شرح ابن ماجه
لمغلطاي 115- باب ما يقال إذا أذّن المؤذن
حدثنا أبو إسحاق الشافعي إبراهيم بن محمد بن العباس ثنا
عبد الله بن
رجاء المكي عن عبد الرحمن بن إسحاق ن ابن شهاب عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلي الله عليه
وسلم -:) إذا أذن المؤذن فقولوا مثل قوله ((1) هذا حديث
قال فيه الآجري: سمعت أبا داود يقول: سأل أحمد بن صالح عنه
فقال: الحديث حديث عطاء عن أبي سعيد، ولما ذكره الترمذي
قال: ورواه مالك عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد، وقال
البزار: هو الصواب، وزعم أبو أحمد بن عدي ان عبد الرحمن بن
إسحاق لم يضبط، وقال بن عساكر: رواه غير عبد الرحمن عن
الزهري عن عطاء وهو المحفوظ، ولما سئل أبو حاتم عنه قال:
قد اتفق ثقتان على عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه وهو
أشبه، وقال أبو علي الطوسي: روى عبد الرحمن بن إسحاق عن
الزهري
هذا الحديث عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه
وآله وسلم-، ورواية مالك أصح يعنون بذلك عصب الجناية برأس
ابن إسحاق المعروف بعباد القرشي العامري/مولى ابن عامر بن
لؤي المدني، ويقال: الثقفي نزيل البصرة الراوي عنه جماعة
منهم ابن علية، وبشر بن المفضل، ويزيد بن زريع، وحماد بن
سلمة وخالد البطحان، ومسلم بن خالد، وابن طهمان، وهو وإن
كان أحمد بن حنبل قد قال فيه: يروى عن أبي الزناد أحاديث
منكرة ليس به بأس، قال أبو طالب: فقلت له: أنَّ يحيى بن
سعيد قال: سألت عنه بالمدينة فلم يحمدوه فسكت، وقال
العجلي: يكتب حديثه، وليس بالقوي، وفي كتاب العقيلي: كان
القطّان لا يستمرؤه، وقال ابن عدي: في حديثه بعض ما ينكر
ولا يتابع عليه، والأَكثر عنه صحاح وهو صالح الحديث، فقد
قال فيه ابن
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/718) . في الزوائد: إسناد أبي
هريرة معلوم ومحفوظ عن الزهرية عن عطاء عن أي سعيد. كما
أخرجه الأئمة الستة في كتبهم. ورواه أحمد في مسنده من حديث
علي وألا رافع. والبحار في مسنده من حدث أنس
وصححه الشيخ الألبان.
(1/1145)
سعد: هو أثبت من عبد الرحمن أبي شيبة في
الحديث، وقال المروزي: قلت لأبي عبد الله: يا عبد الرحمن
بن إسحاق كيف هو؟ قال: أمّا ما كتبنا من حديثه فصحيح، وفي
رواية الميموني عنه: صالح، وفي رواية ابن زنجويه: مقبول،
وفي كتاب العقيلي: ليس به بأس، وفي كتاب الألقاب للشيرازي،
قال أبو عبد الله بن حفص بن عمرو الدارمي: عبّاد حسن
الحديث، وقال البخاري: هو مقارب الحديث، وقال يزيد بن
زريع: ما جاء من المدينة احفظ منه، وقال يحيى بن معين:
صالح الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: ليس به بأس، وقال ابن
خزيمة: لا بأس به، وخرج أبو الحسين حديثه: في صحيحه على
سبيل الاحتجاج نص على ذلك عبد الغنى وغير ذلك في الطب
والألكائي والحبال خلافاً لقول الحاكم لم يحتجا ولا واحد
منهما به، ثم خرج حديثه وصححه، وقال في المدخل خرجا له في
الشواهد وهو شيء لم أره لغيره، وقال/الساجي: هو مدني صدوق،
وذكره البستي في كتاب الثقات، وقال أبو الفرح البغدادي:
رواياته لا بأس بها، وصحّح له أبو عيسى غير ما حديث ثم أنا
أردنا أن نعرّف السبب الموجب لعدم حمد أهل المدينة له
فوجدناه مُتهمًا بالقدر من غير دعاء إليه، قال علي بن
المديني فيما حكاه اللالكائي: سمعت ابن عيينة يسأل عن عباد
بن إسحاق فقال: كان قدريًا فنفاه أهل المدينة، فحدّثنا
مهنأ مقتل الوليد فلم يجالسه، وقالوا: أنه قد سمع الحديث
فلما وقفنا على السبب وجدناه غير مؤثر في العدالة لاسيّما
ما ذكرناه ولا أنه لم يذم بقادح
ولا معضل، وأن غاية من تكلم فيه جاء عنه خلاف ذلك، إمّا في
رواية
أخرى أو في نفس الكلام، وأنه ممن يحتمل التفرد لحفظه
وإتقانه، وقد وجدنا لحديثه شاهد ذكره البستي من حديث بكير
بن الأشج عن علي بن خالد الذهلي عن النصر بن سفيان الدوقي
سمع أبا هريرة يقول: كنّا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم
فقام بلال ينادى فلما سكت قال رسول الله صلي الله عليه
وسلم: "من قال مثل هذا يقينًا، دخل الجنة" (1) وخرجه
الحاكم، وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه
__________
(1) صحيح. رواه النسائي (2/24) والحاكم (1/204) وقال: صحيح
الإِسناد ولم-
(1/1146)
هكذا، وفي كتاب الدعاء للطبراني (1) من
حديث ابن أبي فديك عن هارون عن الأعرج عنه قال- عليه
السلام-: "من الجفاء أن يسمع المؤذِّن ولا يقول مثل ما
يقول" وفي كتاب أبي الشيخ عن إبراهيم بن محمد بن الحسن عن
أحمد بن الوليد عن ابن أبي فديك عن هارون بن أبي هارون
التيمي عن الأعرج عنه مرفوعا:) أربع من الجفاء أن يبول
الرجل قائمًا أو يكثر فتح/جنبيه قبل أن يفرغ من صلاته أو
يسمع المؤذن يؤذن فلا يقول مثل ما يقول أو يصلى ليستقبل من
يقطع صلاته" (2) . يعني الطريق، ومن حديث محمد بن عون
الحمصي وعصام بن خالد نا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن
عطاء بن مرة عن عبد الله بن حمزة عن أبي هريرة قال: كان مع
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- رجلين أحدهما لا يكاد
يفارقه ولا يعرف له كثير عمل فيه، وأما الآخر فمات فقال-
عليه الصلاة والسلام- لأصحابه: (هل علمتم أن الله تعالى
أدخل فلانا الجنة، قال: فعجب القوم لأنه كان لا يكاد يرى
فقام بعضهم إلى امرأته فسألها عن عمله فقالت: ما كان في
ليل ولا نهار يسمع المؤذِّن يقول أشهد أن لا إله إلا الله
إلا قال مثل قوله ثم قال: أقرّ بها واكفر من أبي، وإذا قال
أشهد أن محمدًا رسول الله قال مثل هذا فقال الرجل بهذا دخل
الجنة) (3) وفي كتاب الفضائل لابن زنجويه من حديث الأفريقي
عن سلمان الشعباني عن عثمان الأصبحي أنه قال: للمؤذن على
من حضر معه الصلاة بأذانه عشرون ومائة حسنة، فإن أقام
فأربعون غالب، الأمر قال مثل ما يقول: حدثنا شجاع بن مخلد
أبو الفضل ثنا هشيم أنبأ ابن بشر عن أبي مليح بن أسامة عن
عبد الله ابن عتبة بن أبي سفيان حدثتني عمتي أم حبيبة
__________
يخرجاه والمشكاة (676) والكنز (1007، 23266) والتاريخ
الكبير (8/87) والترغيب (1/180) .
(1) انظر: كتاب الدعاء للطبراني.
(2) رواه البيهقي (2/86) والتاريخ الكبير (3/496) وابن عدي
في الكامل، (7/2586) والكنز (43971) .
(3) الكنز (23267) والحلية (10/28) .
(1/1147)
أنها سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم
يقول: "إذا كان عندها في يومها وليلتها فسمع المؤذن فقال
كما يقول المؤذن" هذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه بلفظ:
(كان يقول كما يقول المؤذن حين يسكت) (1) وقال فيه أبو عبد
الله بن البيع: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه/وله شاهد
بإسناد صحيح، وفي كلامه نظر من حيث (2) أن عبد الله بن
عتبة لم يخرجاه له ولا واحد منهما، ولا يعرف له راويَا غير
أبي المليح ورواه النسائي، وابن أبي شيبة في مسنده من حديث
أبي المليح عنها بغير واسطة، والأول الصواب، وفي مسند
السراج كما يقول المؤذِّن ثم يسكت وفي كتاب أبي الشيخ ابن
حبان حتى يفرغ المؤذِّن. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو
كريب ثنا زيد بن الحباب عن مالك بن أنس عن الزهري عن عطاء
ابن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلي
الله عليه وسلم: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول
المؤذن" (3) هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم من حديث
مالك، وفي كتاب الذخيرة أنّ المغيرة بن تغلاب رواه عن مالك
وزاد في إسناده سعيد بن المسيب مقرونَا بعطاء قال ابن عدي
وذكر سعيد مْي هذا الإِسناد غريب لا أعلم يرويه مالك غير
مغيرة وهو ضعيف، وفي التمهيد ورواه مسدّد عن يحيى القطان
عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد عن النبي صلي الله
عليه وسلم قال أبو عمرو: ذلك خطأ من كل من رواه بهذا
الإِسناد عن مسدد أو غيره، وفي كتاب الأطراف لأبي العباس
أحمد بن محمد بن عيسى الداني الحافظ ورواه عمرو بن مرزوق
عن مالك عن الزهري عن أنس وذلك وهم، وذكر الدارقطني في
كتاب الموطأ: أنّ لفظ عبد الرزاق عن مالك فقولوا مثل ما
يقول
__________
(1) انظر فتح الباري. قلت: وهذا حديث صحيح الإسناد.
(2) قوله: "حيث" وردت "بالأصل" حديث، وهو تحريف، والصحيح
ما أثبتناه.
(3) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/159) ومسلم (الصلاة،
ح/10) وأبو داود (ح/522، 523) والترمذي صح/208) والنسائي
(2/23) وأحمد (3/6، 78) والبيهقي (1/408) وعبد الرزاق
(1842) وشرح السنة (2/283) والموطأ (67) والتاريخ الكبير
(1/294) والحلية (3/378) والتمهيد (10/134) .
(1/1148)
المنادى وقال ابن مهدى وابن المبارك: كما
يقول المؤذن، وقال عثمان بن عمر: مثل ما يقول المنادى،
وقال محمد بن مصعب: من سمع المؤذِّن أو المنادى فليقل مثل
ما قال: واغفل/رحمه الله لفظ ابن ماجة من طريق زيد بن حباب
ولفظ خالد بن مخلد القطراني عند الطوسي: "إذا سمعتم
المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول" (1) خرجه أبو العباس محمد بن
إسحاق السراج في مسنده من حديث عثمان ابن عمرو ابن مهدي
ويحيى بن سعيد وروح بن عبادة عن مالك بلفظ: "إذا سمعتم
المؤذن فقولوا مثل ما يقول" ورأيت حاشية بخط بعض الفضلاء
على كتاب التقصي عن ابن وضاح ذكر المؤذن هنا ليس من كلام
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-. حدثنا محمد بن رمح أنبأ
الليث بن سعد عن الحكم بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد
بن أبي وقاص عن سعد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه
قال: "من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رضيت
بالله ربا وبالإِسلام دينا وبمحمد نبيا غفر له ذنبه " (2)
وقال الترمذي: صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث الليث بن
سعد عن الحكم، وفي ذلك نظر لأن الطحاوي رواه عن روح بن
الفرح عن سعيد بن كثير بن عفير عن يحيى بن أيوب عن عبد
الله بن المغيرة عن الحكم به، وزاد من قال حين يسمع
المؤذّن بيشهد، وبنحوه ذكره أبو حاتم الرازي في كتاب
العلل، وأما تخريج الحاكم له في كتابه فلا يصلح لكونه في
مسلم كما بيّناه ولفظ ابن خزيمة (3) : "من سمع المؤذن يشهد
فالتفت في وجهه، فقال: أشهد أن لا
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/11) وأبو داود (ح/523)
والترمذي صح/3614) والنسائي (2/25) وابن خزيمة (418) وشرح
السنة (2/284) والمشكاة (657) والمغنى عن حمل الأسفار
(1/312) وابن عساكر فيه التاريخ (6/414) والكنز (20998،
21006) والكلم (70) وابن السني (88، 91) وتلخيص (1/211)
وابن كثير (14/16) والترغيب (1/83) وإتحاف (3/61) . (2)
صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/13) والترمذي (ح/210)
والنسائي (2/26) وأحمد (1/181) والحاكم (1/203) وأبو داود
(ح/525) ومعاني (1/145) وابن خزيمة (421) والترغيب (1/185)
وابن السني (95) .
(3) المصدر السابق.
(1/1149)
إله إلا الله وفي آخره غفر له ما تقدم من
ذنبه". حدثنا محمد بن يحيى والعباس بن الوليد الدمشقي
ومحمد بن أبي الحسن قالوا ثنا علي بن عباس الألهاني ثنا
شعيب ابن حمزة عن محمد/بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال
رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء
اللَّهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا
الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته بها
حلت له الشفاعة يوم القيامة" هذا حديث خرجه البخاري في
صحيحه (1) بلفظ: (أحلت له شفاعتي) وقال الترمذي فيه: حسن
غريب من حديث ابن المنكدر لا نعلم أحدًا رواه غير شعيب،
وقال أبو القاسم في الصغير: لم يروه عن ابن المنكدر إلا
شعيب تفرد به علي بن عياش، ولا يروى عن جابر إلا بهذا
الإِسناد، وفيه نظر، من حيث أنه ذكره من حديث ابن لهيعة عن
أبي الزبير عنه في الكتاب الأوسط، وقال: لم يروه عن أبي
الزبير ألا ابن لهيعة، ولا يعرف إلا بهذا الإِسناد، ولفظ
أحمد (2) في مسنده: "اللهم رب هذه الدعوة التامة الصلاة
القائمة صل على محمد وارض عنى رضًا لا تسخط بعده" من قاله
استجاب له ولفظه في كتاب الألقاب للشيرازي: "أسألك أن تعطى
محمدًا الوسيلة وأن تبعثه المقام المحمود الذي وعدته"، وفي
الباب غير ما حديث من ذلك حديث معاوية بن أبي سفيان- رضى
الله تعالى- عنه سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-
يقول: "إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد
أن لا إله إلا الله وإذا قال: أشهد أن محمدًا رسول الله
قال: وإن أتم سكت " (3) رواه أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن
إبراهيم الإسفراييني في صحيحه عن الربيع بن سليمان عن
الشافعي
__________
(1) صحيح. رواه البخاري (1/159، 08/16) والوسائط (2/27)
وأحمد (3/354) والبيهقي (1/410) والطبراني في " الصغير"
(1/240) والترغيب (1/185) وشرح السنة (2/284) والمشكاة
(659) والإتحاف (3/6، 5/50) والكنز (20986) وتلخيص (1/210)
والمنثور (4/198) والقرطبي (10/310) وابن كثير (3/97،
5/102) وأذكار (38) وابن السني (93) . (2) صحيح. رواه
أحمد: (3/302، 354) .
(3) صحيح. رواه الشافعي في مسنده: (33) .
(1/1150)
عن ابن عيينة عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن
طلحة وهو عمه عنه قال: وثنا محمد بن/عبد الحكم عن أبي زرعة
وهب الله بن راشد عن حيوة عن يزيد بن الهاد عن محمد بن
إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن معاوية: " أن المنادى نادى
بالصلاة فقال: الله أكبر الله أكبر فقال معاوية: الله أكبر
الله أكبر فقال المنادي: أشهد أن لا إله إلا الله فقال
معاوية: وأنا فقال المؤذن: أشهد أن محمدًا رسول الله فقال
معاوية: وأنا هكذا سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وآله
وسلم يقول: إذا سمع المنادى لم (1) ، وفي كتاب الطحاوي من
حديث هشام عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن عيسى
به: زاد حتى بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح فقال: لا حول
ولا قوة إلا بالله، ثم قال يحيى: وحدثني رجل أنَّ معاوية
لما قال: ذلك قال: هكذا سمعت نبيكم- صلى الله عليه وآله
وسلم- يقول، وفي كتاب الإِسماعيلي الصحيح وخرجه من حديث
ابن ماجه عن الحسن بن حماد ويعقوب عن ابن علية عن هشام
فلما قال: "حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله
ثم قال: هكذا سمعت نبيكم يقول" وكذا هو في كتاب النسائي عن
محمود بن خالد عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى من
غير ذكر واسطة، وكذا خرجه ابن خزيمة في صحيحه عن يعقوب
الدورقي أنا ابن علية عن هشام وثنا عبد الجبار بن العلاء
ثنا حاملة يعني ابن عبد العزيز حدثنى أبي عن ومحمد بن يوسف
مولى عثمان عن معاوية مرفوعًا، وثنا بندار ثنا يحيى بن
سعيد نا محمد بن عمرو حدثني أبي عن جدّي: كنت عند معاوية
فذكره مرفوعًا، وخرجه البخاري في صحيحه إثر حديث أبي سعيد
عن معاذ بن فضالة ثني هشام عن يحي عن محمد حدَّثني عيسى
سمع معاوية يومًا فقال، مثل قوله إلى قوله/وأشهد أن محمدًا
رسول الله قال: وثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا وهب بن جرير ثنا
هشام عن يحيى مثله، وقال يحيى: وحدثني بعض إخواننا قال:
لما قال حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله،
__________
(1) رواه أبو عوانة: (1/333) .
(1/1151)
وقال: هكذا سمعنا نبيكم- صلى الله عليه
وآله وسلم- يقول انتهى.
ورواه عن معاوية جماعة غير من قدّمنا ذكرهم: بينوا رفع هذه
اللفظة منهم، ابن هبيرة أنه كان يكلّم معاوية وأذّن المؤذن
فأمره أن ينصب، ثم كبّر كما كبر ثم قال المؤذن: أشهد أن لا
إله إلا الله فقال ونحن نشهد أن لا إله إلا الله فقال
المؤذّن: أشهد أن محمدًا رسول الله فقال ابن هبيرة: فقلت
له أي رأيته أم سمعته من النبي قال بل سمعته من النبي- صلي
الله عليه وسلم - رواه الطبراني في معجمه عن عمارة بن
وتيرة المصري. ثنا إسحاق ابن إبراهيم بن زريق (1) ثنا عمرو
بن الحارث عن عبد الله بن سالم عن الزهري ثنا الحسن بن
سالم عنه وعلقمة بن وقاص قال: أتى عند معاوية فذكره
مرفوعَا، ورواه النسائي عن مجاهد بن موسى وإبراهيم بن
الحسن عن حجاج عن ابن جريج عن عمرو بن يحي أن عيسى بن عمر
أخبره عن عبد الله بن علقمة عنه، وقال ابن عساكر: ورواه
عبد الرحمن بن داود المكي عن عمرو بن يحي عن عبد الله بن
القمة فلم يذكر عيسى، وأورد له سندَا من طريق ابن جواص عن
يونس بن عبد الأعلى عن عبيد الله بن وهب قال: وحدثني أيضًا
يعني داود بن عبد الرحمن الحديث، وفي علل أبي الحسن ورواه
عمر بن علقمة عن أنه وابن يسار قال ابن أبي حاتم: سألت أبي
عن حديث رواه إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية منه أنه
سمع معاوية سمع النبي- عليه السلام- يقول: "إذا/سمعتم
المؤذِّن يؤذِّن فقولوا مثل ما يقول" (2) فقال أنكرت مثل
هذا الحديث إذ كان عمارة عن ابن يساف، ولا أدرى من ابن
يساف هذا فتفكَّرت فيه، فإذا إسماعيل بن إسماعيل بن جعفر
قد روى هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن حبيب وهو ابن يساف
عن حفص بن عاصم بن عمر عن أبيه عن جدّه عمر
__________
(1) قوله: زريق وردت وبالأصل، "زيدين" وهو تحريف، والصحيح
ما أثبتناه. (2) صحيح. رواه مسلم في والصلاة، ح/11) ، وأبو
داود (ح/523) ، والترمذي (3614) ، والنسائي (2/25) ، وابن
خزيمة (418) ، وشرح السنة (2/284) ، والمشكاة (657) ،
والمغني عن حمل الأسفار (1/312) ، وابن عساكر فيه التاريخ،
(414) ، والكلم (70) وابن السني (88، 91) ، وتلخيص (1/211)
، وابن كثير (6/114) ، والترغيب (1/83) .
(1/1152)
عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "إذا
سمعتم المؤذن " لما قال أبي أما ابن يسار فأرى أنه حبيب بن
عبد الرحمن بن يساف نسبه إلى جدّه ولم يسمع حبيب من معاوية
شيئًا فيحتمل أن يكون قد دخل لابن عياش حديث في حديث،
ومحمد بن إبراهيم قال: سمعت معاوية فذكره، قال أبو حاتم في
العلل: سقط رجل، ومحمد التيمي لم يسمع من معاوية، وأبو
أسامة وسعد بن سهل بن حنيف سمع معاوية وهو جالس على المنبر
أذّن المؤذن فذكره مطولاً ثم قال: يأيها الناس أني سمعت
رسول الله صلي الله عليه وسلم على هذا المنبر حين أذّن
يقول: ما سمعتم من مقالتي. ذكره البخاري في صحيحه ونهشل
التيمي سمع معاوية فذكره بكماله مرفوعاً ورواه ابن مطر عن
أبي غسان أحمد بن سهل الأهوازي، نا خالد بن يوسف السمكي نا
أبي عن ابن سنان عنه، ومحمود بن على القرظي رواه أيضًا من
حديث ابن لهيعة عنه، وقال: لم يروه عن محمود الا ابن لهيعة
وأبو صالح فذكره مرفوعًا، ورواه أيضًا عن علي عن عبد
العزيز عن حجاج بن منهال عن حماد بن سلمي عن عاصم بن بهدلة
عن محمد بن
يحيى عن موسى بن إسماعيل عن أبان بن يزيد عن عاصم عنه،
ورواه أبو الشيخ عن ابن منيع عن بن عائشة ثنا حماد بن سلمي
عن عاصم بن/نميرة عن القاسم بن معن لنا المسعودي، وحديث
أبي أمامة أو عن بعض أصحاب- رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم-: أنَّ بلالا أخذ في الإِقامة فلما قال: قد قامت
الصلاة قال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: "أقامها
وأدامها" (1) وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر في
الأذان رواه أبو داود من حديث رجل من أهل اَلشام عن شهر
عنه، قال البيهقي في الكبير: وهذا إن صحّ كان شاهدًا لما
استحَّبه الشَّافعي من قوله: اللهم أقمها وأدمها واجعلنا
من صالح أهلها عملا، وهذا منه- رحمه الله- ذهول عما رواه
أبو الشيخ عن عبد الرحمن بن الحسن ثنا هارون بن إسحاق ثنا
وكيع عن
__________
(1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/528) ، والبيهقي (1/411) ،
والحلية (7/81) ، وتلخيص (1/211) وشرح السنة (2/288) ،
والمشكاة (670) ، والإتحاف (6) ، وابن السني (103) .
وعلته: شهر بن حوشب الأشعري، تابعوا مشهور، وثقة ابن معين
وأحمد بن حنبل، وقال أبو حاتم: ما هو بدون أبي الزبير،
وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي.
(1/1153)
محمد بن ثابت عن رجل من أهل الشام عن أبي
أمامة في كتاب الدعاء للطبراني من حديث الوليد بن مسلم عن
عفير بن مهدان عن سليم بن عامر عنه عن النبي- صلى الله
عليه وآله وسلم- قال: " من نزل به كرب أو شدّة فليتحيّن
المنادي فان ذا كبر كبر، وإذا تشهّد تشهّد، وإذا قال: حي
على الصلاة قال: حي على الصلاة وإذا قال: حي على الفلاح،
قال: حي على الفلاح، ثم ليقل: اللهم رب هذه الدعوة الصادقة
والحق المستجاب له دعوة الحق وكلمة التقوى أحينا عليها
وأمتنا عليها وابعثنا عليها واجعلنا من خيار أهلها محيانا
ومماتنا ثم يسأل الله تعالى حاجته " (1) ، ولما خرجه
الحاكم في مستدركه صحح إسناده مع ثبوت عفير فيه، وحديث
عائشة- رضى الله تعالى- عنها ان النبي صلي الله عليه وسلم:
وكان إذا سمع المؤذِّن قال: وأنا وأنا أخرجه أبو عبد الله
من حديث حفص ابن غياب عن هشام عن أبيه عنها، وقال: سنده
صحيح، وزعم أبو الحسن في علله/أن الحضرمي رواه عن هشام عن
أبيه مرسلا وهو الصحيح، وفي الاستذكار: "وأنا أشهد، وأنا
أشهد " وقال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن هشام إلا
حفص، وعلي بن شهر تفرّد به عن حفص بن سهل بن عثمان، وحديث
أبي عيسى الأسواري قال: كان ابن عمر إذا سمع الأذان قال:
فاللهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها دعوة الحق
وكلمة الحق وكلمة التقوى توفني عليها وأحيني عليها واجعلني
من صالح أهلها عملا يوم القيامة " (2) رواه البيهقي من
حديث عبد الوهاب بن عطاء أنبأ شعبة عن عاصم الأحول عنه،
وقال الدارقطني: ورواه محبوب بن الجهم الكوفي عن عبد
العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال والصحيح موقوف،
وأبو عيسى مذكور فيمن لا يعرف اسمه، قال أبو عمر في كتاب
__________
(1) صحيح وإسناده ضعيف، وهو صحيح. الوليد بن مسلم صدوق
يدلس وقد عنعنه. ابن السنة (ح/98) . ورواه الحاكم
(547،1/546) والأصبهاني في الترغيب (273) كلاهما في طريق
الوليد بن مسلم. وصححه الألباني في صحيح الجامع.
(2) رواه ابن السني (ح/98) أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحكم بن
موسى حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي عائذ حدثني سليم بن عامر
عن أميمة- رضى الله عنه- قال: فذكره،. راجع الحاشية
السابقة.
(1/1154)
الاستغناء عن أحمد: لا أعلم أحدًا روى عنه
غير نفاذة انتهى. قد أسلفنا حديث عاصم عنه أيضا، وحديث ابن
مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال: وكان رسول الله- صلى الله
عليه وآله وسلم- إذا أذّن فقال: الله أكبر الله أكبر قال:
الله أكبر الله أكبر، فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله،
قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وإذا قال: أشهد أن محمدًا
رسول الله، قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم يسكت (1)
ذكره أبو بكر الأثرم من حدثنا الحكم بن ظهير عن عاصم عن
زرعة، قال: حديث الحكم واهي، وذكره الطحاوي: مستدلا به على
عدم وجوب الإِجابة بلفظ: لما قال المؤذِّن الله أكبر قال-
عليه السلام- على الفطرة فلما قال: أشهد أن لا إله إلا
الله قال: حرم من النار (2) الحديث، وحديث أنس بن مالك أن
النبي صلي الله عليه وسلم:"كان إذا سمع المؤذن قال كما
يقول وكان/يقول: إذا بلغ حي على الفلاح قال: لا حول ولا
قوة إلا بالله" (3) رواه أبو الشيخ من حديث حفص بن محمد عن
مبارك بن فضالة عن الحسن عنه، وخرجه مسلم (4) بلفظ فسمع
رجلا يقول: الله أكبر، الله أكبر، فقال- عليه السلام-:
"على الفطرة" ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: "خرجت
من النار فنظروا فإذا هو راعى مضري" وفي كتاب الترمذي من
حديث زيد العمى عن معاوية بن قرة عنه مرفوعا: والدعاء لا
يردّ بين الأذان والإِقامة. قالوا فما نقول قال: سلو الله
العافية في الدنيا
__________
(1) ضعيف. الكنز (23272) وعبد الرزاق (1846) وابن أبي شيبة
(1/227) والمجمع (1/ (2) صحيح. رواه مسلم في الصلاة (ح/9)
والترمذي (ح/1618) وأحمد (3،1/229/407،132، 253،241، 270،
5/248) والطبراني (11/150) وابن خزيمة (399، 400) وعبد
الرزاق (1866) والطبراني في "الصغير" (2/3) والمنثور
(1/35) والكنز (23285، 23296) ومعاني والخطيب (8/220)
والمجمع (1/334، 363، 36 سهم.
(3) إسناده ضعيف، وهو صحيح. رواه النسائي في اليوم والليلة
ح/41، 42) وعن عمر بن الخطاب أو معاوية أخرجه مسلم في
والصلاة، ح/12) وأبو داود (ح/527) والنسائي في السنن
(2/25) وأحمد (6/9، 391) والبغوي في شرح السنن (287،2/285)
وابن خزيمة (417) وابن حبان وصححه (98،3/97 الإِحسان (ضمن
الحديث.
(4) تقدم في الحاشية رقم (2) .
(1/1155)
والآخرة (1) وحسنه، ورواه النسائي من حديث
زيد ابن أبي مريم عن أنس، ورواه أبو الشيخ في فوائد
الأصبهانين عن إسحاق بن محمد نا أبو مسعود نا الفرياني نا
الثوري عن أبي إسحاق عن يزيد عنه يرفعه هذا قال: "اللهم
ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أعط محمدَا سؤله،
نالته، شفاعة محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- " (2) ، وفي
شعب الإِيمان للبيهقي أنبأ عبد الله بن يوسف سمعت عبد الله
بن محمد بن أحمد بن روزية سمعت أبا جعفر عبد الله بن
إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن لؤية الهاشمي نا أبو بكر
محمد بن إسماعيل بن يوسف قال: كان لي صديق بمصر وكان
مخلطَا فإني رأيته في المنام فقلت ما فعل الله بك قال عزني
قلت: مع ما أعلم قال مع ما تعلم قلت بأي شيء قال: كنت إذا
سمعت المؤذِّن قلت كما يقول فعزَّني وقال لي: لو قلت في
آخر الأذان: لا أله ألا الله الملك الحق المبين ما حاسبتك.
وحديث أبي الدرداء قال: صلي الله عليه وسلم من هذا سمع
النداء قال: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة
صلى على محمد عبدك/ورسولك واجعلنا في شفاعته يوم القيامة
لم قال أبو الجرداء: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم-: " من قال هذا عند النداء جعله الله في شفاعتي يوم
القيامة يا (3) ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث محمد
بن أبي السري ثنا عمرو بن أبي سلمي عن صدقة بن عبد الله عن
سليمان بن أبي كريمة عن أبي قرّة عطاء بن قرة عن عبد الله
بن ضمرة السلولي قال سمعت أبا الدرداء، وقال:
__________
(1) صحيح. رواه البخاري (4/62، 05/19) وأبو داود في
والجهاد، باب 975،) والترمذي (ح/3594) وصححه. وأحمد (1/3
كهف) والبيهقي (9/153،76) والطبراني (17، 246) وا بن أبي
شيبة (21/050،1/2962) وإتحاف (7/9/481،151) والترغيب
(4/272،1/190) والبلوى (3/39) والمنثور (08/2722،3/189،1،
351) وأذكار (350) ومسند أبي بكر
(1164) والكنز (4923) والقرطبي (3/233) وابن عساكر في
والتاريخ، (3/
وصححه الشيخ الألباني.
(2) بنحوه. الحاشية رقم (3) السابقة.
(3) ضعيف. أورده الهيتمي في ومجمع الزوائد، (1/333) وعزاه
إلى الطبراني فيه "الأوسط" وفيه صدقة بن عبد الله السمين
ضعفه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم، ووثقه دحيم وأبو حاتم
وأحمد بن صالح المصري.
(1/1156)
لا يروى هذا الحديث عن أبي الدرداء إلا
بهذا الإِسناد تفرّد به عمرو بن أبي سلمي، وحديث ابن عمر
أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذا سمع الأذان
قال: " اللهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها دعوة
الحق، وكلمة التقوى أحيني عليها، وتوفني عليها، واجعلني من
صالحي أهلها عملا " (1) ذكره ابن الجوزي في علله (2) وقال:
الصحيح موقوف، وحديث المغيرة بن شعبة سمعت رسول الله- صلى
الله عليه وآله وسلم- يقول: " من قال حين يؤذن مثل قوله
غفر له " (3) رواه أيضا من حديث سليمان بن داود ثنا أبو
محمد الحسن البجلي عن عبد الله بن أبي الخالد عن ورواد
عنه، وحديث عبد الله بن سلام قال: بينا نحن نسير مع رسول
الله صلي الله عليه وسلم سمع رجلا في الوادي يقول: أشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدَا رسول الله فقال رسول الله صلي
الله عليه وسلم: "وأنا أشهد لا يشهد بها أحد إلا برئ من
النفاق" (4) رواه أيضا من حديث أحمد بن عبد المؤمن المصري
عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال أنّ
يحيى بن عبد الرحمن حدّثه عن عون بن عبد الله/عن يوسف بن
عبد الله بن سلام عن أبيه، ورواه النسائي في كتاب اليوم
والليلة عن عمرو بن منصور بن أصبغ أخبرني ابن وهب بلفظ: "
ألا يرى من الشرك " وحديث أبي رافع: " كان رسول الله صلي
الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا
بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا
بالله " (5) رواه النسائي في اليوم والليلة عن علي بن حجر
عن شريك، وعبد الرحمن بن سليمان عن أبي نعيم عن شريك عن
عاصم بن
__________
(1) تقدم في ص 1145 حاشية رقم (1) .
21) قوله: 1 " علله "، غير واضحة" وبالأصل" وكذا أثبتناه.
31) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح/718) . في الزوائد: إسناده
صحيح. وعبد الله بن عتبة روى له النسائي، وأخرج أنه ابن
خزيمة في صحيحه. فهو عنده ثقة. وباقي رجاله ثقات.
4) جامع المسانيد (: 2/434) . وفيه: " لا يشهد بها أحد إلا
أن صح من النار".
5) ضعيف. أورده الهيثمي في، مجمع الزوائد (1/331) وعزاه
إلى أحمد في " مسنده " و" البزار، والطبراني في " الكبير "
فيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف إلا ان مالكا روى عنه.
