شرح أبي داود
للعيني 48- باب (1) : الصلاة على الطفل
أي: هذا باب في بيان الصلاة على الصغير.
1622- ص- نا محمد بن يحي بن فارس، نا يعقوب بن إبراهيم بن
سعد، نا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أي بكر، عن
عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
"ماتَ إبراهيم ابنُ النبي- عليه السلام- وهو ابنُ ثمانيةَ
عشر شهرا فلم يُصَل عليه رسولُ الله - عليه السلام-" (2) .
ش- الحديث رواه الإمام أحمد، والبزار، وأبو يعلى في
مسانيدهم، وذكروا في تركه- عليه السلام- الصلاة عليه
وجوها، الأول: شغل النبي- عليه السلام- بصلاة الكسوف.
الثاني: أنه استغنى بفضيلة بنوة النبي- عليه السلام- عن
الصلاة كما استغنى الشهداء بفضيلة الشهادة.
الثالث: لأنه لا يصلي نبي على نبي، وقد جاء أنه لو عاش
لكان نبنا. الرابع: أنه لم يصل عليه بنفسه، وصلى عليه
غيره.
1623- ص- نا هناد بن السري، نا محمد بن عبيد، عن وائل بن
داود، قال: سمعت البهيَّ، قال: "لما مات إبراهيم ابنُ
النبي - عليه السلام- صَلى عليه رسولُ اللهِ- عليه السلام-
في المَقَاعِدِ" (3) .
ش- محمد بن عبيد الطنافسي الأحدب الكوفي، ووائل بن داود
أبو بكر التيمي، روى عن ابنه بكر، وروى ابنه عنه، من رواية
الآباء عن الأبناء، وعبد الله البهي، ومحمد بن سعد. روى
عنه: محمد بن عبيد، وسفيان بن عيينة، ويحي القطان، قال
أحمد بن حنبل: هو ثقة.
__________
(1) في سنن أي داود: " باب في الصلاة على الطفل ".
(2) تفرد به أبو داود.
(3) تفرد به أبو داود.
(6/124)
وقال أبو حاتم: صالح الحديث. روى له: أبو
داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
والبهي بفتح الباء الموحدة، وكسر الهاء، وتشديد الياء،
اسمه: عبد الله بن يسار، مولى مصعب بن الزبير، تابعي، يعد
في الكوفيين. قوله: " في المقاعد " المقاعد مواضع قعود
الناس في الأسواق وغيرها، وهذا الحديث مرسل، ورواه البيهقي
(2) ، وروى المرسل الذي يليه أيضا (2) ، وقال: هذه الآثار
مرسلة، وهي تشد الموصول، وروايات الإثبات/ أولى من روايات
الترك.
ص- قال أبو داود: قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقاني: حدثكم
ابن المبارك (3) ، عن يعقوب بن القعقاع، عن عطاء "أن
النبي- عليه السلام- صلى على ابنه إبراهيم وهو ابنُ سبعينَ
ليلة " (4) .
ش- سعيد بن يعقوب الطالقاني أبو بكر. سمع: حماد بن زيد،
ووكيعا، وابن المبارك، وغيرهم. روى عنه: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وقال: ثقة. وقال أبو زرعة: كان ثقة.
وقال أبو حاتم: صدوق. وقال البخاري: مات سنة أربع وأربعين
ومائتين (5) .
ويعقوب بن القعقاع بن الأعلم أبو الحسن الأزدي الخراساني،
قاضي مرو، ابن عم القاسم بن الفضل الحداني. روى عن: عطاء
بن أبي رباح، والحسن البصري، وقتادة. روى عنه: الثوري، قال
ابن معين: خراساني ثقة ثقة. روى له: أبو داود، والنسائي
(6) .
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/ 5440) .
(2) السنن الكبرى (4/ 9) .
(3) في سنن أبى داود: "قيل له: حدثكم ابن المبارك ".
(4) في سنن أبي داود: تحدثنا هناد بن السري، ثنا محمد بن
عبيد، عن وائل ابن داود قال: سمعت البهي قال: لما مات
إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله
في المقاعد. قال أبو داود: قرأت على سعيد بن يعقوب
الطالقاني
قيل له: حدثكم....".
(5) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/ 2386) .
(6) المصدر التسابق (32/ 99 0 7) .
(6/125)
وهذا الحديث أيضا مرسل، ورواه البيهقي
أيضاً
ومن أحاديث الإثبات ما رواه ابن ماجه في "سننه": أخبرنا
عبد القدوس ابن محمد، عن داود بن شبيب الباهلي، عن إبراهيم
بن عثمان، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس- رضي
الله عنه- قال: "لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلّى وقال:
إن له مرضعا في الجنة، ولو عاش لكان صديقا نبيا،
ولَعَتَقَتْ أخوالُهُ القبطُ، وما استُرِق قبطي " (1) .
ومنها ما رواه الإمام أحمد في "مسنده " (2) : حدثنا أسود
بن عامر، ثنا إسرائيل، عن جابر الجعفي، عن عامر الشعبي؛ عن
البراء، قال: "صلى رسول الله- عليه السلام- على ابنه
إبراهيم، ومات وهو ابن ستة عشر شهرا ".
ورواه البيهقي (3) ، وقال: وكونه صلى عليه هو أشبه
بالأحاديث الصحيحة، ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه": حدثنا
وكيع، عن سفيان، عن جابر الجعفي، عن الشعبي "أن النبي-
عليه السلام- " إلى آخره، ولم يذكر البراء فيه، وكذلك عبد
الرزاق في "مصنفه ": أخبرنا سفيان الثوري، عن جابر به
مرسلا.
ومنها ما رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" حدثنا عقبة بن
مكرم،
ثنا يونس بن بكير، ثنا محمد بن عبيد الله القواريري، عن
عطاء، عن أنس " أن النبي- عليه السلام- صلى على ابنه
إبراهيم، وكبر عليه أربعا" ورواه ابن سعد في "الطبقات "
(4) : أخبرنا عبد الله بن نصير، عن عطاء ابن عجلان، عن أنس
فذكره.
__________
(1) ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على
ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر وفاته (1511) ،
وقال البوصيري في " الزوائد ": "في إسناده إبراهيم
ابن عثمان أبو شيبة قاضي واسط. قال فيه البخاري: سكتوا
عنه. وقال ابن المبارك: ارم به. وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال أحمد: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث ".
(2) (4/ 283) .
(3) السنن الكبرى (4/ 9) .
(4) (1/ 0 9) .
(6/126)
ومنها ما رواه البزار في "مسنده": حدثنا
إبراهيم بن يوسف الصيرفي الكوفي، ثنا عبد الرحمن بن مالك
بن مغول، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري
بلفظ أبي يعلى الموصلي.
