شرح أبي داود
للعيني 16- باب: في
الاستبراء
أي: هذا باب في بيان طلب البراءة من الحدث؛ لأن " سين "
الاستفعال للطلب.
31- ص- حدثنا قتيبة بن سعيد وخلف بن هشام المقرئ المعنى
قالا: ثنا
عبد الله بن يحيى التوأم. ونا أبو داود قال: ثنا عمرو بن
عون قال: أنا
أبو يعقوب التوأم، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن أمه، عن
عائشة
- رضي الله عنها- قالت: " بال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام عمرُ خلفهُ بكُوز من ماء،
فقال: ما هذا يا عمرُ؟ " قال: ماء توضبه " (2) . قال: ما
أمرت كًلما بُلتُ
أن أتوضأ، ولو فعلتُ لكانتْ سُنةً " (3) .
ش- خلف بن هشام بن ثعلب- بالثاء المثلثة- أبو محمد البزار
- آخره راء- البغدادي، ويقال: خلف بن هشام بن طالب بن غراب
المقرئ، سمع مالك بن أنس، وحماد بن زيد، وشريك بن عبد الله
النخعي، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله بن
أحمد، وأبو زرعة، ومسلم، وأبو داود، وجماعة آخرون. وقال
النسائي: هو بغدادي ثقة. مات سنة تسع وعشرين ومائتين (4) .
__________
(1) الصدر السابق (16/3618) .
(2) في سنن أبي داود: " فقال: هذا ماء تتوضأ به "، وانظر
تعليق الشارح
عليه.
(3) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: من بال ولم يمس ماء
(327) .
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8/1713) .
(1/137)
وعبد الله بن يحيى التوأم أبو يعقوب الثقفي
المصري، ولد هو وأخوه
في بطن واحد، روى عن عبد الله بن أبي مليكة، روى عنه: عمرو
بن
عون. قال يحيى: التوأم عن ابن أبي مليكة ضعيف. روى له: أبو
داود،
وابن ماجه (1) .
وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، واسم أبي مليكة:
زهير بن
عبد الله بن جُدْعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة
التيمي
أبو بكر المكي الأحول، كان قاضياً لعبد الله بن الزبير،
ومؤذناً له.
سمع عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن
عمرو،
والمسور بن مخرمة، وعقبة بن الحارث، وعائشة وأسماء ابنتي
أبي بكر
الصّدّيق- رضي الله عنهم-. روى عنه: عطاء بن أبي رباح،
وعمرو
ابن دينار، وأيوب السختياني، وابن جريج، ونافع بن عمر،
والليث
ابن سعد، وغيرهم. قال أبو زرعة وأبو حاتم: مكي ثقة. توفي
سنة
سبع عشرة ومائة. روى له الجماعة (2) .
قوله: " توضأ به " أصله: " تتوضأ به " فحذفت منه إحدى
التاءين،
كقوله تعالى: (ناراً تلظى) (3) أصله: تتلظى.
قوله: " لكانت " أي: الفعلة التي دل عليها قوله: " فعلت "،
وهذا
الحديث رد على من يقول: شرطُ الوضوء الحدث. ووجه هذا
التبويب
بالاستبراء كون عمر- رضي الله عنه- أتى بالماء إلى رسول
الله بعد أن
بال ليتوضأ به، ويستبرئ من الحدث. وروى هذا الحديث ابن
ماجه أيضاً.
***
17- باب: الاستنجاء بالماء
ولما فرغ عن بيان الاستنجاء بالأحجار ونحوها، شرع في بيان
الاستنجاء بالماء.
__________
(1) المصدر السابق (16/3650) . (2) المصدر السابق
(15/3405) .
(3) سورة الليل: (14) .
(1/138)
32- ص- حدثنا وهب بن بقية، عن خالد (1)
الواسطي، عن خالد
- يعني: الحذاء- عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنس بن مالك: "
أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل حائطاً
ومعه غُلام معه ميضأةٌ، وهو أصْغرُنا، فوضعها
عند السّدرة، فقضى حاجتهُ، فخرج علينا وقد استنجى بالماء "
(2) .
ش- وهب بن بقية بن عثمان بن سابور- بالسين المهملة- ابن
عبيد
ابن آدم بن زياد بن ضبع بن قيس بن سعد بن عبادة أبو محمد
الواسطي،
يعرف ب " وهْبان "، سمع خالد بن عبد الله، وجعفر بن
سليمان،
وهشيم بن بشير، ونوح بن قيس، روى عنه: مسلم، وأبو داود،
وحنبل بن إسحاق، وغيرهم، روى النسائي عن رجل عنه. ولد سنة
خمس وخمسين ومائة، ومات سنة تسع وثلاثين ومائتين (3) .
وخالد بن مهران الحذاء أبو المُنازل البصري القرشي مولاهم،
وقيل:
مولى بني مجاشع، رأى أنس بن مالك، وسمع أبا عثمان النهدي،
وعطاء بن أبي ميمونة، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم. سمع منه
محمد
ابن سيرين، والأعمش، ومنصور. وروى عنه: ابن جريج، والثوري،
وشعبة، وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة. وقال أحمد: ثبت. مات
سنة
ثنتين وأربعين ومائة، روى له الجماعة (4) .
__________
(1) في الأصل: " خلف " خطأ، وإنما هو خالد بن عبد الله
الواسطي.
(2) البخاري: كتاب الوضوء، باب: حمل العنْزة مع الماء في
الاستنجاء (152) ،
مسلم: كتاب الطهارة، باب. الاستنجاء بالماء من التبرز
(270، 271) ،
النسائي: كتاب الطهارة، باب: الاستنجاء بالماء (1/42) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/6750) . قلت: أهمل
المصنف
ترجمة خالد الواسطي، وهو خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن
بن يزيد أبو الهيثم،
ويقال: أبو محمد الواسطي. روى عن: خالد الحذاء، وسعيد بن
أبي عروبة، وسهيل بن أبي صالح روى عنه: عبد الرحمن بن
المبارك،
وعبد الرحمن بن مهدي، ووهب بن بقية، وغيرهم. مات سنة تسع
وسبعين
ومائة، روى له الجماعة، وانظر ترجمته قي: تهذيب الكمال
(8/1625) .
(4) المصدر السابق (8/1655) .
(1/139)
وعطاء بن أبي ميمونة البصري،/مولى أنس بن
مالك، ويقال:
مولى عمران بن حصين. سمع أنس بن مالك، وأبا رافع الصائغ.
روى
عنه: خالد الحذاء، وروح بن القاسم، وشعبة. وقال أبو زرعة:
ثقة.
وقال أبو حاتم: يحتج بحديثه (1) . وقال ابن عدي: وفي حديثه
بعض
ما ينكر عليه. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة. روى له
الجماعة إلا
الترمذي (2) .
قوله: " دخل حائطاً " الحائط: البستان من النخيل إذا كان
عليه حائط،
أي: جدار، وجمعه: " الحوائط "، والحائط بمعنى الجدار،
ويجمع
على حيطان.
قوله: " ميضأة " بكسر الميم، وبهمزة بعد الضاد، وهي الإناء
الذي
يتوضأ به، كالركوة والإبريق ونحوهما، وقوله: " معه ميضأة "
جملة
وقعت صفة لـ " غلام ".
قوله: " وهو أصغرنا " جملة وقعت حالاً عن " غلام "؛ لأن
تقدير
الكلام: ودخل معه غلام، والحال أنه أصغرنا في السن في هذا
الوقت.
قوله: " فوضعها عند السدرة " أي: وضع الميضأة بحضرة
السدرة؛ لأن
" عند " للحضرة، و " السدرة " - بكسر السين-: شجرة النبق.
قوله: " فقضى حاجته " أي: قضى رسول الله حاجته.
قوله: " وقد استنجى بالماء " جملة فعلية وقعت حالاً، وقد
علم أن
الجملة الفعلية إذا وقعت حالاً وكان فعلها ماضياً مثبتاً،
لا بد فيه من " قد "
إما محققة أو مقدرة، نحو: جاء زيد قد ضحك، وقوله تعالى:
(أوْ
جاءُوكُمْ حصرتْ صُدُورُهُمْ) (3) أي: قد حصرت، وذلك لأن
الماضي
__________
(1) كذا في الأصل، والذي في الجرح والتعديل (6/الترجمة
1862) ، وتهذيب
الكمال: " صالح لا يحتج بحديثه، وكان قدريا ".
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/3942) .
(3) سورة النساء: (90) .
(1/140)
من حيث إنه منقطع الوجود عن زمن الحال،
مناف للحال المتصف
بالثبوت، فلا بد من " قد " ليقرب به من الحال، فإن القريب
من الشيء
في حكمه، وجوز البعض الترك (1) مطلقاً إذا وجد الواو،
والأصح ما
قلنا.
ويستفاد من هذا الحديث فوائد، الأولى: استحباب التباعد
لقضاء
الحاجة عن الناس.
والثانية: الاستتار عن أعين الناظرين.
والثالثة: جواز استخدام الرجل الفاضل بعض أصحابه في حاجته.
والرابعة: استحباب خدمة الصالحين وأهل الفضل، والتبرك بذلك
(2) .
والخامسة: جواز استخدام الصغار.
والسادسة: جواز الاستنجاء بالماء، واستحبابه، ورجحانه على
الاقتصار على الحجر. وقد اختلف الناس في هذه المسألة،
والذي عليه
الجمهور من السلف والخلف أن الأفضل أن يجمع بين الماء
والحجر، فإن
اقْتصر اقْتصر على أيهما شاء، لكن الماء أفضل، لأصالته في
التنقية، وقد
قيل: إن الحجر أفضل. وقال ابن حبيب المالكي: لا يجزئ الحجر
إلا
لمن عدم الماء. وحديث أنس هذا أخرجه البخاري ومسلم.
33- ص- حدثنا محمد بن العلاء قال: أنا معاوية بن هشام، عن
يونس
ابن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن
أبي هريرة،
عن النبي- عليه السلام- قال: " نزلتْ هذه الآية في أهل
قُباء: (فيه رجال
__________
(1) في الأصل: " ترك ".
(2) ليس ثمة دليل على جواز التبرك بأهل الفضل والصلاح، بل
السلف- رحمهم
الله- على خلاف ذلك، وما ورد من تبرك الصحابة- رضوان الله
عليهم-
بوضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ونخامته وغير ذلك، فهو أمر يقيني، وأما الصلاح
والتقوى في حق غيره فهو ظني، ولا يقاس ظني على يقيني، ولو
كان ذلك
جائزا لفعله صحابته- رضوان الله عليهم- بعضهم مع بعض!
والله أعلم.
(1/141)
يُحبُّون أن يتطهرُوا ((1) قال: " كانُوا
يستنجُون بالماء، فنزلتْ فيهم هذه
الآيةُ " (2) .
ش- محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الهمداني الكوفي، وقد
ذكرناه.
ومعاوية بن هشام أبو الحسن القصار الكوفي، سمع ابن عيينة
(3) ،
وحمزة الزيات، وشريك بن عبد الله، وغيرهم. روى عنه: أبو
بكر
وعثمان ابنا أبي شيبة، وأبو كريب، وغيرهم. قال ابن معين:
صالح
وليس بذاك. وقال أبو حاتم: هو أقوى حديثاً من يحيى بن
يمان، وهو
صدوق، روى له الجماعة إلا البخاري (4)
ويونس بن الحارث الطائفي، روى عن: أبي بردة بن أبي موسى،
وأبي عون، وإبراهيم بن أبي ميمونة، روى عنه: وكيع بن هشام،
ووكيع بن الجراح، ْ وأبو عاصم النبيل، وغيرهم. وقال ابن
معين: كان
ضعيفاً، وكان أحمد بن حنبل يضعفه. وقال ابن عدي: ليس به
بأس.
روى له: الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه (5) .
وإبراهيم بن أبي ميمونة روى عن أبي صالح السمان، روى عنه
يونس
ابن الحارث، روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (6)
ووأبو صالح ذكوان قد مر.
قوله: " في أهل قُباء " بضم القاف، وتخفيف الباء المقصورة،
وقال
صاحب " المطالع ": قبا على ثلاثة أميال من المدينة، وأصله
أسم بئر
__________
(1) سورة التوبة: (108) .
(2) الترمذي: كتاب تفسير القران، باب: ومن سورة التوبة
(3100) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: الاستنجاء بالماء (357) .
(3) كذا، والذي في تهذيب الكمال وغيره: " سفيان الثوري "،
ولم أره فيمن
روى عن ابن عيينة في ترجمته، وإنما وجدته في ترجمة سفيان
الثوري فيمن
روى عنه، والله أعلم.
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (28/ 6067) .
(5) المصدر السابق (32/7173) . (6) المصدر للسابق (2/259)
.
(1/142)
هنالك، وألفه واو يمد ويقصر، ويصرف ولا
يصرف، وأنكر البكري
القصر فيه، ولم يحك فيه أبو علي سوى المد. وقال الخليل: هو
مقصور. قال:/وهو قرية بالمدينة.
قوله تعالى: (فيه رجال يُحبُون أن يتطهرُوا) أي: في مسجد
قباء،
وهو أول مسجد بني في الإسلام. وحديث أبي هريرة هذا أخرجه
الترمذي
وابن ماجه. وقال الترمذي: غريب.
***
18- باب: الرجل يدلك يده با
لأرض إذا استنجى
أي: باب في حكم الرجل الذي يدلك يده بالأرض إذا استنجى، من
دلكت الشيء بيدي أدلكه دلكاً، من باب نصر ينصر.
