شرح أبي داود للعيني

316- باب: من رأى فيها السجود
أي: هذا باب في بيان قول من رأى في المفصل سجوده.
1376- ص- نا حفص بن عمر، نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله " أن رسولَ الله- عليه السلام- قَرَأَ سُورةَ النجم فَسجدَ بها (4) ، وما بَقِيَ أحدٌ من القوة إلا سجدَ، فأخذَ رجل من القوة كَفّاً من
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7/ 1526) .
(2) في الأصل: مكررة.
(3) في سنن أبي داود: " فيها ".
(4) في سنن أبي داود: " فيها ".

(5/312)


حَصَى، أو تراب فرفَعَهُ إلى وجهِه، وقال: يكفيني هذا، قال عبدُ الله: فلقد رأيتُه بعد ذلك قُتِلً كَافرَا " (1) .َ
ش- أبو إسحاق السبيعي، والأسود بن يزيد النخعي، وعبد الله بن مسعود.
قوله: " وما بقي أحد من القوم إِلا سجد " يعني: من المسلمين، والمشركين، قال ابن عباس، وغيره: حتى شاع ابن أهل مكة أسلموا، وقال القاضي عياض: وكان سبب سجودهم فيما قال ابن مسعود: إنها أول سجدة نزلت، قال القاضي: وأما ما يرويه الإخباريون، والمفسرون، أن سبب سجودهم ما جرى على لسان رسول الله من الثناء على آلهة المشركة، في سورة النجم، فباطل لا يصح فيه شيء لا من جهة النقل، ولا من جهة العقل، لأن مدح جهة غير الله تعالى كفر، ولا يصح نسبة ذلك إلى لسان رسول الله- عليه السلام-، ولا أن يقوله الشيطان على لسانه، ولا يصح تسليط الشيطان على ذلك.
قوله: " فأخذ رجل من القوم " هو أمية بن خلف، وقيل: هو الوليد ابن المغيرة، وقيل: هو عتبة بن ربيعة، وقيل: إنه أبو أحيحة سعيد بن العاص، والأول أصح، وهو الذي ذكره البخاري، والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، وأخرجه النسائي مختصرا.
***
317- باب: السجود في- {إذَا السماءُ انشَقَّتْ} و {اقْرَأ}
أي: هذا باب في بيان السجود في سورة الانشقاق، والعلق.
1377- ص- نا مسدد، نا سفيان، عن أيوب بن موسى، عن عطاء بن
__________
(1) البخاري: كتاب سجود القرآن، باب: سجدة النجم (1070) ، مسلم: كتاب المساجد، باب: سجود التلاوة، (576) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: السجود في " والنجم " (2/ 160) .

(5/313)


ميناء، عن أبي هريرة، قال: " سَجدنَا مع رسول الله في {إذا السَمَاءُ
انشَقتْ} و {اقْرَأ باسْم ربكَ} "، (1) ، (2) .
ش- سفيان الثوري.
وعطاء بن ميناء- بكسر الميم، وسكون الياء آخر الحروف، وفتح
النون- مولى ابن أبي ذباب المدني، وقيل البصري. روى عن:
[2/ 157 - أ] أبي هريرة. روى عنه: عمرو بن/ دينار، وسعيد المقبري، وأيوب بن موسى، وغيرهم. قال سفيان بن عيينة: عطاء بن ميناء البصري أبو معاذ،
من المعروفين من أصحاب أبي هريرة. روى له: الجماعة (3) .
والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي:، العمل على هذا عند كثر أهل العلم، يرون السجود في {وإذا
السمَاء انشَقتْ} و {اقرأ باسْم ربكَ} .
1378- ص- نا مسدد، نا المعتمر، قال: سمعت أبي، نا بكر، عن
أبي رافِع، قال: " صليتُ مع أبي هريرة العتمة، فقرأ {وإذا السماءُ انشَقتْ}
فسَجد، قلتُ: ما هذه السجدةُ؟ قال: سجدتُ بها خلفَ أبي القاصم صلى الله عليه وسلم
فلا أزَالُ أسجُدُ بها حتىَ أَلقَاه " (4) .
ش- معتمر بن سليمان، وأبوه سليمان بن طرخان، وبكر بن عبد الله
المدني، وأبو رافع رفيع الصائغ المدني، والحديث أخرجه: البخاري،
ومسلم، والنسائي، وهو حجة على مالك.
__________
(1) في سنن أبي داود: {واقرأ باسم ربك الذي خلق} قال أبو داود: " أسلم أبو هريرة سنة ست عام خيبر، وهذا السجود من رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر فعله ".
(2) مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: سجود التلاوة (578) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في السجدة في {اقرأ باسم ربك} و {إذا السماء انشقت} (573، 574) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: السجود في {إذا السماء انشقت} ، وباب: السجود في {اقرأ باسم ربك} (3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (0 2/ 3943) .
(4) البخاري: كتاب سجود السهو، باب: سجدة {إذا السماء انشقت} (1074) ، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: سجود التلاوة (578) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: السجود في {إذا السماء انشقت} (2/ 161)

