شرح أبي داود للعيني

29- باب: كيف غَسلُ الميت؟
أي: هذا باب في بيان كيفية غسل الميت.
1577 ص- نا القعنبي، عن مالك، ح ونا مسدد، نا حماد بن زيد، المعنى، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، قالت: " دَخلَ
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/ 9853)
(2) المصدر السابق (14/ 3086) .
(3) كذا والجادة:" الميت".ما جاءني غسل الميت (1458) .

(6/70)


علينا رسولُ الله- عليه السلام- حينَ تُوفيت ابنتُه، فقال: اغْسلنَها ثلاثا أو خَمسا، أو كثير من ذلك إن رأيتُن ذلك بماءٍ وسدر، واجْعَلنً في الآخرة كافوراً أو شيئا من كَافور، فإذا فَرَغْتُن فآذنني، َ فلمًا فَرَغنَا آذنَاهُ، فأعطاناَ حِقْوَه، فقال: أشْعِرْنَها إياه" قال مالك (اَ) : " يعني: إزَارَهُ "، ولم يقل مسدد: "دَخَلَ عَلينا" (2) .
ش- "فآذ نني " أي: فأعلمنني.
قوله: "حقوه" الحقو بفتح الحاء، وسكون القاف هو الإزار، كما فسره مالك بن أنس.
قوله: " أشعرتها " أي: اجعلنه شعارا لها، وهو الثوب الذي يلي جلدها، ويستفاد من الحديث فوائد، الأولى: وجوب غسل الميت. الثانية: استحباب الإيجار في الغَسل.
الثالثة: استحباب غَسله بالسدر، أو بما في معناه من أشنان ونحوه، لأن هذا أبلغ في التنظيف.
الرابعة: استحباب شيء من الكافور في آخر الماء، وقال أصحابنا: يستحب أن يجعل الكافور على مساجده وهي: الجبهة، والأنف، واليدان، والركبتان، والقدمان.
وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه ": حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن همام، عن شيخ من أهل الكوفة، يقال له: زناد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، قال: " يوضع الكافور على مواضع سجود الميت "،
__________
(1) في سنن أبي داود: يقال عن مالك،.
(2) البخاري: كتاب الجنائز، باب: نقض شعر المرأة (1260) ، مسلم: كتاب الجنائز، باب: في غسل الميت (939) ، الترمذي: كتاب الجنائز، باب:
ما جاء في غسل الميت (990) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: غسل الميت بالماء والسدر (28/4) و (4/ 31، 32) ، ابن ماجه، كتاب الجنائز: باب:

(6/71)


ورواه البيهقي (1) ، وأخرج عبد الرزاق في " مصنفه"، عن سلمان " أنه استودع امرأته مسكا، فقال: إذا مت فطيبوني به، فإنه يحضرني خلق من خلق الله لا ينالون من الطعام والشراب، يجدون الريح".
وأخرج عن الحسن بن علي " أنه لما غسل الأشعث بن قيس دعا بكافور، فجعله على وجهه، وفي يديه، ورأسه، ورجليه، ثم قال: أدرجوه ". والحديث أخرجه الجماعة (2) .
وابنة رسول الله- عليه السلام- هذه هي زينب زوج أبي العاص وهي أكبر بناته، وهو مصرح به في لفظ لمسلم، عن أم عطية، قالت: " لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا- عليه السلام-: " اغسلنها" الحديث. هذا هو أكثر المروي، وذكر بعض أهل السير أنها أم كلثوم وقد ذكره أبو داود فيما بعد، وفي إسناده مقال، وكذا في " مسند أحمد" و "تاريخ البخاري الوسط" أنها أم كلثوم، أخرجوه عن ابن إسحاق، حدثني نوح بن حكيم الثقفي، عن رجل من بني عروة بن مسعود الثقفي، يقال له: داود قد ولدته أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي- عليه السلام- عن ليلى بنت قانف الثقفية، قالت: " كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله الحِقَا، ثم الدرع، ثم الخمار، ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر، قالت: ورسول الله جالس عند الباب معه كفنها يناولها ثوبا ثوبا" انتهى. قال المنذري: فيه محمد بن إسحاق، وفيه من ليس بمشهور، والصحيح/ أن هذه القصة في زينب، لأن أم كلثوم توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم غائب ببدر، وقال ابن القطان في "كتابه": ونوح بن حكيم رجل مجهول، لم تثبت عدالته، وأما الرجل الذي يقال له: داود فلا يُدرَى من هو؟ فإن داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي رجل معروف. يروي عن: عثمان بن أبي العاص، وابن عمر، وسعيد بن
__________
(1) السنن الكبرى (3/ 405) .
(2) انظر: نصب الراية (1/ 257، 258) .

(6/72)


المسيب. وروى عنه: ابن جريج، ويعقوب بن عطاء، وقيس بن سعد، وغيرهم، وهو مكي ثقة، قاله أبو زرعة، ولا نجزم القول بأنه هو، وموجب التوقف في ذلك أنه وصف في الإسناد بأنه ولدته أم حبيبة، وأم حبيبة إنما كان لها بنت واحدة قدمت بها من أرض الحبشة، ولدتها من زوجها عبيد الله بن جحش بن رئاب المتدين (1) بدين النصرانية المتوفى هناك، واسم هذه البنت: حبيبة، فلو كان زوج حبيبة هذه أبو عاصم بن عروة بن مسعود أمكن أن يقال: إن داود المذكور ابنه منها، فهو حفيد لأم حبيبة، وهذا شيء لم ينقل، بل المنقول خلافه، وهو أن زوج حبيبة هذه هو: داود بن عروة بن مسعود، كذا قال أبو علي بن السكن وغيره، فداود الذي لأم حبيبة عليه ولادة، ليس داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود، إذ ليس أبو عاصم زوجا لحبيبة، ولا هو بداود بن عروة بن مسعود الذي هو زوج حبيبة، فإنه لا ولادة لأم حبيبة عليه، والله أعلم من هو، فالحديث من أجله ضعيف، انتهى (2) . ثم اعلم أن زينب- رضي الله عنها- توفيت في سنة ثمان، قاله الواقدي، وقال قتادة: عن ابن حزم في أول سنة ثمان، وذكر حماد بن سلمي، عن هشام بن عروة، عن أبيه" أنها لما هاجرت دفعها رجل، فوقعت على صخرة، فأسقطت حملها، ثم لم يزل وجعها حتى ماتت، فكانوا يرونها ماتت شهيدة".
1578- ص- نا أحمد بن عبدة، وأبو كامل بمعنى الإسناد، أن يزيد بن زريع حدثهم، قال: نا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن حفصة أخته، عن أم عطية، قالت:" مَشطناهَا ثَلاثة قُرون لما (3) .
__________
(1) في نصب الراية: " المفتي ".
(2) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
(3) مسلم: كتاب الجنائز، باب: في غسل الميت (939) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: الكافور في غسل الميت (4/ 32) .

