شرح أبي داود
للعيني 71- باب: جمَاع أثواب (2) ما يُصَلى فيه
أي: هذا باب في بيان جَماع أثواب ما يصلى فيه، والمعنى:
عَدد أثواب ما يصلى فيه، وجماع الشيء- بكسر الجيم-: عدده،
وفي بعض النسخ: " باب الصلاد في الثوب الواحد،، والنسخة
الصحيحة: بابُ جامع ما يُصلى فيه ".
606- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن
المسيب، عن أبي هريرة، أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم
سُئل عن الصلاة في ثوب واحد فقال النبي- عليه السلام-: "
أو لكلكم ثوبانِ؟ " (3) .
-------------------
(1) المصدر السابق (27 / 5827) .
(2) في سنن أبي داود: " البواب ".
(3) البخاري: كتاب الصلاة، باب: الصلاة في القميص
والسراويل والشبان والقبان (365) ، مسلم: كتاب الصلاة،
باب: الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه (275 / 515) ، النسائي:
كتاب القبلة، باب: الصلاة في الثوب الواحد
(2 / 54) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسُنَة فيها،
باب: الصلاة في الثوب الواحد (1047) .
(3/152)
ش- الهمزة في " أو لكلكم " للاستفهام، و"
ثوبان " مرفوع على
الابتداء، وخبره: قوله: " لكلكم ". واعلم أن اللفظ وإن كان
لفظ الاستفهام، ولكن المعنى: الإخبار عما كان يعلمه عليه
السلام من حالهم
من العدم وضيق الثياب، يقول: فإذ كنتم بهذه الصفة، وليس
لكل
واحد منكم ثوبان والصلاة واجبة عليكم، فاعلموا أن الصلاة
في الثوب
الواحد جائزة.
وهذا الحديث يدل على أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة بلا
كراهة،
ولا يعارضه قوله- عليه السلام-: " لا يصلي أحدكم في الثوب
الواحد " لان هذا النهي للتنزيه لا للتحريم. وقد روى ابن
أبي شيبة، عن
وكيع، عن فضيل بن غزوان، عن أبي حَارم، عن أبي هريرة قال:
رأيت سبعين من أهل الصفة يصلون في ثوب، فمنهم من يبلغ
ركبتَيْه،
ومنهم من هو أسفل من ذلك، فإذا ركع قبض علي يخاف أن تبدو
عورته.
وعن ابن وهب: صلاة الرجل في ثوب واحد رخصةٌ، وفي ثوبين
مأمور به.
وذكر عبد الرزاق عن ابن عُيَيْنة، عن عمرو، عن الحسن قال:
اختلف أبي بن كعب وابن مَسعود في الصلاة في ثوب واحد، فقال
أبي:
لا بأس به. وقال ابن مَسْعود: إنما كان ذلك إذ كان النًاس
لا يجدون
ثيابا، فأما إذا وجدوها فالصلاة في ثوبين، فقام عُمر- رضي
الله عنه-
على المنبر فقال: الصواب ما قال أبي لا ما قال ابن مسعود.
ورواه في
" المُصنف،- أيضاً- وحديث أبي هريرة: أخرجه البخاريّ /،
ومسلم، [1/ 213 - ب] والنسائي، وابن ماجه.
607- ص- نا مسدد: نا سفيان، عن أبي الزناد، من الأعرج، عن
أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " لا يصلي أحدُكم
في الثوب الواحد ليس على منكبيه منه شيء" (1) .
------------------------
(1) البخاري: كتاب الصلاة، باب: إذا صلى في الثوب الواحد
فليجعل على=
(3/153)
ش- يُريدُ أنه لا يَتزر به في وسطه، ويشد
طرفيه على حَقْويه، ولكن يتزر به ويرفع طرفَيْه، فيخالف
بينهما، ويَشدُّه على عاتقه، فيكون بمنزلة الإزار والرداء،
هذا إذا كان الثوب واسعا، فإذا كان ضيقا شده على
حَقْوَيْه. وقالت العلماء: الحكمة: أنه إذا اتزر به ولم
يكن على عاتقه منه شيء، لم يؤمن أن تنكشف عورته، بخلاف ما
إذا جعل بعضه على عاتقه، ولأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده
أو يدَيه، فيشتغل بذلك وتفوته سُنة وضع اليد اليمنى على
اليُسْرى تحت سرته، ولأن فيه ترك ستر أعالي البدن ومَوْضع
الزينة، وقد قال الله تعالى: {خُذوا زِينَتَكُمْ} (1) ، ثم
قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي والجمهور: هذا النهي
للتنزيه- كما ذكرنا- " للتحريم "، فلو صلى في ثوب واحد
ساترٍ لعورته ليس على عاتقه منه شيء، صحت صلاته بالكراهة،
سواء قدرَ على شيء يَجعله على عاتقِه أم لا. وقال أحمد
وبعض السلف: لا تصح صلاته إذا قدر على وضع شيء على عاتقه
إلا بوضعه، لظاهر الحديث. وعن أحمد رواية: إنه تصح صلاته،
ولكنه يأثم بتركه. وحجة الجمهور: قوله - عليه السلام- في
حديث جابر: " فإن كان واسعا فالْتحِفْ به، وان كان ضيقا
فاتزِر به " رواه البخاري ومسلم وغيرهما. وقال الطحاوي:
صلاة النبي- عليه السلام- في الثوب الواحد في حال وجود
غيره من " لأخبار المتواتر " والحديث: أخرجه البخاري،
ومسلم، والنسائي. 608- ص- نا مسدد: نا يحيى ح، ونا مسدد:
ما إسماعيل المعنى، عن هشام بن أبي عبد الله، عن يحي بن
أبي كثير، عن عكرمة، عن أبي هريرة
--------------------
=عاتقيه (359) ، مسلم: كتاب الصلاة، باب: الصلاة في ثوب
واحد وصفة لبسه (516) ، النسائي: كتاب القبلة، باب: صلاة
الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (2/ 71) .
(1) سورة الأعراف: (31) .
(3/154)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
إذا صلّى أحدُكم في ثوب فليخالِف بطرفيه على عاتقيه " (1)
.
ش- يحيى: القطان، وإسماعيل: ابن عليّة، وهشام بن أبي عبد
الله - سنبر- البَصري، ويحيى بن أبي كثير- صالح- الطائي،
وعكرمة: مولى ابن عباس.
قوله: " على عاتقيه " العاتق: موضع الرداء من المنكب،
يُذكر ويؤنث، والمخالفة بطرفيه على عاتقيه: هو التوشحِ،
وهو الاشتمال على منكبَيْه، وإنما أمر بذلك ليستر أعالي
البدن، وموضع الزينة. وقال ابن بطال: وفائدة المخالفة في
الثوب أن لا ينظر المصلي إلى عورة نفسه إذا ركع. قلت: يجور
أن تكون الفائدة: أن لا يسقط إذا ركع وإذا سجد، وهذا الأمر
للندب عند الجمهور، حتى لو صلى وليس على عاتقه شيء صحت
صلاته- لما ذكرناه. والحديث: أخرجه البخاريّ.