(5/314)


318- باب: السجود في " ص "
أي: هذا باب في بيان السجود في سورة " ص ".
1379- ص- نا موسى بن إسماعيل، نا وهيب، نا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: " ليس " ص " من عزائم السجودِ، وقد رأيتُ رسولَ اللهِ يسجدُ فيها " (1) .
ش- وهيب بن خالد، وأيوب السختياني.
قوله: " ليس [" ص "] من عزائم السجود " أي: ليس حق من حقوقه، وواجب من واجباته، وبه استدل الشافعي أن السجدة التي في لاصق ليست بعزيمة، وإنما هي سجدة شكر، قلنا: بل الحديث حجة لنا، لقوله: " وقد رأيت رسول الله يسجد فيها " وفعله- عليه السلام- أقوى من قول ابن عباس، والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وقال الترمذي: واختلف أهل العلم في ذلك، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي- عليه السلام- وغيرهم أن يسجد فيها، وهو قول سفيان، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال بعضهم: إنها توبة نبي، ولم يروا السجود فيها.
قلت: ما ذكره من قول الشافعي غير محفوظ عنه، بل كان ينبغي أن يذكر قوله في قول من لم يروا فيها سجدة.
1380- ص- نا أحمد بن صالح، نا ابن وهب، أخبرني عمرو، عن ابن أبي هلال، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: " اقرأ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر , " ص "، فلما بَلَغَ السجدةَ نزلَ فَسجدَ، وسجدَ الناسُ معه، فلما كان يوم آَخرُ قرأها، فلما بَلَغ
__________
(1) البخاري: كتاب سجود القرآن، باب: سجدة "ص " (1069) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب السجدة في" ص " (1409) .
تنبيه: ذكر الشارح أن مسلما أخرج هذا الحديث، ولم يعزه إليه الحافظ المضي
في " التحفة " (5/ 5988) .

(5/315)


السجدةَ تَشَزن الناسُ للسجود، فقال رسولُ الله: إنما هي توبةُ نبيّ، ولكني رأيتُكُم تَشزنتُمْ للسجُودِ، فَنَزَلً فَسَجدَ وسَجَدُواَ " (1) .
ش- عبد الله بن وهب، وعمرو بن الحارث، وابن أبي هلال: سعيد بن أبي هلال الليثي المصري.
قوله: " تشزن الناس " معناه تأهبوا للسجود، وتهيؤا له، وأصله من الشزن، وهو القلق، يقال: بات فلان على شزن، أي: بات قلقا يتقلب من جنب إلى جنب، وقال ابن الأثير في " باب الشين مع الزاي (2) ": التشزُّن التأهب، والتهيؤ للشيء، والاستعداد له، مأخوذ من عُرض الشيء وجانبه، كأن المتشزًن يدع الطمأنينة في جلوسه، ويقعد مستوفِزًا على جانب.
قوله: " إنما هي توبة نبيل نبي " والمراد به داود- عليه السلام- والحديث أخرجه الحاكم في " المستدرك " في تفسير سورة " ص "، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وقال النووي في "الخلاصة ": سنده صحيح على شرط البخاري، واستدل به الشافعي أيضًا أن سجدة لص " ليست من العزائم، وإنما هي سجدة شكر.
قلنا: هذا أيضًا حجة لنا، لأنا نقول سجدها داود- عليه السلام- توبة، ونحن مسجدها شكرًا، لما أنعم الله تعالى على داود بالغفران، والوعد بالزلفى، وحسن المآب، ولهذا لا يسجد عندنا عقيب قوله: {وأنَابَ} بل عقيب قوله: {مآب} وهذه نعمة عظيمة في حقنا، وطمعنا في إقالة عثراتنا، وغفران ذنوبناً، وزلاتنا، فكانت سجدة تلاوة، لأن سجدة التلاوة ما كان سبب وجوبها التلاوة، وسبب وجوب هذه السجدة تلاوة هذه الآية التي فيها الإخبار عن هذه النعم على داود- عليه [2/ 157- ب] السلام- وأطماعنا من نيل مثله، وكذا سجدة/ النبي- عليه السلام- في الجمعة الأولى، وترك الخطبة لأجلها، فدل على أنها سجدة تلاوة،
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) النهاية: (2/ 471) .