(1/1157)
عبيد الله عن علي بن حسين عنه، وقال خالفه
سفيان فرواه عن عاصم عن ابن عبد الله بن الحارث عن أبيه
قال: " كان النبي صلي الله عليه وسلم " إذا سمع المؤذن
بنحوه " قال ابن عساكر ورواه عمرو بن العباس عن ابن مهدي
عن سفيان عن عاصم عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن
أبيه، وكذلك قال محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان وقال وكيع
عن سفيان بن عبيد الله بن عبد الله بن الحارث، وكذلك رواه
أحمد بن عبد الله الميموني عن ابن مهدى وحديث عبد الله بن
ربيعة: أن رسول صلي الله عليه وسلم سمع صوت رجل يؤذن في
سفر فقال: " الله أكبر الله أكبر فقال النبي صلي الله عليه
وسلم الله أكبر الله أكبر فقال:
أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله
فقال: أشهد أن محمدَا
رسول الله قال: أشهد أن محمدَا رسول الله " (1) رواه
النسائي وإسناد صحيح
عن إسحاق بن منصور عن ابن مهدى عن شعبة عن الحكم عن ابن
أبي ليلى
عنه، وحديث معاذ بن أنس قال رسول صلي الله عليه وسلم: "
إذا سمعتم/المؤذِّن يثوب بالصلاة فقولوا كما يقول " (2)
رواه أبو الشيخ من حديث رشدين بن
فايد عن سهل بن معاذ عن أبيه، ومن حديث ابن لهيعة عن زبان
بلفظ:
" إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول " (3) ولما ذكره أبو
أحمد في كامله ردّه برشدين، وحديث عبد الله بن الحارث
تقدّم في حديث أبي رافع، وحديث
ابن عباس أن النبي قال: " من سمع النداء فقال: أشهد أن لا
إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله أبلغه
الدرجة، والوسيلة
__________
(1) إسناده صحيح. رواه) النسائي في اليوم والليلة، (ح/41،
42) وابن السني (ح/91) ومسلم في (والصلاة ح/12) وأبو داود
(ح/527) والنسائي في (السنن: 2/25) وأحمد (6/391،9)
والبغوي في شرح السنة (2/285، 287) وابن خزيمة (417) وابن
حبان في صحيحه (3/97، 98 الإحسان) ضمن حديث. وأورده
الهيثمي في " المجمع " (1/335) وعزاه إلى " أحمد "،
والطبراني في " الكبير " وزاد فيه، ورجاله رجال الصحيح.
(2) ضعيف. الكنز (2099) وابن عدي (3/1011) . في إسناده
رشدين.
(3) صحيح. رواه مسلم في والصلاة (ح/11) وأبو داود (ح/523)
والترمذي (ح/3614) والنسائي (2/25) وابن خزيمة (418) وشرح
السنة (2/284) والمشكاة (657) والمغني عن حمل الأسفار
(1/312) وابن عساكر في " التاريخ " (6/414) والكنز
(20998،21006) والكلم (70) وابن السني (88، 91) وتلخيص
(1/211) والترغيب (1/183) وإتحاف (3/61، 5/49) .
(1/1158)
عندك، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة، ألا
وجبت له الشفاعة (1) رواه أبو الشيخ من حديث إسحاق بن
كيسان عن أبيه عن سعيد بن جبير عنه، وحديث صفوان بن عسال
عنه قال: " بينا نحن نسير مع النبي صلي الله عليه وسلم إذا
نحن بصوت يقول: " الله أكبر الله أكبر " فقال عليه السلام:
وعلى الفطرة " فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: " برئ
من الشرك " قال: أشهد أن محمدًا رسول الله قال: " خرج من
النار " قال: حي على الصلاة، قال: أنه لراعى غنم أو مبتدى
بأهله قال: فابتدره القوم فإذا هو رجل مبتدى بأهله، (2)
رواه أيضا من حديث يزيد بن أبي زياد عن زرعة، ومرسل عمر بن
سعد: " أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: هبط من
مدراح اليمن بين مكة والمدينة فعرس وأذّن بلال. فقال رسول
الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: من قال مثل ما قال بلال
من نفسه حرم الله عليه النار " (3) رواه أبو نعيم في كتاب
الصلاة عن عمر بن ذر عن أبو بكر بن حفص عنه وموقوف عثمان:
" أنه كان إذا قال المؤذن حي على الفلاح قال: مرحبًا
بالقائلين/عدلًا بالصلاة مرحبًا وأهلًا " رواه أحمد بن
منيع في مسنده من حديث عبد الرحمن بن إسحاق وفيه كلام عن
عبد الله القرشي عن عبد الله بن علم عنه، وموقوف بلال
المؤذن أنه قدم الشام: " وكان إذا أتى المسجد فجلس فيه
فسمع المؤذِّن قال حوله ليس هؤلاء والمؤذن بالحق من هؤلاء
الكلمات منكم فقولوا مثل ما يقول " (4) رواه الطبراني في
كتاب الدعاء من حديث بقية عن محمد بن زياد الألهاني عن بعض
مشايخه عنه، ومرسل حفص بن عاصم: " سمع النبي- صلى الله
عليه وآله وسلم- يؤذن المغرب فقال:- عليه السلام- مثل ما
قال: فأنهى النبي صلي الله عليه وسلم وقد قال: قد قامت
الصلاة فقال
__________
(1) ضعيف. رواه الطبراني في " الكبير " (12/85) وأورده
الهيثمي فيه " مجمع الزوائد " (1/333) وعزاه إليه، وفيه
إسحاق بن عبد الله بن كيسان ليته الحاكم وضعفه ابن حبان،
وبقية رجاله ثقات. (2) ضعيف جدا أورده الهيثمي في " مجمع
الزوائد " (1/336) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفي
عطاء بن عجلان وهو متهم بالكذب.
(3) بنحوه. رواه أحمد (2/352) والترغيب (1/186) .
(4) انظر: كتاب الدعاء للطبراني.
(1/1159)
صلي الله عليه وسلم: انزلوا فصلوا المغرب
بإقامة ذلك العبد الأسود لما " رواه البيهقي (1) في
الكبير من حدها عمارة بن غزية عن حبيب بن عبد الرحمن عنه
وخبر زيد بن
مرثد عن نضلة وأذّن بحلوان في سفح جبل فقال الله أكبر الله
أكبر فأجابه
مجيب من الجبل كبرت يا نضلة كبيرًا قال: أشهد أن لا إله
إلا الله قال:
كلمة الإخلاص، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: بعث
النبي- عليه السلام- قال: حي على الصلاة، قال: البقاء لأمة
محمد، قال: حظي على
الفلاح، قال: كلمة مقبولة قال: الله أكبر، الله أكبر، قال:
كبرت كبيرًا قال: لا إله إلا الله، قال: كلمة حق حرمت بها
علي النار، فذكر حديثًا طويلًا ذكره
ابن أبي الدنيا في كتاب هواتف الجان من حديث ابن لهيعة عن
مالك بن
الأزهر عن نافع عن ابن عمر، قال الخطيب: ذكره في تاريخه من
حديث
عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي أنبأ مالك عن نافع عن ابن
عمر تابع أبو
موسى إبراهيم بن رجاء الراسبي على روايته عن مالك وليس
بثابت/من حديثه.
وقال الدارقطني في الغرائب من حديث مالك: هذا الحديث لا
يثبت عن مالك ولا عن نافع. وحديث عمرو بن العاص، ذكره ابن
قدامه في كتابه المغنى، وحديث عبد الرحمن بن عمرو، ذكره
الطوسي في كتاب الأحكام. وأخبرني والدي- رحمه الله تعالى-
أنه قال: لماَّ سافر الملك الظاهر قاصدًا قيسارته كنت في
صحبه فعبرت إلى البيت المقدس زائرا فرأيت بها سادا يسمى
أبا إسحاق إبراهيم بن علي الحنبلي الواسطي يقول: بلغني أنّ
رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ومن قال " حين
يسمع الأذان مرحبًا بالقائلين عدلًا وبالصلاة أهلًا وسهلًا
بَعَّد الله وجهه عن النَّار يوم القيامة " (2) قوله:
فقولوا ... ذكر ابن قدامة أن ذلك مستحب لا أعلم فيه خلافا
بين أهل العلم، وفي قوله نظر، لما قاله أبو جعفر الطحاوي
من أن الناس اختلفوا هل هو واجب أو مندوب، قال: والصحيح
الذي عليه الجمهور: أنه مندوب
__________
(1) مرسل رواه البيهقي (1/408) ، والشفع (164) .
(2) الكنز (21023، 23258) ، وتذكرة (35) .
(1/1160)
وخالف ذلك صاحب المحيط والبدائع، فأوجباه،
ومثله في المفيد والتحفة والسنة، وزعم شمس الأئمة السرخسي
في الذخيرة أن بعضهم قال: إن الإجابة بالقدم لا باللسان
وهو المشي إلى المسجد حتى لو كان حاضرًا في المسجد فسمع
الأذان فليس عليه إجابة فإن قال مثل ما يقول نال الثواب
وإن لم يقل فلا إثم عليه، ولا يكره له ذلك، وفي الذخيرة:
فإذا قال: حي على الصلاة، حي على الفلاح، قال: لا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله كان، وفي المحيط
يقول: مكان قوله حي على الصلاة: لا حول ولا قوة ألا بالله
العلي العظيم، ومكان الفلاح: ما شاء الله كان وما لم يشأ
لم يكن، وعند قوله الصلاة خير من النوم صدقت وبررت، وفي
كتاب ابن حزم: يقول/السامع كما يقول المؤذن سواء من أوّل
الأذان إلى آخره، وسواء كان في صلاة فرض أو نافلة جاءني
قوله حي على الصلاة والفلاح فأنه لا يقولهما، وإن قال
مكانهما لا حول ولا قوة فحسن، وفي كتاب الغاية شرح
الهداية: يستحب الإِجابة لكلّ من سمعته من متطهِّر ومحدث
وجنب وحائض وكبير وصغير وغيرهم ممن لا مانع له من الإجابة
من أسباب المنع إما أن يكون في الخلاء أو جماع أو غيرهما،
قال الماوَردي: فإن كان في الصلاة لم يوافقه سواء أكان
نفلًا أو فرضًا، فلو فعله ففيه قولان للشافعي أظهرهما:
يكره، لأنه إعراض عن الصلاة ولكن لا تبطل، لأنه ذِكْر، فلو
قال الحي على أو التثويب بطلت إن كان عالماً لأنه كلام
آدمي، وعن مالك ثلاثة أقوال: يجيب لعموم الحديث لا يجيب
لأنّ في الصلاة شغلاً لقول التكبير والتشهد في النافلة لا
الفريضة، وفي كتاب الطحاوي: المنع من ذلك فيهما، وكذا قاله
أحمد فيما حكاه ابن قدمه قال: وإن قال الحي على بطلت
الصلاة، قال صاحب المحيط لا ينبغي للسامع أن يتكلم في حال
الأذان والإقامة ولا يشتغل بقراءة القرآن، وفي المرغيناني:
لا يقطع إن كان في المسجَد ويقطع فيما سواه، ولا يرد
السلام، وفي المحيط: يرد سرًا، وكذا جواب العطاس، قال
الطحاوي: واختلفوا هل يقول ذلك عند سماع كل مؤذن أو يجيب
أوّل مؤذن فقط، واختلف قول مالك هل يتابع المؤذن أو يقوله
مسرعًا قبل فراغه من التأذين، وأما الوسيلة فهي القُربة،
قال أبو عبيد: يقال توسلت أبيه أي تقربت، وفي الصحيح: أنها
(1/1161)
منزلة في الجنة، وقيل: هي الشفاعة يوم
القيامة، وقيل: هي القرب من الله تعالى، وقوله حلت له
الشفاعة/قال عياض: "معناه غشية، وقيل: حلت عليه، وقيل:
بمعنى وجبت له قال تعالى: {فيحل عليكم غضبي} (1) "
وقيل: حلت له بمعنى عليه قال: يخرون للأذقان سجداً ويخرون
للأذقان سجدَا} (2) يعني على الأذقان.
__________
(1) صورة طه آية: 81. (2) صورة الإسراء آية 107.
(1/1162)
116- فضل الآذان وثواب المؤذِّنين
حدثنا محمد بن الصباح أنبأ سفيان بن عيينة عن عبد الله بن
عبد الرحمن
ابن أبي صعصعة عن أبيه- وكان أبوه في حجر أبي سعيد- قال لي
أبو سعيد: "إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالأذان، فإني
سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: " يسمعه
جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر ألا شهد له" هذا حديث خرجه ابن
خزيمة في صحيحه (1) عن عبد الجبار بن العلاء نا سفيان قال:
حدثني عبد الله به، وفي لفظ: وكانت أمه عند أبي سعيد،
وفيه: "شجر ولا مدر" خرجه البخاري (2) في صحيحه من حديث
مالك بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي
صعصعة بزيادة: " إني أراك تحت الغنم والبادية" وقال: "ولا
أنس ولا شيء"، ولما رواه الشافعي- رضي الله تعالى عنه- عن
سفيان قال إثرها: ويشبه أن يكون مالك أصاب اسم الرجل، قال
البيهقي: هو كما قال الشافعي- رحمه الله تعالى-، وذكر
الدارقطني ان مالكًا لم يختلف عليه في اسمه، وكذا هو في
كتاب النسائي، وعند الشّافعي وأحمد والأوسط وأحمد بن منيع
وغيرهم، ورواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن عبد العزيز بن
الماجشون كرواية مالك سواء وفي كتاب أبي الشيخ من حديث
القطان عن مالك كرواية سفيان، فإن صح كان ردا لما قاله
الدارقطني- والله تعالى أعلم-، ويوضحه قول ابن سعد عبد
الله بن عبد الرحمن بن/الحارث بن أبي صعصعة: روى عن أبي
سعيد، وأدركه مالك وروى عنه، وروى أيضَا عن ابنيه محمد
وعبد الرحمن أبنى عبد الله، وروى البحار حديث سفيان بسند
آخر فقال ثنا إسحاق بن محلول، ومحمد بن مسكين قالا لنا
سعيد بن منصور ثنا ابن عيينة عن صفوان بن سليم عن
__________
(1) صحيح. رواه ابن خزيمة (389) ، والترغيب (1/174) .
(2) صحيح. رواه البخاري (1/158) ، وتلخيص (1/208) ، والكلم
(68) ، والأذكار (35)
(1/1163)
عطاء بن يسار عن أبي سعيد، قال رسول الله-
صلى الله عليه وآله وسلم-: "يغفر للمؤذن مد صوته، ويصدقه
ما سمعه من رطب ويابس" (1) ، وقال: لا نعلم أحداً أسنده عن
ابن عيينة إّلا سعيد بن منصور، ولم يتابع عليه. حدّثنا أبو
بكر بن أبي شيبة ثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان عن أبي
يحيى عن أبي هريرة قال: سمعت من في- رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم-: "المؤذن يغفر له مد صوته، ويستغفر له كل
رطب ويابس، وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون حسنة، ويكفر
عنها ما بينها" (2) هذا حديث قال فيه المنذري- رحمه الله
تعالى-: أبو يحيى لم ينسب فيعرف حاله، وما أدرى أنّ حاله
معروفة وأنه منسوب مسمّى، وأنه حديث خرجه الحافظ أبو بكر
بن خزيمة في صحيحه عن بندار وعبد الرحمن عن شعبة، وقال:
يريد ما بين الصلاتين، وخرجه البستي في صحيحه أيضَا عن أبي
خليفة ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا شعبة ثم قال: أبو يحيى
هذا اسمه سمعان مولى أسلم من أهل البصرة والدأنيس، ومحمد
بن أبي يحيى من جلّة التابعين، وموسى بن عثمان من سادات
أهل الكوفة وعبّادهم، واسم أبيه: عمران، ولفظ أحمد بن
حنبل:. (مدى صوته، ويصدقه كل رطب ويابس سمعه، وللشاهد عليه
خمس وعشرون درجة) ورواه البيهقي في/السنن الكبرى من حديث
عمرو بن عبد الغفار: ثنا الأعمش عن مجاهد عن أبي هريرة به،
قال: ورواه حفص بن غياب عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة مرفوعا أيضَا ولفظهما: (ويشهد له كلّ رطب ويابس
سمعه) وفي كتاب أبي الشيخ من حديث أبي العنبر عن أبيه:
(كلّ مدرة وصخرة سمعت صوته) . حدثنا محمد بن
__________
1) ضعيف. رواه البيهقي (1/431) ، والكنز (20927، 2092) ،
واللآلىء (2/7) ، وأصفهان (2/301) .
(2) صحيح. رواه أبو داود فيه الصلاة، باب (31) وابن ماجه
(ح/724) ، وأحمد (2/458،429) ، والطبراني (12/398) . وصححه
الشيخ الألباني.
(1/1164)
بشّار وإسحاق بن منصور قالا: ثني أبو عامر
ثنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة قال سمعت
معاوية بن أبي سفيان عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة قال:
سمعت معاوية بن أبي سفيان: قال رسول الله- صلى الله عليه
وآله وسلم-: " المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة "
هذا حديث خرجه مسلم (1) في صحيحه من حديث عبد بن سليمان،
وسفيان عن طلحة. حدثنا عثمان بن أبي شيبة لنا حسين بن
عيسى- أخو سليم القارئ - عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن
عباس، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "ليؤذن
لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم" (2) هذا حديث إسناده صحيح على
شرط الحافظين ابن خزيمة والبستي لذكر ابن حبان حسينًا
والحكم في كتاب الثقات، ولرواية ابن خزيمة عنهما في صحيحه،
ولئن كان، فقد قيل فيه: هو حديث رواه الحسين الحنفي، وهو
منكر الحديث فيما ذكره عبد الحق، وأمّا البخاري فقال: حسين
مجهول وحديثه: "يؤمكم قراؤكم " منكر، وأنه مما تفرد به
الحسين عن الحكم فيما ذكره الدارقطني معترضًا، وأمّا قول
أبي أحمد في الكامل: لعلّ البلاء فيه من الحكم لأنه ضعيف،
وليس من الحسين الحنفي، ففيه نظرة لأنّ الحكم لا
يقاس/بالحسين، فالبحتري ألا يفضل عليه. لأنه ممن قال فيه
أبو حاتم: ليس بالقوي، يروى عن الحكم أحاديث منكرة، وقال
أبو زرعة: منكر الحديث، وقال ابن عدي نفسه. له حديث
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في "الصلاة" (ح/14) والبيهقي (1/433)
وابن حبان (293) وابن أبي شيبة (1/225) وعبد الرزاق (1861)
والمجمع (9،327،1/300/326) ومشكل (1/81) والمنثور (5/364)
ومطالب (234) والمشكاة (654) والكنز (20895) والقرطبي
(6/231) والأذكار (35) وابن عساكر في "التاريخ" (313، 10،
29) .
(2) ضعيف. رواه أبو داود في "الصلاة" باب "6" وابن ماجه
(ح/726) والبيهقي (1/426) والطبراني (1/2370) والمشكاة
(1119) وشرح السنة (3/399) والكنز (20969) وابن عدي في
الكامل، (2/766) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/154) وضعيف أبي
داود (ح/91) .
(1/1165)
قليل، وعامة حديثه غرائب، وفي بعض حديثه
مناكير، وأمّا الحكم فإن ابن عيينة قال: سألت يوسف بن
يعقوب: كيف كان الحكم بن أبان؟ فقال: ذاك سيد، وقال ابن
معين: هو ثقة، وقال أبو زرعة: صالح الحديث وقال العجلي:
ثقة صاحب سنة، كان إذا اهدأت العيون وقف في البحر إلى
ركبتيه يذكر الله تعالى حتى يصبح، قال: فذكر مع حيتان
البحر ودوابه وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال: رّبما
أخطأ، وإنما وقعت المناكير في رواية من رواية ابنه إبراهيم
بن الحكم عنه، وإبراهيم ضعيف، وقال ابن عيينة: أتيت عدن
فقلت: إمَّا أن يكون القوم علماء كلّهم، وإمَّا أن يكون
كلّهم جهّالا، فلم أر مثل الحكم بن أبان، فقد ظهر لك الفرق
ما بين الرجلين من غير تعصّب، وأنّ الحكم ابن أبان، خير من
حسين بزيادة، ورواه ابن عدي بلفظ: قال عليه السلام: "لا
يؤذن غلام حتى يحتلم، وليؤذن لكم خياركم " (1) من حديث
إبراهيم بن أبي يحيى عن داود عن عكرمة. حدثنا أبو كريب ثنا
مختار بن غسان ثنا حفص بن عمرو الأزرق البرجمي عن جابر بن
عكرمة، وثنا روح بن الفرح ثنا علي بن الحسن بن شقيق ثنا
أبو حمزة عن جابر عن عكرمة عن ابن
عباس، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " من أذّن
محتسبا سبع سنين كتب له براءة من النار" (2) هذا حديث قال
فيه أبو علي الطوسي في كتاب الأحكام: غريب. انتهى. وإسناده
ضعيف لمكان جابر الجعفي المذكور قبل، ورواه أبو ثميلة عن
أبي حمزة/فأبدل عكرمة بمجاهد، فيما ذكره أبو عيسى، وقال:
هو غريب، وضعفه بجابر أيضَا. حدّثنا محمد بن يحيى والحسن
بن علي الخلال قالا: ثنا عبد الله بن صالح نا يحي بن أيوب
عن ابن جرير عن نافع عن ابن عمر أنّ رسول الله علي قال: "
من أذّن ثنتا عشرة
__________
(1) ضعيف. رواه ابن عدي في "الكامل": (1/225) .
(2) إسناده ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/727) . والترغيب
(1/183) والقرطبي (6/231) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/155) والضعيفة
(ح/850) .
(1/1166)
سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه كلّ
يوم ستون حسنة، وبكل إقامة ثلاثون حسنة" هذا حديث خرجه
الحاكم (1) من حديث عبد الله بن صالح، وقال: هذا صحيح على
شوط البخاري، وله شاهد من حديث عبد الله بن لهيعة، وقد
استشهد به مسلم. ثناه محمد بن صالح بن هانىء ثنا محمد بن
إسماعيل بن مهران ثنا أبو الطاهر وأبو الربيع ثنا ابن وهب
أخبرني ابن لهيعة عن عبيد الله ابن أبي جعفر عن نافع به،
وعليه فيه مأخذان الأوّل: أبو صالح عبد الله بن صالح، ليس
من شرط البخاري في الأصول، إنّما روى عنه في الشواهد
والمتابعات، قال عقب حديث في الزكاة: وزاد عبد الله: حدثني
الليث. قاله مخير واحد منهم ابن سرور، وكذا يحيى بن أيوب
فيما ذكره الكلاباذي، ومن عادة الحاكم إذا كان الرجل
عندهما بهذه المتابعة عليه يسوغ لنفسه مقصد، ويتأتى له فيه
ما اعتمده، وههنا أغفله، فطولت ما أهمله الثاني: ألا يخدش
في صحَّته مطلقا انقطاعه، ورواه ابن المتوكل عن ابن جريج
عمن حدّثه عن نافع، قال البخاري فيما ذكره البيهقي: وهذا
أشبه، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه لابن
صالح عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر،
وقال ابن عدي: لا أعلم أحدا رواه عن ابن/جريج غير يحيى،
ولا عنه إّلا أبو صالح، ورواه حمزة الخرزي- وهو كذاب- عن
نافع عن ابن عمر بلفظ: " من أذّن سبع سنين احتسابا كتب له
براءة من النار" (2) ولما سأل ابن أبي حاتم عنه أباه قال:
هذا حديث منكر
__________
(1) صحيح. رواه الحاكم (1/205) . وقال: صحيح على شرط مسلم.
وابن ماجه (1/728) والبيهقي (1/433) وتلخيص (8/201) وا
الدارقطني (1/240) والمشكاة (678) والإتحاف (13/73)
والترغيب (1/182) وشرح السنة (2/282) والقرطبي (6/231)
والكنز (20905) والبخاري فيه "الكبير" (8/306) .
وصححه الشيخ الألباني والصحيحة: ح/425) .
(2) منكر. العلل المتناهية:. (1/398) .
(1/1167)
جدًا، وذكره أبو الفرح من طريق محمد بن
الفضل، وردّه بأنه اختلط، ورواه قيس بن الربيع عند
الطبراني في الأوسط: بلفظ آخر عن سالم الأفطس عن سعيد بن
جبير عنه يرفعه: "المؤذن المحتسب كالشهيد كالمتشحط في دمه،
يتمنى على الله ما يشتهى بين الأذان والإِقامة" (1) ،
وقال: لم يروه عن سالم إلا قيس. تفرد به إبراهيم بن رستم،
وفي كتاب أبي الشيخ زيادة من حديث قيس عن سالم الأفطس عن
مجاهد عنه مرفوعًا: "إذا مات لم يدوّد في قبره"، قال ابن
الجوزي: وروى عن ابن عمر مرفوعا ومرسلا، ولا يصح مسندًا،
وفي كتاب ابن زنجويه عن أبي معشر قال: بلغني أنه: "من أذّن
سبع سنين عتق من النار" (2) وفي الباب غير ما حديث، من
ذلك: حديث أبي هريرة: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم-: "من أذن خمس صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم
من ذنبه " (3) أنبأ به المسند المعمر بقية المشايخ أبو
زكريا يحيى بن يوسف المقدسي- رحمه الله تعالى- عن العلامة
بهاء الدين الشّافعي عن الحافظ أبي طاهر- رحمهما الله
تعالى- قال أنبأ أبو رجاء بندار عن محمد بن أحمد بن جعفر
الحلقاني قراءة عليه بأصبهان من أصل سماعه أنبأ أبو القاسم
عبد الرحمن بن أبي بكر محمد بن أبي علي الهمداني قراءة
عليه أنبأ أبو محمد عبد الله بن جعفر الأصبهاني الحافظ ثنا
عبد الله بن مسند، وثنا إسماعيل/ابن يزيد لنا إبراهيم بن
رستم ثنا حماد بن
__________
(1) ضعيف. الترغيب (1/181) والطبراني في "الأوسط" (2/25)
مجمع البحرين في زوائد المعجمين عن إبراهيم بن رستم عن قيس
بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عمر
مرفوعا، ومن هذا الوجه رواه أبو بكر المطرز في الأمالي
القديمة. (1/1/172) ورواه أبو نعيم في لأخبار أصفهان
(2/113) 1. وضعفه الشيخ الألباني. والضعيفة: (ح/852، 853)
.
(2) انظر: الضعيفة: (2/243) .
(3) ضعيف. رواه البيهقي (1/433) والكنز (20906) والخطيب
(6/73) ورزق الله التميمي الحنبلي في جزء من "أحاديثه"
(1/2) والأصبهاني فيه الترغيب (1/40) الجملة الأولى فقط.
وضعفه الشيخ الألباني: الضعيفة (خ/851) .
(1/1168)
سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه،
وقال البيهقي في الكبير لا أعرفه إلا من حديث ابن رستم عن
حماد، وفي الفضائل لابن شاهين عنه مرفوعا من حديث موسى
الطويل: "من أذّن سُنَّة نبيه صادقة ما يطلب أجرًا دعى يوم
القيامة فيوقف على باب الجنة، وقيل له: اشفع لمن شئت" (1)
زاد الحافظ أبو أحمد حميد بن مخلد بن زنجويه في كتاب فضائل
الأعمال من حديث سلام بن سلم ثنا سليمان بن عامر عن أبي
معاذ عن أبي عثمان عنه: "وكتب له عند أذانه أربعون ومائة
حسنة، وعند الإِقامة عشرون ومائة حسنة " وعن محمد بن
الحنفية: "المؤذن المحتسب كشاهر سيفه في سبيل الله تعالى "
وعن الحسن: "أول من يكسا من كسوة الجنة: المؤذنون
المحتسبون" (2) ولفظ عبد الله بن سعيد عنه عند أبي الشيخ:
"للإمام والمؤذِّن مثل أجر من صلى معهما"، وحديث بن عباس
موقوفا: (من أذن تسع سنين غفر له ما تقدم من ذنبه) (3) قال
الدارقطني في الإِفراد: غريب من حديث الشعبي عنه، ما كتبه
إّلا عن يعقوب بن عبد الرحمن عن روح الفرح البزار عن علي
بن الحسن بن شقيق عن أبي حمزة عن جابر عنه، والمحفوظ: عن
جابر عن مجاهد عن ابن عباس، وقيل: عن جابر عن عكرمة عن ابن
عباس، وخرجه الطبراني في الكبير من حديث أبي حمزة عن جابر
بلفظ: "سبع سنين " (4)
__________
(1) موضوع. رواه ابن شاهين فيه رباعيته (1/176) وتمام
(11/47) وابن عساكر (2/2/5) عن محمد بن مسلمه الواسطي.
وتنزيه الشريعة (1/256) .
قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، فيه موسى الطويل كذاب، قال
ابن حبان: زعم أنه رأي أنساً وروى عنه أشياء موضوعة، ومحمد
بن مسلمة غاية في الكذب. وضعفه الشيخ الألباني. (ح/848) .
(2) بنحوه. رواه ابن عساكر في وتاريخه،: (3/312) ولفظه:
"أوّل من يكسى من المؤذنين بلال".
(3) انظر: كلام المصنف عقبه.
(4) تقدم، وهو ضعيف جدا. رواه الترمذي (1/267، 206) وابن
ماجه (ح/727) والطبراني
(1/1169)
وقال ابن أبى مسلم: بلغني أن المؤذن من حين
أذانه إلى إقامته كالشهيد المتشحّط في دمه وحديث كثير بن
مرّة الحضرمي، وهو مذكور في كتاب الصحابة لأبي موسى
المديني قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يبعث هذا/يعني
بلالا- يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة، ينادى على
ظهرها بالأذان محضًا- أو قال حقًا- فإذا سمعت الأنبياء،
عليهم السلام وأهمهم: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن
محمدًا رسول الله} نظروا كلهم إلى بلال، قالوا: ونحن نشهد
على ذلك قبل ذلك ممن قيل منه قبل ذلك، وردّ من ردّ، فإذا
بلال في الجنة استقبل بحلة فلبسها، وأوَّل من يكسا من مطل
الجنة بعد النبيين والشهداء بلال، وصالح المؤذنين "، وحديث
ثوبان: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " من
حافظ على النداء بالأذان سنة أوجب الجنة" (1) ذكره أبو بكر
البيهقي في الشعب من حديث أبي معاوية عن أبي قيس السكري
الدمشقي عن عبادة بن نسى عن أبي مريم السلواني عنه، وحديث
بلال: قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول:
"يا بلال ليس عمل أفضل من عملك إّلا الجهاد" رواه أيضا من
حديث الحفص- رجل من الأنصار- عن أبيه عن جدّه عنه، وحديث
أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا سمعنا رسول الله صلي الله
عليه وسلم يقول: " ثلاثة يوم القيامة على كثيب من
__________
= (9/13، 2) وابن السماك في " التاسع من الفوائد" (1/3)
وابن بشران فيه الأمالي الفوائد، (1،2/125) والخطيب في "
تلي يده" (1/247) من طريقين عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس
مرفوعا، وقال الترمذي: حديث غريب،- يعني ضعيف- وقال
العقيلي في الضعفاء،: نص 155) : وفي إسناده لين،. وقال
البغوي في وشرح السنة، (1/58/ان: إسناده ضعيف. وأشار
المنذري في " الترغيب، (1/111) لتضعيفه.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/155) .
(1) موضوع. رواه الخطيب في " الموضحة (2/186) وابن عدي فيه
الكامل، ترجمة: محمد بن سعيد بن أي قيس المصلوب) ق 1/291)
بسنده عنه عن عبادة بن نسجي به، وقال: عامة ما يرويه لا
يتابع عليه،. وابن عساكر في تاريخه، (1/15/286) عن أبي
مريم. وقال الشيخ الألباني. وموضوع،. ضعيف الجامع (ح/849)
.
(1/1170)
مسك أسود، لا يهولهم فزع ولا ينالهم حيك،
حتى يفرغ فيما بين الناس" (1) فذكره قال: " ورجل أذّن ودعا
إلى الله- عز وجل- ابتغاء وجه الله تعالى لما. ذكره الحافظ
أبو القاسم إسماعيل بن محمد الجوزي في كتاب الترغيب
والترهيب من طريق أبي عمر زاذان الكندي عنهما، وذكره
البيهقي في الشعب من حديث عبد الواحد بن غياث نا الفضل بن
ميمون السلمي نا منصور بن زاذان أنه سمعهما في كتاب ابن
زنجويه نا محمد بن عبيد نا إسماعيل عن الصيرفي قال:" ثلاثة
على كثبان المسك/رجل قرأ كتاب الله فأم قومَا وهم به
راضون، ورجل دعا إلى هذه الصلوات الخمس في الليل والنهار
لا يريد بها إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة" الحديث،
وفي حدثنا عمر عند الترمذي (2) مرفوعَا: "ثلاثة على كثبان
المسك يوم القيامة" الحديث وحديث أنس بن مالك قال رسول
الله صلي الله عليه وسلم: "يد الله- تبارك وتعالى- على رأس
المؤذن حتى يفرغ من أذانه، وأنه ليغفر له مد صوته وأين
بلغ" ذكره أبو أحمد بن عدي من حديث عمر بن حفص العبدي وهو
متروك الحديث عن ثابت عنه، ورواه أبو الشيخ من حديث العمى
بزيادة: (فإذا فرغ قال الرب تعالى صدقت عبدي وشهدت شهادة
الحق فأبشر) ولفظ أبي الفرح في علله: "يحشر المؤذنون على
نوق من نوق الجنة، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا
يحزنون" (3) وردّه بداود بن الزبرقان،
__________
(1) إتحاف (4/465) والكنز (43309) .
(2) حسن. رواه الترمذي (ح/2566) . وقال: هذا حديث حسن
غريب، لا نعرفه ألا من حديث سفيان الثوري. وأحمد (2/26)
إتحاف (3/5) والحلية (3/318) والمنثور (4/340) والكنز
(43240، 43241) والترغيب (1/179، 3/26، 376، 377، 695) .
(3) موضوع. رواه الخطيب (38113) وعنه ابن عساكر
(3/232/1-2) عن موسى بن إبراهيم المروزي: حدثنا داود بن
الزبرقان عن محمد بن جحادة عن أنس مرفوعاً وآفته: إما
داود، وأما موسى المروزي، وكلاهما كذاب، والكذب في الثاني
أكثر. قال الشيخ الألباني: موضوع. الضعيفة (ح/774) .
