شرح الموطأ عبد
الكريم الخضير الموطأ - كتاب
القرآن (1)
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
شرح باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن:
كتاب القرآن:
باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن في
الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن
حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر، قال مالك - رحمه الله -:
"ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر،
ولو جاز ذلك لحمل في خبيئته ولم يكره ذلك لأن يكون في يدي
الذي يحمله شيء يدنس به المصحف، ولكن إنما كره ذلك لمن
يحمله وهو غير طاهر إكراماً للقرآن وتعظيماً له.
قال مالك -رحمه الله-: "أحسن ما سمعت في هذه الآية: {لَّا
يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة]
إنما هي بمنزلة هذه الآية التي في عبس وتولى قول الله
-تبارك وتعالى-: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ
شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ
مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ}
[(11 - 16) سورة عبس].
(38/1)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب
القرآن: باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، باب الأمر
بالوضوء لمن مس القرآن، حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن
أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم" جده، جد عبد
الله بن أبي بكر، عمرو بن حزم بن زيد الأنصاري "أن لا يمس
القرآن إلا طاهر" أن لا يمس القرآن إلا طاهر، أي متوضأ،
فعلى هذا لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف، وبهذا قال جمهور
أهل العلم بما فيهم الأئمة الأربعة، أبو حنيفة ومالك
والشافعي وأحمد، وجماعة الفقهاء من الصحابة والتابعين فمن
بعدهم، والحديث هنا مرسل، وقد روي مسنداً من وجوه، وله
شواهد فهو صحيح لغيره، ويقول ابن عبد البر -رحمه الله-:
"هو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف عند أهل العلم معرفة
يستغني بها في شهرتها عن الإسناد؛ لأنه جاء من طرق، وتلقاه
الناس بالقبول، ومعلوم عند أهل العلم أن تلقي الأمة للخبر
بالقبول أقوى من مجرد قوة الطرق والأسانيد، كما قرر ذلك
ابن حجر وغيره، فإذا تلقت الأمة بالقبول خبراً عرفنا أنه
خبر ثابت، لماذا؟ لأنه لا يصح عليهم تلقي ما لا يصح عن
النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعلى كل حال هو صحيح لغيره بشواهده، له شاهد من حديث حكيم
بن حزام وابن عمر وعثمان بن أبي العاص وغيرهم، فهو بمجموع
طرقه صحيح لغيره، والحديث أصل في كتابة العلم، "إن في
الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وإسناد
الكتابة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- باعتبار أنه أمر
بها، وإلا معلوم من أنه -عليه الصلاة والسلام- أمي، وقد
جاء في وصفه في القرآن {وَمَا كُنتَ تَتْلُو. . . . . . .
. . وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [(48) سورة العنكبوت]
فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقرأ ولا يكتب.
(38/2)
فعلى كل حال الخبر أصل في كتابة العلم
وتحصينه في الكتب، وأصل في صحة الراوية على وجه المناولة؛
لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- دفعه إليه وأمره به فجاز
له العمل به والأخذ بما فيه، والرواية بالمناولة معروفة
عند أهل العلم إحدى طرق التحمل الصحيح عند أهل العلم؛ لأن
طرق التحمل الثمان: السماع من لفظ الشيخ هذا الأصل، يليها:
العرض الذي هو القراءة على الشيخ، ثم المناولة: يكتب كتاب
ويناوله إياه، ثم المكاتبة، ثم الإجازة المجردة عن
المناولة، والمقصود بالمناولة مع الإذن بالرواية؛ لأن
المناولة إن خلت عن الإذن فهي باطلة وإن قيل بصحتها.
وإن خلت عن إذن المناولة ... قيل تصح والأصح باطلة
هذا إذا خلت عن الإذن، لكن إذا اقترنت به فهي أقوى من
الإجازة المجردة، ثم بعد ذلك: المكاتبة والوصية، والإعلام
والوجادة، طرق التحمل ثمان، وتفصيلها ليس هذا محله، لكن
هذا فيه المناولة، كتب الكتاب ثم ناوله إياه، وهذا الخبر
صحيح.
يقول مالك -رحمه الله تعالى-: "ولا يحمل أحد المصحف
بعلاقته" هل يشك أحد أن الإمام مالك لا يجيز لمن أحدث أن
يمس المصحف؟ نعم، معروف مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة
لا يجوز مس المصحف بغير طهارة، وماذا عن مالك؟ مالك مذهبه
أشد، نعم، يقول مالك: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته"
علاقته ما يحمل به وهو الخيط الذي يربط به غلافه كيسه،
"ولا على وسادة إلا وهو طاهر" لكن الحمل بالعلاقة لا يجوز
عند الإمام مالك وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا بأس
به.
في صحيح البخاري -رحمه الله تعالى- في باب: قراءة الرجل في
حجر امرأته وهي حائض، في باب: قراءة الرجل في حجر امرأته
وهي حائض، وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض، الخادم من
يتولى الخدمة من ذكر أو أنثى، يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي
رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته، ثم أورد الإمام
البخاري -رحمه الله تعالى- بسنده حديث عائشة -رضي الله
عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتكئ عليها،
يتكئ في حجرها وهي حائض ثم يقرأ القرآن.