(5/316)


وأما تركه في الجمعة الثانية حيث القراءة فلا يدل على أنها ليست بسجدة تلاوة، بل كان يريد التأخير، وهي عندنا لا تجب على الفور، على ابنه سجد أيضا، وسجد الناس معه لما تشزَّنوا له.
***
319- باب: الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير صلاة
أي: هذا باب في بيان أن الرجل يسمع آية السجدة، والحال أنه راكب، أو في غير صلاة.
1381- ص- نا محمد بن عثمان الدمشقي أبو الجماهر، نا عبد العزيز
- يعني: ابن محمد- عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن نافع، عن ابن عمر " أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قرأ َعامَ الفتحِ سَجدة، فسجدَ الناسُ كلُّهم، منهم الراكبُ، والساجدُ في الأرضِ، حتى إن الراكب ليسجدُ على يَدِه " (1) .
ش- عبد العزيز الدراوردي.
قوله: " عام الفتح " أي: فتح مكة سنة ثمان من الهجرة.
وبالحديث استدل الشافعي أن سجدة التلاوة تجوز راكبا، سواء سمعها من غيره، أو تلاها هو، وكذا لو تلاها على الأرض، ثم سجد لها راكبا يجور عنده، وقال أصحابنا: لا يجوز إلا فيما إذا قرأها راكبًا، وسجد لها راكبا، لأنها وجبت في ذمته كاملة، فلا تتعدى بالناقص، وأما في الصورة المستثناة، فإنه أداها كما وجبت، والواجب هو الناقص، وأما إذا قرأها راكبا فنزل على الأرض، ثم ركب فسجد لها، يجوز عندنا أيضا للمعنى المذكور، خلافًا لزفر بن هذيل، والحديث معلول بمصعب ابن ثابت، فإنه ضعفه غير واحلم من الأئمة.
1382- ص- نا أحمد بن حنبل، نا يحيى بن سعيد، ح أنا أحمد بن
__________
(1) تفرد به أبو داود.

(5/317)


أبي شعيب، نا ابن نمير، المعنى عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: "كان رسولُ الله- عليه السلام- يقرأ علينا السورةَ، قال ابن نمير: في غير الصلاةِ ثم اتفقَا: فيسجدُ ونسجدُ معه، حتى لا يَجدُ أحللنا مكًانًا لموضع جَبهتِهِ " (1) .
ش- يحيى القطان، وعبد الله بن عمير.
قوله: " ثم اتفقا " يعني: يحيى، وابن أمير. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم.
ويستفاد منه أن السجدة واجبة عند قراءة آية السجدة، سواء كان في الصلاة، أو خارج الصلاة على القارئ والسامع.
1383- ص- نا أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي، أنا عبد الرزاق،
أنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: " كان رسولُ الله - عليه السلام- يقرأ علينا القرآنَ، فإذا مَر بالسجدة كَبَّرَ، وسجدَ، وسجدْنَا " (2) (3) .
ش- عبد الرزاق بن همام، وعبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، والخرج له: مسلم مقرونًا بأخيه عبيد الله بن عمر- رضي الله عنهم-.
ويستفاد من الحديث أن سجدة التلاوة لها تكبير بدون رفع اليدين، وكذا ليس لها تشهد، ولا سلام، وأخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن الحسن، وعطاء، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير " أنهم كانوا لا يُسلمون في السجدة " وقال أصحابنا: يكبر أولاً للسجود، ثم إذا رفع رأسه يكبر أيضًا، لما روى ابن أبي شيبة بإسناده، عن الحسن، قال: لا إذا قرأ الرجل السجدة، فليكبر إذا رفع رأسه، وإذا سجد ".
__________
(1) البخاري: كتاب سجود القرآن، باب: من سجد لسجود القارئ (1075) ، مسلم: كتاب المساجد، باب: سجود التلاوة (575) .
(2) في سنن أبي داود: " وسجدنا معه"
(3) تفرد به أبو داود.

