا لظُهُور أَنه صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَا حل إِلَّا فِي منى وعَلى
تَقْدِير صِحَّته قد سبق تَوْجِيهه فَلْيتَأَمَّل هُنَاكَ
قَوْله مَا يفعل من أهل بِالْحَجِّ وَأهْدى حَاصِل هَذِه
التَّرْجَمَة وَالَّتِي ستجيء أَن الَّذِي أهْدى لَا يفْسخ
وَلَا يخرج من احرامه الا بالنحر حَاجا أَو مُعْتَمِرًا
وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[2991] وَمن أهل بِحجَّة فليتم حجه هَذَا بِظَاهِرِهِ
يَقْتَضِي أَنه مَا أَمرهم بِفَسْخ الْحَج بِالْعُمْرَةِ
بل أَمرهم بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ مَعَ أَن الصَّحِيح
الثَّابِت بِرِوَايَة أَرْبَعَة عشر من الصَّحَابَة هُوَ
أَنه أَمر من لم يسق الْهدى بِفَسْخ الْحَج وَجعله عمْرَة
من جُمْلَتهمْ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَحِينَئِذٍ
لَا بُد من حمل هَذَا الحَدِيث على من سَاق الْهدى وَبِه
تنْدَفع الْمُنَافَاة بَين الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله فَليقمْ من الْقيام أَي فليثبت على احرامه أَو
الْإِقَامَة أَي فليبق فِي حَاله فَلَا ينْتَقل عَنْهَا
ثَابتا على احرامه لَكِن قَوْلهَا فَأَقَامَ على احرامه
يُؤَيّد الثَّانِي وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله بالعرج
بِفَتْح فَسُكُون اسْم مَوضِع
(5/246)
[2993] ثوب بالصبح بتَشْديد الْوَاو على
بِنَاء الْمَفْعُول أَي أقيم بالصبح أَو بِنَاء الْفَاعِل
أَي أَقَامَ الصُّبْح فَسمع الرغوة ألخ فِي الْمجمع هُوَ
بِالْفَتْح للمرة من الرُّغَاء وبالضم الِاسْم وَضبط فِي
بعض النّسخ الأولى بِالْفَتْح وَالثَّانيَِة بِالْكَسْرِ
على أَنَّهَا للحالة والهيئة قَوْله
(5/247)
[2995] تَحت سرحة بِفَتْح فَسُكُون هِيَ
الشَّجَرَة الْعَظِيمَة ونفح بِيَدِهِ بِالْحَاء
الْمُهْملَة أَي رمى وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَال لَهُ
السربة ضبط بِضَم السِّين وَفتح الرَّاء الْمُشَدّدَة سر
أَي قطعت سررهم يَعْنِي ولدُوا تحتهَا
قَوْله
[2996] فَفتح الله أسماعنا أَي لسَمَاع خطبَته حَيْثُمَا
كُنَّا حَتَّى أَن كُنَّا أَي أَن الشَّأْن بحصى الْخذف
أَي بالحصى الَّذِي يرْمى بِهِ بَين الأصبعين
وَالْمَقْصُود بَيَان الْقدر قَوْله
(5/249)
[2998] فمنا الملبي وَمنا المكبر الظَّاهِر
أَنهم يجمعُونَ بَين التَّلْبِيَة وَالتَّكْبِير فَمرَّة
يُلَبِّي هَؤُلَاءِ وَيكبر آخَرُونَ وَمرَّة بِالْعَكْسِ
فَيصدق فِي كل مرّة أَن الْبَعْض يكبر وَالْبَعْض يُلَبِّي
وَالظَّاهِر أَنهم مَا فعلوا ذَلِك الا لأَنهم وجدوا
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فعل مثله ثمَّ
رَأَيْت أَن الْحَافِظ بن حجر ذكر مَا هُوَ صَرِيح فِي
