شرح أبي داود للعيني

/9- باب: الرجل يبول في الإناء يضعه عنده بالليل (1)
أي: هذا باب فيه حكم الرجل يبول في إناء يضعه عنده في الليل.
13- ص- ثنا محمد بن عيسى قال: نا حجاج، عن ابن جريج، عن
حُكيمة [بنت] أميمة بنت رُقيقة، عن أمها قالت: " كان للنبيّ- عليه
السلام- قدح من عيْدانٍ تحت سريره يبولُ فيه بالليل " (2) .
ش- محمد بن عيسى هذا هو الطباع، أخو إسحاق ويوسف، انتقل
إلى الشام، وسكن أذنة. سمع هشيماً (3) ، ومالك بن أنس، وحماد
ابن زيد، وغيرهم. روى عنه: البخاري تعليقاً، وأبو حاتم الرازي،
وأبو داود، وغيرهم. وروى له النسائي وقال: ثقة. وقال أبو حاتم:
ثقة مأمون. وقال أبو داود: كان ربما دلس، توفي سنة أربع وعشرين
ومائتين (4) .
وحجاج هذا هو ابن محمد الأعور أبو محمد، مولى سليمان بن
مجالد، مولى أبي جعفر المنصور، ترمذي الأصل، سكن بغداد، ثم
تحول إلى المصيصة. سمع ابن جريج، وابن أبي ذئب، والليث بن
سعد، وشعبة، وحمزة الزيات. روى عنه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة،
وعباس الدوري، ويحيى بن يحيى، وغيرهم. وقال النسائي: ثقة.
توفي ببغداد في ربيع الأول من سنة ست ومائتين. وقال ابن سعد: وكان
تغير في آخر عمره، وكان ثقة صدوقاً. روى له الجماعة (5) .
وابن جريج قد مضى ذكره.
وأميمة بنت رُقيقة هي أميمة بنت عبيد، ويقال: بنت عبد الله بن بجاد
__________
(1) في سنن أبي داود: " باب: في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده ".
(2) النسائي في: كتاب الطهارة، باب: البول في الإناء (1/31) .
(3) في الأصل: " هشيم ".
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5534) .
(5) المصدر السابق (5/1127) .

(1/96)


ابن عُمير بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي
ابن غالب، أمها رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد مناف. روى
عنها محمد بن المنكدر، وابنتها حكيمة بنت أميمة. روى لها: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) .
قوله: " قدح من عيْدان " القدح- بفتح القاف والدال- مشهور.
والعيْدان- بفتح العين المهملة، وسكون الياء آخر الحروف- الطوال في
النخيل، الواحدة: عيْدانة. والسرير: التخت.
قوله: " يبول فيه " جملة في محل الرفع؛ لأنها وقعت صفة لقوله:
" قدح "، والباء في قوله: " بالليل " بمعنى: " في ". وحديث حكيمة
هذا أخرجه النسائي.
***
10- باب: المواضع التي نهي عن البول فيها (2)
أي: باب فيه بيان المواضع التي نهى النبي- عليه السلام- أن يبال فيها.
14- ص- حدثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء
ابن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اتقُوا
اللاعنيْن! قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلّى في طريق
الناس أو ظلّهمْ " (3) .
ش- قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله أبو رجاء البغلاني
الثقفي مولاهم، وبغلان قرية من قرى بلخ. وقال ابن عدي: اسمه:
يحيى بن سعيد، وقتيبة لقب. سمع مالك بن أنس، والليث بن سعد،
__________
(1) انظر ترجمتها في: الاستيعاب (4/239) بهامش الإصابة، وأسد الغابة
(7/27) ، والإصابة (4/240) .
(2) في سنن أبي داود: " باب: المواضع التي نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن البول فيها ".
(3) مسلم: كتاب الطهارة، باب: النهي عن التخلي في الطرق والظلال
(269/68) .
7* شرح سنن أبي داود 1

(1/97)


وأبا عوانة، ووكيعاً، وابن عيينة، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن
حنبل، ويحيى بن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو بكر بن
أبي شيبة، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي،
وابن ماجه (1) ، وغيرهم. توفي في شعبان سنة أربعين ومائتين (2) .
وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري أبو إبراهيم (3) الزرقي
مولاهم المدني. سمع عبد الله بن دينار، وحميداً (4) الطويل، ومالك
ابن أنس، وغيرهم. روى عنه: يحيى بن يحيى، وقتيبة بن سعيد،
ويحيى بن أيوب، وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة مأمون، قليل الخطإ،
صدوق. وقال أبو زرعة: ثقة. مات ببغداد سنة ثمانين ومائة. روى له
الجماعة (5) .
والعلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أبو شبل الحُرقي الجهني مولاهم.
سمع أباه وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وعباس بن سهل،
وغيرهم 0 روى عنه: مالك بن أنس، وابن جريج، وشعبة، وابن
عيينة، وإسماعيل بن جعفر، وغيرهم. وقال أبو حاتم: هو صالح.
وقال ابن معين: ليس حديثه بحجة. وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث،
ثبت. روى له الجماعة إلا البخاري (6) .
قوله: " اتقوا اللاعنيْن " بفتح النون أي: اجتنبوهما، " (7) يريد
الأمرين الجالبين [للعن] (8) ، الحاملين للناس عليه، وذلك أن من
__________
(1) كذا، والذي في تهذيب الكمال (23/527) : " روى عنه الجماعة سوى ابن
ماجه ".
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (23/4852) .
(3) كذا، وفي تهذيب الكمال (3/56) : " أبو إسحاق " ولم يحك غيره.
(4) في الأصل: " حميد ".
(5) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (3/433) .
(6) المصدر السابق (22/4577) .
(7) انظر: معالم السنن (1/19) .
(8) زيادة من معالم السنن.

(1/98)


فعلهما لُعن وشُتم، فلما صارا سبباً لذلك أضيف إليهما الفعل، فكان
كأنهما اللاعنان، وقد يكون اللاعن أيضاً بمعنى الملعون، فاعل بمعنى
مفعول، كقولهم: سر كاتم، وعيشة راضية،/أي: مكتوم ومرضية "،
وهذا من أقسام المجاز العقلي، وهو إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له
بتأول.
قوله: " الذي يتخلى " أي: الرجل الذي يتفرغ لقضاء حاجته في طريق
الناس، والتقدير: أحدهما الذي يتخلى.
قوله: " أو ظلهم " أي: أو الذي يتخلى في ظل الناس، والمراد به
مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلاً ومناخاً ينزلونه، وليس كل ظل يحرم
القعود للحاجة تحته، فقد قعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته تحت حائش من
النخل، وللحائش لا محالة ظل. وقال ابن الأثير: الحائش: " النخل
الملتف المجتمع، كاًنه لالتفافه يحوش بعضه إلى بعض، وأصله
واوي " (1) . وحديث أبي هريرة هذا أخرجه مسلم.
15- ص- وثنا إسحاق بن سويد الرملي وعمر بن الخطاب- وحديثه
أتم-، أن سعيد بن الحكم حدثهم قال: أخبرني نافع بن يزيد قال: حدثني
حيوة بن شريح، أن أبا سعيد الحميري حدثه، عن معاذ بن جبل قال: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اتقُوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطّريق،
والظّلّ " (2)
.ً
ش- إسحاق بن سويد الرملي، روى عن: سعيد بن الحكم بن
أبي مريم، وإسماعيل بن أبي أويس، والوليد بن نصر. روى عنه:
أبو داود، والنسائي- وقال: ثقة- ومحمد بن محمد الباغندي،
ومكحول البيْروتي (3) .
__________
(1) انظر: النهاية لابن الأثير (1/468) مادة: " حيش "، وقال: أصله واوي،
وإنما ذكرناه هاهنا لأجل لفظه.
(2) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: النهي عن الخلاء على قارعة الطريق (328) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/327) .

(1/99)


وعمر بن الخطاب السجستاني أبو حفص روى عن سعيد بن الحكم بن
أبي مريم المصري، ومحمد بن كثير، ومحمد بن يوسف الفريابي،
وغيرهم. روى عنه: أبو داود، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأحمد بن
عبد الكريم، وغيرهم. مات بكرمان سنة أربع وستين ومائتين (1) .
وسعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي أبو محمد المصري، سمع
مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، والليث بن سعد، وعبد الله بن
وهب، وغيرهم. روى عنه: يحيى بن معين، ومحمد بن يحيى،
وأبو حاتم الرازي، والبخاري، وروى مسلم عن رجل عنه، وجماعة
آخرون. مات سنة أربع وعشرين ومائتيْن، وولد سنة أربع وأربعين ومائة.
روى له الجماعة (2) .
ونافع بن يزيد أبو يزيد المصري، روى عن: أبي سفيان طلحة (3) ،
وأبي هانئ الخولاني، وقيس بن الحجاج. روى عنه: عبد الله بن لهيعة،
وعبد الله بن صالح كاتب الليث، وعبد الله بن وهب. وقال أحمد بن
صالح: كان من ثقات الناس. وقال أبو حاتم: لا بأس به. روى له
الجماعة إلا الترمذي (4) .
وحيوة بن شُريح هذا هو ابن صفوان بن مالك التجيبي أبو زرعة
المصري الفقيه الزاهد العابد، سمع أباه، وربيعة بن يزيد، وأبا هانئ
الخولاني، وغيرهم. روى عنه الليث بن سعد، وابن لهيعة،
وأبو زرعة، ونافع بن يزيد، وغيرهم. وقال أحمد بن حنبل وابن معين:
ثقة مات سنة تسع وخمسين ومائة. روى له الجماعة (5) .
__________
(1) المصدر السابق (21/4226) .
(2) المصدر السابق (10/2235) .
(3) كذا: " عن أبي سفيان طلحة "، وفي تهذيب الكمال (29/296) :
" أبي سفيان بن جابر بن عتيك "، وكتب المعلق في الهامش: " جاء في
حاشية نسخة المؤلف التي بخطه من تعليقاته على صاحب " الكمال " قوله:
" كان فيه: وأبي سفيان طلحة بن نافع وهو خطأ ".
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29/6371) .
(5) المصدر السابق (7/1580) .

