شرح القسطلاني
إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري بسم الله الرحمن الرحيم
35 - كتاب السلم
(بسم الله الرحمن الرحيم).
(كتاب السلم) بفتح السين واللام السلف. قال النووي: وذكروا
في حد السلم عبارات أحسنها أنه عقد على موصوف في الذمة
ببدل يعطى عاجلاً بمجلس البيع سمي سلمًا لتسليم رأس المال
في المجلس وسلفًا لتقديم رأس المال، وأورد عليه أن اعتبار
التعجيل شرط لصحة السلم لا ركن فيه.
وأجيب: بأن ذلك رسم لا يقدح فيه ما ذكر وأجمع المسلمون على
جواز السلم انتهى.
وفي التلويح: وكرهت طائفة السلم، وروي عن أبي عبيدة بن عبد
الله بن مسعود أنه كان يكرهه والأصل في جوازه قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ
بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:
282] قال ابن عباس أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد
أحلّه الله في كتابه ثم تلا الآية، وفيه ما يدل على ذلك
وهو قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً
تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ
أَلَّا تَكْتُبُوهَا} [البقرة: 282] وهذا في البيع الناجز
فدلّ على أن ما قبله في الموصوف غير الناجز، واختلف في بعض
شروطه مع الاتفاق على أنه يشترط له ما يشترط للبيع وعلى
تسليم رأس المال في المجلس قاله في فتح الباري وهذا فيه
نظر فإن مذهب المالكية يجوز تأخيره كله أو بعضه إلى ثلاثة
أيام على المشهور لخفة الأمر في ذلك، وقيل لا يجوز للدين
بالدين وعلى القول باشتراط تسليم رأس المال في المجلس لو
تفرقا بعد قبض البعض صحّ فيه بقسطه ويشترط أيضًا في السلم
كون المسلم فيه دينًا لأنه الذي وضع له لفظ المسلم.
فإن قال: أسلمت إليك ألفًا في هذا العبد مثلاً أو أسلمت
إليك هذا العبد في هذا الثوب فليس بسلم لانتفاء شرطه ولا
بيعًا لاختلال لفظه لأن لفظ السلم يقتضي الدينية ويشترط
أيضًا القدرة على التسليم للمسلم إليه وقت الوجوب، فإن
أسلم فيما يعدم وقت الحلول كالرطب في الشتاء أو
فيما يعز وجوده لقلته كاللآلي الكبار فلا يصح وكذا يشترط
بيان محل تسليم المسلم فيه المؤجل، وإنما يشترط بيانه فيما
لحمله مؤونة وأن يقدر بالكيل أو الوزن أو الذرع أو العد
كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى وأن يصفه بما ينضبط به
على وجه لا يعز وجوده فلا يصح في المختلطات المقصودة
الأركان التي لا تنضبط قدرًا وصفة كالهريسة والحلوى
والعجونات فهذه ستة شروط للسلم زائدة على البيع.
1 - باب السَّلَمِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ
(باب السلم في كيل معلوم) أي فيما يكال.
وقد وقعت البسملة متوسطة بين كتاب وباب وقدّمها على الكتاب
في رواية المستملي، وأخّرها النسفيّ عن الباب وحذف كتاب
السلم كذا قاله الحافظ ابن حجر.
2239 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي
نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي
الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ:
"قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ فِي
الثَّمَرِ الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ -أَوْ قَالَ عَامَيْنِ
أَوْ ثَلاَثَةً، شَكَّ إِسْمَاعِيلُ- فَقَالَ: مَنْ
سَلَّفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ
وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ".
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيحٍ بِهَذَا. "فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ
مَعْلُومٍ".
[الحديث 2239 - أطرافه في: 2240، 2241، 2253].
وبه قال: (حدّثنا) وبالإفراد لأبي ذر (عمرو بن زرارة) بفتح
العين وزرارة بضم الزاي وتخفيف الراءين بينهما ألف أبو
محمد بن واقد قال: (أخبرنا إسماعيل ابن علية) بضم العين
وفتح اللام وتشديد التحتية اسم أمه واسم أبيه إبراهيم بن
سهم الأسدي قال (أخبرنا ابن أبي نجيح) بفتح النون وكسر
الجيم وبعد التحتية الساكنة حاء مهملة اسمه عبد الله واسم
أبيه يسار (عن عبد الله بن كثير) بالمثلثة أحد القراء
السبعة المشهور فيما جزم به المزي والقابسي وعبد الغني أو
هو ابن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي فيما جزم به
ابن طاهر والكلاباذي والدمياطي وكلاهما ثقة (عن أبي
المنهال) عبد الرحمن بن مطعم الكوفي وليس هو بأبي المنهال
سيار البصري (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: قدم
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة
والناس) أي والحال أن الناس (يسلفون) بضم أوله من أسلف (في
الثمر) بالمثلثة وفتح الميم (العام والعامين) بالنصب على
الظرفية (أو قال عامين أو ثلاثة شك إسماعيل) أي ابن علية
ولم يشك سفيان فقال وهم يسلفون في الثمر السنتين والثلاثة
(فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(من سلف) بتشديد اللام (في ثمر) بالمثناة وسكون الميم وفي
رواية ابن عيينة من أسلف في شيء وهو أشمل. وقال البرماوي
والعيني كالكرماني وفي بعضها أي نسخ البخاري أو رواياته
ثمر
بالمثلثة، والظاهر أنهم تبعوا في ذلك قول النووي في شرح
(4/116)
مسلم وفي بعضها بالمثلثة وهو أعم لكن
الكلام في رواية البخاري هل فيها بالمثلثة فالله أعلم
ولغير أبي ذر زيادة كيل (فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم).