ذَلِك قَالَ عِنْد أَحْمد وبن أبي شيبَة والطَّحَاوِي من
طَرِيق مُجَاهِد عَن معمر عَن عبد الله قَالَ خَرَجْتُ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسلم فَمَا ترك التَّلْبِيَة حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة
الا أَن يخالطها بتكبير فَالْأَقْرَب لِلْعَامِلِ أَن
يَأْتِي بالذكرين جَمِيعًا لَكِن يكثر التَّلْبِيَة
وَيَأْتِي بِالتَّكْبِيرِ فِي أَثْنَائِهَا وَالله
تَعَالَى أعلم قَوْله لاتخذناه أَي يَوْم النُّزُول
(5/250)
[3002] لَيْلَة الْجُمُعَة لَعَلَّ
المُرَاد بهَا لَيْلَة السبت فأضيفت إِلَى الْجُمُعَة
لاتصالها بهَا وَالْمرَاد أَنَّهَا نزلت يَوْم الْجُمُعَة
فِي قرب اللَّيْلَة فَالله تَعَالَى جمع لنا فِيهِ بَين
عيدين عيد الْجُمُعَة وَعِيد عَرَفَات من غير تصنع منا
رَحْمَة علينا فَلهُ الْمِنَّة وَالْفضل
قَوْله
[3003] أَكثر من أَن يعْتق أَي أَكثر من جِهَة الْإِعْتَاق
وبملاحظته فَلَيْسَتْ من هَذِه تفضيلية وَإِنَّمَا
التفضيلية من الَّتِي فِي قَوْلهَا من يَوْم عَرَفَة وانه
ليدنو أَي بِالرَّحْمَةِ إِلَى الْخَلَائق قَوْله
(5/251)
[3004] ان يَوْم عَرَفَة أَي لمن كَانَ
بِعَرَفَة وَيَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق أَي
مُطلقًا وَقَوله
[3005] عِنْد سرادقه هُوَ بِضَم السِّين قيل الْخَيْمَة
وَقيل هُوَ الَّذِي يُحِيط بالخيمة وَله بَاب يدْخل مِنْهُ
إِلَى الْخَيْمَة وَقيل هُوَ مَا يمد فَوق الْبَيْت قَوْله
فسطاطه هُوَ بِالضَّمِّ وَالْكَسْر ضرب من الْأَبْنِيَة
فِي السّفر دون السرادق وَبِهَذَا ظهر منشا الْخلاف بَين
الْعلمَاء فِي التَّلْبِيَة فِي عَرَفَات وَظهر أَن الْحق
مَعَ أَي الْفَرِيقَيْنِ
(5/252)
[3006] من بغض عَليّ أَي لأجل بغضه أَي
وَهُوَ كَانَ يتَقَيَّد بالسنن فَهَؤُلَاءِ تركوها بغضا
لَهُ قَوْله
(5/253)
[3010] يُصَلِّي الصَّلَاة لوَقْتهَا أَي
بِلَا ضَرُورَة وَقد اسْتدلَّ بِهِ من لَا يَقُول
بِالْجمعِ فِي السّفر وَالْأَقْرَب أَنه نفي فَلَا يُعَارض
الْإِثْبَات قَوْله الحمس بِضَم الْحَاء وَسُكُون الْمِيم
جمع أحمس لأَنهم تحمسوا فِي دينهم أَي تشددوا
(5/254)
[3012] ثمَّ أفيضوا أَي ادفعوا أَنفسكُم
أَو مَطَايَاكُمْ أَيهَا القريش من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس
أَي غَيْركُمْ وَهُوَ عَرَفَات وَالْمَقْصُود أَي ارْجعُوا
من ذَلِك الْمَكَان وَلَا شكّ أَن الرُّجُوع من ذَلِك
الْمَكَان يسْتَلْزم الْوُقُوف فِيهِ لِأَنَّهُ مَسْبُوق
بِهِ فَلَزِمَ من ذَلِك الْأَمر بِالْوُقُوفِ من حَيْثُ
وقف النَّاس وَهُوَ عَرَفَة
قَوْله
[3014] فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اليكم الخ إرْسَاله صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الرَّسُول بذلك لتطييب