(1/100)


وأبو سعيد الحميري روى عن معاذ بن جبل، روى عنه حيوة بن
شريح، روى له أبو داود، وابن ماجه (1) .
ومعاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عايذ - بالياء آخر الحروف،
وبالذال المعجمة- ابن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن عليّ
ابن أسد بن ساردة بن تزيد- بتاء مثناة من فوق- ابن جشم بن الخزرج
الأنصاري المدني، يكنى أبا عبد الرحمن، روي له عن رسول الله- عليه
السلام- مائة حديث وسبعة وخمسون حديثاً، اتفقا على حديثين، وانفرد
البخاري بثلاثة، ومسلم بحديث واحد. روى عنه: عبد الله بن عمر
ابن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن
أبي أوفى، وأنس بن مالك، وغيرهم من الصحابة والتابعين. مات
بناحية الأردن في طاعون عمواس، سنة ثماني عشرة، وهو ابن ثلاث
وثلاثين سنة، وقبره بغوربيسان في شرقيه (2) .
قوله: " الملاعن " جمع ملعنة، وهي موضع اللعن، ويفهم من تفسير
الخطابي: أن المُلاعن- بضم الميم وفتح العين- وهو " اسم موضع
اللعن " (3) من الثلاثي المزيد فيه. وقال ابن الأثير: " المُلاعن جمع
ملعنة، وهي الفعلة التي يلعن بها فاعلها، كأنها مظنة للعْن، ومحل
له " (4) .
قوله: " البراز " يجوز بالرفع على أن يكون خبر مبتدإ محذوف،
والتقدير: أحدها البراز، ويجوز بالنصب على البدلية، وكذلك الكلام
في " قارعة الطريق والظل ". وقد ذكرنا أن البراز- بفتح الباء- كناية
عن قضاء الغائط، كما كنوا عنه بالخلاء.
__________
(1) المصدر السابق (33/7395) .
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب (3/355) بهامش الإصابة، وأسد الغابة
(5/194) ، والإصابة (3/426) .
(3) انظر: معالم السنن (1/19) . (4) انظر: النهاية (4/254) .

(1/101)


قوله: " في الموارد " وهي جمع موردة، وهي مشرع المياه.
قوله:/ " وقارعة الطريق " قارعة الطريق وسطه، وقيل: أعلاه،
والمراد به هاهنا نفس الطريق ووجهه.
قوله: " والظل " أي: الظل الذي اتخذه الناس مقيلاً كما ذكرناه.
وحديث معاذ هذا أخرجه ابن ماجه.
***
(1) 16- ص- وثنا أحمد بن حنبل والحسن بن علي قالا: ثنا
عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال: أخبرني أشعث. قال الحسن: أشعث
ابن عبد الله، عن الحسن، عن ابن مُغفل قال: قال رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يبُولن
أحدُكُم في مُستحمّه، ثم يغتسل فيه ". قال أحمد: " ثم يتوضأ فيه، فإن
عامة الوسْواس منه " (2) .
ش- أحمد بن حنبل هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد
ابن إدريس الشيباني أبو عبد الله، ولد ببغداد، ونشأ بها، ومات بها،
ودخل الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام والجزيرة، وسمع ابن
عيينة، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيعاً، وأبا داود الطيالسي، والفضل
ابن دكين، وجماعة آخرين. روى عنه: الشافعي، والبخاري،
ومسلم، وأبو داود، وأكثر عنه في كتابه هذا، وروى الترمذي عن أحمد
__________
(1) في سنن أبي داود قبل هذا الحديث: " باب: في البول في المستحم ".
(2) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في كراهية البول في المغتسل (21) ،
النسائي: كتاب الطهارة، باب: كراهية البول في المستحم (1/34) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: كراهية البول في المغتسل (304) ، أحمد في
مسنده (5/56) في موضعين، ولم ترد: " ثم يتوضأ فيه " إلا عند أحمد في
الموضع الثاني فقط.
تنبيه: وقع في سند النسائي: " عن معمر، عن الأشعث بن عبد الملك (كذا)
عن الحسن "، وفي شرح السيوطي قال: " الأشعث هو ابن عبد الله بن جابر
الحُداني ". أقول: ومعمر لا يروي عن أشعث بن عبد الملك، وإنما يروي
عن أشعث بن عبد الله.

(1/102)


ابن الحسن الترمذي عنه، وروى ابن ماجه عن محمد بن يحيى الذهلي
عنه، وجماعة كثيرون، وهو أجل من أن يذكر بطول، وهو أحد الأئمة
الكبار، الذين أحيوا الدين النبوي- رضي الله عنه-. توفي في سنة
إحدى وأربعين ومائتين (1) .
والحسن بن علي بن محمد أبو محمد الخلال الحُلواني، سكن مكة.
سمع عبد الرزاق بن همام، وأبا أسامة، ويحيى بن آدم، ووكيعاً،
وغير هم. روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي،
وابن ماجه، وغيرهم. مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين (2) .
وعبد الرزاق بن همام بن نافع أبو بر الصنعاني اليماني الحميري
مولاهم. سمع عبد الله بن عمر العُمري، وأخاه عبيد الله بن عمر (3) ،
وسعيد بن مسلم، وسفيان، ومالك بن أنس، وغيرهم. روى عنه:
ابن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين،
والحسن بن علي، وغيرهم. مات سنة إحدى عشرة ومائتين، روى له
الجماعة (4)
ومعمر هذا هو ابن راشد أبو عروة بن أبي عمرو البصري، مولى
عبد السلام بن [عبد القدوس أخي] صالح 0 سمع عمرو بن دينار،
والزهري، وقتادة، وعاصماً الأحول، وصالح بن كيسان، وغيرهم.
روى عنه: عمرو بن دينار، والثوري، وشعبة، وابن عيينة، وابن
المبارك، وعبد الرزاق بن همام، وغيرهم. وقال ابن معين: معمر ثقة،
ومعمر عن ثابت ضعيف. وقال أبو حاتم: ما حدث معمر بالبصرة فيه
أغاليط، وهو صالح الحديث. مات سنة أربع وخمسين ومائة، وله ثمان
وخمسون سنة. روى له الجماعة (5) .
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (1/96)
(2) المصدر السابق (6/1250) .
(3) في الأصل: " عبد الله بن عمر " خطأ.
(4) المصدر السابق (18 /3415) .
(5) المصدر السابق (28/6104) .
(3) انظر: معالم السنن بتصرف يسير جدا (1/20) .

(1/103)


وأشعث بن عبد الله بن جابر الأعمى أبو عبد الله البصري، روى عن
أنس بن مالك، والحسن بن أبي الحسن، ومحمد بن سيرين، وشهر بن
حوشب. روى عنه: معمر، وشعبة، ويحيى القطان، وغيرهم. روى
له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
والحسن هو الحسن البصري، وقد مر مرة.
وابن مُغفّلٍ هو عبد الله بن مُغفل بن عبد نُهم بن عُفيف بن أسحم بن
ربيعة المزني أبو سعيد، وقيل: أبو عبد الرحمن، روي له عن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثة وأربعون حديثاً، اتفقا منها على أربعة، وانفرد البخاري
بحديث، ومسلم بآخر. روى عنه الحسن البصري، ومُطرفُ بن عبد الله
ابن الشخير، وسعيد بن جُبير، وغيرهم. مات بالبصرة سنة ستين في
آخر خلافة معاوية. روى له الجماعة (2) .
قوله: " في مُستحمه " المُستحم- بضم الميم، وفتح الحاء-
(3) " الموضع الذي يغتسل فيه، وسمي مستحماً باسم الحميم، وهو الماء
الحار الذي يغتسل به، ثم قيل للاغتسال بأي ماء كان استحمام، وإنما
نهى عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب فيه البول، ويسيل منه الماء،
أو كان المكان صُلباً فيخيل إليه أنه أصابه شيء من رشاشه، فيحصل منه
الوسواس ".
قوله: " قال أحمد " يعني: ابن حنبل.
قوله: " فإن عامة الوسواس منه " أي: من هذا الفعل. والوسواس
- بفتح الواو-: الاسم، وبكسرها: المصدر، يقال: وسوستْ إليه
نفسُه وسوسةً/ووسواساً بالكسر، والوسوسة حديث النفس.
__________
(1) المصدر السابق (3/527) ، وفيه: " روى له الأربعة "، وانظر التعليق على
تخريج الحديث السابق.
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/325) ، وأسد الغابة
(3/398) ، والإصابة (2/372) .

(1/104)


17- ص- ثنا أحمد بن يونس قال: ثنا زهير، عن داود بن عبد الله، عن
حميد الحميري- وهو ابن عبد الرحمن- قال: لقيت رجلاً صحب النبي
- عليه السلام- كما صحبه أبو هريرة قال: " نهى رسول الله- عليه السلام-
أن يمتشط أحدُكم (1) كلّ يوم، أو يبول في مُغْتسله " (2) .
ش- أحمد بن يونس بن زهير بن جميل بن الأعرج بن عاصم بن ربيعة
ابن مسعود أبو العباس الضبي، كوفي الأصل، سكن بغداد، ثم انتقل
إلى أصبهان، سمع بدمشق أبا مسهر، وهشام بن عروة، ودحيماً.
وروى عنهم وعن غيرهم، روى عنه: ابن أبي حاتم الرازي، وعبد الله
ابن جعفر، ومحمد بن يعقوب، وغيرهم. قال الدارقطني: صدوق
ثقة. توفي سنة ثمان وسبعين ومائتين.
وزهير هذا هو ابن معاوية بن حُديج- بالحاء المضمومة المهملة- ابن
الرحيْل بن زهير بن خيثمة الجعفي، أبو خيثمة الكوفي، سكن الجزيرة،
سمع أبا إسحاق السبيعي، وأبا الزبير المكي، وهشام بن عروة وغيرهم.
روى عنه: يحيى القطان، ويحيى بن آدم، ويحيى بن يحيى، ويحيى
ابن أبي بكير، وأبو داود الطيالسي، وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة.
وقال أبو زرعة: ثقة، إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط، توفي
سنة سبع وسبعين ومائة. روى له الجماعة (3) .
وداود بن عبد الله الأودي أبو العلاء الزعافري الكوفي، روى عن:
أبيه (4) ، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، والشعبي. روى عنه:
__________
(1) في سنن أبي داود: " أن يمتشط أحدنا "، وهي رواية ذكرها في الشرح.
(2) النسائي: كتاب الزينة، باب: الأخذ من الشارب (8/131) ، وفي كتاب
الطهارة، باب: ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب (1/130) ، وزاد في
هذا الموضع: أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل،
وليغترفا جميعاً ".
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/2019) .
(4) قال محقق تهذيب الكمال (8/411) : " جاء في حواشي النسخ من تعقبات=

(1/105)


أبو عوانة، وأبو خالد الدالاني، ووكيع، وغيرهم. قال ابن معين:
ثقة. روى له أبو داود (1) .
وحميد بن عبد الرحمن الحميري البصري، سمع أبا هريرة، وعبد الله
ابن عمر، وابن عباس، وسعد بن هشام، وعمر بن سعيد، وغيرهم.
وقال أحمد بن عبد الله: تابعي ثقة. روى له الجماعة إلا البخاري (2) .
قوله: " أن يمتشط " في محل نصب على المفعولية، والمعنى: نهى
رسول الله امتشاط أحدكم، وفي بعض الرواية: " أن يمتشط أحدنا " (3) ،
وإنما نهى رسول الله عن الامتشاط كل يوم؛ لأن الامتشاط كل يوم مما
يخفف اللحية، وقد أمر رسول الله بإعفاء اللحية، وقص الشارب، ألا
ترى أنه- عليه السلام- " كان يدهن كل يوم "، وفي رواية: " كل يوم
مرتين "؟ وكذلك ابنُ عمر على ما روى ابن أبي شيبة في " مصنفه ":
حدثنا وكيع، عن. جويرية، عن نافع: " أن ابن عمر كان ربما ادهن في
اليوم مرتين " (4) ، وذلك إنما كانوا يفعلونه لتربية اللحية، والامتشاط كل
يوم ينافي ذلك.
وقال أيضاً: حدثنا وكيع، عن أبي خزيمة، عن الحسن قال: " نهى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الترجل إلا غبا " (5) . والترجل هو الامتشاط. وقال
ابن الأثير في معنى قوله: " نهى عن الترجل إلا غبا ": " الترجل
والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه، كأنه كره كثرة الترفه والتنعم،
والمرجل والمسرح- بكسر الميم فيهما-: المشط " (6) .
__________
المؤلف على " صاحب الكمال " قوله: " ذكر في الأصل أنه روى عن أبيه
وذلك وهم، وإنما الذي يروي عن أبيه داود بن يزيد الأودي، وسيأتي ".
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8/1769) ، وفيه: " روى له الأربعة ".
(2) المصدر السابق (7/1533) ، وفيه: " روى له الجماعة ".
(3) النسائي (1/130) ، و (8/131) .
(4) ابن أبي شيبة (8/392) .
(5) المصدر السابق، ورواه النسائي في كتاب الزينة، باب: الترجل غبا (8/132) .
(6) انظر: النهاية (2/203) .

