شرح أبي داود
للعيني 344- بابُ الدُُّّعاء
أي: هذا باب في بيان الدعاء، وفي بعض النسخ: " باب جماع
الدُّعاء ".
1449- ص- نا حفص بن عمر: نا شعبة، عن منصور، عن ذر، عن
يُسيْع الحضرمي، عن النعمان بن بشِير، عن النبيِّ- عليه
السلام- قال:
__________
(1) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: القرآن نزل
على سبعة أحرف (821) ، النسائي: كتاب افتتاح الصلاة (940)
.
(5/393)
" الدُّعاءُ هو (1) العبادةُ , قال ربكم:
(ادْعوني أسْتجبْ لكُمْ (2)) " (3) .
ش- منصور: ابن المعتمر، وذر: ابن عبد الله المُرهِبِي،
ويُسيْع
- بضم الياء آخر الحروف، وفتح السين المهملة، وسكون الياء،
وفي آخره عين مهملة- ويقال: أُسيْع- بالهمزة المضمومة
موْضع الياء-، وقال أحمد بن حنبل: أخبرت أن أسيْعا هو
يُسيْع بن معدان الحضرمي الكوفي. سمع: علي بن أبي طالب،
والنعمان بن بشير. روى عنه: ذر، قال ابن المديني: هو
معروف. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
قوله: " الدعاء هو العبادة " معناه: الدعاء هي (4) التي
تختم بها العبادة، وقيل: نفسُ الدعاء هي (4) العبادة؛
لأنها مشتملة على ذكر الله تعالى بأسمائه وصفاته، وعلى
التضرع إليه، والابتهال لديْه، والسؤال منه؛ فكل ذلك
عبادة. والحديث أخرجه: الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي:
حديث حسن صحيح.
1450- ص- نا مسدّد: نا يحيى، عن شُعْبة، عن زياد بن
مخْراق، عن أبي نعامة، عن ابن لسعْد قال: سمعني أبِي وأنا
أقول: اللهم إني أسألُك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا،
وأعوذُ بك من النارِ وسلاسلها وأغلالِها وكذا وكذا، فقال:
يا بُني " إني سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول: " سيكونُ قومٌ يعتدُون في الدعاءِ، فإياك
أن تكون منهم , إنك إن أعْطِيت الجنة أعطيتها وما
__________
(1) في الأصل: " هي"، وصوبها المصنف في الشرح.
(2) سورة غافر: (60) .
(3) الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب: " ومن سورة البقرة "
(2969) ، وكتاب الدعوات، باب: ما جاء في فضل الدعاء (3372)
، ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: فضل الدعاء (3828) .
(4) كذا.
(5/394)
فيها من الخير، " أن أعنْت منها- يعني: من
النارِ (1) - أعذْت منها وما فيها من الشر " (2) .
ش- يحيى: القطان، وزياد بن مخراق: أبو الحارث المزني
مولاهم البصري. سمع: معاوية بن قرة، وشهر بن حوشب، وأبا
نعامة. روى عنه: شعبة، وابن علية، وابن عُيينة وغيرهم. قال
ابن معين: ثقة، وقال النسائي: ثقة، وقال شعبة: لا تكتبوا
عن الفقراء شيئا , فإنهم يكذبون لكم. وقال: اكتبوا عن زياد
بن مخراق، فإنه رجل مُوسِر لا يكذبُ/ روى له: أبو داود.
وأبو نعامة: قيْسُ بن عباية الحنفِيّ.
قوله: " عنْ ابن لسعْد " سعْدٌ هذا هو ابن أبي وقاص، وابنه
هذا لم يُسم، فإن كان عمرا (3) فلا يحتج به.
قوله: " وبهجتها " أي: زينتها.
قوله: " وسلاسلها " جمع سلسلةٍ، والأغلال: جمع " غل " بضم
الغين، وهي الحديدة التي تجمعُ يد المغلول إلى عنقه.
قوله: " يعْتدون في الدعاء " هو الخروج فيه عن الوضع
الشرعي، والسُّنة المأثور بها.
1451- ص- نا أحمد بن حنبل: نا عبدُ الله بن يزِيد: نا
حياة: أخبرني أبُو هانئ حُميد بنِ هانئ، أن أبا علي عمرو
بن مالك حدثه، أنه سمع فضالة ابن عُبيْد صاحب رسول الله-
عليه السلام- يقولُ: سمع رسولُ الله رجلاً يدْعُو في صلاته
لم يُمجد الله، ولم يُصلّ على النبيّ- عليه السلام-، فقال
رسولُ اللهِ- عليه السلام-: " عجِل هذا " ثم دعاهُ فقال له
أو لغيرِهِ:
__________
(1) في سنن أبي داود: "وإن أعذت من النار".
(2) تفرد به أبو داود.
(3) في الأصل: (عمرو) .
(5/395)
"إذا صلى أحدُكُم فليبْدأ بتمجيد ربه،
والثناء عليه، ثم يُصلي على النبي، ثم يدْعُو بما شاء (1)
" (2) .ً
ش- عبد الله بن يزيد: القرشي العدوي مولى آل عمر بن
الخطاب، وحيوة: ابن شريح.
وحميد بن هانئ المصري أبو هانئ: الخولاني، من بني يعلى بن
مالك ابن خولان. سمع: عمرو بن حريث. وروى عن: أبي عبد
الرحمن الحبلى، وعمرو بن مالك، وشرحبيل بن شريك وغيرهم.
روى عنه: الليث بن سعد، وحيوة بن شريح، وسعيد بن أبي أيوب
وغيرهم، قال أبو حاتم: صالح. توفي سنة اثنتين وأربعين
ومائة. روى له: الجماعة إلا البخاري.
وعمرُو بن مالك الجنبي أبو علي المصري. سمع: فضالة بن عبيد
الأنصاري. روى عنه: حميد بن هانئ. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وفضيلة بن عبيد: ابن نافذ
بن قيس ابن صُهيْبة، شهد أحدا وبايع تحت الشجرة، وشهد خيبر
مع النبي- عليه السلام-، وولاه معاوية على الغزو، ثم ولاه
على قضاء دمشق، وكان خليفة معاوية على دمشق، وابتنى بها
دارا. رُوي له عن رسول الله- عليه السلام- خمسون حديثًا.
روى له: مسلم حديثين، وقد روى عن: عمر بن الخطاب، وأبي
الدرداء. روى له: أمامة بن شفي، وعُلي بن رباح، وعمرو بن
مالك، وغيرهم. مات بدمشق سنة ثلاث وخمسة، وقيل: سنة تسع
وستين، وقبرُه بباب الصغير. روى له: الجماعة إلا البخاري.
قوله: " لم يُمجّد الله " من التمجيد , وهو التعظيم.
__________
(1) في سنن أبي داود: "يدعو بعد بما شاء".
(2) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: ادع تجب (3475) ،
النسائي: كتاب افتتاح الصلاة، باب: التمجيد والصلاة على
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1285) .
(5/396)
قوله: " عجل " أي: استعجل. وبهذا الحديث
استدل الشافعي أن الصلاة على النبي- عليه السلام- في
الصلاة فرضٌ , وهو قول أحمد حتى لو تركت لم تصح الصلاة.
وعند أبي حنيفة، ومالك، والجماهير: هي سُنة فلا تفسد
الصلاة بتركها، وقد مر الكلام في هذا الباب مستوفًى.
والاستدلال بهذا الحديث على الفرضية غير صحيح على ما لا
يخفى. والحديث أخرجه: الترمذي، والنسائي، وقال الترمذي:
حديث صحيح. ورواه ابن خزيمة، وابن حبان في " صحيحهما"
والحاكم في " المستدرك " وقال: صحيح على شرط مسلم ولم
يخرجاه ولا أعلم له علّة.
1452- ص- نا هارون بن عبد الله: نا يزيد بن هارون، عن
الأسود بن شيْبان، عن أبي نوفل، عن عائشة قالت: كان رسولُ
الله- عليه السلام- يسْتحبُّ الجوامع من الدعاءِ، ويدع ما
سِوى ذلك (1) .
ش- الأسود بن شيبان: السدُوسي البصري.
وأبو نوْفل: مُعاوية بن مسلم بن " عمرو بن أبي عقرب، أبو
يزيد الكناني الديلي العُريْجي، قال أبو حاتم: اسمُه: عمرو
بن مسلم بن أبي عقرب، وقيل: مسلم بن أبي عقرب. سمع: أباه،
وعبد الله بن عباس، وابن الزبير، وأسماء بنت أبي بكر
الصديق. وروى عن: ابن عُمر، وعائشة، روى عنه: علي بن زيد
بن جدعان، وابن جريج، وشعبة، والأسود بن شيبان، قال ابن
معين: ثقة. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي (2) .
قوله: " يستحب الجوامع من الدعاء " أي: التي تجمعُ الأغراض
الصالحة والمقاصد الصحيحة، أو تجمعُ الثناء على الله
تعالى، وآداب المسألة.
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في تهذيب الكمال (34/7677) .
(5/397)
قوله: " ويدع ما سوى ذلك " أراد به الأدعية
المطولة، والتي لا تجمعُ
الأغراض الصحيحة.
1453- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
عن
أبي هريرة، أن رسول الله- عليه السلامِ- قال: " لا يقُولن
أحدُكُم: اللهم
اغفرْ لي إن شئت، اللهم ارْحمنِي إِن شئت، ليعْزِم
المسألة، فإنه لا مُكْرِه له " (1) .
ش- أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان.
قوله:/ " ليعزم " أي: ليجد فيها وليقطع، ولا يسْتثني،
وقيل: عزم المسألة: حُسن الظن بالله عز وجل في الإجابة،
وقيل: كره الاستثناء
هاهنا لوجهين , أحدهما: أن مشيئة الله تبارك وتعالى ثابتة
معلومة، وأنه
لا يفْعلُ من ذلك إلا ما شاء، وإنما يتحقق استعمالُ
المشيئة في حق منْ
يتوجه عليه الإكراه، والله تعالى منزه عن ذلك، والآخر: أن
في هذا
اللفظ ظهور الاستغناء، إذ لا يستعمل هذا اللفظ إلا فيما لا
يُضطر إليه الإنسان، فأما ما يضطر إليه فإنه يعزم عليه،
ويلح فيه.
قوله: " فإنه لا مكره له " أي: فإن الشأن: لا مكره لله
تعالى.
والحديث: أخرجه الجماعة.
1454- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي عُبيد،
عن أبي هريرة، أن رسول الله- عليه السلام- قال: " يُستجابُ
لأحدكُم ما لم يعْجل فيقولُ: قد دعوْتُ فلم يُسْتجبْ لي "
(2) .
__________
(1) البخاري: كتاب الدعوات، باب ليعزم المسألة (6339) ،
الترمذي: كتاب الدعاء، باب: العزم بالمسألة (3492) ، ابن
ماجه: كتاب الدعاء، باب: لا يقول الرجل اغفر لي إن شئت
(3854) ، وأخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب: العزم
بالدعاء (2679) ، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " من
طرق عن أبي هريرة.
(2) البخاري: كتاب الدعوات، باب: يستجاب للعبد ما لم يعجل
(6340) ، مسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب: بيان ابنه يستجاب
للداعي ما لم يعجل فيقول دعوت فلم يستجب لي (90/ 2735) ،
الترمذي: كتاب الدعوات، باب: ما جاء فيمن يستعجل في دعائه
(3387) ، ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: يستجاب لأحدكم ما لم
يعجل (3853) .
(5/398)
ش- أبو عُبيْد: اسمُه: سعد بن عُبيد
المدني، مولى عبد الرحمن بن أزهر، ويقال: مولى عبد الرحمن
بن عوف، وهو ابن عمه. سمع: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان،
وعلي بن أبي طالب، وأبا هريرة. روى عنه: الزهري، وسعيد بن
خالد القارظي، قال الزهري: كان من الفقهاء والقدماء. توفي
بالمدينة سنة ثمان وتسعين. روى له: الجماعة.
قوله: " يُستجابُ " قال الباجي: يحتمل يُستجاب " الإخبار
عن وجوب وقوع الإجابة، والثاني: الإخبار عن جواز وقوعها،
فإذا كان بمعنى الوجوب فالإجابة بثلاثة أشياء: إما تعجيل
ما سأل فيه، وإما أن يكفر عنه به، وإما أن يدخر على ما جاء
في الحديث. فإذا قال: دعوتُ فلم يُسْتجبْ لي نال وجوب أحد
هذه الثلاثة، إذ عرّى الدعاء من جميعها، وإذا كان بمعنى
الجواز لوقوع الإجابة فيمنع ذلك قول الداعي: قد دعوت فلم
يستجب لي , لأن ذلك من باب القُنوط، وضُعف النفس والسخط،
وقيل: معناه: أنه يسأمُ من الدعاء ويتركُه فيكون كالمنان
بدعائه، والمُبخل لربّه الكريم، وقيل: إنما ذلك إذا كان
غرضه من الدعاء ما يُريد فقط، وإذا لم ينله ثقُل عليه
الدعاء , بل يجبُ أن يكون أبدا في دعائه باسم إظهار الحاجة
إليه، والطاعة له وسِمة العبودية.
قوله: " ما لم يعْجل " أي: يقطع الدعاء. والحديث: أخرجه
البخاري، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه.
455- ص- نا عبد الله بن مسْلمة: نا عبد الملك بن محمد بن
أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عن من حدثه، عن محمد
بن كعب القُرظي قال: حدثني عبد الله بن عباس، أن رسول
الله- عليه السلام- قال: " لا تسْتُرُوا الجُدُر، من نظر
في كتاب أخيه بغيرِ إذنه، فإنما ينظُرُ في النار، سلُوا
الله ببُطُون أكُفكُم ولا تسألُوه بظُهُورِها، فإذا
فرغْتُم فامْسحُوا بها وُجُوهكُم " (1)
__________
(1) ابن " ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: من رفع يديه في
الدعاء ومسح بهما وجهه (181 1) ، وكتاب الدعاء، باب: رفع
اليدين في الدعاء (3866) .
(5/399)
ش- " لا تستروا الجدر " الجُحُر- بضمتين-
جمعُ جدار , وإنما نهى عن ذلك لما فيه من الإسراف، ونوع من
التجبر، فإن قصد به دفع الحر أو البرد جاز.
قوله: " فإنما ينظر في النار " قيل: هو تمثيلٌ أي: فليحذر
هذا الصنيع كما يحذرُ النار، إذْ كان معلومًا أن النظر في
النار والتحديق لها يضر بالبصر، ويحتملُ أن يُريد بالنظر
الدنو منها , لأن النظر إلى الشيء إنما يتحقق بقرب المسافة
بينك وبينه. وقيل: معناه: فإنما ينظر إلى ما يُوجب عليه
النار فأضْمره. وزعم بعض أهل العلم انه أراد به الكتاب
الذي فيه أمانة وسرّ، يكره صاحبه أن يطلع عليه احد دون
الكتب التي فيها العلمُ، فإنه لا يحل منعه، ولا يجوز
كتمانه، وقيل: هو عام في كل كتاب , لأن صاحب الشيء أولى
بماله، وإنما يأثم بكتمان العلم الذي يُسأل عنه، فأما أن
يأثم في منعه كتابًا عنده وحبسِه عن غيره فلا وجه له والله
أعلم. قوله: " سلوا " أصله: اسْألوا الله.
قوله: " ولا تسألوه بظهورها " قد صح عن رسول الله- عليه
السلام- أنه استسقى وأشار بظهر كفّيه إلى السماء من رواية
أنس بن مالك، وقد تقدم. وهو اختيار جماعة من العلماء،
واستحبوه، وهو الذي فسّره المفسرون بالرّهب في قوله تعالى:
(يدْعُوننا رغبا ورهبا " (1) قالوا: وأما عند المسألة
والرغبة فتُبْسط الأيدي وظهورها إلى الأرض وهو الرعبُ.