قُلُوبهم لِئَلَّا يتحزنوا ببعدهم عَن موقف رَسُول الله
صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ويروا ذَلِك نقصا فِي
الْحَج أَو يَظُنُّوا أَن ذَلِك الْمَكَان الَّذِي هم
فِيهِ لَيْسَ بموقف وَيحْتَمل أَن المُرَاد بَيَان أَن
هَذَا خير مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ قُرَيْش من الْوُقُوف
بِمُزْدَلِفَة وانه شَيْء اخترعوه من أنفسهم وَالَّذِي
أورثه إِبْرَاهِيم هُوَ الْوُقُوف بِعَرَفَة وَالله
تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/255)
[3015] فحدثنا أَن نَبِي الله صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَي فحدثنا طَويلا من
جملَته هَذَا
قَوْله
[3016] الْحَج عَرَفَة قيل التَّقْدِير مُعظم الْحَج وقُوف
يَوْم عَرَفَة وَقيل إِدْرَاك الْحَج إِدْرَاك وقُوف يَوْم
عَرَفَة وَالْمَقْصُود أَن إِدْرَاك الْحَج يتَوَقَّف على
إِدْرَاك الْوُقُوف بِعَرَفَة فقد تمّ حجه أَي أَمن من
الْفَوات والا فَلَا بُد من الطّواف
قَوْله
[3017] فجالت بِهِ النَّاقة فِي مَشَارِق عِيَاض جالت بِهِ
الْفرس أَي ذهبت عَن مَكَانهَا ومشت وَهُوَ رَافع يَدَيْهِ
أَي يجتذب بهَا رَأسهَا إِلَيْهِ ليمنعها من السرعة فِي
السّير لَا تجاوزان رَأسه بالنزول عَنهُ إِلَى مَا
تَحْتَهُ على هينته بِكَسْر الْهَاء أَي سكينته وَلَعَلَّ
المُرَاد أَن ذَلِك كَانَ إِذا لم يجد فجوة والا فقد جَاءَ
وَإِذا وجد فجوة نَص قَوْله
(5/256)
[3018] يكبح رَاحِلَته من كبحت الدَّابَّة
إِذا جذبت رَأسهَا إِلَيْك وَأَنت رَاكب ومنعتها من سرعَة
السّير إِن ذفراها ذفرى الْبَعِير بِكَسْر الذَّال
الْمُعْجَمَة أصل أُذُنه وهما ذفريان والذفري مُؤَنّثَة
وألفها للتأنيث أَو للالحاق قادمة الرحل أَي طرف الرحل
الَّذِي قُدَّام الرَّاكِب لَيْسَ فِي ايضاع الْإِبِل أَي
اسراعها فِي السّير وَمِنْه أوضع الْبَعِير إِذا حمله على
سرعَة السّير
قَوْله
[3019] لما دفع الدّفع مُتَعَدٍّ لَكِن شاع اسْتِعْمَاله
بِلَا ذكر الْمَفْعُول فِي مَوضِع رَجَعَ لظُهُوره أَي دفع
نَفسه أَو مطيه حَتَّى أَنه يفهم مِنْهُ معنى اللَّازِم
وَقيل سمى الرُّجُوع من
(5/257)
عَرَفَات ومزدلفة دفعا لِأَن النَّاس فِي
مَسِيرهمْ ذَاك مدفوعون يدْفع بَعضهم بَعْضًا شنق نَاقَته
بِفَتْح نون خَفِيفَة من حد ضرب أَي ضم وضيق زمامها يُقَال
شنق الْبَعِير إِذا كَفَفْت زمامه وَأَنت رَاكِبه
قَوْله
[3020] وَهُوَ كَاف من الْكَفّ قَوْله
(5/258)
[3023] يسير الْعُنُق أَي السّير الْوسط
المائل إِلَى السرعة فجوة بِفَتْح فَاء وَسُكُون جِيم
الْموضع المتسع بَين الشَّيْئَيْنِ نَص أَي حرك النَّاقة
ليستخرج أقْصَى سَيرهَا
قَوْله
[3024] إِلَى الشّعب بِكَسْر الشين الْجَبَل بَين
