شرح أبي داود للعيني

125- بَاب: بَول الصَبِيّ يُصِيبُ الثَّوبَ
أي: هذا باب في بيان بول الصبي يصيب الثوب.
__________
(1) السنن الكبرى (1/14) .
(2) هامش السنن الكبرى (1/14- 15) .

(2/201)


358- ص- ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب،
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أم قيس بنت محصن، أنها
أَتتِ النبيَّ- عليه السلام- بابن لها صغيرٍ لمِ يأكلِ الطَّعامَ، فَأجلسَهُ رسول
اللهِ في حِجرِهِ، فَبَالَ على ثوبِهِ، فدَعَى بماءٍ فنضحَهُ ولم يَغسِلهُ (1) .
ش- في رواية ابن الأعرابي: " أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام
إلى رسول الله ".
فوله: " في حجره ": بفتح الحاء وكسرها لغتان مشهورتان.
والحديث أخرجه البخاريّ، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن
ماجه. وفي لفظ لمسلم: " فرشّه "، وهو لفظ ابن حبان في " صحيحه "
وزاد: قال ابن شهاب: فمضت السُّنَة أن لا يغسل من بول الصبيّ حتى
يأكل الطعام/فإذا أكل غُسل. قال الطحاوي في " شرح الآثار ":
السُنَّة قد يراد بها سُنَة النبي- عليه السلام- وقد يراد بها سُنة غيره؛
قال- عليه السلام-: " عليكم بسُنَتي وسُنة الخلفاء من بَعدي "،
وأجاب الطحاوي عن الأحاديث التي فيها النضح: أن المراد بالنضح فيها
الصبّ، قال: وقد ورد ما يدلّ على صحة ذلك، ثم أخرج عن
أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أُتي
رسول الله بصبي فبال عليه فقال: " صبّوا عليه الماء صبا "، ثم أخرج من
طريق مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي- عليه
السلام- أتى بصبيِّ فبال عليه فأتبعه الماء. قال: ورواه زائدة عن هشام
فقال فيه: " فدعى بماء فنضحه "، قال: فدل ذلك على أن النضح
__________
(1) البخاري: كتاب الوضوء، باب: بول الصبيان (223) ، مسلم: كتاب
الطهارة، باب: حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله (287) ، الترمذي:
كتاب الطهارة، باب: ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم (71) ،
النسائي: كتاب الطهارة، باب: بول الصبي الذي لم يأكل الطعام (1/157) ،
ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم
(524)

(2/202)


عندهم الصبّي ثم أخرج عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال:
كنتُ عند رسول الله فجيء بالحسن فبال عليه، فلما فرغ صبّ عليه الماء.
ثم أخرج عن شريك، عن سماك، عن قابوس، عن أم الفضل أن
النبي- عليه السلام- وضع الحُسين على صدره فبال عليه فقلت: يا
رسول الله، أعطني إزارك أغسله فقال: " إنما يُصبّ على بول الغلام
ويغسل بول الجارية " 0 قال: وهو في غير هذه الرواية: " إنما ينضح بول
الغلام " فثبت أن المراد فيه بالنضح: الصبّي ليتفق الأثران، فثبت بهذا
الأثر: أن حكم بول الغلام: الغسل؛ إلا أن ذلك الغَسل يجزئ منه
الصبّ، وأن حكم بول الجارية الغسل- أيضاً- إلا أن الصبّ لا يكفي
فيه؛ لأن بول الغلام يكون في موضع واحد لضيق مخرجه، وبول
الجارية يتفرق لسعة مخرجه؛ فأمر في بول الغلام بالنضح، يُريد صَبّ
الماء في موضع واحد، وفي بول الجارية بالغسل لأنه يقع في مواضع
متفرقة. وقال الشيخ محيي الدين (1) : " الخلاف في كيفية تطهير الشيء
الذي بال عليه الصبيّ ولا خلاف في نجاسته، وقد نقل بعض أصحابنا
إجماع العلماء على نجاسة بول الصبيّ، وأنه لم يخالف فيه إلا داود
الظاهري. وأما ما حكاه أبو الحسن بن بطال ثم القاضي عياض عن
الشافعي وغيره أنهم قالوا: " بول الصبيّ طاهر وينضح " فحكاية باطلة
قطعاً، وقال: وقد اختلف العلماء في كيفية طهارة بول الصبي والجارية
على ثلاثة مذاهب، وهي ثلاثة أوجه لأصحابنا؛ الصحيح المشهور
المختار: أنه يكفي النضح في بول الصبي، ولا يكفي في بول الجارية؛
بل لابدّ من غسله كغيره من النجاسات، والثاني: أنه يكفي النضح فيهما،
والثالث: لا يكفي النضح فيهما، وهما شاذان ضعيفان. وممن قال
بالفرق: عليّ بن أبي طالب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري،
وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وابن وهب من أصحاب مالك،
ورُوِيَ عن أبي حنيفة. وممن قال بوجوب غسلهما: أبو حنيفة، ومالك
__________
(1) شرح صحيح مسلم (3/195) .

(2/203)


- في المشهور عنهما-، وأهل الكوفة 0 وأما حقيقة النضح هنا: فقد
اختلف أصحابنا فيها؛ فذهب الشيخ أبو محمد الجويني، والقاضي
حسين، والبغوي إلى أن معناه: أن الشيء الذي أصابه البول يغمر بالماء
كسائر النجاسات بحيث لو عصر لانعصَرَ. وذهب إمام الحرمين والمحققون
إلى أن النضح: أن يغمر ويكاثر بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء وتردده
وتقاطره بخلاف المكاثرة في غيره؛ فإنه يشترط فيها أن تكون بحيث يجري
بعض الماء ويتقاطر من المحلّ وإن لم يشترط عصره، وهذا هو الصحيح
المختار، ثم إن النضح إنما يجري ما دام الصبي يقتصر به على الرضاع،
أما إذا أكل الطعام على جهة التَغذية فإنه يجب الغسل بلا خلاف ".
قلت: ليس في هذا الباب كلام أنسب من كلام الطحاوي، ولا أقرب
إلى المعقول، ولا أسدّ في العمل بالأحاديث الواردة في هذا الباب،
وغيره قد تكلف كثيراً لإظهار الخلاف.
359- ص- ثنا مسدد، والربيع بن نافع أبو توبة، المعنى، قالا: ثنا
أبو الأحوص، عن سماك، عن قابوس، عن لُبَابةَ بنت الحارث قالت: كان
الحُسينُ بنُ عليٍّ في حجرِ رَسول الله فبالَ عليه، فقلتُ: البس ثوباً وأعطِنِي
إزارَكَ حتى أغسلَهُ قاَل: " إنماَ يُغسَلُ من بَول الأُنثى، ويُنضحُ من بول
الذكَرِ " (1) .
ش- أبو الأحوص: سلام بن سُليم الحنفي الجشمي، مولاهم الكوفي
روى عن: أبي إسحاق السبيعي، وسماك بن حرب، والأعمش،
/وغيرهم. روى عنه: أبو داود الطيالسي، وأبو نعيم، ومسدّد، وقتيبة،
وغيرهم. قال ابن معين: ثقة متين. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال
أبو زرعة: ثقة. مات سنة تسع وسبعين ومائة. روى له الجماعة (2) .
__________
(1) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (12/2655) .