والحديث أخرجه: ابن ماجه.
ص- قال أبو داود: رُوي هذا الحديثُ من غيرِ/ وجه، عن محمد
بن كعبٍ كلُها واهية , وهذا الطريقُ أمثلُها , وهو ضعيف -
أيضا.
ش- أي: كلها ضعيفة ساقطة , وهذا الطريق الذي ذكره أمثلها
يعني: أفضلها، وهو ضعيف- أيضًا- لأن فيه مجهولا.
1456- ص- نا سليمان بن عبد الحميد البهْراني قال: قرأتُ
(2) في
__________
(1) سورة الأنبياء: (90) .
(2) في حق أبي داود: " قرأته ".
(5/400)
أصلِ إسماعيل- يعني: ابن عياش- قال: حدثني
ضمضم، عن شريح: نا أبو ظبْية أن أبا بحريّة السكوني حدّثه،
عن مالك بن يسار السّكوني، ثم العوْفي، أن رسول الله- عليه
السلام- قال: " إذا سألتم الله تعالى فاسْألُوه بِبُطُونِ
كُفكُّم ولا تسْألوهُ بِظُهُورِها " (1) .
ش- سليمان بن عبد الحميد: ابن رافع البهْراني أبو أيوب
الحمْصي. روى عن: أبي اليمان، ومحمد بن عائذ، ومحمد بن
إسماعيل بن عياش وغيرهم. روى عنه: أبو داود، وابن صاعد،
وأبو عوانة الإسفراييني، قال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون.
وضمضم: ابن زُرْعة الحِمْصي، وشريح: ابن عُبيْد الحِمْصي.
وأبو ظبْية: الكلاعي الحمْصي. سمع: عمر بن الخطاب، وشهد
خُطبته بالجابية، ومعاذ بن جبل، والمقداد بن الأسود،
وعمْرو بن عبسة، وعمرو بن العاص، وابنه: عبد الله، وأبا
أمامة الباهلي. روى عنه: شهر بن حوْشب، ومحمد بن سعد
الأنصاري، وثابت الأنصاري، وشريح بن عُبيد الحضرمي،
وغيرهم، قال ابن معين: ثقة، وقال الدارقطني: ليس به بأس،
وقال أبو زرعة: لا نعرِفُ أحدا يُسمّيه. روى له: أبو داود،
وابن ماجه.
وأبُو بحْرِيّة- بفتح الباء الموحدة، وسكون الحاء المهملة،
وكسر الراء، وفتح الياء آخر الحروف المشددة- عبد الله بن
قيس التراغمي الحمصي، شهد خطبة عمر بالجالية، وقدم دمشق،
وحدث عن: معاذ بن جبل، واجبي هريرة، ومالك بن يسار
السّكوني وغيرهم. روى عنه: خالد بن معدان، ويونس بن ميسرة،
وضمرة بن حبيب وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. روى له:
الترمذي، وابن ماجه، وأبو داود، والنسائي.
ورواة هذا الحديث كلهم حمْصيُّون. وهذا الحديث- أيضاً-
محمول على حالة الرعب، وذلك "ل قلنا: إنه قد صغ السؤال
بظهور الأكف في حالة الرهب.
__________
(1) تفرد به أبو داود.
26 * شرح سنن أبي داوود 5
(5/401)
ص- قال أبو داود: قال سليمان بن عبد
الحميد: له عندنا صحبة- يعني: مالك بن يسار-.
ش- أي: قال سليمان بن عبد الحميد المذكور شيخ أبي داود: له
عندنا، أي: "لمالك بن يسار صحبة. وقال عبد الغني في "
الكمال ": مالك بن يسار السكوني العوْفي. روى عن: النبي-
عليه السلام-: "إذا سألتم الله " الحديث. روى عنه: أبو
بحْرية السكوني. روى له: أبو داود. انتهى. وفي نسخة: ماله
عندنا صحبة، وقال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم بهذا
الإسناد غير هذا الحديث، ولا أدري لمالك بن يسار صحبة أم
لا.
1457- عر- نا عقبة بن مُكرّم: نا سلمُ بن قتيبة، عن عُمر
بن نبهان، عن قتادة، عن أنس قال: " رأيتُ رسول الله- عليه
السلام- يدْعُو هكذا بباطِنِ كفيْهِ وظاهِرِهِما " (1) .
ش- سلم بن قتيبة: أبو قتيبة الخراساني الشّعيري الفِريابي،
نزيل البصرة. روى عن: مالك بن أنس، وعكرمة بن عمار،
والمسعودي وغيرهم. روى عنه: عمر [و] بن علي، ومحمد بن
المثنى، وابن بشار وغيرهم. روى له: الجماعة إلا مُسلما.
وعُمر بن نبهان: العنبري البصري. روى عن: قتادة، وأبي عيسى
سلام، والحسن البصري. روى عنه: أبو قتادة، وأبو قتيبة سلم
بن قتيبة وغيرهم. قال ابن معين: هو صالح، وقال عمرو بن
علي: لا يُتابعُ في حديثه. روى له: أبو داود.
وفي " مختصر السنن ": وفي إسناده عُمر بن نبْهان، ولا
يُحتجّ بحديثه. 1458- عر- نا مؤمل بن الفضْل الحرانِي: نا
عيسى- يعْني: ابن يونس-: نا جعفر- يعني: ابن ميمون، صاحب
الأنْماط-: حدثني
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(5/402)
أبو عثمان، عن سلمان قال: قال رسول الله: "
إن ربكُم حيى كرِيم يستحي من عبدِهِ إذا رفع يديْهِ إليه
أن يرُدهما صِفْرا " (1) .
ش- أبو عثمان: عبد الرحمن بن ملّ النّهْدي.
قوله: " حيى " فعيل , وإطلاق الحياء على الله تعالى مجاز
جارٍ على سبيل التمثيل. أي: الاستعارة التبعية التمثيلية ,
شبّه ترك الله تعالى تخييب العبد ورد يديه إليه صفرا بترك
الكريم، ثم ردّ المحتاج حياء، فقيل: ترك الله الرّد حياء
كما قيل: ترك الكريم ردّ المحتاج حياء , فأطلق الحياء ثمة
كما أطلق الحياء هاهنا (2) .
قوله: " صفْرًا ":/ الصفْر- بكسر الصاد المهملة، وسكون
الفاء، وراء مهملة- الشيء الخالي الفارغ، ويستعمل على لفظه
في التثنية والجمع والتذكير والتأنيث. والحديث: أخرجه
الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن غريب، ورواه بعضهم
ولم يرفعه.
1459- ص- نا موسى بن إسماعيل: نا وهيب- يعني: ابن خالد-
حدثني العباس بن عبد الله بن معْبد بن العباس بن عبد
المطلب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: المسألةُ: أن ترفع
يديْك حذو منكبيْك أو نحوِهما، والاستغفار: أن تُشير بإصبع
واحدةٍ، والابتهالُ: أن تمُد يديْك جميعًا (3) . ش- العباس
المذكور: سمع: أباه، وعكرمة مولى ابن عباس روى عنه: ابن
جريج، وابن عجلان، ووُهيب، قال ابن عيينة: كان رجلا
صالحًا، وقال ابن معين: هو ثقة، وقال أحمد: لا بأس به. روى
له: أبو داود.
__________
(1) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: حدثنا محمد بن بشار
(3556) ، ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: رفع اليدين في
الدعاء (3865) .
(2) بل الحياء صفة من صفاته سبحانه وتعالى، وليس حياؤه
كحياء البشر، بل حياء يليق به سبحانه (ليس كمثله شيء وهو
السميع البصير) اعتقاد أهل السّنة والجماعة، وانظر العقيدة
الواسطية لشيخ الإسلام.
(3) تفرد به أبو داود.
(5/403)
قوله: " المسألة " مبتدأ، و " أن ترْفع ":
خبره، و "أن" مصدرية , والمعنى: في السؤال من الله: ينبغي
رفع اليدين حذْو المنكبين، وفي الاستغفار من الذنوب:
يُشيرُ بإصبع واحدة، وفي الابتهال والتضرع إلى الله: يمدُ
يديه جميعا.
1460- ص (1) - نا محمد بن يحيي بن فارس: نا إبراهيم بن
حمزة:
نا عبد العزيز بن محمد، عن العباس بن عبد الله بن معبد بن
العباس، عن أخيه: إبراهيم بن عبد الله، عن ابن عباس أن
رسول الله- عليه السلام- فذكر نحوه (2) .
ش- أي: نحو الحديث المذكور , وهو حديث حسن.
وإبراهيم بن حمزة: ابن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله
بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي المدني. سمع: إبراهيم
بن سعْد، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، ويوسف بن
الماجشون وغيرهم. روى عنه: البخاري، وأبو زرعة، وأبو داود،
والنسائي، عن رجل، عنه وغيرهم، قال ابن سعْد: هو ثقة صدوق
في الحديث. مات سنة ثلاثين ومائتين بالمدينة.
1461- ص- نا عمرو بن عثمان: نا سفيان: حدثني عباس بنِ عبد
الله ابن معبد بن عباس بهذا الحديث قال فيه: والابتهالُ
هكذا- ورفع يديه وجعل ظُهُورهما مما يلِي وجهك (2) .
ش- وفي بعض النسخ: " مما يلي وجهه " (3) .
1462- ص- نا قتيبة بن سعيد: نا ابن لهيعة، عن حرص بن هاشم
بن عتبة بن أبي وقاص، عنِ السائب بن يزيد، عن أبيه أن
النبيّ- عليه السلام- كان إذا دعى فرفع يديْه مسح وجهه
بيديْه (2) .
ش- عبد الله: ابن لهيعة , والحديث ضعيف به. وحفص المذكور:
__________
(1) ذكر هذا الحديث في سنن أبي داود بعد الحديث الآتي.
(2) تفرد به أبو داود.
(3) كما في سنن أبي داود.
(5/404)
روى له: أبو داود، والسائب: صحابي، وكذا
أبوه: يزيد بن سعيد ابن ثمامة الكندي، وقد ذكرناهما.
1463- ص- نا مسدد: نا يحيى، عن مالك بن مغول: نا عبد الله
بن بُريدة، عن أبيه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ سمِع رجُلاً يقولُ: اللهم إني أسألُك أنّي أشهدُ
أنك أنت اللهُ لا إله إلا أنت، الأحدُ الصمدُ، الذي لم
يلدْ ولم يولد، ولم يكن (1) لك كُفُوا أحدٌ، فقال: " لقد
سألت الله بالاسم الّذِي إذا سُئل به أعْطى، وإذا دُعِي به
أجاب " (2) .
ش- يحيى: القطان، وبُريدة: ابن حصيب الأسلمي الصحابي. وفي
رواية: " لقد سأل الله باسمه الأعظم " لما يجئ الآن.
وقال الحافظ أبو الحسن المقدسي: هذا إسناد لا مطعن فيه،
ولا أعلم
أنه رُوي في هذا الباب حديث أجود منه إسنادًا. وهو يدل على
بطلان مذهب منْ ذهب إلى نفي القول بأن لله اسما هو الاسم
الأعظم. والحديث أخرجه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه،
وقال الترمذي: حسن غريب.
1464- ص- نا عبد الرحمن بن خالد الرّقِّي: نا زيد بن
حُباب: حدثني مالك بن مغول بهذا الحديث قال فيه: " لقد سأل
الله باسْمه الأعظم " (3) . ش- أي: بالحديث المذكور، وقال
فيه: " لقد سأل الله " أي: لقد سأل الرجل الله " باسْمه
الأعظم،. وفيه: تصريح أن الدعاء المذكور هو اسم الله
الأعظم. وأن نفْي الاسم الأعظم باطل- كما قلنا-.
1465- ص (4) - نا عُبيد الله بن عُمر بن ميْسرة، ومحمد بن
قُدامة في
__________
(1) في سنن أبي داود: " لم يلد ولم يولد، ولم يكن له....."
(2) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: جامع الدعوات عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3475) ، النسائي في
الكبرى، ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: اسم الله الأعظم
(3857) .
(3) انظر الحديث السابق.
(4) لم يرد هذا الحديث في سنن أبي داود في هذا الموضع، وقد
جاء بعد سبعة أحاديث، وانظر تعليق المصنف عليه.
(5/405)
آخرين قالوا: نا عثام، عن الأعمش، عن عطاء
بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: رأيتُ رسول
الله- عليه السلام- يعْقدُ التسْبيح. قال ابن قدامة:
بيمِينِه (1) .
ش- عثام- بفتح العين المهملة، والثاء المثلثة المشدّدة-
ابن علي بن هجيم (2) بن بُجير بن (3) زرعة بن عمرو بن مالك
العامري الكلابي الكوفي أبو علي. روى عن: إسماعيل بن أبي
خالد، وهشام بن، عروة،/ والأعمش. روى عنه: النُفيلي، ومحمد
بن عبد الله بن نُمير، وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم، قال
أبُو زرعة: ثقةٌ، وقال أبو حاتم: صدوق. مات سنة أربع
وتسعين ومائة. روى له: الجماعة إلا مُسلما (4) . قوله: "
عن أبيه " وهو السائب بن مالك الكوفي، أو السائب بن يزيد،
وقد ذكرناه.
ويُستفاد من الحديث: جواز عقد التسبيح ونحوه بالأصابع.
وأخرجه: الترمذي، والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن غريب
من هذا الوجه من حديث الأعمش، عن عطاء بن السائب. وهذا
الحديث ليْس بمُناسِب في هذا الباب، وإن كان ذكر فيه في
كثير من النسخ، والصواب: أن يذكر في الباب الذي يليه، وهو
" باب التسبيح بالحصى " وكذا ذكر في " مختصر السنن " لزكي
الدين " نذكره إن شاء الله تعالى.
1466- ص- نا عبد الرحمن بن عُبيد الله الحلبِي: نا خلفُ بن
خليفة، عن حفْص ابن أخي أنس، عن أنس أنه كان مع رسول الله
جالسا ورجل يُصلّي ثم دعى: اللهم إني أسألُك بأن لك الحمد،
لا إله إلا أنت، المنّانُ، بديعُ السمواتِ والأرضِ، يا ذا
الجلالِ والإكرام، يا حيُّ يا قيومُ، فقال النبيُّ
__________
(1) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: عقد التسبيح باليد (3486)
، النسائي: كتاب السهو، باب عقد التسبيح (3/79) .
(2) في تهذيب الكمال " هُجير ".
(3) مكررة في الأصل.
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9 1/ 3791) .
(5/406)
- عليه السلام-: لا لقد دعى الله باسمه
العظِيم، الذي إذا دُعِي به أجاب، وإذا سُئِل به أعْطى "
(1) .
ش- عبد الرحمن بن عُبيد الله: ابن أحمد بن محمد الحلبي
الأسدي، يُعرف بابن أخي الإمام. سمع: محمد بن قدامة، وأبا
المليح الرقي، وعبد العزيز الدراوردي وغيرهم. روى عنه: أبو
داود، والنسائي، وأبو بكر الباغندي، وأبو حاتم- وسئل عنه
فقال: صدوق.
وخلف بن خليفة: ابن صاعد بن برام الأشجعي مولاهم، أبو أحمد
الواسطي، كان بالكوفة ثم انتقل إلى واسط فسكنها مُدة، ثم
تحول إلى بغداد فأقام بها إلى حين وفاته، رأى عمرو بن حريث
صاحب النبي- عليه السلام- (2) وسمع: الوليد بن سريع،
ومنصور بن زاذان، ويزيد بن كيسان وغيرهم. روىْ عنه: هشيم،
وقتيبة بن سعيد، ووكيع وغيرهم، قال ابن معين: ليس به بأس.