(6/73)


ش- أبو كامل فضيل الجحدري، وأيوب السختياني، وحفصة بنت سيرين أخت محمد بن سيرين.
قوله: " مشطناها " أي: ضفرنا شعر رأسها ثلاثة قرون، والضمير يرجع إلى بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرون جمع قرن وهو الضفيرة (1) ، ويستفاد من هذا استحباب جعل شعر الميتة ثلاث ضفائر (2) ، والحديث أخرجه الجماعة.
1579- ص- نا محمد بن المثنى، نا عبد الأعلى، نا هشام، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية، قالت: " وَضَفرنا رأسها ثلاثة قرون، ثم ألقيناهَا خَلفَها مُقَدَّم رأسِها وقرنيْها " (3) .
ش- عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، وهشام بن حسان.
قوله: " وضفرنا " من الضفر، وهو نسج الشعر وغيره عريضا، والتضفير مثله، والضفيرة: العقيدة، يقال: ضفرت المرأة شعرها، ولها ضفيرتان، وضفران أيضا، أي: عقيصتان.
قوله: "مقدم رأسها، وقرنيها " بدل من قوله: " ثلاثة قرون " أو بيان عنها، والمعنى ضفرنا شعر رأسها ثلاث ضفائر، ضفيرة من مقدم رأسها، وضفيرتان من قرني رأسها، وقرن الرأس: ناحيتها وجانبها، ويدل على ما فسرنا رواية مسلم: " فضفرنا شعرها ثلاثة قرون: قرنيها، وناصيتها " والناصية مقدم الرأس.
وروى ابن أبي شيبة: حدثنا حفص، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال: كان يقول: " إذا اغتسلت المرأة ذُوِّبَ شعرها ثلاث ذوائب، ثم جعل خلفها" (4) .
__________
(1) في الأصل: " الظفيرة".
(2) في الأصل: "ظفائر".
(3) البخاري: كتاب الجنائز، باب: يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون (1262) .
(4) بياض في الأصل قدر سطرين ونصف.

(6/74)


1580- ص- نا أبو كامل، نا إسماعيل، نا خالد، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهن في غسل ابنته: "ابْدَأنَ بميامِنهَا، ومَوَاضع الوضوءِ منها " (1) .
ش- أبو كامل الجحدري، وإسماعيل ابن علية، وخالد الحذاء.
قوله: "لهن" أي: للنساء اللاتي غسلن ابنة النبي- عليه السلام-.
قوله: "ابدأن" بالهمزة من بدأ، وفي بعض الرواية: " أبدين" بدون
الهمزة، وتكون قد سقطت لأجل التخفيف، والتليين، والميامن جمع
ميمنة بمعنى أيمن، ومواضع الوضوء: اليدان، والوجه، والرأس، والرجلان، والحديث أخرجه الجماعة.
1581- ص- نا محمد بن عبيد، نا حماد، عن أيوب، عن محمد،
عن أم عطية بمعنى حديث مالك، زاد في حديث حفصة، عن أم عطية (2)
نحو هذا، وزادت فيه: "أو سبعا، أو أكثر من ذلك إن رأيتنَه " (3) .
ش- محمد بن عبيد بن الحساب الغُبَري، وحماد بن زيد،
وأيوب السختياني، ومحمد بن سيرين، وهذه الرواية أخرجها:
البخاري، ومسلم، والنسائي، ويستفاد منها استحباب الإيتار بالزيادة على
السبعة، لأن ذلك أبلغ في التنظيف، وأما الإيتار فلما روى البزار في
" مسنده ": حدثنا يحيى بن ورد بن عبد الله، ثنا أبي، ثنا عدي بن الفضل، ثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: "إن الله وتر يحب الوتر ".
1582- ص ص- نا هدبة بن خالد، نا همام، نا قتادة، عن محمد بن
__________
(1) انظر الحديث رقم (1577) .
(2) في سنن أبي داود: "بنحو هذا".
(3) انظر الحديث رقم (1577) .

(6/75)


سيرين " أنه كان يأخذُ الغُسلَ عن أم عطية، يغسلُ بالسدرِ مرتين، والثالثة بالماءِ والكافور" (1) .
ش- همام بن يحيي، وإسناد هذا الحديث على شرط البخاري، ومسلم، وأخرج الحاكم، عن صدقة بن موسى، ثنا سعيد الجريري، عن عبد الله بن شريدة، عن عبد الله بن مغفل، قال: " إذا أنا مت فاجعلوا في آخر غسلي كافورا وكفنوني في بردين وقميص، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فُعِل به ذلك".
30- باب: في الكفن
أي: هذا باب في بيان أحكام كفن الميت.
1583- ص- نا أحمد بن حنبل، نا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، عن أبي الزبير، أنه سمن جابر بن عبد الله يحدث " عن النبي- عليه السلام- أنه خَطبَ يوما، فذكر رجلا من أصحابِهِ قُبضَ فَكُفنَ في كفَنٍ غيرِ طائل، وقُبِرَ ليلا، فَزجَر النبي- عليه السلام- أن يُقبَرَ الرجلُ بالليلِ حتى يُصَلى عليه إلا أن يُضطرَ إنسان إلى ذلك، وقال النبي- عليه السلام-: إذا كَفنَ أحدُكم أخاه فَليُحْسِنْ كَفَنَهُ " (2) .
ش- عبد الرزاق بن همام، وعبد الملك بن جريج، وأبو الزبير محمد ابن مسلم المكي.
قوله: "غير طائل" يقال: هذا أمر لا طائل فيه إذا لم يكن فيه غناء
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) مسلم: كتاب الجنائز، باب: في تحسين الكفن (943) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: الأمر بتحسين الكفن (4/ 32) .