49- باب: الصلاة على الجنازة
في المسجد
أي: هذا باب في بيان حكم الصلاة على الجنازة في المسجد.
1624- ص- نا سعيد بن منصور، نا فلاح بن سليمان، عن صالح بن
عجلان، ومحمد بن عبد الله بن عباد، عن عباد بن عبد الله بن
الزبير، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: "والله ما صلى
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على سُهيل ابنِ البيضاءِ
إلا في المسجدِ" (1) .
ش- صالح بين عجلان. روى له: أبو داود، وابن ماجه، ومحمد
ابن عبد الله بن عباد. روى عن: عباد بن عبد الله. روى عنه:
فليح، قال أبو حاتم: هو مجهول. روى له: أبو داود،
والنسائي.
والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وبه
استدل الشافعي ومن تبعه على جواز الصلاة على الميت في
المسجد من غير كراهة وقال أصحابنا: يكره ذلك، فقيل: كراهة
تحريم، وقيل: كراهة تنزيه، واستدلوا بحديث أبي هريرة لما
يجيء الآن، وقال الطحاوي: صلاته- عليه السلام- على سهيل بن
البيضاء في المسجد منسوخة وآخر المعلن منه- عليه السلام-
الترك، لإنكار عامة الصحابة على عائشة رضي الله عنها- ولو
علموا خلافه لما أنكروه.
__________
(1) مسلم: كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الجنازة"في
المسجد (973) ، الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في
الصلاة على الميت في المسجد (1033) ، النسائي: كتاب
الجنائز، باب: الصلاة على الجنازة*في المسجد (4/68) ، ابن
ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على الجنائز
في المسجد (1518) .
(6/127)
1625- ص- نا هارون بن عبد الله، نا ابن أبي
فديك، عن الضحاك
- يعني: ابن عثمان- عن أي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة-
رضي الله
عنها- قالت: " والله لقد صلى رسولُ اللهِ- عليه السلام-
على ابْنَيْ بيضاءَ
في/ المسجدِ: سهيلٍ وأخيهِ " (1) .
ش- محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، وأبو النضر سالم بن [أبي]
أمية، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف.
قوله: "سهيل" بالجر بدل من قوله: " ابني بيضاء" و" أخيه "
عطف
عليه.
والحديث أخرجه مسلم.
1626- ص- نا مسدد، نا يحيى، عن ابن أبي ذئب، قال: حدثني
صالح مولى التوأمة، عن أي هريرة، قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "مَنْ صلى
على جَنازة في المسجدِ فلا شيءَ له (2) " (3) .
ش- يحيى القطان، ومحمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث
بن
أبي ذئب، وصالح بن نبهان الجمحي. " (4) والحديث أخرجه ابن
ماجه،
ولفظه: " فليس له شيء "، وقال الخطيب: المحفوظ " فلا شيء
له"
ورُوي " فلا شيء عليه "، وروى " فلا أجر له ". قال ابن عبد
البر:
رواية فلا أجر له خطأ فاحش والصحيح " فلا شيء له"، وصالح
مولى
التوأمة من أهل العلم من لا يحتج به لضعفه، ومنهم من يقبل
منه ما رواه
ابن أبي ذئب خاصة، ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه" بلفظ: "
فلا
صلاة له "، ورواه ابن عدي في "الكامل" (5) بلفظ أبي داود،
وعده
__________
(1) مسلم: كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الجنازة في
المسجد (973) .
(2) في سنن أبي داود:" عليه".
(3) ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على
الجنائز في المسجد (1517) .
(4) انظر: نصب الراية (2/ 275، 276) .
(5) (85/5) ترجمة صالح بن نبهان.
(6/128)
من منكرات صالح، ثم أسند إلى شعبة أنه كان
لا يروى عنه، وينهى عنه، وإلى مالك أنه قال: لا تأخذوا عنه
شيئا فانه ليس بثقة، وإلى النسائي أنه قال فيه: ضعيف.
وأسند عن ابن معين أنه قال فيه: ثقة، لكنه اختلط قبل موته،
فمن سمع منه قبل ذلك فهو ثبت حجة، وممن سمع منه قبل
الاختلاط ابن أبي ذئب. وقال ابن حبان في كتاب "الضعفاء":
اختلط بآخر عمره، ولم يتميز حديثُ حديثه من قديمه، فاستحق
الترك، ثم ذكر له هذا الحديث، وقال: إنه باطل وكيف يقول:
"رسول الله- عليه السلام- وقد صلى على سهيل ابن بيضاء في
المسجد"؟ أصبح مولى التوأمة مختلف في عدالته، كان مالك بن
أنس يجرحه، وقال النووي: أجيب عن هذا بأجوبة، أحدها: إنه
ضعيف، لا يصح الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: هذا حديث
ضعيف، تفرد به صالح مولى التوأمة، وهو ضعيف.
والثاني: إن الذي في النسخ المشهورة المسموعة من "سنن أبي
داود" "فلا شيء عليه" فلا حجة فيه.
الثالث: إن اللام فيه بمعنى "على" كقوله تعالى: {وَإِنْ
أسَأتُمْ فَلَهَا} (1) أي: فعليها جمعا بين الأحاديث.
قلت: الجواب أن غالب ما ذكر فيه تحامل، والصواب" (2) ما
ذكره
ابن معين الذي هو حاكم فيصل في هذا الباب، وما قاله ابن
عبد البر من قوله: " ومنهم من يقبل منه"، وقول النووي:
الذي في النسخ المشهورة المسموعة من "سنن أبي داود" " فلا
شيء عليه " يرده قول الخطيب: المحفوظ "فلا شيء له "
وتأويله معنى "اللام " بمعنى " على" تحكم من غير دليل،
وعدول عن الأصل بلا فائدة، فافهم.
__________
(1) سورة الإسراء: (7) .
(2) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
.9 شرح سنن أبي داوود 6
(6/129)
50 باب: الدفن عند
طلوع الشمس وعند غروبها
أي: هذا باب في بيان حكم الدفن عند طلوع الشمس وعند
غروبها.
1627- ص- نا عثمان بن أبي شيبة، نا وكيعِ، نا موسى بن
عُلَيِّ بين رباحٍ قال: سمعتُ أبي يحدثُ أنهُ سمع عقبةَ بن
عامر، قال: "ثلاث ساعات كان رسولُ الله- عليه السلام-
يَنْهَانا أن نُصلِّيَ فيهن، أو نَقْبُرَ فيهن مَوْتَانا:
حين تطلعُ الشَمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحن يُقومُ قَائمُ
الظهيرة حتى تَمِيلَ، وحين تَتَضيفُ (1) الشمسُ للغروبِ
حتى تغربَ، أو كما قال " (2) . ش- وكيع بن الجراح، وموسى
بن عُلَي، بضم العين، وقد مر ذكره، وذكر والده.
