شرح ابن ماجه لمغلطاي

91- باب في الصلاة في ثوب الحائض
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن ابن طلحة بن يحيى عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي،
وأنا إلى جنبه، وأنا حائض، وعلي مرط لي، وعليه بعضه "، هذا حديث
خرجه (1) مسلم في صحيحه، ورواه أبو القاسم في الأوسط (2) من حديث أبي
حصين عن أبي صالح الحفي عنها بلفظ: " يصلى وعليه طائفة من ثوبا وأنا
حائض " قال: لم يروه عن أبي حصين/إلا قيس وزائدة، حدثنا سهل بن أبي
سهل، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا الشيباني عن عبد الله بن شدّاد عن ميمونة أنّ
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى وعليه مرط عليه بعضه وعليها بعضه وهى حائض " (3) ،
هذا حديث له أصل في الصحيحين، وقد تقدّم الكلام عليهما قبل.
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/74) وأبو داود (ح/370) وابن ماجة (ح/652،
وأحمد (6/204) . غريبه: قوله: " مرط " المرط كساء من صوف أن خز، ويكون إزارا ورداء.
(2) صحيح. وبنحوه رواه أحمد: (6/250) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/273) وأبو داود (ح / 369) وابن ماجة (ح/ 253) .
وصححه الشيخ الألباني.

(1/922)


92- باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، ثنا وكيع عن سفيان عن
عبد الكريم عن عمرو بن سعيد عن عائشة أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها،
فاختبأت مولاة لها، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " حاضت "؟ فقالت: نعم. قال فشق لها
من عمامته فقال: اختمري بهذا " (1) . هذا حديث إسناده جيد، ولولا ما في
عبد الكريم بن أبي أمية من الكلام، لكان صحيح التوثيق أبو حاتم البستي
عمر، والله تعالى أعلم، وقال ابن أبي حاتم. وسأل أبا زرعة فقال: روى ابن
أبي ليلى عن عبد الكريم عن سعيد بن عمرو عن عائشة إذا حاضت فقال أبو
زرعة: هما يرويه الثوري أصح، وسألت أبي عنه فقال: هو عمرو بن سعيد
المعلي، ولما ذكر ابن عساكر عمرا هذا نسبه أبي العاص، وتبعه على ذلك
الشيخ جمال الدين وكانّ ما قال، أبو حاتم أشبه، وإن كان كما قاله فهو رجل
مجهول لا يعرف حاله. حدّثنا محمد بن يحيى ثنا أبو الوليد ثنا حماد بن
سلمة عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " لا يقبل صلاة حائض إلا بخمار " (2) ، هذا حديث لما
خرجه أبو عيسى (3) بلفظ: الحائض المرأة البالغ " قال: حديث عائشة حسن/،
ولفظ ابن خزيمة (4) ، وخرّجه في صحيحه: " لا يقبل الله صلاة امرأة قد
حاضت إلا بخمار "، وخرجه ابن الجارود في منتقاه، وصححه ابن حزم،
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/654) . في الزوائد: في إسناده عبد الكريم، وهو ابن المخارق.
ضعفه الإمام أحمد بن حنبل وغيره؛ بل قال ابن عبد البر: مجمع على ضعفه. وضعفه الشيخ
الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/140) وحجاب المرأة (ص 45) .
قوله: " اختمري هذا " أي غطى رأسك به.
(2) صحيح. رواه أبو داود (ح/641) وابن ماجة (ح/655) وابن أبي شيبة (2/230) والتمهيد
(6/368) وشرح السنة (2/436) وتلخيص (1/279) ونصب الراية (1/295) . وصححه
الشيخ الألباني. الإرواء (1/214، 295، 303) .
(3) رواه الترمذي في: أبواب الصلاة، 160. باب ما جاء: " لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار "،
(ح/377) . وقال: " هذا حديث حسن ". وقال: وقوله: " الحائض " يعني المرأة البالغ، يعني إذا
حاضت.
(4) صحيح. رواه ابن خزيمة: (775) .

(1/923)


وخرجه ابن حبان باللفظين جميعا وحسنه الطوسي، وقال أبو داود: رواه سعيد
بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن بلفظ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زاد في كتاب التفرّد،
وحديث ابن سيرين عن عائشة عن النبي- عليه السلام- بلفظ آخر، ولفظه
عن الطوسي عن محمد بن سيرين: أنّ عائشة نزلت على صفية أم طلحة
الطلحات فرأت بنات لها فقالت: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل وفي حجرتي
جارية فألقى لي حقوة فقال: شقّيه شقّين فأعطى هذه نصفا والفتاة التي عند
أم سلمة نصفا فإنى لا أراهما إلا قد حاضتا، أو إنّى لا أراهما إلا قد حاضتا "،
فقال أبو داود (1) : وكذلك رواه هشام عن ابن سرين انتهى، وابن سيرين لم
يسمع من عائشة شيئا قاله ابن أبي حاتم عن أبيه، ولما ذكر الأزدي حديث
صفية قال: هكذا رواه حماد، ورواه شعبة وسعيد بن بشير عن قتادة موقوفا،
وأمّا قول عبد الحق صفية بنت طلحة فخطأ، والصواب أم طلحة، كذا هو في
كتاب أبي داود الذي نقله منه رواية اللؤلؤي وابن العبد وابن واشة، وعاب أبو
الحسن عليه بسكوته عنه قال: وقد نظن به أنه تبرأ من عهدته بعض التمري
بإبرازه سنده وليس كذلك، وما ذكره إلا لتستقم له الاختيار عن عائشة، وفي
لفظ للبيهقي (2) عنها أنها قالت: " ما ظهر منها الوجه والكفان " (3) ، وفي الباب
حديث رواه قيس بن الربيع عن الأعمش، حدثني أبو سفيان طلحة بن نافع
عن الحسن عن أمّه أنها قالت: دخلت على أم حبيبة بنت أبي سفيان وهى
تصلى في درع وخمار فلما أن صلّت قالت: هاتى الملحفة يا جارية " قال أبو
حاتم: هذا/خطأ إنما هو دخلت على أم سلمة وكانت خادما لها " والخطأ ليس
من قيس؛ لأنه لا يعلم أبا سفيان روى عن الحسن شيئا، وقصة أم حبيبة عندي
أنّ الخطأ لعلّه من الأعمش، وفي الموطأ (4) عن محمد بن زيد بن معد عن أمه
أنها سألت أم سلمة ماذا تصلى فيه المرأة من الثياب فقالت: تصلى في الخمار
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/642) . وقال أبو داود: وكذلك رواه هشام عن ابن سيرين.
والبيهقي (6/57) وابن أبي شيبة (2/22) وأحمد (6/96، 238) .
(2) رواه البيهقي: (2/226) .
(3) المصدر السابق.
(4) رواه مالك في: 8- كتاب صلاة الجماعة، 10. باب الرخصة في صلاة المرأة في الدرع
والخمار، (ح/36) قال ابن عبد البر في الاستذكار: هو في الموطأ موقوف ورفعه عبد الرحمن
ابن عبد الله بن دينار محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة.