(2/204)


وسماك: ابن حرب، أبو المغيرة الكوفي. وقابوس هذا هو ابن
المخارق الكوفي [ذكره ابن] (1) حبان في الثقات، وروى له:
[أبو داود] (1) ، والنسائي. وقابوس آخر: ابنُ أبي ظبيان- حُصَين-
ابن عبد الرحمن الكوفي. روى عن: أبيه، روى عنه: الثوري،
وزهير بن حرب، وإدريس الأودي، وغيرهم. قال أحمد بن حنبل:
ليس بذاك. وقال ابن معين: ضعيف الحديث- فيما رواه عنه عبد الله بن
أحمد. وقال في رواية أحمد بن سَعد: هو ثقة، جائز الحديث؛ إلا أن
ابن أبي ليلى جلده الحدَ. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. روى له: أبو داود، والترمذي،
وابن ماجه (2) .
ولبابة بنت الحارث: ابن حرب، أم الفضل الهلالية، أخت ميمونة
بنت الحارث زوج النبي- عليه السلام-، وهي زوجة العباس بن
عبد المطلب، رُوِيَ لها عن رسول الله ثلاثون حديثاً، اتفقا على حديث
واحد وللبخاري حديث ولمسلم آخر. روى عنها: ابنها عبد الله، وعُمير
مولاه، وعبد الله بن الحارث بن نوفل. روى لها الجماعة (3) . والحديث
أخرجه ابن ماجه، والطحاوي في [" كتابه "، وقد] ذكرناه.
360- ص- نا مجاهد بن موسى، وعباس بن عبد العظيم- المعنى-
قالا: نا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا يحيى بن الوليد قال: حدثَّني مُحل
ابن خليفة قال: حدثني أبو السَمح قال: كُنتَ أخدمُ النبيَ- عليه السلام-
فكانَ إذا أرادَ أن يَغتسلَ قال: " ولنِي قَفَاكَ " فأُولَيهَ قَفَايَ، فاستُرهُ به، فأتيَ
بحَسَنِ أو حُسينِ فبالَ على صَدره فجئتُ أغسلُهُ فقال: " يُغسَلُ من بَول
الجاريةِ، وبُرَش من بَولِ الغُلام " (4)
.َ
__________
(1) غير واضح في الإلحاق.
(2) المصدر السابق (12/2579) .
(3) انظر ترجمتها في: ألاستيعاب بهامش الإصابة (4/398) ، وأسد الغابة
(7/253) ، والإصابة (4/398) .
(4) النسائي: كتاب الطهارة، باب: ذكر الاستتار عند الاغتسال (1/126) ،=

(2/205)


ش- مجاهد بن موسى: ابن فروخ أبو علي الخوارزمي. سكن بغداد
روى عن: سفيان بن عيينة، وعبد الرحمن بن مهدي، وهشيم بن
بشير، وغيرهم. روى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، ومسلم،
وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو يعلى، والبغوي.
قال ابن معين: ثقة، لا بأس به. وقال أبو حاتم: محله الصدق. مات
سنة أربع وأربعين ومائتين (1) .
وعباس بن عبد العظيم: ابن توبة بن أسد، أبو الفضل العنبري
البصري. روى عن: يحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ومعاذ
ابن هشام، وغيرهم. روى عنه: أبو حاتم الرازي، والجماعة [إلا]
البخاري تعليقاً وغيرهم. قال النسائي: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق.
مات سنة ست وأربعين ومائتين (2) .
وعبد الرحمن بن مهدي: العنبري البصري.
ويحيى بن الوليد: ابن المسير الطائي، أبو الزعراء الكوفي. سمع:
محل بن خليفة، وسعيد بن عمرو بن أشوع. روى عنه: عبد الرحمن
ابن مهدي، وأبو عاصم: الضحاك بن مخلد، وزيد بن الحباب،
وسويد بن عمرو الكلبي. روى له: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه (3) .
ومُحِل بن خليفة- بالميم المضمومة وبالحاء المهملة المكسورة- الطائي
الكوفي. سمع: عدي بن حاتم، وأبا السمح خادم النبي- عليه
السلام-، وأبا وائل: شقيق بن سلمة. روى عنه: يحيى بن الوليد،
وشعبة، وسَعد أبو مجاهد. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم:
__________
ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم
(526) ، وباب: ما جاء في الاستتار عند الغسل (613) .
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27/5784) .
(2) المصدر السابق (14/3128) .
(3) المصدر السابق (32/6942) .

(2/206)


صدوق ثقة. روى له: البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن
ماجه (1) .
وأبو السَّمح- بفتح السين المهملة، وسكون الميم، وفي آخره: حاء
مهملة- قال أبو زرعة الرازي: لا أعرف اسم أبي السَمح هذا، ولا
أعرف له غير هذا- يعني هذا الحديث-، وقال غيره: اسمه: " إياد " (2)
والحديث أخرجه: النسائي، وابن ماجه.
ص- قال عباس: قال: حدثنا يحيى بن الوليد (3) .
ش- أي: قال عباس بن عبد العظيم: حدثنا بهذا الحديث يحيى بن
الوليد أبو الزعراء، وفي بعض النسخ بعد قوله: " يحيى بن الوليد ":
" قال أبو داود: وهو أبو الزعراء "؛ والأصح أنه ليس بموجود في النسخ
الصحيحة.
361- ص- نا مُسدد قال: نا يحيى، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن
أبي حرب بنِ أبي الأسود، عن أبيه، عن علي قال: يُغسلُ بولُ (4) الجارية،
ويُنضحُ من بولِ الغُلام ما لم يَطعَم " (5) .
ش- يحيى: القطان، واسم ابن أبي عروبة: سعيد، واسم
أبي عروبة: مهران؛ وقد مر غير مرة.
وأبو حَرب ابن أبي الأسود، رو [ى] عن: أبيه، وعبد الله بن عُمر.
وروى عنه: قتادة، وداود بن أبي هند، وعثمان بن عمير. قال ابن
سَعد: [كان معروفاً و] (6) له أحاديث. روى له: مسلم، وأبو داود،
والترمذي، وابن ماجه (7) .
__________
(1) المصدر السابق (27/5810) .
(2) المصدر السابق (33/7414) .
(3) جاء في سنن أبي داود بعد هذا: " قال أبو داود: وهو أبو الزعراء. قال
هارون بن تميم، عن الحسن قال: " الأبوال كلها سواء'، وسيأتي عندنا بعد
حديثين، وانظر تعليق المصنف عليه هنا وهناك.
(4) في سنن أبي داود: " يغسل من بول ".
(5) تفرد به أبو داود.
(6) مبتور في الإلحاق، وأثبتناه من تهذيب الكمال.
(7) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (33/7305) .