مات سنة إحدى وثمانين ومائة ببغداد وهو ابن مائة سنة وستة.
روى له: الجماعة إلا البخاري.
وحفص: ابن عبد الله بن أبي طلحة، وقيل: حفص بن عبيد الله
بن أبي طلحة، وقيل: حفص بن عُمر بن عبد الله بن أبي طلحة،
وقيل: حفص بن محمد بن عبد الله بن أبي طلحة. روى عن: عمه:
أنس بن مالك. روى عنه: خلف بن خليفة وغيرهم، قال أبو حاتم:
صالح الحديث، وقال الدارقطني: ثقة. روى له: البخاري في "
الأدب "، وأبو داود، والنسائي.
قوله: " المنان " أي: المُنعم المُعطي , من المن وهو
العطاء , لا من المنّة، وكثيرا ما يرد المنُّ في كلامهم
بمعنى الإحسان إلى من لا يْسّتثيبُه، ولا يطلبُ الجزاء
عليه، وهو من أبنية المبالغة، كالوهابِ والعلاّم.
قوله: " بديع السموات والأرض " أي: مُبدِعهما ومُخْترعهما
, لا عن أصل ومادة. والحديث: أخرجه النسائي.
__________
(1) أخرجه النسائي: كتاب: السهو، باب: الدعاء بعد الذكر
(3/ 52) . (2) ولا تصح رؤيته لعمرو بن حريث، وانظر: تهذيب
الكمال (8/ 287) .
(5/407)
1467- ص- نا مسدد: نا عيسى بن يونس: نا
عُبيد الله بن أبي زناد،
عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، أن النبي- عليه
السلام- قال:
"اسمُ اللهِ الأعظم في هاتين الآيتين (وإلهكم إلهٌ واحد لا
إِله إلا هُو الرحمنُ
الرحيمُ) (1) ، وفاتحةُ سُورة آل عمران (الم. اللهُ لا إله
إلاّ هُو الحيُّ
القيُّوم (2) " (3) .ً
ش- عُبيد الله بن أبي زناد: القداح، أبو الحصن المكي. سمع:
عامر بن واثلة، وشهر بن حوشب، والقاسم بن محمد. روى عنه:
عيسى بن يونس، والثوري، ووكيع وغيرهم. قال ابن معين: ليس
بشيء. وقال أحمد: صالح. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ولا
بالمتين،
هو صالح يكتب حديثه، يحول من كتاب "الضعفاء " للبخاري. مات
سنة خمسين ومائة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
وأسماء بنت يزيد: ابن السّكن بن رافع بن امرئ القيس بن عبد
الأشهل
الأنصارية الأشهليّة، تكنى أم سلمة، ويقال: أم عامر،
بايعتْ
رسول الله. وروت عنْه أحاديث صالحةً وشهدت اليرمُوك وقتلت
يومئذ
تسعة من الروم بعمُود خبائها. روى عنها: مجاهد، وشهْر بن
حوشب، ومولاها: مهاجر وغير هم. روى لها: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
والحديث أخرجه: الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث
حسن. وفيه مقال من جهة عُبيد الله بن أبي زياد.
1468- ص- نا عثمان بن أبي شيبة: نا حرص بن غياث، عن
الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن عائشة- رضي الله
عنها- قالت: سُرِقتْ ملحفةٌ لها، فجعلتْ تدْعو على من
سرقها فجعل النبيُّ - عليه السلام- يقُولُ: لا تُسبخي عنه
" (4) .
__________
(1) سورة البقرة: (163) .
(2) سورة آل عمران: (1، 2) .
(3) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: حدثنا عتيبة حدثنا رشدان
بن سعد
(3478) ، ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: اسم الله الأعظم
(3855) .
(4) النسائي في (الكبرى) كتاب: السرقة.
(5/408)
ش- عطاء: ابن أبي رباح. ويُستفادُ من
الحديث: أن الرجل إذا دعى على آخر يخفف عنه وإن كان ظالما.
ص- قال أبو داود: لا تُسبِّخِي: لا (1) تُخفِّفِي عنه.
ش- من التسبيخ- بالخاء المعجمة- وهو التخفيف، وقال أعرابي:
الحمدُ لله، على (2) تسبيخ العُروق، وإساغة الريق، ومعناه:
لا تخففي عنه ما يسْتحقه من الإثم.
1469- ص- نا سُليمان بن حرْب: نا شعبة، عن عاصم بن عُبيد
الله، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر قال: استأذنتُ
النبيّ- عليه السلام- في العُمرة فأذن لي وقال: " لا
تنْسنا يا أخيّ من دُعائِك " فقال كلمةً ما يسرُّني أن لي
بها الدُّنيا. وقال شعبة: ثم لقيتُ عاصمًا بعدُ بالمدينة
فحدّثنِيه وقال: أشرِكْنا يا أخي في دُعائِك (3) .
ش- عاصم بن عبيد الله: ابن عاصم بن عمر بن الخطاب- رضى
الله عنه- , وفيه مقال.
قوله: " فقال كلمة " وفي رواية: " فقال لي كلمةً " وأراد
بها قوله- عليه السلام- " لا تنسنا يا أخي من دعائك ".
وفيه: استحباب طلب الدعاء من الرجل الصالح، ومن الذي
يُريدُ الحج أو العمرة أن يدعو له في الأماكن الشريفة، وأن
الدعاء له تأثير، وفيه ردّ لمنْ ينكر ذلك.
قوله: " بها " أي: بمُقابلتها , والمعنى: قال لي كلمةً لو
قابلوني بها الدُّنيا ما يسُرني ذلك.
فإن قيل: النبي- عليه السلام- مستغني عن دعاء غيره له فما
وجه ذلك؟ قلت: لا نُسلم استغناء أحد عن ذلك , ولئن سلمنا
فالمرادُ منه
__________
(1) في سنن أبي داود: " أي: لا ".
(2) في الأصل: " عندي ".
(3) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: حدثنا سفيان بن وكيع
(3562) ، ابن ماجه: كتاب المناسك، باب فضل دعاء الحاج
(2894) .
(5/409)
تعليم لأمته، أو تكريم لعُمر وتطييب
لخاطره. والحديث أخرجه: الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي:
هذا حديث حسن صحيح.
1470- ص- نا زهير بن حرب: نا أبو معاوية: نا الأعمش، عن
أبي صالح، عنِ سعْد بن أبي وقاص قال: مرّ علي النبيُّ-
عليه السلام- وأنا أدْعو بإصبعين فقال: " أحِّدْ أحِّدْ "-
وأشار بالسبابةِ- (1) .
ش- أبو معاوية: محمد بن خازم الضرير، وأبو صالح: ذكوان
الزيات.
قوله: " أحِّدْ أحِّدْ " أصله: " وحِّد " قُلبت الواو
همزةً، أمرٌ من وحد يُوحد توحيدًا , والمعنى: أشِرْ بإصبع
واحدة , فإن الذي تدعُوه واحدٌ، وكان سعد يُشيرُ بإصبعيْه،
فأمر [هـ] ، رسولُ الله أن يُشير بالسّبابة. وأخرجه
الترمذي، والنسائي من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة بنحوه،
وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
* * *
345- بابُ: التّسْبِيح بالحصى
أي: هذا باب في بيان التّسْبيح بالحصى، جمع حصاة، وفي غالب
النسخ: " التّسْبيح بالحصى " بدون لفظ " باب ".
1471- ص- نا أحمد بن صالح: نا عبد الله بن وهب: أخبرني
عمرو،
أن سعيد بن أبي هلال حدّثه، عن خُزيمة، عن عائشة بنت سعْد
بن أبي وقاص، عن أبيها، أنه دخل مع رسول الله- عليه
السلام- على امرأة وبين يديْها نوىً أو حصًى تُسبحُ به
فقال: ((أخبرُك بما هو أيسرُ عليك منً هذا أو أفضلُ؟ "
فقال: " سبحان الله عدد ما خلق ففي السماء، وسُبحان الله
عدد ما خلق في الأرضِ، وسبحان الله عدد ما بين ذلك (2) ،
وسبحان اللهِ
__________
(1) النسائي: كتاب السهو، باب: النهي عن الإشارة بإصبعين
وبأي إصبع يشير (3/ 38) .
(2) في سنن أبي داود: " عدد ما خلق بين ذلك ".
(5/410)
عدد ما هو خالق، والله أكبرُ مثلُ ذلك،
والحمدُ لله مثلُ ذلك، ولا إله إلا اللهُ مثلُ ذلك، ولا
حول ولا قوة إلا باللهِ مثلُ ذلك) (1) .
ش- عمْرو: ابن الحارث. وخُزيمة: قال الذهبي: لا يُعرفُ عن
عائشة بنت سعْد، تفرد عنه (2) : سعيدُ بن [أبي] ، هلال
حديثه في
التسبيح، وقال في " الكمال ": روى له: أبو داود، والترمذي.
وعائشة بنت سعْد بن أبي وقاص: القرشية الزهرية. روت عن:
أبيها. روى عنها: أيوب السختياني، ومالك بن أنس، والحكم بن
عيينة وغيرهم. ماتت [سنة] ، سبع عشرة ومائة. روى لها:
البخاري،
وأبو داود.
قوله: " عدد ما خلق " أي: كعدد ما خلق، فلما حذف حرف
التشبيه
انتصب لفظ " عدد " على نزع الخافض، وكلمة " ما " في "ما
خلق"
يجوز أن تكون موصولة، ويجوز مصْدرية. والمعنى: مبلغ عدد
الذي
خلقه، أو مبلغ عدد خلقه في السماء، وكذلك التقدير في
البواقي.
قوله: " عدد ما بين ذلك " أي: مبلغ عدد ما بين السموات
والأرض من
المخلوقات.
قوله: " عدد ما هو خالق " أي: مبلغ عدد الشيء الذي الله
خالقُه في
الحال أو المستقبل.
قوله: " والله كبر مثل ذلك " أي: مثل " سبحان الله عدد ما
خلق في
السماء " إلى آخره، وكذلك تقدير/ البواقي، والمراد من هذا
المبالغة في الكثرة , لا أن يكون تسبيحه وتكبيره وتحميده
وتهليله مثل عدد ما خلق في السماء أو مثل عدد ما خلق في
الأرض , بل أكثر من ذلك بحيث أن لا
يحصى ولا يُعدُّ، وقد مر الكلام في " لا حول ولا قوة إلا
بالله ".
__________
(1) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: في دعاء النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتعوذه دبر كل صلاة (3568) ،
النسائي في " عمل اليوم والليلة".
(2) في الأصل: " عنها " خطأ.
(5/411)
واِلحديث أخرجه: النسائي، والترمذي، وقال:
حسن غريب من حديث سعد.
1472- ص- نا مسدد: نا عبد الله بن داود، عن هانئ بن عثمان،
عن حُميْضة بنت ياسِر، عن يُسيْرة أخبرتها، أن النبيّ-
عليه السلام- أمرهُن أن يراعين بالتكبير والتقديسِ
والتهليلِ، وأن يعْقِدْن بالأنامِلِ، فإنهن مسئُولاتٌ
مُستنْطقات (1)
ش- عبد الله بن داود: الخُريبي البصري. وهانئ بن عثمان:
الجُهني
أبو عثمان الكوفي. روى عن: أمه: حُميضة بنت ياسرٍ. روى
عنه: محمد بن بشر، وعبد الله بن داود، ومحمد بن ربيعة. روى
له: أبو داود، والترمذي.
وحميضة بنت ياسر: روت عن: جدتها: يُسيرة. روى عنها: ابنها:
هانئ بن عثمان. روى لها: أبو داود، والترمذي.
ويُسيْرة- بضم الياء آخر الحروف، وبعدها السين المهملة
المفتوحة، وبعدها ياء- أيضا- ساكنة وراء وتاء تأنيث- بنت
ياسر الأنصارية تكنى أم ياسر، وقيل: أم حميضة، لها صحبة،
وقيل: كانت من المهاجرات. روى لها: أبو داود، والترمذي.
قوله: " بالأنامل " جمع أنملة- بضم الميم- وهي رءوس
الأصابع. وبالحديث استدل أبو يوسف ومحمد أن عد آي القرآن
والتسبيح لا يكره في الصلاة , وهو قول الشافعي، ومالك،
واحمد. واهما الغمزُ برءوس الأصابع أو الحفظ بالقلب: لا
يكره اتفاقا، وقيل: الخلاف في المكتوبة، ولا خلاف في
التطوع أنه لا يكره، وقيل بالعكس. وأما خارج الصلاة: فلا
يكره اتفاقا. والحديث أخرجه: الترمذي، وقال: حديث غريب ,
إنما نعرفه من حديث هانئ بن عثمان.
__________
(1) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: في فضل التسبيح والتهليل
والتقديس (3583) .
(5/412)
1473- ص- نا عبيد الله بن عُمر بن ميْسرة،
ومحمد بن قدامة في آخرين قالوا: نا عثامٌ، عن الأعمش، عن
عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: رأيت
رسول الله- عليه السلام- يعْقدُ التسْبيح. قال ابن قدامة:
بيمِينِه (1) .
ش- قد مضى هذا الحديث في الباب السابق بعيْنه، وقد قلنا
هناك: إن محله هاهنا.
1474- ص- نا داود بن أمية: نا سفيان بن عيينة، عن محمد بن
عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كُريب، عن ابن عباس قال: خرج
رسولُ اللهِ- عليه السلام- من عند جُويرِية- وكان أسمُها:
برّة، فحوّل اسمها- فخرج وهي في مُصلاّها، ورجع وهي في
مُصلاّها فقال: " لم تزالي في مُصلاّك هذا؟ " قالت: نعم،
قال: " قد قلتُ بعدك أربع كلماتٍ ثلاث مراتِ، لو وُزِنتْ
بما قلتِ لوزنتْهُن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورِضى
نفسِه، وزِنة عرشِه، ومداد كلماتِهِ " (2) .
ش- محمد بن عبد الرحمن: ابن عُبيد مولى آل طلحة بن عبيد
الله القرشي الكوفي. سمع: السائب بن يزيد، وعيسى بن طلحة،
وسالم ابن عبد الله، وكُريب بن أبي مسلم. روى عنه: مسْعر،
والثوري، وابن عيينة، وشعبة، وغيرهم. روى له: الجماعة إلا
البخاري.
وجويرة (3) : أم المؤمنين بنت الحارث بن أبي ضرار
المصطلقية، سباها رسول الله- عليه السلام- يوم
المُريْسِيع، وهي غزوة المُصطلق في السنة الخامسة، قاله
الواقعي، وقال خليفة: في السادسة، وكان اسمها: برة
__________
(1) تقدم برقم (1465) .
(2) مسلم: كتاب الأدب، باب: استحباب تغيير الاسم القبيح
إلى حسن (2140) ، النسائي في " عمل اليوم والليلة ".
(3) كذا.
(5/413)
فسماها رسول الله جُويرية. روى لها: مسلم
حديثين، وكذلك البخاري. روى عنها: ابن عباس، ومولاه: كريب،
وعبد الله بن شداد ابن الهاد. توفيت في ربيع الأول سنة ست
وخمسين، وصلى عليها مروان بن الحكم. روى لها: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
قوله: " قد قلت بعدك " أي: بعد أن فارقتك وخرجت من عندك.