(5/318)


وأخرج عبد الرزاق في " مصنفه " عن الحسن، قال: " ليس في السجود تسليم ".
ص- قال عبد الرزاق: وكان الثوري يعجبُه هذا الحديث، قال أبو داود: يعجبُه لأنه كبر.
ش- أي: قال عبد الرزاق بن همام: كان سفيان الثوري إلى آخره.
***
320- باب: ما يقول إذا سجد
أي: هذا باب في بيان ما يقول الرجل في سجوده إذا سجد للتلاوة.
1384- ص- نا مسدد، نا إسماعيل، نا خالد الحذاء، عن رجل، عن أبي العالية، عن عائشة، قالت: " كان رسولُ الله يقولُ في سجودِ القرآنِ بالليل، يقولُ في السجدة مرارا: سَجَدَ وجْهِي للذِي خَلَقَه، وشَق سمْعَه، وبَصَرَه، بحولِهِ، وقوتِهِ " (1) .
ش- إسماعيل ابن علية، وأبو العالية رُفيع بن مهران البصري.
قوله: " يقول في السجدة " بدل من قوله: " يقول في سجود القرآن ". قوله: " سجد وجهي " به استدل الزهري أن الأذنين من الوجه، والجواب: أن المراد من الوجه بجملة الذات كقوله تعالى: {كُل شَيء هَالك إلا وَجْهَهُ} (2) ويؤيد هذا أن السجود يقع بأعضاء أخر مع الوجه، وأيَضًا إن الشيء يُضاف إلى ما يُجاوره، كما يقال: بساتين البلد.
قوله: " بحوله " متعلق بقوله: " خَلَقَه ". والحديث أخرجه: الترمذي، والنسائي، وقال الترمذي: حديث صحيح.
__________
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما يقول في سجود القرآن (580) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: الدعاء في السجود (1/ 218 - 223) . "
(2) سورة القصص: (88) .

(5/319)


[2/ 158 - أ] / قلت: لم يذكر الترمذي بين خالد الحذاء واجبي العالية أحدًا، وقد ذكر أبو داود بينهما رجلا مجهولاً
***
321- باب: فيمن يقرأ السجدة بعد الصبح
أي: هذا باب في بيان من يقران السجدة بعد صلاة الصبح.
1385- ص- نا عبد الله بن الصباح العطار، نا أبو بحر، نا ثابت بن
عمارة، نا أبو تميمة الهُجيمي، قال: " لما بَعثنَا الركبَ- قال أبو داودَ: يعني:
إلى المدينة- قال: كنتُ أقصُّ بعدَ صلاة الصبح فأسجدُ، فَنَهَانِي ابنُ عُمرَ،
فلم أنْتَه ثلاثَ مِرَارٍ، ثم عَادَ، فقال: أنيس صَلَّيتُ خَلفَ رسول الله، ومع
أبي بكرِ، وعُمرَ، وعثمانَ، فلم يسجدُوا حتى تَطلُعَ الشمسُ " (اَ) هو
ش- أبو بحر اسمه عبد الرحمن بن عثمان بن اسمية بن عبد الرحمن بن
أبي بكرة الثقفي أبو بحر البكراوي البصري. روى عن حميد الطويل،
وشعبة، وابن جريج وغيرهم. روى عنه: زناد بن يحيى، ومحمد
ابن بشار، وأبو بكر بن أبي شيبة، وغيرهم. قال أحمد: طرح الناس حديثه، وقال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب
حديثه، ولا يحتج به، مات سنة تسعين ومائة. روى له: أبو داود.
وثابت بن عمارة الحنفي، أبو مالك البصري.
وأبو تميمة طريف بن مجاهد الهجومي البصري. روى عن عبد الله بن
عمر، وأبي موسى، وأبي هريرة، وجندب بن عبد الله، وأبي عثمان النهدي. روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وسليمان القيمي، وقتادة،
وخالد الحذاء، وغيرهم، قال ابن معين: ثقة، توفي سنة سبع وتسعين. روى له الجماعة.
__________
(1) تفرد به أبو داود.

