شرح ابن ماجه لمغلطاي

100- باب مواقيت الصلاة
حدثنا محمد بن الصباح وأحمد بن سنان قالا: ثنا إسحاق بن يوسف
الأزرق أنبأ سفيان ح وثنا علي بنُ ميمون البرقي ثنا علي بن ميمون البرقي (1)
ثنا مخلد بن يزيد عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبيه قال: جاء رجل إلى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن وقت الصلاة. فقال: " صل معنا هذين اليومين، فلمّا
زالت الشّمس أمر بلالا فأذّن ثم أمر فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية،
ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشّمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غابت
الشمس ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع
الفجر فلما كان من اليوم الثاني أمره، فأذن الظّهر فأبرد بها فأنعم أن يبرد بها،
ثم صلّى العصر والشّمس مرتفعة أخّرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل
أن يغيب الشفق وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث/الليل، وصلى الفجر فأسفر
بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة، فقال الرجل: أنا يا رسول الله قال
وقت صلاتكم بين ما رأيتم ". هذا حديث أخرجه مسلم (2) في صحيحه، وقال
أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب، وبنحوه قاله الطوسي في
أحكامه، ويشبه أن تكون الغرابة جاءته من جهة تفرد علقمة عن سفيان به
وهو الذي حكاه أبو عيسى في كتاب العلل عن البخاري حديث بريدة
حسن، ولم نعرفه إلا من حديث سفيان، وقال البزار: لا يعلم روى هذا
الحديث عن شعبة إلا حرمي ولا عن الثوري إلا إسحاق بن يوسف، ففي هذا
دلالة على أنّ شعبة رواه أيضا وسيأتي متابعة الجراح لهما، ولما خرجه الحافظ
أبو بكر بن خزيمة (3) في صحيحه قال: لم أجد في كتابي عن الزعفراني
المغرب في اليوم الثانى ثنا بندار ثنا حرمي بن عمارة ثنا شعبة عن علقمة بن
__________
(1) قوله: " البرقي " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/176) ، والبيهقي (ح/ 667) ، وأحمد (5/349) ،
وتلخيص (1/176) ، والمشكاة (582) ، والدارقطني (1/262) ، وتلخيص (1/175) .
(3) ضعيف. رواه ابن خزيمة: (323) .

(1/944)


مرثد عن سليمان عن أبيه عن النبي- عليه الصلاة والسلام- في المواقيت لم
يزدنا بندار على هذا، قال بندار: فذكرته لأبي داود، فقال صاحب هذا
الحديث: ينبغي أن تكثر عليه، قال بندار: فمحوته من كتابي، قال أبو بكر.
ينبغي أن يكثر على أبي داود حيث غلط، وأن يضرب بندار عشرة حيث محا
هذا الحديث من كتابه؛ لأنه صحيح على ما رواه الثوري أيضا عن علقمة، ثنا
عن حرمي محمد بن يحيى ثنا علي بن عبد الله ثنا حرمي بن عمارة عن
شعبة بالحديث بتمامه وقال البزار: ولما ذكره أبو القاسم في الأوسط من طريق
الجراح بن الضحاك عن علقمة بن يزيد قال له ولأحاديث قبله لم يرو هذه
الأحاديث عن الجراح الأعلى بن أبي بكر تفرّد به نوح عن أنس حدثنا محمد
بن رمح المصري أنا الليث بن سعد عن ابن شهاب/أنّه كان قاعدا على مباشر
عمر بن عبد العزيز في إمارته على المدينة، ومعه عروة بن الزبير، فأخرّ عمر
العصر شيئا، فقال له عروة: إمّا أن جبريل نزل فصلى أمام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فقال له عمر: اعلم ما تقول يا عروة قال: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول:
سمعت أبا مسعود يقول سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " نزل جبريل فأمّنى
فصلّيت معه ثم صليت معه، ثم صليِت معه، ثم صليت معه ثم صليت معه
يحس بأصابعه خمس صلوات ". هذا حديث خرجه الشيِخان (1) في
صحيحيهما: " بلفظ أن عم أخّر الصلاة يوما، فدخل عليه عروة فأخبره أنّ
المغيرة بن شعبة أخرّ الصلاة يوما وهو بالعراق، فدخل عليه أبو مسعود
الأنصاري، فقال: ما هذا يا مغيرة أليس قد علمت أنّ جبريل عليه الصلاة
والسلام نزل فصلّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم صلى فصلّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر
خمسا ثم قال هذا أمرت فقال عمر: يا عروة اعلم ما تحدّث به، وأنّ جبريل
عليه السلام هو أقام لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مواقيت الصلاة، قال عروة: كذلك كان
بشير بن أبي مسعود يحدّث عن أبيه ". وفي لفظ لمسلم (2) : " أنّ عمر أخر
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4/137) ، ومسلم (425) ، وأبو داود (ح/393) ، وابن
ماجة (668) ، والشفع 1291) ، والمشكاة (584) ، والبداية (1/45) ، والطبراني (17/295) ،
والحميدي (451) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/166) .

(1/945)


الصلاة لم يقل العصر ". وفي حديث ابن ماجة (1) تصريح بأن ابن شهاب
شهد قصة عروة مع عمرو بسماع عروة من بشير، وعندهما: ليس كذلك
لقول ابن شهاب: أن عمر أخر، فدخل عليه عروة، فقال: كذلك كان بشير
يحدّث عن أبيه، قال أبو عمرو: حديث ابن شهاب هذا متصل عند أهل العلم
مسند صحيح؛ لأنّ مجالسة بعض المذكورين فيه لبعض معلومة مشهورة، وإن
كان ظاهر مسافة في رواية مالك يدلّ على الانقطاع، وممن ذكر مشاهدة/ابن
شهاب للقصة عند عمر مع عروة في هذا الحديث من أصحاب ابن شهاب
معمر والليث وشعيب بن أبي حمزة وابن جريج، وذكر عبد الرزاق عن معمر
عن الزهري قال: كنّا مع عمر فذكر بلفظ: "إن جبرائيل نزل فصلى فصلى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصلي النّاس معه "، وفيه " إن الصلاة التي أخرها المغيرة هي
العصر أيضا، وفيه: " إن جبريل صلى بالنبي الخمس في أوقاتهن مرّة واحدة لا
مرتين فقال له عمر: انظر ما تقول يا عروة أو أنّ جبريل هو سنّ وقت الصلاة
بعلامة حتى فارق الدنيا ". وفي لفظ للحاكم من حديث أسامة بن زيد عن ابن
شهاب عن عروة قال: سمعت بشيرا يحدّث عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه
" كان يصلى العصر، والشمس بيضاء مرتفعة، لم ير الرجل حين ينصرف منها
ذي الحليفة، وهي على ستة أميال قبل غروب الشمس ". ثم قال: قد اتفقا (2)
على حديث بشير في أخر حديث الزهري عن عروة بغير هذا اللفظ، وفي
كتاب الحازمي وذكر هذه الزيادة هذا إسناد رواته كلهم ثقات، والزيادة من
الثقة مقبولة، وفي مصنف أبي داود (3) من حديث أسامة عن الزهري بسنده
__________
(1) انظر الحاشية قبل السابقة.
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/145، 9/128) ، ومسلم في (المساجد، ح/192) ،
وأحمد (3/223) ، والنسائي (1/253) ، وابن أبي شيبة (1/327) ، وشرح السنة (9/202) ،
والتمهيد (6/181) ، والمشكاة (295) ، ومعاني (1/191) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/
413) ، والكنز (21782) .
(3) صحيح. رواه أبو داود في: 2. كتاب الصلاة، 1. باب في المواقيت (ح/ 394) . قال أبو
داود: وكذلك روى عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ثم صلى بي المغرب، يعني من الغد،
وقتا واحدا، وكذلك روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث حسان بن عطية عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدْه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه ابن ماجة (ح/ 866) والبيهقي=

(1/946)


عن أبي مسعود سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: نزل جبرائيل عليه السلام، فأخبرني
بوقت الصلاة فصليت معه، ثم صليت معه يحسب بأصابعه خمس صلوات،
فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر حين نزول الشمس، وربّما أخّرها حين
يشتد الحرور، ورأيته يصلي العصر، والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن يدخلها
الصفرة، فينصرف الرجل من الصلاة، فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس
ويصلى المغرب حتى تسقط الشمس، ويصلى العشاء حين يسود الأفق، ورّبما
أخرّ حتى يجتمع النّاس، وصلى الصبح مرة بغلس. ثم صلى مرّة أخرى فأسفر/
بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد أن يسفر ". ثم
قال: روى هذا الحديث عن الزهري معمر ومالك وابن عيينة وشعيب والليث
ابن سعد، وغيرهم لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه ولم يفسروه، قال
الخزرجي: وهذا إسناد حسن، ولما خرجه أبو القاسم في الأوسط قال: لم يرو
هذا الحديث عن أسامة إلا يزيد بن أبي حبيب تفرد به الليث ولم يجز أحدا
ممن روى هذا الحديث عن الزهري إلا أسامة، ولما خرجه ابن خزيمة في
صحيحه قال: هذه الزيادة لم يقلها أحد غير أسامة بن زيد، وفي هذا الخبر
كالدلالة على أنّ الشفق البياض لا الحمرة؛ لأن في الخبر، ويصلي العشاء حين
يسود الأفق وإنّما يكون ذلك بعد ذهاب البياض الذي يكون بعد سقوط
الحمرة، والواجب في النظر إذا لم يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّ الشفق: الحمرة،
وثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّ أوّل وقت العشاء: إذا غاب الشفق أن لا يصلى
العشاء حتى يذهب بياض الأفق؛ لأنّ ما كان معدوما فهو معدوم حتى يعلم
لونه بيقين وذكر الخطيب في كتاب الفصل: أنّ أسامة وهم فيه؛ لأنّ قصة
المواقيت ليس من حديث أبي مسعود، ولما ذكر الدارقطني رواية أسامة هذا
قال: أدرجه في حديث ابن أبي مسعود، وخالفه يونس وابن أخي الزهري
فروياه عن الزهري قال: بلغنا أنّ النبي- عليه السلام- يذكر مواقيت الصلاة
بغير إسناد، قال: وحديثهما أولى بالصواب ورواه هشام عن أبيه في رواية
حمرة عن رجل من الأنصار عن النبي لم يسمه، ورواه حبيب بن أبي مرزوق
__________
(1/364) وابن خزيمة (352) .

(1/947)


وأبو بكر بن حزم عن عروة عن أبي مسعود إلا أنّ أبا بكر قال فيه عن عروة:
حدثنى أبو مسعود/أو بشير بن أبي مسعود وكلاهما قد صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ووهم في هذا القول، والصواب قول الزهري عن عروة عن بشير، ورواه أبو
بكر عن ابن حزم عن أبي مسعود وردّه بالانقطاع، قال أبو عمر: ورواية أبي
بكر عن ابن حزم فيها الصلاة موقوف وروى ذلك من طريق علي بن عبد
العزيز، قال أحمد بن يونس: نا أيوب بن عتبة نا أبو بكر، وأمّا قول ابن خزيمة
لم يثبت أنّ الشفق الحمرة، فكأنه ميز إلى ما ذكره الدارقطني في سننه عن
عبادة وشداد بن أوس وأبي هريرة وابن عمر وكلها ضعيفة، وأمّا قوله أو بشير
بن أبي مسعود حديث وكلاهما قد صحب نفسه أن يكون أخذه من كتاب
ابن حبان، فإنّه لما ذكر حديث عروة قال عن بشير: قال سمعت النبي فذكره،
وفي الباب حديث أنس من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أن جبرائيل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حين زاغت الشمس عن رأسه، قال: قم فصل الظهر أربعا، ثم أتاه حين كان
ظلّ كلّ شيء مثله، فقال: قم فصلى العصر أربعا، ثم أتاه حين غابت الشفق،
فقال: قم فصل فقام فصلى العشاء أربع ركعات، ثم أتاه حين برق الفجر،
فقال: قم فصل فقام فصلى الفجر ركعتين، ثم تركه حتى إذا كان الغد أتاه
حين كان الظل مثله فقام فصلى الظهر أربعا، ثم أتاه حن كان ظِلّه مثليه
فقال: قم فصل. فقام فصلى أربعا، ثم أتاه حين غابت الشمس فقال: قم فصل
فصلى المغرب ثلاثا، ثم تركه حين أظلم، ثم أتاه فقال: قم فصل فقام فصلى
العشاء أربعا، ثم أتاه حين أسفر، فقال: قم فصل الفجر ركعتين ثم قال: ما بين
هذه الصلوات وقت " (1) . ذكره الدارقطني في كتاب العلل عن علي بن الفضل
البلخي أنبأ محمد بن عامر قرأه حدثكم/معاذ عن زفر عن يحيى بن سعيد
عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عنهم، وحديث ثابت بن معدان أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أتاني جبرائيل مرتين، فصلى الظهر حين مالت الشمس قيد
الشراك ". فذكره مولى ابن قتيبة في كتاب غريب أصناف الأحكام وما يتعلّق
بها من الحلال والحرام، وحديث جابر بن عبد الله قال: " جاء جبرائيل إلى
__________
(1) الكنز: (19256) . قلت: وقد ذكره الدارقطني في: " كتاب العلل ".

(1/948)


النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان في الرجل مثله جاء
به (1) للعصر، فقال: قم يا محمد فصلى العصر، ثم مكث حتى إذا غابت
الشمس سواء مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه، فقال: قم فصلى العشاء،
فقام فصلاها، ثم جاءه حين مطلع الفجر بالصبح، فقال: قم يا محمد فصل،
فقام فصلى الصبح، ثم جاءه من الغد حين كان في الرجل مثله، فقال: قم يا
محمد فصل فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا
لم يزل عنه فقال: قم فصلى فصلى المغرب، ثم جاءه العشاء حين ذهب ثلث
الليل فقال: قم فصلِّي فصلّى العشاء، ثم جاءه الصبح، ثم قال: ما بين هذين
وقت كلّه " (2) . رواه ابن خزيمة والبستي في صحيحيهما، وفي كتاب البغوي
وحديث وهب بن كيسان عن جابر عن النبي- عليه الصلاة والسلام- وهو
حديث حسن صحيح غريب، وقال محمد: أصح شيء في المواقيت حديث
جابر، وصححه ابن عبد الرحمن النسائي أيضا فيما ذكره ابن الخطاب، ولما
ذكره الطوسي في أحكامه من حديث الدورمي عن إبراهيم بن شماس ثنا ابن
المبارك عن حسين بن على حدّثنى وهب بن كيسان به قال: قال الدورمي:
أكثر أحمد بن حنبل من إبراهيم بن شماس، ولما/ذكره أبو عمر قال: هو
حديث متصل حسن، ولما ذكره أبو محمد الأشبيلي سكت عنه مصححا له،
وقال ابن القطّان: هو يجب أن يكون مرسلا؛ لأن جابر لم يذكر من حدّثه
بذلك، وهو لم يشاهد وذلك صبيحة الإسراء، لماّ علم من أنه أنصارى إنّما
صحب بالمدينة وابن عباس وأبو هريرة اللذان رويا قصة إمامة جبرائيل فليس
يلتزم في حديثهما من الإرسال ما في رواية جابر؛ لأنهما قالا: أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك وقصه عليهما، وذكره الطبراني في الأوسط من حديث عطاء
بلفظ: " سأل رجل النبي عليه السلام عن وقت الصلاة فلما زالت الشمس أذّن
بلال بالظهر ". الحديث، وقال: لم يروه عن المطعم بن المقدام، يعني. عن عطاء
إلا رباح بن الوليد تفرّد به مروان بن محمد، وذكره في موضع آخر عن
__________
(1) قوله: " جاء به " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(2) صحيح. رواه الحاكم. (1/195) وقال: لم يخرجاه.

(1/949)


عبد الله بن الحسن ثنا محمد بن العلاء الهمداني ثنا زيد بن حبان ثنا خارجة
بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت، قال: حدثنى حسين بن بشير بن
سلام عن أبيه قال: دخلت أنا ومحمد بن علي على جابر فقلت صلِ بنا كما
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى فقال: كان يصلى الظهر ". الحديث قال: " ثم
صلى من الغد الظهر ". فذكره مطولا، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح
مشهور من حديث ابن المبارك، والشيخان لم يخرجاه لعّلة حديث الحسين بن
علي الأصفر، وقد رواه عبد الرحمن بن أبي الموالى وغيره وله شاهدان مثل
الفاطة (1) عن جابر، فذكر حديث برد بن سنان عن عطاء بن أبي رباح،
وحديث عبد الكريم عن أبي الزبير وحديث ابن عياش أن جبرائيل أتى النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى به الصلوات وقتين إلا المغرب، قال أبو عبد الله أثر تخريجه من/
حديث أبي بكر بن أبي أويس عن عبد الرحمن بن الحارث ومحمد بن عمرو
عن حكيم بن حيكم عن نافع بن حبيب عنه: هذا حديث صحيح الإسناد
رواه الثوري وعبد العزيز الدراوردي عن عبد الرحمن بن الحارث وهذا من
أشراف المقبولين في الرواية، وحكيم بن حكيم هو ابن عباد بن حنيف (2)
وكلاهما مدنيان، ولما خرجه الترمذي (3) من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد
عن ابن الحارث قال: أخبرني ابن عباس قال: حديث ابن عباس حسن
صحيح، وخرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه وابن الجارود في
منتقاه وقال البغوي في شرحه: هذا حديث حسن وابن حبان البستي، ولما
خرجه الطوسي في أحكامه حسنه، وكذلك ابن عبد البر زاد: وهو متصل،
__________
(1) كذا في " الأصل " " الفاطة " وهو صحيح.
(2) قوله: " ضيف وردت " بالأصل " " خصيف" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(3) صحيح. رواه الترمذي في: 2. أبواب الصلاة، 1. باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ح/ 149) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". ورواه أحمد في المسند عن عبد الرزاق وعن أبي نعيم: كلاهما عن سفيان عن عبد الرحمن بن الحرث بن عياش (رقم 3082،3081 ج 1 ص 333) ، ورواه مختصرا عن وكيع عن سفيان (رقم 3322 ج 1 ص 354) . ورواه ابن الجارود (ص 79.77) عن أحمد بن يوسف عن عبد الرزاق عن سفيان. ورواه الحاكم (1/ 193) من طريق سفيان ومن طريق عبد العزيز بن محمد كلاهما عن عبد الرحمن بن الحرث وسفيان هو الثوري، وعبد العزيز هو الدراوردي.

(1/950)


وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عبيس بن مرحوم
عن حاتم بن إسماعيل عن ابن عجلان عن محمد بن كعب عن ابن عباس،
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: جبرائيل، وذكرت لهما قصة المواقيت فقال أبو زرعة:
وهم عيسى في هذا الحديث، وقال أبي: أخشى أن يكون وهم فيه عبيس،
فقلت لهما: فما علّته؟ قالا: رواه عروة من الحفاظ عن حاتم عن عبد الرحمن
بن الحارث عن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم عن نافع عن ابن
عباس، قالا: وهذا هو الصحيح، وسمعت أبي يقول: مرّة أخرى أخشى أن
يكون هذا الحديث هذا الإسناد موضوع، وأمّا تصحيح الترمذي حديث ابن
أبي الزناد ففيه نظر؛ لما أسلفناه من ضعفه الذي سلم منه إسناد حديث الحاكم
فمن بعده، وقال الدارقطني في الأفراد به: روى عن عثمان بن الأسود عن
عبد الرحمن ابن الحارث عن حكيم عن نافع وهو مردود بما أسلفناه، وما رواه
ابن إسحاق عن عقبة/بن مسلم مولى بنى تميم عن نافع بن جبير، وكان نافع
كثير الرواية عن ابن عباس قال: لما فرضت الصلاة الحديث، وزعم بعض
العلماء من المتأخرين أنه منقطع قال: الاحتمال أن يكون نافع وصف بكثرة
الرواية عن ابن عباس؛ لأنه رواه هنا عنه، وقد استوفينا ذكر ذلك في كتابنا
المسمى بالزهر الباسم، وبينا أنه متصل والله تعالى أعلم، وحديث أبي موسى
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أتاه سائل، فسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا،
قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم
أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: قد انتصف النهار وهو
كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام المغرب
حن وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخرّ الفجر
من الغد حين انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم
أخّر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخّر العصر حتى
انصرف منها، والقائل يقول: قد أحمرت الشّمس، ثم أخرّ المغرب حتى كان
عند سقوط الشفق، ثم أخرّ العشاء حتى كان ثلث الليل الأوّل، ثم أصبح
فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين ". خرجه مسلم (1) في صحيحه، قال
__________
(1) تقدم.

(1/951)


الترمذي عن البخاري: هو حديث حسن وعند أبي داود (1) وصلى العصر وقد
اصفرت الشمس، أو قال أمسى، وحديث أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" هذا جبرائيل جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى له صلاة الصبح حتى طلع
الفجر، ثم صلى له الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى له العصر حين رأى
الظل مثله، ثم صلى له المغرب حين غربت الشمس، وحل فطر الصائم ثم
صلى العشاء/حين ذهب شفق اللّيل، ثم جاءه الغد فصلى له الصبح فأسفر
بها قليلا، ثم صلّى له الظهر حين كان الظلّ مثله، ثم صلى العصر حيث كان
الظل مثليه، ثم صلى له المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس، وحلّ فطر
الصائم، ثم صلى له العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين
صلاتك أمس، وصلاتك اليوم ". رواه النسائي (2) بإسناد صحيح، ولما خرجه
الحاكم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد قدمت له شاهدين، وحديث له
شاهد آخر صحيحا على شرط مسلم، رواه أبو المرصية عن يوسف بن عميس
نا الفضل ابن موسى نا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي جرير به،
وحكى الترمذي عن البخاري: أنّه حديث حسن، ورويناه في مسند السراج
من حديث عبد الله بن حمزة الترمذي، ثنا عبد الله بن نافع عن عمر بن عبد
الرحمن بن أسيد عن محمد بن عمارة عنه بزيادة " ثم صلّى بي الصبح حتى
أسفر، ثم قال: هذه صلاة النبيين من قبلك يا محمد فالزم "، ورواه ابن حبان
في صحيحه مختصرا من حديث الأعمش عن أبي صالح عنه، وفي كتاب
الصلاة لأبني نعيم الفضل: ثم انصرف بالفجر حين ما أرى من السماء نجما،
ونسب عمر بن عبد الرحمن فقال ابن زيد بن الخطاب: وحديث أنس بن
مالك: " أنّ رجلا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن وقت الصلاة الغداة وفيه: " ما بين
هذين وقت ". رواه السراج في مسنده بسند صحيح، وفي مراسيل أبي داود
عن الحسن في صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خلف جبرائيل وصلاة الناس خلف النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسر في الظهر والعصر والثالثة من المغرب والأخريين من
__________
(1) انظر: الحاشية (ص 945) .
(2) رواه النسائي في: 6. كتاب المواقيت، 5. آخر وقت الطهر (2/ 249 - 250) .

(1/952)


العشاء وجهر في/الصبح والأولين عن المغرب والأولين من العشاء "، ووصله
الدارقطني من حديث أنس: " أنّ جبرائيل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين زالت الشمس،
فأمره أن يؤذّن للناس بالصلاة حين فرضت عليهم ". وذكر الأسرار في صلاة
العصر، قال الإشبيلي: والمرسل أصح، قال أبو إسحاق في كتابه الوهم
والإيهام: لم يبيّن لحديث أنس علّة، وهو حديث يرويه محمد بن سعيد بن
جدار عن جرير بن حازم عن قتادة عنه، ومحمد هذا مجهول، ويرويه عنه أبو
حمزة إدريس بن يونس بن ساق المعزر ولا يعرف أيضا، وحديث عبد الله بن
ثعلبة الأنصاري عن عبد الرحمن بن يزيد بن جارية أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلى
الفجر يوما فغلس بها ثم صلاها بعد فأسفر بها، ثم قال: ما بينهما وقت " (1) .
ذكره في الأوسط من حديث الزهري حدثني عبيد الله بن عبد الله عن ابن
ثعلبة، وقال: لم يروه عن الزهري إلا عبد الرحمن بن نمر النخعي تفرد به
الوليد ومسلم، وحديث مجمع بن جارية: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن مواقيت
الصلاة تقدم وأخبر وقال: بينهما وقت ". ورواه الدارقطني عن أبي مخلد قال:
ثنا جعفر بن أبي عمير الطيالسي ثنا أبو يعلى محمد بن الصلت الثوري ثنا
الوليد بن مسلم ثنا ابن نمير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن ثعلبة
عن عبد الرحمن بن يزيد عن عمّه مجمع به، وقال الحاكم: هذا حديث
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وعبيد الله هذا هو ابن عبد الله بن
ثعلبة بن أبي صخر الدوري. وحديث ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتاني
جبرائيل عليه السلام حين طلع الفجر "، وذكر الحديث وقال: " في وقت المغرب
ثلاث ركعات "، وذكر الحديث بطوله،/ورواه الدارقطني في كتاب السنن (2)
من طريق ضعيفة عن ابن صاعد والحسين بن إسماعيل وأبي شيبة قالوا: ثنا
__________
(1) رواه أبو داود بسند حسن كما قال النووي وابن حبان في " صحيحه " (279) وصححه
الحاكم والخطابي والذهبي وغيرهم. " انظر صحيح أبي داود " (ح/417) والعمل هذا الحديث هو الذي عليه جماهير العلماء، من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، ومنهم الإمام أحمد: أن التعجيل بصلاة الفجر أفضل، لكن ذكر ابن قدامة في " المقنع " (1/105) رواية أخرى عن الإمام أحمد: " ان أسفر المأمون فالأفضل الإسفار ".
(2) ضعيف. رواه الدارقطني (1/259) ، ونصب الراية (1/226) ، والمجروحين (3/41) .

(1/953)


حميد بن الربيع ثنا محبوب بن الجهم بن واقد مولى حذيفة بن اليمان نا
عبد الله بن عمر عن نافع عنه به، وأمّا ابن الصواف ثنا الحسن فهو ابن حماد
البزار ثنا الحسن بن حماد بيجاوة ثنا ابن علية عن ابن إسحاق عن عيينة بن
مسلم عن نافع عنه قال: لما فرضت الصلاة " نزل جبرائيل عليه السلام على
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى به الظهر وذكر المواقيت، وقال: فصلى به المغرب حين غابت
الشّمس، وقال في اليوم الثاني: فصلى به المغرب حين غابت الشمس " وحديث
أبي سعيد الخدري ذكره أبو عمر في التمهيد (1) وحسنه، وحديث عمرو بن
حزم ذكره أبو علي الطوسي، وحديث البراء بن عازب ذكره أبو القاسم في
الأوسط عن أحمد الحولاني نا الحسن بن إدريس نا عبد الصمد بن عبد العزيز
الداراني عن عمرو بن أبي قيس عن ابن أبي ليلى عن حفصة بنت عبيد عن
عمّها البراء قال: " أتى النبي عليه الصلاة والسلام رجل فسأله عن وقت الصلاة
فلم يرد عليه شيئا، فأمر بلالا فأقام الصلاة بغلس، حتى إذا كان من الغد
أخرها حتى أصبح جدا، ثم أمره فأقام الصلاة فصلى، ثم قال أين السائل: عن
الوقت صلّ ما بينهما ". وقال: لا يروى (2) هذا الحديث عن البراء إلا بهذا
الإسناد تفرد به ابن أبي ليلى، وحديث أبي بكر بن حفص قال نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن الله تبارك وتعالى بعث إلي جبرائيل عليه السلام يعلمني مواقيت الصلاة
فذكر مثل حديث ابن عباس إلا أنه قال: في الفجر في اليوم الثاني فلما أضاء
الفجر وعرف الناس بعضهم بعضا أمرني بصلاة الفجر، ثم قال: " يا نبي الله
وقت الصلاة بين هذين " (3) . ذكره الفضل بن/دكين في كتاب الصلاة عن
أبان عن عبيد الله البجلي عنه. وحديث الحسن- يعني: ابن علي- أنّ رجلا
سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مواقيت الصلاة فصلى النبي- عليه الصلاة والسلام-
صلاة الصبح بغلس، حتى إذا كان من الغد أسفر جدا، فقال: أين السائل عن
الصلاة ما بين هذين صلاة (4) ". رواه أيضا عن أبي الأشهب عنه. وحديث
__________
(1) حسن. رواه ابن عبد البر في التمهيد: (8/74، 82) .
(2) قوله: " يروي " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(3) صحيح. انظر، مسند أبي حنيفة: (1/294) .
(4) صحيح، رواه البيهقي في " الكبرى ": (1/362، 365) .