(1/106)


قوله: " أو يبول " بالنصب عطفاً على قوله: " أن يمتشط ".
و" المُغتسل " بضم الميم، وفتح السين: موضع الاغتسال.
18- ص- (1) حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال: نا معاذ بن هشام
قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن عبد الله بن سرْجس: " أن النبيّ- عليه
السلام- نهى أن يُبال في الجُحْر ". " [قال:] قالوا لقتادة: ما يكره من
البول في الجحر؟ قال: كان يقال: إنها مساكن الجن " (2) .
ش- عبيد الله بن عمر بن ميسرة قد مر ذكره.
ومعاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدّستوائي البصري، سكن ناحية من
اليمن، ومات بالبصرة، وأصله بصري، سمع أباه، روى عنه: عفان
ابن مسلم، وأحمد بن حنبل، وابن المديني، ومحمد بن المثنى،
وغيرهم. وقال ابن معين: صدوق وليس بحجة. روى له الجماعة.
قال أبو داود: مات سنة مائتين (3) . واسم أبي عبد الله سنْبر، ويكنى
هشام بأبي بكر الربعي الدّستوائي، نسبة إلى دستواء، كُورة من كُور
الأهواز، كان يبيع الثياب التي تُجلب منها (4) فنسب إليها. روى عن:
أبي الزبير المكي، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، ومطر الوراق،
وغيرهم. روى عنه: شعبة، ويحيى القطان، وابنه معاذ بن هشام،
وغيرهم. وقال أحمد بن عبد الله: بصري، ثمة ثبت في الحديث، كان
يقول بالقدر ولم يكن يدعو إليه. مات سنة اثنتين/وخمسين ومائة.
روى له الجماعة (5) .
وعبد الله بن سرْجس المزني البصري المخزومي، روي له عن رسول الله
- عليه السلام- سبعة عشر حديثاً. روى عنه: عاصم بن سليمان،
__________
(1) في سنن أبي داود: " باب: النهي عن البول في الجُحْر،.
(2) النسائي: كتاب الطهارة، باب: كراهية البول في الجُحر (1/33) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (28/6038) .
(4) في الأصل: " إليها " خطأ.
(5) المصدر السابق (30/6582) .

(1/107)


وقتادة. روى له مسلم حديثاً واحداً، روى له: أبو داود، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه (1) .
قوله: " في الجُحر " بضم الجيم، وسكون الحاء المهملة، واحد الجحرة
والأجحار.
قوله: " ما يكره ... ؟ " استفهام، والمعنى: أي شيء يكره؟ والضمير
في " إنها " راجع إلى " الجحر "، وقد قلنا: إنه جمع، فلذلك أنث
الضمير باعتبار الجمعية. وأخرج هذا الحديث النسائي.
***
11- باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء؟ (2)
أي: هذا باب في حكم ما يقول المتوضئ إذا خرج من بيت الماء.
19- ص- حدثنا عمرو بن محمد قال: ثنا هاشم بن القاسم قال: ثنا
إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه قال: حدثتني عائشة- رضي الله
عنها-: " أن النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج من الغائط قال: غُفْرانك " (3) .
ش- عمرو بن محمد بن بكير بن سابور- بالسين المهملة- الناقد
أبو عثمان البغدادي، سكن الرقة، سمع سعيد بن جشم، وعيسى بن
يونس، وهاشم بن القاسم، ووكيعاً، وغيرهم. روى عنه: أبو زرعة،
وأبو حاتم، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وعبد الله بن أحمد بن
حنبل، وعبد الله البغوي، وغيرهم. وقال أبو حاتم: ثقة صدوق أمين.
__________
(1) انظر ترجمته في الاستيعاب بهامش الإصابة (2/384) ، وأسد الغابة
(3/256) ، والإصابة (2/315) .
(2) في السنن: " باب ما يقول الرجل إذا ... ".
(3) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء؟ (7) ،
النسائي في "عمل اليوم والليلة " (12/17694- تحفة) ، ابن ماجه: كتاب
الطهارة، باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء؟ (300) .

(1/108)


توفي ببغداد يوم الخميس لأربع خلون من ذي الحجة، سنة اثنتين وثلاثين
ومائتين (1) .
وهاشم بن القاسم بن شيبة التميمي أبو النضر، ويقال: الليثي من بني
الليث بن كنانة، من أنفسهم الخراساني، نزل بغداد، ويلقب قيصر.
رأى الثوري بمكة، وسمع من شعبة أربعة آلاف حديث، ما أملاه ببغداد،
وشيبان بن عبد الرحمن، وشريك بن عبد الله النخعي، وغيرهم. روى
عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة، وإسحاق بن
راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وجماعة آخرون. مات ببغداد سنة سبع
ومائتين. روى له الجماعة (2) .
وإسرائيل هذا هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني
أبو يوسف الكوفي، أخو عيسى، سمع جده أبا إسحاق، وعبد الملك
ابن عمير، والمقدام بن شريح، ويوسف بن أبي بردة، وعيرهم. روى
عنه: وكيع، وأبو نعيم، وإسحاق بن منصور، والهاشم بن القاسم،
وغيرهم. وقال أبو حاتم: ثقة مُتْقن. ولد سنة مائة، ومات سنه ستين
ومائة. روى له الجماعة (3) .
ويوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري الكوفي، روى عن أبيه،
روى عنه: إسرائيل بن يونس، وسعيد بن مسروق. روى له: أبو داود،
والترمذي، وابن ماجه (4) .
قوله: " قال: غفرانك ": الغفران مصدر من غفر يغفر، من باب
ضرب يضرب، وأصل الغفْر التغطية، يقال: غفر الله لك يغفر غُفْراً
وغُفْراناً ومغْفرةً، والمغفرة: إلباسُ الله تعالى العفْو للمذنبين.
و" غفرانك " منصوب بإضمار: أطلب وأسأل غفرانك، كما تقول:
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/4442) .
(2) الصدر السابق (30/6540) .
(3) المصدر السابق (2/402) .
(4) المصدر السابق (32/7128) .

(1/109)


عفوك ورحمتك، تريد: هب لي عفوك ورحمتك. قلت: فعلى هذا
التقدير يكون " غفرانك " مفعولاً به، لا مفعولاً مطلقاً، وقد ذكر عن
سيبويه أنه من المصادر التي يعمل فيها الفعل مضمراً، تقديره: اغفر لنا
غفرانك، فعلى هذا يكون مفعولاً مطلقاً، ويقال: معناه: أستغفرك،
فهو مصدر موضوع موضع الخبر.
فإن قيل: ما الحكمة في هذا الدعاء عقيب الخروج من الخلاء؟ قلت:
فيه وجهان، الأول: أنه قد استغفر من تركه ذكر الله مدة لُبثه على
الخلاء، فكأنه رأى ذلك تقصيراً، وعده على نفسه ذنباً، فتداركه
با لاستغفار.
والثاني: التوبة من تقصيره في شكر النعمة؛ لأن الله تعالى أطعمه،
ثم هضمه، ثم سهل خروج الأذى منه، فرأى شكره قاصراً عن بلوغ
حق هذه النعمة، ففزع إلى الاستغفار منه. وحديث عائشة هذا أخرجه
الترمذي والنسائي وابن ماجه. وقال الترمذي (1) : " هذا حديث حسن
غريب، ولا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة ".
وفي الباب حديث أبي ذر قال: " كان النبي- عليه السلام- إذا خرج
من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني " (2) .
وحديث أنس بن مالك، عن النبي- عليه السلام- مثله (3) ، وفي
لفظ: " الحمد لله الذي أحسن إلي في أوله وآخره " (4) .
وفي حديث عبد الله بن عمر: أن النبي- عليه السلام- كان إذا خرج
قال:/ " الحمد دله الذي أذاقني لذته، وأبقى فيّ قوته، وأذهب عني أذاه (5)
__________
(1) انظر: جامع الترمذي (1/12- 13) .
(2) ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (21) .
(3) ابن ماجه في: كتاب الطهارة، باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء (301) .
(4) ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (23) .
(5) أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة "، والطبراني.

(1/110)


غير أن هذه الأحاديث أسانيدها ضعيفة، ولهذا قال أبو حاتم الرازي:
أصح ما فيه حديث عائشة- رضي الله عنها-.
***
12- باب: كراهية مس الذكر في الاستبراء باليمنى (1)
قوله: " باليمنى " متعلق بقوله: " مس الذكر ". و " الاستبراء " طلب
البراءة، وقد ذكرناه مرة.
20- ص- حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: ثنا أبان
قال: ثنا يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا بال أحدُكُم فلا يمس ذكره بيمينه، فإذا أتى الخلاء فلا يتمسحْ بيمينه،
وإذا شرب فلا يشربْ نفساً واحداً " (2) .
ش- مسلم بن إبراهيم أبو عمرو القصاب مضى ذكره، وكذلك موسى
المنقري. وأبان هذا هو أبان بن يزيد العطار البصري، يكنى أبو (3) يزيد،
سمع قتادة، وغيلان بن جرير، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم. روى
عنه: الطيالسي، وحبان بن هلال، وعفان بن مسلم، ومسلم بن
إبراهيم، وموسى بن إسماعيل. روى له مسلم، واستشهد به البخاري
في غير موضع (4) .
ويحيى هو يحيى بن أبي كثير، وقد مر ذكره.
__________
(1) في سنن أبي داود: " كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء ".
(2) البخاري: كتاب الوضوء، باب: لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال (154) ،
مسلم: كتاب الطهارة، باب: النهي عن الاستنجاء باليمن (63/267:
65) ، الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في كراهة الاستنجاء باليمين
(15) ، النسائي: كتاب الطهارة، باب: النهي عن الاستنجاء باليمين
(1/43- 44) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: كراهة مس الذكر
باليمن والاستنجاء باليمين (310) .
(3) كذا.
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/143) .