(2/207)


[وأبو الأسود] (1) : ظالم بن عمرو بن سُفيان بن جندل بن يعمر بن
حَلبَس (2) بن نُفاثَة بن عَدي بن الذَيل الديلي البصري قاضيها. سمع:
عمر بن الخطاب، وعليا، والزبير بن العوام، وأبا ذر الغفاري،
وعمران بن الحصين، وابن عباس. وَروَى عنه: ابنه: أبو حَرب،
وأهلُ البصرة. ويقال: اسمُه: عمرو بن ظالم. وقال ابن معين:
بصري ثقة. وهو أول من تكلم في النحو. روى له الجماعة. وقال ابن
حبان: ولي البصرة لابن عباس، ومات بها (3) ./والحديث رواه ابن
أبي شيبة في " مصنفه ".
362- ص- نا ابن المثنى: نا معاذ بن هشام: حَدّثني أبي، عن قتادة، عيب
أبي حَرب بن أبي الأسود، عن أبي الأسود، عن عليّ بن أبي طالب، أن نبي
الله- عليه السلام- قال: فذكرَ مَعناه؛ لم يذكر " ما لم يَطعم ". زاد: قال
قتاَدة: " هذا ما لم يَطعَمَا الطَّعامَ، فإذا طَعِمَا غُسِلا جميعاً " (4) .
ش- أي: ذكر معنى الحديث السابق الموقوف على علي- رضي الله
عنه-.
قوله: " لم يذكر " أي: ابن المثنى لم يذكر في روايته عن معاذ بن
هشام لفظ: " ما لم يَطعم "، ولكنه زاد: قال قتادة إلى آخره، ويجوز
أن يكون فاعل " لم يَذكر "، وفاعلُ " زادَ " هو هشامُ الدستوائي.
قوله: " فإذا طعما " بفتح الطاء وكسر العين، من باب: علم يعلم.
وهذا أخرجه: الترمذي، وابن ماجه؛ وقال الترمذي: هذا حديث
حسن، وذكر أن هشاماً الدستوائي رفعه عن قتادة، وأن سعيد بن
__________
(1) مبتور في الإلحاق، وأثبتناه من تهذيب الكمال.
(2) كذا وفي تهذيب الكمال: " حلس "، وفي تهذيب التهذيب: " حنش ".
(3) المصدر السابق (33/7209) .
(4) انظر الحديث السابق.

(2/208)


أبي عروبة وقفه عنه ولم يرفعه، وقال البخاريّ: وسعيد بن أبي عروبة لا
يرفعه، وهشام الدستوائي يَرفعه وهو حافظ.
ص- قال أبو داود: قال هارون بن تميم عن الحسن قال: " الأبوال كلها
سواء ".
ش- هذا ليس بثابت في غالب النسخ الصحيحة؛ والمعنى سَواء كان
بول الصغير أو الكبير أو الذكر أو الأنثى؛ فالكل نجس فلابد فيه من
الغسل. وهارون بن تميم: الراسبي، يروي عن: الحسن، عداده في
أهل البصرة. روى عنه: أبو هلال الراسبي، ذكره ابن حبان في
" الثقات ".
363- ص- ثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر قال: ثنا
عبد الوارث، عن يونس، عن الحسن، عن أمه أنها أبصرت أم سَلمة
تَصُب (1) على بولِ الغُلام ما لم يَطعَم، فإذا طَعِمَ غَسلَتهُ، وكانت تَغسلُ بولَ
الجَاريةِ (2) .
ش- عبد الوارث: ابن سعيد العنبري البصري، ويونس: ابن عُبَيد
البصري، والحسن: البصري، وأمه: خَيرة، مولاة أم سلمة زوج النبي
- عليه السلام-. روت عن: عائشة، وأم سلمة. روى عنها: ابناها
الحسن، وسعيد. روى لها الجماعة إلا البخاري (3) . وقد تكلم
الطحاوي في هذه الأحاديث بما فيه الكفاية- كما ذكرناه- والله أعلم.
***
126- باب: الأرض يُصيبها البول
أي: هذا باب في بيان حكم الأرض التي تُصيبها البول.
364- ص- نا أحمد بن عَمرو بن السَرج، وابن عبدة في آخرين
__________
(1) في سنن أبي داود: " تصب الماء ".
(2) تفرد به أبو داود.
(3) انظر ترجمتها في: تهذيب الكمال (35/7832) .
14* شرح سنن أبي داوود 2

(2/209)


- وهذا لفظ ابن عَبدة- قال: أنا سفيان، عن الزهري، عن سَعيد، عن
أبي هريرة: أن أعرابيا دخلَ المسجدَ ورسولُ الله- عليه السلام- جَالس
فصلَّى قال ابن عَبدة: ركعتين ثم قال: اللهم ارَحَمنِي ومحمداً ولا تَرحم
معنا أحداً. فقال النبيُ- عليه السلام-: " لقد تَحَجَّرتَ وَاسعاً "، ثم لم
يَلبث أن بَالَ في نَاحية المسجدِ، فأسرِعَ الناسُ إليه، فنهاهمِ النبيُّ- عليه
السلام- وقال: " إنمَا بُعثتُم مُيَسَرِين، ولم تُبعَثُوا مُعسَرِين، صُبُوا عليه
سَجلاً من ماءٍ " أو قال: " ذَنُوباً من مَاءٍ " (1) .
ش- ابن عَبدة: هو أحمد بن عَبدة، وسعيد: ابن المسيّب.
قوله: " أن أعرابيا " الأعرابي: الذي يَسكنُ البادية، وهو منسوب إلى
الأعراب ساكني البادية من العَرب، الذين لا يقيمون في الأمصار، ولا
يدخلونها إلا لحاجة، والعَربُ اسَم لهذا الجيل المعروف من الناس، ولا
واحد له من لفظه "، وسواء أقام بالبادية أو المُدن؛ والنسبة إليه عربيّ بَيّن
العُروبَة. وقال الجوهري: العربُ جيل من الناس، والنسبة إليهم:
عربي، وهم أهل الأمصار، والأعراب منهم: سكّان البادية خاصة،
والنسبة إلى الأعراب: أعرابي؛ لأنه لا واحد له، وليس الأعرابُ جمعاً
لعَرب كما أن الأنباط جمع (2) لنبط، وإنما العرب اسم جنس، والعرب
العاربة هم الخُلَّصُ منهم، واخذَ من لفظه فأكد به كقولك: ليلٌ أليل،
وربما قالوا: العربُ العَرباء، وَالعربُ المُستَعربة هم الذين ليسوا بخُلَص،
وكذلك المُتعرّبةُ.
قوله: " قال ابن عبدة " مُعترض بين الفعل بفاعله وبين مفعوله.
قوله: " ومحمدا " أي: ارحم محمداً.
قوله: " لقد تحجّرت واسعاً " أي: ضيقت من رحمة الله ما وسعه،
__________
(1) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في البول يصيب الأرض (147) ،
النسائي: كاَب السهو، باب: الكلام في الصلاة (3/14) .
(2) في الأصل: " جمعاً ".