(1/1171)
وموسى بن إبراهيم المروزي، وحديث عمر أنَ
النبي صلي الله عليه وسلم قال: (أنها لحوم محرمة على
النار- لحوم المؤذنين ودماؤهم- وما من رجل يؤذن تسع سنين
يصدق في ذلك نيتهُ إَلا عتق من النّار " (1) ذكره أبو
الشيخ من طريق هارون بن المغيرة عن الرصافي عن زياد بن
كليب عنه، وفي كتاب البيهقي بسند صحيح عن عمر: "لو كنت
أطيق الأذان مع الخليعي لأذّنت" (2) وفي لفظ: "قدمنا على
عمر فقال: من مؤذنوكم؟ فقلنا: عبيدنا وموالينا، فقال بيده:
هكذا يقلبها: عبيدنا وموالينا إن ذلكم بكم لنقص شديد"، وفي
كتاب الفضل بن دكن ثنا إسرائيل عن أبي سنان عن عبد الله بن
أبي الهذيل عنه: "لولا أنَى أخاف أن تكون سنة/ما تركت
الأذان"، وفي كتاب ابن زنجويه ثنا يعلى بن عبيد ثنا عبد
الله بن الوليد الرصافي عن أبي معشر قال: إنّ عمر بن
الخطاب قال: "لو كنت مؤذّنًا ما باليت أن لا أحج ولا أعتمر
إلا حجة الإِسلام، ولو كانت الملائكة نزولا ما غلبهم أحد
على الأذان" (3) ، وفي حدثنا الرصافي عند أبي الشيخ: "ما
باليت إلا النصب لقام نهار وليل أمري، وسمعت النبي- عليه
السلام- يقول: فاللهم اغفر للمؤذنين، فقلت: تركتنا يا رسول
الله ونحن نحتال على الأذان بالسيوف، قال: مهلا يا عمر،
أنه يأتي على الناس زمان يتركون الأذان على ضعفائهم" (4)
الحديث. قال: وقالت عائشة: ولهم هذه الآية: "ومن أحسن قولا
ومنْ دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين")
(الآية قالت: فهو المؤذن، إذا قال: حي
__________
(1) الكنز (13262) وابن عدي في " الكامل، (5/1884) .
(2) قوله: " وفي، سقط من " الأصل، وكذا أثبتناه.
(3) قلت: وهذا حديث ضعيف، وعفته أبي معشر. انظر: المغنى في
الضعفاء: (2/809) . (4) الكنز (23158، 23165) لاتحاد
(3/174) والخفاء (1/212، 2/130) والجوامع (9885)
(5) صورة فصلت آية: 33
(1/1172)
على الصلاة فقد دعا إلى الله تعالى، فإذا
صلى قد عمل صالحاً، وإذا قال: "أشهد أن لا إله إلا الله
فهو من المسلمين " وفي كتاب أبي نعيم: ثنا الرصافي ثنا
محمد بن نافع قالت عائشة: "نزلت هذه الآية في المؤذنين"
(1) وحديث أبي موسى، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
"يبعث الله الأيام على هيئتها ويبعث يوم الجمعة زاهرا
منارا، وأهل الجنة محفوفون بها كالعروس تهدى إلى بيت
زوجها، تضيء لهم، يمشون في ضوئها أنوارهم كالثلج، ورائحتهم
تسطع كالمسك، يخوضون في الكافور، لا يخالطهم إّلا المؤذنون
المحتسبون" (2) ذكره ابن حبان في كتاب الأذان من حديث
الهيثم بن حميد عن حفص بن غيلان عن طاوس عنه، وخرجه القاضي
الشريف أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي
العيسوي من ولد عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس في فوائده
بسند صحيح، وحديث جابر بن عبد الله/قيل: يا رسول الله: من
أوَّل الناس في دخولا الجنة؟ قال: " الأنبياء، ثم الشهداء،
ثم مؤذنوا الكعبة، ثم مؤذنوا بيت المقدس، ثم مؤذنوا مسجدي
هذا، ثم سائر المؤذنين على قدر أعمالهم" (3) رواه أبو
الشيخ من حديث الحسن الحلواني ثنا عبد الصمد نا عبد الله
بن ذكوان عن ابن المنكدر عنه، ولفظ خلف بن الوليد: عن
سلام، وحديث أبى بن كعب: قال رسول الله- صلى الله عليه
وآله وسلم-: " دخلت الجنة فرأيت فيها جنانا من لؤلؤ
رائحتها المسك، قلت: لمن هذا يا جبريل؟ قال: للمؤذنين،
والأئمة من أمتك يا محمد" (4) ، رواه أيضا من
__________
(1) المسير: (7/256) .
(2) إسناده صحيح. الكنز: (20939) . وذكره ابن حبان في كتاب
الأذان من حديث الهيثم بن حميد عن حفص بن غيلان عن طاوس.
(3) موضوع. الكنز (23178) والميزان (8032) والمجروحين
(2/257) ولسان الميزان (5/1102) ترجمة: محمد بن عيسى بن
كيسان الهلالي العبدي. قال البخاري والفلاس: منكر الحديث.
وقال أبو زرعة: لا ينبغي أن يحدث عنه، وقال ابن حبان: يأتي
عن ابن المنكدر بحقائب.
(4) منكر. رواه ابن عدى في " الكامل،: (6/2275) .
(1/1173)
حديث محمد بن إبراهيم الشامي وهو متهم
بالوضع. قاله ابن حبان، قال البيهقي في الشعب وذكره: وهو
منكر الحديث، ورواه أيضًا من حديث إسحاق بن عمر بن سليط عن
محمد بن عيسى الفرى ثنا محمد بن العلاء الأبلي عن يونس بن
يزيد عن الزهري عن أنس عنه، وقال الرازي في علله: هذا حديث
منكر طويل، وهو متهم بالكذب عن عباد بن كثير عن أبتِ
الزبير عنه مرفوعًا: "إن المؤذن والملبين يخرجون من قبورهم
يوم القيامة، يلبى الملبي ويؤذن المؤذن، ويغفر للمؤذن مد
صوته، ويشهد له كل شيء سمع صوته من شجرة أو مدرة أو رطب أو
يابس ويكتب للمؤذِّن بكل إنسان صلى معه في ذلك المجلس مثل
حسناتهم، ولا ينقص من حسناتهم شيء، ويعطيه الله ما بين
الأذان والإِقامة كل شيء يسأل ربه إما أن يعجل له في دنياه
أو يصرف عنه السوء أو يؤجل في الآخرة وهو ما بين الأذان
والإِقامة كالمتشحط في دمه في سبيل الله عزّ وجل، ويكتب له
بكلّ يوم يؤذنون فيه مثل أجر خمسين ومائة/شهيد" (1) الحديث
بطوله، قال ابن الجوزي: العمل فيه على محمد بن عيسى العبدي
المنفرد به عن ابن المنكدر. انتهى كلامه، وفيه نظر لما
أسلفناه من عدم تفرّده به، وفي كتاب الطبراني الأوسط: "إن
المؤذن والملبين يخرجون من قبورهم، يلبى الملبي ويؤذن
المؤذن " (2) وقال: لم يروه عن أبي الزبير إلا أبو بكر
الهذلي، ولا عن أبي بكر إلا أبو الوليد الضبي العباس بن
بكار، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد، وحديث البراء
بن عازب: أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال:
"المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة" (3) ، ورواه
__________
(1) رواه ابن الجوزي في: "الموضوعات" (2/88) .
وقال ابن الجوزي: وموضوع،. وفي هذا الحديث عبَاد بن كثير،
كان شعبة يقول: احذروا حديثه. وقال أحمد بن حنبل: روى
أحاديث كذب لم يسمعها، تركوه.
(2) الترغيب (1/178) وأسرار (330) وتنزيه (2/77) واللآلىء
(2/7) والجوامع (5827) والمجمع (1/327) وعزاه إلى الطبراني
فيه الأوسط،، وفيه مجاهيل لم أجد من ذكرهم. (3) صحيح. رواه
مسلم في "الصلاة" (ح/14) وابن ماجه (725) والبيهقي (1/433)
-
(1/1174)
أيضا من حديث يزيد بن هارون عن أبي أمية
شيخ من أهل البصرة ثنا القاسم بن عوف الشيباني عنه، وخرجه
النسائي (1) من حديث أبي إسحاق عنه بلفظ: " الملائكة يصلون
على الصف المقدّم، والمؤذن يغفر له مد صوته ويصدقه من سمعه
من رطب ويابس، له مثل أجر من صلى معه"، وفي مسند السراج:
"من صلى خلفه" وحديث أبي هريرة: قال رسول الله- صلى الله
عليه وآله وسلم-: "يحشر المؤذنون أطول أعناقًا لقولهم: لا
اله الا الله" (2) رواه السراج من حديث عمر بن عمر بن عبد
الرحمن ابن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال ثنا
محمد بن عمار المؤذن عنه، وفي حديث صالح بن سيار عند أبي
الشيخ عن مسلم بن إبراهيم نا فرقد بن الحجاج القرشي ثنا
عقبة عنه يحيى: " المؤذنون أطول الناس أعناقا، يعرفون بطول
أعناقهم يوم القيامة" (3) وخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث
منصور عن عباد بن محمد بن أنيس عنه مرفوعا: " المؤذِّنون
أطول الناس أعناقا يوم القيامة" (4) . ثم قال: العرب/تصف
بأذل الشيء الكبير بطول اليد، وسائل الشيء الكبير يطول
بطول النطق كما قال عليه السلام: "أسرعكنّ لحوقا بي أطولكن
يدا" (5) وكانت سودة أول نسائه لحقت به وكانت أكثرهن صدقة،
__________
- وابن حبان (293) وابن أبي شيبة (1/225) وعبد الرزاق
(1861) والمجمع (327،1/326، 9/300) ومشكل (1/81) وا لمنثور
(5/364) ومطالب (234) والمشكاة (654) والكنز (20895)
والقرطبي (6/231) وأذكار (35) وابن عساكر في "التاريخ"
(3/313، 10/329) .
(1) صحيح. رواه النسائي) الإِمامة، باب (25) والأذان، باب
" (14) والدارمي في والصلاة، باب (193) واحمد (4/269، 284)
وعبد الرزاق (2450) والجوي مع (03،515091) وابن عدي في
(الكامل) (6/2426) والكنز (20550، 20639) .
(2) الكنز (20940) وابن عساكر في والتاريخ " (10/330)
واللآلىء (2/238) .
(3) بنحوه. رواه أحمد: (3/169، 264) .
(4) صحيح. رواه ابن حبان: (3/89، 90) .
(5) صحيح. رواه مسلم في والفضائل، (ح/101) والحاكم (4/25)
والمجمع (8/289، 9/248) ومشكل (1/82) والكنز (15952)
الإتحاف (7/185، 18/47) والنبوة (6/374) .
(1/1175)
وفي قوله: أطول، أي: من أطول الناس. انتهى
كلامه، وفيه نظرة لأن الذي في الصحيح أنها زينب بنت جحش،
وقد قال هو في كتاب الصحابة أن سودة توفّيت سنة خمس
وخمسين، وأن زينب توفيت سنة عشرين بالمدينة، هذا تناقض
ظاهر- والله تعالى أعلم-، ويحتمل أن يكون هذا تصحف على
الكاتب، وقد استظهرت نتيجة أخرى، ويؤيّده ما ذكره الحافظ
النيسابوري في كتاب شرف المصطفي الكبير من أنّ سودة هي
صاحبة القصة أيضًا- والله تعالى أعلم-، وحديث عقبة بن عامر
يرفعه: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة" (1)
رواه أبو القاسم في الكبير من حديث ابن لهيعة عن ابن أبي
حبيب عن أبي الخير عنه، وحديث زيد بن أرقم يرفعه: "نعم
المرء بلال سيد المؤذنين يوم القيامة، والمؤذنون أطول
الناس أعناقًا يوم القيامة" (2) رواه أبو القاسم الطبراني
في الأوسط من حديث قتادة عن القاسم بن عوف الشيباني عنه،
وقال: لم يروه عن قتادة إلا حسام بن مصك، وفي كتاب ابن
زنجويه من حديث عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه، قال رسول
الله صلي الله عليه وسلم: (أطول الناس أعناقا يوم القيامة
المؤذنون ولا يدودون في قبورهم) (3) . وحديث بلال أنه قال:
يا رسول الله الناس يتجرون ويبتاعون معايشه ويمكثون في
بيوتهم، ولا أستطيع أن أفعل ذلك فقال: " ألا ترضى يا
بلال/أن المؤذن أطول الناس أعناقاً" (4) ورواه البيهقي في
الشعب من حديث محمد بن الوليد بن
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد" (1/326) وعزاه
إلى الطبراني في " الكبير، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف.
(2) ضعيف. رواه الحاكم (3/285) والحلية (11/47) وابن عدي
في " الكامل} (0/842) وابن عساكر في " التاريخ، (3/313،
1/3290) والطبراني في (الكبير، (5/238) والمجمع (1/326)
وفيه حسام بن مصك وهو ضعيف.
(3) رواه أحمد (3/169، 264) وعبد الرزاق (1862) والمجمع
(1/326) والخلفاء (1/26) والكنز (25894) .
(4) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (1/326) وعزاه
إلى الطبراني في " الكبير" =
(1/1176)
عامر ثنا أبو عمر أن محمد بن أبي سفيان
الثقفي أنّ قبيصة بن ذؤيب حدثه عن بلال، وحديث ابن الزبير
قال: وددت أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال:)
أعطانا الله فقلت: لم ذلك؟ قال: أنهم أطول أهل الجنة
أعناقا يوم القيامة " قال في الأوسط (1) : لم يروه عن هشام
عن أبيه إلا عبد الله بن محمد بن يحيى. تفرد به إبراهيم بن
المنذر، ولا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإِسناد، وحديث
أنس بن مالك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لو أقسمت
لبررت، إن أحبّ عباد الله إلى الله لرعاة الشمس والقمر،
يعني المؤذنين، لأنهم ليعرفون يوم القيامة بأعناقهم" رواه
أبو القاسم في الأوسط (2) عن عبيد الله بن عبد الله بن جحش
ثنا جنادة بن مروان الأزدي الحمصي ثنا الحارث بن النعمان
عنه، وحديث عطاء بن عبد الله قال عليه السلام: "المؤذن
فيما بين أذانه وإقامته كالمتشحط في دمه في سبيل الله عز
وجل" (3) ذكره أبو موسى في كتاب الصحابة من حديث أبي كامل
عن أيوب بن واقد ثنا عبد الله بن عطاء عن أبيه، فذكر حديث
أبي الوقاص صاحب رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه
قال: "شهادة المؤذنين عند الله عز وجل يوم القيامة كسهام
المجاهدين، وهم فيما بين الأذان والإقامة كالمتشحط في دمه
في سبيل الله تعالى " (4) الحديث، رواه أيضا من حديث عتاب
بن عبد الحميد عن مطر عن
__________
= "والبزار"، بنحوه، ورجاله موثقون.
(1) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد، (1/326)
وعزاه إلى الطبراني في الكبير، والأوسط، وفيه عبد الله بن
محمد بن يحي بن عروقه وهو متروك الحديث. (2) ضعيفة جدًا.
أورده الهيثمي في "بمجمع الزوائد" (1/326) وعزاه إلى
الطبراني في " الأوسطي وفيه جنادة بن مروان، قال الذهبي:
اتهمه أبو حاتم.
(3) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (1/327) من
حديث ابن عمر، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط، وفيه إبراهيم
بن رستم، ضعفه ابن عدي، وقال أبو حاتم ليس بذاك ومحلّه
الصدق ووثقه ابن معين.
(4) لم أقف عليه.
(1/1177)
الحسن عنه، وحديث الضحاك بن مزاحم عن
الحارث عن علي قال: " ندمت أن لا أكون طلبت إلى النبي- صلى
الله عليه وآله وسلم- فيجعل الحسن والحسن مؤذن " (1) قال
الطبراني لم يروه عنه إّلا عامر بن إبراهيم، وعن أبي هريرة
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لو يعلم الناس ما
في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إّلا أن يستهموا عليه
لاستهموا " خرجاه في الصحيح (2) ، وعن عقبة بن عامر سمعت
رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: " يعجب ربك من
راعى غنم في رأس شظية بجبل، يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول
الله- عز وجلّ-: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة،
يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة " خرجه أبو داود
(3) بسند صحيح عن هارون بن معروف عن ابن وهب عن عمرو بن
الحارث أن أبا عشانة حي بن يونس حدّثه عن عقبة به، وعن ابن
أبي أوفي قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إن خيار
عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر وإلا ظّلة لذكر الله
عز وجل " (4)
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (1/326) وعزاه
إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه الحارث، وهو ضعيف.
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (59/671،3/2381،1)
ومسلم في (الصلاة، باب " 28، رقم (129) وأحمد
(303،278،2/236) والنسائي (1/269، 2/23) والبيهقي (1/248،
1/2880) وابن خزيمة (1554) وعبد الرزاق (2007) وإتحاف
(263،3/257) والمشكاة (628) وأبو عوانة (1/333، 2/37)
وتلخيص (9/201) وشرح السنة (2/230) والترغيب (1/174)
وتجريد (165) ومشكل (1/438) وا لقرطبي (4/87، 5/224،
10/20، 20 يهـ 13) والأذكار (35) والخطيب (4/425) والكلم
(66) والموطأ (68، 131) .
غريبة: قوله: " يستهموا عليه "، الاستهام هو الاقتراع،
ومعناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظم جزائه، ثم
لم يجدوا طريقَا يحصلونه به، لضيق الوقت، عن أذان بعد
أذان، أو كونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد، لاقترعوا في
تحصيله. ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة، نحو ما
سبق، وجاءوا أبيه دفعة واحدة، وضاق عنهم، ثم لم يسمح بعضهم
لبعض به، لاقترعوا عليه.
(3) صحيح. رواه أبو داود (ح/1203) وأحمد (157،4/145)
والطبراني (17/310) والبيهقي (1/405) والترغيب (1/182)
والمشكاة (665) والنسائي (2/20) .
وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/230) .
(4) ضعيف رواه البيهقي (1/379) والحاكم (1/51) وتلخيص
(8/201) -
(1/1178)
ذكره ابن شاهين من حديث إبراهيم السكسكي
عنه، وقال: هو حديث غريب صحيح، وعن سلمان: قال رسول الله-
صلى الله عليه وآله وسلم-: لا إذا كان الرجل بأرض فيء
فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماءً فليتيمم، فإن أقام
صلى معه ملكاه، وإن أذّن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما
لا يرى طرفاه " (1) ذكره عبد الرزاق ابن همام في كتاب
الصلاة عن ابن التيمي عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عنه،
وذكره في الشعب من حديث عبد الوهاب بن عطاء وثنا سليمان
التيمي به وعن أبي برزة الأسلمي قال: سمعت رسول الله- صلى
الله عليه وآله وسلم- يقول: " ما من عبد أذّن في أرض في
قفر فلا تبقى شجرة ولا مدرة ولا تراب ولا شيء إلا استخلا
البكاء لقلة ذاكري الله في/ذلك المكان " (2) ذكره الإِمام
أبو بشر إسماعيل بن عبد الله سموية الأصبهاني في فوائده،
وعن ابن عمر قال عليه السلام: " تفتح أبواب السماء الخمس
للأذان وقراءة القرآن الحديث ذكره في " الأوسط " (3) وقال
أبو بردة عن عبد العزيز بن رفيع الأحفص ثني سليمان نرد به
عمر بن عون، وعن أنس: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم-: " إذا أذّن في قرية أمّنّها الله تعالى من عذابه
ذلك اليوم (4) أنبأ به المسند المعمر تقى الدين محمد بن
عبد الحميد قراءه عليه وأنا ًلا أسمع أنبأ إسماعيل بن عبد
الله بن أبي الغراء أنبأ فاطمة بنت سعد الخير أنبأ فاطمة
الجوزدانية أنبأ ابن زيد أنبأ أبو
__________
والمنثور (3/34) والكنز (1899، 25902) والخفاء (1/461)
والمجمع (1/327) وعزاه
إلى الطبراني في" الكبير" البزار، ورجاله موثقون لكنه
معلول.
(1) رواه الطبراني (6/305) والترغيب (1/183، 266) والكنز
(20931) وتلخيص (1/194) . (2) الموضح (1/121) والكنز
(20929) والحلية (3/133) .
(3) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/329)
وعزاه إلى الطبراني في " الأًوسط "، وفيه طلحة بن زيد،
ونسب إلى الوضع.
(4) ضعيف. أورده الهيثمي في بمجمع الزوائد، (1/328) وعزاه
إلى الطبراني في (الثلاثة،، وفيه عبد الرحمن بن سعد بن
عمار، ضعفه ابن معين.
(1/1179)
القاسم ثنا صالح بن سعد أبو شعيب الزاهد
ثنا بكر بن محمد القرشي ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن
سعد المؤذن عن صفوان بن سليم عنه، قال في الأوسط: لم يروه
عن صفوان إلا عبد الرحمن بن سعد. تفرد به بكر، ورواه معن
من حديث ثابت عنه بلفظ: " يد الله فوق رأس المؤذن، وأنه
ليغفر له مد صوته أين بلغ " (1) وقال: لم يروه عن ثابت
إّلا عمر بن حفص، وعن أبي هريرة: أن رسول الله- صلى الله
عليه وآله وسلم- قال: " إذا نودي للصلاة
أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى
النداء أقبل، حتى إذا
ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضى التثويب أقبل، حتى يخطر بين
المرء ونفسه
يقول: أذكركه الماء لم يكن يذكر حتى يضلّ الرجّل لا يدر كم
صلى لما
خرجاه في الصحيح (2) ولفظ أبي القاسم في الأوسط:" إذا
تغوّلت لكم
الغول فنادوا بالأذان فأنه الشيطان" (3) الحديث، وقال لم
يروه عن سهيل إلا
عدي بن الفضل. تفرد به أبو عامر العقدي، وعن جابر قال:
سمعت النبي-
النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- يقول:" إنَّ الشيطان إذا
سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء، قال
سليمان: قلت عن الروحاء " فقالوا: هي
من المدينة ستة وثلاثون ميلَا. رواه مسلم (4) ، وعن زيد بن
خالد: قال رسول
__________
(1) موضوع. أورده ابن القيسراني في " الموضوعات "،:
(خ/1046،295) .
(2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (11/4/58،2/87،151)
ومسلم في (الصلاة، ح/
19، 20) والنسائي (3/31) وأحمد (2/460) وشرح السنة (2/273)
والموطأ (69) والمشكاة
(655) وحبيب (1/51) والبداية (1/63) .
(3) ضعيف جذا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (10/134)
من حديث سعد، وعزاه إلى " البزار "
ورجاله ثقات إلا أن الحسن البصري لم يسمع من سعد، ورواه
أحمد (3/382) والميزان (6404) وعبد
الرزاق (9352) وفي الميزان ترجمة: عمرو بن عبيد بن باب، ان
بو عثمان البصري المعتزلي القدري مع زُهده
وتألهه، تال ابن معين: لا يكتب حديثه، وقال النسائي: متروك
الحديث، وقال أيوب ويونس: يكذب،
وقال حميد: كان يكذب على الحسن، وقال ابن حبان: كان من أهل
الورع والعبادة إلى أن أحدث ما
أحدث، واعتزل مجلس الحسن هو وجماعة معه فسموا المعتزلة،
تال: وكان يشتم الصحابة، ويكذب في
الحديث وهما لا تعمدا، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف.
(4) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/15) .
(1/1180)
الله- صلى الله عليه وآله وسلم -: " لا
تسبوا الديك فأنه يدعو إلى الصلاة " (1) وفي رواية:" يؤذن
بالصلاة " رواه أبو داود (2) بسند صحيح عن قتيبة عن
الدراوردي عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن عتبة عنه، وعن
أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم- يقول: " ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا يقام فيهم
الصلاة ألا استحوذ عليهم الشيطان " رواه النسائي (3) بسند
صحيح عن سويد عن ابن المبارك عن زائدة عن السائب بن حبيش،
وهو ممن وثقة العجلي وغيره عن معدان بن أبي طلحة، وعن ابن
عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: " يغفر
للمؤذن مذ صوته، ويشهد له كل رطب ويابس يسمع صوته " رواه
أحمد (4) في مسنده، ورواه السراج بسند صحيح عن محمد بن
عقيل ثني حفص بن عبد الله نا ابن طهمان عن الأعمش عن مجاهد
موقوفا، وبهذا الإِسناد مرفوعا: " الإِمام ضامن والمؤذن
مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين " (5) وفي شحب
البيهقي من حديث سفيان عن أبي اليقطان عن زاذان عنه
مرفوعا:
__________
(1) صحيح رواه أحمد (15/93) والحميدي (814) والكنز (35287)
وابن حبان (1990) وابن عدي في (الكامل، (4/1646) .
(2) إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/5101) والترغيب (3/474)
والمشكاة (4136) والكنز (35271) وأذكار (324) وشرح السنة
(430) وأسرار (430) وفيه يوقظ مكان " يؤذن ".
(3) إسناده صحيح رواه النسائي (06/12) وأبو داود (547)
وشرح السنة (3/347) والمنثور (6/186) والترغيب (1/272)
والمشكاة (1067) وتمام لفظه: " ما من ثلاثة في قرية ولا
بدو لا تُقام فيهم الصلاة ألا قد استحوذ عليهم الشيطان،
فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية "
(4) صحيح. رواه أحمد (2/136، 461) والبيهقي في الشعب
(1864) والكنز (1864) وأصفهان (2/301) وابن عدي في "
الكامل " (2/791) .
(5) صحيح. رواه أبو داود (ح/517) والترمذي (ح/207) وصححه،
وابن ماجة (ح/981) وب-. (2/232، 284، 382، 419، 424، 461،
472) وشهاب (234) وعبد الرزاق (1838) وابن خزيمة (1528)
والطرافة (8/343) وشرح السنة (2/279) والمشكاة (663)
والخطيب (3/242، 4/من 6/67،9/33،111،64/301) وابن حبان
(363،362) ومشكل (56،53،3/52) =
(1/1181)
" ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر يوم
القيامة: إمام قوم يبتغى به رحمة الله تعالى،
وهم به راضون، ورجل أذن خمس ساعات يبتغى به رحمة الله
تعالى 000" (1) الحديث مرسل صفوان بن سليم أن رسول الله-
صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " خطمة من الأنصار بابن
خطمة، اجعلوا مؤذنكم/أفضل في أنفسكم " (2) رواه البيهقي في
الكبير من حديث فخر بن نصر عن ابن وهب أنبأ حيوة عن بكر بن
عمرو عنه، وعن معقل بن يسار أن النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم- قال: " إنَّ الله تعالى لا يأذن لشيء إذنه للأذان،
والصوت الحسن بالقرآن " (3) ذكره الخطيب في تاريخه، وردَه
بسلام الطويل وزيد العمى، وفي البيهقي من حديث أبي عبيد:
ثني هشيم ثنا ابن شبرمة قال: " تشاح النّاس في الأذان
بالقادسية، فاختصموا إلى سعد، فأقرع بينهما وفي كتاب
الطبراني " لما رجعوا من فتح القادسية، وقد جاءت الظهر
وأجيب المؤذن فتشاح النّاس في الأذان، حتى كادوا يتجلدون
بالسيوف " وعن عائشة في قوله تعالى: " ومن أحسن قولا ممن
دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} (4) قالت:
هم المؤذنون. ذكره الكجي في سننه من حديث النعمان بن عبد
السلام: أثنا عبيد الله بن الوضاح عن عبيد الله بن عبيد بن
عمير عنها، وعن جرير بن عبد الله، عن النبي- صلى الله عليه
وآله
__________
= والحلية (8/118) والترغيب (1/176) .
وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/231) .
(1) رواه الطبراني في " الصغير "، (4/122) والترغيب
(0/69581،777،376،3/26،1)
والكنز (43310) والحلية (9/320) وأصفهان (2/335) . وقد
رووا منه طرفا قوله:" ثلاثة
لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة ".
(2) لم نقف عليه.
(3) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " وعزاه
إلى الطبراني في
" الكبيرة 0 "، وفيه سلام الطويل، وهو متروك.
(4) سورة فصلت آية: 33.
(1/1182)
وسلم- سمع رجلا يقول: الله أكبر فقال: "
علي الفطرة " فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: " خرجت
من النار " وكان يغير عند صلاة الفجر فيستمع، فإن سمع
أذانًا وإّلا أغار " (1) ، رواه أيضا من حديث الحجاج عن
رجل عن زاذان عنه، ومن هذا الباب الدعاء بين الأذان
والإِقامة، روى أنس بن مالك أن النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم- قال:" الدعاء لا يرد بين الأذان والإِقامة " (2)
رواه أبو عيسى، وحسنه، وفي كتاب ابن زنجويه: " إذا أذّن
الأذان فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء " (3) وفي حديث
الرقاشي عنه مرفوعاً: " إذا نادى المنادى فتحت أبواب
السماء وأبواب الجنة، واستجيب الدعاء " (4) ولما ذكر
ابن/عدي هذه الرواية منعها زيد، وذكره أيضًا في ترجمة سلام
أبي المنذر، وهو ضعيف، عن ثابت عن "، وأورده في ترجمة
الفضل بن مختار عن حميد عنه، وقال: لم يتابع عليه، وأورده
في ترجمة أسيد الجمال عن ابن المبارك عن سليمان التيمي عن
قتادة عنه، وقال: لم يروه عن ابن المبارك غير أسيد، وروى
سهل بن سعد أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "
ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء، وكلّ عما يرد على داع:
دعوته عند حضور النداء، والصف في سبيل الله تعالى "، (5)
رواه
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/9) والترمذي (ح/1618)
وأحمد (3،1/132/407، 229، 253،241، 270، 5/248) والطبراني
(11/150) وابن خزيمة (399، 400) وعبد
الرزاق (1866) والمنثور (1/35) والكنز (23285، 23296)
ومعاني (1/146) والخطيب (8/
220) والمجمع (36،363،1/334)
(2) حسن. رواه الترمذي (ح/3594، 3595) وأحمد (13/19)
والترغيب (4/272) والمغني عن حمل الأسفار (1/306) وابن عدي
في " الكامل "، (9/1152) والإرواء (1/262) .
(3) الحلية: (6/308) 0 إسناده ضعيف، وهو صحيح.
(4) ضعيف. رواه الحاكم (1/547) وشرح السنة (2/291) والحلية
(1/2130) وابن السني (خ/96) والكنز (0،20923342) .- (5)
صحيح. رواه مالك في (النداء، ح/7) . قال ابن عبد البر: هذا
الحديث موقوف عند جماعة من رواه الموطأ، ومثله لا يقال
بالرأي. وروى من طرق متعددة، عن أبي حازم-
(1/1183)
أبو داود من حديث موسى بن يعقوب الزمعي عن
رزق- أو رزي- بن
سعيد بن عبد الرحمن عن أبي حازم عنه، قال البيهقي: رفعه
الزمعي، ووقفه مالك بن أنس الإِمام، وفي حديث ليث عن ابن
سابط، قال: " تفتح أبواب السماء لخمس: لقراءة القرآن،
ونزول الغيث، والسعي للزحف، وعند الدعاء والأذان " (1) وفي
حديث طلحة عن عطاء قال: " كان أبو هريرة يقول: إنّ أبواب
السماء تفتح عند زحف الصفوف في سبيل الله تعالى، وعند نزول
الغيث، وعند إقامة الصلاة المكتوبة فاغتنموا الدعاء ".
وأما قوله- عليه الصلاة والسلام-: " المؤذنون أطول الناس
أعناقا " (2) . فذكر ابن أبي داود إيّاه قال: ليس أنّ
أعناقهم تطول وذلك أنّ الناس يعطشون يوم القيامة، وإذا عطش
الإِنسان انطوت عنقه، والمؤذنون لا يعطشون فأعناقهم قائمة،
وفي محكم ابن سيدة قال ثعلب: هو من قولهم: له عنق في الخير
أي: سابقة، وقيل: يغفر له مد صوته وقيل: يزادون على الناس،
وفي كتاب الهروي قال ابن الأعرابي: معناه أكثر النّاس
أعمالا، وقال غيره هو من طول الأعناق لأن/النُّاس في الكرب
يومئذ وهم في أروح مربيون لأن يؤذّن لهم في دخول الجنة
وقيل: أنهم يكونون رؤوسا حومئذ والعرب تصف السادة بطول
الأعناق، قال الشاعر:
يشبهون ملوكا في تحليهم ... وطول الضبة الأعناق واللسم
قال: ورواه بعضهم أعناقا أي: إسراعَا إلى الجنة، وكذا ذكره
أيضا الخطابي، وقال القاضي أبو الفضل أبي حصبي: هو على
وجهه، وإنَّ الناس في
__________
- عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
فذكره. وتلخيص (4/94) وإتحاف (5/33) وابن حبان (298)
والترغيب (2/295) والتجريد (138) .
(1) الكنز (3333) والطبراني في لا الصغير، (11/69) والمجمع
(1/328) وعزاه أبيه، وفيه حفص بن سليمان الأسدي ضعفه
البخاري ومسلم وابن معين والنسائي وابن المديني، ووثقه
أحمد وابن حبان وَلا أنه قال: الأزدي وكان الأسدي.
(2) تقدم في أكثر من موضع في هذا الباب ص 1177.
(1/1184)
عرق العرق وهم ناجون منه انتهى، ويؤيّد هذا
ما أسلفناه في الحديث "
ذلك سيماهم، وقول ابن الزبير: هم أطول الناس أعناقا في
الجنة، ولعلّ هذا هو الأرجح لكونه هو الظاهر مع معاضدة
الحديث، وقال المازري: يقال هو إشارة إلى قرب المنزلة من
كرامة الله تعالى، وفي المشكل معناه: أنّ الناس يرثون ثواب
أعمالهم فتتطاول إلى ذلك أعناقهم ويتفاضلون في ذلك فيكون
المؤذنون أطولهم أعناقا لكثرة ما يرجونه من الثواب، وزعم
ابن رشد: أنّ الأحسن في تأويل ذلك على المجاز. بمعنى أنهم
مشهورون بذلك يوم القيامة عند الناس لشهرة عملهم في الدنيا
كما يقول في وقت يستريب النّاس فيه بالخوف على أنفسهم
بمطالبة طالب لهم ليس يأمن على أنفسهم منهم، فلأن يمشى بين
النّاس طويل العنق، ويندرج في هذا ما ينبغي أن يكون
المؤذّن عليه، ففي حديث الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلي
الله عليه وسلم قال: " لا يؤذن إلا متوضئ " (1) . وعنه
قال: قال أبو هريرة: " لا ينادى بالصلاة إّلا متوضئ " (2)
. رواهما الترمذي وقال: هذا أصح من الأوّل، وحديث أبي
هريرة لم يرفعه ابن وهب والزهري لم يسمع من أبي هريرة، وعن
عبد الجبار بن وائل عن أبيه/قال: حقّ وسنّة إلا يؤذِّن إلا
وهو قائم، ولا يؤذن إلا وهو طاهر، ذكره البيهقي وردّه
بالانقطاع فيما بين عبد الجبار وأبيه، وعن ابن عباس قال:
كان لرسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- مؤذن يطرب فقال
رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " الأذان سهل سمح،
فإن كان أذانك سمحاَ سهلاً الا فلا تؤذن ". رواه الدارقطني
(3) من حديث إسحاق بن
__________
(1، 2) رواهما الترمذي: (ح/200، 201) .