قوله: " لو وُزنت بما قلت، أي: لو قوبلت الكلمات الأربع
التي قلتها ثلاث مرات بما قلت من أول نهارك من الأذكار
لساوتهن، من قولهم: هذا يزنُ درهمًا أي " يُعادلهُ،
ويُساوِيه، قال الشاعر:
مثل العصافِيرِ أحلاما ومقْدرةً ... لو يُوزنون بوزن
الرِيش ما وزنُوا ويحتملُ أن يكون بمعنى الرُّجْحان أي:
ربتْ عليهن في الوزن كما تقولُ: حاججتُه فحججتُه أي: غلبته
عليه بالحجة، ولو أعاد الضمير إلى " ما " / على ما يقتضيه
اللفظ لقال: لوزنتْه , ولكنه ذهب إلى ما يقتضيه المعنى
تنبيها على أنها كانت كلمات كثيرة.
قوله: " عدد خلقه " منصوب على المصدر، وكذلك البواقي،
والمعنى: سبحته تسبيحًا مبلغ عدد خلقه، ويجوز أن يكون
النصب بنزع الخافض , وهو الظاهر.
قوله: " رضى نفسه " أي: ما يقع منه سبحانه موْقع الرضا أو
ما يرضاه لنفسه.
قوله: "زنة عرْشه " أي: ما يوازنه في القدر والرزانة،
يُقال: هو زنة الجبل أي: حذاءه في الثقل والرزانة.
قوله: " مداد كلماته، المداد مصدر كالمدد، تقول: مددتُ
الشيء أمدُه مدا ومدادًا، وقيل: يحتمل أن يكون جمع مُذ ,
فإنه يجمع على مداد، وعلى هذا يكون المراد من المداد:
المكيال والمعْيار، ومعناه: المبالغة في الكثرة، فيكون هذا
مجازا , لأن كلمات الله لا تحصى بعد ولا غيره،
(5/414)
والمراد: المبالغة في الكثرة , لأنه ذكر
أولا ما يحصرُه العدد الكثير من عدد الخلق، ثم زنة العرش،
ثم ارتقى إلى ما هو أعظم من ذلك، وعبر عنه بهذا، أي: وما
لا يحصيه عد كما لا تُحْصى كلمات الله تعالى. والحديث
أخرجه: النسائي، وأخرج منه مسلم تحويل الاسم فقط. وأخرجه:
مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه من حديث عبد الله ابن
عباس، عن جويرة (1) بنت الحارث بتمامه.
1475- ص- عبد الرحمن بن إبراهيم: نا الوليد بن مسلم: نا
الأوزاعي: نا حسّان بن عطية: حدثني محمد بن أبي عائشة:
حدثني أبو هريرة قال: قال أبو ذرّ (2) : ذهب أصحابُ
الدثورِ بالأجورِ، يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصُومُون كما
نصُومُ ولهم فضلُ (3) أموال يتصدقُون بها وليس لنا مال
نتصدقُ به: فقال رسول الله- عليه السلام-: " يا أبا ذرّ "
ألا أعلِّمُك كلمات تُدرِكُ بهن منْ سبقك، ولا يلحقُك منْ
خلفك إلا من أخذ بمثلِ عملك؟ " قال: بلى يا رسول الله،
قال: " تُكبرُ الله دُبر كل صلاةٍ ثلاثا وثلاثين، وتحمدُهُ
ثلاثا وثلاثين، وتسبِّحُهُ ثلاثا وثلاثين، وتختمُها بلا
إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمدُ، وهو
على كل شيء قدير عفِرتْ له ذنوبُه ولو كانتْ مثل زبدِ
البحْرِ " (4) .
ش- الدثور: جمع دثر- بفتح الدال- وهو المال الكثير، يُقال:
مال دثر، ومالان دثر، وأموال دثر , لا يُثنى ولا يجمعُ.
قوله: " بالأجور " متعلق بقوله: " ذهب ".
قوله: " يصلون " خبر مبتدأ " محذوف، أي: هم يصلون.
قوله: " كما نصلي " أي: كصلاتنا بشرائطها مع الجماعة؛
والمعنى: أنهم شاركونا فيما نعمل من الصلاة والصوم، ولهم
مزية علينا بأموالهم
__________
(1) كذا.
(2) في سنن أبي داود: " قال أبو ذر: يا رسول الله ".
(3) في سنن أبي داود: " فضول ".
(4) تفرد به أبو داود.
(5/415)
حيث يتصدقون بها. ومنه استدل بعض الناس على
تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر، وفي ذلك اختلاف بين
السلف والخلف , والصحيح: أن الفقير الصابر أفضل , لقوله-
عليه السلام-: " اللهم أحيني مسكينا، [وأمتني مسكينا] ،
واحشرني في زمرة المساكين ".
قوله: " ألا أعلمك " " ألا " كلمة تنبيه يُنبه بها
المخاطبُ على أمر عظيم الشأن.
قوله: " منْ سبقك " في محل النصب على المفعولية، ويحتمل أن
يراد
به السبق المعنوي في الفضيلة.
قوله: " من خلفك " أي: من بعدك في الفضيلة ممن لا يعمل هذا
العمل.
قوله: " دبُر كل صلاة " أي: عقيب كل صلاة، والأعداد تصيرُ
مائة
بلا إله إلا الله وحده إلى آخره.
قوله: " كفرت له ذنوبه " يعنى: من قالها غفرت له ذنوبه.
قوله: " ولو كانت مثل زبد البحر " أي: وإن كانت , وهو عطف
على محذوف , والتقدير: إن لم تكنْ مثل زبد البحر وإن كانت،
وهذا على تقدير أن تفرض أنها أجْسام وأعيان، وقد مر مثل
هذا غير مرة. والحديث: قد أخرج مسلم بعضه من حديث أبي
الأسود الديلي، عن أبي ذر، وفيه زيادة ونقص.
346- بابُ: ما يقُول الرجل إِذا سلم
أي: هذا باب في بيان ما يقول المصلي بعد فراغه من الصلاة.
1476- ص- نا مسدد نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المُسيب بن
رافع، عن وراد مولى المغيرة بن شعبة: كتب معاويةُ إلى
المغيرة بن شعبة: أي شيءٍ كان رسولُ اللهِ يقولُ إذا سلّم
من الصلاةِ؟ فأمْلاها المغيرةُ عليه،
(5/416)
وكتب إلى معاوية قال: كان رسولُ الله
يقولُ: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله
الحمدُ، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع " أعطيت/ ولا
مُعطي لما منعت، ولا ينفعُ ذا الجد منك الجدُ " (1) .
ش- وراد: الثقفي أبو الورْد الكوفي مولى المغيرة بن شعبة
وكاتبه. وقد مر تفسير قوله: " لا ينفع ذا الجد منك الجد"
في " باب: ما يقولُ إذا رفع رأسه من الركوع". والحديث
أخرجه: البخاري، ومسلم، والنسائي.
1477- ص- نا محمد بن عيسى: نا ابن علية، عن الحجاج بن أبي
عثمان، عن أبي الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير على
المنبرِ يقولُ: كان النبي- عليه السلام- إذا انصرف من
الصلاة يقولُ:" لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له
الملك، وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا اللهُ
مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، أهل النعمة والفضلِ
والثناءِ الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره
الكافرون " (2) .
ش- إسماعيل: ابن علية، وحجاج بن أبي عثمان: الصواف، وأبو
الزبير: محمد بن مسلم بن تدرس المكي.
قولة: "أهل النعمة " بالنصْب على التخصيص، ويجوز النصب على
النداء، ويجور الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: أنت أهل
النعمة الظاهرة والباطنة والفضل في كل شيء. و" الثناء
الحسن ": يشمل أنواع الحمد والمدْح والشكر.
__________
(1) البخاري: كتاب الأذان، باب: الذكر بعد الصلاة (844) ،
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر بعد
الصلاة (493 "، النسائي: كتاب السهو، باب: نوع آخر من
القول عند انقضاء الصلاة (3/ 70) .
(2) مسلم: كتاب الصلاة، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة،
وبيان صفته (594) ، النسائي: كتاب افتتاح الصلاة، باب:
التهليل بعد التسليم (69/3) .
(5/417)
وقوله: " الحسن " من الصفات المادحة , لأن
ثناء الله حسن، وان لم يُوصف بالحُسْن.
قوله: " مخلصين " نصب على الحال، والعامل محذوف تقديره:
نُهللُ ونوحدُ مُخلِصين له الدين , والمرادُ من الدين:
التوحيدُ.
قوله: " ولو كره الكافرون " أي: وإن كره الكافرون، ومفعوله
محذوف تقديره: ولو كرهوا كوْننا مخلصين دين اللهِ وكوننا
عابِدين.
1478- ص- نا مُحمد بن سُليْمان الأنباري: نا عبْدة، عن
هشام بن عروة، عنِ أبي الزبير قال: كان عبد الله بن الزبير
يُهللُ في دُبُر كلِّ صلاة، فذكر نحو هذا الدعاء، زاد فيه:
" لا (1) حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، لا
نعبُد إلا إياه، له النعمةُ " وساق بقية الحديث (2) .
ش- عبدة: ابن سليمان. وأخرجه: مسلم، والنسائي.
1479- ص-[نا] مسدد، وسليمان بن داود العتكي- وهذا حديث
مُسدد- قالا: نا المعتمرُ قال: سمعتُ داود الطُّفاوي:
حدثني أبو مسلم البجلي، عن زيد بن أرقم قال: سمعتُ النبي-
عليه السلام- وقال سليمان: كان رسولُ الله- يقولُ دبر (3)
صلاته: " اللهم ربّنا ورب كلِّ شيء، أنا شهيدٌ أنك أنت
الربُّ وحْدك لا شريك لك، اللهمِ ربّنا وربّ كل شيءً، أنا
شهيدٌ أن محمد عبْدُك ورسولُك، اللهم ربّنا ورب كلِّ شيء،
أنا شهيد أن العباد كلّهُم إِخْوة، اللهم ربنا وربّ كلِّ
شيء اجعلني مُخْلصًا لك وأهلِي في كلِّ ساعة في الدنيا
والآخرة يا ذا الجلال والإكرام اسمعْ واستجبْ، الله كبر
الأكبر، اللهم (1) نُور السموات والأرْضِ ". قال
__________
(1) في سنن أبي داود: " ولا ".
(2) مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر
بعد الصلاة، وبيان صفته (594) ، النسائي: كتاب السهو، باب:
عدد التهليل والذكر بعد التسليم (3/ 70) .
(3) في سنن أبي داود: " يقول في دبر ".
(4) في سنن أبي داود: " الله ".
(5/418)
سليمانُ: " رب السموات والأرض، الله أكبر
الأكبر، حسبي اللهُ ونعم الوكيلُ، الله أكبر الأكبر " (1)
.
ش- المعتمر: ابن سليمان.
وداود الطفاوي: الصائم البصري. روى عن: أبي مسلم البجلي.
روى عنه: المعتمر، وجرير بن عبد الحميد. روى له: أبو داود.
والطفاوي: في قيس عيلان (2) نُسبوا إلى أمهم: طُفاوة بنت
حزم بن ريان , وهو بضم الطاء المهملة وبعدها فاء، وبعد
الألف واو مفتوحة وتاء تأنيث، وفي الرواة: طُفاوي كان ينزل
الطفاوة وهي موضع بالبصرة، ويحتملُ أن يكون بنو طُفاوة
نزلوا هذا الموضع فسمي بهم كما وقع هذا في مواقع كثيرة
بالعراق ومصر وغيرهما.
وأبو مسلم: ذكره في "الكمال" في باب الكنى ولم يذكر له
اسمًا فقال: روى عن: زيد بن أرقم. وروى عنه: داود الطفاوي.
روى له: أبو داود.
قوله: " دبر كل صلاته" وفي بعض النسخ: " في دبر صلاته ".
قوله: " ربّنا " نصب على النداء.
قوله: " أنا شهيد " فعيل بمعنى فاعل , وأصل الشهادة:
الإخبار بما شاهدهُ وشهِده. وقالت الفقهاء: الشهادة إخبار
عن يقين وعيان لا عن تخمينِ وحُسْبان.
قوله: " اللهم نور السموات " أي: يا نُور السموات بمعنى
منورهما، وقد مر تحقيق الكلام في معنى النور.
قوله: " قال سليمان " أي: قال سليمان بن داود شيخ أبي داود
في روايته. والحديث فيه مقال بسبب داود الطفاوي. قال يحيى
بن معين: ليس
__________
(1) النسائي: في عمل اليوم والليلة عن محمد بن عبد الأعلى،
عن المعتمر نحوه.
(2) في الأصل: " غيلان".
(5/419)
بشيء. وأخرجه النسائي. وقال الدارقطني:
تفرّد به: معتمر بن
سليِّماًن، عن داود الطُّفاوي، عن أبي مسلم البجلي، عن زيد
بن أرقم. 1480- ص- نا ابن معاذ: نا أبي: نا عبد العزيز/ بن
أبي سلمة، عن عمه: الماجشون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن
الأعْرج، عن عُبيد الله بن
أبي رافع، عن علي بن أبي طالب قال: كان رسولُ الله- عليه
السلام- إذا
سلّم من الصلاة قال: " اللهم اغفرْ لي ما قدّمتُ وما
أخرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسْرفتُ وما أنت أعلمُ
به مني، أنت المقدِّمُ والمؤخرُ (1) ، لا إله إلا (2) أنت
" (3) .
ش- عبيد الله: ابن معاذ، وأبوه: معاذ بن معاذ بن حسان،
والماجشون: يعقوب بن أبي سلمة المدني، وعبيد الله بن أبي
رافع: أسْلم
ويقال: إبراهيم مولى النبي- عليه السلام-.
قوله: " وما أسرفتُ " أي: وما كثرت من الذنوب والخطايا،
واقتراف
الأوزار والآثام.
قوله: " أنت المقدم والمؤخر " معنى التقديم والتأخير
فيهما، هو تنزيل
الأشياء منازلها، وترتيبها في التكوين والتفضيل وغير ذلك
على ما تقتضيه الحكمة، وهذا تعليم منه عليه السلام- لأمته.
والحديث: أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
1481- ص- نا محمد بن كثير: أنا سفيان، عن عمْرو بن مُرة،
عن
عبد الله بن الحارث، عن طليق بن قيس، عن ابن عباس قال: كان
النبي
- عليه السلام- يدْعُو: " ربِّ أعني ولا تُعِنْ علي،
وانصُرْني ولا تنْصرْ
عليّ، وامكُر لي ولا تمكرْ عليّ، واهْدِني ويسِّرْ هُداي
إليّ، وانصرْني على
__________
(1) في سنن أبي داود: " وأنت المؤخر".
(2) مكررة في الأصل.
(3) " الترمذي: كتاب الدعوات، باب: ما جاء في الدعاء عند
افتتاح الصلاة بالليل (3421) .
(5/420)
منْ بغى علي، رب اجْعلني (1) لك شاكرا، لك
ذاكرا لك رهابا (2) ، لك مِطواعا، إليك مُخْبِتا أو منيبا،
رب تقبلْ توْبتي، واغسلْ حوْبتي، وأجبْ دعْوتي، وثبتْ
حُجتِي، وأهد قلبي، وسدِّدْ لِسانِي واسْلُلْ سخِيمة قلبِي
" (3) . ش- سفيان: الثوري.
وعبد الله بن الحارث: النجراني الزبيدي المكتب الكوفي. روى
عن: جندب بن عبد الله البجلي، وعبد الله بن عمرو، وطليق بن
قيس وغيرهم. روى عنه: عمرو بن مُرة الجملي، وحُميد الأعرج
الكوفي، قال ابن معين: هو ثبت. روى له: مسلم، والترمذي.