609- ص- نا قتيبة بن سَعِيد: نا الليث، عن يحيى بن سعيد،
عن أبي ثمامة بن سَهْل، عن عُمر بن أبي سلمة قال: رأيت
رسول الله يُصلي في ثوب واحد ملتحفا مخالفا بين طرفيه على
منكبَيْه (2) .
ش- الليث: ابن سَعْد، ويحيى بن سعيد: الأنْصاري، وأبو
أسامة: أسْعد بن سهل بن حُنيف الصحابي ابن الصحابي.
وعمر بن أبي سلمة- عبد الله- بن عبد الأسد بن هلال بن عبد
الله
----------------
(1) البخاري: كتاب الصلاة، باب: إذا صلى في الثوب الواحد
فليجعل على عاتقيه (360) .
(2) البخاري: كتاب الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الواحد
ملتحفا به (354) ، مسلم: كتاب الصلاة، باب: الصلاة في ثوب
واحد وصفة لبسه (278 / 517) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب:
ما جاء في الصلاة في الثوب الواحد (339) النسائي: كتاب
القبلة، باب: الصلاة في الثوب الواحد (2 / 71) ابن ماجه:
كتاب الطهارة، باب: الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه (541)
(3/155)
ابن عمر بن مخزوم، يكنى أبا حفص، رَبيب
النبي- عليه السلام- أفه: أم سلمة بنت أمية بن المغيرة روج
النبي- عليه السلام-، مات النبي - عليه السلام- وهو ابن
تسع سنن، رُوِيَ له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا
عشر حديثاً، اتفقا على حديثين. روى عنه: أبو أسامة بن
سَهْل، وسعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، ووهب بن كيسان.
توفي في خلافة عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وثمانين، وقيل:
كان مولده في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة. روى له
الجماعة (1) .
قوله: " ملتحفا مُخالفاً " حالان من الضمير الذي في " فصلى
" إما من الأحوال المتداخلة أو المترادفة، وفي رواية
لمسلم: " مشتملاً به، واضعا طرفيه على عاتقيه"، وفي حديث
جابر: " متوشحا به " المشتمل والمتوشح والمخالف بين طرفيه
معناها واحد هنا، ولفظ البخاريّ عن عمر ابن أبي سلمة أن
النبي- عليه السلام- صلى في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه،
وفي لفظ: في بَيْت أم سلمة ألقى طرفيه على عاتقيه، وفي
لفظ: واضعا طرفيه على عاتقيه. ويستفاد من الحديث: جواز
الصلاة في ثوب واحد. وأخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[1/ 214 - أ] / 610- ص- نا مسدد: نا ملازم بن عَمرو
الحنفي: نا عبد الله بن بَدْر، عن قَيْس بن طَلق، عن أبيه
قال: قدمْنا على نبي الله- عليه السلام- فجاء رجل فقال: نا
نبي الله، ما ترى في الَصلاة في الثوب الواحد؟ قال: فأطلقَ
رسولُ الله إزارَه طارَقَ له (2) رداءه، فاشتملَ بهِما، ثم
قام فصَلى بنا نبي الله، فلما أن قضى الصلاة قال: " أو
كلكُم يجدُ ثوبيْن؟ " (3) .
ش- مُلازم بن عمرو: ابن عبد الله بن بدر بن قيس بن طلق بن
سنان الحنفي، قد ذكرناه، وعبد الله بن بدر: ابن عُميرة بن
الحارث بن سمرة
----------------------------
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2 / 474) ،
وأسد الغابة (4 / 183) ، والإصابة (2 / 519) .
(2) في سنن أبي داود: " به ".
(3) تفرد به أبو داود.
(3/156)
الحنفي اليمامي، وقيس بْن طلق: ابن علي بن
شيبان الحنفي، وطلق بن علي الصحابي، وقد ذكرناهم مرةً.
قوله: " فأطلق رسول الله إزارَه " أي: أرسلها.
قوله: "طارَقَ له رداءه " من قولهم: طارق الرجل بين
الثوبين إذا ظاهر بينهما، أي: لبسَ أحد " ما على الآخر،
وطارق بين نعلين أي: خصف أحدهما فوق الأخرى، ومحلها النصب
على الحال بتقدير: قدْ، أي: أطلقَ إزاره قد طارقَ له
رداءه. وفي رواية أبي بكر بن أبي شيبة: " فأطلق النبي-
عليه السلام- إزاره، فَطارقَ به رداءه، ثم اشتمل بهما "
الحديث، فيكون قوله: " فطارق " بالفاء عطفا على قوله:"
فأطلَق ". قوله:، فاشتمل بهما " أي: بالإزار والرداء،
والاشتمالُ: التلقفُ. قوله: " أو كلكم يجدُ ثوبَيْن " لفظة
استخبار، ومعناه: إخبارهم عن ضيق حالهم وتقريرها عندهم،
وفي ضمنه الفتوى من طريق الفحوى، ثم استقصر عليهم واستزاد
فهمهم فكأنه قال: إذا كان ستر العورة واجبا والصلاة
لازمةً، وليس لكل واحد ثوبان، فكيف لم تعلموا أن الصلاة في
الثوب الواحد جائزة؟ "
****
72- بَابُ: الرجل يَعْقدُ الثوب في قفاه ثم يصلي
أي: هذا باب في بيان الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يُصلي،
وفي بعض النُسخ: " باب ما جاء في الرجل ".
611- ص- نا محمد بن سليمان الأنباري: نا وكيع، عن سفيان،
عن أبي حازم، عن سَهْل بن سَعْد قال: لقد رأيتُ الرجال
عاقدي أزْرهم في أعناقهم من ضيق الأزر خلف رسول الله- عليه
السلام-َ في الصلاة (1) كأمثال الصبيان، فقال قائل: يا
مَعشر النساء، لا ترفعن رءوسكن حتى يرفع الرجالُ (2) .
-----------------------
(1) قوله: وفي الصلاة، غير موجود في سنن أبي داود.
(2) البخاري: كتاب الأذان، باب: عقد الثياب وشدها، ومَن ضم
أليه ذويه (ذا=
(3/157)
ش- سفيان: الثوري، وأبو حازم: كلمة بن
دينار.
قوله: " عاقدي أزرهم " أصله: عاقدين أزرهم، سقطت النون
بالإضافة ونصبه علَى الحال؟ لأن " رأيتُ " بمعنى أبصرتُ
فلا يتعدى الا (1) إلى مفعول واحد. والأزر- بضم الهمزة،
وسكون الزاي- جمع إزار؛ والإزار يذكر ويؤنث، وجمعه للقلة:
آزرة وللكثرة: أزْر، كحمار وأحمرة وحُمرٍ.