قوله: "أو نقبر" أي: أو أن ندفن فيهن الموتى.
قوله: "بازغة " نصب على الحال من الشمس من بزغت الشمس،
وبزغ القمر وغيرها إذا طلعت، من باب نصر ينصر.
قوله: " قائم الظهيرة" ظهيرة الشمس شدة حرها نصف النهار،
ولا يقال في الشتاء: ظهيرة، ويجمع على الظهار.
قوله: " تتضيف" أي: تميل وتجنح للغروب، يقال: ضاف الشيء
يضيف بمعنى مال، ومنه اشتق اسم الضيف، ويقال: ضفت الرجل
إذا ملت نحوه، وكنت له ضيفا/ وأضفته إذا أملته إلى رَحْلِك
وقَرَيْته، واختلف الناس في جواز الصلاة على الجنازة،
والدفن في هذه الساعات
__________
(1) في سنن أبي داود: " تضيف".
(2) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي
نهى عن الصلاة فيها (831) ، الترمذي: كتاب الجنائز، باب:
ما جاء في كراهية الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وعند
غروبها (1030) ، النسائي: كتاب المواقيت، باب: الساعات
التي نهى عن الصلاة فيها (1/ 275) ، ابن ماجه: كتاب
الجنائز، باب: ما جاء في الأوقات التي لا يصلى على الميت
فيها ولا يدفن (1519) .
(6/130)
الثلاث، فذهب أْكثر أهل العلم إلى كراهية
الصلاة على الجنائز في الأوقات التي تكره فيها الصلاة،
ورُوي ذلك عن ابن عمر، وهو قول عطاء، والنخعي، والأوزاعي،
والثوري، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وكان
الشافعي يرى الصلاة على الجنائز أي ساعة شاء من ليل أو
نهار، وكذلك الدفن أي وقت كان من ليل أو نهار، وقول
الجماعة أولى لموافقة الحديث، والحديث أخرجه مسلم،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
51- باب: إذا حضر جنائز رجال
ونساء من يقدم؟
أي: هذا باب في بيان الحكم في الجنائز التي تحضر من الرجال
والنساء
أيها يقدم إلى جهة الإمام.
1628- ص- نا يزيد بن خالد بن مسهب، نا ابن وهب، عن ابن
جريج، عن يحيى بن صَبيح، قال: حدثني عمار مولى الحارث بن
نوفل: "أنه شَهِدَ جَنازةَ أمِّ كَلثومٍ، وابنهَا، فَجَعل
الغُلامَ مما يلي الإمامَ، فأنكرتُ ذلك وفي القول: ابنُ
عباس، وأَبو سعيد، وأبو قتادةَ، وأبو هريرة، فقالوا: هذه
السنةُ" (1) .
ش- عبد الله بن وهب، وعبد الملك بن جريج.
ويحيى بن صَبيح- بفتح الصاد- أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو
بكر النيسابوري المقرئ، وهو جد سليمان بن حرب لأمه. سمع:
عمرو بن دينار، وعمارة (2) مولى الحارث، ويحيى بن سعيد
الأنصاري، وقتادة. روى عنه: ابن جريج، ويحيى القطان،
وسفيان بن عيينة، وقال أبو حاتم: لا بأس به، توفي بمكة.
روى له: أبو داود (3) .
__________
(1) النسائي: كتاب الجنائز، باب: اجتماع صبي وامرأة (4/
71) .
(2) في الأصل: عمار.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/ 48 لملاك.
(6/131)
وعمار مولى الحارث بن نوفل. روى عن: ابن
عباس، وأبي سعيد الخدري، وأبي قتادة، وأبي هريرة. روى عنه:
يحيى بن صَبِيح. روى له: أبو داود (1) .
وأم كلثوم هذه هي بنت علي بن أبي طالب، زوج عمر بن الخطاب
- رضي الله عنه- وابنها هو زيد الأكبر ابن عمر بن الخطاب-
رضي الله عنه- وكان مات هو، وأمه أم كلثوم بنت علي- رضي
الله عنه- في وقت واحد، لم يدر أيهما مات أولا، فلم يورث
أحدهما من الآخر، وعن هذا قالت العلماء: إذا اجتمعت جنائز
من الرجال والنساء يجعل الرجل مما يلي الإمام من جهة
القبلة، ثم المرأة مما يلي القبلة، وإذا اجتمع رجل، وصبي،
وامرأة، وخنثى، يوضع الرجل، ثم الصبي من ناحية القبلة، ثم
الخنثى، ثم المرأة، فتكون المرأة آخر الكل مما يلي القبلة،
والحديث أخرجه النسائي.
52- باب: أين يقوم الإمام من
الميت إذا صلى عليه؟
أي: هذا باب في بيان موضع قيام الإمام من الميت عند الصلاة
عليه.
1629- ص- نا داود بن معاذ، نا عبد الوارث، عن نافع أدي
طالب، قال: " كُنتُ في سَكَةِ المِرْبَد، فمرتْ جَنازة
معها ناس كثير، قالوا: جنازةُ عبد الله بنِ عُمَيرٍ،
فتبعتُه، فَإذا أنا برجل عليه كِسَاء رقيق على بُرَيْذينة
(2) ، على رَأسه خِرْقَة تقيه من الشمس، فقلًتُ: مَن هذا
الدهقانِ؟ قالَواً: هذا أنسُ بنُ مالك، فلَما وُضعت
الجًنازةُ قامَ أنس فصلى عليها وأنا خلفُهُ، لا يَحُول
بيني وبيانه شيء، فَقامَ عَندَ رأسه، فكبر أربعَ تكبيرات،
لم يُطِلْ ولم يُسْرعْ، ثم ذهبَ يقعدُ، قالوا (3) : يا أبا
حمزةَ المرأةُ الأنصًاريةُ، فقربوها رمعَها (4) نعش أخضرُ،
فقامَ عندَ عُجَيْزَتِها، فصلى عليها نحو صلاِتهِ على
__________
(1) المصدر السابق (21/ 4167) .
(2) في سنن أبي داود:" بريذينته".
(3) في سنن أبي داود: " فقالوا".
(4) في سنن أبي داود: "وعليها".