قال الترمذي: " وهذا أصح من الحديث الأوَل ". ورواه
البيهقي (1/397) من طريق هشام بن عمَار عن الوليد بن مسلم
عن معاوية بن يحيى عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي
هريرة مرفوعا. ثم قال البيهقي: " هكذا رواه معاوية بن يحيى
الصدفي، وهو ضعيف، والصحيح رواية يونس بن يزيد الأيلي،
وغيره عن الزهري قال: قال أبو هريرة: لا ينادى بالصلاة ألا
متوضئ ". وهو حديث ضعيف على كل حال، للانقطاع بين الزهري
وأبي هريرة، ورواية معاوية بن يحي التي هنا ضعيفة بذلك
ويضعف راويها، ورواية البيهقي صحيفة بمعاوية هذا أيضا.
(3) موضوع. رواه الدارقطني (1/239) والموضوعات (2/87)
والفوائد (16) وتنزيه=
(1/1185)
أبي يحيى الكعبي عن ابن جريح عن عطاء عنه،
وإسحاق هذا قائل فيه ابن حبان: لا يحلّ الاحتجاج به، هو
الذي روى عن ابن جريج يذكر هذا الحديث، وفي حديث الأعمش عن
أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم-: " لا يؤذن لكم من يدغم الهاء " (1) قال الدارقطني:
هذا حديث منكر، وإّنما مر الأعمش برجل يؤذن ويدغم الهاء
فقال: وعلي بن جميل يعني الذي رفعه ضعيف، وروى مجاشع عن
هارون بن محمد عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله
عليه وسلم لا يؤذن لكم إلا صالح " (2) ذكره أبو أحمد بن
عدي، وقال هارون لا يعرف، وفي حديث جابر قال: " نهى رسول
الله صلي الله عليه وسلم أن يكون الإِمام مؤذنًا " (3)
ذكره ابن عدى من حديث إسماعيل بن عمرو البجلي وردّ به،
وقال: لم يتابع إسماعيل عليه، ورواه أبو الشيخ بسند آخر
ترجمة ذكر خبر روي في أن يكون المؤذِّن إمامًا إن صحّ ذلك.
ثنا ابن الطهراني ثنا أبو أنس كثير بن محمد التميمي ثنا
إسحاق بن إبراهيم الجعفي الصيفي ثنا معلى عن محمد بن سوقة
عن ابن المنكدر عن جابر به، وذكر أبو أحمد أيضا من حديث
زيد العمّى عن قتادة عن أنس يرفعه: " يكره للمؤذن أن يكون
إماما " (4) ويعارضه حديث عبد الله.
__________
= (2/98) واللآليء المصنوعة (2/7) وابن القيسراني (300) .
قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: ليس لهذا الحديث أصل عن
رسول صلي الله عليه وسلم وإسحاق لا يحل الاحتجاج به ولا
الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار. (1) موضوع. رواه ابن
القيسراني (1006) والموضوعات (2/87) . قال ابن الجوزي: قال
أبو بكر بن أبي داود: هذا حديث منكر، وإنما مر الأعمش برجل
يؤذن ويدغم الهاء. قال ابن الجوزي: والمتهم بهذا الحديث
علي بن جميل. قال ابن عدي: حدث بالبواطيل عن ثقات الناس.
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث، لا تحل الرواية عنه بحال.
(2) موضوع: (2/7) .
(3) ضعيف جذا. رواه البيهقي (1/433) والمتناهية (1/400)
وابن عدي في " الكامل " (1/317) .
(4) العلل المتناهية (1/400) وابن عدي في " الكامل "
(3/1056) .
(1/1186)
/حدثنا (1) عبد الله بن الجراح أنبأ
المعتمرين سليمان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن
مالك قال: " التمسوا شيئًا يؤذِّنون به علمًا للصلاة فأمر
بلال أن يشفع ويوتر الإقامة ". حدثنا نصر بن علي ثنا عمر
بن علي عن خالد به هذا حديث خرجاه في صحيحهما زاد البخاري
قال إسماعيل فذكرت لأيوب فقال إلا الإِقامة، وعاب
الإسماعيلي ذلك أذكر هذه اللفظة من قول أيوب، وقال: وترك
حديث سماك بن عطية وهو متصل بقوله ويوتر الإِقامة إّلا
الإِقامة وهو ما صححه عن حماد عن سماك عن أيوب عن أبي
قلابة عن أنس، وفي صحيح ابن مندة هذه اللفظة من قول أيوب
هكذا رواه ابن المديني عن ابن عليّة فأدرجها سليمان عن
حمّاد ورواه غير واحد عن حماد وليذكروا هذه اللفظة، وفي
مسند السراج عن محمد بن رافع وإسحاق بن إبراهيم والحسن بن
أبي الربيع عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن
أنس قال: " كان بلال يشفع الأذان ويوتر الإِقامة " (3) إلا
قوله قد قامت الصلاة زاد ابن خزيمة: " قد قامت الصلاة قد
قامت الصلاة "، وفي سنن البيهقي (4) من حديث هارون بن
سليمان الأصبهاني عن ابن مهدى عن أبان بن يزيد عن قتادة عن
أنس: " أن بلالا كان أذانه مثنى مثنى وإقامته مرة مرة "
ورواه المالك (5) الحدي عن شعبة عن قتادة عن أنس عن بلال
وهو خطأ، إنما هو شعبة عن خالد عن أبي قلابة قاله بن أبو
حاتم الرازي فيما حكاه عنه أنه في العلل، وأمّا اعتراض بعض
العلماء بأنّ هذا الحديث غير مرفوع قال: ويحتمل أن يكون
الأمر غير النبي-
__________
(1) سقط في " الأصل ".
(2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (ح/607،606) ومسلم في
(الصلاة، باب (2،، ح/378) وأبو داود (ح/509) والترمذي
(ح/193) والدرامي (ح/1194) وأحمد (3/189،103) .
قوله:} " يشفع " أي يأتي بكلماته مثنى مثني.
(3) الكنز: (23286،23235) .
(4) رواه البيهقي: (1/411) .
(5) كذا ورد هذا السياق " بالأصل".
(1/1187)
صلى الله عليه وآله وسلم- فمردود من وجوه:
الأول: أكثر أهل العلم/من المحدثين والأصوليين من أن قول
الصحابي أمرنا بكذا أو نُهينا عن كذا سند مرفوع لا الظاهر
ينصرف إلى من له الأمر والنهى وهو النبي صلي الله عليه
وسلم سواء أضافه إلى زمنه عليه السلام أو لم يضفه، لاسيما
وقد قال في نفس الحديث عند البيهقي ذكروا الصلاة عند النبي
عليه السلام فقالوا يزيد أم رأى من يرانا قوسا فأمر بلال "
فهذا نص على من في الباب بأنّ الأمر لكن لا غيره والله
تعالى أعلم، وفي لفظ آخر أتاه ابن زيد الرؤيا: " أمر بلال
أن يؤذن مثنى مثنى ويقيم فرادى "، رواه من حديث العباس بن
الوليد عن محمد بن شعيب بن شابور ثنا حميد بن عبيد بن هلال
عن أنس الثاني: لو رجّح قول من خالف ما أسلفناه بقوله قد
رأينا جماعة من الصحابة قالوا ذلك، وفتشنا عنه فوجدنا
الأمر غير النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أجيب بأنه لو
سلمنا لكم ما قلتم، فإن هذا لا يتأتى في هذا مطلقا، لأن
بلال- رضى الله تعالى عنه- لم يؤذن لأحد بعد النبي- صلى
الله عليه وآله وسلم- إلا مرّة واحدة لعمر وهذا هو المشهور
فصحّ أنّ الأمر له هو النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-،
الثالث: ولئن سلمنا أنّ الأمر هنا يحتمل أن يكون غير
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يجاب بأنا وجدناه صحيحا
مسندا يبيّن فيه من الأمر إثباته الإمام المسند المعمر
يحمل عبد الله بن شبل أنبأ الإِمام المسند أبو محمد شاكرَ
الله أنبأ الإِمام عبد العزيز به أنبأ أبو زرعة أنبأ أبو
محمد بن أحمد أنبأ القاضي أحمد بن حسين أنبأ أبو بكر أحمد
بن محمد بن إسحاق أنبأ أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب أنبأ
قتيبة بن سعيد ثني عبد الوهاب عن أيوب/عن أبي قلابة عن
أنس: " أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- أمر بلالا
أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة "وخرجه ابن حبان في صحيحه
(1) عن محمد بن عبد الله بن الجنَيد لنا قتيبة حنا يزيد بن
زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة فذكره، وخرجه أبو قرّة
موسى بن طارق السكسكي في سننه، ذكره سفيان عن خالد
الحذَّاء وخرجه أبو عبد الله في مستدركه عن أبي العباس ثنا
العباس بن محمد ثنا يحيى بن معين ثني عبد الوهاب الثقفي
فذكره ثم قال:
__________
(1) رواه ابن حبان: (3/92) .
(1/1188)
هذا حديث أسنده إمام أهل الحديث مزكى
الرواة بلا مدافعة، وقد تابعه عليه الثقة المأمون قتيبة بن
سعيد وهو صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة، ورواه
البيهقي في الخلافيات عن علي بن نهر عن الحسن عن رشيق عن
أحمد بن داود الحراني عن العباس بن الوليد المرسى عن وهيب
بن خالد عن أيوب وفي آخره وزاد أيوب يفرد الإِقامة، ورواه
أبو الشيخ عن أبي يعلى ثنا سفيان بن وكيع ثنا عبد الوهاب
به، وأنبأ أبو يعلى ثنا مخلد بن محمد ثنا كثير بن سفيان عن
أنس أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أمر بلال به، قال:
ورواه سلمة عن عبد الرزاق عن معمر، ورواه عثمان بن صالح
المصري عن ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن أنس به، وزعم
أبو زرعة حين سؤاله عن هذا السند: هذا حديث منكر ذكره ابن
أبي حاتم عنه، وذكره أيضا من حديث محمد بن منصور الجواز عن
عبد الملك الجدّى عن سعيد عن قتادة عن أنس، وذكر عن أبيه
أنه خطأ إنّما هو سعيد عن خالد عن أبي قلابة، ورواه
البيهقي في السن الكبير من حديث/يعلي بن عبيد عن محمد بن
إسحاق عن أيوب، ورواه الدارقطني عن عمر بن محمد المروزي
حدثنا محمد بن الليث العزال ثنا عبدان ثنا خارجة عن أيوب
به، ومن حديث الحسن بن حماد بن كسيب ثنا ابن علية عن خالد
به، ولما رواه أبو عمر في الأوسط مطولَا ثم قال: يروه بهذا
التمام عن خالد الحذاء إلا رواح بن عطاء بن أبي ميمونة
تفرد به محمد بن يحيى القطعي، ووجدنا أيضَا غير شاهد يؤكّد
صحته، فمن ذلك حديث ابن عمر قال: " كان الأذان على عهد
رسول الله صلي الله عليه وسلم مرتين والإِقامة مرة غير أنه
يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، فإذا
سمعنا بذلك توضأنا ثم خرجنا " (1) خرجه ابن خزيمة في صحيحه
عن بندار. حدّثنا ابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا جعفر
يحدّث عن مسلم بن المثنى عنه، قال شعبه لم أسمع من أبي
جعفر عند هذا
الحديث، وقال الحاكم: صحيح الإِسناد، وخرجه ابن حبان في
صحيحه،
وسكت عنه عبد الحق مصححا له، ولفظ أبي عوانة في صحيحه "
كان
__________
(1) صحيح الإسناد. المشكاة (643) وشرح السنة (2/255) .
(1/1189)
الأذان على عهد النبي صلي الله عليه وسلم
مرتين ومرتين والإِقامة مرة " (1) وقال الحافظ الجوزقاني
هذا حديث صحيح، وأبو جعفر محمد بن مهران المؤذن: كوفي ثقة،
وأبو المثنى: ثقة، وخرجه أبو عوانة أيضا من حديث عيسى بن
يونس عن عبد الله عن نافع عنه ولفظه:" الأذان مثنى مثنى
والإِقامة مرّة " (2) ، وحديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه
رواه البيهقي في الكبير من حديث ابن المبارك عن يونس ابنا
الزهري أخبرني سعيد عنه بلفظ: " حي على الصلاة حي على
الفلاح قد قامت الصلاة الله أكبر " (3) وفي لفظ: " قد قامت
الصلاة قد قامت الصلاة "./وحديث أبي محذورة مثله ذكره
أيضا، وحديث سلمة بن الأكوع قال " كان الأذان على عهد رسول
الله- صلي الله عليه وسلم - مثنى، والإقامة مفردة " (4)
ذكره ابن أبي حاتم في علله، وحديث أبي جحيفة:" كان الأذان
على عهد النبي صلي الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة مرة
واحدة " رواه البيهقي من حديث أبي إسحاق به عن عون بن أبي
جحيفة عن أبيه، وحديث أبي هريرة قال ابن أبو محذورة:" أن
يشفّع الأذان ويوتر الإِقامة " (6) ، ورواه الدارقطني من
حديث عبد الصمد بن الفضل ثني خالد بن عبد الرحمن المخزومي
ثنا كامل بن العلاء عن أبي صالح عنه، وسيأتي عن ابن ماجة
حديثان شاهدان له أيضا والله تعالى أعلم، وفي البيهقي بسند
صحيح أنَّ مكحول، والزهري إنما قالا مضت السنة أن الأذان
مثنى، والإقامة واحدة إلا قول: قد قامت الصلاة فأنها
مرتين، قال وروى نحوه عن الحسَن حدثنا هشام بن عمار ثنا
عبد الرحمن بن سعيد بن عمار بن سعد مؤذِّن رسول الله صلي
الله عليه وسلم حدثني أبيه عن جدّه: " أن أذان بلال كان
مثنى مثنى وإقامة مفردة " (7) هذا حديث
__________
(1) المصدر السابق.
(2) صحيح. رواه النسائي (2/3، 21) والمجمع (1/331) وعزاه
إلى الطبراني في "الكبير" إسناده حسن. (3) رواه مسلم) ص
287) والكنز (23054) . (4) انظر: الحاشية رقم " 2 "
السابقة.
(5) الحاشية السابقة.
(6) صحيح. الكنز: (23286،23235) . له شاهدان عند ابن ماجه.
(7) انظر: الحاشية رقم "1، 2 " السابقة.
(1/1190)
سبق الكلام على صحة إسناده في باب السنة في
الأذان، وزاد أبو أحمد: " وقد قامت الصلاة مرّة واحدة "،
حديث أبو زيد عباد بن الوليد حدثني معمر بن محمد بن عبيد
الله بن أبي رافع مولى النبي صلي الله عليه وسلم قال:
حدثني أبو محمد بن عبد الله عن أبيه عبيد الله عن أبي رافع
قال: " رأيت بلالا يؤذن بين يدي رسول الله صلي الله عليه
وسلم مثنى مثنى ويقيم واحدة " (1) هذا حديث سبق التنبيه
على ضعفه/في كتاب الطهارة، وقد وردت أحاديث تعارض ما
أسلفناه، من ذلك حديث أبي محذورة من عند أبي خزيمة وعلّه
يعني النبي صلي الله عليه وسلم الإقامة مثنى مثنى: " الله
أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إلَه
إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول
الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي
على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر
الله أكبر لا إله إلا الله " (2) رواه عن يعقوب الدورقي
حدثنا روح ثنا ابن صريح أنبأ عثمان بن السائب عن أم عبد
الملك بن أبي محذورة عنه وثنا محمد بن رافع ثنا عبد الرزاق
أنبأ ابن جريج حدثني عثمان عن أبيه السائب وعن أم عبد
الملك بن أبي محذورة إنَّما سمعا ذلك من أبي محذورة وثنا
يزيد بن سنان ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج حدثني عثمان بن
السائب أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي
محذورة، وهذا حديث الدورقي، وقال في آخره قال يزيد بن
سنان: الإِقامة كذكر الدورقي سواء، قال ابن رافع: إذا أقمت
نقلها مرتين، وقد تقدّم عند ابن ماجة عنه صحيحا أيضًا،
والإِقامة سبع عشرة كلمة، وخرجه ابن الجارود ثنا نحوه، وفي
كتاب الترمذي وقال فيه حسن صحيح، الأذان تسع عشرة كلمة،
والإقامة سبع عشرة، وكذا هو في صحيح السن، وقد تقدّم طرف
منه منفصلًا قيَل:- والله تعالى أعلم- وحديث عبد الله بن
زياد الأنصاري قال: " لما رأى الأذان أتى النبي صلي الله
عليه وسلم فأخبره فقال: " علّمه بلال " فقام بلال فأذًن
مثني مثنى وقعد قعدة. قاله ابن خزيمة (3) في/صحيحه، وأما
ما روى
__________
(1) ضعيف، وتقدم في كناب الطهارة.
(2) انظر: مقدمة الأذان.
(3) رواه ابن خزيمة (379) والمعاني (11/32، 134) .
(1/1191)
العراقيون عن ابن زيد في تنبيه الإقامة
فغير ثابت من جهة النقل، وقد خلطوا في أسانيدهم التي رووها
فرواه الأعمش عن عمرو بن مرّة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
قال: حدثنا أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم أن عبد الله ابن
زيد ثناه سلم بن جنادة ثنا وكيع عنه، ورواه ابن أبي ليلى
عن عمرو بن مرّة عن ابن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد،
ورواه المسعودي عن عمرو عن ابن أبي ليلى عن معاذ، وكذا
رواه أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عمرو، ورواه حصين بن
عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى مرسلا لم يقل عن ابن زيد، ولا
عن معاذ، ولا ذكر أحدا من الصحابة، وكذا رواه شعبة عن عمرو
عن ابن أبي ليلى، وسمعت محمد بن يحيى يقول: ابن أبي ليلى
لم يدرك عبد الله بن زيد، قال أبو بكر: فهذا خبر العراقيين
الذي احتجوا به عن أبي زيد في تثنية الأذان والإِقامة، وفي
أسانيدهم من التخليط ما يثبت، وأنّ ابن ألي ليلى لم يسمع
من معاذ ولا من ابن زيد فغير جائز أن يحتج غير ثابت على
أخبار ثابتة انتهى كلامه، وفيه نظر من وجوه الأول: حديث
ابن أبي ليلى الذي سقته أنت بلفظ: حدثنا أصحاب محمد صلي
الله عليه وسلم متصل صحيح، إذ من المعلوم في الاصطلاح
الحديثى أن جهالة اسم الضحاك الذي شهد له التابعي المشهور
بما لا نص إجماعا، ولهذا قال ابن حزم وهذا إسناد في غاية
الصحة، الثاني: ما ذكره من التخليط غير ضارٍ، إذ الاختلاف
الضار لابد أن يكون عن ضعف متن، كذلك فغلط الغالط، ورواية
الضعيف لا تكون سببا لضعف رواية الحافظ/ولا تناقض بين قوله
لنا أصحاب محمدا وأصحابنا، وكذلك لا يعارضه أن يرسله مرّة
أو يذكره عن معاذ مرّة، لاسيما وذلك لم يتأت هذا إلا بين
الأخذ عنه لا منه، الثالث: مجيئه صحيحا من غير رواية ابن
أبي ليلى وهو ما ذكره البيهقي في الخلافيات من حديث أبي
العميس قال: سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد
يحدّث عن أبيه عن جدّه أنه رأى الأذان مثنى مثنى،
والإِقامة مثنى مثنى وأتيت النبي فأخبرته فقال: " علمهن
بلال " (1) . عبد الله بن محمد، وثَّقه البستي. ومحمد
أبوه: صحح حديثه ابن خزيمة. وكذا إسماعه
__________
(1) الحاشية السابقة.
(1/1192)
من أبيه فيما أسلفناه، وفي صحيح أبي عوانة
الاستقراء من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث ثني شعبة عن
المغيرة عن الشعبي عن عبد الله بن زيد قال سمعت أذان رسول
الله صلي الله عليه وسلم فكان أذانه وإقامته مثنى مثنى،
وأمّا ما ذكره البيهقي من أنَّ عبد الله بن زيد استشهد يوم
أحد فالروايات كلّها عنه واهية فغير صواب لأمرين، الأول:
يناقضه هو في هذا بقوله ليس في أخبار عبد الله بن زيد في
قصة الأذان أصح من هذا، يعني خبر محمد بن عبد الله بن زيد،
قال: لأنّ محمدا سمع من أبيه، ومحمد لم يذكره في الصحابة
أحد فيما علمت، الثَّاني: قوله: أنه استشهد بأحد، واستدلَّ
على ذلك برواية إبراهيم بن حمرّة ثنا عبد العزيز عن عبيد
الله بن عمر قال دخلت ابنة عبد الله بن زيد بن عبد ربه على
عمر بن عبد العزيز فقالت: أنا ابنة عبد الله بن زيد الذي
رأى الأذان وشهد بدرا وقتل يوم أحد، فقال عمر تلك المكارم
لا يعبان من لين/شيئا بماء فعاد أبعد إلَّا قال الحاكم:
فهذه الرواية الصحيحة تصرّح بأنّ أحدَا من هؤلاء لم يكن
عبد الله بن زيد انتهى كلام الحاكم.، وفيه نظر من وجوه:
الأول: قوله هذه الرواية الصحيحة، وليست كذلك لانقطاع ما
بين عبيد الله بن عمرو عمر بن عبد العزيز لكونه ليس في
طبقة من يشابه عمر بالرواية، ولا رأيت من نص عليه.
الثَّاني: فردّ له هو عن هذه الحكاية الصحيحة على زعمه:
فلم يذكر عبد الله بن زيد في المستشهدين، بأحد في سائر
الروايات التي ساقها في كتاب الإِكليل، والمستدرك الثالث:
إجماع الرواة على أنه كان في الفتح معه راية بنى الحارث
حتى قال ابن سعد وابن عقبة: والأقوى أبو معشر وغيرهم، وشهد
أحدَا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله- صلى الله عليه
وآله وسم-، ذكر ابن سعد عن أبيه محمد ابن عبد الله: أنه
توفي سنة اثنتين وثلاثين بالمدينة وهو ابن أربع وستين سنة
وصلى عليه عثمان بن عفان. الرابع: المحفوظ، والذي عليه
المؤرخون أنّ عمر بن عبد العزيز قال: هذا ما ردّ عليه عاصم
بن قتادة الفقيه فسأله عمر عن نسبه فقال: أنا ابن الذي
سألت على الخد عنه فردت بكفِّ المصطفي، وقد جاء ذلك أيضا
من طرق عن بلال أنه أذَّن كذلك من ذلك رواية البكائي عن
إدريس الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه، ورواها
الدارقطني بسند
(1/1193)
صحيح عن محمد بن مخلد ثنا إبراهيم بن محمد
من أصل العقيق ثنا إبراهيم بن دينار قال: وثنا ابن مخلد
ثنا ابن عون محمد بن عمرو بن عون ومحمد بن عيسى الواسطيان
قالا:/ثنا زكريا بن يحيى قالوا: ثنا زياد بن إبراهيم بن
محمد وثقة الحاكم في تاريخه، وابن دينار وثقة أبو زرعة
وغيره، وقال في الأوسط: لم يروه عن إدريس إّلا زياد، وروى
عمر عن حماد عن إبراهيم عن الأسود مثل ذلك، وكذلك رواه
النخعي قال البيهقي: هما منقطعان وروى سويد بن غفلة:" أن
بلالا كان يثنى الأذان والإقامة " (1) ، قال الحاكم سويد
بن غفلة لم يدرك بلالا وإقامة في عهد النبي صلي الله عليه
وسلم أبي بكر فإرسال الخبر بذلك ظاهر انتهى كلامه، وفيه
نظرة من حيث أن الطحاوي لما ذكره في شرحه مصرّح بقول سويد
سمعت بلالا يؤذن مثنى ويقيم مثنى، وفي الأسرار لأبي زيد
الدنوس رآه يؤذِّن ببطحاء مكة فعلى هذا يكون متصلا به دخل
المدينة كثيرا مسلما يوم دفن النبي صلي الله عليه وسلم،
فبالضرورة سمع أذان بلال لأن المشهور أنّ بلالا رحل إلى
الشام في خلافة أبي بكر قدمناه، وقيل في أيام عمر وأيامًا
كان فقد سمع بلالا يؤذِّن بذلك يوم الرضا، وقبل الاجتماع
على أبي بكر حتى لا يقول قائل لعل أبا بكر أو غيره أمر
بذلك، وفي الخلافيات من حديث الحجاج بن أرطأة عن حماد بن
إبراهيم عن ثوبان قال: كان يؤذن يعني بلالا مثنى مثنى
ويقيم قال، وهذا لا يثبت من أوجه أحدها: أنّ إبراهيم لم
يلق ثوبان، الثاني: حماد بن أبي سليمان غيره فاحتج به،
الثالث: الحجاج. ضعيف وروى أبو جحيفة ما يعضده قال أذّن
بلال النبي صلي الله عليه وسلم مثني مثنى وأقام مثل ذلك
ذكره ابن حبان في كتاب الضعفاء، ويرده بزياد البكائي فقط،
وزياد:/لا يصلح أن يكون علة لحديث لاسيما وله فيه غير
متابع. وموقوف عليه بن أبي طالب أنه قال: " الأذان مثنى
مثني وأنه سمع مؤذنه يقيم مرّة فقال: اجعلها مثنى " (2)
ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه عن
__________
(1) صحيح. أورده الهيثمي في (مجمع الزوائًد، (1/331) وعزاه
إلى الطبراني في " الكبير " ورجاله ثقات.
(2) بنحوه. مسند ابن حبيب: (ا/37) " المجروحين" 1/263)
وابن القيسراني (365) =
(1/1194)
هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى عن الهجنع بن
قيس عنه، وعن أبي هريرة قال:" كان بلال إذا أراد أن يقيم
قال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته الصلاة "
روى في الأوسط (1) من حديث كامل أبي العلاء عن أبي صالح
عنه، وقال لم يروه عن كامل إلا عبد الله محمد بن المغيرة،
وعن وكيع عن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد مولى
سلمة عن الأكوع أن سلمة كان يثنى الإِقامة، وثنا عفان ثني
عبيد الواحد بن زياد ثنا حجاج ابن أرطأة ثنا ابن إسحاق كان
أصحاب علي، وأصحاب عبد الله يثنين الأذان والإِقامة، وفي
كتاب الطحاوي ثنا من حديث مطر بن خليفة عن مجاهد: في
الإِقامة مرّة مرّة إنما هو شيء استخفه الأمراء. وفي لفظ:
قلت لمجاهد: الأمراء يقيمون مرة مرة، قال: إنّما ذلك شيء
استخفه الأمراء للإِقامة مرتان، وفي الأسرار لأبي زيد:
أوّل من أفرد الإقامة معاوية، وعن عون ابن أبي جحيفة
__________
والميزان (2338) ولسان (2/1946) .
(1) موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (1/1/27- مجمع "
البحرين": حدثنا مقدام بن داود: ثنا عبد الله بن محمد بن
المغيرة: ثنا كامل أبو العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة
به. وقال: لم يروه عن كامل ألا عبد الله،. وهذا الحديث
موضوع، آفته ابن المغيرة، فقد ساق الذهبي له أحاديث وقال:
" هذه موضوعات. وفي مجمع الزوائد} (2/75) : (رواه الطبراني
في (الأوسط} ، وفيه عبد الله بن محمد بن المغيرة، وهو
ضعيف} .
تنبيه: إنّ العلماء هذا أنكروا مثل هذه البدعة، فلا
يتبادرن إلى ذهن أحد أنهم ينكرون أصل مشروعية الصلاة على
النبي صلي الله عليه وسلم بل إنما ينكرون وضعهما في مكان
لم يضعها رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه، أو أن تقترن
بصفات وهيئات لم يشرعها الله على لسان نبئه، كما صحّ عن
ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا عطس فقال: الحمد لله،
والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقال
ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله صلي الله عليه وسلم وكذا علّمنا رسول الله صلي الله
عليه وسلم قل: الحمد لله رب العالمين أو قال: على كل حال.
فانظر كيف أنكر ابن عمر رضى الله عنه وضع الصلاة بجانب
الحمد بحجة أله صلى الله عليه وسلم لم يصنع في ذلك، مع
تصريحه بأنه يصلى على النبي صلي الله عليه وسلم دفعا لما
عسى أن يرد على خاطر أحد أنه أنكر الصلاة عليه جملة كما
يتوهم ذلك بعض الجهلة حينما يرون أنصار السنة ينكرون هذه
البدعة وأمثالها، فيرمونهم بأنهم ينكرون الصلاة عليه صلي
الله عليه وسلم، هداهم الله تعالى إلى اتباع السنة.
(1/1195)
نحوه، وفي الخلافيات من جهة حمَّاد عن
إبراهيم أول من نقص التكبير في الصلاة، وخطب قبل الصلاة في
العيدين، وجلس على المنبر، ونقص الإِقامة معاوية ابن أبي
سفيان، قال الحاكم: هذا دليل على إفراد الإِقامة فأنه قال:
نقض بالضاد المعجمة، ونقض الإِقامة تثنيتها لا إفرادها
انتهى كلامه، وفيه نظر لما رواه يحيى بن أبي طالب فتبين أن
النقض هناك بالضاد المهملة الذي هو ضد الزيادة، فقال:/ثنا
عبد الوهاب عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم: "كان أذان
بلال وإقامته مثنى مثنى حتى كان هؤلاء الملوك فجعلوها
واحدة " (1) وأما قوله عن معاوية: أنه أول من قدَّم الخطبة
على الصلاة فمردودة بما في الصحيح على ان معاوية أمر مروان
بفعل ذلك أن يبعد في العادة استقلال مروان بذلك من غير
مواجهة أمامه، وحديث ابن عباس قال رسول الله- صلى الله
عليه وآله وسلم-: "من أفرد الإِقامة فليس منِّى " (2)
ذكره الجوزقاني في كتابه وقال: هذا حديث باطل، وفي إسناده
من المجهولين غير واحد، اختلف الناس في إفراد الإِقامة
وتثنيتها، وحكى البيهقي عن الشافعي أنه قال سمعت إبراهيم
بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يقيم فيقول:
الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن
محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، قد قامت
الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا
الله، قال الشافعي: وحسبني سمعته يحكى الإقامة خبراً كما
يحكى الأذان، قال البيهقي: وروينا عن عبد الله بن الزبير
الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز قال: أدركت جدي وأبي
وأهلي يقيمون فيقولون: فذكر هذه الإِقامة، ثناه أبو سعيد
الاسفراينى ثنا أبو بحر البر هادى ثنا بشر بن موسى هنا
الحميدي فذكره، أما أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ثنا أبو
زرعة أن محمد بن المسيب بن إسحاق أخبرهم ثني محمد بن
__________
(1) ضعيف جدا. رواه أبو عوانة: (1/31) .
(2) موضوع. اللآليء المصنوعة (2/8) وتذكرة الموضوعات (35
والفوائد (18) وتنزيه الشريعة (2/79) والخفاء (2/318)
وأسرار (329، 330) والموضوعات لابن الجوزي (2/92) قال ابن
الجوزي: قال ابن حبان: هذا حديث باطل. وزياد فاحش الخطأ،
لا يجوز الاحتجاج بما ينفرد به.
(1/1196)
إسماعيل البخاري بخسر وجود ثنا عبد الله بن
عبد الوهاب أخبرني إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن
أبي محذورة وأولاده على إفراد الإِقامة دلالة ظاهرة/على
وهم وقع فيما روى في حديث أبي محذورة من تثنية الإِقامة،
وأن الحديث في كلمة التكبير، وكلمة الإِقامة فقط فحملها
بعض الرواة على جميع كلماتها، وفي رواية حجاج بن محمد،
وعبد الرزاق عن ابن جريج، يعني ما أسلفناه من حديثه عن
عثمان بن السائب، أخبرني أبي وأم عبد الملك عن أبي محذورة
قال: "وعلمني الإِقامة مرتين الله أكبر الله أكبر أشهد أن
لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي
على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة"، أكبر الله
أكبر، لا إله إلا الله " (1) على ذلك، وإن كانت محفوظة في
جميع كلماته ففيما ذكرنا دلالة على أنّ الأمر صار بعد ذلك
إلى إفراد الإقامة، ولولا ذلك لم يقروا عليه في حرم الله
عز وجل، ثم (2) أن أولا وسعد القمرط في حرم رسول الله صلى
الله عليه وسلم على ذلك " قال الشافعي: فإن جاز أن يكون
ذلك غلطًا من جماعتهم، والناس يحضرهم، ويأتينا من طرف
الأرض من يعلمنا جاز له أن يسألنا عن عرفة وعن مثنى ثم
يخالفنا ولو خالفنا في المواقيت كان أجوز له في خلافه من
هذا الأمر الظاهر المعمول به، وفي السنن الكبير عن ابن
خزيمة الترجيح في الأذان مع تثنية الإقامة من جنس الاختلاف
المباح إذ قد صح كلام الأمرين، فأما تثنية الأذان
واَلإقامة فَلِمَ ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم الأمر
بما قال البيهقي، وفي صحة التثنية في كلَمات الإقامة سوى
التكبير، وكلمتي الإقامة نظر، وفي اختلاف الروايات ما
يوهم. أنَ يكون الأمر/بالتثنية عائد إلَى كلمتي الإِقامة،
وفي دوام أبي محذورة وأولاده وسعد وأولاده ما يوجب ضعف
رواية من روى تثنيتها أو يقتضى أنّ الأمر صار إلى ما بقى
عليه سواء أولاده في الحرمين إلى أن وقع البعير في أيام
المصريين، وزعم الحازمي أنهم قالوا حديث خالد الحذاء ظاهر
في النسخ لأن بلالا أمر بالإفراد أوّل ما شرع الأذان، وأما
حديث أبي محذورة: فكان عام حنين وبين الوقعتين مرة مرّة،
وخالفهم في ذلك أكثر أهل
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/502) . وتقدم.
(2) كذا ورد هذا السياق " بالأصل،.