(1/924)


والدرع السابغ الذي يحجب ظهور قدميها "، قال أبو عمر: هذا هو الصحيح
من قول أم سلمة، وقد ذكره أبو داود (1) مرفوعا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحديث أبي
قتادة قال عليه السلام: " لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى توارى زينتها، ولا
من جارية بلغت المحيض حتى تختمر " رواه أبو القاسم في الأوسط (2) عن
محمد بن أبيِ حرملة؟ ثنا إسحاق ابن إسماعيل بن عبد الأعلى الأيلي، ثنا
عمرو بن هاشم التستري الأوزاعي إلا عمرو بن هاشم تفرد به إسحاق.
وحديث يحيى بن جابر أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم
رؤوسهم " (3) ، فذكر الحديث قال: " وامرأة قامت إلى الصلاة وأذنها بادية "
ذكره أبو داود في المراسيل، وحديث عبد الله بن عمر، وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم سلمة: فكيف تصنع
النساء بذيولهن قال: " يرخين شبرا " (4) ، فقالت: إذا تنكشف أقدامهنّ قال:
" فترخيه ذراعا لا يزدن عليه "، قال فيه الترمذي (5) : حسن صحيح، وحديث
عن ميمونة: " أنها كانت تصلى في الدرع والخمار ليس عليها إزار "، رواه
__________
(1) حسن. ورواه أبو داود في: 2. كتاب الصلاة، 82- باب في كم تصلى المرأة، (ح/640)
قال أبو داود: روى هذا الحديث مالك بن أنس وبكر بن مضر وحفص بن غياث وإسماعيل بن
جعفر وابن أبي ذئب وابن إسحاق عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة لم يذكر أحد منهم
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قصروا به على أم سلمة رضى الله عنها.
غريبة: قوله: " الدرع " درع المرأة قميصها، وهو مذكر. و" السابغ " الساتر.
(2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/52) ، وعزاه إلى الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " وقال تفرد به إسحاق بن إسماعيل بن عبد الأعلى الأيلي، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله موثقون.
(3) صحيح. رواه الترمذي (ح/360) ، وقال: هذا حديث حسن غريب. وقد صححت هذا
الحديث؛ لأن أبا غالب ثقة، فقد وثقة موسى بن هارون الحمال والدارقطني وغيرهما، وفي
التهذيب: " حسن الترمذي بعض أحاديثه وصحح بعضها ". والبيهقي (3/128) وضعف أبا
غالب. والطبراني (8/341، 343) ، والمنثور (2/154) ، وشرح السنة: (3/404) ، وابن أبي
شيبة (4/307) ، والترغيب (1/314) ، 3/29) وللكنز (43797، 43924) .
(4) مرسل. كما ذكر المصنف في عزوه لأبي داود.
(5) صحيح. رواه الترمذي: (ح/ 1731) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. ومسلم في (الزينة،
باب تحريم جر الثوب خيلاء) والنسائي: (8/209) ، وأحمد: (6/6/315) ، والفتح: (01/
259) ، وإتحاف: (8/347) ، وعبد الرزاق: (1731) .

(1/925)