(6/132)
الرجلِ، ثم جَلَسَ، فقال العلاءُ بنُ زياد:
يا أبا حمزةَ، هكذا كان رسولُ الله - عليه السلام- (1)
يُصَلي على الجنائز كصلاتكَ (2) يُكبرُ عليها أربعاً
ويقومُ عندَ رأسِ الرجلِ، وعُجَيْزَةِ المرأةِ؟ قال: َ
نعم، قال: يا أبا حمزة،
غزوت مع رسولِ الله؟ قال: نعم، غزوتُ معه حُنينا، فخرجَ
المُشركونَ، فحَمَلُوا علينا حتى رَأيْنَا خَيْلنا وراءَ
ظُهُورِنَا وفي اَلقوم رجل يَحْمِلُ علينا فَيدُفنا
ويَحْطمُنَا، فهزمهمُ اللهُ عز وجل، وجَعَلَ يُجاءُ بهم،
فيبايعُونَه على
الإسلام، فقَالَ رجل من أصحابِ النبي- عليه السلام- إن
عَلَيَّ نذراً إن جاَءَ اللهُ- عز وجل- بالرجلِ الذي كان
هذا (3) اليوم يَحْطمُنا/ لأضرِبَن عُنقَهُ، فسكتَ رسولُ
الله- عليه السلام- وجيء بالرجلِ، فَلما رأى رسولَ
الله- عليه السلام- قالَ: يا رسولَ الله، تُبتُ إلى الله،
فأمسكَ رسولُ الله عنه لا يُبايعُه، ليَفِي الآخر بنذرِه،
قال: َ فَجعلَ الرجل يَتَصدَى لرسولِ اللهَ صلى الله عليه
وسلم ليأمر (4) بقَتله، وجَعَل يَهاَبُ رسولَ الله أن
يقتُلَهُ، فلما رأى رسولُ اللهِ عليه السلامَ- لا يَصنعُ
(5) شيئا بايَعَهُ، فقَال الرجلُ: يا رسولَ اللهِ،
نَذْرِي، فقال: إني لم أمسكْ عنه منذُ اليومَ إلا
لتُوَفِّي بنذركَ، فقال: يا رسولَ الله، ألا أوْمضتَ إلي،
فقال رسولُ اللهِ- عليه السلام- إنه ليسَ لنَبِيّ أن
يُومضَ، قال أبو غالب: فسألتُ عن صَنِيع أنسِ، عن (6)
قيامهِ على المرأة عندَ عُجَيْزَتِهَا، فحدثوني أنه إنما
كان لأنه لم يكن النُّعوشُ، فكان يقوم الإماَم (7) حِيالَ
عُجَيْزَتِهَا يستُرُها من القوم " (8) .
__________
(1) في سنن أبي داود: "هكذا كان يفعل رسول الله ".
(2) في الأصل: " كصلاته ".
(3) في سنن أبي داود: "منذ اليوم".
(4) في سنن أبي داود: ليأمره.
(5) في سنن أبي داود: " أنه لا يصنع".
(6) في سنن أبي داود: " في".
(7) في سنن أبي داود: "فكان الإمام يقوم".
(8) الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما جاء أين يقوم الإمام
من الرجل والمرأة (1034) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب:
ما جاء في أين يقوم الإمام إذا صلى على الجنازة (1494) .
(6/133)
ش- داود بن معاذ أبو سليمان العتكي، سكن
المصيصة. روى عن: عبد الوارث بن سعيد. روى عنه: أبو حاتم،
وأبو داود (1) .
ونافع أبو غالب الباهلي الخياط البصري، قال أبو أحمد:
ويقال: اسمه رافع، سمع أنس بن مالك، والعلاء بن زياد
العدوي. روى عنه: عبد الوارث بن سعيد، وهمام بن يحيى. قال
يحيى بن معين: صالح. وقال أبو حاتم: شيخ. روى له: أبو
داود، والترمذي، وابن ماجه (2) . قوله: "في سكة المِرْبَد"
المربد بكسر الميم، وسكون الراء، وفتح الباء، الموضع الذي
تحبسَ فيه الإبل والغنم، وبه سمي مربد المدينة والبصرة، من
ربد بالمكان إذا أقام فيه، وربطه إذا حبسه، والمراد أيضا
الموضع الذي يجعل فيه التمر لينشف، كالبيدر للحنطة، والسكة
الطريقة المصطفة من النخل، ومنها قيل للأزقة: السكة،
لاصطفاف الدور فيها. قوله: "على بريذينة " تصغير "برذونة"
بكسر الباء، وفتح الذال المعجمة، قال الجوهري: البرذون
الدابة. وقال الكسائي: الأنثى من البراذن بِرذونة، وقال
غيره: البرذون الفرس العجمي.
قوله: "تقيه " أي: تحفظه، من وقى يقي.
قوله: "هذا الدهقان " الدهقان بكسر الدال، وفتحها رئيس
القرية، ومقدم الماء، وأصحاب الزراعة، وهو معرب، ونونه
أصلية لقولهم: " تدهقن الرجل، وله دهقنة موضع كذا "، وقيل:
النون زائدة، وهو من الدهق، وهو الامتلاء.
قوله: "قالوا: نا أبا حمزة " كنية أنس أبو حمزة.
قوله: "المرأة الأنصارية " قال النووي في " الخلاصة": وقع
عند أبي داود أن المرأة أنصارية، وعند الترمذي أنها قرشية،
فلعلها كانت من قريش وبالحلف من الأنصار، أو عكسه، والله
أعلم.
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8 /1787) .
(2) المصدر السابق (34/ 0 756) .
(6/134)
قوله: " نعش أخضر" والنعش: الذي يحمل عليه
الميت، وإذا لم يكن عليه ميت فهو سرير، والمراد من النعش
هاهنا هو مثل المكبة توضع على السرير، وتغطى بثوب ليسترها
عن أعين الناس وهي كالقبة على السرير.
قوله: " عند عجيزتها " أي: عند عجزها، والعجز بفتح العين،
وضم الجيم، مؤخر الشيء.
قوله: " العلاء بن زياد" هو: العلاء بن زياد بن مطر
البصري، العابد المشهور، التابعي، الثقة (1) .
قوله: " ألا أومضت" من الإماض- بالضاد المعجمة- وهو الرمز
بالعين والإيماء بها، ومنه وميض البرق، وهو لمعانه.
