شرح الموطأ عبد الكريم الخضير

الموطأ- كتاب صلاة الليل (1)
شرح: باب: ما جاء في صلاة الليل، وباب: صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوتر.

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.

كتاب صلاة الليل: باب: ما جاء في صلاة الليل:
قال الإمام يحيى -رحمه الله تعالى-:
كتاب صلاة الليل:
باب: ما جاء في صلاة الليل:
عن مالك عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضاً أنه أخبره أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة)).
عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح".
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا نعس أحدكم في صلاته فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه)).
عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع امرأة من الليل تصلي فقال: ((من هذه؟ )) فقيل له: هذه الحولاء بنت تويت، لا تنام الليل، فكره ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى عُرفت الكراهية في وجهه، ثم قال: ((إن الله -تبارك وتعالى- لا يمل حتى تملوا، اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة)).

(19/1)


عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كان يصلي من الليل ما شاء الله حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم: ((الصلاة الصلاة)) ثم يتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [(132) سورة طه].
عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول: يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها.
عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان يقول: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، يسلم من كل ركعتين"، قال مالك -رحمه الله-: "وهو الأمر عندنا".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب صلاة الليل:

(19/2)


يعني: كتاب الصلاة التي ظرفها الليل، وصلاة الليل من أفضل الأعمال، وهي دأب الصالحين، يقول الله -جل وعلا-: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ} [(79) سورة الإسراء] ويقول -جل وعلا-: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [(16) سورة السجدة]، ويقول -جل وعلا-: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر]، المقابلة تقتضي أن يكون أهل القيام هم الذين يعلمون، وأهل الغفلة والنوم هم الذين لا يعلمون، فدل على أن العلم هذا الوصف الشريف إنما يستحقه من يعمل به، والذي لا يعمل به يستحق ضده، وهو عدم العلم {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [(9) سورة الزمر] هذا هو الباعث للمسلم على قيام الليل، ثم ذيل الآية بقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر] وهم أهل القيام والعمل {وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر] وهم أهل الغفلة والنوم، وإن حصلوا ما حصلوا من العلوم؛ لأن العلم الحقيقي هو ما نفع، أما العلم الذي لا ينفع فليس بعلم في الحقيقة، وإن حصل منه صاحبه ما حصل، وإن أدرك به من أمور الدنيا ما أدرك، ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله))، فالذين يحملون العلم ويستحقون هذا الوصف الشريف هم العدول، هم الذين يعملون بالعلم، أما الذي لا يعمل بعلمه ما الفائدة من علمه؟ لا فائدة، وجوده مثل عدمه، بل هو وبال على صاحبه، قد يقول قائل: إن هذه نافلة، فكيف يسلب الوصف مَن ترك النافلة؟ {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر] هذه نافلة، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عبد الله بن عمر: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فالمدح إنما عُلق على القيام، فكان عبد الله -رضي الله عنه- لا ينام من الليل إلا قليلاً، فهذا وصف أهل العلم، وهذا شأن أهل العلم، شأنهم العمل بما علموا، وما تعلموا، أما الذي لا

(19/3)


يعمل فليس من أهل العلم بهذه الآية، والله المستعان.
{كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [(17) سورة الذاريات] {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [(17) سورة الذاريات] و (ما) هذه ويش تصير؟ الهجوع ويش هو؟ الهجوع: النوم، {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [(17) سورة الذاريات] هذا هو المراد أنهم يقومون قليلاً؟ لا ينامون قليلاً؟ أو أن هجوعهم قليل؟ قليلاً من الليل الذي يهجعونه، {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [(17) سورة الذاريات] أي الذي يهجعونه، يعني الذي ينامونه؟ احتمال.
الامتثال من قبل عبد الله بن عمر الصحابي المؤتسي الممتثل ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً، وقد عُرف بهذا، عُرف بسرعة الامتثال، ((يا عبد الله كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) ماذا قال عبد الله؟ فكان عبد الله يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح".

باب: ما جاء في صلاة الليل:
صلاة الليل سنة مؤكدة عند عامة أهل العلم، وأوجب بعضهم ما يطلق عليه اسم القيام، ولو كان شيئاً يسيراً، لكنه قول مهجور شاذ، واختلف في حقه -عليه الصلاة والسلام- هل كانت صلاة الليل عليه واجبة أو ليست بواجبة؟ يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن المنكدر -المدني- عن سعيد بن جبير -الأسدي مولاهم الكوفي- عن رجل عنده رضاً" رضا: مصدر، رضي يرضى رضىً، مصدر، والمقصود به اسم المفعول، كما يقال: حمل يعني محمول، التعبير بالمصدر عن اسم الفاعل أو اسم المفعول يراد به المبالغة في الوصف؛ لأنه صار كأنه هو المادة نفسها، هو الرضا كله.

(19/4)


يقول ابن عبد البر: "هو الأسود بن يزيد النخعي، وهو رجلاً رضاً عند سعيد بن جبير، وعند غيره من أهل العلم، وهو مصرح به في رواية النسائي، وفي إسناده أبو جعفر الرازي وليس بالقوي"، أبو جعفر الرازي اسمه إيش؟ اسمه: عيسى بن ماهان، "أنه أخبره أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من امرئٍ)) " امرئ للمذكر، يعني: ما من رجل، وراؤه تتبع إعرابه، تقول: جاء امرؤٌ، ورأيت امرأً، وما من امرئ، كما هنا، و (ما) نافية، و (من) زائدة لتأكيد النفي، و (امرئ) مجرور بمن لفظاً، وإن كان مرفوع محلاً على إيش؟ اسم (ما) هذا إذا قلنا: إنها حجازية، وإذا قلنا: (ما) تميمية فيكون رفعه على الابتداء، ((ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم)) يغلبه عليها نوم هذا عند الباجي يحتمل أمرين: إما أن يغلبه النوم عن القيام إليها بالكلية فلا يستيقظ إلا مع طلوع الصبح، والاحتمال الثاني: أنه يقوم ليصلي فيغلبه النوم على الإتيان بها أو ببعضها، واللفظ محتمل، ((ما من امرئ تكون له صلاة بليلٍ يغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته)) التي اعتادها، التي اعتادها، أما الذي ما اعتاد الصلاة يكتب له شيء؟ ومثل هذا قل في المسافر والمريض، الذين ما اعتادوا من العبادات شيء، يكتب له شيء إذا مرض أو سافر؟ ما يكتب له شيء، إنما يكتب له ما كان يعمله مقيماً صحيحاً، وهنا يكتب له ما كان يعمله قبل ذلك، وما نواه ..
طالب:. . . . . . . . .

(19/5)


نعم الذي يغلبه النوم، لكن شريطة ألا يكون غلبة النوم بسبب تفريطه، بسبب تفريطه، بعض الناس يسهر ويمني نفسه أن يقوم الليل، حتى إذا بقي على الفجر ساعة أو ساعتين قال: ننام قليلاً، ثم نقوم للتهجد، ما يتيسر، هذا تفريط، وقد ينام الإنسان من أول الليل فيحتاط لصلاة الليل بالنوم المبكر، لكنه يعرف من نفسه أن نومه ثقيل، لا يقوم إلا بمنبه، وحينئذ يحتاج إلى أن يجعل له من يرصده لتنبيهه، أما إذا فرط ما كتب له شيء، إذا فرط ولم يقم لم يكتب له شيء، ((تكون له صلاة بليلٍ يغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته)) التي اعتادها مكافئة لها على نيته، وعلى ما اعتاده من عمل الخير، ((إلا كتب الله له أجر صلاته)) يعني كاملاً موفوراً، وهنا أمران: الأول: هل يكتب الأجر كامل مثل من قام؟ بمضاعفاته؟ وهل مثل هذا اللفظ وهذا الأسلوب ((إلا كتب الله له أجر صلاته)) يعفيه من قضاء ما فاته، أو أن صلاة الليل تقضى؟ صلاة الليل تقضى بين ارتفاع الشمس وزوالها، إذاً قوله: ((إلا كتب له أجر صلاته)) بمضاعفاته، وإن كانت صلاة الليل أفضل من صلاة النهار، الأصل أن صلاة الليل أفضل من صلاة النهار، فهل إذا صلاها ضحى يكون له من الأجر مثل من صلاها بالليل؟ نعم، كتب له أجر صلاته، هذا من غير تفريط، نام عن صلاته، اللفظ يحتمل أنه ما يقضي، يكتب له الأجر ولو لم يقضِ، اللفظ محتمل لهذا، أو نقول: إن هذا النص يكتب له الأجر كاملاً كما لو صلاها من الليل إذا قضاها بالنهار لتجتمع النصوص؟ وحينئذ يكمل له الأجر الفارق بين أجر الليل والنهار، كل هذا مشروط بما إذا لم يفرط، واضح وإلا ما هو بواضح؟ الآن ظاهر اللفظ: ((إلا كتب له أجر صلاته)) من غير تعرض للقضاء، فلقائل أن يقول: ما دام يكتب له أجر صلاته ليش يقضي والأجر مكتوب؟ نعم، أو نقول: أجر صلاته إذا قضى كمل له الأجر مثلما كان يعمله ويقومه بالليل؟ وبهذا تجتمع النصوص، ((وكان نومه عليه صدقة)) لأن عندنا هذه المسألة نظير مسألة من كان يعمل المعاصي ومسرف على نفسه ثم تاب توبة نصوحاً، هل يستوي مثل هذا -مع أنه بالنص القطعي- تبدل سيئاته حسنات؟ هل يستوي هذا مع من عمله كله صالحات؟ يعني لو افترضنا أن شخصين بلغا من العمر

(19/6)


سبعين عاماً، هذا مسرف منذ أن كلف إلى أن بلغ السبعين وهو في عمل المعاصي، وهذا في عمل الطاعات، فهل إذا تاب هذا وعمل عملاً صالحاً تبدل سيئاته حسنات بالمضاعفات التي حصلت للآخر؟ أو نقول: إن له أصل بدلت سيئات بـ .. ، البدل له حكم المبدل من غير مضاعفات، وهنا نقول: لا يستوي من قام من الليل مع من نام عن قيام الليل، فإذا قضى وفر له الأجر، وكمل أجره، كي تلتئم النصوص؛ لأن هذا احتمال يقول: ما أقضي خلاص ما دام وفر لي الأجر بهذا الحديث ((إلا كتب له أجر صلاته)) ليش أقضي؟ لماذا أقضي؟ وهذا نظير من قصد الجماعة، من قصد الجماعة فوجدهم قد صلوا فله مثل أجورهم، هل هذا .... له مثل أجورهم إذا صلى وإلا تقول: خلاص ما ثبت له أجر ليش يصلي؟ ما هو بنظيره هذا؟ إذاً لا بد أن يقضي، ولا بد أن يصلي ولو فاتته الجماعة، ((وكان نومه عليه صدقة)) وفيه: أن المرء يجازى على ما نوى من الخير وإن لم يعمله، كما لو عمله فضلاً من الله -جل وعلا-، إذا لم يكن المانع من قبله، إذا لم يكن المانع من قبله.

(19/7)


الحديث الذي يليه: "عن مالك عن -سالم- أبي النضر" سالم بن أبي أمية، أبي النضر "مولى عمر بن عبيد الله -التيمي- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن -بن عوف- عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته"، "كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي –يعني والحال أن رجليها- في قبلته "، أي في مكان سجوده، في مكان سجوده لضيق المكان، لضيق المكان وإلا لم يحتج إلى غمزها، لو كان المكان يتسع يعني في قبلته أي في مكان سجوده "فإذا سجد غمزني" يعني طعن بأصبعه لأقبض رجلي عن قبلته، يعني غمزها بإصبعه تنبيهاً لها لكي تكف رجليها عن قبلته ليتمكن من السجود، "فقبضت رجلي" بالتثنية "فإذا قام بسطتهما" بالتثنية كذلك في رواية الأكثر، وفي رواية المستملي والحموي لصحيح البخاري: "رجلي"، "فقبضت رجلي فإذا قام بسطتها"، وتطلق الرجل ويراد بها الجنس، فتتفق الروايات، "قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح" ليس فيها أنوار، تصور العيش الذي يعيشه أفضل الخلق وأشرف الخلق -عليه الصلاة والسلام-، في مكان ضيق لا يستوعب أن تمد تبسط رجليها ومكان يصلي فيه! وليس فيها مصابيح، ليس فيه النور، مكان مظلم، ليوفر لهم الأجور، يعني كون الدنيا تبسط ليست علامة خير مطلقاً يعني، وليست أيضاً علامة شر على الإطلاق؛ لأن الدنيا يعطيها الله -جل وعلا- من يحب ومن لا يحب، والغالب أن بسط الدنيا يصاحبه الإعراض عن الدين، ولذا يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((والله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم)) هذا واقع كثير من الناس، يعني بعض الناس إذا ابتلي بالضراء نجح، وإن كان البعض الآخر قد لا يصبر، لكن الصبر على السراء، والشكر المناسب للنعم التي لا تعد ولا تحصى هذا الذي لا يتجاوزه كثير من الناس، أو أكثر الناس.