(6/76)


ومزية، يقال ذلك في التذكير والتأنيث، ولا يتكلم به إلا في الجَحْدِ،
وذكره الجوهري في باب الطول، فدل على أن أصله واوي.
قوله: " وقبر ليلاً" أي: دفن بالليل، يقال: قبر، إذا دفن، وأقبر،
إذا جعل له قبر.
قوله: " أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه " قال النووي: المنهي عنه
الدفن قبل الصلاة.
قلت: الدفن قبل الصلاة منهي عنه مطلقا سواء كان بالليل أو بالنهار،
والظاهر أنه نهي عن الدفن بالليل، ولو كان بعد الصلاة، يؤيد ذلك ما
رواه ابن ماجه في" سننه": حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، ثنا وكيع،
عن إبراهيم بن يزيد المكي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا". وكذلك
معنى هذا الحديث الذي أخرجه: أبو داود، ومسلم أيضا في " صحيحه "
" زجر النبي- عليه السلام- أن يقبر الرجل- أي: يدفن بالليل- حتى
يصلى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك" يعني لا يكره الدفن بالليل
عند الضرورة، لأن الضرورات تبيح المحظورات، ولكن شكل على هذا
أن الخلفاء الأربعة دفنوا ليلا، وروى البخاري أيضاً عن عائشة- رضي
الله عنها- أن أبا بكر- رضي الله عنه- قال لها: " في كم كفن النبي
- عليه السلام-؟، إلى أن قالت: "فلم يتوب حتى أمسى من ليلة
الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح". وروى أبو داود، عن جابر، قال:
"رأى ناس في المقبرة نارا ثم الحديث (1) ، ويذكر عن قريب إن شاء الله
تعالى، وفي " المغازي " للواقدي، عن عمرة، عن عائشة- رضي الله
عنها- قالت: " ما علمنا/ بدفن النبي- عليه السلام- حتى سمعنا، صوت المساحي في السحر ليلة الثلاثاء". وفي رواية الإمام أحمد: "دفن ليلة الأربعاء".
وأخرج البخاري، عن ابن عباس قال: "مات إنسان
كان النبي- عليه السلام- يعوده، فمات بالليل، فدفنوه ليلا، فلما
أصبح أخبروه بذلك، فقال: ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا: كان الليل
__________
(1) يأتي برقم (1599) .

(6/77)


والظلمة فكرهنا أن نشق عليك، فأتى قبره، فصلى عليه، فصففنا خلفه " قال ابن عباس: "وأنا فيهم ".
قلت: يمكن التوفيق بين هذه الأخبار بأن يكون- عليه السلام- نهى
عن ذلك أولا، ثم رخصه، فافهم.
قوله: " فليحسن كفنه" فيه من الفقه استحباب تكفين الميت بالثياب الحسنة، والحديث أخرجه: مسلم، والنسائي، وأخرج الترمذي، وابن ماجه من حديث أبي قتادة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه ".
1584- ص- نا أحمد بن حنبل، نا الوليد بن مسلم، نا الأوزاعي، نا الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: " أدرجَ رسولُ اللهِ- عليه السلام- في ثوبٍ واحدٍ حِبَرةٍ (1) ، ثم أُخِّرَ عنه " (2) .
ش- الحبرة بكسر الحاء المهملة، وفتح الباء، هو برد يمان، يقال: برد كبير، وبرد حبرة على الوصف والإضافة، والجمع حبر، وحبرات.
قوله: "ثم أخر عنه " أي: ثم أخر الثوب عن رسول الله- عليه السلام- والحديث رواه أحمد، والنسائي، وفيه قال القاسم: "إن بقايا ذلك الثوب لعندنا بعد" وعن عائشة- رضي الله عنها-: " كفن رسول الله في برد حجرة كانت لعبد الله بن أبي بكر، ولف فيها ثم نزعت عنه، فكان عبد الله بن أبي بكر قد أمسك تلك الحلة لنفسه حتى يكفن فيها إذا مات، ثم قال بعد أن أمسكها: ما كنت أمسك لنفسي شيئا منع الله رسوله أن يكفن فيه، فتصدق بثمنها عبد الله".
__________
(1) في سنن أبي داود: " في ثوب حبرة ".
(2) النسائي: كتاب الجنائز، باب: كفن النبي صلى الله عليه وسلم (4/ 35) ، وفي (الكبرى) : كتاب الوفاة عن محمد بن المثنى، ومجاهد بن موسى- فرقهما- ثلاثتهم،
عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري به.

(6/78)


فإن قيل: ما الحكمة في أنهم أدرجوا رسول الله في ذلك الثوب الحبرة، ثم أخروه عنه؟ قلت: لعلهم استقلوا هذا في حقه- عليه السلام- أو ما استطابوا فكفنوه في ثلاثة أثواب بيض سحولية، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب يمينية، ليس فيها قميص، ولا عمامة، فقلنا لعائشة: إنهم يزعمون أنه كفن في برد حبرة، فقالت: قد جاءوه ببرد حيرة، ولم يكفنوه فيه".
وجواب آخر وهو أنه يمكن أن يكون إدراجهم رسول الله فيه، ثم تأخيرهم إياه عنه لأجل التنشيف بعد الغسل، فكان ذلك كالمنشفة، فلما نشفوه به أخروه عنه، ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض.
1585- ص- نا الحسن بن الصباح، نا إسماعيل- يعني: ابن عبد الكريم- حدثني إبراهيم بن عقيل، عن أبيه، عن وهب- يعني: ابن منبه- عن جابر- رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا تُوفيَ أحدُكم فوجد شيئاً فليكفّنْ في ثوبٍ حِبَرةٍ " (1) .
ش- إبراهيم بن عقيل بن معقل بن منبه بن كامل بن سيج اليماني الصنعاني. روى عن: وهب بن منبه. روى عنه: أحمد بن حنبل، وزيد بن المبارك، وإسماعيل بن عبد الكريم، قال أحمد بن عبد الله: هو يماني ثقة، وقال ابن معين: لم يكن به بأس. روى له: أبو داود (2) . وعقيل بن معقل اليماني ابن أخي وهب. سمع عمه وهبا. روى عنه: هشام بن يوسف الصنعاني، وعبد الرزاق، وابنه إبراهيم بن عقيل، قال ابن معين: ثقة. روى له: أبو داود (3) . والحديث محمول على حالة
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/ 215) . (3) المصدر السابق (20/ 4000) .