قال في المصابيح: انظر قوله عليه الصلاة والسلام في جواب
هذا فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم مع أن المعيار الشرعي
في التمر بالمثناة الكيل لا الوزن انتهى.
وهذا قد أجابوا عنه بأن الواو بمعنى أو والمراد اعتبار
الكيل فيما يكال والوزن فيما يوزن.
وقال النووى في شرح مسلم: معناه إن أسلم كيلاً أو وزنًا
فليكن معلومًا وفيه دليل لجواز
السلم في المكيل وزنًا وهو جائز بلا خلاف، وفي جواز السلم
في الموزون كيلاً وجهان لأصحابنا أصحهما جوازه كعكسه
انتهى.
وهذا بخلاف الربويات لأن المقصود هنا معرفة القدر وهناك
المماثلة بعادة عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وحمل الإمام إطلاق الأصحاب جواز كيل الموزون على ما يعد
الكيل في مثله ضابطًا حتى لو أسلم في فتات المسك والعنبر
ونحوهما كيلاً لم يصح لأن للقدر اليسير منه مالية كثيرة
والكيل لا يعدّ ضابطًا فيه.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في السلم ومسلم في البيوع وكذا
أبو داود والترمذي، وأخرجه النسائي فيه وفي الشروط وابن
ماجة في التجارات.
وبه قال: (حدّثنا) وبالإفراد لأبي ذر (محمد) غير منسوب قال
الجياني هو ابن سلام وبه جزم الكلاباذي قال: (أخبرنا
إسماعيل) بن علية (عن ابن أبي نجيح) عبد الله بن يسار
(بهذا) الحديث المذكور (في كيل معلوم ووزن معلوم) الواو
بمعنى أو لأنّا لو أخذناه على ظاهرها من معنى الجمع لزم أن
يجمع في الشيء الواحد بين المسلم فيه كيلاً ووزنًا وذلك
يفضي إلى عزة الوجود وهو مانع من صحة السلم فتعين الحمل
على التفصيل.
2 - باب السَّلَمِ فِي وَزْنٍ مَعْلُومٍ
(باب السلم) حال كونه (في وزن معلوم) فيما يوزن.
2240 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي
الله عنهما- قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ
بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ: مَنْ
أَسْلَفَ فِي شَىْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ
مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ".
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ:
حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَقَالَ: «فَلْيُسْلِفْ
فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ».
وبه قال: (حدّثنا صدقة) بن الفضل المروزي قال: (أخبرنا ابن
عيينة) سفيان قال: (أخبرنا ابن أبي نجيح) عبد الله (عن عبد
الله بن كثير) المقري أو ابن المطلب بن أبي وداعة وصحح هذا
الأخير الجياني (عن أبي المنهال) عبد الرحمن (عن ابن عباس
-رضي الله عنهما-) أنه (قال: قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة وهم يسلفون في الثمر)
بالمثلثة وفتح الميم والذي في اليونينية بالفوقية وسكون
الميم وفي أوله موحدة بدل "في" في الرواية السابقة
(السنتين والثلاث) من غير شك كما مرّ (فقال) عليه الصلاة
والسلام.
(من أسلف في شيء) شامل للحيوان فيصح السلم فيه خلافًا
للحنفية لنا أنه ثبت في الذمة قرضًا في حديث مسلم أنه
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اقترض بكرًا وقيس
عليه السلم وعلى البكر غيره من سائر الحيوانات وحديث النهي
عن السلف في الحيوان قال ابن السمعاني غير ثابت وإن خرجه
الحاكم (ففي كيل معلوم) فيما يكال كالقمح والشعير (ووزن
معلوم) فيما يوزن وكذا عدّ فيما بعد كالحيوان وذرع فيما
يذرع كالثوب ويصح المكيل وزنًا وعكسه كما مرّ ولو أسلم في
مائة صاع حنطة على أن وزنها كذا لم يصح لأن ذلك يعز وجوده
ويشترط الوزن في البطيخ والباذنجان والقثاء والسفرجل
والرمان فلا يكفي فيها الكيل لأنها تتجافى في المكيال ولا
العد لكثرة التفاوت فيها والجمع فيها بين العد والوزن مفسد
لما تقدم ويصح السلم في الجوز واللوز بالوزن في نوع يقل
اختلافه بغلظ قشوره ورقتها بخلاف ما يكثر اختلافه بذلك فلا
يصح ويجمع في اللبن بكسر الموحدة بين العد والوزن بأن يقول
مائة لبنة وزن كل لبنة واحدة رطل (إلى أجل معلوم).