(2/210)


ومنعت منها ما أبَاحه؛ وأصل الحجر: المنع، ومنه: حجر السفِيه؛ وهو
منعه من التصرف في ماله. قال ابن الأثير (1) : " أي: ضيقت ما وسعه
الله، وخصصت به نفسك دون غيرك ". وإنما ذكر من باب التفعل إشارة
إلى أنه قد تكلف في هذا الدعاء الذي خصص به نفسه، لأن باب التفعل
للتكلف.
قوله: " أن بال " يجوز أن تكون " أن " مصدرية بمَعنى: " لم يلبَث
بوله " على معنى لم يتعلق بشيءٍ حتى بالَ.
قوله: " سَجلاً " السَّجل- بفتح السين، وسكون الجيم-: الدلو إذا
كان فيه ماء قلّ أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة " سَجلٌ " وهو مذكر؛
والذنوب- بفتح الذال المعجمة، وضم النون-: الدلو العظيمة إذا
كانت مَلأى (2) ماء، ِ وقد يكون فيها ماء قريب من المِلء؛ ويذكر
ويؤنث، وجمع السجل: سجال، وجمع الذنوب في أدنى العدد:
أًذنِبة، والكثير: ذَنائِبُ. ويستفاد من الحديث فوائد:
الأولى: أن الداعي لا ينبغي أن يخص نفسه بالدعاء،/بل إذا قدم غيره
كان أقرب إلى القبول.
الثانية: فيه الرفق بالجاهل، وتعليم ما يلزمه من غير تعسف ولا إيذاء
إذا لم يأت بالمخالفة استخفافاً أو عناداَ.
الثالثة: فيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما؛ لأنه- عليه
السلام- إنما نهاهم عن القطع عليه لمصلحتين؛ الأولى: أنه لو قطع عليه
بوله تضرر، وأصل التنجيس قد حصل، فكان احتمال زيادته أولى من
إيقاع الضرر به، والثانية: أن التنجيس قد حصل في جزء يسير من المسجد،
فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المَسجد.
الرابعة: فيه إثبات نجاسة بول الآدمي، ولا فرق بين الكبير والصغير.
الخامسة: فيه احترام المسجد وتنزيهه عن الأقذار.
__________
(1) النهاية (1/342) .
(2) في الأصل: " ملأ ".

(2/211)


السادسة: فيه أن الأرض تطهُر بصَبّ الماء عليها. وقال الشيخ محيي
الدين (1) : " ولا يشترط حفرها، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور. وقال
أبو حنيفة: لا تطهر إلا بحَفرها ".
قلت: مذهب أبي حنيفة: أن الأرض إذا أصابتها نجاسة يصب عليها
الماء، وتُدلك بعد ذلك، وتُنشّف [] (2) أو خرقة، إذا فعل ذلك
ثلاثاً طهرت، وإن لم يَفعل ذلك، لكن صبّ عليه ماءً كثيراً حتى عرف
أنه أزال النجاسة ولم يوجد لها لون ولا ريح، ثم ترك حتى لشفت كانت
طاهرة. وفي " شرح الطحاوي ": هذا إذا كانت الأرض رخوةً، أما إذا
كانت صلبةً فإن كانت منحدبة تحفرُ في أسفلها حَفيرةٌ يُصب عليها الماء،
فيُجمع في ذلك الموضع ثم تكبسُ تلك الحفيرة وإن كانت مستوية لا فائدة
في غَسلها بل تُحفر فَيجعلُ أعلاها أَسفلَها، وسيجيء الدليل لهذا
الأصل. والحديث أخرجه الترمذي، والنسائي. وأخرجه ابن ماجه من
حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وأخرجه البخاري
من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة. وأخرجه
البخاريّ ومسلم من حديث أنس بن مالك بنحوه.
365- ص- نا موسى بن إسماعيل: نا جرير- يعني ابن حازم- قال:
سمعت عبد الملك- يعني ابن عُمير- يُحدِّث عن عبد الله بن مَعقل بن
مُقَرَّن قال: صَلَى أعرابي مع النبيِّ- عليه السلام- بهذه القصة قالَ فيه:
وقال " - يعني النبي- عليه السلام-: " خُذُوا ما بالَ عليه من التُّراب فألقُوه
وأهرِيقُوا على مَكَانِهِ ماءَ " (3) .
ش- جرير بن حازم: أبو النضر البصري.
وعبد الملك بن عُمير: ابن سُويد بن جارية- بالجيم- اللخمي،
ويقال: القرشي الكوفي، أبو عَمرو، أو أبو عُمر، رأى عليا،
__________
(1) شرح صحيح مسلم (3/191) ، وانظر الفوائد قبلُ فيه أيضاً.
(2) كلمة غير واضحة في الإلحاق.
(3) تفرد به أبو داود.

(2/212)


وأبا موسى الأشعري. وسمع: جرير بن عبد الله البجلي، وجابر بن
سمرة، والمغيرة بن شعبة، وعدي بن حاتم، وجندب بن عبد الله،
وغيرهم، ومن التابعين: عبد الله بن الحارث الهاشمي، وموسى بن
طلحة، وأبا الأحوص عوف بن مالك، وغيرهم. روى عنه: سليمان
التيمي، والأعمش، والثوري، وشعبة، وجرير بن حازم، وغيرهم.
قال ابن معين: هو مخلط. وقال أبو حاتم: ليس بحافظ وصالح،
تغير حفظه قبل موته. قال أحمد بن عبد الله: ثقة. مات سنة ست
وثلاثين ومائة. روى له الجماعة (1) .
وعبد الله بن مَعقل بن مُقَرّن: المُزني، أبو الوليد الكوفي، سمع:
ابن مسعود، وثابت بن الضحاكً، وكعب بن عجرة، وعدي بن حاتم.
وروى عن: عليّ بن أبي طالب. روى عنه: عبد الرحمن الأصبهاني،
وزياد بن أبي مريم، وعبد الله بن السائب الشيباني، وأبو إسحاق
الشيباني، والهمداني. قال أحمد بن عبد الله: معقل له صحبة، وابنه:
عبد الله كوفي تابعي ثقة، من خيار التابعين. روى له: البخاري،
ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة (2) . ومقرن
بضم الميم، وفتح القاف، وتشديد الراء وفتحها، وفي آخره نون.
قوله: " خذوا ما بال عليه من التراب " استدل به أصحابنا في طهارة
الأرض تصيبها نجاسة بحفرها؛ فإنه- عليه السلام- أمَر بإلقاء التراب
الذي عليها بقوله: " خذوا ما بَال عليه من التراب فألقوه " أي: ارمُوه:
وهذا يدل على أن الأرض كانت غير رخوة؛ لأنها لو كانت رخوة لاكتفى
بصَبّ الماءِ عليها بدون الحَفر؛ لأن إلقاء التراب لا يكون إلا بالحفر.
قوله: " وأهرِيقوا " أي: أريقوا، و " الهاء " زائدة؛ وقد مر مثله غير
مرة.
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18/3546) .
(2) المصدر السابق (16/3586) .

(2/213)


ص- قال أبو داود: وهو مُرسل؛ ابنُ مَعقل لم يُدرك النبيَّ- عليه
السلام-.
ش- أي: هذا الحديث مُرسل؛ لأن عبد الله بن مَعقل المذكور لم
يُدرك النبي- عليه السلام-، وقال الخطابي (1) : " فأما حديث عبد الله
ابن مَعقل: فإن أبا داود قد ذكره وضعّفه وقال: هو مُرسلٌ ".
قلت: كيف يَنسُبُه إلى التَّضعيف؛ وقد رُويَ هذا الحديث من طريقين
مُسندين وطريقين مُرسلَين؛ فالمُسندان أحدهما: عن سَمعان بن مالك،
عن أبي وائل، / عن عبد الله قال: جاء أعرابيّ فبال في المسجد فأمر
النبي- عليه السلام- بمكانه فاحتفر وصُب عليه دلو من ماء. أخرجه
الدارقطني في " سننه " (2) . والثاني: أخرجه الدارقطني- أيضاً- عن
عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عُيينة، عن يحيى بن سعيد، عن أنس أن
أعرابيا بال في المَسجد فقال عليه السلام: " احفروا مكانه، ثم صبوا عليه
ذنوباً من ماء ". وأما المرسلان، فأحدهما: ما رواه أبو داود، والثاني:
ما رواه عبد الرزاق في " مُصنفه "
***
127- بَاب: طَهُور الأرض إذا يبسَت
أي: هذا باب في بيان طهورية الأرض إذا يبست بعد أن أصابتها
النجاسة.
366- ص- ثنا أحمد بن صالح قال: ثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني
يونس، عن ابن شهاب قال: حدَّثني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: قال ابن
عُمر: كُنتُ أَبيتُ في المسجدِ في عَهدِ رسول الله، وكُنتُ فتى شابا عَزباً،
وكانت الكلابُ تَبُولُ وتُقبلُ وتُدبرُ في المسجدَ، فلَم يكونوا يَرُشُونَ شيئاً من
ذلك (3) .
__________
(1) معالم السنن (1/100) .
(2) (1/132) وقال: " سمعان مجهول ".
(3) البخاري تعليقاً: كتاب الوضوء، باب: الماء الذي يغسل به شعر الإنسان ...
(174) .