(5/320)


وتُميمة بضم التاء المثناة من فوق، وطريف بفتح الطاء المهملة، ومُجالد بضم الميم، وفتح الجيم، والهجومي نسبة إلى بني الهُجيمي بضم الهاء، وفتح الجيم، وسكون الياء آخر الحروف، وبعدها ميم، بطن من بني تميم بالبصرة، محلة نزلها بنو الهجوم فنسبت إليهم، وفي الرواة جماعة ينسبون إلى القبيلة، " إلى المحلة.
قوله: " لما بعثنا الراكب " وفي " مختصر السنن ": " لما بعثنا الركب "، أي: أقمناها من مبركها، وقيل: الركب تختص بالإبل، وقالت أبو داود: يعني: بالراكب أنهم بعثوه إلى المدينة يسألونهم عن سجود القرآن.
قوله: " كنت أقص " أي: كنت أعظ، والقاص هو الذي يعظ الناس، ويقص عليهم أخبار الأمم الماضي، وهذا الحديث ظاهره يحكم بأن السجدة للتلاوة تكره بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، ولكن أصحابنا وغيرهم ذكروا أنها لا بأس بها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وبعد صلاة الصبح إلى طلوعها، فجوابهم عن الحديث أنه معلول بأبي بحر المذكور، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: نا هشيم، أنا داود، عن الشعبي، انه كان يقول: " إذا قرأ الرجل السجدة بعد العصر، وبعد الفجر، فليسجد ". (1)
نا حميد بن عبد الرحمن، عن زهير، عن جابر، عن سالم، والقاسم، وعطاء، وعامر ما في الرجل يقرأ السجدة بعد العصر، وقبل أن تطلع الشمس، فيسجد؟ قالوا: نعم ". نا الثقفي، عن خالد، عن عكرمة، قال: " إذا قرأتُ القرآن، فأتيت على السجدة بعد العصر، وبعد الغداة، فأسجد ". نا هشيم، عن خالد، عن عكَرمة، قال: "إنما يمنعهم من ذلك الكسل ".
***
__________
(1) في الأصول: " عن " خطأ، وانظر: المصنف (2/ 15) .
21هـ شرح سنن أبي داوود 5

(5/321)


باب: تفْريع الوتر (1)
أي: هذا باب في بيان تفريع أنواع الوتر.
322- باب: استحباب الوتر
أي: هذا باب في بيان استحباب الوتر.
1386- ص- نا إبراهيم بن موسى، أنا عيسى، عن زكرياء، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " يا أهلَ القرآنِ أوتِرُوا، فإن اللهَ وتر يحبُّ الوتر " (2) .
ش- عيسى بن يونس، وزكرياء بن أبي زائدة، وأبو إسحاق السبيعي، وعاصم بن ضمْرة الكوفي.، وعلي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- (3) . ثم اعلم أن الكلام في الوتر في مواضع، الأول: في صفته، فنقول: عن أبي حنيفة روايات. روى حماد بن زيد عنه أنه فرض. وروى يوسف ابن خالد السمتي أنه واجب. وروى نوح في ما الجامع " عنه ابنه سُنة، وبه أخذ أبو يوسف، ومحمد، وهو قول الشافعي، ومالك، وأحمد، واحتجوا بأحاديث نذكرها في موضعها، واحتج أبو حنيفة بأحاديث منها الحديث المذكور، لأكن الأمر فيه للوجوب.
__________
(1) في سنن أبي داود: " باب تفريع أبواب الوتر ".
(2) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء ابن الوتر ليس بحتم (453) ، النسائي: كتاب قيام الليل، باب الأمر بالوتر (3/ 228) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر (1169) .
(3) هذه اللفظة قد شاعت وذاعت، وملأت الدروس والأسماع، وهذا الأمر من فعلات الرافضة، وسريانه إلى أهل السنَة فيه هضم للخلفاء الثلاثة قبله، فليتنبهْ إلى مسالك المبتدعة وألفاظهم، فكم من لفظ ظاهره السلامة، وباطنه الإثم، وآخره الندامة، ولينظر تفسير ابن كثير (3/ 516) ، السنة للالكائي (4/ 1396) ، جلاء العينين للألوسي (62) ، التذكرة التيمورية (282- 283) الآداب الشرعية لابن مفلح، فهرس مجموع الفتاوى (37/ 62) .