قوله: " كأمثال الصبيان "، وفي رواية البخاري: " كهيئة
الصبيان" وقال السفَاقُسي: لو كان لهم غيرها ما احتيج أي
نهي النساء عن رفع رءوسهن حتى يجلسَ الرجالُ، وقال: لا
خلاف بين العلماء أن المصلي إذا تقلّص مئزره، أو كشفت
الريح ثوبه وظهرت عورته، ثم رجع الثوب في حينه وفوره، أنه
" لا يضر ذلك المصلي شيئا، وكذلك المأموم إذا رأى من
العورة مثل ذلك، إنما يحرم النظر مع العمد، ولا يحرم النظر
فجأة، فإذا صحت صلاة الإمام، فأحرى أن تصح صلاة المأموم.
وقال ابن القاسم: إن فرط في رد إزاره فصلاته وصلاة من تأمل
عورته باطلة. وعن سحنون: إن رفع الريح ثوب الإمام فانكشف
عن دبره فأخذه مكانه، أجزأت ويُعيد كل مَن نظر إلى عورته
ممن خلفه، ولا شيء على من لم ينظر وروي عنه: إن صلاته
وصلاة من خلفه فاسدة وإن أخذه مكانه. وعن الشافعي: لو
انكشف شيء من العورة في الصلاة بطلت صلاته، ولا يعفى عن
شيء منها ولو شعرة من رأس الحرة أو ظفرها. وعند أحمد: يعفى
عن القليل ولم يحدها. وعند أصحابنا: الانكشاف القليل لا
يمنع، وكذا الكثير في الزمن القليل، وهو أن لا يؤدي فيه
ركنا من أركان الصلاة، حتى لو انكشفت عورته في الصلاة
فغطاها في الحال لا تفسد صلاته
------------------
= خاف أن تنكشف عورته (814) ، مسلم: كتاب الصلاة، باب: آخر
النساء المصليات آراء الرجال أن لا يرفعن رءوسهن من السجود
حتى يرفع الرجال
، (133 / 441) ، النسائي: كتاب القبلة، باب: الصلاة في
القرار (2 / 70) . (1) في الأصل: " إلى"
(3/158)
وإذا أدى به ركنا فسدت، ولا يصح شروعه في
الصلاة مع الانكشاف.
وذكر ابن شجاع: أن من نظر في زيقه فرأى فرجه لم تصح صلاته،
وعامة أصحابنا جعلوا السَتر شرطا عن غيره لا عن نفسه،
لأنها ليست
عورة في حق نفسه. وبقول ابن شجاع: قال الشافعي، وأحمد.
والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.
***
/ 73- بَابٌ: في الرَّجُل يُصَلي في ثَوْب بَعْضُه عَلى
غَيْره [1/214-ب]
أي: هذا باب في بيان الرجل الذي يصلي في ثوبِ والحال أن
بَعْضه
على غيره.
وقوله: " بعضه " مبتدأ، وخبره: "على غيره "، ومحله من
الإعراب
يجوز أن يكون جرا على أنه صفة لثَوْب، ويجوز أن يكون نصبا
على أنه
حال بترك الواو من قبيل: كلمتُه فوه إلىَ فيَّ. وفي بعض
النسخ: "باب
ما جاء في الرجل يصلي في ثوب واحدِ بعضُه على غيره " (1) .
612- ص- نا أبو الوليد الطيالسي: نا زائدة، عن أبي حَصين،
عن
أبي صالح، عن عائشة أن النبي- عليه السلام- صلى في ثوبٍ
واَحد بَعْضُه
علي (2) .ً
ش- رائدة: ابن قدامة، وأبو حَصِين- بفتح الحاء- عثمان بن
عاصم
الأسدي، وأبو صالح: السمان.
قوله: "بعضُه " أي: بعض الثوب (علي) . وهذه الجملة محلها
الجر، لأنها وقعت صفةً للثوب، ويجوز أن تكون حالاً بترك
الواو كما
ذكرنا الآن. وفيه دليل على جواز الصلاة في ثوب بعضُه عليه
وبعضُه على
المرأة، ما لم تكن المرأة مشاركة معه في الصلاة، وعلى غير
المرأة- أيضاً-
سواء كان مشاركا معه في الصلاة أو لم يكن، وسواء كانت
المرأة
__________
(1) كما في سنن أبي داود.
(2) تفرد به أبو داود.
(3/159)
حائضا أو جنبا أو طاهرة، لما رُوِيَ عن
عائشة- رضي الله عنها-: كان النبي- عليه السلام- يُصلي من
الليل وأنا إلى جَنْبه، وأنا حائض " وعَلَي مِرْط وعليه
بَعْضُه إلى جَنْبه.
***
74- بَابُ: الرَّجل يُصَلي في قميصٍ واحد
أي: هذا باب في بيان الرجل يصلي في قميص واحد، وفي بعض
النسخ:" باب ما جاء في الرجل يُصلي في قميص واحد ".
613- ص- نا القعنبي: نا عبد العزيز- يعني: ابن محمد-، عن
مُوسى بن إبراهيم، عن سلمة بن الأكوع قال: قلت: يا رسول
الله، إني رجل أَصيدُ أَفاصلّي في القميص الواحد؟ قال: "
نعم، وازرُرْه ولو بشوكة" (1) .
ش- عبد العزيز: ابن محمد الدراوردي.
وموسى بن إبراهيم: ابن [عبد الرحمن بن] عبد الله بن أبي
ربيعة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي القرشي. سمع:
أباه، مسلمة بن الأكوع. روى عنه: عطاء بن خالد،
والدراوردي، وعبد الرحمن بن أبي الموالي (2) . روى له: أبو
داود، والنسائي (3) .
قوله: " أفأصلي " الهمزة فيه للاستفهام، فلذلك قال في
جوابه: "نعم"أي: صَل.
قوله: " وازْرُرْه " أمر من زر يَزر، من باب نصر ينصر،
ويجوز فيه:
" زُرَّ " من حيث القاعدة بالحركات الثلاث في الراء كمُد،
وبالفك يكون فيه الربعة أحوال، وإنما أمره بالزر ليأمن من
وقوع النظر على عورته من
__________
(1) النسائي: كتاب القبلة، باب: الصلاة في قميص واحد (2 /
70) .
(2) كذا، وفي تهذيب الكمال: " المَوَال"
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29 / 6233) .
(3/160)
زيقه حالة الركوع. ومن هذا أخذ ابن شجاع من
أصحابنا أن من نظر إلى عورته من زيقه تفسد صلاته، وقد مر
عن قريب.
قوله: " ولو بشوكة " الباء فيها متعلقة بمحذوف تقديره: ولو
أن تزره بشوكة. وهذا الحديث: ليس بموجود في بعض النسخ،
ولكنه صح في روايةَ أبي حفص الخولاني، عن أبي داود، وكذا
رواه أبو سعيد بن الأعرابي، عن محمد بن عبد الملك، عنه.
وأخرجه النسائي.
614- ص- نا محمد بن حاتم بن بزيع: نا يحيى بن أبي بُكير،
عن إسرائيل، عن أبي حَرْمل (1) العامري- كذا قال: وهو أبُو
(2) حَوْمل العامري-، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر،
عن أبيه قال: أمنا جابر بن عبد الله في قميص ليس علي رداء،
فلما انْصرف قال: إني رأيتُ رسول الله يُصلي في قميصٍ (3)
.