(1/1197)
العلم فرأوا الإِقامة فرادى، والى هذا
المذهب: ذهب ابن المسيب وعروة والزهري ومالك وأهل الحجاز
والشافعي وأصحابه، وإليه: ذهب عمر بن عبد العزيز، ومكحول
والأوزاعي، وأهل الشام والحسن البصري، ومحمد بن سيرين،
وأحمد بن حنبل، ومن تبعهم من العراقيين ويحيى بن يحيى وابن
راهوية، ومن تبعهم من الخراسانيين، وذهبوا في ذلك إلى حديث
أنس، وقالوا: أما حديث أبي محذورة فالجواب عنه من وجوه
منها: أنّ من شرط الناسخ أن يكون أصح سندا وأقوم قاعدة في
جميع جهات الترجيحات على ما قررناه في مقدمة الكتاب، وغير
مخفي على أن الحديث من صناعة، أنّ حديث أبي محذورة لا
يوازى حديث أنس في جهة واحدة في الترجيح، فضلا عن الجهات
كلها، ومنها أنّ جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أنّ هذه اللفظة
في تثنية الإقامة غير محفوظة، وأنّ الحديث ثابت وكانت
منسوخة بدليل ما ذكره الأَثرم قيل لأبي عبد الله أليس حديث
أبي محذورة بعد فتح مكة؟ فقال: أليس قد رجع النبي صلي الله
عليه وسلم/إلى المدينة وأقر بلالا على أذان بن زيد؟! وفي
لفظ: ولكن أذان بلال هو آخر الأذانين انتهى كلامه. وفيه
نظر من حيث أنه قال: من شرط الناسخ أن يكون أصح سندًا
وأقوم إلى آخره، لاعينه ليس من شرط الناسخ ما ذكر بل يكفي
أن يكون صحيحًا متأخرَا معارضًا غير ممكن الجمع بينه وبن
معارضه، فلو فرضناهما متساويين في الصحة ووجد ما ذكرناه من
الشروط ثبت النسخ، وأما أن يشترط أن يكون أرجح من المعارض
في الصحة فلا نسلم، نعم لو كان دونه في الصحة لكان فيه
نظر، وهذا الذي ذكرته هو الذي مثنى عليه في كتابه من ذلك
ما ذكره منسوخًا من عند البخاري: أكان النبي صلي الله عليه
وسلم يتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم بحديث حسنه هو إلى غير ذلك
من الأحاديث، وكذا فعله ابن شاهين، وقبله الأثرم، وتبعهم
على ذلك الغرفي والله تعالى أعلم، وأمّا قوله فحملها بعض
الرواة على جميع كلماتها فهو ظنّ، والظن لا يغنى من الحق
شيء، وأّمما يقوى احتماله إذا نظر
إلى لفظ عام أو مطلق في ألفاظ الإِقامة لفظة لفظة لتبعه
هذا الظن، قال أبو عمرو: كقول أبي حنيفة بقول الثوري
والحسن بن حيي وعبيد الله بن الحسن، وجماعة من التابعين
والفقهاء بالعراق متوارث عندهم بالعمل قرنان بعد قرن،
(1/1198)
وقال الأثرم عن أحمد: من أدم مثنى مثنى لم
أعتقه وليس به بأس، وكذلك قاله إسحاق الحنظلي وداود ومحمد
بن حزم قالوا: لأنه قد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم
جميع ذلك وعمل به أصحابه - رضى الله تعالى عنهم-، ومن هذا
الباب إذا كان مسار أهل له الاقتصار على الإِقامة/أم لا
فروى عبد الله بن عمر: " أن رسول الله صلي الله عليه وسلم
كان لا يؤذن في شيء من الصلوات في السفر، ولا يقيم إلا
الصبح فأنه كان يؤذن ويقيم " (1) خرجه أبو عبد الله من
حديث نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن
عمر عن نافع عنه، وقال: صحيح الإِسناد، فقد احتج مسلم بن
عبد العزيز ومحمد بنعيم وهو المشهور عن ابن عمرو، وفي سنن
البيهقي الكبير (2) : عن أبي الزبير قال: سألت ابن عمر
أؤذن في السفر؟ قال: من تؤذن للنساء. قال الشيخ: هذا الذي
ذهب إليه ابن عمر محتمل لولا حديث أبي سعيد في الأذان
بالبادية (3) انتهى، وكذا حديث مالك بن الحويرث مثله،
وأمّا الأذان والإقامة للمرأة، فروى الحاكم في مستدركه من
حديث عبد الله بن إدريس عن ليَث عن عطاء عن عائشة: "أنها
كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء" (4) من حديث عبد الله بن
داود الحرثي ثني الوليد بن جميع عن ليلى بنت مالك وعبد
الرحمن بن خالد الأنصاري عن أم ورقة الأنصارية أن رسول
الله صلي الله عليه وسلم كان يقول: "انطلقوا منا إلى
الشهيدة فيزورها وأمر أن يؤذن لها ويقام ويؤم أهل دارها في
الفرائض " (5) قال أبو عبيد الله: قد احتج مسلم بالوليد بن
جميع،
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/334) من
حديث جبير بن مطعم، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير، وفيه
ضرار بن صرد وهو ضعيف.
(2) رواه البيهقي: (1/411) .
(3) صحيح. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/335) وعزاه
إلى البزار، ورجاله ثقات.
(4) رواه البيهقي: (3/131) .
(5) حسن. رواه أبو داود صح/592) .
(1/1199)
وهذه سنة غريبة لا أعرف في الباب حديثًا
مسندًا غير هذا، أو رواه ابن الجارود في منتقاه، ولما ذكره
الحافظ ضياء الدين رجّح صحته، وقال أبو موسى في كتاب
الصحابة: رواه الحديث عن عبد العزيز عن الوليد عن عبد
الرحمن عن أبيه عن أم ورقة أنها استأذنت، ورواه وكيع عن
الوليد عن جدّته وعبد الرحمن عن أم ورقة، ورواه جماعة/عن
الوليد عن جدّته لم يذكروا عبد الرحمن، قال البيهقي: وفي
حديث ابن ثوبان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " كنا
نصلى بغير إقامة" قال أبو بكر: وهذا إن صح مع حديث ليث،
فلا يتنافيان لجواز فعلها هذا مرة وذاك أخرى، ويذكر عن
جابر أنه قيل له: أتقيم المرأة؟ قال: نعم، ومن حديث نافع
عن ابن عمر: ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا
اغتسال جمعة، قال البيهقي: رواه الحكم بن عبد الله الأصيلي
وهو ضعيف، وروينا في الأذان والإِقامة عن أنس بن مالك
موقوفًا ومرفوعًا ورفعه ضعيف، وهو قول الحسن بن المسبب
والنخعي وابن سيرين.
* * *
(1/1200)
117- باب إذا أذّن وأنت في المسجد فلا تخرج
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص عن إبراهيم بن
مهاجر عن أبي
الشعثاء قال:"كنا قعودا في المسجد مع أبي هريرة فأذّن
المؤذن فقام رجل
من المسجد. فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم-
صلى الله عليه
وآله وسلم-"هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه (1) من حديث ابن
مهاجر، وفيه كلام يقتضى أن يذكر له متابعًا، وهو رواية له
أيضا عن ابن أبي
عمر حدثنا سفيان عن عمر بن سعيد عن أشعث عن أبيه بن وقال
فيه أبو
عيسى حسن صحيح، ورواه أبو عبد الرحمن عن أحمد بن عثمان بن
حكيم
عن جعفر بن عون عن أبي عيسى عن أبي صخرة جامع بن شدّاد عن
أبي
الشعثاء، وزعم بعض العلماء انه موقوف وخالف ذلك ابن عبد
البر فقال: هو
مسند عندهم لا يختلفون في هذا أو ذاك/. إنما مسندان
مرفوعان يعني هذا.
وقول أبي هريرة: ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله
انتهى كلامه.
وقد وقع لنا هذا الحديث مرفوعًا من غير ما طريق بسند جيد
من ذلك ما رواه
أبو الشيخ- رحمه الله تعالى- عن نوح بن منصور ثنا عبد الله
بن أيوب
الخزومي ثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن أشعث بن سليم عن
أبيه: أنه رأى
رجلا خارجًا من المسجد وقد نودي بالأذان فقال:"عصى هذا أبا
القاسم
أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- إذا نودي
بالأذان أن لا نخرج
من المسجد" (2) . وثنا ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن محمد
الاطرابلسي ثنا
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/259،258) وأبو داود في
(الصلاة، باب
"42") والترمذي (ح/204) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي
في (الأذان، باب
". 4") وابن ماجة (ح/733) والدارمي (ح/1205) وأحمد (2/
410، 416، 471، 506، 537) .
(2) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/5) من حديث
أبي هريرة، وعزاه إلى
أحمد في "مسنده"، ورجاله رجال الصحيح.
(1/1201)
موسى بن داود ثنا شريك عن أشعث عن أبيه عن
أبي هريرة أنه قال:"إذا
أقيمت الصلاة واحدكم في المسجد فلا يخرج حتى يصلى فإن رسول
الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر بذلك" (1) .
وثنا يوسف بن محمد المؤذِّن ثنا محمد بن
الحارث المخزومي ثنا أبو مصعب ثنا عبد العزيز بن أبي حازم
حدثني أبي
وصفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج- إلّا لحاجة- ثم لا
يرجع إِلا
منافق- وقال أبو القاسم في الأوسط (2) : لم يروه موصولًا
عن أبي هريرة عن
صفوان وأبي حازم إلا أنّ أبا حازم تفرد به مصعب، قال أبو
الشيخ: وثنا
عبد الله بن أحمد بن سعيد الجصّاص ثنا نهشل بن كثير
النهشلي بصرى ثقة
ثنا ابن أبي فديك عن أبي حرملة عن سعيد عن أبي هريرة عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لا يخرج من المسجد بعد النداء إلّا منافق-/إلا أحد أخرجه
حاجة- وهو
يريد الرجعة إلى الصلاة" (3) . وثنا الوليد بن أبان قرئ
على يحيى بن عبدان
وأنا حاضر ثنا أحمد بن أبي يزيد القطان بالري ثنا الوليد
بن مسلم ثنا ابن
لهيعة عن عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب عن أبي هريرة
عن النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم- مثله، حدثنا حرملة بن يحيى أنبأ
ابن وهب أنبأ
عبد الجبار ابن عمر عن ابن أبي فروة عن محمد بن يوسف مولى
عثمان بن
عفان عن عثمان قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:"من أدركه الأذان في المسجد ثم
خرج لم يخرج لحاجة- وهو لا يريد الرجعة فهو منافق" (4) هذا
حديث
إسناده معلل بأمرين: الأول: ضعّف أبي سليمان إسحاق بنْ عبد
الله بن أبي
__________
(1) السابق بنحوه.
(2) أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/5) وعزله إلى
الطبراني في "الأوسط" ورجاله
رجال الصحيح.
(3) نصب الراية (2/55) والترغيب (1/190) وابن المبارك
في"الزهد" (6) وعبد الرزاق
(1946) والكنز (21027) والخفاء (2/513) .
(4) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/734) . في الزوائد: إسناده
ضعيف. فيه ابن أبي فروة.
واسمه إسحاق بن عبد الله. ضعفوه. وكذلك عبد الجبار بن عمر.
(1/1202)
فروة عبد الرحمن بن الأسود بن سوادة،
ويقال: الأسود بن عمرو بن رياش
ويقال: كيسان القرشي الأموي المدني أخي إسماعيل وصالح وعبد
الأعلى
وعبد الحكم وعمار ويونس، فإن أبا عيسى قال: تركه بعض أهل
العلم، منهم
أحمد بن حنبل، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد يقول: لا تحل
الرواية عنه
فقلت يا أبا عبد الله لا تحل قال: عندي، وفي رواية: ما هو
بأهل أن يحمل
عنه ولا يروى عنه، وقال أيضًا: لا أكتب حديث أربعة منهم:
إسحاق، وفي
الإِرشاد للخليلي: وذكره وضعّفوه جدًا، وتكلّم فيه مالك
والشّافعي وتركاه،
وقال الزهري له يومًا: يا إسحاق تجئ بأحاديث ليست لها لزمه
ولا قيمة (1) ،
إذا حدّثت فأسند، وقال مسلم في الكنى: مدني ضعيف الحديث،
وفي كتاب
الكنى لأبي بشر: ليس بذاك، وقال محمد بن عبد الله"بن عمار:
ضعيف
ذاهب، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث، وقال أبو بكر بن
خزيمة: لا/
أحتج بحديثه، وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: هو كذاب،
وذكره
أبو القاسم الباجي في الضعفاء، وقال ابن طاهر: ضعفه غير
واحد، وقال أبو
الفرج بن الجوزي في كتاب التحقيق: هو هالك، وبالمرة قاله
أبو بكر في
الخلافيات، وقال أبو حاتم والفلاس والنسائي وابن الجنيد
والدارقطني: متروك،
وزاد النسائي: ولا يكتب حديثه، وذكره أيضًا في الطبقة
العاشرة من أصحاب
نافع المتروك حديثهم، وقال البخاري: تركوه، وقال أبو زرعة:
ذاهب الحديث
متروك الحديث، وقال يحيى: ليس بشي ولا يكتب حديثه، وفي
رواية ليس
بشيء كذاب، وفي رواية: ليس بثقة، وسئل سعدونة عن حديث يعلى
بن
ثابت عن الوادع بن نافع، فقال: لا يروى الحديث عن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن
مثل الوادع. وسئل عن حديث إسحاق بن أبي فروة؟ فقال: شراً
ممّا قال في
الوادع، وقال ابن المديني: هو منكر الحديث، وقال ابن غسان:
جاءني على
قليب عنى عن عبد السلام أحاديث ابن أبي فروة، فقلت: الشيء
يصنع بها
قال: أعرفها لا لقلب، وفي رواية قال علي: لم يدخل ذلك في
كتبه ابن أبي
__________
(1) قوله:"قيمة" وردت "بالأصل" "خطم"وهو تحريف، والصحيح ما
أثبتناه.
(1/1203)
فروة فيما ذكره ابن عساكر في تاريخه، وقال
ابن سعد: كان ليّن الحديث
يروى أحاديث منكرة ولا يحتجون بحديثه وكان يرى رأي
الخوارج، وقال
الساجي: ضعيف الحديث ليس بحجة، وذكر البرقي في كتاب
الطبقات: بان
من ترك حديثه واتهم في رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي
فروة، وذكره أبو
العرب فقال: هو ممن ترك حديثه، قال أبو العرب: وعن محمد بن
عبد الله بن
عبد الحكم قال: سمعت محمد بن عاصم، وكان من أهل الصدق قال:
قدمت المدينة ومالك بن/أنس حي فلم أر أهل المدينة يشكون أن
إسحاق بن
أبي فروة متهم على الدين. وفي تاريخ يعقوب بن سفيان
النسوي: وآل أبي
فروة كل من حدّث عنه ثقة إلا إسحاق فلا يكتب حديثه، وقال
الحافظ أبو
بكر البزار في سننه: كان ضعيفا، وقال في مسنده: متروك
الحديث. الثّاني:
عبد الجبار بن عمر أبو عمر الأيلي الأموي القرشي؛ وإن
وثّقه ابن سعد فقد
قال فيه أبو زرعة: واهي الحديث، وقال أبو حاتم: سألت أبي
عنه فقال: منكر
الحديث ضعيف الكذب ليس محله الكذب، وسمعت أبا زرعة يقول:
هو
ضعيف الحديث ليس بقوى، وقرأ علينا حديثه بشيء، ولا يكتب
حديثه في
رواية ابن الجنيد، وفي كتاب عباس ليس حديثه بشيء، وقال
مرة: ضعيف،
وكذلك قاله السعدي والساج في كتاب الضعفاء، وقال في كتاب
الكنى:
ليس بثقة، وقال البخاري ليس بالقوي عندهم؛ عنده مناكير،
وقال ابن عدى
علّة ما يرويه يخالف فيه، والضعف بين على رواياته، وقال
الحربي في كتاب
العلل: عبد الجبار بن عمر رجل من أهل أيلة، سنّه قريب من
سن يزيد بن أبي
سمية شيخه، وإّنما روى عنه لفضله، وعبد الجبار رجل يتفقه،
وغيره أثبت منه،
وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: ضعيف، وذكره يعقوب
في باب: من
يرغب عن الرواية عنهم، وقال الساجي: هو ضعيف، وقال
العقيلي: ليس
بالقوى عندهم عنده مناكير، وقال ابن سعيد بن يونس: منكر
الحديث، وفي
كتاب الكنى لأبي أحمد الحاكم ليس بالقوي عندهم، وقد روينا
في كتاب
الصلاة للفضل ما يسند هذا عن مسعد عن أبي عون عن شريح رجل
من
(1/1204)
عمران عن سعد بن أبيِ وقاص- رضي الله تعالى
عنه- قال:"إذا كنت
في المسجد فنودي الأذان/فلا تخرج". قال وحدثني سفْيان عن
ابن حرملة
عن سعيد بن المسيب قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:"من سمع المنادى فخرج فهو
منافق- إلا رجل خرج في حاجة- ثم رجع" (1) وثنا سفيان عن
مغيرة عن
إبراهيم قال:"إذا سمعت الإِقامة فلا تخرج" (2) . وفي كتاب
أبي علي
الطوسي عن إبراهيم: يخرج - ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة-،
قال أبو علي:
وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه، والذي عليه أصحاب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن
لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلّا من عذرٍ، ويكون على
غير وضوء،
وقال ابن حزم: ومن كان في المسجد فاندفع المؤذِّن في
الأذان لم يحل له
الخروج من المسجد إلا لضرورة والله تعالى أعلم.
__________
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد " (2/5) من حديث
أبي هريرة. وعزاه إلى
الطبراني في"الأوسط" ورجاله رجال الصحيح.
(2) بنحوه. رواه عبد الرزاق (3406) والكنز (2704)
ولفظه:"إذا سمعت الإِقامة فامش".
(1/1205)
118- أبواب المساجد
والجماعات
ومن بني لله عز وجل مسجدًا
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يونس بن محمد، ثنا الليث
بن سعد،،
وثنا أبو بكر، ثنا داود بن عبد الله الجعفري، ثنا عبد
العزيز بن محمد جميعا،
عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن الوليد بن أني
الوليد عن عثمان بن
عبد الله بن سراقة العدوي عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:"من بني لله مسجدا يذكر فيه اسم الله بني الله له
بيتا في الجنة " (1) .
هذا حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه عن الحسن بن
سفيان، ثنا
أبو بكر بن أبي شيبة، ورواه ابن لهيعة عن الوليد بن أبي
الوليد فقال: عن
أيوب بن خالد عن عمر بن الخطاب، وقال- عليه السلام-:"من
بني
مسجدا لا يريد به رياء ولا سمعه بني الله الكريم/له في
الجنة" (2) . ذكر ذلك
الحافظ أبو نعيم في كتاب المساجد، عن أبي بكر الأجري، ثنا
جعفر الفريابي
ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة به، قال: ورواه يحيى بن
بكير عن ابن لهيعة،
وقال: ويذكر اسم الله عليه، قال: ورواه يحيى بن أيوب عن
الوليد عن
عثمان، وقال عبد الله بن صالح عن الليث:"يذكر اسم الله
تعالى فيه" (3) .
حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو بكر الجعفي ثنا عبد الحميد بن
جعفر عن أبيه
عن محمود بن لبيد عن عثمان ابن عفان قال: سمعت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
"من بني لله مسجدا بني الله له مثله في الجنة" (4) . هذا
حديث خرجاه في
__________
(1) صحيح. رواه ابن حبان: (3/68) .
(2) ضعيف. الترغيب (1/195) ، وإتحاف (3/28) ، والمنثور
(3/217) . في إسناده ابن لهيعة.
(3) مرسل. رواه ابن ماجة (ح/735) . في الزوائد: حديث عمر
مرسل. فإنْ عثمان بن
عبد الله بن سراقة روى عن عمر بن الخطاب، وهو جده لأمه،
ولم يسمع منه، قاله المزي:
في التهذيب. ورشاه ابن حبان في صحيحه بهذا الإسناد. ورواه
أحمد (1/53) ، وابن أبي
شيبة (1/310) ، والفتح (1/545) .
(4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/122) ، والفتح
(1/544) ، ومسلم في
(1/1206)
صحيحيهما. حدثنا العباس بن غياث الدمشقي
ثنا الوليد بن مسلم عن ابن
لهيعة أنه قال حدثني أبو الأسود عن عروة عن علي بن أبي
طالب قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا من بني مسجدا
من ماله بني له بيتا في الجنة" (1) . هذا حديث
ضعيف معلل بأمرين الأول قال فيه القاسم في الأوسط: لا يروى
عن علي إلا
بهذا الإِسناد تفرد به بن لهيعة ومع ذلك فهو ابن لهيعة،
وقد سبق ذكره.
الثاني: انقطاع ما بين عروة وعلي وإن كان مولده سنة ثلاث
وعشرين، وسنّه
يوم الحمل ثلاث عشرة سنة فردّ لاستصغارهم إيّاه، وقيل: كان
مولده بست
سنين خلت من خلافة عثمان- رضي الله تعالى عنه- فقد نصّ أبو
حاتم على
أنه لم يسمع من علي فيما حكاه عنه ابنه في كتاب المراسيل،
ويزيد وضوحا
أنّ النسائي في مسند علي ادخل بينه وببن المقداد، ومحمد بن
سنجر
وأحمد بن سنان القطان في مسندهما، ادخلا بينهما عبد الله
بن جعفر،
ورواه صفوان/بن صالح عن الوليد بن مسلم بلفظ:"من بني لله
مسجدا
بني الله له بيتا في الجنة" (2) ، رواه أبو نعيم في كتاب
المساجد عن أبي
عمرو بن عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان عنه وكذا رواه
عبد الله بن
يوسف، وابن المبارك، وابن وهب عن ابن لهيعة قال ولفظهم
سواء نظر من
هذا أن زيادة "من ماله" تفرد بها عباس بن عثمان، وليس
بقريب من
أولئك- والله تعالى أعلم-، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا
عبد الله بن
وهب عن إبراهيم بن نشيط عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي
حسين
النوفلي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
__________
(الزهد، ح/43، 44) ، والترغيب (1/193) ، وإتحاف (3/27)
والمغني عن حمل الأسفار
(1/151) ، وابن عساكر فما"التاريخ" (1/215) ، وابن كثير
(6/66) والقرطبي (2/84) (1) ضعيف. رواه القرطبي: (12/266)
وابن ماجة (ح/737) ، في الزوائد: إسناد ضعيف
علي ضعيف. والوليد بن مسلم مدلس، وقد رواه بالعنعنة، وشيخه
ابن لهيعة ضعيف،
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف عند ابن ماجة (ح/156) .
(2) ضعيف الإسناد. رواه أحمد (1/20) وابن خزيمة (1291)
والطبراني (8/268) وابن
عسا كر فما"التاريخ" (7/273، 10/89) ومشكل (1/486)
والمشكاة (697) والكنز
(20728،640،140) .
(1/1207)
"من بني مسجدًا كمفحص قطاة أو أصغر بني
الله له بيتا في الجنة" (1) .
هذا حديث خرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن يونس وعيسى بن
إبراهيم الغافقي، ثنا ابن وهب بلفظ:"من حفر ماء لم يشرب
منه كبد
حرى من جن ولا إنس ولا ظاهر إلا أجره الله يوم القيامة،
ومن بني مسجدًا
كمفحص قطاة أو أصغر بني الله له مسجدا في الجنة" (2) قال
يونس:"من
سبع ولا طاهر"، وقال:"كمفحص"قطاة، وقال الدارقطني في
الإفراد: تفرد
ابن وهب بسنده، وفي الباب غير ما حديث؛ من ذلك حديث أبي ذر
الغفاري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:"من بني لله مسجدًا، ولو كمفحص قطاة
بني الله له بيتا في الجنة" (3) . رواه أبو نعيم الحافظ عن
محمد بن حميد، ثنا
محمد بن جرير، ثنا الحسن بن خلف، ثنا إسحاق الأزرق عن
الثوري عن
الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عنه، وثنا أبو بكر
الطلحي، ثنا أبو حصين
القاضي، ثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا أبو بكر بن عياش عن
الأعمش، ورواه
يحيى بن آدم عن قطبة/بن عبد العزيز عن الأعمش مثله، وثنا
محمد بن
محمد بن أحمد المقبري، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا
سلم بن جنادة،
ثنا وكيع في الدار عن سفيان عن الأعمش، وهذا سند لعمر
ظاهره الصحة
لولا ما ذكره أبو نعيم من قوله: أنبأ أبو بكر بن مالك، ثنا
جعفر الفريابي، ثنا
علي بن المديني قال: قال لي يحيى بن سعيد: قال لي سفيان-
أو شعبة-: لم
يسمع الأعمش هذا الحديث من إبراهيم التيمي يعني حديث:"من
بني لله
مسجدًا ... "، وزعم الكرابيسي في كتاب المدلسين: أنه كان
يعني الأعمش
يدّلس على إبراهيم كثيرا، وذكر البيهقي في السن الكبير
علّة أخرى؛ وهي
أن الدوري حكى عن أحمد بن يونس انه قال: قيل لابن عباس:
أنُّ الناس
يخالفونك في هذا الحديث لا يرفعونه، فقال أبو بكر: سمعنا
هذا من
__________
(2) صحيح. رواه ابن خزيمة (ح/1292) ، والكنز (43189)
والبخاري في"الكبير" (1/
332)
(3) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/7) ، وعزاه
إلى "البزار" والطبراني في
"الصغير"ورجاله ثقات.
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/8) . وعزاه
إلى الطبراني في"الأوسط"،
(1/1208)
الأعمش وهو شاب، قال البيهقي: وكذلك روى عن
شريك وجرير بن عبد
الحميد عن الأعمش مرفوعا، وروى عن الحكم عن يزيد بن شريك
عن أبي
ذرّ مرفوعاً، ورواه أبو نعيم مرفوعًا، ورواه أبو نعيم
أيضاً من حديث عيسى بن
يونس، عن الأعمش مرفوعًا، ومن حديث محمد بن عبيد عن أخيه
يعلى عنه
كذلك، وقال أبو حاتم، وأبو زرعة: رواه عدّة من أصحاب شريك
فلم
يرفعوه، والصحيح عن أبي ذر من حديث موقوف، قال أبو حاتم:
ورواه أبو
بكر بن عياش عن الأعمش ورفعه، ونفس الحديث موقوف وهو أصح،
وقال
ابن مهدي: هذا الحديث ليس من صحيح حديث الأعمش، وحديث أبي
بكر
الصديق- رضي لله تعالى عنه- قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني مسجدا لله
ولو مثل مفحص قطاة بني الله له بيتًا في الجنة" (1) ./رواه
أبو نعيم عن
الآجري، والحسن بن علي الوراق، حدثنا جعفر الفريابي ثنا
سليمان بن
عبد الله الدمشقي، ثنا الحكم بن يعلى بن عطاء السخاوي، ثنا
محمد بن
طلحة الإِمامي عن أبي معمر عنه، وثنا أبو بكر الطلحي، ثنا
أحمد بن
حماد بن سفيان، ثنا إسحاق بن محلول، حدثني مخبر بن عبد
الرحمن
القرشي عن محمد بن طلحة بن مصرف عن أبيه مثله، وثنا سليمان
بن
أحمد ثنا محمد بن نوح العسكري، ثنا وهب بن حفص الحراني،
ثنا حبيب بن
فروخ، ثنا ابن طلحة بن مصرف عن أبيه عن مرة الطيب عن أبي
بكر به، ثم
قال: كذا قال حبيب عن مرّة الطيب، وقال أبو حاتم الرازي في
علله: هذا
حديث منكر، وحديث عبد الله بن عباس- رضي الله تعالى عنهما-
قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني
مسجلًا بني الله له بيتا في الجنة" (2) . رواه أبو
الحسن الدارقطني في كتاب الغرائب والإفراد من حديث عمران
بن عبيد الله
البصري عن الحكم بن إبان عن عكرمة عنه، وزعم أن عمران تفرد
به. انتهى
__________
وفيه وهيب بن حفص وهو ضعيف.
غريبه: قوله:"مفحص القطاة"موضعها الذي تجثم فيه وتبيض.
والقطاة: طائر مشهور.
(2) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/7) ، وعزاه
إلى أحمد في"مسنده"،
و"البزار"وفيه جابر الجعفي، وهو ضعيف.
(1/1209)
كلامه، وهو محتمل الأمرين الأول: أن يريد
التفرد بهذا السند، الثاني: تفرده
بالحديث حمله، وأيّاما كان فهو مردود؛ بما ذكره الحافظ أبو
نعيم من حديث
يحيى بن عبد الحميد، ثنا شريك عن عمار الدعني عن سعيد بن
جبير عنه،
وعن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا ضرار بن صرد، ثنا علي
بن هاشم
عن حماد بن زريق عن الدهني مثله، وعن أبي مسلم، ثنا عمرو
بن مرزوق،
ثنا شعبة قال: لقن جابر عن عمار الدهني بلفظ:"من بني
مسجدًا ولو
كمفحص قطاة ... " (1) الحديث، وحديث عمرو بن شعيب/عن أبيه
عن جده
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني
لله مسجدا ولو كمفحص قطاة ... " (2)
الحديث، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"من بني لله مسجدا يذكر الله فيه بني الله له بيتا في
الجنة" (3) . رواه أيضاً
من حديث حجاج بن أرطأة عنه، وحديث ابن عمر قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"من بني مسجدًا بني الله له بيتا في الجنة" (4) . رواه
البزار عن إسحاق بن
شاهين، ثنا الحكم بن ظهير، ثنا ابن أبي ليلى عن نافع عنه،
وقال: هذا
الحديث لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه- بهذا
الإسناد،
والحكم لين الحديث، وقد روى عنه جماعة كثيرة، واحتملوا
حديثه، وقال أبو
نعيم الحافظ: رواه عن إسحاق أحمد بن كعب الواسطي، وزاد
فيه:"ولو
كمفحص قطاة". وحديث أنس بن مالك عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من بني لله
مسجدا صغيرا كان أو كبيرا بني الله له بيتا في الجنة" (5)
. رواه أبو عيسى من
حديث نوح بن قيس عن عبد الرحمن مولى قيس عن زياد النميري
عنه،
__________
(1) الحاشية قبل السابقة.
(2) المصدر السابق.
(3) صحيح. رواة ابن حبان (1654) . وللترغيب (1/194) .
وموضح (1/180) .
(4) ضعيف جدا. أورده للهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/7) ،
وعزاه إلى"البزار". والطبراني في
"الأوسط"- إلا انه قال فيه:"ولو كمفحص قطاة"-، وفيه الحكم
بن ظهير وهو متروك.
(5) إسناده ضعيف. رواة الترمذي (ح/319) . ونوح بن قيس ثقة،
وعبد الرحمن مولى قيس
مجهول، كما في التقريب والخلاصة، لم يرو عنه غير نوح،
وزياد بن عبد الله النميري
البصري صدوق، ضعفه بعضهم، وذكره ابن حبان في الضعفاء،
وقال:"منكر الحديث،
يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات، تركه ابن معين".
وذكره أيضا في الثقات
(1/1210)
وخرجه أبو نعيم من حديث أحمد بن علي
الخزاعي، ثنا قرّة بن حبيب، ثنا
عبد الحكم عنه بلفظ:"من بني لله مسجدا في الدنيا يريد به
وجه الله.
ومن حديث إبراهيم بن مهدى المصيصي، ثنا عمرو بن ردع عن
ثابت عنه،
وفي لفظ قالوا:"إذا يكثر برسول الله قال الله أكبر". ورواه
أبو القاسم في
الأوسط من حديث إسحاق بن يوسف الأزرق، ثنا شريك عن الأعمش
عنه
بلفظ:"كمفحص قطاة"، وقال: لم يروه عن الأعمش إلا شريك.
تفرد به
إسحاق، ومن حديث حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة/عن أبان
عنه،
ومن حديث يحيى بن أبان عن الثوري عن ابن عمارة عنه
بلفظ:"كل بناء
وبال على صاحبه يوم القيامة إلا مسجدا فإن له به قصرًا في
الجنة من لؤلؤة.
وحديث أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:"من بني بيتا يعبد الله فيه حلالًا
بني الله له بيتا في الجنة من الدر والياقوت". رواه
البيهقي (1) في شعب الإِيمان
تأليفه من حديث بشر بن الوليد، وسعيد بن سليمان عن سليمان
بن داود، ثنا
يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه، رواه أبو القاسم في
الأوسط (2) ، من
حديث محمد بن سليمان بن عبد الله الكوفي، ثنا أبي عن
المثنى بن الصباح
عن عطاء بن أبي رباح عن المحرز عن أبيه، وقال: لم يروه عن
المحرز إّلا
عطاء ورواه أيضا من حديث سليمان بن داود اليماني، ثنا ابن
أبي كثير عن
أبي سلمة عنه قال عليه السلام:"من بني لله بيتا يعبد الله
فيه من مال
حلال بني الله له بيتا في الجنة من در وياقوت" (3) . قال:
لم يروه عن يحيى
إلا سليمان. تفرد به سعيد بن سليمان، ولا يروى عن أبي
هريرة إلا بهذا
__________
وقال."يخطئ، وكان من العباد". وقال ابن عدى:"عندي إذا روى
عنه ثقة فلا
بحديثه". وذكر له أحاديث، وفال:"البلاء فيها من الرواة
عنه، لا منه". وليس له ولا
لعبد الرحمن مولى قيس في الكتب الستة غير هذا الحديث.
(1، 2) ضعيف، رواه البيهقي في الكبرى: (6/167) . وأورده
الهيثمي في"مجمع الزوائد"
(2/8) ، وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"، والبزار خلا
قوله"من در وياقوت"، وفيه
سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف.
(3) ضعيف. رواه ابن عدي في"الكامل" (3/1125) ، وابن
القيسراني في"الموضوعات"
(767) ، والموضح (1/119) .
(1/1211)
الإِسناد، وقال أبو زرعة: هذا الحديث من
حديث أبي هريرة: وهم، قال ابن
محمد: قلت: ولم يشبع الجواب يبنى علة الحديث (1) ، والذي
عندي أن
الصحيح على ما رواه أبان العطار عن يحيى عن محمد بن عمرو
عن أسماء
بنت يزيد بن السكن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وعن يحيى عن محمود بن عمرو عن
أبي هريرة موقوفا، وسمعت أبي يقول: هو محمد بن عمرو بن
يزيد بن
السكن- والله تعالى أعلم-. ولما ذكر أبو القاسم حديث أسماء
بنت يزيد
مرفوعا قال: لم يروه عن كثير إلا أبان. تفرد به موسى بن
إسماعيل، ولا
يروى عن أسماء إلّا بهذا الإسناد تفرد به المثنى عن عطاء/.
انتهى كلامه، وفيه
نظر لما أسلفناه من عنده، قيل: وحديث معاذ بن جبل قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"من بني لله مسجدا بني الله له بيتا في الجنة" (2) . رواه
أبو نعيم من حديث
عمر بن صبيح، ثنا عاصم بن سليمان عن بريد عن مكحول عن
الوليد بن
العباس عنه، وذكره ابن الجوزي في العلل بزيادة:"ومن علّق
فيه قنديلا
صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يطفي ذلك القنديل، ومن بسط فيه
حصيرا
صلى عليه سبعون ألف ملك حتى ينقطع ذلك الحصير، ومن أخرج
منه مداد
كان له كفلان من الأجر". ثم ردّه بعاصم، وحديث أبي سعيد
الخدري قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني لله
مس جدا بني الله له بيتا في الجنة" (3) . رواه
الطبراني في الكبير، من حديث سهل بن تمام بن بريع ثنا عبد
الحكم التيمي
عن أبي المتوكل عنه، وحديث واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:"من بني لله مسجدا يصلى فيه بني الله له بيتا في
الجنة أفضل
منه" (4) . رواه أيضا من حديث هشام بن عمار، ثنا الحسن بن
يحيى عن
بشر بن حبان عنه، وحديث عمرو بن عنبسة قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من
__________
(1) كذا ورد هذا السياق"بالأصل".