(6/79)


الضرورة، فإن الثوب الواحد كاف فيها، وفي حالة اليسار السنة ثلاثة أثواب في حق الرجال، وخمسة في حق النساء- كما هو المذكور في كتب الفقه والحديث-.
1586- ص- نا أحمد بن حنبل، نا يحيى بن سعيد، عن هشام، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرتني عائشة- رضي الله عنها- قالت: "كُفِّنَ رسول الله- عليه السلام- في ثلاثة أثواب ثمانية بيضٍ، ليس فيها قميص، ولا عمامة " (1)
.َ
ش- هشام بن عروة بن الزبير- رضي الله عنهم- وبالحديث استدل الشافعي- رضي الله عنه- أن السنة في الكفن أن يكون لفائف بلا قميص ولا عمامة، وعند مالك السنة العمامة أيضاً / وهو يحملُ الحديث على أنه ليس بمعدود، بل يحتمل أن تكون الثلاثة الأثواب بزيادة على القميص والعمامة، ولأصحابنا ما أخرجه ابن عدي في "الكامل" (2) ، عن ناصح بن عبد الله الكوفي، عن سماك، عن جابر بن سمرة، قال: "كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب: قميص، وإزار، ولفافة".
وما رواه أبو داود، عن ابن عباس، قال: " كفن رسول الله في ثلاثة أثواب: قميصه الذي مات فيه " الحديث، ويأتي عن قريب (3) .
وما رواه محمد بن الحسن في كتاب "الآثار" (4) : أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي: "أن النبي- عليه السلام- كفن في حلة يمينية، وقميص ". وأخرجه عبد الرزاق في
__________
(1) البخاري: كتاب الجنائز، باب: الثياب البيض للكفن (1264) ، مسلم: كتاب الجنائز، باب: في كفن الميت (941) ، الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم (996) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: كفن النبي صلى الله عليه وسلم (35/4) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم (1469) .
(2) (303/8- 304) ترجمة ناصح بن عبد الله.
(3) يأتي برقم (1588) .
(4) (ص 39) باب: غسل الميت.

(6/80)


"مصنفه"، وأخرج عن الحسن نحوه، وقال أبو عبيد: "الحلة: إزار، ورداء، ولا تكون الحلة إلا من ثوبين". وحديث عائشة أخرجه: الجماعة، والإمام أحمد. وروى أحمد، عن عائشة: "أن رسول الله - عليه السلام- كفن في ثلاثة رِياط يمانية". وانفرد به أحمد، وعن ابن عباس- رضي الله عنهما-:"كفن رسول الله- عليه السلام- في ثوبين أبيضين وبرد أحمر" رواه أحمد، وانفرد به، وعن أبي هريرة، قال: " كفن رسول الله- عليه السلام- في ريطتين وبرد نجراني ". رواه أبو سعيد بن الأعرابي، وفي رواية: "كفن رسول الله في ثلاثة أثواب ليس فيها: قميص، ولا قباء، ولا عمامة" رواه ابن عساكر.
الريطة- بكسر الراء- كل مُلاءة ليست بِلِفْقَيْنِ، وقيل: كل ثوب رقيق لين، والجمع ريط، ورياط.
1587- ص- نا قتيبة بن سعيد، نا حفصة بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة- رضي الله عنها- مثله، زاد: "من كُرْسف " قال: "فذكر لعائشة قولهم: ثوبين (1) ، وبرد حِبَرة، فقالت: قد أُتي بالبرد ولكنهم ردوه، ولم يكفنوه فيه " (2) .
ش- أي: مثل الحديث المذكور زاد فيه بعد قوله: " ثمانية بيض من كرسف" والكرسف بضم الكاف القطن، وأخرجه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: صحيح، ورواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"، وزاد فيه: قالت:" فأما الحلة فإنها شبهت على الناس، لأنها اشتريت ليكفن بها، فلم يكفن فيها، وكفن في ثلاثة أثواب، فأخذ الحلة عبد الله بن أبي بكر، فقال: أجعلها كفني، ثم قال: لو رضيها الله لرضيها لرسوله، فباعها، وتصدق بثمنها".
__________
(1) في سنن أبي داود: "في ثوبين ".
(2) الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم (996) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: كفن النبي صلى الله عليه وسلم (4/ 36) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم (1469) .
6. شرح صنف أبي داوود 6

(6/81)


1588- ص- نا أحمد بن حنبل، وعثمان بن أبي شيبة، قالا: نا ابن إدريس، عن يزيد- يعني: ابن أي زياد- عن مقسم، عن ابن عباس، قال: " كُفِّن رسولُ الله في ثلاثةِ أثواب نَجْرانية: الحلةُ ثوبانُ، وقميصُه الذي مات فيه". قال عثماَن (1) : " في ثًلاثة أثوًاب: حلة حمراءُ، وقميصُه الذي مات فيه " (2) .
ش- عبد الله بن إدريس الكوفي، ومقسم بن بُجْرة مولى عبد الله بن الحارث.
قوله: " نجرانية " نسبة إلى نجران بفتح النون، وسكون الجيم، بُليدة في أيمن.
قوله: " حلة حمراء " بالرفع، أي: اْحدها حلة حمراء، وقميصه عطف عليه، ويجور الجر فيهما على أن يكون بدلا من الأثواب، وهذا الحديث من جملة الأحاديث التي استدلت بها أصحابنا على أن السنة أن يكون في الكفن قميص، والحديث أخرجه: ابن ماجه، والإمام الحمد، وقد ضعف بعضهم هذا الحديث ويزيد بن أبي زياد، وقالوا: لا يحتج بحديثه.
قلت: هذا غير مسلم، فإن مسلما قد أخرج له في المتابعات وقال في
" الكمال ". روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي.
1589- ص- (3) نا محمد بن عبيد المحاربي، قال: نا عمرو بن هاشم، أبو مالك الجندي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "لا تُغال لي في كفن، فإني سمعتُ رسولَ الله - عليه السلام- يقول: لا تُغالُوا في الكفَن، فإنه يُسلَبُهُ سَلبا سريعاً" (4) .
__________
(1) في سنن أبي داود:" قال أبو داود: قال عثمان".
(2) ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم (1471) . (3) في سنن أبي داود هذا الحديث تحت باب " كراهية المغالاة في الكفن ". (4) تفرد به أبو داود.