(38/3)
علاقته: بكسر العين: الخيط الذي يربط به
كيسه، وذلك مصير منهما إلى جواز حمل المصحف، نعم، لكن من
غير مس، مصير منهما -من أبي وائل وأبي رزين- إلى جواز حمل
المصحف من غير مس، بعلاقته، حائل، وهو موافق لمذهب أبي
حنيفة، ومنع الجمهور ذلك، ومنع الجمهور ذلك، ماذا عن قراءة
الحائض ما دمنا في حديث عائشة؟ في حديث عائشة النبي -عليه
الصلاة والسلام- كان يتكئ في حجرها وهي حائض ثم يقرأ
القرآن، وذكرنا سابقاً في درس مضى أن ابن دقيق العيد
استنبط من هذا الحديث أن الحائض لا تقرأ القرآن، الحائض لا
تقرأ القرآن، لماذا؟ يقول: في هذا الفعل إشارة إلى أن
الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأن قراءتها لو كانت جائزة، لو
كانت قراءة الحائض جائزة لما توهم امتناع القراءة في
حجرها" يعني كونها تشير إلى أنه يقرأ القرآن وهو متكئ في
حجرها نعم لتبرهن على أن القراءة من شخص طاهر غير متلبس
بجنابة نعم جائزة، وإن قرب من موضع المنع، وإن قرب من موضع
المنع، يعني لو كانت قراءتها جائزة لما توهم امتناع
القراءة في حجرها حتى احتيج إلى التنصيص عليها، حتى احتيج
إلى التنصيص عليها، لماذا قالت عائشة: إنه كان يقرأ وهو
متكئ في حجرها؟ لأنها ترى أن الحائض ممنوعة من قراءة
القرآن، ماذا عن القرب من الحائض لمن يقرأ القرآن وهو غير
متلبس بحدث؟ إشارة أن هذا جائز، ولا نحتاج إلى هذه الإشارة
إلا إذا قلنا: إن الحائض لا تقرأ القرآن، ويرد أيضاً على
.. ، يمكن يفرع من هذا أن القراءة بقرب موضع النجاسة،
بقربها، بقرب موضع النجاسة جائز وإلا مو بجائز؟ لأنه قد
يحتاج إليها، الإنسان بدأ بسورة وبقي عليه يكملها شيء يسير
وهو ذاهب إلى الدورة يقف عند الباب يكمل ويدخل، أحسن من أن
يقطع السورة ثم يستأنفها فيما بعد، نعم استنبطوا من هذا
جواز قراءة القرآن بالقرب، ما هو في موضع النجاسة، لا،
بالقرب منه، فرأسه وصدره في حجرها، والإمام البخاري -رحمه
الله تعالى- يستنبط من هذا جواز مس القرآن من وراء حائل،
يستنبط من حديث عائشة جواز مس المحدث القرآن من وراء حائل،
فتصور -رحمه الله تعالى- تصور -رحمه الله تعالى- أن جوف
النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يعي القرآن بمثابة
المصحف؛ لأنه فيه
(38/4)
القرآن، وجسده الطاهر -عليه الصلاة
والسلام- الحائل، فعائشة تمس جسد النبي -عليه الصلاة
والسلام- استنبط -رحمة الله عليه-، وهذا يقود إلى كلام آخر
وهو حكم مس القرآن الذي في الشريط، هل نعتبر أن الشريط
بمثابة ورق المصحف الذي كتب به القرآن؟ لأنه سجل عليه قرآن
والغلاف غلاف الشريط بمثابة الحائل أو أن القرآن نقول: لا
وجود له حقيقة في هذا الشريط إنما هي ذبذبات؟ نعم، بمعنى
أنه مهما عمل في هذا الشريط لن يظهر لنا قرآن، قرآن مرئي،
هو إذا كان بارز على الشاشة ما يجوز دخول القرآن الدورة
فيه، لكن إذا كان مخفي، نعم
طالب:. . . . . . . . .
لا هو الآن بالفعل موجود داخل الشريط، داخل الجوال، ما هو
بداخل الجوال، لكن متى ما طلب جاء، وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما هو مسألة تلمس، ابن دقيق مسألة ثانية فوق ما
نفهم، فهم فهم في غاية الدقة، يقول: ما تحتاج إلى تنبيه،
مثل هذا الكلام كون رجل رأسه في حجر امرأته يقرأ القرآن
يحتاج إلى تنبيه؟ لولا أن المرأة ممنوعة من قراءة القرآن
هذا استنباط البخاري وإدخاله في هذه الترجمة واضح، أنه يرى
جواز مس القرآن من وراء حائل، واستدل بهذا الحديث على هذا؛
نعم ولأنه بين معنى الترجمة بالأثر الذي ساقه، ثم أردفه
بالخبر المرفوع الذي هو الأصل في الباب، هذا استنباط
البخاري شيء واستنباط ابن دقيق العيد شيء آخر، شيء آخر،
ولا شك أن استنباط ابن دقيق العيد في غاية القوة، في غاية
القوة، وعلى هذا الحائض لا تقرأ القرآن، شوف الآن محل
الإشكال إنك لو تبي يُفتح صدر إنسان حافظ للقرآن والقرآن
في قلبه، في جوفه، سؤال ...
طالب:. . . . . . . . .
(38/5)
لحظة خليك معي شوي شوي، هل يجوز مس هذا
القلب الذي يحوي القرآن مباشرة؟ لا ما في إشكال، لكن أقول:
استنباط البخاري -رحمه الله تعالى- مع هذا البعد الذي لم
ندرك حقيقته إلا أنه في غاية الدقة في الفقه، نعم، وإلا
يعني المسألة مسألة خلافية في مس القرآن من وراء حائل، هو
يستدل بهذا -رحمه الله-، وإذا كان يستدل بهذا الأمر البعيد
نعم على أمر أقرب منه، لأنه لو كان القرآن بكيس القرآن
بكيس يجوز مسه وإلا ما يجوز؟ الإمام مالك يقول: ولا بالخيط
الذي يشال به الكيس، بينما البخاري يجيز هذا بدليل أنه
أردف الترجمة بخبر أبي وائل مع أبي رزين، فاختياره -رحمه
الله تعالى- كما جرى من عادته المطردة ما يردف به الترجمة
من أثر على اختياره، وفقهه ترى في غاية الدقة، ما يتهاون
بفقه البخاري -رحمة الله عليه-، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
الحكم واحد النفساء والجنب أشد، والجنب أشد، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إمرار الشيء على القلب ما هو مثل النطق به يا أخي، هذا
مجرد إمرار، لكن إذا كتبته ما تلمسه، إيه تمره على قلبها
لا بأس، تمرها إذا كانت آيات وإلا إذا كان غير القرآن لا
مانع، إذا كان من غير القرآن لا مانع، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الأوراد إذا أوردت الآيات على أساس أنها من القرآن وترجو
بها ثواب القرآن كل حرف بعشر حسنات، لا، وإذا أوردت على
أنها ذكر من الأذكار رخص لها في ذلك، خلونا نكمل يا إخوان
لأن المسألة .. ، كل مسائل هذا الباب تحتاج إلى عناية.
قال مالك: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا على وسادة"
وهذا تشديد -رحمه الله- "إلا وهو طاهر"، والإمام مالك
-رحمه الله- يعني تعظيمه لهذه الأمور ظاهر، يعني تعظيمه
للسنة فضلاً عن القرآن، يفعل أشياء ما فعلها غيره، ما
فعلها غيره -رحمه الله تعالى-، لا يحدث إلا على طهارة،
وعلى تمام الهيبة والأبهة، وانتظام الحال، لحديث رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-.
(38/6)
يقول: "ولو جاز ذلك .. ، ولو جاز ذلك لحمل
في خبيئته" جلده الذي يحمل به، جلده الذي يخبأ فيه، جلده
الذي يخبأ فيه، "ولم يكره" الكراهة هنا عنده كراهة تحريم،
"ولم يكر ذلك" يقول: ليس السبب في كراهة ذلك، وليست علة
كراهة ذلك لأجل أن يكون في يدي الذي يحمله شيء يدنس به
المصحف، ليس سبب المنع من حمله، ليس سبب المنع من حمل
القرآن لأن يده متلطخة إما بنجاسة أو بقذر ولو كان طاهراً
يدنس القرآن، نعم، يعني لو قلنا بهذا قلنا: من وراء حائل
يجوز، لكن ليس هذا هو السبب، ليس هذا هو السبب، إذا لم يكن
هذا هو السبب فسواءً كان بحائل أو بغير حائل، ما يجوز على
كلام الإمام مالك -رحمه الله-.