(1/954)


عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره أبو عمر بن عبد البر، وحديث أبي
مسعود: " إن جبرائيل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث دللت الشمس "، يعني: زالت، ثم
ذكر المواقيت، وقال: ثم أتاه جبرائيل حين غابت الشّمس فقال: قم فصل
فصلّى، وقال ثم أتاه من الغد حيث غابت الشمس وقتا واحدا، فقال: قم
فصل فصلى " (1) ذكره أبو الحسن في سننه عن عثمان بن أحمد الدماق ثنا
أحمد بن على الخزاز ثنا سعيد بن سليمان بن سعد وبه ثنا أيوب بن عتبة ثنا
أبو عمرو بن حزم عن عروة عن الزبير عن أبي مسعود عن أبيه إن شاء الله
تعالى به، وقد تقدم كلام ابن عبد البر فيه قبل، وحديث بسر بن معاذ قال:
فصليت أنا وأبي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولى عشر سنين، وكان النبي عليه السلام
إمامنا، وكان جبرائيل إمام النبي- عليه السلام-، والنبي- عليه السلام- ينظر
إلى خيال جبرائيل عليه السلام، شبه ظل سحابه إذا تحرّك الخيال ركع النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2) ، ذكره أبو موسى في كتاب الصحابة من حديث جابر بن عبد الله
العقيلي عنه، وقال: لا يعرف إلا من هذا الوجه من رواية أهل بلخ، ولم يكن
عند بشر غير هذا، والميقات: الوقت المعروف للفعل والموضع، يقال: هذا
ميقات أهل الشام/الموضع الذي يحرمون منه ويقول وقته فهو موقوت إذا بين
للفعل وقتا، ومنه قوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا
موقوتا) (3) . أي: مفروضا في الأوقات، والتوقيت: تجديد الأوقات وقته ليوم
كذا مثل أجلته، وقرئ " إذا الرسل أقتت "، ووقتت مخففة، وأقتت لغة مثل
وجوه وأوجه، والمواقيت مفعل من الوقت، قال الفجاج والجامع الناس ليوم
الموقت، قاله أبو نصر، وزاد في الأساس شيء موقيت حدود الهلال ميقات
الشهر والآخرة ميقات الخلف، وفي الجامع: الوقت اسم واقع على الساعة من
الزمان، والحين، والجمع: أوقات وأنكر ابن العين على أبي عبد الله البخاري
قوله وقته عليهم بأن قال: رويناه بالتشديد، وإنما هو بالتخفيف، ويدل على
__________
(1) صحيح. رواه الدارقطني: (1/230) .
(2) انظر: كتاب الصحابة لأبي موسى.
(3) سورة النساء آية: 103.

(1/955)


صحة قوله تعالى " موقوتا " إذ لو كان مشددا لكان موقتا، وأمّا الشفق: فهو
الحمرة التي ترى في السماء بعد غيوب الشّمس وهما شفقان (1) : أحدهما
الحمرة والآخر البياض الذي يرى في المغرب فآخر وقت العشاء الأخرة وقت
لغيبه قال تعالى: (فلا أقسم بالشفق) (2) . وقد ذكر بعض أهل اللغة: أن
الشفق إنّما هو الحمرة واحتج بالاشتقاق؛ لأنّ العرب تقول: ثوب مشفق إذا
صبغ بالحمرة ناله ألوان، وفي الصحاح: الشفق بقية ضوء الشّمس وحمرتها في
أوّل الليل إلى قرب من القمة، وقال الخليل: الشفق الحمرة من غروب الشمس
إلى وقت العشاء الآخرة، وزعم أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى: أنّ الحمرة
هو قول أكثر أهل اللغة، وفقهاء الحجاز، والبياض قول أهل العراق، وحكى
مثله عن مالك والأوّل هو المشهور من قوله، وقال بعض أهل اللغة: الشفق
يطلق عليهما جميعا، وقال بعضهم: الحمرة غير الفانية، والبياض غير الناصع
الاسم (3) يتناولها/يعني: الخلاف في الحكم بإذا يتعلّق بالأول وبالثاني، وفي
كتاب التلخيص لأبي هلال: والشفق حمرة وبياض ليس لحكم، قال أبو عمر
بن عبد البر: لا خلاف بين أهل العلم وجماعة أهل السير أنّ الصلاة إنما
فرضت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة في حين الإسراء حين عرج به إلى السماء،
ولكنهم اختلفوا في حينها، حين فرضت، فروى عن عائشة: إنّما فرضت
ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر فأكملت أربعا، وأقرت صلاة الحضر
على ركعتين، ومن رواة حديثهما هذا من يقول زيد فيها بالمدينة وأقرت صلاة
السفر من الحفين، وهو أصح من حديث العشري وغيره، وأصح من حديث
ابن عباس. انتهى. وقال: روى عن سليمان وغيره ما يوافق روايتهما من ذلك
حديث: " فرضت الصلاة ركعتين " (4) ، فصلاها عليه السلام بمكة حتى قدم
__________
(1) قوله: " شفقان " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(2) سورة الانشقاق آية: 16.
(3) قوله: " الناصع " وردت " بالأصل " " القاطع " وهو تحريف والصحيح الأول.
(4) صحيح بشواهد. رواه النسائي (1/225) والمشكاة (1348) ، والمجمع (2/156) . وعزاه
إلى في " الأوسط " وفيه عمرو بن عبد الغفار وهو متروك، وللحديث شاهد صحيح من حديث
أبي هريرة، وعزله إلى أبي يعلى والطبراني في " الأوسط " ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.

(1/956)


المدينة وصلاها بالمدينة كما شاء الله تعالى، وزيد في صلاة الحضر ركعتين،
وتركت صلاة السفر على حالها، ذكره في الأوسط عن محمد بن أحمد بن
أبي خيثمة قال: رفع أبي جعفر بن عياش كتابه فكتب فيه: ثنا عمرو بن
عبد الغفار عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عنه، وقال: لم يروه عن عاصم
إلا عمر ولا يروى عن سلمان إلا بهذا الإسناد، وفي المعجم الكبير: ثنا علي
بن المبارك ثنا إسماعيل بن أويس حدثنى سليمان بن بلال عن سعد بن سعيد،
قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، ثم زيد
في صلاة الحضر، وقال عمر: وبذلك قال الشعبي وميمون بن عمران ومحمد
ابن إسحاق، وروى عن ابن عباس: إنما فرضت في الحضر أربعا وفي السّفر
ركعتين، فيما ذكره في الأوسط من طريق ابن أرطأة عن يحيى بن عبيد بن
عمر الهمداني عنه، وقال: لم يروه عن يحيى إلا الحجاج، ولا عن حجاج إلا
عمران القطان. تفرد به محمد بن بلال، قال أبو محمد: ولذلك قال نافع بن
حبيب، وكان أحد علماء قريش بالبيت وأيام العرب والفقه وأصوله. وحديث
ابن عباس: " إنما فرضت أربعا إلا المغرب والصبح ". ولذلك قال الحسن بن أبي
الحسن في رواية: وهو قول ابن جريج، وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث
السرى وغيره ما يوافق ذلك وهو قوله: " إن الله تعالى رفع على النساء
الصوم "، وفي حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر قال:/ " فرضت
الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين " (1) . قال: ويختلفوا أنّ جبرائيل-
عليه السلام- هبط صبيحة ليلة إلا في عند النزول يعلم النبي الصلاة. ثنا ابن
شيبان ثنا قاسم بن مانع ثنا أحمد بن زهير ثنا هدبة بن خالد عن همام عن
قتادة، قال: أخبرنا الحسن أنه ذكر له: " أنه لما كان عند صلاة الظهر نودي إنّ
الصلاة جامعة ففزع الناس فاجتمعوا إلى نبيهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بهم الظهر أربع
ركعات يؤم جبرائيل محمدا، ويؤم محمد الناس يقتدى محمد بجبرائيل،
ويقتدى الناس بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسمعه فيهن قراءة، ثم سلّم جبرائيل على
محمّد، ومحمد على النّاس، فلما سقطت الشّمس نودي إنّ الصلاة جامعة
__________
(1) ضعيف. رواه النسائي: (3/118) . قلت: في إسناده عبد الرحمن بن أبي ليلى.

(1/957)


ففزع النّاس، واجتمعوا إلى نبيّهم فصلّى بهم الظهر أربع ركعات لا يسمعهم
فيهن قراءة وهى أخفت، يؤم جبرائيل محمدا عليهما السلام، ويؤم محمد
الناس، ويقتدى محمد بجبرائيل عليهما السلام، ويقتدى النّاس بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثم سلّم جبرائيل على محمد، وسلّم محمد على النّاس، فلما غابت الشمس
نودي الصلاة جامعة " (1) الحديث، وقد تقدّمت الإشارة في أنّ جبرائيل لم
يصل الصلوات الخمس بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مرة واحدة وهو دان، وقد احتج من
زعم: أن جبرائيل عليه السلام صلى في اليوم الذي ليلة الإسراء مرة واحدة
للصلوات، وهذا ظاهر الحديث، واحتجوا أيضا بما ذكره عبد الرزاق عن ابن
جريج، قال: قال نافع بن جبير وغيره: لما أصبح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليلة التي
أسرى فيها نبينا لم يتركه جبرائيل حتى زاغت الشّمس، وصلّى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بالنّاس وطوّل الركعتين الأوليين، ثم قصّر الباقيتين " (2) الحديث، وفي كتاب
الطبراني من حديث ياسين الزيّات عن أشعث عن الحسن عن أبي هريرة وأبي
سعد قالا: " أوّل صلاة فرضت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظّهر " (3) ، وفي الدلائل
للبيهقي عن علي: " أوّل صلاة ركعناها العصر " (4) . وهو معارض لما تقدّم لو
صح إسناده، قال أبو عمر قوله: " الصلاة جامعة "؛ لأنه لم يكن فيها أذان،
وإنّما كان الأذان بالمدينة بعد الهجرة بعام، وحديث نافع بن جبير هذا مثل
حديث الحسن وهو ظاهر حديث مالك، والجواب عن ذلك ما تقدّم ذكرنا له
من الآثار الصحاح المتصلة في إمامة جبريل لوقتين، قد اقتصر على أنّ هذه
الآثار منقطعة؛ لأنّ فيها أنّ الصلاة فرضت في الحضر أربعا، لا ركعتين على
__________
(1) صحيح. رواه أحمد (2/220، 4/90) ، والفتح (2/533، 538) ، والبخاري (2/23) ،
وتغليق (407) ، وإتحاف (3/430) ، والتمهيد (8/41) .
(2) الحاشية للسابقة.
(3) ضعيف جدا أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/293) وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط " وفيه ياسين الزيات وهو متروك.
(4) ضعيف. المصدر السابق. وعزاه إلى البزار في " مسنده " والطبراني في " الأوسط " من حديث على، وفيه أبو عبد الرحيم ولم أجد في رجال الكتب غيره " وفي الميزان مجهول، وإن كان هو خالد بن يزيد فهو ثقة من رجال الصحيح.

(1/958)


خلاف ما زعمت عائشة، وقال بذلك: جماعة، ورووا حديث عائشة وإن كان
إسناده صحيحا، ويجاب أنّه لا حاجة لنا إلى أصل الفرض إلا عن طريق
العصر، ولا وجه لقول من قال: إنّ حديثهما يعارضه القرآن وهو قوله تعالى:
(إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) (1) .
ونداء جميع العلماء على أن لا يكون قصّر من ركعتين في شيء في السّفر في
الإثنين؛ لأن حديث عائشة وضح أنّ الصلاة نريد فيها في الحضر، ومعلوم أنّ
الغرض فيها كان بمكة شرفها الله تعالى وعظّمها، وأنّ الزيادة كانت بالمدينة،
وأنّ سورة النساء متأخرة ولم يكن القصر مباحا إلا بعد تمام الفرض، وذلك
يعود إلى معنى واحد في أنّ القّصر إنّما ورد بعد تمام الصلاة، ولا حاجة لنا إلى
أصل الفرض اليوم؛ لأنّ الإجماع منعقد بأنّ صلاة العصر ثابتة أربعا وبالله
التوفيق، وذكر الحربي أنّ الصلاة قبل الإسراء كانت عند غروب الشّمس،
وصلاة قبل طلوعها لقوله تعالى: (وسبح بحمد ربّك بالعشي والإبكار) (2) .
وقال يحيى بن سلام: مثله، فعلى هذا: يحتمل قول زيد في صلاة الحضر،
فتكون الزيادة في الركعات، وفي عدد الصلوات ويكون قولها: " فرضت
الصلاة ركعتين " (3) أي قبل الإسراء، وقد قال بهذا طائفة من السلف منهم:
ابن عباس انتهى، ومثله ذكره ابن الجوزي في كتاب الوفاء عن محمد بن
أحمد بن البراء، وأما قول أبي بشر الدولابي في تاريخه: وروى عن عائشة
وأكثر الفقهاء: أنّ الصلاة فرضت بتمامها/فمحمول على إتمام العدد لا
الركعات والله تعالى أعلم، وفي قوله- عليه الصلاة والسلام- " ما بين هذين "
وقف أراد به تعليم الأعرابي بأن الصلاة تجوز في آخر الوقت لمن ليس أو كان
له عذرا، وخشى منه عليه السلام أن يظنّ أنّ الصلاة في آخر الوقت لا تجزئ،
وزعم الأصيلي. أنه قال: لم يصح عند مالك، حيث الوقتين لم يخرّجه
(1) سورة النساء آية:101.
(2) سورة غافر آية: 55.
(3) ضعيف جدا. المشكاة (1348) ، والمجمع (2/156) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
وفيه. عمرو بن عبد الغفار وهو متروك.

(1/959)


البخاري، وسأله الترمذي لِم يخرجه أبي الحسن أنه قال: حديث الوقتين لم
يخرجه البخاري، وسأله الترمذي لِم لم تخرجه، وقد رواه قتيبة عن مالك؟!
فقال البخاري: انفرد به قتيبة، قال أبو الحسن: أراد البخاري أن قتيبة غريب
رحّال يذكر عن الليث شيئا لم يذكره غيره وأهل مصر أعلم بمالك وأعرف
بحديثه، وإلا فقتيبة ثقة حافظا وذكر غيره أنّ مثل هذا لا يرويه خبره لثقة
انتهى، وقدمنا حديث الوقتين مصححا قبل والله تعالى أعلم.

(1/960)


101- باب وقت صلاة الفجر
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن
عائشة قالت: " كان نساء المؤمنات يصلين مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح، ثم
يرجعن إلى أهلهن فلا يعرفهن أحد من الغلس ". هذا حديث خرجه الأئمة
الستة (1) في كتبهم. حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي ثنا أبي عن
الأعمش وعن إبراهيم عبيد الله، والأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) . قال:
يشهده ملائكة الليل والنهار ". هذا حديث لما رواه الترمذي (2) عن عبيد عن
أبيه/عن الأعمش وعن على بن حجر عن علي بن مسهر عن الأعمش، قال:
وزاد ابن مسهر عن أبي سعيد، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وخرجه
الحاكم (3) من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد
مرفوعا، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفي
تفسير ابن أبي حاتم من جهة ابن إسحاق قال: وذكر الزهري عن سلمان الأغر
عن أبي هريرة يرفعه، قال: يجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة
__________
(1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (المواقيت، باب " 27 "، والآذان، باب " 163،
165 ") ، ومسلم في (المساجد، ح/232) ، وأبو داود (ح/ 423) وفيه: " فنصرف النساء متلفعات بمروطهن "، والترمذي 1 ح/153) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (المواقيت، باب " 25 "، والسهو، باب " 101 ") ، وابن ماجة (ح/669) ، ومالك في (الصلاة، ح/4) ، وأحمد (6/37، 179، 248، 259) . غريبه: وقوله: " متلفعات " بفاء بعدها عين مهملة، هو بمعنى متلففات بفاءين. قال ابن الأثير: أي متلففات بأكسيتهن، واللفاع ثوب يجلل به الجسد كله، كساء كان أو غيرها وتلفع الثوب: إذا اشتمل به. و" المروط " جمع مرط، بكسر الميم وإسكان الراء، وهو كساء يكون من صوف أو خز.
(2، 3) صحيح. رواه الترمذي (ح/135) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة (ح/
670) ، وأحمد (2/474) ، والحاكم (1/1210 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه. والمشكاة: (635) ، والفتح (2/36) ، وابن خزيمة (1474) ، والحاوي (2/256) ،
وابن كثير في " التفسير " (5/99) ، والطبري (51/94) ، والقرطبي (10/306) . قوله: "وقرآن
الفجر " أي صلاة الفجر بالنصب، عطف على مفعول أقم. في قوله تعالى: " أقم الصلاة لدلوك
الشمس " أو على الإغراء، قال الزجاج: وإنما سميت قرآنا لأنه ركنها.

(1/961)


الصبح، فإذا فرغ الإمام صعدت ملائكة الليل وأقامت ملائكة النهار، وروى
أيضا من جهة ابن جريج عن عطاء، قال: تشهده الملائكة والجن، وروى ابن
المنذر بسنده إلى أبي عبيدة أنّ عبد الله كان يقول: يتداول الحرسان من
ملائكة الله، حارس الليل، وحارس النهار عند طلوع الفجر: " واقرءوا إن
شئتم " و" قرآن الفجر ". ثنا علي بن عبد العزيز ثنا ابن المقري ثنا مروان ثنا
جبير عن الضحاك في هذه الآية قال: تشهده ملائكة الليل، وملائكة النهار
الذين يشهدون أعمال بنى آدم، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا
الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي ثنا نهيك بن مريم الأوزاعي ثنا مغيث بن سمى
قال: صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس، فلمّا سلم أقبلت على ابن
عمر فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: هذه صلاتنا كانت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وأبي بكر وعمر، فلما طعن عمر، أسفر بها عثمان (رضي الله تعالى عنهم) ،
هذا حديث إسناده صحيح، مغيث بن سمى أبو أيوب الشامي روى عنه
جماعة، منهم: عطاء بن أبي رباح، وأبو بكر عمرو بن سعيد الأوزاعي، وزيد
بن واقد، ومحمد بن يزيد الرحبي، وعبد الرحمن/بن يزيد بن جابر أدرك
الناس أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما ذكره وهو عن نفسه وقال الوليد عن الأوزاعي
عن نهيك ابن مريم: لا بأس به عن مغيث بن سمى، وهؤلاء رجال الشام ليس
فيهم إلا ثقة، وقال ابن معين كان صاحب لب كأبي الخلد ووهب بن منبه،
وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: دمشقي ثقة، وذكره البستي في
كتاب الثقات وخرج حديثه في صحيحه، وكذا فعله. حدثنا محمد بن
صالح، أنبأ سفيان بن عيينة عن ابن عجلان سمع عاصم بن عمر بن قتادة
وجده بدري يخبر عن محمود بن الربيع عن رافع بن حديج أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: " أصبحوا بالصبح فإنّه أعظم للأجر أو لأجركم " (1) . هذا حديث قال فيه
أبو عيسى: حسن صحيح، وذكره البستي في صحيحه، وقال أبو علي
الطوسي: يقال هو حديث حسن صحيح، وقال البغوي: هو حديث حسن،
__________
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/424) ، والترمذي (ح/154) . وقال: هذا حديث حسن صحيح،
وابن ماجة (ح/672) ، واحمد (3/465) والطبراني (4/396) ، وأبن عساكر في "التاريخ " (1/
302، 3/304) ، والكنز (19286، 19287، 22024) .

(1/962)


ولفظ أبي داود: " أسفروا بالصبح " وصححه الفارسي، وقال محمود هو ابن
الربيع بن لبيد: وهذا مردود إجماعا؛ لأنّ ابن الربيع غير ابن لبيد، وقال منها،
قلت لأبي عبد الله: حدثوني عن محمد بن بكار عن حفص بن عمر عن
محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب عن ابن عباس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر " (1) ، فقال ليس بصحيح إنما هو عن محمد
بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن رافع بن حديج، وقال أبو محمد الأزدي:
هذا حديث يدور بهذا الإسناد عن عاصم، وهو ثقة عنه عن أبي زرعة وابن
معين، وقد ضعّفه غيرهما، وقد روى بإسناد آخر عن أبي رافع، وحديث عاصم
أصح، وروى عن غير رافع، وحديث رافع من طريق عاصم أحسن، قال ابن
القطان: أمّا قوله: وضعفه غيرهما فأمر لم أعرفه، بل هو ثقة كما ذكر عن ابن
معين وأبي زرعة، وكذلك/قال النسائي وغيره: ولا أعرف أحدا ضعفه ولا
ذكره في جملة الضعفاء، وقد ترك أن بين أنه من رواية ابن إسحاق، وأن
يورده من رواية ابن عجلان بدلا منه عند أبي داود وليس هو معنية في قوله،
وقد روى بإسناد آخر إلى رافع، وإنما يفتى بذلك إسناد آخر ليس من طريق
عاصم، وأما طريق عاصم هذا فصحيح، ولم يصححه بقوله أصح، وإنّما هو
عنده حسن فاعلمه انتهى، وممن وثقة أيضا: الشيخان بتخريج حديثه، وابن
سعد بقوله: كان ثقة كثير الحديث عالما، وقال البزار: هو ثقة مشهور، وذكره
البستي في كتاب الثقات، وقد جمع سفيان بن عجلان وابن إسحاق في
كتاب الطبراني الكبير رواه عن إبراهيم بن واثلة ثنا محمد بن المغيرة ثنا
النعمان ثنا سفيان عن محمد بن إسحاق ومحمد بن عجلان به، ورواه عن
عاصم أيضا عبد الحميد بن جعفر قال الطبراني: نا محمد بن عبدوس بن
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (ح/154) ، والنسائي (1/272) ، وأحمد (4/142، 143، 5/
429) ، والبيهقي (1/457) ، والطبراني (4/295) ، وشرح السنة (2/196) ، والمشكاة (614) ،
ونصب الراية (1/235، 237) ، والميزان (1080) ، ولسان (11/487) ، والفتح (2/5) ، والكنز
(19274 ن، 19277، 19282، 19283، 19284) ، وتلخيص (182) ، وابن حبان
(264) وابن أبي شيبة (0/321) ، وابن عدي في " الكامل " (1/339) .
(1) ضعيف أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/315) من حديث بلال، وعزاه إلى-

(1/963)


كامل نا إبراهيم بن راشد الآدمي ثنا معلى بن عبد الرحمن عن عبد الحميد
به، قال: وثنا أبو معن ثابت بن نعيم النوحي ثنا آدم بن أبي إياس نا شعبة عن
أبي داود عن زيد بن أسلم عن محمود بن لبيد به، وزاد في الأوسط: لم يروه
عن شعبة إلا آدم وبقية، إلا أنّ بقية رواه عن شعبة عن وارد البصري، وقد قيل
إنه وارد بن أبي هند، ورواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن هشام بن سعد
حدثنى زيد بن أسلم عن محمود به، ورواه النسائي فيما ذكره بعضهم عن آدم
ولم أر هذا والذي رأيت أنه قال في الكنى: أبو داود أيوب بن سعيد عن زيد
بن أسلم عن محمود بن لبيد عن رافع بن حديج، قاله محمد بن يحيى عن
آدم، وفي السنن ثنا الجوزجاني نا ابن أبي مريم ثنا أبو غسان محمد بن مطرف
عن زيد بن أسلم/عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمد بن لبيد عن رجال
من الأنصار أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال الحديث، وهو مما وقع لنا عاليا مدرجين
من كتاب الطبراني لرواية له عن إسحاق بن إبراهيم القطان عن سعيد بن أبي
مريم، ورواه ابن عدي في الكامل من جهة رفاعة بن عبد الرحمن بن رافع عن
أبيه عن جدّه، وقال: لا نعرف رفاعة، وقال البخاري: فيه نظر، وقال
عبد الرحمن: سألت أبي عن حديث رواه أبو نعيم عن إبراهيم بن مجمع عن
أبي هريرة يعني هذا بزيادة قدر ما سفر القوم، فقال أبي: ثنا هارون بن معروف
وغيره عن أبي إسماعيل أنّ عمر بن سليمان المؤذن عن أبي هريرة، فقال: روى
أبو بكر بن أبي شيبة هذا الحديث عن أبي نعيم عن ابن مجمع، وسمعنا
كتاب إبراهيم بن إسماعيل كلّه عن أبي نعيم فلم يكن لهذا فيه ذكر، وقد ثنا
غير واحد عن المعرور، قلت لأبي: الخطأ من أبي نعيم أو من أبي بكر! قال:
أرى قد تابع أبا بكر رجل آخر، فْعلى هذا بدل الخطأ من أبي نعيم أراد أبا
إسماعيل المؤدب لغلط في شبه إلى ابن مجمع، وفيما أوردناه ردّ لما قاله
الأشبيلي، وقد يروى بإسناد آخر أتى رافع، وتقرير أبي الحسن، ذلك ويشبه أن
يكون مسند الأشبيلي في تضعيف عاصم ما قيل كلّ عاصم في حفظه شيء
وليّن كان إيّاه فغير نافع له؛ لأن العمومات لا يستدل بها إلا برأينا من أطلق
كابن معين وغيره عاد فوثّق الذي عمم فيه القول والله تعالى أعلم، وفي الباب
حديث بلال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أسفروا بالفجر فإنّه أعظم الأجر ". رواه

(1/964)


البزار في مسنده (1) من طريق أيوب بن سيار القائل به، أنه ليس/بشيء عن
محمد بن المنكدر عن جابر عن أبي بكر عنه، ورواه الطبراني (1) في مسنده
وبلفظ: " يا بلال أصبحوا بالصبح فإنه خير لكم "، وحديث عبد الله بن مسعود
قال يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أسفروا بصلاة الصبح فإنه أعظم للأجر " (2) . رواه أبو
القاسم من حديث الثوري عن شعبة عن زبيد عن مرة عنه، وحديث جابر بن
عبد الله قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤخر الفجر ". رواه الطحاوي (3) من طريق
يزيد بن سنان عن عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن ابن عقيل عنه،
وحديث أبي طريف الهذلي: "انه كان مشاهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محاصر أهل
الطائف فكان يصلى صلاة الفجر لو أن إنسانا رمى بنبله أبصر مواقع نبله " (4) .
ذكره أيضا من حديث ذكره ابن إسحاق عن الوليد بن عبد الله ابن أبي
سميرة كذا ذكره، ويشبه أن يكون وهما، لما رواه العسكري في معرفة
الصحابة، عن ابن أبي داود ثنا محمود بن آدم ثنا بشر بن السرى نا زكريا
بلفظ: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بنا صلاة المغرب " (5) . ولذا قال أبو عمر حديثه
في صلاة المغرب والله تعالى أعلم، وحديث زيد بن أسلم عن أنس بن مالك
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أسفروا بصلاة الصبح يغفر لكم " (6) ، أخرجه الهروي في
معجمه، ولفظه في الموضوعات: " من نور بالفجر نور الله قلبه وقبره وقبلت
صلاته " (7) . ورده بأبي داود النخعي، وفي كتاب النسائي: " سئل النبي عليه
__________
" البزار " والطبراني في " الكبير " وفيه أيوب بن سيار وهو ضعيف.
(1) ضعيف. رواه الطبراني: (1/321، 336) .
(2) ضعيف. رواه الطبراني (10/220) ، والمجمع (1/315) وعزاه إليه في " الكبير " وفيه معلى
بن عبد الرحمن الواسطي، قال الدارقطني: كذْاب وضعْفه الناس، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا
بأس به، قلت: قيل له: عند الموت ألا تستغفر الله، قال: ألا أرجو أن يغفر لي وقد وضعت في
فضل علي سبعين حديثا. وأصفهان (1/743، 2/263، 329) : والكنز (19275، 19280،
19281) والإرواء (1/284) .
(3) شرح معاني الآثار: (1/178) .
(4) المصدر السابق.
(5) الحاشية السابقة.
(6) بنحوه رواه الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 236) بلفظ: " أسفروا بصلاة الفجر فإنّه أعظم للأجر ".
(7) موضوع. الموضوعات، (2/86) ، والكنز (19290) ، وتنزيه (2/76) ، والفوائد (15) .