34- ص- ثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال: ثنا وكيع، عن
شريك
المعنى. قال: وثنا إبراهيم بن خالد قال: ثنا أسود بن عامر
قال: ثنا شريك
- وهذا لفظه- عن إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة (1) ، عن
أبي هريرة
قال: " كان النبيُ- عليه السلام- إذا أتى الخلاء أتيتُه
بماء في توْر أو ركْوةٍ
فاستنجى ". قال أبو داود: في حديث وكيع: " ثم مسح يًده على
الأرض،
ثم أتيتُهُ بإناء آخر فتوضأ ". قال أبو داود: حديثُ الأسود
أتم، يعني: أسود
ابن عامر (2) .
ش- محمد بن عبد الله بن عمار بن سوادة أبو جعفر المُخرميُ
البغدادي
الموصلي نزيلها، أحد الحُفاظ المكثرين، سمع ابن عيينة،
ووكيعاً،
وهشيماً، وعبد الله بن إدريس، وغيرهم. روى عنه: النسائي،
وعلي
__________
(1) في سنن أبي داود: " عن إبراهيم بن جرير، عن المغيرة،
عن أبي زرعة "،
وفي التحفة (10/14886) ، وسنن ابن ماجه: " إبراهيم بن
جرير، عن
أبي زرعة "، وهو الصواب، وفد نبه على الخطأ الواقع في
السنن صاحب
" عون المعبود " (1/16) فأجاد وأفاد، فليراجع.
(2) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: من دلك يده بالأرض بعد
الاستنجاء.
(358) .
(1/143)
ابن حرب، ويعقوب بن سفيان، والباغندي،
وغيرهم. وقال النسائي:
ثقة. وقال عبد الله بن أحمد: كان ثقة. توفى ببغداد سنة
إحدى وثلاثين
ومائتين (1) .
ووكيع هو ابن الجراح، وقد مر.
وشريك هذا هو: شريك بن عبد الله بن أبي شريك الكوفي أبو
عبد الله
النخعي، ولد ببخارى سنة خمس وسبعين، أدرك عمر بن عبد
العزيز،
وسمع أبا إسحاق السبيعي، وسماك بن حرب، وغيرهم. روى عنه:
وكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان، وابن المبارك، وأبو
بكر بن
أبي شيبة، وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة إلا أنه لا ينقد (2)
ويغلط،
ويذهب بنفسه على سفيان وشعبة. وقال أبو زرعة: كان كثير
الغلط،
صاحب وهم، يغلط أحياناً. وقال أحمد بن عبد الله: كوفي ثقة
مات
بالكوفة سنة سبع أو ثمان وتسعين ومائة. روى له الجماعة إلا
البخاري،
روى له مسلم في المتابعات (3) .
وإبراهيم بن خالد هذا هو: إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان
الكلبي
أبو ثور البغدادي، سمع سفيان بن عيينة، وإسماعيل ابن علية،
ووكيع
ابن الجراح، وأبا معاوية الضرير، ومحمد بن إدريس الشافعي،
وغيرهم.
روى عنه: أبو داود، ومسلم، وأبو حاتم، والترمذي، وابن
ماجه،
وغيرهم. وقال النسائي: ثقة مأمون، أحد الفقهاء. مات سنة
أربعين
ومائتين في صفر (4) .
وأسود بن عامر: شاذان أبو عبد الرحمن، أصله شامي، سكن
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/5362) .
(2) في تهذيب الكمال (12/468) : " لا يتقن "، وفي نسخة: "
لا ينقر "،
وفي أخرى: " لا ينقل ".
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (12/2736) .
(4) المصدر السابق (2/169) .
(1/144)
بغداد، وسمع الثوري، وشعبة، وشريك بن عبد
الله، والحسن بن
صالح، وابن المبارك، وغيرهم. روى عنه: بقية بن الوليد،
وأحمد
ابن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي
شيبة. وقال
أحمد بن حنبل: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن معين:
لا
بأس به. مات سنة ثمان ومائتين. روى له الجماعة (1) .
وإبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، روى عن أبيه، وأبي
زرعة.
روى عنه: أبان بن عبد الله، وشريك بن عبد الله، وحميد بن
مالك،
وداود بن عبد الجبار. قال ابن معين: لم يسمع من أبيه
شيئاً. روى له:
أبو داود، والنسائي، وابن ماجه (2) .
وأبو زرعة اسمه: هرمُ بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي
الكوفي
أبو زرعة. وقيل: اسمه عبد الرحمن. وقيل: عمرو. سمع جده
جريراً، وأبا هريرة، وروى عن أبي ذر، ومعاوية. روى عنه:
إبراهيم
النخعي، وإبراهيم بن جرير، ويحيى بن سعيد، وغيرهم. قال ابن
معين: ثقة. روي له الجماعة (3) .
قوله: " في تور " التور- بفتح التاء المثناة من فوق، وسكون
الواو-:
إناء من صُفر أوً حجارة، كالإجانة يتوضأ منه، ويؤكل فيه،
وجمعه
" أتْوارٍ ".
قوله: " أو ركْوة " بفتح الراء، وسكون الكاف: إناء صغير من
جلد،
يشرب منه الماء، والجمع: " ركاءٌ ". ويستفاد من هذا الحديث
فائدتان:
الأولى: استحباب دلك اليد على الأرض (4) بعد الفراغ من
الاستنجاء، لتزُول الرائحة الكريهة إن كانت.
والثانية: أن يكون إناء الوضوء غير إناء الاستنجاء، وهذا
أيضاً
__________
(1) المصدر السابق (3/503) . (2) المصدر السابق (2/157) .
(3) المصدر السابق (33/7370) .
(4) في الأصل: " استحباب دلك الأرض على اليد ".
10. شرح سنن أبي داوود 1
(1/145)
مستحب، فن توضأ من الإناء الذي استنجى فيه
جاز. وحديث
أبي هريرة هذا أخرجه ابن ماجه.
***
19- باب: السواك
أي: هذا باب في أحكام السواك. السّواك- بالكسر- والمسواك:
ما
تدلك به الأسنان من العيدان، يقال: ساك/فاه يسُوكه، إذا
دلكه
بالسواك، فإذا لم تذكر الفم قلت: استاك.
واعلم أن أبواب الكتاب من أوله إلى هاهنا كانت في أحكام
قضاء
الحاجة والاستنجاء، وكلها حكم واحد، فلذلك لم نذكر
المناسبة بين
أبوابها؛ لأن مناسبتها طاهرة عقلاً ووضعاً، ولما فرغ عن
ذلك شرع في
بيان أحكام السواك بستة أبواب، ومناسبة أبواب السواك
بالأبواب التي
مضت؛ لأن استعمال السواك غالباً يكون عند الوضوء بعد
الاستنجاء،
فلذلك أدخل أبوابه بين أبواب الاستنجاء وأبواب الوضوء.
35- ص- ثنا قتيبة بن سعيد، عن سفيان، عن أبي الزناد، عن
الأعرج،
عن أبي هريرة يرفعه قال: " لوْلا أن أشُق على المُؤْمنين
لأمرتُهمْ بتأخير
العشاء، وبالسّواك عند كُل صلاة " (1) .
ش- سفيان الثوري، وقد ذكر.
وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان أبو عبد الرحمن القرشي
المكي، ولقبه
أبو الزناد- بالنون-، سمع عروة بن الزبير، والأعرج، وروي
له عن
__________
(1) البخاري: كتاب الجمعة، باب: السواك يوم الجمعة (887) ،
مسلم: كتاب
الطهارة، باب: السواك (252/42) ، الترمذي: كتاب الطهارة،
باب: ما
جاء في السواك (22) ، النسائي: كتاب الطهارة، باب: الرخصة
في السواك
بالعشي للصائم (1/12) ، وفي كتاب المواقيت، باب: ما يستحب
من
العشاء (1/266- 267) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب:
السواك
(287) .
(1/146)
أنس بن مالك وغيره. روى عنه: مالك بن أنس،
والثوري، وابن
عيينة، وغيرهم. مات فجأة في مغتسله ليلة الجمعة لسبع عشرة
خلت من
رمضان، سنة ثلاثين ومائة. روى له الجماعة (1) .
والأعرج هو: عبد الرحمن بن هرمز أبو داود القرشي. سمع
أبا هريرة، وأبا سعيد الخدري، وغيرهما. روى عنه: الزهري،
ويحيى
ابن سعيد، وغيرهما. مات بالإسكندرية سنة سبع عشرة ومائة،
روى له
الجماعة (2) .
قوله: " يرفعه " أي: يرفع أبو هريرة هذا الحديث إلى رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وهذا (3) وأمثاله جملة فعلية وقعت حالاً، والجملة الفعلية
إذا وقعت حالاً،
وكان فعلها مضارعاً مثبتاً لا يحتاج إلى الواو؛ لأنه يكون
كاسم الفاعل في
المعنى، وجارٍ عليه في اللفظ: في الحركات والسكون، نحو:
جاء زيد
يضحك، مثل: جاء زيد ضاحكاً، معنىً ولفظاً، فأجري مجراه في
الاستغناء عن الواو.
وقال الخطيب: قول التابعي: " يرفع الحديث "، و " يُنْميه
"، و " يبلغ
به " كلها كناية عن رفع الصحابي للحديث، وروايته إياه عن
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يختلف أهل العلم
أن الحكم في هذه الأخبار وفيما صرح برفعه
سواء في وجوب القبول، والتزام العمل ". انتهى كلامه.
ويشبه أن يكون التابعي قد تحقق أن الصحابي رفع له الحديث
إلى
رسول الله، غير أنه شك، هل قال له: " سمعت رسول الله "، أو
" قال رسول الله "؟ فلما لم يمكنه الجزم بما قاله أتى بلفظ
يرفع به الحديث
إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله: " لولا " كلمة لربط امتناع الثانية لوجود الأولى،
نحو: لولا زيد
رمتك، أي: لولا زيد موجود. والمعنى هاهنا: لولا مخافةُ أن
أشق
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (14/3253) .
(2) المصدر السابق (3/3983) . (3) في الأصل: " وهذه ".
(1/147)
لأمرتهم أمر إيجاب، وإلا لانعكس معناها، إذ
الممتنع المشقة، والموجود
الأمر.
فإن قلت: كيف تثبت سُنة السواك بهذا الحديث؟ قلت: لما
امتنع
الوجوب لوجود المشقة، ثبت ما دون الوجوب، وهو السُّنة،
لعدم
المانع، وهو المشقة؛ لأنه سبيل من ترك السُنة فافهم! فإنه
كلام دقيق،
سنح به خاطري من الأنوار الرحمانية.
قوله: " بتأخير العشاء " بكسر العين وبالمد: والمراد به
العشاء الآخرة؛
لأن المغرب يطلق عليه العشاء أيضاً، مأخوذ من عُشْوة
الليل، وهي ظلمته.
وقيل: هي من أوله إلى رُبْعه. وحديث أبي هريرة أخرجه
النسائي.
36- ص- ونا إبراهيم بن موسى قال: أنا عيسى بن يونس قال:
أنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي
سلمة بن
عبد الرحمن، عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" لولا أنْ أشقّ على أمتي لأمرتُهُم بالسواك عند كُلّ صلاة
" (1) .
ش/- إبراهيم بن موسى بن يزيد قد مر ذكره، وكذلك عيسى بن
يونس
ابن أبي إسحاق السبيعي، وكذلك محمد بن إسحاق بن يسار.
محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب
بن
سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي
المدني،
وجده من المهاجرين من أصحاب النبي- عليه السلام-، سمع عبد
الله
ابن عمر بن الخطاب، وأنس بن مالك، وعلقمة بن وقاص، وأبا
سلمة
ابن عبد الرحمن، وعطاء بن يسار، وعروة بن الزبير، وغيرهم.
روى
عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن
مسلم
الزهري، ومحمد بن عجلان، وعمارة بن غزيّة، وعبد الله بن
طاوس،
وعبيد الله بن/عمر العمري، ويحيى بن أيوب المصري، وأسامة
بن زيد
الليثي، وابنه موسى بن محمد بن إبراهيم. وقال ابن سعد:
__________
(1) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في السواك (23) .
(1/148)
كان فقيهاً محدثاً، توفي بالمدينة سنة إحدى
وعشرين ومائة. روى له
الجماعة (1) .
وأبو سلمة عبد الله وقد مر.
وزيد بن خالد الجهني من جهينة أبو عبد الرحمن، روي له عن
رسول الله أحد وثمانون حديثاً، اتفقا على خمسة. روى عنه:
يزيد
مولى المنبعث، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وغيرهما. مات
بالكوفة،
وقيل: بالمدينة سنة ثمان وسبعين. روى له: أبو داود،
والترمذي،
وابن ماجه، والنسائي (2)
والحديث أخرجه البخاري ومسلم والنسائي، وعنده في رواية "
عند كل
وضوء "، وكذا عند ابن خزيمة، ورواه الترمذي أيضاً وقال:
حديث
حسن صحيح، وصحّحه الحاكم أيضاً (3) .
ص- قال أبو سلمة: فرأيت زيداً يجلس في المسجد وإن السواك
من أذنه
بموضع القلم من أذن الكاتب، فكلما قام إلى الصلاة استاك
(4) .
ش- أي: زيد بن خالد الجهني، والمعنى: كان السواك مغروزاً
وراء
أذنه موضع غرز قلم الكاتب.