يقول: يعني فلا يكفي مجرد طهارة اليد، "ولكن إنما كره ذلك
لمن يحمله وهو غير طاهر إكراماً للقرآن وتعظيماً له"
فيستوي في ذلك من أحدث سواءً دنس المصحف أو لم يدنسه، يعني
سواءً كانت يده نظيفة وإلا دنسة، يعني المهم أنه هذا على
حد سواء عنده -رحمه الله-.
"لا يمس القرآن إلا طاهر" وعندنا الآية: {لَّا يَمَسُّهُ
إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة].
(38/7)
يقول الإمام مالك -رحمه الله-: "أحسن ما
سمعت في هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ} إنما هي بمنزلة الآية التي في عبس وتولى
قول الله -تبارك وتعالى-: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ *
فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ *
مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ
بَرَرَةٍ} [(11 - 16) سورة عبس] اللي هم من؟ الملائكة،
إذاً {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} الملائكة،
إذا كان هذا رأي الإمام مالك وقد قرر فيما قبل أن البشر لا
يمسه منهم إلا المطهرون، بل الإمام مالك -رحمه الله- شدد
في ذلك، هل مفاد كلام مالك أنه يرخص في كون البشر يمسون
المصحف؟ يقول: "أحسن ما سمعت في هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ
إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] إنما هي
بمنزلة الآية التي في عبس وتولى قول الله -تبارك وتعالى-:
{كَلَّا} يعني لا تفعل مثل هذا، {إِنَّهَا} أي الآيات
{تَذْكِرَةٌ} عظة {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} وحفظ ذلك فاتعظ
به {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} عند الله -جل وعلا-،
{مَرْفُوعَةٍ} في السماء، {مُطَهَّرَةٍ} منزهة، {بِأَيْدِي
سَفَرَةٍ} كتبة، {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} مطيعين لله -عز وجل-
وهم الملائكة، قد يقول قائل: الإمام مالك شدد في قراءة ..
، في مس المصحف من وراء حائل، وهنا يقول: هذه الآية {لَّا
يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هؤلاء الملائكة، الذي
يقول: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هم
الملائكة ما هو بالطرف الثاني الذين يقولون: إن المحدث
يجوز أن يمس المصحف؟ نعم هم الذين يستدلون بهذه الآية،
إذاً هل الإمام مالك يقول بهذا القول؟ لا، لا يقول بهذا
القول، لكن كون الآية لا تدل على المراد في بادئ الأمر،
وإلا فهي من أقوى الأدلة حتى على القول بأن المراد
الملائكة من أقوى الأدلة على أن القرآن لا يجوز مسه إلا
بطهارة.
(38/8)
يقول الباجي -رحمه الله تعالى-: "ذهب مالك
-رحمه الله- في هذه الآية إلى أنها على الخبر عن اللوح
المحفوظ أنه لا يمسه إلا الملائكة المطهرون، وقال: إن هذا
أحسن ما سمع في هذه الآية، وقد ذهب جماعة من أصحابنا إلى
أن معنى الآية النهي للمكلفين من بني آدم عن مس القرآن على
غير طهارة، وقالوا: إن المراد بالكتاب المكنون المصاحف
التي بأيدي الناس"، وإدخال الآية في الترجمة دليل على،
نعم، دليل على أن مالكاً يرى وجوب الطهارة لمس المصحف
إدخال الآية في هذه الترجمة باب: الأمر بالوضوء لمن مس
القرآن، وأدخل الآية وبين أن المراد بها الملائكة، إدخال
هذه الآية تحت هذه الترجمة يدل على أن الإمام مالك -رحمه
الله تعالى- يرى وجوب الطهارة لمس المصحف، وذلك أن إيش؟
"وذؤلك أن الباري قال في وصف القرآن بأنه كريم، وأنه في
الكتاب المكنون، الذي لا يمسه إلا المطهرون، فوصفه بهذا
تعظيماً له، والقرآن المكنون في اللوح المحفوظ هو المكتوب
في المصاحف، القرآن المكنون الذي في اللوح المحفوظ، الذي
لا يمسه إلا المطهرون هو المكتوب في المصاحف، فحكمه هناك
لا يمسه إلا المطهرون، وحكمه أيضاً هنا: لا يمسه إلا
المطهرون، فوصفه بهذا تعظيماً له، والقرآن المكنون في
اللوح المحفوظ هو المكتوب في المصاحف التي بأيدينا، وقد
أمرنا بتعظيمه فيجب أن نمتثل ذلك بما وصف الله به القرآن
من أنه لا يمس الكتاب الذي هو فيه إلا المطهر، وهذا وجه
صحيح سائغ" هذا كلام الباجي، يعني هل في الآية حتى على
القول بأنها في الملائكة ما يدل على منع .. ، ما يدل على
منع مس القرآن من غير حائل للمحدث؟ وعرفنا وجه الباجي،
يقول: مادام كتاب مكنون وفي اللوح المحفوظ، والملائكة على
أنهم طاهرون، نعم، ممنوع أن يمس القرآن إلا المطهرون،
وهناك، والمكتوب هناك هو الموجود عندنا في المصاحف، إذاً
الموجود عندنا أيضاً لا يمسه إلا المطهرون.
(38/9)
ابن القيم في مدارج السالكين -رحمه الله-
يقول: "الصحيح في الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] أن المراد به الصحف
التي بأيدي الملائكة، الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه
عديدة، وذكر سبعة أوجه كلها قوية، يراجع في مدارج السالكين
في الجزء الثاني صفحة أربعمائة وستة عشر وسبعة عشر، كلها
وجيهة السبعة الأوجه، ثم قال: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية
-رحمه الله تعالى- وقدس الله روحه يقول: "لكن تدل الآية
بإشارتها على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر؛ لأنها إذا كانت
تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون، نعم، لكرامتها على الله
-جل وعلا- فهذه الصحف أولى ألا يمسها إلا طاهر" يعني نظير
ما قاله الباجي، نظير ما قاله الباجي، وهذا استدلال في
غاية القوة، يعني بعض الناس إذا سمع أن هذه الآية {لَّا
يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة]
الملائكة إذاً نمسه إيش المانع ما دام هذا خاص بالملائكة؟
نقول: إذا منع الملائكة -الذين هم في الأصل مطهرون نعم من
مسه إلا على طهارة فكيف بمن يتلبس بالنجاسات وغيرها؟ نعم،
هذا من باب أولى، والممنوع، الكتاب المكنون الممنوع من مسه
إلا المطهرون في اللوح المحفوظ، هو القرآن الموجود عندنا
في المصاحف، إذاً وجهة النظر واضحة، وكلام الباجي وكلام
شيخ الإسلام قريب من بعض، قريب جداً من بعض، هذا وإن كان
خبر، هذا خبر عنه، لا يمسه في مكان مأمون، نعم محفوظ، نعم
يعني أن يمسه غير المطهرون هؤلاء، إذاً من شأنه ألا يمسه
إلا طاهر، من شأنه ألا يمسه إلا طاهر، وإذا كان هذا في
اللوح المحفوظ في الكتاب المكنون الذي عندنا في المصاحف
أليس هو؟ إذاً لا يمسه إلا المطهرون، مثل ذاك.