مالك (1) عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بشر بن سعيد
عن عبيد الله الخولاني، وكان في حجر ميمونة عنها، وزعم الدارقطني أنّ الثقة
هذا هو/ليث بن سعد، وقد أخطأ من رفعه، وحديث أسامة بن زيد: أنه كسا
امرأته قبطية. فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مرها فلتجعل تحتها غلالة فإنى أخشى أن
ينصف غطائها " (2) ، ذكره البيهقي في المعرفة من حديث ابن عقيل عن محمد
ابن أسامة عن أبيه، وحديث عطاء قال: " إذا صلّت الأمة غطت رأسها وعينيها
بخرقة أو خمار "، كذلك كن يصنعن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكره
عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عنه قال: ثنا الثوري عن جابر به وعن أم
ثور عن زوجها بشر قالت قلت لابن عباس: في كم تصل المرأة من الثياب؟
قال: " في درع وخمار " وعن الأوزاعي عن مكحول عمن سأل عائشة في كم
تصل المرأة من الثياب؟ فقالت له: سل علي بن أبي طالب ثم ارجع إلي
فأخبرني فأتى عليا فسأله فقال: في الخمار والدرع السابغ فرجع إلى عائشة
فأخبرها فقالت: صدق " (3) ، وفي المصنف لأبي بكر عن مجاهد: " أيما امرأة
صلّت ولم تغط شعرها لم يقبل الله لها صلاة "، وفي الاستذكار: " لا تصلى
المرأة في أقل من أربعة أثواب "، وهذا لم يقله غيره فيما علمت، وعن ابن
جريج قال: تقنع الأمة رأسها في الصلاة، وعن سليمان بن موسى إذا حاضت
المرأة لم يقبل لها صلاة حتى تختمر وتوارى رأسها، قال أبو عمر: وروى ذلك
أيضا عن عروة وعكرمة وجابر بن زيد وإبراهيم والحكم وحماد، وهو قول
فقهاء الأمصار، قال ابن حزم: لم يخف علينا ما روى عن عمر- رضى الله
تعالى عنه- في خلاف هذا، وعن غيره يعني من التفرقة بين الحرّة والأمة،
ولكن لا حجة في قول أحد دون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الحرّة والأمة، ولكن لا
حجة في قول أحد دون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإذا تنازع السلف وجب الردّ إلى
ما افترض الله الرّد إليه من القرآن والسنة/وليس فيهما فرق بينهما؟ والله تعالى
أعلم، قال أبو عمر: والذي عليه فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق؛ أنّ على المرأة
أن تغطى جسمها كلّه بدرع صفيق سابغ وتخمر رأسها فإنّها كلّها عورة إلا
__________
(1) صحيح. رواه مالك في: 8. كتاب صلاة الجماعة، 10. باب الرخصة في صلاة المرأة في
الدرع والخمار، 3/37) . وقد روى موقوفا.
(2) صحيح. رواه الطبراني: (1/123) .
(3) صحيح. رواه البيهقي: (2/232) .

(1/926)


وجهها وكفيها، واختلفوا في ظهور قدميها فقال مالك، والليث بن سعد:
تسترهما في الصلاة، قال مالك: فإن لم تفعل أعادت ما دامت في الوقت،
وقال الشافعي: ما عدا وجهها وكفيها عورة فإن انكشف ذلك منها في
الصلاة أعادت، وقال أبو حنيفة: قدمها ليس بعورة فإن صلت وقدمها مكشوفة
لم تعد، وروى عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه قال:
كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها، وقال به غيره إلا أحمد بن حنبل في
رواية انتهى كلام ابن عمر، وفيما نقله عن الشافعي نظر؛ لما ذكره الترمذي
عنه، قال الشافعي: وقد قيل إن كان ظهر قدميها مكشوفان صلاتها جائزة.

(1/927)


93- باب الحائض تختضب
حدثنا محمد بن يحيى، ثنا حجاج يزيد بن إبراهيم، ثنا أيوب عن معاذة
أن امرأة سألت عائشة قالت: " تختضب الحائض؟ فقالت: كنا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ونحن نختضب فلم يكن ينهانا عنه " (1) ، هذا حديث إسناده صحيح على
شرط الشيخين، وفي كتاب الحيض لأحمد بن حنبل بسند صحيح أيضا، ثنا
عبد الرحمن عن حماد بن سلمة عن أيوب وعبيد الله عن رافع: " أنّ نساء ابن
عمر وأمّهات أولاده كن يختضبن وهنّ حيض " (2) .
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1. كتاب الطهارة، 133. باب الحائض تختضب، (ح/656) .
في الزوائد: هذا الإسناد صحيح، وحجاج هو ابن مهال، وأيوب هو السختياني: وصححه
الشيخ الألباني.
(2) إسناده صحيح. رواه الدارس في: كتاب الوضوء 110. باب في المرأة الحائض تختضب
والمرأة تصلي في الخضاب، (ح/1094) .

(1/928)


94- باب المسح على الجبائر
حدثنا محمد بن أبان البلخي؟ ثنا عبد الرزاق ثنا إسرائيل عن عمرو بن
خالد، عن زيد بن علي عن أبيه عن جدّه عن علي قال: " انكسرت إحدى
زندي فسألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فأمرني أن أمسح على الجبائر " (1) هذا حديث
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: هذا حديث باطل لا أصل له وعمرو
ابن خالد متروك الحديث، وقال المروزي: سألت أبا عبد الله عن حديث
عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي، عن
حديث المسح على الجبائر، فقال: باطل، ليس هذا بشيء من حدّث بهذا؟
قلت: ذكروه عن صاحب الزهري، تكلّم فيه بكلام غليظ في سؤالات
عبد الله. سمعت رجلا يقول ليحيى: تحفظ عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي
إسحاق عن علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه مسح على الجبائر " (2) . فقال: هذا
حديث باطل، ما حدّث به معمر قط، وسمعت يحيى يقول على بدنة مجللة
مقلّدة: إن كان معمر حدّث هذا فهذا باطل، ولو حدّث بهذا عبد الرزاق كان
حلال الدم. من حدّث بهذا عن عبد الرزاق؟ قالوا: محمد بن يحيى قال: لا
والله ما حدّث به معمر، وعليه حجة، من هذا يعني المسير إلى مكة، إن كان
معمر حدّث بهذا قط. قال عبد الله: وهذا الحديث يرويه أيضا إسرائيل عن
عمرو بن خالد: وهو لا يرى حديثه شيئا، وقال أبي: متروك وروى عن زيد
مع الجبائر، وقال العقيلي وذكر هذا الحديث: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به،
__________
(1) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة في: 1. كتاب الطهارة، 134. باب المسح على الجبائر، (ح/
657) .
في الزوائد: في إسناده عمر بن خالد. كذبه الإمام أحمد وابن معين. وقال البخاري: منكر
الحديث. وقال قال وكيع وأبو زرعة: يضع الحديث وقال الحاكم: يروى عن زيد عن علي
الموضوعات.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/141) .
(2) باطل. رواه الدارقطني (1/205) ، والخطيب (11/511) بلفظ: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح
على الجبائر " انظر: كلام علاء الدين مغلطاي المذكور في المتن.