(19/8)


"ليس فيها مصابيح" قالت ذلك اعتذاراً؛ لأنه لو كان فيها مصابيح لما احتاجت إلى غمز، لما احتاجت إلى غمز، استدل بعضهم بقولها: "غمزني" على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، لكن ابن حجر قال: تعقب باحتمال الحائل أو بالخصوصية، والمسألة تقدمت.
استدل به على أن المرأة لا تقطع الصلاة، صلاة الرجل، المرأة لا تقطع صلاة الرجل، وبه استدلت عائشة على من قال .. ، من ذكر حديث: ((يقطع صلاة الرجل: المرأة، والحمار، والكلب)) وغضبت وقالت: "سويتمونا بالكلاب، لقد كنت أصلي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لكن من قال بمقتضى الحديث قال: إن المار يختلف حكمه عن حكم القار، هي قارة وليست بمارة، القار يختلف حكمه عن حكم المار، أما بالنسبة للحمار فمن استثناه استدل بحديث ابن عباس أنه جاء على أتان ومر بين يدي الصف، لكنه لم يمر بين يدي منفرد ولا إمام، وسترة الإمام سترة لمن خلفه.

(19/9)


"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا نعس -بفتح العين، وغلطوا من ضمها- أحدكم في صلاته فليرقد)) وللنسائي: ((فلينصرف)) والمعنى واحد، لا يمكن أن يرقد حتى ينصرف، لكن هل ينصرف بعد أن يسلم أو ينصرف وهو في صلاته؟ يعني يتمها خفيفة ليجمع بين النصوص كلها {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [(33) سورة محمد] وأيضاً يمتثل مثل هذا الأمر، إيه هو إذا أتمها خفيفة لن يسب نفسه؛ لأنه ذهنه حاضر، حاضر معلق بالفراغ منها، فهو حاضر، لكن لو أتمها على هيئتها من الطول، وجدت العلة، مسألة مغالبة الآن، فإذا أراد أن يتمها خفيفة من مقتضى ذلك أن يكون قلبه حاضر؛ لأنه معلق بإتمامها، هذا نعاس وليس بنوم؛ لأنه لو قال نوم ما قال: فليرقد، هو نائم من الأصل ما يحتاج أن يقال له: "فليرقد"، فليرقد، في النسائي: "فلينصرف"، المراد به عند الأكثر .. ، المراد به التسليم من الصلاة، وإذا قالوا: التسليم من الصلاة هل معناه أنه يسلم وهو واقف وإلا .. ؟ لا بد أن يتمها؟ لا معنى للسلام في غير موضعه، لأن بعض الناس من عامة الناس إذا أقيمت الصلاة وهو في الركعة الأولى أو في الركعة الثانية قال: السلام عليكم وهو واقف، لا معنى لهذا السلام في غير موضعه، لكن هذا ما هي مسألة .... ، ما حلت إلى الآن، هذه. . . . . . . . .، أبطلت خلاص، يسلم وهو واقف؟ ما يحلها التسليم في هذه الصورة، هو مطالب بمتابعة الإمام ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) يعني انتفت الصلاة، ما تحتاج إلى تحليل ما دام انتفت، أقول: صلاة منفية لا تحتاج إلى تحليل، وتأتي -إن شاء الله تعالى-، إذا كان الإمام مثلاً في صلاة الصبح وطول الإمام وخشي على نفسه، وبدأ النعاس، ويش المانع؟ نعم، عذر، عذر أن ينصرف.

(19/10)


والمراد به التسليم من الصلاة، وصححه المهلب على ظاهره، صححه المهلب على ظاهره أنه ينصرف، ولو لم تكمل صلاته، فقال: إنما أمره بقطع الصلاة لغلبة النوم عليه، فدل على أنه إذا كان النعاس أقل من ذلك عفي عنه، يعني إذا كان النعاس أقل مما اشتمل عليه الحديث بحيث يدري كيف يستغفر نعم، ولو وجد هذا النعاس مثل هذا النعاس يعفى عنه، ولا يؤثر على الطهارة، يعفى عنه ولهذا ترجم الإمام البخاري على هذا الحديث باب: "الوضوء من النوم، ومن لم يرَ من النعسة والنعستين أو الخفقة وضوءاً" نعم؛ لأنه الحكم مربوط بعلة ((لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه)) إذا كان يدري ولو وجد النعاس الخفيف، ولذا ترجم عليه البخاري باب: "الوضوء من النوم ومن لم يرَ من النعسة أو النعستين أو الخفقة وضوءاً".

(19/11)


((فإن أحدكم لا يدري)) إذا كان الشخص ديدن، بعض الناس ديدنه النعاس، لو ينام عشر ساعات ويقوم يصلي نعس، يقال له: انصرف نم؟ إذا جلس يقرأ نعس، هذا إيش يقال له هذا؟ يعني إذا كان النعاس بسبب طارئ، لكن لو نام بعد صلاة العشاء مثلاً من الساعة سبع ونصف ولا استيقظ إلا خمس ونصف مع إقامة الصلاة، نام كم؟ عشر ساعات، وجاء للمسجد ينعس، نقول له: اذهب ارقد؟ نعم، يقال: يا أخي تعالج، هذه المسألة .. ، هذا ما هو بسببه قلة النوم ليعالج بالنوم، أو شخص مبتلى بالنوم والنعاس وكلما جلس بمجلس غفا نعس مثل هذا ما يعالج بالنوم؛ لأن هذا المظنون أن النوم يزيده مثل هذا، بل قد يكون في بعض الحالات النوم نعم إذا كثر وزاد عن حده يجلب النوم، يجلب النوم، هذا شيء مجرب، فمثل هذا ما يعالج بالنوم، ما يقال: إذا نعست ارقد، لا، ابحث لك عن حل آخر، شخص والإمام يخطب مثلاً يوم الجمعة نعس يقال له: خلاص أنت نعست روح نم، صحيح هذا وارد، هذا وراد، مثل هذا يقال له: انتقل من مكانك، نعم انتقل من مكانك، اتصرف، المهم أنك .. ، اطرد النوم عنك، ((فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس)) يقول المهلب –يعني في شرحه على البخاري-: "فيه إشارة إلى العلة الموجبة لقطع الصلاة، فمن صار في مثل هذه الحال فقد انتقض وضوؤه بالإجماع" كذا قال؛ لأنه تصور أن العلة انتقاض الوضوء، مع أن العلة منصوصة في الحديث، نعم العلة منصوصة ((لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه)) هي مظنة للحكم، يعني ما يلزم منه أن يكون كل من نعس يسب نفسه، وسيأتي، قال المهلب: "فيه إشارة إلى العلة الموجبة لقطع الصلاة، فمن صار في مثل هذه الحال فقد انتقض وضوؤه بالإجماع" يقول كذا، وفيه نظر، وما ذكره من الإجماع منتقض فقد صح عن أبي موسى وابن عمر وابن المسيب أن النوم لا ينقض مطلقاً، كذا في فتح الباري.

(19/12)


((فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر)) إيش معنى يذهب؟ لعله يذهب، هل معنى الذهاب أنه يمشي وإلا ينصرف وإلا .. ؟ يشرع أو يريد أو شيء من هذا، المقصود أنه يستغفر، يريد أن يستغفر لنفسه فحينئذ يسب نفسه، فيسبَ: بالنصب ويجوز الرفع، فيسب .. ، فيسبَ منصوب بإيش؟ بأن المضمرة بعد فاء السببية الواقعة بعد الترجي، ويجوز الرفع، ومعنى يسب: يدعو على نفسه، يسب يدعو على نفسه، وصرح به النسائي في روايته، ويحتمل أن يكون علة النهي خشية أن يوافق ساعة الإجابة، قاله ابن أبي جمرة.
وفيه: الأخذ بالاحتياط؛ لأنه علل بأمر محتمل، لأنه علل بأمر محتمل، وجواز الدعاء في الصلاة من غير تقييد بشيء معين، يدعو أو يستغفر يدعو لنفسه، فيدعو لها ثم بسبب النعاس يدعو على نفسه، يقول ابن حجر: هذا الحديث ورد على سبب، وهو ما رواه محمد بن نصر المروزي من طريق ابن إسحاق عن هشام في قصة الحولاء بنت تويت" يعني الحديث اللاحق الذي بعد هذا، أورده بعد حديث الحولاء، ولذا عقب الإمام مالك -رحمه الله تعالى- هذا الحديث بسببه، عقبه بسببه.

(19/13)


فقال: "وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم -القرشي مولاهم المدني- أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع امرأة من الليل تصلي" سمع امرأة هل سمع المرأة أو سمع خبر عن المرأة؟ نعم، رواية البخاري تدل على أنه سمع خبر عنها، سمع عائشة تذكر عن هذه المرأة من صلاتها، فهو سمع خبر هذه المرأة، وعند البخاري: "تذكر من صلاتها" وفي رواية: "يذكر من صلاتها" فقال: ((من هذه؟ )) يعني التي تتحدثون عنها؟ أو من هذه المرأة التي عندك يا عائشة؟ لأنها جاءت إلى عائشة فذكرت قصتها للنبي -عليه الصلاة والسلام-، "فقيل -القائل عائشة- له" أي للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "هذه الحولاء بنت تويت -بن حبيب بن أسد بن عبد العزى، من رهط خديجة أم المؤمنين- لا تنام الليل" لا تنام الليل، تصلي، "فكره ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى عرفت الكراهية -بالتخفيف- في وجهه" وعلامة الكراهية تكون بتقطيب الوجه، وفي وراية البخاري قال: ((مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا)) وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه، "ثم قال: ((إن الله -تبارك وتعالى- لا يمل حتى تملوا، اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة)) ((اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة)).

(19/14)


قوله: ((مه)) أمر، أو اسم فعل بمعنى الكف، يعني كفوا عن هذا العمل الذي لا تطيقونه، وعليكم من العمل بما تطيقون، ولذا منطوق الحديث فيه الأمر بالاقتصار على ما يطاق من العبادات، ومفهومه النهي عن التكلف لما لا يطاق، والطاقة القدرة ((إن الله -تبارك وتعالى- لا يمل حتى تملوا)) وقد أكثر الشراح توجيه هذا الكلام، ووجه الإشكال فيه ((إن الله لا يمل حتى تملوا)) الملل صفة مدح وإلا صفة ذم؟ نعم هي بالنسبة للمخلوق ذم، نعم، الملل بالنسبة للمخلوق مذموم، قد يقول قائل هنا: إن الله تعالى لا يمل، فهو منفي عن الله -جل وعلا-، فهل يرتفع الإشكال بكونه منفي عنه -جل وعلا-؟ نعم، مغيا بغاية لا بد من وقوعها، إذاً هو لا بد من وقوعه على هذا، الغاية: "حتى تملوا" ملل المخلوق محقق، فما علق عليه محقق أيضاً، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ يعني إذا علقت على أمر نعم، لا بد من وقوعه، فالمعلق عليه لا بد من وقوعه، يعني لو قال لزوجته: إن قمت فأنت طالق، هل نقول: إن الحل في ألا تقوم أبداً؟ نعم؟ أو إن قعدت خلنا القعود ممكن الجلوس يطال الجلوس، لكن القيام، قال: إن قعدت فأنت طالق، أنا لا أريد تقرير الحكم أنا أريد التنظير، أنا أريد التنظير لكي تتضح المسألة، يعني إذا قال لزوجته: إن قعدت أو إن جلست فأنت طالق، وهي قائمة، لا بد من وقوع الطلاق، لماذا؟ لأنه لا بد من وقوع ما علق به، أو إن طلعت الشمس فأنت طالق، نعم، لا بد من وقوع ما علق لأنه لا بد من وقوع ما علق عليه، وهنا يقول: ((لا يمل حتى تملوا)) وملل المخلوق محقق، إذاً ما علق عليه محقق، فيه إثبات الملل لله -جل وعلا-، إما أن تقول: على ما يليق بجلاله وعظمته، ولا نعلم كيفيته، نعم، أو تقول: إنه كما قال بعض أهل العلم هذا من باب -مثلما أشرنا البارحة- من باب المشاكلة، من باب المشاكلة، وهذا قيل به، من باب المشاكلة، مجانسة في التعبير، وهذا قيل به، الله -جل وعلا- لا ينسى، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [(64) سورة مريم] إذاً ماذا عن قول الله -جل وعلا-: {نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ} [(67) سورة التوبة]؟ هذا من باب المشاكلة والمقابلة، تركوا العمل بالتكاليف فتركوا في العذاب، تركوا فتُركوا، {نَسُواْ

(19/15)


اللهَ فَنَسِيَهُمْ} [(67) سورة التوبة] فالنسيان يراد به هنا الترك، كثير هذا، كثير أمثاله، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ} [(30) سورة الأنفال] لكن الفارق بين هذا وذاك أن هذا مثبت، {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [(15) سورة البقرة] {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ} [(30) سورة الأنفال] هذه مثبتة، لكن عندنا أن النص منفي؛ لأن بعضهم يقولون -يخرجوا هذا- على أن الله -سبحانه وتعالى- لا يمل وإن مللتم، لا يمل وإن مللتم، وينظرون هذا بقولهم: فلان خطيب أو مجادل مثلاً، ومخاصم، ويذكرون من جدله ما يذكرون، فيقولون: لا ينقطع .. ، لا تنقطع حجته حتى ينقطع خصمه؛ لأنه إذا انقطع .. ، إذا انقطع خصمه يصير فيه مدح؟ مرادهم وإن انقطع خصمه، وهنا يكون المراد إن الله -سبحانه وتعالى- لا يمل وإن مللتم، وهذا قول لبعض أهل العلم، وله شواهد.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إيه، يعني لا يمل مطلقاً وإن وجد الملل منكم، يعني إذا حملت الغاية على بابها، إذا حملت (حتى) على انتهاء الغاية واضح من إثبات الملل لله -جل وعلا-، فإما أن يكون إثباته من باب المقابلة، أو يكون إثباتاً حقيقياً يليق بجلاله وعظمته كغيره من الصفات التي هي بالنسبة للمخلوق نقص، وبالنسبة للخالق كمال، ومذهب أهل السنة في هذا إثبات جميع ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام- ولا نتعرض لما وراء ذلك.
على كل حال المسائل التي اختلف فيها السلف للخلف فيها مندوحة، أما ما اتفقوا عليه فليس للخلف فيها مندوحة، ما أثبتوه لا بد من إثباته ولو لم تستوعبه عقولنا.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لعل هذه رواية تفسيرية، يعني إدراج للتفسير، مجانسة، مقابلة، مشاكلة، بمعنى واحد.