يقول: ما رأيك فيمن يقول: لو كان المراد بني آدم لكانت
الآية: "لا يمسه إلا المتطهرون"؟
(38/10)
هذه ذكرها ابن القيم فيما ذكر، نعم، ذكره
ابن القيم من الأوجه التي تدل على أن الآية في الملائكة،
والآن ما هو بوجه الخلاف أنها في الملائكة أو في بني آدم،
لا، نوافق على أنها في الملائكة ولا نختلف معهم، لكن إذا
منع منه الملائكة إلا مع الطهارة وهم في الأصل مطهرون،
فمنع من يتلبس بالحدث من باب أولى، وينتهي الإشكال، فتكون
دلالتها على منع مس القرآن من غير طهارة نعم من باب قياس
الأولى الذي هو القياس الجلي؛ لأنه عرضة لأن يمسه غير
المتطهر، هذاك ما هو بعرضة، هذاك ليس بعرضة أن يمسه غير
المتطهر، غير طاهر، هذا عرضة لأن يمسه المحدث، يمسه
المتلطخ بنجاسة، فهو من باب أولى، المنع منه من باب أولى،
عرفت وجه الأولى؟ عندنا الآية أقوى في الدليل من الحديث،
الآية لمن تأملها أقوى في الدلالة من الحديث.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا. . . . . . . . . بحائل معروف إنه مذهب الحنفية
ومعروف عند الحنابلة لا بأس من وراء الحائل، لكن مذهب مالك
والشافعي شيء أشد، اختيار البخاري أنه لا بأس من مسه
بحائل، منهم من يرخص إذا كان القرآن مع متاعه، مع المتاع،
عفشه كله صناديق ومعه مصحف يشيل هذا الصندوق أو ما يشيله
وهو ما هو بطاهر؟ هم عندهم لأنه تبع حمله غير مقصود لذاته،
حمله غير مقصود لذاته،. . . . . . . . . وش الباعث على هذا
الكلام إيش؟ تعظيم القرآن، ومن لا يعظم القرآن من
المسلمين.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟ كتب التفسير، كتب التفسير أهل العلم يقررون أن
الحكم للغالب، الحكم للغالب، يعني لو كان تفسير عليه آيات
يسيرة معاني يسيرة في هامشه أو شيء منه والقرآن مستقل يصير
قرآن.
طالب:. . . . . . . . .
لا أنت عد الحروف والحكم للغالب، الحكم للغالب هناك كلمات
على القرآن في الحاشية ما تخرجه عن كونه قرآن، لكن إذا كان
الغالب تفسير، شوف يا أخي الآن كون المصحف مفرد هل يعني
هذا أنه قرآن؟ إذا جئت .. ، الآن طبعوا ابن كثير بهذه
الطريقة مجلد واحد عندكم في كل خمس صفحات ثلاث صفحات وجه
هذا نسميه تفسير وإلا قرآن؟ تفسير.
(38/11)
الجلالين كذلك، شخص من أهل اليمن أشكل عليه
القراءة في تفسير الجلالين من غير طهارة، وعرف من خلال
كلام أهل العلم أن الحكم للغالب فعد حروف القرآن وحروف
التفسير، يعني الآن عنده مشكلة هو، حروف القرآن وحروف
التفسير، فيقول: إلى المزمل العدد واحد، نعم العدد واحد
إلى سورة المزمل، ومن المدثر إلى آخر القرآن زاد التفسير
قليلاً انحلت المشكلة عنده، لكن يبقى يا الإخوان أن
المسألة أنت إذا نظرت في التفسير الممزوج تقول: هذا قرآن؟
لا ليس بقرآن لا حقيقة ولا عرفاً، التفسير الممزوج يعني لو
كان قليل ومزج بالقرآن شوف هذا تفسير يا أخي ما تشوف
القرآن، لكن إذا كان مفرد والتفسير على جانبه ونسبته يسيره
بالنسبة للقرآن بخلاف ما إذا كان نسبته كبيرة، في التفسير
الممزوج، الممزوج اللي ما هو مستقل القرآن التفسير الممزوج
هذا تفسير ما هو بقرآن، لكن القرآن المستقل المحدث ما يمس
القرآن ولو كان مع ابن كثير على طوله؛ لأن القرآن مستقل
تشوفون الطبعة الجديدة من تفسير ابن كثير القرآن مثل
التفسير مع ابن سعدي ومع الجلالين وغيرها، فهو قرآن،
الممسوس قرآن، لكن تمسك التفسير ما في إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
والله إحنا نتسامح فيه كثير، يعني نحمل المصحف ونضعه بجلده
بعلاقيته بكيسه الله يعفو ويسامح، نعم، مع أن من أهل العلم
من كره تجزئة القرآن، الصحابة كتبوه بالاتفاق مجموع فكونه
يجزأ إلى أجزاء كرهه جمع من أهل العلم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(38/12)
الموطأ - كتاب
القرآن (2)
باب: الرخصة في قراءة القرآن على غير وضوء، باب: ما جاء في
تحزيب القرآن، باب: ما جاء في القرآن.
الشيح/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، نعم، سم.
شرح: باب: الرخصة في قراءة
القرآن على غير وضوء:
أحسن الله إليك:
باب: الرخصة في قراءة القرآن على غير وضوء:
حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن
محمد بن سيرين أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كان
في قوم وهم يقرءون القرآن، فذهب لحاجته ثم رجع وهو يقرأ
القرآن، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أتقرأ القرآن ولست
على وضوء؟ فقال له عمر: "من أفتاك بهذا؟ أمسيلمة؟
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب الرخصة في قراءة القرآن على
غير وضوء" هناك قراءة القرآن المراد بها نظراً من المصحف
لا يجوز إلا على طهارة، ولا يمس القرآن إلا طاهر، ولا يمسه
إلا المطهرون، انتهينا من هذا، لكن قراءة القرآن على غير
وضوء الذي يسمع الرخصة أن هذا الباب فرع من الباب السابق،
هذا الباب لأنه العلماء إذا ترجموا بالمنع ثم الرخصة، نعم،
فهذا ما في الباب الثاني فرع عن الذي قبله، فإما أن يكون
رفعاً له بالكلية فيكون من باب النسخ أو رفع جزئي للحكم
السابق فيكون من باب التقييد أو التخصيص، لكن ما في الباب
السابق محمول على حال، وما في الباب اللاحق محمول على حال
أخرى، فالذي في الباب السابق ما يقتضي مس المصحف، والذي في
الباب اللاحق قراءة القرآن عن ظهر قلب.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة
السختياني" أبو تميمة اسمه كيسان "عن محمد بن سيرين"
البصري الإمام الكبير القدر العابد، "أن عمر بن الخطاب كان
في قوم" عن محمد بن سيرين أن عمر بن الخطاب متصل وإلا
منقطع؟ منقطع، وهل مرد الانقطاع الصيغة، يعني لو قال: عن
عمر بن الخطاب يصير متصل وإلا منقطع؟
طالب:. . . . . . . . .