(1/965)


السلام عن وقت صلاة الغداة ما بين هاتين أو هاتين وقت " (1) . وحديث علي
قال: " صلى بنا النبي عليه السلام صلاة الفجر يوما بغلس وبسفر " (2) ، الحديث
بطوله سأل ابن أبي حاتم أباه عنه، فقال: راوية أبو خالد عمرو بن خالد/
الواسطي وهو ضعيف الحديث جدا، وكتاب أبي جعفر من طريق علي بن
ربيعة قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: " أسفروا أسفروا "، ومن حديث
شجاع بن الوليد عن داود الأودي عن أبيه يزيد قال: " كان علي بن أبي
طالب يصلى بنا الفجر، ونحن نتوقا الشّمس مخافة أن تكون قد طلعت "،
وفي كتاب أبي نعيم نا سعيد بن عبيد البسطامي عن علي بن ربيعة سمعت
عليا يقول: نا ابن البنّاح: " أسفروا أسفروا بالفجر ". وثنا سفيان عن حبيب بن
أبي ثابت عن نافع بن جبير بن مطعم قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي
موسى " أن صلّ الفجر إذا نوّر النور ". قال: وكان عمر بن مسلم يقول: كان
سويد، قال: " كان على سفر حتى تكاد الشمس تطلع ". وثنا سفيان بن غفلة
يسفر بالفجر إسفارا شديدا، وقال: وقال ابن أناس: سمعت سعيد بن جبير
يقول لمؤذّنه: " نور نور "، ونا سفيان عن شيخ قال كان الربعي بن خيثم يقول
لمؤذنه: " نور نور "، قال أبو نعيم: ورأيت سفيان يسفر بصلاة الغداة، ومن
حديث زهير بن حرب عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن زيد بن وهيب
قال: " صلى بنا عمر صلاة الصبح، فقرأ بسورة إسرائيل والكهف، حتى جلت
انظر إلى جدار المسجد هل طلعت الشمس ". ومن حديث عبد الرحمن بن
زيد قال: " كنا مع عبد الله بن مسعود، فكان يسفر بصلاة الصبح ". ومن
حديث جبير بن معمر قال: " صلى بنا معاوية بن أبي سفيان الصبح بغلس ".
قال أبو الدرداء: أسفروا بهذه الصلاة فإنه أفقه لكم إنّما يريدون أن يجلوا
الحق "، ونبأ ابن خزيمة عن القعنبي عن عيسى بن يونس عن الأعمى عن
إبراهيم قال: ما اجتمع أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على شيء ما اجتمعوا على
__________
(1) صحيح. رواه النسائي في: 6. كتاب المواقيت، 23. باب أول وقت الصبح (1/271.270) .
(2) صحيح بشواهده. رواه النسائي في: 6. كتاب المواقيت، 5. باب التغليس في السفر، (1/
272.271) .

(1/966)


التنوير، وحديث أبي شعبة الطحان جاء الأعمش عن أبي الربيع الحنظلي قال:
كنت مع/ابن عمر فقلت: يا أبا عبد الرحمن أصلى معك الصبح ثنا، فألتفت
فلا أرى وجه جليس ثم أحبانا سفر " قال كذلك رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يصليها، وحديث أبي حارثة وقد تقدّم، وحديث صفوان بن المعطل لما
شكى (1) زوجته إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه ما يصلى الصبح حتى تطلع الشمس،
فقال له النبي- عليه الصلاة والسلام-: " إذا استيقظت فصل " وهو مخرج في
الصحيح (2) وسيأتي، وحديث معاذ قال بعثني النبي- عليه الصلاة والسلام-
إلى اليمن، فقال: " إذا كان الشتاء فغلس بالفجر وأطل القراءة قدر ما يطيق
القوم ولا تملّهم، وإذا كان الصيف فأسفروا بالفجر، فإن الليل قصير أو الناس
ينامون فأمهلهم حتى يدركوا " (3) . رواه البغوي في شرحه من حديث يوسف
بن أسباط عن المنهال بن جراح عن عبادة عن ابن غنم عنه، وفي كتاب
الضعفاء لابن حبان: وروى سعيد بن أوس أبو زيد الأنصاري عن ابن عون
عن ابن سيرين عن أبي هريرة يرفعه: " يا بلال أسفر بالصبح فأنه أعظم
للأجر " (4) ، ثم قال: وليس هذا من حديث ابن عون ولا ابن سيرين، وإنّما هذا
المتن من حديث رافع فقط، وسعيد يروى عن ابن عون ما ليس من حديثه.
انتهى كلامه وفيه نظر لما أسلفناه والله تعالى أعلم، وحديث أبي الدرداء يرفعه:
" أسفروا بالفجر تفقهوا ". ذكره الحافظ أبو إسحاق بن إبراهيم بن محمد في
مسند أبي الدرداء جميعه عن أبي زرعة نا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي
نا محمد بن شعيب سمعت سعيد بن سنان يحدّث، وتقدّم حديث ابن لبيد
عن رجال من الأنصار وحديث ابن عباس وحديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تزال/أمتي على الفطرة. ما أسفروا بالفجر " ذكره أبو القاسم في
__________
(1) قوله: " شكى " وردت " بالأصل " " سكة " وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(2) صحيح. رواه أحمد (3/80) ، والبيهقي (4/303) ، والحاكم (1/436) ، وابن حبان
(956) ومشكل (2/ 424) ، والبداية (8/146) ، والكنز (383/2) ، وصححه الشيخ الألباني.
والصحيحة (4/135)
(3) جامع المسانيد (56212) ، وجرجان (247)
(4) تقدم انظر ص 966

(1/967)


الأوسط (1) من حديث عبد العزيز بن رفعي عن أبي سلمة عنه، وقال: لم يروه
عن عبد العزيز إلا حفص بن سليمان، تفرد به عمر بن عون، وسيأتي أيضا
حديث أبي بردة الأسلمي. غريبه: قوله: بغلس، يعني: اختلاط أضياء الصبح
بظلمة الليل، وفي الصحاح: هو ظلمة آخر الليل، قال الأخطل: " كذبتك
عينك أم رزيت بواسط غلس الغلام من الرباب خيالا "، وقوله: أسفر، قال أبو
عمرو: يعني أمّنا، قال ابن خالوية: ولذلك بشر وابتسم، وانفجر عمود الصبح
وضحك، وهذه غير مستعملة، وحكى القزاز وابن عويس في كتاب الصواب:
سفر بغير ألف، وحكاه أيضا ابن القطاع بقوله: سفر الصبح وأسفر، رأى
الأصمعي إلا سفر قاله ابن درستويه، كل ذلك راجع إلى أصل واحد، يقال:
أسفرت البيت: إن كشفْته أو كنسه سفرا، وسفرت الريح السحاب، وسفرت
النّار الظلمة، وفي الصحاح: معنى: أسفروا بالفجر أي: صلوها بسفرين، ويقال:
طولها إلى الأسفار، وأسفر وجهه حسنا، أي: أشرق والإسفار الاخسار، وحكى
ابن القوطية: سفرت الشمس: طلعت، وإكراه سفر كشفت وجهها، وأسفر
الشيء: صار القوم في أسفار الصبح، وزاد ابن طريف. وأسفر الليل انقضى
وانكشفت ظلمته، قال بعض الخوارج: إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم
وهم ركوع، وفي الأساس في فصل الحقيقة: وخرجوا في السفر في بياض
الفجر، ورحنا فسفر بياض قبل الليل وبقى عليل سفر من نهار، ومن المجاز:
وجه مسفر، مشرق سرورا " وجوه يومئذ مسفرة "، وفي الفصيح: وقد سفرت
المرأة، إذا ألقت خمارها عن وجهها، والرجل عمامته/، وهى مسافرة وأسفر
وجهها إذا أضاء وكذلك الصبح، وفي العرنين قيل: المكاتب سافر؛ لأنه يبن
الشيء ويوضحه، وفيه أسفار الصبح، وفي الكتاب المغيث لأبي موسى: أسفر
الصبح انكشف، ومنه الحديث: " أسفروا بالصبح ". قال الخطابي: يحتمل أنّه
حين أمروا بالتغليس بالفجر كانوا يصلونها عند الفجر الأول رغبة في الأجر،
__________
(1) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/315) ، من حديث أبي هريرة، وعزاه
إلى " البزار " والطبراني في " الكبير " وفيه حفص ابن سليمان، ضعفه ابن معين والبخاري، وأبو حاتم، وابن حبان، وقال ابن خراش: كان يضع الحديث، ووثقه أحمد في رواية، وضعف في أخرى.

(1/968)


فقيل أسفروا بها أي: أخروها إلى ما بعد الفجر يصلونها عند الفجر الأوّل
رغبة في الأجر " (1) ، قال أبو موسى: ويدلّ على صحة قول الخطابي حديث
بقية عن عبد الرحمن بن رافع عن جدّه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبلال: " نور بالفجر
قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم " (2) . ويدل أيضا فعله عليه الصلاة والسلام،
فإنه كان يغلس بها إلا يوما واحدا على ما روى، فلو كان الأسفار أفضل لما
كان يختار التغليس عليه، قاله الخطابي: فإن قيل: فإن صلاتهم قبل الوقت لا
تجزئهم أصلا، قيل لذلك: هؤلاء إنّهم لا يفوتهم لوائهم: " كالحاكم إذا اجتهد
فأخطأ كان له أجر وإن أخطأ " (3) . وقيل: إنّ الأمر بالإسفار إنّما جاء في الليالي
المقمرة التي لا يبيّن فيها جيدا؛ فأمروا بزيادة تبيّن فيه، قاله أبو حاتم بن حبان
والله عزّ وجلّ أعلم، وقد اختلف العلماء في وقت الفجر المختار، فذهب أبو
حنيفة وسفيان بن سعيد وأكثر العراقيين: إلى أنّ الأسفار أفضل، قالوا: وهو قوة
الضوء قال في المحيط: إذا كانت السماء مصحبة بالأسفار أفضل إلا للحاج
فالمراد لغة، فهناك التغليس أفضل، وفي المبسوط: الأسفار بالفجر أفضل من
التغليس في الأوقات كلّها، قال الطحاوي: إن كان من غرمه التطويل شرع
بالتغليس ليخرج في الأسفار، قال: وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه، قال:
وحديث الأسفار ناسخ لحديث التغليس،/وقال الدبوسي: لا يدع التأخّر لمن
ينام في بيته بعد الفجر، بل يحضر المسجد لأوّل الوقت، ثم ينتظر الصلاة
ليكون له ثواب المصلى بانتظارها، ويكف عن الكلام بالكينونة في المسجد، ثم
يصلى لآخر الوقت، ولو صلى الأوّل الوقت قبل ما يمكنه المكث والمقام إلى
طلوع الشّمس، بل ينتشر بعد الفراغ لحديث الدنيا، وذهب الشافعي وأحمد
وإسحاق والليث والأوزاعي وأبو ثور وداود ومالك في الصحيح عنه: إلى أنّ
__________
(1) تقدّم. ورواه الطبراني: (4/331) .
(2) قوله: فرغبة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(3) قلت: ولفظ الحديث: " إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإذا اجتهد فأصاب فله أجران ".
رواه الدارقطني (1/273) ، وابن عدي في " الكامل " (13/183) ، وتلخيص (4/180) ، والنبوة
(7/185) ، والبداية (7/280، 14/139) ، وأحمد (2/187) .

(1/969)


التغليس أفضل، قال ابن المنذر: وقد روينا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وأبي موسى وابن الزبير وابن عمر، وأبي هريرة أخبارا تدل على أنّ التغليس
بالصلاة أفضل من تأخيرها انتهى. قد ذكرنا عن علي ما يخالف هذا وكذلك
عن عمر بن الخطاب، وأما آخر وقتها، فمذهب الجمهور: أنه طلوع الشمس،
قال القرطبي: وهو المشهور من مذهب مالك، قال: وعلى هذا لا يكون لهما
عنده وقت ضرورة ولا يؤثم تارك الصلاة إلى ذلك الوقت تعمدا، وروى ابن
القاسم وابن عبد الحكم عنه أنّ أخر وقتها الأسفار الأعلى، فعلى هذا يكون ما
بعد الأسفار وقت لأصحاب الأعزار، ويؤثم من أخرّ إلى ذلك الوقت وعن
أبي سعيد الإصطخري: من صلاها بعد الأسفار الشديد كان قاضيا لا مرديا
وإن لم تطلع الشمس، ومن الأشراف أجمع أهل العلم على أنّ: مصلى الصبح
بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس أنه مصليها في وقتها، وقال في الإقناع:
أوّل وقت صلاة الصبح: طلوع الفجر الثانى المعترض المتطير، وآخر وقتها لغير
المعذور: الإسفار انتهى كلامه، وفيه نظر؛ من حيث جعله في الأوّل وقتا مطلقا
لغير المعذور، وللمعذور في الثانى قدّم بالمعذور/وجعله إجماعا، وقد ذكرنا قبل
أن الإجماع والله تعالى أعلم، ومن هذا القبيل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنّ للصلاة أولا
وأخر وأنّ أوّل وقت الظهر حيث نزول الشّمس، وأنّ أخر وقتها حين يدخل
وقت العصر، وأنّ أوّل وقت العصر حين يدخل وقتها، وأن أخر وقتها حين
تصفر الشّمس، وأنّ أوّل وقت المغرب حين تغرب الشّمس وأن أخر وقتها حين
يغيب الأفق، وأنّ أوّل وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وأنّ وقتها حين
ينتصف الليل، وأنّ أوّل وقت الفجر حين يطلع الفجر، وأنّ أخر وقتها حين
تطلع الشمس " رواه الترمذي (1) عن هناد عن ابن فضيل عن الأعمش عن
__________
(1) رواه الترمذي في: 2. أبواب الصلاة، 1. باب تابع منه، (ح/151) . من حديث أبيِ هريرة.
قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو. قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث
الأعمش عن مجاهد في المواقيت: أصح من حديث محمد بن فُضيل عن الأعمش، وحديث
محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فضيل. حدثنا هناد حدثنا أبو أسامة عن أبي
إسحاق الفزاري عن الأعمش عن مجاهد: كان يُقال: إن للصلاة أولا وآخرا؛ فذكر نحو حديث
محمد بن فُضيل عن الأعمش، نحوه بمعناه. ورواه أحمد في المسند=

(1/970)


أبي صالح عن أبي هريرة، وقال: سمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن
مجاهد في المواقيت أصح من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة، وقال: سمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن
مجاهد في المواقيت أصحّ من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، وحديث
محمد بن فضيل خطأ أخطأ، فيه محمد بن فضيل، ثنا هناد ثنا أبو أسامة عن
أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش عن مجاهد قال: " كان يقال إن للصلاة أولا
وآخر ". فذكر نحو هذا الحديث، فقال: وهم ابن فضيل في حديثه، والصحيح
هو حديث الأعمش، وكذا قال أبو حاتم لما سأل ابنه عنه هذا أخطأ، ووهم
فيه ابن فضيل يرويه أصحاب الأعمش عن الأعمش عن مجاهد قوله، قال
الدارقطني: هذا لا يصح مسندا، ووهم في سنده ابن فضيل، وغيره يرويه عن
الأعمش عن مجاهد مرسلا وهو أصح من قول ابن فضيل، وقال أبو علي
الطوسي في أحكامه: يقال: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت أصح
من حديث ابن فضيل انتهى. محمد بن فضيل ممن خرج حديثه في
الصحيحين، فإذا رفع حديثا قبلت زيادته،/لا سيّما مع عدم المخالفة، ولهذا
فإنّ ابن حزم لم يلتفت إلى توهمه بغير مستند بل صححه واستدل به، وقال
ابن القطّان: لا يبعد أن يكون عند الأعمى في هذا عن مجاهد أو غيره مثل
الحديث المرفوع والله أعلم، وله شاهد في كتاب الدارقطني من حديث إبراهيم
بن الفضيل عن المقبري عن أبي هريرة قال عليه السلام: " إن أحدكم ليصلي
الصلاة لوقتها وقد يركع من الوقت الأوّل ما هو خير له من أهله وماله " (1) .
__________
- (رقم 7172 ج 2 ص 232) عن محمد بن فضيل بإسناده. ورواه البيهقي في السنن (1/
376.375) وابن حزم في المحلى (3/168) من طريق ابن فضيل. وأراد الترمذي برواية
مجاهد أن يذكر إسناده ليدل على الرواية التي رآها البخاري صوابا، وهي: أن هذا الحديث
موقوف من كلام مجاهد. وكذلك فعل البيهقي، فقد روى هذا الأثر بإسناده من طريق زائدة
عن الأعمش عن مجاهد، ثم قال: " وكذلك رواه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري وأبو
زبيد عن ابن القاسم عن الأعمش عن مجاهد ". قلت: ومحمد بن فضيل ثقة حافظ، قال ابن
المديني: كان ثقة ثبتا في الحديث، ولم يطعن فيه أحد إلا برمية بالتشيع، وليست هذه التهمة مما
يوثر في حفظه وتثبتْه.

(1/971)


قال ابن الحصار: رجاله كلهم ثقات، وحديث ابن مسعود، سألت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي العمل أفضل؟ قال: " الصلاة في أول وقتها " (2) . رواه الحافظ أبو بكر
بن خزيمة في صحيحه عن بندار، ثنا عثمان بن عمر ثنا مالك بن مغول عن
الوليد بن العزار عن أبي عمرو الشيباني عنه وابن حبان في صحيحه عن عمر
بن محمد الهمداني وإسحاق بن سفيان قالا: ثنا بندار قال: " الصلاة في أول
وقتها ". تفرّد بها عثمان بن عمرو حديث محمد بن أحمد بن رندي، ثنا
الحسن بن مكرم ثنا عثمان بن عمر بإسناده مثله، ولما ذكره ابن جرير وصححه
واستدّل به، ولما خرجه الحاكم في مستدركه عن ابن عمرو بن السماك، ثنا
الحسن بن مكرم وثنا علي بن عيسى ثنا أبو العباس محمد بن إسحاق ثنا
الحسن بن مكرم ثنا عثمان بن عمر به قال: هذا حديث يعرف بهذا اللفظ
لمحمد بن بندار عن عثمان، وبدار من الحفاظ الأثبات، بناه على بنى عيسى
في آخرين، قالوا: ثنا أبو بكر بن إسحاق ثنا بندار ويذكره قال: فقد صحّت
هذه اللفظة باتفاق بندار وابن مكرم على روايتهما عن عثمان، وهو صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وله شواهد في هذا الباب منها: ما ثناه أبو
سعيد إسماعيل بن أحمد الجرجاني/ثنا محمد بن الحسين وثنا حجاج بن
الشّاعر ثنا علي بن حفص المديني عن شعبة عن الوليد بن العزار، سمعت أبا
عمرو ثنا صاحب هذه الدار وأشار إلى ما رأى ابن مسعود قال: سألت النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي الأعمال أفضل؟ قال: " الصلاة في أول وقتها " (3) . ثم قال: قد روى
هذا الحديث جماعة عن شعبة، ولم يذكر هذه اللفظة- غير حجاج- عن
علىّ بن حفص، وحجاج حافظ ثقة، وقد احتج مسلم بعلي بن حفص
__________
(1) رواه القرطبي (2/165) ، والدارقطني (1/248) .
(2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (9/191) ، ومسلم في (الإيمان، ح/137) ، وأحمد (1/
418، 439، 442، 444، 5/368) ، والبيهقي (2/215) ، والحاكم (1/188) ، والطبراني
(15/24، 25، 26، 27، 28) ، ومنصور (2302) ، وأبو عوانة (1/63، 46، 343) ، وابن
أبي شية (1/316، 5/282) ، وشرح السنة (2/176) ، وابن كثير (3/356) ، والخطيب (2/
401، 4/280، 10/286) .
(3) انظر: الحاشية السابقة.

(1/972)


المدائني، وفي كتاب العلل للدارقطني من حديث حماد بن زيد عن الحجاج
عن سليمان وذكر أبو عمر الشيباني أنه قال: حدثنى صاحب هذه الدار بلفظ:
" الصلاة لميقاتها الأول ". قال الحاكم: ومنها ثنا أبو سعيد يعقوب بن أحمد ثنا
الحسن بن علي محمد بن مثنى نا ابن جعفر نا شعبة أخبرني عبيد المكتب،
سمعت: أبا عمرو الشيباني يحدّث عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره،
الرجل هو: ابن مسعود لإجماع الرواة فيه على أبي عمرو الشيباني، ومنها ما
ثنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي ثنا يحيى بن عثمان بن صالح
السهمي بمصر ثنا علي بن سعيد ثنا يعقوب بن الوليد عن عبد الله بن عمر
عن نافع عن ابن عمر قال- عليه الصلاة والسلام-: " خير الأعمال الصلاة
في أول وقتها " (1) . يعقوب بن الوليد هذا: شيخ من أهل المدينة سكن بغداد
وليس من شرط هذا الكتاب إلا أنّ له شاهدا عن عبد الله، حدّثنى أبو عمرو
محمد بن أحمد بن إسحاق العدل النمري ثنا محمد بن علي بن الحسن
البرقي ثنا إبراهيم بن محمد بن صدقة العامري في كندة في مجلس إلا شيخ
ثنا محمد بن حمير الحمصي عن عبد الله بن عمر العمرى عن نافع عن ابن
عمر بمثله (2) ، ومنها ما ثنا أبو العباس محمد بن/يعقوب ثنا الدوري ثنا أبو
سلمة منصور بن سلمة الحراني ثنا عبد الله بن عمر العمرى عن القاسم بن
غنام عن جدّته الدنيا عن جدّته أم فروة، وكانت ممن بايع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وكانت من المهاجرات الأوائل، أنها سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسئل عن أفضل
الأعمال فقال: " الصلاة لأوّل وقتها " (3) هذا حديث رواه الليث بن سعد،
__________
(1) صحيح. بشواهده. رواه الحاكم (1/189) ، والكنز (19578) ، والقرطبي (2/165) ،
والدارقطني (1/247) .
(2) قوله: " بمثله " وردت " بالأصل " " بمثابة " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.
(3) ضعيف. رواه الترمذي (ح/170) . قال الترمذي: حديث أم فروة لا يروى إلا من
حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث واضطربوا عنه في هذا
الحديث وهو صدوق وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه، وهذا الحديث مضطرب
الإسناد، كما قال الترمذي، ولكن ليس اضطرابه من قبل عبد الله بن عمر العمري بل من قبل
شيخه القاسم بن غنام الأنصاري البياضي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره العقيلي في
الضعفاء، وقال: " في حديثه اضطراب. والذي يظهر لي انه روى هذا الحديث عن امرأة=

(1/973)


والمعتمر بن سليمان وقرعة بن سويد ومحمد بن بشر العبدي عن عبيد الله بن
عمر عن القاسم بن غنام، أما حديث الليث، فحدثناه أبو بكر بن سليمان بن
داود ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الحسن المعافري بمصر ثنا علي
بن عبد الرحمن بن غيلان ثنا عمرو بن الربيع بن طارق ثنا الليث به، سمعت
أبا العباس محمد بن يعقوب سمعت أروى سمعت يحيى بن معين، يقول: قد
روى عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنام، ولم يرو عنه آخر وعبيد الله،
وقال أبو عيسى: وحديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله العمري
وليس هو بالقوى عند أهل الحديث، واضطربوا في هذا الحديث، وقال أبو
القاسم في الأوسط: لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن عمر إلا قرعة بن
سويد، وفيه نظر لما أسلفناه، ولما في سنن أبي داود ثنا الخزاعي والقعنبي عنه،
وأمّا قول الحاكم وعلي بن حفص ممن احتج به مسلم، وكذا قاله في المدخل
ففيه دلالة على تفرده به دون البخاري، وليس كذلك بل قد احتجا به جميعا
فيما ذكره الباجي وابن سرور وأبو إسحاق العريني وأبو إسحاق الجياتي ومن
حفظهما نقلته، وحديث ابن عمر قال عليه الصلاة والسلام: " الوقت الأول من
الصلاة رضوان الله والوقت الآخر عفو الله ". رواه أبو عيسى (1) من حديث
يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله/بن عمر عن نافع به، ولما ذكره ابن
__________
= من أهله، هي جدته الدنيا، أو هي جدته أم أبيه، كما بيّن في بعض الروايات عن جدّته
للعليا: أم فروة، فصار يرويه تارة فيذكر الواسطة المبهمة، وبرويه أخرى فيحذفها ويقول: " عن أم فروة ". وقد وصف جدته أم فروة في بعض الروايات بأنها، كانت ممن بايع تحت الشجرة، وبأنها كانت من المهاجرات الأول (الحاكم 1/ 189، والدارقطني 10/273) . ورواه أحمد (6/ 374، 375،044) والبيهقي (1/434) ، والطبراني (10/24) ، وابن سعد (8/222) ،
واستذكار (1/91) ، وتلخيص (1/145) ، والترغيب (1/257) ، والعقيلي (3/475) .
(1) ضعيف. رواه الترمذي (ح/172) . وقال: هذا حديث غريب. ورواه الحاكم (1/189)
بلفظ: " خير الأعمال الصلاة في أوّل وقتها ". وقال: " يعقوب بن الوليد هذا شيخ من أهل المدينة، سكن بغداد، وليس من شروط هذا الكتاب إلا أنه شاهد "، وتعقبه الذهبي فقال: " يعقوب كذاب ". ورواه البيهقي (1/435) من طريق أحمد بن منيع شيخ الترمذي. ونقل عن أبي
أحمد بن عدي الحافظ أنه قال: " هذا الحديث بهذا الإسناد باطل ". ثم قال البيهقي: " هذا
حديث يعرف بيعقوب بن الوليد المدني، ويعقوب منكر الحديث ضعفه يحيى بن معين وكذّبه
أحمد ابن حنبل وسائر الحفاظ، ونسبوه إلى الوضع "، وضعفه الشيخ الألباني. انظر:=

(1/974)


حبان في كتاب الضعفاء قال: تفرد به يعقوب بن الوليد وكان يضع الحديث،
وكذا ابن عدي ردّه به، وزعم: أنّ البخاري قال فيه: ليس بشيء، وقال أحمد:
كان من الكذابين الكبار، ولما ذكره عبد الحق ردّ بالعمري، وتبع ذلك عليه أبو
الحسن بأن قال: عجب أن يكون عبد الله الرجل الصالح علّة لحديث يعقوب
بن الوليد يرويه وهو كذاب، قال أبو حاتم: كان يكذب، والحديث الذي يرويه
موضوع، ورواه محمد بن حميد بن هارون عن ابن منيع عن يعقوب عن عبيد
الله مصغرا يعني: أخا عبد الله. قال ابن عدي: كذا كان ابن حميد يقول عن
عبيد الله قال: والصواب ما نبأ به ابن صاعد وابن أسباط على أنه باطل هذا
الإسناد، سواء قيل فيه عبد الله أو عبيد الله، ويعقوب هذا عامة ما يرويه من
هذه الطرق فليست محفوظة، وهو بيّن الأمر في الصلاة " والسلام أوّل الوقت
رضوان الله وآخر الوقت عفو الله " (1) .
رواه أبو الحسن في سننه من حديث الحسين بن حميد بن الربيع وهو متهم
بالكذب، وحديث أبي الدرداء قوله عليه الصلاة والسلام: " إن تعجيل الصلاة
في اليوم الدجن من صفة الإيمان " (2) . رواه ابن وهب في مسنده عن الليث
عن عمر بن شيبة المدني عن رجل حدُّثه عن أبي الدرداء به، وحديث علي
مرفوعا: " أوّل الوقت رضوان الله وآخره عفو الله ". ذكره أبو بكر في خير
المدينة من حديث موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه عنه، وحديث
" أوّل الوقت رضوان الله وأخر الوقت عفو الله ". ذكره بن عدي في
الكامل (3) ، وزعم: أنّ بقية/تفرد به، قال: وهو من الأحاديث التي تحدّث بها
بقية عن المجهولين، وزاد أبو الفرج في العلل المتناهية، ومع ذلك عبد الله مولى
عثمان وعبد العزيز وهما لا يعرفان، ولفظ الطبراني في الأوسط: " من صلى
__________
ضعيف الجامع (ص 890، ح 6164) .
(1) ضعيف. رواه الدارقطني (1/246) ، وتلخيص (1/180) . قلت: عامة طرقه ضعيفة.
(2) راجع: مسند ابن وهب.
(3) ضعيف. رواه ابن عدي في " الكامل ": (2/509) .
قلت: وعلته تفرد بقية بن الوليد هذا الحديث، وهو معروف بالوضع.