(2) ضعيف. رواه أحمد (1/20) ، وابن خزيمة (1291) ، وإتحاف
(3/31) ، والطبراني (8/
268) ، وابن عساكر في"التاريخ" (8/273) ، ومشكل (1/486) ،
والمشكاة (697) ، والكنز
(20728،640،140) .
(3) رواه الطبراني: (8/268) .
(4) رواه ابن عساكر في"التاريخ": (10/88، 89) .
(1/1212)
بني لله مسجدا دخل الجنة" (1) . أنبأ به
المسند أبو بكر الحميدي أنبأ أبو
الطاهر بن عبد القوي عن فاطمة أنبأ ابن زيدة أنبأ أبو
القاسم، ثنا محمد بن
النصر الأزدي، ثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني، ثنا
بقية عن يحيى
عن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عنه، ورواه
النسائي عن
عمرو بن عثمان عن بقية، فوقع لنا موافقة غالبة ولله الحمد.
ولفظ ابن أبيِ
حاتم الرازي في كتاب ثواب الأعمال:"من بني مسجدًا لله ذكر
الله فيه
بني له بيت/في الجنة" (2) . وحديث أبي إمامة أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"لا يبنى
أحدا مسجدا لله إلا بني الله له بيتا في الجنة أوسع منه"
(3) . رواه أبو نعيم من
حديث صدقة بن خالد عن عثمان بن أبي العائلة عن علي بن يزيد
عنه،
وحديث عائشة أنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني لله مسجدا بني
الله له بيتا في الجنة قلت: يا رسول الله وهذه المساجد
التي في طريق مكة،
قال: وتلك" (4) . رواه مسندًا بن مسرهة في مسنده عن أبي
داود عن كثير بن
عبد الرحمن الطحان عن عطاء عنهما، وفي لفظ الطبراني من
حديث
المثنى بن الصباح عن عطاء:"من بني مسجدا لا يريد به رياء
ولا
سمعة" (5) . وفي لفظ من حديث كثير بن عبد الله المؤذن عن
عطاء:"ولو
قدر مفحص قطاة "، وقال: لم يروه عن المثنى إلا محمد بن
عيسى بن سميع
تفرد به هشام بن عمار، ولم يروه عن عطاء عنها إلا كثير بن
عبد الرحمن
الكوفي، والمثنى بن الصباح، وحديث أبي فرحانة، سمع رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:"ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها؛ فمن بني لله
مسجدًا بني الله له
__________
(1) السابق بنحوه.
(2) رواه ابن حبان (300) ، والموضح (1/180) .
(3) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/8) ، وعزاه
إلى الطبراني في"الكبير"،
وفيه علي بن يزيد وهو ضعيف.
(4) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/8) ، وعزاه
إلى"البزار"والطبراني في
" الأوسط"باختصار، وفيه كثير بن عبد الرحمن ضعفه العقيلي
وذكره ابن حبان في الثقات.
(5) ضعيف. المصدر السابق، وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط"،
وفيه المثنى بن الصباح
ضعفه يحيى القطان وجماعة، ووثقه ابن معين في رواية، وضعفه
في أخرى.
(1/1213)
بيتًا في الجنة"، فقال رجل: يا رسول الله،
وهذه المساجد التي تبنى في
الطريق"، قال: نعم، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين"
(1) ، وفي لفظ:
"ولو مفحص قطاة". رواه أبو القاسم من حديث زياد بن يسار عن
عزة بنت
عياض عن جدها أبي قرصافة، وحديث عمر بن مالك الأنصاري: قال
رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني مس جدا
بني الله تعالى له بيتا في الجنة" (2) . وذكره أبو
موسى في كتاب الصحابة من حديث نصر عن علي بن زيد عن زرارة
بن
أوفى عنه، ثم قال: رواه/سفيان عن علي بن عمرو بن مالك،
وقال حماد
عن مالك القشيري، وقال قتادة: عن زرارة بن مالك، وهذا غير
الأول،
وحديث نبيط عن شريك قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه
وآله
وسلم- يقول:"من بني لله مسجدا بني الله له بيتا في الجنة"
(3) . رواه في
الأوسط من حديث إسحاق بن إبراهيم عن أبيه عن نبيط، وقال:
لا يروى
عن نبيط إلا بهذا الإسناد، تفرد به ولده عنه، وحديث قرّة
بن خالد عن
الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس يرفعه:"يذهب الأرضون كلّها
يوم القيامة
إلا المساجد فإنها تنضم بعضها إلى بعض". قال أبو القاسم
(4) : لم يروه عن
قرة إلا أصرم بن حوشب، وحديث أم حبيبة أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من
بني لله بيتا بني الله له بيتا في الجنًة" (5) . رواه أيضا
من حديث شهر بن
حوشب، وسليمان بن قيس عن عنبسة بن أبي سفيان، ومن حديث
شعيب بن
__________
(1) ضعيف. رواه الطبراني (3/4) ، واللآلىء (4/240) ،
والخفاء (1/24) ، والمنثور (3/217) ،
وللكنز (20766) ، وابن عساكر في"التاريخ" (1/421) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع (ص 9 ح/53) ، وانظر
الضعيفة: (ح/1675) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/24) ، وأحمد (1/61،
70) ، والبيهقي (2/
437، 6/167، 9/172) ، والتاريخ الكبير (5/330) ، وجرجان
(131) .
(3) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/8) .
وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"،
و"الصغير"، وشيخ الطبراني: أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن
نبيط كذبه صاحب الميزان.
(4) موضوع. تذكرة (37) وتنزيه (2/79) ، والكنز (20745) ،
والفوائد (23) ، واللآلىء (2/
10) ، والمجمع (2/6) ، وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"،
وأًصرم بن حوشب كذاب.
أنظر: (الضعيفة: ح/765) .
(5) ضعيف الإسناد. رواه أبو عوانة (1/391) ، والفتح
(1/545) . في إسناده شهر بن حوشب.
(1/1214)
سنان، ثنا أبو طلال عن أنس عنهما، ذكره أبو
القاسم بن مطير في معجمه
الكبير، وحديث أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني لله
مسجدا بني الله له بيتا في الجنة أوسع منه" (1) . رواه
أيضا من حديث أبان بن
يزيد عن يحيى بن أبي كثير النجار وهو منقطع، ورواه أبو
نعيم الحافظ
فوصله من حديث موسى بن إسماعيل ثنا أبان عن يحيى عن محمود
بن
عمرو عنهما. غريبه: قال ابن سيده: المسجِد والمسجد الموضع
الذي يسجد
فيه، وقد كان حكمه إلا يحيى على مفعل؛ لأن حق اسم المكان
والمصدر من
فعل يفعل أنّ يجئ على مفعل؛ لعلّه اسما في المخصص، ولكنه
أخذ الحروف
التي شذّت فجار على يفعل قال/سيبويه: وأما المسجد فإنهم
جعلوه أسماء
للبيت، ولم يأت على فعل يفعل كما قالوا في المزق: أنه اسم
للجلود يعني أنه
ليس على الفعل لقيل مدق؛ لأنه إله واللات تجيء على مفعل
لمخرز ومكنس
ومكسح، وفي الصحاح: المسجد واحد المساجد، قال الفراء: كلما
كان على
فعل يفعل مثل دخل يدخل؛ فالمفعل منه بالفتح اسما كان أو
مصدرا، ولا يقع
فيه الفرق مثل دخل مدخلا، وهذا مدخله إلّا أحرفا من
الأسماء لزموها وكسر
العين من ذلك المسجد والمطلع، وذكر حروفا ثم قال: فجعلوا
الكسر علامة
للاسم، وربما فتح بعض العرب في الاسم، وسمعنا المسجِد
والمسجد والمطلع
والمطلِع، قال: والفتح في كله جائز وإن لم تسمعه، وما كان
من باب فعل
يفعل مثل جلس يجلس فالموضع بالكسر والمصدر بالفتح للفرق
بينهما، لقول
نزل منزلا بفتح الزاي تريد نزولا، وهذا منزله فنكس؛ لأنك
تعني الدار، وفي
الجامع للفراء: المسجد- بفتح الجيم- هو موضع السجود،
المسجد-
بكسرها- هو البيت الذي يصلي فيه، وحق الاسم والمصدر أن
يكونا في
مكان على يفعل مضموم العين وعلى يفعل بفتحها، وإنما قالوا:
مسجد
__________
(1) صحيح. الترغيب (1/195) ، والبيهقي (2/437، 6/167) ،
والمنثور (3/218217) ، والمطالب
(353) ، والعقيلي (2/126) ، والمجمع (2/7، 8) ، وعزاه إلي
أحمد والطبراني في "الكبير" و" الأوسط"
واللفظ له. وقال:"فإنْ الله يبنى له بيتا أوسع منه في
الجنة". ورجاله موثقون.
قلت: للحديث شواهد ومتابعات صحيحة.
(1/1215)
بالكسر ليفرقوا بين موضع السجود وبين ثبوت
الصلاة، ومن العرب من يفتح
فيقول: مسجد في كلى الوجهين ويلتزم القياس وفي جمهرة بن
دريد
والمساجد إلا رات (1) ، وقد فسر قوله تعالى: {وأن المساجد
لله} وقال
الزجّاج: كل موضع يتعبّد فيه فهو مسجد، والقطاة: قال سيده:
وهو طائر
معروف، والجمع قطوات وقطبات، وقد كان بالمدينة مساجد ذكرها
أبو داود
في كتاب المراسيل عن بكير بن الأشج قال: كان بالمدينة
تسعة/مساجد مع
مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع أهلها،
قال ابن بلال: فيصلون في مساجدهم أقربها
مسجد ابن عمرو بن مندول ومحمد بن ساعدة ومحمد بن عبيد
ومحمد بن
سلمة ومحمد بن زامح من بني عبد الأشهل ومحمد بن زريق ومحمد
عفار
ومحمد أسلم ومحمد جهينية وشك في التاسع. انتهى. وقد وقع
لنا غير ما
ذكر من المساجد التي صلى فيها النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكرها أبو زيد عمر بن شيبة في
أخبار المدينة رافع بن حديج" صلى النبي- صلى الله عليه
وآله وسلم- في
المسجد الصغير الذي يأخذ في شعب الجراد على يمينك لازق
بالجبل"، وعن
السيد بن أبي أسيد عن أشياخهم:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا على الجبل الذي عليه
مسجد الفتح، وصلى في المسجد الصغير الذي بأصل الجبل على
الطريق حتى
تصعد الجبل"، وعن عمارة بن أبي اليسر"صلى النبي- صلى الله
عليه وآله
وسلم- في المسجد الأسفل"، وعن جابر قال:"دعا النبي- صلى
الله عليه
وآله وسلم- في المسجد المرتفع ورفع يديه، وعن عمرو بن بشر
هبيل:"أن
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد بني حدارة"،
وعن
عمر بن قتادة:"أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صلى في
مسجد لهم
في بني أمية من الأنصار، وكان في موضع القربين اللتين عند
منالة نهيك"،
وعن الأعرج:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صلى على ذباب" (2) ، وفي لفظ: كان
__________
(1) كذا ورد هذا السياق "بالأصل".
(2) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع للزوائد" (4/14) . قال
الطبراني:"بلغني إن
ذباب جبل بالحجاز". وقوله:"صلى" أبط بارك عليه. قال ابن
الأثير: أنه جبل بالمدينة.
وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل: وهو ضعيف.
(1/1216)
ضرب قتيبة يوم الخندق عليه، وعن جابر بن
أسامة قال: " حط النبي- صلى
الله عايه وآله وسلم- مسجد جهينة ليلا"، وفي لفظ:"وصلى
فيه"، وعن
سعد بن إسحاق:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ/صلى في مسجد بني ساعدة الخارج من
بيوت المدينة، وفي مسجد بني بياضة، ومسجد بني الحبلى ومسجد
ابن
عصبة"، وعن العبّاس بن سهل: " أن الناس رأوا النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في مسجد
بني ساعدة في جون المدينة "، وعن يحيى بن سعد قال: " كان
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يختلف أبي مسجد، وأبي يعضل فيه غير مرة ولا مرتين"، وقال:
" لولا أن
يميل الناس إليه لأكثرت الصلاة فيه"، وعن يحيى بن نصر أن
النبي- صلى
الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد أبي بن كعب في بني
حرملة، ومسجد
بني عمرو بن مندول، ومسجد بني دسر، ومسجد دار النابغة
ومسجد بني
عدى، وجلس في كهور سلع، وعن هشام بن عروة أن النبي- صلى
الله
عليه وآله وسلم- صلى في مسجد ملحوث بن الخزرج، ومسجد
السبح، وبنى
حطمة ومسجد الفضيح، وفي صدقة الزبير، وفي بني محمد، وفي
بيت
صدرمة وفي بني عدى وفي بيت عتبان، وعن الحارث بن سعيد أن
النبي
إلا صلى في مسجد بني حارثة وبنى طعر وبنى عبد الأشهل، وعن
إسماعيل بن أبي حبيبة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-
صلى في
مسجد واقم، وعن ابن عمير أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صلى في مسجد بني معاوية،
وعن كعب بن عجرة أن النبي- صلى ألله عليه وآله وسلم- أول
جمعة (1)
جمعها حين قدم المدينة في بني سالم فْي مسجد عاتكة، وعن
جابر أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في مسجد الحزبة،
ومسجد القبلتين، ومسجد ابن حرام الذي
بالقاع، وعن محمد بن عتبة بن أبي لم مالك أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في صدقة،
وعن يحيى بن إبراهيم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صلى في متربة أم إبراهيم، وعن خالد بن
رباح أن النبي- عليه السلام- صلى في مسجد راتح، وعن زيد بن
سعد أن
النبي- عليه السلام- صلى في حائط أبي الهيثمي، وعن جابر أن
النبي- عليه
السلام- صلى الظهر يوم أحد في عينين، وعن على بن رافع أن
النبي- عليه
السلام- صلى في بيت امرأة بني الخضر فأدخل ذلك البيت في
مسجد بني
__________
(1) فوله:"جمعة"سقطت من "الأصل" وكذا أثبتناه.
(1/1217)
قريظة، وعن سلمة الحطمي أن النبي- عليه
السلام- صلى في بيت المقعدة
عند مسجد بني وائل في مسجد العجوز، وعن أبي هريرة أن
النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم- عرض المسلمين بالسقيا التي
بالحرة متوجِّهًا إلى
بدر، وصلى بها، وعن المطلب أن النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم- صلى
في مسجد بني ساعدة وصلى في المسجد الذي عند الشيخين، بات
(1) فيه،
وهو الذي عند البدائع، وعن هشام أن النبي عليه السلام صلى
في مسجد
الشجرة بالمعرس، وعن ابن عمر أن النبي- عليه السلام- صلى
بالبطحاء
الذي بذي حليفة وعن أبيِ هريرة اًن النبي- عليه السلام-
صلى في مسجد
الشجرة، وعن ربيعة بن عثمان أن النبي- عليه السلام- صلى في
بيت أبي
حبيب مسجد بني حذرة قال أبو غسان: قال لي غير واحد من أهل
العلم: إن
كل مسجد من مساجد المدينة ونواحيها مبنى بالحجارة المنقوشة
المطابقة فقد
صلى فيه النبي- عليه السلام-، وذلك أن عمر بن عبد العزيز
حن بني
مسجد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- سأل، والناس يومئذ
متوافرون عن
المساجد التي صلى فيها النبي- عليه السلام- ثم بناها
بالحجارة المطابقة،
وعن ابن/أبي خيثمة أن النبي- عليه السلام- صلى في دار
الشفا على يمن
من دخل الدار، وصلى في دار بسرة بنت صفوان، وفي دار عمرو
بن أمية
الضمري، ومنزل ابن أبي عمارة، قال أبو زيد: وأما المساجد
التي يقال اًنه
صلى فيها، ويقال اًنه لم يصل فيها فهي دار سعد بني خيثمة
بقيا ومسجد بني
زريق، ومسجد بنط مارن، ومسجد بني سالم الأكبر، والمسجد
الذي بغار
أحد، ومسجد بني حرام الأكبر، وسقيفة بني ساعدة القصوى،
والمسجد الذي
ببطن الروحاء عند عرف الطبة، وذكر الأرق في مكة شرفها الله
تعالى
مساجد منها مسجد منى وهو مسجد الخيف، ومسجد مزدلفة، ومسجد
عرفة
ومسجد المولد، ومسجد خديجة، ومسجد الأرقم، ومسجد عند
الروم،
ومسجد الجن، ومسجد الشجرة، ومسجد السرور، ومسجد عن يمين
الموقف
بعرفة، ومسجد الكبش، ومسجد باحباد، ومسجد إبراهيم، ومسجد
بجوار
__________
(1) جملة هذه الأحاديث من"معجم الفراء"، وراجع كتب
المساجد.
(1/1218)
مسجد ثبور، ومسجد عند سوق الغنم، ومسجد بذي
طوي، ومسجد
بالجعرانة، والمسجد الأقصى الذي من وراء الوادي بالعدوة
القصوى، ومسجد
التنعيم، والمسجد الذي عند حتيمة جمانة.
(1/1219)
119- باب تشييد
المساجد
حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، ثنا حماد بن سلمة عن
أيوب عن أبي
قلابة عن أنس بن مالك، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم-:"لا
تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد". هذا حديث أخرجه
بن
خزيمة (1) في صحيحه عن محمد بن رافع، ثنا الموصل بن
إسماعيل، ثنا حماد
بلفظ:"إن من أشراط الساعة". وثنا/محمد بن يحيى، ثنا محمد
بن عبد
الله الخزاعي، ثنا حماد عن قتادة، وأيوب عن أبي قلابة عن
أنس، قال أبو
نعيم: تفرد الخزاعي بذكر قتادة، وقال ابن معين في الأوسط:
لم يروه عن
قتادة إلا حماد وقال ابن خزيمة: ثنا عمرو بن العباس، ثنا
سعيد بن عامر عن
أبي عامر الحزار قال: قال أبو قلابة: انطلقنا مع أنس نريد
الزوائد يعني قصر
أنس، فمررنا بمسجد، فحضرت صلاة الصبح، فقال أنس: لو صلينا
في هذا
المسجد، فقال بعض القوم: نأتي المسجد الأخر، قالوا: أي
مسجد؟! قال:
فذكر مسجدًا، فقال أنس: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"يأتي على الناس زمان
يتباهون بالمساجد، ثم لا يعمرونها إلا قليلًا- أو قال:
يعمرونها قليلًا-" (2) .
وفي كتاب أبي نعيم من حديث محمد بن مصعب العرنساني عن
حماد:
"يتباهى الناس ببناء المساجد". وفي حديث على بن جرير
الخزار:"يتباهون
بكثرة المساجد". حدثنا جبارة بن المغلس ثنا عبد الكريم بن
عبد الرحمن
البجلي عن ليث عن عكرمة عن ابن عباس: قال رسول الله - صلى
الله عليه
وآله وسلم-:"ستشرفون مساجدكم كما شرفت اليهود كنائسها،
وكما
شرفت النصارى بيعها" (3) . هذا حديث لما ذكره الحافظ ضياء
الدين: رده
__________
(1) صحيح. رواه ابن خزيمة (1323) ، ورواه أبو داود (ح/449)
، وابن ماجة (ح/739) ،
وأحمد (3/152،145،134، 283،230) ، وابن حبان (308) ،
والطبراني في"الصغير" (2/
1114) ، وشرح السنة (2/350) ، والمنثور (6/51) والفتح
(1/539) ، والكنز (38484)
وصححه الشيخ الألباني.
(2) المصدر السابق.
(3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/740) . في الزوائد: إسناده
ضعيف. فيه جبارة بن المغلس،=
(1/1220)
بليث المذكور، قيل: واغفل كونه من رواية
أبي محمد جبارة بن المغلِّس الحافي
الكوفي، فإن عبد الله بن أحمد عرض على أبيه شيئا من حديثه
فأنكرها،
وقال في بعضها: سمعت هذه موضوعة أو هي كذب، وقال ابن معين:
هو
كذاب، وكان أبو زرعة حدّث عنه، ثم ترك حديثه بعد ذلك،
وقال: قال لي
أبي نمير: ما هو عندي ممن يكذب، كان يوضع له الحديث فيحدّث
به، وما
كان عندي/ممن يتعمد الكذب، وذكر ابن عقدة عن محمد بن عبد
الله بن
سليمان الحضرمي: سألت ابن نمير فقال: صدوق، وقال أبو حاتم:
هو مثل
القاسم بن أبي شيبة، وقال ابن عدي: في بعض حديثه مالا
يتابعه أحد عليه،
غير أنه كان لا يتعمّد الكذب، وحديثه مضطرب، كما ذكره
البخاري، وقال
ابن حبان: كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، وقال محمد
بن سعد:
يضعف، وذكره أبو جعفر العقيلي والبلخي في كتاب الضعفاء،
ويعقوب في
باب: من يرغب عن الرواية عنهم، وقال البزار: كان رجلًا
كثير الخطأ، ليس
يحدّث عنه رجل من أهل العلم، إنّما يحدّث عنه قوم فأتتهم
أحاديث كانت
عندم أو رجل عنى وأغفل كونه أيضا من رواية عبد الكريم
المجهول العين
والمنفرد عنه بالرواية جبارة، وقد وجدنا لهذا الحديث
شاهدًا رواه أبو داود
بسند، صححه ابن حزم عن محمد بن الصباح، ثنا سفيان بن عيينة
عن
سفيان عن أبي فروة عن أبي يزيد بن الأصم عن ابن عباس: فال
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ما أمرت بتشييد
المساجد". قال ابن عباس: لزخرفها كما زخرفت
اليهود والنصارى (1) . ورواه أبو نعيم من حديث عبد الأعلى
بن حماد، ثنا
معتمر سمعت بشار يحدّث عن أبي فزارة به. حدثنا جبارة ثنا
عبد الكريم بن
عبد الرحمن عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن
الخطاب: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ما ساء عمل
قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم" (2) . هذا
__________
وهو كذاب. وقد أخرجه أبو داود بسنده بدون هذا السياق.
انظر: صحيح أبي داود تحت: (ح/
474) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/157) ،
الضعيفة (ح/2733) .
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/448) ، وعبد الرزاق (5127) ،
وشرح السنة (2/348) ، وتغليق
(236، 237) ، والكنز (20827) ، والمنثور (3/217) ،
والمشكاة (718) ، والحلية (7/313) .
(2) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة (ح/741) . في الزوائد: في
إسناده أبو إسحاق، كان
(1/1221)
حديث تقدم الكلام على سنده، وقد وردت
أحاديث من هذا الباب غير ما
تقدم من/ذلك حديث ليث عن أيوب عن أنس قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابنوا
المساجد واتخذوها جما" (1) . وفي لفظ:"أمرت بالمساجد جما"
(2) . ذكره
ابن أبي شيبة فيِ مصنفه عن مالك بن إسماعيل، ثنا هريم عنه،
ولما سأل
الترمذي محمدا عنه قال: إنما يروى أيوب عن عبد الله بن
شقيق قوله، وقال
أبو الحسن: وسئل عنه ولم يتابع ليث عليه، وغيره يرويه عن
أيوب عن ابن
شقيق قوله، وحديث مجاهد عن ابن عمر قال:"نهانا رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن
نصلى في مسجد مشرف" (3) . رواه الدارقطني، وقال: رواه
إسحاق بن
منصور وابن غسان عن هريم عن ليث عنه، ورواه عبد الحميد بن
صالح عن
هريم عن ليث عن نافع عن ابن عمر، وحديث ابن عباس- رضي الله
تعالى
عنه- قال:"أمرنا أن نبني المساجد جما" (4) . ذكره عبد
الغافر الفارسي في
كتابه مجمع الغرائب، قال: ومعناه التي أشرنا لها، وفي كتاب
غريب الحديث
لأبي عبيد القاسم بن سلام زيادة: والمدائن شرفا، وحديث علي
بن أبي طالب
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:"ابنوا المساجد". رواه أبو نعيم الحافظ من
حديث محمد بن شعيب، ثنا مبشر بن عبيد عن الحكم عن يحيى بن
البزار
عنه، وحديث جابر بن عبد الله: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من زوق بيته أو
مسجده لم يمت حتى تصيبه قارعة" (5) . رواه أيضا من حديث
موسى بن
محمد صاحب القديدي، ثنا المنكدر بن محمد المنكدر عن أبيه
عنه، ورواه
__________
يدلس. وجبارة كذاب.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/157) ، وانظر:
(الضعيفة: ح/447) .
(1) رواه البيهقي (2/439) ، والحلية (3/12) ، والترغيب
(1/197) ، والمجمع (2/9) .
(2) رواه ابن عدي في"الكامل" (6/2107) ، والكنز (20771) ،
والجوامع (4420) .
(3) رواه الدارقطني (1/275) ، والطبراني (12/407) .
(4) انظر: الحاشية رقم "2" السابقة.
(5) قلت: وهذا حديث معلل رواه ابن الجوزي في علله. وعلته:
أبو البختري وهب بن
وهب، القاضي، عن هشام بن وهب، كذبه أحمد وغيره. (المغني في
الضعفاء: 2/727
1222
(1/1222)
ابن الجوزي في علله من حديث أبي البختري
وهب بن وهب/، ورده به،
وفي كتاب أبي نعيم بن دكن، ثنا سفيان عن أيوب عن عبد الله
بن شقيق
العقيلي قال:"كانت المساجد تبنى جمار المدائن تشرف". ثنا
سفيان عن أبي
فزارة عن مسلم المستبطني (1) قال: كان علي بن أبي طالب إذا
مر بمسجد
النيم وهو مشرف قال: هذه بيعة النيم عن بيته. الشرفة: ما
يوضع على أعالي
القصور والمدن، وشرف الحائط: جعل له شرفه. ذكره ابن سيده،
وفي الجامع:
وقولهم قصر مشرف: إنّما معناه طويل، وإذا أرادوا له شرف
قالوا: قصر
مشرف، والبيعة: كنيسة النصارى، وقيل كنيسة اليهود، كما
ذكره في
المحكم، وفي الجامع: البيعة: بكسر الباء: صومعة الراهب،
وقيل. كنيسة
النصارى، والجمع بيع، وقال عياض: البيعة: كنيسة أهل
الكتاب. والصلوات
للصابئين، كالمساجد للمسلمين، وفي كتاب الجواليقي: البيعة،
والكنيسة:
جعلهما بعض العلماء، فارسيين معربين، وأما البناء المشيد:
فهو المعمول
بالتشيد، وكلّ ما أحكم من البناء، فقد شيّد، قال أبو عبيد:
البناء المشيّد
المطول، وقال الكسائي: التشييد للواحد، والمشيّدة للجميع،
حكاه أبو عبيد
عنه والكسائي: يحل عن هذا. قاله ابن سيده، وفي الجامع:
أشدت الحائط
وشيّدته: فهو مشاد، ومشيد إذا طولته، وقيل: لا يكون مشيدا
حتى يجصّص
ويطول، والزخرف: الذهب هذا الأصل، ثم سمّى كل زينة زخرفا،
وزخرف
البيت: زينه وأكمله، وكلّ ما ذوق وزيّن، فقد زخرف،
والتزخرف، والتزين،
والزخارف: ما زين من السفن، والزخرف: زينة النبات. ذكره
ابن سيده، وفي
الجامع: كل نفيس يسمّى زخرفا، وقال الهروي: هو كمال/حسن
الشيء،
وقال عياض. هو التزويق بالنقش والتلوين. قال الخطابي:
المعنى أن اليهود،
والنصارى؛ إنما زخرفوا المساجد عند ما حرفوا وتركوا العمل
بما في كتبهم،
نقول: فأنتم تصيرون إلى مثل حالهم؛ إذا طلبتم الدنيا
بالدين وتركتم الإخلاص
في العمل، وصار أمركم إلى المراياه بالمساجد والمباهاة
بتشييدها وزينتها، وفيه
دليل على أن الصلاة لا تجز بالمال كما يجز الصوم وغيره
وأمّا قول من قال:
__________
(1) قوله:"المستبطفي"غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.
(1/1223)
أراد بالتباهي في المساجد والتفاخر
بالأنساب والأحساب وشيمه فمردود بقوله:
ببناء المساجد وبكثرة المساجد.
* * *
(1/1224)
120- باب أين يجوز
بناء المساجد؟
حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن أبي
التياح
الضبعي، عن أنس بن مالك قال:"كان موضع مسجد النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبنى
النجار وكان فيه نخل ومقابر للمشركين، فقال لهم النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثامنوني به
قالوا: لا نأخذ به ثمنا أبدا، قال: فكان النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبنيه، وهم يناولونه والنبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"ألا ان العيش عيش
الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة"قال: وكان
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي قبل أن يبنى
المسجد حيث أدركته الصلاة" (1) . هذا
حديث خرجاه في الصحيح من حديث أبي التياح مطولا:"قدم النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
المدينة فنزل أعلى المدينة في حي يقال لهم: بنو عمرو بن
عون، فأقام عليه
السلام/فيهم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى ملأ بني النجار،
فجاعوا متقلِّدين
السيوف، فكأني أنظر إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ على راحلة، وأبو بكر ردفه، وملأ بني
النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب، وكان يصلى في مرابض
الغنم، وفيه
فأمر لقبور المشرفي، فنبشت ثم بالخرب فسويت، وبالنخل فقطع،
فصفوا
النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادته الحجارة وفيه لا خير إلا
خير إلا
الأخرة". وأما قول خلف رواه مسلم (2) أيضا في الهجرة عن
إسحاق بن
منصور عن عبد الصمد عن أبيه عن أبي التياح، فيشبه أن يكون
وحماد ذلك
أن مسلما ليس عنده كتاب هجرة، وكتاب الهجرة إنما هو عند
البخاري،
وكذا ذكره الطرقي وابن أبي أحد عشر في جمعه، ورواه الحاكم
في دلائل
__________
(1) صحيح. رواه البخاري (1/117، 3/26، 83، 4/14،16، 5/86)
، وأبو داود (ح/454) ،
وابن ماجة (ح/742) ، وأحمد (3/118، 244) ، والتمهيد
(5/231) ، والنبوة (2/540) ، وابن
أبي شيبة (3/388) . غريبه: قوله:"ثامنوني" أي خذوا منى
الثمن في مقابلته وأعطوني به.
(2) صحيح. رواه مسلم في: المساجد (ح/9) .
غريبه: قوله:"خرب"قال النووي: هكذا ضبطناه بفتح الخاء
المعجمة وكسر الراء. قال
القاضي: رويناه هكذا. ورويناه بكسر الخاء وفتح الراء،
وكلاهما صحيح. وهو ما تخرب
من البناء.
(1/1225)
النبوة من حديث موسى بن إسماعيل: حدثنا
حماد بن سلمة عن أبي التياح
بزيادة: وكان المهاجرون والأنصار ينقلون اللين أو التراب
لبناء المسجد وهم
يقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بعثنا أبدا
فأجابهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اللهم إنّ الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة (1)
وفي حديث شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"ينقل التراب معنا، وقد وارى الغبار بياض أبطبه"وهو يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا/
فانزلنْ سكينة علينا إن الأُلى لقد بغوا علينا
وإن أرادوا فتنة أبيتا (2)
ومدّ بها صوته- صلى الله عليه وآله وسلم-، وفي حديث حشرج
بن
نباته عن سعيد بن جمهان عن سفينة قال:"لما بني النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد جاء
أبو بكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه، ثم جاء عثمان
بحجر
فوضعه، فقال هؤلاء: وُلاة الأمر من بعدي" (3) . وفي كتاب
موسى بن عقبة
عن ابن شهاب: كان المسجد مربد التمر لغلا من سهل وسهيل بن
عمرو بن
حجر أسعد، قال ابن شهاب: وزعموا أله كان رجال من المسلمين
يصلون في
المربد قبل قدوم النبي- عليه السلام- المدينة، فأعطاه رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمنه
ويقال: عرض عليها أسعد نخلا له في متى (4) بياضه ثوابًا من
مربدهما فقالا:
__________
(1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (4/30، 5/137، 9/96)
ومسلم) ص/1432)
وأحمد (3/170، 187، 244، 278، 288، 6/289، 315) والبيهقي
(7/43) والمنثور (3/279)
والفتح (13/142) والكنز (30098) وابن سعد (1/2/50، 51)
والخصائص (75) .
(2) صحيح. رواه البخاري (4/78، 5/140) وأحمد (4/282، 291،
302) والدارمي (2/220)
ومشكل (4/299) والخطيب (11/289) والقرطبي (14/130) والفتح
(7/400، 10/541، 13/
223) وتغليق (966) وأذكار (190) والكنز (30079) وابن أني
شيبة (8/527) .
(3) صحيح. رواه ابن عدي: (2/846) .
(4) كذا ورد هذا السياق"بالأصل"0
(1/1226)
بل تعطيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقال: بل اشتراه النبي- عليه السلام-
منهما،
فبناه مسجدا، فطفق هو وأصحابه ينقلون اللبن، وهم يقولون:
هذا الحمال إلا
حمال خير هذا أبرر بنا وأطهر، فأجابهم النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"اللهم إنّ الخير خير
الآخرة" (1) . قال ابن شهاب: فتمثّل رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شعر رجل من المسلمين
لم يسم لي ولم يبلغني في الأحاديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمثل بشعر قط غير هذه
الأبيات، أنبأ المشايخ المعمر بقية السلف عبد القادر بن
عبد العزيز بن أيوب،
وأبو بكر عبد الله بن علي بن عمرو، وأبو عبد الله محمد بن
عبد الحميد/بن
محمد- رحمهم الله تعالى- قراءة عليهم، وأنا أسمع قال
الأول: أنبأ الصالح
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أبي الفتح أنبأ
القاضي ضيعة
الملك أبو محمد بقية الله بن يحيى بن على بن حيدر، أنبأ
الشيخ أبو محمد
عبد الله بن رفاعة أنبأ أبو الحسن الخلعي، وقال الآخران:
أنبأ الشريف تاج
الشرف بن السيد أبي القاسم عبد الرحمن بن علي الحسين أنبأ
أبو الطاهر
محمد بن محمد بنان، أنبأ والدي، أنبأ أبو إسحاق الحبال،
قال هو والخلعي:
أنبأ أبو محمد عبد الرحمن بن عمر البزار أبو محمد عبد الله
بن جعفر بن أني
الورد، أنبأ أبو سعد عبد الرحيم بن عبد الله البرقي أنبأ
أبو محمد عبد الملك
ابن هشام، ثنا زياد قال: قال محمد بن إسحاق:"فقال أسعد بن
زرارة: يا
رسول الله إنِي مرضيهما منه فابنه مسجدا، فأمر النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببناء المسجد
فأصيب سعد والمسجد يبنى إصابة الذبحة أو الشهقة". وفي كتاب
سعد:
جعل قبلته للقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: باب في مؤخرة، وباب
يقال له:
باب الرحمة، والباب الذي يدخل منه، وفي الأكليل من حديث
عبد الله بن
عمر عن نافع عن مولاه: أنّه أخبره أنّ المسجد كان على
عهده- صلى الله
عليه وآله وسلم- مبنيا باللبن، وسقفه بالجريد، وعمده خشب
النّخل، فلم يزد
فيه أبو بكر شيئا، وزاد فيه عمر، وبناه على بنيانه في عهد
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال:
لولا أنى سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول:"إني أريد أن أزيد في قبلتنا " (2) ما
__________
(1) تقدم ص 1225.