(19/16)


ظاهر هذا الحديث يدل على كراهية إحياء الليل كله، هذا الذي يدل عليه ظاهر الحديث، قال جماعة من أهل العلم يكره قيام جميع الليل، وبه قال مالك مرة، ومرة رجع عنه، فقال: لا بأس به ما لم يضر بصلاة الصبح، وقال الشافعي: لا أكرهه إلا لمن خشي أن يضر بصلاة الصبح، وما حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أحيا ليلة إلى الصبح، نعم هو في العشر الأخيرة من رمضان يشد المئزر، يشد المئزر، وجاء في بعض الألفاظ أنه لا ينام في ليالي العشر، لكن هذه حالة خاصة لاستغلال هذا الوقت رجاء إصابة ليلة القدر، وهو ظرف مؤقت بوقت فيقتصر فيه على ذلك الوقت، على كل حال من وجد من نفسه الهمة في أن يقوم نصف الليل أو ثلث الليل أو أكثر أو أقل، أو يقوم جل الليل وهذا لا يؤثر عليه، فالمطلوب من الخير .. ، الازدياد من الخير، نعم المطلوب الازدياد من الخير، ((أعني على نفسك بكثرة السجود))، النبي -عليه الصلاة والسلام- كيف نتصور أنه -عليه الصلاة والسلام- قرأ في ركعة البقرة ثم النساء ثم آل عمران في ركعة واحدة، ماذا عن الركعات الأخرى؟ وماذا عن الركوع والسجود؟ وكان ركوعه قريباً من قيامه، وسجوده قريباً من ركوعه -عليه الصلاة والسلام-، لا شك أنه يحيي أكثر الليل، وحث -عليه الصلاة والسلام- على قيام داود، ولا شك أن هذا فيه رفق بالنفس، ينام نصف الليل ثم يقوم ثلثه، ثم ينام السدس، وأثر عن جمع من السلف من الصحابة والتابعين فمن دونهم إحياء الليل بأنواع العبادات، ومنهم من يقسم الليل أثلاث، ثلث ينام، وثلث يكتب، وثلث يصلي، المقصود أن ما حالنا مع حالهم إلا كما قيل:
لا تعرضن لذكرنا مع ذكرهم ... ليس الصحيح إذا مشى كالمقعدِ
ما في نسبة يا الإخوان، لكن نسأل الله -جل وعلا- أن يتداركنا بعفوه ومنه وكرمه، إنه جواد كريم، نعم.
طالب. . . . . . . . .
ما يبعد أن يقوموا الليل كامل، لأنه أثر عن عثمان أنه يقرأ القرآن في ركعة، هذا محفوظ عن عثمان -رضي الله عنه-، والشافعي -رضي الله عنه ورحمه- يقوم، وكلهم يقومون، وحفظ عن الإمام أحمد ثلاثمائة ركعة في اليوم والليلة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .

(19/17)


اللي على مقتضى التوجيه لقيام داود نوم سدس الليل الأخير ووقت السحر، ووقت السحر اللي هو وقت الاستغفار، لكن ما يمنع أنه ينام إلى الصبح دائماً، يراوح أحياناً يؤخر القيام، وأحياناً يقدمه وأحياناً .. ، على حسب الحاجة، الله المستعان.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة" عمر -رضي الله عنه- كان يصلي من الليل ما شاء الله، حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة، لإدراك شيء من صلاة الليل، والاستغفار في هذا الوقت الذي هو السحر، وفيه دليل على أن عمر -رضي الله عنه- لم تشغله الولاية والخلافة عن أمر دينه، أمير المؤمنين، خليفة المسلمين يقوم من الليل، ويدل على أنه يقوم وقت ليس بالقليل أنه إذا انتهى من قيامه وكان من آخر الليل أيقظ أهله، ففيه: دليل على أن عمر -رضي الله عنه وأرضاه- لم تشغله الخلافة عن العبادة، وفيه: أيضاً أن الإنسان لا يحمل غيره على ما يستطيعه من عزيمة؛ لأن بعض الناس متجه إلى عمل الخير، ومعان عليه، فيريد أن يرى كل الناس يسوون مثله، "أيقظ أهله للصلاة يقول لهم: الصلاةَ الصلاةَ" بالنصب على الإغراء، "ثم يتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [(132) سورة طه] " اصبر العبادة ليس لها وقت محدد، بل غايتها حتى يأتيك اليقين، واصطبر عليها {لَا نَسْأَلُكَ} [(132) سورة طه] لا نكلفك، {رِزْقًا} [(132) سورة طه] لنفسك ولا لغيرك، بل {نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ} [(132) سورة طه] الثواب والجزاء بالجنة والنعيم المقيم {لِلتَّقْوَى} [(132) سورة طه] أي لأهلها، للمتقنين، كما جاء في الآية الأخرى والعاقبة إيش؟ هنا هذه الآية التقوى هنا، لكن الآية الأخرى {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [(128) سورة الأعراف] والمراد للتقوى هنا لأهلها.

(19/18)


"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول: يكره النوم قبل العشاء -لما فيه من تعريضها للفوات- والحديث بعدها" الحديث بعد صلاة العشاء والسهر كل هذا مكروه، لمنعه من قيام الليل، وقد رخص في ذلك أو رخص في ذلك للتحدث مع الضيف أو مع الأهل، أو للمسافر مثلاً، أو تعلم علم وتعليمه، كل هذا مرخص فيه، وقد ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب العلم باب: السمر في العلم، فإذا ترتب على ذلك مصلحة راجحة أو حاجة فالكراهة عند أهل العلم تزول بإيش؟ يقولون: بأدنى حاجة، الكراهة تزول بأدنى حاجة.
هذا البلاغ يقول: إنه بلغه حديث وإن كان بلاغ وموقوف على سيعد إلا أنه في الصحيحين مرفوع، رواه الشيخان من حديث أبي برزة، يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: حدثنا محمد بن سلام قال: أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا خالد الحذاء عن أبي المنهال عن أبي برزة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها.

(19/19)


ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يقول: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، يسلم من كل ركعتين" مثنى مثنى معدول عن اثنتين اثنتين، نعم معدول عن اثنتين اثنتين، وفسر ذلك بقوله: "يسلم من كل ركعتين"، والحديث وصله الترمذي قال: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن علي الأزدي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" وقال الترمذي: الصحيح ما روي عن ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) يعني كما في الصحيحين، صلاة الليل، قوله: "الصحيح" يريد بذلك أن يعل لفظة: "النهار" يعل بذلك لفظة: "النهار" ولا شك أن لفظ: "النهار" ليست في الصحيحين ولا في أحدهما، بينما الذي فيهما: "صلاة الليل مثنى مثنى" نقول: هل هذه زيادة، والزيادة مقبولة ما لم تخالف أو أنها مخالفة ولو لم تكن المخالفة في اللفظ إنما هي مخالفة راوي من الرواة لجمع من الرواة؟ يعني إذا وجدت زيادة الثقة قد تدل القرائن على قبولها، وقد تدل القرائن على ردها، فليست الزيادة مقبولة بالإطلاق، لا، نعم يمرن الطالب في بداية الطلب على التخريج والدراسة للأسانيد والمتون بأن يقبل الزيادة، وعلى هذا عمل المتأخرين، هم يقولون: إن الزيادة .. ، (واقبل زيادات الثقات مطلقاً منهم أو من سواهم ... ) المقصود أن الزيادة لا يحكم لها بحكم عام مطرد، بل إذا دلت القرائن على قبولها قبلت، وإذا دلت القرائن على ردها ردت، ولذا يختلفون في قبول مثل قوله: {إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [(194) سورة آل عمران] وهي ليست مخالفة، في مثل قوله: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [(222) سورة البقرة] وليس فيه منافاة ولا مخالفة، هي مجرد زيادة لا تتضمن مخالفة، لكن أكثر الرواة على عدم ذكرها، فكونه يذكرها واحد من الرواة أو اثنين وغيرهم من الرواة لا يذكرونها يدل على أن فيها شيء في الجملة، لكن إذا دلت القرائن على قبولها، وقد يعرض البخاري -رحمه الله تعالى- عن ذكر لفظة في خبر تعليلاً له، هنا يقول الإمام مالك -رحمه الله-: "وهو الأمر عندنا" يعني أن

(19/20)


صلاة الليل والنهار كلها مثنى مثنى، وأنها لا تصلى أكثر من ركعتين.
يقول الترمذي في جامعه: "وقد اختلف أهل العلم في ذلك، فرأى بعضهم أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وهو قول الشافعي وأحمد" يعني لا يتطوع في النهار بأربع ركعات بسلام واحد، وهو مقتضى هذا الحديث وهو قول الشافعي وأحمد، وقال بعضهم: صلاة الليل مثنى مثنى، ورأوا صلاة التطوع بالنهار أربعاً، يعني لا مانع من ذلك، لكن لو تطوع بالنهار مثنى مثنى أصحاب القول الثاني يلومونه؟ لا يلومونه، لكن الكلام في إذا قلنا: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى لا يجوز أن نزيد على ركعتين، فإذا قلنا: صلاة الليل مثنى مثنى مفهومه أن صلاة النهار تجوز فيها الزيادة على اثنتين، وقال بعضهم: صلاة الليل مثنى مثنى، ورأوا صلاة التطوع بالنهار أربعاً، مثل الأربع قبل الظهر وغيرها –يعني والأربع قبل العصر- وغيرها من صلاة التطوع، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق".
وعلى كل حال من يرجح قبول: "والنهار" يلتزم بألا يزيد على ركعتين لا في ليل ولا في نهار، ومن يرى أن هذه اللفظة غير محفوظة؛ لأن الأكثر على عدم ذكرها، وأعرض عنها صاحبا الصحيح، وهما هما في النقد والتحري والاختيار، قال: تجوز الزيادة على ركعتين في النهار دون الليل، ليس معنى القول الثاني أنهم يلزمون أن يصلي الإنسان أربع، لا، معناه أنهم يجيزون.

باب: صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوتر:
أحسن الله إليك.
باب: صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوتر:
عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن.

(19/21)


عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سأل عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان؟ فقالت: "ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً فقالت عائشة: فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: ((يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)).
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين".
عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أخبره أنه بات ليلة عند ميمونة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي خالته قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهله في طولها، فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلق فتوضأ منه، فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي، قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح".

(19/22)


عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة أخبره عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- أنه قال "لأرمقن الليلة صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فتوسدت عتبته أو فسطاطه فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم أوتر فتلك ثلاث عشرة ركعة".
يقول -رحمه الله تعالى-: باب: صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوتر:
وهو بكسر الواو، وهو والفرد بمعنىً، وبفتح الواو الوَتر: الثأر، ومنه ما تقدم كأنما وتر أهلَه ومالَه، أو أهلُه ومالُه وهذا تقدم، والمراد بيان كيفية صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- في الليل التي منها الوتر.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة" وفي رواية مسلم: "يسلم من كل ركعتين"، يسلم من كل ركعتين، وهذه الرواية نستفيد منها تفسير قولها: "يصلي أربعاً" وأنها الأربع بسلامين، "يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ -من وتره- اضطجع على شقه الأيمن" للاستراحة من طول القيام، يرتاح قليلاً من طول القيام، لكن من صلى إحدى عشرة ركعة ثلث ساعة مثلاً، يحتاج إلى أن يرتاح؟ نعم، بمعنى أنه هل هذه الاستراحة وهذا الاضطجاع يسن لكل قائم، أو لمن قام على صفة قيامه -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم، شخص يقول: أنا أبا أصلي إحدى عشر ركعة لكن ما يلزم أني أصلي إحدى عشر ركعة بثلاث ساعات أربع ساعات، أنا باصليها بثلث ساعة، صلاة مجزئة، الركعة بدقيقتين مجزئة، وبعد ذلك انسدح، بيحقق السنة؟ هل نقول: إن هذه الاضطجاعة على شقه الأيمن مقصودة لذاتها، أو للراحة بعد التعب في هذه الصلاة؟

(19/23)