(1/975)


الصلاة لوقتها تقول حفظك الله كما حفظتني ومن صلى لغير وقتها قالت:
ضيعك كما ضيعتني " (1) . رواه من حديث عباد بن كثير عن أبي يحيى يعني
حميد الطويل عنه، وقال: لم يروه عن حميد إلا عبّاد تفرد به عبد الرحيم بن
سليم عن أبي الحون العبسي، ولفظ إسماعيل بن زياد في مسنده عن أمان عن
أنس مرفوعا: " فضل الوقت الأول من الصلاة على الآخرة كفضل الآخرة على
الدنيا ". وحديث أبي محذورة قال عليه الصلاة والسلام: " أول الوقت رضوان
الله وأوسطه رحمة الله وآخره عفو الله " ذكره ابن عدي (2) من حديث إبراهيم
بن زكريا، وهو يحدّث عن الثقات بالبواطيل، والحمل في هذا الحديث عليه
عن إبراهيم بن محمد بن أبي محذورة عن أبيه عن جدّه، وفي كتاب القمولي
سمعت أبا عبد الله يقول: لا أعرف شيئا يثبت في أوقات الصلاة أو لما كذا
وأوسطها كذا، يعني مغفرة ورضوانا، فقال له رجل: ما يروى هذا ليس هذا
يثبت، وحديث عياض بن زيد العبدي سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أيها الناس عليكم
بذكر ربكم عز وجل وصلوا صلاتكم في أوّل وقتكم فإن الله تعالى يضاعف
لكم ". رواه أبو موسى في كتاب الصحابة من حديث سليمان بن داود
المسعري ثنا عثمان بن عمر عن العباس عن أبي الشيخ الهنائي عن عبد القيس
اسمه عياض فذكره، ويلتحق به أيضا ما خرجه أبو بكر بن خزيمة في
صحيحه/من حديث ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: " الفجر فجران: فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة وفجر يحرم فيه
__________
(1) رواه الطبراني (19/142) ، والترغيب (1/257) ، والمغنى عن حمل الأسفار (1/148) .
(2) انظر: الحاشية قبل السابقة.
(3) صحيح. رواه ابن خزيمة (356) ، وللبيهقي (1/457، 2/377، 4/216) ، والحاكم (1/
191، 425) ، وصححه وابن أبي شيبة (3/27) ، والدارقطني (1/268) ، والمنثور (1/200) ،
والفتح (4/136) ، والخطيب (3/58) ، وابن كثير (1/321) ، والكنز (19260، 19262، 24005) .
وصححه الشيخ الألباني (الصحيحة: ح/693) .
قال ابن خزيمة:
" في هذا الخبر دلالة على أن صلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل دخول وقتها ". قال:=

(1/976)


الصلاة ويحل فيه الطعام " (3) . رواه عن محمد بن علي بن محرز نبأ أبو أحمد
الزبيري نا سفيان عنه، وقال: في هذا الخبر دلالة على أنّ صلاة الفرض لا
تجوز قبل دخول وقتها بقوله فجر يحرم فيه الصلاة يريد صلاة الصبح، ولم يرد
أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد طلوع الفجر الأوّل، فقوله ويحل فيه
الطعام يريد الصيام، وحديث طلق بن علي أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ليس الفجر
بالمستطيل في الأفق، ولكنه المعترض الأحمر حسنه " (1) . منه أبو عيسى
الترمذي، وحديث مسلمة بنت خمروية قالت: قدمت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهو يصلى بالنّاس الغداة، وقد أقيمت حين شقّ الفجر والنجوم شابكة في
السماء والرجال لا تكاد تعارف من ظلمة الليل " (2) .
الحديث بطوله ذكره أبو عيسى عن عبد بن حميد عن عفان بن مسلم عن
عبد الله بن حسان أنّ جدته صفية، ودحية حدّثناه عنها، وقال: لا يعرف إلا
من حديث ابن حسان، ومرسل محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الفجر فجران فأمّا الذي يكون في الأفق كذنب المرجان فلا
يحل الصلاة ولا يحرم الطعام، وأمّا الذي يذهب مستحيلا في الأفق فإنّه يحل
الصلاة ويحرّم الطعام " (3) ، وعن عبادة بن الصامت وشداد ابن أوس من
حديث مكحول عنهما فيما ذكره أبو الحسن البغدادي في سننه: " الفجر
فجران المستطيل والمعترض فإذا انصدع المعترض حلّت الصلاة " (4) ، وقد عبّر
عنه الشاعر بقوله فيما أنشده الثقفي، وحاكم من أعدل الحكام من بين/سام
__________
= " (فجر يحرم فيه الطعام) يريد على الصائم. (وتحل فيه الصلاة) يريد صلاة الصبح؛ (وفجر
تحرم فيه الصلاة) يريد صلاة الصبح، إذا طلع الفجر الأول لم يحل أن يصلى في ذلك الوقت
صلاة الصبح لأن الفجر الأول يكون بالليل، ولم يرد انه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد الفجر".
(1) صحيح. رواه أحمد (4/32) ، وابن كثير في " التفسير " (1/321) .
(2) قوله: " الليل " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(3) تقدم. وهو حديث صحيح. (ص 355) .
(4) انظر: الحاشية (ص 355) .

(1/977)


وأخيه حام ثم إذا نبدى عن انبسام فرق بين الحلّ والحرام. وقال آخر: وعبّر عن
الفجر الصادق والكاذب:
قد سمى اثنان بنو شروان ... ووصفا بالعدل في الزمان
والليل ينازل له فجران ... وإنّما الصادق منه الثانى

(1/978)


102- باب وقت صلاة الظهر
حدثنا محمد بن بشار، ثنا يحيى بن سعيدِ عن شعبة عن سالم بن حرب
عن جابر بن سمرة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلى الظهر إذا دحضت الشمس ".
هذا حديث خرجه مسلم (1) (رحمه الله تعالى) في صحيحه وخرجه أبو
داود (2) بلفظ: " ان بلالا كان يؤذّن الظهر إذا دحضت الشمس ". والنسائي (3)
بزيادة " وكان يقرأ بنحو من والليل إذا يغشى "، زعم ابن عساكر: أنّ أبا داود
خرجه بهذه الزيادة، وأقرّه المزي على ذلك، وليس كما زعما، فانّ لفظ أبي
داود كما سقته لك في الروايات كلها والله تعالى أعلم حدّثنا محمد بن بشّار
ثنا يحيى بن سعيد عن عوف بن أبي جميلة عن سيار بن سلامة عن أبي برزة
لعلّه الأسلمي قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى صلاة الفجر التي تدعونها الظهر
إذا دحضت الشّمس ". هذا حديث أخرجه الأئمة الستة (4) في كتبهم، ولفظ
البخاري عن سيار قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة، فقال له أبي: كيف
كان النبي عليه الصلاة والسلام يصلى المكتوبة؟ فقال: كان يصلى الهجيرة
التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس، ويصلي العصر، ثم يرجع أحدنا
إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية، ونسيت ما قال في المغرب،/وكان
يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث
بعدها، وكان ينتقل من صلاة الغداه حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ من
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 33 "، ح/188) ، وابن ماجة (ح/673) ، وأحمد (5/
106) ، والتمهيد (8/88) ، والتاريخ الكبير (2/133) . غريبة: قوله: " دحضت " أي زالت.
(2) حسن. رواه أبو داود في: كتاب الصلاة، باب في وقت صلاة الظهر، (ح/403) .
(3) صحيح. ورواه النسائي في: المواقيت، باب " 16، 20 ".
(4) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (ح/599) ، ورواه مسلم في (المساجد ح/233)
والنسائي في (المواقيت، باب " 16، 20 ") ، وابن ماجه (ح/674) ، والدارمي (ح/130) ،
وأحمد (4/423) ، وابن أبي شيبة (323،1/318) ، وشرح السنة (2/188) ، والمشكاة
(587) ، والكنز (21813) ، قوله " صلاة الهجيرة " أي صلاة الظهر.

(1/979)


الستين إلى المائة، وفي كتاب الإِسماعيلي عن أبي المنهال قال: لما كان زمن
أخرج ابن زياد ووثب (1)
مروان بالشام انطلق بن أبي إلى أبي برزة، فانطلقت معه فإذا هو قاعد في
ظل علوله من قصب في يوم شديد الحر فذكره، وقال ابن أبي حاتم: سألت
أبي عن حديث رواه عثمان بن عثمان الغطفاني عن خالد الحذاء عن المغيرة بن
أبي برزة نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النوم قبل العشاء الحديث، وروى عبد
الوهاب الثقفي عن خالد عن المنهال عن أبي برزة الحديث، فقال: حديث عبد
الوهاب أشبه، ولا أعلم أحدا روى عن المغيرة بن أبي برزة إلا علي بن جدعان
انتهى كلامه، وفيه نظر؛ لما ذكره هو في كتاب الجرح والتعديل من أنّ المغيرة
روى عنه أيضا حماد بن سلمة، وكذا قاله أيضا أبو حاتم البستي في كتاب
الثقات والبخاري في تاريخه، ولما ذكر أبو الحسن في علله حديث المغيرة بن
أبي برزة قال: الصواب عن أبي منهال وحديث المغيرة عن أبيه إنما هو أسلم
سالمه الله وقال البزار حديث خالد عن المغيرة عن أبيه أحسبه وهم فيه عثمان،
والصواب خالد عن أبي المنهال، وحديث عثمان الغطفاني ذكره الإِسماعيلي
في صحيحه أنبأ الحسن بن سفيان ثنا بن مثنى حدثنى عثمان سمعت خالد به
حدثنا أبو كريب ثنا معاوية بن هشام بن مسعود قال: " شكونا إلى النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حر الرمضاء فلم يشكنا " (2) . هذا حديث سأل الترمذي محمدا عنه،
فقال: الصحيح هو عن ابن/مسعود موقوف، وفي علل أبي الحسن اختلف
على الثوري فرواه معاوية مرفوعا، ووهم فيه معاوية، وإّنما روى الثوري عن
__________
(1) كذا أورد هذا السياق " بالأصل ".
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/189، 190) ، والنسائي في (المواقيت، باب
" 2 ") وابن ماجة (ح/676،675) ، والأول: من حديث خباب، والثاني: من حديث ابن
مسعود. في الزوائد: حديث خباب أخرجه في صحيح مسلم وسنن النسائي. والثاني: في
إسناده مقال. مالك الطائي لا يعرف. ومعاوية بن هشام فيه لين. وأحمد (5/108، 110) .
وصححه الشيخ الألباني.
غريبة: قوله: " حر الرمضاء " هي الرمل الحار بحرارة الشْمس. " فلم يشكنا " من " أشكى "
إذا أزال شكواه.

(1/980)


زيد بن جبير عن خشف قال: " كنا نصلى مع ابن مسعود الظهر والجنادب
منفرة من شدة الحر ". غير مرفوع وليس لخشف إلا هذان الحديثان يعني هذا،
وحديث جعل دية الخطأ أخماسا، وقال الخطابي: خشف مجهول لا يعرف إّلا
بهذا الحديث يعني: حديث الديات، وعدل الشافعي عن القول به لما ذكرنا
من العلة في رواته انتهى كلامه، وفيه نظر لما أسلفناه، وقال الدارقطني: هو
رجل مجهول لم يرو عنه إّلا زيد بن جبير، وقال البيهقي: خشف مجهول،
وقال أبو الفتح الأزدي: ليس بذاك، وذكره ابن حبان في الثقات، وأمّا أبوه فلم
أر أحدا عرف بحاله، وحدثنا علي بن محمد ثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبي
إسحاق عن حارثة بن مضرب العبدي عن خبّاب قال: " شكونا إلى رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرّ الرمضاء فلم يشكنا (1) . هذا حديث إسناده صحيح، ولكنه خطأ
نصّ على ذلك ابن أبي حاتم إذ سأل أبا زرعة عنه، فقال: أخطأ فيه وكيع إنّما
هو على ما رواه شعبة وسفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهيب عن
حباب، يعني بذلك: ما خرجه مسلم في صحيحه من حديث زهير عن أبي
إسحاق عن سعيد بن وهب عن خباب، وفي آخره قال زهير: قلت لأبي
إسحاق في الظهر، قال: نعم. قلت: أي: تعجيلها قال: نعم، ورواه ابن عيينة
عن الأعمش عن عمارة عن أبي معمر عن خباب فأخطأ فيه، وقال أبو حاتم
الرازي: ليس هذا أصل ما ندرى كيف أخطأ وما أراد، وقال أبو زرعة: إنّما
أراد سفيان حديث الأعمش عن عمارة عن أبي معمر عن خبّاب أنّه قيل له:
" كيف كنتم تعرفون قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: باضطراب لحيته ". قال عبد
الرحمن: قلت/لأبي زرعة: عنده الحديثان جميعا قال أحدهما: والآخر خطأ،
قال عبد الرحمن: ورواه شريك كرواية الأعمش قال لي: الصحيح ما روى
سفيان وشعبة، وأمّا ابن عيينة فوهم، والصحيح من حديث الأعمش عن أبي
إسحاق عن حارثة انتهى كلامه. وفْيه نظر لما ذكره عن أبي زرعة قبل. وفي
كتاب الغرائب لأبي الحسن قال ابن صاعد: لم يرو هذا الإسناد غير ابن عيينة،
قال الدارقطني. وهو غريب من حديث الأعمش عن عمارة تفرد به ابن عيينة
وهو غريب من حديث سفْيان، ورواه مسروق أيضا عن خباب وهو حديث
__________
(1) انظر: الحاشية السابقة.

(1/981)


تفرد به عيسى بن أبي حرب عن يحيى بن أبي بكير عن شعبة عن حصين
والأعمش عن أبي الضحى عنه، وفي كتاب ابن المنذر الكبير ثنا عبد الله بن
أحمد ثنا خلاد بن يحيى ثنا يونس بن أبي إسحاق ثنا بن وهب عنه بلفظ:
" فما أشكانا " فقال: " إذا زالت الشمس فصلوا "، وهى زيادة صحيحة،
خلاد حديثه في صحيح البخاري، ويونس شارك أباه في عدة من شيوخه،
وقد صرح هنا بالتحديث فلعلّه حفظها لنسبه أبوه، كذا ذكره أبو الحسن بن
القطان وقد وقع لنا ذكر هذه الزيادة من حديث ابن أبي إسحاق نفسه فلا
حاجة إلى غيره، قال الحافظ العلاّمة أبو منصور محمد بن سعد البادروي في
كتاب الصحابة تأليفه: ثنا محمد بن أيوب أخبرني عبد السلام بن عاصم ثنا
عبد الرحمن بن عبد الله الدشبكي ثنا أبو جعفر عن الأعمش عن أبي إسحاق
عن سعيد بن وهب عن خباب قال: " شكونا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرمضاء
فلم يشكنا، وقال: إذا زالت فصلُّوا " (1) ، وفي كتاب الكجي: الرمضاء في
صلاة الهجير فلم يشكينا، أبو القاسم في الأوسط عن أحمد بن زهير ثنا
محمد/بن تميم الحراني ثنا أبو بكر الحنفي ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه
عن سعيد به، وقال: لم يقل أحد ممن روى هذا الحديث عن أبي إسحاق،
" وإذا زالت الشمس فصلوا الظهر " إلا يونس تفرد به أبو بكر واسمه عبد
الكبير بن المجيد انتهى، فتبين هذا صحة هذه اللفظة، وأن إسحاق رواها عنه
ابنان، وأن ابنه أخذها عنه وعن شيخه والله تعالى أعلم، وفي الباب حديث
جابر بن عبد الله قال: " كنت أصلى الظهر مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ قبضة
من الحصا لتبرد في كفي أضعها لجبهتي أسجد عليها لشدّة الحر ". رواه أبو (2)
داود بإسناد صحيح عن أحمد بن مسدّد عن محمد بن عمرو عن سعيد بن
الحارث به، ورواه ابن حبان في صحيحه عن جعفر بن أحمد ثنا الفلاس ثنا
عبد الوهاب الثقفي نا محمد بن عمرو بزيادة " فيجعلها في كفّه هذه ثم كفه
__________
(1) الحديث متفق عليه وتقدم بدون هذه الزيادة، أما بهذه الزيادة وهي قوله: " إذا زالت
فصلوا ". رواه البيهقي (1/439) ، ونصب الراية (1/245) ، والفتح (2/17، 7/167)
والطبراني (4/91) ، والمجمع (1/306) ، وعزاه إليه ورجاله موثقون.
(2) إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/399) ، والنسائي في (التطبيق، باب " 34 ") .

(1/982)


هذه فإذا بردت سجد عليها ". وقال أبو عبد الله بن حنبل: رواه محمد بن
بشر ثنا محمد بن عمرو، حدّثنى سعيد بن أبي سعيد عن جابر وأخطأ فيه،
وجود محمد بن بكار، فقال: ابن عباد بن عباد نا محمد بن عمرو بن علقمة
عن سعيد بن الحارث بن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري عن جابر، وخالف
ذلك الدارقطني بقوله: رواه جماعة عن محمد بن عمرو عن سعيد بن
الحارث، وقال ابن بشير: سعيد بن أبي سعيد نسبه إلى جدّه أبي سعيد بن
المعلى وكلّهم أتى بالصواب، وأمّا قول ابن عساكر لما سلف، ولفظ أبي
القاسم في الأوسط: ورواه من حدث محمّد بن المطرز عنه: " شكونا إلى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرّ الرمضاء فلم يشكنا " لم قال: لم يروه عن ابن المنكدر إلا بلفظ
ابن عبّاد ولا بلفظ إلا عبد المجيد بن عبد العزيز تفرد به محمد بن أبي عمرو،
وقال أبو محمد الأشبيلي في إسناد عبيدة: ولم يرو عن جابر إلا هذا الإِسناد،
ولا أسند بلفظ غير هذا الحديث، وحديث عبد الله ابن مسعود قال: " كانت
قدر صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي
الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام ". رواه النسائي (1) عن عبيدة بن حميد
الحذاء لا يحتج به وبعض ذلك في الكبير فأحسن عليه النسائي بقوله: قال
أحمد: صالح، وقال يحيى: ليس به بأس وهو الصواب؛ لأنه فيمن قال به
ابن المديني: ما رأيت أصح حديثا ولا رد إّلا منه، وفي موضع آخر: أحاديثه
صحاح، وقال أحمد: ما أحسن حديثه وأحسن الثناء عليه جدا ورفع قدره
وصحة حديثه، قال محمد: ما أدرى ما للناس وله، قال: وكان قليل السقط،
وأمّا التصحيف (2) فلا نجده عنده، وقال الساجي: صدوق، وقال ابن سعد:
كان ثقة صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات وخرج الشيخان حديثه
على طريق الاحتجاج في كتابيهما، وكذلك ابن خزيمة، وابن حبان والحاكم،
وصحح حديثه علي، وخرّج الشيخان حديثه فأي حجة أعظم من هؤلاء ولم
__________
(1) صحيح. رواه النسائي في (المواقْيت، 5- باب آخر وقت الظهر: 1/251) ، وأبو داود
(ح/400) .
(2) قوله: " التصحيف " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

(1/983)


ينبه ابن القطان على هذا وهو لازم له، وحديث أم سلمة قالت: " كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه " (1) .
رواه أبو موسى عن علي بن نجران بن علية عن أيوب عن أبي مليكة عنها،
وقال: روى هذا الحديث عن ابن علية عن ابن جريج عن أبي مليكة عنها
نحوه، وثنا بشر بن معاذ البصري نا إسماعيل عن ابن جريج بهذا الإِسناد
نحوها وهذا/أصح، وحديث حكيم بن جبير عن إبراهيم عن الأسود عن
عائشة قالت: " ما رأيت أحدا أشدّ تعجيلا للظهر من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا
من أبي بكر ولا من عمر " (2) . رواه أيضا، وقال: حسن، وقال ابن المديني
قال يحيى بن سعيد: قد تكلم شعبة في حكيم من أجل حديثه الذي رواه عن
ابن مسعود عن النبي عليه السلام: " من سأل الناس وله ما يغنيه " (3) . قال
يحيى: وروى له سفيان وزائدة، ولم يرتجى بحديثه بأسا، قال محمد: وقد
روى عن حكيم عن سعيد بن جبير عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعجيل
الظهر، وفي كتاب العلل قال محمد: وهو حديث فيه اضطراب، ولفظ
الطوسي: " ما استليت أبا بكر ولا عمر ". وقال هذا حديث حسن، وفي
كتاب أبي نعيم قالت: " ما صلى أحد يعني الظهر إلا بعد النبي عليه الصلاة
والسلام من استعجاله لها "، وحديث زيد بن ثابت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (ح/161) . وقال أبو عيسى: وقد رُوي هذا الحديث عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة نحوه. وقال: ووجدت في كتابي: أخبرني علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج. وقال: وحدثنا بشر بن مُعاذ البصري قال: حدّثنا إسماعيل بن عُلية عن ابن جريج هذا الإسناد نحوه. وهذا أصح. انتهى كلام الترمذي. ورواه أحمد (6/289، 310) ، عن
إسماعيل بن علية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة.
(2) رواه ابن عدي في " الكامل ": (2/635) .
(3) حسن. رواه الترمذي (ح/650) ، وأبو داود (ح/1626) ، وابن ماجه (1840/83) ،
وإتحاف (9/304، 309) ، والمشكاة (1847) ، والكنز (16695) ، وتمام لفظه:
" من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خُمُوش، أو خدوش، أو
كدوح "، قيل: يا رسول الله: وما يُغنيه؟ قال: " خمسون درهما أو قيمتها من الذهب ".
غريبه: قوله: " الكروح ": الخدوش. وكل أثر من خدش أو عضد فهو كدح.

(1/984)


يصلى الظهر بالهاجرة " (1) . وذكره الطبراني في " الكبير " وسيأتي في الصلاة
الوسطى، وحديث أنس بن مالك: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج حين زاغت
الشمس فصلى الظهر ". خرجه البخاري (2) وفي لفظ آخر: " كنا إذا صلينا
خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالظهائر جلسنا على ثيابنا اتقاء الحر " (3) ، وفي لفظ: " كنا
نصلّى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شدّة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن (4) ، من
الأرض بسط ثوبه فسجد عليه " (5) ، وفي كتاب الليثي: " كان يصلى الظهر
في الشتاء ما ندرى ما مضى من النهار أكثر أم ما بقى " (6) ، قال أبو عمرو
موسى بن العلاء راويه عن أنس كانه يصلى عند الزوال، والزوال في الصيف
إذا مالت الشمس عن كبد السماء نحو المغرب وصار الظل نحو المشرق، وأمّا
الشتاء فإذا وقفت/الشمس فذاك حين انتصف النهار، فإذا رجع الظل نحو
المشرق فهو أوّل الزوال، والشمس تقف في الشتاء إذا قصر النهار أو قارب
ذلك على تسعة أقدام إذا طال النهار، ثم ترجع ويرجع الظل نحو المشرق، فإذا
كان ذلك فهو أوّل الزوال في الشتاء، وحديث عمر موقوفا: " إذا اشتد الحرّ
والزحام فلم يقدر أن يسجد على الأرض فليسجد على ظهر الرجال " (7) . قال
ابن أبي حاتم عن أبيه: هذا خطأ يعني رواية الحجاج عن الأعمش عن
المسيب بن رافع عن سليمان بن مسهر عن معرسة بن الحسن عنه، قال:
__________
(1) رواه أحمد (3/369، 5/183، 206) ، والبيهقي (1/434، 449، 458) ، والمجمع (1/
308) ، والمنثور (1/301) ، والحاوي (1/181) ، وابن كثير في " التفسير " (1/428) ،
والقرطبي في " التفسير " (3/209) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " (3/434) ،. والمعاني (1/
184،167) .
(2) صحيح. رواه البخاري (ح/540) ، والنسائي في (المواقيت، باب " 2 " أول وقت الظهر)
ورواه أحمد (3/351) . والدارمي (ح/1206) .
(3) صحيح. رواه النسائي (2/216) ، والفتح (2/23) .
(4) بياض " بالأصل ".
(5) صحيح، انظر الكنز: (22252) .
(6) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/307) ، وعزاه إلى أحمد من رواية
موسى أبي العلاء ولم أجد من ترجمه.
(7) قوله: " الرجال " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

(1/985)


والصحيح حديث الحسن بن الربيع نا أبو الأحوص عن الأعمى عن المسيب
عن زيد بن وهب عنه والله تعالى أعلم. غريبه قوله: دحضت الشمس يعني
تدحض وحضا ووحوضا: زالت عن وسط السماء، قاله ابن سيدة وأبو نصر
وابن القوصية (1) وتلميذه ابن طريف وابن فارس في مجمله، وابن قتيبة في
غريبه، وأبو عبيد بن سلام، والسرقسطي، والفارابي، وابن دريد، وصاحب
مجمع الرغائب، والخطابي، وأبو هلال في تلخيصه، والسكري في كتاب
النقائض، والطراز زاد يعني: حين نزول، وجعلها تدحض؛ لأنها لا تزال ترتفع
من لدن تطلع إلى أن تصير في كبد السماء ثم سخط عن الكبد للزوال،
فكأنها تزلق فلا تزال في انحطاط حتى تغرب وأبو عبيد هروي وزاد فكأنها
زلفت، ومنه قول معاوية لعبد الله بن عمرو وقاله: سمعت النبي يقول:
" يقتل عمّار الفئة الباغية " (2) . لا تزال ما بينا بهتة تدحض بها، ويروى البصار
أي تقحص برحلك فيه ولم يبيّن حقيقة ذلك أنه مجاز سوى الزمخشري، فإنه
زعم أن ذلك من المجاز لا من الحقيقة. قوله في الرمضاء فالرمض شدّة وقع
الشّمس على/الرّمل وغيره فالأرض رمضاء، وقال القزاز: وهو حر الحجارة عن
شدّة حرّ الشمس، ورمض يومنا يرمض رمضا: إذا اشتد حرّنا، وأرض رمضة
الحجارة أي: شديدة حر الحجارة: قال غيلان: معرور بأرمض الرمضاء يركنه،
وفي كتاب الهروي: والرمضاء شدّة الحر، وفي الحقيقة من كتاب الأسامي:
الرمضاء هي الحجارة التي اشتدّ عليها وقع الشمس فحميت وقد رمضت
رمضاء، وأرض رمضة فيما حكاه الزاهد عن إسناده الرمضاء: الرمل إذا
استحرت عليه الشمس، سمى شهر رمضان لموافقته حين سمى ذلك
الزمان، وأمّا الهجير فذكر القزاز: أنّ الهجر والهجرة الهاجرة نصف النهار،
واهجر القوم: إذا دخلوا في الهاجرة، قال الشاعر:
في الهجر راح القطن يهجر ... بعدما ابتكر فما تواصله سلمى
__________
(1) قوله: " القوطية " وردت " بالأصل " " القوصية " وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(2) رواه ابن أبي شيبة (15/293) ، وابن سعد (1/3/180) ، والفتح (13 / 42) ، والعلل
(2789) ، والبداية (6/243) .