الطَّرِيقَيْنِ الْمصلى أَي الْمحل الَّذِي تحسن فِيهِ
الصَّلَاة هَذِه اللَّيْلَة للْحَاج أمامك قدامك
قَوْله
[3025] فَقلت يَا رَسُول الله الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو
الْبَقَاءِ الْوَجْهُ النَّصْبُ عَلَى تَقْدِير أَتُرِيدُ
الصَّلَاةَ أَوْ أَتُصَلِّي الصَّلَاةَ وَقَالَ الْقَاضِي
عِيَاضٌ هُوَ بِالنّصب على الإغراء وَيجوز الرّفْع بإضمار
فعل أَي حانت الصَّلَاة أَو حضرت الصَّلَاة أمامك
بِالرَّفْع مُبْتَدأ وَخبر وَالْمرَاد مَوضِع الصَّلَاة
كَمَا فِي الْمصلى أمامك لم يحل بِضَم الْحَاء أَي لم
يفكوا مَا على الْجمال من الأدوات قَوْله
(5/259)
[3028] لم يسبح بَينهمَا أَي لم يتَنَفَّل
بَين الصَّلَاة وَلَا على أثر وَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَا
عقب وَاحِدَة مِنْهُمَا لَا عقب الأولى وَلَا عقب
الثَّانِيَة وَهَذَا تَأْكِيد بِالنّظرِ إِلَى الأولى
تأسيس بِالنّظرِ إِلَى الثَّانِيَة فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[3029] لَيْسَ بَينهمَا سَجْدَة أَي صَلَاة نَافِلَة
قَوْله بِإِقَامَة وَاحِدَة وَقد جَاءَ فِي نفس حَدِيث بن
عمر مَا يُفِيد الْجمع باقامتين لحَدِيث جَابر فَالْوَجْه
الْأَخْذ بِهِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور وَاخْتَارَهُ
الطَّحَاوِيّ وَغَيره من عُلَمَائِنَا قَوْله
(5/260)
[3031] أَقبلنَا نسير حَتَّى بلغنَا ظَاهره
أَنه مَا نزل لَكِن المُرَاد أَنه مَا صلى فِي سباق
قُرَيْش بِضَم السِّين أَي فِيمَن سبق مِنْهُم إِلَى منى
قَوْله
[3032] فِي ضعفه أَهله أَي فِي الضُّعَفَاء من أَهله
وَهُوَ جمع ضَعِيف قيل هُوَ غَرِيب
قَوْله
[3035] أَن تغلس من التغليس وَهُوَ السّير بِغَلَس أَي آخر
اللَّيْل قَوْله
(5/261)
[3037] امْرَأَة ثبطة بِفَتْح
الْمُثَلَّثَة وَكسر الْمُوَحدَة أَو سكونها وطاء مُهْملَة
أَي ثَقيلَة بطينة
قَوْله
[3038] مَا رَأَيْت رَسُول الله الخ هَذَا الحَدِيث من
مشكلات الْأَحَادِيث وَقد تَكَلَّمت عَلَيْهِ فِي حَاشِيَة
صَحِيح البُخَارِيّ
(5/262)
وأبى دَاوُد وَالصَّحِيح فِي مَعْنَاهُ أَن
مُرَاده مَا رَأَيْته صلى صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسلم صَلَاة لغير وَقتهَا الْمُعْتَاد لقصد تحويلها عَن
وَقتهَا الْمُعْتَاد وتقريرها فِي غير وَقتهَا الْمُعْتَاد
لما فِي صَحِيح البُخَارِيّ من رِوَايَته رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان هَاتين الصَّلَاتَيْنِ حولتا عَن
وقتهما فِي هَذَا الْمَكَان وَهَذَا معنى وجيه وَيحمل
قَوْله قبل ميقاتها على هَذَا الْمِيقَات الْمُعْتَاد
وَيُقَال على أَنه غلس تغليسا شَدِيدا يُخَالف التغليس
الْمُعْتَاد لَا أَنه صلى قبل أَن يطلع الْفجْر فقد جَاءَ