(1/929)


وفي تاريخ نيسابوري: وقال العلائي سئل ابن معين وأنا حاضر، أتحفظ (1) عن
معمر عن أبي إسحاق عن الحرب عن علي في المسح على الجبائر؟ فقال
يحيى: لا والله الذي لا إله إلا هو، ما حدّث معمر بهذا قط، فقال له/
الرجل: ثنا به محمد بن يحيى النيسابوري ثنا عبد الرزاق عن معمر قال: فثبت
يحيى على قوله، وقال الحاكم. ذكرت هذا على العجب فإنّا لا نعرفه من
حديث محمد بن يحيى عن عبد الرزاق، ولا يحفظ في الجبائر من حديث
عمر بن خالد عن زيد عن أمامة، وفي الخلافيات: هذا حديث لا يثبت وقال
ابن حزم: هذا خبر لا تحل روايته إلا على بيان سقوطه؛ لأنه انفرد به أبو خالد
عمرو بن خالد، وهو مذكور بالكذب وقال عبد الحق: هذا حديث لا يصح،
قال أبو الحسن: لم يرد في تعليله على هذا، أو أنه لكان عند من يعلم حال
عمرو، وإنما ذكرته الآن باعتبار حال من لا يعلمه، فاعلم أنّه أحد الكذابين،
قال إسحاق بن راهويه: كان يضع الحديث، وقال ابن معين: هو كذّاب غير
ثقة، ولا مأمون، يعني: أبا خالد القرشي الهاشمي مولاهم، أصله كوفي انتقل
إلى واسط، قال البخاري: منكر الحديث، وقال الإمام أحمد: متروك الحديث
ليس بشيء، وفي رواية كذّاب، يروى عن زيد بن علي عن الزبان نسخه
موضوعة بكذب، وقال الدارقطني: كان كذابا وفي رواية الزبان عنه متروك،
وقال وكيع: كان في جوارنا، يضع الحديث فلما فطن له تحول إلى واسط،
وقال أبو زرعة: كان وضّاعا، وفي كتاب الأجري: سألت أبا داود عن عمرو
ابن خالد فقال: ليس بشيء، وقال الساجي: هو منكر الحديث، وقال: كان
يحيى بن سعيد قرب أمر الحسن بن ذكوان، قال: أظنّه ليس به بأس كأنه ورقة
عن عمر، وفى (2) كتاب العقيلي قال أبو عوانة: كانه يشترى الكتب من
الصيادلة، وقال أبو عبد الرحمن النسائي: متروك الحديث ليس ثقة ولا يكتب
حديثه، وفي الباب حديث رواه ابن عمر أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كان يمسح على/
الجبائر " ذكره الدارقطني (3) من حديثه عن أبي بكر الشّافعي نا أبو عمارة
__________
(1) قوله: " أتحفظ " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(2) قوله: " وفى " وردت " بالأصل " " روق " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.
(3) ضعيف جدا. رواه الدارقطني: (1/205) والخطيب (11/115) .

(1/930)


محمد بن أحمد بن المهدي نا عبدوس بن مالك العطار ثنا شبابة ثنا ورقة عن
أبي نجيح عن مجاهد عنه، ثم قال: ولا يصح مرفوعا وأبو عمارة ضعيف جدا،
وبنحوه قاله أبو الفرج في علله المتناهية، قال أبو حنيفة: المسح على الجبائر
سنة، ونال أبو يوسف ومحمد فرض للحديث، ولأنه قد عفي عن غسل ما
تحته، فخرج ملحفة فنزع الجبائر فيتحول إليه حكمه، كما في الخسف، إلا أنّ
أبا حنيفة، يقول: الوضوء ثابت بكتاب الله تعالى، ولا يمكن الزيادة عليه إلا
بمثله؛ لأن الزيادة تجرى مجرى النسخ عندنا، ولأنه شطر من الوضوء، والوضوء
بنفسه ثابت متيقن، ولا يمكن إثبات شطر منه بخبر الواحد والقياس، وإنما أثبتنا
الخف محلا للمسح بأخبار مشهورة قريبة من التواتر؛ وأبو حنيفة يأمر بالمسح
على الجبائر عملا بخبر الواحد، ولكن لا يفسد بتركه هذا، كالطواف بالبيت
يؤمر فيه بالطهارة عملا بخبر الواحد، ولكن لا يفسد بدونها، ذكره أبو زيد
في الأسرار، قال ابن المنذر: هو قول ابن عمر وعطاء وعبد الملك بن عمير
والنخعي والحسن ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور المزني.