(1/111)


وعبد الله بن أبي قتادة هو عبد الله بن الحارث بن ربعي الأنصاري
السّلمي، وهو ابن أبي قتادة فارس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو إبراهيم، ويقال:
أبو يحيى، سمع أباه. روى عنه: إسماعيل بن أبي خالد، ويحيى بن
أبي كثير، وبكير بن عبد الله الأشج، وغيرهم. توفي بالمدينة في خلافة
الوليد بن عبد الملك، روى له الجماعة (1) .
وأبو قتادة هو الحارث بن ربعي بن بلذُمة بن خناس بن سنان بن عُبيد بن
عدي بن غنم بن [كعب بن] سلمة- بكسر اللام- السلمي المدني
أبو قتادة. و " بلذُمة " بالضم والفتح أشهر، وبالذال المعجمة المضمومة،
فارس رسول الله، شهد أحُداً والخندق وما بعد ذلك، روي له عن
رسول الله- عليه السلام- مائة حديث وسبعون حديثاً، اتفقا منها على
أحد عشر حديثاً، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بثمانية أحاديث.
روى عنه: ابنه عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله،
وسعيد بن المسيب، وعبد الله بن ناقع، وعطاء، وغيرهم. توفي
بالمدينة سنة أربع وخمسين، وهو ابن سبعين سنة، روى له الجماعة (2) .
قوله: " فلا يمس ذكره بيمينه " تنزيهاً لها عن مباشرة العضو الذي يكون
منه الأذى والحدث، وهذه الكراهة كراهة تنزيه لا تحريم.
فإن قلت: قد نهى عن الاستنجاء باليمين، ومس الذكر باليمنى،
فكيف يعمل إذا أراد الاستنجاء من البول؟ فإنه إن أمسك ذكره بشماله
احتاج إلى أن يستنجي بيمينه، وإن أمسكه بيمينه يقع الاستنجاء بالشمال،
فقد دخل في النهي.
قلت: قال الخطابي (3) : " الصواب في مثل هذا أن يتوخى الاستنجاء
__________
(1) المصدر السابق (15/3487 مكرر) .
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/294) ، وأسد الغابة
(1/391) ، والإصابة (4/185) .
(3) انظر: معالم السنن (1/21) .

(1/112)


بالحجر الضخم، الذي لا يزول عن مكانه بأدنى حركة تصيبه، أو
بالجدار، أو بالموضع الناتئ من وجه الأرض، فإن أدته الضرورة إلى
الاستنجاء بالحجارة، فالوجه أن يأتي لذلك بأن يلصق مقعدته إلى
الأرض، ويمسك الممسوح [بين عقبيه] ويتناول عضوه بشماله ".
قوله: " فإذا أتى الخلاء " بالمد أي: الغائط.
قوله: " فلا يشرب نفساً واحداً " نهي تأديب، وذلك لأنه إذا جرعه
جرعا، واستوفى ريّه منه نفساً واحداً، تكاثر الماء في موارد حلقه،
وأثقل معدته، وقد روي: " إن الكُباد من العب ". ويستوي فيه شرب
الماء واللبن، وجميع المائعات التي تشرب، يدل على ذلك تركه- عليه
السلام- مفعول " وإذا شرب "؛ لان حذف المفعول يُنبئ عن عموم
الفعل، ثم الظاهر أن قوله: " فلا يمس " و " فلا يتمسح " و " فلا يسرب "
نهي وليس بنفي، فينبغي أن يقرأ جميعها مجزوماً. ويجوز في قوله:
" فلا يمس " ثلاثة أوجه من حيث القاعدة: فتح السين لخفة الفتحة،
وكسرها؛ لأن الساكن إذا حُرك حُرّك بالكسر، وفك الإدغام على ما عرف
في موضعه.
وقوله: " فلا يتمسح " من باب التفعل، أشار به إلى أنه لا يتكلف
المسح باليمين؛ لأن باب التفعل للتكلف، وإذا جوز " فلا يمس "، وما
بعده نفياً ينبغي أن تضم السين والحاء والباء فافهم. وهذا الحديث أخرجه
البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه مطولاً ومختصراً.
21- ص- حدثنا محمد بن آدم بن سليمان المصيصي قال: ثنا ابن
أبي زائدة قال: حدثني أبو أيوب الأفريقي، عن عاصم، عن المسيب بن
رافع/ومعبد، عن حارثة بن وهب الخزاعي قال: حدثتني حفصة زوج النبي
- عليه السلام-: " [أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (1) كان يجعلُ يمينهُ لطعامه وشرابه
وثيابه، ويجعل شمالهُ لما سوى ذلك " (2)
__________
(1) زيادة من السنن المطبوع.
(2) تفرد به أبو داود.
8* شرح سنن أبي داوود 1

(1/113)


ش- محمد بن آدم بن سليمان المصيصي روى عن: ابن أبي زائدة،
وأبي خالد الأحمر، وأبي المليح الرقي، وعبد الله بن المبارك. روى عنه:
أبو داود، والنسائي، وأبو حاتم الرازي وقال: صدوق. مات سنة
خمسين ومائتين (1) .
وابن أبي زائدة هو زكرياء، وقد مر ذكره.
وأبو أيوب الأفريقي عبد الله بن علي الكوفي الأزرق، روى عن:
عاصم، وصفوان بن سليم، وابن شهاب، وسالم أبي النضر، وغيرهم
روى عنه: موسى بن عقبة، وابن أبي زائدة، وعبد الرحيم بن
سليمان (2) . وقال أبو زرعة: ليس بالمتين في حديثه إنكار، وهو لين.
روى له: أبو داود والترمذي (3) .
وعاصم هذا هو عاصم بن بهدلة [ابن] أبي النجود أبو بكر المقرئ
الأسدي الكوفي، سمع أبا وائل، وأبا رزين، وأبا صالح السمان،
وغيرهم. روى عنه: عطاء، والأعمش، ومنصور بن المعتمر،
والثوري، وابن عيينة، وجماعة آخرون. وقال ابن علية: كل من اسمه
عاصم سيء الحفظ. وقال أبو حاتم: محله عندي الصدق، صالح
الحديث، ولم يكن بذاك الحافظ. وقال الدارقطني: في حفظه شيء.
مات سنة سبع وعشرين ومائة، روى له الجماعة إلا البخاري، روى له
مسلم مقروناً بعبدة بن أبي لبابة (4) ، (5) .
والمسيب بن رافع الأسدي الجاهلي أبو العلاء، والد العلاء، سمع
البراء بن عازب، وروى عن: أبي سعيد الخدري، وجابر بن سمرة،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (24/5051) .
(2) في الأصل: " عبد الرحمن بن سليمان " خطأ.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (15/3437) .
(4) كذا، وفي تهذيب الكمال (13/480) : " روى له البخاري ومسلم مقروناً
بغيره "، وفي التقريب: " وحديثه في الصحيحين مقروناً ".
(5) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/3002) .

(1/114)


وسمع أبا إياس، والأسود بن يزيد، ووراداً (1) كاتب المغيرة، روى له
الجماعة (2) .
ومعبد هذا، هو معبد بن خالد القيسي الكوفي العاصي، سمع حارثة
ابن وهب، والنعمان بن بشير، وعبد الله بن شداد، وغيرهم. روى
عنه: الثوري، وشعبة، وعاصم بن بهدلة، وغيرهم. وقال ابن معين:
ثقة 0 وقال أبو حاتم: صدوق. توفي سنة ثمان عشرة ومائة. روى له
الجماعة (3) .
وحارثة بن وهب الخزاعي أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه،
يعد في الكوفيين، روي له عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستة أحاديث، اتفقا منها
على أربعة أحاديث، روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، ومعبد بن خالد،
روى له الجماعة (4) .
وحفصة بنت عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما، زوج النبي- عليه
السلام-، روي لها عن رسول الله- عليه السلام- ستون حديثاً،
اتفقا على ثلاثة، وانفرد مسلم بستة، روى عنها (5) عبد الله بن عمر
أخوها، والمطلب بن أبي وداعة، وعبد الله بن صفوان. توفيت سنة
إحدى وأربعين، وصلى عليها مروان بن الحكم، روى لها الجماعة (6) .
قوله: " لطعامه " يعني: لأجل طعامه، والطعام اسم لما يؤكل، وربما
خُص بالبُسر، والشراب اسم لما يشرب، والمعنى: كان- عليه السلام-
يأكل بيمينه، ويشرب بيمينه، ويلبس بيمينه.
__________
(1) في الأصل: " ووراد ". (2) المصدر السابق (27/5970) .
(3) المصدر السابق (28/6070) .
(4) انظر ترجمته في: الاستيعاب (1/285) ، وأصد الغابة (1/430) ، والإصابة (1/299)
(5) في الأصل: " لها " خطأ.
(6) انظر ترجمتها في: الاستيعاب (1/268) ، وأسد الغابة (7/65) ، والإصابة
(4/273) .

(1/115)


22- ص- ثنا أبو توبة الربيع بن نافع قال: ثنا عيسى بن يونس، عن ابن
أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن عائشة- رضي الله عنها-
قالت: " كانت يدُ رسول الله اليُمنى لطُهُوره وطعامه، وكانت يدُهُ اليُسرى
لخلائه، وما كان منْ أذى " (1) .
ش- الربيع بن نافع أبو توبة الحلبي، سكن طرسوس، وسمع معاوية
ابن سلام، ومحمد بن مهاجر، وعطاء بن مسلم، وهشام بن يحيى،
وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وأبو حاتم، والبخاري،
ومسلم، والنسائي، وابن ماجه عن رجل عنه، وأبو داود، وغيرهم (2) .
وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي قد مر في أول الكتاب.
وابن أبي عروبة هو سعيد بن أبي عروبة، وقد مضى ذكره.
وأبو معشر هو زياد بن كليب التميمي الحنظلي أبو معشر الكوفي،
روى عن: إبراهيمْ النخعي، وسعيد بن جبير، وفضيل بن عمرو. روى
عنه: قتادة، وأيوب السختياني، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة،
وغيرهم. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي (3) .
وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي، وقد ذكر مرة.
__________
(1) أخرجه أبو داود (34) ، وفي كتاب اللباس، باب: في الانتعال (4140) ،
والبخاري في: كتاب الوضوء، باب: التيمن في الوضوء والغسل (168) ،
ومسلم في: كتاب الطهارة، باب: التيمن في الطهور وغيره (268/66) ,
67) ، والترمذي في: كتاب الصلاة، باب: ما يستحب من التيمن في
الطهور (608) ، والنسائي في: كتاب الطهارة، باب: بأي الرجلين يبدأ
بالغسل (1/78) ، وفي كتاب الزينة، باب: التيمن في الترجل (8/133) ،
وابن ماجه في: كتاب الطهارة، باب: التيمن في الوضوء (401) ،
كلهم من طريق أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/1872) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/2065) .