ش- يحيى بن أبي بكير- نَسْر- أبو زكرياء الكرْماني،
وإسرائيل: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.
وأبو حَوْمل العامري: روى عن: محمد بن عبد الرحمن، وروى
عنه: إسرائيل. روى له: أبو داود (4) .
وهو بفتح الحاء المهملة، وسكون الواو، وبعضهم قال: بالراء
"حرْمل "، وليس بصحيح، والصواب بالواو، فلذلك نبه عليه أبو
داود بقوله: " كذا قال وهو أبو حَوْمل " بالواو.
ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر: ابن عُبَيد الله بن عبد
الله بن أبي مُليكة، أبو غِرارة القرشي التيمي المُليكي
المكي، زوج جَبْرة- بالجيم
__________
(1) في الأصل وفي سنن أبي داود: " حومل "، وانظر تعليق
المصنف عليه.
(2) في سنن أبي داود: " والصواب أبو حرمل". وقال الحافظ
ابن حجر في " التقريب ": " وهو الراجح عند أبي داود".
(3) تفرد به أبو داود.
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (33 / 7332) .
11. شرح سنن أبي داوود 3
(3/161)
والباء الموحدة- روى عن: أبيه، وابن أبي
مُليكة، وموسى بن عقبة، وغيرهم. روى عنه: أبو حومل
العامري، وأبو عاصم النبيل، ومسدد، وغيرهم، فقال أحمد: لا
بأس به، وكذا قال أبو زرعة. روى له:
أبو داود، وابن ماجه (1) .
وأبوه: عبد الرحمن، روى عن: جابر بن عبد الله، وابنه،
وعمه: [1/215-أ] عبد الله، والقاسم بن محمد، / وغيرهم. روى
عنه: أبو معاوية، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وغيرهم.
قال ابن معين: ضعيف.
وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث. روى له: أبو داود،
والترمذي، وابن ماجه (2) .
واستفيد من هذا الحديث: جواز الصلاة في قميصِ واحد. وعن
ابن
عباس: لا بأس بالصلاة في القميص الواحد إذا كان ضيقا.
وبهذا أخذ
أصحابنا حتى إذا كان القميص رفيعا بحيث أنه يُرى منه جسده
لا تجور
الصلاة فيه.
***
75- بَاب: إذا كان ثوبا ضيقا (3)
أي: هذا باب في بيان ما إذا كان علي ثوبا ضيقا، وفي بعض
النسخ:
" إذا كان ثوب ضيق ".
615- ص- نا هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، ويحيى بن
الفضل السِجسْتاني قالوا: نا حاتم- يعني: ابن إسماعيل- نا
يعقوب بن مجاهد أبو حَزْرَة، عن عبادة بن الوليد، عن عبادة
بن الصامت قال: أتينا جابرا- يعني: ابن عبد الله- قال:
سرتُ مع رسول الله- عليه السلام- في غزوة فقامَ يُصلي
وكانت علي بُردة ذهبتُ أخالفُ بَين طرفيها، فلم تبلغ لي
وكانت لها ذباذبُ فنكستُها ثم خالفت بين طرَفيها، ثم
تواقصتُ عليها لا
__________
(1) المصدر السابق (5 2 /. 539) .
(2) المصدر السابق (16/3768) .
(3) في سنن أبي داود: " إذا كان الثوب ضيقا يتزر به"
(3/162)
تسقط، ثم جئتُ حتى قمتُ عن يَسارِ رَسُول
الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي (1) حتى أقامني عن
يمينه، فجاء ابن صَخْرٍ حتى قامِ عن يَسارِه، فأخذنا
بيديْه جميعاً حتى أقامنا خلَفه، قال: وجعل رسولُ الله
يرْمُقُني وأناَ لا أشعُرُ ثم فطنتُ به، فأشارَ إلي أن
اتزرْ بها، فلما فرغ رسولُ الله قال: " يا جابرُ"، قلتُ
(2) : لبيكَ يارسول الله، قال: " إذا كان واسعا فخالفْ بين
طرفَيْه، وإذا كان ضيقا فاشدده على حَقْوِك " (3) .
ش- هشام بن عمار: أبو الوليد الدمشقي، وسليمان بن عبد
الرحمن:
أبو أيوب الدمشقي، وحاتم: ابن إسماعيل الكوفي المدني،
ويعقوب بن مجاهد: القاص المدني، وعُبادة بن الوليد: ابن
عبادة بن الصامت أبو الصامت الأنصاري المدني، والكل
ذكرناهم.
قوله: " بُرْدة " البُرْدة: الشملة المخططة، وقيل: كساء
أسود مُربع، وقد ذكرت غير مرة.
قوله: " ذباذبُ " ذباذب الثوب: أهْدابُه، سُميت بذلك
لتذبذبها. وقال ابن الأثير: ذباذبُ الثوب: أطرافه، واحدها:
ذِبْذب- بالكسْر- سميت بذلك لأنها تتحرك على لابسها إذا
مشى.
قو له: "فنكستُها " أي: قلبتُها.
قوله: " ثم تواقصتُ عليها" أي: انحنيتُ وتقاصرتُ لأمسكها
بعُنقي كأنه يحكي خلْقة الأوقص من الناس، وهو الذي قصرت
عنقه خلْقةً. قوله: " فجاء ابن صَخْر " هو أبو عبد الله:
جبار بن صخر الأنصاري السلمي، شهد بدرا والعقبة، جاء مبينا
في " صحيح مُسلم ".
قوله: " يَرْمُقني " أي: يَنظر إلي، من رَمَقْتُه أرمُقه
رمقا نظرتُ إليه، ورمق ترميقاً: أدام النظرَ.
__________
(1) في سنن أبي داود: " فأخذ بيدي فأدارني ".
(2) في سنن أبي داود: " قال: قلت"
(3) مسلم: كتاب الزهد والرقائق، باب (18) ، حديث جابر
(3010) .
(3/163)
قوله: " ثم فطنت به " أي: فهمته، من فطن
للشيء بالفتح، ورجل فَطِن، وفَطُن- بكسر الطاء وضمها- وقد
فطِن- بالكسْر- فطْنة وفِطانة وفَطانِية.
قوله: " لبيك " معناه: لزمتُ لزوما بطاعتك بعد لزوم، وقيل:
أجبتُ إجابةً بعد إجابة، من ألب بالمكان إذا أقام به،
وأصله: ألبيتُ إلبابا بعد إلباب أي: إقامةً على طاعتك بعد
إقامةٍ، ثم حذف الصلات تخفيفاً ثم الفعل استغناء بأحد
المصدرين، ثم حذف زوائدهما، ثم ثُنيا وأضيفا إلى الكاف
فصار لبيك، وقال يونس: هو مفرد أصله سبب، فقلبت لامه
الأخيرة ياء ثم ألفاً ثم أضيف إلى الكاف فقلبت ياء، لأنه
يلازم الإضافة وعدم التصرف كعليك ولديك، وهذا من القسم
الذي حذف فعله سماعاً. وقد قيل: هذا النوع سماعية من جهة
أنه لا يجاوز ما سمع من المثنى بهذا المعنى، ولا يقاس علي
ما لم يُسْمع، وقياسيّة من جهة أن كل ما جاء مثنى بهذا (1)
المعنى حذف فعله وجوبا من غير أن يحتاج إلى سماع.