(1/986)


وما نذروا هجروا إذا ساروا في الهاجرة، قال لبيد في التهجير: وتهجير
قدان بإحرام نفسه على الهول لاحته الهموم إلا باعه، زاد الجوهري نصف
النهار إذا اشتد الحر، قال ذو الرمة: ويبدأ الغفار يكاد ارتكازها بأنّ الضحى
والهجر بالطرف يمسح يقول منه هجر النهار، قال امرؤ القيس:
فدعها رسل الهم عنك بحسرة ... كما إذا صام النهار وهجر
أو يقال آتينا أهلها بهجرين: كما يقال موصلين أي: في وقت الهاجرة،
والأصل وفي الحقيقة: من الأساس، وتهجروا. سادوا في الهاجرة، وإّنما قوله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم الناس ما في التهجير " (1) . فمراده- والله تعالى أعلم-
التبكير إلى كل صلاة، وروى النضر بن شميل عن الخليل أنه قال: التهجير إلى
الجمعة: التبكير لغة حجازية ذكره الهروي.
__________
(1) صحيح. رواه النسائي في: 6- كتاب المواقيت، 21- باب الرخصة في أيقال للعشاء
العتمة؟! (1/269) - وتمام لفظه: " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا
إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلم الناس ما في التّهجير لاستبقوا إليه، ولو علموا ما في
العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ".

(1/987)


103 - باب الإِبراد في الظهر في لشدّة الحرّ
/ حدثنا هشام بن عمار ثنا مالك بن أنس نا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة؛ فإن شدة
الحر من فيح جهنم "، وفي لفظ: " فأبردوا بالظهر ". هذا حديث مخرج في
كتب الأئمة الستة (1) في لفظ الشيخين زيادة: " واشتكت النّار إلى ربهّا "
فقالت: يا رب، آكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس
في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشدّ ما تجدون من الزمهرير، وفي
لفظ لأبي داود (2) في حديث عون بن عبد الله بن عتبة عنه: " نهى رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة نصف النهار " (3) . قال في الأوسط: لم يروه عن عون
إلا المقبري، ولا عن المقبري إلا يزيد بن حبيب تفرد به ابن لهيعة والترمذي
بالصلاة، حدثنا أبو كريب نا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
سعيد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أبردوا بالظهر؛ فإن شدّة الحر من فيح جهنم " (4) .
هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه من حديث الأعمش، وفي كتاب
الميموني عن أحمد عن يحيى بن سعيد عنه ولفظه: " فإن شدّة الحر من فيح
__________
(1) صحيح. متفق عليه. رواه للبخاري (1/142) ، ومسلم في (المساجد، ح/18) ، وابن أبي شيبة (1/ 324) ، وأبو داود) ج/402) ، والترمذي (ح/157) ، وصححه. والنسائي (1/248) ، وابن ماجة (ح/ 677) ، وأحمد (2/266، 462، 386، 5/176) ، والبيهقي (1/437، 438) ، وعبد الرزاق (2049) ، وابن خزيمة (329) ، والطبراني في " الصغير " (1/137) ، وشرح السنة (2/402) ، والمشكاة (590) ، ونصب الراية (1/245) ، والترغيب (4/316) ، وتلخيص (1/181) ، وتجريد (241) ، والتمهيد (5/ 1) ، واستذكار (1/126) ، والشافعي (211) .
(2) قوله: " داود " وردت بالأصل " ذر " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.
(3) ضعيف. رواه الشافعي (63) ، وابن عبد البر في " التمهيد " (4/19) . قلت: وعلة
ضعفه، تفرد ابن لهيعة به.
(4) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (4/146) ومسلم في (المساجد، ح/181) وابن
ماجة (ح/ 680) وأحمد (2/462، 4/250) وابن أبي شيبة (1/324، 325) وابن عدي في
" الكامل " (1/388) .
غريبة: قوله: " أبردوا بالصلاة ". قال ابن حجر: أي: أخروها إلى أن يبرد الوقت.

(1/988)


جهنم ". قال أحمد: ما أعرف أحدا قال: نوح غير الأعمش، حدثنا محمد بن
روح نا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا اشتد الحر فأبردوا
بالظهر؛ فإن شدّة الحر من فيح جهنم " (1) . حدثنا بن المصفر الواسطي ثنا
إسحاق بن يوسف عن شريك عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن
شعبة قال: كنا نصلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الظهر بالهاجرة، قال لنا.
" أبردوا بالصلاة/فإنّ شدة الحر من فيح جهنم " (2) . هذا حديث قال فيه
البيهقي: قال أبو عيسى: فيما بلغني عنه سألت محمدا عن هذا الحديث فعدّه
محفوظا، وقال الميموني: ذاكروا أبا عبد الله بأسانيد حديث المغيرة فقال:
أسانيد جياد ثم قال خباب: يقول فلم يشكنا، والمغيرة كما ترى يروى القصتين
جميعا، وفي كتاب العلل للخلال: وكان آخر الأمرين من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولما
خرجه البستي في صحيحه قال: تفرّد به إسحاق الأزرق، ولما سأل ابن أبي
حاتم أباه عن هذا الحديث قال: رواه أبو عوانة عن طارق عن قيس قال:
سمعت عمر بن الخطاب قوله: " أبردوا بالصلاة " قال أبي: أخاف أن يكون
هذا الحديث يدفع ذاك قلت: فأيهما ثبت؟ قال: كانه هذا يعني حديث عمر،
ولو كان عند معن عن المغيرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحتج أن يفتقر إلى أن
يحدّث عمر موقوفا انتهى، ولقائل أن يقول- على طريقة الفقهاء- يحتمل أن
يكون قيس روى المسند والموقوف جميعا أو يذكر المرفوع بعد رواية الموقوف،
ويعضده ما ذكره هو في موضع آخر سمعت أبي يقول: سألت يحيى بن معين
فقلت له: ثنا أحمد بن حنبل عن محمد بن إسحاق الأزرق عن شريك عن
__________
(1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/142) ، ومسلم في (المساجد، ح/180) ، وابن
أبي شيبة (1/324) ، وأبو داود (ح/402) ، والترمذي (ح/157) . وقال: هذا حديث حسن
صحيح. والنسائي (21/48) ، وابن ماجة (ح/677) ، وأحمد (2/266، 462، 386، 5/
176) ، والبيهقي (1/ 437، 438) ، وعبد الرزاق (2049) ، وابن خزيمة (329) ، وشرح السنة
(2/204) ، والمشكاة (590) ، ونصب الراية (1/245) ، والترغيب (4/316) ، وتلخيص (1/
181) ، والتمهيد (1/5) ، واستذكار (2/126) ، والشافعي (211) .
(2) انظر: الحاشية رقم " 3 " السابقة.

(1/989)


بنان فذكر حديث المغيرة، وذكرته للحسن بن شاذان الواسطي فحدّثنا به،
وثنا أيضا عن إسحاق عن شريك عن عمارة القعقاع عن أبي زرعة عن أبي
هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام بمثله فقال: يحيى ليس له أصل أنا نظرت
في كتاب إسحاق فليس فيه هذا، قلت لأبي: فما قولك في حديث عمارة
عن أبي زرعة الذي أنكره يحيى؟ قال: هو عندي صحيح، وثنا أحمد بن
حنبل بالحديثين جميعا عن إسحاق الأزرق قلت لأبي: فما قال يحيى ينكر في
كتاب/إسحاق فلم يجده؟ قال: كيف نظر في كتبه كلّها إنما نظر في بعض
ورّبما كان في موضع آخر، حدثنا عبد الرحمن بن عمر ثنا عبد الوهاب
الثقفي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبردوا
بالظهر ". هذا حديث خرجه البخاري (1) في صحيحه، وفي الباب حديث
عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أبردوا بالظهر في الحر ". ذكره أبو بكر بن
خزيمة (2) عن القاسم بن محمد بن عبّاد بن عباد المهلبي ثنا عبد الله- يعني:
ابن داود الحربي- عن هشام بن عروة عن أبيه عنها، وفي كتاب الكجي ثنا
مسدد ثنا أبو داود ثنا هشام عن أبيه قال: أظُنّه عن عائشة فذكره وحديث
أبي ذر قال: كنّا مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر فأراد المؤذن أن يؤذّن
الظهر فقال عليه الصلاة والسلام: " أبرد ". ثم أراد أن يؤذّن فقال له: " أبرد
حتى رأينا فىء التلول " (3) . وفي رواية: حتى تساوى الفىء التلول، فقال عليه
السلام: " إن شدّة الحرّ من فيح جهنم، فإذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصلاة ".
خرّجاه في الصحيح (4) ، قال البيهقي: كذا قاله جماعة فأراد أن يؤذن، ورواه
__________
(1) انظر: الحاشية رقم " 2 " السابقة.
(2) صحيح. رواه ابن خزيمة: (331) .
(3) صحيح. رواه مسلم في: (المساجد، ح/184) . غريبه: قوله: " فيء التلول " التلول:
جمع تل، وهو ما اجتمع على الأرض من رمل أو تراب أو نحوهما، كالروابي والفيء لا
يكون ألا بعد الزوال. وأما الظل فيطلق على ما قبل الزوال وبعده. هذا قول أهل اللغة.
ومعنى قوله: رأينا فيء التلول، أنه أخر تأخيرا كثيرا حتى صار للتلول فيء. والتلول منبطحة
غير منتصبة. ولا يصير لها فيء، في العبادة، إلا بعد زوال الشمس بكثير.
(4) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/ 142، 162، 4/146) ومسلم في (المساجد، ح/
180، 181، 183، 184، 186) والنسائي (1/249) والترمذي (ح/ 158) وصححه=

(1/990)


غندر عن شعبة: أذّن النبي عليه السلام الظهر فقال له: " أبرد "، قال: وفي
هذا كالدلالة على أنّ الأمر بالإبراد كان التأذين، وحديث أنس بن مالك:
" كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اشتد البرد بكّر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة "
خرجه البخاري (1) وقد تقدم قبل ولفظ أحمد (2) بن حنبل من حديث موسى
أبي العلاء عنه، وفي لفظ بصلاة الجمعة: " كان عليه السلام يصلى صلاة
الظهر في أيام الشتاء وما يدرى ما ذهب من النهار أكثر أم ما بقي منه "،
وحديث عمرو بن/عنبسة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أبردوا بصلاة الظهر فإن
شّدة الحرّ من فيح جهنم " ذكره الطبراني في الكبير (3) من حديث عبادة بن
أبي أوفي عنه، وحديث رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه يعني نحو
حديث أبي سعيد المتقدّم، ذكره الميموني عن أحمد فقال: وروى غندر عن
شعبة عن الحجاج بن الحجاج الأسلمي عنه قال أحمد: قد سمعته من غندر
وأحسبه غلط قال مهنأ: قلت لأحمد: أكان غندر يغلط؟ قال: أليس هو من
النّاس! قال أحمد: كان الحجاج أبوه من الصحابة، وقال الدارقطني غلط غندر
في أنه لم يذكر في الإِسناد والد الحجاج، ورواه يحيى القطّان ومعاذ وخالد بن
الحارث وغيرهم عن شعبة عن الحجاج عن أبيه عن رجل من أصحاب النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرآه عبد الله بن مسعود، وحديث القاسم بن صفوان بن مخرمة الزهري
عن أبيه قال عليه الصلاة والسلام: " إذا اشتد الحر فأبردوا بصلاة الظهر؛ فإن
__________
وأبو داود في (الصلاة، باب " 4 " وأحمد (2/256، 318،285، 394، 462، 501، 4/
250، 262، 5/155، 162، 368،176) والبيهقي (1/438) وابن خزيمة (328، 330، 394)
وابن حبان (269) والمطالب (271) وشرح السنة (2/207) والخطيب (7/52) وابن عساكر
في " التاريخ " (7/209) وابن أبي شيبة (1/324) واستذكار (1/126) والحميدي (942)
وأبو عوانة (1/347) والشافعي (27، 211) والتمهيد (5/1) .
(1) صحيح. رواه البخاري (2/8) والبيهقي (3/191) والمشكاة (1403) والمعاني (1/ 188)
وتغليق (363) والكنز (17888) .
(2) رواه أحمد: (3/160) .
(3) ضعيف. رواه الطبراني (8/85) وأحمد (4/262) وشرح السنة (2/208) وابن عساكر
في " التاريخ " (7/209) وابن عدي في " الكامل " (6/2289، 2/706) والمجمع (1/307)
من حديث عمرو بن عنبسة، وفيه سليمان بن سلمة الخبائري وهو مجمع على ضعفه.

(1/991)


شدة الحر من فيح جهنم ". رواه بن أبي شيبة (1) في مسنده عن مروان بن
معاوية عن بشير بن سليمان عنه، وهو إسناد صحيح؛ لذكر القاسم في بيان
ابن حبان (2) ، ولفظ أبي نعيم في كتاب الصلاة: " من فور جهنم "،
وحديث ابن عباس يرفعه: " الحمى من فيح جهنم " الحديث ذكره
البخاري (3) ، وحديث عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- ذكره أبو نعيم
في كتاب الصلاة من حديث محمد بن الحسن عن أسامة بن زيد عن زيد بن
أسلم عن أبيه عنه مرفوعا ذكره أبو عيسى، قال: لا يصح، وبنحوه قاله
الطوسي، وفي كتاب أبي نعيم بسند صحيح: " أزعم ". كتب بذلك إلى أبي
موسى يعني: موقوفا، وحديث أبو موسى قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبردوا/بالظهر
فإن الذي تجدون من فيح جهنم ". رواه أبو عبد الرحمن بسند صحيح من
حديث إبراهيم النخعي عن يزيد بن أوس المذكور في ثقات التابعين لابن حبان
عن ثابت بن قيس عنه، وحديث أبي الدرداء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن
تعجيل الصلاة في اليوم الدجن من حقيقة الإِيمان ". ذكره ابن وهب في
مسنده عن الليث عن عمرو بن شيبة المدني عن رجل حدثه عنه، وحديث
عبد الرحمن بن علقمة قال: " قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفد ثقيف وفيه فجلس
يحدثهم ويحدثونه فشغلوه عن صلاة الظهر ما صلاّها إلا مع العصر " (4)
ذكره أبو نعيم في كتاب الصلاة في باب الإِبراد بالظهر من حديث أبي بكر بن
عباس ثنا يحيى بن هانىء ثنا أبو حذيفة عن عبد الملك بن محمد بن بشير
__________
(1) صحيح. رواه ابن أبي شيبة (1/324) والمشكاة (5910) وحبيب (1/37) وابن ماجة
(678) والعقيلي (2/281) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه ابن حبان في " صحيحه ": (3/29) في حديث أبي هريرة.
(3) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (46/7/1674،1) ، ومسلم في (السلام، ح/78-
81، 84) ، وابن ماجة (3473،3471) ، والمجمع (6/302) ، والطبراني (4/326، 12/230) ،
وشرح السنة (12/153) ، ومشكل الآثار (2/344) ، والمشكاة (4525) ، وابن السني (561) ،
وابن أبي شيبة (7/ 438) ، والحلية (7/161، 9/157) ، والذهبي (119، 120) ، والخطيب (6/
81) ، وابن عدي في " الكامل " (5/1680) ، والموطأ (945) . وتمام لفظه: " الحمى من فيح
جهنم فأبردوها بالماء ".
(4) ضعيف. رواه أبو نعيم في: كتاب الصلاة، باب الإِبراد بالظهر.

(1/992)


عنه، وقال أبو نعيم الحافظ في معرفة الصحابة: عبد الرحمن بن علقمة الثقفي
كوفي، ويقال: ابن أبي علقمة أحد من وفد من ثقيف على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حديثه (1) عند عبد الملك بن محمد بن بشير ولفظه: " ليسألهم ويسألونه
حتى لم يصل الظهر إّلا مع العصر " رواه أبو بكر بن أبي خثيمة وأحمد بن
يونس وأبو عبيد ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني في آخرين كلّهم عن أبي
بكر بن عياش، ورواه بعض المتأخرين فوهم في ثلاثة مواضع في هذا الحديث
ذكر في الترجمة عبد الرحمن بن علقمة روى عنه عبد الله بن محمد بن بشير
وقال: رواه ابن عياش عن يحيى بن هانىء عن حذيفة، وإنّما هو أبو حذيفة
وذكر في الحديث يحيى بن هانىء عن أبي حذيفة أصاب ولا في أبي حذيفة
ولا في عبد الله/بن محمد بن بشير وذكر بعقبه رواه أبو عمر بن البصري
عن الحارث بن عتبة عن أبي حذيفة عبد الله بن محمد عن عبد الله بن
محمد العجلي عن عبد الرحمن بن علقمة وفي كتاب رافع الأرساب للخطيب
عبد الرحمن بن علقمة وهو عبد الرحمن بن علقمة ذكره غير واحد في
الصحابة، وفي كتاب أبي إسحاق البصري، تعني عبد الرحمن بن علقمة،
ويقال: ابن علقمة أبو علقمة روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثين أحدهما: " أن وفد
ثقيف قدموا عليه " وفي سماعه منه نظر، وقال أبو حاتم: تابعي ليست له
صحبة أدخله يونس بن حبيب في المسند، وقال: لا تصح صحبته ولا يعرف
أباه حكاه عن أبي حاتم فلم أره في كتابه، وثقة عبد الرحمن بن علقمة الثقفي
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أن وفد ثقيف قدموا عليه ومعهم هدية " روى عنه
عبد الملك بن محمد بن بشير، وقال في حرف العين: من أئمة التابعين عبد
الرحمن بن علقمة الثقفي، ويقال: ابن أبي علقمة روى عن النبي عليه الصلاة
والسلام مرسلا، وروى عن ابن مسعود وعبد الرحمن بن أبي عقيل، روى
عنه جامع بن شدّاد أبو صخرة وعون بن أبي جحيفة وأبو حذيفة فلت: أدخله
يونس بن حبيب في مسند الواحدي فأخبرت أبي بذلك فقال: هو تابعي
ليست له صحبة انتهى، وكان هذا هوْ الذي يمسك أبو إسحاق به، وهو كما
__________
(1) قوله: " حديثه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

(1/993)


ترى ليس رجلا واحدا بل هما رجلان لا مرية في ذلك، ولكن البخاري جمع
ذلك كله في ترجمة واحدة وكذلك العسكري، وأمّا قوله: وقال فيريد أبا
عمر، وأبو عمر ذكره في موضعين ليس بينهما ما قاله، الأول: وقد ذكر قوم
عبد الرحمن بن علقمة في الصحابة ولا يصح له/صحبة، الثاني: وفي سماعه
منه نظر قال أبو بكر بن المنذر في كتاب الإجماع (1) : أجمع أهل العلم على
أن أول وقت الظهر زوال الشمس، ودلّت السنة على أنّ آخر وقت الظهر إذا
صار ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عليه الشمس، وقال في كتاب
الإِشراف: واختلفوا في آخر وقت الظهر فقالت طائفة: إذا صار ظل كلّ شيء
مثله بعد الزوال وجاوز ذلك فقد خرجت وقت الظهر، هذا قول مالك
والشّافعي والثوري وأبي ثور، وقال يعقوب ومحمد: وقت الظهر من حين زوال
الشمس إلى أن يكون الظل قامة، وقال عطاء: لا يفوتك الظهر حتى تدخل
الشمس الصفرة، وقال طاوس: لا يفوت الظهر والعصر حتى يدخل الليل،
وقال قائل: إذا صار الظل قامتين فقد خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر،
وكذلك قال أبو حنيفة: قال أبو بكر: وبالقول الأوّل أقول واختلفوا في
التعجيل بالظهر في حال الحرّ فروينا عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن
يصلى الظهر حين تزيغ وتزول وصلى ابن مسعود حين زالت الشمس، وروينا
عن ابن عباس أنه قال: الظهر كاسمها تصلى بالظهر، وقال مالك: يصلى إذا
كان الظهر ذراعا، وفيه قول ثاني: وهو استحباب تأخير الظهر في شدّة الحر،
هذا قول أحمد وإسحاق، وقال أصحاب الرأي: في الصيف يجب أن يبرد
بها، قول ثالث: قال الشّافعي: تعجيل الحاضر الظهر في شدّة الحر فإذا اشتدّ
الحر أبرد بها الدم الجماعة التي تأتى من البعد حتى يبرد، فأمّا من صلّى في
بيته وفي جماعة بفناء بيته فيصليها في أوّل وقتها قال أبو بكر: خبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
على العموم فلا سبيل إلى أن يستبين من ذلك شيء، وفي كتاب ابن بزيرة:
وكره مالك أن يُصلِّى الظهر في أول الوقت وكان يقول: هي صلاة الخوارج
وأهل الأهواء، وخالف/ذلك أبو الفرج فنقل عن مالك: أنّ أوّل الوقت أفضل
__________
(1) قوله: " الإجماع " ورد " بالأصل " " الافصاع " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.

(1/994)


في كلّ صلاة إلا الظهر في شدّة الحر، واختلف العلماء في الجمع بين هذه
الأحاديث، وحديث خباب فقال بعضهم: الإِبراد رخصة والتقديم أفضل،
وقال جماعة: حديث خباب منسوخ بأحاديث الإبراد، وحمل آخرون حديث
خباب على أنهم أرادوا تأخيرا زائدا على قدم الإبراد، ذكر ذلك الأثرم وأبو
جعفر الطحاوي، وقال أبو عمر في قول خباب: فلم يشكنا يعني لم يخرجنا
إلى الشكوى، وقيل: معناه ما أزال شكوانا ذكره ابن بزيرة، وفيما قدّمناه بيان
للمعنى من نفس الشّارع فلا حاجة للخوض، وذكر ابن الأنباري أنّ يونس
وأكثر النحويين زعم أنّ جهنم أعجمية لا تجر للتعريف والعجمة، وقيل: إنّه
غرى ولم يجر للتأنيث والتعريف وكان رومة يقول له جهنم بعيدة القعر، قال
الأعمش: دعوت خليلي مسجلا ودعوا له جهنام جدعا للهجين المدمم، فترك
حرفه يدل على أنه أعجمي معرب، وقال ابن عباس: فيما ذكره ابن بزيرة:
خلق الله تعالى النّار على أربعة أقسام: فنار تأكل وتشرب وهي التي خلقت
منها الملائكة، ونار تأكل ولا تشرب وهي التي في الحجارة ويقال: هي التي
رفعت لموسى عليه السلام ليلة المناجاة، ونار تشرب ولا تأكل وهي نار الدنيا،
ونار جهنم تأكل لحومهم وعظامهم، ولا تشرب دموعهم ولا دماؤهم أقياحهم
بل يسيل ذلك إلى عين الخبال فيشرب ذلك أهل النار، ونار تشرب ولا تأكل
وهي النّار التي في البحر وقيل: النّار التي خلقت منها الشمس.

(1/995)


104- باب وقت صلاة العصر
حدثنا محمد بن رافع، أنبا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن أنس بن
مالك أنه/أخبره أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يصلى العصر والشمس مرتفعة
حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة ". هذا حديث خرجاه في
الصحيح (1) ، وفي رواية لهما إلى مساوٍ في رواية البخاري وبعض العوالي من
المدينة على أربعة أميال أو نحوه، وفي لفظ أنّ أبا أمامة قال: " صلينا مع
عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم دخلنا على أنس فوجدناه يصلى العصر، وقال:
هذه صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي كنّا نصلى معه " (2) وفي لفظ لمسلم (3) : " تلك
صلاة المنافق يجلس لوقت الشمس حين إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر
أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ". وفي لفظ: " صلى لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
العصر فلّما انصرف أتاه رجل من بنى سلمة فقال يا رسول الله: إنّا نريد أن
ننحر جذورا لنا ونحب أن تحضرها، فانطلق وانطلقنا معه، فوجدنا الجذور ولم
تنحر، فنحرت ثم قطعت ثم طبخ منها ثم أكلها قبل أن تغيب الشمس " (4) .
وفي لفظ لأحمد من طريق أبي الأبيض عنه أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان
يصلى العصر والشمس بيضاء محرقة " (5) قال أبو القاسم: لم يروه عن
__________
(1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/145، 9/128) ، ومسلم في (المساجد، باب
" 34 "، ح/192) ، وأحمد (3/223) ، والنسائي (1/253) ، وابن أبي شيبة (1/327) ، وشرح
السنة (2/209) ، والتمهيد (6/181) ، والمشكاة (592) ، ومعاني (1/190) ، وابن عساكر في
" التاريخ " (4/413) ، والكنز (21782) .
غريبه: قوله: " العوالي " عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها. وأما من كان جهة تهامتها فيقال لها: السافلة. وبعد بعض العوالي من المدينة أربعة أميال، وأبعدها ثمانية
أميال، وأقربها ثمانية أميال، وأقربها ميلان وبعضها ثلاثة أميال.
(2) رواه مسلم في: المساجد، (ح/196) . (3) المصدر السابق، (ح/195) .
غرسه: قوله: " نقر " المراد بالنقر سرعة الحركات كنقر الطائر.
(4) المصدر السابق، (ح/197) .
(5) صحيح. رواه أبو داود (ح/404) ، والنسائي في (المواقيت، باب " 8 ") وابن ماجة (ح/
682) ، وأحمد (3/169،131، 184، 217،214) ، والمجمع (1/305) ، والتمهيد

(1/996)


الأعمش إلا عبد العزيز بن عبيد الله ولا عن عبد العزيز إّلا إسماعيل بن عياش
تفرد به سليمان بن عبد الرحمن، وفي لفظ لابن خزيمة: " إن صلاة المنافق
تنتظر حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان نقرها أربعا " (1)
وفي لفظ للدارقطني: " فأتى عشيرتي وهم جلوس فأقول ما يجلسكم صلوا
فقد صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (2) ، وفي لفظ وهم في ناحية المدينة جلوس ما
صلوا في لفظ الحاكم: صحيح إسناده كان أبعد رجلي من الأنصار من
النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دار أبو لبابة: " دار أبو لبابة وأبو عبس بن جبير ومسلمة بن
حارثة / فكانا يصليان مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العصر ثم يأتيان قومهما وما صلوا؛
لتعجيله عليه السلام " (3) ، وفي لفظ للدارقطني: " كنا مع النبي عليه الصلاة
والسلام نصلى العصر ويسير الراكب ستة أميال قبل أن تغيب الشمس " وفي
لفظ للسراج في مسنده: " يسير الراكب إلى قباء " في كتاب أبي نعيم
الفضل موقوفا: " إذا صليت العصر ثم سرت ستة أميال حتى غروب الشمس
فذلك وقتها " ولفظ الطبراني في الأوسط: عن يحيى بن سعيد، قال قلت
لأبى: " متى كنتم تصلون العصر مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: والشمس بيضاء
نقية " (4) وقال لم يروه عن يحيى إلا عبد الله بن ميمون القداح حدثنا أبو
بكر بن أبي شيبة نا سفيان بن عينية عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت:
" صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العصر والشمس في حجرتي لم يظهر الفىء بعد " هذا (5)
__________
= (8/10، 21) وتغليق (365) وابن أبي شيبة (1/326) وشفع (133) ومعاني (1/191)
والتاريخ الكبير (5/358) والحلية (3/111) والكنز (21781) .
(1) قوله: " أربعا، وفي " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(2) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/309) من حديث أنس بن مالك،
وعزاه إلى " أبي يعلى " و" البزار " ورجاله ثقات.
(3) المصدر السابق: (1/307-308) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الكبير "
ورجال الكبير ثقات إلا ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه.
(4) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/308) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "
ورجاله رجال الصحيح، ولفظه: " وقت العصر ما لم يحضر وقت المغرب ".
(5) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/ 683) . وصححه الشيخ الألباني.