الظاهرية يبطلون صلاة الصبح إذا لم يضطجع، يبطلون صلاة الصبح إذا لم يضطجع بعد بعد ركعتي الصبح، هذه المسألة ثانية هذه، الله المستعان، أظن المقصود واضح يعني، اضطجع على شقه الأيمن، أولاً: هل هذا الاضطجاع يحتاجه كل مصلي؟ أو يشرع في حق كل مصلي؟ أو لا يشرع إلا لمن صلى كصلاته -عليه الصلاة والسلام- واحتاج إليه؟ هذا أمر، الأمر الثاني: هل الاضطجاع بعد الوتر أو بعد ركعتي الصبح؟ نعم، الآن عندنا الحديث ظاهر، "فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن" أنه من الوتر، وهكذا اتفق عليه رواة الموطأ، وأما أصحاب ابن شهاب فرووا هذا الحديث عنه بإسناده وجعلوا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر لا بعد الوتر، لكن ما الذي يمنع من الاضطجاع بعد الوتر وبعد ركعتي الصبح؟ إيش اللي يمنع؟ ما في ما يمنع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا صلى ركعتي الصبح اضطجع على شقه الأيمن ونصب يده اليمنى، ونام عليها، لئلا يستغرق، المسألة في .. ، هل يكون بعد الوتر كما في هذا أو بعد ركعتي الصبح كما هو ثابت عن عامة أصحاب ابن شهاب عنه؟
على كل حال من أراد أن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا فلن يحرم الأجر، لكن ليس معنى هذا أنه يقول: أضطجع ثم ينام ويترك الصلاة، لا؛ لأن بعض الناس يقول: أبي أحافظ على هذه السنة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يضطجع وينعس ويسمع له خطيط، إلا أنه -عليه الصلاة والسلام- كان تنام عيناه، ولا ينام قلبه، نعم.
طالب. . . . . . . . .
فيه هذا وهذا، هذا ثابت بالأسانيد الصحيحة، كونه اضطجع بعد الوتر ثابت كما هنا عندنا، ما يمنع أبداً، أو نقول: مثل هذا الاضطجاع المذكور في هذا الحديث للحاجة، والاضطجاع بعد ركعتي الصبح هو القاعدة المستمرة؟ هو القاعدة، إذا أمكن التوفيق ليش نوهم إمام حافظ نجم السنن، نعم، لا يمنع أن يكون الكل محفوظ

(19/24)


"فليضطجع" من حديث عبد الواحد بن زياد، شيخ الإسلام يقول: وهم، نعم، يقول: وهم، عبد الواحد بن زياد وهو ثقة، وإنما المحفوظ من فعله -عليه الصلاة والسلام- لا من أمره، هذا كلام شيخ الإسلام، ونقول: لا داعي لتوهيم الحافظ، ونقول: لا مانع من أن يتوافر الفعل مع القول أنه يضطجع ويأمر به، ويش المانع أن يكون أمر توجيه؟ أمر توجيه، نعم؟
طالب. . . . . . . . .
يا أخي المحدثين ليست لهم قاعدة في هذا، ليست هناك قاعدة مطردة، إذا دلت القرائن على أن عبد الواحد بن زياد وهو من الثقات حفظ هذا اللفظ إيش المانع أن يقبل؟ نعم، ما في ما يمنع وهو ثقة، يعني لو الشخص ما هو بثقة غلب على الظن عدم الحفظ، لكن ثقة، الذي يغلب على الظن أنه حفظ، فليست هناك قاعدة مطردة في مثل هذا إنما الحكم للقرائن.

(19/25)


"وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سأل عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان؟ فقالت: "ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعاً" ونستحضر ما قيل في الرواية السابقة: "يسلم من كل ركعتين"، "فلا تسأل عن حسنهن وطولهن -أي أنهن في نهاية الحسن والطول- ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" يعني كذلك، "ثم يصلي ثلاثاً" فيكون المجموع إحدى عشرة، لماذا لم تقل: يصلي ثمانياً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن؟ لأنهم يستريحون بعد كل تسليمتين، هذا أصل في الفصل بين التسليمة الثانية والثالثة، "ثم يصلي ثلاثاً، فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: ((يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)) " أحياناً ينام -عليه الصلاة والسلام- بعد القيام، وقبل الوتر، أحياناً يصلي الوتر، ثم يصلي ركعتين ثم يرجع ينام، ثم يقوم فيصلي ركعتين وهكذا، المقصود أنه يحافظ على صلاة الليل، ويكون ديدنه ذلك، وعلى أي وجه أداها في أول الليل، في آخره، في أثنائه، جمعها، فرقها، الأمر فيه سعة، لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، الثلاثة عشرة فيها إشكال؟ سيأتي في حديث ابن عباس أنه صلى ثلاثة عشرة، يعني ركعتين، ركعتين، ست مرات ثم أوتر، أقل الأحوال أن تكون ثلاثة عشرة، والوتر يحتمل أن يكون أكثر من واحدة، فقولها: "لا يزيد"، "ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره" هذا على حسب علمها، وقد علم غيرها الزيادة، فلا تنكر الزيادة، فلا تنكر الزيادة، نعم الغالب من أحواله -عليه الصلاة والسلام- الإحدى عشرة؛ لأنها أعرف الناس به، لكن لا تنكر الزيادة لثبوتها من طريق غيرها، يعني مثل نفيها صيام العشر -عشر ذي الحجة- مع أن غيرها أثبت، أثبت الصيام، لا يلزم أن يرجح قولها على كل حال، نعم تخريج مسلم له دليل على أنه من حيث الصناعة أرجح مما روي في غيره، لكن يبقى أنه للنظر فيه مجال، للنظر فيه مجال، والصحابة -رضوان الله عليهم- رد بعضهم على بعض، وهذا لا يمنع؛ لأنه ليس أحد معصوم، نعم، فلا مانع من الزيادة على

(19/26)


إحدى عشرة لثبوت الثلاثة عشرة، وأيضاً الخمسة عشرة جاء فيها ما جاء، وجاء الإطلاق، جاء الإطلاق: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) فالإنسان يفعل الأرفق به، إن اقتصر على الإحدى عشرة فامتثل الكمية فعليه أن يعمل بالكيفية، وإن رأى أن التزامه للكيفية شاق عليه، ورأى العمل بالأحاديث الأخرى المطلقة غير المقيدة فالأمر فيه سعة، وأما حديث ابن عباس: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر"، هذا رواه ابن أبي شيبة، لكن إسناده ضعيف، إسناده ضعيف.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة" يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، "ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين"، وهذا نص في أن الركعتين الزائدتين غير ركعتي الصبح، منهم من يقول: إنه يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين، فيكون مراد عائشة صلاة الليل التي هي الموصوفة بهذه الصفات، وما قبلها ركعتان خفيفتان، ومنهم من يقول: إن الركعتين الزائدتين في حديث عائشة وحديث ابن عباس وفي الأحاديث الأخرى راتبة إيش؟ اللي هي راتبة العشاء، على كل حال الأمر ليس فيه تحجير، من صلى إحدى عشر وأطالها ولا تسأل عن حسنهن فذلك المطلوب، لكن إن زاد وخفف وعمل بالأحاديث المطلقة ((صلاة الليل مثنى مثنى)) فلا مانع من ذلك -إن شاء الله تعالى-.

(19/27)


يقول: "وحدثني عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب"، "عن مخرمة بن سليمان -الأسدي الوالبي- عن كريب -بن أبي مسلم الهاشمي مولاهم- مولى ابن عباس أن عبد الله بن عباس أخبره أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي خالته" ميمونة بنت الحارث الهلالية، وأمه أم الفضل بنت الحارث، أخت ميمونة، "وهي خالته"، وهنا فيه: مبيت الصغير عند محرمة، وإن كانت متزوجة وعند زوجها، "قال: فاضطجعت في عرض الوسادة" العرض: ضد الطول، "في عرض الوسادة" وهي ما يوضع عليها الرأس للنوم، "واضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهله في طولها، فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل، أو بعده بقليل"، هذا دليل على التحري، تحري الدقة، ما قال: نصف الليل، وقبله بقليل أو بعده بقليل ما يحتاج أن يشار إليه، فتحرى الدقة في التعبير، "استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران" {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [(190) سورة آل عمران] إلى آخره، "ثم قام إلى شن" الشن القربة الخلقة القديمة، "إلى شن معلق فتوضأ منه -من الشن- فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي، قال ابن عباس: فقمت فصنعت مثل ما صنع" مقتضى ذلك أنه مثل ما صنع أنه مسح النوم من عينيه بيده، وأنه قام إلى الشن وتوضأ، وقرأ الآيات، وفعل كل ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا مقتضى المماثلة، فهذا يقتضي أنه فعل كل ما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، "ثم ذهبت فقمت إلى جنبه" الأيسر، وظاهره المساواة، "إلى جنبه" ظاهره المساواة، وهو أنه لم يتأخر عنه قليلاً كما قال بعض أهل العلم: إن الإمام يتقدم على المأموم وإن كان بجانبه، "فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها" هو على جنبه الأيسر فكيف وضع النبي -عليه الصلاة والسلام- يده اليمنى على رأسه؟ هكذا؟ أو بعد التحويل؟ بعد التحويل، "وأخذ بأذني اليمنى" هاه، اللي جنبه أذنه اليسرى بعد التحويل، هكذا من الخلف، لا مانع، لا مانع، يدلكها للتأنيس والمداعبة،

(19/28)


وهذا عمل يسير وهو الصلاة، عمل يسير جداً، "فصلى ركعتين، ثم ركعتين" ذكر ذلك ست مرات، اثنتا عشرة ركعة، يفصل بين كل ركعتين، يعني ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، يعني ست مرات، "ثم أوتر" يعني بواحدة على الأقل، بواحدة فيكون المجموعة ثلاثة عشر، أوتر بثلاث يكون المجموع خمسة عشرة، إن أوتر بأكثر .. ، لكنه أوتر، ما قيل: بواحدة ولا أكثر، ولا .. ، "ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن " بلال، "ثم أوتر -بواحدة على الأقل- ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن -وهو بلال- فصلى ركعتين خفيفتين" يعني هما ركعتا الفجر، وهذا وصف لركعتي الصبح وأنهما خفيفتان، وجاء من حديث عائشة تقول: "لا أدري اقرأ بفاتحة الكتاب أم لا؟ " فدل على أن من صفة ركعتي الصبح أنهما خفيفتان، نعم، "ثم خرج -من الحجرة- فصلى الصبح" في الجماعة، -عليه الصلاة والسلام-.

(19/29)


يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر -بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري- أن عبد الله بن قيس بن مخرمة –المطلبي- أخبره عن زيد بن خالد الجهني –المدني- أنه قال: لأرمقن الليلة صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فتوسدت عتبته" لأرمقن الليلة صلاة رسول الله، الرمق: النظر إلى الشيء بشزر، يعني من جانب، من أحد الجانبين إما اليمين وإما الشمال، نعم، كأنه ينظر إليه شزراً، "لأرمقن صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فتوسدت عتبته" أي عتبة الباب، جعلها له كالوسادة، "فوضع رأسه عليها أو فسطاطه" البيت من الشعر، وهذا شك، والرمق هنا وتوسد العتبة هذا ليس من التجسس المذموم، وإنما هو ليعرف كيف يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- للاقتداء، ليقتدي به، ليس معنى هذا أن الإنسان يضع رأسه على عتبة جاره يستمع ويقول: لنا سلف في هذا، لا، هذا يريد أن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، "فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين" مقتضى ذلك أن يقول: طويلتين، طويلتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، مقتضى ذلك أن يقول: طويلتين، مرة واحدة، "وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين" يعني بدون وصف بالطول، "هما دون الركعتين اللتين قبلهما" لأنه وصف الركعتين الأوليين بالطول ثلاث مرات، واللتين بعدهما دون اللتين قبلهما مقتضاه أن يكرر الطول، ومقتضى الثالثة أن يأتي بالوصف مرة واحدة، ومقتضى الرابعة أن يأتي بهما بغير وصف، "ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما" كم؟ "ثم أوتر فتلك ثلاث عشرة ركعة"، وعرفنا أن العدد غير مقيد، فإن عمل بالقيد مقتدياً مؤتسياً وجاء بالكمية والكيفية على ما أثر عنه -عليه الصلاة والسلام- فقد أحسن، وإن عجز عن الكيفية وأراد أن يزيد في العدد فلا مانع من ذلك عملاً بالأحاديث المطلقة.
هذا يقول: ذكرتم أن من كان في نافلة وأقيمت الصلاة وأراد قطعها أنه لا يسلم وهو واقف، فكيف بما ورد في صحيح مسلم في قصة الشاب الذي صلى خلف معاذ فطول بهم فانصرف من الصلاة مع معاذ وسلم؟

(19/30)


انصرافه هذا بعد أن أتم صلاته، فتم لنفسه وهذه بإحدى الروايات في مسلم، هي محمولة على الروايات الأخرى أنه نوى الإنفراد فأتم لنفسه، ثم سلم.
يقول: أنا شاب أحاول منذ أكثر من سنة أن أقوم الليل، ولكن إذا استيقظت بسبب المنبه أجد ثقلاً ووساوس وتسويف في نفس اللحظة فأعود للنوم، فإذا جاء من الغد أنبت نفسي ولمتها، وهذا حالي منذ أكثر من سنة، أرجو أن تدلوني على سبب جوهري يعنني على ذلك؟
أولاً: عليك أن تصدق اللجأ إلى الله -جل وعلا-، وأن تستمر في المجاهدة، فقيام الليل من أشق الأمور على النفس، من أشق الأمور على النفس القيام بعد النوم، {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا} [(6) سورة المزمل] هذا ثقيل جداً، يعني سهل على الإنسان أن يسهر الليل فإذا بقي من الليل جاء الثلث قام يصلي سهل، لكن أشد من ذلك أن ينام ثم يقوم لصلاة الليل، هذا أشد بلا شك، والمسألة تحتاج إلى جهاد، وما من مسلم يعمل عملاً إلا ولا بد أن يمر بمرحلة الجهاد التي هي مرحلة الاختبار، والسلف كثير منهم أثر عنه أنه جاهد نفسه لقيام الليل سنن، ثم تلذذ به بعد ذلك، تلذذ بقيام الليل بعد ذلك، فعليك أن تجاهد وتصدق اللجأ إلى لله -جل وعلا-، ثم يعنيك -جل وعلا-.
يقول: كيف يصلون في الحرم عشرين ركعة ما هو الحديث الذي استدلوا به؟ هذا السؤال من الإمارات.
استدلوا بالأحاديث المطلقة: ((صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليصلي ركعة توتر له ما قد صلى)) فبهذا الإطلاق عملوا، ونظراً لعدم إطاقة الناس الكيفية التي جاءت في وصف صلاته -عليه الصلاة والسلام- "فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" لجأوا إلى الإطلاق مع كثرة الركعات عملاً بالأحاديث المطلقة كما ذكرنا، وبقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وأهل العلم .. ، نعم عمر أيضاً أمر أبياً أن يصلي بهم في إحدى عشرة ثم بالعشرين.