(2/214)


ش- أحمد بن صالح: المصري، ويونس: ابن يزيد.
وحمزة بن عبد الله بن عُمر: ابن الخطاب أبو عمارة القرشي العدوي،
المدني، والد عمر بن حمزة. سمع: أباه، وعائشة أم المؤمنين. روى
عنه: أخوه: عبد الله، والزهري، وأخوه: عبد الله بن مسلم،
وغيرهم. قال ابن سَعد: كان ثقة قليل الحديث. روى له الجماعة (1) .
قوله: " فتًى " الفَتى: الشَاب، وقد فتِي- بالكسر- يفتي فَتاً، والفَتَى
- أيضاً-: السخي الكريمُ، وأصل تركيبه بمعنى القوة؛ ومنه الفتوى؛
لأنه يقوي السائل.
قوله: " شابا " تأكيد لقوله: " فتَى ".
قوله: " عَزَبا " صفتُه العَزَب- بفتح العَين والزاي-: الذي لا زوج
له؛ سمّي به لبُعده عن النساء؛ يقال: رجل عَزَبٌ وامرأة عزباء، ولا
يقال فيه: " أعزَبُ " من عَزبَ يعزُب، من باب نصر ينصر فهو عازِبٌ إذا
بَعد، ومنه في الحديث: " من قرأ القرآن في أربعين ليلة فقد عَزَبَ " أي:
بَعُد عهده بما ابتدأ منه وأبطأ في تلاوته.
قوله: " وكانت الكلاب تبولُ وتُقبل و " تدبر في المَسجد " قال الخطابي (2) :
" يُتأول على أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها، وتقبل وتُدبر في
المسجد عابرةَ؛ إذ لا يحوز أن تترك الكلاب تنتابُ المسجد حتى تمتهنه
وتبول فيه، وإنما كان إقبالها وإدبارها في أوقات باردة، ولم يكن على
المسجد أبواب تمنع عبورها فيه ".
قلت: هذا تأويلٌ بعيد؛ لأن قوله: " في المسجد " ليس ظرفاً لقوله:
" وتُقبلُ وتدبرُ " وحده؛ بل إنما هو ظرف لقوله: " تبولُ وتقبلُ وتدبرُ "
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7/1507) .
(2) معالم السنن (1/101) .

(2/215)


كلها وأيضاً قوله: " فلم يكن يَرُشّون شيئاً من ذلك " يَمنعُ هذا التأويل؛
لأنها لو كانت تبولُ في مواطنها ما كان يحتاج إلى ذكر الرش وعدمه؛ إذ
لا فائدة فيه، وكذلك التَّبوِيبُ بقوله: " طهور الأرض إذا يبسَت " يردّ
هذا التأويل؛ بل الظاهر أنها كانت تبول في المسجد؛ ولكنها تنشفُ
وتيبَسُ فتطهُر، فلا يحتاج إلى رش الماء؛ وإنما حمل الخطابيَّ على هذا
التأويل البعيد منعُهُ هذا الحديث أن لا يكون حجة لأصحابنا عليهم؛ فإن
أصحابنا استدلوا به على الأرض إذا أصابته نجاسة فجَفت بالشمس أو
بالهواء، وذهب أثرها تطهرُ في حق الصلاة، خلافاً للشافعي وأحمد
وزفر؛ ويؤيد ما قاله أصحابنا: ما أخرجه ابن أبي شيبة في " مُصنفه " (1)
عن أبي جعفر محمد بن عليّ قال: " زكاة الأرض يُبسها ". وأخرج (1)
عن ابن الحنفية وأبي قلابة قالا: " إذا جفت الأرض فقد زكت ". وروى
عبد الرزاق في " مصنفه ": أخبرنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة
قال: " جفوف الأرض طهورها ".
128- باب: الأذى يُصيب الذيل (2)
أي: هذا باب في بيان الأذى- أي: النجاسة- يصيب الذيل؛ هذا
الباب في رواية اللؤلؤي ذكر بعد باب " البزاق " في آخر كتاب الطهارة.
367- ص- ثنا عبد الله بز مَسلمة، عن مالك، عن محمد بن عمارة
ابن عَمرو بن حَزم، عن محمد بن إبراهيم، عن أم ولد لإبراهيم بن
عبد الرحمن دن عوف، أنها سألت أم سَلمةَ زوجَ النبيِّ- عليه السلام-
فقالت: إني امرأةٌ أطيلُ ذَيلِي وامشي في المَكَان القَذر/فقالَت أُمُ سَلمةَ:
قال رسول اللهِ: " يُطَهًّرُهُ ما بَعدَه " (3) .
__________
(1) (1 / 41) باب من قال: إذا كانت جافة فهو زكاتها.
(2) غير واضح في الأصل.
(3) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في الوضوء من الموطأ (143) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: الأرض يطهر بعضها بعضاً (531) .

(2/216)


ش- مالك: ابن أنس.
ومحمد بن عُمارة بن عَمرو بن حَزم: الحزمي الأنصاري المدني. روى
عن: أبي طوالة: عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، وأبي بكر بن
عَمرو بن حزم، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وزينب بنت نُبيط بن شَريط.
روى عنه: مالك بن أنس، وعبد الله بن إدريس، وحاتم بن إسماعيل،
وغيرهم. قال ابن معين: ثقة وقال أبو حاتم: هو صالح، ليس بذاك
القويّ. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
ومحمد بن إبراهيم: ابن الحارث التيمي المدني.
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري المدني، أبو محمد،
أو أبو عبد الله، يقال ت إنه ولد في حياة رسول الله وشهد الدار مع عثمان
ابن عفان، ودخل [على] عمر بن الخطاب وهو صغير وسمع منه.
وسمع: عثمان، وأباه، وسَعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله،
وأبا بكرة، وجبير بن مطعم. وروى عن: عليّ بن أبي طالب، وعمار
ابن ياسرٍ، وعَمرو بن العاص. وسمع أمّه: أم كلثوم بنت عقبة: بن
أبي معيط- وهي [أخت] عثمان بن عفان لأمّه-. روى عنه: ابناه:
سَعدٌ وصالحٌ، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، وغيرهم. قال أحمد
ابن عبد الله: تابعي ثقة. توفي سنة ست وسبعين وهو ابن خمس
وسبعين سنة. روى له: البخاري، ومسلم، وابن ماجه، وأبو داود (2) .
قوله: " وأمشي في المكان القذر " - بفتح القاف، وكسر الذال
المعجمة- ضد النظافة؛ يقال: شيءٌ قَذِرٌ بيِّنُ القذارة، وأصله من قذرتُ
الشيء أقذَرُه إذا كرهتَه واجتنبتَه، من باب علم يعلم؛ والاسمُ: " القَذَر "
بفتح القاف والذال.
قوله: " يُطَهِّره ما بَعده " أي: يُطهِّر المكان القذِرَ ما بَعده من المكان
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5494) .
(2) المصدر السابق (2/203) .