قوله: "إنه ليس للنبي " أي: إن الشأن ليس لنبي أن يومض،
معناه: لا يجوز له فيما بينه وبين الله- عز وجل- أن يضمر
شيئا ويظهر خلافه، لان الله- عز وجل- إنما بعثه لإظهار
الدين، وإعلان الحق، فلا يجوز له ستره وكتمانه، لان ذلك
خداع، ولا يحل له أن يُؤَمنَ رجلا في الظاهر، ويخفره في
الباطن، وقد اختلف الناس في موقف الإمام من الجنائز، فقال
أبو حنيفة: يقوم للرجل والمرأة بحذاء الصدر، وعن أبي
حنيفة: يقوم للرجل بحذاء رأسه، وللمرأة بحذاء وسطها، وقال
الشافعي.... (2)
وقال أحمد بن حنبل: يقوم من المرأة بحذاء وسطها، ومن الرجل
بحذاء صدره، وهذا الحديث متمسك أصحابنا ورواه الترمذي،
وابن- ماجه، وقال الترمذي: حسن، ولفظ الترمذي، وابن ماجه:
" عن
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/ 4568) .
(2) بياض في الأصل قدر نصف سطر، وقد ذكر المصنف عن أبي
حنيفة أن مقام الإمام للرجل بحذاء رأسه ... ، وهذا هو قول
الإمام الشافعي، وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار (4/
66) : " وهو الحق ".
(6/135)
أبي غالب، قال: رأيت أنس بن مالك صلى على
جنازة رجل، فقام
حيال رأسه، فجيء بجنازة أخرى، فقالوا: يا أبا حمزة صل
عليها، 309/31 ص، فقَام حِيال/ وسط السرير، فقال العلاء بن
زياد: يا أبا حمزة، هكذا رأيتَ النبي- عليه السلام- قام من
الجنازة مقامك من الرجل، وقام من
المرأة مقامك من المرأة؟ قال: نعم، فأقبل علينا العلاء بن
زياد فقال:
احفظوا " انتهى.
وبهذا اللفظ روى أحمد، وإسحاق بن راهويه، وأبو يعلى
الموصلي
في مسانيدهم.
ص- قال أبو داود: قول النبيِّ- عليه السلام- " أمرتُ أن
أقاتلَ الناسَ
حتى يقولوا: لا إله إلا الله " نَسخ من هذا الحديث الوفاءَ
بالنذرِ في قتلِهِ (2) .
ش- كان النذر بالقتل صحيحا، فلما أتى قوله- عليه السلام-:
"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"
الحديث، انتسخ هذا
الحكم، فلم يبق النذر بالقتل صحيحا، فلو نذر أن يقتل نفسه
فنذره باطل
عند أبي حنيفة، وقال محمد: عليه ذبح شاة، ولو نذر أن يقتل
عبده
فكذا نذره باطل عند أبي حنيفة، وأبي يوسف، وقال محمد: عليه
ذبح
شاة، ولو نذر أن يقتل فلانا فنذره باطل عند أبي يوسف، وقال
محمد:
عليه ذبح شاة.
1630- ص- نا مسدد، نا يزيد بن زريع، نا حسين المعلم، نا
عبد الله
ابن بريدة، عن سمرة بن جندب، قال: " صليتُ وِراءَ النبيّ-
عليه
السلام- على امرأةٍ ماتَتْ في نِفَاسِهَا، فقامَ عليها
للصلاةِ وسَطَهَا " (3) .
__________
(1) بهامش الأصل: "رسول الله".
(2) في سنن أبي داود زيادة: "بقوله: إني قد تبت ".
(3) البخاري: كتاب الحيض، باب: الصلاة على النفساء وسننها
(332) ، مسلم: كتاب الجنائز، باب: أين يقوم الإمام من
الميت للصلاة عليه (964) ، الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما
جاء في أين يقوم الإمام من الرجل والمرأة (1035) ،
النسائي: كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز قائماً =
(6/136)
ش- الحديث أخرجه الجماعة، وبه تمسك الشافعي
وأحمد.
53- باب: التكبير على الجنازة
أي: هذا باب في بيان التكبير على الجنائز كم هي؟
1631- ص- نا محمد بن العلاء، نا ابن إدريس قال: سمعت
أبا إسحاق، عن الشعبي: " أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
مَر بقبر رَطب، فصَفوا عليه،
وكبر عليه أربعاً " قلنا للشعبي (1) : من حدثك؟ قال: الضفة
مَن شهده: عبد الله بن عباس (2) .
ش- عبد الله بن إدريس، وأبو إسحاق الشيباني، وعامر الشعبي.
قوله: "قبر رطب" أي: طري، وفيه جواز الصلاة على القبر إذا
دفن الميت بغير صلاة، وأن تكبيرات صلاة الجنازة أربع،
والحديث مرسل. 1632
- ص- نا أبو الوليد الطيالسي، نا شعبة، ح أنا ابن المثنى،
نا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي
ليلى " كان (3) زيد- يعني: ابنَ أرقمَ- يُكبرُ على
جَنائزِنَا أربعا، وانه كَبرَ على جَنازة خمسا، فسألته؟
فقال: كان رسولُ اللهِ يُكبرها " (4) .
__________
= (4/ 70) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في أين
يقوم الإمام إذا صلى على الجنازة (1493) .
(1) في سنن أبي داود: "فقلت للشعبي".
(2) البخاري: كتاب الجنائز، باب: الإذن بالجنازة (1247) ،
مسلم: كتاب الجنائز، باب: الصلاة على القبر (68) (954) ،
الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على القبر
(1037) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: الصلاة على القبر
(4/ 84، 85) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في
الصلاة على القبر (1530) .
(3) في الأصل: " قال" وما أثبتناه من سنن أبي داود.
(4) مسلم: كتاب الجنائز (957) ، الترمذي: كتاب الجنائز،
باب: ما جاء في التكبير على الجنائز (1023) ، النسائي:
كتاب الجنائز، باب: عدد التكبير =
(6/137)
ش- أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي،
ومحمد بن المثنى، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والحديث أخرجه:
مسلم، والترمذي، وابن ماجه.
واعلم أنه ورد في تكبيرات الجنازة: أربع، وخمس، وست، وسبع،
وثمان، ولكن آخر ما استقر عليه الأمر أربع، وعليه جمهور
الفقهاء، وقد وردت فيها أحاديث، منها (1) : " ما رواه
الحاكم في
"المستدرك " (2) ، والدارقطني في "سننه " (3) ، عن الفرات
بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن عبد الله بن عباس، قال:"
آخر ما كبر النبي- عليه السلام- على الجنائز أربع تكبيرات،
وكبر عمر على أبي بكر أربعا، وكبر ابن عمر على عمر أربعا،
وكبر الحسن بن عَلِي عَلَى عَلِي أربعا، وكبر الحسين على
الحسن أربعا، وكبرت الملائكة على آدم أربعا ".
قال الدارقطني: والفرات بن السائب متروك، وسكت الحاكم عنه.
ومنها ما رواه البيهقي في "سننه" (4) ، والطبراني في
"معجمه"،
عن النضر أبي عمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: " آخر
جنازة صلى عليها رسول الله- عليه السلام- كبر عليها أربعا
".
