شرح أبي داود للعيني

51- باب: غسل الرجل (3)
أي: هذا باب في بيان غسل الرجل.
137- ص- حدثنا قتيبة بن سعيد قال: نا ابن لهيعة، عن يزيد بن
عمرو، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن المستورد بن شداد قال: " رأيتُ
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ يدْلُكُ أصابع رجليه بخنْصره " (4) .
__________
(1) المصدر السابق له 1/3473) .
(2) المصدر السابق (34/7641) .
(3) في سنن أبي داود: " الرجلين ".
(4) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في تخليل الأصابع (40) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: تخليل الأصابع (446) .

(1/347)


ش- ابن لهيعة هو: عبد الله بن لهيعة بن عُقبة بن فُرعان
الحضرمي الأعدُولي من أنفسهم، ويقال: الغافقي المصري قاضي مصر
أبو عبد الرحمن. سمع: الأعرج، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن
المنكدر، ويزيد بن عمرو، وغيرهم. روى عنه: الأوزاعي، والثوري،
والليث بن سعد، وابن المبارك، وعبد الله بن وهب، وغيرهم. وقال
ابن معين: ضعيف الحديث. توفي سنة أربع وسبعين ومائة. روى له:
أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
ولهيعة بفتح اللام، وكسر الهاء.
ويزيد بن عمرو المعافري المصري. روى عن: أبي عبد الرحمن الحُبُلي،
وشُفى بن ماتع الأصْبحي. روى عنه: الليث بن سعد، وعمرو بن
الحارث، وعبد الله بن لهيعة. قال أبو حاتم: لا بأس به. روى له:
أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (2) .
وأبو عبد الرحمن اسمه: عبد الله بن يزيد الحُبُلي المعافري. سمع:
ابن عمرو بن العاص، وابن عمر، والمستورد، وغيرهم. روى عنه:
يزيد بن عمرو، وعقبة بن مسلم، وأبو هانئ الخولاني، وغيرهم. توفى
بإفريقية سنة مائة. روى له الجماعة (3) .
والحُبُلي بضم الحاء المهملة والباء الموحدة.
والمستورد بن شداد بن عمرو الفهري القرشي. روي له عن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعة أحاديث، سكن الكوفة. روى عنه الكوفيون والمصريون،
روى له مسلم حديثين. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (4) .
قوله: " يدلك أصابعه " من دلكت الشيء بيدي أدلكه دلكاً. وفيه دليل
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (15/3513) .
(2) المصدر السابق (32/7032) .
(3) المصدر السابق (16/3663) .
(4) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3/482) ، وأسد الغابة
(5/154) ، والإصابة (3/407) .

(1/348)


على أن الدلك سُنة، ودليل أن الرجل مغسول، ولهذا بوب أبو داود
بقوله: " باب غسل الرجل ". وكان الأولى أن يبوب بقوله: " باب
دلك الرجل في الوضوء ". وأخرجه الترمذي وابن ماجه. وقال
الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.
***
52- باب: المسح على الخفين
أي: هذا باب في بيان المسح على الخفين، إنما قدم أبواب المسح على
الخفين على أبواب الغسل؛ لأن المسح من توابع الوضوء، وقدمها على
أبواب التيمم؛ لأن التيمم خلفٌ عن الكل، والمسح خلفٌ عن الجزء،
والجزء مقدم على الكل، مع أنه لا يراعي المناسبة بين أبواب الكتاب،
ولا كُتبه.
138- ص- حدثنا أحمد بن صالح قال: ثنا عبد الله بن وهب قال:
أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: حدثني عباد بن زياد: أن عروة
ابن المغيرة بن شعبة أخبره: أن أباه المغيرة بن شعبة يقول: " عدل رسولُ الله
وأنا معهُ في غزوة تبوك قبل الفجر، فعدلتُ معهُ، فأناخ النبيُّ- عليه
السلام- فتبرّز ثم جاء، فًسكبتُ على يده من الإداوة، فغسل كفيْه، ثم غسل
وجْههُ، ثم حسر/عن ذراعيه فضاق كُما جُبته، فأدخل يديه فأخرجهُما من
تحت الجُبة، فغسلهما إلى المرفق، ومسح برأسه، ثم توضأ على خُفيه، ثم
ركب، فأقبلنا نسيرُ حتى نجد الناس في الصلا قد قدموا عبد الرحمن بن
عوف، فصلّى بهم حين كان وقتُ الصلاة، ووجدنا عبد الرحمن قدْ ركع
بهم ركعةً من صلاة الفجر، فقام رسولُ الله فصف مع المسلمين، فصلّى
وراء عبد الرحمن بن عوف الركعة الثانية، ثم سلم عبدُ الرحمن، فقام
النبيُ- عليه السلام- في صلاته، ففزع المسلمون، فأكثرُوا التسبيح؛ لأنهم

(1/349)


سبقُوا النبيّ- عليه السلام- بالصلاة، فلما سلم رسولُ الله قال لهم: قدْ
أصبتُم أو قد أحْسنتُم " (1) .
ش- يونس بن يزيد بن أبي النجاد- بالنون- الأيليُ القرشي، مولى
معاوية بن أبي سفيان، وهو أخو أبي علي. روى عن: عكرمة مولى ابن
عباس، والزهري، ونافع، وغيرهم. روى عنه: هشام بن عروة،
والأوزاعي، والليث، وابن المبارك، وابن وهب، وغيرهم. وقال ابن
معين: ثقة. وقال أبو زرعة: لا بأس به. توفي سنة تسع وخمسين
ومائة. روى له الجماعة (2) .
وابن شهاب محمد بن مسلم الزهري.
وعباد بن زياد بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشي الأموي.
روى عن عروة وحمزة ابني المغيرة بن شعبة. روى عنه: الزهري. روى
له: مسلم، وأبو داود، والنسائي (3) .
وعروة بن المغيرة بن شعبة الثقفي أبو يعقوب الكوفي، كان والياً عليها.
سمع أباه. روى عنه: الشعبي، وعباد بن زياد، ونافع بن جُبير، وبكر
ابن عبد الله المزني، وغيرهم. روى له الجماعة (4) .
قوله: " عدل رسولُ الله " أي: مال عن الطريق لقضاء حاجته.
قوله: " وأنا معه " جملة وقعت حالاً.
وقوله: " في غزوة تبوك " أيضاً حال.
__________
(1) البخاري: كتاب الوضوء، باب: الرجل يوضئ صاحبه (182) ، وكتاب
الوضوء، باب: المسح على الخفين (203) ، مسلم: كتاب الطهارة، باب:
المسح على الخفين (274) ، النسائي: كتاب الطهارة، باب: صب الخادم الماء
على الرجل للوضوء (1/62) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء
في المسح على الخفين (545) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (32/7188) .
(3) المصدر السابق (14/3078) .
(4) المصدر السابق (20/3913) .

(1/350)


قوله: " فأناخ النبي- عليه السلام- " أي: برك ناقته، وحذفُ المفعول
كثير في الكلام.
قوله: " فتبرز " كناية عن قضاء الحاجة، وقد ذكرناه.
قوله: " من الإداوة " بكسر الهمزة، وهي آنية الماء كالمطهرة.
قوله: " ثم حسر عن ذراعيه " بالحاء والسن المهملتين، أي: كشف،
من باب ضرب يضرب.
قوله: " فضاق كُما جبته " الجبة بتشديد الباء: التي تلبس، وجمعها
" جباب ".
قوله: " ثم توضأ على خفيه " أي: مسح عليهما من باب إطلاق اسم
الكل على الجزء.
قوله: " نسير " جملة وقعت حالاً عن الضمير الذي في " أقبلنا "،
والمعنى: أقبلنا سائرين.
قوله: " قد قدموا عبد الرحمن " جملة وقعت حالاً من " الناس "،
وقد عُرف أن الماضي المثبت إذا وقع حالاً لابد فيه من " قد " ظاهرة أو
مضمرة.
قوله: " وقد ركع " حال أيضاً من " عبد الرحمن "
قوله: " فصف مع المسلمين " أي: دخل في صفهم، وصلى وراءه
الركعة الثانية، وقد سُبق الركعة الأولى.
فإن قيل: كيف قام عبد الرحمن في صلاته وتأخر أبو بكر حتى يتقدم
النبي- عليه السلام-؟ قلنا: إن عبد الرحمن كان قد ركع ركعة، فترك
النبي- عليه السلام- التقدم لئلا يختل ترتيب الصلاة في حق القوم،
بخلاف قصة أبي بكر الصّديق- رضي الله عنه-.

(1/351)


قوله: " قد أصبتم " أي: في مبادرتكم إلى الطاعة، أو في إكثارهم
التسبيح.
قوله: " أو قد أحسنتم " شك من الراوي.
ويستفاد من هذا الحديث فوائد:
" (1) الأولى: أن الرجل إذا أراد أن يقضي حاجته يعتزل الناس، فإن
كان في السفر لا يقعد على الطريق.
الثانية: فيه دليل على جواز الاستعانة في الوضوء، وقد جاء في
أحاديث- ليست ثابتة- النهي عن الاستعانة، وقد ثبت من حديث أسامة
ابن زيد: " أنه صب على النبي- عليه السلام- في وضوئه حين انصرف
من عرفة ".
الثالثة: فيه دليل على جواز استخدام الكبير الصغير في القدر أو السن.
الرابعة: فيه دليل على استحباب لبس الأكمام الضيقة.
الخامسة: فيه دليل على عدم كراهة الوضوء من تحت قماشة.
السادسة: فيه دليل على جواز المسح على الخفين.
السابعة: فيه دليل على جواز تقديم المفضول في الإمامة مع وجود
الفاضل.
الثامنة: فيه دليل على جواز صلاة النبي- عليه السلام- وراء بعض
أمته.
التاسعة: فيه بيان حال المسبوق،/وأنه يصلي مع الإمام ما أدركه،
ثم يقوم ويصلي ما بقي عليه ويقرأ؛ لأنه فيما سبق كالمنفرد، بخلاف
اللاحق فإنه خلف الإمام حكماً ".
وأخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه مطولاً ومختصراً.
__________
(1) انظر: " شرح صحيح مسلم " (3/172- 173) .

(1/352)


139- ص- حدّثنا مسدد قال: نا المعتمر (1) ، عن التيمي قال: نا بكر،
عن الحسن، عن ابن المغيرة بن شعبة، عن المغيرة بن شعبة: " أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح ناصيتهُ وذكر فوق العمامة " قال عن المعتمر: سمعت،
أبي يحدث عن بكر بن عبد الله، عن الحسن، عن ابن المغيرة بن شعبة، عن
المغيرة بن شعبة: " أن نبيّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسحُ على الخُفّين، وعلى ناصيته،
وعلى عمامته ". قال بكر: وقد سمعتُه من ابن المغيرة (2) .
ش- المعتمر بن سليمان بن طرخان، وقد ذكرناه. ووالده سليمان
التيمي لم يكن من بني تيم، وإنما نزل فيهم. سمع: أنساً، وثابتاً،
وقتادة، وبكراً، وغيرهم. روى عنه: الثوري، وشعبة، وابن المبارك،
وابن عيينة، وابنه معتمر بن سليمان، ويحيى بن سعيد، وغيرهم. وكان
مائلاً إلى علي بن أبي طالب. قال أحمد: هو ثقة. وكذا قال ابن معين.
توفي بالبصرة سنة ثلاث وأربعين ومائة، وهو ابن سبع وتسعين سنة.
روى له الجماعة (3) .
وبكر هو ابن عبد الله بن عمرو المزني، وقد ذكر.
والحسن هو البصري.
وابن (4) المغيرة هو عروة بن المغيرة. وقال القاضي عياض: حمزة بن
المغيرة هو الصحيح عندهم في هذا الحديث، وإنما عروة بن المغيرة في
الأحاديث الأُخر، وحمزة وعروة ابنان للمغيرة. والحديث مروي عنهما
جميعاً، لكن رواية بكر بن عبد الله المزني إنما هي عن حمزة بن المغيرة.
قوله: " ومسح ناصيته " الناصية: مقدم الرأس.
__________
(1) في سنن أبي داود: " حدثنا مسدد، حدثنا يحيى- يعني: ابن سعيد- ح،
وحدثنا مسدد، حدثنا المعتمر ".
(2) انظر الحديث السابق.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (12/2531) .
(4) المصدر السابق (34/475) .
23* شرح سنن أبي داوود 1

(1/353)


قوله: " وذكر فوق العمامة " أي: ذكر مسدد عن المعتمر فوق العمامة،
يعني: مسح على ناصيته، وعلى عمامته، وبين ذلك بقوله: " قال "
أي: مسدد عن المعتمر، سمعتُ أبي- وهو سليمان- يحدث عن بكر بن
عبد الله المزني، عن الحسن البصري، عن ابن المغيرة- إما عروة وإما
حمزة على الاختلاف- عن المغيرة بن شعبة: " أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان
يسمحُ على الخُفين، وعلى ناصيته، وعلى عمامته ".
وقد استدل به أبو حنيفة: أن فرض المسح هو ربع الرأس؛ لأن الناصية
هو الربع. وقال الشيخ محيي الدين النووي: " هذا مما احتج به
أصحابنا على أن مسح بعض الرأس يكفي، ولا يشترط الجميع " (1) .
قلت: هذا حجة عليهم لا لهم؛ لأن الفرض عندهم أدنى ما ينطلق
عليه اسم المسح، وهاهنا قد نص على الناصية، وهو ربع الرأس،
واستدلت الشافعية بقوله: " وعلى عمامته " على استحباب تتميم المسح
بالعمامة، لتكون الطهارة على جميع الرأس، ولا فرق عندهم بين أن
يكون لبس العمامة على طُهْرٍ أو على حدثٍ، وكذا لو كان على رأسه
قلنسوة، ولم ينزعها ومسح بناصيته، يستحب أن يتمم على القلنسوة
كالعمامة، ولو اقتصر على العمامة ولم يمسح من الرأس شيئاً لم يجزئه
ذلك عندهم، ولا عندنا، ولا عند مالك، وهو مذهب أكثر العلماء،
وذهب أحمد إلى جواز الاقتصار، ووافقه على ذلك جماعة من السلف.
140- ص- حدّثنا مسدد قال: نا عيسى بن يونس قال: حدّثني أبي،
عن الشعبي قال: سمعتُ عروة بن المغيرة بن شعبة يذكر عن أبيه قال: " كنا
مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ركبة ومعي إداوة، فخرج لحاجته، ثم أقبل فتلقيتُهُ
بالإداوة، فأفرغتُ عليه، ً فغسل كفيه ووجهه، ثم أراد أنْ يخرج ذراعيه
وعليه جُبة من صُوفٍ من جباب الروم ضيقة الكمين، فضاقتْ فادرعهُما
__________
(1) انظر: " شرح صحيح مسلم " (3/172) .

(1/354)


أدراعاً، ثم أهويتُ إلى الخفين لأنزعهُما فقال (1) : دع الخفين، فإني أدخلتُ
القدمين الخفين وهما طاهرتان، فمسح عليهما " (2) .
قال أبي: قال الشعبي: شهد لي عروةُ على أبيه، وشهد أبوه على
رسول الله- عليه السلام-.
ش- عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي قد ذكر.
ويونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي أبو إسرائيل الكوفي.
روى عن: أنس بن مالك، والشعبي، وناجية بن كعب، وجُريّ
النهدي، وعبد الله بن أبي السفر./روى عنه: الثوري، ويحيى،
القطان، ووكيع، وأبو نعيم، وجماعة آخرون. وقال ابن معين: كان
ثقة. وقال أحمد: حديثه مضطرب. وقال أبو حاتم: كان صدوقاً إلا
أنه لا يحتج بحديثه. روى له الجماعة (3) .
قوله: " في ركبة " الركبة- بفتح الراء والكاف-: أقل من الركب،
والركب جمع " راكب "، وفي بعض الرواية: " في غزوة ".
قوله: " فتلقيته " أي: استقبلته.
قوله: " فادّرعهما " معناه: نزع ذراعيه عن الكمين، فأخرجهما من
تحت الجبة، ووزنه " افتعل " من ذرع إذا مد ذراعيه، ويجوز بالدال
والذال معاً كما يقال في " ادكر " و " ذرع " لما نقل إلى باب الافتعال صار
" اذْترع " فقلبت التاءُ ذالاً، وأدغمت الذال في الذال، فصار: " اذّرع ".
__________
(1) في سنن أبي داود: " فقال لي "، و " لي " غير موجودة في " معالم السنن "
كذلك.
(2) البخاري: كتاب الوضوء، باب: إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان (206) ،
مسلم: كتاب الطهارة، باب: المسح على الخفين (274) ، النسائي: كتاب
الطهارة، باب: صب الخادم الماء على الرجل للوضوء (79) ، ابن ماجه:
كتاب الطهارة وسننها، باب: ما جاء في المسح على الخفين (545) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (32/7170) .