قال النووي: وليس ذكر الأجل في الحديث لاشتراط الأجل بل
معناه إن كان أجل فليكن معلومًا، وبقية مباحث ذلك تأتي، إن
شاء الله تعالى في باب السلم إلى أجل معلوم والله الموفق.
وبه قال: (حدّثنا علي) هو ابن عبد الله المديني قال:
(حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن أبي
نجيح) عبد الله، (وقال) بعد أن روى الحديث عن أبي المنهال
عن ابن عباس كما مرّ. (فليسلف في كيل معلوم) فيما يكال
(إلى أجل معلوم) إن كان مؤجلاً كما مرّ.
2241 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ
عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ
-رضي الله عنهما- يَقُولُ: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... وَقَالَ: فِي كَيْلٍ
مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ".
وبه قال: (حدّثنا
(4/117)
قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا سفيان) بن
عيينة (عن ابن أبي نجيح) عبد الله بن يسار (عن عبد الله بن
كثير) بن المطلب أو المقري كما مرّ قريبًا (عن أبي
المنهال)
عبد الرحمن بن مطعم أنه (قال: سمعت ابن عباس -رضي الله
عنهما- يقول: قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-) أي المدينة كما في السابقة. الحديث (وقال):
(في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) أثبت الوزن في
هذه وأسقطه من سابقتها وقال في الثلاث إلى أجل معلوم وصرّح
في الطريق الأولى بالإخبار بين ابن عيينة وابن أبي نجيح.
2242 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ ح. وَحَدَّثَنَا يَحْيَى
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
أَبِي الْمُجَالِدِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ أَوْ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْمُجَالِدِ قَالَ: "اخْتَلَفَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَأَبُو
بُرْدَةَ فِي السَّلَفِ، فَبَعَثُونِي إِلَى ابْنِ أَبِي
أَوْفَى -رضي الله عنه-، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: إِنَّا
كُنَّا نُسْلِفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي
الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ".
وَسَأَلْتُ ابْنَ أَبْزَى فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. [الحديث
2242 - طرفاه في: 2244، 2255]. [الحديث 2243 - طرفاه في:
2245، 2254].
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي
قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن ابن أبي المجالد) بضم
الميم وفتح الجيم وبعد الألف لام مكسورة فدال مهملة
بالإبهام قال المؤلّف بالسند إليه (ح).
(وحدّثنا يحيى) هو ابن موسى السختياني البلخي المعروف بخت
أحد مشايخ المؤلّف قال: (حدّثنا وكيع) هو ابن الجراح (عن
شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن أبي المجالد) فسماه هنا
محمدًا وأبهمه في الأولى كما مرّ.
وبه قال (حدّثنا حفص بن عمر) الحوضي النمري قال (حدّثنا
شعبة) بن الحجاج (قال: أخبرني) بالإفراد (محمد أو عبد الله
بن أبي المجالد) بالشك وجزم أبو داود بأن اسمه عبد الله،
وأورده المؤلّف في الباب التالي من رواية عبد الواحد بن
زياد وجماعة عن أبي إسحاق الشيباني فقالوا عن محمد بن أبي
المجالد ولم يشك في اسمه، وكذا ذكره المؤلّف في تاريخه في
المحميدين.
(قال) أي ابن أبي المجالد (اختلف عبد الله بن شداد بن
الهاد) أصله الهادي بالياء (وأبو بردة) بضم الموحدة عامر
بن أبي موسى الأشعري قاضي الكوفة (في السلف) أي في السلم
أي هل يجوز السلم إلى من ليس عنده المسلم فيه في تلك
الحالة أم لا؟ (فبعثوني إلى ابن أبي أوفى) عبد الله وجمع
الضمير إما باعتبار أن أقل الجمع اثنان أو باعتبارهما ومن
معهما (-رضي الله عنه- فسألته) عن ذلك (فقال: إنّا كنّا
نسلف على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-) في زمنه وأيام حياته (و) على عهد (أبي بكر
وعمر) الخليفتين من بعده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- ورضي عنهما (في الحنطة والشعير والزبيب والتمر)
بالمثناة وسكون الميم وذكر أربعة أشياء من المكيلات ويقاس
عليها سائرها مما يدخل تحت الكيل، (وسألت ابن أبزى) بفتح
الهمزة والزاي بينهما موحدة ساكنة عبد الرحمن أحد صغار
الصحابة (فقال مثل ذلك) الذي قاله عبد الله بن أبي أوفى.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في البيوع وكذا النسائي وابن
ماجة في التجارات.
3 - باب السَّلَمِ إِلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلٌ
(باب) حكم (السلم إلى من ليس عنده) مما أسلف فيه (أصل).