وأخرج البيهقي من طريق ابن إسحاق، عن أبي جعفر، عن جابر بن
عبد الله قال: " كان السواك من أذن النبي- عليه السلام-
موضع القلم
من أذن الكاتب " (5) . وبهذا احتج بعض الشافعية أن
السُّنّة أن يستاك
كلما قام إلى الصلاة.
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (24/5023) .
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/558) ،
وأسد الغابة
(2/284) ، والإصابة (1/565) .
(3) يعني حديث أبي هريرة، وليس حديث زيد كما يوهم كلام
المصنف، والله
أعلم.
(4) البيهقي: كتاب الطهارة، باب: تأكيد السواك عند القيام
للصلاة (1/37) .
(5) البيهقي: كتاب الطهارة، باب: تأكيد السواك عند القيام
إلى الصلاة (1/37) -
(1/149)
37- ص- وثنا محمد بن عوف الطائي، نا أحمد
بن خالد، نا محمد
ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن عبد
الله بن عمر
قال: قلت: أرأيت توضؤ ابن عمر لكل صلاة طاهراً وغير طاهر
عم ذلك؟
فقال: حدثته (1) أسماء بنت زيد بن الخطاب، أن عبد الله بن
حنظلة بن
أبي عامر حدثها: " أن رسول الله أمر بالوضوء عند كل صلاة
طاهراً وغير
طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة "، فكان ابن
عمر يرى أن
به قوة، فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة " (2) .
ش- محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحافظ أبو جعفر الحمصي،
سمع محمد بن يوسف الفريابي، والهيثم بن جميل، وأحمد بن
خالد،
وغيرهم. روى عنه: أبو داود، والنسائي، وأبو زرعة الدمشقي،
وأبو حاتم وغيرهم. توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين (3) .
وأحمد بن خالد الوهبي الكندي أبو سعيد الحمصي، روى عن (4)
:
محمد بن إسحاق بن يسار، وعبد العزيز الماجشون، وشيبان
النحوي.
روى عنه: محمد بن عوف، وعمرو بن عثمان، وأبو زرعة الدمشقي.
قال ابن معين: ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي،
وابن
ماجه (5) .
ومحمد بن يحيى بن حبان-- بفتح الحاء والباء الموحدة- ابن
منقذ بن
عمرو بن مالك الأنصاري المازني النجاري أبو عبد الله
المدني، سمع أنس
ابن مالك. روى عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، وسمع عمه
واسع
__________
- وقال البيهقي: " يحيى بن يمان- الراوي عن محمد بن إسحاق-
ليس
بالقوي عندهم، ويشبه أن يكون غلط من حديث محمد بن إسحاق
الأول إلى
هذا "، وقال في " نصب الراية " (1/9) : " قال البيهقي:
يشبه أن يكون
وهم من حديث زيد بن خالد إلى هذا ".
(1) في سنن أبي داود: " حدثتنيه ". (2) تفرد به أبو داود.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5527) .
(4) في الأصل. " روى عنه " خطأ. (5) المصدر السابق (1/30)
.
(1/150)
ابن حبان، والأعرج، وغيرهم. روى عنه: يحيى
بن سعيد الأنصاري،
والزهري، ومحمد بن إسحاق. " ثقة كثير الحديث، مات بالمدينة
سنة
إحدى وعشرين ومائة " (1) . روى له الجماعة (2) .
وعبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، سمع أباه، روى
عنه
الزهري، ونافع، وغيرهما. قال وكيع: ثقة. توفي في أول خلافة
هشام بن عبد الملك. روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود،
والنسائي (3) .
وأسماء بنت زيد بن الخطاب القرشية العدوية روت عن عبد الله
بن
حنظلة بن أبي عامر. روى عنها عبد الله بن عبد الله بن عمر.
روى لها
أبو داود (4) .
وعبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، واسمه: عبد عمرو بن صيفي
بن
زيد، وأبوه حنظلة غسيل الملائكة، غسلته يوم أحُد؛ لأنه قتل
وهو
جنب. روى عنه: عبد الله بن يزيد الخطمي، وأسماء بنت زيد،
وغيرهما. قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين. روى له أبو داود
(5) .
قوله: " أرأيت " بمعنى: أخبرني عن توضؤ ابن عمر.
قوله: " طاهرا " حال من ابن عمر.
قوله: " عم ذلك " أصله: عن ما ذلك، وهو استفهام، والمعنى:
لأجل أي شيء كان توضؤه لكل صلاة طاهراً كان أو محدثاً؟
قوله: " فقال: حدثته " أي: قال عبد الله بن عبد الله،0
والضمير
المنصوب في " حدثته " راجع إليه، وفي بعض النسخ: " حدثتني
أسماء "
والضمير المنصوب في " حدثها " راجع إلى أسماء.
__________
(1) قاله الواقدي كما في تهذيب الكمال
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5681) .
(3) المصدر السابق (15/3366) . (4) المصدر السابق
(35/7781) .
(5) المصدر السابق (14/3236) .
(1/151)
قوله: " أن رسول الله أمر بالوضوء " على
صيغة المجهول، يعني: أمره
الله به.
قوله: " فلما شق ذلك عليه " أي: لما ثقل التوضؤ لكل صلاة
طاهراً
وغير طاهر على رسول الله " أمر بالسواك " أي: باستعماله؛
لأن نفس
السواك لا يؤمر به، وإنما يؤمر باستعماله، و " أمر " هذا
أيضاً مجهول.
قوله: " يرى أن به قوة " أي: يظن أن به قوة يتحمل الوضوء
لكل صلاة
طاهراً كان أو غير طاهر.
قوله: " فكان لا يدع " أي: لا يترك، وهو من الألفاظ التي
أماتوا
ماضيها.
ص- قال أبو داود: إبراهيم بن سعد رواه/عن ابن إسحاق قال:
عبيد الله بن عبد الله.
ش- إبراهيم بن سعد بن [إبراهيم بن] عبد الرحمن بن عوف
الزهري
القرشي المدني، سكن بغداد، وسمع أباه، والزهري، وهشام بن
عروة، وابن إسحاق، وغيرهم. روى عنه: شعبة، وأحمد، والليث،
وغيرهم. قال أبو حاتم: ثقة. وقال أبو زرعة: لا بأس به.
توفي
ببغداد سنة ثلاث وثمانين ومائة، ودفن في مقابر باب النبي.
روى له
الجماعة (1) .
وعبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو بكر المدني،
أخو
عبد الله وزيد وواقد وحمزة، سمع أباه. وروى عنه: الزهري،
والوليد
ابن كثير، وابن إسحاق. قال أبو زرعة: ثقة. روى له الجماعة
(2) .
قوله: " رواه " أي: روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن محمد
بن
إسحاق قال في حديثه: " عبيد الله " بالتصغير " ابن عبد
الله "، وفي
الرواية الأولى: " عبد الله " بالتكبير " ابن عبد الله ".
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/174) .
(2) المصدر السابق (19/3654) .
(1/152)
20- باب: كيف يستاك؟
أي: هذا باب فيه بيان كيفية الاستياك.
38-ص- نا مسدد وسليمان بن داود العتكي قالا: نا حماد بن
زيد، عن غيلان
ابن جرير، عن أبي بردة، عن أبيه قال: " أتينا رسول الله
نستحملُه، فرأيتُه
يستاكُ على لسانه ". قال أبو داود: قال سليمان: قال: "
دخلتُ على النبي
- عليه السلام- وهو يستاكُ، وقد وضع السواك على طرف لسانه
وهو يقول:
إه إه " (1) يعني: يتهوع. قال مسدد: وكان حديثاً طويلاً
ولكنه اختصره.
ش- سليمان بن داود أبو الربيع الزهراني العتكي، سكن بغداد،
سمع
[من] مالك بن أنس حديثاً واحداً، وسمع حماد بن زيد، وابن
عيينة،
وغيرهم. روى عنه: أحمد، وابنه عبد الله بن أحمد، وإسحاق بن
راهويه، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وغيرهم. مات بالبصرة
سنة
أربع وثلاثين ومائتين (2) .
وحماد بن زيد بن درهم أبو إسماعيل الأزدي الأزرق البصري،
سمع
ثابتاً، وابن سيرين، وعمرو بن دينار، وغيرهم. روى عنه:
الثوري،
وابنُ عيينة، ووكيع، وجماعة آخرون. مات في رمضان سنة تسع
وسبعين ومائة، وهو ابن إحدى وثمانين. روى له الجماعة (3) .
وغيلان بن جرير الأزدي البصري، روى عن: أنس بن مالك،
ومُطرف، وأبي بردة. روى عنه: شعبة، وحماد بن زيد، وأبو
هلال،
وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. روى له الجماعة (4) .
وأبو بردة اسمه: عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري
__________
(1) البخاري: كتاب الوضوء، باب: السواك (244) ، مسلم: كتاب
الطهارة،
باب: السواك (45/254) ، النسائي: كتاب الطهارة، باب: كيف
يستاك
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/2513) .
(3) المصدر السابق (7/1481) . (4) المصدر السابق (23/4700)
.
(1/153)
الكوفي الصحابي، وقيل: اسمه الحارث. روى عن
الزبير بن العوام،
وعوف بن مالك، وسمع أباه، وعليا، وابن عمر، وعائشة. روى
عنه: الشعبي، وعمر بن عبد العزيز، وثابت البناني، وغيرهم.
توفي
بالكوفة سنة ثلاث ومائة. روى له الجماعة (1) .
قوله: " نستحمله ": جملة حالية، والمعنى: أتيناه طالبين أن
يحملنا
عليه حتى ما يركبون عليه.
قوله: " يتهوعّ " تفسير قوله: " إه، إه ". وجاء في حديث
آخر: " كان
إذا تسوك قال: اعْ اعْ، كأنه يتهوعّ " أي: يتقيأ، والهواع:
القيء.
قوله: " وكان حديثاً طويلاً " أي: كان حديث أبي بردة
طويلاً: " ولكنه
اختصر "، وفي نسخة: " ولكن (2) اختصرتُه ". وقد روى
البخاري
ومسلم بإسنادهما إلى أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه قال: "
أتيتُ
رسول الله في رهْط من الأشعريين نستحملُه- فقال: لا والله
ما
أحملكم ... " الحديث، ورواه أحمد أيضاً بالطريقين في "
مسنده " (3) .
***
21- باب: الرجل (4) يستاك بسواك غيره
أي: هذا باب في بيان الرجل الذي يستاك بسواك غيره.
39- ص- نا محمد بن عيسى، نا عنبسة بن عبد الواحد، عن هشام
بن
عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: " كان رسولُ الله يسْتنُ
وعنده رجلان:
أحدُهما أكبرُ من الآخر، فأوحي إليه في فضل السواك أن كبر:
أعط السواك
أكبرهُما " (5) .
__________
(1) المصدر السابق (33/7220) . (2) في الأصل: " ولكنه ".
(3) البخاري: كتاب الأيمان والنذور (6623) ، مسلم: كتاب
الأيمان، باب:
ندب من حلف يميناً، فرأى غيرها خيراً منها أن يأتي الذي هو
خير، ويكفر
عن يمينه (1649/7: 9) ، أحمد (4/398، 401، 418) .
(4) في سنن أبي داود: " باب في الرجل 0.. ".
(5) البخاري تعليقا في كتاب الوضوء، باب: دفع السواك إلى
الأكبر (246) ،=
(1/154)
ش- محمد بن عيسى الطباع.
وعنبسة بن عبد الواحد بن أمية بن عبد الله بن سعيد بن
العاص أبو خالد
الأموي القرشي الكوفي. روى عن: عبد الملك بن عمير، وعوف
الأعرابي، وهشام بن عروة، وغيرهم. روى عنه: إبراهيم بن
موسى
الرازي، والفضل بن مُوفق، وابن الطباع. قال أحمد: لا بأس
به.
وقال ابن معين: ثقة. استشهد به البخاري بحديث واحد. روى له
أبو داود (1) .
قوله: " يستن " من الاستنان، وهو الاستياك، وهو دلك
الأسنان
وحكها بما يجلوها، مأخوذ من السن، وهو إمرار الشيء الذي
فيه
خشونة على شيء آخر، ومنه المسن الذي يُشحذ به الحديد
ونحوه.
وقال ابن الأثير: " الاستنان استعمال السواك، افتعال من
الأسنان،
أي: يُمرُهُ عليها " (2) :
قوله: " وعنده رجلان " جملة حالية.
قوله: " فأوحي إليه " من الإيحاء، والوحي: الرسالة،/ويجيء
بمعنى الإلهام والإشارة.
قوله: " أن كبّر " " أن " هاهنا مفسرة، بمنزلة " أي "،
والمعنى:
فأوحي إليه أي: كبر، من قبيل قوله تعالى: (فأوْحيْنا إليْه
أن اصْنع
الفُلك) (3) ، وقوله: (ونُودوا أن تلكُمُ الجنةُ) (4) ،
ويحتمل أن
__________
ورواه مسلم في: كتاب الرؤيا، باب: رؤيا النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2271) ، وفي كتاب
الزهد (3003) بلفظ: " أراني في المنام أتسوك بسواك، فجذبني
رجلان:
أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل
لي: كبر،
فدفعته إلى الأكبر ".
تنبيه: زيد في سنن أبي داود بين معقوفتين: " قال أحمد- هو
ابن حزم-:
قال لنا أبو سعيد- هو ابن الأعرابي-: هذا مما تفرد به أهل
المدينة ".
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/4537) . (2) انظر:
النهاية (2/411) .