(2) ضعيف. إتحاف (4/417) ، والمطالب (497) ، والكنز
(23080) ، وأورده الهيثمي في"مجمع
الزوائد" (2/11) ، وعزاه إلى "البزار"- ألا أنه قال:" أنا
نريد أن نزيد في فبلتكم"- وفيه عبد الله
(1/1227)
زدت، فزاد ما بين المنبر إلى موضع
المقصورة، ثم غيره عثمان، وزاد فيه زيادة
كبيرة، وبني/جدره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده
حجارة منقوشة،
وسقفه بالساج، وفي حديث مالك بن معول عن رجاء قال: كتب
الوليد بن
عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز؛ أن يكسر مسجد النبي عليه
السلام
وحجراته، وكان قد اشتراها من أهلها، وأرغبهم في ثمنها، وأن
يدخلها في
مسجد النبي- عليه السلام- فجاء عمر، فقعد ناحية، وقعدت
معه، ثم أمر
بهدم الحجرات، فما رأيت باكيًا ولا باكية أكثر من يومئذ
خرعا، حيث
كسرت، ثم بناه، كلما أراد أن يبنى البيت على القبر، وكسر
البيت الأول،
الذي كان عليه فطرت القبور الثلاثة، وكان الرجل الذي كان
عليها قد انهار
عنها فأراد عمر فليسوها ثم يصفون البناء. قال رجاء: فقلت:
إن قمت، قام
الناس معك، فوطئوا القبور فلو أمرت رجلاً أنْ يصلحها،
ورجوت أن يأمرني
بذلك، فقال: يا مزاحم قم، فأصلحها، قال رجاء: فأكرمه الله
بها، وفي
حديث يزيد بن رومان قام معاوية على منبر النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فجعله ست درجات،
وحوله عن مكانه، وانكشفت الشمس يومئذ. قال أبو عبد الله
وقد أحرق المنبر
الذي أحدثه معاوية، وردّ منبر النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكانه، وفي حديث علي بن
زيد عن أنس عند أبي نعيم الحافظ: لما بني النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد جعل سقفه
جريدا، وكان إذا بسط يده لحقت السقف، وفي كتاب الزواجر
لأبي زيد:
كان مربد، والتيمي في حجر معاذ بن عفراء عن الشِّفاء بنت
عبد الرحمن أنها
قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يؤمه جبريل
إلى الكعبة،
ويقيم/له القبلة، وكانت من اللبن، وقيل: بل من حجارة
منقوشة بعضها على
بعض، ثم إن المهدى بناه ووسعه وزاد فيه، وذلك في: سنة ستة
ومائة، ثم زاد
فيه المأمون في سنة: ثنتين وثمانين وأتقن بنيانه، ثم لم
يبلغنا أنّ أحدا غير منه
شيئا، ولا أحدث فيه عملا، وفي كتاب أخبار المدينة لأبي زيد
بن أبي شيبة:
أن العباس قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يا رسول الله ألا أبني لك مقصورة حجابا يكلمك
الناس من ورائه، يكف عنك طغاطهم وأخاهم فال:"لا بل اصبر
لهم
__________
العمري وثقة أحمد وغيره واختلف في الاحتجاج به وإسناد أحمد
منقطع بين نافع وعمر.
(1/1228)
فضول قدمي وبناني حتى يريحني الله منهم"
(1) . قال ابن شهاب: فكان أول
من عمل المقصورة معاوية، فأما التي في مسجد النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليوم؛ فإن عمر بن
عبد العزيز عملها حين بناء المسجد بأمر الوليد، وكان حين
عملها مرتفعة عن
الأرض ذراعين فخفضها المهدي فهي على حالها إلى اليوم. وفي
لفظ: أول
من أحدث المقصورة مروان في عمل معاوية بحجارة منقوشة، وجعل
فيها
كوى. وفي لفظ: أول من عمل مقصورة بلبن: عثمان بن عفان،
وكانت فيها
كوى ينظر الناس فيها إلى الإمام، وأنّ عمر بن عبد العزيز
عملها بالساج، قال:
والذي بلط حوالي المسجد بالحجارة: معاوية أمر بذلك مروان،
وعمل له أسرابا
ثلاثة تصد فيها مياه المطر، وأراد أن يبلط بقيع الزبير،
فحال ابن الزبير بينه وبين
ذلك، وكان بين يدي المنبر مرمر، فطرح فيه طنفسة لعبد الله
بن حسن، فلما
ولى حسن بن زيد المدينة في رمضان سنة خمسين ومائة؛ غير ذلك
المرمر سعة
من جرانية/كلّها حتى ألحقه بالسواري على ما هو عليه اليوم،
فلما قدم
المهدي قال لمالك: إني أريد أن أعيد منبر النبي- عليه
السلام- إلى حاله التي
كان عليها، فقال مالك: إنّه من طرقا، وقد سمّر أبي هذه
العيدان وشد فحتى
بزعته خفت أن يهار ويحملك فلا أرى أن تغيره، قال أبو زيد:
فانصرف رأي
المهدي عن تغييره والله تعالى أعلم.
حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو همام الدلال، ثنا سعيد بن
السائب عن،
محمد بن عبد الله بن عياض عن عثمان بن أبي العياض: "أن
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يجعل مسجد
الطائف حيث كان طاغيتهم" (2) . هذا حديث
إسناده صحيح لتوثيق البستي محمد بن عياض، وباقي من في
الإسناد لا يسأل
عن حالهم، ولفظ أبي داود:"طواغيتم". حدثنا محمد بن يحيى،
ثنا
عمرو بن عثمان، ثنا موسى بن علي، ثنا محمد بن إسحاق عن
نافع عن ابن
عمر:"وسئل عن الحيطان يلقى فيها الغدرات فقال: إذا سقيت
مرارا فصلوا
__________
(1) لم أقف عليه.
(2) إسناده صحيح. أواه أبو داود في (الصلاة، باب"12" (وابن
ماجة (ح/743) .
وصححه الشيخ الألباني.
(1/1229)
فيما يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) ". هذا حديث إسناده صحيح، عمرو بن
عثمان بن
سنان العلائي مذكور في ثقات ابن حبان، ورجاله الباقون
حديثهم في
الصحيح، وفي الباب حديث طلق بن علي قال:"خرجنا ونبأنا
بالنبي-
صلى الله عليه وآله وسلم- فبايعناه وأخبرناه أن بأرضنا
بيعة لنا، فاستف عيناه
من فضل طهوره، فدعا بماء فتوضأ وتمضمض، ثم صبه في أراوة،
وأمرنا إذا
أتيتم أرضكم، فاكسروا بيعتكم، وألقوا مكانها بهذا الماء،
واتّخذوه مسجدًا".
رواه النسائي (2) من حديث ملازم بن عمرو عن عبد الله/بن
بدر عن قيس بن
طلق عنه، وسكت عنه عبد الحق لما ذكره، وخطئ في ذلك، وحديث
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان يصلى في المواضع
التي يبول فيه الحسن والحسين ويقول: إنّ العبد إذا سجد لله
سجدة طهر الله
موضع سجوده". رواه أبو القاسم في الأوسط (3) ، وقال: لم
يروه عن هشام
إلا بزيغ أبو الخليل يعني المتكلم فيه بكلام فيه أقداح.
قوله: ثامنوني أي:
قدروا ثمنه لأشتريه منكم فأبوا، وفي كتاب ابن سعد: أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشتراه
منهما بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر- رضي الله عنه-،
فيحتمل على تقدير
الصحّة انه أعطاهما ذلك ثواب هبتهما إياه فاعتقد رأى ذلك
أنه ثمنه، وهذا
هو الأليق بحاله صلى الله عليه وآله وسلم وبيّنه ما تقدم
من قول ابن شهاب
وأمّا ارتجازه صلى الله عليه وآله وسلم فذكر ابن التِّين:
أنّ الرجز مختلف فيه
هل هو شعر، أم لا، قال: وقالوا: إنّما هو كالكلام المسجع،
وهى دائرة المشتبه
سمى بذلك؛ لأنه يقع فيه ما يكون على ثلاثة: أجراً مأخوذ من
البعير إذا
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/744) . في الزوائد: إِسناده
ضعيف. فيه محمد بن
إسحاق. كان يدلس. وقد رواه بالعنعنة.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/160) .
(2) صحيح. رواه النسائي في (المساجد، 11- باب اتخاذ البيع
مساجد: 2/38) . وأورده
الهيثمي في"مجمع الزوائد" (12/12) ، وعزاه إلى الطبراني
في"الكبير"، و"الأوسط"،
وعمرو بن شقيق ذكره هو وأبوه ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيهما
جرحا ولا غيره.
(3) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/6-7) .
وعزاه إلى الطبراني في
"الأوسط"وبزيغ: متهم بالوضع.
(1/1230)
شدّت إحدى يديه فبقى على ثلاث قوائم،
ويقال: بل هو مأخوذ من قولهم
ناقة، وجزاء: إذا ارتعشت عند قيامها لضعف يلحقها، أو دار
في الروض
يحتمل أن يكون من رجزت الجمل: إذا عدلته، قال ابن حبان:
وهو شيء
يعدل رجز جمل، وفي المحكم الرجز: اضطرب رجل البعير؛ إذا
أراد القيام
ساعة ثم تنبط، وقال أبو إسحاق: سُمى بذلك؛ لأنه يتوالى في
أوّله حركة
وسكون، وقيل: لاضطراب أجزائه وتقاربها، وقيل: هو
صدور/للإِعجاز، فلما
كان هذا الوزن فيه اضطراب سمى رجزا تشبيها بذلك، وفي
الحديث: لما
اجتمعت قريش في أمره عليه السلام، وقالوا: نقول هو شاعر،
فقال بعضهم:
قد عرفّنا الشعر كلّه مقبوضه ومبسوطه وزجره؛ فذكروا الرجز
من جملة أنواع
الشعر، وقد تقدّم أيضا قول الزهري في ذلك، ولعلِّ الملجئ
له إلى ذلك؛
هروبه من إنشاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
شيئا منه قابل فلو كان شعرا لما علمه النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قال تعالى: {وما علمناه الشعر} (1) . وما علم أن من أنشد
القليل من
الشِّعر متمثلا على جهة الله، ولم يستحق اسم شاعر، ولا
يقال فيه أنه تعلم
الشِّعر ولا ينسب إليه، ولو كان كذلك للزم أن يقال كل
النّاس شعراء؛ لأن
كل فرد لابد أن يتمثّل بشعر أو يتكلم به من غير قصد إذا
الشّعر لا يكون إّلا
عن قصد، والذي قال: الخليل هو الكلام الصحيح؛ لأنّ المهزل
عنده ليس
بشعر وهو الذي جرى على لسانه عليه السلام. وأمّا الطاغية؛
فذكر أبو موسى
المديني أنه ليس من الطواغيت يشبه أن يريد به من طغى في
الكفر وجاز القدر
في الشرّ أي: عظاهم، ويجوز أن يريد به الأديان، وأما من
رواه الطواغيت
فزعم ابن سيده: أنّ- الطاغوت عبد من دون الله تعالى، وقيل:
هي الأصنام،
وقيل: الشيطان، وقيل: الكهنة، وقيل: مودة أهل الكتاب،
وقوله تعالى:
{يؤمنون بالجبت والطاغوت} (2) قال أبو إسحاق: قيل ها هنا
حي بن
أخطب وكعب بن الأشرف، وقوله تعالى: {يُريدُون أن يتحاكمُوا
إلى
الطّاغُوتِ} (3) يعني: إلى الكاهن أو الشيطان، وهو يقع/على
الواحد
والجميع، والمذكر المؤنث ووزنه ملفوت؛ لأنه من طغوت،
وإنّما أُقِرت طوغوتا
__________
(1) سورة يس آية: 69.
(2) سورة النساء آية: 51.
(2) سورة النساء آية: 60.
(1/1231)
في التقدير على طغوت؛ لأن قلب الواو عن
موضعها أكثر من قلب الباء في
كلامهم، نحو شجر شاك ولاث وهاد، قد يكسر على طواغيت، وطواغ
الأخير عن اللحياني، وفي الجامع: العرب تسمى الكاهن
والكاهنة طاغوتًا، وفي
كتاب أبي موسى المديني: هو ما زُيِّن لهم الشيطان أن
يعبدوه، وفي الصحاح:
هو كل رأس في الضلال، ومعنى قوله: سقيت أي: صُب عليها
الماء مرة بعد
أخرى كما قال صلى الله عليه وآله وسلم:"صبوا عليه سجلا من
ماء" (1) .
والله تعالى أعلم.
***
__________
(1) تقدم في كتاب الطهارة، وانظر سنن أبط داود) الطهارة،
باب 137) والبيهقي في:
"الكبرى" (2/428) .
(1/1232)
121- باب المواضع
التي يكره فيها الصلاة
حدثنا محمد بن يحيى، ثنا يزيد بن هارون، ثنا سفيان عن عمرو
بن يحيى
عن أبيه وحماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي
سعيد الخدري
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"الأرض
كلها مسجد إّلا المقبرة والحمام (1) . هذا
حديث خرجه أبو عبد الله في مستدركه من حديث عبد الواحد بن
زياد، ثنا
عمرو، وقال: تابعه عبد العزيز بن محمد بن عمرو وقال: وتابع
عمارة بن
عربة بن يحيى على روايته عن أبيه يحيى بن عمارة، ثم قال:
هذه الأسانيد
كلها صحيحة على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه، وخرجه ابن
حبان في
صحيحه عن عمران بن موسى، ثنا أبو كامل، ثنا عبد الواحد به،
ولما خرجه
الدارمي في مسنده الذي زعم أنه صحيح ذكر آخره، قيل لأبي
محمد تجرى
الصلاة/في المقبرة، قال: إذا لم يكن على القبر فتقم، قال:
والحديث أكثرهم
أرسله، وذكره ابن حزم مصححا له، ثم قال: وقال بعض من لا
يبقى عاقبة
كلامه في الدين: هذا حديث أرسله الثوري، وشكّ في إسناده
موسى بن
إسماعيل عن حماد مكان ما دار يتم، يقولون: إن المسند
كالمرسل، ولا فرق
ثم أي منفعة لهم في شك موسى، ولم يشك حجاج، وإن لم يكن فوق
موسى فليس دونه في إرسال سفيان، وقد أسند حماد وأبو طوالة
وعبد الواحد
وابن إسحاق وكلهم عدل، وفي كتاب المعرفة، قال الشّافعي:
وحدّث هذا
الحديث في كتابي في موضعين: أحدهما: منقطع، قال أبو عبد
الله: وبه يقول
ومفعول أنه كما جاء الحديث ولو لم يتنبه؛ لأنه ليس لأحد أن
يصلي على
أرض نجسة، وقال أبو عيسى: حديث أبي سعيد قد روى عن عبد
العزيز بن
محمد ورواه منهم من ذكره عن أبي سعيد، ومنهم سن لم يذكره
وهذا
حديث فيه اضطراب، روى سفيان الثوري عن عمرو بن يحيى عن
أبيه عن
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (ح/317) ، وقال: هذا حديث فيه
اضطراب. وابن ماجة (ح/745) وأحمد
(3/83) والحاكم (1/251) ، وعبد الرزاق (1582) ، وابن خزيمة
(791) ، وشرح السنة (2/409) ،
والمشكاة (737) ، ونصب للراية (2/324) ، وابن حبان (338) ،
وابن أبي شيبة (2/379) ، والفتح (1/
529) ، والشافعي (20) ، والكنز (19187) . وصححه الشيخ
الألبانْي.
(1/1233)
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مرسلا، ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي
سعيد عن النبي- عليه السلام- مسدا، ورواه محمد بن إسحاق عن
عمرو بن
يحيى عن أبيه، قال: كان عامة روايته عن أبي سعيد عن النبي-
صلى الله
عليه وآله وسلم- ولم يذكر فيه أبا سعيد، وكانت رواية
الثوري عن عمرو عن
أبيه عن النبي- عليه السلام- أصح وأثبت، وقال في العلل:
كان الدراوردي
أحيانا يذكر فيه أبا سعيد ورعا، لم يذكره، والصحيح: رواية
الثوري وغيره عن
عمرو عن أبيه مرسل، وبنحوه. قاله أبو علي/الطوسي في
أحكامه. وفي ما
قالاه نظر: من حيث؛ أن ابن ماجة ساق رواية الثوري بسنده
قيل، والله تعالى
أعلم. وقال البيهقي: حديث الثوري مرسل، وقد روى موصولا،
وليس بشيء.
انتهى كلامه وهو غريب وصوابه ة لما قدّمناه مسندا صحيحا،
وفي قول
الترمذي أنّ ابن إسحاق لم يسنده نظر؛ لما تقدّم من عند ابن
حزم، ولما يأتي
من عند البزار، ورواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل، ثنا
حماد، ثنا مسدد،
ثنا عبد الواحد عن عمرو عن أبيه عن أبي سعيد، قال موسى في
حديثه: فيما
يحسب عمرو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يذكره أبو الحسن بن القطان، فقد أخبر
حماد في رواية: أن عمرا شكّ في ذكر النبي- صلى الله عليه
وآله وسلم-،
ومنتهى الذين رووه مرفوعا إلى عمرو، وأنّ الحديث حديثه،
وعليه بدر (1)
رضوا شك أولا ثم تيقن، ثم شكّ فإنه لو تعين الواقع منهما
أنه الشكّ بعد أن
حدث به متيقِّنا للرفع؛ لكان يختلف فيه، فمن يرى لسان
الحديث قادحا لا
يقبله، ومن يراه غير صائر يقبله، وإن قدّرنا حديثه شاكا،
ثم تيقّن فهاهنا
يحتمل أن يقال غير بعد الشك على سبب من أسباب اليقين، مثل
أن يراه في
مسموعاته أو مكتوباته فيرتفع شكّه فلا يبالى ما تقدم من
تشككه، ومع هذا
فلا ينبغي للمحدّث أن يترك بمثل هذا في نقله؛ فإنه إذا فعل
فقد أراد مِنّا قبول
رأيه في رواية، وهذا كلّه إنّما يكون إذا سلم أنّ
الدراوردي وعبد الواحد
الرافعين له سمعاه منه غير مشكوك فيه، فإنّه من المحتمل أن
لا يكون الأمر
كذلك بأن سمعاه مشكوكا فيه؛ كما سمعه/حمّاد، ولكنهما حدثا
به، ولم
__________
(1) كذا ورد هذا السياق"بالأصل"، وفيه اضطراب.
(1/1234)
يذكر ذلك اكتفاء بحسبانه، وعلى هذا تكون
علْة الخبر فاعلم ذلك. انتهى
كلامه. وفيه نطر؛ من حيث قوله عن عمر، والحديث حديثه؛ لما
أسلفناه
صحيحا من عند الحاكم من أنّ عمارة بن غزية رواه عن يحيى
كرواية ابنه
عمر، ورواه البزار من حديث زياد، ثنا أبو طوالة عن عمرو
مرفوعًا، وقال:
رواه جماعة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي- صلى الله
عليه وآله
وسلم- ولم يقولوا عن أبي سعيد، ورواه عبد الواحد وعبد الله
بن
عبد الرحمن ومحمد بن إسحاق مرفوعا، وقد أسلفناه عن ابن حزم
أن
حجّاجًا رواه عن حماد بغير شكّ وكذلك يزيد بن هارون
المذكور عندنا
رباح، وهو ردّ؛ لما ذكره ابن القطان أيضًا، وأما تعداد
الرواة الذين أسندوه عن
البزار؛ فقد أغفل ما ذكره أبو القاسم؛ إذ رواه من حديث
حجاج بن منهال بن
خارجة بن مصعب عن عمرو مسندًا، وأما قول أبي الخطاب بن
دحية في
كتابه المولد: حديث أبي سعيد يعني هذا لا يصح من طريق من
الطرق بين
ذلك أهل التعديل والتجريح فغير صحيح؛ لما قدّمناه لتصحيحه
في الترجيح
الذي سلم به الحديث من التجريح.
حدثنا محمد بن إبراهيم الدمشقي، ثنا عبد الله بن يزيد عن
يحيى بن
أيوب عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن
عمر قال:
"نهى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يصلى في سبع
مواطن:
في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام،
ومعاطن الإِبل، وفوق
الكعبة" (1) . هذا حديث لما رواه أبو عيسى قال: حديث ابن
عمر/إسناده
__________
(1) تقدّم في كتاب الطهارة وهو ضعيف وراجع تخريجه.
ورواه ابن ماجة (ح/746) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن
ماجة (ح/746) .
مفردات الحديث:
المقبرة: بضم للباء، وتفتح. موضع دفن الموتى.
المزبلة: موضع يطرح فيه الزبل.
المجزرة: الموضع الذي ينحر فيه الإِبل، ويذبح فيه البقر
والشاة.
قارعة الطريق: للوضع الذي يقرع بالأقدام من للطريق.
معاطنْ مبارك الإِبل عند منامها، وشرابها.
(1/1235)
ليس بذلك القوى، وقد تكلم في زيد بن جبيرة
من قبل حفظه، وقد روى
الليث بن سعد هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمري عن
نافع عن ابن
عمر عن عمر عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، وحديث ابن
عمر
عن النبي- عليه السلام- اسمه واضح من حديث الليث، وعبد
الله بن عمر
العمري: ضعفه بعض اً هل الحديث من قبل حفظه. قال أبو عيسى:
وزيد بن
جبيرة الكوفي أثبت من هذا، وأقدم فقد سمع من ابن عمر، وقال
أبو محمد
الأشبيلي: غير أبي عيسى يقول في هذا الإِسناد أكثر من هذا،
وقال أبو علي
الطوسي في كتاب الأحكام: حديث ابن عمر إسناده ليس بذاك
القوى،
وأشبه، وأصح من حديث الليث، وقال أبو الفرح في العلل
المتناهية: هذا خبر
لا يصح، وقال أبو الخطاب بن دحية: هذا حديث باطل عندهم
أنكروه على
ابن سيده، ولا يعرف مسندًا إّلا برواية يحيى بن أيوب عنه،
ولا يجوز اًن
يحتج عند أهل العلم بمثله، وقال أبو زكريا الساجي: زيد بن
جبيرة الأنصاري
الذي يُحدِّث عن داود بن حصين ثقة إلا أنه أتى بمنكر في
هذا الحديث-
يعني: حديث ابن عمر- وقال أبو جعفر العقيلي: زيد بن جبيرة
منكر
الحديث، من حديثه ما ثناه عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة،
ثنا المقري، ثنا
يحيى عن أيوب عن زيد عن داود يذكره، وثنا يحيى بن عثمان،
ثنا عبد
الله بن صالح، حدثني الليث عن عبد الله بن عمر عن نافع عن
ابن عمر عن
النبي- عليه السلام- نحوه، ثنا محمد بن إسماعيل، ثنا يحيى
بن علي، ثنا
ابن أبي بريم، ثنا الليث بن سعد قال: هذه النسخة/رسالة من
عبد الله بن
نافع مولى ابن عمر إلى الليث بن سعد. أمّا بعد: فإن نافعًا
كان يحدّث عن
ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أنه:"نهى أن يصلى في سبع مواطن: مواطن
الإِبل والمجزرة، والمزبلة، وفي مصلى قبلة إلى مرحاض،
وقارعة الطريق، والمقبرة،
وظهر بيت الله العتيق" (1) . قال: ولا أعلم الذي حدث بهذا
عن نافع إّلا قد
قال عليه الباطل؛ فأما ما ذكرت من مصلى قبلته إلى مرحاض،
فإنّما جعلت
السترة لتستر من المرحاض وغيره، وقد حدثني نافع إن أراد
ابن عمر التي هي
__________
(1) الحاشية السابقة.
(1/1236)
وراء جدار قبلة النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مربد الأرواح التي يدهن فيه ثم
ابتاعته
حفصة- رضي الله تعالى عنها- منهن فاتحذته دارا، وأمّا ما
ذكرت من
مواطن الإبل: فقد بلغنا أنّ ذلك يكسر ما وقد كان النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى على
راحلة، وقد كان ابن عمر، ومن أدركنا من خيار أهل أرضنا
يعرض أحدهم
ناقة بيته وبن القبلة فيصلِّى إليها وهي تبعر وتبول: وأمّا
ما ذكرت من الصلاة
في المقبرة؛ فإنّ أبي حدثني أنّ عبد الله بن عمر صلى على
رافع بن خديج في
المقبرة، وهو إمام الناس يومئذ، وذكر الفضل بن طاهر في
كتاب التذكرة،
ورده يزيد أبو أحمد في كامله في باب ما أنكر على زيد بن
جبيرة- يعني أبا
جبيرة الأنصاري- القائل فيه يحيى بن معين: لا شيء، وقال
أبو حاتم: منكر
الحديث جدا متروك، وقال الأزدي: متروك الحديث، وقال
الدارقطني: ضعيف
الحديث، وقال ابن حبان: يروى المناكير عن المشاهير فاستحق
السلب عن
رواية، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه/ليس بالقائم، وقال أبو
عمر في
الاستفتاء: وأجمعوا على أنه ضعيف الحديث. انتهى. وفيه نظر؛
لما تقدم من
عند الساجي وغيره، ولما ذكر له الحاكم حديثا في مستدركه
صحح إسناده،
وأما يحمى بن أيوب أبو زكريا البغدادي الزاهد المقابري
وداود بن الحصين وإن
كان فيهما كلام فحديثهما في الصحيح.
حدثنا علي بن داود ومحمد بن أبي الحسين قالا: ثنا أبو
صالح، حدثني
الليث عن عبد الله بن عمر، حدثني نافع عن ابن عمر عن عمر
بن الخطاب
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"سبع
مواطن لا يجوز فيها الصلاة، طاهر بيت الله،
والمقبرة، والمزبلة، والمجزرة، والحمام، وعطن الإبل، ومحجة
الطريق" (1) . هذا
حديث سبق الكلام عليه وردّ 5 أبو علي الطوسي بعلي بن داود
أيضا، والله
أعلم. وقال البزار: لا نعلمه يروى عن ابن عمر عن عمر إلّا
من هذا الوجه،
ولا نعلم حدّثه به عن عبد الله عمر إلا الليث بن سعد، وفي
الباب حديث
عائشة، وذكر عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كتبه بالحديث فقال:"أولئك قوم إذا مات
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/747) . وضعفه الشيخ الألباني.
ضعيف ابن ماجة (ح/
162) 0 أنظر: الإرواء: (287) ، والشكاة: (738) .
(1/1237)
فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا
وصوروا فيه تلك الصورة أولئك
شرار الخلق عند الله عز وجل" (1) . وحديث ابن عباس قال
عليه السلام:
"لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم
مساجد يحذر ما
صنعو" (2) . وحديث أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "قاتل الله اليهود
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (3) . خرجاه في صحيحهما،
وحديث جندب
سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/قبل أن يموت
بخمس وهو يقول:" إني أبرأ إلى الله أن
يكون لي منكم خليل ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتّخذون
قبور أنبيائهم
وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذ القبور مساجد" (4) . وحديث
أبي مرثد
الغنوى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:"لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها".
رواهما مسلم، وحديث ابن عمر؛ قال عليه السلام: "اجعلوا في
بيوتكم
من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا" (6) . ذكره البخاري، قال
الإسماعيلي: إنّ
هذا الحديث يدلُّ على النهي عن الصلاة في القبر لا في
المقابر، وفي كتاب
__________
(1) صحيح. رواه البخاري (1/118) ، والفتح (1/531) ، ورواه
ابن سعد (2/2/34) ، وأبو
عوانة (1/400) ، والتمهيد (1/168، 5/46) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/119،
4،206،6/14،7/109) ، ومسلم في
) المساجد، باب"3"، ح/22) ، والنسائي (2/40) ، وأحمد
(6/275، 299) ، والنبوة (7/
203) ، وأبو عوانة (1/399، 400) ، والبداية (5/238) .
(3) حسن. رواه الترمذي (ح/813) ، وأحمد (2/285، 454، 518)
، والبيهقي (6/135، 9/
208) ، والنبوة (7/204) ، والموطأ (892) ، والمنثور
(3/227) ، وابن سعد (2/2/44)
(4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/20) ، ومسلم في
(المساجد، ح/23) ، وابن أبي
شيبة (2/376) ، والمشكاة (713) .
والخليل: هو المنقطع إليه، إليه: أي النبي ينهى عن ذلك
ويكره.
(5) صحيح. رواه مسلم في (الجنائز، باب"33"، ح/97) ، وأبو
داود (ح/3229) ،
والترمذي (ح/1050،1051) ، وصححه. وأحمد (4/135) ، والبيهقي
(2/435، 4/79) ،
والحاكم (3/220، 221) ، وأبو عوانة (1/398) ، والمشكاة
(1618) ، والطبراني في"الصغير"
(1/252) ، والكنز (42574) ، وشرح السنة (5/410) ، والحلية
(9/38) .
(6) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/118، 441، 2/76) ،
ومسلم في (المسافرين،
ح/777) ، وأبو داود (1043) ، والترمذي (415) ، وصححه. وابن
ماجة (1377) ، والنسائي
(3/197) ، وشرح السنة (4/132) ، وابن السني (411) ،
والمشكاة (714) .
(1/1238)
ابن المنذر هذا يدل على أن المقبرة ليست
بموضع للصلاة، وللعلماء في معنى
هذا الحديث قولان: أحدهما: أنه ورد في صلاة النافلة، وهو
الظاهر، الثاني:
في الفريضة، يعني بذلك: من لا يقدر على الخروج، وفيه بعد
في كتاب ابن
التين؛ فأوّل البخاري هذا مع الصلاة في المقابر وأخذ عليه،
وذلك أن جماعة
أولوه على أنه عليه السلام ندب إلى الصلاة في البيوت إذ
الموتى لا يصلون
في قبورهم، فقال: " لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلون في
بيوتهم"، وهي
القبور، وأمّا جواز الصلاة في المقابر أو المنع فليس في
الحديث ما يوجد منه
ذلك، وحديث علي- رضي الله تعالى عنه- أنه هو يقاتل وهو
يسير، فجاء
المؤذن، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام، فلما فرغ
قال:"إنّ حبيبي عليه
السلام نهاني أن أصلى في المقبرة، ونهاني أن أصلي في أرض
بابل، فإنها
ملعونة". ذكره أبو داود (1) من حديث الحجاج بن شداد عن أبي
صالح
الغفاري سعيد بن عبد الرحمن عنه، وذكره أبو عبد
الله/الجعفي في صحيحه
بلفظ: ويذكر عن علي أنه كره الصلاة بخسف بابل، وذكر ابن
يونس أبا
صالح هذا؛ فقال: روى عن علي، وما أظنه سمع به، وقال
الأشبيلي: هذا
حديث واهي، وزعم ابن القطان: أنّ فيه رجالا لا نعرف حالهم،
وقال
البيهقي في المعرفة: إسناده غير قوي، وقال الخطابي: إسناد
هذا الحديث فيه
مقال، ولا أعلم أحدا من العلماء حزم الصلاة في أرض بابل،
وقد عارضه ما
هو منه وهو قوله عليه الصلاة والسلام:"جعلت لي الأرض مسجدا
وطهورا" (2) . ويشبهه أن يثبت الحديث أن يكون نهاه أن
يتّخذها وطنا ودارا
للإِقامة، فتكون صلاته فيها يوما إذا كانت إقامته بها،
ويخرج النهى فيه على
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/490) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/119،91) ، ومسلم في
(المساجد، ح/5) ، وأبو
داود (489، 3613، 3614) ، والمجمع (3615) ، والترمذي (317)
، والنسائي (2/26) ، وابن
ماجة (567) ، وأحمد (1/250، 2/240، 250، 412، 442، 501،
5/145) ، والبيهقي (2/
433، 434) ، والطبراني (11/61، 73) ، والإرواء (1/315) .
(1/1239)
الخصوص ألا ترى إلى قوله نهاني حبيبي، أو
يحتمل أن يكون أمره ما يلقى
من المحنة بالكوفة وهى هن أرض بابل، والله تعالى أعلم.
وفي السن الكبير البيهقي (1) : وروينا عن عبد الله بن أبي
محل العامري
قال:"كنا مع علي فمررنا على الخسف الذي ببابل فلم يصل حتى
أجازه".
وعن حجر بن عدي الحضرمي عن علي قال:"ما كنت لأصلى في أرض
خسف الله بها ثلاث مرات" (2) . قال أبو بكر: وهذا النهي إن
ثبت مرفوعًا
ليس لمعنى يرجع إلى الصلاة فلو صلى فيها لم يعد؛ وإنما هو
كما جاء في
حديث الحجر، وحديث ابن عمر قال عليه الصلاة والسلام:"لا
تدخلوا
على هؤلاء المعذّبين إلا أن يكونوا باكين، فإن لم يكونوا
باكين فلا تدخلوا
عليهم لا يصيبكم ما أصابهم" (3) . أدخله البخاري في باب
الصلاة، في
موضع الخسف والعذاب، وفي كتاب البيهقي: وروينا عن ابن عمرو
بن
العاص/أنه: كان يكره أن يصلي الرجل في الحمام، وروينا عن
ابن عباس
أنه: كره أن يصلى إلى حش أو حمام أو قبر، ورأى عمر إنسان
يصلى وبن
يديه قير لا يشعر به فناداه: القبر القبر، وحديث أبي سعيد
مولى المهدى قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا تتخذوا
بيوتكم قبورا" (4) . أنبأ به المسند الجودري عن
أبي الحسن المحمودي أنبأ الحافظ أبو طاهر، أنبأ أبو مسعود
محمد بن عبد
الله بن أحمد السودجاني، أنبأ أبو عبد الله محمد بن أحمد
بن حمدان
الخيال، قال السلفي: وأنبأ أبو القاسم الفضل بن علي السكري
أنبأ أبو بكر
محمد بن أحمد الدكراني قالا: أنبأ أبو محمد عبد الله بن
محمد بن إبراهيم،
__________
(1) صحيح. رواه البيهقي: (2/451) . وله شاهد بإسناد حسن.
رواه أبو داود في الحاشية
رقم"1" السابقة.
(2) لم نقف عليه.
(3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (6/9) ، ومسلم (2285) ،
وعبد الرزاق (1625) ،
والترغيب (4/360) ، وتجريد (876) ، والتمهيد (5/212) ،
والكنز (35163) ، وأذكار
(153) ، والطبراني (12/457) ، وبداية (1/138) .