قوله: " على حَقْوك " الحقو- بفتح الحاء المهملة وكسرها-:
الإزار، والأصل فيه: مَعْقدُ الإزار، ثم سمي به الإزار
للمجاورة، وجمعه: أحْقٍ وأحْقاء.
ويُستفادُ من الحديث فوائد، الأولى: أن الرجل إذا صلى مع
واحد يقيمه عن يمينه.
الثانية: أنه إذا صلى مع اثنين يتقدم عليهما.
الثالثة: أن العمل اليسير لا يفسد (2) الصلاة.
الرابعة: أنه إذا رمق إلى صاحبه وهو في الصلاة لا بأس
عليه.
[1/215-ب) / والخامسة: أن الإشارة في الصلاة لا تُبطلها.
__________
(1) مكررة في الأصل.
(2) في الأصل: " تفسد".
(3/164)
والسادسة: أن الثوب إذا كان واسعا يخالف
بين طرفيه، وإذا كان ضيقا يَشده على حَقْوه. والحديث:
أخرجه مسلم في أثناء حديث آخر الكتاب.
***
76- بَابُ: مَنْ قالَ: يتّزرُ به إذا كَان ضيقا (1)
أي: هذا باب في بيان من قال: يتزر بالثوب إذا كان ضيقا،
ولم يقدر أن يخالف بين طرفيه.
616- ص- نا سليمان بن حرب: نا حَمادُ بن زَيْد، عن أيوب،
عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أو قال: قال عمر: إذا كان لأحدكم ثوبان فليُصل فيهما،
فإن لم يكن إلا ثوب فليتّزر (2) ولا يَشْتملْ اشتمال
اليهود (3) .
ش- أيوب: السختياني.
واشتمال اليهود المنهي عنه: هو أن يُجلّل بدنه الثوب،
ويُسْبله من غير
أن يشيل طرفه، فأما اشتمال الصماء الذي جاء في الحديث: فهو
أن يجللَ بدنه الثوب ثم يرفعَ طرفيْه على عاتقه الأيْسر.
وفي " المصنف ": نا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن
سالم، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- رأى
رجلاً يُصلي ملتحفا فقال: لا تشبهوا باليهود، من لم يجد
منكم إلا ثوبا وأحداً فليتّزر به.
حدَّثنا أزهر، عن ابن عون، عن محمد قال: إذا أراد الرجل أن
يُصلي، فلم يكن له إلا ثوب واحد اتّزر به.
617- ص- نا محمد بن يحيى بن فارس: نا سعيد بن محمد: نا أبو
تُمَيلة: نا أبو المُنيب: عبيد الله العتكي، عن عبد الله
بن بُريدة، عن أبيه قال: نهى رسولُ اَلله أن يُصلى في لحاف
ولا يُوشحَ (4) به، والآخر أَن تُصلي في سراويل ليْس عليك
رداءٌ (5) .
ش- سعيد بن محمد: ابن سعيد، أبو محمد الجرمي. سمع:
__________
(1) هذا التبويب غير موجود في سنن أبي داود.
(2) في سنن أبي داود: " فليتزر به ".
(3) تفرد به أبو داود
(4) في سنن أبي داود:" لا يتوشح ".
(5) تفرد به أبو داود.
(3/165)
شريكا، وعلي بن غراب، وأبا تُميلة، وأبا
يوسف القاضي، وغيرهم. روى عنه: محمد بن هارون، والبخاري،
ومسلم، وروى أبو داود وابن ماجة عن رجل، عنه. وقال ابن
معين: صدوق، وقال أبو داود: ثقة (1) .
وأبو تُميلة- بضم التاء المثناة من فوق- اسمه: يحيى بن
واضح الأنصاري مولاهم المروري. سمع: ابن إسحاق، وأبا حمزة
السكري، وموسى بن عبيدة، وأبا المُنيب، وغيرهم. روى عنه:
أحمد بن حنبل، والنُّفيلي، وإسحاق بن راهوَيه، ويعقوب
الدورقي، وغيرهم. قال أحمد، وابن معين، والنسائي: ليس به
بأس، زاد أحمد: ثقة. وقال ابن خراش: صدوق. روى له الجماعة
(2) .
وأبو المُنيب عُبيد الله: ابن عبد الله المروزي أبو منيب
السًنجي العتكي. روى عن: عكرمة مولى ابن عباس، وسعيد بن
جبير، وعطاء بن أبي رباح، وجابر بن زيد، وعمر بن عبد
العزيز، وعبد الله بن بُريدة، والحسن البصري، وغيرهم. روى
عنه: زيد بن الحباب، وأبو تُميلة، وعلي بن الحسن، وغيرهم.
قال البخاري: عنده مناكير. وقال أبو حاتم: هو صالح. وقال
ابن معين: ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي،
وابن ماجه (3) .
وعبد الله بن بُريدة: ابن الحُصيب (4) .
قوله: "في لحافٍ " للحافُ: اسم ما يلتحف به، وكل شيء
تغطيتَ
به فقد التحفت به.
قوله: "ولا يوشح به" التوشح: أن يَتشح بالثوب، ثم يُخرج
طرفه
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/2348) .
(2) المصدر السابق (32 / 6938) .
(3) المصدر السابق (9 1 / 3656) .
(4) في الأصل: والخصيب " خطأ.
(3/166)
الذي ألْقاه على عاتقه الأيْسر من تحت يده
اليمنى، ثم يعْقد طرفيهما على صدْره، وقد وشحه الثوبَ.
قوله: " في سراويل " زعم ابن سيده أنه فارسيّ مُعرّب
يُذكرُ ويؤنَث، ولم يعرف الأصمعي فيها إلا التأنيث، وجمعه:
سراويلات، وقال سيبويه: لا يكسر، لأنه لو كسر لم يرجع إلا
إلى لفظ الواحد فترك. وقد قيل: سراويل جمع واحده سروالة،
والسراوين: السراويل، زعم يعقوب أن النون فيها بدل من
اللام، وفي " الجامع " للقزاز: سراويل وسرْوال وسرويل ثلاث
لغات. وفي " الصحاح ": وهي مصروفة من النكرة، والعمل على
هذا القول وعدم الصرف أقوى منه. وقال أبو حاتم السجستاني:
السراويل مؤنثة لا يُذكرها أحد علمناه، وبعضُ العرب يَظنّ
السراويلَ جماعةً، وسمعتُ من الأعراب من يَقولُ:
الشِرْوال- بالشن المعجمة.
قلتُ: الشروال مثل السراويل، ولكنه يُلْبسُ فوق القماش كله
لأجل حفظه عن الطين والوسخ، وغالب ما يُلبْسُه المسافرون
لأجل التشمِير وحفْظ القماش، / والعجم تقول للسراويل:
شلْوار. [1/216-أ] .
