شرح ابن ماجه لمغلطاي

170- باب النهى أن يسبق الإمام في الركوع والسجود
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا أن لا نبادر الإمام بالركوع.
وإذا كبّر فكبّروا، وإذا سجد فاسجدوا " (1) . هذا حديث رواه مسلم في
صحيحه.
حدثنا حميد بن مسعدة وسويد بن سعيد قالا: ثنا حماد بن زيد عن
محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم- صلى الله عليه وآله
وسلم-: " ألا يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوِّل الله رأسه رأس
حمار " (2) . هذا حديث خرجه الستة في كتبهم بزيادة: " أو يجعل الله صورته
صورة حمار "، وفي لفظ عند مسلم " لا تبادروا الإمام، إذا كبر فكبروا، وإذا
ركع فاركعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد " (3) .
وفي مصنف أبي بكر من حديث مليح السعدي قال: قال أبو هريرة: " إن
الذي يخفض ويرفع رأسه قبل الإمام إنما ناصيته بيد الشيطان ومن حديث ليث
عن طلحة قال: قال سلمان من رفع رأسه قبل الإمام ووضع رأسه قبل الإمام
فناصيته بيد الشيطان يرفعها ويضعها " (4) . ونظر ابن مسعود إلى من سبق إمامه
فقال: " لا وحدك صليت / ولا بأمامك اقتديت ". وفي البخاري تعليقا عنه:
" إذا رفع قبل الإمام يعود فيمكث بقدر ما رفع ثم يتبع الإمام ". وقال الحسن
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/87) ، ورواه ابن ماجة (ح/960) ، وأحمد (2/440) ،
والبيهقي (2/92) ، وأبو عوانة (2/110) . والدارمي في (الصلاة، باب " 72 ") ، وصححه الشيخ
الألباني.
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " 53 ") ، ومسلم في (الصلاة،
ح/115) ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 75 ") ، والترمذي (ح/582) . وقال: هذا حديث
حسن صحيح. وابن ماجة (ح/961) ، وأحمد (2/ 260، 425، 473) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/87،87 مكرر) ، وابن خزيمة (1576) ، والمشكاة (1138)
(38) لم نقف عليه.

(1/1615)


فيمن يركع مع الإمام ركعتين ولا يقدر على السجود: يسجد للركعة الأخيرة
بسجدتين، ثم يقضى الركعة الأولى سجودها، وفيمن نسى سجدة حتى قام
يسجد، وفي البيهقي (1) ، من حديث الحرث بن مخلد عن أبيه أنه سمع
عمر بن الخطاب يقول: " إذا رفع أحدكم رأسه وظن أن الإمام قد رفع فليعد
رأسه، وإذا رفع رأسه فليمكث بقدر ما ترك ". قال البيهقي: وروينا عن إبراهيم
النخعي والشعبي: " أنه يعود فيسجد ".
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد عن زياد بن
خيثمة عن أبي إسحاق عن دارم عن سعيد بن أبي بردة عن أبي موسى: قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا إني قد بدنت، فإذا ركعت فاركعوا، وإذا رفعت
فارفعوا، وإذا سجدت فاسجدوا، ولا ألفن رجلَا سبقني إلى الركوع ولا إلى
السجود " (2) . هذا حديث منقطع فيما بين سعيد، وجدّ أبي سعيد وجدّه أبي
موسى. نص على ذلك غير واحد؛ منهم: أبو حاتم الرازي، وابن عساكر.
حدثنا هشام بن عمار ثنا سفيان عن ابن عجلان، وثنا أبو بشر بكر بن
خلف ثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن محمد بن يحيى بن حبان عن
ابن محيرز عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا
تبادروني بالركوع ولا بالسجود فمهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به، إذا
رفعت ومهما أسبقكم به إذا سجدت تدركوني به إذا رفعت، إنى قد
بدنت (3) . هذا حديث خرجه أبو حاتم البستي في صحيحه عن أبي خليفة،
__________
(1) رواه البيهقي (2/139) .
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/962) ، عن دارم عن سعيد بن أبي بردة. ورجاله ثقات غير
دارم هذا، فهو مجهول، وإن وثقة ابن حبان. لكن الحديث صحيح. ورواه الدارمي وغيره
بسند حسن. وصحيح أبي داود (ح/630) . ورواه أحمد (4/92، 98) ، وعبد الرزاق
(3755) .
وصححه الشيخ الألباني.
(3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/963) ، وابن أبي شيبة (2/328) ، والحميدي (602) ،
وتلخيص (2/39) ، والبخاري في " التاريخ الصغير " (1/207) ، وشرح السنة (3/415) .
وصححه الشيخ الألباني: الإرواء (2/289) .

(1/1616)


ثنا / أبو الوليد ثنا ليث بن سعد عن ابن عجلان، وفي الصحيحين عن البراء:
" أنهم كانوا إذا رفعوا رؤوسهم من الركوع مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاموا قياما، فإذا
رأوه قد سجد سجدوا " (1) ، وعند مسلم: " كنا نصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا
يحنوا أحد منا ظهره حتى يرى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع " (2) ، وفي لفظ: " كانوا
يصلون مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإذا ركع ركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، لم
نزل قياما حتى نراه قد وضع جبهته بالأرض ثم يتبعونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (3) . وعند أبي
داود من حديث أنس بن مالك: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصلاة،
ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة " (4) . وقوله: " بدنت " مشدّدة
الدال، معناه: كبر السن، وفي المحكم: بدن الرجل أسن وضعف، قال الشاعر:
وكنت خلت الهم والتبدينا ... والشيب مما حمل القرينا
ورجل بدن قال الأسود بن يعفر:
هل الشاب ذات من مطلب ... أم مالكا البدن الأشيب
وفي الغريبين: رواه بعضهم إنى قد بدنت، وليس معنى لا أنه خلاف
صنعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعناه: كثرة اللحم.
***
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذن، باب " 83 ") ، ومسلم في (الصلاة،
ح/2، 22) ، ومالك في (الصلاة، ح/16) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه مسلم في (الصلاة، ح/198،197، 200، 201) ، والبخاري
في (الأذان، باب " 133،52 ") ، والترمذي في (الصلاة، باب " 92 ") ، وأبو داود في
(الصلا ة، باب " 74 ") ، وأحمد (4/300، 304) .
(3) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/199) .
(24) حسن. رواه أبو داود في (الصلاة، باب " 76 "، ح/724) ، ورواه أحمد (3/

(1/1617)


171- باب ما يكره فعله في الصلاة
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا ابن أبي فديك حدثنى
هارون بن هارون بن عبد الله بن الهدير التيمي عن الأعرج عن أبي هريرة أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته قبل الفراغ/
من صلاته " (1) . هذا حديث في سنده ضعف، يضعف هارون بن هارون بن
عبد الله بن محرز بن الهدير التيمي أبي محرز، فإن أبا حاتم الرازي قال: هو
منكر الحديث ليس بالقوى، وقال البخاري: لا يتابع في حديثه، وفي موضع
آخر: ليس بذاك، وقال النسائي، والدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان: كان
يروى الموضوعات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به، وقال ابن ماكولا:
منكر الحديث وقال الساجي: ليس بذاك، وذكره العقيلي وابن الجارود في
جملة الضعفاء، ولما ذكره البيهقي في المعرفة من حديث ابن بريدة عن ابن
مسعود من قوله ومرة عن أبيه مرفوعًا أربع من الجفاء؛ فذكر منهن: مسح
الرجل التراب عن وجهه في صلاته، قال: وروى من وجه آخر عن أبي هريرة
مرفوعًا، ولم يصح منه عن أبي سعيد الذي احتج به الحميدي انصرف إلى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي جبهته وأنفه أثر الماء والطين وفيه أن لا يمسح المصلى الجبهة
في الصلاة، وعن ابن عباس: " لا يمسح المصلى وجهه من التراب حتى
يتشهد ويسلم ". وبه أخذ ابن أبي ليلى، وذكر أبو حنيفة عن حماد عن
إبراهيم: أنَّه كان يمسح التراب عن وجهه في الصلاة قبل أن يسلم، وكان أبو
حنيفة لا يرى بذلك بأسا، قال الشافعي: ولو ترك المصلى مسح وجهه من
التراب حتى يسلم كان أحب إلي، وحمل ابن جبير قوله: (سيماهم في
وجوههم) . على يدي الطهور وثرى الأرض، وأنكر ابن عمر، وأبو الدرداء،
والسائب بن يزيد الذي يكون بالجبهة من شدة مسحها بالأرض، وكرهوا
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/964) . في الزوائد: اتفقوا على ضعف هارون، وضعفه
الشيخ الألباني: الضعيفة (ح/177) ، وضعيف ابن ماجة (ح/200) .