(1/997)


حديث رواه أيضا وفي الباب حديث رافع بن خديج عندهما، وإن كان
الجوزقاني حسنه فغير صواب من فعله قال: " كنا نصلى العصر مع رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم ننحر الجزور فيقسم عشرة قسم ثم يطبخ فنأكل لحما مصحا قبل
مغيب الشمس " (1) وحديث بريدة قال عليه الصلاة والسلام: " بكروا لصلاة
العصر في يوم غيم؛ فإنّه من ترك صلاة العصر حبط عمله " رواه البخاري (2)
وحديث عبد الله بن عمرو يرفعه: " وقت العصر ما لم تغرب الشمس " (3)
رواه أبو الوليد الطيالسي عن هشام بن عبد الملك ثنا همام بن يحيى عن قتادة
عن أبي أيوب المداعي المخرج حديثه عند الشيخين عنه، وحديث أبي أروى
الدوسي قال: " كنت أصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العصر بالمدينة ثم أمشي إلى ذى
الحليفة فأتمم قبل أن/تغيب الشمس " (4) ذكره العسكري في كتاب الصحابة
عن محمد بن هارون الحضرمي، ثنا عمرو بن علي ثنا معلى بن أسد نا وهيب
عن أبي داود الليثي قال: حدثنى أبو أروى به، وقال: أبو أروى لا يعرف
اسمه، وذكر بعضهم أنّ اسمه ربيعة، ويقال: عبيد بن الحارث انتهى كلامه
وفيه نظر؛ لأنّ أبا أروى المسمى ربيعة بن الحارث هاشمي جدّه عبد المطلب بن
هاشم، مات قديما في خلافة عمر سنة ثلاث عشرة نصّ على ذلك ابن سعد
وغيره وأبو واقد صالح بن محمد الليثي الصغير، وقد صرح هناد في غير
موضع سماعه منه، وهو من صغار التّابعين الذين رووا عن أنس، وإن كان قال
__________
= قوله: " والشم في حجرتي " أي: ظلها في الحجرة. و" لم يظهرها الفيء " أي:
ظلها لم يصعد ولم يعملُ على الحيطان، أو لم يزل.
(1) صحيح. المشكاة (615، 635) والكنز (21787) .
(2) صحيح. رواه البخاري (1/145، 154) والنسائي (1/236) وأحمد (5/350) والبغوي
(1/246) ونصب الراية (2/479) والمنثور (1/259) والمشكاة (595) والترغيب (1/
64، 308) . والإرواء (1/276، 277) .
(3) بنحوه. رواه أحمد (2/210) والبيهقي (1/365، 367،366) والتمهيد (3/275، 8/
79، 82) وأبو عوانة (1/350، 359) ومعاني (1/150) .
(4) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/307) وعزاه إلى " البزار " و" أحمد "
باختصار والطبراني في " الكبير " وفيه صالح بن محمد أبو داود وثقة أحمد وضعفه يحيى بن
معين والدارقطني وجماعة.

(1/998)


أبو عمر: إنّ أبا أروى هذا مات في آخر خلافة معاوية؛ فلا يتجه سماعه منه
بحال، وأيضا فقد صرّح أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستغناء وغيره بأنّ
اسمه لا يعرف، وإلى هذا احتج مسلم والدولابي وأبو عبد الرحمن النسائي
وابن أبي حاتم، قال: وسئل أبو زرعة عنه؟ فقال: لا أعرف اسمه وابن بنت
منيع، وقال: سئل ابن معين عن حديثه فكتب فوق أبي واقد ضعيف، وأبو
نعيم واليا وروى في كتاب الصحابة، وحديث جابر ذكره أبو القاسم في
معجمه الكبير وحديث أبي مسعود تقدّم ذكره، وكذلك حديث أبي برزة، قال
ابن المنذر: واختلفوا في أوّل وقت العصر؛ فكان مالك والثوري والشّافعي
وأحمد وإسحاق وأبو ثور يقولون: أوّل وقت العصر إذا صار ظلّ كلّ شيء
مثله، واختلفوا بعد فقال بعضهم: آخر وقت الظهر أوّل وقت العصر، فلو أنّ
رجلين صلى أحدهما الظهر والآخر العصر حين صار ظل كل شيء مثله لكانا
مصلين في وقتهما، قائل هذا إسحاق، وذكر عن ابن المبارك، وأمّا الشافعي
فكان يقول: أوّل/وقت العصر إذا جاوز ظل كلّ شيء مثله، متى ما كان
ذلك حين ينفصل من آخر وقت الظهر، وقد حكى عن ربيعة قول ثالث،
وهو أنّ وقت الظهر في السفر والحضر: إذا زالت الشمس، وفيه قول رابع:
وهو أنّ وقت العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال، ومن صلى قبل ذلك لم
يجزه، هذا قول النعمان، وفي ذلك أخبار ثابتة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى
كلامه وفيه نظر في قوله، هذا قول النعمان يعني: وحده وأغفل كونه مرويا
عن الإِمام أحمد أيضا فيما ذكره أصحابه، وأمّا الأحاديث التي استدل بها أبو
حنيفة فكثيرة، من ذلك حديث رافع بن خديج أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان
يأمرنا خير هذه الصلاة "، ذكره الدارقطني في سننه عن أبي بكر النيسابوري
ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو الأشعث ثنا أبو عاصم ثنا عبد الواحد بن نافع قال:
" دخلت مسجد المدينة فأذّن مؤذن بالعصر قال: وشيخ جالس فلامه " وقال:
إنّ أبي أخبرني فذكره، قال: فسألت عنه، فقالوا: هذا عبد الله بن رافع، قال
أبو الحسن بن رافع: هذا ليس بقوى، ورواه موسى بن إسماعيل عن عبد
الواحد وكنّاه أبا الرباح، وخالف في اسم ابن رافع فسمّاه عبد الرحمن ورواه
حرمي بن عمارة عن عبد الواحد هذا، فقال عبد الواحد بن منيع: مخالف في

(1/999)


نسبه، وهذا حديث ضعيف الإسناد من جهة عبد الواحد هذا؛ لأنه لم يرو
عن ابن رافع غيره، وقد اختلف في اسم بن رافع هذا ولا يصح الحديث عن
رافع ولا عن غيره من الصحابة، والصحيح عن رافع وعن غير واحد من
الصحابة ضدّ هذا، وهو التعجيل بصلاة العصر والتبكير بها، وقال الترمذي:
يروى عن رافع عن النبي في تأخيره العصر/ولا يصح، وكذا قاله أبو محمد
الإشبيلي انتهى. قال ابن القطّان عليه: أبو الرباح فإنّه مجهول الحال مختلف
في حديثه، وقال الجوزقاني: هذا حديث منكر ضعيف الإسناد ولا يصح عن
رافع ولا عن غيره من الصحابة، وفيما قاله الدارقطني نظر، من حيث جعل
تسمية أبي عبد الواحد اختلافا؛ لأن موسى لم يسمه وسمّاه غيرها والنظر
الثّاني: تفرّد الراوي بالرواية عن شخص ليست مؤثرة في الصحة وعدمهما،
وإنما يأتي ذلك بالنظر إلى حالة الراوي، إن كان ثقة صح حديثه وإّلا فلا،
وعبد الواحد هذا اختلف في اسم أبيه فقيل: نافع، وقيل: منيع ذكر ذلك ابن
أبي حاتم وأبو حاتم البستي في كتاب الثقات وفيما قاله نظر؛ لأنه ذكره أيضا
في كتاب الضعفاء بأنه يروى عن أهل الحجاز المعلومات، وأهل الشام
الموضوعات لا يحل ذكره في الكتب إّلا على سبيل القدح فيه، ومن رمى
ببعض هذا خاسر الثقة ومثبت على رسل وأما قول البخاري فيه: وذكره في
الأوسط لم يتبيّن (1) أمره فلولا اضطراب كلام البستي لحكمنا بصحة إسناد
الحديث؛ لأنه ممن روى عنه جماعة ووثق، النظر الثالث: قوله لم يرو عنه غير
عبد الواحد مردود بما ذكره ابن حبان في كتاب الثقات روى عنه عبد
العزيز بن عقبة بن مسلم، ومات سنة إحدى عشرة ومائة وهو ابن خمس
وثمانين سنة زاد العراب يكنى: أبا محمد، وقال ابن جرير في سنة إحدى
ومائة: زاد ابن قانع ويقال: سنة اثنين ومائة وكنيته أبو الفضل، وجزم أبو
جعفر في كتاب التعريف يصحح التاريخ بهذين وإن كان عبد الرحمن فهو
أيضا من الثقات فلا يضر إذا كان هو أو نحوه، النظر الرابع: قوله: ولا يصح
عن أحد من الصحابة مردود؛ لما ذكره/الحاكم ثنا أحمد بن بابونة ثنا
محمد بن شاذان الجوهري ثنا المعلى بن منصور ثنا عبد الرحمن ابن سليمان
__________
(1) قوله: " يتبين " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

(1/1000)


ثنا أبو إسحاق الشيباني عن العباس بن ذريح عن زياد بن عبد الله النخعي
قال: كنّا جلوساً مع علي- رضي الله عنه- في المسجد الأعظم فجاء المؤذن
والكوفة يومئذ رصاص، فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين العصر، فقال: اجلس
فجلس، ثم عاد فقال: ذلك فقال علي: هنا الكلب يعلمنا بالسنة فقام علي
فصلى بنا العصر ثم انصرفنا، فرجعنا إلى المكان الذي كنا به جلوسا فجثونا
للركب لنزول الشمس بالمغرب نرى أن هذا حديث صحيح الإسناد ولم
يخرجاه بعد احتجاجهما برواته، انتهى كلامه وفيه نظر من حينَ إن زياد
وابن ذريح المنفرد عنه بالرواية والعلى لم يحتجا. ولا أحدهما بواحد منهم
ومع ذلك فهم ثقات، والنخعي- وإن قال فيه الدارقطني وأبو الحسن بن
القطان: مجهول- فقد وثقة أبو حاتم ابن حبان فلو قال: صحيح الإسناد
وسكت لكان صواباً، وفي مسند ابن أبي شيبة أنّ عليَا كان يؤخر العَصر،
وما أسلفناه من عند أبي عيسى أن علي بن حجر أنبأ ابن علية عن أيوب عن
أبي مليكة عن أم سلمة:" أن النبي عليه الصلاة والسلام كان أشد تعجيلا
للظهر منكم وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه " (1) .
وما في الصحيح: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار،
ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر وفيه فيقولون: تركناهم وهم يصلون
وأتيناهم وهم يصلون (2) وهو يدل على فعل العصر آخر الوقت حتى تخرج
الملائكة وهم يصلون، ومفهوم حديث بريدة المتقدّم: " بكروا بالصلاة في
يوم الفتح وعدم التبكير في الصحو " وهذا المفهوم حجّة عند الشّافعي/463/ب - رحمه الله تعالى- وبما ذكره عبد الرزاق وإن كان منقطعَا، فأنه لا بأس
بالحجة به عند أبي حنيفة، قال سليمان بن موسى: نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:" صلوا صلاة العصر بقدر ما يسير الراكب إلى ذي الحليفة ستة
__________
(1) تقدم. ورواه الترمذي في: أبواب الصلاة، 7- باب ما جاء في تأخير صلاة العصر، (ح/161) .
(2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (المواقيت، باب " 16 "،، والتوحيد، باب " 33،23 ") ومسلم في (المساجد، ح/210) والنسائي في (الصلاة، باب " 2 ") ومالك في (السفر ح/82) (أحمد (2/275، 312، 486) .

(1/1001)


أميال " (1) وبما في صحيح مسلم (2) عن عمارة بن رقبة سمعت النبي عليه
الصلاة والسلام: لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع وقبل غروب يعني: الفجر والعصر"، بما سلف من حديث ابن عمرو وغيره وكلها صحاح، وما روى
مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا العصر إلى
اشتباك النجوم " (3) قال ابن حزم: لم يسند إلا من طريق الصوت بن بهرام
يعني: القاملي قال فيه ابن معين وابن حبان: ثقة، وقال ابن عينية والبخاري
وأبو حاتم: صدوق، وقال البزار: مشهور، وقال الدارقطني: لا بأس به، وصحح
الحاكم حديثه في مستدركه، وقد ذكره وهو صحيحا عن الحسن وابن سيرين
وأبي قلابة أنهم كانوا يمسون بالعصر، ومن حديث ابن شبرمة قال محمد بن
الحنفية. إنّما سميت بالعصر لتعصر، ومن حديث مصعب بن محمد عن رجل
قال: أخر طاوس العصر جدًا، فقيل له في ذلك فقال: إنّما سميت العصر،
ومن حدثنا وكيع ثنا إسرائيل وعلي بن صالح عن أبي إسحاق عن عبد
الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يؤخر العصر، قال ابن المنذر: وروى ذلك
عن أبي هريرة وابن شبرمة، وذكر أبو جعفر الطحاوي أنّ الصحابة أجمعت
على ذلك، واستدلّ أبو زيد الدبوسي في كتاب الأسرار لأبي حنيفة بقوله صلى الله عليه وسلم
: " مثلكم ومثل الأم من قبلكم كمثل رجل استأجر أجرا وفيه ثم قال:
[1/464] من يعمل إلي من العصر إلى/المغرب بقيراطين فعملتم أنتم فلستم أقلّ عملا وأكثر أجرًا " (4) فضرب قصر المدّة لقلّة العمل مثلًا قال: فجاء من هذا لأن
مدّة العصر أقصر، وإّنما تكون أقصر إذا كان الجواب كما قاله أبو حنيفة رحمه
الله تعالى، وبما رواه أبو داود (5) عن محمد بن عبد الرحمن العنبري عن
__________
(1) صحيح. رواه عبد الرزاق: (2073) .
(2) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/214) .
(3) إسناده حسن. رواه أبو داود (418) وا بن ماجه (ح/689) وأحمد (4/147) والحاكم (1/190)
والبيهقي (1/370، 448) الطبراني (4/218) والمشكاة (609، 610) والمنثور (1/300) .
قوله: 5" حين تشتبك النجوم " اشتباك النجوم: هو أن يظهر الكثير منها فيختلط بعضها ببعض من الكثرة.
(4) بنحوه. رواه أحمد (2/6) وابن كثير في " التفسير "، (8/58) .
(5) حسن. رواه أبو داود (ح/408) .

(1/1002)


إبراهيم بن أبي الوزير عن محمد بن يزيد السمامي عن يزيد بن عبد الرحمن عن علي بن شيبان عن أبيه عن جدّه قال: " قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤخر العصر مادامت الشمس بيضاء نقية "، وأمّا آخر وقت العصر فقاله أكثر العلماء: غروب الشمس، وقال الحسن بن زياد لغير الشمس إلى الصفرة في ما قال الإصطخري: إذا صار ظلّ كل شيء مثله خرج وقت العصر، وزعم الثوري أنّ العصر خمسة أوقات فضيلة واختيار، وجواز بلا كراهة، وجواز مع كراهة ووقت عذر، وفي المرغيناني والتأخير إلى تغير القرص مكروه، والفعل فيه ليس بمكروه، وأمّا الفائ فما كان بالعشي، وأمّا الظلّ فهو للشجرة وغيرها بالغداة قال الشّاعر يعني حميد بن ثور الهلالي:
فلا الظل من برد الضحى يستطعه ... ولا الفئ من برد العشي يذوق
وقال يعقوب: الفاء ما نسخ الشمس، وذكر أبو علي القالي: أنّ أبا بكر بن حبيب السهمي كان فصيحا فبينا هو قاعد في ظل قصر أوغدوة قال رجل: ما أطيب هذا الفيء، فقال بكر: ليس هذا بفيء إنّما الفئ بالعشي، وبنحوه قاله ابن دريد في الجمهرة زاد لأن الفئ زاد فنسخ الشمس، وقال ثعلب واحترت عن أبي عبيدة، قال رؤبة بن العجاج: كلما كانت عليه الشّمس فزالت فهو فيء وظل، وما لم يكن عليه شمس فهو ظل قال الليل، أمّا حكاية/عن رؤبة فقدر علي أنّ كل ما طلعت عليه الشمس ثم زالت عنه [464/ب] ، وسُمّى ظلا وفيئا ويسمى الظل قبل نصف النهار على هذا فيئا. لأن الشمس تطلع عليه ثم تزول عنه وما لم تطلع عليه الشمس نحو ظل الليل وظل الشجر وما تحت سقف ظل وليس يفئ لأنّ الشمس لا تطلع عليه ومن هذا ظل الجنة. لأنه ظل لا تطلع عليه الشمس، وقد جعل بعضهم فيئا غير أنه قيّده بالظّل قال النابغة الجعدي يصف حال أهل الجنة: فسلام الإله يغدو عليهم، وفي الفردوس: فإنّ الظلال والمغيوة والمغيية موضع الفيء، قابل ابن سيدة في المخصص والجمع: أفيأ وضيف، وأنشد العمري، لأنّ البيت أكرم أهله وأقعد في أفيائه بالأصائل، وقال ابن قتيبة: والفيء لا يكون إلا بعد الزوال ولا يقال لما كان قبله فيء، وإنّما سُمّي بالعشي فيأ. لأنه ظلّ فاء عن جانب إلى جانب أي رجع من جانب إلى جانب المشرق، والفئ هو الرجوع، قال الله تبارك

(1/1003)


وتعالى: {حتى تفيء إلى أمر الله} (1) وفي شرح أدب الكتاب لأبي جعفر
أحمد بن داود الساعي عن ابن كيسان المعروف أنّ الفيء والظل واحد، وأمّا
العصر فيراد به الغدو والعشي سميت الصلاة بذلك، قال القزاز: لأنها تصلى
في أحدهما وهو آخر النهار وهم يقولون: صلاة العصر والعصر محركَا، وأمّا
العصر الذي هو الدهر فمثلث عَصر وعُصر وعِصر، ومن العصر الذي هو
العشي قول الشاعر البيت بناة وأفرعها والعناص عصرَا وقدرنا الأمل، والعرب
تسمى الليل والنهار عصرين قال الشّاعر: وأمطره العصرين حتى يملني ويرضى
بنصف الدّين والأنف راغم، وفي الصحاح قال: الكسائي يقال جاء فلان
[1/465] عصرَا أي:/بطيئَا حكاه عنه أبو عبيد رحمه الله تعالى.
__________
(1) سقط لفظ الجلالة من هذه الآية الكريمة، وكذا أثبتناه.

(1/1004)


105- باب المحافظة على صلاة العصر
حدثنا أحمد بن عبدة، أنبا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن علي- رضى الله تعالى عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: " ملأ لله بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى". هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) بلفظ: " شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا "، أو قال قبورهم وقلوبهم، وفي لفظ آخر: " لما جلسونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس" وفي لفظ مسلم (2) : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ثم صلاها بين العشاءين بين المغرب والعشاء "، وفي حديث زان عن علي: " أوّل صلاة ركعنا فيها العصر. فقلت يا رسول الله: ما هذا؟ قال: بهذا أمرت " قال الطبراني (3) لم يروه عن أبي الحجان عن أبي عبد الرحيم الرمي عنه إلا سليمان بن كرم تفرد به حسين بن محمد المروزي، ولفظ عبد الله بن أحمد
__________
(1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (4/52، 5/141،8/105) ومسلم في (المساجد، ح/202، 205، 206) ، وأحمد (1/82،113) ، والدارمي (1/280) ، والبيهقي (2/220) ، والطبراني (11/384) ، وابن خزيمة (1336) ، وابن حبان (270) ، وابن سعد (1/2/51) ، والكنز (2193، 2990) ، وأذكار (272) ، والخطيب (3/210، 14/66) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 6 " رقم 202، 205، 206) ، والطبراني (11/384) ، والتمهيد (4/288، 290، 291) وأبو عوانة (1/355) ، وابن أبي شيبة (2/503) ، والفتح (8/195) ، وعبد الرزاق (2192) ، والبغوي (1/245) ، والمنثور (1/303، 304) ، والكنز (4283، 4285، 2903) ، وابن خزيمة (1337) ، وشرح السنة (2/23) وزاد المسير (1/282، 9/190) ، والحلية (4/165، 5/35) والكشاف (21) ، وبداية (7/86) ، والطبري (2/344) ، وابن كثير (1/429) والقرطبي (3/213) ، وابن عساكر في " التاريخ " (1/430) .
(3) إسناده ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد" (1/293) وعزاه إلى " البزار"، والطبراني في " الأوسط "، وفيه أبو عبد الرحيم، فإن كان هو خالد بن يزيد فهو ثقة من رجال الصحيح، ولم أجد أبو عبد الرحيم في رجال الكتب غيره، ولم أجد أبو عبد الرحيم في الميزان، وهو مجهول.

(1/1005)


فيما زاده في المسند عن أبي إسحاق الترمذي: ثنا الأشجعي عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبيدة عن علي قال: " كنا نراها الفجر، فقال النبي- عليه الصلاة والسلام-: هي صلاة العصر يعني الصلاة الوسطى " (1) . ورواه السراج في مسنده عن هناد، وغيره لا وكيع عن سفيان بلفظ: أن زراً قال لعبيدة: سئل عليَا عن الصلاة الوسطى، فقال: " وكنّا نراها الصبح فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر" (2) 0 الحديث، [465/ب] ورواه الدارقطني عن أبي عبيد محمد بن سعيد بن غالب العطار أنبا محمد بن/كثير الكوفي ثنا ًالأصلح عن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي، قال: " أربع حفظتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة الوسطى هي العصر، وأنّ الحج الأًكبر يوم النحر، وأنّ أدبار السجود الركعتان بعد المغرب، وأنّ أدبار النجوم الركعتان قبل الفجر" (3) . وسئل ابن أبي حاتم أباه، عن حديث رواه شعبة عن قتادة عن أبو حسان عن عبيدة عن علي في الصلاة الوسطى، قال أبي: ورواه حماد بن سلمة عن قتادة عن رجل عن علي، قال أبي: الصحيح حديث شعبة، وحماد لم يضبط. حدثنا هشام بن عمار وثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أنّ رسول صلى الله عليه وسلم قال: " إٍن الذي تفوته
__________
(1) بنحوه. رواه أحمد (5/12، 13) ، وابن أبي شيبة (2/503، 506) ، وابن خزيمة (1338) والكنز (4257، 4405) ، والمنثور (1/304، 6/332) ، والفتح (8/195) ، والطبري (2/344) ، والقرطبي (3/179، 210) ، وابن كثير (1/428، 430) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب 36، رقم 202، 205، 206) ، (1/236) وأحمد (1/113، 122) ، والبيهقي (1/460، 490، 2/220) ، الطبري (11/384) ، والتمهيد (4/288، 290، 291) ، وأبو عوانة (1/355) وابن أبي شيبة (2/503) والفتح (8/195) وعبد الرزاق (2192) ، والبغوي (1/245) ، والمنثور (1/303، 304) ، والكنز (29903،4285،4283، 42990) ، وابن خزيمة (1337) ، وشرح السنة (2/233) ، والمسير (1/282، 9/190) ، وا لحلية (4/165، 5/35) ، وكشاف (21) ، وبداية (7/86) والطبري (2/344) ، وابن كثير (1/429) ، والقرطبي (1/213) ، وابن عساكر (1/430) .
(3) ضعيف. رواه أحمد (5/12، 13) ، وابن أبي شيبة (2/503، 506) ، وابن خزيمة (1338) ، وا لكنز (4257، 4405) ، وا لمنثور (1/403، 6/332) ، والفتح (8/195) ، والطبري (2/344) ، والقرطبي (3/179، 210) ، وابن كثير (1/428) ، قلت: في إسناده الحارث.