(6/82)


ش- عمرو بن هاشم أبو مالك الجندي الكوفي. روى عن: إسماعيل ابن أبي خالد، ومحمد بن إسحاق، وحجاج بن أرطأة. روى عنه: محمد بن عبيد الطنافسي، ويحيى بن معين، وعبد الله بن وضاح، قال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: لين الحديث يكتب (1) حديثه. وقال أحمد بن حنبل: هو صدوق، ولم يكن صاحب حديث. قال ابن عدي: هو صدوق- إن شاء الله تعالى- روى له: أبو داود / والنسائي (2) ، وعامر الشعبي.
قوله: " لا تغال " من المغالاة وهي مجاوزة القدر، والمعنى لا تبالغ، وأصل الغلاء الارتفاع، ومجاوزة القدر في كل شيء يقال: غاليت الشيء وبالشيء، وغلوت فيه أغلو إذا جاوزت فيه الحد.
قوله: "فإنه يسلبه سلبا " أي: فإن الشأن يسلب الميت الكفن، والمعنى يبلى عليه ويقطع، ولا يبقى، ولا ينتفع به الميت، فلا يحتاج إلى المغالاة فيه، ولا يعارض هذا قوله- عليه السلام-: " إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه " (3) لأن إحسان الكفن يحصل بدون المغالاة.
1590 ص- نا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن خباب، قال: (مُصعب بن عُمَير قُتلَ يومَ أحد، ولم يكن له إلا نمرة كنا إذا غَطينا بها رأسه خرجتا (4) رِجلاه وإذا (5) غطينا رِجليه خرجَ رأسُه فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: غطوا بها رأسه، واجعلوا على رِجليه من (6) الإذخر" (7) .
__________
(1) في الأصل: " كتب".
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/ 4462) . (3) تقدم قريبا.
(4) في سنن أبي داود: " خرجا رجلاه".
(5) في سنن أبي داود: " كنا إذا غطينا رأسه خرج رجلاه، د إذا غطينا رجليه خرج رأسه".
(6) في سنن أبي داود: " على رجليه شيئاً"
(7) البخاري: كتاب الجنائز، باب: إذا لم يجد كفنا ألا ما يواري رأسه (1276) ، مسلم: كتاب الجنائز 6 باب: في كفن الميت (0 94) ،=

(6/83)


ش- سفيان الثوري، وسليمان الأعمش، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وخباب بن الأرت.
قوله: " مصعب بن عمير" بضم العين، وفتح الميم، قتله ابن قميئة الليثي في غزوة أحد في شوال سنة ثلاث.
قوله: "نمرة" بفتح النون، وكسر الميم، وهي شملة مخططة من مآثر الأعراب، وجمعها نمار بالفتح كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض، وهي من الصفات الغالبة.
قوله: " خرجتا رجلاه " من قبيل أكلوني البراغيث، والقياس خرجت رجلاه، لأن الفعل إذا أسند إلى الظاهر لا يثنى ولا يجمع- كما عرف في موضعه-.
قوله: "من الإذخر" الإذخر- بكسر الهمزة- نبت طيب الرائحة يسقف به البيوت فوق الخشب، وهمزتها زائدة، وإنما أورد أبو داود هذا الحديث في كراهية المغالاة في الكفن، ولكن هذا محمول على الضرورة، فإن في غير الضرورة لا يفعل هكذا، وفيه من الفائدة أن الكفن إذا لم يستر الميت لقلته يغطى وجهه، ومن ناحية رأسه، فما بقي مكشوفا يغطى بحشيش ونحوه، والأولى الإذخر إن وجد، وإلا فغيره، والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
1591- ص- نا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، حدثني هشام بن سعد، عن حاتم بن أبى نصر، عن عبادة بن نُسَي، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت، عن رسول الله- عليه السلام- قال: "خَيرُ الكفنِ الحُلةُ، وخَيرُ الأضحية الكبشُ الأقرنُ" (1) .
__________
= الترمذي: كتاب المناقب، باب: مناقب مصعب بن عمير رضي الله عنه (3853) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: القميص في الكفن (38/4) .
(1) ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء فيما يستحب من الكفن (1473) .

(6/84)


ش- عبد الله بن وهب، ونسي بضم النون، وفتح السين لمهملة، والد عبادة. روى عن: عبادة بن الصامت. روى عنه: ابنه عبادة. روى له: أبو داود، وابن ماجه.
قوله: " الحلة " قد مر غير مرة أن الحلة ثوبان، والأقرن كبش ذو قرن، وأورد أبو داود هذا الحديث في كراهية المغالاة في الكفن أيضا، ولكن قوله: "خير الكفن الحلة " لا يقتضي كراهية الثلاثة، لما ثبت من الأحاديث الصحاح أنه- عليه السلام- كفن في ثلاثة أثواب، والحديث أخرجه ابن ماجه مقتصرا منه على ذكر الكفن، ومما يناسب هذا الباب ما روى ابن حبان فيه صحيحه، من حديث الفضل بن العباس " أن النبي - عليه السلام- كفن في ثوبين سحوليين "، وأخرج ابن عدي في "الكامل " (1) ، عن قيس بن الربيع، عن شعبة، عن أبي حمزة، عن ابن عباس "أن النبي- عليه السلام- كفن في قطيفة حمراء" (2) ، وذكره عبد الحق في "أحكامه " من جهة ابن عدي، وقال: قيس بن الربيع لا يحتج به. والصحيح ما رواه مسلم، عن بندر، ووكيع، ويحي بن سعيد، عن شعبة به: " أن النبي- عليه السلام- جعل في قبره قطيفة حمراء" قال ابن القطان في " كتابه": أخاف أن يكون تصحف على بعض رواة كتاب " الكامل " لفظ "دفن " بـ "كفن ". وروى الإمام أحمد بن حنبل في كتاب " الزهد ": حدثنا يزيد بن هارون، أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي مولى مصعب بن الزبير (3) ، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: " لما احتضر أبو بكر - رضي الله عنه- مثلت بهذا البيت:
__________
(1) (7/ 166) ترجمة قيس بن الربيع.
(2) انظره في: نصب الراية (2/ 262) .
(3) في الأصل: " الزبير بن العوام " خطأ، وانظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6 1/ 3677) .

(6/85)


أعاذل ما يُغني الحِذارُ عن الفتى ... إذا حَشْرجتْ يوما وضاقَ بها الصدرُ
فقال لها: يا بني (1) ليس كذلك، ولكن قولي "وَجَاءَتْ سكْرةُ المَوْت بالحَق ذَلكَ ما كُنتَ منْهُ تَحيدُ" (2) ثم قال: انظروا ثوبي هذين فاغسلوَهَما، ثم كفنوني فيهماَ، فإن الحي أحوج إلى الجديد منهما". وروى عبد الرزاق في "مصنفه": أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال أبو بكر لثوبيه الذي كان يمرض فيهما: " اغسلوهما، وكفنوني فيهما، فقالت عائشة: ألا نشتري لك جديداً؟ قال: لا، إن الحي أحوج إلى الجديد من الميت". وقد رُوي ما يخالف الأحاديث المتقدمة، وهو ما رواه ابن أبي شيبة في
" مصنفه"، والبحار في " مسنده"، عن حماد بن سلمة، عن عبد الله ابن محمد بن عقيل، عن محمد ابن الحنفية، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-: " أن النبي- عليه السلام- كفن في سبعة أثواب" قال الجزار: لا نعلم أحدا تابع ابن عقيل عليه، ولا نعلم رواه عنه غير حماد بن سلمة. ورواه ابن عدي في " الكامل" (3) ، وأعله بابن عقيل، وضعفه عن ابن معين فقط، ولينه هو، وقال: روى عنه جماعة من الثقات، وهو ممن يكتب حديثه، ورواه ابن حبان في كتاب " الضعفاء "، وأعله أيضا بابن عقيل، وقال: إنه كان رديء الحفظ، فيأتي بالحديث على غير وجهه، فلما كثر ذلك في رواياته استحق المجانبة، ولكنه كان من سادات الناس.
__________
(1) كذا، والجادة: " بنية،.
(2) سورة ق: (19) .
(3) (209/5) ترجمة عبد الله بن محمد بن عقيل.