(1/1618)


ذلك- والله أعلم- وفي صحيح البستي عن أم سلمة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال
لغلام يقال له: رباح: " يا رباح ترب وجهك " (1) ، وسماه الترمذي في
جامعه: أفلح.
حدثنا/يحيى بن حكيم أنبأ أبو قتيبة ثنا يونس عن أبي إسحاق وإسرائيل بن
يونس عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي- رضى الله عنه- أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تقعقع أصابعك وأنت في الصلاة " (2) . هذا حديث إسناده
ضعيف لضعف الحرث المذكور قبل. وفي مسند أحمد من حديث ابن لهيعة
عن رمان بن فائد وفيه كلام عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أنه كان يقول: " إنّ الضاحك في الصلاة، والملتفت، والمقعقع أصابعه بمنزلة
واحدة " (3) . ورواه البيهقي من حديث الليث عن ديان فأخرج عنه ابن لهيعة.
حدثنا ابن شعبة سفيان بن زياد المؤدب، ثنا محمد بن راشد عن الحسن بن
ذكوان عن عطاء عن أبي هريرة قال: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغطى الرجل
فاه في الصلاة " (4) . هذا حديث إسناده صحيح، وضعفه بعضهم بالحسن بن
ذكوان وهو غير جيد لثبوت حديثه فيمن فوق سعد، فقال عن أبيه عن جدّه
كعب، ولفظ حديث أبي هريرة عنده: " إذا كنت في المسجد فلا تجعل
أصابعك هكذى تشبك " (5) . ولما رواه في الأوسط قال: لم يروه عن ابن
عجلان عن أبيه عن أبي هريرة إلا الدراوردي، ورواه الناس عن ابن عجلان
عن سعيد عن كعب، ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي عروبة، ثنا
__________
(1) ضعيف. أورده الألباني في " ضعيف الجامع " (ح/6392، ص 927) ، وعزاه إلى النسائي
والحاكم من حديث أم سلمة.
انظر: الترغيب: (1/192-193) .
(2) المغني عن حمل الأسفار (1/157) ، والإرواء (2/99) .
(3) الكنز (19980) ، وإتحاف (3/153) ، والمجمع (2/79) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني في
" الكبير "، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام عن رمان بن فائد، وهو ضعيف.
(4) إسناده صحيح. رواه ابن ماجة (ح/966) .
(5) المصدر السابق.

(1/1619)


محمد بن معدان ثنا سليمان بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو عن زيد بن
أنيسة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال
له: " يا كعب إذا توضأت فأحسنت الوضوء ثم خرجت إلى المسجد، فلا
تشبك بين أصابعك فإنك في صلاة " (1) . وفي صحيح البخاري: حدثنا
علقمة بن عمرو الدارمي ثنا أبو الوليد بكر بن عياش عن محمد بن عجلان
عن سعيد المقبري عن كعب بن عجرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رأى رجلا قد
شبك أصابعه في الصلاة ففرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أصابعه " (2) . هذا حديث
لما رواه الترمذي من حديث الليث عن ابن عجلان عن سعيد عن رجل عن
كعب قال: حديث كعب رواه غير واحد عن ابن عجلان مثل حديث الليث،
وروى شريك عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه،
وحديث/شريك غير محفوظ ولما خرجه الحاكم من حديث يحيى بن سعيد
عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لكعب بن
عجرة: " إذا توضأت ثم دخلت المسجد فلا تشبكن بين أصابعك " (3) . قال:
صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ورواه شريك بن عبد الله عن ابن
عجلان فوهم في إسناده، فقال: عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كنت في المسجد فلا تجعل أصابعك هكذى،
يعني: تشبكها " (4) . وخرجه أيضًا من حديث إسماعيل عن أبيه عن سعيد عن
أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد
كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل هكذا: وشبك بين أصابعه " (4) . وقال
حديث صحيح على شرط الشيخين، وفي صحيح ابن خزيمة من حديث أبي
ثمامة قال: لقيني كعب، وأنا أريد الجمعة، وقد سئلت الحديث ثم قال: رواه
__________
(1) رواه البيهقي (3/231) ، وابن حبان (315) ، والكنز (19998) .
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/967) ، والإرواء (379) ، والتعليق الرغيب (1/123- 124) ،
وضعيف ابن ماجة (ح/202) .
(3) صحيح. رواه الحاكم (1/207) ، وابن خزيمة (440) .
(4) الكنز (19929) ، والمجمع (1/240) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه عتيق بن
يعقوب، ولم أر من ذكرها وبقية رجاله رجال الصحيح.

(1/1620)


ابن أبي ذئب عن المقبري عن رجل من بنى سلام عن أبيه عن جدّه كعب،
ورواه الآخر عن ابن عجلان عن ابن المسيب عن أبي سعيد، ولا أحل لأحد
أن يروي عني هذا الخبر إلّا على هذه الصفة فإنه إسناد مقلوب، ويشبه أن
يكون الصحيح حديث أبي ثمامة، وأما ابن عجلان فوهم في السند وخلط
فيه، فمرّة يقول: عن أبيه عن أبي هريرة مرسل، ومرة يقول: عن أبيه عن أبي
هريرة، وابن أبي ذئب من أنّ سعيدا إّنما رواه عن رجل وهو عندي سعد بن
إسحاق إلّا أنّه غلط فيمن فوق سعد فقال: عن أبيه عن جده، ولفظ حديث
أبي هريرة/عنده: " إذا كنت في المسجد فلا تجعلن أصابعك هكذى،
تشبك "، ولا رواه في االأوسط قال: لم يروه عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي
هريرة إلا الدراوردي ورواه الناس عن ابن عجلان عن سعيد بن كعب ورواه
ابن حبان في صحيحه عن أبي عروبة ثنا محمد بن معدان ثنا سليمان بن عبد
الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن كعب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " يا كعب إذا توضأت فأحسنت الوضوء ثم
خرجت إلى المسجد فلا تشلؤ بين أصابعك فإنك في صلاة وأنبأ أبو يعلي: ثنا
أبو خيثمة ثنا أبو عامر ثنا داود بن عن عن سعد بن إسحاق حدثنى أبو ثمامة
الخياط أن كعب حدّثه به، وعند أحمد بن حنبل: دخلت على رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد وقد شبكت بين أصابعي فقال لي: " يا كعب إذا كنت في
المسجد، فلا تشبك بين أصابعك فأنت في صلاة ما انتظرت الصلاة " (1) .
وعند ابن أبي شيبة بسند جيد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن وهب عن
عمه عن مولى لأبي سعيد: أنه كان مع أبي سعيد، وهو مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فرأى رجلَا في المسجد شبَّك بين أصابعه فأذنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يفطن فالتفت
إلى أبي سعيد، فقال: " إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يشبكن، فإن
التشبيك من الشيطان " (2) . وزعم ابن بطال: ليس هذا الحديث عن ثابت،
وإن قيل فقد ورد في الصحيح في يوم ذي اليدين، فوضع يده اليمنى على
__________
(1) المصدر السابق.
(2) إسناده حسن. رواه أحمد (3/43) ، والمجمع (2/25) ، وعزاه إلى أحمد، وإسناده حسن.
والكنز (19996، 20000) ، والترغيب (4/201) ، وابن أبي شيبة (2/75) .