ووَجْه النهي عن الصلاة في لحاف لا يتوشحُ به: أنه إذا لم
يتوشح به ربما تنكشف عورته، وأما وجهه عنً الصلاة في
سراويل وليْس عليه رداء: فالظاهر أنه إذا كان قصيرا لا
يَسْتر عورته، فأما إذا كان طويلاً وصلى فيه بدون الرداء،
فصلاته جائزة، إلا أنها تكره، ومن هذا كره بعضُ أصحابنا
الصلاة في السراويل وَحْدها.
***
77- بَابُ: الإِسْبَال فِي الصَّلاة
أي: هذا باب في بيان إسْبال الإِزار في الصَلاةِ،
والإسْبال: الإرْسالُ، وليْس في غالب النسخ: "باب
الإِسْبال في الصلاة " بل ذكر حديث أبي هريرة الذي نذكره
الآن عجيب حديث عبد الله بن بريدة بلا
(3/167)
فاصلٍ بينهما ببابٍ ونحوه، وفي بعض النسخ
الصحيحة الحديثاًن اللذان ذكرا في هذا الباب ذُكِرا عَقيب
حديث جابر مُتصلٍ به بدُون ذكر بابٍ، وذكر "بابُ مَن قال
يَتزر به " عقيبَ هَذين الحديثين.
618- ص- نا (1) موسى بن إسماعيل: نا أبانٌ: نا يحيى، عن
أبي جعفر، عن عطاء بن يَسار، عن أبي هريرة قال: بيْنما رجل
يُصَلي مُسْبِلاً إزارَه إذ قال له رسول الله- عليه
السلام-: " اذهب توضأ (2) " فذهب فتوضأ ثم جاء، ثم قال: "
اذهب فتوضَأ " فذهبَ فتوضأَ ثم جاء / ثم قال: اذهب فتوضأ "
فذهب فتوضأ ثم جاء / (3) فقال له رجل: يا رسول الله، مَا
لكَ أمَرْتَه أن يَتَوضأ؟ قال (4) : " إنه كان يُصلي وهو
مُسْبِلٌ إزارَه، وإن الله لا يقبلُ صلاةَ رجل مُسْبلٍ
إزارَه " (5) .
ش- أبان: ابن يزيد العطار، ويحيى: ابن أبي كثير، وأبو
جَعْفر: رجل من أهل المدينة لا يُعْرف له اسمٌ. روى له:
أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
قوله: " بينما رجل " قد مرّ غير مرة أن أصله: " بَيْنَ"،
وأنه ظرف زمان بمعنى المفاجأة، ويَحتاجُ إلى جواب يَتم به
المعنى، وجوابه: " إذ قال له " وأنه يُضافُ إلى جملة من
فعل وفاعل، أو مُبتدإ وخبر. وقوله: " رجل " مرفوع على أنه
مُبتدأ قد تخصص بالصفة وهو قوله: " يُصلّي "، والخبر
محذوف، و" مُسْبلاً " حالٌ، وتقدير الكلام: بَيْنما رجل
مُشتغل بالصلاة في مكان، حال كونه مُسبلاً إزاره، إذ قال
له- عليه السلام. وفي بعض النسخ المضبوطة: " مُسبلٌ إزاره"
بالرفع، فوجهُه: أن يكون خبراً بعد خبر، أو خبر مبتدأ
محذوف، أي: هو مسبل، هذا على
__________
(1) جاء هذا الحديث في سنن أبي داود عقب الحديث الآتي.
(2) في سنن أبي داود: " فتوضأ ".
(3) ما بين الشرطين المائلتين غير موجود في سنن أبي داود.
(4) في سنن أبي داود: " أن يتوضأ، ثم سكت عنه، فقال ".
(5) تفرد به أبو داود.
(3/168)
تقدير صحة الرواية بالرفع. وإنما أمرَه-
عليه السلام- بالوضوء مرتين زجرا علي لما فعل من إسبال
إزاره، فكأنه- عليه السلام- رأى وضوءه وهو في هذه الحالة
كَلا وضوء، والصلاة لا تجوز إلا بوضوء. والحديث منسوخ
وضعيف- أيضاً-، لأن فيه رجلاً مجهول الاسم، وهو أبو جعفر
المذكور.
619- ص- نا زبد بنِ أخزم: نا أبو داود، عن أبي عوانة، عَن
عاصمٍ، عن أبي عثمان، عن ابن مسعُود- رضي الله عنه- قال:
سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقول: " من أسْبَلَ
إزارَه في صلاته خُيَلاءَ فليْس من الله في حل ولا حَرَ أم
" (1) .
ش- زيد بن أخزم: أبو طالب الطائي النبهاني الحافظ البصري.
روى عن: عبد الرحمن بن مَهْدي، وأبي عاصم النبيل، وإبراهيم
بن سَعْد، وغير هم. روى عنه: البخاري، ومسلم، َ وأبو ما
ود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم. قال أبو حاتم
والنسائي: ثقة. مات بعد دخول الزنج البصرة وذبحته الزنج
سنة سبع وخمسين ومائتين (2) . وأبو داود: سليمان بن داود
الطيالسي، وأبو عوانة: الوضاح، وعاصم: ابن سليمان الأحول.
وأبو عثمان: ابن سَنَّةَ الخزاعي الكعبي الشامي الدمشقي.
روى عن: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مَسْعود. روى عنه:
الزهري وغيره، سئل أبو زرعة عن اسمه فقال: لا أعْرف اسمَه
(3) .
قوله: " خُيلاء " نَصْب على التعليل يعني: لأجل الاختيال،
أو نصب على الحال يعني: مختالا، الخُيلاء- بالضيم
والكسر-:َ الكبْرُ والعُجْبُ
__________
(1) النسائي في الكبرى: كتاب الزينة، باب: إسبال الإزار.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (10 / 2085) .
(3) المصدر السابق (34 / 7501) .
تنبيه: ترجم المصنف أن أبا عثمان هو ابن سنة، بينما ذكر
الحافظ المزي هذا الحديث (7/9379) في ترجمة أبي عثمان عبد
الرحمن بن مل.
(3/169)
يُقال: اختال فهو مُختال وفيه خُيلاء
ومَخيلة أي: كبر، ويُقال: خَال الرجلُ فهو خَائل أي:
مُختال.
قوله: " فليس من الله في حل ولا حَرامٍ " الحل- بكسر
الحاء- بمعنى الحلال والمعنى (1) ، وكلمة
" من " هاهنا بمعنى: " عند " كما في قوله تعالى: {لَن
تُغْنِيَ عَنْهُمْ أمْوَالُهُمْ وَلا أوْلادهم مَّنَ الله
شيئاً} (2) ، [1/216 - ب] والمعنى: / فليْس عند الله في
شيء، وقد شاع بَيْنَ العَرب ضربُ المثل بقولهم: فلان لا
ينفع للحلال ولا للحرام، ويُريدون به أنه سَاقط من
الأعْين، لا يُلْتفتُ إليه، ولا يُعبا به وبأفْعاله، وكذلك
معنى الحدَيث: من أسْبل إزاره في صلاته خُيلاء فليْس هو
عند الله في شيء، ولا يَعْبا الله به ولا بصلاته، ثم
إسبالُ الثوْب خارج الصلاة إن كان لأجل الاختيال يكره-
أيضاً-َ، وإن لم يكن للاختيال لا يكره، وكرهه البعض "
مطلقا في الصلاة وغَيْرها للاختيال وغيرها.