(4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1377) ، وأحمد (4/114، 116) ،
وعبد الرزاق
(6726،4839) ، والكنز (41510) ، وابن حبان (635) . وصححه
الشيخ الألباني.
(1/1240)
ثنا جدي أبو موسى عن عيسى بن إبراهيم، ثنا
آدم بن أبي إياس العسقلاني
بجميع كتاب الثواب تأليفه، ثنا حبان عن محمد بن عجلان عنه،
وحديث
الحسن قال: حدثني سبعة رهط من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم: أبو هريرة أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"نهى عن الصلاة
في المسجد تجاه حش، أو حمام، أو
مقبرة" (1) . ذكره أبو أحمد من حديث عبادة بن كثير الثقفي
عن عثمان
الأعرج عنه، وردّه بضعف عباد، وزاد ابن القطان علّة أخرى؛
وهى الجهالة
بحال عثمان؛ فإنّها لا تعرف، وفي كتاب البزار من حديث
الأشعث عنه عن
أنس:"نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن
الصلاة بين القبور" (2) . وسنده صحيح. قاله عبد
الحق في الكبرى، وحديث أبي هريرة يرفعه:"لا تجعلوا بيوتكم
مقابر" (3) .
رواه مسلم، وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان عند حديث عمر إن
شاء الله تعالى
غريبه/: قال ابن سيده: القبر مدفن الإنسان، وجمعه: قبور،
والمقبرة: موضع
القبور، قال سيبويه: المقبرة ليس على الفعل، ولكنه اسم،
وفي الصحاح: وقد
جاء في الشّعر المقبرة قال الشاعر:
لكل أناس مقبر نعتا بهم ... فهم ينقصون والقبور تزيد
وهو المقبِري والمقبري، قال ابن مري: وقول ابن نصر أن
المقبر- بفتح
الباء- قد جاء في الشعر، يقتضى أنه من الشاذ وليس كذلك؛ بل
هو قياس
مطرد في أسم المكان من قبر يقبر المقبر، ومن خرج يخرج
المخرج، ومن دخل
يدخل المدخل، وهو قياس مطرد لم يشذ منه غير الألفاظ
المعروفة، مثل
المنبت، والمسقط، والمطلع، والمشرق، والمغرب، ونحوها، قال
ابن سيّده:
__________
(1) ضعيف. وعفته عثمان الأعرج، عن الحسن، وعنه عياد بن
كثير، لا يعرف. (المغني
في الضعفاء: 2/430/4076) .
(2) إسناده صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع للزوائد" (2/27) ،
وعزاه إلى البزار ورجاله
رجال الصحيح. ورواه ابن أبي شيبة: (14/240) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (صلاة المسافرين، باب"29"، ح/212)
، والترمذي (ح/
2877) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود في (المناسك،
باب"99" (، وأحمد
(2/378،337،284،288) ، والمشكاة (2119) ، وشرح السنة
(4/456) ، والكنز (41511)
والترغيب (2/369) .
(1/1241)
والحمام: الديماس مشتق من الحميم مذكر وهو
أحد ما جاء من الأسماء على
فعال نحو: اقتران والحمام، والجمع حمامات، قال سيبويه:
جمعوه بالألف
والتاء، وإن كان مذكرًا حي لم يكسر، جعلوا ذلك عوضا من
التكسير، وفي
الصحاح: الحمام مشدد واحد الحمامات المبنية، وفي الأوائل:
أؤل من اتُّخذ له
الحمام، سليمان، قالوا: أراد أن يتذكر به الآخرة فلما
دخلها قال: آه من عذاب
الله تعالى، وأما المجزرة فزعم الجوهري: أن المجزر بكسر
الراء موضع جزر
الجزور ويقال: جزرت الجزور أجزرها بالضم، واجتزرتها إذا
نحرتها وجلدتها،
وفي الحديث عن عمر:"إياكم وهذه المجازر، فإن لها ضراوة
كضراوة
الخمر" (1) . قال الأصمعي: يعني ندى القوم؛ لأن الجزور
إنما تذبح عند جمع
الناس، قال: والمزبلة: بالضم أيضًا، موضع الزبل وهو
السرجين، قال أبو
محمد ابن حزم: ولا تحل الصلاة في حمام سواء مبد أما به
إلى/منتهى جميع
حدوده، ولا على سطحه وسقف موقده وأعالي حيطانه خربا كان أو
قائما،
فإن سقط من بنيانه شيء يسقط عنه اسم حمام، جازت الصلاة في
أرضه
حينئذ، ولا في مقبرة لمسلم كانت أو لكافر، فإن ثبت وأخرج
ما فيها من
الموتى جازت الصلاة فيها، ولا إلى قبر ولا عليه ولعانه قبر
نبي، وبهذا تقول:
طوائف صن السلف روينا عن نافع بن جبير أنه قال:"كان ينهى
أن يصلى
وسط القبر والحمام والحشان". وعن ابن عباس قال:"لا تصلين
إلى حش،
ولا حمام، ولا في مقبرة". قال أبو محمد: ولا نعلم لابن
عباس في هذا
مخالفا من الصحابة، وعن إبراهيم قال: كانوا يكرهون أن
يتخذوا ثلاثة أبيات
قبلة: الحمام، والحش، والمقبرة، وعن العلاء بن زياد عن
أبيه وخيثمة بن عبد
الرحمن أنهما قالا:"لا تصلي إلى حمام، ولا إلى حش، ولا وسط
مقبرة"
وقال أحمد: من صلى في حمام أو مقبرة أو إلى مقبرة أعاد
أبدًا، وعن علي:
__________
(1) بنحوه. رواه مالك في: صفة النبط صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (ح/36) . ولفظه:"إياكم واللحم؛ فإن له
ضراوة كضراوة الخمر".
غريبه: قوله:"ضراوة" أي: عادة يدعو إليها ويشق تركها لمن
ألفها، فلا يصبر عنه من
اعتاده.
(1/1242)
من شرار الناس من يتخذ القبور مساجد، وعن
ابن عباس رفعه:"لا تصلوا
على قبر، ولا إلى قبر" (1) . قال ابن جريج:"قلت لعطاء
أيكره أن يصلى إلى
قبر أو وسط القبور؟! قال: نعم، كان ينهى عن ذلك، فإن كان
بينك وببن
القبر سترة ذراع فصلّ"، وعن عمرو بن دينار نحوه، وكان طاوس
يكره
الصلاة وسط القبور كراهية شديدة، قال أبو محمد: فهؤلاء
الصحابة لا نعلم
لهم من الصحابة أيضا مخالفا، وكره الصلاة على القبر وإلى
القبر، وفي
المقبرة: أبو حنيفة، والأوزاعي، وسفيان، ولم يرى مالك بذلك
النهى عن
الصلاة على ظهر الكعبة فسيأتي إن شاء الله تعالى في موضعه،
والله أعلم.
__________
(1) صحيح. رواه الطبراني في"الكبير" (3/2/145) ، عن عبد
الله بن كيسان عن عكرمة
عن ابن عباس مرفوعا. وكيسان هذا هو: أبو مجاهد المروزي
صدوق يخطيء كثيرا كما قال
الحافظ في"التقريب"، وبقية رجاله ثقات.
ثم رواه (1/1/150) عن رشدين بن كُريب عن أبيه عن ابن عباس
رفعه. ورشدينن ضعيف
كما في"التقريب"، وبقية رجاله ثقات، فالحديث بمجموع
الطريقين حسن. وللحديث
شاهدان من حديث أبط سعيد الخدري وأنس، وهما مخرجان في
كتاب"تحذير المساجد"
) ص 31-32) ، وعلى هذا فيكون الحديث صحيح.
(1/1243)
122-باب ما يكره في
المساجد
حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، ثنا
محمد
ابن حمير، ثنا زيد بن جبيرة الأنصاري عن داود بن الحصين عن
نافع عن ابن
عمرو عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:"خصال لا ينبغي في المسجد، لا تتخذ
طريقا، ولا يشهر فيه سلاحا، ولا يبيض فيه نفوس، ولا ينثر
فيه نبلا، ولا يمر
فيه بلحم نيىء ولا يضرب فيه حدًا، ولا يقتص فيه من أحد،
ولا يتخذ
سوقاً" (1) . هذا حديث لما ذكره أبو أحمد بن عدي وأبو
الفضل في كتاب
التذكرة ضعّفاه بزيد، وقال أبو الفرح في العلل المتناهية:
هذا خبر لا يصح،
ورواه أبو نعيم من حديث يحيى بن صالح أبو حاطي ثنا علي بن
حوشب عن
أبي قبيل حيي بن هانئ عن سالم عنه بلفظ:"لا تتخذوا المساجد
طرقا إّلا
لذكر أو صلاة" (2) . ثم قال: تفرد به أبو قبيل عن سالم.
حدثنا عبد الله ابن
سعيد الكندي، ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن عمرو بن
شعيب عن
أبيه عن جدّه قال:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عن البيع والابتياع، وعن تناشد
الأشعار في المساجد" (3) . ثم كرر ذكره في باب إنشاد
الضوال، وهو حديث
خرجه ابن خزيمة، في صحيحه عن عبد الله بن سعيد، ثنا أبو
خالد ولفظه:
"عن البيع والابتياع وأن ينشد الضوال وعن تناشد الأشعار،
وعن التحلق
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/748) . في الزوائد: إسناده
ضعيف لاتفاقهم على ضعف
زيد بن جبيرة. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ضعيف.
والفتح (13/157) ، ونصب
الراية (2/493) ، والكنز (20820) ، وابن القيسراني
في"الموضوعات" (434) ، والعلل
المتناهية (1/403) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/163) ، والتعليق
الرغيب (1/124) ، والضعيفة
(1497) ، وصحت منه الخصلة الأولى- الصحيحة (1001) .
(2) صحيح. رواه الطبراني في"الكبير" (3/2/194) ، وفي
"الأوسط" (2/20) من
' مجمع البحرين". وعنه ابن عساكر في"تاريخ دمشق" (12/2/39)
من طريق أخرى عن
يحيى بن صالح الوحاظي به. لإسناده حسن.
وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/24) . ورجاله موثقون.
(3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/749) . وصححه الشيخ الألباني.
(1/1244)
للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة- يعني في
المسجد-". ولما رواه أبو عيسى
عن قتيبة، ثنا الليث عن ابن عجلان قال فيه: حديث حسن
والالتفات إلى
قول ابن حزم هذا: خبر لا/يصح؛ لأنه من طريق عمرو عن أبيه
عن جده
وهي ضعيفة أو من طريق هي أسقط منها، زاد أحمد: وأن لا
يشترى فيه،
وعند البيهقي: وعن تعريف الضالة: حدثنا أحمد بن يوسف
السلمي، ثنا
مسلم بن إبراهيم، ثنا الحرث بن نبهان، ثنا عتبة بن يقظان
عن أبي سعيد عن
مكحول عن واثلة بن الأسقع أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"جنبوا مساجدكم
صبيانكم، ومجانينكم، وشرائكم، وبيعكم، ومصوماتكم، ورفع
أصواتكم،
وإقامة حدودكم، وسل سيوفكم، واتخذوا على وسل سيوفكم
أبوابها المطاهر
وجمروها في الجمع" (1) . هذا الحديث معلل بأمور منها:
الحارث بن نبهان
الجرمي القائل فيه أحمد: هو رجل صالح، لم يكن يعرف الحديث
ولا يحفظه
وهو منكر الحديث، وقال ابن معين: لا يكتب حديثه ليس بشيء،
وفي رواية:
كثير الغلط، وقال أبو حاتم: متروك الحديث ضعيف الحديث
منكره، وقال أبو
زرعة: ضعيف الحديث في حديثه وهن، وعجب من قول ابن معين ليس
بشيء، وقال البخاري: منكر، وفي علل أبي عيسى عنه: ولا
يبالي ما حدث
وضعّفه جدا، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان:
خرج عن حد
الاحتجاج به، وقال الدارقطني: ليس بالقوى، وفي تاريخ محمد
بن أبي شيبة
سألت ابن المديني عن ابن نبهان فقال: كان ضعيفًا ضعيفًا،
وقال الآجري:
سألت أبا داود عن ابن نبهان فقال: ليس بشيء، وقال الساجي:
عنده مناكير
وذكر أبو جعفر العقيلي: أنه منكر الحديث، وفي كتاب أبي
العرب قال: أبو
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (750) . في الزوائد: إسناده ضعيف؛
فإن الحارث بن نبهان
متفق على ضعفه. والمجمع (2/25-26) ، وعزاه إلى الطبراني
في"الكبير"وهو فيه (8/
156) ، وفيه العلاء بن كثير الليثي الشامط وهو ضعيف. ونصب
الراية (2/491) والفتح (13/
157) والمطالب (357) ، وابن كثير (6/68) ، والقرطبي
(12/270) ، والترغيب (1/199) ،
والمنثور (5/51) ، وتذكرة (37) ، والخفاء (1/400) ، وأسرار
(172) ، وا لمتناهية (1/404) ،
والعقيلي (3/348) . وضعفه الشيخ الألباني: ضعيف ابن ماجة
(ح/164) ، والتعليق الرغيب
(1/120- 121) ، والأجوبة النافعة (55) ، والإرواء (7/36) .
(1/1245)
الحسن بن نبهان ضعيف الحديث، قال أبو
العرب: كان الحديث قدم إلينا من
إفريقية فسمع منه البهلول بن راشد، وكان/الحديث، فزاد ذكره
الدولابي في
كناه، ووصفه بلا شيء، وقال أبو إسحاق الحربي: غيره أوثق
منه، وذكر ابن
لعطة: أنه منكر الحديث. الثّاني: عتبة بن يقظان وإن ذكره
ابن حبان في
كتاب الثقات، فقد قال النسائي: كان غير ثقة، وقال علي بن
الحسن بن
الجنيد: لا يساوي شيئا فيما ذكره ابن أبي حاتم. الثالث:
أبو سعيد لا يعرف
حاله، ولم نر له راوياً غير عتبة. الرابع: مكحول، وإن كان
البخاري في
تاريخه الأوسط زعم أنه سمع من واثلة، وكذلك البزار،
والجوزقاني؛ فقد ذكره
أبو مسهر، وقيل له: هل سمع مكحول من أحد من الصحابة، فقال:
ما صح
عندنا إلّا أنمر، قلت: فواثلة فأنكره، قال عبد الرحمن:
سألت أبي عن
مكحول عن واثلة، فقال: مكحول لم يسمع من واثلة؛ إّنما دخل
عليه، وروينا
عن أبي عبد الله بن البيع في كتاب معرفة علوم الحديث حديث
مكحول عن
الصحابة حوالة، ورواه أبو أحمد بن عدى في كامله من حديث
عبد الرحمن بن هانئ وهو متهم بالكذب عن العلاء وهو ضعيف عن
مكحول
عن واثلة وأبي الدرداء وأبي أمامة قال: سمعنا رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " جنبوا
مساجدكم ... "فذكره بزيادة:"واجعلوا على أبوابها المطاهر".
وغير ذلك،
ثم رواه أبو العلاء، وكذلك أبو الفضل بن طاهر وأبو محمد
الأشبيلي، وأمّا
أبو الحسن بن القطان وصاحب العلل المتناهية؛ فرواه بها،
وأما إغفال ابن
عساكر ومن بعده حديث ابن ماجة هذا فغير صواب، وقد
استدركناه في
كتابنا المسمّى بالأطراف بتهذيب الأطراف، وفي الباب غير
حديث؛ من ذلك
حديث حكيم بن حزام قال:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/أن يستقاد في المسجد،
وأن تنشد فيه الأشعار، وأن تقام فيه الحدود". خرجه أبو
داود (1) من حديث
صدقه بن خالد عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن زفر بن وثيمة
عنه وزعم
أبو محمد الأشبيلي أنه حديث ضعيف، وقال ابن القطان: لم
يثنى أبو محمد
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/4490) ، والدارقطني (3/85، 86)
، والبيهقي (8/328، 10/
103) ، والمتناهية (1/403) .
(1/1246)
من أمره شيئا وعليه الجهل بحال زفر بن
وثيمة بن مالك بن أوس بن الحدثان؛
فإنه لا يعرف بأكثر من رواية محمد بن عبد الله بن المهاجر
الشعيثي عنه،
وروايته هو عن حكيم. انتهى كلامه. وفيه نطر من حيث؛ نظر في
غير موضع
النظر، وذلك أنّ من لا يصلح أن يكون علّة لحديث فإنه ممن
سأل عثمان بن
سعيد الدارمي أبا زكريا يحيى بن معين؛ فقال: ثقة، وذكره
أبو حاتم البستي
في كتاب الثقات، وروى له الحاكم في مستدركه حديثا صح
إسناده، وروى
عن المغيرة بن شعبة، وروى عنه أيضا محمد بن عبد النضري
فيما ذكره أبو
نعيم في كتاب المساجد، وأظنهما واحدا، وعلى كل حال زالت
العلّة التي
عصب بها ابن القطان رأس زفر، وأمّا الشعيثي الذي أبرزه أبو
محمد عبد
الحق؛ فهو ثقة عند جماعة: منهم: دحيم، والمفضل بن غسان فصح
على هذا
إذا الحديث، ولقائل أن يقول: ليس الأمر على ما ذكرت، وذلك
أنه حديث
منقطع، والمنقطع لا يكون صحيحا، وبيانه عدم اتصال ما بين
زفر وحكيم
الذي أشار إليه ابن حبان بقوله: روى عن حكيم، إن كان سمع
منه، وهذا
وإن كان ظنا لا يقينا فإنّه يخدش في الاتصال؛ لكوننا لم
نعرف مولده ليتّضح
سماعه منه أو عدمه، ولانا لم نره صرح بسماعه منه، وإن لم
يتّهم بتدليس/
فغير كان حداثنا رواية عنه مع هذا الخدش. والله تعالى
أعلم، وقد وجدنا
دحيما لما ذكره وأوضح ما استبهم علينا من حاله بهذا أنه لم
يكن حكيما،
وأما ما كرهه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر؛ من أن وكيع بن
الجراح رواه عن
الشعبي، عن عبد الرحمن المزني عن حكيم، وكذا ذكره
الدارقطني رواه عن
حكيم العباس بن عبد الكريم، فغير محمد، لعدم ذكر هذين في
شيء من
التواريخ جملة فيما أمر حديث عبد الله بن مسعود أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"جنبوا
مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" (1) . رواه البزار وقال: ليس
لهذا الحديث
أصل من حديث عبد الله، وفي كتاب أبي نعيم من حديث الحكم بن
عبد
الملك عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عنه مرفوعا:"من أشراط
الساعة أن يمُر
الرجل في المسجد لا يصلي فيه". وفي المستدرك (2) من حديث
خارجة بن
__________
(1) موضوع المجمع (2/26- 27) ، والعقيلي (3/348) ،
والمتناهية (1/404) ، والحفاء (1/400) .
(2) رواه الحاكم في"المستدرك": (4/446) ، وقال: صحيح
الإسناد، ولم يخرجاه.
(1/1247)
الظت البرجمش"قال: دخلت مع عبد الله، فإذا
القوم ركوع فركع فمر
رجل فسلّم عليه، فقال عبد الله: صدق الله ورسوله أنه كان
يقول: " لا تقام
الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا ... " (1) الحديث، وقال فيه:
صحيح الإسناد
ولم يخرجاه، وخرجه ابن خزيمة في صحيحه ومن رفعه مطولا،
وحديث
مكحول رفعه إلى معاذ بن جبل رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: لا جنِّبوا
مساجدكم صبيانكم، وخصوماتكم، وشراءكم، وبيعكم، وجمروها يوم
جمعكم، واجعلوا على أبوابها مطاهر". رواه أبو نعيم في كتاب
المساجد من
حديث محمد بن مسلم الطائفي/عن عبد ربه بن عبد الله الشامي
عن
يحيى بن العلاء عنه، وفي التفسير المنسوب للضحاك من حديث
برد عن
مكحول عنه مرفوعا بلفظ:"ينهون صبيانكم عن اللعب في المساجد
ويهودكم ونصاراكم أن يدخلوا المسجد، أو ليمسخنّكم الله
قردة وخنازير ركعا
وسجدا" يرد عن مكحول فال عليه السلام: " لا تفرد أهل الكفر
بالله أن
يدخلوا مساجدكم لما هم فيه من النجاسة لمه. يرد عن مكحول
قال عليه
السلام: " جنبوا مساجدكم مجانينكم، وصبيانكم، ورفع
أصواتكم، وبيعكم
وشراءكم، وسلاحكم، وجمروها بين كل سبعة أيام، وصفوا الطاهر
أبوابها
وأفنيتها لمه (2) . وحديث محمد بن محبر عن جعفر بن محمد عن
أبيه عن جدّه
عن علي قال: صليت العصر مع عثمان فرأى خياطا في ناحية
المسجد، فأمر
بإخراجه فقيل له: يا أمير المؤمنين أنه يكنس المسجد، ويغلق
أبوابه، ويرش أحيانا
فقال عثمان: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول: لا جنبوا صناعكم
مساجدكم " (3) . ذكره أبو أحمد وقال: هذا حديث غير محفوظ،
ورواه أبو
الفرح يكذب محمد بن محيرز أبي حمام الثقفي البصري الصانع
الدلال
الرازي عن جعفر والثوري، كذا ذكره ابن الجوزي في كتاب
الضعفاء
__________
) * (هكذا ذكرت بالأصل
(1) تقدم ص 1244.
(2) رواه عبد الرزاق (1726) ، والكنز (20835) ، وابن عدي
في"الكامل" (4/1454)
والدرر (68) ، وأسرار (172) .
(3) ضعيف. رواه ابن عدي في "الكامل" (6/2266) ، والكنز
(2083) والقرطبي (12/
270) ، والمتناهية (1/404) .
(1/1248)
والمتروكين. وفيه نظر في ثلاثة مواضع:
الأول: تركيبها من ترجمتي الدلال
والثقفي. الثاني: فإن الثقفي؛ إنما حدّث أبو همام عن
الثوري وهشام بن سعد
وغيرهما. الثالث: أن الضعيف الثقفي، لا الدلال ذكرهما كذلك
ابن أبي
حاتم، والمنجيلي، وغيرهما، أوضحنا ذلك في كتابنا الاكتفاء
بفتح كتاب
الضعفاء/. وحديث أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا رأيتم الرجل يبيع
ويشترى في المسجد فقولوا: لا أرع الله تجارتك". خرجه ابق
حبان في
صحيحه (1) ، وحديث جابر بن عبد الله قال:"نهى رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يسل
السيف في المسجد" (2) . قال عبد الحق: رواه عمر بن هارون
عن ابن جريج
أخبرني أبو الزبير سمع جابرًا يذكره وعمر ضعيف، والصحيح
حديث عبد
الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: نهى رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
مرسل، قال ابن القطان: لم يعز أبو محمد حديث جابر ولا أعرف
له إّلا
موقعًا. انتهى. وفيه نطر؛ من حيث أعنى على كلام أبي محمد
في عمر بأنه
ضعيف وهو لير بهذه المنزلة عند العلماء، قال ابن معين: هو
كذاب
الحديث، وتركه أحمد وابن مهدي والنسائي، وقال ابن حبان:
يروى عن
الثقات المعضلات، ويدعى شيوخًا لم يرهم، فقد رأينا لهذا
الحديث موقعا،
وهو ما رواه الطبراني في الأوسط بسند صحيح من حديث عمرو بن
دينار
عنه مرفوعا:"إذا دخلتم بالسهام المساجد فامسكوا بنصالها لا
تجرحوا أحدًا
من المسلمين" (3) . وقال: تفرد به سهل بق زنجويه عن وكيع
يعني عن
الأعمش عن ابن عتبة عنه، وحديث ابن عباس: قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا
يقتل الوالد بالولد، ولا تقام الحدود في المساجد " (4) .
رواه أبو أحمد من
__________
(1) صحيح. رواه ابن حبان: (313) .
(2) قلت: وهذا الحديث طرف من أحاديث هذا الباب. فارجع إليه
في سنن ابن ماجة (ح/
750) وهو حديث ضعيف.
(3) ضعيف. انظر: المجمع: (2/26) وقد عزاه بنحوه الطبراني
في "الأوسط" وفيه أبو
البلاد ضعفه أبو حاتم.
(4) ضعيف. رواه الترمذي (ح/1401) وقال: هذا حديث لا نعرفه
بهذا الإسناد مرفوعا ألا من حديث
إسماعيل بن مسلم، وإسماعيل بن مسلم المكي: قد تكلم فيه بعض
أهل العلم من قبل حفظه. ورواه
الدارقطني (3/141) ، وابن أبي شيبة (9/410) ، وتلخيص
(4/16) ، والكنز (20829، 39813) .
(1/1249)
حديث إسماعيل بن مسلم المكي عن عمرو بن
دينار عن طاوس عنه، وقال
إسماعيل: ضعيف، وله أحاديث غير محفوظة هذا منها، وأشار أبو
نعيم إلى
تفرد به عن عمرو، ولفظه في التفسير المنسوب للضحاك رواية
جرهم عنه عن/
ابن عباس مرفوعا، وهو في المساجد: " ولا تتخذوها طرقا، ولا
تمر فيه
حائض، ولا يقعد فيه جنب إلا عابري سبيل، ولا ينفر فيه نبل،
ولا يسل فيه
سيف، ولا يضرب فيه حد، ولا يتخذ فيه مجلس للقضاء، ولا ينشد
فيه شعر
فإن أنشد فقل بغّض الله، قال: ولا يبتاع، ولا يشتري، فإن
باع فيه أو اشترى
فقل: لا أرع الله تجارتك، ولا ينشد فيه ضالة فإن أنشدها
فقل: لا ردّها الله
عليك، ولا تزيّن بالقوارير، ولا يصور بالتصاوير، ولا ينفخ
فيه بالمزامير، ولا
يضرب فيه بالدفوف فإنما شيدت بالأمانة ورفعت بالكرامة" (1)
. وحديث
جبير بن مطعم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:"لا تقام الحدود في المساجد"، ولا
ينشد فيها الإشعار ولا يستفاد فيها، ولا يرفع فيها الأصوات
" (2) . رواه أبو
نعيم من حديث بقية، قال: حدثني مقاتل عن عمرو عن نافع بن
جبير بن
مطعم عن أبيه، ورواه أيضا مختصرا من حديث سلمة عن ابن
إسحاق،
وحدّثني أبي عن جبير به ورواه عمرو بن دينار عن نافع عن
أبيه بلفظ:"لا
تسل السيوف ولا تنشر النبل في المساجد، ولا يحلف بالله في
المسجد، ولا
يبيع القابلة في المسجد مقيما ولا ضيفا، ولا يبنى
التصاوير، ولا تزين بالقوارير
فإنما بنيت بالأمانة وشرفت بالكرامة" (3) . وحديث ابن عباس
وابن عمر عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أنه نهى أن تتخذ
المساجد طرقا، أو. تقام فيها الحدود، أو تنشر
فيها الأشعار، أو يرفع فيها الصوت" (4) . ذكره أبو أحمد من
حديث فرات بن
__________
(1) تقدّم. وقد أورده الهيثمي مختصرا في "مجمع الزوائد"
(2/25) ، وعزاه إلى الطبراني في
"الكبير/من رواية عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه ولم أجد من
ترجمه. قلت: وعلى قول
الهيثمي فالحديث ضعيف.
(2) تقدْم ص 1246.
(3) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/25) ، وعزاه
إلى الطبراني في"الكبير"
وفيه بشر بن جبلة وهو ضعيف.
(4) تقدم ص 1246.
(1/1250)
السائب وهو منكر الحديث عن ميمون بن مهران
عنهما، وحديث أسيد بن
عبد الرحمن:/أن شاعراً جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في المسجد فقال:"أنشدك
يا رسول الله قال: لا، قال: بلى فأذن إلي فقال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فاخرج من
المسجد فخرج فأنشد فأعطاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ثوبًا وقال: هذا بدل ما مدحت به
ربك". رواه عبد الرزاق (1) في مصنفه عن إبراهيم بن أبي
يحيى شيخ
الشافعي عن ابن المنكدر عنه، وحديث أنس بن مالك: أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:" من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلًا، فيقال
الليلتين، وأن تتّخذ
المساجد طرقًا، وأن يطهر موت الفجأة" (2) . ذكره ابن بنت
منيع في معجم
الصحابة عن شريك، ثنا ابن العباس بن زريح عن الشعبي عنه،
وسئل عنه
الدارقطني فقال: رواه عبد الكريم بن المعاني عن شريك
مرفوعًا، وغيره يرويه
عن الشعبي مرسلا، وفي كتاب أبي نعيم من حديث عبد الله بن
ضرار بن
عمرو الملطي عن أبيه عن قتادة عنه مرفوعا:"جنبوا مساجدكم
صبيانكم
ومجانينكم ورفع أصواتكم" (3) . وحديث أبو موسى الأشعري:
قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا مرّ أحدكم في
شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل، فليمسك عن
نصالها بكفه لا يصيب أحدًا من المسلمين منها" (4) . خرجاه
في الصحيح،
وكذا حديث جابر قال: مر رجل في المسجد ومعه سهام فقال له
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"امسك نصالها ". وحديث محمد بن عبد الله قال: كنا عند أبي
سعيد
الخدري فقلب رجل نبلا فقال أبو سعيد: أما كان هذا يعلم: أن
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن تقليب السلاح
وسلّه. رواه أبو القاسم في الأوسط (5) عن
__________
(1) رواه عبد الرزاق: (1717) .
(2) تقدّم الطرف الأخير من هذا الحديث في هذا الباب مرتين
ص 1246، ص 1247.
(3) تقدم ص 1247
(4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (9/62) ومسلم في (البر
والصلة، ح/123) ، وأبو
" داود (2587) ، وابن ماجة (3778) ، والبيهقي (8/23) ،
وابن خزيمة (1318) ، والمشكاة
(3517) ، وا لكنز (10840) ، ومعاني (4/280) .
(5) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/26) ، وعزاه
إلى الطبراني في "الأوسط"
وفيه أبو البلاد ضعفه أبو حاتم.
(1/1251)
علي بن سعيد الرازي/ثنا إسحاق بن خلف
الأعم، ثنا مروان بن معاوية، ثنا
أبو البلاد عنه، ورواه أبو نعيم من حديث خالد بن إلياس،
ثنا يحيى بن عبد
الرحمن عنه بلفظ: قال عليه السلام:"طيبوا مساجدكم
وجمّروها، فإن
المساجد بيوت الله في الأرض ومجالس المؤمن، وجنبوها
مجانينكم،
وصبيانكم، وخصوماتكم، ورفع أصواتكم" (1) . وسيأتي ذكره
فيما بعد،
وحديث السائب بن يزيد قال:"كنت نائمًا في المسجد فصحبني
رجل
فنظرت فإذا عمر فقال: اذهب فأنني بهذين فجئته بهما فقال:
من أنتما أو
من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف فقال لو كنتما من أهل
البلاد
لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". رواه (2) البخاري،
وقد وردت أحاديث تعارض هذه منها: حديث أبي واقد عند
البخاري (3) :
"بينما في المسجد فأقبل ثلاثة نفر فأما أحدهما: فرأى فرجة
فجلس في
الحلقة". وكذا حديث كعب بن مالك:"أنه تعاطى ابن أبي حدرد
دينًا
كان له عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول
الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (4) . وحديث أبي
قتادة:"بينما نحن جلوس في المسجد خرج علينا
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحمل أمامة على
عاتقه" (5) . وحديث يريدة:"خطبنا النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فأقبل الحسن والحسين فأخذهما فأقعدهما". رواه أبو داود (6)
بسند صحيح،
وحديث عائشة عند مسلم (7) قالت:"رأيت الحبشة يلعبون
بحرابهم في
__________
(1) يأتي كما ذكر المصنف.
(2) صحيح. رواه البخاري (ح/471) .
(3) صحيح. رواه البخاري (ح/474) .
(4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/2288،2287، 2400) ،
ومسلم في (المساقاة،
باب"7"، ح/1564) ، وأبو داود (ح/1308) ، والنسائي في
(البيوع، باب 100 ص 316
ج 7) ، وابن ماجه (ح/2403) ، ومالك في (البيوع، جامع
الدين، ح/84) والدارمي (ح/
2587) ، وأحمد (2/260،254،245،71) .
(5) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/516) ومسلم في
(المساجد، باب"9"، ح/543) ، وأبو
داود (ح/917- 920) ، والنسائي في (السهو، باب حمل الصبايا
في الصلاة ووضعهّن في الصلاة 3/
10) ، ومالك في (قصر الصلاة، باب"24"، ح/81) ، والداري
(ح/1359) .
(6) لم نقف عليه.
(7) صحيح. رواه مسلم في (العيدين، ح/18) .
(1/1252)
مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وهو يسترني بردائه لكي انظر إلى لعبهم"، وكذا
حديث
حسان، وقوله لعمر:"كنت أنشد فيه الشعر، وفيه من هو خير
منك" (1) .
وحديث سهل بن سعد في التلاعن:"وأنهما تلاعنا/في المسجد"
(2) إلى
غير ذلك". من الأحاديث المبيحة لما حظر ولا فحملها بعضهم
على الإباحة
وإلا منع، وأنّ الأولى تنزيه المساجد، وأن لا يجعل ذلك ألا
ديدنا فيها، ودفعها
بعضهم جملة، لكونها معلولة، وزق ابن خزيمة في صحيحه: من
إنشاد الشعر
الجائز إنشاده وبين الممنوع من إنشاده. غريبه: انبض القوس:
مثل: انفيها
جذبت وترها التصوت، وانبض بالوتر كذلك، وانبض الوتر أيضا:
جذبه بغير
سهم، ثم أرسله، عن يعقوب. قال اللحباني: الإنباض أن تمد
الوتر ثم ترسله
فيسمع له صوت، وفي المثل: لا تعجّل بالإنباض قبل التوتير،
مثل في
استعجال الأمر قبل بلوغ أناه، وقال أبو حنيفة: انبض في
قوسه، ونبض
أصابها، وأنشد:
لئن نصبت لي الروقين معترضا ... لأرمينك رميا غير تنبيض
أي: لا يكون نزعي تنبيضا وتنقيرًا، يعني: لا يكون توعدا
بلا بقاعا. ذكره
ابن سيده، وأنشد بعضهم شاهدا عليه قول مهلهل:
انبضوا معجن القسي وأثر فينا ... كما توعد الفحول الفحولا
وهو بيت مصنوع. حكاه الأخفش في أماليه عن الأصمعي.
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (فضائل الصحابة، ح/151) وأحمد
(5/222) .
(2) صحيح. رواه البخاري في: الأحكام، (ح/1765) ،
ولفظ:"شهدت المتلاعنين وأنا ابن
خمس عشرة سنة، وفُرق بينهما".
(1/1253)
|