وطليق بيت قيس: الحنفي الكوفي، أخو أبي صالح عبد الرحمن بن
قيس. روى عن: عبد الله بن عباس، وأبي ذر، وأبي الدرداء.
روى عنه: أخوه: عبد الرحمن، وعبد الله بن الحارث، قال أبو
زرعة: كوفي ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
قوله: " وامكر لي " قال الأزهري: المكر من الخلائق خبّ
وخداع، ومن الله عز وجل مجازاة للماكر، ويجوز أن يكون
استدراجه إياه من حيث لا يعلمون مكره. وقال غيره: " امكر
لي ولا تمكر علي " مكر الله: إيقاعُ بلائه بأعدائه دون
أوليائه، وقيل: هو استدراج العبد بالطاعات، فيتوهم أنها
مقبولة له وهي مردودة , المعنى: ألحق مكرك بأعدائي لا بِي.
قوله: "على منْ بغى " من البغْي؛ وهو العُدوان والظلم.
قوله: " رهابا" فغال مبالغة راهب من رهِب- بكسر الهاء- إذا
خاف، والرهبة: الخوف، والمطول: مفعال من صيغ المبالغة أي:
كثير الطوع، كما يقال: مِسْقام لكثير السقم.
__________
(1) في سنن أبي داود: " اللهم اجعلني ".
(2) في سنن أبي داود: " راهبا ".
(3) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: في دعاء النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3551) ، النسائي في " عمل
اليوم والليلة "، ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: دعاء رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3830) .
(5/421)
قوله: " مخبتا " من الإخْبات؛ وهو الخشوع
والتواضع. والمُنيب من
أناب إلى الله، أقْبل وتاب.
قوله: " حوْبتي " الحوبة- بالحاء المهملة المفتوحة وسكون
الواو- الإثم
والخطيئة. وقال ابن عرفة: إنما يقال: حُوب وحوب وحوبة:
الإثم.
قوله: " واسلُلْ "- بلاميْن- أي: أخرج، ومنه: حديث عائشة:
"فانسللْتُ من بين يديْه " أي: خرجت بتأن وتدْريج.
والسخيمة- بفتح
السن المهملة، وكسر الخاء المعجمة، وسكون الياء آخر
الحروف،
وبعدها ميم مفتوحة وتاء تأنيث- الحقْدُ في النفسِ. والحديث
أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وقال الترمذي: حسن
صحيح.
1482- ص- نا مسدد: نا يحيي، عن سفيان قال: سمعت عمرو بن
مُرة بإسناده ومعناه قال: " ويسِّرْ الهدى إلي " ولم
يقُلْ: " هُداي " (1) .
ش- يحيى: القطان، وسفيان: الثوري.
1483- ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا شعبة، عن عاصم الأحول،
وخالد الحذاء، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة، أن النبي-
عليه
السلام- كان إذا سلم قال: " اللهم أنْت السلامُ، ومنك
السلامُ، تباركت ذا الجلالِ والإكرام (2) " (3) .
ش- السلام: اسم من أسماء الله تعالى، معناه: سلامته مما
يلحق
الخلق من العيب والفناء والنقص، وقيل: سلِم الخلقُ من ظلمه
, بمعنى:
انه لا يتصفُ بالظلم، وقيل: مُسلِم عباده من الهلاك/ وقيل:
مُسلم
__________
(1) انظر التخريج المتقدم.
(2) في سنن أبي داود: " يا ذا الجلال والإكرام ".
(3) مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر
بعد الصلاة وبيان صفته (136/ 592) ، الترمذي: كتاب الصلاة،
باب: ما يقول إذا سلم من الصلاة (298) ، النسائي (3/69) ،
كتاب السهو، باب: الذكر بعد الاستغفار (1338) ، ابن ماجه:
كتاب إقامة الصلاة، باب: ما يقال بعد التسليم (924) .
(5/422)
المؤمنين من العذاب، وقيل: المسلم على
مصطفى عباده بقوله " وسلامٌ على عباده الذين اصْطفى " و
(1) وقيل: المسلم على المؤمنين في الجنة لقوله (سلام قولا
مِّن رب رحِيم) (2) وقيل: لطول بقائه.
قوله: " تباركت" أي: استحققت الثناء، وقيل: ثبت الخير
عندك. وقال ابن الأنباري: تبارك العباد بتوحيدك.
قوله: " ذا الجلال " أي: يا ذا الجلال، أي: العظمة.
والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
ص- قال أبو داود: سمع سفيان من عمرو بن مرة، قالوا: ثمانية
عشر حديثًا.
ش- أي: سمع سفيان الثوري من عمرو بن مرة بن عبد الله
المرادي الجملي الكوفي، قال ابن عيينة: قلت لسفيان: من
أفضلُ من أدركت؟ قال: ما كان أفضل من عمرو بن مرة.
1484- ص- نا إبراهيم بن موسى: أنا عيسى، عن الأوزاعي، عن
أبي عمار، عن أبي أسْماء، عن ثوبان مولى رسولِ اللهِ- عليه
السلام-، أن النبي- عليه السلام- كان إذا أراد أن ينصرف من
صلاته استغفر ثلاث مراتٍ ثم قال: " اللهم " فذكر معنى حديث
عائشة- رضي الله عنها- (3) . ش- عيسى: ابن يونس، وعبد
الرحمن: الأوزاعي. وأبو عمار: شداد بن عبد الله الدمشقي
القرشي مولى معاوية بن أبي سفيان. سمع: أبا أمامة الباهلي.
وروى عن: أنس بن مالك، وأبي هريرة، وعوف بن مالك، وشداد بن
أوْس، وأبي السماء الرحبي، وعطاء بن أبي رباح.
__________
(1) سورة النمل: (59) .
(2) سورة يس: (58) .
(3) مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر
بعد الصلاة وبيان صفته (135/ 591) ، الترمذي: كتاب الصلاة،
باب: ما يقول إذا سلم من الصلاة (300) ، النسائي: (3/ 68)
كتاب السهو، باب: الاستغفار بعد التسليم (1336) ، ابن
ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما يقال بعد التسليم (928)
.
(5/423)
روى عنه: يحمى بن أبي كثير، والأوزاعي،
وعوف الأعرابي وغيرهم. قال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو
حاتم: ثقة. روى له الجماعة. وأبو أسماء: عمرو بن مرثد
الشامي الرحبي الدمشقي. سمع: ثوبان مولى النبي- عليه
السلام-، وأبا هريرة، وشداد بن أوس، وأوس بن أوس وغيرهم.
روى عنه: أبو قلابة الجرمي، وأبو عمار، وأبو الأشعث
الصنعاني، قال أحمد بن عبد الله: تابعي ثقة. والرحبي:
نسْبةٌ إلى رحبة دمشق، قرية من قراها بينهما ميلٌ. روى له:
الجماعة إلا البخاري.
قوله: " فذكر معنى حديث عائشة " وهو الذي رواه عبد الله بن
الحارث، عن عائشة. والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه.
* * *
347- باب: فِي الاسْتغْفارِ
أي: هذا باب في بيان الاستغفار؛ وهو طلب المغفرة من الله
تعالى. 1485- ص- نا النفيلي: نا مخْلدُ بن يزيد قال: حدثنا
عثمان بن واقد العمري، عن أبي نُصيرة، عن مولى لأبي بكر
الصد يق، عن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- قال: قال رسولُ
اللهِ- عليه السلام-: " ما أصر من استغفر وإنْ عاد في
اليوم سبْعين مرة " (1) .
ش- عبد الله بن محمد: الطفيلي، ومخلد بن يزيد: الجاري
الحراني. وعثمان بن واقد: ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن
عمر بن الخطاب القرشي العدوي. روى عن: أبيه، ونافع مولى
ابن عمر، وأبى نُصيرة. روى عنه: المسْعودي، لهذيل بن بلال،
وزيد بن الذُباب، قاله أحمد: لا أرى به بأسا، وقال ابن
معين: ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي.
__________
(1) أخرجه الترمذي: كتاب الدعوات، باب (107) رقم (3559) .
(5/424)
وأبو نُصيرة- بضم النون، وفتح الصاد
المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وبعدها راء وتاء تأنيث-
وقال في " الكمال ": أبو نصيرة مولى أبي بكر الصديق،
ويقال: أبو نصير، عن: مولى لأبي بكر. روى عنه: عثمان بن
واقد (1) البصري العمري، قال أحمد بن حنبل: أبو نصيرة
واسطي ثقة. روى عنه: هشيم ويزيد، وقال ابن معين: أبو
نُصير: مسلم بن عبيد صالح، وقال ابن أبي حاتم: مسلم بن
عُبيد أبو نُصيرْ الواسطي. روى عن: أنس بن مالك، وأبو
عسِيب، وعن: مولى لأبي بكر، وأبي رجاء العطاردي. روى عنه:
حشرج بن نباتة، والضحاك بن حُمرة وغيرهم. روى له: أبو
داود، والترمذي.
قوله: " وإن عاد " أي: إلى ذنبه، والمراد منه: الحث
والتحريض على الاستغفار وأن لا يتقاعد عنه , وليس المراد
منه: أنه يُذنبُ- بناء على انه يستغفر، ثم يذنب كذلك , لأن
مثل هذا اجتراء وإقدام على الذنوب، واغترار بكرم الله
تعالى، وأمن من مكره وعقابه. والحديث أخرجه: الترمذي،
وقال: هذا حديث غريب، إنما نعرفه (2) من حديث أبي نُصيْرة,
وليْس إسناده بالقوي.
486 - ص- نا سليمان بن حرب، ومسدد قالا: نا حماد، عن ثابت،
عن أبي بردة، عن الأغر المزني- قال مسدد في حديثه: وكانت
له صحبة- قال: قال. رسول الله: " إنه ليغانُ على قلبي،
وإني لاستغفرُ الله في كل يوم مائة مرة " (3) .
ش- حماد: ابن سلمة/، وثابت: البناني، وأبو بُردة: ابن أبي
موسى الأشعري. والأغرّ: ابن يسار المُزني، ويقال: الجُهني.
روى عنه: عبد الله بن عمر، وأبو بُردة. روى له: مسلم
حديثا، وأبو داود، والنسائي.
__________
(1) في الأصل: " مرقد " خطأ.
(2) قوله: " إنما نعرفه" مكررة في الأصل.
(3) أخرجه , مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار،
باب: استحباب الاستغفار والاستكثار منه 41- (2702) .
(5/425)
قوله: " وقال مسدد في حديثه: وكانت له صحبة
" أي: للأغر صحبة. قوله: " إنه " أي: إن الشأن " ليُغانُ
". قال الخطابي: أصله من الغين , وهو الغطاء وكل حائل بينك
وبين شيء فهو غين , ولذلك قيل للغيم غين.
وقال غيره: يُغان: يلبس ويُغطي، قيل ذلك بسبب أمته وما
اطلع عليه من أحوالها بعده حتى كان يستغفر لها، وقيل: إنه
لما شغله من النظر في أمور المسلمين ومصالحهم حتى يرى انه
قد شغل بذلك، وان كان في أعظم طاعة وأشرف عبادة عن أرفع
مقام مما هو فيه، وأشرف درجة، وفراغه لتفرده بربّه وصفاء
وقته، وخلوص همه من كل شيء سواه، وأن ذلك غض من حالته هذه
العلية، فيستغفر الله لذلك. وقيل: هو مأخوذ من الغين
والغيم , وهو السحاب الرقيق الذي يغشى السماء، فكأن هذا
الشغل والهم يغْشى قلبه ويغطيه عن غيره حتى يسْتغفر الله
منه. وقيل: قد يكون هذا الغين السكينة التي يغشى (1) قلبه
, لقوله: " فأنزل اللهُ سكينتهُ عليْه " (2) واستغفاره
لها: إظهار للعبودية والافتقار. ويحتمل أن تكون حالة خشية
وإعظام يغشى القلب، واستغفاره شكر لله، وملازمة للعبودية،
كما قال: " أفلا أكون عبدا شكوراً ". وقيل: كان يترقى من
حال إلى حال، فتصير الحالة الأولى بالإضافة إلى الثانية في
التقصير كالذنب، فيقع الاستغفار لما يبدو له من عظمة الرب،
ويتلاشى الحال بما يتجدد من الثانية.
وقال ابن الأثير: وقيل: الغين شجر مُلتف، أراد ما يغشاه من
السهْو الذي لا يخلو منه البشرُ، لأن قلبه أبدًا كان
مشغولا بالله تعالى، فإن عرض له- وقتا ما- عارض بشرِي
يُشغله من أمور الأمة والملّة ومصالحهما، عن ذلك ذنبًا
وتقصيرًا، فيفزع إلى الاستغفار. والحديث أخرجه: مسلم.
__________
(1) كذا.
(2) سورة التوبة: (40) .
(5/426)
1487- ص- نا الحسن بن علي: نا أبو أسامة،
عن مالك بن مِغول، عن محمد بن سُوقة، عن نافع، عن ابن عمر
قال: إن كُنا لنعدُّ لرسول الله - عليه السلام- في المجلس
الواحدِ مائة مرة: " رب اغفِرْ لي وتُبْ عليًّ، إنك [أنت]
التواب الرحيم " (1) .
ش- أبو أسامة: حماد بن أسامة.
ومحمد بن سُوقة- بضم السن المهملة، وفتح القاف- أبو بكر
الغنوي الكوفي، رأى أنس بن مالك. وسمع: محمد بن المنكدر،
ونافعا مولى ابن عمر، ونافع بن جبير وغيرهم. روى عنه: مالك
بن مغول، وسفيان الثوري، وابن عيينة وغيرهم، وقال أحمد بن
عبد الله: ثبتٌ. روى له الجماعة.
قوله: " إن كنا " " إن " مخففة من الثقيلة أي: إنه كنا.
وفيه: استحباب كثرة الاستغفار , وذلك لأنه- عليه السلام-
مع كونه مغفورا [له] قطعا، كان يسْتغفر في المجلس الواحد
مائة مرة، فغيره الذي هو غريق في الذنوب بالأوْلى والأحرى
أن يكثر الاستغفار، على أنه- عليه السلام- كان فعله ذلك
تعليمًا لأمته، وإرشادا لهم إلى طريق الاستغفار. والحديث
أخرجه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث
حسن غريب.
1488- ص- نا موسى بن إسماعيل: حدثني حفصُ بن عمر الشنيُّ:
حدثني أبي: عُمر بن مرة قال: سمعتُ هلال بن يسار بن زيد
مولى النبي - عليه السلام- قال: سمعتُ أبي يُحدّثنيه عن
جدي، أنه سمع النبي- عليه السلام - يقولُ: " منْ قال:
أستغفرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيُّ القيومُ وأتوب
إليه، غُفِر له وإن كان فرّ (2) من الزّحْفِ " (3) .
__________
(1) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: ما يقول إذا قام من
المجلس (3433) ، النسائي في " عمل اليوم والليلة "، ابن
ماجه: كتاب الأدب، باب: الاستغفار (3814) .
(2) في سنن أبي داود: "وإن كان قد فر".
(3) أخرجه الترمذي: كتاب الدعوات، باب: في دعاء الضيف
(3577)
(5/427)
ش- حفصُ بن عُمر: ابن مرة الشني البصري.
سمع: أباه. روى عنه: موسى بن إسماعيل. روى له: أبو داود،
والترمذي.
وأبوه: عُمر بن مُرة الشني البصري. روى عن: هلال بن يسار
بن زيد مولى النبي- عليه السلام-. روى عنه: ابنه: حرص. روى
له: أبو داود، والترمذي.
والشنّي: نسْبة إلى شنٍّ قبيلة، وقال الجوهري: وشن حي من
عبد القيس , وهو شن بن أفصى بن عبد الريس بن أفصي بن دُعمت
بن جُديلة بن أسد بن (1) ربيعة بن نِزار.