(19/31)


هو الكلام على أنه كله عمل، يعني المسألة مفترضة في شخص يبي يصلي ساعتين، هل يصلي في هاتين الساعتين إحدى عشرة أو يصلي عشرين؟ نقول: صلِ إحدى عشرة في الساعتين أفضل، لتوافق الكمية والكيفية، لكن إن قال: لا أنا باصلي إحدى عشرة ركعة في نصف ساعة، أو أصلي عشرين بساعة؟ نقول: لا العشرين أفضل.
يقول: هل ورد في النصوص إثبات الحياء لله، {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ} [(26) سورة البقرة]؟
نعم؟ حيي كريم، نعم، المقصود أنه ثابت، ورد نفيه، وورد إثباته، والمنفي المقرون بما ذكر، لا يستحيي من ضرب المثل، نعم، لكنه يستحيي أن يرد من رفع يديه إليه صفراً.
يقول: هل من صلى خمس ركعات مع الوتر في ساعتين مثل أجر من صلى إحدى عشرة في ساعتين؟
لا، من صلى إحدى عشرة لموافقته الكيفية والكمية أفضل، لكن المسألة .. ، المفاضلة بين من يصلي إحدى عشرة في نصف ساعة أو عشرين في ساعة نقول: لا، العشرين أفضل في ساعة.
يقول: إذا فاتني الوتر فمتى أقضيه؟
بعد ارتفاع الشمس، وزوال وقت النهي إلى زوال الشمس يقضيه، فإذا كان ممن يوتر بثلاث يأتي بأربع ركعات، وإذا كان يوتر بخمس يأتي بست، وإذا جرت عادته الوتر بسبع يصلي ثمان إلى آخره.
طالب:. . . . . . . . .
تعمد ترك القيام، تعمد والأمر مستوي عنده أو لأنه محتاج إلى النوم أو شيء من هذا؟ محتاج للنوم ينام ويقضي الحمد لله ...

(19/32)


الموطأ- كتاب صلاة الليل (2)
شرح: باب الأمر بالوتر، وباب: الوتر بعد الفجر، وباب: ما جاء في ركعتي الفجر.

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تقول: والداي يعملان في بنك ربوي هل تأكل من مالهما أم تأخذ من مال أخوات عرضوا عليها أن يعطوها مال لكن قليل؟
على كل حال إذا كان المال كله من الربا لا يخالطه مال حلال فلا يجوز الأكل منه، والعيش على أوساخ الناس، وتكفف الناس، والأخذ من صدقات الناس أفضل من أن يبنى الجسد على السحت، نسأل الله العافية.
يقول: هل إذا أدركني الصبح وصليت ركعة الوتر فقط يحسب لي قيام ليلة أم لا بد من الشفع؟
يكفي الركعة لمسمى الوتر، أما قيام ليلة فلا يحسب، قيام ليلة لا يحسب بمجرد ركعة، نعم، إنما الوتر يدركه من صلى ركعة قبل طلوع الفجر.
لماذا خص النبي أبا هريرة، وأبا الدرداء، وأبا ذر بالصلاة قبل النوم؟
لأن كأنه لحظ عليهما أنهما يغلب على الظن أنهما لا يستيقظا في آخر الليل.
إذا كان الذي يوتر ليس من عادته الوتر، فأراد يوماً أن يوتر بعد الفجر أكان له ذلك، أم يشترط أن يكون من الذين اعتادوا على الوتر فنام عن وتره فأوتره، فأوتر فجراً؟
القضاء لمن عنده أداء، الذي يؤدي الوتر ثم يفوته يقضيه، أما الذي لا يؤديه بوقته يقضي إيش؟ ماذا يقضي الذي ليس عنده شيء يؤديه، لكن إذا ندم أنه ما أوتر في الأيام الماضية، وقال: هذه أقرب ليلة ويمكن قضاء وترها بعد ارتفاع الشمس وصلى ما كتب له شفعاً أربع ركعات، ست ركعات، ثمان، عشر، أكثر، لا بأس -إن شاء الله تعالى-.
ما الراجح في الوتر وصله أم فصله؟
الوتر على حسب ركعاته إن كان يريد أن يوتر بإحدى عشرة فيفصل، يسلم من كل ركعتين، وإن كان يريد أن يوتر بتسع فبسلام واحد، يجلس بعد الثامنة ولا يسلم، إن كان يريد أن يوتر بسبع بسلام واحد، بخمس بسلام واحد، بثلاث وهكذا.
كيف استدل البعض بهذا الحديث على عدم كفر تارك الصلاة؟
لأنه علقه بالمشيئة، علقه بالمشيئة.
يقول: لو كان الرجل ساكناً بمفرده فهل تحرق .. ، نحرق داره وهو فيها؟

(20/1)


على كل حال هذا الأمر لولي الأمر إذا رأى أن هذا المنكر شاع في الناس، ولا يمكن القضاء عليه إلا بما هم به النبي -عليه الصلاة والسلام- وجزم بأنه .. ، بأن العلة منتفية لا يوجد فيه نساء ولا ذرية، له ذلك.
يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- ((أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)) هل الأمر يقتضي الوجوب؟
نعم يقتضي الوجوب.
فهل إن كان الأمر يقتضي الوجوب فالشعب المسلم آثم؟
هذه الأمور مربوطة بولاة الأمور، هذا الأمر مربوط بولاة الأمور، وليس لعامة الناس، هناك أمور تختص ولي الأمر، وهناك أمور تختص أفراد الناس بأعيانهم، فمثل هذه الأمور العامة لمن يلي أمر العامة.
يقول: إذا كان شخص يصلي قيام ليل فلما وصل إلى صلاة آخر ركعة سمع الأذان فهل يبدأ فيها أم يقضيها؟
على كل حال مع ما يقال بأن التقويم متقدم على الوقت فلا مانع من أن يصلي ركعة، لا سيما مع وجود من يقضي الوتر بعد طلوع الفجر من السلف وقد عرفناهم.
يقول: هل إذا صلت المرأة جماعة يكتب لها أجر سبعة وعشرين صلاة؟
الأصل أن الجماعة للرجال، وأن المرأة صلاتها في بيتها أفضل لها، وبيتها خير لها، فلا يكتب لها سبعة وعشرين درجة.
طالب:. . . . . . . . .
والله عاد على حسب المصلحة المترتبة على ذلك، إن قالوا: فرادى بيكسلون، أو يصلون صلاة على غير الوجه المطلوب، والجماعة أنشط لهم نقول: الجماعة أفضل وهكذا.
ما هي الصلاة التي أحرم بعدها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهل هي حجة لصلاة الإحرام؟
هذا يأتي -إن شاء الله تعالى- في كتاب المناسك، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم بعد أن صلى ركعتين صلاة الظهر، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- في المناسك.
هل يجوز أن أصلي في البيت لأن المسجد أبعد مني؟ إيش معنى أبعد مني؟ يعني بعيد، ولا أسمع الأذان؟
إذا لم تسمع الأذان فلك رخصة، لك مندوحة، لكن إذا ارتكبت العزيمة وتجشمت المصاعب، وجئت إلى الصلاة فأبشر وأمل خيراً -إن شاء الله تعالى-.
ما الراجح في مسألة قضاء سنة الفجر؟
يجوز قضاؤها بعد الصلاة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من قضاها، ويجوز أيضاً قضاؤها بعد ارتفاع الشمس، والله أعلم.

(20/2)


وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اجزِ شيخنا عنا خير الجزاء، ووفقه لما تحب وترضى يا ذا الجلال والإكرام.

باب الأمر بالوتر:
قال الإمام يحيى -رحمه الله تعالى-: باب الأمر بالوتر:
عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صلاة الليل فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)).
عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز أن رجلاً من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلاً بالشام يكنى أبا محمد يقول: إن الوتر واجب، فقال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- فاعترضت له، وهو رائح إلى المسجد، فأخبرته بالذي قال أبو محمد، فقال عبادة -رضي الله تعالى عنه-: "كذب أبو محمد، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((خمس صلوات كتبهن الله -عز وجل- على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأتِ بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة)).
عن مالك عن أبي بكر بن عمر عن سعيد بن يسار قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- بطريق مكة، قال سعيد: فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت، ثم أدركته فقال لي عبد الله بن عمر أين كنت؟ فقلت له: خشيت الصبح فنزلت فأوترت، فقال عبد الله: أليس لك في رسول الله أسوة؟ فقلت: بلى والله، فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يوتر على البعير".
عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "كان أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- إذا أراد أن يأتي فراشه أوتر"، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يوتر آخر الليل، قال سعيد بن المسيب: "فأما أنا فإذا جئت فراشي أوترت".

(20/3)


عن مالك أنه بلغه أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن الوتر أواجب هو؟ فقال عبد الله بن عمر: قد أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأوتر المسلمون، فجعل الرجل يردد عليه وعبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يقول: "أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأوتر المسلمون".
عن مالك أنه بلغه أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: "من خشي أن ينام حتى يصبح فليوتر قبل أن ينام، ومن رجا أن يستيقظ آخر الليل فليؤخر وتره".
عن مالك عن نافع أنه قال: "كنت مع عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- بمكة والسماء مغيمة فخشي عبد الله الصبح فأوتر بواحدة، ثم انكشف الغيم، فرأى أن عليه ليلاً فشفع بواحدة، ثم صلى بعد ذلك ركعتين ركعتين، فلما خشي الصبح أوتر بواحدة".
عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان يسلم بين الركعتين والركعة في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته.
عن مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- كان يوتر بعد العتمة بواحدة.
قال مالك -رحمه الله-: "وليس على هذا العمل عندنا، ولكن أدنى الوتر ثلاث".
عن مالك عن عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان يقول: "صلاة المغرب وتر صلاة النهار".
قال مالك -رحمه الله-: "من أوتر أول الليل ثم نام ثم قام فبدا له أن يصلي فليصل مثنى مثنى فهو أحب ما سمعت إلي".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول -رحمه الله تعالى-: باب الأمر بالوتر:

(20/4)


الأمر بالوتر، جاء الأمر به ((أوتروا أهل القرآن)) يعني: يا أهل القرآن أوتروا، ((فإن الله وتر))، والخلاف في حكمه معروف عند أهل العلم، الجمهور على أنه سنة مؤكدة، وأوجبه الحنفية للأمر، يقول ابن حجر في فتح الباري يقول: إن البخاري -رحمه الله- لم يتعرض لحكمه، لم يتعرض لحكمه، لكن إفراده بترجمة عن أبواب التهجد والتطوع يقتضي أنه غير ملحق بها عنده، لكن هل في هذا ما يدل على الوجوب؟ كونه أفرده بترجمة غير التطوع والتهجد؟ لا يعني الوجوب، وإنما يفرد للاختلاف في الصفة، ولأنه نوع مستقل غير التهجد وغير التطوع.

(20/5)


يقول: "ولولا أنه أورد الحديث الذي فيه إيقاعه على الدابة لكان في ذلك إشارة إلى أنه يقول بوجوبه"، ترجم البخاري -رحمه الله- باب: الوتر على الدابة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يفعل الفريضة على الدابة، إذاً الوتر ليس بفريضة، وعلى كل حال ليس في ترجمة البخاري وفي إفراده ما يدل .. ، ما يوحي ولا يشم منه الوجوب؛ لأن الإفراد لا يقتضي الوجوب، لكي نرجح عدم الوجوب بكونه فعله على الدابة، ونقل الحافظ ابن حجر -رحمه الله- عن ابن التين أنه اختلف في الوتر في سبعة أشياء، وزاد عليها ابن حجر أشياء حتى بلغت ستة عشر، مسائل اختلف فيها في الوتر، وهي أشبه ما تكون بعناصر لمن أراد أن يكتب في الوتر مثلاً، اختلف في الوتر في سبعة أشياء: في وجوبه، هذا العنصر الأول، المسألة خلافية في وجوبه، المسألة الثانية أو الشيء الثاني: اختلف في عدده، والخلاف في وجوبه فيه مادة علمية، والاختلاف في عدده أيضاً كذلك، الشيء الثالث: اشتراط النية فيه، الرابع: اختصاصه بقراءة، يعني هل يقرأ فيه بسور وآيات معينة؟ أو يقرأ فيه ما تيسير؟ الخامس: اشتراط شفعٍ قبله، هل يشترط أن يأتي بركعتين أو أربع ركعات مشفوعة ثم يوتر؟ أو أنه يسرد واحدة، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، بدون شفع؟ وفي آخر وقته، ومن المسائل التي اختلف فيها: صلاته في السفر على الدابة، وأضاف ابن حجر شيئاً ثامناً، وتاسعاً .. إلى آخره، في قضائه هل يقضى الوتر أو لا يقضى؟ في القنوت فيه هل يقنت في الوتر أو لا يقنت؟ في محل القنوت منه، فيما يقال فيه- يعني في القنوت-، وفي فصله ووصله، يعني يصلى بتشهد واحد أو بأكثر؟ بسلام واحد أو أكثر؟ وهل تسن ركعتان بعده؟ وفي صلاته من قعود، وفي أول وقته، وفي كونه أفضل التطوع أو التطوع أفضل منه؟ أو خصوص ركعتي الفجر أفضل منه وهو أفضل مما عداها؟ المقصود أن هذه ستة عشرة مسألة، مسائل خلافية كلها متعلقة بالوتر، وتصلح أن تكون عناصر لبحث في الوتر، عناصر لبحث في الوتر.