(2/217)


الطاهر؛ وليس معناه: أن الثوب إذا أصابَه نجاسة من مكان يُطهره مكان
آخر؛ فإن ذلك لا يُطهره إلا الغَسلُ، وهذا بالإجماع. وقال مالك- فيما
رُوي-: " إن الأرض يطهر بعضها بعضاً ": إنما هو أن يطأ الأرض
القذرة، ثم يطأ الأرض اليابسةَ النظيفة، فإن بعضها يُطهر بعضا. وكان
الشافعي يقول في قوله: " يطهره ما بعده ": إنما هو فيما جُرَّ على ما كان
يَابساً لا يَعلَقُ بالثوب منه شيء، فأما إذا جُرَّ على رطب فلا يُطهره إلا
الغَسلُ. وقال أحمد بن حنبل: ليس معناه: إذا أصابَه بولٌ ثم مر بعده
على الأرض أنها تطهر؛ ولكنه يمر بالمكان فيُقذِره ثم يمرّ بمكان أطيب منه
فيكون هذا بذلك؛ لا على أنه يُصِيبه منه شَيء. والحديث أخرجه
الترمذي، وابن ماجه. وقال الترمذي: وروى عبد الله بن المبارك هذا
الحديث عن مالك بن أنس، عن محمد بن عمارة، عن محمد بن
إبراهيم، عن أم ولد لهود (1) بن عبد الرحمن بن عوف، عن أم سلمة،
وهو وهم (2) ، وإنما هو عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف،
عن أم سلمة؛ وهذا الصحيح.
وقال الخطابي (3) : " في هذا الحديث مقال؛ لأن فيه: " عن أم ولد
لإبراهيم "، وهي مجهولة، لا يُعرف حالها في الثقة والعدالة ".
368- ص- ثنا عبد الله بن محمد النفيلي، وأحمد بن يونس قالا: نا
زهير، نا عبد الله بن عيسى، عن موسى بن عبد الله بن يزيد، عن امرأة من
بني عبد الأشهل قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، إن لنا طَريقاً مُنتنَةَ (4) فكيفَ
نَفعَلُ إذا مُطِرنَا؟ قال: " أليس بعدَها طريقٌ هَي أطيبُ منها؟ " قالت: بلى،
قال: " فهذه بهذه " (5) .
__________
(1) في الأصل: " لمود " كذا.
(2) زيد في جامع الترمذي (1/268) هنا: " وليس لعبد الرحمن بن عوف ابن
يقال له هود ".
(3) معالم السنن (1 / 102) .
(4) في سنن أبي داود: " طريقاً إلى المسجد منتنة ".
(5) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: الأرض يطهر بعضها بعضا (533) .

(2/218)


ش- زهير: ابن معاوية. وعبد الله بن عيسى: ابن عبد الرحمن بن
أبي ليلى الكوفي.
وموسى بن عبد الله بن يزيد: الخطمي الأنصاري الكوفي. روى عن:
أبيه، وعبد الرحمن بن هلال. روى عنه: الأعمش، ومسعر،
وعبد الله بن الوليد، وغيرهم. قال ابن معين والدارقطني: ثقة. روى
له: أبو داود، وابن ماجه (1) .
قوله: " فهذه بهذه " معناه: يجعل الطريق الطيبة عوض الطريق المُنتنِة؛
وليس المعنى: إذا أصابها شيء من الطريق المنتنة يطهرها الطريق الطيبة؛
ولا يطهرها إلا الغسل بالإجماع- كما ذكرناه. والحديث أخرجه: ابن
ماجه، وفيه مقال؛ لأن فيه امرأة مجهولة؛ والمجهول لا تقوم به الحجة.
129- بَاب: الأذَى يُصِيبُ النَّعل
أي: هذا باب في بيان الأذى يصيب النعل/، والأذى: النجاسة.
369- ص- حدَّثنا أحمد بن حنبل: ثنا أبو المغيرة ح، وثنا العباس بن
الوليد قال: أخبرني أبي ح، ونا محمود بن خالد: نا عمر- يعني: ابن
عبد الواحد-، عن الأوزاعي- المعنى- قال: أُنبِئتُ أن سعيدَ بنَ أبي سعيد
المقبُري حدَّث عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسولً الله- عليه السلام- قال.
" إِذَا وَطِئَ بنعلِهِ أحدُكمُ (2) الأذَى، فإِن التُّرابَ له طًهُورٌ " (3) .
ش- أبو المغيرة: عَبد القدوس.
والعباس بن الوليد: ابن مَزيَد- بالزاي- البَيروتي العذري أبو الفضل.
سمع: أباه، ومحمد بن شعيب بن شابور، وعقبة بن علقمة البيروتي،
وأبا مسهر، وغيرهم. روى عنه: أبو زرعة الرازي، وأبو حاتم،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29/6275) .
(2) في سنن أبي داود: " إذا وطئ أحدكم بنعله ".
(3) تفرد به أبو داود.

(2/219)


وابنه: عبد الرحمن- وقال: هو صدوق ثقة. وقال أبو حاتم:
صدوق-، وأبو داود، والنسائي، وأبو زرعة الدمشقي، ويعقوب بن
سفيان، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وغيرهم. كان مَولده في رجب سنة
تسع وستين [ومائة] ، ومات سنة سبعين ومائتين (1) .
وأبوه: الوليد بن مَزيَد البَيروني الشامي، أبو العباس. سمع:
الأوزاعي، وعثمان بن عطاء، ويزيد بن يوسف، وغيرهم. روى عنه:
ابنه: العباس، وأبو مسهر، وهشام بن إسماعيل، وغيرهم. قال
الأوزاعي: عليكم بكتب الوليد؛ فإنها صحيحة. وقال الدارقطني: كان
من ثقات أصحاب الأوزاعي. روى له: أبو داود، والنسائي (2) .
ومحمود بن خالد: ابن أبي خالد الدمشقي.
وعُمر بن عبد الواحد: ابن قيس، أبو حفص السلمي الدمشقي.
روى عن: الأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، والنعمان بن
المنذر، ومالك بن أنس، وغيرهم. روى عنه: محمود بن خالد،
وإبراهيم بن موسى، والوليد بن عتبة، وغيرهم 0 قال أحمد بن عبد الله:
ثقة. مات سنة مائتين. روى له: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه (3) .
قوله: " إذا وطئ بنعله أحدكم الأذى " أي: النجاسة، والنَّعلُ: الحذاءُ
- مؤنثة، وتصغيرها: نُعَيلة. وقال ابن الأثير (4) : " وهي التي تُلبسُ
في المشي، يُسمّى (5) الآن: تَاسُومة ". وبه استدل أصحابنا أن الخف
ونحوه إذا أصابته نجاسة لها جرمٌ كالروث والعذرة والدم والمني فجفت،
فدلكه بالأَرض جاز؛ خلافاً لمحمد، ويجيء حديث الخفين- أيضاً.
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (14/3144)
(2) المصدر السابق (31/6735) .
(3) المصدر السابق (21/4280) .
(4) النهاية (5/83) .
(5) في النهاية: " تسمى ".