2244، 2245 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمُجَالِدِ قَالَ:
"بَعَثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو بُرْدَةَ
إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى -رضي الله عنهما-
فَقَالاَ: سَلْهُ هَلْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَهْدِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسْلِفُونَ فِي
الْحِنْطَةِ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا نُسْلِفُ
نَبِيطَ أَهْلِ الشَّأْمِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ
وَالزَّيْتِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.
قُلْتُ: إِلَى مَنْ كَانَ أَصْلُهُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: مَا
كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ بَعَثَانِي إِلَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:
كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-، يُسْلِفُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ
أَلَهُمْ حَرْثٌ أَمْ لاَ".
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي
مُجَالِدٍ بِهَذَا وَقَالَ: "فَنُسْلِفُهُمْ فِي
الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الْوَلِيدِ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ
وَقَالَ: "وَالزَّيْتِ". حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ وَقَالَ: "فِي الْحِنْطَةِ
وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ".
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا
عبد الواحد) بن زياد قال: (حدّثنا الشيباني) بفتح الشين
المعجمة أبو إسحاق سليمان قال: (حدّثنا محمد بن أبي
المجالد) ولأبي ذر مجالد (قال: بعثني عبد الله بن شداد) هو
ابن الهاد (وأبو بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري (إلى عبد
الله بن أبي أوفى -رضي الله عنهما- فقالا سله) بسين مهملة
مفتوحة فلام ساكنة (هل كان أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في زمنه وأيام حياته (يسلفون) بضم
الياء وسكون السين من الإسلاف (في الحنطة) فسألته عن ذلك
(قال) ولأبوي ذر والوقت فقال (عبد الله) بن أبي أوفى: (كنا
نسلف نبيط أهل الشام) بفتح النون وكسر الموحدة وسكون
المثناة التحتية وآخره طاء مهملة أهل الزراعة وقيل قوم
ينزلون البطائح وسموا به لاهتدائهم إلى استخراج المياه من
الينابيع لكثرة معالجتهم الفلاحة وقيل نصارى الشام الذين
عمروها (في الحنطة والشعير) مما يكال (والزيت) مما يوزن
وهذا بدل قوله في السابقة الزبيب ويقاس عليه الشيرج والسمن
ونحوهما (في كيل معلوم) أي ووزن معلوم فيما يكال أو يوزن
ويلحق بهما الذرع والعدد للجامع بينهما وهو عدم الجهالة
بالمقدار وأجمعوا على أنه لا بدّ من معرفة صفة الشيء
المسلم فيه صفة تميّزه عن غيره، وإنما لم يذكر في الحديث
لأنهم كانوا
يعملون به، وإنما تعرض لذكر
(4/118)
ما كانوا يهملونه (إلى أجل معلوم) قال ابن
أبي المجالد (قلت) لابن أبي أوفى هل كان السلم (إلى من كان
أصله عنده) أي المسلم فيه (قال: ما كنا نسألهم عن ذلك ثم
بعثاني إلى عبد الرحمن بن أبزى فسألته) عن ذلك (فقال: كان
أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسلفون
على) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: في (عهد النبي -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم نسألهم ألهم حرث) أي زرع
(أم لا) حرث لهم.
وبه قال: (حدّثنا إسحاق) بن شاهين الواسطي قال: (حدّثنا
خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن الطحان الواسطي (عن
الشيباني) سليمان (عن محمد بن أبي مجالد بهذا) الحديث
(وقال) فيه (فنسلفهم في الحنطة والشعير).
(وقال عبد الله بن الوليد) العدني نزيل مكة (عن سفيان)
الثوري مما هو موصول في جامع سفيان قال: (حدّثنا الشيباني)
سليمان (وقال: والزيت) آخره مثناة فوقية.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال (حدّثنا جرير) هو ابن
عبد الحميد (عن الشيباني) سليمان (وقال: في الحنطة والشعير
والزبيب) بالموحدتين بينهما تحتية ساكنة بدل الزيت في
السابقة.
2246 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا
عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيَّ
قَالَ: "سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ
السَّلَمِ فِي النَّخْلِ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى
يُؤْكَلَ مِنْهُ وَحَتَّى يُوزَنَ. فَقَالَ الرَّجُلُ:
وَأَىُّ شَىْءٍ يُوزَنُ؟ قَالَ رَجُلٌ إِلَى جَانِبِهِ:
حَتَّى يُحْرَزَ". وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ سَمِعْتُ ابْنَ
عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ. [الحديث 2246 -
طرفاه في: 2248، 2250].