(1/116)


قوله: " لطُهوره " الطهور بالضم: الفعل، وبالفتح: الماء الذي يتطهر
به. وقال سيبويه: الطهور بالفتح: يقع على الماء والمصدر معاً.
قوله: " وما كان من أذى " عطف على قوله: " لخلائه " فيكون محله
من الإعراب الجر، والأذى: النجاسة. وهذا الحديث منقطع؛ لأن
إبراهيم/لم يسمع من عائشة، وأخرجه من حديث الأسود عن عائشة
بمعناه، وأخرجه في " اللباس " من حديث مسروق عن عائشة بمعناه،
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه (1) .
23- ص- وثنا محمد بن حاتم بن بزيع قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء،
عن سعيد، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، عن
النبي- عليه السلام- بمعناه (1) .
ش- محمد بن حاتم بن بزيع البصري، يكنى أبا عبد الله، ويقال:
أبو سعيد، سمع الأسود بن عامر، ويحيى بن [أبي] بكير، وجعفر بن
عون، وإسحاق بن منصور. روى عنه: البخاري، ومسلم،
وأبو داود، والنسائي، وقال: ثقة. مات سنة تسع وأربعين ومائتين (2) .
وعبد الوهاب بن عطاء أبو نصر الخفاف البصري العجلي مولاهم،
سكن بغداد، سمع سليمان التيمي، وعبد الله بن عون، ويونس بن
عبيد، وحميداً (3) الطويل، وشعبة، ومالك بن أنس، وغيرهم. روى
عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأحمد بن الوليد، وغيرهم.
مات سنة أربع ومائتين. روى له الجماعة إلا البخاري (4) .
وسعيد هو سعيد بن أبي عروبة، وأبو معشر هو زياد، وإبراهيم هو
النخعي، وقد ذكروا.
والأسود هذا هو ابن يزيد بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن
سلامان بن كهل بن بكر بن عوذ النخعي أبو عمرو، ويقال:
__________
(1) انظر التخريج السابق.
(2) المصدر السابق (25/5124) .
(3) في الأصل: " حميد ".
(4) المصدر السابق (18/3605)

(1/117)


أبو عبد الرحمن الكوفي، أخو عبد الرحمن بن يزيد، وابن أخي علقمة
ابن قيس، وكان أسن من علقمة، وهو خال إبراهيم بن يزيد النخعي،
رأى أبا بكر وعمر وروى عنهما، وعن علي بن أبي طالب، وسلمان
الفارسي، وسمع عبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل،. وأبا موسى
الأشعري، وعائشة زوج النبي- عليه السلام-. روى عنه: ابنه
عبد الرحمن بن الأسود، وإبراهيم بن يزيد النخعي، وأبو إسحاق
السبيعي. وقال أحمد بن حنبل: هو ثقة. مات سنة أربع وسبعين.
روى له الجماعة (1) .
***
13- باب: الاستتار في الخلاء
أي: باب في حكم الاستتار في الخلاء.
24- ص- ثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أنبأ عيسى بن يونس، عن
ثور، عن الحصين الحُمْراني (2) ، عن أبي سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي
- عليه السلام- قال: " من اكْتحل فليُوترْ، منْ فعل فقدْ أحسن، ومن لا
فلا حرج، ومن اسْتجْمر فليُوترْ، منْ فعل فقدْ أحسن، ومن لا فلا حرج،
ومنْ كل فما تخلل فليلفظْ، وما لاك بلسانه فليبْتلعْ، منْ فعل فقدْ أحسن،
ومنْ لا فلا حرج، ومنْ أتى الغائط فليستتر، فإنْ لمْ يجدْ إلا أنْ يجْمع كثيباً
من رمْل فليسْتدْبرْهُ، فإن الشيطان يلعبُ بمقًاعد بنى آدم، منْ فعل فًقدْ
أحسن، ومن لا فلا حرج " (3) .
ش- إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زاذان التميمي الرازي أبو إسحاق
الفراء، يعرف بالصغير، سمع عبد الوارث بن سعيد، وأبا الأحوص،
__________
(1) المصدر السابق (3/509) .
(2) في سنن أبي داود: " الحبراني " وهو مروي فيه.
(3) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: الارتياد للغائط والبول (337) ، وروى
الجملة الأولى فقط في الطب (3498) .

(1/118)


ويحيى بن زكرياء، وخالد بن عبد الله، وغيرهم. روى عنه: البخاري،
ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وروى الترمذي عن
البخاري عنه، وروى له ابن ماجه (1) .
وعيسى بن يونس قد مر ذكره.
وثور بن يزيد بن زياد الكلاعي، ويقال: الرحبيُ أبو خالد، الشامي
الحمصي، سمع خالد بن معدان، ومكحولاً، وأبان بن أبي عياش،
وعمرو بن شعيب، والزهري، ونافعاً، وغيرهم. روى عنه: مالك،
والثوري، وابن عيينة، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وابن المبارك،
وجماعة آخرون كثيرة. وقال ابن سعد: ثقة في الحديث، ويقال: إنه
كان قدريا. وقال ابن عدي: لا أرى بحديثه بأساً إذا روى عنه ثقة أو
صدوق. توفي بالقدس سنة ثلاث وخمسين ومائة، وهو ابن بضع وستين
سنة. روى له الجماعة إلا مسلماً (2) .
والحصين الحُمْراني- بضم الحاء المهملة، وسكون الميم- ويقال:
الحُبْراني، روى عنه: ثور المذكور، وأبو عاصم عن ثور عنه (3) .
وأبو سعيد هذا هو أبو سعيد الخير الحمصي، روى عن أبي هريرة.
روى عنه حصين الحُمراني 0 وقال أبو داود: أبو سعيد الخير من الصحابة.
وروى ثور بن يزيد، عن الحصن الحُمْراني [عنه. قال عبد الرحمن بن
أبي حاتم:] (4) سألت أبا زرعة عنه فقال: لا أعرفه. قلت: لقي
أبا هريرة؟ قال: على هذا يوضع (5) .
قوله: " من اكتحل فليوتر " أي: فليجعل الاكتحال فرداً، إما واحدة،
أو ثلاثاً، أو خمساً، وإنما أمر بالإيتار لقوله- عليه السلام-: " إن الله
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/254) .
(2) الصدر السابق (4/862) .
(3) الصدر السابق (6/1378) .
(4) زيادة من تهذيب الكمال.
(5) الصدر السابق (33/7394) .

(1/119)


وتر يحب الوتر " (1) . وهذا الأمر من الأمور الندبية، كقوله تعالى:
(فكاتبُوهُمْ) (2) ، والأولى أن يكون للإرشاد، والفرق بينهما:/أن
الندب لثواب الآخرة، والإرشاد لمنافع الدنيا، غير مشتمل على ثواب
الآخرة فافهم. وقد علم في الأصول أن الأمر يستعمل في أكثر من خمسة
عشر معنى.
قوله: " من فعل فقد أحسن " أي: من فعل الإيتار فقد أحسن في فعله،
أي: أتى بالفعل الحسن، ولتضمن " منْ " هاهنا معنى الشرط دخل في
جوابه الفاء.
قوله: " ومن لا فلا حرج " أي: ومن لم يفعل الإيتار فلا حرج عليه،
أي: لا إثم عليه. وقد دل معنى الحرج على أن الإيتار ليس بواجب،
وإنما هو مندوب كما ذكرناه.
قوله: " ومن استجمر فليوتر " الاستجمار: التمسح بالجمار، وهي
الأحجار الصغار، ومنه سُميت جمار الحج، وهي الحصى التي يرمى
بها، سمي استجماراً (3) لأنه يطيب المحل كما تطيبه الاستجمار بالبخور.
وقد قيل في قوله: " من استجمر فليوتر " إنه البخور، مأخوذ من الجمر
الذي يوقد فيه، وقد كان الإمام مالك يقوله ثم رجع عنه، ومعنى قوله:
" فليوتر ": اجعل الحجارة التي تستنجي بها فرداً، إما واحدة، أو ثلاثاً،
أو خمساً، وبهذا احتج أبو حنيفة وأصحابه على أن الاستنجاء ليس فيه
عدد مسنون؛ لأن الإيتار يقع على الواحد كما يقع على الثلاثة.
قوله: " من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج " قال الخطابي (4) :
" معناه: التخيير بين الماء الذي هو الأصل، وبين الأحجار التي هي
__________
(1) البخاري: كتاب الدعوات، باب: لله مائة اسم غير واحدة (6410) ، مسلم:
كتاب الذكر والدعاء، باب: في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها
(2677/5، 6) من حديث أبي هريرة.
(2) سورة النور: (33) .
(3) في الأصل: " استجمارٌ ".
(4) انظر: معالم السنن (1/22) .

(1/120)


للترخيص، لكنه إذا استجمر بالحجارة فليجعل وترا ثلاثاً وإلا فلا حرج إن
تركه إلى غيره، وليس معناه ترك التعبد أصلاً، بدليل حديث سلمان:
" نهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار " (1) .
قلت: قال الأستاذ فخر الدين في التمسك بالحديث: الشارعُ نفى
الحرج عن تارك الاستنجاء، فدل على أنه ليس بواجب، وكذلك ترك
الإيتار لا يضر؛ لأن ترك أصله لما لم يكن مانعاً، فما ظنك في ترك
وصفه؟ فدل الحديث على انتفاء المجموع.
وقال الخطابي (2) : " وفيه وجه آخر: وهو رفع الحرج في الزيادة على
الثلاث، وذلك أن مجاوزة الثلاث في الماء عدوان، وترك للسُنة،
والزيادة في الأحجار ليست بعدوان وإن صارت شفعاً ".
قلت: هذا الوجه لا يفهم من هذا الكلام على ما لا يخفى على
الفطن، وأيضاً مجاوزة الثلاث في الماء، كيف يكون عدواناً إذا لم تحصل
الطهارة بالثلاث؟ والزيادة في الأحجار وإن كانت شفعاً كيف لا تصير
عدواناً، وقد نص على الإيتار؟ فافهم.
قوله: " ومن كل فما تخلّل فليلفظْ " " الفاء " في قوله: " فما تخلل "
للترتيب المعنوي، وهو عطف مفصل على مجمل، نحو قوله: " توضأ،
فغسل وجهه ويديه، ومسح على رأسه، وغسل رجليه ". وقوله:
" تخلل " أي: تخلل بالخلال بعد الأكل.
قوله: " فليلفظْ " أي: فليرم؛ لا معنى " اللفظ " في اللغة: الرمي،
يقال: أكلت التمرة ولفظت نواها، ولفظت الرحى الدقيق، أي: رمتهُ،
وهذا أيضاً من الأمور الإرشادية.
قوله: " وما لاك " عطف على قوله: " فما تخلل " من اللوْك، يقال:
لكْتُ الشيء في فمي ألوكه، إذا علكتُه، وقد لاك الفرس اللجام.
__________
(1) مسلم: كتاب الطهارة، باب: الاستطابة (262/57) .
(2) المصدر قبل السابق.