(39/1)
لا ما أدرك، نعم، يصير منقطع، وليس مرد ذلك
اختلاف الصيغة، هو يحكي قصة لم يشهدها، محمد بن سيرين يحكي
قصة لم يشهدها "أن عمر بن الخطاب كان في قوم وهم يقرءون
القرآن، فذهب -رضي الله عنه- لحاجته" ذهب لحاجته أحدث "ثم
رجع وهو يقرأ القرآن" رجع وهو يقرأ القرآن، "فقال له رجل"
يقال: هو أبو مريم الحنفي إياس بن صبيح من قوم مسيلمة،
ولذلك قال له: من أفتاك بهذا؟ أفتاك مسيلمة؟ "فقال له رجل:
يا أمير المؤمنين أتقرأ القرآن ولست على وضوء؟ فقال له
عمر: "من أفتاك بهذا؟ أمسيلمة؟ " يعني مسيلمة الكذاب الذي
ادعى النبوة، وهذا استفهام إنكاري، استفهام إنكاري، فقراءة
القرآن للمحدث عن ظهر قلب جائزة.
في حديث ابن عباس في الصحيح في قصة نومه -عند النبي -عليه
الصلاة والسلام-، وصلاة التهجد معه -صلى الله عليه وسلم-،
القصة المشهورة يقول: "فاستيقظ –يعني النبي -عليه الصلاة
والسلام-، ومسح النوم عن وجهه، وقرأ العشر آيات من آخر
سورة آل عمران، ثم قام إلى شن فتوضأ، دل على أنه قرأ قبل
أن يتوضأ، فقراءة القرآن عن ظهر قلب لا بأس بها، وقال علي
-رضي الله عنه-: "كان -صلى الله عليه وسلم- لا يحجبه عن
قراءة القرآن شيء إلا الجنابة" ولا خلاف في ذلك معروف عند
أحد من أهل العلم إلا من شذ، فقراءة القرآن تجوز ولو على
غير طهارة إذا كان الحدث أصغر.
(39/2)
"ثم رجع وهو يقرأ القرآن" يقول الباجي:
"قراءة القرآن في الطريق" يعني القرآن، شخص يقرأ القرآن
وهو يمشي، يقرأ القرآن وهو يمشي، فيها شيء وإلا ما فيها
شيء؟ "قراءة القرآن في الطريق قال مالك في العتبية: "أما
الشيء اليسير لمن يتعلم القرآن فلا بأس به" يعني مفهومه أن
الكثير نعم يمنع ليش؟ لماذا؟ هذا على طريقة مالك في تعظيمه
للقرآن وتعظيمه للسنة، إذا كان ما يحدث وهو يمشي فكيف يقرأ
وهو يمشي؟ يقول: "أما الشيء اليسير لمن يتعلم القرآن فلا
بأس به، وأما الرجل الذي يطوف بالكعبة يقرأ القرآن في
الطريق فليس من شأن الناس"، يقرأ القرآن في الطواف هذا
رأيه -رحمه الله-، وإلا فالطواف محل الذكر، والقرآن من
أفضل الأذكار، وقد مدح الله -جل وعلا- {الَّذِينَ
يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ
جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] ما لم يظهر من ذلك
امتهان للقرآن، يعني في موضع لا ينبغي القراءة، أو في .. ،
على ظرف أو حال لا تنبغي فيه قراءة القرآن لا بأس، أما
مجرد المشي مجرد القيام، مجرد القعود، مجرد الاضطجاع كلها
ظروف للذكر، وقد مدح الله -جل وعلا-: {الَّذِينَ
يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ
جُنُوبِهِمْ} وعمر -رضي الله عنه- رجع وهو يقرأ القرآن،
وقد أمرنا بالاقتداء به -رضي الله عنه وأرضاه-، الباجي
يقول: "قد يبيحس مس المصحف بغير طهارة ضرورة التعلم" ضرورة
التعلم، يعني طالب يتعلم يردد القرآن ليل نهار لو كلف
بالوضوء في كل وقت أو يستمر على طهارة طول وقته لصار فيه
حرج ومشقة، "قد يبيح مس المصحف بغير طهارة ضرورة التعلم"،
نقول: إذا كان الذي يتحفظ القرآن ويتعلم القرآن صبي غير
مكلف هذا قد يتسامح في أمره، لكن المكلف سواءً كان عالماً
أو متعلماً لا يجوز له أن يمس القرآن إلا بطهارة، وهل يبيح
ذلك ضرورة التعليم؟ وهل يبيح ذلك ضرورة التعليم؟ يقول:
"روى ابن القاسم عن مالك إباحته، وكرهه ابن حبيب، يقول:
"ووجه رواية ابن القاسم أن المعلم يحتاج من تكرر مسه ما
تلحقه المشقة باستدامة الطهارة"، يعني كالمتعلم، كالمتعلم،
"ووجه قول ابن حبيب أنه غير محتاج لتكرار مسه" هذا معلم،
يعني المفترض فيه أنه حافظ، "غير محتاج
(39/3)
لتكرار مسه للحفظ وإنما ذلك لمعنى .. يقول:
الصناعة والكسب، يعني المعلم إذا كان يأخذ أجر على هذا
التعليم لا يضيره أن يكلف بالطهارة، وكأنه .. ، وكأن من
يعلم الناس بغير مقابل لا يكلف غير ذلك من مشقة الطهارة،
لكن يبقى أن المسألة حكم شرعي ثابت معلق بمس المصحف، لا
يختلف من معلم ولا متعلم، جاءتنا النصوص الصريحة في أنه لا
يمسه إلا طاهر، و {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}
[(79) سورة الواقعة] المقصود أنها لا تختلف من حال إلى حال
اللهم إلا إذا كان حال الإنسان يختلف من مكلف إلى غير
مكلف، هذا غير المكلف لو كلف بالوضوء في كل لحظة يمكن يترك
التعلم، فيعان بمثل هذا، لا سيما وأنه يشفع له سنه.
طالب:. . . . . . . . .
أنا قلت لك: إن الراجح عندي أن الحائض لا تقرأ القرآن،
والذي أمرها ورغبها في قراءة القرآن هو الذي منعها، والذي
منعها من الصلاة وهي أعظم يمنعها من قراءة القرآن، أما
فتوى شيوخنا معروفة، ولا نقول: هذا لعوام الناس، إحنا نقول
.. ، نخاطب طلبة علم ترى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هذا الفهم من ابن دقيق ترى في غاية الدقة، ويش
فائدة قول عائشة: أنه يقرأ القرآن وهو متكئ إلى حجرها؟
نعم، "وأنا حائض" ويش فائدة هذا الكلام؟ لا لا، له حظ قوي
من النظر، أيضاً هو قول الجمهور ترى، جماهير أهل العلم على
هذا، ما هو بقول شاذ يعتمد، لا، وعلى رأي الإمام مالك ولا
بحائل، ولا بعلاقية ولا بكيس ولا شيء من هذا، هو من غير
حائل من غير غلاف هو مصحف، هو مصحف وهو القرآن، لكن إذا
كان بكيس وإلا بعلاقية وإلا بظرف آخر لا بأس -إن شاء
الله-، نعم.