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال (حدّثنا شعبة) بن
الحجاج قال: (أخبرنا عمرو) بفتح العين ابن مرة بضم الميم
ابن عبد الله المرادي الأعمى الكوفي (قال: سمعت أبا
البختري) بفتح الموحدة وسكون الخاء المعجمة وفتح المثناة
الفوقية وبالراء وتشديد التحتية سعيد بن فيروز الكوفي
(الطائي قال: سألت ابن عباس -رضي الله عنهما- عن السلم في)
ثمر (النخل قال) ولأبي ذر فقال: (نهى النبي -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بيع) ثمر (النخل حتى يؤكل
منه) بأن يظهر صلاحه (وحتى يوزن فقال الرجل) أي أبو
البختري قاله الكرماني وقال الحافظ ابن حجر لم أقف على
اسمه (وأيّ شيء يوزن) إذ لا يمكن وزن الثمر على النخل (قال
رجل) لم يسم (إلى جانبه) أي جانب ابن عباس المراد (حتى
يحرز) بتقديم الراء على الزاي أي يحفظ، ولأبي ذر عن
الكشميهني: حتى تحرز بتقديم الزاي على الراء أي تخرص وكلها
أي الأكل والوزن والخرص كنايات عن ظهور صلاحها، ومفهومه
جواز السلم إذا بدا صلاح الثمرة وليس كذلك لأن العقد لم
يقع على موصوف في الذمة بل على ثمرة تلك النخلة خاصة فليس
مسترسلاً في الذمة مطلقًا فذكر الغاية بيان للواقع لأنهم
كانوا يسلفون قبل صيرورته مما يؤكل والقيود التي خرجت مخرج
الأغلب لا مفهوم لها قاله الكرماني. وقول ابن بطال فيما
نقلة الزركشي
والعيني والكرماني: هذا الحديث ليس من هذا الباب، وإنما هو
من الباب الذي بعده وغلط فيه الناسخ، تعقبه ابن المنير بأن
التحقيق أنه من هذا الباب قال وقلّ من يفهم ذلك.
ووجه مطابقته أن ابن عباس لما سئل عن السلم إلى من له نخل
في ذلك النخل عدّ ذلك من قبيل بيع الثمار قبل بدوّ صلاحها
وإذا كان السلم في النخل المعين لا يجوز لم يبق لوجودها في
ملك المسلم إليه فائدة متعلقة بالسلم فتعين جواز السلم إلى
من ليس عنده أصل، وإلاّ يلزم سدّ باب السلم بل لعله أجوز
لأنه يؤمن فيه غائلة اعتمادها على هذا النخل بعينه فيلحق
ببيع الثمار قبل بدو صلاحها.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا ومسلم في البيوع.
(وقال معاذ) هو ابن معاذ التميمي قاضي البصرة (حدّثنا
شعبة) بن الحجاج (عن عمرو) هو ابن مرة السابق (وقال أبو
البختري) سعيد بن فيروز (سمعت ابن عباس رضي الله عنهما)
يقول: (نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مثله) أي مثل الحديث السابق.
وهذا وصله الإسماعيلي عن يحيى بن محمد عن عبيد الله بن
معاذ عن أبيه به.
4 - باب السَّلَمِ فِي النَّخْلِ
(باب) حكم (السلم في) ثمر (النخل).
2247، 2248 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ:
"سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ السَّلَمِ
فِي النَّخْلِ فَقَالَ: نُهِيَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ
حَتَّى يَصْلُحَ، وَعَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ نَسَاءً
بِنَاجِز. وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السَّلَمِ فِي
النَّخْلِ فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى
يُؤْكَلَ مِنْهُ أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَحَتَّى يُوزَنَ".
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي
قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عمرو) هو ابن مرة السابق
في الباب قبله (عن أبي البختري) بفتح الموحدة والفوقية
بينهما خاء معجمة ساكنة سعيد أنه (قال: سألت ابن عمر -رضي
الله عنهما- عن السلم في) ثمر (النخل فقال): (نهي) بضم
النون مينيًا للمفعول باتفاق الروايات كما في
(4/119)
الفتح (عن بيع) ثمر (النخل حتى يصلح) أي
يظهر فيه الصلاح فإذا ظهر صح السلم فيه وهو قول المالكية
(و) نهي (عن بيع الورق) بكسر الراء ويجوز سكونها الدراهم
المضروبة من الفضة أي بالذهب كما في الرواية الأخرى (نساء)
بفتح النون والمهملة والمد أي تأخيرًا (بناجز) أي حاضر
ونساء نصب على الحال إما بجعل المصدر نفسه حالاً على
المبالغة أو تأويله باسم المفعول أي بمؤخرًا أو على الحذف
أي ذا تأخير أو أن يجعل نساء مصدر فعل محذوف ناصب له أي
ينسأ نساء.
قال أبو البختري: (وسألت ابن عباس) -رضي الله عنهما- (عن
السلم في النخل فقال: نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عن بيع) ثمر (النخل حتى يؤكل منه) بضم أول يؤكل
وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول (أو) قال (يأكل) بفتح فضم أي
يأكل صاحبه (منه وحتى يوزن) مبنيًّا للمفعول أي يخرص.