(1/121)


قوله: " فليبتلع " أمر من الابتلاع، البلع والابتلاع بمعنى، وإنما أمر في
التخلل برمي الخلالة، لأنها تنْتنُ بين الأسنان، فتصير مستقذرة، وروي
عن ابن عمر أن تركها توهن الأضراس. وفي اللوْك بالابتلاع؛ لأن رمي
اللقمة بعد لوكها إسراف وبشاعة للحاضرين.
قوله: " كثيباً من رمل " الكثيب: الرمل المستطيل المُحْدودب.
قوله: " فليستدبره " أي: فليستدبر الكثيب، أي: يجعله عند دبره.
قوله: " فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم " يعني: أن الشياطين تحضر
تلك الأمكنة وترصدها بالأذى والفساد؛ لأنها موضع يخلى منها ذكر الله
تعالى، وتكشف فيها العورات، وهو معنى قوله: " إن هذه الحشوش
محتضرة " (1) . وأمر بالتستر ما أمكن، وألا يكون قعوده في براح من
الأرض تقع عليه أبصار الناظرين، أو تهب الريح عليه، فيصيبه نشر
البول، فيلوث بدنه أو ثيابه، وكل ذلك من لعب الشيطان به، والمقاعد:
مواضع قعود الناس في الأسواق وغيرها، ولعب الشيطان بمقاعد بني آدم
كناية عن إيصاله الأذى والفساد إليهم.
قوله: " من فعل فقد أحسن ... " يعني: من فعل الاستدبار بالكثيب
ونحوه فقد أحسن فيه، ومن تركه فلا حرج عليه، وإنما قلنا هكذا لأن
التستر واجب، وكيف لا يكون/في تركه حرج؟ اللهم إلا إذا كان في
حالة لا يقدر فيها على التستر أصلاً، يكون حينئذ لا حرج عليه، ويكون
المعنى في هذه الصورة: ومن لم يفعل ذلك لأجل ضرورة لا حرج عليه،
فافهم، فإنه موضع دقيق.
ص- قال أبو داود: رواه أبو عاصم عن ثور. قال حصين الحمراني:
ورواه عبد الملك بن الصباح عن ثور فقال: أبو سعيد الخبر. قال أبو داود:
أبو سعيد الخير هو من أصحاب النبي- عليه السلام-.
__________
(1) أبو داود: كتاب الطهارة، باب: ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء (6) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء (296) من
حديث زيد بن أرقم.

(1/122)


ش- أبو عاصم هو: الضحاك بن مخلد بن الضحاك البصري،
أبو عاصم النبيل، سمع عبد الله بن عون، والأوزاعي، وثور بن يزيد
وغيرهم. روى عنه: محمد بن المثنى، وابن بشار، وأحمد بن حنبل،
وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة. توفي سنة اثنتي عشرة ومائتين بالبصرة،
وهو ابن تسعين سنة. روى له الجماعة. سمي نبيلاً لأنه [كان لا يلبس
الخُزُوز (1) وجيد] (2) الثياب (3) .
وعبد الملك بن الصباح المسْمعي أبو محمد البصري، روى عن عبد الله
ابن عون، وهشام بن حسان، وثور بن يزيد، وعمران بن حدير (4) ،
وشعبة، وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري. روى عنه: إسحاق بن
راهويه، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، ونعيم بن حماد،
وغيرهم. قال أبو حاتم: هو صالح. روى له: البخاري، ومسلم،
وابن ماجه (5) .
***
14- باب: ما ينهى عنه أن يستنجى به
أي: باب في حكم الشيء الذي نُهي عن الاستنجاء به.
25- ص- حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني قال:
ثنا الفضل- يعني: ابن فضالة المصري- عن عياش بن عباس القتباني، أن
شييْم بن بيْتان أخبره، عن شيبان القتباني: " أن مسلمة بن مُخلد استعمل
رُويفع بن ثابت على أسفل الأرض. قال شيبانُ: فسرْنا معه من كوم شريك
إلى علقماء، أو من علقماء إلى كوْم شريكٍ - يُريدُ علقام- فقال رويفعٌ: إن
__________
(1) جمع خز، والخز من الثياب ما ينسج من صوف وحرير خالص.
(2) غير واضح في الأصل، وأثبتناه من تهذيب الكمال.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/2927) .
(4) في الأصل: " حديث " خطأ. (5) المصدر السابق (18/3534) .

(1/123)


كان أحدُنا في زمن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليأخذُ نضْو أخيه على أن له النصف مما
يغنمُ وله (1) النصف، وإن كان أحدُنا ليطيرُ له النّصْلُ والريشُ، وللآخر
القدحُ، ثم قال لي رسولُ الله: يا رويفع، لعل الحياة ستطولُ بك بعدي،
فأخبر الناس أنه من عقد لحيته، أو تقلد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو
عظمٍ، فإن محمداً منه بريء " (2) .
ش- يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موْهب الهمداني الرملي
أبو خالد، روى عن الليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، ويحيى بن
زكرياء، وغيرهم روى عنه: أبو زرعة، وأبو داود، وجعفر بن محمد
الفريابي وغيرهم. مات سنة ثلاث، وقيل: سبع ومائتين (3) .
والمُفضل بن فضالة بن عبيد بن ثمامة بن مزيد بن نوف بن النعمان بن
مسروق أبو معاوية الرعُيني ثم القتباني المصري قاضيها. روى عن عُقيل بن
خالد، وعياش. بن عباس، وابنه عبد الله بن عياش، ومحمد بن
عجلان، وغيرهم. روى عنه: قتيبة بن سعيد، وابنه فضالة بن المفضل،
ويحيى بن غيلان وغيرهم. قال ابن معين: ثقة، وفي رواية: رجل
صدق. وقال أبو زرعة: لا بأس به. توفي في شوال سنة إحدى وثمانين
ومائة، وصلى عليه إسماعيل بن صالح أمير البلد، وولي القضاء بمصر
مرتين، وولد سنة سبع ومائة روى له الجماعة (4) .
وعياش بن عباس بن جابر بن ياسين أبو عبد الرحيم القتباني، وقتبان
من رُعى المصري، رأى عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، وروى
عن: أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي النضر سالم، والضحاك بن
زمل، وغيرهم. روى عنه الليث بن سعد، والمُفضل بن فضالة، وابنه
أبو جعفر عبد الله بن عياش، وحيوة بن شريح، وغيرهم. وقال ابن
__________
(1) في سنن أبي داود: " ولنا ".
(2) النسائي: كتاب الزينة، باب: عقد اللحية (8/135) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (32/6982) .
(4) المصدر السابق (28/6151) .

(1/124)


معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح. توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
روى له الجماعة إلا البخاري (1) .
وشييم- بكسر الشين المعجمة، وياء آخر الحروف مكررة- ابن بيْتان
- بباء موحدة، بعدها ياء آخر الحروف، ثم تاء مثناة من فوق- القتباني
المصري روى عن: رويفع بن ثابت الأنصاري، وجنادة بن أمية،
وأبي حذيفة شيبان بن أمية. روى عنه: عياش بن عباس، وخير بن نُعيم.
قال ابن معين (2) : ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي (3) .
وشيبان بن أمية، ويقال: ابن قيس القتباني أبو حذيفة، روى عن
مسلمة بن مُخلد الزرقي، روى عنه شييم المذكور، وبكر بن سوادة
الحزامي، روى له أبو داود (4) .
/ومسلمة بن مُخلّد الزُرقي الأنصاري، سكن مصر، وكان والياً من
قبل معاوية. روى عنه شيبان بن أمية القتباني. روى له أبو داود.
و" مُخلّد " بضم الميم، وتشديد اللام المفتوحة (5) .
ورويفع بن ثابت بن سكن بن عدي بن حارثة بن عمرو بن زيد مناة بن
عدي بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري، سكن مصر، واختط بها
داراً، وأمره معاوية على أطرابلس سنة ست وأربعين، فغزى من أطرابلس
إفريقية سنة سبع وأربعين، ودخلها، وانصرف من عامه. يقال: مات
بالشام، ويقال ببرْقة وهو الأرجح. قال البرقي: توفي ببرق (6) وهو
أمير عليها. قال أحمد: ولقد رأيت قبره بها روى عنه شيبان بن أمية،
ومرثد بن عبد الله. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي (7) .
قوله: " على أسفل الأرض " أسفل الأرض يُعبر به عن الوجه البحري
في مصر.
__________
(1) المصدر السابق (22/4600) . (2) في الأصل: " نعيم " خطا.
(3) المصدر السابق (12/2792) . (4) المصدر السابق (12/2783) .
(5) المصدر السابق (27/5962) . (6) كذا، وفي تهذيب الكمال: " ببرقة ".
(7) المصدر السابق (9/1939) .

(1/125)


قوله: " من كوْم شريك " هي بلد في طريق الإسكندرية، وشريك هذا
هو ابن سمي المرادي الغُطيفي، وفد على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد فتح
مصر (1) .
قوله: " إلى علقماء " بفتح العين المهملة، وسكون اللام، وفتح
القاف، والميم المقصورة (2) : بلدة في طريق الإسكندرية، وهي اليوم
خراب. و " علقام " مثله، إلا أنه بالألف قبل الميم، وهي أيضاً بلدة،
واليوم خراب.
قوله: " إن كان أحدنا " أصله: " إنه كان "، وتسمى هذه " إنْ "
المخففة من المثقلة، فتدخل على الجملتين، فإن دخلت على الاسمية جاز
إعمالها، وإن دخلت على الفعلية وجب إهمالها، والأكثر كون الفعل
ماضياً ناسخاً، نحو: (وإن كانتْ لكبيرةً) (3) ، وأمثال ذلك كثيرة في
القرآن وغيره.
قوله: " ليأخذ نضْو أخيه " النضْو- بكسر النون، وسكون الضاد
المعجمة-: البعير المهزول، يقال: بعير نضو، وناقة نضو ونضوة.
وقال ابن الأثير (4) : " النضو: الدابة التي أهزلتها الأسفار، وأذهبت
لحمها ".
(5) وي هذا حجة لمن أجاز أن يعطي الرجل فرسه أو بعيره على
شطر ما يصيبه المستأجر من الغنيمة، وهو قول أحمد والأوزاعي، ولم
يجوز ذلك أكثر العلماء، وأوجبوا في مثل هذا أجرة المثل ".
قوله: " وإن كان أحدُنا ليطيرُ له النصْلُ والريشُ وللآخر القدحُ " أي: إنه
كان أحدنا ليطير له، أي: يصيبه في القسمة، يقال: طار لفلان النصف
ولفلان الثلث إذا وقع في القسمة ذلك. وقال ابن الأثير (6) : " إن
__________
(1) انظر ترجمته في: الإصابة (2/150) .
(2) كذا، والجادة: " وبعد الميم ألف ممدودة " كما في معجم البلدان.
(3) سورة البقرة: (143) . (4) انظر: النهاية (5/72) .
(5) انظر: معالم السنن (1/23) . (6) انظر: النهاية (3/151) .