(1/355)


قوله: " ثم أهويت " من أهوى بيده إليه، أي: مدها نحوه، وأمالها
إليه، يقال: أهوى يده وبيده إلى الشيء ليأخذه.
قوله: " فإني أدخلت القدمين الخفين " كلاهما منصوبان على المفعولية.
وقوله: " وهما طاهرتان " حال من القدمين. وفيه دليل على أن المسح
على الخفين لا يجوز إلا أن يُلبسا على كمال الطهارة، وهذا بالإجماع،
ولكن كمال الطهارة شرط وقت اللُبس أو وقت الحدث؟ فعند أصحابنا:
وقت الحدث، حتى لو غسل رجليه، ولبس خفيه، ثم أكمل الطهارة،
ثم أحدث يُجزئه المسح. وبه قال الثوري، ويحيى بن آدم، والمزني،
وأبو ثور، وداود. وقال الشافعي، ومالك، وأحمد: لا يجوز؛ لأن
كمال الطهارة شرط عندهم وقت اللُّبس. وقال الخطابي في تعليل هذه
المسألة (1) : " وذلك أنه جعل طهارة القدمين معاً قبل لُبس الخفين شرطاً
لجواز المسح عليهما، وعلة لذلك، والحكم المعلق بشرط لا يصح إلا
بوجود شرطه ".
قلت: سلمنا أن الحكم المعلق بشرط لا يصح إلا بوجود شرطه،
ولكن لا نسلم أنه- عليه السلام- شرط كمال الطهارة وقت اللّبس؛
لأنه لا يفهم من نص الحديث، غاية ما في الباب [أنه] أخبر أنه لبسهما
وقدماهُ كانتا طاهرتين، فأخذنا من هذا اشتراط الطهارة لأجل جواز
المسح، سواء كانت الطهارة حاصلة وقت اللبس أو وقت الحدث، وتقييده
بوقت اللبس أمر زائد لا يفهم من العبارة. وأخرجه البخاري ومسلم
مختصراً ومطولاً.
141- ص- حدثنا هدبةُ بن خالد قال: نا همام، عن قتادة، عن الحسن،
وعن زرارة بن أوفى، أن المغيرة بن شعبة قال: " تخلف رسولُ الله " فذكر
هذه القصة، قال: " فأتينا الناس وعبدُ الرحمن بن عوف يُصلّي بهم الصبح،
فلما رأى النبي- عليه السلام- أراد أن يتأخر فأومأ إليه أنْ يمْضي. قال:
__________
(1) معالم السنن (1/50) .

(1/356)


وصليتُ أنا والنبيُ- عليه السلام- خلفهُ ركعةً، فلما سلم قام النبيُ- عليه
السلام- فصفى الركعة التي سُبق بها، ولم يزدْ عليها [شيئاً] (1) " (2) .
ش- هُدبة بن خالد بن الأسود بن هُدبة القيسي، ويقال له: الثوباني؛
لأنه من بني قيس بن ثوبان، أبو خالد البصري. سمع: الحمادين،
وسليمان بن المغيرة، وهمام بن يحيى، وسلام بن مسكين، وغيرهم.
روى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري، ومسلم، وأبو داود،
وابن ماجه، وجماعة آخرون. مات سنة خمس وثلاثين ومائتين (3) .
وهمام هو ابن يحيى بن دينار العوذي، وقد ذكرناه.
قو له: " تخلف " أي: تأخر.
قوله: " هذه القصة " القصة: الأمر والحديث، وقد اقتصصت،
الحديث: رويته على وجهه، وقد قص عليه الخبر قصصاً، والاسم أيضاً:
القصص- بالفتح- وُضع موضع المصدر حتى صار أغلب عليه،
والقصص- بكسر القاف- جمع القصة التي تكتب.
قوله: " فأومأ إليه أن يمضي " أي: أشار إليه أن يمضي في صلاته
فيتمها، وذلك كما قلنا خوفاً من نقص ترتيب الصلاة؛ لأنه قد كان صلى
بهم الركعة.
ص- قال أبو داود: أبو سعيد الخُدْري، وابن الزبير، وابن عمر يقولون:
" من أدرك الفرد من الصلاة، عليه سجدةُ السهو ".
ش- " أبو سعيد " مبتدأ وما بعده عطف عليه، وخبره: " يقولون "
إنما قالوا ذلك لاحتمال أن يكون على الإمام سهو.
وفي " مصنف ابن أبي شيبة ": حدثنا ابن نمير، عن عبد الملك، عن
عطاء، عن أبي سعيد، وابن عمر، وابن الزبير قالوا: " إذا فاته بعضُ
الصلاة قام فقضى، وسجد سجدتين ".
__________
(1) غير موجود في سنن أبي داود. (2) انظر الحديث السابق.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/6553) .

(1/357)


وفي " المصنف ": نا ابن نمير، عن عبد الملك، عن عطاء، عن
أبي سعيد وابن عمر وابن الزبير: " في الرجل يدخل مع الإمام وقد فاته
بعضُ الصلاة؟ قال: يصنع كما يصنع الإمامُ، فإذا قضى الإمامُ صلاته،
قام يقضي، وسجد سجدتين ".
142- ص- حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: نا أبي قال: نا شعبة،
عن (1) أبي بكر- يعني: ابن حفص بن عمر بن سعد- سمع أبا عبد الله،
عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، أنه شهد عبد الرحمن بن عوف يسألُ بلالا
عن وُضوءٍ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " كان يخرجُ فيقضي (2) حاجتهُ، فآتيه بالماء
فيتوضأ، فيمسحُ 32) على عمامته ومُوقيْه " (4) .
قال أبو داود: هذا (5) أبو عبد الله، هو مولى بني تيم بن مرة
ش- عبيد الله بن معاذ بن معاذ بن حسّان بن نصر بن حسان أبو عمرو
البصري، أخو المثنى. سمع أباه، والمعتمر بن سليمان. روى عنه:
البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي. قال أبو حاتم: هو ثقة.
مات سنة تسع وثلاثين ومائتين (6) .
ومعاذ بن معاذ المذكور قاضي البصرة. سمع: سليمان التيمي، وابن
عون، وشعبة، وحميداً (7) الطويل، وغيرهم. روى عنه: ابناه
عبيد الله والمثنى، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وعلي بن المديني،
وخلق سواهم. وقال أحمد: هو قرة العين، إليه المنتهى في التثبت
بالبصرة. ولد سنة تسع عشرة ومائة، وتوفي بالبصرة سنة ست وتسعين
ومائة. روى له الجماعة (8) .
__________
(1) في سنن أبي داود: " حدثنا "
(2) في سنن أبي داود: " يقضي ".
(3) في سنن أبي داود: " ويمسح "
(4) تفرد به أبو داود.
(5) في سنن أبي داود: " هو ".
(6) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (5/3685) .
(7) في الأصل: " حميد ".
(8) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (28/6036) .

(1/358)


وأبو بكر اسمه: عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص
أبو بكر بن حفص. روى عن: عبد الله بن عمر، وعروة بن الزبير،
وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وسالم بن عبد الله، وعبد الله بن حنين.
روى عنه: سعيد (1) بن أبي بردة، وابن جريج، وشعبة، ومحمد بن
سوقة. روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي (2) .
وأبو عبد الله مولى بني تيم بن مرة. روى عن أبي عبد الرحمن،
روى عنه أبو بكر بن حفص بن عمر، روى له أبو داود (3)
وأبو عبد الرحمن اسمه عبد الله بن حبيب بن رُبيّعة- بضم الراء،
وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء- أبو عبد الرحمن الكوفي السُّلمي، أخو
خرشة، لأبيه صحبة سمع: عثمان بن عفان، وعليّ بن أبي طالب،
وعبد الله بن مسعود، وأبا موسى الأشعري، وحذيفة بن اليمان. روى
عنه: سعيد بن جبير، وأبو إسحاق السبيعي، وإبراهيم النخعي،
وغيرهم. مات سنة اثنتين وتسعين، وله تسعون سنة. روى له
الجماعة (4)
وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زُهرة بن
كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، أبو محمد، شهد بدراً والمشاهد كلها.
روي له عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمسة وستون حديثاً، اتفقا منها على
حديثين، وانفرد البخاري بخمسة. روى عنه: عبد الله بن عمر بن
الخطاب، وابن عباس، وأنس بن مالك، وبنوه: إبراهيم وحميد
ومصعب بنو عبد الرحمن، وعبد الله بن عبد الله بن الحارث، ومالك
ابن أوس، وغيرهم. توفي سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن خمس وسبعين
سنة، وصلى عليه عثمان بن عفان، ودُفن بالبقيع. روى له الجماعة (5) .
__________
(1) في الأصل: " سعد " خطأ.
(2) المصدر السابق (14/3228) .
(3) المصدر السابق (34/7478) .
(4) المصدر السابق (14/3222) .
(5) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/393) ، وأسد الغابة
(3/480) ، والإصابة (2/416) .

(1/359)


وبلال ابن حمامة، وحمامة أمّه، كانت مولاة لبعض بني جمح،
وأبوه رباح القرشي التيمي، يكنى أبا عبد الله، ويقال: أبا عمرو،
ويقال: أبا عبد الكريم، شهد بدراً والمشاهد كلها. رُوي له عن رسول الله
أربعة وأربعون حديثاً، اتفقا. على حديث واحد، وانفرد البخاري بحديثين
غير مسندين. روى عنه: أبو بكر، وعمر، وعبد الله بن عمر، وأسامة
ابن زيد، وكعب بن عجرة، والأسود بن يزيد النخعي، وأبو إدريس
الخولاني، وسعيد بن المسيب، وغيرهم. توفي بدمشق سنة عشرين،
وقيل: إحدى وعشرين، وهو ابن بضع وستين سنة، ودفن بباب
الصغير، وقيل: باب كيسان، وقيل: مات بداريّا بكورة دمشق، وحُمل
إلى دمشق على رقاب الرجال، ودفن بباب كيسان، وقيل: مات بحلب
ودفن بباب الأربعين. روى له الجماعة (1) .
قوله: " وموقيه " المُوق: الخف، فارسي مُعرب. وقال الجوهري:
الموق الذي يلبس فوق الخف، وهو الذي يقال له: الجرموق. وقال
الخطابي (2) : " الموق: نوع من الخفاف معروف، وساقه إلى القصر ".
وبه احتج أصحابنا: أن المسح على الموقين جائز خلافاً للشافعي، ومالك
في الأشهر. وبقولنا قال أحمد والمزني، واحتج به أحمد أيضاً على جواز
المسح على العمامة. وقد قلنا: إن المراد به مسح ما تحته من قبيل إطلاق
اسم الحال على المحل، وأوله بعض أصحابنا أن بلالاً- رضي الله عنه-
كان بعيداً عن النبي- عليه السلام-، فمسح النبي- عليه السلام- على
رأسه، ولم يضع/العمامة من رأسه، فظن بلال أنه مسح على العمامة.
143- ص- حدّثنا علي بن الحسين الدرهميّ قال: ثنا ابن داود، عن
بُكير بن عامر، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير: " أنّ جريرا بال، ثم توضأ
فمسح على الخُفين. قال: ما يمنعُني أن أمسح وقد رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/141) ، وأسد الغابة
(1/242- 243) ، والإصابة (1/165) .
(2) معالم السنن (1/51) .

(1/360)


يمسحُ؟ قالوا: إنما كان ذلك قبل نُزول المائدة؟ قال: ما أسلمتُ إلا بعد
نزول المائدة " (1) .
ش- عليّ بن الحسين بن مطر الدرهمي. روى عن ابن أبي عدي،
ومعتمر بن سليمان، وعبد الله بن داود، والفضل بن العلاء، وغيرهم.
روى عنه: أبو داود، والنسائي وقال: ثقة، وأبو حاتم وقال: صدوق.
توفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين (2) .
وابن داود هو عبد الله بن داود الخُريْبي، وقد ذُكر.
وبكير بن عامر البجلي أبو إسماعيل الكوفي. روى عن: قيس بن
أبي حازم، وأبي زرعة، وإبراهيم النخعي، والشعبي، وعبد الرحمن
ابن الأسود. روى عنه: الثوري، ووكيع، وأبو نعيم. قال أحمد:
ليس بقوي. وقالا بن معين: ضعيف. وفي رواية: لا شيء. روى
له: مسلم، وأبو داود (3) .
وأبو زرعة اسمه: هرم بن عمرو، قد ذكر.
وجرير بن عبد الله بن جابر البجلي أبو عمرو، نزل الكوفة، ثم تحول
[إلى] قرْقيسيا، وبها مات سنة إحدى وخمسين. رُوي له عن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائة حديث، اتفقا منها على ثمانية، وانفرد البخاري بحديث واحد،
ومسلم بستة. روى عنه: أنس بن مالك، وزيد بن وهب الجهني،
__________
(1) البخاري: كتاب الصلاة، باب: الصلاة في الخفاف (387) ، مسلم: كتاب
الطهارة، باب: المسح على الخفين (272) ، الترمذي: كتاب الطهارة،
باب: في المسح على الخفين (93) ، النسائي: كتاب الطهارة، باب: المسح
على الخفين (1/81) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح
على الخفين (543) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (20/4051) .
(3) المصدر السابق (4/764) .

(1/361)


وهمام بن الحارث النخعي، وابنه المنذر بن جرير، وابن ابنه أبو زرعة
المذكور. روى له الجماعة (1) .
قوله: " إنما كان ذلك " أي: مسح النبي- عليه السلام- على خفيه.
قوله: " قبل نزول المائدة " أي: قبل نزول سورة المائدة.
قوله: " قال " أي: قال جرير: " ما أسلمت إلا بعد نزول سورة
المائدة ". والمعنى: أن الله تعالى قال في سورة المائدة: (فاغْسلُوا
وُجُوهكُمْ وأيْديكُمْ إلى المرافق) الآية (2) . فلو كان إسلام جرير متقدماً
على نزول المائدة لاحتمل كون حديثه في مسح الخف منسوخاً بآية المائدة،
فلما كان إسلامه متأخراً، علمنا أن حديثه يعمل به، وهو مُبين أن المراد
بآية المائدة غير صاحب الخُّف، فتكون السُنّة مخصصة للآية. وفي " سنن
البيهقي " (3) : عن إبراهيم بن أدهم: قال: " ما سمعت في المسح على
الخفين أحسن من حديث جرير- رضي الله عنه- ".
وأخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه من
حديث همام بن الحارث النخعي، عن جرير، ولفظ البخاري: " بال
ثم توضأ، ومسح على خفيه، ثم قام فصلى، فسئل فقال: رأيتُ
رسول الله- عليه السلام- صنع مثل هذا ". قال الأعمش: قال إبراهيم:
كان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة.
وفي لفظ للبخاري في الصلاة: " لأن جريراً كان آخر من أسلم ".
ورواه ابن خزيمة في " صحيحه "، والحاكم في " المستدرك " وقال:
صحيح (4) . وقال في " الإمام " (5) : وقد ورد مؤرخاً بحجة الوداع،
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/232) ، وأسد الغابة
(1/333) ، والإصابة (1/232) .
(2) سورة المائدة: (6)
(3) (1/274) .
(4) (1/169) .
(5) انظره في: نصب الراية (1/163) .