(1/1621)


اليسرى، وشبك بين أصابعه قيل له: هذا كان بعد فراغه من الصلاة فلا
معارضة والله أعلم.
وأما/حديث ابن عمر أو ابن عمرو من عند البخاري: " شبك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بين أصابعه " (1) . وحديث أبي موسى من عنده أيضا مرفوعا: " إن المؤمن
للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشحك بين أصابعه " (2) . فخارج الصلاة،
وقد اختلف العلماء في التشبيك في الصلاة؛ فزعم ابن الجوزي: أنه ورد النهى
عن ذلك في أثار مرسلة عن سعيد بن المسيب معارضة لما ذكره البخاري،
وليست كذلك؛ لأنها غير مقاومة لهما في الصحة، وذكر إبراهيم تشبيك
الأصابع في الصلاة وهو قول مالك، ورخص في ذلك ابن عمر وسالم وأبيه،
فكانا يشبكان في الصلاة، وكذلك الحسن، قال مالك: إنهم يشبكون تشبيك
الأصابع في المسجد وما به بأس، وإنما يكره في الصلاة.
حدثنا محمد بن الصباح أنبأ حفص بن غياث عن عبد الله بن سعيد
المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا إذا تثاءب أحدكم
فليضع يده، ولا يعوي، فإن الشيطان يضحك في فيه " (3) . هذا حديث إسناده
ضعيف لضعف رواية عبد الله بن سعيد ونكارة حديثه، وسيأتي ذكره بعد،
وقد وجدنا لحديثه هذا أصلا عند مسلم بلفظ: " التثاؤب من الشيطان، فإذا
تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع "، وعند مسلم أيضا من حديث أبي سعيد:
" إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع، فإن الشيطان يدخل
فيه " (4) .
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (باب " 88 ") ، ومسلم في (الحج، ح/147) ، وأبو داود في
(المناسك، باب " 56 ") ، وابن ماجة في (المناسك، باب " 34 ") ، واحمد (3/320) .
(2) صحيح. رواه البخاري (1/129) ، والبيهقي (6/94) ، والفتح (1/565) .
(3) " موضوع " هذا اللفظ. وصحيح بدون: " ولا يعوى " رواه ابن ماجة (ح/968) . في الزوائد: في
إسناده عبد الله بن سعيد، اتفقوا على ضعفه. والمشكاة (993) ، والضعيفة (2420) .
(4) رواه أحمد (3/31) ، والبيهقي (2/289) ، وابن عدي في " الكامل " (3324) ، والمشكاة
(942) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (942) ، والفتح (10/612) .

(1/1622)


حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا الفضل بن دكين عن شريك عن أبي
اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " البزاق،
والمخاط والحيض، والنفاس في الصلاة/من الشيطان " (1) . هذا حديث أسلفنا
الكلام على من ضعّفه، ثنا بن أبي عدي وغيره: التثاؤب ما يصيب الإنسان
عند الكسل والنعاس والهم من فتح الفم والتمطي عن ابن درستويه، وقال
الترمذي: هي من جهة الرسم انفتاح الفم بريح يخرج من المعدة لغرض من
الأغراض يحدث فيها ذاك، ومن أمثالهم أعرى من الثوباء: يريدون إذا تثاءب
الإنسان تثاءب من بحضرته، وقال ابن درستويه: العامة تقوله بالواو لا بهمزة
تثاوب، ويتثاوب، تثاوبًا، وهو خطأ، وفي الحديث: " إذا تثاءب أحدكم فلا
يقل: هاه هاه فإنه اسم شيطان " (2) . وفي الليلي: تثاءب بمد الهمزة وعن أبي
سهل: الثؤب، بسكون الهمزة.
***
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/969) ، والكنز (19951) ، والجوامع (10302) ، وضعفه
الشيخ الألباني، ضعيف ابن ماجة (ح/204) ، والضعيفة (3379) .
(2) رواه أحمد: (2/517) .

(1/1623)


172- باب من أمَّ قوما وهم له كارهون
حدثنا أبو كريب ثنا عبده بن سليمان وجعفر بن عون عن الإفريقي عن
عمران بن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثلاثة لا تقبل لهم
صلاة: رجل يؤم القوم وهم له كارهون، ورجل لا يأتي الصلاة الأدبار-
يعني: بعد ما يفوته الوقت- ومن اعتبد محررًا " (1) . هذا حديث في سنده
عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم الأفريقي، وقد تقدَّم الاختلاف فيه.
حدثنا محمد بن عمر بن هناج ثنا يحيى بن عبد الرحمن الأدمي، حدثني
عبيدة بن الأسود عن القاسم بن الوليد عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ثلاث لا ترتفع صلاتهم
فوق رؤوسهم شبرًا: رجل أمّ قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها
ساخط، وأخوان/متصارمان " (2) . هذا حديث إسناده لا بأس به، قال أبو
حاتم: لا أرى في حديثه إنكارًا، ويروي عن عبيدة أحاديث غرائب، وقال ابن
نمير: لا بأس به، وقال الدارقطني: صالح يعتبر به، وقال أبو حاتم: لا أرى
بحديثه بأس، والقاسم وثقة العجلي وغيره والمنهال خرج البخاري حديثه في
صحيحه، وفي معجم الطبراني الكبير: ثنا يحيى بن عثمان ثنا سليمان بن
أيوب حدثنى أبي عن جدي عن موسى بن طلحة عن طلحة بن عبيد الله
سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أيما رجل أم قوما وهم له كارهون لم تجز صلاته
أذنه " (3) . وذكره أيضًا الشيخ ضياء الدين في صحيحه- والله أعلم-، وعند
__________
(1) ضعيف. " إلا الجملة الأولى منه فصحيحة " رواه ابن ماجة (ح/970) ، والمشكاة
(1123) ، والتعليق الرغيب (1/170) ، وصحيح الترغيب (483- 486) ، وضعيف أبي داود
(ح/92) ، وصحيح أبي داود (ح/607) ، وضعيف ابن ماجة (ح/205) .
(2) ضعيف بهذا اللفظ، وحسن بلفظ: " العبد " مكان: " أخوان متصارمان ". ضعيف ابن ماجة (ح/
206) ، وسنن ابن ماجة (ح/971) ، وغاية المرام (248) ، والمشكاة (1128) ، والتعليق (1/170) .
(3) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/68) ، وعزاه إلى الطبراني قْي " الكبير " من رواية سليمان بن
أيوب الطلحي. قال فيه أبو زرعة: عامة أحاديثه لا يتابع عليها، وقال صاحب الميزان: صاحب مناكير وقد
وثق. والكنز (20395) ، والترغيب (1/313) ، والطبراني (1/74) .

(1/1624)


الترمذي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم
أذانهم: العبد الأبق، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام أمَّ قومًا وهم له
كارهون " (1) . وقال: حديث حسن غريب، وفي المعرفة: وروى من وجه آخر
من حديث قتادة، قال: لا أعلمه إلا رفعه قال: وهذا منقطع، ورواه إسماعيل
أظنه ابن عياش عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن الحسن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مرسلًا، وعن عطاء عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موصولا،
وهذا إسناد ضعيف، وروى حديث الحسن موصولًا يذكر أنس فيه وليس
بشيء. تفرد به محمد بن القاسم الأسدي عن الفضل بن دلهم عنه، ومن
حديث يزيد بن أبي خبيب عق عمرو بن الوليد عن أنس يرفعه، وعن عطاء
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلًا، وقال الشافعي: لم أحفظه من وجه يثبت أهل/العلم
بالحديث مثله، قال: ومعناه الرجل غير الوالي يؤم جماعة يكرهونه فاكره ذلك
للإمام. انتهى. هذا الوعيد في الرجل ليس من أهل الأمانة فيتغلب عليها حتى
يكَره الناس إمامته، فأمَّا المستحق للإمامة فاللوم على من كرهه، وقوله:
وكارهون يكون قد اتخذه عادة حتى يَكون حضوره الصلاة بعد فراغ الناس،
وقيل: أن يأتيها بعدما يفوت وقتها أو يأتيها حين أدبر وقتها، وقرأ عتق محرره
أي: اتخذه عبدًا وهو أن يعتقه وينكره أو يعتقه بعد العتق، فيستخدمه كرهًا أو
يأخذ حرًا فيدعيه عبدًا أو يتملكه، وإغلاق محررة على هذه الصورة الأخيرة
فيه، وقد روى اعتيد محررًا فيتخرج عليه هذه الصورة الأخيرة، والله أعلم.
__________
(1) صحيح. انظر الحاشية قبل السابقة.