(20/6)


"حدثني يحيى عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار" كلاهما مولى لابن عمر، "عن عبد الله بن عمر أن رجلاً" قال الحافظ: لم أقف على اسمه، ووقع في المعجم الصغير للطبراني أن السائل هو ابن عمر نفسه، وعند النسائي أنه رجل من أهل البادية، أنه رجل من أهل البادية، "أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صلاة الليل" تعيين المبهم هل هو من الأهمية بحيث يتتبع ويبحث عنه وإلا ما له داعي؟ (رجل) ابن عمر أو غير ابن عمر المقصود السؤال والجواب؟ أحياناً يترتب عليه فائدة، أحياناً نعرف تاريخ الخبر، وهل هو ناسخ أو منسوخ من معرفة السائل، نعم، "عن صلاة الليل" فقال: كيف صلاة الليل؟ وهذه رواية عند البخاري، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الليل مثنى مثنى))، ((صلاة الليل مثنى مثنى)) " استدل بمفهومه على أن الأفضل في صلاة النهار أن تكون أربعاً، من أين؟ أقول: استدل بمفهومه على أن الأفضل في صلاة النهار أن تكون أربعاً، وهو عن الحنفية وإسحاق، وتعقب بأنه مفهوم لقب، مفهوم لقب، إيش معنى مفهوم لقب؟ نعم، اسم أو لقب أو كنية أو ما أشبه ذلك، وهو غير حجة عند عامة أهل العلم، هذا لا يحتج به عند عامة أهل العلم، وعليه لوازم باطلة، وعلى الأخذ به فلا ينحصر العدد في أربع، وحينئذٍ لا يتم الاستدلال، يعني على سبيل التنزل، ((صلاة الليل مثنى مثنى)) يقول الأثرم: "عن أحمد: الذي أختاره في صلاة الليل مثنى مثنى، فإن صلى في النهار أربعاً فلا بأس" فإن صلى في النهار أربعاً فلا بأس، هذا نقل الأثرم عن الإمام أحمد.

(20/7)


وتقدم نقل الترمذي عنه وعن الشافعي أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، نعم، هذا تقدم، ((فإذا خشي أحدكم)) خشي يعني خاف أحدكم، فوات وقت الوتر بطلوع الصبح، وسيأتي ما في هذا، وقد استدل بهذا على خروج وقت الوتر بطلوع الفجر، ((فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)) دل على أن طلوع الصبح هو نهاية وقت الوتر، استدل به على خروج وقت الوتر بطلوع الفجر، وأصرح منه ما رواه أبو داود والنسائي وصححه أبو عوانة وغيره من حديث ابن عمر وفيه: "فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر" وفي صحيح ابن خزيمة عن أبي سعيد: ((من أدركه الصبح ولم يوتر فلا وتر له))، ((فلا وتر له)) وسيأتي أن من السلف من أوتر بعد الصبح، يأتي في متن الكتاب -إن شاء الله تعالى-.

(20/8)


"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -الأنصاري- عن محمد بن يحيى بن حبان -بن منقذ عن -عبد الله- بن محيريز أن رجلاً من بني كنانة يدعى المخدجي" المخدَجي، أو المخدِجي، بفتح الدال وكسرها، منسوب إلى مخدج بن الحارث، قال ابن عبد البر: "هو مجهول" مجهول "سمع رجلاً بالشام يكنى أبا محمد" يُكْنى أو يكنَّى؟ إيش مقتضى ذلك أن يكون المصدر يُكنّى تَكْنِية، ويُكْنى كنية، فإذا قلنا: أبو محمد كنيته وإلا تكنيته؟ وجمعه كنى، كنية جمعها كنى، والمصنفات في الباب كلها على هذا، كنى، الأسماء والكنى، "يكنى أبا محمد" الأنصاري صحابي، "يقول: إن الوتر واجب" إن الوتر واجب، وبه قال ابن المسيب ومجاهد والضحاك، لكن قال ابن عبد البر: "القول بأن الوتر سنة وليس بواجب يكاد أن يكون إجماعاً؛ لشذوذ الخلاف فيه" لشذوذ الخلاف فيه، "فقال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت -بن قيس الأنصاري- فاعترضت له" تصديت له، وهو في طريقه إلى المسجد "فأخبرته بالذي قال أبو محمد، فقال عبادة: "كذب أبو محمد" كذب: يعني أخطأ، وهم، غلط؛ لأنهم يطلقون الكذب ويريدون به ما ليس بمقصود، "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((خمس صلوات كتبهن الله -عز وجل- على العباد)) " استدل بمفهوم العدد، بمفهوم العدد، والعدد له مفهوم في الأصل، إلا إذا دل الدليل على إلغائه، {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [(80) سورة التوبة] هذا المفهوم ملغى؛ لأنه مفهومه لو استغفر لهم واحد وسبعين مرة يغفر لهم؟ لا يغفر لهم، خمس صلوات كتبهن الله، يعني فرضهن الله -عز وجل- على العباد لا سواهن، ((فمن جاء بهن، لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن)) وهذا احتراز عن السهو والنسيان، وما أشبه ذلك؛ لأن من تركهن أو ضيع منهن استخفافاً، أما من ترك أو ضيع شيئاً منهن نسياناً أو سهواً فإنه لا شيء عليه، ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها)) ليس في النوم تفريط، ((استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة)) يعني عهد أوجبه الله على نفسه، ولا يجب على الله شيء، لكن هو التزم بذلك -جل وعلا-، ((أن يدخله الله الجنة)) يعني مع

(20/9)


السابقين، أو من غير عذاب، ((ومن لم يأتِ بهن)) على الوجه المطلوب شرعاً، أو لم يأتِ بهن بالكلية كما قال بعضهم، ((فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه –عدلاً- وإن شاء أدخله الجنة)) رحمة وفضلاً.
((من لم يأتِ بهن)) من لم يأتِ بهؤلاء الصلوات الخمس تحت المشيئة، كما دل عليه هذا الخبر، وهو محمول عند من يقول بكفر تارك الصلاة من لم يأتِ بهن على الوجه المطلوب، أما الإتيان بهن فلا بد منه؛ ليكون تحت المشيئة، وإذا لم يأتِ بهن بالكلية فإنه حينئذٍ يكفر ولا يكون تحت المشيئة، هذا على قول من يقول بكفره، أما الذين لا يقولون بكفر تارك الصلاة فهو على بابه، وهو من لم يأتِ بهن يعني بالكلية، فقد استدل به من لا يرى كفر تارك الصلاة، والمرفوع حديث عبادة –المرفوع- مخرج عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه من طريق مالك، وصححه ابن حبان والحاكم وابن عبد البر وغيرهم.

(20/10)


ثم قال -رحمه الله-: "وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن عمر" قال ابن حجر: لا يعرف اسمه، "عن سعيد بن يسار -المدني- قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر بطريق مكة، قال سعيد: فلما خشيت الصبح نزلت –يعني عن دابتي- فأوترت -على الأرض- ثم أدركته -يعني لحقت به- فقال لي عبد الله بن عمر: أين كنت؟ -يعني لماذا تخلفت؟ - فقلت له: خشيت الصبح -يعني خفت طلوع الصبح الذي هو الحد لنهاية الوتر- فنزلت فأوترت فقال: عبد الله: أليس لك في رسول الله أسوة؟ "، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [(21) سورة الأحزاب] هو الأسوة للجميع، لجميع أتباعه -عليه الصلاة والسلام-، "أليس لك في رسول الله أسوة؟ " وفيه إرشاد وتوجيه المتبوع لتابعه ما قد يخفى عليه من السنن، بالأسلوب المناسب كما هنا، "فقلت: بلى والله" فيه جواز الحلف ولو من غير الاستحلاف على الأمر المهم، ولا يعارض هذا قوله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [(224) سورة البقرة] هذا في غير الأمور المهمة، وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه حلف، ((والذي نفسي بيده)) كثير يقول هذا، وسيأتي شيء من هذا -إن شاء الله تعالى-، "فقلت: بلى والله، فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يوتر على البعير"، كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوتر على البعير، الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما، باب: الوتر على الدابة في البخاري، وهذا صارف للأمر بالوتر؛ لأنه جاء الأمر به، صارف للأمر بالوتر من الوجوب إلى الاستحباب؛ لما ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي الفريضة على الدابة، ولو كان الوتر واجباً ما صلاه على الدابة، الحنفية يمكنهم الانفصال من هذا الصارف بأن يقولوا: كان لا يصلي الفريضة، ونحن نقول: الوتر ليس بفرض وإنما هو اجب، وإنما هو واجب، نعم الرسول لا يصلي الفريضة، لكن لا يمنع أن يصلي الواجب كالوتر، لما عرف من الفرق بين الفرض والواجب عندهم.

(20/11)


الصلاة على الدابة والمقصود بذلك النافلة، وكان لا يصلي الفريضة على الدابة -عليه الصلاة والسلام-، وهو مخصوص بحال السفر، كان أنس -رضي الله عنه- لا يرى مانع من أن يصلي الإنسان في الحضر على الدابة النافلة، سواءً كانت راتبة أو مطلقة، إن كانت راتبة وخشي فواتها إيش المانع أن يصلي على الدابة؟ لأن مبنى النوافل على التخفيف، أحسن من كونها تفوت، وإن كانت نفل مطلق فالمتطوع أمير نفسه، له أن يصلي وهو جالس، وله أصل كونه صلى -عليه الصلاة والسلام- في السفر نعم هو قيد معتبر عند الجمهور، عند جماهير أهل العلم قيد معتبر، النافلة لا تصح في الحضر عند الجمهور على الدابة، لكن من يقول بصحة النافلة مطلقاً على الدابة لا سيما إذا خشي فوت النافلة الراتبة، أو أراد أن يتنقل نفلاً مطلقاً على الدابة زيادة فضل وخير، هذا عند من يقوله، نعم كونه صلاها في السفر على الدابة لا يمنع أن تكون عند الحاجة؛ لأن السفر حاجة، فيقال مثله عند الحاجة في الحضر.
طالب:. . . . . . . . .
الأصل فيها أنها تسير، لكن إذا وقفت ولا يملك النزول، وقفت بسيرة مثلاً فهي في حكم السائرة، مثلما السائرة؛ لأنه لا يستطيع أن ينزل ويصلي على الأرض ويترك السيارة، يعني في أيام الحج مثلاً أماكن الزحام يضطر الإنسان أن يصلي على الدابة حتى الفريضة، إذا خشي فوات وقتها، ويفوت في بعض الأحيان الوقت والوقتين يفوتون نعم من شدة الزحام، مثله الصلاة في الطائرة مثلاً، وفي السفينة وفي غيرها أجازها أهل العلم، لكن على أن يتجه إلى جهة القبلة، وأن يصلي قائم عند القدرة إلى غير ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
والله إذا كان .. ، إذا أمكنه أن يصليها كاملة فلا يشترط. . . . . . . . .، لكن إذا صلاها على وجه فيه نوع من الخلل، لا شك أنه لا بد أن. . . . . . . . .

(20/12)


"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- إذا أراد أن يأتي فراشه أوتر" قبل أن ينام؛ لأنه يغلب على ظنه أنه لا يقوم من آخر الليل، "وكان عمر -رضي الله عنه-" عمر بن الخطاب "يوتر آخر الليل" بعد تهجده؛ لأنه يغلب على ظنه أنه يقوم آخر الليل، وهو أفضل، "قال سعيد بن المسيب: "فأما أنا فإذا جئت فراشي أوترت"، يعني كفعل أبي بكر أخذاً بالحزم، وخشية من غلبة النوم، وقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا هريرة وأبا الدرداء وأبا ذر، أوصى كل واحد منهم أن يوتر قبل أن ينام، وفي فعل الخليفتين المهديين الراشدين إباحة تقديم الوتر وتأخيره، وهو أمر مجمع عليه؛ لأن الوتر من صلاة الليل، ولا وقت لها محدود، فالليل كله وقت له، فالليل كله وقت له، وأجمعوا على أن مبدأه بعد صلاة العشاء، بعد صلاة العشاء، يعني وهل المقصود صلاة العشاء في وقتها بعد مغيب الشفق أو من أدائها ولو كانت مجموعة إلى المغرب؟ هو بعد العشاء بلا شك، لكن هل يقيد بمغيب الشفق من وقتها المعتاد، أو يقال: من صلاة العشاء ولو كان قبل مغيب الشفق؟ كما ربط النهي عن الصلاة بعد العصر بفعلها، يعني لو أخرت صلاة العصر عن الوقت المعتاد ساعة في الصيف مثلاً، وأراد أن يتنفل هذه الساعة قبل أن .. ، نعم أنا باستغل الوقت، الوقت طويل، الوقت ثلاث ساعات أبا أتنفل ساعة كاملة بعشرين ركعة، ثلاثين ركعة، قبل صلاة العصر؛ لأنني صليت خلاص جاء النهي، والنهي مربوط بفعل الصلاة، فهل الوتر مربوط بفعل الصلاة أو بوقت الصلاة؟ نعم المسألة خلافية، المسألة خلافية، إذا قلنا: صلاة الليل يدخلون فيها ما بين العشاءين من صلاة الليل، لكنها ليست من التهجد، التهجد في آخر الليل، والأولى ألا يوتر الإنسان إلا إذا دخل وقت صلاة العشاء، ومضى قدر فعلها، والخلاف قوي عند أهل العلم.
وفي الصحيحين عن عائشة: "في كل الليل أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وانتهى وتره إلى السحر" انتهى وتره إلى السحر، يعني نهاية وقت الوتر إلى السحر، وهذا يعضد ما تقدم من أنه إذا طلع الفجر انتهى وقت الوتر.