(5/322)


فإن قيل: قد قال الخطابي: تخصيصه أهل القرآن بالأمر فيه يدل على
أن الوتر غير واجب، ولو كان واجبًا لكان عاما، وأهل القرآن في عُرف
الناس هم القراء، والحفاظ، دون العوام،/ قلنا: أهل القرآن بحسب [2/ 158 - ب] اللغة يتناول كل من معه شيء من القرآن، ولو كان آية فيدخل فيه الحفاظ، وغيرهم، على أن القرآن كان في زمنه- عليه السلام- معرّفا بين الصحابة، وبهذا التأويل الفاسد لا يبطل مقتضى الأمر الدال على
الوجوب، ولا سيما تكد الأمر بالوتر بمحبة الله إناه، بقوله: , فإن الله
وتر، يحب الوتري والحديث أخر له: الترمذي، والنسائي، وابن
ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن.
فان قيل: القول بفرضية الوتر يؤدي إلى أن تكون الفرائض ستة، وأنه
خلاف الكتاب، والسُنَة، وإجماع الأمة قلنا: لا يلزم هذا أبا حنيفة،
لأنه لا يقول بفرضيته مثل فرضية الظهر مثلاً دائما يقول: بوجوبه،
والفرق بين الواجب، والفرض، كالفرق بين السماء والأرض.
الثاني: فيمن يجب عليه: فلا يختص ببعضه دون بعض كالجمعة،
وصلاة العيدين، بل يعم جميع الناس أجمع، من الحر، والعبد،
والذكر، والأنثى، بعد أن كان أهلا للوجوب، لأن ما ذكرنا من دليل
الوجوب لا يوجب الفصل.
الثالث: في بيان مقداره: فقد اختلف العلماء فيه، قال أصحابنا:
الوتر ثلاث ركعات، بتسليمة واحدة، في الأوقات كلها، وقال الشافعي
هو بالخيار، إن شاء الوتر بركعة، لان شاء الوتر بثلاث، اهو خمس، أو
سبع، أو تسع، أو إحدى عشر في الأوقات كلها، وقال الزهري: في
شهر رمضان ثلاث ركعات، وفي غيره ركعة واحدة.
وقال الخطابي: وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن الوتر ركعة،
منهم: عثمان بن عفان، وسعد بن أبى وقاص، وزيد بن ثابت،
وأبو موسى الأشعري، وابن عباس، وعائشة، وابن الزبير، وهو
مذهب ابن المسيب، وعطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي،

(5/323)


وأحمد، وإسحاق، غير أن الاختيار عند مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، أن يصلي ركعتين، ثم يوتر بركعة، فإن أفرد الركعة كان جائرا عند الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وكرهه مالك، وقال الصحاب الرأي: الوتر ثلاث، لا يفصل بين الشفع والوتر، بتسليمة، وقال سفيان: الوتر ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، إحدى عشرة، وقال الأوزاعي إن فصل بين الركعتين، والثالثة فحسن، وإن لم يفصل فحسن، وقال مالك: يفصل بينهما، فإن لم يفصل ونسي إلى أن قام في الثالثة سجد سجدتي السهو.
1387- ص- نا عثمان بن أبي شيبة، نا أبو حفص الأبار، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، عن النبي- عليه السلام- بمعناه زاد: " فقال أعرابية ما تقولُ؟ قال: ليس لكَ، ولا لأصحابِكَ " (1) . ش- أبو حمص هذا عمر بن عبد الرحمن بن قيس الكوفي الأخبار، سكن بغداد. سمع يحيي بن سعيد الأنصاري، ومنصور بن المعتمر، والأعمش، وغيرهم. روى عنه: يحيى بن معين، وعثمان بن أبي شيبة، والحسن بن عرفة، وغيرهم، وقال ابن معين: كان يعمل الأبرز فنسب إليها، وكان كوفيا، وهو ثقة، توفي ببغداد، روى له: أبو داود، وابن ماجه.
وعمرو بن مرّة: ابن عبد الله الجَملِي الكوفي، وأبو عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود، وقد تقدم ابنه لم يسمع من أبيه، والحديث منقطع، وأخرجه ابن ماجه أيضًا، وقد أجيب عن هذا الحديث بأنه كان قبل استمرار الوجوب.
1388- ص- نا أبو الوليد الطيالسي، وقتيبة بن سعيد، المعنى، قالا: نا ليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن راشد العوفي، عن عبد الله ابن أبي مُرّة الزوفي، عن خارجة بن حذيفة- قال: أبو الوليد: العدوي-
__________
(1) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر (1170) .