(3) سورة المؤمنون: (27) . (4) سورة الأعراف: (43) .
(1/155)
تكون مصدرية، والمعنى: فأوحي إليه التكبير
ومعنى " كبر ": قدم
السن ووقره. واستفيد من هذا الحديث فوائد: الأولى: " (1)
تقديم حق
الأكابر من جماعة الحضور، وتبديته على من هو أصغر منه، وهو
السُنة
أيضاً في السلام، والتحية، والشراب، والطّيب، ونحو ذلك من
الأمور (2) ، وفي هذا المعنى تقديم ذوي السن بالركوب،
وشبهه من
الإرفاق.
الثانية: أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه، إلا أن السُنة
فيه أن
يغسله، ثم يستعمله " (3) .
الثالثة: أن هذا صريح في فضيلة السواك.
وحديث عائشة هذا أخرجه مسلم بمعناه من حديث ابن عمر
مسنداً،
وأخرجه البخاري تعليقاً.
40- ص- وثنا إبراهيم بن موسى قال: أنا عيسى، عن مسعر، عن
المقدام بن شريح، عن أبيه قال: قلت لعائشة: " بأي شيء كان
يبدأ رسولُ الله
إذا دخل بيتهُ؟ قالت: بالسواك " (4) .
ش- عيسى هو: عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وقد مر
ذكره.
ومسعر هو: ابن كدام بن ظُهيْر (5) بن عُبيد- بضم العين- بن
__________
(1) انظر: معالم السنن (1/27) .
(2) قال المهلب- كما في " الفتح " (1/425) -: " هذا ما لم
يترتب القوم في
الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة حينئذٍ تقديم الأيمن ". قال
الحافظ: " وهو
صحيح ".
(3) إلى هنا انتهى النقل من معالم السنن.
(4) مسلم: كتاب الطهارة، باب: السواك (43/253) ، النسائي:
كتاب الطهارة،
باب: السواك في كل حين (1/13) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة،
باب:
السواك (290) .
(5) في الأصل: " ظهيرة " كذا.
(1/156)
الحارث بن هلال أبو سلمة الهلالي العامري
الكوفي، روى عن عمير بن
سعيد النخعي، وأبي إسحاق السبيعي، وقتادة، والمقدام بن
شريح،
وسماك بن حرب، والأعمش، وغيرهم. روى عنه: الثوري،
وشعبة، ومحمد بن إسحاق بن يسار، ووكيع، وغيرهم. مات سنة
خمس وخمسين ومائة. روى له الجماعة (1) .
والمقدام بن شُريح بن هانئ أبو يزيد الحارثي الكوفي، سمع
أباه،
روى عنه عبد الملك بن أبي سليمان، والأعمش، والثوري،
ومسعر،
وشعبة، وشريك، وابنه يزيد بن المقدام قال ابن حنبل: ثقة.
وقال
أبو حاتم: ثقة صالح الحديث. روى له الجماعة إلا البخاري
(2) .
وأبوه شريح بن هانئ بن كعب الحارثي الكوفي، من أهل اليمن،
أدرك النبي- عليه السلام- ولم يره، وسمع أباه، وعليّ بن
أبي طالب،
وسعد (3) بن أبي وقاص، وعائشة زوج النبي- عليه السلام-،
وأبا هريرة. روى عنه ابناه: محمد والمقدام، والشعبي،
وغيرهم.
وقال ابن معين: ثقة. وقتل بسجسْتان مع عبيد الله بن أبي
بكرة، وعاش
عشرين ومائة سنة. روى له الجماعة إلا البخاري (4) .
قوله: " بأي شيء " " أي " اسم يأتي على ستة أوجه: شرطاً،
نحو:
(أياما تدْعُوا) (5) . وموصولاً، نحو: (أيُّهُمْ اشدُ على
الرحْمن) (6)
والتقدير: الذي هو أشد. وصفة للنكرة، نحو: زيد رجل أي رجل،
أي: كامل في صفات الرجال. وحالاً للمعرفة، كمررت بعبد الله
أي
رجل. ووصلة إلى نداء ما فيه " أل "، نحو: يا أيها الرجل.
واستفهاماً، نحو: (فبأي حديث بعْدهُ يُؤْمنُون) (7) . و "
أي " الذي
في الحديث من هذا القبيل. "
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27/5906) .
(2) المصدر السابق (28/6163) . (3) في الأصل: " سعيد "
خطأ.
(4) المصدر السابق (12/2729) . (5) سورة الإسراء: (110) .
(6) سورة مريم: (69) . (7) سورة المرسلات: (50) .
(1/157)
قوله: " بالسواك " أي: يبدأ بالسواك، أي
باستعماله.
***
22- باب: غسْل السواك
أي: هذا باب في بيان غسل السواك عند دفعه إلى غيره، أو عند
أخذه
من غيره.
41- ص- ثنا محمد بن بشار قال: ثنا محمد بن عبد الله
الأنصاري قال:
ثنا عنبسة بن سعيد الكوفي الحاسب (1) قال: حدثني كثير، عن
عائشة أنها
قالت: " كان نبيُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يسْتاكُ، فيُعْطيني السّواك لأغْسلهُ، فأبدا به فأسْتاكُ
ثم اغْسلُهُ، فأدفعُهُ إليه " (2)
.ً
ش- محمد بن بشار بن عثمان بن داود بن كيسان العبدي البصري،
يكنى أبا بكر بندار، قد ذكر مرة.
ومحمد بن عبد الله الأنصاري هو ابن المثنى بن عبد الله بن
أنس بن
مالك أبو عبد الله الأنصاري البصري، قاضي البصرة. سمع
أباه،
وحميداً (3) الطويل، وسليمان التيمي، ومالك بن دينار، وقرة
بن
خالد، وابن جريج، وغيرهم. روى عنه: قتيبة بن سعيد، وأبو
الوليد
الطيالسي، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى،
ومحمد بن يحيى، والبخاري، والترمذي، وغيرهم. مات بالبصرة
في
رجب سنة خمس عشرة ومائتين. روى له الجماعة (4) .
وعنبسة بن سعيد بن كثير بن عُبيد أبي العنْبس الحاسب
الكوفي، روى
عن جده كثير، وكثير هذا رضيع/عائشة الصديقة، روى عنها. روى
__________
(1) وقع في " سنن أبي داود " ط. الريان: " الحاسد " خطأ،
وانظر مصادر
الترجمة.
(2) تفرد به أبو داود، وانظر: " صحيح أبي داود ".
(3) في الأصل: " حميد ".
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/5372) .
(1/158)
عنه: محمد بن عبد الله الأنصاري، وعبد
الرحمن المهدي، وأبو الوليد
الطيالسي وقال: كان ثقة. وقال ابن معين وأبو حاتم: هو ثقة.
روى
له أبو داود (1) .
وكثير هذا هو: كثير بن عبيد القرشي التيمي أبو سعيد، مولى
أبي بكر
الصديق- رضي الله عنه- رضيع عائشة- رضي الله عنها-. روى عن
زيد بن ثابت، وأبي هريرة، وسمع عائشة، وأختها أسماء. روى
عنه:
ابنه سعيد، وعبد الله بن عون، ومجالد بن سعيد، وابن ابنه
عنبسة،
ومُطرف بن طريف، وعبد الله بن دُكين. روى له أبو داود (2)
.
قوله: " فأبدأ به " أي: بالسواك. وفي بعض النسخ: " فأنْدأ
به " من
الإنداء، من ندي الشيء إذا ابْتُلّ فهو ند، مثال: تعب فهو
تعب،
وأنديتُه أنا وندّيْتُه تنْدية. واستفيد من الحديث جواز
الاستياك بسواك غيره،
ولكنه يغسل قبل أن يسْتاك، فذا فرغ يغسله أيضاً، ويدفعه
إلى صاحبه.
***
23- باب: السواك من الفطرة
الفطرة هي السُّنّة هاهنا.
42- ص- حدثنا يحيى بن معين قال: ثنا وكيع، عن زكرياء بن
أبي زائدة،
عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن ابن الزبير، عن عائشة
- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عشْر من الفطرة: قصُّ
الشارب، وإعفاءُ اللحية، والسواكُ، والاستنشاقُ بالماء،
وقص الأظفار،
وغسلُ البراجم، ونتْفُ الإبط، وحلقُ العانة، وانتقاصُ
الماء " يعني:
الاستنجاء بالماء. قال زكرياء: قال مصعب بن شيبة: ونسيت
العاشرة إلا أن
تكون المضمضة (3) .
__________
(1) المصدر السابق (22/4533) . (2) المصدر السابق
(24/4950) .
(3) مسلم: كتاب الطهارة، باب: خصال الفطرة (56/261) ،
النسائي: كتاب
الزينة، باب: من السنن: الفطرة (8/126) ، ابن ماجه: كتاب
الطهارة،
باب: الفطرة (293)
(1/159)
ش- يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام
بن عبد الرحمن المُري
مُرّة غطفان، مولاهم أبو زكريا البغدادي، إمام أهل الحديث،
والمشار
إليه. سمع ابن المبارك، وابن عيينة، وهشيماً، ووكيعاً،
ويحيى
القطان، وأبا معاوية الضرير، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن
حنبل،
وأبو خيثمة، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ومحمد بن سعد، ومحمد
ابن هارون، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو يعلى، والبخاري،
ومسلم، وأبو داود، والترمذي عن رجل عنه، والنسائي، وابن
ماجه عن
رجل عنه. مات بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وغسل على
أعواد
النبي- عليه السلام- وله سبع وسبعون سنة إلا نحواً من عشر
أيام،
وحُمل على سرير النبي- عليه السلام- (1) .
ومصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن
عبد العزى بن عبد الدار القرشي العبدري المكي. روى عن:
صفية بنت
شيبة، وطلق بن حبيب. روى عنه: عبد الملك بن عمير، وعبد
الله بن
أبي السّفر، وزكرياء بن أبي زائدة، وابن جريج، ومسعر. قال
أحمد
ابن حنبل: روى أحاديث مناكير. وقال ابن معين: ثقة. وقال
أبو حاتم: ليس بقوي. وقال ابن سعد: كان قليل الحديث. روى
له
الجماعة إلا البخاري (2) .
وطلق بن حبيب العنزي- بالنون والزاي- البصري. روى عن:
عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وجابر بن عبد
الله، وجندب
ابن عبد الله. روى عنه: عمرو بن دينار، وسعد بن إبراهيم،
وعبد الله
الدّاناج، ومصعب بن شيبة، وغيرهم. قال أبو حاتم: صدوق في
الحديث، وكان يرى الإرجاء. روى له الجماعة إلا البخاري (3)
.
وابن الزبير هو: عبد الله بن الزبير بن العوام أبو بكر،
ويقال:
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/6926) .
(2) المصدر السابق (28/5985) . (3) المصدر السابق
(13/2988) .
(1/160)
أبو خُبيب الأسدي، روي له عن رسول الله-
عليه السلام- ثلاثة
وثلاثون حديثاً، اتفقا على ستة، وانفرد مسلم بحديثين روى
عنه أخوه
عروة، وعباس بن سهل، وثابت بن أسلم، وعطاء بن أبي رباح،
ووهب بن كيسان، وغيرهم. ولى الخلافة تسع سنين، وقتل بمكة
في
النصف من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين، وهو ابن اثنين
وسبعين
سنة، قتله الحجاج، وصلبه بمكة. روى له الجماعة (1) .
قوله: " عشر من الفطرة " مبتدأ وخبر، وإنما صح وقوع " عشر
" مبتدأ،
لأنه أريد به العدد المعروف، فيكون علماً، فيقع مبتدأ، وقد
علم أن
العدد إذا ذُكر وأريد به المعدود فهو غير علم، وهو منصرف،
كقولك:
" عندي ستة "؛ لأن المراد بهذه الستة هو المعدود لا العدد؛
لأن العدد ليس
شيئاً يكون عندك، وإذا أراد به العدد فيحتمل أن يكون ستة
من الدراهم أو
الدنانير، أو غيرهما، فإذا كان كذلك تكون نكرة، وأما إذا
أريد به العدد
المعروف يكون علماً غير منصرف للعلمية والتأنيث، تقول:
عشرةٌ ضعفُ
خمسة، و " عشر " هاهنا منصرف، لعدم العلتين، ثم إنه يُفسرُ
باسم
جمع، وهو نحو: " خصالٍ "،/والتقدير: عشر خصال من الفطرة
وقد علم أن " عشراً وأخواته " إذا فسر باسم جنس، أو اسم
جمع مؤنث
لا يقال بالتاء، نحو: ثلاث من التمْر وعشر من الإبل،
وكقوله- عليه
السلام-: " ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة " (2) ، وإذا
كان
المعدود مما يذكر ويؤنث: كحال، وعضد، ولسان، يجوز تذكير
عدده
وتأنيثه، فيقال: ثلاثة أحوال، وثلاث أحوال، ويكثر الوجهان
في اسم
جنس تمييز واحده بالتاء كبقر، ونخل، فيقال: ثلاث من البقر،
وثلاثة
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب (2/299) بهامش الإصابة،
وأسد الغابة
(3/241) ، والإصابة (2/308) .
(2) أخرجه بهذا اللفظ النسائي في كتاب الزكاة، باب: زكاة
الورق (5/37) ،
وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب: صدقة الإبل (1799) من حديث
أبي سعيد الخدري.