ص- قال أبو داود: روى هذا جماعة عن عاصم موقوفا على ابن
مسعود , منهم: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو الأحوص،
وأبو معاوية.
ش- أي: روى هذا الحديث جماعة من أهل الحديث عن عاصم الأحول
غيرَ مرفوع إلى النبي- عليه السلام-، بل موقوفا على عبد
الله ابن مَسعود، منهم: الحمادان، وأبو الأحوص: عوفُ بن
مالك، وأبو مُعاوية الضرير.
***
78- بَاب: فِي كم تُصلِي المرأة؟
أي: هذا باب في بيان حكم المرأة تصلي في كم من الثياب؟ وفي
بعض النسخ: " باب ما جاء في كم تصلي المرأة؟ ".
__________
(1) كذا، ولعلها مقحمة.
(2) سورة آل عمران: (10) .
(3/170)
اعلم أن " كم " في كلام (1) العرب على
وَجْهين، بمعنى: " كثيرِ " واستفهاميّة يعني: أيُ عدد؟
ويشتركان في خمسة أمور: الاسمية، والإبهام، والافتقار إلى
التمَييز، والبناء، ولزوم التصدير، ويفترقان في خمسة أمور:
الأول: أن الكلام مع الخبرية يحتمل الصدق والكذب، بخلاف
الاستفهامية، الثاني: أن المتكلم بالخبريّة لا يستدعي من
مخاطبه جواباً، لأنه مخبر، بخلاف المتكلم بالاستفهامية،
لأنه مُستخبِرْ، الثالث: أن الاسم المبدل من الخبريّة لا
يقترن بالهمزة، بخلاف المبدل من الاستفهامية، يُقال في
الخبرية: كم عبيد لي خمسون بل ستون، وفي الاستفهامية: كم
مالك: عشرون أم ثلاثون؟ الرابع: أن تمييز الخبرية مفرد أو
مجموع تقول: كم عبد ملكت؟ وكم عبيد ملكتُ؟ ولا يكون تمييز
الاستفهامية إلا مفرداً، خلافاً للكوفيين، والخامسُ: أن
تمييز الخبرية واجب الخفض وتمييز الاستفهامية منصوب، ولا
يجوز جرة مطلقاً، خلافاً للفراء الزجاج وابن السِّراج، بل
بشرط أن تجر " كم " بحرف جر، فح (2) يجوز في التمييز
وجهان: النصب- وهو الكثير- والجرّ خلافاً للبعض. وإنما
طولت الكلام- وإن كان هذا ليس بمناسب لهذا المقام- ليعرف
المُحدّث كل " كم " تقع في هذا الكتاب من أي قسم هو؟ وما
حالُه من الإعراب؟ فيَسْهلَ علي المعنى.
620- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن محمد بن زَيْد بن قنفذ،
عن أمه، أنها سألت أم سلمة: ماذا تصلي فيه المرأة من
الثياب؟ فقالت (3) : تصلي في الخمار والدرع السابغ الذي
يُغيب ظهور قدمَيْها (4) .
ش- مالك: ابن أنس.
ومحمد بن زيد: ابن المهاجر بن قنفذ التيمي الجُدْعاني
المدني. روى عن: عبد الله بن عمر، وعُمير مولى آبي اللحم،
وأبي سلمة بن
__________
(1) في الأصل: " كلاب " كذا.
(2) أي: "فحينئذ"
(3) في الأصل: " فقال "
(4) تفرد به أبو داود.
(3/171)
عبد الرحمن، وأمّه. روى عنه: مالك بن أنس،
ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، وحفص بن غياث، وغيرهم.
روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
قوله: " ماذا تصلي فيه " اعلم أن " ماذا " على أوجه،
أحدها: أن تكون " ما " استفهاماً، و" ذا " إشارةً نحو:
ماذا الوقوف؟ والثاني: أن تكون " ما " استفهاماً، و " ذا "
موصولة، نحو قوله تعالى: " ماذَا يُنفقُونَ " (2) في أحد
الوجهين، الثالث: أن يكون " ماذا " كله استفهاماً علَى
التركيب، كقولك: لماذا جئت؟ الرابع: أن يكون " ماذا " كله
اسم جنس بمعنى " شيء " أو موصولاً بمعنى " الذي "، الخامس:
أن تكون "ما" زائدة و " ذا " للإشارة، السادسُ: أن تكون "
ما " استفهاماً و" ذا " زائدة؟ أجازه جماعة , منهم: ابن
مالك في نحو: ماذا صنعتَ؟
قوله: " في الخمار " الخمار- بكسر الخاء- للمرأة، يُسمّى
به لتخمير المرأة رأسَها به، أي: تُغطِيها به، ومنه
الخمرُ، لأنها تغطي العَقْل. والخُمُر- بتحريك الميم- وهو
كل ما سَتَرك من شجر أو بناء أو غيره، ومكان خِمرٌ - بكسر
الميم- أي: ساتِرٌ، وخُمارُ الناس- بالضم- رَحمتهم.
قوله: "الدرع السابغ " الدرعْ- بكسر الدال- القمِيصُ،
والسابغ - بالغين المعجمة- بمعنى الشامل على جميع بدنها،
يقال: شيء سابغ، أي: كامل وافِ.
قوله: " الذي يُغيّب ظهور قدمَيْها " تفسير السابغ بمعنى
الشامل- كما ذكرنا- لأنه / إذا كان شاملاَ يكون ساتراً
ظهور قدمَيْها. [1/217 - ب]
ويُسْتفادُ من الحديث: أن المرأة إذا صلّت وظهور قدميها
مكشوفة لا تجور صلاتها، وبه قال مالك، والشافعي، وقال
مالك: إن صلت
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25 / 5227) .
(2) سورة البقرة: (219) .
(3/172)
وقدمها مكشوفة أعادت في الوقت، وكذلك إن
صلت وشعرها مكشوف. وقال الشافعي: تعيد أبداً. وقال أحمد:
كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها. وقال أبو حنيفة،
والثوري: قدم المرأة ليست بعورة، فإن صلت وقدمها مكشوف لم
تُعدْ. ويروى عن أبي حنيفة أن قدميها عورة- أيضاً- لعموم
قوله- عليه السلام-: " الحرة عَوْرة "، واستثني عنها
الوجهُ والكفان ت لقوله تعالى: {ولا يبدينَ زِينَتَهُن
إِلا مَا ظَهَرَ منْهَا " (1) . وقال ابن عباس: هو الكحل
والخاتمَ. وأخرج البيهقي عن عَقبة الأصم، عن عطاء بن أبي
رباح، عن عائشة في قوله تعالى: {ولا يبدينَ زينَتَهُن إِلا
مَا ظَهَرَ منْهَا} قالت: ما ظهر منها: الوجه والكفّان.