(1/1625)


173- باب الاثنان جماعة
حدثنا هشام بن عمار أنبأ الربيع بن بدر عن أبيه عن جدّه عمرو بن جراد
عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اثنان فما فوقهما
جماعة " (1) . هذا حديث قال فيه أبو محمد بن حزم في كتاب الأحكام: هذا
نجر ساقط، وكأنه- والله أعلم- يعني بذلك ضعف رواية الربيع بن بدر،
اطلعت عليه فإن يحيى بن معين قال: هو ليس بشيء، وفي رواية كان
ضعيفا، وقال أبو حاتم: لا يشتغل به ولا بروايته فإنه ضعيف الحديث ذاهب
الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: لا يكتب حديثه، وقال مرة أخرى: ضعيف
متروك، وقال أبو داود: ضعيف الحديث، وفي موضع آخر: لا يكتب حديثه،
وقال ابن خراش: متروك الحديث، وقال/ابن عدي: وعامة رواياته مما لا
يتابعه عليه أحد، وقال النسائي: ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وفي موضع
آخر: متروك الحديث، وكذا قاله الأزدي والدارقطني، وقال الساجي: فيه
ضعف، وكان أحمد بن حنبل إذا ذكره تبسم: يروى عن الأعمش حديثا
منكرا، وقال العجلي: ضعيف الحديث، وقال عثمان بن أبي شيبة: فإنّ
محمد بن عثمان ضعيف، وقال الحاكم لما شأنه عنه مسعود: يقلب الأسانيد،
ويروى عن الثقات المقلوبات، وعن الضعفاء الموضوعات وقال ابن الجارود:
ليس بشيء، وقال البخاري: يخالف في حديثه، وقال السعدي: واهي
الحديث، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد، ويروى عن الثقات المقلوبات، وعن
الضعفاء الموضوعات، ورواه البيهقي من جهة سعيد بن رزين وهو ضعيف،
قال: ثنا ثابت عن أنس فذكره بمثله، وفي الأحكام لابن حزم وقال: لا يصح
من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: " اثنان فما فوقهما
جماعة ". وفي الكامل من حديث الحكم بن عمير مرفوعا: " اثنان فما فوقهما
جماعة ". فيه عيسى بن طهمان وهو ضعيف الحديث منكره.
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/972) . في الزوائد: الربيع وولده بدر ضعيفان. والمشكاة
(1081) ، والإرواء (489) ، وضعيف ابن ماجة (ح/207) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني.

(1/1626)


حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثنا عبد الواحد بن زياد عن
عاصم عن الشعبي عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة، فقام النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأقامني عن يمينه " (1)
هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم.
حدثنا بكر بن خلف بن بشر ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا الضحاك بن عثمان
ثنا شرحبيل قال: سمعت جابر ابن عبد الله يقول: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يصلي المغرب / فقمت فجئتِ عن يساره فأقامني عن يمينه " (2) . هذا حديث
في إسناده ضعف بضعف شرحبيل بن سعد أبي سعد الأنصاري الخطمي
المدني، فإنّه وإن كان ابن حبان قد ذكره في الثقات، وفي رواية نصر عن
يحيى ثقة، وخرج ابن خزيمة وابن حبان والحاكم حديثه وزاد الحاكم: روى
عن مالك بعد أن كان رمى الرامي فيه، قال البرقي: روى عنه مالك حديث
النهش، وحدَث عنه يحيى بن سعيد، وقال أبو زرعة: فيه لين، فقد فال ابن
أبي ذئب: ثنا شرحبيل بن سعد، وكان متّهمَا، وقال علي بن المديني: اتهم
وترك، وقال الساجي: فيه ضعف، وليس بذاك، وفي موضع آخر: ضعيف
وذكره البرقي في باب من كان الأغلب عليه الضعف في حديثه، وقد ترك
بعض أهل العلم من المحدّثين الرواية عنه، وذكره أبو العرب، والمسحيلي، وابن
السكن البلخي، والعقيلي في جملة الضعفاء، وقال بشر بن عمر قال مالك:
ليس بثقة، وقال النسائي: ضعيف، وكذا قاله ابن معين في رواية عباس، زاد:
وليس هو بشيء قيل لابن إسحاق: كيف حديثه؟ فقال: واحد يحدّث عنه،
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في العلم، باب " 41 "،، والوضوء، باب " 5 "،، والأذان باب
" 57، 59، 161 ") ، ومسلم في (المسافرين، ح/181، 182، 184، 189، 192، 193) ، والنسائي في
(الإمامة باب " 22 " والتطبيق، باب " 63 ") ، وابن ماجة في (الطهارة، باب " 48 " والإقامة باب
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/974) . في الزوائد: في إسناده شرحبيل، ضعيف. ضعفه
غير واحد، بل اتهمه بعضهم بالكذب، لكن ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج هو وابن
خزيمة في صحيحيهما هذا الحديث من طريق شرحبيل.

(1/1627)


وقال ابن عديّ: له أحاديث، وليست بالكثيرة، وفي عامة ما يرويه إنكار على
أنه قد حدّث عنه جماعة، وهو إلى الضعف أقرب، والله تعالى أعلم.
حدثنا نصر بن علي ثنا أبي ثنا شعبة عن عبد الله بن المختار عن موسى بن
أنس عن أنس: قال: " صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بامرأة من أهله وبي، فأقامني عن
يمينه، وصلَّت خلفنا المرأة " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه وفي أبي
داود (2) ما يبين أن هذه المرأة من أهل أنس، لا من أهل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي
صحيح ابن حبان من حديث/شعبة عن ابن المختار، عن موسى، عن أنس، أنه
كان هو والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمه وخالته، فصلى بهم النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم- فجعل أنس بيمينه وأمه وخالته خلفهما " (3) . وفي البخاري من حديث
مالك بن الحويرث: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا وليؤمكما أكبر كما " (4) ، وحديث:
" صلاة الرجل مع الرجل أولى من صلاته وحده " (5) ، وحديث: " من يتصدق
على هذا فيصلي معه " (6) . رواه أبو سعيد عن ابن حبان، والله تعالى أعلم.
__________
(1) هذا حديث تقدم ص 1627.
(2) قوله: " أبو داود " سقط من " الأصل "، وكذا أثبتناه.
(3) قلت: " وقد سقط هذا الحديث من الأصل إلا كلمات وكذا أثبتناه.
(4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأسان، باب " 18،17، 49، 140 ") ، ومسلم
في (المساجد، ح/393،392) ، وابن ماجه (ح/979) ، والدارمي في (الصلاة، باب " 42 ") ،
وأحمد (3/436، 5/53) .
(5) رواه النسائي في (الإمامة " باب 45 ") ، والبيهقي (3/68) ، والتمهيد (6/317) ، والفتح
(12/36) ، والقرطبي (1/351) ، والعقيلي (6/112) .
(6) تقدم، وانظر: الإرواء (2/316) ، والكنز (3427) .

(1/1628)


174- باب من يستحب أن يلي الإمام
حدثنا محمد بن الصباح، أنبأ سفيان بن عيينة عن الأعمش عن عمارة بن
عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود الأنصاري قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم
أولوا الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " (1) . هذا حديث
خرجاه في صحيحيهما فيما قاله الحاكم وعنده أيضَا: " ليلني منكم الذين
يأخذون مني أولى الصلاة " (2) ، وقال: هذه الزيادة عندهما صحيحة على
شرطهما، وفي علل الخلال: قال جبل: ثنا أبو عبد الله ثنا يونس ثنا يزيد بن
زريع ثنا خالد عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله يرفعه:
" ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ". قال أحمد: هذا حديث منكر، وقال أبو
الحسن: لم يروه عن إبراهيم إلّا أبو معشر، وهو مخرج في صحيح مسلم
بزيادة: وقال فيه الترمذي: حسن غريب، وعند ابن/خزيمة (3) : من حديث أبي
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لنا: " كونوا في الصف الذي يليني ".
حدثنا نصر بن علي ثنا عبد الوهاب ثنا عبد الواحد ثنا حميد عن أنس قال: " كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليأخذوا عنه " (4) . هذا حديث
إسناده صحيح ولفظ أحمد في مسنده (5) : " ليحفظوا عنه ".
حدثنا أبو كريب ثنا ابن أبي زائدة عن أبي الأشهب عن أبي نضرة عن
__________
(1) تقدم. رواه البخاري (3/158، 4/213) ، ومسلم في (الصلاة، ح/123،122) ، وأبو
داود (ح/664، 675) ، والترمذي (228) ، وأحمد (4/122) ، والحاكم (1/573، 2/8) ،
والطبراني (10/ 108، 178، 17 / 215، 218) ، وأبو عوانة (2/41، 42) .
(2) رواه الحاكم في " المستدرك ": (1/573، 2/8) .
(3) رواه ابن خزيمة: (1552) .
(4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/977) ، وأحمد (3/100، 263،199) ، والبيهقي (3/97) ،
والكنز (17934) ، والصحيحة (1409) . وصححه الشيخ الألباني.
(5) رواية أحمد في الحاشية السابقة.