(6/86)


31- باب: في كفن المرأة
أي: هذا باب في بيان كفن المرأة.
1592- ص- نا أحمد بن حنبل، نا يعقوب بن إبراهيم، نا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني نوح بن حكيم الثقفي، وكان قارئا للقرآن، عن رجل من بني عروة بن مسعود، يقال له: داود، قد ولدته أم حبيبة بنت أبي سفيان، زوج النبي- عليه السلام- عن ليلى بنت قانف الوقفية، قالت:" كنت فيمنْ غَسلَ أم كلثوم ابنة (1) رسول الله- عليه السلام- عندَ وفاتها، فكان أولُ ما أعطانا رسولُ الله- عليه السلَام- الحقَا، ثم الدرعَ، ثم الخَمارَ، ثم الملحَفةَ، ثم أدرِجتْ بعدُ في الثوبِ الآخرِ، قالت: ورسولُ اللهِ جالسَ عندَ الباَبِ معه كفنُها، يناولناها ثوباً ثوبا " (2) .
ش- يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، قد ذكر هو وأبوه غير مرة، ومحمد بن إسحاق بن يسار.
ونوح بن حكيم الثقفي، روى عن داود المذكور في الحديث. روى عنه: ابن إسحاق. روى له: أبو داود، والترمذي (3) .
وليلى بنت قانف الثقفية. روى لها: أبو داود فقط (4) ، و (قانف " بالقاف في أوله، وبعد الألف نون، ثم فاء.
قوله: "الحقا" بكسر الحاء المهملة مقصور، ولعله لغة في الحقو وهو الإزار، قالَ المنذري: في هذا الحديث محمد بن إسحاق ومن ليس بمشهور، وقد تقدم الكلام على هذا الحديث مستوفى في باب غسل الميت.، ""
__________
(1) في سنن أبي داود: تبنت،.
(2) تفرد به أبو داود.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/ 6489) .
(4) المصدر السابق (35/ 7925) .

(6/87)


32- باب: المسك للميت
أي: هذا باب في بيان المسك للميت.
1593- ص- نا مسلم بن إبراهيم، نا المستمر بن الريان، عن أي نضرة عن أبي سعيد، قال: قال
r " أطيبُ طِيِكُمُ المِسكُ " (1) .
ش- المستمر بتخفيف الراء قد ذكر مرة، وأبو نضرة منذر بن مالك، وأبو سعيد الخدري، والحديث أخرجه: مسلم في كتاب "الطب"، والنسائي في كتاب" الجنائز " كما أخرجه أبو داود في كتاب " الجنائز "، وقال بعضهم (2) : لم أعرف مطابقته للباب.
قلت: مطابقته أن المسك لما كان أطيب الطيب، وكانت السنة في الميت أن يطيب، فكان أولى بأطيب الطيب لأنه تحضره الملائكة، كما ذكرنا ما رواه عبد الرزاق في " مصنفه "، عن سلمان " أنه استودع امرأته مسكا"، فقال: إذا مت فطيبوني به، فإنه يحضرني خلق من خلق الله، لا ينالون من الطعام والشراب، يجدون الريح". وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن مبارك، عن حميد، عن أنس: " أنه جعل في حنوطه صرة من مسك، أو مسك فيه شعر من شعر رسول الله- عليه السلام-" (3) .
وقال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن عاصم، عن ابن سيرين، قال: "سئل ابن عمر عن المسك يجعل في الحنوط؟ قال: أو ليس أطيب طيبكم " (3) .
في أي في
__________
(1) مسلم: كتاب الألفاظ في الأدب وغيرها، باب: استعمال المسك (2252) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: المسك (4/ 39) .
(2) يقصد الحافظ الزيلعي كما في نصب الراية (2/ 260) .
(3) المصنف (256/3) .

(6/88)


33- باب: تعجيل الجنازة
أي: هذا باب في بيان تعجيل الجنازة وكراهية حبسها.
1594- ص- نا عبد الرحيم بن مطرف،/ الرؤاسي أبو سفيان، 201/21- وأحمد بن جناب، قالا: نا عيسى (1) وهو ابن يونس، عن سعيد بن عثمان
البلوي، عن عزرة، وقال عبد الرحيم: عروة بن سعيد الأنصاري، عن أبيه
عن الحصين بن وحوح، أن طلحة بن البراء مرض، فأتاه النبي
r يعوده،
فقال: " إِني لا أرى طلحة إلا قد حَدثَ به الموتُ، فآذنوني به، وعَجلُوا،
فإنه لا ينبغي لجيفةِ مُسلمِ أن تُحبسَ بين ظهْراني أهلِهِ" (2) .
ش- عبد الرحيم بن مطرف بن أنيس بن قدامه بن عبد الرحمن
أبو سفيان الرؤاسي الكوفي، ابن عم وكيع بن الجراح، روى عن عيسى
ابن يونس وغيره. روى عنه: أبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم،
والنسائي عن رجل عنه، سئل أبو حاتم عنه فقال: ثقة، مات سنة اثنتين
وثلاثين ومائتين 3) .
وأحمد بن جناب- بالجيم والنون المشددة- ابن المغيرة المصيصي
أبو الوليد، أصله بغدادي، سمع عيسى بن يونس. روى عنه: أحمد
ابن حنبل، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومسلم، وأبو داود، والنسائي عن
رجل عنه (4) . وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.
وسعيد بن عثمان البلوي، روى عن عروة، أو عزرة بن محمد،
وجدته أنيسة بنت عدي. روى عنه: عيسى بن يونس. روى له:
أبو داود (5) .
وعزرة بفتح العين المهملة، وسكون الزاي، وفتح الراء، ويقال:
__________
(1) في سنن أبي داود: " قال أبو داود: وهو ابن يونس.
(2) تفرد به أبو داود.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال ينا/ 3409) .
(4) المصدر السابق (1/ 0 2) .
(5) المصدر السابق (1 1/ 2326) .