(1/362)


رواه الطبراني في " معجمة الوسط " عن محمد بن نوح بن حرب، عن
شيبان بن فروخ، عن حرب بن سُريج، عن خالد الحذاء، عن محمد
ابن سيرين، عن جرير بن عبد الله البجلي: " أنه كان مع رسول الله في
حجة الوداع، فذهب عليه السلام يتبرز، فرجع فتوضأ ومسح على
خفيه " (1) .
144- ص- حدّثنا مسدد وأحمد بن أبي شعيب الحراني قالا: ثنا وكيع،
قال: نادلهمُ بن صالح، عن حُجير بن عبد الله، عن ابن بريدة، عن أبيه: أنّ
النجاشي أهدى إلى النبيّ- عليه السلام- خُفين أسودين ساذجين،
فلبسهُما، ثم توضأ ومسح عليهما " (2) .
ش- أحمد بن أبي شعيب قد ذكر
ودلْهمُ بن صالح الكندي الكوفي سمع عطاء، والضحاك بن مزاحم،
والشعبي، وحُجير بن عبد الله، وغيرهم. روى عنه: وكيع،
وأبو نعيم، وعبيد الله بن موسى. قال ابن معين: ضعيف. روى له:
أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (3) .
وحُجير بن عبد الله الكندي، روى عن ابن بريدة، عن أبيه " أهدى
النجاشيُّ ". روى عنه دلْهمُ بن صالح. روى له: أبو داود،
والترمذي، وابن ماجه (4) .
وابن بريدة اسمه: عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي،
قاضي مرو. سمع: أباه، وعبد الله بن عباس، وأبا هريرة، وعمران
ابن حصين، وأبا موسى الأشعري،/وعبد الله بن المغفل، والمغيرة بن
__________
(1) المعجم الأوسط (7/7143) .
(2) الترمذي: كتاب الأدب، باب: ما جاء في الخف الأسود (2820) ، وكتاب
الشمائل (69) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح على
الخفين (549) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8/1803) .
(4) المصدر السابق (5/1139) .

(1/363)


شعبة، وسمرة بن جندب، ومعاوية، وعائشة. روى عنه: حسين بن
ذكوان، وحسين بن واقد، ومالك بن مغْولٍ، والشعبي، وغيرهم قال
أحمد: هو وأخوه سليمان ثقتان، ولدا في بطن واحد. روى له
الجماعة (1) .
وأبوه بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث أبو سهل، أو
أبو عبد الله، أو أبو الحصيب. رُوي له عن رسول الله مائة حديث وأربعة
وستون حديثاً، اتفقا منها على حديث واحد، وانفرد البخاري بحديثين،
وانفرد مسلم بأحد عشر. سكن المدينة ثم انتقل إلى البصرة، ثم انتقل
إلى مرو، ومات بها سنة اثنتين وستين، ودفن بالجُصين- بالجيم والصاد
المهملة، وفي آخره نون-: مقبرة بمرو، وهو آخر من مات من أصحاب
النبي- عليه السلام- بخراسان. روى عنه: ابناه: عبد الله وسليمان،
وأبو المليح بن أسامة، أسلم قبل بدر ولم يشهدها. روى له الجماعة (2) .
قوله: " إن النجاشي ": بفتح النون وكسرها، ذكرهما ابن دحية،
واسمه: أصحمة (3) بن أبحر، وقال مقاتل: مكحول بن صيصة من
النجش، وهو كشفك الشيء وبحثك عنه، وفي بعض الروايات اسمه:
مصحمة، ويُقال: أصحم، وهو بالعربية: عطية (4) ، وكل من ملك
الحبشة يسمى النجاشي، كما أن كل من ملك الشام والجزيرة مع بلاد
الروم يسمى قيصر، وكل من ملك الفرس يسمى كسرى (5) ، وكل من
ملك مصر كافراً يسمى فرعون (6) ، وكل من ملك الإسكندرية يسمى
__________
(1) المصدر السابق (14/3179) .
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/173) ، وأسد الغابة
(1/209) ، والإصابة (1/146) .
(3) " أصحمة " بوزن " أربعة " بحاء مهملة، وقيل: خاء معجمة.
(4) انظر ترجمته في: أسد الغابة (1/119) ، والإصابة (1/109) .
(5) في الأصل: " قيصر " خطأ.
(6) وقيل: كل من ملك القبط يسمى فرعون، وكل من ملك مصر يسمى العزيز،
وانظره في " شرح صحيح مسلم " (7/23) كتاب الجنائز، باب: التكبير على الجنازة.

(1/364)


المقوقس، وكل من ملك اليمن يسمى تبع، وكل من ملك الهند وقيل
اليونان بطليموس (1) ، وكل من ملك الترك يسمى خاقان، وكل من ملك
اليهود يسمى القطبون، وكل من ملك الصابئة يسمى نمرود، وكل من
ملك العرب من قبل العجم يسمى النعمان، وكل من ملك البربر يسمى
جالوت، وكل من ملك فرغانة يسمى الإخشيد.
ص- قال أبو داود: قال مسدد، عن دلهم بن صالح.
قال أبو داود: هذا مما تفرد به أهل البصرة.
ش- إنما قال مسدد عن دلهم؛ لأنه لا يُعرف إلا من حديثه، ولهذا قال
الترمذي: " هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث دلهم ". وقال أبو
داود: " هذا الحديث تفرد به أهل البصرة ". وقال الدارقطني: " تفرد به
حُجير بن عبد الله، عن ابن بريدة، ولم يروه عنه غير دلهمُ بن صالح.
وذكره في ترجمة عبد الله بن بُريدة، عن أبيه. ورواه الإمام أحمد بن
حنبل، عن وكيع فقال: عبد الله بن بريدة. وعبد الله هذا هو أخو
سليمان بن بريدة، وعبد الله اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديثه،
وسليمان انفرد به مسلم وهما توأمان، وقد قيل: إنهما ماتا في يوم واحد.
145- ص- حدثنا أحمد بن يونس قال: نا ابن حب، عن بكير بن عامر
البجلي، عن عبد الرحمن بن أبي نُعم، عن المغيرة بن شعبة: " أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخُفين، فقلتُ: يا رسول الله نسيت؟ فقال: بل أنت نسيت
بهذا أمرني ربي عز وجل " (2) .
ش- ابن حي الحسن بن صالح، وقد ذُكر.
وعبد الرحمن بن أبي نعم أبو الحكم البجلي الكوفي. سمع: عبد الله
ابن عمر بن الخطاب، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدري، ورافع بن
خديج، والمغيرة بن شعبة. روى عنه: زرارة بن أوفى، وفضيل بن
__________
(1) في الأصل: " بطلميوس " خطأ.
(2) تفرد به أبو داود.

(1/365)


سليمان، وسعيد بن مسروق، وعمارة بن القعقاع، وغيرهم. روى له
الجماعة (1)
قوله: " بل أنت نسيت " كلمة " بل " للإضراب، فإن تلاها جملة كان
معنى الإضراب، أما الإبطال نحو: " وقالوا اتخذ الرحمنُ ولداً سُبْحانهُ
بلْ عبادٌ مكْرمُون) (2) أي: بل هم عباد، وإما الانتقال من غرض إلى
آخر، و " بل " هاهنا من القبيل الأول.
قوله: " بهذا " أي: بالمسح على الخفين " أمرني ربي عز وجل ".
***
53- باب: التوقيت في المسح
أي: هذا باب في بيان التوقيت في المسح على الخفين.
146- ص- حدً ثنا حفص بن عمر قال: نا شعبة، عن الحكم وحماد،
عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي- عليه
السلام- قال: " المسحُ على الخفين للمسافر ثلاثةُ أيام، وللمقيم يومٌ
وليله " (3) .
ش- حفص بن عمر البصري أبو عمر الضرير. روى عن: حماد بن
سلمة، وبشر بن المفضل، وجرير بن حازم، وحماد بن زيد، وغيرهم.
روى عنه: أبو داود، وابن ماجه، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة،
وأحمد بن حنبل،/وغيرهم. كان من علماء الفرائض والحساب
والشّعر، وأيام الناس والفقه، ووُلد وهو أعمى، مات بالبصرة سنة
عشرين ومائتين، وله نيف وسبعون سنة (4) .
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (17/3979) .
(2) سورة الأنبياء: (26) .
(3) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: المسح على الخفين للمسافر والمقيم (95) ،
ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم
والمسافر (553) .
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7/1406) .

(1/366)


والحكم هو: ابن عتيبة- بالتاء المثناة من فوق- ابن النهاس، واسمه:
عبدك الكندي أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو عمر
الكوفي مولى عدي بن عدي الكندي. سمع: أبا جحيفة، ورأى زيد
ابن أرقم. قال الحاكم أبو أحمد: سمع زيد بن أرقم. وقال الطبراني:
لم يثبت له منه السماع. وسمع: قيس بن أبي حازم، وأبا وائل،
وسريج بن الحارث، وإبراهيم النخعي، وغيرهم. روى عنه: الأعمش،
وحمزة الزيات، وشعبة، وأبو عوانة، وغيرهم. قال عبد الرحمن بن
مهدي: هو ثبت ثقة، ولكن يختلف حديثه. وقال ابن معين وأبو حاتم:
ثقة. مات سنة خمس عشرة ومائة. روى له الجماعة (1) .
وحماد هو ابن سلمة، وإبراهيم النخعي.
وأبو عبد الله الجدلي اسمه: عبد بن عبد، ويقال: عبد الرحمن بن
عبد أبو عبد الله الجدلي الكوفي. روى عن: خزيمة بن ثابت، ومعاوية
ابن أبي سفيان، وعائشة، وأم سلمة. روى عنه: الشعبي، ومعبد بن
خالد، وغيرهم. وثقه أحمد وابن معين. روى له أبو داود،
والترمذي (2) .
قوله: " المسح " مبتدأ، وقوله: " ثلاثة أيام " مبتدأ أيضاً، وخبره
" للمسافر "، والجملة خبر المبتدأ الأول. وبهذا احتج جمهور العلماء
كأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وجماهير العلماء من الصحابة ومن
__________
(1) المصدر السابق (7/1438) ، وقد جعل المصنف الحكم بن عتيبة الكندي،
والحكم بن عتيبة بن النهاس واحدا تبعاً للبخاري وابن حبان وأبي أحمد
الحاكم، والصحيح أنهما اثنان، وقد فرق بينهما الدارقطني والمزي وغيرهما،
وانظر أخبار القضاة لوكيع (2/143، 244، 246، 265: 270، 282) ،
و (3/22، 24) ، والجرح والتعديل (3/ترجمة 569) ، وميزان الاعتدال
(1/ترجمة 2189) ، والمغني (1/ترجمة 1666) ، وتهذيب التهذيب
(2/434- 435) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (34/7471) .

(1/367)


بعدهم أن المسح على الخفين يؤقت بثلاثة أيام في السفر، ويوم وليلة في
الحضر، ومذهب مالك يمسح بلا توقيت، وهو قول قديم للشافعي،
واحتج بحديث رواه أبو داود على ما يجيء إن شاء الله تعالى.
وأخرجه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن
صحيح.
ص- قال أبو داود: رواه منصور بن المعتمر، عن إبراهيم التيمي
بإسناده، [قال فيه:] " ولو استزدناه لزادنا ".
ش- إبراهيم التيمي هو: ابن محمد بن طلحة بن عبيد الله القرشي
التيمي، أبو إسحاق المدني، وقيل: الكوفي. سمع: أبا أسيد الساعدي،
وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبا هريرة، وعائشة الصديقة. رُوي له
عن: عمر بن الخطاب، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل، وعبد الله بن
عباس. وسمع: عمه عمران بن طلحة بن عبيد الله، وعبد الله بن
شداد. روى عنه: سعد بن إبراهيم الزهري، وحبيب بن أبي ثابت،
ومحمد بن عبد الرحمن، وابن عمه طلحة بن يحيى بن طلحة بن
عبيد الله، وغيرهم. قال العجلي: هو ثقة رجل صالح. مات سنة
عشر ومائة. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن
ماجه (1) .
قوله: " ولو استزدناه لزادنا " وقال الشافعي: معناه: لو سألناه أكثر من
ذلك لأجاب. وفي رواية لابن ماجه: " ولو مضى السائل على مسألته
لجعلها خمساً ". وقال الشيخ تقي الدين في " الإمام " (2) : " وحديث
خزيمة فيه ثلاث علل، الأولى: الاختلاف في إسناده، وله ثلاث مخارج
رواية إبراهيم النخعي، ورواية إبراهيم التيمي، ورواية الشعبي، ثم في
بعضها ذكر الزيادة- أعني- " لو استزدناه لزادنا "، وبعضها ليست فيه.
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/229) .
(2) انظره في: نصب الراية (1/175) .

(1/368)


الثانية: الانقطاع، قال البيهقي: قال أبو عيسى الترمذي: سألت
محمداً- يعني البخاري- عن هذا الحديث فقال: لا يصح عندي حديث
خزيمة بن ثابت في المسح؛ لأنه لا يعرف لأبي عبد الله الجدلي سماع من
خزيمة، وكان شعبة يقول: لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد الله
الجدلي حديث المسح على الخفين.
الثالثة: ذكر ابن حزم أن أبا عبد الله الجدلي لا يعتمد على روايته.
أقول: ذكر الترمذي في جامعه بعد إخراجه حديث خزيمة من جهة
أبي عوانة- مُسنده- وقال: هذا حديث حسن صحيح، وذكر عن يحيى
ابن معين أنه صحح حديث خزيمة في المسح.
147- ص- حدثنا يحيي بن معين قال: نا عمرو بن الربيع بن طارق
قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمد بن
يزيد، عن أيوب بن قطن، عن أبي بن عمارة- قال يحيى بن أيوب: وكان
قد صلى مع رسول الله- عليه السلام- القبْلتين- أنه قال: " يا رسول الله،
أمسحُ على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوماً؟. قال: ويومين. قال:
وثلاثة (1) ؟ قال: نعم ما شئت " (2) .
ش- عمرو بن الربيع بن طارق بن قرة بن نهيك الهلالي المصري
كوفي، نزل مصر سمع: الليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة،
ويحيى بن أيوب،/وغيرهم. روى عنه: ابن معين، ويحيى بن عثمان
ويعقوب بن سفيان، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو حاتم وقال:
صدوق (3) .
ويحيى بن أيوب الغافقي أبو العباس المصري. روى عن: يزيد بن
__________
(1) في سنن أبي داود: " قال: يوماً؟ قال: يوماً. قال: ويومين؟ قال:
ويومين. قال: وثلاثة؟ ".
(2) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح بغير توقيت (557) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/4366) .
24* شرح سنن أبي داوود 1

(1/369)


أبي حبيب، وحميد الطويل، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الله بن
طاوس، وغيرهم. روى عنه جرير بن حازم، وابن جريج، والليث بن
سعد، وابن المبارك، وابن وهب، وعمرو بن الربيع، وغيرهم. قال
ابن معين: صالح. وقال مرة: ثقة. توفي سنة ثمان وستين ومائة.
روى له الجماعة (1)
وعبد الرحمن بن رزين، ويقال عبد الرحمن بن يزيد مولى قريش.
روى عن: محمد بن أبي زياد، وسلمة بن الأكوع. روى عنه: يحيى
ابن أيوب المصري، والعطّاف بن خالد. روى له: أبو داود، وابن
ماجه (2) .
ومحمد بن يزيد بن أبي زياد، روى عن أيوب بن قطن، روى عنه
عبد الرحمن بن رزين، وثلاثتهم مجهولون. روى له: أبو داود، وابن
ماجه (3) .
وأيوب (4) بن قطن- بالقاف والطاء المهملة والنون- روى عن أبي بن
عمارة. وروى عنه محمد بن يزيد، وروى له أبو داود، ولم يتعرض
صاحب " الكاشف " فيه غير ما ذكرناه، وكذا لم يذكره ابن حبان في
" الثقات "، وكذا لم أقف عليه في " الكمال ".
وأبيّ بن عمارة- بكسر العين- وقيل بضمها، والأول أشهر، ويقال:
ابن عبادة، عداده في المدنيين، سكن مصر. روى حديثاً واحداً في المسح
على الخفين. وقال في " الكمال ": وفي إسناد حديثه ضعف وجهالة
واضطراب. روى له: أبو داود، وابن ماجه، والنسائي (5) .
قوله: " القبْلتين " أراد بها الكعبة وبيت المقدس، وسمى بيت المقدس
قبلة بما كان عليه قبل النسخ.
قوله: " نعم ما شئت " أي: ما شئت من الأيام.
__________
(1) المصدر السابق (31/6792) .
(2) المصدر السابق (17/3814) .
(3) المصدر السابق (27/5699) .
(4) المصدر السابق (3/621) .
(5) المصدر السابق (2/278) .