قالَ الشيَخ في " الإمام ":َ
وعقبة تكلم فيه.
621- ص- نا مجاهد بن موسى: نا عثمان بن عمر: نا عبد الرحمن
بن عبد الله- يعني: ابن دينار-، عن محمد بن زيد بهذا
الحديث قال عن أم , سلمة، أنها سألت رسول الله صلى الله
عليه وسلم: أتصلي المرأةُ في درعْ وخمار ليس عليها إزار؟
قال: " إذا كان الدرعُ سابغاً يُغطي ظهور قدمَيْها " (2) .
ش- مجاهد بن موسى: أبو علي الخوارزمي.
وعثمان بن عمر: ابن فارس بن لقيط بن قيس أبو محمد أو أبو
عدي العبدي البصري. روى عن: عبد الله بن عون، وداود بن
قيس، ويونس بن يزيد، وغيرهم. روى عنه: البخاري، والترمذي،
وابن ماجه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومجاهد بن
موسى، وغيرهم. قال أحمد بن حنبل: ثقة رجل صالح. توفي ليلة
الأحد لثمان بقين من ربيع الأول سنة تسع ومائتين. وروى له:
أبو داود، والنسائي (3) .
وعبد الرحمن بن عبد الله: ابن دينار المديني العدوي مولى
عبد الله بن
__________
(1) سورة النور: (31) .
(2) تفرد به أبو داود.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (19/ 3848) .
(3/173)
عمر بن الخطاب. روى عن: أبيه، وزيد بن
أسلم، وأبي حازم بن دينار. روى عنه: يحيى القطان، ومعن بن
عيسى، وأبو الوليد الطيالسي، وغيرهم. قال ابن معين: في
حديثه ضعْف. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال
ابن عدي: بعض ما يرويه منكر لا يُتابع علي. روى له:
البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي (1) . ومحمد بن
زيد: قد مر الآن.
قوله: " اتُصلي المرأة " الألف فيه للاستفهام.
قوله: " إذا كان الدرع " إلى آخره جوابُه محذوف تقديره:
إذا كان القميص شاملاَ على جميع بدنها يُغطي ظهور قدميها
تُصلي فيه وإلا لا. وفي " المصنف ": نَا أبو أسامة، عن
الجريري، عن عكرمة قال: تصلي المرأة في درع وخمار حَصِيف.
ونا أبان بن صَمْعة، عن عكرمةَ، عن ابن عباس قال: لا بأس
بالصلاة في القميص الواحد إذا كان صَفيقاً.
ونا أبو أسامة، عن الجُريري، عن عكرمة أنه كان لا يرى
بأساً بالصلاة في القميص الواحد حصيفاً.
وذكر عن ميمونة بسند صحيح أنها صلت في درع وخمارٍ. ومن
طريق أخرى صحيحة أنها صلت في درع واحد فُضُلاً، وقد وضعتْ
بعض كمها على رأسها.
ومن طريق مكحول، عن " عائشة وعلي- رضي الله عنهما-: تُصلي
في درع سابغ وخمارِ. وعن ابن عمر بسند صحيح: في الدرع
والخمار والملحفة. وعن عبيدة ومحمد بن سيرين: الدرع
والخمار والحَقوة. وعن إبراهيم: في الدرع والجلباب. وعن
عروة، وقتادة، وجابر بن زيْد،
__________
(1) المصدر السابق (17 / 3866) .
(3/174)
وعطاء: في درع وخمار حَصيف. وعن الحكم: في
درع وخمار. وعن
حماد: درع وملحفة تُغطِي رأسهَا. ومن حديث ليْث، عن مجاهد:
لا
تصلي المرأة في أقل من أربعة أثواب. وعن مجاهد، وعطاء،
وابن
سيرين: إذا حضرتها الصلاة وليس لها إلا ثوب واحد، قالوا:
تتزر به.
وفي " صحيح البخاري ": قال عكرمة: لو وارَت جسَدها في ثوب
جار- وفي نسخة: لأجْزأها (1) . وقوله: " وخمار حَصِيف "
أي:
محكم، من أحْصفتُ الأمرَ أحكمتُه- بالحاء والصاد
المهملتين- والمرادُ
منه: الصفيق. وقوله:" في درع واحد فُضُلاَ " أي: زيادة
عليها.
قوله: " والجلباب " الإزار والر داء، وقيل: الملحفة، وقيل:
هو كالمقنعة
تُغطي به المرأة رأسها وظهرها وصَدْرها، وجمعها: جلابيب.
ص- قال أبو داود: روى هذا الحديث: / مالك بن أنس، وبَكْرُ
بن [11/ 217] مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جَعْفر، وابن
أبي ذئب، وابن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة،
لم يذكر أحد منهم
النبي- عليه السلام-، قصَرُوا به على أم سلمة.
ش- بكرُ بن مُضر: ابن محمد المصري، وحفص بن غياث: ابن
طلق النخعي قاضي الكوفة، وإسماعيل بن جَعْفر: ابن أبي كثير
الأنصاري المدني، وابنُ أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن،
وابن إسحاق: هو محمد بن إسحاق.
قوله:" قصرُوا به " أي: بهذا الحديث على أم سلمة، ولم
يرفعوه
إلى النبي- عليه السلام-.
" وسئل (2) الدارقطني عن هذا الحديث فقال: يَرويه محمد بن
زيد بن
المهاجر بن قنفذ، عن أمه، عن أم سلمة، واختلف عنه في رفعه،
فرواه
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عنه مرفوعا إلى النبي-
عليه السلام-
__________
(1) في الأصل: " لأجزأته"
(2) انظر: نصب الراية (1 / 299- 300) .
(3/175)
وتابعه هشام بن سَعْد، وخالفه ابن وهب (1) ، فرواه عن هشام
بن سَعْد موقوفا، وكذلك رواه مالك، وابن أبي ذئب، وابن
لهيعة، وأبو غسان: محمد بن مطرف، وإسماعيل بن جعفر،
والدراوردي، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة موقوفا،
وهو الصواب. وقال صاحب " التنقيح ": وعبد الرحمن بن عبد
الله بن دينار روى له البخاري في " صحيحه "، ووثّقه بعضهم،
لكنه غلط في رفع هذا الحديث. وروى الحاكم هذا الحديث في
المستدرك " (2) وقال: إنه على شرط البخاريّ. وقال ابن
الجوزي في " التحقيق ": وهذا الحديث فيه مقال، وهو أن عبد
الرحمن بن عبد الله بن دينار ضعفه يحيى. وقال أبو حاتم
الرازي: لا يحتج به، والظاهر أنه غلِط في رفع هذا الحديث.
قلت: وكذا ذكره ابن حبان (3) في " الضعفاء والمتروكين ". |