قال البيهقي: تفرد به النضر بن عبد الرحمن أبو عمر الخراز،
عن عكرمة، وهو ضعيف، وقد رُوي هذا من وجوه أخر كلها ضعيفة،
إلا أن اجتماع أكثر الصحابة- رضي الله عنهم- على الأربع
كالدليل على ذلك.
ومنها ما رواه أبو نعيم الأصبهاني في " تاريخ أصبهان" في
ترجمة
__________
= على الجنازة (73/4) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما
جاء فيمن كبر خمسا (1505) .
(1) انظر: نصب الراية (2/ 267: 269) .
(2) (1/ 386) .
(3) (2/ 72) .
(4) السنن الكبرى (4/ 37) .
(6/138)
المحمدية: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن
عمران، ثنا إبراهيم بن
محمد بن الحارث، ثنا شيبان بن فروخ، هنا نافع أبو هرمز،
ثنا عطاء،
عن ابن عباس: "أن النبي- عليه السلام- كان يكبر على أهل
بدر سبع تكبيرات، وعلى بني هاشم خمس تكبيرات، ثم كان آخر
صلاته أربع تكبيرات إلى أن خرج من الدنيا".
ومنها/ ما رواه الدارقطني في " سننه " (1) ، عن يحيى بن
أبي أنيسة،
عن جابر، عن الشعبي، عن مسروق، قال: " صلى عمر على بعض
أزواج النبي- عليه السلام- فسمعته يقول: لأصلين عليها مثل
آخر صلاة
صلاها رسول الله على مثلها، فكبر عليها أربعا".
ويحيى بن أبي أنيسة، وجابر الجعفي ضعيفان.
ومنها ما رواه محمد بن الحسن في كتاب "الآثار" (2) :
أخبرنا
أبو حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي: "
أن الناس
كانوا يصلون على الجنائز: خمسا، وستا، وأربعا، حتى قبض
النبي
- عليه السلام- ثم كبروا كذلك في ولاية أبي بكر الصديق، ثم
ولي عمر
ابن الخطاب ففعلوا ذلك، فقال لهم عمر: إنكم معشر أصحاب
محمد،
متى تختلفون يختلف الناس بعدكم، والناس حديث عهد
بالجاهلية،
فأجمعوا على شيء يجمع عليه من بعدكم، فأجمع رأي أصحاب محمد
أن ينظروا آخر جنازة كبر عليها النبي- عليه السلام- حين
قبض فيأخذون به،
ويرفضون (3) ما سواه، فنظروا فوجدوا آخر جنازة كبر عليها
رسوله الله
- عليه السلام- أربعاً". وفيه انقطاع بين إبراهيم، وعمر
رضي الله عنه-.
ومنها ما رواه أبو عمر في " الاستذكار "، عن عبد الوارث بن
سفيان،
عن قاسم، عن ابن وضاح، عن عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، عن
مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي
بكر بن
__________
(1) (2/ 76) .
(2) (ص/0 4) باب الصلاة على الجنازة.
(3) في كتاب الآثار، ونصب الراية (2/268) : " يتركون".
(6/139)
سليمان (1) بن أبي حكمة، عن أبيه، قال: "
كان النبي- عليه السلام- يكبر على الجنائز: أربعا، وخمسا،
وسبعا، وثمانيا حتى جاء موت النجاشي فخرج إلى المصلى، فصف
الناس وراءه، وكبر عليه أربعا، ثم ثبت النبي- عليه السلام-
على أربع حتى توفاه الله- عز وجل- ". ومنها ما رواه
الحازمي في كتابه "الناسخ والمنسوخ "، عن أبي بكر أحمد بن
علي بن سعيد القاضي المركزي، [ثنا شيبان الأبلي] ، ثنا
نافع أبو هرمز، ثنا أنس بن مالك "أن رسول الله- عليه
السلام- كبر على أهل بدر سبع تكبيرات، وعلى بني هاشم سبع
تكبيرات، وكان آخر صلاته أربعا حتى خرج من الدنيا".
قال: وإسناده واهي، وقد رُوي " آخر صلاته كبر أربعا" من
عدة روايات كلها ضعيفة، ولذلك جعل بعض العلماء الأمر على
التوسع، وأن لا وقت، ولا عدد، وجمعوا بين الأحاديث،
وقالوا: كان النبي - عليه السلام- يفضل أهل بدر على غيرهم،
وكذا بني هاشم، فكان يكبر عليهم خمساً وعلى من دونهم
أربعا، وأن الذي حكى آخر صلاة النبي- عليه السلام- لم يكن
الميت من بني هاشم، ولا من أهل بدر، وقد جعل بعض العلماء
حديث النجاشي ناسخا، فإن حديث النجاشي مخرج في " الصحيحين
" (2) من رواية أبي هريرة: " أن رسول الله- عليه السلام-
نعاه في اليوم الذي مات، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم،
وكبر أربع تكبيرات " قالوا: وأبو هريرة متأخر الإسلام،
وموت النجاشي كان بعد إسلام أبي هريرة بمدة.
فإن قيل: إن كان في حديث أبي هريرة ما يدل على التأخير
فليس في تلك الأحاديث المنسوخة ما يدل على التقديم، فليس
أحدهما أولى
__________
(1) في الأصل: اأبو بكر بن أبي سليمان " خطأ" وانظر ترجمته
في: تهذيب الكمال (33/ 7234) .
(2) يأتي برقم (1639) .
(6/140)
بالتأخير من الآخر، قلنا: قد ورد التصريح
بالتأخير من رواية عمر،
وابن عباس، وابن أبي أوفى، وجابر، انتهى كلامه (1) .
ص- قال أبو داود: وأنا لحديث أبي موسى (2) أتقن.
ش- أبو موسى هو محمد بن المثنى أحد شيوخ أبي داود، وأشار
بقوله:" أتقن " إلى قوة هذا الحديث في الصحة، فافهم.
54- باب: ما يقرأ على الجنازة
أي: هذا باب في بيان ما يقرأ على الجنازة.
1633- ص- نا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم،
عن
طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: " صليت معَ ابن عباس على
جَنازة فقرأ
بفاتحةِ الكتابِ، فقال: إنها من السُّنةِ " (3)
.َ
ش- طلحة بن عبد الله بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن
زهرة الزهري القرشي، أبو عبد الله المدني، قاضي مدينة رسول
الله
- عليه السلام- ليزيد بن معاوية، ثم ولي الصلاة لابن
الزبير، كان يقال
له: طلحة الندي لجوده، وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف صاحب
رسول الله- عليه السلام-. روى عن: عثمان بن عفان، وعبد
الله بن
عباس، وأبي هريرة. روى عنه: الزهري، وسعد بن إبراهيم،
وأبو الزياد، قال أبو زرعة:/ توفي بالمدينة سنة سبع
وتسعين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة (4) .