شرح: باب: ما جاء في تحزيب
القرآن:
أحسن الله إليك:
باب: ما جاء في تحزيب القرآن:
حدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين عن الأعرج عن عبد
الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى
عنه- قال: "من فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس
إلى صلاة الظهر فإنه لم يفته أو كأنه أدركه".
(39/4)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال:
كنت أنا ومحمد بن يحيى بن حبان جالسين فدعا محمد رجلاً
فقال: أخبرني بالذي سمعت من أبيك؟ فقال الرجل: أخبرني أبي
أنه أتى زيد بن ثابت -رضي الله عنه- فقال له: كيف ترى في
قراءة القرآن في سبع؟ فقال زيد: حسن، ولأن أقرأه في نصف أو
عشر أحب إلي وسلني لم ذاك؟ قال: فإني أسألك، قال زيد: "لكي
أتدبره، وأقف عليه".
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في تحزيب القرآن"
تحزيب القرآن: تقسيمه إلى أحزاب وأجزاء والحزب: القدر
المحدد، الورد الذي يعتاده الشخص من قراءة أو صلاة أو
غيرهما، وجرت عادة السلف إلى تحزيب القرآن وتقسيمه إلى
سبعة أحزاب، إلى سبعة أحزاب اعتماداً على حديث عبد الله بن
عمرو: ((اقرأ القرآن بسبع ولا تزد)) ثلاث يعني في يوم،
وخمس وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاثة عشرة، ثم حزب المفصل،
سبعة، هذه طريقة لمن أراد أن يقرأ القرآن في سبع.
وأخونا السائل هذا يقول: أنا أحفظ القرآن وأختمه في
الأسبوع مرة، وأنا مشغول بطلب العلم فاشتغل ما بين
المحاضرات في الجامعة والوقوف عند الإشارات إيش؟ فاستغل ما
بين المحاضرات في الجامعة والوقوف عند الإشارات فأجعل
القرآن هذه الأوقات الضيقة استغلالاً للوقت، فهل هذا فيه
عدم اهتمام بالقرآن؟
لا، هذا فيه اهتمام بالقرآن، هذا فيه اهتمام بالقرآن.
ثلاث: البقرة وآل عمران والنساء، الخمس: المائدة،
والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، السبع: يونس وهود
ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل، ثم التسع: الإسراء
الكهف، مريم، طه، الأنبياء، الحج، المؤمنون، النور،
الفرقان، ثم بعد ذلك الإحدى عشرة: تبدأ من الشعراء وتنتهي
بـ (يس)، الثلاثة عشرة: من (يس) أو الصافات على خلاف بينهم
إلى الحجرات أو قبل هذا، يعني حزب المفصل الخلاف فيه هل
يبدأ من (ق) كما هو قول الأكثر؟ أو من الحجرات؟ لكن الأكثر
على أنه من (ق).
(39/5)
هذا التحزيب متقارب، يعني ما يمكن قسمة
القرآن بدقة يعني مثل ما يفعل الحجاج يقسم القرآن أرباع في
اليوم الثاني يقف على الطاء من {وَلْيَتَلَطَّفْ} [(19)
سورة الكهف] ممكن؟ نعم، يقف على نصف كلمة من نصف آية؟ لا،
لا، ما .. ، هذا تقسيم معتمد عند أهل العلم، والذي يعتاده
في كل يوم يكرره يقرأ القرآن في سبع وهو مرتاح، يقرأ
القرآن في سبع وهو مرتاح، فإذا جلس بعد صلاة الصبح إلى
انتشار الشمس بالراحة يقرأ الحزب، يقرأ الحزب براحة، وهذا
فيه خير عظيم، ((اقرأ القرآن في سبع)) وفي أسبوع واحد سبعة
أيام من عمرك الضائع تكسب أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، لا
يفرط في هذا إلا محروم، لا يفرط في هذا إلا مخذول.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين – المدني -
عن الأعرج عن عبد الرحمن بن عبد القاري" نسبة إلى القارة
بطن من خزيمة بن مدركة "أن عمر بن الخطاب قال: من فاته
حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر" يمدي؟
نعم، يمدي من حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر؟ "فإنه لم
يفته" يمديه؟ يقرأ خمسة، يقول: "حين تزول الشمس إلى صلاة
الظهر".
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يخالف لكن هل يكفي بين الأذان والإقامة يقرأ حزبه؟
على كل حال اسمعوا ما قاله أهل العلم، يقول الباجي: "نُرى
أنه سهو من داود بن الحصين، -سهو، غفلة- صوابه الذي جاء في
صحيح مسلم عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله:
"فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر"، يمدي وإلا ما
يمدي؟ يمدي من صلاة الفجر إلى .. ، يمدي، وأعرف شخصاً
اعتمد على سارية من ارتفاع الشمس إلى الزوال فختم القرآن،
بست ساعات، قد يقول قائل: هذه هذ وإلا ترتيل؟ بيأتينا -إن
شاء الله- الفرق بين الهذ والترتيل، وأيهما أفضل؟
طالب:. . . . . . . . .
(39/6)
إيش هو؟ لكن يخذل، مثل هذا الذي لا يقرأ
القرآن يقول: إيش لون يقرءون ذولا؟ ذولا يلعبون، "أهذاً
كهذ الشعر" وهو لا قاري لا هذا ولا ذاك، مثل الذي يرى
الناس يذهبون إلى مكة في الأوقات الفاضلة ويقول: هؤلاء
ينفقون الأموال الطائلة لو أنفقوها فيما هو أنفع، في جهاد،
في صلة رحم، في .. ، على فقراء، على مساكين، على طلاب علم،
وهو لا هو منفق لا على مساكين ولا معتمر، هذا مجرد مخذل،
نعم، كثير من هذا يسلك هذا الأسلوب يخذل، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك، نعم، لكن عاد الحكم على شخص بعينه ما هو بـ ....