2249، 2250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو
عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ: "سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي
الله عنهما- عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ: نَهَى
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ
بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَنَهَى عَنِ الْوَرِقِ
بِالذَّهَبِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ. وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ
فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَأْكُلَ أَوْ
يُؤْكَلَ وَحَتَّى يُوزَنَ. قُلْتُ: وَمَا يُوزَنُ؟ قَالَ
رَجُلٌ عِنْدَهُ: حَتَّى يُحْرَزَ".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة
قال: (حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن
الحجاج (عن عمرو) هو ابن مرة (عن أبي البختري) بفتح
الموحدة والفوقية بينهما معجمة ساكنة سعيد أنه قال (سألت
ابن عمر -رضي الله عنهما- عن السلم في) ثمر (النخل فقال:
نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي بعض
النسخ وهو اليونينية للأبوين نهى عمر -رضي الله عنه- نهيه
إما باجتهاد أو سماع من الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- (عن بيع التمر حتى يصلح ونهى عن الورق) أي عن
بيع الفضة (بالذهب نساء) تأخيرًا (بناجز) أي حاضر.
قال أبو البختري: (وسألت ابن عباس) -رضي الله عنهما- عن
السلم في النخل (فقال: نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عن بيع) ثمر (النخل حتى يأكل) منه صاحبه (أو
يؤكل) بضم أوله مبنيًّا للمفعول (وحتى يوزن) مبنيًّا
للمفعول أيضًا. قال أبو البختري: (قلت وما يوزن؟ قال رجل)
لم يسم (عنده)، أي عند ابن عباس (حتى يحزر) بسكون الحاء
المهملة وتقديم الزاي على الراء لأبي ذر عن الكشميهني أي
يخرص، وفي رواية يحرز بتقديم بالراء أي يحفظ ويصان وفي
أخرى يحرر براءين مهملتين الأولى مشددة أي بالخرص ليعلم
كمية حق الفقراء قبل أن يبسط المالك يده في التمر فحينئذٍ
يصح السلم فيه وهو قول المالكية خلافًا للجمهور، وقد نقل
ابن المنذر اتفاق الأكثر على منع السلم في نخل معين من
بستان معين بعد بدوّ الصلاح لأنه غرر، وحملوا الحديث على
السلم ويشهد لمذهب الجمهور حديث عبد الله بن سلام في قصة
إسلام زيد بن سعنة بفتح السين وسكون العين المهملتين بعدها
نون المروي عند ابن حبان والحاكم والبيهقي أنه قال للنبي
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هل لك أن تبيعني
تمرًا معلومًا إلى أجل معلوم من حائط بني فلان؟ قال: "لا
أبيعك من حائط مسمى بل أبيعك أوسقًا مسماة إلى أجل مسمى".
وقول ابن عمر في الرواية الأولى نهي المبني للمفعول في
معنى المرفوع بدليل تصريحه في الثانية بقوله نهى النبي
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال في الثانية عن
بيع الثمر بدل قوله في الأولى عن بيع النخل، وسقط في رواية
ابن عباس الثانية قوله في الأولى عن السلم في النخل وقدم
يأكل المبني للفاعل على يؤكل المبني للمفعول في الثانية
وأخره في الأولى.
5 - باب الْكَفِيلِ فِي السَّلَمِ
(باب الكفيل في السلم).
2251 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بن سلاّم حَدَّثَنَا يَعْلَى
حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ
عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتِ: "اشْتَرَى
رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا
لَهُ مِنْ حَدِيدٍ".
وبه قال: (حدّثنا) وبالإفراد لأبي ذر (محمد بن سلام) وسقط
ابن سلام لغير أبي ذر قال: (حدّثنا يعلى) بفتح التحتية
واللام وبينهما عين مهملة ساكنة ابن عبيد الله بالتصغير
الطنافسي الحنفي الكوفي قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن
مهران (عن إبراهيم) النخعي (عن الأسود) بن يزيد النخعي (عن
عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: اشترى رسول الله
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طعامًا) ثلاثين صاعًا
من شعير أو أربعين أو عشرين (من يهودي) هو أبي الشحم
بالمعجمة ثم المهملة (بنسيئة ورهنه درعًا له من حديد) هي
ذات الفضول.
ودلالة الحديث على الترجمة من حيث إنه يراد بالكفالة
الضمان ولا ريب أن المرهون ضامن للدين لأنه يباع فيه يقال
أكفلته إذا ضمنته إياه أو يقاس على الرهن بجامع كونهما
وثيقة، ولهذا
(4/120)
كل ما صح الرهن فيه صح ضمانه والعكس أو
أشار إلى ما ورد في بعض طرق الحديث على عادته، ففي الرهن
عن مسدد عن عبد الواحد عن الأعمش قال تذاكرنا عند إبراهيم
الرهن والقبيل في السلف الحديث ففيه التصريح بالرهن
والكفيل لأن القبيل هو الكفيل والمراد بالسلم السلف سواء
كان في الذمة نقدًا أو جنسًا.
6 - باب الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ
(باب الرهن في السلم).