__________
(1) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
(2) في سنن أبي داود: " ابن المثنى".
(3) البخاري: كتاب الجنائز، باب: قراره فاتحة الكتاب على
الجنازة (66) ، الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في
القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب- (1026) ، النسائي:
كتاب الجنائز، باب: الدعاء (4/ 75) .
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/ 973 2) .
(6/141)
والحديث أخرجه: البخاري، والترمذي،
والنسائي، وبه استدل الشافعي، ومالك، وأحمد على أن قراءة
الفاتحة في صلاة الجنازة سنة، وقال أصحابنا: قراءتها على
وجه الثناء لا بأس بها، وما روي عن ابن عباس فمحمول على
أنه قرأها على قصد الثناء، لا قصد القراءة، فقال أبو بكر:
حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن نافع: "أن ابن عمر
كان لا يقرأ في الصلاة على الميت " وإسناده صحيح.
حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن محمد: "أنه كان لا
يقرأ
في الصلاة على الميت " وإسناده صحيح.
حدثنا عبد الأعلى، وغندر، عن عوف، عن أبي المنهال، قال:
"سألت أبا العالية عن القراءة في الصلاة على الجنازة
بفاتحة الكتاب فقال: ما كنت أحسب أن فاتحة الكتاب تقرأ إلا
في صلاة فيها ركوع وسجود ". حدثنا أبو معاوية، عن
الشيباني، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال: قال له رجل:
" أقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب؟ قال: لا تقرأ "
وإسناده صحيح.
حدثنا وكيع، عن زمعة، عن ابن طاوس، عن أبيه وعطاء:" أنهما
كانا ينكران القراءة على الجنازة".
حدثنا سفيان بنا عيينة، عن عمرو، عن أبي معبد، عن ابن
عباس:
"أنه كان يُجمع الناس بأحمد، ويكبر على الجنازة".
قلت: هذه الرواية تؤيد ما قاله أصحابنا: إن ابن عباس قرأ
بفاتحة الكتاب في صلاة الجنازة على قصد الثناء، إذ لو كانت
القراءة فيها سنة لما تركها، فافهم.
55- باب: الدعاء للميت
أي: هذا باب في بيان الدعاء للميت.
1634- ص- نا عبد العزيز بن يحيى الحساني، حدثني محمد-
يعني:
(6/142)
ابن سلمه- عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن
إبراهيم، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا صَلَّيتُم
على الميتِ فأخْلِصُوا له الدعاءَ" (1) .
ش- محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد القرشي التيمي
المدني، والحديث أخرجه ابن ماجه، وفيه من الفقه أن الميت
يدعى له في الصلاة عليه ولكن بالإخلاص، ولا يكون ذلك إلا
بصفاء الخاطر عن الكدورات الدنيوية، والشواغل الشيطانية،
والخضوع والخشوع بالقلب والجوارح.
1635- ص- نا أبو معمر عبد الله بن عمرو، نا عبد الوارث، نا
أبو الجلاس عقبة بن سيار، حدثني علي بن شماس، قال: "
شَهدتُ مَرْوَانَ سألَ أبا هريرة، كيف سمعتَ رسول الله-
عليه السلام- يُصلِّي على الجنائزِ (2) ؟ قال: أمع الذي
قلت؟ قالَ: نعم، قال: كلام كان بينهما قبلَ ذلكَ، قال أبو
هريرِة: اللهم أنتَ ربها، وأنتَ خلقتَها، وأنتَ هديتَها
إلى الإسلام (3) ، وأنت قبضت رُوحَها، وأنتَ أعلمُ
بسرّهَا، وعلانيَتها جئنَا شُفَعاءَ فاغفرْ له " (4)
.ً
ش- عبد الوارث بن سعيد، وأبو الجلاس بفتح الجيم، وتخفيف
اللام، وبسين مهملة، عقبة بن سيار، ويقال ابن سنان السلمي
الشامي، سكن البصرة، روى عن علي بن شماخ، وعثمان بن جحاش،
ويقال: ابن شَمَّاس. روى عنه: شعبة، وعبد الوارث، قال ابن
معين: ثقة. روى له: أبو داود (5) .
وعلي بن شماخ السلمي روى عن أبي هريرة. روى عنه: أبو
الجلاس، وعباد بن صالح. روى له: أبو داود (6) .
__________
(1) ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الدعاء في
الصلاة على الجنازة (1497) .
(2) في سنن أبي داود: " الجنازة".
(3) في سنن أبي داود: " للسلام".
(4) النسائي في " عمل اليوم والليلة".
(5) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (0 2/ 3976) .
(6) المصدر السابق (0 2/ 82 0 4) .
(6/143)
قوله: " شفعاء " نصب على الحال من الضمير
الذي في "جئنا " أي: شافعين، والشفعاء جمع شفيع بمعنى
شافع، والحديث أخرجه النسائي في " اليوم والليلة".
ص- قال أبو داود: أخطأ شعبة في اسم علي بن شماخ، قال (1) :
عثمان ابن شماس.
ش- أشار بهذا إلى ما روى حكم بن محمد، قال: ثنا أبو بكر بن
إسماعيل، قال: نا أبو بشر الدولابي، قال: نا محمد بن بشار،
نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن أبي الجلاس، قال: سمعت عثمان
بن شماس، عن أبي هريرة، الحديث، قال أحمد بن زهير: سئل
يحيى بن معين، عن حديث عثمان بن شماس، روى عنه: أبو
الجلاس، قال: شعبة قلبه، وإنما صححه عبد الوارث.
ص- سمعت (2) أحمد بن إبراهيم الموصلي يحدث أحمد بن حنبل،
قال: ما أعلم أني جلست حماد بن زيد مجلسا إلا نهى فيه عن
عبد الوارث، وجعفر بن سليمان.
ش-/ أحمد بن إبراهيم بن خالد أحد شيوخ أبي داود ... (3) .
1636- ص- نا موسى بن مروان الرقي، نا شعيب- يعني: ابن
إسحاق- عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن
أبي هريرة، قال: "صلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على
جَنازة، فقال: اللهم اغْفِرْ لحينا ومَيتنَا، وصغيرنَا
وكبيرِنَا، وذكرِنَاَ وأنثَانَا، وشاهدَنَا وغَائبنَا،
اللهم من أَحييْتَه مَنا فأحْيه عَلى الإيمان، ومَن
توفيتَهُ مِنا فتوفهُ عَلى الإسًلام، اللهم لا تَحِرمْنًا
أجْرَه، ولا تُضِلناَ بعدَه" (4) .