(1/126)


الرجلين كانا يقتسمان السهم فيقع لأحدهما نصله، وللآخر قدْحه، وطيرُ
الإنسان ما حصل له في علم الله مما قدر له ".
وقال الخطابي (1) : " وفيه دليل على أن الشيء المشترك إذا احتمل
القسمة، وطلب أحد الشركاء المقاسمة كان ذلك له؛ لأن القدح قد ينتفع
به عرياً من الريش والنصل، وكذلك ينتفع بالنصل والريش وإن لم يكونا
مركبين في قدح ".
والنصل نصل السهم والسيف والسكن والرمح، والجمع " نصول "
و" نصال ". والريش للطائر جمع " ريشة ". والقدح بكسر القاف،
وسكون الدال: خشب السهم، ويقال للسهم أول ما يقطع: قطع بكسر
القاف، ثم ينحت ويُبرى فيسمى بريا، ثم يُقومُ فسمي قدحاً، ثم يراش
ويركب نصله فيسمى سهماً.
قوله: " من عقد لحيته " قيل: " (1) كانوا يفعلونه في الحرب، وهو
من زي الأعاجم. وقيل معناه: معالجة الشعر ليتعقد ويتجعد، وذلك من
قبيل التوضيع والتأنيث، فلأجل ذلك نهاه- عليه السلام- ".
قوله: " أو تقلد وتراً " قيل: هي التمائم التي يشدونها بالأوتار،
وكانوا يرون أنها تعصمهم من الآفات، وتدفع عنهم المكاره، فأبطل
النبي- عليه السلام- ذلك. وقيل: هي الأجراس التي يعلقونها بها.
قوله: " أو استنجى برجيع " قد ذكرنا أن الرجيع العذرة والروث،
وذلك لأن النجس لا يزيل النجس.
قوله: " أو عظم " أي: أو استنجى بعظم؛ لأنه زاد الجن، وهو
بعمومه يتناول كل عظم من الميتة أو الذكي.
قوله: " فإن محمداً " جواب قوله: " من عقد ... "، ودخل الفاء فيه
لتضمن " منْ " معنى الشرط، فانظر إلى هذه التأكيدات: الجملة الاسمية
__________
(1) انظر: معالم السنن (1/24) .

(1/127)


التي تدل على الثبات، ودخول " إن " التي للتأكيد، وتقديم الظرف على
خبر المبتدأ. وحديث شيبان هذا أخرجه النسائي.
26- ص- حدثنا يزيد بن خالد قال: ثنا مفضل، عن عياش، عن
شييم/بن بيتان، أخبره بهذا الحديث عن أبي سالم الجيشاني، عن عبد الله بن
عمرو، ويذكر ذلك وهو معه مرابط بحصن باب أليُون قال أبو داود:
حصن أليون بالفسطاط على جبل (1) . قال أبو داود: هو شيبان بن أمية،
يكنى أبا حذيفة.
ش- يزيد بن خالد ومن بعده قد ذكروا.
وأبو سالم الجيشاني يروي عن زيد بن خالد الجهني، روى عنه: بكر
ابن سوادة.
والجيشاني بالجيم وسكون الياء آخر الحروف، وبالشين المعجمة، نسبة
إلى جيشان، قبيل من اليمن (2) .
وعبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن
عمرو، وقد ذكرنا بقية نسبه عند أبيه عمرو، يكنى أبا محمد، وقيل:
أبو عبد الرحمن. أسلم قبل أبيه. روي له عن رسول الله- عليه
السلام- سبعمائة حديث، اتفقا على سبعة عشر حديثاً، وانفرد البخاري
بثمانية، ومسلم بعشرين. روى عنه: سعيد بن المسيب، وعروة بن
الزبير، ومسروق بن الأجدع، وغيرهم. مات بمكة، وقيل بالطائف،
وقيل بمصر سنة خمس وستين، وهو ابن اثنين وسبعين سنة، روى له
الجماعة (3)
__________
(1) في سنن أبي داود: " على جبل بالفسطاط "، وانظر تخريجه في الحديث
السابق.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/2417) . قلت: واسم أبي سالم:
سفيان بن هانئ.
(3) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/346) ، وأسد الغابة
(3/349) ، والإصابة (2/351) .

(1/128)


قوله: " حصن أليون بالفسطاط " الفسطاط مدينة مصر، وفي الأصل
الفسطاط بيت من شعر، ولكن سميت بها مدينة مصر؛ لأن عمرو بن
العاص لما فتحها ضرب فسطاطه على موضع الجامع المعروف به، فبنى
الجامع، وبنى المسلمون حواليه دوراً ومساجد وأسواقاً، ولم نزل مصر
- وهي الفسطاط- كرسي المملكة، حتى تولى مصر أحمدُ بنُ طولون من
جهة المعتز بالله في سنة أربع وخمسين ومائتين، فبنى له ولعسكره القطائع
في شمالي مصر، وبنى عند القطائع جامعه المعروف به في سنة تسع
وخمسين ومائتين، ثم لم يزل الأمر كذلك حتى بنيت القاهرة في سنة ثمان
وخمسين [وثلاثمائة] على يد جوهر القائد المعزي.
27- ص- حدّثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا روحُ بنُ عُبادة قال:
ثنا زكريا بن إسحاق قال: ثنا أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:
" نهانا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نتمسح بعظم أو بعْرة " (1) .
ش- أحمد بن حنبل الإمام قد مضى ذكره.
وروح بن عُبادة- بضم العين، وعبادة بفتح العين لم تقع إلا في
البخاري وسنن ابن ماجه فقط- وهو: ابن العلاء بن حسان بن عمرو بن
مرثد القيسي أبو محمد البصري، من بني قيس بن ثعلبة من أنفسهم،
روى عن عمران بن حدير، وسعيد بن أبي عروبة، ومالك بن أنس،
والثوري، وشعبة، والأوزاعي وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل،
إسحاق بن راهويه، وأحمد بن منيع، ويعقوب بن شيبة، ومحمد بن
لمثنى، وغيرهم. روى له الجماعة (2) .
وزكرياء بن إسحاق المكي، روى عن: عطاء بن أبي رباح، وعمرو
ابن دينار، ويحيى بن عبد الله، روى عنه: ابن المبارك، ووكيع،
__________
(1) في سنن أبي داود: " أو بعر "، والحديث أخرجه مسلم في كتاب الطهارة،
باب: الاستطابة (263/58) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/1930) .
9* شرح سنن أبي داوود 1

(1/129)


وأبو عاصم النبيل. وقال أحمد وابن معين: ثقة. وقال أبو زرعة
وأبو حاتم: لا بأس به، روى له الجماعة (1) .
وأبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير المكي الأسدي، مولى
حكيم بن حزام، وقد مضى ذكره.
قوله: " أن نتمسح " من باب التفعل، أشار به إلى أن لا يتكلف المسح
بالعظم والبعرة، أما العظم فلما ذكرنا، وأما البعرة فلأنها نجس، فلا
يزيل النجس. وحديث جابر هذا أخرجه مسلم.
28- ص- حدثنا حيوة بن شريح الحمصي قال: ثنا ابن عياش، عن
يحيى بن أبي عمرو السيْباني، عن عبد الله ابن الديلمي، عن عبد الله بن
مسعود قال: " قدم وفدُ الجن على رسول اله- عليه السلام- فقالوا:
يا محمدُ، انْه أمتك أن يستنجُوْا بعظمٍ، أو روثة، أو حُممة، فإن الله تعالى
جعل لنا فيها رزْقاً. قال: فنهى النبيُ- عليه السلاًم- " (2) .
ش- حيوة قد ذكر.
وابن عياش هو: إسماعيل بن عياش بن سُليم السامي الحمصي العنسيُّ
- بالنون-، سمع شرحبيل بن مسلم، وثور بن يزيد، والأوزاعي،
ويحيى بن سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة، وغيرهم. روى عنه:
ابن المبارك (3) ، وعبد الله بن وهب، ويحيى بن معين، وجماعة آخرون
كثيرة، وفيه مقال كثير، توفي سنة إحدى وثمانين ومائة. روى له:
الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (4) .
ويحيى بن أبي عمرو، واسم أبي عمرو زرعة، يكنى أبا زرعة السّيْباني
- بالسين المهملة، بعدها ياء آخر الحروف، وبعدها باء موحدة- ونسبته
__________
(1) المصدر السابق (9/1990) .
(2) في سنن أبي داود: " فنهى النبي- عليه السلام- عن ذلك "، والحديث تفرد
به أبو داود.
(3) مكرر في الأصل. (4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (3/472) .

(1/130)


إلى سيْبان بن الغوث بن سعد الشامي الحمصي، وهو ابن عم أبي عمرو
الأوزاعي الإمام. روى عن أبيه، وعبد الله ابن الديلمي، وأبي سلام
الأسود، وغيرهم. روى عنه: الأوزاعي، وابن المبارك، وعطاء بن
أبي مسلم، وإسماعيل بن عياش، وغيرهم. وقال أحمد: ثقة. توفي
سنة ثمان وأربعين ومائة. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي،
وابن ماجه (1) .
وعبد الله بن فيروز الديلمي أبو بُسر- بالسين المهملة، وقيل:
بالمعجمة- روى عن أبيه/، وعبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري،
وعبد الله بن عمرو، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وغيرهم. روى
عنه: يحيى بن أبي عمرو السيباني، وعروة بن رُويم، ومحمد بن سيرين،
وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه (2) .
وعبد الله بن مسعود بن غافل- بالغين المعجمة والفاء- ابن حبيب بن
شمْخ بن مخزوم الهذلي، يكنى أبا عبد الرحمن، شهد بدراً والمشاهد،
وهو صاحب نعل رسول الله- عليه السلام-، روي له عن رسول الله
ثمانمائة حديث وثمانية وأربعون حديثاً، اتفقا منها على أربعة وستين،
وانفرد البخاري بأحد وعشرين، ومسلم بخمسة وثلاثين روى عنه:
أنس بن مالك، وأبو رافع مولى النبي- عليه السلام-، وأبو موسى
الأشعري، وغيرهم من الصحابة والتابعين، نزل الكوفة، ومات بها سنة
ثلاث وثلاثين، وقيل: مات بالمدينة، وصلى عليه عثمان بن عفان،
ودفن بالبقيع، روى له الجماعة (3)
__________
(1) المصدر السابق (31/6893) .
(2) المصدر السابق (15/3484) ، وفيه وفي التقريب وغيرهما أن الترمذي لم يرو
له.
(3) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/316) ، وأسد الغابة
(3/384) ، والإصابة (2/368) .