(1/1629)


أبي سعيد: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في أصحابه تأخرًا، فقال: " تقدَّموا
وأتموا بيِ، وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخِّرهم الله عز
وجل " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه. وفي سنن أبي داود (2)
عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يزال قوم يتأخرون عن الصف
الأول حتى يؤخرهم الله تعالى في النار ". قال المنذري: قال هذا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
المنافقين، ويحتمل أن يكون تأخرهم في العلم أو في السبق والمنزلة عنده
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفي سنن الدارقطني من حديث عبيد الله بن سعيد عن الليث عن
مجاهد عن ابن عباس يرفعه: " لا يتقدّم الصف الأول أعرابي، ولا أعجمي،
ولا غلام لم يحتلم " (3) . المنكب من الإنسان وغيره: مجتمع رأس الكتف
والعضد، تذكر لا غير حكى ذلك اليماني. وفي صحيح البخاري في كتاب
البيوع: في عامة ما رأيت من الأصول فوضع يده على إحدى منكبي.
والأحلام: الحلومْ، جَمْعُ حُلُم وهو: الأماة والعقل، قال الله تعالى: (أم
تأمرهم أحلامهم بهذا) . وقال جرير بن الخطفي فيما ذكره ابن سيده: هل
من حلوم لأقوام فينذرهم ما حربت الناس من عضى/ونضوي، وهذا أحد ما
جمع من المصادر، ورجل حليم من قوم أحلام وحلمًا، والنهي: العقل يكون
واحدًا وجمعًا وهو جمع نُهيه، والنهاة والمنهاة، العقل كالنهية، ورجل منها،
وعاقل حسن الرأي عن أبي العميثل، وفي الغريبين: لأنه ينهى ما إلى المبائع،
وقيل: لأنه ينتهى إلى رأيه واختياراته لعقله، وخصهم بذلك استخلافه إن
احتاج أو لتبليغ ما يسمعونه منه، وضبط ما يحدث عنه والتنبيه على سهو إن
وقع؛ ولأنهم أحق بالتقدم، وليقتدي هم من بعدهم، والله تعالى أعلم.
__________
(1) صحيح. روا مسلم في (الصلاة، ح/130) ، والنسائي في (الإمامة، باب " 17 ") ، وأبو
داود (ح/680) ، وابن ماجة (ح/978) ، واحمد (3/34، 54) ، والبيهقي (03/13) ، والترغيب
(1/324) ، والكنز (20648) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/130) ، وأبو داود (ح/679) ، والنسائي في
(الإمامة، باب " 17 ") ، وابن ماجة (ج/978) ، وأحمد (3/34، 54) ، والبيهقي (03/13) ،
والكنز (23008) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/203) ، وأبو عوانة (2/42) .
(3) رواه الدارقطني (1/281) ، والعلل المتناهية (1/428) .

(1/1630)


175- باب من أحق بالإِمامة
حدثنا بشر بن هلال الصواف، ثنا يزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي
قلابة عن مالك بن الحويرث قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا وصاحب لي، فلما
أردنا الانصراف قال لنا: " إذا حضرت الصلاة فأذّنا وأقيما، وليؤمكما
أكبركما " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما.
حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن إسماعيل بن رجاء
سمعت أوس بن صمعج قال: سمعت أبا مسعود يقول: قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم
أقدمهم هجرة، وإن كانت الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنُّا، ولا يؤم الرجل
في أهله ولا في سلطانه، ولا يجلس على تكرمة في بيته إلا لإذن أو بأذنه " (2) .
هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه، وفي الباب حديث أبي سعيد الخدري
من عنده أيضا مرفوعا: " إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة
أقرئهم " (3) . وحديث/ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يؤمَكم
اقرأهم " وإن كان ولدا ذكره ابن حزم في كتاب الأعرابي من حديث
محمد بن الفضل بن عطية، وهو متروك. وحديث أبي هريرة قال: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سافرتم فليؤمكم أقرؤكم وإن كان أصغركم، وإذا أمكم
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 162، 163، 346، 2/ 42) ، ومسلم في
(المساجد، ح/292) ، والنسائي (2/9) ، وأحمد (5/53) ،والبيهقي (1/ 385، 2/
17، 345، 3/54، 91) ، والحاكم (3/47) ، والدارقطني (1/273، 346، 2/42) ، والطبراني
(7/56) ، ومشكل (2/297) .
(2) صحيح. أورده الألباني في " الصحيحة " (ح/1595) ، وعزاه إلى مسلم وأبي داود (ح/582) ،
والنسائي (2/76) ، وأحمد (3/163، 4/118) ، والبيهقي (3/90، 119، 125، 121، 5/272) ، وأبو
عوانة (2/35) ، وابن عدي في " الكامل " (7/2507) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/289) ، والنسائي (2/77، 104) ، وابن خزيمة
(1508) ، والمشكاة (1118) ، والمنحة (624) ، وابن أبي شيبة (1/343) ، والبيهقي (3/
121،119،89) ، والكنز (1755) .

(1/1631)


فهو أميركم " (1) . رواه البزار وقال: لا نعلمه يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من
رواية أبي هريرة بهذا الإسناد، وعند الدارقطني من حديث خالد بن إسماعيل
الخزومي- وهو متروك- مرفوعًا: " إن سركم أن تزكوا صلاتكم فقدّموا
خياركم " (2) . ومن حديث عبد الله بن محمد بن يحيى- وهو ضعيف-:
لا سيليكم بعدي أمراء فيليكم الببرة، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا
وصلوا وراؤهم " (3) . وحديث ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أم
قوما وفيهم من هو أقرؤ منه لكتاب الله وأعلم، لم يزل في سفاك إلى يوم
القيامة " (3) . ذكره العقيلي من حديث الهيثم بن عقاب، قال: وهو مجهول
بالنقل وحديث غير محفوظ، وقال الطبراني في الأوسط: لا يروى عن ابن
عمر إلا بهذا الإسناد. تفرد به الحسين بن علي بن يزيد الصدائي يعني عن أبيه
عن حفص بن سليمان عن الهيثم، وفيه من حديث عبد الله بن حنظلة
الغسيل مرفوعًا: " الرجل أحق بصدر دابته، وأن يؤم في رحله " (4) . وقال: لم
يروه عن المسيب بن رافع، ومعبد بن خالد إلا إسحاق بن يحيى بن طلحة،
ولا يروى عن عبد الله بن حنظلة إلّا بهذا الإسناد، وعند الدارقطني من
حديث عمر بن يزيد- وهو منكر الحديث- مرفوعَا: " اجعلوا أئمتكم
خياركم فأمموهم وقدموهم فيما بينكم وبن الله عز وجل " (5) . وعن خالد بن
إسماعيل أيضًا " صلوا خلف/من قال: لا إله إلا الله " (6) . وحديث عمر بن
__________
(1) لم تقف عليه.
(2) رواه الدارقطني (1/346) ، والكنز (20388) ، والخطيب (2/51) ، ولسان (5/267) ،
والقرطبي (1/357) ، وابن عدي في " الكامل " (3/912) .
(3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5/218) ، وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط " وفيه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، وهو ضعيف جدا.
(4) صحيح. رواه أحمد (3/32) ، والد، مي (2/285) ، والمجمع (6/80، 08/18) ، وابن أبي شيبة (8/
372) ، والإرواء (2/257) ، والكنز (24962، 24963، 24999) ، وابن عساكر في " التاريخ " (7/
374) ، وأصفهان (1/134) ، والصحيحة (1595) . وكذا صححه الشيخ الألباني.
(5) رواه الدارقطني (2/88) ، ونصب الراية (2/26) ، والخفاء (2/140) .
(6) تلخيص (2/35) ، والإرواء (2/305) ، والخطيب (03/46، 1/2831) ، وأصفهان (2/
317) ، وابن القيسراني (501) ، والدرر (104) ، والمتناهية (1/423، 424) .