11. شرح سنن أبي داوود ا
(1/161)
من البقر. وإن كان المفسرُ صفة نابت عن
موصوفها يعتبر في الغالب حاله
لا حالها، فيقال: ثلاثة ربْعات، بالتاء إذا أريد به رجال،
وثلاث
ربْعات، إذا أريد به النساء، قال تعالى: (من جاء بالحسنة
فلهُ عشْرُ
أمْثالها) (1) ، إذ تقديره: عشر حسنات أمثالها. وجاء. عن
بعض
العرب: ثلاثُ دواب، وإن كانت الدابة صفة نابت عن موصوفها
اعتبارا
للفظ الدابة، وإن موصوفها مذكر. و " الفطرة " السُنة كما
قلنا،
وتأويله: إن هذه الخصال من سنن الأنبياء، الذين أُمرْنا أن
نقتدي بهم
لقوله تعالى: (فبهُداهُمُ اقْتدهْ) (2) ، وأول من أُمر بها
إبراهيم- عليه
السلام-، وذلك قوله تعالى: (وإذا ابْتلى إبْراهيم ربهُ
بكلمات) (3) ،
قال ابن عباس- رضي الله عنه-: أمره بعشر خصال، ثم عدّهن،
فلما فعلهن قال: (إني جاعلُك للنّاس إماماً) ليُقْتدى بك،
وقد أخذت
هذه الأمة بمتابعته خصوصاً بقوله تعالى: (ثُم أوْحيْنا
إليْك أن اتبعْ ملة
إبْراهيم) (4) ، ويقال: إنها كانت عليه فرضاً، وهي لنا
سُنة، وقوله:
" من الفطرة " إشارة إلى عدم الانحصار في العشر، لأن " من
" للتبعيض
والسُّنّة كثيرة، ومن جملتها هذه العشر.
قوله: " قص الشارب " أي: أحدها: قص الشارب، فيكون ارتفاعه
على أنه خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يُقرأ بالجر على أن
يكون بدلاً من
" الفطرة "، وكذا الكلام في المعطوفات عليه. والقص من قصصت
الشعر قطعته، ومنه: طير مقصوص الجناح، " (5) ويستحب أن
يبدأ
بالجانب الأيمن، وهو مخير بين القص بنفسه، وبين أن يولي
ذلك غيره،
لحصول المقصود، بخلاف الإبط والعانة، وأما حدُ ما يقصه
فالخيار أن
يقص حتى تبدو أطرافُ الشفة، ولا يحفه من أصله، وأما
روايات:
__________
(1) سورة الأنعام: (160) . (2) سورة الأنعام: (90) .
(3) سورة البقرة: (124) . (4) سورة النحل: (123) .
(5) انظر: شرح صحيح مسلم (3/149- 150) .
(1/162)
" أحفوا الشوارب " (1) فمعناه: أحفوا ما
طال على الشفتين، وذكر
أصحابنا أنه يقطع إلى أن يبقى قدر حاجبه.
قوله: " وإعفاء اللحية " إعفاؤها: إرسالها وتوفيرها؛ لأن
بعض
الأعاجم كان من زيهم قص اللحى، وتوفير الشوارب، فندب- عليه
السلام- أمته إلى مخالفتهم، وأصله من عفى الشيء إذا كثر
وزاد،
يقال: أعفيتُه وعفيتُه، وكذلك عفى الزرعُ، قال تعالى: (حتى
عفوْا) (2) أي: كثروا. وقد ذكر العلماء في اللحية اثني عشر
خصلة
مكروهة، بعضها أشد قبحاً من بعض: أحدها: خضابها بالسواد،
لا
لغرض الجهاد.
الثانية: خضابها بالصفرة تشبهاً بالصالحين، لا لاتباع
السُنة.
الثالثة: تبييضها بالكبريت أو غيره، استعجالاً للشيخوخة،
لأصل
الرياسة والتعظيم..
الرابعة: نتفها أول طلوعها، إيثاراً للمروءة وحسن الصورة.
الخامسة: نتف الشيب.
السادسة: تصفيفها طاقة فوق طاقة تصنعاً، لتستّحسنه النساء
وغيرهن.
السابعة: الزيادة فيها، والنقص منها بالزيادة في شعر
العذارين من
الصدغين، أو أخذ بعض العذار في حلق الرأس، ونتف جانبي
العنْفقة (3)
وغير ذلك.
الثامنة: تسريحها تصنعاً لأجل الناس.
التاسعة: تركها شعثة منتفشة، إظهار للزهادة، وقلة المبالاة
بنفسه.
العاشرة: النظر إلى سوادها أو بياضها إعجاباً وخيلاء، وغرة
بالشباب،
وفخراً بالمشيب، وتطاولاً على الشباب.
__________
(1) مسلم: كتاب الطهارة، باب: خصال الفطرة (259/52) من
حديث ابن عمر.
(2) سورة الأعراف: (95) . (3) شعيرات بين الشفة السفلى
والذقن.
(1/163)
الحادية عشر: عقدها وضفرها.
الثانية عشر: حلقها.
إذا نبتت للمرأة لحية يستحب حلقها " (1) .
قوله: " والسواك " أي: استعمال السواك، ويستحب أن يكون من
شجر مُرّ؛ لأنه يطيب النكهة، ويشد الأسنان، ويقوي المعدة،
ويكون
في غلظ الخنصر، وطول الشبر. وقال بعض/أصحابنا: يستحب أن
يكون من شجر الأراك، فإن لم يجد فمن الأشجار المرة، فإن لم
يجد
فبالإصبع (2) ، ويستاك عرضاً لا طولاً، وقيل: عرضاً وطولاً
(3) ،
وسواء كان مبلولاً أو رطباً صائماً أو غير صائم، قبل
الزوال وبعده،
وعند تغير الفم مستحب بالإجماع، ولا يسن في حق النساء،
لضعف
أسنانهن (4) .
__________
(1) إلى هنا انتهى النقل من " شرح صحيح مسلم ".
(2) قال البيهقي في " سننه الكبرى " (1/40) : " ورد في
الاستياك بالإصبع
حديث ضعيف "، ثم روى من طريق عيسى بن شعيب، عن عبد الحكم
القسملي، عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تجزئ من السواك الأصابع "
وعيسى صدوق له أوهام، وعبد الحكم ضعيف كما في التقريب، وله
ألفاظ
أُخر عند البيهقي لا تخلو من مقال، والحديث ضعفه المناوي
في فيض القدير
(3/180) ، وابن عدي في " الكامل " ترجمة عبد الحكم بن عبد
الله
القسملي، وبهذا لا تثبت سنية التسوك بالأصابع، خاصة لما قد
يعلق بها من
بعض الأتربة، فتسبب كثيراً من الأمراض، والله أعلم.
(3) جاء فيه أحاديث كثيرة، منها ما أخرجه البيهقي (1/40)
من حديث عطاء بن
أبي رباح قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " إذا شربتم فاشربوا مصا، وإذا استكتم فاستاكوا
عرضاً "، ومنها ما رواه ابن حبان في " المجروحين " (1/199)
،
والطبراني في " الكبير "، والبيهقي في " سننه " (1/40) من
حديث بهز:
" كان يستاك عرضاً ... "، وكلها أحاديث ضعيفة، وانظرها في
" الضعيفة "
للشيخ الألباني (940، 941، 942) .
(4) بل هو سُنة للرجال والنساء على السواء، لقوله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رواه البخاري ومسلم=
(1/164)
قوله: " والاستنشاق " وهو تبليغ الماء إلى
خياشيمه، وهو من
استنشاق الريح إذا شمها مع قوة. وقال أصحابنا: الاستنشاق
تحريك الماء
في الأنف، واحتج به أبو حنيفة وأصحابه- رحمهم الله- وبقوله
في آخر
الحديث: " إلا أن تكون المضمضة " على كون الاستنشاق
والمضمضة سُنة
في الوضوء، وهو حجة على مالك وأحمد حيث أوجباهما فيه.
قوله: " وقص الأظفار " وإطلاق الحديث يقتضي القص مطلقاً،
ويروى
عن علي- رضي الله عنه- أنه يبتدئ بخنصر اليمنى، ثم
بوسطاها، ثم
بإبهامها، ثم ببنصرها، ثم بمسبحتها، ثم بمسبحة الشمال، ثم
ببنصرها،
ثم بوسطاها، ثم بإبهامها، ثم بخنصرها. وقد جمع ذلك بعض
الأفاضل بحروف " خوابس " (1) ، ففي اليمنى تعد من " الخاء
"، وفي
الشمال من " السين " بالعكس، ولا يؤقت، فمتى استحق القص
فعل.
قوله: " وغسل البراجم " البراجم- بفتح الباء وبالجيم-: جمع
بُرْجمة
- بضم الباء وبالجيم-، وهي عقد الأصابع ومفاصلها كلها.
وقال
الخطابي: " أصل البراجم العقد التي تكون في ظهور الأصابع
والرواجب
ما بين البراجم، وغسل البراجم تنظيف المواضع التي يجتمع
فيها
الوسخ " (2) .
ويلحق بذلك ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن، وقعر
الصماخ،
فتزيله بالمسح، لأنه ربما أضرت كثرتُه بالسمع، وكذلك ما
يجتمع في
داخل الأنف، وكذلك جميع الوسخ المجتمع على أي موضع كان من
البدن بالعرق والغبار ونحوهما.
قوله: " ونتف الإبط " " (1) والأفضل فيه النتف لمن قوي
عليه،
__________
= من حديث أبي هريرة مرفوعا: " لولا أن أشق على أمتي
لأمرتهم بالسواك عند
كل صلاة "، ولم يستثن النساء، وكذلك لحديث الباب.
(1) ظاهره: أن تكون الإبهام قبل الوسطى في الشمال، وهذا لا
يتفق وكلام
المصنف، والله أعلم.
(2) انظر: معالم السنن (1/28) . (2) انظر: شرح صحيح مسلم
(149) .
(1/165)
ويحصل أيضاً بالحلق والنورة. وحكي عن يونس
بن عبد الأعلى قال:
دخلت على الشافعي وعنده المزين يحلق إبطه، فقال الشافعي:
علمت أن
السُّنّة النتف، ولكني لا أقوى على الوجع. ويستحب أن يبدأ
بالإبط
اليمنى ".
قوله: " وحلق العانة " (1) " والمراد بالعانة: الشعر فوق
ذكر الرجل
وحواليه، وكذلك الشعر الذي حوالي فرج المرأة. ونقل عن أبي
العباس
ابن سريح: إنه الشعر النابت حول حلقة الدبر، فيجعل من
مجموع هذا
استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما، والأفضل
فيه
الحلق، ويجوز بالقص والنتف والنورة، ولا يؤقت، بل يرصد
بالحاجة،
فإذا طال حلق، وكذلك الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار،
وتأويل حديث أنس- رضي الله عنه-: " وُقّت لنا في قص الشارب
وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من
أربعين ليلة " (2)
فمعناه: لا يترك تركاً يتجاوز به أربعين، لا أنه وقت لهم
الترك أربعين.
قوله: " وانتقاص الماء " بالقاف والصاد المهملة، وقد فسره
وكيع بأنه
الاستنجاء. وقال أبو عبيد وغيره: معناه: انتقاص البول بسبب
استعمال
الماء في غسل مذاكيره. وقيل: هو الانتضاح. وجاء في رواية:
" الانتضاح " بدل " انتقاص الماء ". وقال الجمهور:
الانتضاح: نضح
الفرج بماء قليل بعد الوضوء، لينفي عنه الوسواس. وذكر ابن
الأثير أنه
روي " انتفاص الماء " بالفاء والصاد المهملة، وقال في "
فصل الفاء ":
قيل: الصواب أنه بالفاء، قال: والمراد نضحه على الذكر، من
قولهم:
لنضح الدم القليل نفصة، وجمعها: نُفُصٌ.
وقال الشيخ محيي الدين في " شرح مسلم ": " وهذا الذي نقله
شاذ،
والصواب الأول " (3) .
__________
(1) انظر: شرح صحيح مسلم (150- 151) .
(2) مسلم: كتاب الطهارة، باب: خصال الفطرة (1/258) .
(3) إلى هنا انتهى النقل من شرح صحيح مسلم.
(1/166)
قوله: " ونسيت العاشرة " أي الخصلة
العاشرة.
قوله: " إلا أن تكون المضمضة " استثناء من قوله: " نسيت "،
ويجوز
أن تكون " إلا " زائدة، وتكون " أن تكون المضمضة " بدلاً
من " العاشرة "
ويكون المعنى: ونسيت كون العاشرة مضمضة، فيكون نبه به على
أن
الخصلة العاشرة من العشرة هي المضمضة مع نسيانه إياها.
والمضمضة:
تحريك الماء في الفم. وحديث عائشة هذا أخرجه مسلم والترمذي
والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
43- ص- حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب قالا: نا
حماد،
عن عليّ بن زيد، عن سلمة بن محمد، عر، عمار بن ياسر. قال
موسى:
عن أبيه. وقال داود: عن عمار بن ياسر: أن رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن من
الفطرة المضمضةُ والاستنشاقُ "، فذكر نحوه، ولم يذكر "
إعفاء اللحية "،
وزادوا " الختان " وقال: " والانتضاح "، ولم يذكر " انتقاص
الماء " (1)
يعني: الاستنجاء. قال أبو داود: وروي نحوه عن ابن عباس
قال: " خمس
كلها في الرأس " ذكر/فيها " الفرق "، ولم يذكر قيها "
إعفاء اللحية ".
قال أبو داود: وروي نحو حديث حماد، عن طلق بن حبيب ومجاهد.