فِي حَدِيثه وَحَدِيث غَيره أَنه صلى بعد طُلُوع الْفجْر
وعَلى هَذَا الْمَعْنى لَا يرد شَيْء سوى الْجمع بِعَرَفَة
وَلَعَلَّه كَانَ يرى ذَلِك للسَّفر وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله من صلى صَلَاتنَا إِلَى
قَوْله
[3039] فقد تمّ حجه أَي أَمن من الْفَوات على أحسن وَجه
وأكمله والا فَأصل التَّمام بِهَذَا الْمَعْنى بوقوف
عَرَفَة كَمَا تقدم فِيمَا سبق وَأَيْضًا شُهُود الصَّلَاة
مَعَ الصَّلَاة لَيْسَ بِشَرْط للتمام عِنْد أحد
قَوْله
[3040] فَلم يدْرك أَي على أحسن وَجه
قَوْله
[3041] لم أدع حبلا بحاء مُهْملَة مَفْتُوحَة وموحدة
سَاكِنة هُوَ الْمُسْتَطِيلُ مِنَ الرَّمْلِ وَقِيلَ
الضَّخْمُ مِنْهُ وَقيل
(5/263)
الحبال من الرمل كالجبال فِي غير الرمل
وَقيل الحبال مَا دون الْجبَال فِي الِارْتفَاع لَيْلًا
أَو نَهَارا يدل على أَن الْجمع بَين جُزْء من النَّهَار
وجزء من اللَّيْل لَيْسَ بِشَرْط بل لَو أدْرك جُزْءا من
النَّهَار وَحده لكفى فِي حُصُول الْحَج فقد تمّ قد سبق
مَعْنَاهُ وَقضى تفثه أَي أتم مُدَّة ابقاء النفث أَعنِي
الْوَسخ وَغَيره مِمَّا يُنَاسب الْمحرم فَحل لَهُ أَن
يزِيل عَنهُ التفث بحلق الرَّأْس وقص الشَّارِب والأظفار
وَحلق الْعَانَة وَإِزَالَة الشعث والدرن والوسخ مُطلقًا
قَوْله
[3044] من جَاءَ لَيْلَة جمع أَي جَاءَ عَرَفَات
(5/264)
أَيَّام منى ثَلَاثَة أَي سوى يَوْم
النَّحْر وَإِنَّمَا لم يعد يَوْم النَّحْر من أَيَّام منى
لِأَنَّهُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بمنى بل فِيهِ مَنَاسِك
كَثِيرَة قَوْله أشرق صِيغَة أَمر من الْإِشْرَاق وَقَوله
ثبير بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ
وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ
(5/265)
وَبِالرَّاءِ جَبَلٌ عَظِيمٌ
بِالْمُزْدَلِفَةِ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ مِنْهَا إِلَى
منى وَهُوَ منادى بِتَقْدِير يَا ثبير أَي لتطلع الشَّمْس
عَلَيْك حَتَّى نفيض إِلَى منى
(5/266)
قَوْله كَانَ يسير نَاقَته بِالتَّشْدِيدِ
وَالْمرَاد سيرا وسطا مُعْتَادا قَوْله أوضع أَي أجْرى
جمله قَوْله ومحسر بِكَسْر السِّين الْمُشَدّدَة قَوْله
(5/267)
[3055] فَلم يزل يُلَبِّي أَي النَّبِي صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى رمى أَي شرع فِي رمى
الْجَمْرَة أَو فرغ مِنْهُ قَولَانِ
قَوْله
[3057] القط لي صِيغَة أَمر من لقط كنصر وَإِنَّمَا هلك
بتَخْفِيف اللَّام مُتَعَدٍّ بِمَعْنى أهلك وَقد جَاءَ
مُتَعَدِّيا كَمَا فِي الْقَامُوس كَمَا جَاءَ لَازِما
وَهُوَ الْأَكْثَر وَالْفَاعِل الغلو بِالرَّفْع
(5/268)
قَوْله وَهُوَ كَاف من الْكَفّ بحصى الْخذف