(2/220)


وكان الأوزاعي يستعمل هذا الحديث على ظاهره وقال: يُجزئه أن يمسح
القذر من نعله أو خفه بالتراب ويصلي فيه. وروى مثله عن عروة بن
الزبير. وكان النخعي يَمسح النعل والخف يكون فيه السرقين عند باب
المسجد ويصلي بالقوم. وقال أبو ثور في الخف والنعل إذا مسحهما
بالأرض حتى لا يجد له ريحاً ولا أثراَ: رجوتُ أن يُجزئه. وقال
الشافعي: لا تطهر النجاسات إلا بالماء سواء كانت في ثوب أو حذاءٍ.
وبه قال مالك وأحمد وزفر؛ والحديث حجة عليهم. قال المُنذريّ: فيه
مَجهول
قلت: قد تأيد بما رواه أبو داود- أيضاً- في الصلاة في حديث طويل
وفيه: " إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نَعليه قذراَ أو أذًى
فليمسحه وليصل فيهما ". ورواه ابن حبان في " صحيحه "، وعبد بن
حميد، وإسحاق بن راهويه، وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم بنحو
أبي داود- وسنتكلم فيه إن شاء الله تعالى. وبإطلاق الأحاديث أخذ
أبو يوسف حتى يطهر الخف أو النعل عنده بالمسح سواء كان النجس رطباً
أو يابساً 0 وقال أبو حنيفة: المراد بالأذى: النجاسة العَينية اليابسة؛ لأن
الرطبة تزداد بالمسح بالأرض انتشاراً وتلوثاً.
فإن قيل: الحديث مطلق فَلِمَ قيده أبو حنيفة بقوله: " النجاسة العَينيّة "
أي: التي لها جرم؟ قلت: التي لا جرم لها خرجت بالتعليل وهو
قوله: " فإن التراب طهور " أي: يُزيل نجاسته، ونحن نعلم يقيناً أن النعل
أو الخف إذا تشرّب البول أو الخمر لا يُزيله المَسحُ ولا يخرجه من أجزاء
الجلد، فكان إطلاق الحديث مصروفاً إلى الأذى الذي يقبل الإزالة
بالمسح، حتى إن البول أو الخمر لو استجسد بالرمل أو التراب فجف فإنه
يطهر- أيضاً- بالمسح؛ على ما قال شمس الأئمة، وهو الصحيح؛ فلا
فرق بين أن يكون جرم النجاسة منها أو من غيرها؛ هكذا ذكر الفقيه

(2/221)


أبو جعفر، والشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل/عن أبي حنيفة،
وعن أبي يوسف مثل ذلك إلا أنه لم يشترط الجفاف.
370- ص- نا أحمد بن إبراهيم: حدَثني محمد بن كثير، عن
الأوزاعي، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن
أبى هريرة، عن النبي- عليه السلام- بمعناه قال: " إذا وَطِئَ الأذَى بخُفيه
فطهُورُهَا التُّرابُ " (1) .
ش- أحمد بن إبراهيم: ابن خالد الموصلي.
ومحمد بن كثير: ابن أبي عطاء، أبو يوسف الصنعاني الثقفي
مولاهم، نزل المصيصة، سمع: معمر بن راشد، والأوزاعي، وحماد
ابن سلمة، وابن عيينة، وغيرهم. روى عنه: الحسن بن الربيع،
وشهاب بن عباد، والحسن بن الصباح، وغيرهم. وقال البخاري:
ضعّفه أحمد، وسئل عنه ابن معين فقال: كان صدوقاً في روايته، ثقة.
وقال ابن سعد: كان من أهل صنعاء، ونشأ بالشام، ونزل المَصيصة،
وكان ثقة، ويذكرون أنه اختلط في آخر عمره، ومات في آخر سنة ستة
عشر ومائتين (2) .
وابن عجلان: محمد بن عجلان.
ورواه ابن حبّان في " صحيحه لما في النوع السادس والستين من القسم
الثالث، والحاكم في " المستدرك " وقال: حديث صحيح على شرط
مُسلم ولم يُخرجاه. وقال النووي في " الخلاصة ": رواه أبو داود بإسناد
صحيح، ولا يلتفت إلى كلام ابن القطان. هذا حديث رواه أبو داود من
طريق لا نظن بها الصحة لِما سبق من الكلام.
371- ص- ثنا محمود بن خالد: ثنا محمد- يعني: ابن عائذ: نا
يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي، عن محمد بن الوليد قال: أخبرني- أيضاً-
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5570) .

(2/222)


سعيد بن أبي سعيد، عن القَعقاع بن حكيم، عن عائشة، عن رسول الله
بمعناه (1) .
ش- محمود بن خالد: أبو علي السُلَمي الدمشقي.
ومحمد بن عائذ: ابن عبد الرحمن بن عبد الله، أبو أحمد، أو
أبو عبد الله الدمشقي القرشي الكاتب، صاحب كتاب " المغازي "
و" الفتوح " و " الصوائف " وغيرها. سمع: يحيى بن حمزة، والوليد بن
مسلم، وأبا مسهر، وغيرهم. روى عنه: أبو زرعة الدمشقي
والرازي (2) ، ويعقوب بن سفيان، وأبو دا [ود] ، وغيرهم. وقال
النسائي: ليس به بأس. وقال دحيم: صدوق. وقال ابن معين: ثقة.
توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين، وولد في سنة خمسين ومائة (3) .
ويحيى بن حمزة: ابن واقد الحضرمي، أبو عبد الرحمن الدمشقي
قاضيها، من أهل بيت لهيا. سمع: محمد بن الوليد، والأوزاعي،
وزيد بن واقد، وغيرهم. روى عنه: محمد بن المبارك الصوري،
والوليد بن مسلم، ومحمد بن عائذ، وغيرهم. قال أبو حاتم: كان
صدوقاً. وقال أحمد: ليس به بأس. وقال المفضل بن غسان: كان ثقة.
توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. روى له الجماعة (4) .
ومحمد بن الوليد: الزبيدي الشامي الحمصي.
قوله: " بمعناه " أي: بمعنى الحديث المذكور. وقال الشيخ زكي الدين:
حديث عائشة حديث حسن؛ غير أنه لم يذكر لفظه.
قلت: رواه ابن عدي في " الكامل " (5) عن عبد الله بن زياد بن
سمعان القرشي، عن سعيد المقبري، عن القعقاع بن حكيم، عن أبيه،
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) في الأصل: " الررازي ".
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/3517) .
(4) المصدر السابق (31/6816) .
(5) (5/203) " ترجمة عبد الله بن زياد بن سمعان ".