وعن بكر بن عبد الله المزني قولهم: لم يذكر " إعفاء اللحية
". وفي حدي
محمد بن عبد الله بن أبي مريم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة
عن النبي
- عليه السلام- فيه: " وإعفاء اللحية ". وعن إبراهيم
النخعي نحوه وذكر
" إعفاء اللحية والختان ".
ش- موسى بن إسماعيل المنقري البصري قد ذكر غير مرة.
وداود بن شبيب البصري: أبو سليمان الباهلي. روى عن: حماد
بن
سلمة، وهمام بن يحيى، وأبي هلال الراسبي، وإبراهيم بن
عثمان،
وحبيب بن أبى حبيب الجرمي. روى عنه: محمد بن أيوب، وعبد
القد [و] س
ابن بكر (2) ، والبخاري، وأبو داود، وروى ابن ماجة عن
__________
(1) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: الفطرة (294) .
(2) كذا، وفي ترجمته: " عبد القدوس بن محمد الحبحابي ".
(1/167)
رجل عنه. قال أبو حاتم: صدوق. مات سنة
ثنتين وعشرين
ومائتين (1) .
وحماد هو: ابن سلمة بن دينار أبو سلمة الربعي، سمع زيد بن
أسلم، وثابتاً، وأنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، وقتادة،
وغيرهم.
روى عنه: الثوري، وشعبة، وابن المبارك، ويحيى بن سعيد،
وأبو الوليد الطيالسي، وغيرهم. مات سنة سبع وستين ومائة.
روى له
الجماعة إلا البخاري (2) .
وعليّ بن زيد بن جُدْعان بن عمرو بن زهير القرشي التيمي
أبو الحسن
البصري الأعمى، ويقال المكي، نزل البصرة، سمع أنس بن مالك،
وأبا عثمان النهدي، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير،
وغيرهم.
روى عنه: قتادة، والثوري، وابن عيينة، وشعبة، والحمادان،
وشريك
النخعي، وغيرهم. روى له مسلم مقروناً بثابت البناني، وأبو
داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (3) .
وسلمة بن محمد بن عمار بن ياسر المديني العنسي. روى عن
عمار
ابن ياسر. روى عنه علي بن زيد. قال البخاري: لا يعرف له
سماع.
روى حديثه موسى بن إسماعيل، وداود بن شبيب، عن حماد، عن
عليّ بن زيد عنه، وقال موسى: عن أبيه. روى له أبو داود،
وابن
ماجه (4) .
وعمار بن ياسر بن مالك بن الحصن بن قيس بن ثعلبة أبو
اليقظان،
شهد بدراً والمشاهد كلها. روي له عن رسول الله- عليه
السلام- اثنان
وستون حديثاً، اتفقا منها على حديثين، وانفرد البخاري
بثلاثة، ومسلم
بحديث واحد. روى عنه: عليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن
عباس،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8/1763) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7/1482) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (20/4070) .
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/2469) .
(1/168)
وأبو موسى الأشعري، وجماعة آخرون من
الصحابة. قتل بصفين سنة
سبع وثلاثين، وهو ابن أربع وتسعين سنة. روى له الجماعة (1)
.
وطلق ومجاهد ذكرا مرة.
وبكر بن عبد الله بن عمرو بن هلال المزني أبو عبد الله
المصري، أخو
علقمة بن عبد الله، سمع عبد الله بن عمر، وأنس بن مالك،
وعروة بن
المغيرة بن شعبة، وغيرهم. روى عنه: قتادة، وحميد الطويل،
وحبيب
ابن الشهيد، وأبو الأشهب، ومخالب القطان. وقال ابن معين:
ثقة.
مات سنة ثمان ومائة. روى له الجماعة (2) .
ومحمد بن عبد الله بن أبي مريم، مولى بني سليم، وقال
البخاري:
مولى خزاعة. روى عن سعيد بن المسيب. روى عنه: مالك، ويحيى
ابن سعيد القطان، وصفوان بن عيسى.
قوله: " عن سلمة بن محمد، عن عمار بن ياسر "، وفي رواية: "
عن
سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر ".
قوله: " قال موسى " أي: موسى بن إسماعيل المذكور " عن أبيه
" أي:
عن أبي سلمة، يعني: روى سلمة عن أبيه. وقال البخاري: لا
يعرف
له سماع من عمار، كما ذكرنا.
قوله: " وقال داود: عن عمار بن ياسر " أي: قال داود بن
شبيب
المذكور: عن سلمة، عن عمار بن ياسر.
وقال أبو داود المؤلف: وحديث سلمة بن محمد عن أبيه مرسل؛
لأن
أباه ليست له صحبة، وحديثه عن جده عمار. وقال ابن معين
أيضاًً:
مرسل. وقال غيره: إنه لم ير جده.
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب (2/476) بهامش الإصابة،
وأسد الغابة
(4/129) ، والإصابة (2/512) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/747) .
(1/169)
قوله: " فذكر نحوه " أي: نحو الحديث الذي
روته عائشة، ولكنه لم
يذكر " إعفاء اللحية "، ولكنه زاد: " الختان "، وقال: "
والانتضاح ":
ولم يذكر " انتقاص الماء ". وأخرجه ابن ماجه أيضاً، ورواه
أحمد بن
حنبل في " مسنده " وقال: ثنا عفان قال: ثنا حماد قال: ثنا
علي بن
زيد، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن عمار بن ياسر:
أن
رسول الله قال: " إن من الفطرة- أو الفطرةُ- المضمضةُ،
والاستنشاقُ،
وقص الشارب، والسواكُ، وتقليمُ الأظفار، وغسلُ البراجم،
ونتفُ
الإبْط، والاستحدادُ، والختانُ، والانتضاحُ " (1) .
التقليم تفعيل من القلم، وهو القطع، والاستحداد: استعمال
الحديدة،
وهي الموسى، والمراد منها: حلق العانة،/والختان، وفي
رواية:
" والاختتان "، وهو واجب عندنا وعند الشافعية والحنابلة،
وقال مالك:
سُنة، وعند الشافعي: واجب على الرجال والنساء، والواجب أن
يقطع
جميع الجلدة التي تغطي الحشفة، حتى ينكشف جميع الحشفة.
ووقته
وقت البلوغ، وقيل: بتسع ستين، وقيل بعشر، وقيل: متي كان
يطيق
ألم الختان ختن، وإلا يؤخر إلى وقت الطاقة، وعند الشافعي
أنه في حال
الصغر جائز، وفي وجه أنه يحب على الولي أن يختن الصغير قبل
بلوغه، وفي وجه يحرم ختانه قبل عشر ستين، وفي وجه يستحب أن
يختن
يوم السابع من ولادته، وإذا ولد مختوناً لا يختن إلا إذا
كان شيء يواري
بعض الحشفة، والشيخ الكبير إذا أسلم ولم يُطق ألم الختان
يترك، وكذا
إذا مات بلا ختان، وعن الشافعية ثلاث وجوه: الصحيح أنه لا
يختن
صغيراً كان أو كبيراً. والثاني: أنه يختن إذا كان صغيراً.
والثالث:
بالعكس.
وقال الشيخ محيي الدين: " ومن له ذكران، فإن كانا عاملين
وجب
ختانهما، وإن كان أحدهما عاملاً دون الآخر يختن العامل،
ومما يعتبر
العمل به وجهان: أحدهما بالبول، والآخر بالجماع " (2) .
__________
(1) مسند أحمد (4/264) . (2) انظر: شرح صحيح مسلم (3/148)
.
(1/170)
قوله: " والانتضاح " وهو رش الماء على
الفرج بعد الوضوء، لينفي عنه
الوسواس، وقيل: هو الاستنجاء بالماء.
قوله: " وروي نحوه عن ابن عباس " أي: رُوي نحو حديث عمار
بن
ياسر، عن عبد الله بن عباس أيضاً.
قوله: " قال: خمس كلها في الرأس " أي: قال ابن عباس: خمس
خصال كلها في الرأس، ذكر منها- أي من الخمس- " الفرْق "
ولم
يذكر فيها " إعفاء اللحية "، فالخمسة التي رويت عن ابن
عباس في الرأس
هي: " المضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، والسواك، والفرْق
"
وهو من فرق إذا جعل شعره فرقتين، وذكر في " المطالع ":
وكانوا
يفرقون- بالتخفيف- أشهر، وقد شددّا بعضهم، والمصدر الفرْق
بالسكون، وقد انفرق شعره: انقسم في مفرقه، وهو وسط رأسه،
وأصله الفرق بين الشيئين، والمفرق مكان فرق الشعر من
الجبين إلى دائرة
وسط الرأس، يقال بفتح الراء والميم وكسرهما، وكذلك مفرق
الطريق.
وقال الشيخ زكي الدين: وقيل: إنه من سُنة إبراهيم وملته-
عليه
السلام- وهو أن يقسم شعر ناصيته يميناً وشمالاً، فتظهر
جبهته وجبينه من
الناحيتين، وهو أوْلى من السدْل؛ لأنه آخر ما كان عليه
رسول الله،
والفرق لا يكون إلا مع كثرة الشعر، والسّدْل ترك الشعر
مُنسدلاً سائلاً
على هيئته.
***
24- باب: السواك لمن قام من
الليل
أي: هذا باب في بيان استعمال السواك لمن قام من الليل.
يجوز أن تكون " منْ " هاهنا بمعنى " في "، كقوله تعالى:
(إذا
نُودي للصلاة من يوْم الجُمُعة) (1) أي: في يوم الجمعة.
__________
(1) سورة الجمعة (9) .
(1/171)
44- ص- حثثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا
سفيان، عن منصور،
وحصين، عن أبي وائل، عن حذيفة: " أن رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قام من
الليل يُشُوصُ فاه بالسواك " (1) .
ش- محمد بن كثير أبو عبد الله العبدي البصري، أخو سليمان،
وسليمان أكبر منه بخمسين سنة. سمع سفيان الثوري، وسعيدا
(2) ،
وإسرائيل بن يونس، وأخاه سليمان. روى عنه: علي بن المديني،
ومحمد بن يحيى الذهلي، ويعقوب بن شيبة، وأبو حاتم الرازي،
والبخاري، وأبو داود، وأبو زرعة، وروى الترمذي عن الدرامي
عنه
والنسائي عن رجل عنه. وقال ابن معين: لا تكتبوا عنه، لم
يكن
بالثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين
(3) .
وسفيان هو الثوري، ومنصور هو ابن المعتمر، وقد ذكرا.
وحصين هو: ابن عبد الرحمن أبو الهذيل السلمي الكوفي، سمع
جابر بن سمرة، وعياض بن سمرة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى،
وأبا صالح، وأبا عطية، وأبا وائل، وغيرهم. روى عنه:
الأعمش،
والثوري، وشعبة، وأبو عوانة، وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة
ثقة.
وقال أبو حاتم: ثقة، وفي آخر عمره ساء حفظه، صدوق. مات سنة
ست وثلاثين ومائة. روى له الجماعة (4) .
وأبو وائل هو شقيق بن سلمة، وحذيفة بن اليمان، وقد ذكرا.
قوله: " يشوص فاه " من الشوص وهو الغسل، وقيل: الحكّ،
وقيل:
__________
(1) البخاري: كتاب الوضوء، باب: السواك (245) ، مسلم: كتاب
الطهارة،
باب: السواك (46/255) ، النسائي: كتاب الطهارة، باب:
السواك إذا قام
من الليل (1/8) ، وفي كتاب قيام الليل، باب: ما يفعل إذا
قام من الليل
من السواك (3/112) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: السواك
(286) .
(2) في الأصل: " سعيد ".
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5571) .
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6/1358) .
(1/172)
الدلك، وقيل: التنقية وقال وكيع: الشوص
بالطول، والسواك
بالعرض. وقال غيره: وعرض الفم إلى الأضراس. وقال غيره:
يشوص/: يستاك عرضاً. وقيل: شاص يشوص وماصه يمُوصه بمعنى
واحد، وهو الغسل. وقال ابن دريد: الشوص: الاستياك من سُفلٍ
إلى
علو، ومنه سمي هذا الداء شوْصة؛ لأنه ريح يرفع القلب عن
موضعه.
والشوص وجع الضرس أيضاً، وفي الحديث: " من سبق العاطس
بالحمد
أمن من الشوص واللّوص والعلّوْص ".
ويقال: الشوص: وجع في البطن من ريح تنعقد تحت الأضلاع.
وأخرج هذا الحديث البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه.
45- ص- حدّثنا موسى بن إسماعيل قال: نا حماد قال: أخبرنا
بهز بن
حكيم، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة- رضي
الله
عنها-: " أن النبيّ- عليه السلام- كان يُوضعُ له وضوؤُه
وسواكُهُ، فإذا قام
من الليل تخلّى، ثم اسْتاك " (1) .
ش- بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري أبو عبد الملك
البصري.
روى عن أبيه، عن جده، وعن زرارة بن أوفى. روى عنه: عبد
الله بن
عون، وحماد بن سلمة، ويحيى بن سعيد القطان، وغيرهم. قال
ابن معين: ثقة وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. روى
له:
أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (2) .
وزرارة بن أوفى العامري الحرشي أبو حاجب البصري. سمع عبد
الله
ابن عباس، وأبا هريرة، وعمران بن حصين، وأنس بن مالك. روى
عنه: أيوب السختياني، وقتادة، وبهز بن حكيم. وقال محمد بن
سعد: كان ثقة وله أحاديث. مات وهو ساجد، روى له الجماعة
(3) .
وسعد بن هشام بن عامر الأنصاري، ابن عم أنس بن مالك
المدني.