(6/89)


عُروة بضم العين، وسكون الراء، وفتح الواو، ابن سعيد الأنصاري، روى عن أبيه، عن الحصن بن وحوح. روى عنه: سعيد بن عثمان. روى له: أبو داود (1) .
وسعيد والد عروة. روى له: أبو داود.
والحصين: بضم الحاء، وفتح الصاد المهملة- ابن وَحوَح، بواوين مفتوحين، وحاءين مهملتين أولاهما ساكنة، وهو أنصاري، وله صحبة، قيل: إنه مات بالقديد. روى له: أبو داود (2) .
قوله: " فآذنوني " أي: أعلموني من الإيذان، وهو الإعلام.
قوله: "فإنه " أي: فإن الشأن.
قوله: " بين ظهراني أهله " بفتح الظاء، يقال: من ظهرانيهم ومن أظهرهم، والمعنى: بينهم على سبيل الاستظهار، والاستناد إليهم، وزيدت الألف والنون المفتوحة في ظهرانيهم للتأكيد، وقد تكرر هذا المعنى في الكتاب، وفيه من الفقه استحباب تعجيل الميت في إخراجه وتجهيزه، واستحباب الإعلام للائمة بموت الميت ليحضروا الصلاة عليه، وقال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم روى هذا الحديث غير سعيد بن عثمان البلوي، وهو غريب.
34- باب: في الغُسل من غَسل الميت
أي: هذا باب في بيان الغسل من غسل الميت، فالغسل الأول بضم الغين والثاني بفتحها.
1595- ص- نا عثمان بن أبي شيبة، نا محمد بن بشر، نا زكريا، نا مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب العنزي، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة- رضي الله عنها- أنها حدثته: " أن النبي- عليه السلام-
__________
(1) المصدر السابق (20/ 3906) .
(2) المصدر السابق (6/ 1377) .

(6/90)


كان يَغتسلُ من أربعٍ: من الجنابة، ويومَ الجمعةِ، ومن الحِجَامةِ، وغسلِ
الميتِ " (1) .
ش- زكريا بن أبي زائدة، وقال أبو داود: حديث مصعب، يعني
هذا الحديث، فيه خصال ليس العمل عليه.
قلت: الخصال هي: الاغتسال من الحجامة، والاغتسال من غسل
الميت، ويمكن أن يكون هذا على سبيل الاستحباب لقصد النظافة، أو
يكون منسوخا، وقال أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني: لا يصح في
هذا الباب شيء.
1596- ص- نا أحمد بن صالح، نا ابن أبي فديك، حدثتني ابن
أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمِرو بن عمير، عن أبي هريرة
- رضي الله عنه- أن رسول الله
r قال: " منْ غَسلَ الميتَ فليغتسلْ، ومن
حَمَلَته فليتوضأ" (2) .
ش- محمد بن إسماعيل بن أبي فديك دينار، ومحمد بن عبد الرحمن
ابن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب هشام.
والقاسم بن عباس- بالباء الموحدة، والسين المهملة- بن محمد بن
مُعتّب (3) 5..
بن أبي لهب الهاشمي المدني، روى عن نافع بن جبير بن
مطعم، وعبد الله بن عمير، وعبد الله بن نيار، وغيرهم. روى عنه:
ابن أبي ذئب، قال يحيى بن معين: هو ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس
به. روي له: مسلم، وأبو داود، والترمذي (4) .
وعَمْرو بن عُمَير بفتح العين، وسكون الميم في الابن/ وبضم العين 201/21 سب وفتح الميم في الأب. روى له: أبو داود.
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الغسل من غسل الميت (993) ،
ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في غسل الميت (1463) ".
(3) في الأصل: 5 عتبة، خطأ.
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (23/ 4796) .
(5) المصدر السابق (22/ 4420) .

(6/91)


وقال الخطابي (1) : " لا أعلم أحدا من الفقهاء يوجب الاغتسال من غسل الميت، ولا الوضوء من حمله، ويشبه أن يكون الأمر في ذلك على الاستحباب، وقد يحتمل أن يكون المعنى منه أن غاسل الميت لا يكاد يأمن أن يصيبه نضح من رشاش المغسول وربما كان على بدن الميت نجاسة، فإذا أصابه نضْحُه وهو لا يعلم مكانه كان عليه غسل جميع بدنه، ليكون الماء قد أتى على الموضع الذي أصابه النجس من بدنه، وقد قيل في معنى قوله: " فليتوضأ" أي: ليكن على وضوء ليتهيأ له الصلاة على الميت، والله أعلم. وفي إسناد هذا الحديث مقال".
وأخرجه الترمذي، وابن ماجه من حديث سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا فليغتسل" ولفظ الترمذي: " من غسله الغسل، ومن حمله الوضوء" يعني: الميت، وقال الترمذي: حديث حسن.
وقد روي عن أبي هريرة موقوفاً هذا آخر كلامه. وقد روي أيضا من حديث حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- وفي إسناده من لا يحتج به، وقد اختلف في إسناد هذا الحديث اختلافا كثيراً وقال محمد بن يحي: لا أعلم فيمن غسل ميتا فليغتسل حديثا ثابتاً ولو ثبت لزمنا استعماله، وقال الشافعي في " البويطي": إن صح الحديث قلت بوجوبه، والله أعلم.
1597- ص- نا حامد بن يحي، عن سفيان، عن سهيل بن أبى صالح،
عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه
السلام- بمعناه (2) .
ش- سفيان بن عيينة، وأبو صالح ذكوان السمان. وإسحاق المدني مولى زائدة أبو عبد الله، ويقال: أبو عمر، وقال عبد الرحمن: إسحاق بن عبد الله، سمع سعد بن أبي وقاص، وأبا هريرة، وأبا سعيد
__________
(1) معالم السنن (1/ 267) .
(2) تفرد به أبو داود.