(1/1632)


سلمة من عند البخاري مرفوعًا: " فإن أحضرت الصلاة فليؤذن أحدكم
وليؤمكم أكثركم قرآنا " (1) . وحديث جابر مرفوعا: " ألا لا يؤمن رجل
امرأة، ولا يؤمن أعرابي مهاجر، ولا يؤمن فاجر برَا إلّا أن يكون ذا
سلطان " (2) . ذكره ابن حزم في كتابه الأعراب من حديث ابن جدعان، وهو
ضعيف. وحديث ابن عباس: " ليؤذن لكم خياركم، ويؤمكم قراؤكم ".
تقدم من عند ابن ماجة. وحديث عائشة من كتاب الخلال، وقيل لها: من
يؤمنا؟ قالت: " أقرؤكم للقرآن، فإن لم يكن فأصبحكم وجهًا ". قال أحمد،
ويحيى بن معين: هذا حديث سوء ليس بصحيح، وسئل أحمد عن حديث
مؤيد السنجي عن مرة عن عمر: " لا يوم المقيد المطلقين " (3) ، فلم يعجبه،
قيل له: تعرف في المقيد يؤم المطلقين قال: لا أعرف فيه شيئًا يصح.
__________
(1) تقدم قريبا في ص 1631.
(2) انظر: كتاب الأعراب لابن حزم.
(3) رواه الدارقطني: (1/185) .

(1/1633)


176- باب ما يجب على الإمام
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا سعيد بن سليمان ثنا عبد الحميد بن
سليمان أخو فليح ثنا أبو حازم قال: كان سهل بن سعد الساعدي يقدم فتيان
قومه يصلون بهم قيل له: تفعل هذا، ولك من القدم مالَكَ؟! قال: " إني
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الإِمام ضامن، فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء
يعني فعليه ولا عليهم " (1) . هذا حديث قال فيه الحاكم وخرجه من حديث
شريح بن النعمان عن عبد الحميد: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه،
وكأنه- رحمه الله تعالى- لم يعتد بما قيل في رواية عبد الحميد، وهو وإن
فال فيه أحمد: وسئل كيف حديثه، قال: لا أدرى إلا أنه/ما كان يرى به
بأسًا، وخرج الحاكم حديثه في مستدركه وصححه الترمذي وأبو علي
الطوسي فقد قال فيه النسائي: ليس بثقة، وفي موضع آخر: ضعيف الحديث،
وكذا قاله الدارقطني، وابن المديني، وصالح بن محمد، وقال أبو داود: غير ثقة
ويحيى بن معين: ليس بشيء، وفي موضع آخر: ليس بثقة، وفي موضع آخر:
لا يكتب حديثه، ولما ذكر ابن عدي وابن طاهر حديثه الذي صححه أبو علي
وأبو عيسى: " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة " (2) . رواه به. زاد
أبو أحمد وهو ممن يكتب حديثه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال جرير بن
عبد الحميد: فليح أثبت منه، وذكره العقيلي وابن شاهين في جملة الضعفاء،
وقال يعقوب بن سفيان: من باب يرغب عن الرواية عنهم، وكنت أسمع
أصحابنا يضعفونهم منهم عبد الحميد بن سليمان ولم يكن بالقوي وقال ابن
الجارود: ليس بشيء وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن أم غراب عن امرأة يقال لها:
__________
(1) صحيح. رواه الحاكم (1/216) والبيهقي في " الكبرى " (1/430، 431، 3/127)
والصحيحة (1767) .
(2) المجمع (1/2880) ، والصحيحة (ح/943،686) . انظر طرقه وتصحيح الشيخ الألباني
لهذا الحديث.

(1/1634)


عقيلة عن سلامة بنت الحر أخت خرسة، قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول: " يأتي على الناس زمان يقومون ساعة لا يجدون إماما يصلي بهم " (1) .
هذا حديث في سنده امرأتان مجهولتان الأولى أم غراب طلحة وإن كان قد
روى عنها أيضًا مروان بن معاوية الفزاري، وفي الكمال: وهارون بن عباد
فيشبه أن يكون وهمًا، وذلك أنّ ابن عباد إنّما روى عن مروان عنها. نص على
ذلك أبو داود وغيره فإني لم أر من تعرض لمعرفة حالها، وأما عقيلة فلم أر
من ذكر عنها راويًا غير أم غراب، ولا تعرض لحالها على أن أبا داود لما روى
حديثها سكت عنه، وتبعه / على ذلك المنذري وغيره، وليس كافيا ولفظه:
" من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إماما يصلي هم " (2) .
وفي كتاب الخلال من حديث عبد الرزاق عن أبيه: أن قومًا تدافعوا الإمامة
فخسف هم، قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: سمعه من عبد الرزاق، وليس
له إسناد.
حدثنا محرز بن سلمة العدني ثنا ابن أبي حازم عن عبد الرحمن بن حرملة
عن أبي علي الحمداني: أنه خرج فيه لسفر فيه عقبة بن عامر الجهني، فجاءت
صلاة من الصلوات فأمرناه أن يؤمنا، وقلنا له: إنَّك أحقنا بذلك أنت صاحب
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أم الناس
فأتم فأصاب فالصلاة له ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئا فعليه ولا عليهم " (3) .
هذا حديث صححه الإشبيلي بسكوته عنه، وأبي ذلك عليه أبو الحسن،
وضعفه، ولما ذكره أبو جعفر الطحاوي عن الربيع بن سليمان قال: ثنا سعيد بن
كثير بن عفير ثنا يحيى بن أيوب عن حرملة عن عمران عن أبي علي
الحمداني سمعت عقبة قال: أهل العلم بالحديث يقولون: الصواب في إسناد
__________
(1) انظر: الحاشية القادمة.
(2) انظر: كتاب الخلال.
(3) صحيح. رواه أبو داود في (الصلاة، باب " 59 " وابن ماجة ح/983) ، وأحمد (4/
145، 201) ، والبيهقي (3/127) ، والحاكم (213،1/209) ، وابن حبان (3740) ، وابن
خزيمة (1513) ، والترغيب (1/310) ، ومشكل (3/54) ، وإتحاف (3/173) ، والطبراني (17/
329) ، والكنز (20394) .

(1/1635)


هذا الحديث يحيى بن أيوب عن حرملة عن أبي علي؛ لأن عبد الرحمن بن
حرملة لا يعرف له سماع من أبي علي، ولما خرجه الحاكم من جهة يحيى بن
أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي علي، قال: صحيح على شرط
البخاري ولم يخرجاه. انتهى كلامه. وفيه نظر. من حيث أن يحيى بن أيوب
الغافقي ممن اتفقا على تخريج حديثه، وعبد الرحمن بن حرملة. تفرد بحديثه
مسلم، وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/قال:
" يصلون لكم، فإن أصابوا منكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم " (1) . وتقدم
حديثه أيضًا: " الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن " وما فيه من العلل القادحة وغير
القادحة، وعند الدارقطني بسند لا بأس به عن جابر يرفعه: " الإمام ضامن،
فما صنع فاصنعوا " (2) . قال أبو حاتم: هذا صحيح لمن قال بالقراءة خلف
الإمام. وفي كتاب أبي داود بسند حسن من حديث قبيصة بن وقاص قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة، فهي لكم وهي
عليهم " (3) . وقال المهلب في حديث أبي هريرة: " جواز الصلاة خلف البر
والفاجر إذا خيف منه، وفيه أن الإمام إذا ينقص فرض من فروضها فلا يجوز
اتباعه إلّا أن يخاف منه " (4) .
***
__________
(1) صحيح. رواه البخاري (1/178) ، والبيهقي (2/397، 3/127) ، والترغيب (1/310) ،
والكنز (20392) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/173) ، والمشكاة (1133) ، وإتحاف (3/
173) ، وشرح السنة (05/43) ، ونصب الراية (2/60) ، والصحيحة (1767) .
(2) رواه ابن عساكر في " التاريخ " (6/363) ، والمتناهية (1/439) ، الخطيب في " التاريخ "
(8/332) ، والمجمع (2/66) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه موسى بن شيبة من ولد
كعب بن مالك، ضعفه أحمد، ووثقه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات أيضا.
(3) حسن. رواه أبو داود (ح/434) ، وابن سعد في " الطبقات " (7/38) ، والطبراني (18/
375) ، والمشكاة (622) ، والكنز (20681) ، والاستذكار (1/36) .
(4) رواه ابن حبيب في " مسنده ": (1/ 44، 3/ 6) .