وهلال بن يسار بن زيد: أبو عقال مولى النبي- عليه السلام-.
روى عن: أبيه، عن جده، وعن: أنس بن مالك/. روى عنه: عمر بن
محمد العُمري، وإبراهيم بن سُويْد، وعمر بن مُرّة الشني،
قال البخاريّ: في حديثه مناكير، وقال أبو حاتم: منكر
الحديث. روى له: أبو داود، وابن ماجه.
واعلم أنه وقع في كتاب أبي داود: هلال بن يسار بن زيد، عن
أبيه، عن جدّه- بالهاء. ووقع في كتاب الترمذي وغيره وفي
بعض بنسخ سنن أبي داود- أيضا-: بلال بن يسار- بالباء
الموحدة- وقد أشار الناس إلى الخلاف فيه، وذكره البغوي في
" معجم الصحابة " بالباء وقال: ولا أعلم لزيد مولى رسول
الله غير هذا الحديث، وذكر أن كنيته أبو يسار - بالياء آخر
الحروف وسين مهملة- وأنه سكن المدينة، وذكره البخاري في
"تاريخه الكبير"- أيضا- بالباء، وذكر أن بلالا سمع من
أبيه: يسار، وأن يسارًا سمع من أبيه: زيْدٍ. وذكره في "
الكمال " أوّلا- فيه كتاب الباء فقال: بلال بن يسار بن زيد
مولى النبي- عليه السلام-. روى عن أبيه، عن علىّ، ثم ذكره-
أيضا- في كتاب الهاء فقال: هلال بن يسار ابن زيد، على ما
ذكرناه.
وأبوه: يسار بن زيد. روى عن: أبيه. روى عنه: ابنه: بلال أو
هلال. روى له: أبو داود، والترمذي.
__________
(1) مكررة في الأصل.
(5/428)
وجده: زيد أبو يسار مولى النبي- عليه
السلام-. روى عنه: ابنه: يسار. روى له: أبو داود،
والترمذي.
قوله: " وإن كان فر من الزحف " أي: من الجهاد ولقاء العدو
في الحرْب , والزحف: الجيش يزحُفون إلى العدو. أي: يمشون،
يُقال: زحف إليه زحفا إذا مشى نحوه. وقد عُد الفرار من
الزحف من الكبائر , فإذا غفر لصاحب الكبيرة بقوْلِ هذا
الدعاء فلصاحب الصغيرة أولى وأجدر. والحديث: رواه الترمذي
وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
1489- ص- نا هشام بن عمار: نا الوليد بن مسلم: نا الحكم بن
مُصعب: نا محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، أنه
حدثه عن ابنْ عباس، أنه حدثه قال: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من لزِم الاستغفار جعل الله
له من كل ضِيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيثُ لا
يحتسِبُ " (1) .
ش- الحكم بن مصعب: القرشي الدمشقي. روى عن: محمد بن علي بن
عبد الله بن عباس. روى عنه: الوليد بن مسلم، قال أبو حاتم:
لا أعلم روى عنه غيره. قال الحافظ: ولا أعرف له سوى حديث
الاستغفار. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
والحديث أخرجه: النسائي، وابن ماجه، وقال في " مختصر السنن
": وفي إسناده الحكم بن مصعب، ولا يحتج به.
1490- ص- نا مسدد: نا عبد الوارث ح ونا زياد بن أيوب: نا
إسماعيل- المعنى-، عن عبد العزيز بن صهيب قال: سأل قتادةُ
أنسا: أي دعْوة كان النبي- عليه السلام- يدْعو بها (2) ؟
قالي: كان أكثر دعوة يدْعو بها: " اللهم (3) آتِنا في
الدنيا حسنة، وفي الآخرةِ حسنة، وقِنا عذاب
__________
(1) النسائي في "عمل اليوم والليلة"، ابن ماجه: كتاب
الأدب، باب: الاستغفار (3819) .
(2) في سنن أبي داود: "يدعو بها أكثر".
(3) في سنن أبي داود: "اللهم ربنا".
(5/429)
النار ". وزاد زيادٌ: وكان أنس " إذا أراد
أن يدْعُو بدعوة دعى بها، وإذا أراد أن يدْعُو بدعاء دعى
بها فيها (1) .
ش- عبد الوارث: ابن سعيد، وإسماعيل: ابن عليةْ.
قوله: "آتنا في الدنيا حسنةً " أي: أعطنا في الدنيا نعمة،
وقال قتادة: عافيةً، وقال الثوري: حسنة الدنيا: العلم
والعبادة، وحُسنُ الآخرة: العفو والمغفرة، وقال الحسن:
آتنا في الدنيا: عبادةً، وفي الآخرة: جنة، وقال السدي:
المال والجنّة، وقال عطاء: القناعة والرضا، وقيل: ثناء
الخلق ورضا الخالق، وقيل: الإيمان والأمان، وقيل: الإخْلاص
والخلاص، وقيل: السنة والجنة، وقال علي- رضي الله عنه-:
المرأة الصالحة، والحور العين، والعذاب: هو المرأة السوء.
قوله: " وزاد زياد" أي: زاد زياد بن أيوب في روايته: "
وكان أنس ابن مالك- رضي الله عنه- إذا أراد أن يدعو بدعوة
دعى بها " أي: بهذه (2) الدعاء، وإذا أراد أن يدعو بدعاء
غير ذلك كان يدعو بها، أي بهذه (2) الدعاء فيها أي: في
دعائه التي غير هذه الدعاء. والحديث أخرجه: البخاري،
ومسلم، والنسائي بنحوه.
1491- ص- نا يزيد بن خالد الرملي: نا ابن وهب: نا عبد
الرحمن ابن شريح، عن أبي أسامة بن سهل بن حُنيف، عن أبيه
قال: قال رسول الله - عليه السلام-: " منْ سأل الله
الشهادة بِصدق (3) بلغهُ اللهُ/ منازل الشهُّداءِ، وإن مات
على فِراشِهِ " (4) .
__________
(1) البخاري: كتاب الدعاء، باب: قول النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربنا آتنا في الدنيا حسنة (4/ 73) ،
مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: فضل
الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة 26-
(2690) .
(2) كذا.
(3) في سنن أبي داود: " صادقا ".
(4) مسلم: كتاب الإمارة، باب: ذم من مات ولم يغز ولم يحدث
نفسه بالغزو (157/1909) ، الترمذي: كتاب فضائل الجهاد،
باب: ما جاء فيمن سأل الشهادة (53 6 1) ، النسائي (6/ 37)
كتاب الجهاد، باب: مسألة الشهادة (2/ 316) ، ابن ماجه:
كتاب الجهاد، باب: القتال في سبيل الله سبحانه وتعالى
(2797) .
(5/430)
ش- عبد الله: ابن وهب.
وعبد الرحمن بن شريح: ابن عبيد الله بن محمود الإسكندراني
المصري، أبو شريح المعافري. روى عن: يزيد بن أبي حبيب،
وعبد الكريم بن الحارث، وسهْل بن أبي أمامة وغيرهم. روى
عنه: ابن وهب، وابن المبارك، وعبد الله بن صالح وغيرهم،
قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: لا بأس به. توفي
بالإسكندرية سنة سبع وستين ومائة. روى له الجماعة.
وأبو أمامة بن سهْل بن حُنيْف: الأنصاري. والمحفوظ في هذا
الإسناد عن ابن وهب , عن عبد الرحمن بن شريح، عن ابن أبي
أمامة بن سهْل، عن أبيه، عن جده، وهكذا في " مُوطأ ابن وهب
" وذكره كذلك مسلم بن الحجاج، وأبو عبد الرحمن النسائي، عن
شيوخه، عن ابن وهب. وقال في " الكمال ": سهل بن أبي أمامة
بن سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي المدني. سمع: أباه، وأنس
بن مالك. روى عنه: يزيد بن أبي حبيب، وأبو شريح: عبد
الرحمن بن شريح الإسكندراني، وعبد الرحمن بن سعيد المري
(1) ، قال ابن معين: ثقة. روى له: الجماعة إلا البخاري.
قوله: " بصدق " أي: بإخلاصِ وحُسْن ظن. والحديث أخرجه:
مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
1492- ص- نا مسدد: نا أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة
الثقفي، عن عليّ بن ربيعة، عن أسماء بن الحكم الفزاري قال:
سمعت عليا يقولُ: كنتُ رجلاً إذا سمعتُ من رسول الله- عليه
السلام- حديثًا نفعني اللهُ منه بها شاء أن ينْفعني، وإذا
حدثني أحد من أصحابه استحْلفته، فإذا حلف لي
__________
(1) كذا وفي تهذيب الكمال (12/ 172) " عبد الرحمن بن سعد
المدني" وقال محققه: " وقع في حواشي النسخ من تعقيبات
المؤلف على صاحب "الكمال". قوله: " كان فيه عبد الرحمن بن
سعيد المري، وهو وهم".
(5/431)
صدقته قال: حدّثني أبو بكر- وصدق أبو بكر-
أنه قال: سمعتُ رسول الله- عليه السلام- يقولُ: " ما مِن
عبد يُذنبُ ذنبًا فيُحسن الطهُور، ثم يقومُ فيُصلِي
ركعتين، ثم يسْتغفرُ الله، إلا غفر اللهُ له، ثم قرأ هذه
الآية " والذين إذا فعلُوا فاحشةً أوْ ظلمُوا أنفُسهُمْ
ذكرُوا (1) الله فاسْتغْفرُوا لذنُوبِهِمْ (2) " إلى آخرِ
(3) الآية (4) ".
ش- أبو عوانة: الوضاح، وعثمان بن المغيرة: هو عثمان الأعشى
, وقد ذكر.
وعلي بن ربيعة: الوالبي الأسدي أبو المغيرة الكوفي. روى
عن: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، والمغيرة بن شعبة،
وأسماء بن الحكم الفزاري. روى عنه: أبو إسحاق السبيعي،
وعثمان بن المغيرة، ومحمد بن قيس الأسدي، قال ابن معين:
ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث. روى له: مسلم، وأبو
داود، والترمذي، وابن ماجه. ْ وأسماء بن الحكم الفزاري:
أبو حسان الكوفي. روى عن: علي بن أبي طالب. روى عنه: علي
بن ربيعة، قال البخاري: يعد في الكوفيين، قال أحمد بن عبد
الله: هو (5) كوفي تابعي ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي،
وابن ماجه.
قوله: " من أصحابه " أي: من أصحاب النبي- عليه السلام-.
قوله: " وصدق أبو بكر " جملة حالية، وفيه تعظيم علي لأبي
بكر. قوله: " فيحُسِن الطهور "- بضم الطاء- إلي: الوُضوء.
وفيه:
__________
(1) في الأصل: " وذكروا ".
(2) " فاستغفروا لذنوبهم " غير موجود في سنن أبي داود.
(3) سورة آل عمران: (135) .
(4) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الصلاة عند
التوبة (406) ، وكتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة آل
عمران (3006) ، النسائي (الكبرى) : كتاب التفسير، ابن
ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في أن الصلاة كفارة
(1395) .
(5) مكررة في الأصل.
(5/432)
فضل الوضوء والصلاة والاستغفار. وفيه فائدة
أخرى: وهي جواز استحلاف المُخبر بشيءٍ. وأخرجه الترمذي،
والنسائي، وابن ماجه،
وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ لا نعْرفه إلا من هذا الوجه،
وذكر أن
بعضهم رواه فوقفه.
493،- ص- نا عُبيدُ الله بن عمر بن ميْسرة: نا عبدُ الله
بن يزيد المُقْرئ:
حدثني حيوةُ بن شريح: حدثني عُقبة بن مُسلم يقولُ: حدثني
أبو عبد الرحمن الحبلي، عن الصنابحي، عن معاذ بن جبل، أن
رسول الله- عليه السلام- أخذ بيده وقال: " يا معاذُ "
واللهِ إني لأحبك (1) " فقال: " أوصيك يا مُعاذُ لا تدعن
في دُبرِ كل صلاةٍ تقولُ , اللهمّ أعنِّي على ذِكرِكً
وشُكرِك وحُسْنِ عبادتِك ". وأوْصى بذلك معاذ الصنابحي،
وأوْصى به الصُنابحيُ أبا عبد الرحمن (2) .
ش- عُقبة بن مسلم: التُجيبي المصْري. وأبو عبد الرحمن:
اسمه:
عبد الله بن يزيد الحُبُلي- بضم الحاء المهملة والباء
الموحدة- وقد ذكر
مرةً. والصُنابحي: هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن عُسيْلة
, وقد ذكر، الصنابحي: نسْبة إلى صُنابح بن زاهر، بطنٌ من
مراد.
قوله: " تقول " في محل النصب على المفعولية، وأصله: أن
تقول بأن
المصدرية , والتقديرُ: لا تدعنّ قولك: " اللهم اعني " إلى
آخره. وفيه:
استحباب قول الرجل لمن يُحبه: إني أحبك، وجواز/ الحلِف على
ذلك، واستحباب الوصية بالخير، واستحباب المواظبة على
الدعاء المذكور
عقيب كل صلاةٍ. والحديث: أخرجه النسائي، ولم يذكر الوصية.
1494- ص- نا محمد بن سلمة المرادي: نا ابن وهب، عن الليث
بن
سعْد، أن حُنين بن أبي حكيم حدثه، عن عُليِّ بن رباح
اللخمي، عن عقبة
__________
(1) قوله: " والله إني لأحبك " جاء في سنن أبي داود مكررا.
(2) النسائي: كتاب السهو، باب: نوع آخر من الدعاء (3/ 53)
.
28 * شرح سنن أبي داوود
(5/433)
ابن عامر قال: أمرنِي رسولُ الله- عليه
السلام- أن أقْرأ بالمعوذات دبر كل صلاة (1) .
ش- حُنين بن أبي حكيم: القرشي الأموي المصري، مولى سهل بن
عبد العزيز أخي عمر بن عبد العزيز. روى عن: عُلي بن رباح،
ونافع مولى ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم. روى عنه:
الليث بن سعْد، وابن لهيعة، وسعيد بن أبي هلال، قال ابن
عدي: ولا أعلم يروي عنه غير ابن لهيعة، ولا أدري البلاء
منه أو من ابن لهيعة؟ إلا أن أحاديث ابن لهيعة عن حنين غير
محفوظة. روى له: أبو داود، والنسائي.
قوله: " بالمعوذات " أراد بها سورة الفلق وسورة الناس؛
وإنما جمعها باعتبار أن ما يُستعاذ منه فيهما كثير، فافهم.
والحديث: أخرجه الترمذي، والنسائي، وقال الترمذي: حديث
غريب.
1495- ص- نا أحمد بن علي بن سُويد السّدُوسي: نا أبو داود،
عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله،
أن رسول اللهِ- عليه السلام- كان يُعجِبُهُ أن يدعو ثلاثا،
ويسْتغفر ثلاثا (2) .
ش- أبو داود: الطيالسي سليمان بن داود، وإسرائيل: ابن
يونس، وأبو إسحاق: السبيعي، وعبد الله: ابن مسعود. والحديث
أخرجه: النسائي.
1496- ص- نا مسدد: نا عبد الله بن داود، عن عبد العزيز بن
عُمر، عن هلال، عن عمر بن عبد العزيز، عن ابن جعْفر، عن
أسماء بنت عُميس
__________
(1) الترمذي: كتاب فضائل القرآن، باب: ما جاء في المعوذتين
(2903) ، النسائي: كتاب السهو، باب , الأمر بقراءة
المعوذات بعد التسليم من الصلاة (3/ 68) .