(2/223)


عن عائشة قالت: سألتُ النبي- عليه السلام (1) -.: الرجلُ يَطأ
بنَعليه في الأذَى، قال: " الترابُ لهما طهورٌ ". وقال الدارقطني: مدار
الحديث على ابن سَمعان: وهو ضعيف. قال ابن الجوزي: قال مالك:
هو كذاب. وقال أحمد: متروك الحديث.
قلت: ذكر صاحب " الكمال ": قال أبو زرعة: حدثني أحمد بن
صالح قال: قلت لابن وهب: ما كان مالك يقول في ابن سَمعان؟
قال: لا يقبل قول بعضهم في بَعض. وروى له الترمذي مقروناً بيونس بن
يزيد.
130- بَاب: الإِعَادَة منَ النجاسَة تكونُ فِي الثوب
أي: هذا باب في بيان إعادة الصلاة من النجاسة تكون في الثوب.
372- ص- ثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: ثنا أبو معمر: ثنا
عبد الوارث: حدَّثتنا أمِ يونس بنت شداد قالت: حدَّثتني حماتي: أم جَحدر
العامرية قالت: إنها سألت عائشةَ عن دَم المحيضِ يُصيبُ الثوبَ، فقالت.
كنتُ مع رسول الله وعدينا شِعارُنَا، وقد ألقينَا فَوقَه كساءً، فلما أصبحَ رسولُ
اللهِ اخذَ الكساءَ فلَبسَهُ، ثِم خَرِجَ فصلَّى الغَداةَ، ثَم جَلسَ فقال رجلٌ: يا
رسولَ اللهِ، هذه لمعَةٌ من دمٍ، فقبضَ رسولُ الله/على ما يليها، فبعث بها
إِليَ مَصرورَةً في يد الغُلام فقال: " اغسلي هَذا وأجفِّيهَا، ثم أَرسِلي بها
إليَ " فدعوتُ بقَصعتَي فغسلتُها، ثم أجفَفتها، فاخَرتُهاَ إليه، فجاء رسولُ الله
بنصفِ النهارِ وهو عَليه (2) .
ش- محمد بن يحيى: ابن عبد الله بن خالد بن فارس النيسابوري
الإمام. وأبُو مَعمر: عبد الله بن عَمرو المقعد المنقري البصري.
وعبد الوارث: ابن سعيد العَنبري.
__________
(1) في الأصل: " رسول الله "، وبهامش الأصل مصححاً: " النبي عليه السلام ".
(2) تفرد به أبو داود.

(2/224)


وأم يونس بنت شداد، روت عن حماتها أم جحدر. روى عنها:
عَبد الوارث بن سعيد 0 روى لها: أبو داود (1) .
وأم جحدر العامريّة روت عن: عائشة الصديقة. روت عنها:
أم يونس بنت شداد. روى لها: أبو داود (2) .
قوله: " وعلينا شعارنا " قد مرّ أن الشعار: الثوبُ الذي يلي الجسد،
والكساء: واحد الأكسية؛ وأصله: " كساوٌ "؛ لأنه من كسوتُ، إلا أن
الواو لما جاءت بعد الألف همِزت، وتكسيتُ بالكساء: لبِستُه.
قوله: " هده لمعهّ " - بضم اللام وسكون الميم- وهي بياض أو سواد أو
حُمرة تَبدو من بَين لون سواها؛ وهي في الأصل قطعة من النبت إذا
أخذت في اليُبس.
قوله: " مصرورةً " نصحب على الحال، من صررتُ الصرة شددتُها.
قوله: " وأجفيها " أمر من الإجفاف وثلاثيه جَفّ يجفّ من باب ضرب
يضرب، ويجَفّ بالفتح لغة فيه حكاهاَ أبو زيد، وردّها الكسائي.
قوله: " فأحَرتُها " أي: ردَدتُها إليه، من أحَار يُحيرُ وثلاثيه حارَ
يحورُ؛ قال الله تعالى: (إِنَهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ بَلَى) (3) أي: لا
يبعث ولا يرجع إلينا في القيامة للحساب.
قوله: " وهو عليه " جملة وقعت حالاً؛ أي: والحال أن الكساء عليه؛
وإنما ذكّر الضمير باعتبار المذكور، أو باعتبار الثوب. وفيه من الفقه
مسائلُ؛ الأولى: وجوب غسل الثوب من الدم، والثانية: اقتصار الغسل
على المَوضع المُصاب، والثالثة (4) :
__________
(1) انظر ترجمتها في: تهذيب الكمال (35/8021) .
(2) المصدر السابق (35/7956) .
(3) سورة الانشقاق: (14، 15) .
(4) بياض في الأصل قدر سطر وربع السطر.
15 * شرح سنن أبي داوود 2

(2/225)


131- بَاب: البُزاق يُصِيبُ الثَّوبَ
أي: هذا باب في بيان حكم البزاق الذي يصيب الثوب.
373- ص- ثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد، نا ثابت، عن أبي نضرة
قال: بَزقَ النبيُّ- عليه السلام- في ثوبِهِ وحَكَ بَعضَه ببعضٍ (1) .
ش- حماد: ابن سلمة، وثابت: البناني.
وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطيعة (2) العَوفي- بفتح الواو،
وبالقاف- منسوب إلى عَوَقة؛ بطن من عبد القَيس العَبدي البَصري،
أدرك طلحة بن عبيد الله. وسمع: عبدَ الله بن عباس، وأبا هريرة،
وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عامر، وأبا ذر الغفاري، وأبا سعيد
الخدريّ، وسمرة بن جندب، وأنس بن مالك، وغيرهم. روى عنه:
حميد الطويل، وقتادة، وداود بن أبي هند، وعاصم الأحول،
وغيرهم. قال ابن معين، وأبو زرعة: ثقة. مات قبل الحسن بقليل.
روى له الجماعة إلا البخاريّ (3) . وهذا مُرسلٌ كما ترى.
374- ص- نا موسى: نا حماد، عن حميد، عن أنس، عن النبي
- عليه السلام- بمثله (4) .
ش- موسى: ابن إسماعيل، وحماد: ابن سلمة، وحُميد:
الطويل، وأنس: ابن مالك- رضي الله عنه.
قوله: " بمثله " أي: بمثل الحديث المذكور. وأخرجه البخاري،
والنسائي. واختلفوا في البزاق: هل هو طاهر أم لا؟ فعن سلمان: إنه
ليس بطاهر؛ قال أبو بكر بن أبي شيبة: نا ابن علية، عن هشام، عن
حماد، عن ربعي بن حراش قال: قال سلمان: " إذا حك أحدكم جلده
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) كذا، والمعروف: " قطعة ".
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (28 /6183) .
(4) البخاري: كتاب الوضوء باب: البزاق والمخاط ونحوه في الثوب (241) ،
النسائي: كتاب الطهارة، باب: البزاق يصيب الثوب (1/162) .

(2/226)


فلا يمسحه (1) ببزاقه؛ فإن البزاق ليس بطاهرِ ". وأسند صاحب الإمام
عن البيهقي أنه قال: " إذا أصاب البُصاق الثوب أو الجسد فليغسل بالماء ".
ويروى مثل ذلك عن بعض العلماء؛ ذكره الطحاوي في كتاب " الاختلاف "
والأصح: ما رواه أبو داود، والبخاريّ وغيرهما: أنه طاهر. وفي
" المصنف ": حدَّثنا سَعيد بن يحيى الحميري: ثنا أبو العلاء قال: كنا عند
قتادة فتذاكروا قول إبراهيم وقول الكوفيين في البزاق يغسل قال: فحك
قتادة ساقه، ثم أخذ من ريقه شيئاً، ثم أمره عليه ليرينا أنه ليس بشيءِ.
والحميري هذا ثقة؛ أخرج له البخاري. وأبو العلاء هو: أيوب بن
مسكين القصاب؛ وثقه أحمد بن حنبل/وابن سَعد، والنسائي،
وغيرهم.
__________
(1) في الأصل: " تمسحه ".

(2/227)