الْخذف بخاء وذال معجمتين رمى الْإِنْسَان بحصاة
وَنَحْوهَا من بَين سبابتيه من بَاب ضرب
(5/269)
قَوْله وَهُوَ محرم يدل على جَوَاز
الاستظلال للْمحرمِ وعَلى أَن الرّكُوب كَانَ يَوْم
النَّحْر
[3062] خُذُوا مَنَاسِككُم أَي تعلموها مني واحفظوها
وَهَذَا لَا يدل على وجوب الْمَنَاسِك وَإِنَّمَا يدل على
وجوب قَوْله لَا ضرب الخ تَعْرِيض لِلْأُمَرَاءِ
بِأَنَّهُم أَحْدَثُوا هَذِه الْأُمُور وَإِلَيْك إِلَيْك
اسْم فعل أَي تبعد وتنح قَوْله
(5/270)
الْأَخْذ والتعلم فَمن اسْتدلَّ بِهِ على
وجوب شَيْء من الْمَنَاسِك فدليله فِي مَحل النّظر
فَلْيتَأَمَّل قَوْله أغيلمة صَغِير أغلمة وَالْمرَاد
الصّبيان وَلذَلِك صغرهم ونصبه على الإختصاص على حمرات جمع
حمر جمع تَصْحِيح يلطح من اللطح بِالْحَاء الْمُهْملَة
الضَّرْب الْخَفِيف أبيني بِضَم همزَة وَفتح مُوَحدَة
وَسُكُون مثناة من تَحت ثمَّ نون مَكْسُورَة ثمَّ يَاء
مُشَدّدَة قيل هُوَ تَصْغِيرُ ابْنِي كَأَعْمَى
وَأُعَيْمَى وَهُوَ اسْمٌ مُفْرد يدل على الْجمع أَو جمع
بن مَقْصُورا كَمَا جَاءَ ممدودا بَقِي أَن الْقيَاس
حِينَئِذٍ عِنْد الْإِضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم
أبيناي
(5/271)
فَكَأَنَّهُ رد الْألف إِلَى الْوَاو على
خلاف الْقيَاس ثمَّ قلب الْوَاو يَاء وأدغم الْيَاء فِي
الْيَاء وَكسر مَا قبله وَيحْتَمل ان يكون مَقْصُور الآخر
لَا مشدده فَالْأَمْر أظهر وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[3066] أَمر إِحْدَى يدل على أَنه تَخْصِيص وَالْحكم
عُمُوما أَن يكون الرَّمْي بعد طُلُوع الشَّمْس
قَوْله
[3067] لَا حرج ظَاهره أَنه لَا عُقُوبَة وَلَا دم وَلَا
اثم وَمن يُوجب الدَّم يؤوله بِأَن المُرَاد لَا اثم
لِأَنَّهُ فعل خطأ وَلَا اثم فِي الْخَطَأ
(5/272)
قَوْله
[3069] فِي البيتوتة أَي فِي شَأْنهَا أَو فِي تَركهَا
(5/273)
قَوْله
[3073] لَا تَقولُوا سُورَة الْبَقَرَة كره أَن تُضَاف
السُّورَة إِلَى الْبَقَرَة ورده إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ
بِأَنَّهُ جَاءَ وَورد فِي كَلَام بن مَسْعُود فَيحمل على
أَنه صَار اسْما وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله
(5/274)
[3077] وبعضنا يَقُول رميت بست الخ
الظَّاهِر أَن الْأَمر مَبْنِيّ على التسامح وَقيام
الْأَكْثَر مقَام الْكل قَوْله
(5/275)
[3083] الَّتِي تلِي المنحر منحر الظَّاهِر
أَن المُرَاد قرب الْجمار إِلَى الْمَسْجِد وَحِينَئِذٍ
توصيفها بِأَنَّهَا تلِي المنحر لَا يَخْلُو عَن خَفَاء
وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
(5/276)
[3084] أفطيب هُوَ أَي لَا شكّ فِي كَونه
طيبا فالطيب قبل الطّواف حَلَال إِذا حلق وَالله تَعَالَى
أعلم
(5/277)
|