(20/13)


"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر عن الوتر أواجب هو؟ فقال عبد الله بن عمر: قد أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأوتر المسلمون فجعل الرجل يردد -يكرر- عليه وعبد الله بن عمر يقول: "أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون" كأنه شم منه، شم من السائل أنه إذا لم يكن واجباً أنه قد يترك، فأراد ابن عمر أن يحثه على الوتر، ولم يبين له الحكم؛ لئلا يتكاسل، فأخبره أنه سنة معمول بها، ولو كان واجباً عنده لأفصح بذلك، لكن جاء بهذا الأسلوب ليبين له أنه مأمور بالاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وقد أوتر، بغض النظر هل يأثم بتركه أو لا يأثم.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: من خشي أن ينام حتى يصبح -يعني يدخل وقت الصباح بطلوع الفجر الثاني- فليوتر قبل أن ينام" حتى لا يفوت وقت الوتر، "ومن رجا -أي غلب على ظنه أنه يستيقظ آخر الليل- فليؤخر وتره" لأن ذلك أفضل بلا شك، الوتر في آخر الليل أفضل، لكن الذي يغلب على ظنه أنه لا يقوم، أو لم يبذل الأسباب للقيام، أو أوجد موانع عن القيام أن هذا يوتر أول الليل، نعم؟
طالب. . . . . . . . .
هو الأصل في الواجب، الواجب أنه المحتم، أنه من السقوط، وجبت الشمس أي سقطت، وسقوط الشيء يدل على أن له أثر، والسنة ليس لها أثر على تاركها في الإثم، فالمعنى اللغوي يدل على هذا، وهم يفهمونه من حيث اللغة.

(20/14)


يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أنه قال: "كنت مع عبد الله بن عمر بمكة والسماء مغيمة -يعني محيط بها السحاب من كل جهة- فخشي عبد الله الصبح -ما عندهم ساعات ولا تقاويم، إنما يعملون بالعلامات التي نصبها الشارع للأوقات- فخشي عبد الله الصبح فأوتر بواحدة، ثم انكشف الغيم -يعني زال- فرأى أن عليه ليلاً -رأى أن الصبح بقي عليه- فرأى أن عليه ليلاً فشفع بواحدة" يحتمل أن تكون هذه الركعة قبل سلامه من التي قبلها من وتره، يعني انكشف بعد أن صلى آخر ركعة قبل السلام فأضاف إليها ركعة قبل أن يسلم، والاحتمال الثاني أنه سلم، ثم مكث مدة، ثم زال الغيم فصلى ركعة تشفع الركعة السابقة، وهذا يؤيده العطف بـ (ثم)، "ثم انكشف ... فرأى أن عليه ليلاً، فشفع بواحدة، ثم صلى بعد ذلك ركعتين ركعتين فلما خشي الصبح أوتر بواحدة".
الآن إذا نظرنا إلى فعل ابن عمر كم أوتر من مرة؟ ثلاث مرات، أوتر ثلاث مرات، أوتر وقت الغيم، ثم شفع وتره بوتر بعد انكشاف الغيم، ثم ختم صلاته بوتر، وحينئذٍ يكون قد أوتر ثلاث مرات، وهذه المسألة تعرف عند أهل العلم بمسألة نقض الوتر، نقض الوتر، هو لما روي عن ابن عمر روي مثله عن علي وعثمان وابن مسعود وأسامة، وخالف في ذلك جماعة منهم: أبو بكر وعمار وعائشة، وكانت تنكر على من فعله، تنكر على من فعله، وقد جاء في الحديث: ((لا وتران في ليلة)) فكيف بثلاثة؟ نعم.
أقول: هذه المسألة تعرف عند أهل العلم بمسألة نقض الوتر، والمعتمد قول الأكثر، وهو عدم النقض، خلاص أوترت أوترت، وإن كنت مأموراً أن تجعل آخر صلاتك بالليل وتر، لكن هذا على سبيل الاستحباب بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر، نعم الأفضل أن تختم الصلاة بالوتر، لكن إذا صلى الإنسان خشي ألا يقوم من الليل فأوتر قبل أن ينام، ثم تيسر له أن يقوم، مثل هذا يصلي بعد ذلك مثنى مثنى، وهو قول الأكثر، والمعتمد قول الأكثر وهو عدم النقض لحديث: ((لا وتران في ليلة)) وهو حديث مقبول حسن، مخرج عند النسائي وابن خزيمة وغيرهما، هذا مخالفة الواقع و (لا) هذه هل هي ناهية؟ يعني: لا توتروا وترين في ليلة، أو هي نافية؟
طالب:. . . . . . . . .

(20/15)


معروف، وعلى كل حال حتى لو قلنا: إنه نفي في مثل هذا هو أبلغ من النهي الصريح؛ لأنه ينفي الحقيقة، ينفي الحقيقة، الحقيقة اللغوية والعرفية موجودة لا يمكن نفيها، هو صلى أوتر ثلاث مرات، نعم، هذه الحقيقة أنه صلى، لكن الحقيقة الشرعية أنه ما صلى، باعتبار أن من فعل شيئاً ليس عليه أمرنا فهو رد، والمردود لا قيمة له، وجوده مثل عدمه.
طالب. . . . . . . . .
ما شفع، هو لو شفع قبل أن يسلم قلنا: ما شفع، قلنا: ما أوتر إلا مرة واحدة، لكن أوتر الآن خشي ألا يقوم من الليل فأوتر قبل أن ينام، بينام الساعة اثنا عشر مثلاً، أوتر قبل أن ينام، ثم انتبه الساعة أربع ونصف وقال: باقي على الأذان، أبا اشفع الوتر الأول.
طالب. . . . . . . . .
وين؟ ابن عمر؟ كلامه حجة على غيره؟ كلامه حجة على أبي بكر وعائشة وغيرها؟ هذا عمله، هذا عمله، وهو مروي عن غيره أيضاً عن علي وعثمان وجمع من الصحابة، لكن إذا اختلف الصحابة فالحكم حينئذٍ المرفوع، نعم.
طالب. . . . . . . . .
هاه، هذا الاحتمال الثاني في فعل ابن عمر أنه رأى لما انكشف الغيم وهو في الصلاة وداخل بالوتر بواحدة ثم رأى أن فيه .. ، أو شخص ما عنده غيم في غرفته مثلاً نعم، وخشي طلوع الفجر فكبر ليصلي واحدة، ثم عرف أنه باقي على الأذان، باقي على الأذان، سمع المؤذن مثلاً، سمع المؤذن فقال: خلاص نوتر بواحدة توتر لنا ما قد صلينا، فتبين الأذان وهو الأذان الأول ما هو بالثاني، دخل على أساس أنه يصلي واحدة ثم صلى ركعتين شفع، ثم أضاف إليها ما شاء، فهل تشترط النية أو تغيير النية مؤثر هنا أو غير مؤثر؟ لا غير مؤثر، في مثل هذا غير مؤثر؛ لأنه حتى لو .. ، افرض المسألة العكس، دخل على أساس أنه بيصلي تسع ركعات بسلام واحد، ثم سمع المؤذن وهو في الخامسة يستمر يصلي تسع وإلا يجلس في الخامسة ويسلم؟ إذاً تغيرت نيته، بدل من أن يصلي تسع صلى .. ، إذاً العكس مثله.
طالب. . . . . . . . .

(20/16)


لا، الاستدلال بالأدنى على الأعلى والعكس واحد ما يختلف، كما استدلوا على أنه -عليه الصلاة والسلام- يخفف الصلاة لما يسمع من بكاء، نعم، نعم يخفف الصلاة، إذاً يجوز للإمام أن يزيد في الصلاة لما يسمع من داخل مثلاً ليدرك الركعة، هذا كله وتر، سواءً أوتر بثلاثة أو بخمس أو بسبع مقيد بوتر.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يسلم من الركعتين -من الركعتين- والركعة في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته" يعني إذا أوتر بثلاث يصلي ركعتين ويسلم، ثم يصلي ركعة ويسلم، فكان يأمر ببعض حاجاته بين السلامين، بين سلامه الأول وشروعه في الركعة الأخيرة، وظاهره أنه كان يصلي الوتر موصول ثلاثاً، هذا هو الظاهر أن غالب صلاته يصلي موصول، فإن عرضت له حاجة فصل بسلام، ثم بنا على ما مضى، كان يسلم في الركعتين والركعة في الوتر، وكان، حتى يأمر ببعض حاجته، إذا لم يعرض له حاجة؛ لأن سلامه الأول من أجل أن يأمر، إذا لم يعرض له حاجة يكون الأصل أنه ما يسلم.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص -أحد العشرة المبشرين بالجنة- كان يوتر بعد العتمة -بعد صلاة العشاء- بواحدة" يصلي العشاء ويصلي ركعة، يعني بعد الراتبة، فتكون وتره ركعة واحدة، وصح مثله عن عثمان ومعاوية "كان يوتر" يعني هل هذا يدل على الاستمرار؟ سعد أحد العشرة المبشرين بالجنة يصلي العشاء ثم يصلي الراتبة ثم يصلي ركعة واحدة وخلاص هذه صلاة الليل عنده؟ نعم، ما يلزم، وإن كانت (كانت) الصيغة (كان) الصيغة (كان) تدل على .. ، الأصل فيها الاستمرار، والسند إليه صحيح، السند إليه ما فيه إشكال -إن شاء الله-.

(20/17)


"قال مالك: "وليس على هذا العمل عندنا" يعني في المدينة، ما نعمل بهذه، ركعة واحدة! "ليس العمل على هذا عندنا، ولكن أدنى الوتر ثلاث" بركعتي الشفع المفصولتين، فيكره الاقتصار على الواحدة عندهم، وعند أحمد أدنى الكمال ثلاث، وأقل المجزئ واحدة، نعم الواحدة ثبتت عن الصحابة، فهي أقل ما يجزئ، وأدنى الكمال ثلاث، وأكثره كم؟ إحدى عشرة؛ لأنها غالب فعله -عليه الصلاة والسلام-، "قال مالك: وليس على هذا العمل عندنا، ولكن أدنى الوتر ثلاث"، وفي السنن لأبي داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم عن أبي أيوب مرفوعاً: الوتر حق فمن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاثة، ومن شاء أوتر بواحدة، هذا يدل على أن الوتر بواحدة كافي مجزئ، لكن الثلاث أفضل، والخمس أفضل، والسبع أفضل، لكن الواحدة مجزئة.
" وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر كان يقول: "صلاة المغرب وتر صلاة النهار"، وجاء في الحديث: ((فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في الحضر، إلا الفجر فإنها تطول فيها القراءة، وإلا المغرب فإنها وتر النهار)) وهذا في المسند، وهذا عن ابن عمر كان يقول: "صلاة المغرب وتر النهار" أضيفت إلى النهار لوقوعها في آخره، يعني ملاصقة لآخر جزء من النهار، فهي نهارية حكماً، وإن كانت ليلية حقيقة، ليلية حقيقة، وسبق في الأثر الذي خرجه الإمام مالك عن أبي بكر وأنه كان يقرأ في الركعة الأخيرة من صلاة المغرب {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا} [(8) سورة آل عمران] وقلنا: لأنها وتر النهار، وهذا بمثابة القنوت، "قال مالك: "من أوتر أول الليل ثم نام ثم قام فبدا له أن يصلي فليصلِ مثنى مثنى، فهو أحب ما سمعت إلي"، ولا ينقض الوتر لحديث: ((لا وتران في ليلة)) وفي نقضه يكون قد أوتر ثلاث مرات، وهذا تقدم.
سم.

باب: الوتر بعد الفجر:
أحسن الله إليك.
باب: الوتر بعد الفجر:

(20/18)


عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري عن سعيد بن جبير أن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: رقد ثم استيقظ فقال لخادمه: انظر ما صنع الناس؟ وهو يومئذ قد ذهب بصره، فذهب الخادم ثم رجع فقال: قد انصرف الناس من الصبح، فقام عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- فأوتر، ثم صلى الصبح".
عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وعبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه-، والقاسم بن محمد وعبد الله بن عامر بن ربيعة قد أوتروا بعد الفجر.
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنهما- قال: "ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتر".
عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- يؤم قوماً فخرج يوماً إلى الصبح فأقام المؤذن صلاة الصبح فأسكته عبادة حتى أوتر، ثم صلى بهم الصبح.
عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: "إني لأوتر، وأنا أسمع الإقامة أو بعد الفجر"، يشك عبد الرحمن أي ذلك قال.
وحدثني مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع أباه القاسم بن محمد يقول: "إني لأوتر بعد الفجر".
قال مالك -رحمه الله-: "وإنما يوتر بعد الفجر من نام عن الوتر، ولا ينبغي لأحد أن يتعمد ذلك حتى يضع وتره بعد الفجر".
يقول -رحمه الله تعالى-: باب: الوتر بعد الفجر:
يعني بعد طلوع الفجر وقبل الصلاة، وليس المراد به بعد صلاة الفجر، إنما بعد طلوع الفجر وقبل أداء الصلاة.