(1/1006)


صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " (1) . هذا حديث خرجاه في الصحيح، زاد الكجي:" في سنة لعد وماله وهو قاعد "، رواه من جهة حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع، وأغفل الحافظ المنذري كونه مخرجًا عند النسائي من حديث سفيان آنفاً، ورواه الوليد عن الأوزاعي عن نافع عن ابن عمر قال عليه السلام:" من فاتته صلاة العصر وفواتها أن تدخل الشمس صفرة فكأنما وتر أهله وماله". قاله أبو حاتم في كتاب العلل من قبل نافع، حدّثنا حفص بن عمر وثنا عبد الرحمن بن مهدى وثنا يحيى بن حليم ثنا يزيد بن هارون قالا: ثني محمد بن طلحة عن زيد عن عروة عن عبد الله، قال:" حبس المشركون النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة العصر حتى غابت الشمس، فقال: حبسونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا ". هذا حديث أخرجه مسلم (2) - رحمه الله تعالى- في صحيحه، ولفظ أبي داود/الطيالسي والسراج في مسنده عن [1/466] محمد بن طلحة عن زيد، قال عليه السلام:" صلاة الوسطى صلاة العصر "، وقال الترمذي (3) " خرجه: حسن صحيح، وفي الباب أحاديث منها حديث أبي يونس مولى عائشة قال: " أمرتني عائشة إذا كتب لها مصحفا، وقالت:
__________
(1) صحيح. رواه البخاري في (المواقيت، باب" 14 "، ورواه مسلم في المساجد، ح/201) ، والنسائي (1/238) ، وا بن ماجه (ح/684) ، وأحمد (2/54، 13، 145) ، والدارمي، (1/280) ، والبيهقي (1/445) ، وابن عدي (7/2647) . ومشكل (2/12) ، وابن أبي شيبة (1/342) .
غريبة: قوله: " وتر أهله وماله! على بناء المفعول ونصب الأهل والمال أو رفعها. قيل النصب هو المشهور، وعليه الجمهور. وهو مبني على أن " وتر" بمعنى سلب وهو يتعدى إلى مفعولين. والرفع على أنه بمعنى أخذ. فيكون " أهله "، هو نائب الفعل.
(2) صحيح. متفق عليه رواه مسلم في (المساجد، ح/206) ، والبخاري (6/37) وأبو داود (409) ، وابن ماجه (687، 686) ، وأحمد (1/392) ، والتمهيد (4/289) ، والمشكاة (633) وابن أبي شيبة (42،14) ، وأبو عوانة (1/356) .
(3) صحيح. رواه الترمذي (ح/181، 2983،182، 2985) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (5/22) ، والبيهقي (1/460) ، والمجمع (1/309) ، والفتح (8/195) ، والمنثور (1/303) ، والمشكاة (634) ، والطبراني (7/242) ، وشرح السنة (2/234) ، والكنز (19383) ، وابن كثير (1/430، 431) ، ومعاني (1/174) ، وأصفهان (2/150) ، والخفاء (2/38)

(1/1007)


إذا بلغت هذه الآية فآذني حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى. قال:
فلمّا بلغتها آذنتها فأملت علي حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة
العصر وقوموا لله قانتين. قالت عائشة: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) ،
وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود عن أحمد بن خباب نا مكي نا ابن لهيعة
عن أبي هريرة: قبيصة بن ذؤيب قال في مصحف عائشة: " حافظوا على
الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر " (2) ، وفي كتاب ابن حزم روينا من
طريق ابن مهدى عن أبي سهل محمد بن عمرو الأنصاري عن القاسم عنها
فذكره بغير واو، وقال أبو محمد: فهذه أصح رواية عن عائشة، وأبو سهل
ثقة، وفي هذا ردّ لما قاله أبو عمر لم يختلف في حديث عائشة في ثبوت
الواو، وعلى تقدير صحته يجاب عنه بأشياء، منها: أنه من أفراد مسلم،
وحديث علي متفق عليه، الثاني: أنه من أثبت الواو امرأة ويسقطها جماعة
كثيرة، الثالث: موافقة مذهبها لسقوط الواو، الرابع: مخالفة الواو للتلاوة،
وحديث علي موافق، الخامس: حديث علي يمكن (3) فيه الجمع، وحديثهما لا
يمكن فيه الجمع إلا بترك غيره. السادس: معارضة روايتها برواية زبير الأتي
بعد، السابع: أن تكون الواو زائدة كما زيدت عند بعضهم في قوله تعالى: {وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون} " (4) . وفي
قوله: {وكذلك نصرّف/الآيات وليقولوا درست} (5) . وفي قوله: {ولكن رسول الله وخاتم النبيين} (6) . وفي قوله: {إنّ الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله} (7) ، وفي قوله: {ولقد آتينا موسى وهارون
الفرقان وضياءً} (8) . وقال الأخفش! في قوله تعالى: {وحتى إذا جاؤوا
وفتحت أبوابها} . أنّ الجواب فتحت، وفيه قول جيّدح:
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/207) .
(2) الحاشية السابقة.
(3) قوله: يمكن غير واضحة) بالأصل وكذا أثبتناه.
(4) سورة الأنعام آية: 75. (5) السورة السابقة آية: 105.
(6) سورة الأحزاب آية: 40. (7) سورة الحج آية: 25.
(8) سورة الأنبياء آية: 48. (9) سورة الزمر آية: 73.

(1/1008)


فلما أخرنا ساحة الحي وانتحى ... بنا ببطن خفيف ذى وكام عقيقل
وزعم بعض محققي النحاة: أنّ العطف هنا من باب التخصيص والتفضيل والتنزيه كقوله تعالى: (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال} (1) . وكقوله: {فيهما فاكهة ونخل رمان} (2) . وكقوله تّعالى: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوحِ إبراهيم وموسى وعيسى بن مريم} (3) . فإن قيل قد حصل التخصيص فَيَ العطف، وهو قوله تعالى: {والصلاة الوسطى} (4) فوجب أن يكون العطف الثاني، وهو قوله: {وصلاة العصر} مغايرا له فيجاب بأِنّ العطف الأوّل كما قلتم، والثَّاني: للتأكيد، والبيان لما اختلف اللفظان كما تقول: جاءني زيد الكريم والعاقل، فيعطف! إحدى الصفتين على الأخرى، والله تعالى أعلم، وفي كتاب مسلم) ْ (5) من حديث شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال: " نزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات وصلاة العصر، فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله، فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، قال رجل كان جالسا عند شقيق له: هي إذًا صلاة العصر فقال البراء: قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله والله تعالى أعلم " قال مسلَم: ورواه الأشجعي عن الثوري عن الأسود بن قيس عن شقيق عن البراء قال: قرأناها مع النبي صلى الله عليه وسلم زمانا بمثل/حديث فضيل بن مرزوق. يعني المذكور، وفي المركبات نا ابن عبدوس نا عثمان بن سعيد نا إبراهيم بن أبي الليث نا الأشجعي ولفظه: وقرأناها مع النبي- عليه الصلاة والسلام- أيامًا: حافظوا على الصلوات وصلاة العصر، ثم قرأنا: حافظوا على الصلوات وصلاة الوسطى فلا أدرى أهي هي أم لا. قال
__________
(1) سورة البقرة آية: 98.
(2) سورة الرحمن آية: 68.
(3) سورة الأحزاب آية: 7
(4) سورة البقرة آية: 238.
(5) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/208) .

(1/1009)


الشيخ المجيد: وهو دليل على كونها العصر لأنه خصها وقص عليها في الأمر بالمحافظة، ثم جاء الناسخ في التلاوة متيقّنا، وهو في المعنى مشكوك فيه فيستحبّ التيقّن السابق، وهكذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم أمر فواتها تخصيصًا، وحديث الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أرض قال:
في الصلاة الوسطى صلاة العصر " (1) . رواه أبو عيسى، وقال قال محمد:
قال علي بن المدينْي: حديث الحسن عن سمرة صحيح، وقد سمع منه، قال
الترمذي: وحديث سمرة في الصلاة الوسطى حديث حسن كذا رأيته في علله
من نسخة، وحكى الشيخ المجيد عنه أنه قال: حسن صحيح والله تعالى أعلم،
ولفظ الإِمام أحمد في مسنده (2) : " صلاة الوسطى صلاة العصر"، وفي لفظ
له أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الصلاة الوسطى؟ قال: هي العصر وفي آخري أن
النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وسمّاها لنا
أنها هي صلاة العصر " (3) . ولفظ أبي نعيم في كتاب الصحابة أنه قال في:
" صلاة الوسطى هي صلاة العصر "، وبشدة ما خرجه الحاكم في كتابه عن
أحمد بن زياد ثنا عبد الله بن أيوب ثنا مروان بن جعفر عن محمد بن إبراهيم بن حبيب عن جعفر بن سعيد عن حبيب/بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة، قال: وهذه وصية سمرة إلى بنيه فذكرها إلى
أن قال، أما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا فذكر أموراً منها، وأمرنا أن
نحافظ على الصلوات كلّهن، وأوصانا بالصلاة الوسطى، ونبأنا أنها صلاة
__________
(1) تقدم: في الحاشية رقم" 2 " (ص 413) .
(2) صحيح. رواه أحمد (5/22) ، والترمذي (ح/181، 182، 2983، 2985) ، وصححه. والبيهقي (1/460) ، والمجمع (1/309) ، وا لفتح (8/195) ، والمنثور (1/303) ، والمشكاة (634) ، والطبراني (7/242) ، وشرح السنة (2/234) ، ومعاني (1/174) ، وأصفهان (2/150) ، والخفاء (2/38) . وصححه الشيخ الألباني.
(3) حسن. رواه أبو داود (ح/410) وأحمد (5/8، 6/73) ، والطبراني (5/131) ، والمنثور (1/295) ، والكنز (19066) ، والتمهيد (4/273، 2011،282) وابن حبان (282) .

(1/1010)


العصر، ثم قال: هذه وصية حسنة جامعة من سمرة إلى بنيه، رواها بعضهم عن بعض، واعترض أبو الحسن بن القطّان على هذا الإِسناد وبجهالة رواته، وقد بيّنا في غير موضع أنّ الأمر ليس كما قال وأنهم معروفون، وأمّا احتجاج الترمذي على سماع الحسن بن سمرة بحديث قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال: فإنّ محمد بن سيرين سأل الحسن ممّن سمع حديث العقيقة، فقال: من سمرة وهو وإنْ كان في صحيح البخاري فقد خالفه في ذلك الله، وقد ذكر في كتاب المراسيل من تأليفه: الحسن عن سمرة ليس بصحاح إلا من كتاب، ولا يحفظ عن الحسن عن سمرة حديثا يقول فيه سمعت سمرة إلا حديثاً واحدًا وهو حديث العقيقة، ولم يثبت، رواه قريش بن أنس ولم يروه غيره وهو وهم انتهى كلامه، وفيه نظر: من حيث، أنّ أبا حرّة رواه عن الحسن كذلك ذكره أبو القاسم في الكبير عن سالم بن سهل ثنا طاليس بن محمد بن السكن ثنا حفص بن عمر البخاري عنه، وحديث حفصة أم المؤمنين- رضي الله عنها- ذكره أبو عمر في التمهيد بسند صحيح، وقال في الاستذكار: اختلف في وقفه وفي ثبوت الواو فيه: أنها أمرت كاتبها فكتب مصحفًا فإذا بلغ هذه الآية يستأذنها فلمّا بلغها أمرته يكتب: " حافظوا على الصلاة الوسطى وصلاة العصر "، ورفعه/إلى النبي- عليه الصلاة والسلام-، وقال: ورواه هشام عن جعفر بن إياس عن رجل حدّثه عن سالم عنها، ولم يثبت الواو قال: والصلاة الوسطى صلاة العصر، وحديث أبي بصرة الغفاري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر المخمص. وقال: " إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين ". نبأ به الإِمام العلامة القدوة موسى بن علي بن يوسف القطبي الحنفي رحمه الله تعالى قرأه عليه، وأنا أسمع أنا مسند وقته عبد اللطيف ابن القسطل عن أبي الحسن الجمال أنا أبو الحسن بن أحمد أنبأ الحافظ أحمد بن عبد الله
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في: صلاة المسافرين، (ح/292) . قوله: 5 بالمخمص"، قال النووي: هر موضع معروف.

(1/1011)


ثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث ابن أبي أسامة لنا قتيبة نا ليث عن خير بن نعيم عن أبي هريرة عن أدي تميم الجيشاني عنه، ورواه مسلم (1) عن قتيبة على الموافقة كما روايته، ورواه أيضا عنه زهير عن يعقوب في صحيحه عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن خير، فنزل ثلاث درجات، وكأني من طريق زهير سمعته من أبي عبد الله الفراوي رحمه الله تعالى، وبن وفاته ومولدي مائة وتسعة وخمسون سنة ولله الحمد على ذلك، وإذا راويه بالإجازة فكأني سمعته من عبد الغافر الفارسي وبين وفاتيهما اثنتان وثمانون سنة، وحديث حذيفة بن اليمان المذكور عن الطبري في ذكر الصلاة الوسطى بسند صحيح عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق: شغلونا عن صلاة العصر، ولم يصلها/يومئذ حتى غابت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوتهم وقلوبهم ناراً (1) . وحديث ابن عباس المذكور عند أبي القاسم بن مطير عن محمد بن عبد الله الحضرمي نا محمد بن عمران ابن أبي ليلى نا أبي ليلى عن الحكم بن مقسم وسعيد بن جبير عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: (شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قلوبهم وأجوافهم ناراً " (2) ، وزاد في الأوسطي "اللهم من شغلنا عن الصلاة الوسطى" (3) ، وكان قد نظر
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في والمساجد، والنسائي، وأحمد، والبيهقي، والطبراني، والتمهيد وأبو عوانة (1/355) ، وابن ألف شيبة (2/503) ، والفتح (8/195) ، وعبد الرزاق (2192) ، والبلوى (1/245) ، والمنثور، وابن خزيمة (1337) ، وشرح السنة، والمسير (1/282، 9/190) ، والحلية (4/165، 5/35) ، وكشاف (21) ، وبداية، والطبري، وابن كثير، والقرطبي، وابن عساكر في التاريخ، (1/430) .
(2) الحاشية السابقة.
(3) صحيح. رواه الطبراني وابن عدي فيه "الكامل" والجوامع (9898) والكنز (9901) .

(1/1012)


وإذا صلاة العصر، فصلى فلمّا فرغ قال الحديث، ثم رواه عن أحمد بن عمرو القطراني نا عبد الوارث بن غياث نا أبو عوانة عن هلال بن حباب عن عكرمة عنه، ورواه ابن حزم مصححَا له موقوفا على ابن عباس: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر". بلا داود في روايته لأحمد قال: قائل النبي صلى الله عليه وسلم عدوا فلم تفرغ منهم حتى آخر العصر عن وقتها فلمّا رأى ذلك قال: "اللهم من حبسنا عن الصلاة الوسطى أملأ بيوتهم نارَا وقبورهم نارَا لم" (1) . وفي تفسير الطبري نا علي بن مسلم الطوسي ثنا عباد بن العوام عن هلال بن حباب عن عكرمة عنه قال: خرج النبي- صلي الله عليه وسلم - في غزاة له فحبسه المشركون عن صلاة العصر، حتى مسي بها، فقال النبي- عليه الصلاة والسلام-: "اللهم املأ بيوتهم وأجوافهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى" (2) . وفي لفظ، قال النبي- عليه الصلاة والسلام- يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس" (3) . وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود عن أبي إسحاق: سمع عبيد بن مريم سمع ابن عباس قراءة هذا/الحرف: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر"، وفي كتاب ابن حزم من هذه الطريق بغير واو ثم قال: كذا قاله وكيع، وحديث ابن عمر المذكور عند عبد الله محمد بن يحيي بن مسندة الأصبهاني عن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم نا أبي يعقوب القمي عن عنبسة بن سعيد الداري عن أبي ليلى وليث عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الموتور أهله وماله من وتر صلاة الوسطى في جماعة وهى صلاة العصر" (4) .
__________
(1) صحيح. المنثور (1/304) ، والكنز (29902) ، والجوامع (9967) ، وبداية (4/109) ، والمجمع، وعزاه إلى " أحمد"، والطبري في "الكبير" و"ألأوسط" ورجاله موثقون.
(2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في والجهاد، باب الدَعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة ومسلم في "المساجد" (ح/202) والترمذي (ح/2984) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (1/135) والتمهيد (4/290) .
(3) تقدم ص 1012.
(4) ضعيف. الدر المنثور: قلت: في إسناده ابن أبي ليلى.

(1/1013)


وفي تفسير أبي جعفر ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم نا أبي وشعيب بن الليث عن الليث عن- يزيد بن الهاد عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه كان يرى صلاة العصر فضيلة للذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، ويروى أنها الصلاة الوسطى، وكذا قاله ابن شهاب عنه، وقد تقدّم طرف منه قبل وسيأتي عنه خلافه، وحديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صلاة الوسطى صلاة العصر". ذكره ابن خزيمة (1) وفي صحيحة وأبو جعفر عن أحمد بن منيع نا عبد الوهاب بن عطاء عن أبي صالح عنه، وحديث أبي هاشم بن عتبة رواه الطبري عن المثنى نا سليمان بن أحمد الواسطي ثنا الوليد بن مسلم، أخبرني صدقة بن خالد نا خالد بن دهقان عن خالد بن صلام عن كهيل بن حرملة، قال سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى؟ فقال: اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها، ونحن نفعنا بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فقال: ثنا أعلم لكم ذلك، فقام فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ثم خرج أخبرنا أنها صلاة العصر، ولما ذكر أبو موسي في كتاب الصحابة أبا هاشم هذا، قال عن عبدان له حديثان حسنان وواحد منكر انتهى، يشبه أن يكون الحديث المنكر قوله: " أن النبي عليه الصلاة والسلام مسح على شاربه. وقال: لا تأخذه حتى تلقاني فتوفي النبي عليه السلام قبل أن يقدم من سرية، فكان يقول لا آخذه حتى ألقاه والله تعالى أعلم"، وحديث أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس " (2) . قال أبو جعفر: ثنا به ابن المثنى عن ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان عن أبي الضحى عن شهير بن شكل عنها، وحديث رجل من الصحابة قال: أرسلني أبو بكر وعمر
__________
(1) صحيح. رواه ابن خزيمة (1338) ، وأحمد، وابن أبي شيبة والكنز (4257، 4405) ، والمنثور، والفتح (8/195) ، والطبري (2/344) ، والقرطبي (3/179، 210) ، وابن كثير.
(2) تقوم ص 1012.

(1/1014)


وأنا غلام صغير إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسأله عن الصلاة الوسطى؟ فأخذ إصبعي الصغيرة فقال:) هذا الفجر وقبض التي تليها فقال: هذا الظهر ثم قبض الإِبهام فقال: هذه المغرب، ثم قبض التي تليها، فقال: هذه العشاء ثم قال: أي أصابعك بقيت فقلت: الوسطي، فقال: أي الصلاة بقيت؟ قلت: العصر قال هي العصر " (1) . رواه أبو جعفر عن أحمد بن إسحاق ثنا أبو أحمد ثنا عبد السلام مولى أبي نصير، حدثنى إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال: كنت جالسًا عند عبد العزيز بن مروان، فقال: يا فلان اذهب إلى فلان، فقل له: أي شيء سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوسطى، فقال: رجل جالس أرسلني فذكره، وحديث أبي مليكَ الأشعري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلاة الوسطى صلاة العصر" (2) . قال أبو جعفر: حدثني/محمد بن عوف الطائي، ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش حدثنى خصم بن زرعة عن شريح بن عبيد عنه، وحديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لكاتب يكتب لها مصحفًا: "إذا كتبت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فاكتبها العصر" (3) . أنبأ به العلامة أبو محمد البصري أنبأ الإمام شمس الدين أبو بكر محمد بن إبراهيم، قال: ثنا داود بن ملاعبة أنبأَ القاضي أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي أنبأ أبو جعفر بن المسلمة أنبأ أبو عمر وعثمان الآدمي ثنا الإِمام الحافظ أبو بكر بن أبي داود ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا سعد بن الصلت ثنا عمرو بن ميمون بن مهران الحرزي عن أبيه، قال: قالت: أم سلمة فذكره، وذكر ابن حزم من طريق وكيع عن داود بن قيس عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة بغير واو في كتاب المصاحف، ذكره أيضًا بلفظ حديث عائشة وحفصة، عن عبد الله بن رافع أيضا، وحديث أنس بن مالك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علي دال: " شغلونا عن صلاة العصر التي غفل عنها سليمان بن داود عليه السلام حتى
__________
(1) صحيح. رواه ابن كثير.
(2، 3) تقوم بنحوه. في صحيح مسلم: المساجد صح/207) .

(1/1015)


توارت بالحجاب اشعل الله قلوبهم وبيوتهم وقبورهم نارا " (1) ، وفي لفظ قال عليه السلام: ومن ضيع وقت العصر فكأنما وتر أهله وماله " (2) ، وفي لفظ:
" فقد برئت منه الذمّة" ذكره إسماعيل بن أبي زياد الشامي في تفسيره أنبأ أبان عن أنس به، وفي تفسير النقاشي: عندما اختلفوا يعني الصحابة في شيء
ما اختلفوا في الصلاة الوسطى وشبّك بين أصابعه، وفي كتاب ابن حزم من طريق إسماعيل بن إسحاق عن محمد بن أبي بكر عن محبوب أبي جعفر عن
الحذاء عن أبي قلابة في قراءة أبى بن كعب: " صلاة الوسطى صلاة، العصر " (3) . قال: وليست/هذه الرواية بدون تلك يعني فيها الواو فقد اختلف على أبي بن كعب أيضا، ومرسل الحسن قال: قال عليه الصلاة والسلام:
"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" (4) . وهي العصر، رواه أبو جعفر عن يعقوب بن إبراهيم ثنا ابن علية عن يونس عنه مرسل الربيع، قال: "ذكر
لنا أنّ المشركين شغلوهم يوم الأحزاب عن صلاة العصر حتى غابت الشّمس"، فقال أبو جعفر: حدثنا عن عمّار بن الحسن ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن
الربيع فذكره، وبه قال أبو هريرة وابن عمر بن الخطاب وعائشة وعليّ بن أبي طالب وأمّ سلمة وابن عباس وأبي بن كعب، وروى أيضا عن أبي أيوب الأنصاري ويونس والحسن بن أبي الحسن وقتادة والزهري وعبيدة السلماني وهو قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأحمد والشّافعي وأصحابهم، فيما
__________
(1) تقدّم بنحوه: حاشية رقم (1)) ص 428) .
(2) رواه ابن ماجة في: 2- كتاب الصلاة، 6- باب المحافظة على صلاة العصر، (ح/685) . وفيه: " إن الذي تفوته، مكان " من ضاع وقت" وصححه الشيخ الألباني.
(3) صحيح. رواه الترمذي (ح/2985،2983،182،181) . وقال: هذا حديث حسن
صحيح. وأحمد (5/22) ، والبيهقي (1/460) ، والمجمع، وعزاه إلى " البزار"
ورجاله موثقون. والفتح (8/195) ، والمنثور (1/303) ، والمشكاة (634) ، والطبراني (7/
242) ، وشرح السنة (2/234) ، ومعاني (1/174) ، وأصفهان (2/150) ، والخفاء (2/38) .
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/410) ، وأحمد والطبراني (5/131) ، والمنثور (1/295) والكنز (19066) والتمهيد (4/273، 2011، 282) وابن حبان (282) .

(1/1016)


حكاه بن عبد البر وعبد الله بن عباس على اختلاف وداود وجميع أصحابهم، وهو قول إسحاق بن راهوية ومشهور أهل الحديث، قال ابن حزم: ولا يصح عن علي ولا عن عائشة غير هذا أصلا، وزاد ابن المنذر وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري والضحاك بن مزاحم والسائب بن يزيد، ذكره المحاملي في أماليه، وابن مسعود وابن عمر وسمرة والنخعي وعبيد بن مريم وزر بن حبيش ومحمد ابن سيرين وسعيد بن جبير ومحمد بن السائب الكلبي ومقاتل وتلي:) والعصر إنّ الإِنسان لفي خسر (. ذكره الطبري والثعلبي، قال أبو الحسن الماوردي: وهو مذهب جمهور التابعين، وقال أبو عمر والبغوي: وهو قول أكثر أهل الأثر، وفي كتاب ابن عطية: وعلى هذا القول جمهور الناس والله تعالى أعلم، وقال الطبري: والصواب من القول في ذلك ما/تظاهرت به الأخبار أنها العصر، ومنهم من قال: هي صلاة الظهر جانحاً إلى حديث زيد بن ثابت قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر بالهاجرة ولم يكن يصلى صلاة أشدّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فنزلت: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" وقال إنّ قبلها صلاتين وبعدها صلاتين". رواه أبو داود (1) من حديث شعبة عن عمرو بن أبي حكيم سمعت الزبرقان يحدّث عن عروة عنه، وقال البيهقي في المعرفة: إسناده مختلف فيه، وأبي ذلك ابن حزم فصحّح إسناده، ورواه أبو جعفر عن زكريا بن يحيي بن أبي زائدة نا عبد الصمد نا شعبة عن عمر بن سلمان عن عبد الرحمن ابن أبان عن أبيه عن زيد في حديث رفعه قال: " الصلاة الوسطى صلاة الظهر" (2) ، وأمّا قول الترمذي: أنّ في الباب يعني العصر حديث زيد بن ثابت ثم قال: وقال زيد بن ثابت وعائشة: هي الظهر ويشبه أن يكون وهما؟ لأنّ حديثه وفتياه أنها الظهر فقط ولم أرَ له غير ذلك والله تعالى أعلم، وحديث أسامة بن زيد روى
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح 411) وشرح السنة (23612) .
(2) صحيح. المشكاة (636) والمنثور (30211) .

(1/1017)


الزبرقان عن ابن عمرو بن أمية: أن رهطا من قريش من بينهم زيد بن ثابت وهم مجتمعون، فأرسلوا أبيه غلامين منهم يسألانه عن الصلاة الوسطى فقال:
هي الظهر، ثم انصرفا إلى أسامة بن زيد فسألاه، فقال: "هي الظهر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى الظهر بالهجر ولا يكون وراءه الصف والصفّان"
والنّاس في قائلتهم وفي تجارتهم فأنزل الله تعالى: " "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين" قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لينتهيّن رجال أو لأحرّق بيوتهم" رواه أحمد (1) ،/والزبرقان لم يلق أسامة، وحديث عبد الله بن عمر، قال الطبري: ثنا ابن البرقي أنبأ نافع بن زيد حدثنى الوليد بن أبي الوليد أن سلمة بن مرّة حدّثه أنّ نفرا من قريش أرسلوا إلى عبد الله بن عمر يسألونه عن الصلاة الوسطى، فقال له: هي التي على أثر الضحى، فقالوا
له: ارجع فسأله فما زادنا إّلا عيانها، فمر بهم عبد الرحمن بن أفلح مولى عبد الله بن عمر، فأرسلوه أبيه أيضا، فقال هي التي توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة وزاد في الأوسط من حديث الوليد عن عبد الرحمن بن أفلح: أنّ نفرا من الصحابة أرسلوني إلى ابن عمر، فذكره وقال: لا يروى عن أفلح عن ابن عمر إّلا بهذا الإِسناد تفرد به موسى بن ربيعة الجمحي، وحديث أبي بن كعب المستنبط رفعه، وكذا الذي قبله ذكره ابن حزم، فقال: ثنا ابن بشار ثنا
عثمان بن عمر وثنا أبو عامر عن عبد الرحمن بن قيس عن ابن أبي رافع عن أبيه وكان مولى لحفصة، قال: استكتبتني حفصة مصحفَا، وقالت: إذا أتيت على هذه الآية فأعلمني حتى أملها عليك كما أقرؤها فلما أبيت على هذه الآية أنبأتها فقالت: اكتب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة
__________
(1) صحيح. رواه أحمد (3/369، 5/183، 206) ، والبيهقي (1/434، 449، 458) ، والمجمع (1/308) ، وعزاه إلى أحمد، ورجاله موثقون ألا ان الزبرقان لم يسمع من أسامة بن زيد ولا من زيد بن ثابت والله تعالى أعلم. والمنثور (1/301) ، والحاوي (1/181) ، والكنز (4267) ، وابن كثير، والقرطبي، والبخاري في والكبير، (3/434) ، ومعاني (1/184،167) .