__________
(1) تفرد به أبو داود. (2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال
(4/775) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/1977) .
(1/173)
روى عن أنس بن مالك، وعائشة، وأبي هريرة.
روى عنه زرارة بن
أوفى، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، والحسن البصري. ذكر
البخاري أنه قتل في أرض مكْران على أحسن حاله، روى له
الجماعة إلا
البخاري (1) .
قوله: " وضوؤه " الوضوء- بفتح الواو-: الماء الذي يتوضأ
به،
كالفطور والسّحور، لما يُفطر عليه، ويتسحر به. وبالضم:
التوضؤ
والفعل نفسه، وقد أثبت سيبويه الوضُوء والطّهور والوقُود
بالفتح في
المصادر، فهي تقع على الاسم والمصدر، وأصل الكلمة من
الوضاءة،
وهي: الحسن.
قوله: " تخلى " من الخلاء، وهو من قضاء الحاجة، ومنه يتخلى
بطريق المسلمين، تقول: تخلّى يتخلى تخلياً، والتخلي:
التفرغ إلى
أمر، ومنه تخلى للعبادة.
46- ص- حدثنا ابن كثير قال: أخبرنا همام، عن علي بن زيد،
عن
أم محمد، عن عائشة- رضي الله عنها-: " أن النبي- عليه
السلام- كان
لا يرْقُدُ من ليل ولا نهار فيستيقظُ إلا تسوك قبل أنْ
يتوضأ " (2) .
ش- ابن كثير هو: محمد بن كثير، وقد ذكرناه، وهمام هو: ابن
يحيى بن دينار، وقد ذكر مرة، وعلي بن زيد بن جُدعان فيه
مقال، لا
يحتج به، وقد ذكرناه.
وأم محمد هي امرأة زيد بن عبد الله بن جُدعان (3) ، روت عن
عائشة
- رضي الله عنها-، روى عنها علي بن زيد المذكور، وروى لها
أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (4) .
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (10/2228) .
(2) تفرد به أبو داود.
(3) في الأصل: " علي بن زيد بن جُدعان " خطأ، وانظر ترجمته
وترجمة عائشة
من تهذيب الكمال، والصواب أنها امرأة أبيه زيد.
(4) انظر ترجمتها في: تهذيب الكمال (35/7792، 8010) .
(1/174)
قوله: " لا يرقد " نفي، وكلمة " من " يجوز
أن تكون بمعنى " في "
كما ذكرنا، وقوله: " فيستيقظ " بالرفع عطف على قوله: " لا
يرقد "،
والمعنى: لا يوجد منه رقدة في ليل أو نهار واستيقاظ، إلا
وقد يوجد منه
التسوك قبل أن يتوضأ، وبهذا وأمثاله احتج داود (1) الظاهري
أن السواك
واجب، وحكى عن إسحاق بن راهويه أنه واجب، إن تركه عمداً
بطلت
صلاته، وهذا خلاف الإجماع.
47- ص- حدّثنا محمد بن عيسى قال: نا هشيم قال: أخبرنا
حصين،
عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس،
عن أبيه،
عن جده عبد الله بن عباس قال: " بتّ ليلة عند النبي- عليه
السلام- فلما
استيقظ من منامه أتى طهوره، فأخذ سواكه فاستاك، ثم تلا هذه
الآيات:
(إن في خلق السموات والأرْض واخْتلاف الليْل والنّهار
لآيات لأولي
الألباب ... ) (2) حتى قارب أن يختم السورة أو ختمها، ثم
توضأ، فأتى
مصلاه، فصلى ركعتين، ثم رجع إلى فراشه فنام ما شاء الله،
ثم استيقظ،
ففعل مثل ذلك، ثم رجع إلى فراشه فنام، ثم استيقظ ففعل مثل
ذلك، كل
ذلك يستاك ويصلي ركعتين، ثم أوتر " (3) .
/ش- محمد بن عيسى بن الطباع وقد ذكرناه.
__________
(1) في الأصل: " أبو داود " خطأ. (2) سورة آل عمران: (190)
.
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: في صلاة الليل
(1323، 1324) ،
وفي باب: في صلاة الليل (1334، 1336) ، وفي كتاب الأدب،
باب:
في النوم على طهارة (5043) ، والبخاري في كتاب العلم، باب:
السمر في
العلم (117) ، ومسلم في كتاب الطهارة، باب: غسل الوجه
واليدين إذا
استيقظ من النوم (20/304) ، وفي كتاب صلاة المسافرين، باب:
الدعاء
في صلاة الليل وقيامه (763) ، والترمذي في كتاب الصلاة،
باب: ما جاء
في الرجل يصلي ومعه رجل (232) ، والنسائي في كتاب الطهارة،
باب:
الدعاء في السجود (2/218) ، وفي كتاب قيام الليل، باب: ذكر
الاختلاف
على حبيب بن أبي ثابت (3/236- 237) ، وابن ماجه في كتاب
الطهارة،
باب: وضوء النوم (508) .
(1/175)
وهشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي
أبو معاوية الواسطي،
سمع عبد الله بن عون، وعمرو بن دينار، والزهري، وحصين بن
عبد الرحمن، ومنصور بن زاذان، والأعمش، وغيرهم روى عنه:
مالك بن أنس، والثوري، وشعبة، وابن المبارك، ومحمد بن عيسى
بن
الطباع، وهو أعلمهم به، وغيرهم. وقال أحمد بن عبد الله:
ثقة وكان
يدلس. وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث، ثبت، يدلس كثيراً،
فما
قال في حديثه: " أنا " فهو حجة، وما لم يقل فيه: " أنا "
فليس
بشيء. توفي ببغداد في شعبان، سنة ثلاث وثمانين ومائة، وهو
ابن تسع
وسبعين سنة. روى له الجماعة (1) .
وحصن بن عبد الرحمن قد ذكر.
وحبيب بن أبي ثابت هو: حبيب بن قيس بن دينار أبو يحيى
الأسدي
مولاهم الكوفي، مولى بني أسد بن عبد العزيز، سمع عبد الله
بن
عمر، وعبد الله بن عباس، ومحمد بن علي بن عبد الله بن
عباس،
وطاوسا (2) ، وعطاء بن يسار وغيرهم. روى عنه: عطاء بن أبي
رباح،
والأعمش، والثوري، وشعبة، وحصين بن عبد الرحمن، وغيرهم.
وقال أحصد بن عبد الله: تابعي ثقة. وقال ابن معين وأبو
حاتم: ثقة.
مات سنة اثنتين وعشرين ومائة. روى له الجماعة (3) .
ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أبو عبد
الله
القرشي الهاشمي المدني، ولد بالحُميمة من أرض الشراة، في
ناحية
البلقاء، هو أبو الخلائف، وهو والد أمير المؤمنين: عبد
الله بن محمد
السفاح. روى عن أبيه، وعمر بن عبد العزيز، وابن الحنفية
روى
عنه: الحسن البصري، وهشام بن عروة، وعبد الله بن سليمان
النوفلي،
وغيرهم. توفي في الشراة في خلافة الوليد بن يزيد بن عبد
الملك، سنة
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/6595) . (2) في
الأصل: " وطاوس ".
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (5/1079) .
(1/176)
خمس وعشرين ومائة، وهو يومئذ ابن ستين سنة.
روى له مسلم،
وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (1) .
وعليّ بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي
أبو محمد،
ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو الفضل المدني. روى عن:
أبيه،
وسمع أبا سعيد الخدري، وغيرهما. روى عنه: ابنه محمد بن
عليّ،
والزهري، ومنصور بن المعتمر، وأبان بن صالح، وغيرهم. ولد
ليلة
قتل علي بن أبي طالب في شهر رمضان سنة أربعين، فسُمي
باسمه،
وكان ثقة قليل الحديث، توفي بالشام سنة سبع عشرة ومائة.
روى له
الجماعة (2) .
قوله: " أتى طهوره " بفتح الطاء، وقد مر غير مرة.
قوله: " فأتى مُصلاه " بضم اليم: الموضع الذي كان يصلي
فيه.
قوله: " ثم أوتر " أي: ثم صلى الوتر. ويستفاد من هذا
الحديث فوائد:
الأولى: استحباب تهيئة الطّهور في كل وقت، والتأهب بأسباب
العبادة
قبل وقتها، والاعتناء بها.
الثانية: استحباب السواك عند القيام من النوم.
والثالثة: استحباب قراءة هذه الآيات: (إنّ في خلق السموات
والأرْض ... ) إلى آخر السورة عقيب القيام من النوم.
والرابعة: فيه جواز قراءة القرآن للمحدث، وعليه الإجماع.
والخامسة: استحباب تأخير الوتر.
وأخرج مسلم في " صحيحه " هذا الحديث مطولاً، والنسائي
مختصراً،
وأخرجه أبو داود أيضاً في " كتاب الصلاة " من رواية كريب
عن ابن عباس
بنحوه أتم منه. ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري ومسلم
والترمذي
والنسائي وابن ماجه مطولا ومختصراً.
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5485) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (21/4097) .
12. شرح سنن أبي داوود
(1/177)
ص- قال أبو داود: روى (1) ابن فضيل، عن
حصين قال: " وتسوك (2) ،
وتوضأ، وهو يقول: (إن في خلق السموات والأرْض) حتى ختم
السورة.
ش- ابن فضيل هو: محمد بن فضيل بن غزوان بن جرير الضبي
أبو عبد الرحمن مولاهم الكوفي، سمع الأعمش، وحصين بن
عبد الرحمن، وعُمارة بن القعقاع، ومالك بن مغْول، وجماعة
آخرين
كثيرة روى عنه: الثوري، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي
شيبة،
وإسحاق بن راهويه، وغيرهم. قال أبو زرعة: هو صدوق من أهل
العلم. توفي سنة أربع وتسعين ومائة. روى له الجماعة (3) .
قوله: " وهو يقول ": جملة اسمية وقعت حالاً من الضمير الذي
في
" توضأ "، وهذه الرواية تدل على أنه- عليه السلام- قرأ هذه
الآيات
والحال أنه يتوضأ.
***
25- باب: فرض الوضوء
أي: هذا باب في بيان فرضية الوضوء. ولما فرغ عن أبواب
الاستنجاء
وأبواب السواك، شرع في بيان أبواب الوضوء، والمناسبة بين
أبواب
الوضوء والأبواب التي قبلها ظاهرة، والوُضوء- بضم/الواو-:
اسم
للفعل من وضُؤ- من باب حسُن- وضاءةً، والوضاءة: الحسن
والنظافة،
وسمي وضوء الصلاة وضوء؛ لأنه ينظف المتوضئ ويحسنه. وفي
الشرع:
الوُضوء: غسلٌ ومسح في أعضاء مخصوصة، فالغسل هو الإسالة،
والمسح هو الإصابة.
48- ص- حدّثنا مسلم بن إبراهيم قال: نا شعبة، عن قتادة، عن
__________
(1) في سنن أبي داود: " رواه " (2) في سن أبي داود: "
فتسوك "
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5548) .
(1/178)
أبي المليح، عن أبيه، عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقبلُ اللهُ- عزّ
وجل صدقةً من
غُلولٍ، ولا صلاةً بغير طُهُورٍ " (1) .
ش- مسلم بن إبراهيم البصري القصاب، قد مر ذكره، وكذلك ذكر
شعبة وقتادة.
وأبو المليح- بفتح الميم وكسر اللام- اسمه: عامر بن أسامة
بن
عمير: وقيل: عمير، وقيل: زيد بن عامر بن عمير بن حُنيف بن
ناجية
أبو المليح الهذلي. روى عن أبيه، وبريدة بن الحصيب، وعبد
الله بن
عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله، ومعاوية بن أبي سفيان،
وأنس،
وواثلة بن الأسقع، وغيرهم. روى عنه: أبو قلابة، وأيوب
السختياني،
وقتادة، وغيرهم. وقال أبو زرعة: بصري ثقة. توفي سنة اثنتي
عشرة
ومائة. روى له الجماعة (2) .
وأسامة بن عمير بن عامر بن الأشتر الهذلي البصري، والد أبي
المليح
المذكور. روى عنه ابنه أبو المليح، ولم يرو عنه غيره. روى
له:
أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (3) .
قوله: " من غُلُول " الغُلُول- بضم الغين- الخيانة في
المغنم والسرقة،
من الغنيمة قبل القسمة، يقال: غل في المغنم يغلُّ- من باب
ضرب
يضرب- غلولاً فهو غال، وكل من خان في شيء خفية فقد غل،
وسميت غلولاً؛ لأن الأيدي فيها مغلولة، أي: ممنوعة، مجْعول
فيها
غُل، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه، ويقال
لها: جامعة
أيضاً، والحاصل في ذلك أن كل مالٍ يأخذه الرجل من غير حل،
ثم
يتصدق به، لم يقبل عنه، وكذلك إن نوى التصدق عن صاحبه، ولم
__________
(1) النسائي: كتاب الطهارة، باب: فرض الوضوء (1/87) ، ابن
ماجه: كتاب
الطهارة، باب: لا يقبل الله صلاة بغير طهور (271) . وأخرجه
مسلم
(224) ، والترمذي (1) ، وابن ماجه (272) من حديث ابن عمر.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (34/7648) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/319) .