(20/19)


"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق" أبي أمية البصري، نزيل مكة، ضعيف، قال ابن عبد البر: "ضعيف باتفاق أهل الحديث"، وقد عرف عن مالك -رحمه الله تعالى- التحري والتثبت، وأنه لا يروي إلا عن ثقة، هذا المعروف عن مالك -رحمه الله تعالى-، لكنه اغتر بهذا الرجل، غره بكثرة جلوسه في المسجد، الإمام مالك اغتر فروى عنه، وإلا الأصل أن مالك لا يروي إلا عن الثقات، وهو من أهل التحري والتثبت، لكن من يسلم من الوقوع في الخطأ والوهم؟ الإنسان يشترط على نفسه شيء ثم بعد ذلك يحصل له إخلال بهذا الشرط، ولذا لو قال العالم: إني لا أروي إلا عن ثقة، فهل يقتضي قبول والاحتجاج بكل من روى عنهم بناءً على هذه القاعدة التي اختطها لنفسه؟ أو لو قال: شيوخي كلهم ثقات، أو لا أروي إلا عن ثقات لا يجزئ؛ لأنه قد يغفل، قد يغفل كما غفل مالك -رحمه الله تعالى-.
"عن سعيد بن جبير أن عبد الله بن عباس رقد ثم استيقظ -نام ثم استيقظ- فقال لخادمه -الخادم لم يسمَ-: انظر ما صنع الناس؟ وهو يومئذ قد ذهب بصره" معروف أن ابن عباس كف بصره في آخر عمره، "فذهب الخادم ثم رجع فقال: قد انصرف الناس من صلاة الصبح، فقام عبد الله بن عباس فأوتر ثم صلى الصبح" يعني أوتر، يعني ترك الناس يصلون جماعة، وقال: اذهب انظر ماذا صنع الناس؟ نعم، قال: صلوا، ثم شرع في الوتر، ثم صلى الصبح، هل يظن مثل هذا بابن عباس؟ ما يظن به ذلك، والخبر معروف إن في إسناده هذا الرجل الضعيف، فلا يثبت، قد انصرف الناس من صلاة الصبح، قد يقول قائل: إنه قد يكون في حالة مرض مثلاً، معذور من حضور الجماعة، أو صلوا الناس في المساجد المجاورة ومسجده الذي يؤمه ابن عباس ما بعد صلوا هو يصلي بالناس احتمال، لكن لا يظن به أنه ينتظر ثم يقال: صلى الناس؟ ويريد أن يصلي بعد صلاة الناس في بيته، لا، فإما أن يقال: إنه معذور، أو يقال: صلى الناس في المساجد الأخرى، هذا على فرض ثبوت الخبر، وإلا ففي إسناده ما سمعتم.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس وعبادة بن الصامت والقاسم بن محمد وعبد الله بن عامر بن ربيعة -العنزي- قد أوتروا بعد الفجر".

(20/20)


أجملهم في هذا البلاغ، أجملهم في هذا البلاغ، ثم فصلهم، ذكر ابن عباس قبل هذا البلاغ، ثم أردفه بذكر عبادة بن الصامت وعبد الله بن عامر والقاسم بن محمد في الآثار اللاحقة.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن مسعود قال: "ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتر" وعلى هذا عندهم وقت الوتر وقت اختيار ووقت اضطرار، وقت الاختيار ينتهي بطلوع الفجر، ووقت الاضطرار ينتهي بصلاة الصبح.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان عبادة بن الصامت يؤم قوماً فخرج يوماً إلى الصبح فأقام المؤذن صلاة الصبح فأسكته عبادة حتى أوتر -أمره بالانتظار- ثم صلى بهم الصبح" وهذا فرع من البيان السابق المجمل، وبيان له.
"وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم -بن محمد بن أبي بكر- قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: "إني لأوتر وأنا أسمع الإقامة -للصبح- أو بعد الفجر" يشك عبد الرحمن أي ذلك قال" وإن اتحد المعنى.
"وحدثني مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع أباه القاسم بن محمد يقول: "إني لأوتر بعد الفجر"، هكذا أثر عن هؤلاء، وكذا هو أيضاً مأثور أيضاً عن أبي الدرداء وحذيفة وعائشة، وبه قال مالك، على ما سيأتي في كلامه، وأحمد في رواية والشافعي في القديم، كلهم يقولون: إن وقت الوتر يستمر إلى صلاة الصبح، خلافاً لمكحول والثوري وأبي يوسف ومحمد وأحمد في رواية: أنه لا يصلى بعد طلوع الفجر، وتقدم شيء من أدلتهم.
"قال مالك: "وإنما يوتر بعد الفجر من نام عن الوتر" يعني يوتر، هذا وقت ضرورة، من نام عن وتره يوتر بعد طلوع الفجر، ولا كراهة حينئذٍ، "ولا ينبغي لأحد أن يتعمد ذلك" يعني يركب الساعة إلى طلوع الفجر، ثم يقوم فيوتر، ثم يذهب لصلاة الصبح، لا ينبغي له ذلك، "ولا ينبغي لأحد أن يتعمد ذلك حتى يضع وتره بعد الفجر" أي يكره له ذلك.

(20/21)


وفي صحيح ابن خزيمة: ((من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له))، ((من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له)) وقال طاووس: يقضى بعد طلوع الشمس، يقضى بعد طلوع الشمس، يعني بعد خروج وقت النهي، ولا شك أن ما قبل صلاة الصبح، ما بين طلوع الفجر إلى صلاة الصبح وقت نهي، وجاء فيه: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس)) على الخلاف بينهم في المراد بالصبح هل هو الصلاة أو الوقت؟
نعم.

باب: ما جاء في ركعتي الفجر:
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في ركعتي الفجر:
عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن حفصة-رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سكت المؤذن عن الأذان لصلاة الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخفف ركعتي الفجر حتى إني لأقول: أقرأ بأم القرآن أم لا؟ ".
عن مالك عن شريك بن عبد الله بن أبي نِمْرٍ ...
نَمِر، نَمِر.
أحسن الله إليك:
ابن أبي نمر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: "سمع قوم الإقامة فقاموا يصلون فخرج عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أصلاتان معاً؟ أصلاتان معاً؟ )) وذلك في صلاة الصبح في الركعتين اللتين قبل الصبح".
عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- فاتته ركعتا الفجر فقضاهما بعد أن طلعت الشمس.
عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد أنه صنع مثل الذي صنع ابن عمر.
يقول -رحمه الله تعالى-: باب: ما جاء في ركعتي الفجر:

(20/22)


وركعتا الفجر من آكد النوافل، فثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يتركهما سفراً ولا حضراً كالوتر، يقول: "حدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن حفصة -أخته- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته" ففيه رواية صحابي عن صحابي، "أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سكت المؤذن عن الأذان لصلاة الصبح صلى ركعتين خفيفتين" صلى ركعتين خفيفتين وهما إيش؟ ركعتا الفجر، وجاء أن ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها، كثير من الناس يفرط بهاتين الركعتين الخفيفتين، والله المستعان.
ثم قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة" هكذا منقطع، يحيى ابن سعيد لم يدرك عائشة، وبينه وبينها واسطتان، فالذي في البخاري عن يحيى بن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة أن عائشة "زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخفف ركعتي الفجر" اللتين قبل صلاة الصبح، "حتى -ابتدائية- إني لأقول: أقرأ بأم القرآن" يعني الفاتحة، يقول القرطبي: ليس معنى هذا أنها شكت في قراءة الفاتحة، ليس معنى هذا أنها شكت في قراءة الفاتحة، ولكن هذه مبالغة في تخفيف هاتين الركعتين، يقول: ليس معنى هذا أنها شكت في قراءة الفاتحة، وإنما معناه أنه كان يطيل القراءة في النوافل يطيل القراءة في النوافل فلما خفف في قراءة هذه الصلاة صار كأنه لم يقرأ بالنسبة إلى غيرهما من الصلوات، ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يقرأ في ركعتي الصبح بعد الفاتحة بسورتي الإخلاص، ويقرأ بآية البقرة وآية آل عمران، كل هذا ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام-.
ما الحكمة من تخفيف هذه الصلاة؟ تعقب صلاة ليل، تعقب صلاة ليل طويلة، كما هو الأصل فيها، ثم بعد ذلك يأتي بهاتين الركعتين الخفيفتين، ويتهيأ بعدهما لصلاة الصبح التي قراءتها مشهودة، {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [(78) سورة الإسراء] والله المستعان.

(20/23)


"وحدثني عن مالك عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر" وشريك هذا قاضي، ومخرج له في الكتب كلها، في الكتب الستة، وهو ثقة إن روى عنه ثقة، حفظ عليه بعض الأوهام، لا سيما في حديث الإسراء، له أوهام وصلت إلى عشرة في حديث واحد، وأشار مسلم إلى شيء منها على سبيل الإجمال فقال: قد قدم وأخر، وزاد ونقص، وذكرها ابن القيم في الهدي، والحافظ ابن حجر في فتح الباري، المقصود أن شريك هذا ليس من .. ، في الحفظ والضبط، والإتقان في الغاية كمالك ونحوه، لا، لكنه محتج به، ابن أبي نمر، النسبة إلى نمر أبو عمر بن عبد البر إيش؟ الإيش؟ الميم، أنا أريد ضبط الميم، بالفتح، وهي في الأصل؟
طالب. . . . . . . . .
لا، لا، النَمَري، النَمَري، بفتحتين، وهي في الأصل قبل النسبة مكسورة، نمِر، مثل: ملِك، ومثل: سلِمة سَلَمي، فالنسبة إلى نمر نَمَري، وسلمة سَلَمي، وملك مَلَكي؛ لأنه يثقل النطق بكسرات متوالية، يستثقلون هذا فيفتحون، ونسمع أحياناً في بعض المقالات، وبعض المناسبات يقولون: المَلِكي ليميزوا بين النسبة إلى ملِك وملَك، وهذا ليس بصحيح، فالنسبة إلى مكسور ثاني حروفه يُفتح.

(20/24)


"عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: "سمع قوم –يعني من الصحابة- الإقامة فقاموا يصلون، فخرج عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أصلاتان معاً؟ أصلاتان معاً؟ )) " هذا إنكار وتوبيخ؛ لأنه لا صلاة إذا أقيمت الصلاة، فإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، نحن نرى بعض الوافدين من العمال يصلون ركعتي الصبح ولو أقيمت الصلاة، يصلون ركعتي الصبح ولو أقيمت الصلاة اقتفاءً لأثر هؤلاء الذين ذكر خبرهم في مثل هذا، لكن المرفوع له -عليه الصلاة والسلام- أولى بالإتباع، وهو مخرج في صحيح مسلم: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) ولا حجة لقول أحد مع قوله -عليه الصلاة والسلام-، "وذلك في صلاة الصبح في الركعتين اللتين قبل الصبح" ولا يختص الحكم بهما، يعني لا يختص هذا الإنكار والتوبيخ بركعتي الصبح، يعني إذا أنكر بالنسبة لركعتي الصبح وهما أهم .. ، من أهم النوافل فغيرهما من باب أولى، يعني إنكار ركعتي صلاة الصبح أشد من إنكار .. ، مع أن صلاة ركعتي الصبح أولى بالمحافظة من راتبة الظهر القبلية، وراتبة الظهر القبلية أهم مما يصلى قبل العصر، فلا يختص هذا بركعتي الصبح، ينكر على من صلى بعد إقامة صلاة الظهر، ينكر على من صلى بعد إقامة صلاة العصر وهكذا، وإن جاء الحث عليها والحظ عليها، لكن لا تصلى بعد الإقامة للحديث الصحيح: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)).
طالب. . . . . . . . .
لا ما يعيدها، لكنه خالف الأمر، خالف وأساء.
طالب. . . . . . . . .
في إيش؟ في المسجد؟
طالب. . . . . . . . .
نعم إذا صلى ركعة يتمها خفيفة، يتمها خفيفة، المقصود به إنشاء الصلاة، ومن لم يصلِ ركعة كاملة فكأنه ما صلى؛ لأن أقل ما يطلق عليه صلاة ركعة كاملة.

(20/25)


"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر فاتته ركعتا الفجر فقضاهما بعد أن طلعت الشمس"، يعني وارتفعت، وانتهى وقت النهي، تقضى راتبة الفجر لأنها مؤكدة، "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن -أبيه- القاسم بن محمد أنه صنع -مثل ذلك- صنع مثل الذي صنع ابن عمر" من قضاء راتبة الصبح بعد طلوع الشمس، وكثير من الناس يصلي سواءً كان الراتبة أو الركعتين بعد الجلوس مع بزوغ الشمس تبعاً للتقويم، والتقويم هو مؤقت على إيش؟ على البزوغ، فحينئذ لا بد من الانتظار ربع ساعة، حتى تنتشر الشمس وترتفع.
يجوز قضائهما بعد الصلاة، يعني بعد صلاة الصبح، وإن كان وقت نهي؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى رجلاً يصلي بعدما صلى الصبح فقال له: ((أأصبح أربعاً؟ )) وفي رواية قال له: ((الصبح ركعتان، الصبح ركعتان؟ )) فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين قبلهما فصليتهما الآن، فسكت النبي -عليه الصلاة والسلام-، أقره، أقره على قضاء راتبة الصبح بعد صلاة الصبح، وأبى ذلك مالك وأكثر العلماء للنهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، من أراد القضاء يقضي بعد خروج وقت النهي، وأما بعد صلاة الصبح وقت نهي لا تقضى فيه النوافل كالذي بعد صلاة العصر، لكن الحديث حجة عليهم، أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من قضى.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، خلاص فات محلها، فات محلها، نعم ...

(20/26)