(5/324)


قال: " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قَدْ أمدكُم اللهُ بصلاة (1) ، وهي خير لكُم من حُمْرِ النعَم، وهي الوترُ، فَجَعَلها لكم فيما بين العًشاء، إلى طُلُوع الفجرِ " (2) .
ش- عبد الله بن راشد الصوفي أبو الضحوك المصري. روى عن: عبد الله بن أبي مُرة الزوفي. روى عنه يزيد بن أبي حبيب المصري، وخالد بن يزيد. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
والزوفي نسبة إلى زَوْف، بفتح الزاي، وسكون الواو، وفي آخره فاء، وهي قبيل من حمير بن سبإ.
وعبد الله بن أبي مرة الزَّوْفي شهد فتح مصر، واختط بها. روى عن خارجة بن حذيفة. روى عنه: عبد الله بن راشد العوفي، وزر بن عبد الله الزوفي،/ روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه. [2/ 159 - أ] وخارجة بن حذيفة العدوي القرشي الصحابي سكن مصر، له هذا الحديث. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
قوله: " قال أبو الوليد: العدوي " أي: قال أبو الوليد الطيالسي: خارجة بن حذيفة العدوي.
قوله: " من حُمر النَّعم " النعَم بفتحتين واحد الأنعام، وهي المال الراعية، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل، قال الفراء: هو ذكر لا يؤنث، يقولون: هذا نعم وارد، ويجمع على نعمان، مثل حِمل وحملان، والأنعام يذكر ويؤنث، والحُمْر- بضم الحاء، وسكون الميم- جمع أحمر، ولما كان الإبل الحُمر أعز الأموال عند العرب ذكر ذلك
__________
(1) في سنن أبي داود: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الله عز وجل أمدكم بصلاة ... ".
(2) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في فضل الوتر (452) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر (1168) .

(5/325)


- عليه السلام-. وقال الخطابي: قوله: " أمدكم بصلاة " تدل على أنها غير لازمة لهم، ولو كانت واجبة لخرج الكلام فيه على صيغة لفظ الإلزام، فيقول: ألزمكم، أو فرض عليكم، اهو نحو ذلك من الكلام، وقد رُوي أيضًا في هذا الحديث: " إن الله قد زادكم صلاة " ومعناه الزيادة في النوافل، وذلك أن نوافل الصلوات شفع، لا وتر فيها، فقيل: أمدكم بصلاة، وزادكم بصلاة، لم تكونوا تصلونها قبلُ على تلك الصورة والهيئة، وهي الوتر، وفيه دليل على أن الوتر لا يُقضى بعد طلوع الفجر، دالنا ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وهو قول عطاء، وقال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي: يُقضى الوتر، وإن كان قد صلى الفجر، وكذلك قال الأوزاعي.
قلنا: لا نُسلِّم أن قوله: " أمدكم بصلاة " تدل على أنها غير لازمة، ولئن سقمنا فلا ينافي ذلك دلالة دليل آخر على الوجوب، وقد جاءت أحاديث أخر تدل على الوجوب، فيتأكد حكم هذا الحديث بتلك الأحاديث، فلا يكون فيه دليل على أن الوتر لا يُقضى بعد طلوع الفجر، بل يُقضى أبدًا، على أن الحديث أعلّه ابن الجوفي في لا التحقيق " بعبد الله بن راشد، ونقل عن الدابة قطني ابنه ضعفه، وقال البخاري: لا يعرف لإسناد هذا الحديث سماع بعضهم من بعض. وأخرجه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب، وأخرجه الحاكم في " المستدرك "، وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، لتفرد التابعي من (1) الصحابي، ورواه الحمد في " مسنده "، والدارقطني في " سننه "، والطبراني في لا معجمه ما وابن عدي في " الكامل ".
***
323- باب: فيمن لم يوتر
أي: هذا باب في بيان الوعيد الذي جاء في حق من لم يوتر.
__________
(1) كذا.

(5/326)