(1/931)


95- باب اللعاب يصيب الثوب
حدثنا على بن محمد ثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن محمد بن زياد
عن أبي هريرة قال. رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حامل الحسن بن على عليهما السلام
على عاتقه ولعابه يسيل عليه " (1) هذا حديث إسناده على رسم الصحيح، وفي
الباب حديث أنس: " انّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزق في ثوبه " رواه البخاري (2) وحديثه (3) /
أيضا: " أنه عليه السلام رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه، ثم قال بطرف
ثوبه فسبق فيه " الحديث رواه أيضا من حديث أبي هريرة: " فتفل في ثوبه عليه
السلام ثم مسح بعضه على بعض " رواه مسلم (4) وحديث عمرو بن خارجة
قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنى وهو على راحلة وهي تقصع بحرّتها ولعابها
يسيل بين كتفي " الحديث رواه أبو عيسى (5) وصححه، وحديث مروان بن
الحكم والمسور: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من الحديبية " فذكر الحديث وفيه:
" وما تنخم عليه الصلاة والسلام نخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم فدلك
بها وجهه وجلده " (6) . وحديث أبي رافع عن أبي هريرة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/658) وأحمد (2/279، 406، 447، 467) .
وصححه الألباني.
(2) صحيح. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 7 ") وأبو داود في الطهارة، /389) وابن ماجة (ح/ 4201) وأحمد (3/24) وتمام لفظه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزق في ثوبه وحك بعضه ببعض ".
(3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/417) ومسلم في (المساجد، ح/53050) وأبو داود
(ح/479) من حديث ابن عمر. قال أبو داود: رواه إسماعيل وعبد الوارث عن أيوب، ومالك
وعبيد الله وموسى بن عقبة عن نافع، نحو حماد، إلا انه لم يذكروا الزعفران ورواه معمر عن
أيوب وأثبت الزعفران فيه، وذكر يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع الخلوف. والنسائي في
(المساجد باب " 32، 35) وابن ماجة (ح/ 763) ومالك في (ح/ 1397) .
(4) صحيح. رواه مسلم في: (المساجد، ح/53) .
(5) صحيح. رواه الترمذي: (ح/ 2121) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. غريبه: قوله: " تقصع " القصع: المضغ بعد الدسع، وهو نزع الجرة من الكرش إلى الفم يقال: دسعت بجرتها ثم قصعت بها.
(6) صحيح. رواه البخاري تعليقا الوضوء. 7. باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب=

(1/932)


بزق في ثوبه " (1) قال مهنأ: سألت أحمد عن القاسم ثنا مهران فقال: ثقة وما
أعرف له غير حديث واحد عن أبي رافع فذكره قال: وهذا أبو رافع الصائغ
وحديث أبي سعيد: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزق في ثوبه ثم دلكه " (2) . قال عبد الله
عن أبيه لم يرفعه إلا عبد الصمد بن عبد الوارث، وفي كتاب الميموني عن
أحمد، نحن لا نرى بالبزاق بأسا، هو نظيف. أليس يروى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" بزق في ثوبه "؟! وقال أبو القاسم في الأوسط (3) : لم يروه عن حماد بن سلمة
يعني عن ثابت عن أبي نضرة عن أبي سعيد إلا عبد الصمد، قال ابن القطان
هذا يدل على طهارة البزاق، والمخاط، وهو أمر مجمع عليه لا أعلم فيه اختلافا
إلا ما روى عن سلمان الفارسي وأنّ الحسن بن حيى كرهه في الثوب، وفي
كتاب الطحاوي: أن الأوزاعي كره أن يدخل سواكه في وضوئه. انتهى حديثه
وسلمان المشار إليه قال فيه الجوزجاني: باطل ورواته عنه محمد بن عطية، لم/
يسمع فيه شيئا فعلى هذه لا يثبت إلى سليمان فيما نقل عنه، وما حكاه عن
ابن حيى يحمل على التقدير، وسيأتي لهذا زيادة أيضا في كتاب الحج إن
شاء الله تعالى.
__________
- وأحمد 41/329، 330) .
(1) راجع الحاشية السابقة.
(2) راجع الحاشية رقم (1) السابقة.
(3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/19) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
ورجاله رجال الصحيح.

(1/933)


96- باب المج في الإناء
حدثنا سويد بن سعيد ثنا سفيان بن عيينة عن مسعر، وثنا محمد بن
عثمان بن كرامة ثنا أبو شامة عن مسعر عن عبد الجبار بن وائل عنه أبيه، قال:
" أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدلو فمضمض منه، فمج فيه مسكا أو أطيب من المسك،
واستنثر خارجا من الدلو " (1) . هذا حديث لولا انقطاعه لحكمنا بصحة إسناده
على الصحيح، فإن ابن معين قال: لم يسمع عبد الجبار من أبيه شيئا من
الرواية، وقد ولد بعد موت أبيه بستة أشهر، وفي سؤالات الكناني لأبي حاتم
عبد الجبار سمع من أبيه شيئا قال: لم يسمع من أين وقال. ابنه عنه في الجرح
والتعديل: روى عن أبيه مرسلا، ولم يسمع منه، وهو مما استدركناه عليه في
كتاب المراسيل تأليفه؛ لذكره له في موضعين وأغفله في موضع هو أنسب
منهما، وقال البخاري: قال لي محمد بن حجر: ولد بعد أبيه بستة أشهر،
وقال قطن: والحسن بن عبيد الله بن عبد الجبار؛ سمعته لي ولا يصح سماعه
من أبيه وهو في بطن أمه، ومات أبيه قبل أن يولد، حدثنا أبو مروان إبراهيم
ابن سعد عن الزهري عن محمود بن الربيع: " وكان قد عقل مجة مجها
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دلو من بئر لهم ". هذا حديث خرجه البخاري (2) في
صحيحه بزيادة مجهّا: " في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو ". وفي الباب
حديث أبي موسى عند البخاري (3) : " دعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/بقدح من ماء فغسل
يديه ووجهه، ومجّ فيه ثم قال لهما: اشربا وأفرغا على وجوهكما أو ذلك "
__________
(1) ضعيف رواه ابن ماجة (ح/659) في الزوائد: إسناده منقطع؛ لأن عبد الجبار بن وائل لم
يسمع من أبيه شيئا. قاله ابن معين وغيره وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة. (ح/142)
غريبه: قوله: " فمج فيه " أي رمى به في الدلو. و" استنثر " في النهاية: نثر إذا امتخط. واستنثر استفعل منه. أي: استنشق الماء ثم استخرج ما في الأنف، فنثره. وقيل: هو تحريك النثرة وهى كعرف الأنف.
(2) صحيح. رواه البخاري (ح/ 189) وابن ماجة (ح/ 660) . وصححه الشيخ الألباني.
(3) صحيح. رواه البخاري (ح/ 196) .