(1/370)


ص- قال أبو داود: رواه ابن أبي مريم المصري، عن يحيى بن أيوب،
عن عبد الرحمن بن رزين (1) ، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن عبادة
ابن نُسي، عن أبي بن عمارة قال فيه: " حتى بلغ سبعاً "، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" نعم، وما بدا لك ". وقد اختلف في إسناده، وليس بالقوي (2) .
ش- ابن أبي مريم هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم
الجمحي، وقد ذكرناه.
وعبادة بن نُسى الكندي، ويقال: البكري الشامي الأردني قاضي
طبرية. روى عن: عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وأبي موسى،
ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي سعيد الخدري، وكعب بن عجرة،
وغيرهم. روى عنه: المغيرة بن زياد، ومكحول، ومحمد بن سعيد
المصلوب، وغيرهم. قال أحمد وابن معين: ثقة. توفي سنة ثمان
عشرة ومائة. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (3) .
قوله: " حتى بلغ سبعاً " أي: سبعة أيام.
قوله: " وما بدا لك " أي: ما ظهر لك، والمعنى: ما احتجت إليه من
الأيام. وبه احتج مالك ومن تبعه على عدم التوقيت في المسح.
قوله: " وقد اختلف في إسناده " أي: في إسناد هذا الحديث أشار بذلك
إلى أن " (4) يحيى بن أيوب رواه عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمد
ابن يزيد، عن عبادة بن نُسي، عن أُبيّ بن عمارة. هذا قول. ويروى
عنه عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمد بن يزيد، عن أيوب بن قطن،
__________
(1) في الأصل: " عبد الرحمن بن رزين يزيد " كذا.
(2) في سنن أبي داود زيادة: " ورواه ابن أبي مريم، ويحيى بن إسحاق،
والسُليْخيُ، عن يحيى بن أيوب، وقد اختلف في إسناده ". وقد وضعها
المحقق بين معقوفتين.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (14/3110) .
(4) انظره في: نصب الراية (1/178) .

(1/371)


عن عبادة بن نُسي، عن أبي بن عمارة. فهذا قول ثاني. ويُروى عنه
مرسلاً لا يذكر فيه أبي بن عمارة، فهذا قول ثالث ".
قوله: " وليس بالقوي " أي: هذا الحديث ليس بالقوي؛ لأنه اختلف
فيه على يحيى بن أيوب اختلافاً كثيراً. " (1) ورواه. الدارقطني في
" سننه " (2) بسند أبي داود، وقال: هذا إسناد لا يثبت، وعبد الرحمن
ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن مجهولون. وقال أبو حاتم: محمد بن
يزيد مجهول، ويحيى بن أيوب مختلف فيه، وهو ممن عيب على مسلم
في إخراج حديثه. وقال عبد الغني: لم يرو أبيّ بن عمارة إلا حديثاً
واحداً، وفي إسناده ضعف وجهالة واضطراب، كما ذكرنا. وقال
أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث أبي بن عمارة ليس
بمعروف الإسناد، فقلت له: فإلى أي شيء ذهب أهل المدينة في المسح
أكثر من ثلاث، ويوم وليلة؟ قال: لهم فيه أثر. قلت: الأثر الذي
أشار إليه أحمد الأقرب أنه أراد الرواية عن ابن عمر، فإنه صحيح عنه
/من رواية عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: " أنه كان لا
يوقت في المسح على الخفين وقتاً "، ويحتمل أن يريد غير ذلك من
الآثار، ومنها: رواية حماد بن زيد، عن كثير بن شنظير، عن الحسن
قال: سافرنا مع أصحاب رسول الله، فكانوا يمسحون خفافهم بغير وقت
ولا عدد " رواه ابن الجهم في " كتابه "، وعلّله ابن حزم فقال: وكثير
ابن شنظير ضعيف جدا. فإن قيل: ما تقول في حديث أخرجه الحاكم في
" مستدركه " (3) عن عبد الغفار بن داود الحراني، ثنا حماد بن سلمة،
عن عبيد الله بن أبي بكر وثابت عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا
توضأ أحدكم، ولبس خفيه، فليصل فيهما، وليمسح عليهما، ثم لا
يخلعهما إن شاء إلا من جنابة ". قال الحاكم: إسناده صحيح على شرط
مسلم، ورواته عن آخرهم ثقات. وأخرجه الدارقطني في " سننه " (4)
__________
(1) انظر: نصب الراية (1/178، 179) .
(2) (1/198) .
(3) (1/181) .
(4) (1/203) .

(1/372)


عن أسد بن موسى، ثنا حماد بن سلمة به 0 قال صاحب " التنقيح ":
إسناده قوي، وأسد بن موسى صدوق وثقه النسائي وغيره. قلت: قال
ابن الجوزي: هو محمول على مدة الثلاث وقال ابن حزم: هذا مما
انفرد به أسد بن موسى عن حماد، وأسد منكر الحديث، لا يحتج به " (1) .
***
54- باب: في المسح على الجوربين
أي: هذا باب في بيان المسح على الجوربين، الجورب- بفتح الجيم-:
الذي يُلبس، فارسي معرب.
148- ص- حدثّنا عثمان بن أبي شيبة (2) ، عن وكيع، عن سفيان
الثوري، عن أبي قيس الأوْدي، عن هُزيل بن شُرحبيل، عن المغيرة بن شعبة:
" أن رسول الله- عليه السلام- توضأ ومسح على الجوْربين والنّعْلين " (3) .
قال أبو داود: كان عبد الرحمن [بن] مهدي لا يحدث بهذا الحديث؛
لأن المعروف عن المغيرة: " أن النبيّ- عليه السلام- مسح على الخفين ".
ش- أبو قيس عبد الرحمن بن ثروان الأودي الكوفي. روى عن:
علقمة بن قيس، وعمرو بن ميمون، وشريح القاضي، وهزيل بن
شرحبيل. روى عنه: أبو إسحاق الشيباني، والسبيعي، والأعمش،
والثوري، وشُعبة، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. قال أبو حاتم:
ليس بقوي، هو قليل الحديث وليس بحافظ، قيل له: كيف حديثه؟
__________
(1) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
(2) في سنن أبي داود: " عثمان بن شيبة ".
(3) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين
(99) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الجوربين
والنعلين (559) .

(1/373)


فقال: صالح هو لين الحديث وقال أحمد بن عبد الله: ثقة ثبت.
روى له الجماعة إلا مسلماً (1) .
وهزيل بن شرحبيل الأودي الأعمى الكوفي أخو الأرقم روى عن
عبد الله بن مسعود. روى عنه أبو قيس المذكور. روى له الجماعة إلا
مسلماً (2) .
قوله: " والنعلين " المراد به: أن يكون قد لبس النعلين فوق الجوربين
وكل ما جاء بهذه العبارة فالمراد ما ذكرناه. وبهذا الحديث احتج أبو حنيفة
على أنه يجوز المسح على الجوربين. فإن قيل: فمن أين يشترط أن يكون
مجلداً أو منعلاً، والحديث مطلق؟ قلت: الحديث محمول على ذلك
ومراد منه ذلك، ليكون معنى الخف، وبقولنا قال مالك، وأحمد،
وداود، والأصح عن مالك أنه كرهه (3) ذلك، وهو قول الأوزاعي،
والشافعي لم يجزه أصلاً. والحديث حُجة عليه.
قوله: " كان عبد الرحمن بن مهدي " وهو ابن حسان بن عبد الرحمن
أبو سعيد العنبري، وقد ذكر.
" لا يحدث بهذا الحديث " أي: حديث المغيرة هذا، " لأن المعروف
عن المغيرة أن النبي- عليه السلام- مسح على الخفين ". قلنا: وكيف
يكون هذا الحديث غير معروف عن المغيرة، وقد أخرجه أيضاً ابن ماجه
والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه الطبراني أيضاً من
طريق ابن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن الحكم، عن
عبد الرحمن بن أي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال قال: " كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين والجوربين " (4) ؟
ص- قال أبو داود: وروي هذا الحديث أيضاً عن أبي موسى الأشعري،
__________
(1) انظر ترجمنه في: تهذيب الكمال (17/3778) .
(2) المصدر السابق (30/6566) . (3) كذا.
(4) المعجم الكبير للطبراني (1/1060) .

(1/374)


عن النبي- عليه السلام-: " أنه مسح على الجوربين "، وليس بالمتصل،
ولا بالقوي.
قال أبو داود: ومسح على الجوربين: عليّ بن أبي طالب، وأبو مسعود (1) ،
والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعمرو
ابن حُريث. ورُوي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس- رضي الله
عنهم-.
ش- أبو موسى الأشعري: عبد الله بن قيس.
وأبو مسعود: عقبة بن عمرو (2) بن ثعلبة بن أسيرة- بفتح الألف،
وكسر السين-: ابن عسيرة- بفتح العين وكسر السين- ابن عطية بن
جدارة (3) - بكسر الجيم- ابن عوف بن الخزرج البدري أبو مسعود،
شهد العقبة مع السبعين، وكان أصغرهم، نزل ببدر، فنسب إليه،
واختلف في شهوده بدراً، روي له عن رسول الله مائة حديث وحديثان،
اتفقا على تسعة أحاديث، وللبخاري حديث واحد، ولمسلم سبعة. روى
عنه: عبد الله بن يزيد الخطمي وابنه بشير بن أبي مسعود، وعلقمة بن
قيس، وغيرهم سكن الكوفة ومات بها بعد الأربعين، وقيل: مات
بالمدينة. روى له الجماعة (4) .
/والبراء بن عازب بن الحارث بن عدي الحارثي الأوسي المدني، يكنى
أبا عمارة، أو أبا عمر، أو أبا الطفيل. روي له عن رسول الله- عليه
السلام- ثلاثمائة وخمسة أحاديث، اتفقا على اثنين وعشرين حديثاً،
وانفرد البخاري بخمسة عشر، وانفرد مسلم بستة. روى عنه: عبد الله
__________
(1) في سنن أبي داود: " وابن مسعود " خطأ، وانظر: نصب الراية (1/184) .
(2) في الأصل: " عامر " خطأ.
(3) في أسد الغابة والإصابة: " خدارة " بالخاء المعجمة، وهو خطأ.
(4) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3/105) ، وأسد الغابة
(6/286) ، والإصابة (2/490) .

(1/375)


ابن يزيد الأنصاري، والشعبي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم.
نزل الكوفة ومات بها زمن مصعب بن الزبير. روى له الجماعة (1) .
وأبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي.
وسهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة آل عدي
الأنصاري المدني، يكنى أبا العباس. رُوي له عن رسول الله- عليه
السلام- مائة حديث وثمانية وثمانون حديثاً، اتفقا على ثمانية وعشرين،
وانفرد البخاري بأحد عشر. روى عنه: الزهري، وأبو حازم سلمة بن
دينار، وأبيُّ بن العباس. مات بالمدينة سنة إحدى وتسعين، وهو ابن مائة
سنة. قال ابن سعد: وهو آخر من مات من أصحاب النبي- عليه
السلام- بالمدينة. روى له الجماعة (2) .
وعمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
القرشي المخزومي، سكن الكوفة. روى عنه ابنه جعفر، ومولاه أصبغ،
وعبد الملك بن عُمير، والوليد بن سريع، وغيرهم. روى له: مسلم،
وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (3) .
قوله: " وليس بالمتصل، ولا بالقوي " يعني: الحديث الذي اخرج عن
أبي موسى الأشعري، وهو الذي أخرجه ابن ماجه في " سننه "،
والطبراني في " معجمه، عن/عيسى بن سنان، عن الضحاك بن
عبد الرحمن، عن أبي موسى: " أن رسول الله توضأ ومسح على
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/139) ، وأسد الغابة
(1/205) ، والإصابة (1/142) .
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب (2/95) ، وأسد الغابة (2/472) ، والإصابة
(2/88) .
(3) انظر ترجمته في: الاستيعاب (2/515) ، وأسد الغابة (4/213) ، والإصابة
(2/531) .

(1/376)


الجوربين والنعلين " (1) . وقال البيهقي: الضحاك بن عبد الرحمن لم
يثبت سماعه من أبي موسى، وعيسى بن سنان لا يحتج به ".
قلت: قال عبد الغني في " الكمال ": الضحاك بن عبد الرحمن بن
عرْزبٍ. سمع أباه، وأبا موسى الأشعري، وأبا هريرة. وقال أيضاً في
ترجمة عيسى بن سنان: قال يحيى بن معين: ثقة.
قوله: " ومسح على الجوربين عليّ بن أبي طالب " وهو ما رواه
عبد الرزاق في " مصنفه ": أخبرنا الثوري، عن الزبرقان، عن كعب
ابن عبد الله قال: " رأيتُ عليا بال فمسح على جوربيه ونعليه، ثم قام
يصلي ".
قوله: " وأبو مسعود " وهو ما رواه عبد الرزاق: أخبرنا الثوري، عن
منصور، عن خالد بن سعد قال: " كان أبو مسعود الأنصاري يمسح على
جوربين له من شعر، ونعليه ".
قوله: " والبراء بن عازب " وهو ما رواه أيضاً: أخبرنا الثوري، عن
الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه قال: " رأيت البراء بن،
عازب يمسح على جوربيه ونعليه ".
قوله: " وأنس بن مالك " وهو ما رواه أيضاً: أخبرنا معمر، عن قتادة،
عن أنس بن مالك: " أنه كان يمسح على الجوربين "
قوله: " وروي ذلك " أي: المسح على الجوربين، " عن عمر بن
الخطاب " قال أبو بكر بن أبي شيبة في " مصنفه ": حدثنا وكيع، عن
أبي جناب، عن أبيه، عن خلاس بن عمرو: أن عمر توضأ بأجمعه،
ومسح على جوربيه ونعليه "، وكذلك روي ذلك عن عقبة بن عمرو
أبي مسعود، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم، والحسن،
وجماعة آخرين.
__________
(1) ابن ماجه في كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين

(1/377)


149- ص- حدثنا (1) مسدد، وعباد بن موسى قالا: حدّثنا هشيم، عن
يعلى بن عطاء، عن أبيه قال عباد: قال: أخبرني أوس بن أوس الثقفي (2)
أنه قال: " رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى كظامة قومٍ - يعني الميْضأة- ثم اتفقا
" فتوضأ " ولم يذكر مسدد " الكظامة "، " فتوضأ ومسح على نعْليه
وقدميْه " (3) .
ش- عباد بن موسى أبو محمد الخُتليُ الأبناويُ- بتقديم الباء- سكن
بغداد. روى عن: إبراهيم بن سعد، وطلحة بن يحيى، وإبراهيم
وإسماعيل ابني جعفر، وغيرهم. روى عنه: البخاري وعن رجل عنه،
ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وأبو زرعة، وغيرهم. قال ابن معين:
ثقة. مات سنة ثلاثين ومائتين (4)
وهُشيم بن بشير قد ذكر.
ويعلى بن عطاء القرشي العامري الطائفي، نزل واسط ومات بها سنة
عشرين ومائة. روى عن: أبيه، وأبي علقمة الهاشمي، ووكيع بن
عُدس، وغيرهم. روى عنه: الثوري، وشعبة، وهشيم، وأبو عوانة،
وغيرهم. وقال ابن معين وأبو حاتم: صالح الحديث. روى له:
أبو داود، والترمذي، والنسائي (5) .
وعطاء العامري الطائفي والد يعلى. روى عن: أوس بن أبي أوس
الثقفي، وعبد الله بن/عمرو بن العاص. روى عنه ابنه يعلى. روى
له: أبو داود، والترمذي، والنسائي.
__________
(1) ورد هذا الحديث في سنن أبي داود تحت " باب " كذا.
(2) في سنن أبي داود: " أوس بن أبي أوس "، وانظر ترجمته الآتية.
(3) تفرد به أبو داود، ولفظه فيه: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [توضأ ومسح على نعليه
وقدميه. وقال عباد: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى كظامة قوم- يعني:
الميضأة- ولم يذكر مسدد " الميضأة والكظامة "، ثم اتفقا " فتوضأ ومسح على
نعليه وقدميه ".
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (14/3094)
(5) المصدر السابق (32/7116) .