2252 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ:
"تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي
السَّلَفِ فَقَالَ: "حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ
-رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا
إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَارْتَهَنَ مِنْهُ دِرْعًا مِنْ
حَدِيدٍ".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن محبوب) بالحاء
المهملة والموحدتين بينهما واو ساكنة أبو عبد الله البصري
قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: (حدّثنا الأعمش)
سليمان (قال: تذاكرنا عند إبراهيم) النخعي (الرهن في
السلف) وقد أخرج الإسماعيلى من طريق ابن نمير عن للأعمش أن
رجلاً قال لإبراهيم النخعي أن سعيد بن جبير يقول إن الرهن
في السلم هو الربا المضمون فرد إبراهيم بهذا الحديث (فقال:
حدّثني) بالإفراد (الأسود) ابن زياد (عن عائشة -رضي الله
عنها- أن
النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشترى من يهودي
طعامًا إلى أجل معلوم) سقط لأبي ذر قوله معلوم (وارتهن)
اليهودي (منه) عليه الصلاة والسلام (درعًا من حديد) وقد
قال الله تعالى: {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}
إلى أن قال: {فرهان مقبوضة} [البقرة: 282، 283] وهو عام
فيدخل فيه السلم ولأنه أحد نوعي البيع وقال المرداوي من
الحنابلة في تنقيحه ولا يصح أخذ رهن وكفيل بمسلم فيه وعنه
أي عن الإمام أحمد يصح وهو أظهر انتهى.
واستدلّ للقول بالمنع بحديث أبي داود عن أبي سعيد من أسلم
في شيء فلا يصرفه إلى غيره وجه الدلالة منه أنه لا يأمن
هلاك الرهن في يده بعدوان فيصير مستوفيًا لحقه من غير
المسلم فيه وعن ابن عباس رفعه من أسلم في شيء فلا يشترط
على صاحبه غير قضائه أخرجه الدارقطني وإسناده ضعيف، ولو صح
فهو محمول على شرط ينافي مقتضى العقد. وقال ابن بطال: وجه
احتجاج النخعي بحديث عائشة أن الرهن لما جاز في الثمن جاز
في المثمن وهو المسلم فيه إذ لا فرق بينهما.
7 - باب السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ
وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالأَسْوَدُ
وَالْحَسَنُ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لاَ بَأْسَ فِي الطَّعَامِ
الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ
مَا لَمْ يَكُ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ.
(باب السلم إلى أجل معلوم وبه) أي باختصاص السلم بالأجل
(قال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله الشافعي من
طريق أبي حسان عن الأعرج عن ابن عباس، (وأبو سعيد) الخدري
فيما وصله عبد الرزاق، (والأسود) بن يزيد مما وصله ابن أبي
شيبة، (والحسن) البصري مما وصله سعيد بن منصور.
(وقال ابن عمر) بن الخطاب مما وصله في الموطأ: (لا بأس)
بالسلف (في الطعام الموصوف بسعر معلوم إلى أجل معلوم ما لم
يك) أصله يكن فأسقط النون للتخفيف (ذلك) السلم (في زرع لم
يبد صلاحه) فإن بدا صح وهذا مذهب المالكية كما مر تقريره
في الباب السابق.
2253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي
الله عنهما- قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي
الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ:
أَسْلِفُوا فِي الثِّمَارِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى
أَجَلٍ مَعْلُومٍ". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
نَجِيحٍ وَقَالَ: «فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ
مَعْلُومٍ».
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا
سفيان) بن عيينة (عن ابن أبي نجيح) عبد الله (عن عبد الله
بن كثير) بالمثلثة المقري أو ابن المطلب بن أبي وداعة (عن
أبي المنهال)
بكسر الميم عبد الرحمن (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه
(قال: قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
المدينة وهم) أي أهلها (يسلفون) بضم التحتية وبالفاء (في
الثمار) بالمثلثة والجمع (السنتين والثلاث فقال) عليه
الصلاة والسلام.
(أسلفوا في الثمار في كيل معلوم) فيما يكال (إلى أجل
معلوم). وقد أشار المؤلّف بالترجمة إلى الرد على من أجاز
السلم الحال وهو مذهب الشافعية واستدلّ له بهذا الحديث
المذكور في أوائل السلم.
وقد أجاب الشافعية عنه كما سبق تقريره بحمل قوله إلى أجل
معلوم على العلم بالأجل فقط فالتقدير عندهم من أسلم إلى
أجل فليسلم إلى أجل معلوم لا مجهول، وأما السلم لا إلى أجل
فجوازه بطريق الأولى لأنه إذا جاز مع الأجل وفيه الغرر فمع
الحال أولى لكونه أبعد من الغرر فيصح السلم عند الشافعية
حالاً ومؤجلاً فلو أطلق بأن لم يذكر الحلول ولا التأجيل
انعقد حالاً ولو أقّت بالحصاد وقدوم الحاج ونحوهما مطلقًا
لا يصح إذ ليس لهما وقت معين.