(1/1018)


العصر فلقيت أبي بن كعب وزيد بن ثابت، فقلت: يا أبا المنذر إنّ حفصة قالت: كذا وكذا، قال: هو كما قالت: أو ليس أشغل ما يكون عند صلاة الظهر في تواضحنا وغنمنا (1) "، وبه قال أبو سعيد الخدري وابن عمر على اختلاف عنهما فيما حكاه الطبراني وزيد بن ثابت، قال ابن عبد البرّ: وهو أصح ما روى عنه في ذلك، وبنحوه ذكر ابن حزم، وزاد ابن المنذر وعائشة في قول وعبد الله بن شدّاد وأسامة بن زيد وعروة بن الزبير، ويروى عن أبي حنيفة (2) /أيضَا، ومنهم من قال في صلاة المغرب رواه أبو جعفر من حديث إسحاق بن أبي قروة عن رجل عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: "الصلاة الوسطى صلاة المغرب ". ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها ولا تقصر في السفر لانّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها عن وقتها، ولم يعجلها، قال أبو جعفر: وجه قوله أنه يريد التوسّط الذي هو يكون صفة للشيء الذي يكون على بين الأمرين كالرجل المعتدل القامة، ومنهم من قال: هي صلاة الغداة ورواه النسائي بين حديث جابر بن زيد عن ابن عباس قال:) أدلج النبي- عليه الصلاة والسلام- ثم عرّس فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس أو بعضها، فلم يصلى حتى ارتفعت فصلى وهي صلاة الوسطى (3) ، وفي حديث صالح وأبي الخليل عن جابر بن زيد عن ابن عباس أنه قال: "صلاة الوسطى صلاة الفجر" (4) ، وعن أبي رجاء قال: صليت مع ابن عباس الغداة في مسجد البصرة فقنت بنا قبل الركوع، وقال: هذه الصلاة الوسطى قال الله تعالى: {وقوموا لله قانتين} فقنت وفي لفظ: صلى بنا ابن عباس الفجر فلما فرغ.
__________
(1) تقوم بنحوه. انظر صحيح مسلم: المساجد، (ح/207) .
(2) قوله: (حنيفة غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.
(3) صحيح. رواه النسائي في: المواقيت، باب 55) 1/298-299) .
غريبة: قوله:) أدلج، بالتخفيف أي سار أول الليل. " وعرس " بالتشديد أي نزل آخره. (4) قلت: الذي أورده الألباني في "ضعيف" الجامع: ص 514 ح/517 سهم بلفظ: "صلاة الوسطى أول صلاة تأتيك بعد صلاة الفجر". وعزاه إلى عبيد بن حميد في وتفسيره، عن مكحول مرسلا. وقال: "ضعيف".

(1/1019)


قال: إن الله تعالى قال في كتابه: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} فهذه الصلاة الوسطى وبمثله رواه أبو العالية من طريق خلاس بن عمر، وصحيحه ذكره أبو جعفر وعن أبي العالية أيضا بطريق صحيحة قال: صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة ومن عمر صلاة الغداة، فقلت لرجل من الصحابة إلى جنبي بالصلاة الوسطى، قال: هذه الصلاة، قال أبو جعفر: حديث عن عمار بن الحسن نا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع عن أبي العالية، أنه صلى مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، فلمّا أن فرغوا قال: " أنها الصلاة/الوسطى قالوا التي صليتها قبل " ثنا ابن بشار نا ابن عمه ما سعيد بن بشير ثنا قتادة عن جابر بن عبد الله قال: "الصلاة الوسطى صلاة الصبح"، ثنا مجاهد بن موسى ثنا يزيد بن هارون أنبأ عبد الملك بن أبي سليمان قال: كان عطاء يرى أنها صلاة الغداة، وعنه قاله عكرمة ومجاهد بن جبير وعبد الله بن شدّاد بن الهاد والربيع عن أنس، قال أبو جعفر عنهم: إنّ الله تعالى قال أثر ذلك الوسطى: {وقوموا لله قانتين} بمعنى: قوموا فيها قانتين. قالوا: فلا صلاة مكتوبة من الصلوات الخمس فيها قنوت سوى صلاة الصبح، وبه قال عمر وابنه موسى ومعاذ فيما ذكره البغوي وعلي بن أبي طالب، قال أبو عمرو: ولم يصح عنه وصح عن ابن عباس، قال الشّافعي: وإلى هذا يذهب مالك وأصحاب الرأي، قال أبو عمرو: تبعه أصحابه ومنهم من قال هي إحدى الصلوات الخمس، ولا يعرفها بينها، وروى ذلك عن ابن عمر من طريق صحيحة، قال نافع: سأل ابن عمر رجلا عن الصلاة الوسطى يقال هي منهن فحافظ عليهن كلهن، وبنحوه قاله الربيع بن حيثم وزيد بن ثابت في رواية، وقال سعيد بن المسيب: كان أصحاب رسول الله علي فيها مختلفين، يعني: في الصلاة الوسطى وشبّك بين أصابعه، وبنحوه قاله شريح ونافع، وقال النقاش: قالت طائفة: هي الخمس ولم يبيّن أي صلاة هي، قال أبو عمرو: كل واحدة من الخمس وسطى لأنّ قبل كلّ واحدة صلاتين وبعدها صلاتين، كما قال زيد بن ثابت: والمحافظة على جميعهن

(1/1020)


واجب، ومنهم من قال هي الحسن إذ هي الوسطى من الدين، كما قال عليه السلام " بنى الإِسلام على خمس " (1) . قالوا: هي في الوسطى من الخمس روى ذلك عن معاذ/وعبد الرحمن بن غنم فيما ذكره النقاش، وفي كتاب الحافظ أبي الحسن على بن الفضل: قيل ذلك لأنها وسط الإِسلام أي خياره، ولذلك عمرو في كتاب التفسير لابن أبي حاتم: ثنا أبو سعيد الأشج ثنا المحاربي وابن فضيل عن الأعمش عن مسروق أنه قال: الوسطى هي المحافظة على وقتها يعني الصلوات، وقال مقاتل بن حبان: مواقيتها ووضؤها وتلاوة القرآن فيها، والتكبير والركوع والسجود والتشهد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
فمن فعل ذلك، فقد أتمها وحافظ عليها أنباً به محمد بن الفضل نا محمد محمد بن على بن شقيق أنبأ محمد بن مزاحم عن بكر بن معروف عنه به، وذكر أبو الليث في تفسيره عن ابن عباس نحوه، وقال المازري: هي صلاة عشاء الآخرة، وذهب العامري في شرح السنة: إلى أنّ السلف لم ينقل عنهم ولا عن أحد منهم هذا القول، قال: وقد ذكره بعض المتأخرين، وسيأتي قول
أبي الدرداء به، وناهيك به سلفًا، وذهب آخرون: إلى أنها الجمعة خاصة،
حكاية أبو الحسن الماوردي وغيره لما اختصت به دون غيرها، قال أبو الحسن
فيما ذكره في المحكم. لأنها أفضل الصلوات، ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ
إّلا أن يقوله برواية مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: أنها الجمعة يوم الجمعة،
وفي سائر الأيام الظهر، حكاه أبو جعفر محمد بن مقسم في تفسيره، قال:
وقيل: هي صلاتان العشاء والصبح، وعزاه لأبي الدرداء لقوله: " لو يعلمون
__________
(1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/9) ، ومسلم في (الإِيمان ح/20، 21) ، والترمذي (ح/2609) ، وصححه. وأحمد (2/26، 93، 120، 4/363، 364) ، والبيهقي (1/358، 4/81، 199) ، الحميدي (703) ، والطبراني (2/371، 12، 174، 309، 312) ، وابن خزيمة (309،308) ، والتمهيد (9/246، 250) ، والمشكاة (4) والمغنى عن حمل الأسفار (1/55،111) ، وابن عساكر في والتاريخ، (2/79، 91، 4/2510،30) ، وتلخيص (2/186) ونصب الراية (2/328) ، والحلية (3/62، 9/251 يا وأذكار (343، 364) ، والمنثور (1/175) ، وابن عدى (2/4/419،1660) .

(1/1021)


ما في العتمة والصبح" (1) . وذهب الإِمام أبو بكر المالكي الأسهري إلى أنها صلاة العصر والصبح، وقيل: أنها الجماعة في جميع الصلوات حكاه الماوردي، وأمّا العلامة أبو الحسن علي بن محمد السخاوي فاختار أنها الوتر، وقيل: أنها/صلاة الضحى، قال الحافظ أبو محمد الدمياطي: ذاكرت فيها أحد شيوخي
الفضلاء فقال: إنني وقفت على قول من ذهب إلى ذلك، ثم تردّد فيه، وقيل: أنها صلاة العيدين، حكاه لنا من وقف عليه في بعض الشروح المطولة، وذهب آخرون إلى أنها صلاة عيد الفطر حكاه المشار أبيه أيضا وقوله صلى الله عليه وسلم " وتر أهله وماله" يعني نقص، قال ابن الأنباري فقال وترته أي: نقصه، وقيل:
أنّ الوتر أصله الجناية التي يجنيها الرجل على من قبله حميمة وأخذ ماله
فيشجه ما يلحق هذا الذي يفوته العصر ما يلحق الموفور من قبل حميمه وأخذ ماله، وزعم جار الله في أساسه: أن ذلك من باب المجاز، وقال الداودي: معناه يتوجه عليه من الاسترجاع ما يتوجه على من فقد أهله وماله، فيتوجّه عليه الندم والأسف لتعزية الصلاة، وقيل: معناه فاته من الثواب ما يلحقه من الأسف كما يلحق من ذهب أهله وماله، وقال أبو عمر: معناه كالذي يصاب بأهله وماله إصابة يصير بها وتراً، قال الشيخ محي الدين: ورواه بعضهم مفتوح اللام معناه وترتى أهله وماله، وفسّره مالك بمعنى منه أهله وماله، وأمّا الوسطى فهي الخيار، قال الزمخشري: ومن المجاز هو وسط في قومه، ووسط فيهم وقد وسط وساطة، وقوم وسط وأوساط: خيار:) وكذلك جعلناكم أمة وسطا ((2) . قال زهير: هم وسط يرضى الإِمام بفعلهم، وإذا نزلت إحدى الليالي بمعظم، وهو من واسطة قومه، وهو أوسط قومهم حسبًا والترتيب من أعرابي، فقال: أعطى من وسطانيه أراد من خيار الدنانير.
__________
(1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري، ومسلم، وأحمد (303،2/278، 375) ، والبيهقي (1/428) وشرح السنة (2/222) ، وأبو عوانة (2/37) ، والبغوي (5/224) ، والقرطبي (3/212، 12/306) ، والخطيب (4/425) .
(2) سورة البقرة آية: 143.

(1/1022)


106- باب وقت صلاة المغرب
/حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي، ثنا أبو النجاشي قال: سمعت رافع بن خديج يقول: " كنا نصلى المغرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وأنه لينظر إلى مواقع نبله ". هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) ، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع: " أنه كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب إذا توارت بالحجاب ". هذا حديث خرجاه (2) أيضًا، ولفظ الطوسي في أحكامه وصححه: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى المغرب ساعة مغيب الشمس إذا غاب حاجبها " (3) . حدثنا محمد بن يحيى ثنا إبراهيم بن موسى " عباد بن العوام عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن الأحنف عن قيس عن العباس بن عبد المطلب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم " (4) . هذا حديث رواه ابن خزيمة في صحيحه (5) ، عن أبي زرعة نا
__________
(1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب 185، (، ومسلم في (المساجد ح/217) ، وأبو داود (ح/416) ، وابن ماجة (ح/687) وأحمد (3/105، 114، 189، 205، 62، 265، 303، 331، 370، 382، 416، 4/142، 5/400، 405) . غريبه: قوله: " أنه لينظر إلى مواقع نبله "، أي: أنهم ورجعون بعد المغرب فيبصر أحدهم المحل الذي وقع فيه سهمه.
(2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (المواقيت، باب " 18 " (، ومسلم في (المساجد، ح/216) ، والترمذي (ح/164) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/688) ، وأحمد (4/54) .
قوله:) إذا توارت بالحجاب، اشتباك النجوم هو: أن يظهر الكثير منها، فيختلط بعضها ببعض من الكثرة.
(3) حسن. رواه أبو داود (ح/417) ، وأحمد (4/51) ، والتمهيد (8/90) ، وأبو عوانة (1/360) .
(4) صحيح. رواه أبو داود (ح/418) ، وابن ماجه (ح/689) . في الزوائد: إسناده حسن. وأحمد (4/147، 5/422) ، والكنز (19415) ، والمنثور (1/300) ، وابن عدي في بالكامل، (3/968) ، وصححه الشيخ الألباني.
قوله: " وحين تشتبك النجوم "، اشتباك النجوم هو: ان يظهر الكثير منها فيختلط بعضها ببعض من الكثرة.
(5) قوله: " صحيحه "، غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

(1/1023)


إبراهيم بن موسى نا عباد بن العوام عن محمد بن إبراهيم به، ويشبه أن يكون تصحيفًا من الكاتب، وصوابه عمر بن إبراهيم كما في كتاب ابن ماجه وغيره، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد، كما أخرجه من حديث أبي بكر بن إسحاق ثنا الحسن بن علي بن زياد أنبأ إبراهيم بن موسى أنبأ عباد عن عمر بن إبراهيم ومعمر عن قتادة وقال الترمذي: قد روى عنه مرفوعا وهو أصحّ، ولما سأل أبا عبد الله عن هذا الحديث قال: هذا حديث منكر، وإبراهيم بن موسى من أهل الدين لم نزد شيئا في تقليله، وهذا أحق تحقيق/لأمرين، الأوّل: أنه متن معروف بهذا اللفظ رواه جماعة من الصحابة، الثاني: إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زادان التميمي الرازي أبو إسحاق الفراء الصغير لا يصلح أن يكون علّة، ولا يسئل عن حاله فأنه ممّن خرّج البخاري حديثه في صحيحه على سبيل الاحتجاج، وكان أحمد نفسه لينكر على ما يقول له الصغير، ويقول: هو كبير في العلم والجلالة، وقال أبو زرعة: هو أتقن من أبي بكر بن أبي شيبة وأصحّ حديثا منه. لا يحدّث إّلا من كتابه لا أعلم أنى كتبت عنه خمسين حديثا من حفظه، وكتب عنه مائة ألف حديث، وهو أتقن وأحفظ من صفوان بن صالح، وقال أبو حاتم: من الثقات وهو أتقن من أبي جعفر الحمال، وقال الخليلي: ومن الجهابذة الحفاظ الكبار العلماء الذين كانوا بالريّ ويقرنون أحمد ويحيى، وأقرأنهما أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الفراء ارتحل إلى العراق واليمن والشّام أثنى عليه أحمد بن حنبل، ولما ذكره أبو عبد الله في تاريخه قال: ثقة مأمون، ووثَّقه النسائي وغيره، وقد أوضح ابن ماجه أمر هذا الحديث بقوله: سمعت محمد بن يحيى يقول: اضطرب النّاس في هذا الحديث ببغداد، فذهبت أنا وأبو بكر الأعين إلى العوام بن عبّاد بن العوام، فأخرج إلينا أصل أبيه، فإذا الحديث فيه، ولقائل أن يقول: لعلّ أحمد قال: يكون عمر بن إبراهيم قال فيه أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال أبو أحمد بن عديّ: يروى عن قتادة أشياء لا يوافق عليها، وقال ابن حبان حين ذكره في كتاب الثقات: يخطىء ويخالف، لأنه ممن قال فيه هو نفسه ثقة لا خبراً، أو قال يحيي بن معين: ثقة/وفوق الثقة، وقال الدارقطني: لا يترك ولا أنا أسلفنا متابعًا له وهو معمر فلا حاجة لنا إلى النظر في حاله لو

(1/1024)


كان ضعيفاً، وأمّا ما وقع في أصل ابن ماجه عمرو بن إبراهيم، وكذا هو في مسند الدارمي فغير صحيح والصواب عمر والله تعالى أعلم، وفي الباب غير ما حديث، من ذلك حديث أنس بن مالك قال: " كنا نصلى المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمى فيرى أحدنا موضع نبله ". رواه أبو داود (1) بإسناد صحيح عن داود بن شبيب عن حماد بن ثابت عنه، ولفظ ابن وهب في مسنده عن عمرو بن الحارث ويونس وابن سمعان عن ابن شهاب عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قرب العشاء وحضرت الصلاة فابدأوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب " (2) . وزعم بعضهم: أنه معارض بما رواه ابن المنيع في تاريخ نيسابور عن أبي الطيب محمد بن عبد الله بن المبارك ثنا أحمد بن معاذ السلمي نا إسماعيل بن الفضل قاضى جرجان ثنا يحيى عن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن حجاب عنه بلفظ: (ما كان رسول الله (3) صلى الله عليه وسلم يصلى المغرب قط حتى يفطر". لذلك، لأنه محمول على شرب الماء أو أكل ثمرة وذلك لا يكون مؤخرًا للصلاة بحال، وحديث زيد بن عبد الله قال: قدم علينا أبو أيوب غازيًا وعقبة بن عامر يومئذ على البصرة (4) ، فأخر المغرب، فقام أبيه أبو أيوب، فقال: ما هذه الصلاة يا عقبة قال: شُغلنا، قال: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الا تزال أمتي بخير أو قال على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن يشتبك النجوم " (5) . رواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه من حديث ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عنه، وفي لفظ: أما والله ما بي إلا/أن طن الناس إنك رأيت النبي صلى الله عليه وسلم علي يقول: " لا تزال أمتي بخير " ولما
__________
(1) إسناد صحيح. رواه أبو داود في: 2- كتاب الصلاة، 5- باب في وقت المغرب (ح/416) .
(2) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/64) .
(3) رواه ابن عدي في " الكامل ": (1/224) ، وابن خزيمة (339) ، واللآلىء (1/15) والتمهيد (8/91) .
(4) قوله: " البصرة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(5) تقدم انظر الحاشية رقم (4) ص 1023.

(1/1025)


خرج الحاكم (1) هذا اللفظ قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال
ابن أبي حاتم عن أبيه: خولف ابن إسحاق في هذا فرواه حيوة وابن لهيعة عن
يزيد عن أسلم أبي عمران التجيبي عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بادروا
لصلاة المغرب قبل طلوع النجم " (2) . قال أبو زرعة: حديث حيوة أصح،
وحديث كعب بن مالك قال: " كان النبي عليه السلام يصلى المغرب ثم
يرجع الناس إلى أهليهم بين سلمة وهم يبصرون مواقع النبل حتى يرمى
بها " (3) . ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث موسى ابن أخي عن
إسحاق بن راشد عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه، وقال: لم
يروه عن إسحاق إّلا ابن أخي، ورواه في موضع آخر من حديث يحيى بن
سعيد الأنصاري عن الزهري، وقال: لم يروه عن يحيى إّلا عمر بن حبيب
القاضي تفرّد به زائدة وزكريا بن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ولما ذكره
ابن أبي حاتم في كتاب العلل عن أحمد بن عثمان الأودي نا بكر بن عبد
الرحمن نا عيسى بن المختار عن إسماعيل عن أبيه عن الزهري عن ابن
كعب بن مالك عن أبيه سأل أباه عنه، فقال: هذا خطأ إّنما يروى عن الزهري
عن ابن كعب أنّ النبي- عليه الصلاة والسلام- مرسل، وحديث أبي طريق
قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف فكان يصلى ثنا البصر
حتى لو أنّ رجلاً رمى بسهم لرأى موضع نبله " (4) . قال الميموني: رواه أحمد
عن أزهر أبي القاسم الراسبي ثنا زكريا بن إسحاق عن الوليد بن عبد الله بن أبي ثميلة/قال أحمد وقال غيره: أبو شعيرة عن أبي طريف به، قال أحمد:
__________
(1) صحيح. رواه الحاكم: (1/190) وقال: " هذا حديث على شرط مسلم ولم يخرجاه ".
(2) صحيح. رواه أحمد (5/415) ، ونصب الراية (1/246) ، والكنز (19414، 19432) ،
والدارقطني (1/260) ، والعلل (506) .
(3) ضعيف. رواه الطبراني (19/63) ، ومطالب (259) . وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد، (1/311) ، وعزاه إلى الطبراني كما في المصدر الأول من هذا الحديث، وأيضًا في " الأوسط "، وفيه عمر بن
محمد القاضي ضعفه ابن معين والبخاري والنسائي وغيرهم، وقال زكريا بن يحيي الساجي كان صدوقْا
ولم يكن من فرسان الحديث، وقال ابن عدي حسن الحديث يكتب حديثه مع ضعفه.
(4) ضعيف، ان ورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "، (1/31) ، وعزاه " أحمد " وفيه الوليد بن
عبد الله بن تملية ولم أجد من ذكره، ورجال المسند في هذا الموضع ليس هو عندي الإله.=

(1/1026)


صلاة البصر صلاة المغرب، وقال: ههنا قلت لأحمد: حدثوني عن عبد الأعلى بن أبي شعيرة، فقال أحمد: ما علمت أحدًا قال شعيرة، وبلغني عن بشر بن السرى أنه قال: سهيرة وكفاك به. يعني: بشرًا، رسالة عن عبد الأعلى، فقال: قد لقيناه وبشر السرى " أثبت منه، وحديث جابر بن عبد الله قال: " كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، ثم يأتي ببني سلمة ونحن نبصر مواقع النبل ". رواه أحمد (1) ، وفي كتاب الدارقطني من حديث حاتم بن عباد ثنا طلحة بن زيد ثنا جعفر بن محمد عن أبيه بلفظ: " كان عليه السلام لا ينهيه عن صلاة المغرب طعام ولا غيره " (2) . نا محمد بن القاسم بن زكريا ثنا أبو كريب نا محمد بن ميمون الزعفراني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: ذكرت لجابر تأخير المغرب من عشائه فقال: " إنّ النبي عليه السلام لم يكن ليؤخر صلاة لطعام ولا غيره " (3) . وقال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن جعفر إلا محمد بن ميمون، وفيما أسلفناه ردّ عليه، وقال ابن شاهين: هذا حديث غريب، ومحمد هذا أبو حمزة الميكري وحديث السائب بن يزيد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجوم ". رواه الدارقطني (4) أيضًا عن هارون بن معروف أنبأ ابن وهب، حدثني عبد الله بن الأسود القرشي أنّ يزيد بن خصيفة: حدّثه عنه، وحديث رجل من الصحابة من أسلم " أنهم كانوا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب، ثم يرجعون إلى أهليهم إلى أقصى المدينة ثم
__________
= وقال الهيثمي: ورواه الطبراني في " الكبير" فجعل مكثنا " النصر" " العصر" وهو وهم
والله أعلم، قلت الوليد هذا هو الوليد بن عبد الله بن سميرة كما رواه الطبراني، وكذا ذكره ابن حبان في الثقات، وذكر روايته عن أبي ظريف، وأنه اختلف في اسم جده والله أعلم.
(1) تقوم ص 1025.
(2) الكنز: (17932) .
(3) راجع: الحاشية السابقة.
(4) تقدم. رواه أحمد (3/499) ، والبيهقي (1/488) ، والكنز (19434) ، والمنثور (1/300) ، والطبراني (7/183) ، والمجمع (1/310) ، والخطيب (14/14) ، وابن عدي في بالكامل، (5/1701) .

(1/1027)


يرمون يبصرون مواقع نبلهم. رواه النسائي (1) بإسناد صحيح عن ابن/بشار عن غندر عن شعبة عن أبي بشير قال: سمعت حسان بن بلال يعني: المولق،
عند ابن المديني وغيره يذكر عنه، وحديث زيد بن خالد الجهني قال: " كنا
نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثم أنصرف حتى يأتي السوق وإنه ليرى
مواقع نبله ". رواه الطبراني في معجمه الكبير (2) من حديث صالح مولى
التوأمه عنه، وحديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى يشتبك النجوم " (3) . رواه كذا قاله المجيد من أحكامه ويشبه أن يكون وهماً؛ لأن أبا داود لم يرو حديث عقبة منفردا ولعله استنبطه من حديث أبي أيوب، وقوله: أما سمعت النبي
عليه السلام، فقال: نعم، وقد تقدم وحديث أم حبيبة بنت أبي سفيان ونحوه
ذكره أبو على الطوسي الحافظ (رحمه الله تعالى) ، وهذه الأحاديث تدلّ على استحباب تعجيل صلاة المغرب، ولا خلاف لن العلماء في ذلك إلا ما حكى
عن الشعية، وهو أمر لا يلتفت أبيه ولا أصل له ألا ما لعله يكون مأخوذا من
حديث معاذ المخرج عند ابن حبان (4) :) أنه كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة
المغرب ثم يرجع إلى قومه فيصلى بهم تلك الصلاة ". ومن حديث أي نضرة
المذكور قبل عند مسلم، وذكر العصر، ثم قال: ولا صلاة بعدها حتى مطلع
الشاهد، والشاهد النجم، وهذان الحديثان يدلان على الجواز لا على الفضيلة،
ولا خلاف في ذلك، وأنا حديث عبد العزيز بن رفيع المذكور في مراسيل
أبي داود قال رسول الله علي: " عجلواْ لصلاة النهار في يوم الغيم وأخروا
__________
(1) إسناده صحيح. رواه النسائي في: 6- كتاب المواقيت، 12- باب تعجيل المغرب (1/259) .
(2) صحيح. أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد، (1/310) ، وعزاه إلى) أحمد، والطبراني
في (الكبير، وفيه صالح مولى التوأمة وقد اختلط في آخر عمره، قال ابن معين: سمع منه
ابن أبي ذئب لَبل الاختلاط وهنا من رواية ابن أبي ذئب عنه.
(3) تقدم: حاشية رقم (1، نص 449) .
(4) ضعيف. أورده الهيثمي في ومجمع الزوائد، (2/79) ، وعزاه إلى الطبري فيا الكبيرة،
رفيه بكر بن بشار ضعفه ابن محين والنسائي: ووثقه أبو عاصم النبيل وابن حبان، رجال: يخطىء.

(1/1028)


المغرب " (1) . فمراده والله/تعالى أعلم استبانة غيبوبة الشّمس حتى يتمكَّن [1/477] الوقت لا بتهائه، ولهذا قال البغوي: أصح الأقوال: أنّ لها وقتين، وآخر وقتها:
إلى آخر غيبوبة الشّفق، ومذهب أبي حنيفة: أنّ وقتها ممتد إلى أن يغيب الشفق، احتجاجا بحديث عبد الله بن عمرو، والمغرب ما لم يسقط نور الشّفق، وفي رواية تورد بحديث أبي هريرة: " وأول وقت المغرب حتى تغيب الشمس وآخرها حين يغيب الشفق" (2) . وبحديث الأعرابي الذي أمره النبي عليه السلام بالصلاة معه يومين، وأنه صلى المغرب في اليوم الثاني حين كاد الشفق يغيب، إلى غير ذلك من الأحاديث، قال الدارقطني: اعتبرت الأحاديث في المواقيت عن ذكر المغرب الوقت الواحد، فبإمامة جبرئيل عليه
السلام، وأبو موسى وبريدة وغيرها يحلون الوقتين فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وقوله: فصار (3) متأخرا فيجب الأخذ به، وفي كتاب الإقناع لابن المنذر: آخر
وقتها أن يغيب الشّفق، لقوله عليه السلام: " لا يفوت صلاة حتى يدخل وقت
الأخرى "، وقال في الأشراف: اختلفوا في وقت المغرب، فكان مالك والأوزاعي والشّافعي يقولون: لا وقت للمغرب إّلا وقتا واحدا إذا غابت
الشمس، وفيه: قول يأتي وهو أنّ وقت المغرب إلى أن يغيب الشّفق هذا قول الثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي، وقد روينا عن طاوس أنه قال: لا يفوت المغرب والعشاء حتى روينا عن عطاء أنه قال: لا يفوت المغرب والعشاء حتى النّهار والله تعالى أعلم، وأمّا الرافضة فمذهبهم: تأخيرها حتى يشتبك النجوم قاله الشعبي قال: وهي نزيحة يهودية.
* * *
__________
(1) مرسل. رواه أبى شيبة (2/237) ، والكنز (19416) ، وابن المبارك في الزهد (4) . (2) صحيح. نصب الراية: (1/230) .
(3) قوله:) فصار " " وردت " " بالأصل " " قنطار" وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.

(1/1029)