(1/378)


وأوس بن أبي أوس ويقال: أوس بن أوس الثقفي، وهو والد عمرو
ابن أوس، عداده من أهل الشام، نزل دمشق وقبره بها. روى عن النبي
- عليه السلام- حديثين، أحدهما: في الصيام، والآخر: في الجمعة.
روى عنه: أبو الأشعث، وعبادة بن نُسي، وعطاء والد يعلى. روى
له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) .
قوله: " كظامة " " (2) الكظامة- بكسر الكاف، وبالظاء المنقوطة-
كالقناة، وجمعها " كظائم "، وهي آبار تحفر في الأرض مُتناسقة،
ويُخرقُ بعضُها. إلى بعض تحت الأرض، فتجتمع مياهها جارية، ثم
تخرج عند منتهاها، فتسيح على وجه الأرض. وقيل: الكظامة: السّقاية،
وقيل: الكناسة، ويقال: هي المرادة في الحديث.
قوله: " ومسح على نعليه وقدميه " ظاهره يقتضي جواز المسح على
النعلين، والقدمين، ولكن " (3) المراد منه أنه كان في الوضوء التطوع لا
في الوضوء من حدث، يؤيده ما أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه "
وترجم عليه " باب ذكر الدليل على أن مسح النبي- عليه السلام- على
النعلين كان في وضوء تطوع لا من حدث ": عن سفيان، عن السدي،
عن عبد خير، عن علي- رضي الله عنه-: " أنه دعا بكُوز من ماء،
ثم توضأ وضوءاً خفيفاً، ومسح على نعليه، ثم قال: هكذا وضوء
رسول الله للطاهر ما لم يحدث ". قال في " الإمام ": وهذا الحديث
أخرجه أحمد بن عبيد الصفار في " مسنده " بزيادة لفظ، وفيه: ثم قال:
" هكذا فعل رسول الله ما لم يحدث ". وقال ابن حبان في " صحيحه ":
هذا إنما كان في الوضوء النفل، ثم استدل عليه بحديث أخرجه عن النزال
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/89) ، وأسد الغابة
(1/164) ، والإصابة (1/79) ، وقد رجح الحافظ ابن حجر أن أوس بن
أوس غير أوس بن أبي أوس، وأن من جعلهما واحداً فقد أخطأ.
(2) انظر: النهاية (4/178) .
(3) انظر: نصب الراية (1/188- 189) .

(1/379)


ابن سبرة عن علي: " أنه توضأ ومسح برجليه، وقال: رأيت رسول الله
فعل كما فعلت، وهذا وضوء من لم يحدث ". وكذلك البزار ذكر
كذلك (1) . وقال البيهقي: معنى مسح على نعليه أي: غسلهما في
النعل، وهذا أيضاً جواب حسن؛ لأنا قد ذكرنا أن المسح قد يجيء بمعنى
الغسل. وقال الطحاوي في " شرح الآثار ": كان مسحه- عليه السلام-
على الجوربين هو الذي يُطهر به، ومسحه على النعلين فضلاً " (2) ،
وجواب آخر: أن الذي نقل عن النبي- عليه السلام- أنه غسل رجليه
جم غفير، والذي نقل عنه أنه مسح على نعليه عدد قليل، والقضية
واحدة، والعدد الكثير أولى بالحفظ من العدد اليسير مع فضل من حفظ
على من لم يحفظ.
***
55- باب: كيف المسحُ؟
أي: هذا باب في بيان كيفية المسح على الخفين.
150- ص- حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: نا عبد الرحمن بن
أبي الزناد وقال: ذكره أبي، عن عروة بن الزبير، عن المغيرة بن شعبة: " أن
رسول الله- عليه السلام- مسح (3) على الخُفين ". وقال غير محمد:
" مسح (4) على ظهر الخُفين " (5) .
ش- محمد بن الصباح صاحب السنن قد ذكر.
__________
(1) كذا.
(2) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
(3) في سنن أبي داود: " كان يمسح ".
(4) غير موجودة في سنن أبي داود.
(5) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الخفين أعلاه وأسفله
(97) .

(1/380)


وعبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان، وهو ابن أبي الزناد أبو محمد
القرشي مولاهم. روى عن: أبيه، وموسى بن عقبة، وهشام بن
عروة روى عنه: ابن جريج، والوليد بن مسلم، وداود بن عمرو
الضبي، وغيرهم. قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال
ابن المديني: حديثه بالمدينة حديث مقارب، وما حدّث بالعراق مضطرب.
توفي ببغداد سنة أربع وسبعين ومائة، وهو ابن أربع وسبعين. روى له
البخاري استشهاداً، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
وأبوه عبد الله بن ذكوان ذكرناه.
وبهذا الحديث استدل أصحابنا أن المسح على ظهر الخفين، وبه قال
أحمد، وداود، والثوري. وقال مالك: المسنون مسح أعلاه وأسفله،
وبه قال الشافعي، والزهري. وهم تعلقوا بحديث كاتب المغيرة،
وسنجيب عنه إن شاء الله تعالى. وهذا الحديث أخرجه الترمذي وقال:
حديث حسن.
151- ص- حدثنا محمد بن العلاء قال: نا حفص بن غياث قال: نا (2)
الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن عليّ- رضي الله عنه- قال:
" لو كان الدينُ بالرأي لكان أسفلُ الخُف أولى بالمسح/من أعلاهُ، وقد
رأيتُ رسول الله- عليه السلام- مسح على ظاهر خُفيه " (3) .
ش- حفص بن غياث بن طلق بن معاوية بن مالك بن الحارث النخعي
أبو عمر الكوفي قاصيها. سمع: هشام بن عروة، وسليمان التيمي،
والأعمش، وغيرهم. روى عنه: يحيى القطان، وأحمد بن حنبل،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (17/3816) .
(2) في سنن أبي داود: " عن ".
(3) تفرد به أبو داود.

(1/381)


ويحيى بن معين، وجماعة آخرون. قال العجلي: هو ثقة مأمون فقيه.
مات سنة ست وأربعين ومائة. روى له الجماعة (1) .
وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله بن علي الهمْداني السبيعي الكوفي،
[و] السّبيعُ هو ابن صعب بن معاوية بن كثير. رأى عليا، وأسامة بن
زيد، والمغيرة بن شعبة، ولم يصح له منهم سماع. سمع ابن عباس،
وقد ذكرناه مرة.
قوله: " لو كان الدين بالرأي " أي: لو كان أمور الدين بالرأي.
قوله: " وقد رأيت رسول الله " خرج في مخرج التفسير والتعليل، وهذا
أيضاً حجة قوية للحنفية.
152- ص- حدثنا محمد بن رافع قال: نا يحيى بن آدم قال: نا يزيد بن
عبد العزيز، عن الأعمش بإسناده (2) قال: " ما كنتُ أرى باطن القدمين إلا
أحق بالغسل (3) ، حتى رأيتُ رسول الله- عليه السلام- مسح على ظًاهر
خُفيه " (4) .
ش- محمد بن رافع بن أبي زيد القشيري مولاهم النيسابوري، واسم
أبي زيد سابور- بالسين المهملة- سمع: عبد الرزاق بن همام، وزيد
ابن الحباب، ووهب بن جرير، وأبا معاوية الضرير، وغيرهم. روى
عنه الجماعة إلا ابن ماجه، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وغيرهم.
مات سنة خمس وأربعين ومائتين (5) .
ويزيد بن عبد العزيز بن سياه الكوفي، سمع أباه، والأعمش. روى
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7/1415) .
(2) في سنن أبي داود: " بإسناده بهذا الحديث ".
(3) ذكر محقق سنن أبي داود أن النسخة الهندية: " ما كنت ... أحق بالغسل من
ظاهرهما ".
(4) انظر الحديث السابق.
(5) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/5209) .

(1/382)


عنه يحيى بن آدم وغيره. روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود،
والنسائي (1) .
قوله: " قال: ما كنت أرى " أي: قال علي- رضي الله عنه-.
قوله: " أرى " من رؤية القلب، وهي الحُسْبان، فتقتضي مفعولين،
قال الله تعالى: (إنهُمْ يروْنهُ بعيداً ونراهُ قريباً) (2) أي: يحسبونه
بعيداً، ونحن نعلمه قريباً.
ص- (3) قال أبو داود: وكذلك رواه وكيع عن الأعمش بإسناده قال:
" كنتُ أرى باطن (4) القدمين أحق بالغسل من ظاهرهما، حتى رأيت رسول
الله يمسح ظاهرهُما ". قال وكيع: " يعني: الخفين ".
ش- قوله: " بإسناده " أي: بإسناده إلى علي- رضي الله عنه- وهذه
ثلاث روايات عن عليّ- رضي الله عنه-، وإنما فسر [هـ] وكيع بقوله:
" يعني: الخفين " حتى لا يظن ظان أن الضمير يرجع إلى القدمين،
فيكون المسح على القدمين، وليس كذلك.
ص- قال أبو داود: رواه عيسى بن يونس، عن الأعمش كما قال وكيع.
ورواه أبو السوداء عن ابن عبد خير، عن أبيه قال: " رأيتُ عليا توضأ فغسل
ظاهر قدميه، وقال: لولا أني رأيتُ رسول الله- عليه السلام- يفعلُهُ
[لظننتُ أن بطونهُما أحق بالمسح] (5) " وساق الحديث.
[قال أبو داود: وكذلك رواه يزيد بن عبد العزيز، عن الأعمش بهذا
الحديث] (5) .
(1) المصدر السابق (32/7023) .
(2) سورة المعارج: (6) .
(3) ذُكر في سنن أبي داود قبل هذا الكلام الحديث رقم (162) ، ووضع بين
معقوفتين.
(4) في سنن أبي داود: " أن باطن ".
(5) غير موجود في سنن أبي داود

(1/383)


ش- أبو السوداء عمرو بن عمران النهدي الكوفي، رأى أنس بن
مالك. وروى عن: قيس بن أبي حازم، وعبد خير، وأبي مجلز،
والضحاك، وجعفر بن أبي المغيرة، وابن سابط. قال أحمد وابن معين:
ثقة. قال أبو حاتم: ما بحديثه بأس. روى له أبو داود (1) .
وابن عبد خير ... (2) . وقال البيهقي: والمرجع فيه إلى عبد خير
وهو لم يحتج به صاحبا الصحيح. قلنا: عدم احتجاج صاحبي الصحيح
به ليس بقادح في روايته، وكم من أحد لم يحتجّا به، وقد احتج به
غيرهما، وحديثه صحيح. وقصد البيهقي بذلك الكلام تضعيف عبد خير،
ولا يمشي ذلك؛ لأنه وثّقه جماعة.
153- ص- حدثنا موسى بن مروان الرقي ومحمود بن خالد الدمشقي
المعنى قالا: ثنا الوليد، قال محمود: أنا ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة،
عن كاتب المغيرة بن شعبة، عن المغيرة بن شعبة قال: " وضّأتُ النبي- عليه
السلام- في غزوة تبوك، فمسح أعلى الخُفّ وأسفله " (3) .
ش- موسى بن مروان أبو عمران البغدادي التمار، نزل الرقة. سمع:
مروان بن معاوية، ومحمد بن حرب،/وعيسى بن يونس، وغيرهم.
روى عنه: أبو حاتم الرازي، وأبو داود، والنسائي عن رجل عنه، وابن
ماجه. مات سنة ست وأربعين ومائتين بالرقة (4)
والوليد هو ابن مسلم الدمشقي. وقد ذكرناه.
ورجاء بن حيوة بن جندل، ويقال: خنزل، ويقال: ابن جرول
أبو المقدام أو أبو نصر الكندي الشامي الفلسطيني. روى عن: أبيه،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/4419) .
(2) بياض في الأصل قدر سطر وربع.
(3) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الخفين أعلاه وأسفله
(97) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: في مسح أعلى الخف وأسفله (550) .
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29/6299) .

(1/384)


ومعاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي سعيد
الخدري، وجابر بن عبد الله، ووراد كاتب المغيرة، وغيرهم. روى
عنه: الزهري، ومطر الوراق، وقتادة، ومحمد بن عجلان، وثور بن
يزيد، وغيرهم. روى له الجماعة إلا البخاري (1) .
وكاتب المغيرة هو وراد الثقفي الكوفي، كاتب المغيرة بن شعبة ومولاه،
كنيته: أبو سعيد، ويقال: أبو الورد. سمع المغيرة بن شعبة، روى
عنه: الشعبي، ورجاء بن حيوة، وأبو عون الثقفي، وغيرهم. روى له
الجماعة (2) .
قوله: " وضأتُ " بتشديد الضاد، بمعنى: خدمت له في الوُضوء.
ص- قال أبو داود: لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء بن حيوة.
ش- أي: ثور بن يزيد، وأشار بهذا إلى أن هذا الحديث ضعيف.
وضعفه الإمام الشافعي أيضاً. وأخرجه ابن ماجه، والترمذي، وقال
الترمذي: حديث معلول، لم يُسنده عن ثور غير الوليد، وسألت
محمداً وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا: ليس بصحيح؛ لأن ابن المبارك
رواه عن ثور، عن رجاء قال: حُدثت عن كاتب المغيرة، عن النبي
مُرسل. وقال الدارقطني في " العلل ": هذا حديث لا يثبت؛ لأن ابن
المبارك رواه عن ثور بن يزيد مرسلاً، ولذا ضعفه أحمد بن حنبل رحمة
الله عليه.
قلت: حاصل ما ذكروا في هذا الحديث علتان، الأولى: أن ثوراً لم
يسمعه من رجاء. والثانية: أن كاتب المغيرة أرسله.
ويُحاب عن الأولى بما روى داود بن رشيد على ما روى البيهقي عن
الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب
المغيرة: " أنه- عليه السلام- كان يمسح أعلى الخف وأسفله "، ثم أسنده
عن داود بن رشيد، ثنا الوليد، عن ثور، ثنا رجاء، عن كاتب المغيرة،
__________
(1) المصدر السابق (9/1890) .
(2) المصدر السابق (30/6682) .
25* شرح سنن أبي داوود 1

(1/385)


عن المغيرة. ثم أسند عن الدارقطني أنه قال: رواه ابن المبارك، عن ثور
قال: حُدثت عن رجاء، عن كاتب المغيرة، عن النبي- عليه السلام-
مرسلاً، ليس فيه المغيرة. وقد صرح فيها بأن ثوراً قال: ثنا رجاء، وإن
كان داود قد رُوي عنه أنه قال: عن رجاء.
ويحاب عن الثانية بأن الوليد بن مسلم زاد في الحديث ذكر المغيرة،
وزيادة الثقة مقبولة.
فإن قيل: بقي في الحديث علتان أخريان: إحديهما: أن كاتب المغيرة
مجهول، والثانية: أن الوليد مدلس. قلت: المعروف بكاتب (1) المغيرة
هو مولاه ورّاد، وهو مخرج له في " الصحيحين "، فالظاهر أنه المراد،
وقد أدرج بعض الحفاظ هذا الحديث في ترجمة رجاء عن ورّاد، وذكره
المزّيُ في " أطرافه " في ترجمة وراد عن المغيرة. وصرح ابن ماجه في
" سننه " فقال: عن رجاء، عن وزاد كاتب المغيرة، فصرح باسمه.
والجواب عن الثانية: بأن أبا داود قال: عن الوليد أخبرني ثور، فأمن
بذلك تدليسه.
***
56- باب: في الانتضاح
أي: هذا باب في بيان انتضاح الماء بعد الفراغ من الوضوء، وهو
الارتشاش. وقال ابن الأثير (2) : " الانتضاح: أن يأخذ قليلاً من الماء
فيرش به مذاكيره بعد الوضوء، لينفي عنه الوسواس، وقد نضح عليه الماء
ونضحه به إذا رشه عليه ونضح الوضوء بالتحريك: ما يترشش منه عند
التوضوء كالنشر ".
154- ص- حلّفنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان، عن منصور،
__________
(1) في الأصل: " بكتابه ".
(2) انظر: النهاية (5/69) .