(1/934)


يعني أبا موسى وبلالا ففعلا قال: فنادتهما أم سلمة من وراء الستر، وحديث
السائب بن يزيد قال: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: " يا
رسول الله، إن ابن أختي وجع، فمسح برأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ،
فشربت من وضوئه " (1) ، وحديث أبي جحيفة: " توضأ عليه السلام، فجعل
الناس يأخذون من فضل وضوء فيتمسحون به " (2) خرجهما البخاري، وأمر
جرير بن عبد الله أهله أن يتوضأ بفضل سواكه.
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/5670) ومسلم في الفضائل، ح/111) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (ح/ 187) ومسلم في (الصلاة، ح/253) وأحمد
(4/307، 308) .

(1/935)


97- باب النهى أن يرى عورة أخيه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يزيد بن الحباب عن الضحاك بن عثمان ثنا
زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة، ولا ينظر الرجل إلى عورة الرجل "
هنا حديث خرجه مسلم (1) في صحيحه بزيادة. ولا يفضى الرجل في ثوب
واحد، ولا نفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد ". وقال أبو القاسم في
الأوسط: لم يروه عن ابن أسلم إلا الضحاك تفرد به ابن أبي فديك (2) ، وزيد
ابن حباب، ولا يروى عن أبي سعيد إلا هذا الإسناد حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة ثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن
مولى لعائشة قالت: " ما نظرت أو ما رأيت فرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قط " قال أبو
بكر: كان أبو نعيم يقول عن مولاة لعائشة: هذا حديث خرجه ابن ماجة (3)
أيضا في كتاب النكاح، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى هناك، ورواه
الطبراني/في الأوسط عن أحمد بن زكريا ثنا شاذان ثنا بركة بن محمد
الحلبي ثنا يوسف بن أسباط ثنا الثوري عن ابن جحادة عن قتادة عن أنس
عنها به، وقال: لم يروه إلا بركة بن محمد، وفي الباب حديث بهز بن حكيم
عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما يأتي منها وما نذر قال:
" احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك " قلت: فإذا كان القوم
بعضهم في بعض؟ قال: " ان استطعت أن لا يراها أحد فلا تريها " قلت: فإذا
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/74) وأبو داود في (الحمام، باب " 3 ") والترمذي (ح/
2793) وابن ماجة (ح/661) والبيهقي (7/98) وابن أبي شيبة (6/101) والحاكم (1/158)
وشرح السنة (0/29) والمشكاة (3100) والفتح (9/338) وابن خزيمة (72) وابن عدى في
" الكامل " (2/745) والكنز (13052) .
(2) قوله: " فديك " وردت " بالأصل " " قهر " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.
(3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/662) . في الزوائد: هذا إسناد ضعيف.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/143) والإرواء (1812) والمشكاة (3123)
وآداب الزفاف (34) والروض (809) ومختصر الشمائل (308) .

(1/936)


كان أحدنا خاليا؟ قال: " والله تبارك وتعالى أحق أن يستحي منه " خرجه أبو
داود (1) ، وحديث أبو هريرة قال: " رأيت سبعين من أهل الصفة، ما منهم رجل
عليه رداء، إما إزار وإما كساء، قد ربطوا في أعناقهم، فمنهم ما يبلغ نصف
الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فجمعه بيده كراهية أن ترى عورته " خرجه
البخاري (2) ، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا زوج أحدكم عبده أمته، أو أجيره، فلا ينظر إلى شيء من عورته يريد
الأمة " خرجه أبو داود (3) وسيأتي بعد هذا الباب إن شاء الله تعالى زيادة في
كتاب الصلاة.
__________
(1) حسن. رواه أبو داود: (4017) والترمذي (2794) وحسنه وابن ماجة (1920) وأحمد
(5/3، 4) والبيهقي (1/199، 2/225، 7/94) والحاكم (4/180) وشرح السنة (13/5)
ونصب الراية (4/225) والخفاء (1/59) والخطيب (26113) والفتح (1/86) والإرواء (6/ 12) .
(2) صحيح. رواه البخاري في: (الصلاة، ح/442) .
(3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/ 4113، 4114) والبيهقي (3/226، 229، 7/94)
والدارقطني (1/230) والمشكاة (3111) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع (ح/ 533، ص 76) .