يقول: "وحدثني عن مالك" أولاً: قراءة القرآن أيهما أفضل أن
يقرأ عن ظهر قلب وإلا من المصحف؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، الأفضل مختلف فيه، مقتضى ترجمة الإمام البخاري
القراءة عن ظهر قلب تفضيلها والذي صرح به كثيرون من
العلماء أن القراءة من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على
التلاوة والنظر في المصحف وهي عبادة، قاله ابن كثير في
فضائل القرآن، وهذا قول معروف عند الإمام أحمد وغيره، حتى
كثير من السلف في رمضان يلزمون المصاحف وهم حفظة، هذا
يذكرنا بواحد عارض له مصحف مخطوط يقول: هذا مصحف النبي
-عليه الصلاة والسلام-، نعم، على كل حال إذا كان لزوم
المصحف يعوق عن الحفظ وعن مراجعة حفظه هذه مسألة، لكن إذا
كان ضابط لحفظه، متقن لحفظه، وينظر في المصحف لا سيما في
الأوقات الفاضلة هذا عند أكثر أهل العلم أفضل.
لا هو الغالب أن التدبر يكون في المصحف، يعني إذا اجتمع
النظر، إذا تواطأ النظر –البصر- مع السمع، على كل حال
الناس يختلفون، يعني أحد إذا قرأ في المصحف ضمن أنه ما هو
بمخطئ، نعم، وسرح، وإذا قرأ من حفظه احتاط للقراءة؛ لأنه
يظن يخطئ، لكن بعض الناس لا سيما اللي حفظهم متقن يسرح وهو
يقرأ حفظه، بينما إذا قرأ في المصحف أمامه حروف لا بد من
النظر فيها، لا بد من التأني عندها.
النظر إلى الوالد والمصحف والكعبة حديث ضعيف، حديث ضعيف.
(39/7)
يقول: "كنت أنا ومحمد بن يحيى بن حبان
جالسين فدعا محمد –يعني ابن يحيى بن حبان- رجلاً فقال:
أخبرني بالذي سمعت من أبيك؟ فقال الرجل: أخبرني أبي أنه
أتى زيد بن ثابت -بن الضحاك الأنصاري- فقال له: كيف ترى في
قراءة القرآن في سبع؟ فقال زيد: حسن"، زيد: حسن، فقال زيد:
حسن، يعني لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الله بن
عمرو بذلك، ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) وجاء: ((لا
يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) يقول: "ولأن أقرأه في
نصف" يعني نصف شهر "أو عشر" نعم، "أحب إلي"، قال ابن عبد
البر: "كذا رواه يحيى، وأظنه وهماً" ورواه ابن وهب وابن
بكير وابن القاسم نعم: "لأن أقرأه في عشرين أو نصف شهر أحب
إلي" وكذا رواه شعبة.
هذه مسألة -وهي مهمة جداً- مسألة المفاضلة بين الإسراع في
القراءة مع كثرة الحروف والهذ، وقلة القراءة مع التدبر
والترتيل أيهما أفضل؟ المسألة غير مفترضة في شخص يريد أن
يقرأ جزء من القرآن أو جزأين أو خمسة أجزاء يسأل: هل
الأفضل الترتيل أو الإسراع؟ لا، الترتيل أفضل إجماعاً،
الترتيل أفضل إجماعاً في هذه الصورة، لكن المسألة مفترضة
في شخص يريد أن يقرأ ساعة، هل يقرأ في هذه الساعة جزأين أو
يقرأ خمسة؟ أيهما أفضل؟ يعني جزأين مع التدبر والترتيل
وإلا خمسة مع الهذ؟ لا شك أن الوجه المأمور به هو الترتيل
والتدبر، هذا الوجه المأمور به، لكن الوجه الثاني للهذ
تحصيل أجر الحروف، كل حرف له عشر حسنات، فالذي يقرأ خمسة
أجزاء يضمن نصف مليون حسنة، والذي يقرأ جزأين مائتين ألف،
لكن هذا كما قال ابن القيم: "هذا كمن أهدى درة ثمينة نعم،
قيمتها عالية جداً -الذي قرأ الجزأين-، والذي قرأ الخمسة
أهدى عشر درر، لكن قيمتها أقل" نعم، الجمهور على أن التدبر
مع قلة القراءة أفضل من الهذ مع كثرة القراءة.
(39/8)
وقال أصحاب الشافعي: كثرة القراءة أفضل،
ومأثور عن جمع من السلف على رأسهم عثمان -رضي الله عنه-
الخليفة الراشد أنهم قرءوا هذ، قرءوا القرآن في ركعة، هل
يتصور قراءة القرآن في ركعة مع الترتيل؟ لا يمكن، لكن ابن
القيم يقول: "الصواب في المسألة أن يقال: إن ثواب قراءة
الترتيل والتدبر أجل وأرفع، وثواب كثرة القراءة من حيث
العدد أكثر"، من حيث العدد أكثر، زاد المعاد الجزء الأول
صفحة ثلاثمائة وتسعة وثلاثين.
يقول الباجي: "تكلم الناس في الترتيل والهذ فذهب الجمهور
إلى تفضيل الترتيل، قال الله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلًا} [(4) سورة المزمل] وكانت قراءة النبي -صلى
الله عليه وسلم- بالترتيل، وكان يمد -عليه الصلاة
والسلام-، وهو المروي عن أكثر الصحابة، وسئل مالك عن الهذ
في القرآن فقال: "من الناس من إذا هذ كان أخف عليه، وإذا
رتل أخطأ"، "من الناس من إذا هذ كان أخف عليه، وإذا رتل
أخطأ، ومن الناس من لا يحسن يهذ -ما يعرف يسرع- والناس في
ذلك على ما يخف عليهم، وذلك واسع"، وذلك واسع.
وقال الباجي: "ومعنى ذلك عندي أنه يستحب لكل إنسان، يستحب
لكل إنسان ملازمة ما يوافق طبعه ويخف عليه فربما تكلف ما
يخالف الطبع نعم، ويشق عليه ويقطعه ذلك عن القراءة
والإكثار منها، وليس هذا مما يخالف ما قدمناه من تفضيل
الترتيل لمن تساوى في حاله الأمران" إذا تساوى عنده
الأمران فالترتيل أفضل، لكن إذا كان إذا رتل شق عليه مشقة
عظيمة؛ لأن بعض الناس لا سيما إذا تعود إذا تعود الهذ لا
يمكن يرتل، ولذا الذي يوصى به طلاب العلم والإخوان أن
يجبلوا أنفسهم على الترتيل والتدبر، نعم قراءة الهذ هذه
تحصل أجر الحروف، نعم، تحصل أجر الحروف لكن يبقى أن الوجه
المأمور به المورث للعلم والعمل والإيمان والطمأنينة
واليقين هو الترتيل والتدبر، وجاء الأمر بالتدبر في أربعة
مواضع: في النساء، في المؤمنون، في ص، في محمد، أربعة
مواضع، وجاء الأمر بالترتيل، فهذا هو الوجه المأمور به.
(39/9)
وشيخ الإسلام يقول -رحمه الله تعالى- في
الفتاوى في الجزء السابع صفحة مائتين وثلاثة وثمانين يقول:
"قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان
العظيم، وتزيده يقيناً وطمأنينة وشفاءً، قال الله تعالى:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ
لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ
خَسَارًا} [(82) سورة الإسراء] "
يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآنِ
الشيخ حافظ الحكمي -رحمه الله- في وصيته بكتاب الله في
منظومة الميمية التي ينبغي على طلاب العلم أن يعنوا بها.