(2) النسائي: في عمل اليوم والليلة (148) .
(5/434)
قالت: قال لي رسولُ الله- عليه السلام-: "
ألا أعلِّمُك كلمات تقُولِهِن (1) عنْد الكربِ، أو في
الكربِ: اللهُ اللهُ ربِّي، لا أشرك به شيئًا " (2) .
ش- عبد الله بن داود: الخُريْبي البصْري.
وعبد العزيز بن عمر: ابن عبد العزيز بن مروان، أبو محمد
القرشي الأموي المدني، أخو عبد الملك، وعاصم وآدم،
وإبراهيم. سمع: أباه، وقزعة بن يحيى، ونافعا مولى ابن عمر
وغيرهم. روي عنه: شعبة، ويحيى القطان، ووكيع، ومسْعر، وابن
جرير وغيرهم، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: يكتب
حديثه، وقال أبو زرعة: لا بأس به. روى له الجماعة.
وأسماء بنت عميس: الخثعمية من بني خثعم بن أنمار بن معد بن
عدنان، كانت تحت جعفر بن أبي طالب، وهاجرت معه إلى ارض
الحبشة، ثم قتل عنها يوم مُؤتة، فتزوجها أبو بكر الصديق
فمات عنها، ثم تزوجها علي، وولدت لجعفرٍ: عبد الله،
وعونًا، ومحمدًا، وولدت لأبي بكر: محمدًا، وولدتْ لعلي:
يحيي، فولد جعْفر وولد أبي بكر إخوة لأم (3) . روى عنها:
عبد الله بن عباس، وابنها: عبد الله بن جعْفر، وعبد الله
بن شداد بن الهاد، وعروة بن الزبير. روى لها: البخاري،
وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. والحديث أخرجه:
النسائي مُسندا ومرسلاً، وأخرجه ابن ماجه.
ص- قال أبو داود: هذا هلال مولى عمر بنِ عبد العزيزِ،
وابنُ جعفر: هو عبد الله بن جعْفرٍ.
ش- هلال: أبو طعمة مولى عمر بن عبد العزيز. روى عن: عبد
الله بن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز. روي عنه: ابن
لهيعة،
__________
(1) في سنن أبي داود: " تقولينهن ".
(2) ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: الدعاء عند الكرب (3882)
.
(3) كذا، والجادة: " فولد جعفر وولد أبي بكر وولد عليه
إخوة لأم ".
(5/435)
قال أبو سعيد بن يونس: وكان يُقرئ القرآن
بمصر. روى له: أبو داود، وابن ماجه. وعبْد الله بن جعْفر
بن أبي طالب بن عبد المطلب، وقد ذكرناه.
1497- ص- نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، عن ثابت، وعلي بن
زيد، وسعيد الجُريري، عن أبي عثمان النهدي، أن أبا موسى
الأشعري قال: كنتُ مع رسول الله- عليه السلام- في سفرِ،
فلما دنوْا من المدينة كبّر الناسُ، ورفعُوا أصواتهم، فقال
رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يا أيها
الناسُ! إنكم لا تدْعُون أصم ولا غائبا، إن الذي تدْعونه
بيْنكم وبيْن أعناقِ رِكابكُم " ثم قال رسولُ الله- عليه
السلام-: " يا أبا مُوسى! ألا أدلك على كًنْزِ من كُنُوزِ
الجنة؟ " فقلتُ: وما هو؟ قال: " لا حوْل ولا قوة إلا بالله
" (1) .
ش- حماد: ابن سلمي، وثابت: البياني، وعلي بن زيد: ابن
جدعان البصري القرشي الأعمى، وسعيد: ابن إياس الجريري،
وأبو عثمان: عبد الرحمن بن ملّ النهدي.
قوله: " لا تدعون أصم ولا غائبا " وقد فسره في حديث آخر
بقوله: "إنكم تدْعُون سميعًا قريبًا وهو معكم ".
قوله: " بينكم وبين أعناق ركابكم " وهذا مجاز كقوله تعالى:
" ونحْنُ أقْربُ إِليْهِ مِنْ حبْلِ الوريدِ " (2)
والمراد: تحقيق سماع الدعاء (3) . وفي
__________
(1) البخاري: كتاب الجهاد، باب: ما يكره من رفع الصوت،
مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب:
استحباب خفض الصوت بالذكر (2704) ، الترمذي: كتاب الدعوات،
باب: ما جاء في فضل التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد
(3461) ، النسائي في "الكبرى"، ابن ماجه: كتاب الأدب، باب:
ما جاء في " لا حول ولا قوة إلا بالله " (3824) .
(2) سورة ق: (16) .
(3) بل قرب الله من عباده قربا حقيقيا يليق بكماله وجلاله،
" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" وهو كنزوله سبحانه في
الثلث الأخير من الليل، وكتقربه من عباده شبرا بذراع،
وذراعا بباع، وهذا لا ينافي علوه سبحانه، فهو سبحانه علِي
في دنوه، قريب في علوه، اعتقاد أهل السُنة والجماعة، وانظر
العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام.
(5/436)
رواية لمسلم:/ " الذي تدعونه أقرب إلى
أحدكم من عنق راحلة أحدكم ". والركاب- بكسر الراء- الإبل
التي يُسارُ عليها , الواحدة: راحلة، ولا واحد لها من
لفظها، والجمع الركُب مثال الكُتُب.
قوله: " ألا أدلك " " ألا " كلمة تنبيه يُنبِّهُ بها
المتكلمُ السامع على أمر عظيم الشأن.
قوله: " على كنز " الكنز في اللغة: ما دفن من الأموال
والأمتعة، ومعناه هاهنا: إن هذا القول يُعدُّ لقائله،
ويُدخر له من الثواب ما يقع له في الجنة موقع الكنز في
الدنيا , لان من شأن الكانزين أن يستعدوا به، ويستظهروا
بوجدان ذلك عند الحاجة إليه. وقال الشيخ محيي الدين: قال
العلماء: سبب ذلك: أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله عز
وجل، واعتراف بالإذعان له، وأنه لا صانع غيره، ولا راد
لأمره، وإن العبد لا يملك شيئا من الأمر، ومعنى الكنز
هاهنا: أنه ثوابٌ مدخر في الجنة وهو ثواب نفيس، كما أن
الكنز أنفسُ أموالِكم. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه بنحوه مُطولا ومختصرا.
1498- ص- نا مسدد: نا يزيد بن زُريع: نا سليمان التيْمي،
عن أبي عثمان، عن أبي موسى الأشعري أنهم كانوا مع رسول
اللهِ- عليه السلام- وهم يتصعّدُون في ثنيّة، فجعل رجلٌ
كلما علا الثنيّة نادى: لا إله إلا الله والله كبرُ. فقال
نبي الله: " إنكُم لا تُنادون أصمّ ولا غًائبا " ثم قال:
"يا عبد اللهِ بن قيسٍ " " فذكر معناه (1) .
ش- " يتصعدون " أي: يتكلفون الصعود في الثنية، وهي العقبة
في الجبل، وقيل: هو الطريق العالي فيه، وقيل: أعلى المسيل
في رأسه.
__________
(1) انظر الحديث السابق.
(5/437)
قوله: " فذكر معناه " أي: معنى الحديث
المذكور.
1499- ص- نا أبو صالح: أنا ألو إسحاق الفزاري، عن عاصم، عن
أبي عثمان، عن أبي موسى بهذا الحديث قال فيه: فقال النبي-
عليه السلام-: " يا أيها "يأيها الناس! أرْبعُوا على
أنفسِكُم " (1) .
ش- أبو صالح: محبوب بن موسى الأنطاكي الفزاري. روى عن: أبي
إسحاق الفزاري، وعبد الله بن المبارك، ومخلد بن الحُسن.
روى عنه: أبو داود، والنسائي، عن رجل، عنه وجماعة آخرون،
قال أحمد ابن عبد الله: ثقة صاحب سنة. مات سنة إحدى
وثلاثين ومائتين.
وأبو إسحاق الفزاري: اسمُه: إبراهيم بن محمد بن الحارث،
وقد ذكرناه مرةً. وعاصم: الأحول، وأبو عثمان: عبد الرحمن
النهدي، وأبو موسى: عبد الله بن قيس الأشعري.
قوله: " أربعُوا "- بكسر الهمزة، وسكون الراء، وفتح الباء
الموحدة- معناه: أرْفُقوا بأنفسكم واخفِضُوا أصواتكم , فإن
رفع الصوت إنما يفْعله الإنسان لبُعْد من يخاطبُه
لِيُسْمِعه وأنتم تدعون الله تعالى وهو سميع قريب، وهو
معكم بالعلم والإحاطة وقال ابن السكيت: ربع الرجل يرْبعُ
إذا وقف وتحتس. وفي الحديث: النّدب " إلى خفض الصوت بالذكر
إذا لم تدع حاجة إلى رفعه , فإنه إذا خفضه كان ابلغ في
توقيره وتعظيمه، فإن دعت حاجة إلى الرفع رفع كما جاءت به
أحاديث.
1500- ص- نا محمد بن رافع: نا أبو الحُسين زيد بن الحُباب:
أخبرني عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني: حدثني أبو هانئ
الجولاني أنه سمع أبا علي التُّجِيبي، أنه سمع أبا سعيد
الخدري، أن رسول الله- عليه السلام-
__________
(1) انظر الحديث قبل السابق.
(5/438)
قال: " من قال: رضيتُ بالله ربا، وبالإسلام
دينًا، وبمحمد رسولا، وجبتْ
له الجنةُ " (1) .
ش- أبو هانئ: حميد بن هانئ المصري، وأبو علي: اسمُه: عمرو
ابن مالك الجنبِي أبو علي المصري، ويُقال: التُّجِيبي- كما
في "السُّنن ".
قوله: " رضيت بالله ربا " أي: قنعتُ به، واكتفيت به، ولم
أطلب
معه غيره.
قوله: " وبالإسلام دينًا " أي: رضيت بالإسلام دينا بمعنى:
لم أسْع في
غير طريق الإسلام، ولم أسْلك إلا ما يوافق شريعة محمد-
عليه السلام-.
قوله: " وبمحمد رسولا " أي: رضيت بمحمد رسولا بمعنى: آمنتُ
به
في كونه مُرسلا إليّ وإلى سائر المسلمين. وانتصاب " ربا "
و " دينًا "
و" رسولا " على التمييز، والتمييز وإن كان الأصل أن يكون
في المعنىِ
فاعلا يجوز أن يكون مفعولا- أيضًا- كقوله تعالىْ " وفجرْنا
الأرْض
عُيُونًا " (2) ويجوز أن يكون نصبها على المفعولية لأن"
رضِي " إذا عُدي
بالباء يتعدى إلى مفعول آخر، وقد مر الكلام فيه مرةً
مستوفًى. والحديث
أخرجه: النسائي/ وأخرجه: مسلم، والنسائي من حديث أبي عبد
الرحمن الحُبُلي عبد الله بن يزيد (3) ، عن أبي سعيد أتم
منه.
1501- ص- نا سليمان بن داود العتكي: نا إسماعيل بن جعْفر،
عن
العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول
اللهِ- عليه
السلام- قال: " منْ صلّى عليّ واحدةً فصلى (4) اللهُ عليه
عشرة " (5)
__________
(1) النسائي: في " عمل اليوم والليلة " عن أحمد بن سليمان
الرهاوي، عن زيد ابن الحبيب، به.
(2) سورة القمر: (12) .
(3) في الأصل: " زيدا خطأ.
(4) في سنن أبي داود: " صلى ".
(5) مسلم: كتاب الصلاة، باب: الصلاة على النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد التشهد له (408) ،
الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في فضل الصلاة على=
(5/439)
ش- إسماعيل بن جعفر: ابن أبي كثير
الأنصاري، والعلاء بن عبد الرحمن: ابن يعقوب الحرقي.
وأبوه: عبد الرحمن بن يعقوب، الحُرقي. روى عن: عبد الله بن
عمر، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري. روى عنه: ابنه:
العلاء، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، سئل أبو حاتم:
هو أوثق أو المسيب بن رافع؟ فقال: ما أقربهما. روى له:
الجماعة إلا البخاري. قوله: " فصلى الله " بالفاء في رواية
أبي داود. وأخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي وفي حديثهم: "
صلى الله عليه عشرا، بدون الفاء. ومعنى صلاة الله على
عبْده عبارة عن الرحمة والمغفرة , وهذه مسألة مشهورة.
1502- ص- نا الحسنُ بن علي: نا حُسيْن بن علي، عن عبد
الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس
بن أوس قال: قال النبي- عليه السلام-: " إن مِن أفضلِ
أيامكُم: يوم الجُمُعة، فأكثِرُوا عليّ من الصلاة فيه؟ فإن
صلاتكُمْ معْروضة عًليّ " قال: فقالوا: يا رسول الله " كيف
(1) تُعرضُ صلاتُنا عليك وقد أرمْت؟ قال: يقولون: بلِيت،
قال. " إن الله حرم على الأرضِ أجساد الأنْبياءِ " (2) .
ش- حسين بن علي: ابن الوليد الجُعْفي مولاهم الكوفي. وعبد
الرحمن ابن يزيد بن جابر: أبو عتبة الشامي الدمشقي، وأبو
الأشعث: شراحيل ابن آدة، وقد مر.
وقد تقدم الحديث بعيْنه بأتم منه في " باب فضل يوم
الجمعة،. والحديث: أخرجه النسائي، وابن ماجه. وله علّة،
وقد جمعت طرقه في جزء مفرد وذلك أن حسين بن علي الجُعْفي
حدّث به عن عبد الرحمن
__________
= النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (485) ،
النسائي: كتاب السهو، باب: الفضل في الصلاة على النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3/ 50) (1296) .
(1) في سنن أبي داود: " وكيف".
(2) تقدم تخريجه برقم (1018) ، باب: تفريع أبواب الجمعة.
(5/440)
ابن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني،
عن أوس بن أوس، ومنْ نظر ظاهر هذا الإسناد لم يرْتبْ في
صحته لثقة رواته وشهرتهم، وقبول الأئمة أحاديثهم،
واحتجاجهم بها، وحدث بهذا الحديث عن حسين الجُعْفي جماعة
من النبلاء، وعلته: أن حُسين بن علي الجُعْفي لم يسمع من
عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وإنما سمع من عبد الرحمن بن
يزيد بن تميم، وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم لا يحتج به، في
حدّثه حسين الجُعفي غلط في اسم الجد فقال: ابن جابر , بيّن
ذلك الحُفاظ ونبهوا عليه , قال البخاري في " التاريخ
الكبير ": عبد الرحمن بن يزيد ابن تميم السلمي الشامي، عن
مكحول. سمع منه: الوليد بن مسلم، عنده (1) مناكير، ويُقال:
هو الذي روى عنه أهل الكوفة أبو أسامة، وحسين فقالوا: عبد
الرحمن بن يزيد بن جابر، وابن تميم أصح. وقال عبد الرحمن
بن أبي حاتم: سألت أبي عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم
فقال: عنده مناكير، فقال: هو الذي روى عنه: أبو أسامة،
وحسن الجُعفي وقالا: هو ابن يزيد بن جابر , وغلطا في نسبه
, ويزيد بن تميم أصح , وهو ضعيف الحديث. وقال أبو بكر
الخطيب: روى الكوفيون أحاديث عبد الرحمن بن يزيد بن تميم،
عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ووهموا في ذلك. وقال موسى
بن هارون الحافظ: روى أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن
جابر وكان ذلك وهما منه، هو لم يلق عبد الرحمن بن يزيد بن
جابر , إنما لقي عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، فظن أنه ابن
جابر، وابن جابر ثقة، وابن تميم ضعيف.