(1/131)


قوله: " قدم وفد الجن " الوفد: " القوم يجتمعون ويردُون البلاد،
وواحدهم وافد، كركب وراكب، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة
أو استرفاد وانتجاع، وغير ذلك، تقول: وفد يفد فهو وافد، وأوفدته
فوفد وأوفد على الشيء فهو مُوفد إذا أشرف " (1) . والجن خلاف
الإنس، والواحد جني، سميت بذلك لأنها تبقى ولا ترى، " وأصله من
جنّ إذا ستر، ومنه سمي الجن لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار، ومنه
الجنين لاستتاره في بطن أمه، والجنة من الاجتنان وهو الستر، لتكاثف
أشجارها وتظليله بالتفاف أغصانها " (2) .
والجن ولد إبليس، والكافر منهم شيطان، ولهم ثواب وعقاب،
واختلف في دخولهم الجنة. وعن ابن عباس: " إنهم ولد الجن بني
الجان، وليسوا بشياطين، فمنهم كافر ومنهم مؤمن، ويعيشون ويموتون،
والشياطين لا يموتون إلا عند موت إبليس. وكانت هذه القضية في مكة،
لما روي عن قتادة، عن النبي- عليه السلام- أنه قال: " إني أمرت أن
أقرأ على الجن، فأيكم يتبعني؟ فاتبعه عبد الله بن مسعود، فدخل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
شعب الحجون، وخط على ابن مسعود خطا وقال: إياك أن تخرج من
هذا الخط، فإنك إن خرجت منه لم تلقني إلى يوم القيامة، وتوجه إليهم
يقرئهم القرآن، ويدعوهم إلى الصبح " الحديث (3) ، وكانوا من جن
نصيبين: وقال ابن عباس: من أهل نينوي. وقال مجاهد: من أهل
حران. وقال عكرمة: من حرين الموصل ابني عثر. وقال زر بن حبيش:
كانوا تسعة. وقال ابن عباس: سبعة. وقال مجاهد: ثلاثة من أهل
نجران، وأربعة من نصيبين، وهم شاحر، وناحر، ودسّ، ومسّ،
والأزد، والابنان، والأحقم.
__________
(1) انظر: النهاية (5/209) . (2) انظر: النهاية (1/307) .
(3) أخرجه من هذه الطريق المرسلة ابن جرير في تفسيره (26/31) ، ولأصل
الحديث طرق صحيحة متصلة، وقد جمعها الحافظ ابن كثير عند تفسير الآية
التاسعة والعشرين وما بعدها من سورة الأحقاف، فانظرها هناك.

(1/132)


قوله: " أو حُممة " بضم الحاء المهملة، وفتح الميمين، وهي الفحم،
وما احترق من الخشب والعظام ونحوهما، وجمعها " حُمم ".
قوله: " فيها " أي: في العظم والروثة، والحُممة. وظاهر الحديث:
أن رزقهم من هذه الأشياء، فلذلك منع النبي- عليه السلام- عن
الاستنجاء بها، ولكون الروثة نجساً، والحُممة ليس لها ثبات فتفتت
بالتماس.
***
15- باب: الاستنجاء بالأحجار
أي: هذا باب فيه بيان حكم الاستنجاء بالأحجار.
29- ص- حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا يعقوب بن
عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن مسلم بن قرط، عن عروة، عن عائشة
- رضي الله عنها-: أن رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا ذهب أحدُكم إلى الغائط
فليذهبْ معه بثلاثة أحجار يستطيبُ بهن، فإنها تُجزئُ عنه " (1) .
ش- سعيد بن منصور بن سعيد أبو عثمان الخراساني المروزي، ويقال:
الطالقاني، ويقال: ولد بجوزجان، ونشاً ببلخ، سكن مكة، ومات
بها سنة سبع وعشرين ومائتين. سمع مالك بن أنس، وابن عيينة،
والليث بن سعد، وعبد العزيز الدراوردي، وغيرهم. روى عنه: أحمد
ابن حنبل، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري، ومسلم، وأبو داود،
وروى البخاري ومسلم والترمذي عن رجل عنه (2) -
وقتيبة بن سعيد مضى ذكره.
ويعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري
- بتشديد الياء- حليف بني زهرة المدني، سكن الإسكندرية، سمع أباه،
__________
(1) النسائي: كتاب الطهارة، باب: الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها
(1/41) ، والدارقطني: كتاب الطهارة (1/54- 55) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/2361) .

(1/133)


وأبا حازم، وموسى بن عقبة،/ومحمد بن عجلان وغيرهم. روى
عنه: عبد الله بن وهب، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى،
وأبو صالح عبد الغفار الحراني. قال ابن معين: كان ثقة. روى له
الجماعة إلا ابن ماجه (1) .
وأبو حازم سلمة بن دينار المدني الأعرج الأفزر المخزومي، مولى
الأسود بن سفيان، سمع سهل بن سعد، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد
ابن المسيب، وأبا صالح ذكوان، ومسلم بن قرط، وعمرو بن شعيب،
وغيرهم. روى عنه ابناه: عبد العزيز، وعبد الجبار، والزهري وهو أكبر
منه، ومالك بن أنس، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عيينة أخو سفيان،
وغيرهم. قال أحمد وأبو حاتم: ثقة. توفي سنة خمس وثلاثين ومائة.
روى له الجماعة (2) .
ومسلم بن قرط الحجازي روى عن عروة بن الزبير، روى عنه أبو حازم،
روى له أبو داود، والنسائي (3) .
وعروة بن الزبير مر ذكره.
قوله: " فليذهب معه " " مع " اسم بدليل التنوين في قولك: معاً،
ودخول الجار في قولك: ذهبت منْ معه، حكاه سيبويه. ولها ثلاث
معان: موضعُ الاجتماع، ولهذا يخبر بها عن الذوات، نحو (واللهُ
معكُمْ) (4) ، وزمانية، نحو: جئتك مع العصر، ومرادفة " عند "،
وتكون حالاً، نحو: جاء زيد وعمرو معاً، يعني: مجتمعين، وهاهنا
يجوز أن تكون للحال، والتقدير: فليذهب بثلاثة أحجار مصاحبة معه،
و" الباء " في قوله: " بثلاثة أحجار " باء التعدية؛ لأن " ذهب " لازم.
وقوله: " يستطيب بهن " في محل الجر؛ لأنها وقعت صفة لقوله:
" بثلاثة أحجار "، ولا يجوز أن يكون حالاً؛ لأن الاستطابة لا تحصل
__________
(1) المصدر السابق (32/7095) . (2) المصدر السابق (11/2450) .
(3) المصدر السابق (27/5937) .
(4) سورة محمد: (35) .

(1/134)


حالة الذهاب، والاستطابة والإطابة كناية عن الاستنجاء، سمي بها من
الطيب؛ لأنه يطيب جسده بإزالة ما عليه من الخبث بالاستنجاء، أي:
يطهره، يقال: من أطاب واستطاب، وقد ذكرناه.
قوله: " فإنها " أي: الأحجار " تجزئ عنه " من قولك: أجزأني الشيء
أي: كفاني، وهو بالهمزة، وثلاثيه: جزأ، يقال: جزأ عني هذا
الأمر، أي: قضى، والضمير في " عنه " راجع إلى الاستطابة التي دل
عليها قوله: " يستطيب بهن "، وإنما ذكره باعتبار المذكور المقدر، وبهذا
احتج الشافعي على تنصيص العدد، والجواب عنه أنه متروك الظاهر، فإنه
لو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف جاز بالإجماع. وحديث عائشة هذا
أخرجه النسائي والدارقطني.
30- ص- حدّثنا عبد الله بن محمد النُّفيلي قال: ثنا أبو معاوية، عن
هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة بن
ثابت قال: " سُئل رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الاسْتطابة فقال: بثلاثة أحجار ليس فيها
رجيع " (1) قال أبو داود: هكذا رواه أبو أسامة وابن نمير عن هشامً.
ش- عبد الله بن محمد النفيلي قد مر ذكره، وكذلك أبو معاوية محمد
ابن خازم الضرير.
وهشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي المدني أبو المنذر،
رأى عبد الله بن عمر، ومسح رأسه، ودعى له، وجابر بن عبد الله،
وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، وسمع عبد الله بن الزبير، وأباه،
وإخوته: عبد الله، وعثمان، ووهب بن كيسان، وجماعة آخرين.
روى عنه: زهير بن معاوية، ويحيى بن زكرياء، والضحاك بن عثمان،
وأبو معاوية الضرير، ويحيى القطان، وجماعة آخرون كثيرة. وقال
__________
(1) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث
والرمة (315) .

(1/135)


ابن سعد: كان ثقة ثبتاً، كثير الحديث، حُجة. مات ببغداد، ودفن في
مقبرة الخيرزان في سنة ست وأربعين ومائة. روى له الجماعة (1) .
وعمرو بن خزيمة ويقال: أبو خزيمة المزني، روى عن عمارة بن خزيمة
روى عنه هشام بن عروة، روى له: أبو داود، وابن ماجه حديثه عن
أهل المدينة (2) .
وعمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري الأوسي أبو عبد الله، ويقال:
أبو محمد المدني، روى عن أبيه وعمه، روى عنه: عمرو بن خزيمة،
والزهري، وأبو جعفر الخطمي، ومحمد بن زرارة. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (3) .
وخزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر (4) بن غيان بن
عامر بن خطمة بن مالك بن أوس الأنصاري الأوسي، يكنى أبا عمارة
ذو الشهادتين. روي له عن رسول الله ثمانية وثلاثون حديثاً، روى عنه
إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، روى له الجماعة إلا البخاري (5) .
وأبو أسامة: حماد بن أسامة بن زيد القرشي الكوفي، سمع هشام بن
عروة، والأعمش، وابن جريج، وغيرهم روى عنه: الشافعي،
وقتيبة، وابن معين، وغيرهم توفي سنة إحدى ومائتين، روى له
الجماعة (6)
/وابن نمير هو: عبد الله بن نمير أبو هشام الخارفي الكوفي، سمع
هشام بن عروة، وإسماعيل بن أبي خالد، وعبد الله بن عمر العمري،
والأعمش، والثوري، والأوزاعي، وغيرهم. روى عنه ابنه محمد،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/6585) .
(2) المصدر السابق (21/4359) . (3) المصدر السابق (21/4182) .
(4) في الأصل: " عمار "، وما أثبتناه من مصادر الترجمة.
(5) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/417) ، وأسد الغابة
(2/133) ، والإصابة (1/425) .
(6) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7/1471) .

(1/136)


وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة،
وغيرهم من الثقات. توفي في ربيع الأول من سنة تسع وتسعين ومائة،
وولد سنة خمس عشرة ومائة، روى له الجماعة (1) . وحديث خزيمة هذا
أخرجه ابن ماجه.
***