__________
(1) في سنن أبي داود: " قال فيه".
(2) في سنن أبي داود:" وسمعت ".
(3) بياض في الأصل قدر نصف سطر.
(4) الترمذي: كتاب الجنائز، باب: ما يقول في الصلاة على
الميت (1024) ، النسائي: كتاب الجنائز، باب: الدعاء (4/
74) ، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على
الجنازة (1498) .
(6/144)
ش- "لا تحرمنا" من حَرَمَهُ الشيءَ
يَحْرِمُه من باب ضرب يضرب، حَرِما بكسر الراء، مثل
سَرَقَهُ سَرِقا، وحَرِمةً، وحَرِيمةً، وحِرْمَانا،
وأحْرَمَهُ أيضاً إذا منعه إناه، وأما حَرُمَ الشيءُ
يَحْرُمُ حُرمة فبضم عين الفعل فيهما، يقال: حَرُمتِ
الصلاةُ على الحائض، حُرْما بضم الحاء، وسكون الراء، وأما
حَرِمَ يَحْرَمُ بكسر العين في الماضي، وفتحها في الغابر،
حَرَما بفتح الحاء، والراء، فمعناه قُمِرَ، وأحمرتُه أنا
إذا قمرته، وفي الحديث فوائد، الأولى: استحباب قراءة
الدعاء في صلاة الجنازة. والثانية: جواز الجهر بها، ولهذا
قال أبو هريرة: " صلى رسول الله على جنازة، فقال: اللهم "
إلى آخره، ولو لم يجهر بها النبي- عليه السلام- لما سمعها
أبو هريرة، ولكن الإخفاء أفضل، لأن جهره- عليه السلام-
ربما كان للتعليم.
والثالثة: أنه لا فرق بين الإيمان والإسلام، وهو حجة
للحنفية، فافهم. والرابعة: أن الخير والشر من الله تعالى،
فافهم إن كنت على ذكر من هذا، والحديث أخرجه: الترمذي،
والنسائي، وأخرجه الترمذي من حديث يحيى بن أبي كثير، قال:
حدثني أبو إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، قال: " كان رسول
الله- عليه السلام- إذا صلى على الجنازة قال: اللهم اغفر
لحينا وميتنا، وشاهدنا، وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا
وأنثانا".
وأخرجه النسائي، وقال الترمذي: حديث والد أبي إبراهيم حديث
حسن صحيح، وقال الترمذي أيضاً وسمعت محمداً- يعني:
البخاري- يقول: أصح الروايات في هذا حديث يحيى بن أبي
كثير، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، وسألته عن اسم أبي
إبراهيم الأشهلي فلم يعرفه، هذا آخر كلامه، وذكر بعضهم أن
أبا إبراهيم هو عبد الله بن أبي قتادة، وليس بصحيح، فإن
أبا قتادة سلمة، والله أعلم.
__________
(1) ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الدعاء في
الصلاة على الجنازة (1499) .
10. شرح سنن أبي داوود
(6/145)
1637- ص- نا عبد الرحمن بن إبراهيم
الدمشقي، نا الوليد، ح ونا إبراهيم بن موسى الرازي، نا
الوليد (1) ، نا مروان بن جناح، عن يونس بن ميسرة بن
حَلبَس، عن وائلة بن الأسقع، قال: " صلى بنا رسولُ الله-
عليه السلام- على رَجلٍ من المسلمينَ فسمعتُه يقولُ: اللهم
إن فلانَ بن فَلان في ذمَّتِكَ، فقه فتنةَ القبرِ " قال
عبد الرحمن: " في ذمَّتكَ، وحَبلِ جِوَارِكَ فقه من فتنة
الَقبَرِ، وعَذاب النارِ، وأنتَ أهلُ الوفاء وَالَحقِّ (2)
، اللهم اغفرْ (3) له وارحمهُ، إنك أنتم الغفورُ الرحيمُ "
(4) قالَ عبد الرحمن: عن مَرْوَان ابن جناح.
ش- عبد الرحمن بن إبراهيم هو دحيم، والوليد بن مسلم.
ومروان بن جَناح الأموي مولى الوليد بن عبد الملك أخو روح.
روى عن: أبيه، ويونس بن ميسرة، ومجاهد. روى عنه: الوليد بن
مسلم، وصدقة بن خالد، وقال الدارقطني: لا بأس به، وقال ابن
أبي حاتم: شيخ يكتب حديثه، ولا يحتج به (5) .
ويونس بن ميسرة بن حَلْبس الجبلاني بالجيم والباء الموحدة،
أبو عبيد الأعمى الدمشقي، أخو يزيد. روى عن: عبد الله بن
عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وواثلة بن الأسقع،
وجماعة آخرين. روى عنه: مروان بن جناح، والأوزاعي، ومحمد
بن مهاجر، وغيرهم، قال أحمد بن عبد الله: ثقة، وكذا قال
الدارقطني، مات في سنة اثنين وثلاثة ومائة، وهو ابن مائة
وعشرين سنة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (6) .
__________
(1) في سنن أبي داود بعد قوله "نا الوليد" "وحديث عبد
الرحمن أتم".
(2) في سنن أبي داود: "والحمد".
(3) في سنن أبي داود: " فاغفر ".
(4) ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الدعاء في
الصلاة على الجنازة (5) انظر ترجمته في ": تهذيب الكمال"
(27/ 5869) .
(6) المصدر السابق (32/ 185 7) .
(6/146)
قوله: " في ذمتك "/ أي: في أمانك أو في ضمانك، والذمة تجيء
بمعنى العهد، والأمان والضمان، والحرمة، والحق.
قوله: "فقه" أمر من وقى يقي ق، و" الهاء " فيها ضمير منصف
أب، بخلاف ما إذا قلت: قه أمر، فإن " الهاء" فيه للسكت
والراحة، و"فتنة القبر" السؤال الذي يسأل فيه الميت.
قوله: "وحبل جوارك " أي: أمانك، والحبل: العهد، والميثاق،
والأمان الذي يؤمن من العذاب، وكان من عادة العرب أن يحيف
بعضها بعضا، فكان الرجل إذا أراد سفرا أخذ عهدا من سيد كل
قبيلة فيأمن به مادام في حدودها حتى ينتهي إلى الأحْرى
فيأخذ مثل ذلك، فهذا حبل الجوار، أي: مادام يجاور أرضه، أو
هو من الإجارة، والأمان، والنصرة والحديث أخرجه ابن ماجه. |