قوله: " أرمت " على وزن ضربت؟ وأصله: " أرممْت " أي: بليت
وصرت رميما , فحذفوا إحدى الميميْن , وهي لغة كما قالوا:
ظلت في ظللت، وقد مر الكلام فيه مستوفى في " باب الجمعة "
***
__________
(1) في الأصل: " عدة " خطأ، وانظر: " التاريخ الكبير " (5/
الترجمة 1156) .
(5/441)
348- بابُ: النّهْي أنْ (1) يدْعو الإنسانُ
على أهْله وماله
أي: هذا باب في بيان النهي عن دعاء الإنسان على أهله
وعياله وأمواله، وفي بعض النسخ: " باب النهي عن دعاء
الإنسان على أهله وماله ".
1503- ص- نا هشام بن عمار، ويحيي بن الفضل، وسليمان بن عبد
الرحمن قالوا: نا حاتم بن إسماعيل: نا يعقوب بن مجاهد أبو
حزْرة، عن عُبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن جابر
بن عبد الله قال: قال رسول الله- عليه السلام-: " لا
تدْعُوا على أنفسكُم، ولا تدْعُوا على أولادكُم، ولا تدعوا
على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من
اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيسْتجيب لكم (2) " (3)
.
ش-/ يحيى بن الفضل: السِجسْتاني، وسليمان بن عبد الرحمن:
التميمي الدمشقي، وحاتم بن إسماعيل: الكوفي، وأبو حزْرة-
بفتح الحاء المهملة، وسكون الزاي، وفتح الراء- وقد مرّ
مرةً.
قوله: " على خدمكم " الخدم- بفتحتين- جمع خادمٍ، ويقع
الخادم على الذكر والأنثى لإجرائه مجرى الأسماء غير
المأخوذة من الأفعال كحائض وعاتق.
قوله: " ساعة نيْل " النيْل: الإصابة، مصدر من نال ينالُ،
والمعنى: ساعة إصابة فيها عطاء.
قوله: " فيستجيب لكم " بالنصْب؛ لأنه جواب النهي، والمعنى
(4) :
__________
(1) في سنن أبي داود: " عن أن ".
(2) جاء في سنن أبي داود بعد الحديث قوله: " قال أبو داود:
هذا الحديث متصل الإسناد، فإن عبادة بن الوليد بن عبادة
لقي جابرا "
(3) مسلم: كتاب الزهد والرقائق، باب: حديث جابر الطويل
وقصة أبي اليسر (3009) .
(4) مكررة في الأصل.
(5/442)
إن كانت منكم مُوافقة الساعة التي فيها
العطاء يكون من الله الاستجابة لدُعائكم. والحديث: أخرجه
مسلم في أثناء حديث جابر الطويل , وليس فيه ذكر الخدم.
***
349- بابُ: الصّلاةِ على غيْر النبِي- عليها السلام-
أي: هذا باب في بيان حكم الصلاة على غير النبي- عليه
السلام-. 1504- ص- نا محمد بن عيسى: نا أبو عوانة، عن
الأسْود بن قيْس، عن نُبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله،
أن امرأةً قالتْ للنبي- عليه السلام-: صل عليّ وعلى زوْجِي
فقال النبي- عليه السلام-: " صلى الله عليكِ وعلى زوْجِكِ
" (1) .
ش- أبو عوانة: الوضاح الواسِطي، والأسود بن قيس: العبْدي
الكوفي.
ونبيْح- بضم النون، وفتح الباء الموحدة، وسكون الياء آخر
الحروف، وفي آخره حاء مهملة- ابن عبد الله العنزِي الكوفي،
أبو عمرو. سمع: جابر بن عبد الله، وأبا سعيد الخدري، وعبد
الله بن عمرو. روى عنه: الأسود بن قيس، وأبو خالد يزيد بن
عبد الرحمن الدالاني، قال أبو زرعة: كوفي، لم يرو عنه غير
الأسود بن قيس.
قلت: قد ذكر أبو داود، رواية أبي خالد الدالاني (2) عنه.
روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
قوله: " صلى الله عليك " الصلاة من الله تعالى: الرحمة،
ومن الملائكة: الاستغفار ومن المؤمنين: الدعاء.
وقد اختلف العلماء في الصلاة على غير الأنبياء فقال مالك،
__________
(1) الترمذي في " الشمائل "، باب: ما جاء في إدام رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (180) ، النسائي:
في " عمل اليوم والليلة ".
(2) في الأصل: " الآني ".
(5/443)
وأبو حنيفة، والشافعي والأكثرون: لا يصلّى
على غير الأنبياء استقلالا، لا يقال: اللهم صل على أبي
بكر، أو عمر، أو عليّ، أو غيرهم , ولكن يُصلّى عليهم تبعا،
فيقال: اللهم صل على محمد وال محمدٍ وأصحابه وأزواجه
وذريته- كما جاءت الأحاديث. وقال أحمد وجماعة: يُصلى على
كل واحد من المؤمنين مُستقلاً، واحتجوا بهذا الحديث وبقوله
- عليه السلام-: " اللهم صل على آل أبي أوفى " وكان إذا
أتاه قوم بصدقتهم صلّى عليهم، واحتج الأكثرون بأن هذا
النوع مأخوذ من التوقيف، واستعمال السلف، ولم يُنقل
استعمالهم ذلك؛ بل خصّوا به الأنبياء كما خصوا الله تعالى
بالتقديس والتسْبيح فيقال: قال الله سبحانه وتعالى، وقال
الله تعالى، وقال عز وجل، وقال الله جلّت عظمته، وتقدست
أسماؤه، وتبارك وتعالى ونحو ذلك، ولا يُقال: قال النبي عز
وجلّ وإن كان عزيزا جليلا ولا نحو ذلك. وأجابوا عن
الأحاديث أن ما كان من الله ورسوله فهو. دعاء وترحم، وليس
فيه معنى التعظيم والتوقير الذي يكون من غيرهما. وكذا
الجواب عن قوله تعالى: (إنّ الله وملائكتهُ يُصلُّون على
النبي) الآية (1) . وأما الصلاة على الآل والأزواج والذرية
فإنما جاء على التبع لا على الاستقلال، والتابع يحتمل فيه
ما لا يحتمل استقلالا.
وقال الشيخ محيي الدين: اختلف أصحابنا في الصلاة على غير
الأنبياء هل يقال: هو مكروه أو مجرد ترك أدب؟ والصحيح
المشهور: انه مكروه كراهة تنزيه. وقال الشيخ أبو محمد
الجُويني: والسلام في معنى الصلاة , فإن الله تعالى قرن
بينهما فلا يفرد به غائب غير الأنبياء، فلا يقال. أبو بكر،
وعمر، وعليّ- عليه السلام- , وإنما يقال ذلك خطابًا
للأحياء والأموات، فيُقال: السلام عليكم ورحمة الله، والله
أعلم. والحديث: أخر له الترمذي، والنسائي، وإسناده حسنٌ.
__________
(1) سورة الأحزاب: (56) .
(5/444)
350- بابُ الدعاء بظهْرِ الغيبِ
أي: هذا باب في بيان الدعاء لأخيه بظهر الغيب أي: في
سِره.
1505- ص- نا رجاء بن المرخى: نا النضر بن شُميل: نا
موسى بن
ثرْوان: حدثني طلحة بنِ عبيد الله بن كرِيز: حدثتني أم
الدرْداء قالت:
حدثني سيدي، أنه سمع رسول الله- عليه السلام- يقولُ: "
إذا دعى
الرجل لأخِيه بظهرِ الغيْبِ قالت الملائكةُ: آمين ولك
بمثلِ " (1) .
/ ش- النضر بن شُميل: ابن خرشة بن يزيد بن كلثوم
التميمي المازني أبو الحسن البصري، سكن مرو. سمع:
إسماعيل بن أبي خالد،
وهشام بن عروة، وعبد الله بن عون، وشعبة وغيرهم. روى
عنه:
إسحاق بن راهويه، ويحيي بن معين، وعلي بن المديني
وغيرهم. وقال
ابن أبي حاتم: سُئل أبني عنه فقال: ثقة، صاحب سُنة.
توفي سنة
أربع ومائتين. روى له: ْ الجماعة.
ومُوسى بن ثروان- بالثاء المثلثة- ويقال: ابن شروان،
ويقال: ابن
مروان المعلم العجلي. روى عن: أبي المتوكل الناجي،
وطلحة بن
عبيد الله بن كريز، وبديل بن ميسرة وغيرهم. روى عنه
(2) : شعبة،
وابن المبارك، والنضر بن شميل وغيرهم. قال ابن معين:
ثقة. روى
له: مسلم متابعة، وأبو داود.
وطلحة بن عُبيد الله بن كرِيز- بفتح الكاف وكسر الراء-
ابن جابر بن
ربيعة بن هلال أبو المطرف الكوفي. روى عن: ابن عُمر،
وأبي الدرداء،
وعائشة، وأم الدرداء الصغرى. روى عنه: أبو حازم
الأعرج، وحميد الطويل، ومحمد بن إسحاق، وموسى بن مروان
وغيرهم، قال ابن
معين: ثقة. روى له: مسلم، وأبو داود.
__________
(1) مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار،
باب: فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب 87- (2732) .
(2) مكررة في الأصل.
(5/445)
وأم الدرداء هذه: الصغرى تابعية، واسمها:
هُجيمة ويقال: جُهيمة، ويقال: جمانة بنت حُيي
الأوصابية، ويقال: الوصابيّة , والوصابُ: بطن من حمير،
زوجة أبي الدرداء وهي التي مات عنها فخطبها معاوية فلم
تفعل، وهي أم بلال بن أبي الدرداء. سمعت: أبا الدرداء،
وأبا هريرة، وعائشة الصديقة. روى عنها: جُبير بن نفير،
ورجاء بن حيوة، وأبو قلابة الجرمي، وجماعة آخرون
كثيرة. روى لها: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن
ماجه.
وأما أم الدرداء الكبرى: فاسمها: خيرة، لها صحبة وليس
لها في الكتابين حديث.
قوله: " حدثني سيّدي أنه " أرادت به زوجها أبا
الدرداء. وفيه جواز دعوى المرأة زوجها بسيدي. وذكر خلف
الواسطي في تعليقه هذا الحديث في مسند أم الدرداء عن
رسول الله- عليه السلام- , لظاهر رآه في "صحيح مسلم،
وقد ذكر مسلم قبل ذلك وبعده ما يدل على أنه من روايتها
عن أبي الدرداء عن رسول الله- عليه السلام-، وقد نبه
على هذا غير واحد من الحُفاظ.
قوله: " بظهر الغيب " أي: في سرّه وبغير حضوره، كأنه
من وراء معرفته ومعرفة الناس , لأنه دليل على إخلاص
الدعاء له كمثل ما يجعله الإنسان وراء ظهره، ويسْتره
عن أعن الناس.
قوله: " ولك بمثلِ" - بكسر الميم وسكون الثاء- و "
بمثل "- بفتحهما أي: لك من الأجر بدعائك مثل ما دعوت
له فيه ورغبت، ويُقال: مثْله ومثله ومثيله بمعنى.
1506- ص- نا أحمد بن عمرو بن السرْح: أنا ابن وهب:
حدثني عبد الرحمن بن زياد، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد
الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله- عليه
السلام-[قال] : " إِن أسْرعً الدعاءِ إجابة: دعْوةُ
غائب لغائب " (1) .
__________
(1) الترمذي: كتاب البر والصلة، باب: ما جاء في دعوة
الأخ لأخيه بظهر الغيب (1980) .
(5/446)
ش- عبد الرحمن بن زياد: الأفريقي، وأبو عبد
الرحمن: عبد الله ابن يزيد الحُبُلي. والحديث أخرجه:
الترمذي، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه،
والأفريقي ضعيف في الحديث. وإنما كان هذا الدعاء أسْرع
إجابة لأنه يصدر عن إخلاص.
1507- ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا هشام، عن يحيي، عن
أبي جعفر، عن أبن أبي هريرة، أن النبي- عليه السلام-
قال: " ثلاثُ دعوات مُستجاباتٌ لا شك فيهن: دعوةُ
الوالدِ، ودعْوةُ المسافرِ، ودعوةُ المظلوم " (1)
ش- هشام: ابن أبي عبد الله الدستوائي، ويحيى: ابن أبي
كثير، وأبو جعفر: قال الترمذي: وأبو جعفر الذي روى عن
أبي هريرة يقال له: أبو جعْفر المؤذن ولا يُعرف اسمُه.
وقد روى عنه: يحيي بن أبي كثير غير حديث. وذكر المزّي
في " الأطراف " قال: ويقال: إن أبا جعفر هذا هو محمد
بن علي بن الحسين. قال: وقد رواه- يعني: الحديث- محمد
بن سليمان الباغندي الكبير، عن أبي عاصم وقال: عن أبي
جعفر محمد بن علي. والحديث أخرجه: الترمذي، وابن ماجه،
وقال الترمذي: حديث حسنٌ.
351- باب: ما يقُول الرجلُ إذا خاف قوْمًا
أي: هذا باب في بيان ما يقول الرجل إذا خاف عن قوم
ظلمة أو عدو.
1508- ص- نا محمد بن المثنى: نا معاذ بن هشام:/ حدثني
أبي، عن قتادة، عن أبي بردة بن عبد الله، أن أباه
حدثه، أن النبيّ- عليه السلام- كان إذا خاف قومًا قال:
" اللهم إِنّا نجعلُك في نُحُورِهم، ونعُوذُ بك من
شرورِهمْ " (2) .
__________
(1) الترمذي: كتاب البر والصلة، باب: ما جاه في دعوة
الوالدين (1905) وكتاب بالدعوات، باب: حدثنا محمد بن
بشار (3448) ، ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: دعوة
الوالد ودعوة المظلوم (3862) .
(2) النسائي في الكبرى: كتاب السير، وفي عمل اليوم
والليلة.
(5/447)
ش- معاذ بن هشام: ابن أبي عبد الله- سنْبر- الدسْتوائي
البصري، وأبو بردة بن عبد الله: ابن قيس أبي موسى
الأشعري.
قوله: " نجعلك في نحورهم " يقال: جعلتُ فلانا في نحر
العدو، أي: قبالته وحذاءه , وتخصيص النحر بالذكر لأن
العدو يستقبل بنحره عند المناهضة للقتال، والمعنى:
نسألك أن تتولانا في الجهة التي يُريدون أن يأتونا
منها، ونتوقى بك عما يواجهوننا به، فأنت الذي تدفع
شرورهم، وتكفينا أمرهم، وتحولُ بيننا وبينهم، ولعله
اختار هذا اللفظ تفاؤلا بنحر العدو- أعني: قتلهم- مع
ما أراد من المعنى الذي ذكرناه.
فإن قيل: النبي- عليه السلام- محفوظ من شر الإنس
والجنّ بحفظ
الله إياه، ومؤيّدٌ بالملائكة، فكيف يجوز أن يخاف قوما
وهم أعداء الله تعالى؟ قلت: هنا ثلاثة أجوبة , الأول:
أن الطبيعة البشريّة من خواصّها: الخوف مع قطع النظر
عن العارض، والثاني: يجوز أن يكون خوفه على صحابته،
والثالث: أن هذا تعليم لأمته أنهم إذا خافوا قوما
يدعون بهذا الدعاء، وهذه الأجوبة لاحتْ لي في هذا
المقام من الأنوار الربانية، فإن ذكرها أحد غيري يكون
من توارد الخواطر والاتفاقيات. والحديث أخرجه:
النسائي.
***
|