(6/92)


الخدري. وروى عنه: أبو صالح الزيات، ويحي بن أبي كثير، وأسامة ابن زيد، وغيرهم، خلال ابن معين: ثقة. روى له: مسلم، وأبو داود (1) .
قوله: "بمعناه" أي: بمعنى الحديث المذكور.
ص- قال أبو داود: هذا منسوخ، سمعت أحمد بن حنبل سئل (2) عن الغُسل من غَسِل الميت، فقال: يجزئه الوضوء.
ش- أي: الحديث المذكور منسوخ، وليس عليه عمل، وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل عن الغُسل من غَسل الميت، فقال: يجزئه الوضوء، أي يكفيه الوضوء، وأشار بهذا أيضاَ إلى كون الحديث المذكور منسوخا، فإنه لو لم يكن منسوخا لما قال أحمد يجزئه الوضوء.
ص- قال: أدخل أبو صالح بينه وبين أبي هريرة في هذا إسحاق مولى زائدة.
ش- أي:قال أبو داود: أدخل أبو صالح ذكوان الزيات بينه وبن أبي هريرة في هذا الحديث إسحاق المدني مولى زائدة، وكأنه أشار بهذا إلى ضعف هذا الحديث، ولهذا قال الخطابي: "في إسناد هذا الحديث مقال ".
ص- وقال: وحديث مصعب فيه خصال ليس العمل عليه.
ش- أي: وقال أبو داود: وحديث مصعب بن شيبة المذكور في أول الباب، وقد مر الكلام فيه.
35- باب: في تقبيل الميت
أي: هذا باب في بيان حكم تقبيل الميت.
1598- ص- نا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن عاصم بن عبيد الله،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/ 396) .
(2) في سنن أبي داود: "وسثل".

(6/93)


عن القاسم، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: " رأيتُ رسولَ الله- عليه السلام- يُقبلُ عُثمانَ بن مَظعُونٍ وهو ميت، حتى رأيتُ الدموعَ تَسيل " (1) .
ش- سفيان الثوري، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
وعثمان بن مظعون، بالظاء المعجمة، الجمحي، أبو السائب أخو عبد الله وقدامة، من المهاجرين الأولين، ومن البدريين، وكان ممن خرج إلى الحبشة في رجب سنة خمس من البعثة، وكانوا أحد عشر رجلا وأربع نسوة، وقيل: كانوا اثني وثماني رجلا سوى نسائهم وأبنائهم، وقال ابن إسحاق: أول من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة عشرة أنفس، قال ابن هشام: وكان عليهم عثمان بن مظعون- رضي الله عنه- وكانت وفاته (2) / وفيه من الفقه جواز تقبيل الميت، وجواز البكاء عليه من غير صوت، والحديث أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وفي حديث ابن ماجه "على خديه ". وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال المنذري: وفي إسناده عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة.
36- باب: الدفن بالليل
أي: هذا باب في بيان حكم دفن الميت في الليل.
1599- ص- نا محمد بن حاتم بن بَزيع، نا أبو نعيم، عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرني جابر بن عبد الله، أو سمعت جابر بن عبد الله، قال: " رَأى ناس نارا في المَقْبَرَةِ، فأتوْها، فإذا رسولُ الله
__________
(1) الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في تقبيل الميت (989) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في تقبيل الميت (1456) .
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3/ 85) ، وأسد الغابة (3/ 598) ، والإصابة (2/ 464) .

(6/94)


صلى الله عليه السلام في القبر، وإذا هو يقولُ: ناولُوني صاحبَكُم، فإذا هو الرجلُ الذي كان يَرفعُ صوتَه بالذكرِ " (1) .
ش- أبو نعيم الفضل بن دكين.
ومحمد بن مسلم بن سنين الطائفي، يعد في المكيين، روى عن طاوس بن كيسان، وعمرو بن دينار، وابن جريج، وغيرهم. روى عنه: عبد الوهاب الثقفي، وأبو نعيم، وعبد الرزاق وغيرهم، قال ابن معين: ثقة، وفي رواية لم يكن به بأس. روى له: الجماعة (2) .
وفيه من الفقه جواز الدفن بالليل، وإيقاد النار في المقبرة، والحديث رواه الحاكم وصححه، وقال النووي: وسنده على شرط الصحيحين.
37- باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض (3)
أي: هذا باب في بيان حكم نقل الميت من أرض إلى أرض أخرى.
1600- ص- نا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن الأسود بن قيس، عن نبيح، عن جابر، قال: "كنا حَمَلنَا القَتْلى يوم أحُد لندفنَهُم، فجاء منادي رسولِ اللهِ- عليه السلام- فقال: إن رسولَ الله يأمرُكُم أن تَدْفنُوا القَتْلَى في مَضَاجِعِهم، فَرددناهم " (4) .
ش- سفيان بن عيينة، ونبيح بن عبد الله العنزي الكوفي، وجابر بن عبد الله، والحديث أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (5) ،
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5604) .
(3) في سنن أبي داود: "باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك".
(4) الترمذي: كتاب الجهاد، باب: ما جاء في دفن القتيل في مقتله (1717) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: أين يدفن الشهيد (4/ 79) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم (1516) .
(5) (3/ 396) .

(6/95)


وقال أيضا: حدثنا وكيع، عن إبراهيم بن يزيد، عن ابن بهمان، عن جابر بن عبد الله، قال: قال النبي- عليه السلام-:"تُدفنُ الأجسادُ حيث تُقبضُ الأرواحُ ".
وفيه من الفقه كراهة نقل الميت من بلد إلى بلد، ومن قرية إلى مدينة، وعليه أكثر أهل العلم.
38- باب الصّفَ (1) على الجنازة
أي: هذا باب في بيان آخر الصف على الجنازة.
1601- ص- نا محمد بن عبيد، نا حماد، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد اليزني، عن مالك بن هبيرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يَموتُ فيُصلي عليه ثلاثةُ صُفوف من المسلمين إلا أوجب، قال: فكان مالك إذا استقل أهلَ الجنازة جَزأهم ثلاثةَ صفوف للحديثِ " (2) .
ش- حماد بن زيد، ومالك بن هبيرة السكوني، ويقال: الكندي، عداده في أهل مصر، روى عن النبي- عليه السلام- هذا الحديث. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (3) .
قوله: "إلا أوجب " أي: فعلوا فعلا أوجب ذلك الفعل للميت الجنة، يقال: أوجب الرجل إذا فعل فعلا وجبت له به الجنة، أو النار.
قوله: "جزأهم " من التجزئة وهي التفرقة، والحديث أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن.
__________
(1) في سنن أبي داود: "باب في الصفوف".
(2) الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على الجنازة والشفاعة للميت (1028) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء فيمن صلى عليه جماعة من المسلمة (1490) .
(3) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (377/3) ، وأسد الغابة (5/ 54) ، وا لإصابة (3/ 357) .

(6/96)