وقال الحنفية والمالكية: لا بد من اشتراط الأجل لحديث
الباب وغيره واختلفوا في حدّ الأجل فقال
(4/121)
المالكية أقله خمسة عشر يومًا على المشهور وهو قول ابن
القاسم نظرًا إلى أن ذلك مظنة اختلاف الأسواق غالبًا. وقال
الطحاوي من الحنفية أقله ثلاثة أيام اعتبارًا بمدّة الخيار
وعن بعض الحنفية لو شرط نصف يوم جاز وعن محمد شهر قال صاحب
الاختيار وهو الأصح.
(وقال عبد الله بن الوليد) العدني (حدّثنا سفيان) بن عيينة
مما هو موصول في جامع سفيان قال: (حدّثنا ابن أبي نجيح
وقال في كيل معلوم) وزاد (و) في (وزن معلوم) وصرح فيه
بالتحديث وهو في السابق بالعنعنة.
2254، 2255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ
سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي
مُجَالِدٍ قَالَ: "أَرْسَلَنِي أَبُو بُرْدَةَ وَعَبْدُ
اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
أَبْزَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى
فَسَأَلْتُهُمَا عَنِ السَّلَفِ فَقَالاَ: كُنَّا نُصِيبُ
الْمَغَانِمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ
أَنْبَاطِ الشَّأْمِ، فَنُسْلِفُهُمْ فِي الْحِنْطَةِ
وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. قَالَ:
قُلْتُ: أَكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ
زَرْعٌ؟ قَالاَ مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي قال: (أخبرنا عبد
الله) بن المبارك قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن سليمان
الشيباني) بفتح المعجمة (عن محمد بن أبي مجالد) بدون الألف
واللام، ولأبي ذر: بإثباتهما أنه (قال: أرسلني أبو بردة)
عامر بن أبي موسى الأشعري (وعبد الله بن شداد) بالمعجمة
وتشديد المهملة الأولى لما اختلفا في السلف (إلى عبد
الرحمن بن أبزى) بفتح الهمزة والزاي بينهما موحدة ساكنة
(وعبد الله بن أبي أوفى فسألتهما عن السلف فقالا) أي ابن
أبزى وابن أبي أوفى
(كنا نصيب المغانم) هي ما أخذ من الكفار قهرًا (مع رسول
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكان يأتينا
أنباط) جمع نبط كفرس ونبيط كجميل وهم نصارى الشأم الذين
عمروها أو المزارعون (من أنباط الشام فنسلفهم في الحنطة
والشعير والزبيب)، ولأبي ذر: والزيت بالمثناة الفوقية آخره
بدل الزبيب بالموحدة (إلى أجل مسمى) لم يذكر إلى أجل مسمى
في الرواية السابقة في باب السلم إلى من ليس عنده أصل
(قال) أي ابن أبي المجالد (قلت) لهما (أكان لهم) أي
للأنباط (زرع أو لم يكن لهم زرع قال: ما كنا نسألهم عن
ذلك).
ومطابقته للترجمة في قوله إلى أجل مسمى كما لا يخفى، وقد
ذكر الحديث قريبًا من ثلاث طرق باختلاف الشيوخ والزيادة في
المتن وغيره.
8 - باب السَّلَمِ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ
(باب السلم إلى أن تنتج الناقة) بضم المثناة الفوقية
الأولى وفتح الثانية وسكون النون بينهما آخره جيم أي إلى
أن تلد.
2256 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا
جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله
عنه- قَالَ: "كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الْجَزُورَ إِلَى
حَبَلِ الْحَبَلَةِ، فَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُ". فَسَّرَهُ نَافِعٌ: إِلَى
أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: بالإفراد (موسى بن إسماعيل)
التبوذكي قال: (أخبرنا جويرية) بن أسماء الضبعي البصري (عن
نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله) بن عمر (-رضي الله عنه-)
وعن أبيه أنه (قال: كانوا) في الجاهلية (يتبايعون الجزور)
بفتح الجيم واحد الإبل يقع على الذكر والأُنثى (إلى حبل
الحبلة فنهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عنه فسره نافع) الراوي عن ابن عمر (إلى أن تنتج الناقة)
بضم أوله وفتح ثالثه والناقة بالرفع أي تلد (ما في بطنها)
زاد في باب بيع الغرر وحبل الحبلة ثم تنتج التي في بطنها
لكنه لم ينسبه لتفسير نافع. نعم قال الإسماعيلي إنه مدرج
من كلام نافع أي إلى أن تلد هذه الدابّة ويلد ولدها،
والمراد أنه يبيع بثمن إلى نتاج النتاج وبطلان البيع
المستفاد من النهي لأنه إلى أجل مجهول ففيه عدم جواز السلم
إلى أجل غير معلوم، ولو أسند إلى شيء يعرف بالعادة خلافًا
لمالك ورواية عن أحمد.
وهذا الحديث قد مرّ في باب بيع الغرر وحبل الحبلة. |