(1/1636)


177- باب من أمُّ قومًا فليخفف
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا إسماعيل عن قيس عن أبي مسعود
قال: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل فقال يا رسول الله: إنى لأتأخَّر في صلاة الغداة
من أجل فلان لما يطيل بنا فيها. قال: فما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غضب قط
في موعظة أشدّ غضبًا منه يومئذ فقال: " يا أيها الناس إنّ منكم منفرين،
فأيّكم ما صلى بالناس فليجوز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة (1) .
هذا حديث خرجاه في الصحيح، وفي لفظ عند البخاري: " فإن فيهم
المريض والضعيف ". ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث أبي الجواب عن
عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن قيس بن أبي حازم عنه، وقال: المشهور
من حديث إسماعيل عن قيس.
حدثنا أحمد بن عبدة وحميد بن مسعدة قالا: ثنا حماد بن زيد ثنا عبد
العزيز بن صهيب عن مالك قال: " كان رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوجز ويتم
الصلاة " (2) . هذا حديث خرجاه أيضًا حدثنا محمد بن رمح أنبأ الليث بن
سعد عن ابن الزبير عن جابر قال: صلى معاذ بن جبل بأصحابه صلاة
العشاء، فطول عليهم فانصرف رجل منا فصلى فأخبر معاذ عنه فقال: إنه
منافق، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره ما قال معاذ
فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتريد أن تكون فتانًا يا معاذ، إذا صليت بالناس فاقرأ
بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، واقرأ باسم
ربك " (3) . هذا حديث خرجه أيضًا من حديث عمرو بن دينار: سمعت جابرًا
بلفظ: " أقبل رجل فمر بنا، وقد جنح الليل فوافق معاذًا أنت ثلاث مرات ".
وفي مسند أحمد بن حنبل بسند صحيح عن بريدة الأسلمي: " إنَّ معاذًا
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/180، 8/ 33، 9/ 82) ، ومسلم في (الصلاة، ح/
182) ، وابن ماجة (ح/5/273) ، والطبراني (17/208) ، والكنز (20426) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/181) ، ومسلم في (الصلاة، ح / 188) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/179) ، والبيهقي (2/393) ، وابن ماجة (ح/
986) ، والنسائي (2/173) ، والكنز (19670) ، ونصب الراية (2/30) ، والإرواء (1/330) .

(1/1637)


صلى بأصحابه العشاء فقرأ فيها اقتربت الساعة، فقام رجل فصلى وذهب ... ".
الحديث، وفيه أيضًا بسند صحيح عن أنس بن مالك: " كان معاذ يؤم قومه
فدخل حرام- يعني: ابن ملحان: وهو يريد أن يسقى نخلة المسجد، فلما رأى
معاذًا طوَل، تحول في صلاته ولحق بنخله ليسقيه " (1) . وعنده أيضًا من حديث
معاذ بن رفاعة عن سليم رجل من بنى سلمة: أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا
رسول الله إن معاذَا ... الحديث، وذلك قبل أُحد فدلّ أن الحديث منقطع؛ لأن
معاذ بن رفاعة ليس صحابنا، قال ذلك: ابن حزم وغيره، وفي سنن أبي داود
عن موسى بن إسماعيل عن طالب بن حبيب، سمعت عبد الرحمن بن جابر
يحدّث عن حزم بن أبي كعب الأنصاري: أنه أتى معاذًا وهو يصلى يقول مع
صلاة المغرب ... " (2) الحديث. وفي صحيح البستي عن جابر: كان معاذ
يصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم فأخرّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء ذات
ليلة فصلى معه معاذ ثم رجع إلينا فتقدّم ليؤمنا، فافتتح بسورة البقرة فلما رأى
ذلك رجل منّا " (3) ... الحديث، وفيه: قال عمرو: وأمره بسور لا أحفظها،
قال سفيان: فقلنا لعمرو إنّ أبا الزبير قال لهم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " اقرأ
بالسماء والطارق، والسماء ذات البروج، والشمس وضحاها، والليل إذا
يغشى " (4) . قال عمرو بنحو هذا، وفي لفظ: " ثم ينصرف إلى قومه
فيصلي هم " وكان إمامهم ". قال أبو حاتم: في هذا رخص زعم أنه لم يكن
يصلي بهم لغرض، وإن الغرض أدّاه مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال ذكر الخبر الدال
على أنَّ المغرب ليس له وقت واحد أنبأ ابن الجنيد ثنا قتيبة ثنا حماد بن زيد
عن عمرو سمع جابرا: " إن معاذًا كان يصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المغرب ثم
يرجع إلى قومه فيؤمهم ". وفي شرح مسلم للنووي- رحمه الله تعالى- باب
القراءة في العشاء فيه حديث البراء بن عازب: " أن معاذا كان يصلي مع النبي
__________
(1) هذا الحديث تقدَمت روايته بأطول مما ورد هنا الآن. وانظر ألمجمع (2/71) ، وقد عزاه
الهيثمي إلى أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح.
(2) هذا حديث قد تقدم أيضا. (3) المشكاة (1150، 1151) .
(4) تقدْم. رواه ابن ماجة (ح/836) ، والفتح (2/195) ، والمنثور (6/338) ، والإرواء (1/328) .

(1/1638)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يأتي قومه فيؤمهم ... " الحديث. انتهي. وينبغي أن يثبت في هذا،
فإني لم أجده في مسلم، ولا في كتاب من الكتب الستة، وفي سنن
الدارقطني بسند صحيح عن أبي بكر النيسابوري: ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا أبو
عاصم عن ابن جريح عن عمرو عن جابر: " أنَ معاذا كان يصلي مع النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء، ثم ينصرف إلى قومه فيصلي هم هي له تطوع ولهم فريضة ".
وثنا أبو بكر ثنا عبد الرحمن بن بشر وأبو الأزهر قالا: ثنا عبد الرزاق، أنبأ ابن
جريج أخبرني عمرو أخبرني جابر الحديث بلفظ: " فيصلي بهم تلك الليلة
هي له نافلة/ولهم فريضة ". ورواه الشافعي في مسنده عن عبد المجيد عن ابن
جريح عن عمرو به، وقال البيهقي: هذا حديث ثابت لا أعلم حديثا يروى من
طريق واحدة أثبت من هذا ولا أوثق رجالا، قال البيهقي: وكذلك رواه
عبد الرزاق عن ابن جريح فذكر هذه الزيادة، وقد رويت هذه الزيادة من وجه
آخر عن جابر رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن عجلان عن عبيد الله بن
مقسم عن جابر بلفظ: " فيصلي لهم العشاء وهي له نافلة "، وقد روى ابن
عيينة عن عمرو حديث جابر هذا فلم يذكر هذه الزيادة، فيجوز أن يكون من
قول ابن جريح، أو من فول عمرو، أو من قول جابر، ثنا علي ظنّ واجتهاد لا
يجزم، وذكر أبو البركات ابن تيمية أنَ الإمام أحمد ضَعف هذه الزيادة وقال:
أخشى أن لا تكون محفوظة؛ لأن ابن عيينة يزيد فيها كلاما لا يقوله أحد،
وزاد ابن قدامة في المغني عنه، وقد روى الحديث منصور بن زادان وشعبة فلم
يقولا ما قاله سفيان. انتهى. قد سبق من عند الدارقطني وغيره إن هذه الزيادة
جاءت من قبل ابن جريح ومن عند الطحاوي أنّ ابن عيينة لم يأت لها فينظر،
وفي كتاب ابن الجوزي: فإن قالوا فقد روى عن جابر أنّه قال: يكون له
تطوّعًا قلنا: هذا لا يصح، ولو صح كان ظنا من جابر، وبنحوه ذكر القاضي
أبو بكر في العارضة وفي كتاب ابن بشكوال: اسم الرجل المنصرف حازم،
وفي مسند الشافعي: " فقرأ بسورة البقرة والنساء " (1) . قال البيهقي: الأصل ما
كان موصولا بالحديث يكون منه، وخاصة إذا روى من وجهين إلا أن تقوم
__________
(1) تقدم في رواية مطولة.