(1/386)


عن مجاهد، عن سفيان بن الحكم الثقفي أو الحكم بن سفيان الثقفي قال:
" كان النبيُ- عليه السلام- إذا بال توضأ (1) ، وينتضحُ " (2) .
ش- سفيان الثوري، ومنصور بن المعتمر.
وسفيان بن الحكم روى عنه مجاهد، وروى له: أبو داود، وابن ماجه
ويقال: الحكم بن سفيان. وقال عبد الغني: وبعضهم يقول سفيان بن
الحكم، عن أبيه،/عن النبي- عليه السلام-: " أنه توضأ ونضح
فرجه " وهو حديث مضطرب (3) .
وقال الخطابي (4) : " الانتضاح هاهنا الاستنجاء بالماء. وكان من عادة
أكثرهم أن يستنجوا بالحجارة لا يمسون الماء، وقد يتأول الانتضاح أيضاً
على رش الفرج بالماء بعد الاستنجاء، ليدفع بذلك وسوسة الشيطان ".
ص- قال أبو داود: وافق سفيان جماعة على هذا الإسناد، قال بعضهم:
الحكم أو ابن الحكم.
ش- من جملة من وافق سفيان على هذا الإسناد زكريا بن أبي زائدة
على ما رُوي في " المصنف ": حدثنا أبو بكر قال: ثنا محمد بن بشر
قال: نا زكريا بن أبي زائدة قال: قال منصور: حدثني مجاهد، عن
الحكم بن سفيان الثقفي: " أنه رأى النبي- عليه السلام- توضأ، ثم
أخذ كفا من ماء فنضح به فرجه ".
وقال أيضاً: ثنا الحسن بن موسى قال: نا ابن لهيعة، عن عقيل،
عن ابن شهاب، عن عروة، عن أسامة بن زيد بن حارثة، عن أبيه:
" أن النبي- عليه السلام- توضأ، ثم أخذ كفا من ماء فنضح به فرجه ".
__________
(1) في سنن أبي داود: " يتوضأ ".
(2) النسائي: كتاب الطهارة، باب: النضح (1/86) ، ابن ماجه: كتاب
الطهارة، باب: ما جاء في النضح بعد الوضوء (461) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7/1427) .
(4) معالم السنن (1/55)

(1/387)


وقال: ثنا علي بن مسهر، عن عُبيد (1) الله بن عمر، عن نافع قال:
" كان ابن عمر إذا توضأ نضح فرجه ". قال عبيد الله: كان أبي يفعل
ذلك ". ورُوي ذلك عن مجاهد، وميمون، وسلمة وابن عباس، وعن
هذا قال أصحابنا: من جملة مستحبات الوضوء أن ينضح الماء على فرجه
وسراويله بعد فراغه من الوضوء، ولا سيما إذا كانت به وسوسة.
قوله: " قال بعضهم الحكم أو ابن الحكم " ليس بموجود في كثير من
النسخ، فإنه يذكر روايته بعد رواية مجاهد، عن رجل من ثقيف.
155- ص- حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال: نا سفيان، عن ابن
أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه قال: " رأيتُ رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال ثم نضح فرجهُ " (2) .
ش- إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وقد ذُكر.
وابن أبي نجيح عبد الله، واسم أبي نجيح: يسار، وكنيته أبو عبد الله،
وابن أبي نجيح يروى عن عطاء، وطاوس. روى عنه: ورقاء بن عمر (3)
وأهل الحجاز. قال يحيى القطان: لم يسمع ابن أبي نجيح التفسير من
مجاهد. وقال أبو حاتم: ابن أبي نجيح، وابن جريج نظرا في كتاب
القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد في التفسير، فرويا عن مجاهد من غير
سماع. مات ابن أبي نجيح سنة إحدى أو اثنتين ومائة (4) .
وهذا الحديث فيه مجهولان.
156- ص- ثنا نصر بن المهاجر، ثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة،
عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم أو ابن الحكم، عن أبيه: " أن النبيّ
- عليه السلام- بال ثم توضأ، ونضح فرجه " (5) .
__________
(1) في الأصل: " عبد الله " خطأ.
(2) انظر الحديث السابق.
(3) في الأصل: " عمرو " خطأ.
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16/3612) .
(5) انظر الحديث رقم (154) .

(1/388)


ش- نصر بن المهاجر روى عن: يزيد بن هارون، وعبد الصمد بن
عبد الوارث، ومعاوية بن عمر [و] . روى عنه أبو داود (1) .
ومعاوية بن عمرو بن المهلب بن عمرو بن شبيب أبو عُمر [و] الأزدي
المعنيُ البغدادي، أخو الكرماني بن عمرو، كوفي الأصل. سمع زائدة
ابن قدامة، وأبا إسحاق الفزاري، وجرير بن حازم، وغيرهم. روى
عنه: ابن معين، وأبو خيثمة، ومجاهد بن موسى، والبخاري، وروى
عن رجل عنه. توفي ببغداد سنة خمس عشرة أو أربع عشرة ومائتين.
روى له الجماعة (2) .
وزائدة بن قدامة الثقفي.
وفي هذا الحديث اضطراب. وأخرجه النسائي، وابن ماجه، وأخرج
الترمذي، وابن ماجه من حديث الحسن بن عليّ الهاشمي، عن الأعرج،
عن أبي هريرة: أن النبي- عليه السلام- قال: " جاءني جبريلُ فقال:
يا محمد، إذا توضأت فانتضح ". وقال الترمذي: وهذا حديث غريب،
وسمعت محمدا يقول: الحسن بن علي الهاشمي منكر الحديث (3) .
انتهى كلامه.
والهاشمي هذا ضعفه غير واحد من الأئمة.
وقوله: " إذا توضأت فانتضح " فيه تأويلات، الأول: إذا توضأت
فصب الماء على العضو صبا، ولا تقتصر على مسحه، فإنه لا يجزئ فيه
إلا الغسل.
الثاني: استبراء الماء بالنتر والتنحنح، يقال: نضحت: أسلت،
وانتضحت: تعاطيت الإسالة.
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29/6411) .
(2) المصدر السابق (28/6064)
(3) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في النضح بعد الوضوء (50) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في النضح بعد الوضوء (463) .

(1/389)


الثالث: رش الإزار الذي يلي الفرج بالماء، ليكون ذلك مذهباً
للوسواس كما جاء في الحديث الأول.
الرابع: معناه الاستنجاء بالماء، إشارة إلى الجمع بينه وبن الأحجار.
***
57- باب: ما يقول الرجل إذا توضأ؟
أي: هذا باب في بيان ما يقول بعد الفراغ من الوضوء من الأذكار.
157- ص- حدّثنا أحمد بن سعيد الهمْداني قال: نا ابن وهب قال:
سمعت معاوية يحدث عن أبي عثمان،/عن جبير بن نفير، عن عقبة بن
عامر قال: " كنّا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُدّام أنفسنا، نتناوبُ الرعاية: رعاية إبلنا،
فكانتْ عليّ رعاية الإبل، فروحتُها بالعشي، فأدركتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطبُ
الناس فسمعتُه يقولُ: ما منكم أحدٌ يتوضأ، فيُحْسنُ الوُضوء، ثم يقومُ
فيركعُ ركعتين، يُقبلُ عليهما بقلبه وبوجهه إلا أوجب (1) ، فقلت: بخ بخ،
ما أجود هذه، فقال رجلٌ من بين يد: التي قبلها يا عقبةُ أجود (2) ،
فنظرتُ فإذا هو عمرُ بنُ الخطاب، قلتُ: ما هي يا أبا حفص؟ قال: قال (3)
آنفاً قبل أن تجيء: ما منكم من أحد يتوضأ، فيُحْسنُ الوضوء، ثم يقولُ
حين يفْرغٌ من وضوئه: أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، وأن
محمدا (4) عبدُهُ ورسولُهُ، إلا فُتحتْ له أبوابُ الجنة الثمانيةُ، يدخلُ من
أيها شاء " (5) .
__________
(1) في سنن أبي داود: " إلا قد أوجب ".
(2) في سنن أبي داود: " أجودُ منها ".
(3) في سنن أبي داود: " إنه قال ".
(4) في سنن أبي داود: " وأشهد أن " ووضعت " أشهد " بين معقوفتين.
(5) مسلم كتاب الطهارة، باب: الذكر المستحب عقب الوضوء (234) ،
النسائي: كتاب الطهارة، باب: القول بعد الفراغ من الوضوء (1/93) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما يقال بعد الوضوء (470) .

(1/390)


ش- أحمد بن سعيد بن بشير بن عبيد الله أبو جعفر المصري الهمْداني.
روى عن عبد الله بن وهب. روى عنه: أبو داود، والنسائي وقال:
ليس بالقوي، وإبراهيم بن عبد الله بن معدان الأصبهاني، والفضل بن
عباس مات لعشر خلون من رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين (1) .
وابن وهب هو: عبد الله بن وهب، وقد ذكر. ومعاوية هو معاوية
ابن صالح الحمصي، وقد ذكر.
وأبو عثمان هذا وقع في رواية مسلم في طريقين: في الطريق الأول
قال: وحدثني أبو عثمان. وفى الثاني: عن أبي إدريس وأبى عثمان،
واختلفوا فيه في الأول، فقيل: هو معاوية بن صالح. وقيل: ربيعة بن
يزيد، وأما هاهنا فهو سعيد بن هانئ الخولاني المصري، وقيل: إنه
شامي. وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله. روى عن جُبير بن نفير،
وروى عنه معاوية بن صالح. وروى له: أبو داود، والنسائي، وابن
ماجه. مات سنة سبع وعشرين ومائة (2) .
وجُبير بن نفير بن مالك بن عامر الحضرمي أبو عبد الرحمن الحمصي.
ويقال: أبو عبد الله أدرك النبي- عليه السلام-. وروى عن: أبي بكر،
وعمر. وسمع: أبا ذر، وأبا الدرداء، وأبا أيوب، وأبا ثعلبة، وعبد الله
ابن عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وغيرهم. روى عنه: ابنه
عبد الرحمن، وسليم بن عامر، وأبو الزاهرية، وزيد بن واقد،
وجماعة آخرون. قال أبو حاتم: ثقة من كبار تابعي أهل الشام من
القدماء. توفي سنة خمس وسبعين. روى له الجماعة إلا البخاري (3) .
وعقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي الجهني أبو حماد، أو
أبو سعاد، أو أبو أسد، أو أبو عامر، أو أبو عمرو، أو أبو الأسود،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (1/38) ، وتصحف فيه " بشير " إلى
" بشر ".
(2) المصدر السابق (11/2370) .
(3) المصدر السابق (4/905) .

(1/391)


أو أبو عبس. روي له عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمسة وخمسون حديثاً، اتفقا
على سبعة، وللبخاري حديث، ولمسلم تسعة. روى عنه: جابر بن
عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأبو أمامة، وقيس بن أبي حازم
البجلي، وعلي بن رباح اللخمي، وغيرهم. ولي مصر من قبل معاوية
سنة أربع وأربعين، ثم عزله بمسلمة بن مخلد الزرقي. وتوفي بمصر سنة
ثمان وخمسين. روى له الجماعة (1) .
قوله: " خُدام أنفسنا " الخدامُ جمع " خادم "، والمعنى: أنهم كانوا
يخدمون أنفسهم في صحبة النبي- عليه السلام- ويتناوبون رعي إبلهم،
فيجتمع الجماعة، ويضمون إبلهم بعضها إلى بعض، فيرعاها كل يوم
واحد منهم ليكون أرفق بهم، وينصرف الباقون في مصالحهم.
قوله: " الرّعاية " بكسر الراء: وهي الرّعيُ.
وقوله: " رعاية إبلنا " نصب على أنه بدل من الرعاية الأولى.
قوله: " فروحتُها بالعشي " أي: رددتها إلى مُراحها في آخر النهار،
وتفرغت من أمرها، ثم جئت إلى مجلس رسول الله.
قوله: " يخطب الناس " حال من الرسول، من خطب يخطب خُطبة
بالضم، فهو خاطب وخطيب، والمعنى: أنه يخاطب الناس، ويحضهم
على فعل الخير، وينهاهم عن فعل الشر.
قوله: " فيُحسنُ الوضوء " أي: يأتي به تاما بكمال صفته وآدابه.
قوله: " ثم يقوم " بالرفع عطف على ما قبله.
قوله: " يُقبلُ عليهما " جملة وقعت حالاً عن الضمير الذي في " يركع "
أي: على الركعتين.
قوله: " بقلبه وبوجهه " أي: وبذاته؛ لأن الوجه يذكر ويراد به الذات
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3/106) ، وأسد الغابة
(4/53) ، والإصابة (2/489) .

(1/392)


كما في قوله تعالى: (كُل شيْء هالك إلا وجْههُ) (1) أي: ذاته. أما
إقباله بقلبه فهو الخشوع، وأما إقباله بوجهه فهو الخضوع بالأعضاء، وقد
جمع عليه السلام بهذين اللفْظين أنواع الخشوع والخضوع.
قوله: " إلا أوجب " أي: إلا أوجب الجنة، وبه/في رواية أبي بكر
ابن أبي شيبة حيث قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: نا معاوية بن
صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان، عن
جبير بن نفير، عن مالك الحضرمي، عن عقبة بن عامر الجهني، أن
رسول الله- عليه السلام- قال: " ما من أحد يتوضأ، فيحسنُ الوضوء،
ثم يصلي ركعتين مُقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة " الحديث.
قوله: " فقلت: بخ بخٍ " كلمة " بخ بخ " من الأسماء الجارية مجرى
الأصوات، تستعمل عند الرضا والإعجاب، وتفخيم الأمر وتعظيمه.
قال الأعشى:
بين الأشج وبن قيس باذخ ... بخ بخ لوالده وللمولود
ويقال بالتسكين والكسر مع التنوين والتخفيف، وبالكسر دون تنوين
وبضم الخاء مع التنوين والتشديد، واختار بعضهم إذا كررت تنوين الأولى
وتسكين الثانية. وسكنت الخاء فيه كما سكنت اللام في " هل " و " بل "،
ومنْ كسر ونون أجراها مجرى " صه " و " مه "، وبخبخ الرجل إذا قال:
بخ.
قوله: " ما أجود هذه " يعني: هذه الفائدة أو البشارة أو العبادة،
وجوْدتُها من جهات، منها: أنها سهلة متيسرة يقدرُ عليها كل أحد بلا
مشقة. ومنها: أن أجرها عظيم.
قو له: " التي " مبتدأ.
وقوله: " أجود " خبره، وقوله: " يا عقبة " معترض بينهما.
قوله: " قال: قال آنفاً " الضمير الذي في " قال " الأولى راجع إلى
__________
(1) سورة القصص: (88) .