(1/179)
تسقط عنه تبعته أبداً، اللهم إلا إذا رضي
صاحبه، وجعله في حل من
ذلك، ويدخل فيه صدقة المرأة من مال زوجها بغير رضاه، وصدقة
العبد
من مال سيده، وصدقة الوكيل من مال موكله، والمضارب من مال
رب
المال، والشريك من مال شريكه، ونحو ذلك، ويدخل فيه الوصيُّ
الذي
أوصى إليه رجل بأن يتصدق ببعض (1) ماله، فأنفقه على نفسه،
أو
أخرجه في غير مصرفه، ونُظار الأوقاف الذين يتناولون من
ريعها من غير
استحقاق، ثم يتصدقون بها، أو يصرفون ريعها في غير ما عينه
أصحاب
الوقف، وإذا كان عند رجل مال من حرام، فمات صاحبه يرده على
ورثته، فإن لم يكن له ورثة يتصدق عنه، ويرجى له الخلاص يوم
القيامة، وكذا إذا لم يدْر صاحبه.
قوله: " ولا صلاة " أي: ولا يقبل الله صلاة " بغير طُهور
".
وقوله: " صلاة " نكرة في سياق النفي فتعم، ويشمل سائر
الصلوات
من الفرض والنفل. والطُّهور- بضم الطاء- والمراد به الفعل،
وهو
قول الأكثرين، وقد قيل: يجوز فتحها، وهو بعمومه يتناول
الماء
والتراب. والاستدلال بهذا الحديث على فرضية الطهارة ظاهر؛
لأنه تعالى
إذا لم يقبل الصلاة إلا بالطهارة، تكون صحتها موقوفة على
وجود
الطهارة، فالموقوف فرض، وكذا الموقوف عليه، فيكون شرطاً،
والمشروط لا يوجد بدونه.
فإن قلت: ما سبب وجوب الطهارة؟ قلت: إرادة الصلاة بشرط
الحدث، لقوله تعالى: (إذا قُمْتُمْ إلى الصلاة فاغْسلُوا)
(2) أي: إذا
أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم محدثون فاغسلواً، لا القيام
مطلقاً كما هو
مذهب أهل الظاهر، ولا الحدث مطلقاً كما هو مذهب أهل الطرد،
وفسادهما ظاهر، ثم اختلفوا متى فرضت الطهارة للصلاة؟ فذهب
ابن
الجهم إلى أن الوضوء في أول الإسلام كان سُنة، ثم نزل فرضه
في آية
__________
(1) في الأصل: " بعض ".
(2) سورة المائدة: (6) .
(1/180)
التيمم وقالت الجمهور: بل كان قبل ذلك
فرضا، ثم الحكمة في
جمعه- عليه السلام- بين الصدقة والصلاة في هذا الحديث، أن
العبادة
على نوعين: مالي وبدني، فاختار من أنواع المال الصدقة،
لكثرة نفعها،
وعموم خيرها، ومن أنواع البدني الصلاة، لكونها تالية
الإيمان في
الكتاب والسُّنّة، ولكونها عماد الدين، والفارقة بين
الإسلام والكفر،
ولكون كل منهما محتاجاً إلى الطهارة، أما الصدقة
فلاحتياجها إلى طهارة
المال، وأما الصلاة فلاحتياجها إلى طهارة البدن من
الحدث./وحديث
أبي المليح هذا أخرجه النسائي وابن ماجه، وأخرجه مسلم
والترمذي وابن
ماجه من حديث ابن عمر- رضي الله عنه-، و " الصلاة " في
حديثهم
الجميع مقدمة على " الصدقة ".
49- ص- حدّثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق
قال:
أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يقبلُ اللهُ صلاة أحدكُمْ إذا أحْدث حتّى يتوضّأ "
(1)
ش- عبد الرزاق هو ابن همام، وقد ذكرناه، وكذلك معمر بن
راشد.
وهمام بن منبه أبو عقبة الصنعاني، أخو وهب، وكان أكبر من
وهب،
سمع ابن عباس، وأبا هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، روى عنه
أخوه
وهب، ومعمر بن راشد، وعقيل بن معْقل، وعلي بن الحسن بن
أتش.
قال ابن معين: ثقة. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة. روى له
الجماعة (2) .
قوله: " لا يقبل الله صلاة أحدكم "، وفي رواية " لا تُقبلُ
صلاة أحدكم "،
قوله: " إذا أحدث " أي: إذا أصابه الحدث، أو: إذا وطئ في
الحدث، والحدث من الحدوث، وهو كون الشيء لم يكن.
__________
(1) البخاري: كتاب الوضوء، باب: لا تقبل صلاة بغير طهور
(135) ، مسلم:
كتاب الطهارة، باب: وجوب الطهارة للصلاة (2/225) ،
الترمذي: كتاب
الظهارة، باب: ما جاء في الوضوء من الريح (76) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/6600) .
(1/181)
قوله: " حتى يتوضأ " معناه: حتى يتطهر بماء
أو تراب، وإنما اقتصر
- عليه السلام- على الوضوء، لكونه الأصل، أو لكونه الغالب،
وكلمة " حتى " هاهنا لانتهاء الغاية، والمعنى: عدم قبول
الصلاة مُغي
بالتوضؤ. وحديث أبي هريرة هذا أخرجه البخاري ومسلم
والترمذي.
50- ص- حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: نا وكيع، عن سفيان،
عن ابن
عقيل، عن محمد ابن الحنفية، عن علي- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مفتاح الصلاة
الطهُورُ، وتحريمُها التكْبيرُ، وتحليلُها التسْليمُ " (1)
ش- ابن عقيل هو: عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب
أبو محمد الهاشمي المدني، وأمه زينب الصغرى بنت عليّ بن
أبي طالب
- كرّم الله وجهه (2) - سمع عبد الله بن عمر بن الخطاب،
وجابر بن
عبد الله، وأنس بن مالك، والرُّبيع بنت مُعوذ، ومحمد ابن
الحنفية،
والزهري، وغيرهم. روى عنه: سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري،
وشريك، ومحمد بن عجلان، وجماعة آخرون. وقال الحاكم: كان
أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم يحتجان بحديثه، ولكن ليس
بالمتين
عندهم. وقال محمد بن سعد: كان منكر الحديث، لا يحتج
بحديثه،
__________
(1) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء أن مفتاح الصلاة
الطهور (3) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: مفتاح الصلاة الطهور (275) .
(2) هذه اللفظة قد شاعت وذاعت، وملأت الطروس والأسماع، وهو
من فعل
الرافضة، وفيه هضم للخلفاء الثلاثة قبله، فليتنبهْ إلى
مسالك المبتدعة
وألفاظهم، فكم من لفظ ظاهره السلامة، وباطنه الإثم، وآخره
الندامة. فلم
يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عن
أحد من الصحابة- رضوان الله عليهم أجمعين-
تخصيص علي بن أبي طالب بهذا الوصف أبداً، فلا ينبغي لأهل
السُنة أن
يتلفظوا بألفاظ المبتدعة، وانظر تفسير ابن كثير (3/516) ،
والسنة للألكائي
(4/1396) ، وجلاء العينين للآلوسي (62) ، والتذكرة
التيمورية (282-
283) ، والآداب الشرعية لابن مفلح، مجموع الفتاوى (4/96) ،
وفتاوى ابن
حجر الهيتمي (1/42) ، ومعجم المناهي للشيخ بكر أبي زيد
(212، 271) .
(1/182)
وكان كثير العلم، مات سنة خمس وأربعين
ومائة. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1)
ومحمد ابن الحنفية هو: محمد بن علي بن أبي طالب القرشي
الهاشمي أبو القاسم، ويقال: أبو عبد الله، المعروف بابن
الحنفية،
واسمها: خولة بنت جعفر بن قيس، كانت من سبي اليمامة، دخل
على
عمر بن الخطاب، وسمع عثمان بن عفان، وأباه علي بن أبي
طالب،
روى عنه بنوه: الحسن وعبد الله وإبراهيم وعون، وسالم بن
أبي الجعد،
وأبو يعلى، [و] الثوري، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعبد
الأعلى
ابن عامر، وغيرهم. مات سنة ثمانين. روى له الجماعة (2) .
وعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه- روي له عن رسول الله-
عليه
السلام- خمسمائة حديث وستة وثمانون حديثاً، اتفقا منها على
عشرين
حديثاً، وانفرد البخاري بتسعة، ومسلم بخمسة، روى عنه بنوه:
الحسن، والحسين، ومحمد، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن
عمر،
وعبد الله بن قيس، وأبو موسى، وعبد الله بن عباس، وعبد
الله بن
جعفر، وأبو سعيد الخدري، وغيرهم من الصحابة والتابعين، ولي
الخلافة خمس سنين، وقيل: إلا أربعة أشهر، وقُتل ليلة
الجمعة لسبع
عشرة بقيت من رمضان، سنة أربعين، وهو عام الجماعة، وهو ابن
ثلاث وستين سنة، روى له الجماعة (3) .
قوله: " مفتاح الصلاة " المفتاح مفعال من الفتح، شبه
الصلاة بالخزانة
المقفولة على طريق الاستعارة بالكناية، وهي التي لا يذكر
فيها سوى
المشبه، ثم أثبت لها المفتاح على سبيل الاستعارة
الترشيحية، وهي ما
يقارن ما يلائم المستعار منه، والكلام في " الطهور " قد مر
غير مرة،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16/3543) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5484) .
(3) انظر ترجمته في: الاستيعاب (3/26) بهامش الإصابة، وأسد
الغابة (4/91) ،
والإصابة (2/507) .
(1/183)
وهو بعمومه يتناول التراب والماء، وأجمعت
الأمة على تحريم الصلاة بغير
طهارة من ماء أو تراب، أي صلاة كانت، حتى سجدة التلاوة،
وسجدة
الشكر، وصلاة الجنازة، وحكى أبن جرير عن الشعبي أن صلاة
الجنازة
بغير طهارة جائزة، وهذا مذهب باطل، فلو صلى محدثاً متعمداً
بلا عذر
أثم ولا يكفر.
قوله: " تحريمها التكبير " أي: تحريم الصلاة الإتيان
بالتكبير، كأن
المصلي بالتكبير والدخول فيها، صار ممنوعاً من الكلام
والأفعال الخارجة
عن كلام الصلاة وأفعالها، فقيل للتكبير تحريم لمنعه المصلي
من ذلك،
/ولهذا سميت تكبيرة الإحرام، أي الإحرام بالصلاة، وبهذا
استدل
علماؤنا على فرضية تكبيرة الإحرام، واستدل به أبو يوسف على
أن
الشروع في الصلاة لا يصح إلا بألفاظ مشتقة من التكبير، وهي
ثلاثة:
الله أكبر، الله الأكبر، الله الكبير. واستدل [به] الشافعي
ومالك [على]
أنه لا يصير شارعاً إلا بلفظ واحد، وهو: الله أكبر. وقال
أبو حنيفة
ومحمد: يصح شروعه في الصلاة بكل ذكر هو ثناء خالص لله
تعالى،
يراد به تعظيمه لا غير، مثل أن يقول: الله أكبر، أو: الله
الأكبر، الله
الكبير، الله أجل، الله أعظم، أو يقول: الحمد لله، أو:
سبحان
الله، أو: لا إله إلا الله، وكذلك كل اسم ذكر مع الصفة نحو
أن يقول:
الرحمن أعظم، الرحيم أجل، لقوله تعالى: (وذكر اسْم ربّه
فصلّى) (1) ، والمرادُ ذكرُ اسم الربّ لافتتاح الصلاة؛
لأنه عقبت الصلاة
الذكر بحرف يوجب التعقيب بلا فصل، والذكر الذي تعقبه
الصلاة بلا
فصل هو تكبيرة الافتتاح، فقد شُرع الدخولُ في الصلاة بمطلق
الذكر،
فلا يجوز تقييده باللفظ المشتق من الكبرياء بأخبار الآحاد
(2) ، وبه تبين أن
الحكم يتعلق بتلك الألفاظ من حيث هي مطلق الذكر، لا من حيث
هي
ذكر، بل بلفظ خاص، وأن الحديث معلول به، ولو لم يُعلّل
احتجنا
__________
(1) سورة الأعلى: (15) .
(2) انظر لحجية خبر الآحاد: الرسالة للشافعي (25/175) ،
والكفاية للخطيب
(ص/66) ، والموافقات للشاطبي (1/36) ، والاعتصام له
(1/109) ،
و (2/252) ، والإحكام لابن حزم (ص 113) ، والفصل له
(2/182)
وشرح الطحاوي (ص/307- 308) .
(1/184)
إلى رده أصلاً، لمخالفة الكتاب، فإذن ترك التعليل هو
المؤدي إلى إبطال
حكم النص دون التعليل.
قوله: " وتحليلها التسليم " أي: صار المصلي بالتسليم يحل
له ما حرم
عليه فيها بالتكبير، من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام
الصلاة وأفعالها،
كما يحل للمحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان حراماً عليه،
وبهذا استدل
أصحابنا على أن لفظة " السلام " واجبة. وقال الشافعي: هي
فرض؛
لأن الألف واللام فيه للتعريف أو الجنس، ولم يسبق معهود
حتى ينصرف
إليه، فكان لاستغراق الجنس، وقد جعل جميع أجناس التحليل
بالسلام،
فيكون فرضاًً قياساً على التكبير قلنا: هذا من أخبار
الآحاد، وبمثله لا
تثبت الفرضية، إلا أنا أثبتنا الوجوب به احتياطاً. وحديث
علي- رضي الله
عنه- هذا أخرجه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا
الحديث
أصح شيء في هذا الباب. ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال:
حديث
صحيح الإسناد، على شرط مسلم ولم يخرجاه. |