(1/937)


98- باب من اغتسل من الجنابة فبقى من جسده لمعة لم يصبها الماء
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن منصور ثنا يزيد بن هارون ابنا
مسلمة بن سعيد عن أبي علي الرحبي عن عكرمة عن ابن عباس: " أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغتسل من جنابة، فرأى لمعة لم يصبها الماء فقال: نجمّته فبلّها عليه " (1)
وقال إسحاق في حديثه: " فعصر شعرة عليها ". هذا حديث سأل الأثرم عنه
أحمد فقال: ذاك ولم يُصحّح سنده فيما أرى ضعف رواية أبي علي حسين
ابن قيس الملقب حنشار، وهو/وإن كان حصين بن نمير قال: هو شيخ
صدوق، وقال البزار: لين الحديث روى عنه سليمان التيمي في قصة الثوم،
وقال حنش: عنده أحاديث صالحة، عن عكرمة عن ابن عباس وخرج الحاكم
حديثه في مستدركه، فقد قال الإمام أحمد: هو متروك الحديث، ضعيف
كذاب وترك حديثه، وله حديث واحد حسن رواه عنه التيمي، وقال ابن
معين: ليس بشيء، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقال العقيلي: وله غير حديث لا
يتابع عليه ولا يعرف إلا به، وفي كتاب ابن جرير: غير متروك، وقال
البخاري: أحاديثه منكرة جدا لا تكتب، وقال النسائي والدارقطني: متروك
الحديث، وقال في التمييز: ليس بثقة، وقال ابن عدي: هو إلى الضعف أقرب
منه إلى الصدق، وقال الجوزجاني في أحاديثه: منكرة جدا، وقال إسماعيل
القاضي عن علي بن المديني: ليس هو عندي بالقوى، وكذلك البلخي وقال
الساجي: ضعيف الحديث؟ متروك يحدّث بأحاديث بواطيل. حدثنا سويد بن
سعد ثنا أبو الأحوص عن محمد بن عبد الله عن الحسن بن سعد عن أبيه عن
علي رضى الله تعالى عنه قال: " جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إني اغتسلت
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/ 663) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/ 144) . غريبه: قوله: " اللمعة " القدر اليسير من الجلد غاير لونه باقي الجسم، لعدم وصول الماء إليه. و" الجمة " الشعر الطويل النازل على المنكبين. فعصره على ما لم يصبه الماء من الجسد.

(1/938)


من الجنابة وصليت الفجر ثم أصبحت فرأيت قدر موضع الظفر لم يصبه الماء،
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو كنت مسحت عليه بيدك أجزأك " (1) هذا حديث
رجال، إسناده كلهم في الصحيح إلا سعد بن معبد، فإنّ ابن حبان ذكره في
الثقات، وقد سبق الكلام على هذا الباب قبل، والحمد لله وحده وسيأتي له
تكملة إن شاء الله تعالى.
__________
(1) ضعيف رواه ابن ماجة (ح/664) . في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لضعف محمد بن
عبيد الله.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/145) وتخريج المختارة (445) .

(1/939)


99- باب من توضأ فترك موضعا لم يصبه الماء
/حدثنا حرملة بن يحيى ثنا عبد الله بن وهب نا جرير بن حازم عن قتادة
عن أنس، أنّ رجلا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد توضأ وترك موضع الظفر لم يصبه
الماء، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ارجع فأحسن وضوءك ". هذا حديث لما ذكره أبو
داود (1) قال: وليس هذا الحديث بمعروف، ولم يروه إلا ابن وهب وحده، وفي
كتاب ابن داسة: هذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إلا
ابن وهب، وقال الدارقطني: تفرد به جرير عن قتادة ولم يروه عن غير ابن
وهب، فكذا قاله أبو القاسم في كتابه: الأوسط، وقال البيهقي في الخلافيات:
هذا حديث إسناده صحيح، رواته كلّهم مجمع على عدالتهم وبنحوه قاله
عبد الحق وذكره أبو عوانة في صحيحه، ولما ذكر ابن حزم حديث عمر في
هذا الباب قال: لا يصح؛ لأنّ أبا قلابة لم يدرك عمرو، وأبو سفيان ضعيف،
وحديث أنس أحسن منه. حدثنا حرملة بن يحيى ثنا ابن وهب وثنا ابن حميد
ثنا زيد بن الحباب قالا: ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر عن عمر بن
الخطاب قال: " رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلا توضأ، فْترك موضع على قدمه، فأمره أن
يعيد الوضوء والصلاة قال: فرجع " (2) هذا حديث خرجه مسلم (3) رحمه الله
تعالى في صحيحه عن سلمة بن شبيب ثنا الحسن بن محمد بن أعن ثنا
معقل عن أبي الزبير بلفظ: " ارجع فأحسن وضوءك، فرجع ثم صلى " وفي
كتاب الصحيح لأبي عوانة وذكره فيه " بأنه رجع ثم صلى "، وفيه أيضا من
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/31) من حديث عمر بن الخطاب وأبو داود (371)
من حديث أنس بن مالك. قال أبو داود: وهذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم
يروه إلا ابن وهب، وقد روى عن معقل بن عبيد الله الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر، عن
عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه قال: " ارجع فأحسن وضوءك ". وابن ماجة (ح/665) من حديث
أنس. وأحمد (1/21، 23، 3/146) ، والبيهقي (1/70) ، وابن خزيمة (164) ، والحلية (8/
033) ، ونصب الراية (1/36) ، وجرجان (402) ، وأصفهان (11/23) ، والإرواء (11/27) .
(2) صحيح رواه ابن ماجة: (ح/666) . وصححه الشيخ الألباني.
(3) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/31) .