(1/393)


" عمر "، والذي في الثاني راجع إلى " رسول الله " - عليه السلام-.
وقوله: " آنفاً " أي: قريباً، وهو بالمد على اللغة المشهورة، وبالقصر
على لغة صحيحة، وأصله من الائتناف، وهو الابتداء، ومعناه: الآن أو
الساعة، وانتصابه على الظرفية.
قوله: " ما منكم من أحد " مقول القول الثاني.
قوله: " أشهد أنْ لا إله إلا الله " من الشهادة، وهي خبر قاطع، تقول
فيه: شهد الرجل على كذا وشهده شهوداً أي: حضره، وقوم شهود:
حُضور، و" أن " فيه مخففة من المثقلة، والأصل: أشهد أنه لا إله إلا
الله، و" إلا " هاهنا بمعنى غير، أي: لا إله في الوجود غير الله.
قوله: " وأن محمداً " أي: وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، وهو
اسم مأخوذ من الحمد، يقال: حمدت الرجل فأنا أحمده إذا أثنيت عليه
بجلائل خصاله، وأحمدته وحمدته (1) محموداً، ويقال: رجل
محمود، فإذا بلغ النهاية في ذلك وتكامل فيه المناقب والمحاسن فهو
محمد
قال الأعشى يمدح بعض الملوك:
إليك أبيْت اللعن كان كلالُها ... إلى الماجد القرعْ الجواد المحمد
أراد الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة، وهذا البناء أبدا يدل على
الكثرة وبلوغ النهاية، فتقول في المدح: محمد، وفي الذم: مذمم،
ومنه قولهم: حُماداك أن تفعل ذلك، أي: غايتك، وفعلك المحمود
منك غير المذموم أن تفعل كذا، والفرق بين محمد وأحمد: أن الأول
مفعول، والثاني اسم تفضيل. والمعنى: إذا حمدتُ أحدا فأنت محمدٌ،
وإذا حمدني احدٌ فأنت أحمدُ، وإنما جمع بين قوله: " عبده ورسوله "
نفياً لتوهم ما يزعم النصارى في حق عيسى ابن مريم- عليه السلام-،
__________
(1) في الأصل: " حدته ".

(1/394)


أنه ابن الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً، والرسول الذي أرسل لتبليغ
رسالات الله، يعني: فكل رسول نبي ولا عكس.
قوله: " إلا فتحت له " جواب قوله: " ما منكم "
وقوله: " الثمانية " مرفوع على أنه صفة الأبواب.
قوله: " من أيها " أي: من أيّ الأبواب، الأصل في " أي " و " أيه "
أن تكون مضافاً، لأن المراد منه جزء من شيء فهو شبيه بـ " بعض "،
وهو مضاف دائماً. وهو اسم مبهم يبينه ما يُضاف إليه إلا الموصول عند
من يقول موضحة الصلة، وهي خمسة أنواع: موصولة نحو: اضرب
أيهم خرج، أي: الذي خرج منهم. واستفهامية نحو: أي الرجلين
عندك؟، وشرطية نحو: أيهم يضرب أضرب. وموصوفة نحو: زيد
رجل أي رجل، أي: كامل في صفات الرجال. ووصلة إلى بدإ ما فيه
" أل " نحو: يا أيها الرجل، وهو معرب من بين سائر الموصولات.
ويستفاد من هذا الحديث فوائد، الأولى: استحباب معاونة المؤمنين
بعضهم ببعض في مصالحهم.
والثانية: استحباب إسباغ الوضوء.
الثالثة: استحباب صلاة ركعتين بعد الوضوء.
والرابعة: استحباب قراءة: " أشهد أنْ/لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله عقيب الوضوء ". وأخرج هذا الحديث: مسلم،
والنسائي، وابن ماجه، وابن أبي شيبة.
ص- قال معاوية: وحدّثني ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة
ابن عامر.
ش- معاوية: ابن صالح.
وربيعة بن يزيد الدمشقي: أبو شعيب الإيادي القصير. سمع: معاوية
ابن أبي سفيان، وعبد الله بن عمرو، وواثلة بن الأسقع، وعبد الله

(1/395)


الديلمي، وأبا (1) إدريس، وجبير بن نفير، وغيرهم. روى عنه:
الأوزاعي، ومعاوية بن صالح، والوليد بن سليمان، وحيوة بن شريح،
وغيرهم. وقال العجلي: ثقة. مات بإفريقية في إمارة هشام، خرج
غازياً فقتله البربر. روى له الجماعة (2) .
وأبو إدريس: عائذ الله بن عبد الله بن عمرو. روى عن: عبد الله بن
مسعود، ومعاذ بن جبل. وسمع: عبادة بن الصامت، وعقبة بن عامر،
وأبا هريرة، وغيرهم. روى عنه: الزهري، وربيعة بن يزيد، ومكحول،
وشهر بن حوشب، وأبو سلام الأسود، وغيرهم. ولد يوم حنين،
ولاه عبد الملك القضاء بدمشق، وتوفي سنة ثمانين. روى له الجماعة (3) .
وهذا الإسناد هو إسناد مسلم في " صحيحه " قال: حدثنا محمد بن
حاتم قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا معاوية بن صالح، عن
ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن عقبة بن عامر.
158- ص- حدثنا حسين بن عيسى قال: حدثني عبد الله بن يزيد
المُقرئ، عن حيوة- وهو ابن شريح-، عن أبي عقيل، عن ابن عمه، عن
عقبة بن عامر الجهني، عن النبي- عليه السلام- نحوه، ولم يذكر أمر
الرعاية، قال عند قوله: " فأحسن الوُضوء، ثم رفع نظرهُ إلى السماء،
فقال "، وساق الحديث بمعنى حديث معاوية (4) .
ش- الحسين بن عيسى بن حُمران الطائي: أبو عليّ القُومسي
البسطامي، سكن نيسابور، وبها مات سنة سبع وأربعين ومائتين. سمع:
ابن عيينة، ووكيعاً، وابن أبي فديك، وغيرهم. روى عنه: البخاري،
ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وأبو حاتم وقال: هو صدوق (5) .
__________
(1) في الأصل: " وأبي "
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/1889) .
(3) المصدر السابق (14/3068) .
(4) انظر الحديث السابق.
(5) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6/1328) .

(1/396)


وعبد الله بن يزيد المقرئ المدني، وقد ذكر، وكذا حيوة بن شريح بن
صفوان.
وأبو عقيل هو زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام بن زهرة التيمي
القرشي، أبو عقيل المصري، مدني سكن مصر. أدرك عبد الله بن
عمرو، وروى عنه وعن عبد الله بن الزبير، وسمع جده عبد الله بن
هشام، وله صحبة. وسمع أباه، وسعيد بن المسيب، وغيرهم. وروى
عنه: حيوةُ بن شريح، والليث بن سعد، ونافع بن يزيد، وغيرهم.
قال أحمد: ثقة. وقال أبو حاتم: مستقيم الحديث، قيل: يحتج به،
وقيل: لا بأس به. توفي بالإسكندرية سنة سبع وعشرين ومائة. روى له
الجماعة (1) .
قوله: " نحوه " أي: نحو ما ذكر.
وهذا الحديث في إسناده رجل مجهول. وأخرجه الترمذي من حديث
أبي إدريس، وأبي عثمان، عن عمر بن الخطاب مختصراً وفيه دعاء.
وقال: " هذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي- عليه
السلام- في هذا كثير شيء. قال محمد: أبو إدريس لم يسمع من عمر
شيئاً " (2) .
وفي " المصنف ": حدثنا المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب قال:
حدثني زهرة بن معبد أبو عقيل: أن ابن عم له أخبره، أنه سمع عقبة بن
عامر يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من توضأ فأتم وضوءه ثم رفع
رأسه إلى السماء فقال: أشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن
محمدا عبده ورسوله، فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء ".
__________
(1) المصدر السابق (9/2008) .
(2) جامع الترمذي (1/78- 79) .

(1/397)


58- باب: الرجل يُصلي الصلوات بوضوء واحد
أي: هذا باب في بيان حكم الرجل الذي يصلي الصلوات بوضوء
واحد.
159- ص- حدثنا محمد بن عيسى قال: نا شريك، عن عمرو بن عامر
البجلي، قال محمد- هو أبو أسد (1) بن عمرو- قال: سألت أنس بن
مالك عن الوضوء؟ فقال: " كان النبيُ- عليه السلام- يتوضأ لكل صلاة،
وكنا نصلي الصلوات بوضوء واحدٍ " (2) .
ش- شريك ابن عبد الله النخعي.
وعمرو بن عامر الأنصاري الكوفي والد أسد (1) . سمع أنس بن
مالك. روى عنه: أبو الزناد، ومسعر، وشعبة، والثوري، وشريك بن
عبد الله، ويحيى بن عبد الله. قال أبو حاتم (3) : صالح. روى له
الجماعة (4) .
قوله: " قال محمد " هو محمد بن عيسى الطباع المذكور.
قوله: " وكنا نصلي الصلوات " يتناول الصلوات الثلاث والأربع
والخمس، وتوضؤه- عليه السلام- لكل صلاة كان/من باب التقرب
واكتساب الفضيلة، لا من باب الوجوب. وفي " المصنف ": حدّثنا
__________
(1) في الأصل: " أبو أسيد " خطأ.
(2) البخاري: كتاب الوضوء، باب: الوضوء من غير حدث (214) ، الترمذي:
كتاب الطهارة، باب: ما جاء في الوضوء لكل صلاة (60) ، النسائي:
كتاب الطهارة، باب: الوضوء لكل صلاة (1/84) ، ابن ماجه: كتاب
الطهارة، باب: الوضوء لكل صلاة والصلوات كلها بوضوء واحد (509) .
(3) في الأصل: " حديد ".
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/4392، 4393) ، وقد فرق الحافظ
المزي بين عمرو بن عامر الأنصاري وعمرو بن عامر البجلي والد أسد بن
عمرو، وذكر أن أبا داود زعم أنهما واحد، وأنه- ومن تبعه على ذلك- قد
وهم.

(1/398)


حفص، عن ليث، عن عطاء وطاوس ومجاهد: " أنهم كانوا يصلون
الصلوات كلها بوضوء واحد ".
وحدثنا يحيى بن سعيد، عن مسعود بن عليّ، عن عكرمة قال: قال
سعد: " إذا توضأت فصل بوضوئك ذلك ما لم تحدث ". وأخرج
حديث أنس هذا البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
160- ص- حدثنا مسدد قال: نا يحيى، عن سفيان قال: حدثني علقمة
ابن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: " صلى رسولُ الله- عليه
السلام- يوم الفتح خمس صلوات بوُضوء واحد، ومسح على خُفيه فقال
له عمر: إني رأيتك صنعت (1) شيئاً لم تكن تصنعُهُ؟ قال: عمداً
صنعتُهُ " (2) .
ش- يحيى القطان، وسفيان الثوري.
وعلقمة بن مرثد الحضرمي: أبو الحارث الكوفي. روى عن: طارق
ابن شهاب، وعبد الرحمن بن سابط، والشعبي، وسليمان بن بريدة،
ومجاهد، وغيرهم. روى عنه: الثوري، ومسعر، وشعبة، وغيرهم.
قال أحمد: ثبت في الحديث. وقال أبو حاتم: صالح. روى له
الجماعة (3) .
وسليمان بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، أخو عبد الله، وُلدا في
بطن واحد على عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنهم-. روى عن:
أبيه، وعمران بن حصين. روى عنه: علقمة بن مرثد، وعبد الله بن
__________
(1) في سنن أبي داود: " صنعت [اليوم] شيئاً ".
(2) مسلم: كتاب الطهارة، باب: جواز الصلوات كلها بوضوء واحد (277) ،
الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد
(61) ، النسائي: كتاب الطهارة، باب: الوضوء لكل صلاة (1/86) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: الوضوء لكل صلاة والصلوات كلها بوضوء
واحد (510) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (20/4018) .

(1/399)


عطاء، وأبو سفيان، وغيرهم. وقال أبو حاتم: ثقة. وقال البخاري:
لم يذكر سليمان سماعاً عن أبيه روى له الجماعة إلا البخاري (1) .
وبريدة بن الحصيب الصحابي قد ذكرناه.
قوله: " يوم الفتح " أي: فتح مكة، فتحت مكة سنة ثمان من
الهجرة، في شهر رمضان، يوم الجمعة لعشر بقين، و " أقام بها النبي
- عليه السلام- خمس عشرة ليلة " في رواية البخاري، وفي رواية أبي داود
والترمذي: " أقام ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين ".
قوله: " صنعت شيئاً لم تكن تصنعه " تصريح بأنه- عليه السلام- كان
يواظب على الوضوء لكل صلاة عملاً بالأفضل، وصلى الصلوات في
هذا اليوم بوضوء واحد بياناً للجواز، كما قال- عليه السلام-: " عمداً
صنعته "، وانتصاب " عمداً " على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره:
صنعته صُنعاً عمداً، ويجوز أن يكون نصباً على الحال، أي: عامداً
صنعته. وحكى الطحاوي وابن بطال في " شرح البخاري " عن طائفة من
العلماء أنهم قالوا: يجب الوضوء لكل صلاة وإن كان متطهراً، واحتجوا
بقوله تعالى: (إذا قُمْتُمْ إلى الصّلاة فاغْسلُوا وُجُوهكُمْ) الآية (2) .
وقال الشيخ محي الدين: " وما أظن هذا المذهب يصح عن أحد،
ولعلهم أرادوا استحباب تجديد الوضوء عند كل صلاة، ودليل الجمهور.
الأحاديث الصحيحة، منها هذا الحديث، وحديث أنس في البخاري
الذي مر آنفاً، وغير ذلك. أما الآية فالمراد بها والله أعلم: إذا أردتم
القيام إلى الصلاة وأنتم محدثون، وقيل: إنها منسوخة بفعل النبي- عليه
السلام " (3) .
ويستفاد من هذا الحديث فوائد، الأولى: فيه دليل على جواز خمس
صلوات بوضوء واحد.
__________
(1) المصدر السابق (11/2495) .
(2) سورة المائدة: (6) .
(3) انظر: " شرح صحيح مسلم " (3/177) .

(1/400)


والثانية: فيه جواز المسح على الخفين.
والثالثة: فيه جواز سؤال المفضول الفاضل عن بعض أعماله التي في
ظاهرها مخالفة للعادة؛ لأنها قد تكون عن نسيان فيرجع عنها، وقد
تكون تعمداً لمعنى خفي على المفضول فيستفيده.
***
59- باب: في تفريق الوضوء
أي: هذا باب في بيان تفريق الأعضاء في الوضوء.
161- ص- حدثنا هارون بن معروف قال: نا ابن وهب، عن جرير بن
حازم: أنه سمع قتادة بن دعامة قال: نا أنس بن مالك: " أن رجلاً جاء إلى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد توضأ، وقد ترك (1) على قدميْه مثل موضع الظُفْر، فقال
له رسولُ الله يك: " أرجعْ فأحسن وُضوءك " (2) .
ش- هارون بن معروف الخزاز أبو عليّ المروزي، سكن بغداد،
وسمع: ابن عيينة، وعبد العزيز الدراوردي، ويحيى بن زكريا، والوليد
ابن مسلم، وعبد الله بن وهب. روى عنه: أحمد بن حنبل- وكان
أسن من أحمد بسبع سنين- والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وصالح
ابن محمد البغدادي، والبغوي، وغيرهم. مات ببغداد سنة إحدى
وثلاثين ومائتين (3) .
وجرير بن حازم بن زيد (4) - أخو يزيد ومخلد- الأزدي العتكي،
أبو النضر البصري. سمع: أبا الطفيل عامر بن واثلة، وأبا رجاء
__________
(1) في سنن أبي داود: " وترك ".
(2) مسلم: كتاب الطهارة، باب: وجوب استيعاب جمع أجزاء كل الطهارة
(243) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: من توضأ فترك موضعاً لم يصبه
الماء (665) ، (666) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/6526) .
(4) في الأصل: " يزيد " خطأ.
26* شرح سنن أبي داود 1

(1/401)


/العطاردي، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، ونافعاً (1) مولى
ابن عمر، وقتادة، وغيرهم. روى عنه: أيوب السختياني، والأعمش،
والليث بن سعد، والثوري، وابن المبارك، ويحيى القطان، وابن عيينة،
وعبد الله بن وهب، وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم:
صدوق صالح تغير قبل موته بسنة (2) .
قوله: " وقد توضأ " حال من " الرجل "، وكذلك قوله: " وقد ترك "
حال، إما من الأحوال المتداخلة أو المترادفة.
قوله: " مثل موضع الظفر " الظفر من الإنسان وكل حيوان بضم الظاء
وسكون الفاء. وقال ابن دريد: ولا تكسر الظاء ويقال: أظفور أيضاً.
وقال الزمخشري: حكى أبو عليّ " ظفْر " بكسر الظاء وإسكان الفاء.
قوله: " ارجع فأحسن وضوءك " أي: كمل وضوءك، وذلك يكون
ببلّ هذا الموضع، وبه تمسك أصحابنا أن من توضأ وبقي في أعضاء وضوئه
موضع لم يصبه الماء، فإنه يبل ذلك الموضع ويجزئه. وقالت الشافعية:
عليه أن يعيد الوضوء؛ لان ظاهر معنى الحديث إعادة الوضوء في تمام.
ولو كان تفريقه جائزاً لاقتصر فيه على الأمر بغسل ذلك الموضع، أو كان
يأمره بإمساسه الماء في مقامه ذلك، ولا يأمره بالرجوع إلى المكان الذي
يُتوضأ فيه. قلنا: لو كان الإعادة تجب عليه لقال- عليه السلام-:
" ارجع فأعد وضوءك "؛ لأنه- عليه السلام- مبعوث لبيان أمور الشرائع
ولا سيما في موضع الحاجة إلى البيان، وإنما قال: " أحسن وضوءك "
وتحسين الوضوء تكميله، وذلك لا يكون إلا في أمر مُعتد، غاية ما في
الباب أنه لا يجوز له أن يُصلي بذلك الوضوء حتى تكمل شرائطه، وقوله
" ارجع " لا يدل على الإعادة، وإنما قال: ارجع ليرجع ويحصل ماء
يُمسُ ذلك الموضع به، ويؤيد ما ذكرناه ما روى ابن أبي شيبة: حدثنا
يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن خلاس فيما يعلم
__________
(1) في الأصل: " ونافع " خطأ
(2) المصدر السابق (4/913) .