1389- ص- نا محمد بن المثنى، نا أبو إسحاق الطالقاني، نا الفضل بن
موسى، عن عبيد الله بن عبد الله العتكي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه،
قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: " الوترُ حق، فمن لم يوتر فليسَ منَّا،
الوترُ حق فمن لم يوترْ فليسَ منَّا، الوترُ حقٌّ فمن لم يوترْ فليسَ منَّا " (1) .
ش- أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن عيسى البياني، مولاهم
الطالقاني. سمع مالك بن أنس، ومعتمر بن سليمان، وسفيان بن
عيينة، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وإبراهيم بن موسى
الفراء، ويعقوب بن شيبة، وغيرهم، وقال ابن معين: ثقة، وقال
أبو حاتم: صدوق، توفي بمر [و] سنة خمس عشرة ومائتين. روى
له: أبو داود، والترمذي (2) .
قوله:" الوتر حق " أي: واجب ثابت، والدليل على هذا المعنى قوله:
" فمن لم يوتر فليس منا " وهذا وعيد شديد، ولا يقال مثل هذا إلا في
حق تارك فرض، أو واجب، ولا سيما وقد تأكد ذلك بالتكرار ثلاث
مرات، ومثل هذا الكلام بهذه التأكيدات لم يأت في حق السنن، فحينئذ
سقط ما قال الخطابي في قوله: " وقد دلت الأخبار الصحيحة على أنه لم
يرد بالحق الوجوب الذي لا يسع غيره، منها خبر عبادة بن الصامت لما
بلغه " أن أبا محمد رجلاً من الأنصار يقول: الوتر حق، فقال: كذب
أبو محمد. رُوي عن النبي- عليه السلام- في عدد الصلوات الخمس "
ومنها خبر طلحة بن عبيد الله في سؤال الأعرابي، ومنها خبر أنس بن
مالك في فرض الصلوات ليلة الإسراء ".
بيان ذلك: أن عُبادة بن الصامت/ إنما كذب الرجل في قوله كوجوب [2/ 159 - ب] الصلاة ولم يقل أحد أن الوتر واجب كوجوب الصلاة الفرض، وأما
خبر طلحة بن عبيد الله فكان قبل وجوب الوتر، بدليل أنه لم يذكر فيه
الحج، فدل على أنه متقدم على وجوب الحج، ولفظة " زادكم صلاة "
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/ 145) .

(5/327)


مُشعِرةٌ بتأخر وجوب الوتر، وأما خبر أنس فلا يراع فيه أنه كان قبل الوجوب، والحديث أخرجه: الحاكم أيضا في " مستدركه "، وصححه. فإن قيل: في إسناده أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله، وقد تكلم فيه البخاري، وغيره. قلنا: قال الحاكم: هو ثقة، وكذا وثقه ابن معين، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: هو صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء.
1390- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد ابن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، أن رجلا من بني كنانة يُدعى المُخْدجِي. سمع رجلاً بالشام يُدعى آبا محمد، يقول: إن الوترَ واجب، قال المُخْدِجِي: فَرُحْتُ إلى عبادةَ بن الصامت، فأخبرتُه، فقال عبادة: كَذَبَ أبو محمد. سمعتُ رسولَ الله، يقولُ: َ " خمسُ صَلَوات كَتَبَهن اللهُ تعالى على العبادة، فمن جَاءَ بهن لمَ يُضيعْ منهن شيئا استخفافاً بحقِّهِن، كان له عندَ الله تعَالى عَهدا أن يُدخلَهُ الجنةَ، ومَن لم يأتِ بهن فليس له عندَ أدتها بها إنه شَاءَ عذبهُ، كان شاءَ أدخَلَهُ الجنة " (1) .
ش- ابن محيريز هو: عبد الله بن محيريز بن جحادة المكي، والمُخْدِجي - بضم الميم، وسكون الخاء المعجمة، وكسر الدال المهملة، وقد فتحها بعضهم، وبعدها جيم- قيل: إن هذا لقب، وقيل: نسب إلى مخرج بطن من كنانة، واسمه رُفيع الفلسطيني، وأبو محمد أنصاري، اسمه مسعود بن زيد بن ستبيع التجاري، وله صحبة، وقيل: اسمه سعد بن أوس من الأنصار من بني النجار، وكان بدننا.
قوله: " كذب أبو محمد " أي: أخطأ، وسماه كذبًا، لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب، كما أن الكذب ضد الصدق، ويقال: هذا الرجل
__________
(1) النسائي: كتاب الصلاة، باب: المحافظة على الصلوات الخمس (1/ 230) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها (1401) .

(5/328)


ليس بمخبر، وإنما قاله باجتهاد أداه إلى أن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذب، " أنما يدخله الخطأ، وقد جاء " كذب " بمعنى " أخطأ " في غير موضع، وقد ذكرنا الجواب عن هذا.
قوله: " كان له عند الله عهد " أي: موثق، ويجيء بمعنى اليمين،
والأمان، والوصية، والرعاية، والحِفاظ.
قوله: " إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة " فيه دليل أن تارك الصلاة عمدًا ليس حكمه حكم الكفار، وهو حجة على من يقتل تارك الصلاة كفرا، والحديث أخرجه: النسائي، وابن ماجه. ورواه ابن حبان في لتصحيحه لا.
***