(1/940)


حديث مغيرة بن سعلاب عن الوازع بن نافع عن سالم عن أبيه عن عمر عن
أبي بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه- قال: " كنت جالسا عند النبي/
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء رجل قد توضأ وبقى على ظهر قدمه مثل ظفر النخامة فقال له
النبي: ارجع فأتم وضوءك ففعل " (1) ، انتهى. وقال عبد الحق عند ذكره غيره.
وحديث عمر واضح إسنادا، وأجل معنى من هذا، فدلّ أنّ الحديث إنّما رواه
عمر عن أبي بكر، وقد جمع بينهما أحمد بن عبيد الصغّار في مسنده من
حديث ابن عمر عنها مرفوعا، ولما ذكره الطبراني في الأوسط قال: لا يروى
عن أبي بكر إلا بهذا الإسناد، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث، فزاد
أبي نوح عن شعبة عن إسماعيل عن أبي المتوكل قال: توضأ عمر وبقى على
ظهر رجله لمعة لم يصيبها الماء، فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيد الوضوء، فقال أبو
المتوكل: لم يسمع من عمر، وإسماعيل: هذا لا بأس به، ولما ذكر في
الخلافيات هذا المتوكل قال: إسناده جيد، وقد تقدّم كلام أبي محمد في
حديث عمر، قال الحافظ أبو الفضل الهروي: إنّما نعرف من حديث ابن لهيعة
عن أبي الزبير بهذا اللفظ وابن لهيعة لا يحتج به وهو خطاء عندي؛ لأن
الأعمش رواه عن أبي سفيان عن جابر جعله من قول عمرو قال البيهقي:
ورواه أبو سفيان عن جابر بخلاف ما رواه أبو الزبير، ورواه خالد الحذاء عن
أبي قلابة عن عمر مثله، وقد روى عن عمر ما دلّ أنّ أمره بالوضوء كان على
طريق الاستحباب، وإنّما الواجب غسل تلك اللمعة فقط، وفي الباب حديث
خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رأى رجلا
يصلى وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره النبي أن يعيد
الوضوء والصلاة ". رواه أبو داود (2) من حديث بقية/عن خمير عنه، وقال ابن
حزم: لا يصح وهو مرسل، ورده أبو محمد الأشبيلي ببقية، واستدرك عليه ابن
القطان الإرسال، وقال البيهقي: هو حديث مرسل، وأعلّه بعض الحفاظ من
__________
(1) صحيح. الكنز (26810) ، والدارقطني (1/108، 109) ، وتلخيص (1/95) ، وللعقيلي
(4/182) .
(2) مرسل. رواه أبو داود: (ح/175) . قال ابن حزم: رده أبو محمد الإشبيلي ببقية.

(1/941)


المتأخرين؛ بأنّ بقية وإن كان حديثه في الصحيح فعنعنة لا تقبل لتدليسه، وفي
ذلك نظر لما قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله هذا يعني حديث خالد إسناد
جيّد قال: نعم. قلت لأبي عبد الله: إذا قال رجل من التابعين حدثنى رجل
من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمه والحديث صحيح قال: نعم انتهى، والذي
عليه المحدّثون قاطبة: أنّ جهالة (1) اسم الصحابي غير قادحة في الإسناد لا
سيما مع شهادة التابعين المعروف له الصحبة، وهو قول مسند من كلام ابن
القطان، وذهل عنه في هذا الموضع، وأمّا من أعلّه بتدليس بقية فمردود؛
لتصريح أبي عبد الله الحاكم في مستدركه لقول بقية ثنا بحر فذكره، وفي
مراسيل أبي داود من حديث العلاء بن زياد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه اغتسل، فرأى
لمعة على منكبيه لم يصبها الماء فأخذ خصلة من شعر رأسه فعصرها على
منكبه، ثم مسح يده على ذلك المكان، قال ابن حزم وأبو الفرج ابن الجوزي:
وقد أسند عن العلاء عن رجل من الصحابة والصحيح مرسل أبي داود،
وحديث حميد بن مسعدة عن أبي سلمة عن أبيه قال: " أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فقلت: يا رسول الله إنّ أهلي يغار علي إذا أنا وطئت جواري. قال: " ولم تعلن
ذلك "، قلت: من جهة الغسل قال: " وإذا كان ذلك منك فاغسل رأسك عند
أهلك وإذا حضرت الصلاة فاغسل سائر بدنك " (2) . ذكره الإسماعيلي في
جمعه لحديث مسعر من جهة إسماعيل بن يحيى وهو متروك الحديث عن
مسعر عنه، ولما/ذكره البيهقي في الخلافيات ردّه بضعف إسناده، وحديث ابن
عمر: " إنّه توضأ وبقى على رجله قطعة لم يصبها الماء فأمره النبي عليه الصلاة
والسلام أن يعيد الوضوء " (3) ذكره في الخلافيات وردّه بالانقطاع، قال: وقد
روى عن ابن عمر نفسه موقوفا وإسناده جيّد، وحديث ليث عن عبد الرحمن
ابن سابط عن أبي أمامة أو أخي أبي أمامة: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوما على
أعقاب أحدهم مثل موضع الدرهم أو مثل موضع ظفر لم يصبه الماء ". الحديث
ذكره البيهقي في سننه، وحديث ابن مسعود: " أنّ رجلا سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) قوله: " جهالة " وردت " بالأصل " " نخالة " وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(2) موضوع. كما ذكر المصنف.
(3) قلت: وذكره في الخلافيات وردة بالانقطاع كما ذكر المصنف. والحديث " ضعيف ".

(1/942)


بغسل ذلك المكان ثم يصلي ". ذكره البيهقي (1) من رواية عاصم بن عبد العزيز
الأشجعي، وهو ضعيف.
__________
(1) ضعيف ولم أقف عليه في " السنن الكبرى ".

(1/943)