(1/402)


حماد، عن علي قال: " إذا توضأ الرجل فنسي أن يمسح برأسه، فوجد
في لحيته بللاً، أخذ من لحيته فمسح رأسه ". وهذا أبلغ من ذاك، حيث
أنه إذا نسي ركناً كاملاً بالكلية يجزئه إمساس الماء من غير إعادة الوضوء،
على أن الحديث ليس بمعروف كما نذكره الآن.
عر- قال أبو داود: ليس هذا الحديث بمعروف عن جرير بن حازم، لم (1)
يروه إلا ابن وهب، وقد رُوي عن معقل بن عُبيد الله الجزري، عن
أبي الزبير، عن جابر، عن عمر- رضي الله عنه-، عن النبي- عليه
السلام- نحوه، وقال: " ارجعْ فأحْسنْ وضوءك ".
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: نا حماد قال: نا يونس
وحميد، عن الحسن، عن النبي- عليه السلام- بمعنى قتادة (2) .
ش- معقل بن عبيد الله أبو عبد الله الجزري العبسي مولاهم الحراني.
سمع: عطاء بن أبي رباح، ونافعاً، والزهري، وغيرهم. روى عنه:
الثوري، ووكيع، وأبو نعيم، وعبد الله بن محمد النفيلي، وغيرهم.
قال أحمد: صالح الحديث. وقال ابن معين: ليس به بأس. روى له:
مسلم، وأبو داود، والنسائي (3) .
وأبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي الأسدي، وقد ذكرناه،
وجابر بن عبد الله الصحابي، وحماد بن سلمة.
ويونس بن عبيد بن دينار البصري، أبو عبد الله العبدي مولاهم. رأى
أنس بن مالك. وسمع: الحسن، ومحمد بن سيرين، وثابتاً البناني،
وغيرهم. روى عنه: الثوري، وشعبة، والحمادان، ووهيب بن خالد،
وغيرهم. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. مات سنة تسع
وثلاثين ومائة. روى له الجماعة (4) .
__________
(1) في سنن أبي داود: " ولم "، وكذا في الشرح.
(2) انظر الحديث السابق.
(3) انظر ترجمته في تهذيب الكمال (28/6092) .
(4) المصدر السابق (32/7180) .

(1/403)


وحميد هذا هو ابن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري الخزاعي
مولى طلحة الطلْحات، واسم أبي حميد زاذويه، ويقال: طرخان.
ويقال: عبد الرحمن، ويقال: داود. سمع: أنس بن مالك، والحسن
البصري، وثابتاً، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم. روى عنه:
يحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة،
وشعبة، والحمادان، وابن المبارك، ويحيى القطان، وغيرهم. مات سنة
ثلاث وأربعين ومائة. روى له الجماعة (1) .
قوله: " ليس هذا الحديث بمعروف " أي: حديث أنس المذكور، ثم
علله بقوله: " ولم يروه إلا عبد الله بن وهب ".
قوله: " وقد روي " أي: رُوي هذا الحديث أيضاً عن معقل.
/وأخرج مسلم حديث عمر هذا عن سلمة بن شبيب، عن ابن أعين،
عن معقل. وأخرجه ابن ماجه من حديث عبد الله بن لهيعة، عن
أبي الزبير، قال الشيخ محيي الدين: " استدل القاضي عياض وغيره بهذا
الحديث على وجوب الموالاة في الوضوء لقوله- عليه السلام-: " ارجع
فأحسن وضوءك "، ولم يقل: اغسل الموضع الذي تركته. وهذا
الاستدلال ضعيف أو باطل، فإن قوله- عليه السلام-: " أحسن
وضوءك " يحتمل للتتميم والاستئناف، وليس حمله على أحدهما أولى من
الآخر " (2) .
قلت: وإن كان يحتمل المعنيين، ولكن حمله على معنى التتميم أولى
لما ذكرنا الآن. نعم الاستدلال به على وجوب الموالاة لا وجه له لعدم ما
يدل على ذلك، وإن دل فلا يسلم أن يكون واجباً، بل يكون مستحبا لما
عرف من أنه يلزم من ذلك الزيادة على مطلق النص، وذا غير جائز.
قوله: " قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل " إلى آخره، حديث
مرسل.
__________
(1) المصدر السابق (7/1525) .
(2) انظر: " شرح صحيح مسلم " (3/132) .

(1/404)


قوله: " بمعنى قتادة " يعني بمعنى الحديث الذي رواه قتادة بن دعامة عن
أنس بن مالك. وذكر الدارقطني أن جرير بن حازم تفرد به عن قتادة،
ولم يروه عنه غير ابن وهب.
162- ص- حدثنا حيوة بن شريح قال: نا بقية بن الوليد، عن بحير
- يعني: ابن سعد (1) - عن خالد- يعني: ابن معدان- عن بعض
أصحاب النبي- عليه السلام-: " أن النبي- عليه السلام- رأى رجلاً
يُصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدْر الدرهم لم يصبْها الماءُ، فأمره النبي- عليه
السلام- أن يُعيد الوضوء والصلاة " (2) .
ش- بقية بن الوليد بن صائد بن كعب بن حريز- بالحاء المهملة-
الكلاعي الحميري الميْتمي- بالياء آخر الحروف ثم التاء المثناة من فوق-
أبو محمد الحمصي. سمع: محمد بن زياد، والأوزاعي، ومالك بن
أنس، وابن جريج، وغيرهم. روى عنه: شعبة، والحمادان، وابن
المبارك، وحيوة بن شريح، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم. وقال
أبو مسهر: بقية ليست أحاديثه نقية. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا
يحتج به. وقال أبو زرعة: ما لبقية عيب إلا كثرة روايته عن المجهولين،
فإذا حدث عن الثقات فهو ثقة. توفي بحمص سنة سبع وتسعين ومائة.
روى له الجماعة إلا البخاري (3) .
وخالد بن معدان بن أبي كرب (4) الكلاعي أبو عبد الله الحمصي.
روى عن: أبي عبيدة بن الجراح، وعبادة بن الصامت، ومعاذ بن جبل،
وأبي هريرة، وأبي الدرداء، وأبي ذر الغفاري، وسمع أبا أمامة الباهلي،
وغيره. روى عنه: ثور بن يزيد، وحريز بن عثمان، وابنته عبدة بنت
__________
(1) في الأصل: " يحيى- يعني: ابن سعيد " خطأ، ووقع في سنن أبي داود:
" بجير " بالجيم المعجمة وهو خطأ أيضاً، والصواب أنه بالحاء المهملة.
(2) تفرد به أبو داود. (3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/738) .
(4) في الأصل: " كريب " خطأ.

(1/405)


خالد، وزياد بن سعد، وغيرهم. توفي سنة ثلاث ومائة. روى له
الجماعة إلا البخاري (1) .
قوله: " لُمعة " اللُّمعة- بضم اللام-: بياض أو سواد أو حمرة تبدو
من بين لون سواها، وهي في الأصل قطعة من النبت إذا أخذت في
اليبس، وفي اصطلاح الفقهاء: اللمعة: الموضع الذي لم يصبه الماء.
وبهذا الحديث استدل الجمهور أن من ترك جزءاً يسيرا مما يجب تطهيره لا
تصح طهارته. واختلفوا في التيمم، فعند الشافعي ومالك وأحمد:
كالوضوء. وعند أبي حنيفة: أن الاستيعاب فيه ليس بشرط، والأصح
عندنا أيضاً أنه شرط، وعليه الفتوى.
قوله: " أن يعيد الوضوء والصلاة " أما إعادة الصلاة فظاهر؛ لأنه صلّى
بلا طهارة كاملة، وأما إعادة الوضوء فعند من يقول بعدم جواز التفريق في
الوضوء، فظاهر أيضاً، وأما عند من يرى ذلك فلتقع صلاتُه بعد ذلك
بطهارة مأتي بها على وجه الكمال ليخرج عن عهدة الخلاف مع اشتراط
الاحتياط في أبواب العبادات. وهذا الحديث أيضاً مرسل، وفي إسناده
بقية، وهو مدلس، وفيه مقال كما ذكرناه. ولو أخرجه على ما أخرجه
الحاكم في " المستدرك " كان يسلم من تهمة تدليس بقية، والله أعلم.
***
60- باب: إذا شك في الحدث
أي: هذا باب في بيان حكم من يشك في الحدث. الشك: ما
يستوي فيه طرف العلم والجهل، وهو الوقوف بين الشيئين بحيث لا يميل
إلى أحدهما، فإذا قوي أحدهما وترجح على الآخر، ولم يأخذ بما
ترجح ولم يطرح الآخر فهو ظن، وإذا عقد/القلب على أحدهما وترك
الآخر فهو أكبر الظن، وغالب الرأي. ويقال: الشك ما استوى فيه
(1) المصدر السابق (8/1653) .

(1/406)


طرفا العلم والجهل، فإذا ترجح أحدهما على الآخر، فالطرف الراجح
ظن، والطرف المرجوح وهم.
163- ص- حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن أحمد بن أبي خلف (1)
قالا: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وعباد بن تميم، عن
عمه (2) : " شُكي إلى النبيّ- عليه السلام- الرجلُ يجدُ الشيء في الصلاة
حتى يُخيلُ إليه قال: " لا ينْفتلُ حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً " (3) .
ش- محمد بن أحمد بن أبي خلف، واسم أبي خلف: محمد
السلمي أبو عبد الله مولاهم البغدادي. سمع: محمد بن طلحة، وابن
عيينة، وروح بن عبادة، وغيرهم. روى عنه: مسلم، وأبو داود،
وابن ماجه، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم وقال عبد الرحمن
ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: ثقة صدوق مات سنة ست
وثلاثين ومائتين (4) .
وسعيد بن المسيب بن حزن بن عمرو أبو محمد المدني، إمام التابعين
وسيدهم. روى عن: عمر بن الخطاب، وسمع منه، ومن عثمان بن
عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن العباس، وأبي هريرة،
وغيرهم. روى عنه: عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وقتادة،
وجماعة آخرون كثيرة. توفي سنة أربع وتسعين، وولد لسنتين مضتا من
خلافة عمر بن الخطاب. روى له الجماعة (5) .
__________
(1) في سنن أبي داود: " ابن أبي بن خلف " خطأ.
(2) في سنن أبي داود: " عن عمه [قال] "
(3) البخاري: كاب الوضوء، باب: لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن (137) ،
مسلم: كتاب الحيض، باب: الدليل على أن من يستيقن الطهارة ثم شك في
الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك (361) ، النسائي: كتاب الطهارة، باب:
الوضوء من الريح (1/98) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: لا وضوء
إلا من حدث (513) .
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (24/5042) .
(5) المصدر السابق (11/2358) .

(1/407)


وعباد قد ذكر، وعمه عبد الله بن زيد الأنصاري الصحابي، وقد ذكر.
قوله: " شُكي إلى النبي " بضم الشين، وكسر الكاف على بناء
المجهول، و " الرجل " مرفوع على أنه فاعل للفعل المذكور، ولم يُسم
الشاكي من هو. وقد جاء في رواية البخاري أن السائل هو. عبد الله بن
زيد الراوي، ولا يتوهم بهذا أن " شكي " مفتوح الشن والكاف على بناء
المعلوم، على أن يجعل الشاكي هو عمه المذكور، فإن هذا غلط لا يخفى
على من يعرف طرق التركيب، وذاق من العربية شيئاً.
قوله: " يجد الشيء " حال من الرجل.
قوله: " يخيل إليه " يعني: خروج الحدث منه.
قوله: " لا ينفتل " أي: لا ينصرف من صلاته حتى يسمع صوتاً أو يجد
ريحاً، والمعنى: حتى يعلم وجود أحدهما، ولا يُشترط السماع والشم
بإجماع المسلمين، فإن الأصم لا يسمع شيئاً، والأخشم الذي راحت
حاسة شمه لا يشم أصلاً، وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام،
وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على
أصولها حتى يُتبين خلاف ذلك، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها
الحديث، وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث، حكم ببقائه على
طهارته، سواء كان في نفس الصلاة أو خارج الصلاة، وهذا بالإجماع
إلا عن مالك روايتان، إحديهما: أنه يلزمه الوضوء إن كان شكه خارج
الصلاة، ولا يلزمه إن كان في الصلاة، والأخرى: يلزمه بكل حال،
وحكيت الأولى عن الحسن البصري، وهو وجه شاذ عند الشافعية، وأما
إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فإنه يلزمه الوضوء بالإجماع. ويُبنى
على هذا الأصل فروع كثيرة محلها كتب الفقه. والحديث أخرجه
البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه.
164- ص- حدثنا موسى بن إسماعيل قال: نا حماد قال: أخبرنا سُهيل
ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كان

(1/408)


أحدُكُم في الصلاة فوجد حركةً في دُبُره، أحدث أو لم يحدث، فأشكل
عليه، فلا ينصرفْ حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " (1) .
ش- حماد بن سلمة.
وسهيل بن أبي صالح، واسم أبي صالح: ذكوان السمان الكوفي
أبو يزيد الغطفاني الكوفي، مولى جويرية بنت الأحْمس، أخو محمد
وعبد الله وصالح. سمع: أباه، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد،
وغيرهم. روى عنه: يحيى الأنصاري، ومالك بن أنس، وسليمان بن
بلال، والثوري، وشعبة، وابن عيينة، وغيرهم. وقال ابن معين:
ليس حديثه بحجة. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقال أحمد بن
عبد الله: ثقة. روى له الجماعة إلا البخاري (2) .
قوله: " فأشكل عليه " الضمير الذي في " أشكل " يرجع إلى الحدث
الذي دل عليه قوله: " أحدث " والمعنى: أشكل عليه/هل وجد أم لا،
فلا ينصرف من الصلاة؛ لأن اليقين لا يزول بالشك إلا إذا تيقن الحدث
فح (3) ينصرف ويتوضأ، ثم هل يبني على ما مضى أو يستأنف، فعندنا:
له أن يبني، وعند الشافعي، ومالك، وأحمد يستأنف، وهو الأفضل
عندنا. وهذا الحديث أخرجه مسلم والترمذي بنحوه.
***