(1/1639)


دلالة على التمييز، فالظاهر أن قوله: " هي له تطوع، وهي لهم مكتوبة " من
قول جابر، وكان الصحابة أعلم بالله وأخشى/له من أن يقولوا مثل هذا لا
يعلم. وحديث عمرو بن شعيب عن سليمان مولى ميمونة عن ابن عمر عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تصلوا صلاة في يوم مرتين " (1) . لا يثبت ثبوت حديث
معاذ للاختلاف في الاحتجاج بروايات عمرو وانفراده به، والاتفاق على
الاحتجاج بروايات رواها معاذ: " وصلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي صلاة الخوف ببطن
نخل مطابقة ركعتين ثم سلم، ثم جاءت طائفة أخرى فصلى لهم ركعتين ثم
سلم " (2) . قال الشافعي: أنبأ به الثقة بن عيينة أو غيره عن يونس عن الحسن
عن جابر فذكره، وقال: فالآخرة من هاتين للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نافلة وللآخرين فريضة،
وعن عطاء إن أدركت العصر ولم تصل الظهر فاجعل الذي صليت مع الإمام
الظهر وصل العصر بعد ذلك، قال الشافعي: يروي عن عمر بن الخطاب وعن
رجل من الأنصار مثل هذا المعنى، ويروي عن أبي الدرداء وابن عباس قريب
منه، وكان وهب بن منبه وأبو رجاء العطاردي والحسن وابن المهدى ومسلم
وخالد ويحيى بن سعيد وغيرهم يقولون بهذا، وعن ابن جريج قال: أتيت
طاوس فوجدت الناس في القيام فجعلتها العشاء الأخرة، قال: أصبت، وهي:
رواية عن أحمد، قال سليمان بن حرب لابن المنذر وأبو داود، قال البيهقي:
واحتج بقوله: " من يتصرف على هذا فيصلى معه " (3) . وعن الأوزاعي قال:
دخل ثلاثة نفر من الصحابة في صلاة العصر ولم يكونوا صلوا الطهر، فلما
أسلم الإمام قال بعضهم لبعض: كيف صنعت، قال أحدهم: أما أنا، فجعلت
صلاتي مع الإمام صلاة الظهر ثم صليت العصر وقال الآخر أنا جعلت صلاتي
مع الإمام/العصر ثم صليت الظهر، وقال الآخر: أما أنا فجعلت صلاتي مع
الإمام سبحة، وأسبقت الظهر ثم العصر فلم يعب أحدهم على صاحبه، قال:
__________
(1) تقدْم. رواه أبو داود (ح/579) ، وأحمد (2/19، 41) ، والبيهقي (2/303) ، ونصب الراية
(2/55، 148) ، والدارقطني (1/415، 416) ، والتمهيد (4/244، 245) ، والمشكاة (2157) ،
وابن خزيمة (1641) ، وشرح السنة (3/431) ، والحلية (8/385، 9/231) .
(2) بنحوه. رواه سعيد بن منصور في " سننه " (2504) ، وابن أني شيبة (14/538) .
(3) تقدم. الكنز (3427) ، والإرواء (2/316) .

(1/1640)


وروينا هذا عن الوضيف بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن ابن عائذ قال:
" دخل ثلاثة نفر " ... الحديث، وزعم المهلب: أنَّ حديث معاذ يحتمل أن
يكون أوّل الإسلام وقت عدم القرآن ووقت لا عوض للقوم من معاذ، فكانت
حال ضرورة لا تجعل أصلا يقاس عليه. انتهى. قد أسلف أنَّ هذا كان قبل
أُحد، فلا حاجة لنا إلى هذا النحو، وقد ورد حديث بشدّ قول من ذهب إلى
أنّ معاذا كان يصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرض ذكره الإسماعيلي، ثنا إبراهيم بن
السرى بن أحمد ثنا مهنأ وابن السرى ثنا محمد بن إسحاق العامري ثنا عبد
الله عن أبي الأحوص عن المغيرة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
" كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رجع من المسجد صلى بنا ". ومنع أبو حنيفة وأصحابه
من صلاة المفترض خلف المتنفل، وهو قول الزهري ورواية عن الحسن بن أبي
الحسن، وقول سعيد بن المسيح والنخعي، وأبي قلابة وربيعة بن أبي عبد
الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك بن أنس، وروا ية أبي الحرث عن
أحمد بن حنبل، زاد الطحاوي: ومجاهدا، واستدل بالحديث الصحيح: " إنما
جعل الإمام ليؤتّم به فلا تختلفوا عليه " (1) . قال ابن بطال: ولا اختلاف أعظم
من اختلاف النيات، ولأنه لو جاء بنا المفترض على صلاة المتنفل لما شرعت
صلاة الخوف مع كل طائفة بعضها وارتكاب الأعمال التي لا تصح الصلاة
معها في غير الخوف؛ لأنَه كان يمكنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلى/مع كل طائفة جميع
صلاته، وتكون الثَّانية له نافلة وللطائفة الثانية فريضة. انتهى. قد أسلفنا ما قاله
في الحديث، فلا حاجة له إلى إحالة لوقوعه لكونه حديثا جيد، قال
الطحاوي: ويحتمل أن يكون حديث معاذ وقت كأنه الفريضة تصلى مرتين،
فإنَّ ذلك قد كان يفعل في أوّل الإسلام حتى نهي عنه، وبنحوه ذكره ابن
السني وابن بطال. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل ابن علية عن
محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن مطرف بن عبد الله بن الشخير
__________
(1) صحيح. رواه البخاري (1/184) ، وأحمد (2/314) ، والدارمي (1/287) ، ومالك في
" الموطأ " (ص 93) ، والبيهقي (2 /18، 97، 156) ، وعبد الرزاق (4082) ، والتمهيد (6/
131، 132، 137) ، وتلخيص (2/6، 37) ، وإتحاف (3/202، 204) ، والبخاري في " الكبير "
(9/38) ، الخطيب في " التاريخ " (5/320) ، والتجريد (8875،82) ، والكنز (20476) .

(1/1641)


قال: سمعت عثمان بن أبي العاص يقول: كان آخر ما عهد إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حين أمرني على الطائف أن قال لي: " يا عثمان تجاوز في الصلاة واقدر
الناس بأضعفهم، فإنَّ فيهم الكبير والسقيم والبعيد وذا الحاجة " (1) . هذا
حديث خرجه مسلم بلفظ: " فمن أمّ الناس فليخفف، فإن فيهم الكبير، وإن
فيهم الضعيف، وإن فيهم ذا الحاجة، فإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف
شاء " (2) ، وفي لفظ: " إذا أممت الناس فاحفَّ بهم الصلاة " (3) ، وفي
الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أم أحدكم الناس
فليخفف، فإن فيهم الصغير، والكبير، والضعيف، والمريض، وإذا صلى وحده
فليصل كيف شاء " (4) . حدثنا على بن إسماعيل حدثنا عمر بن على حدثنا
يحيى حدثنا علي بن إسماعيل حدثنا شعبة حدثنا عمرو بن مرة عن سعيد بن
المسيب قال عثمان بن أبي العاص: إنَ آخر ما قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا
أممت قوما فأخف بهم " (5) . وعد النسائي من حديث ابن عمر بسند صحيح:
" كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا بالتخفيف ويأمنا/بالصافات " (6) . وفي مسند
الشافعي من حديث عبد بن عثمان بن خثيم عن نافع بن سرخس قال: عدنا
أبا واقد فسمعته يقول: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخف الناس صلاة على الناس
وأطول صلاة لنفسه " (1) . وفي مصنف أبي بكر عن المنذر عن أبي أسيد قال:
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/987) ، وأحمد (4/21) ، وابن خزيمة (1608) . وصححه
الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/183، 182، 186) ، والبخاري في (الأذان، باب
" 63 ") ، والترمذي (الصلا ة، باب " 61 ") ، وأحمد (2 / 256، 393، 537، 4/
(3) صحيح. ورواه ابن ماجة (ح/988) ، وصححه الشيخ الألباني.
(4) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/183) ، والترمذي (ح/236) ، والبيهقي (3/
117) ، وعبد الرزاق (3712) ، وتلخيص (2/28) .
(5) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/187) ، وابن ماجة (ح/988) ، وأحمد (4/22) ،
والبيهقي (3/116) ، والحلية (5/100) .
(6) المنثور (5/270) ، والمشكاة (1135) ، وابن كثير (3/7) .

(1/1642)


" كان أبي يصلى خلفي فربما قال لي: يابني طولت بنا اليوم ". وعند
الطبراني من حديث إبراهيم التيمي عن أبيه سمعت عبد الله بن مسعود عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيكم أم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف والكبير وذا
الحاجة " (2) وقال: لم يروه عن عمار الدين عن ابن عمر إلا عبد الجبار تفرد
ول، والله تعالى أعلم.
***
__________
(1) رواه أحمد (5 / 219،218) ، والمجمع (2 / 70) ، وعزاه إلى أحمد وأبو يعلى وقال الليثي
والطبراني في الكبير وقال البكري: ورجاله موثقون. والكنز (22855) ، والبخاري في " الكبير "
(2 لم 258) ، الخطيب في " التاريخ " (3 / 232، 14، 423) ، والحلية (7 / 232) .
(2) رواه أبو عوانة (2 / 86) ، والحميدي (453) .

(1/1643)