وبالتدبر والترتيل فاتلُ كتاب ... الله لا سيما في حندس
الظلمِ
ثم أخذ يذكر ما لا نطيل بذكره مما تميز به هذا الكتاب
العظيم، ابن القيم يقول: "أهل القرآن هم العالمون به
-العالمون به- العاملون بما فيه وإن لم يحفظوه -وإن لم
يحفظوه عن ظهر قلب- وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما
فيه فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم"، هذا
الموضوع يحتاج إلى بسط، يحتاج إلى وقفة طويلة، ويحتاج إلى
مزيد من العناية؛ لأنه يلاحظ على كثير من طلاب العلم هجر
القرآن، هجر القرآن، كثير من الإخوان نعم، قد تجده حافظ
حرص في أول عمره على حفظ القرآن ثم ضمن الحفظ وترك القرآن،
يكفي هذا؟ لا يكفي، لا يكفي، وتجد بعض الإخوان -مع الأسف
الشديد- عوام المسلمين أفضل منه بالنسبة لكتاب الله، بعض
الناس لا يفتح المصحف إلا إذا قُدر أنه حضر قبل الإقامة
بدقائق بدل ما يضيع الوقت يقرأ القرآن، فالقرآن كأنه عنده
فضلة على الفرغة، وبعض الناس من رمضان إلى رمضان، لكن
الإنسان إذا التزم ورداً معيناً لا يفرط فيه سفراً ولا
حضراً، وقد عرفنا من الناس وهو مسافر في طريقه من بلد إلى
بلد إذا جاء وقت الورد على جنب، يقرأ حزبه إذا انتهى واصل
سفره، الدنيا ملحوق عليها يا أخي ما. . . . . . . . .
يفوت، المسألة أنفاس معدودة. . . . . . . . . توقف مثلما
انتهت، وخير ما تصرف فيه الأعمار كتاب الله -جل وعلا-.
هو الكتاب الذي من قام يقرأه ... كأنما خاطب الرحمن
بالكلمِ
(39/10)
كتاب عظيم لا تنقضي عجائبه، فيه حلول لجميع
المشاكل، فيه عصمة من الفتن، والناس أحوج ما يكونون في هذه
الظروف إلى الرجوع إلى كتاب الله -جل وعلا-، على كل حال
بعض الناس مثلما ذكرنا يشق عليه جداً أن يرتل وتعود الهذ
هذا يهذ ما في بأس، لكن على ألا يهمل التدبر، لا أقول: مع
الهذ؛ لأن هذا ما يصل إليه إلا بعد مراحل، لأنا عرفنا أناس
يقرءون القرآن في يوم ويبكون من قراءته، هؤلاء تجاوزوا
مراحل، هذا الشخص اللي في البداية ويقول: الترتيل صعب عليه
.. ؛ لأن بعض الناس إذا عرف النتيجة والمحصلة التي قرأها
في هذا اليوم خمسة أجزاء، ستة، عشرة نشط، لكن إذا رتل
وتدبر في النهاية جزء هذا يكسل، نقول: هذا لا بأس هذ، وحصل
أجر الحروف وخلي لك ختمت تدبر، ولو كانت في السنة مرة،
اقرأ في هذا اليوم ورقة واحدة بالتدبر، وامش على طريقك.
(39/11)
الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- ترجم
لشخص يقرأ القرآن في ثلاث، ديدنه عمره كله، وله ختمة تدبر
أمضى فيها عشرين سنة، وبقي عليه أقل من جزء من القرآن،
توفي ولما يكملها، فلا هذا ولا ذاك، يعني المسألة تحصيل
الحروف والنشاط لقراءة القرآن يحصل بالهذ بلا شك، لا سيما
من تعود عليه، والتدبر والتدبر يجعل له وقت ولو يقرأ في كل
يوم ورقة واحدة بالترتيل والتدبر والتفكر والاستنباط،
ويتفهم كلام الله، ويراجع على هذه الورقة ما يعينه على فهم
كتاب الله -جل وعلا-، نعم في حديث: ((لا يفقه من قرأ
القرآن في أقل من ثلاث)) حمله أهل العلم على من كان ديدنه
ذلك، وأما من استغل الأوقات الفاضلة، والأماكن الفاضلة في
أوقات المضاعفات مثل هذا لا يتناوله مثل هذا الحديث، على
أن الناس يتفاوتون في هذا، يعني إذا وجه هذا الكلام لعموم
المسلمين نعم لعموم المسلمين لا يفقهون إذا قرءوا، لكن شخص
متفرغ لقراءة القرآن، يقول: أنا عندي استعداد أجلس بعد
صلاة الصبح وأقرأ خمسة أجزاء، وأجلس بعد صلاة الظهر واقرأ
خمسة، وأجلس بعد صلاة العصر وأقرأ خمسة نعم من غير مشقة
بحيث يختم في يومين، نقول: لا يا أخي أنت خالفت الحديث لا
تقرأ الظهر، اترك القراءة على شان تختم في ثلاثة أيام، هذا
حل؟ هل هذا مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذا
الحديث؟ نعم، نعم يحل المسألة لو قيل له: اقرأ القرآن،
اقرأ بدل خمسة بعد صلاة الصبح ثلاثة، بس على الوجه المأمور
به، بعد صلاة الظهر بدل خمسة اقرأ ثلاثة، أما أن يقال له:
اترك القراءة في وقت من هذه الأوقات لتقرأ القرآن في ثلاث
ما هو بهذا المراد قطعاً، ليس هذا هو المراد قطعاً، نعم.
(39/12)
أما الذي يستطيع أن يقرأ القرآن على الوجه
المأمور به ويكون ديدنه، قراءة ترتيل وتدبر ولو قلت قراءته
هذا أفضل، هذا أفضل واختيار أكثر أهل العلم، لكن بعض الناس
ما يستطيع يقرأ بالترتيل، الذي تعود على الهذ ما يستطيع
يقرأ بالترتيل، لا بأس يقرأه في شهر، إيش المانع؟ يقرأ على
الوجه المأمور به كل يوم جزء أنفع له بكثير، أنفع لقلبه؛
لأن هذه الطريقة هي المحصلة للإيمان واليقين كما قال شيخ
الإسلام، وهذا هو .. ، أنزل القرآن من أجل هذا، لكن من فضل
الله -جل وعلا- أنه رتب الأجر على مجرد النطق بالحروف، إذا
فاته طريقة أدرك طرائق -إن شاء الله تعالى-، وهو على خير
على كل حال، نعم.
سم.
شرح: باب: ما جاء في القرآن:
أحسن الله إليك:
باب: ما جاء في القرآن:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد
الرحمن بن عبد القاري أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي
الله تعالى عنه- يقول: "سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ
سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى
انصرف ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-، فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان
على غير ما أقرأتنيها، فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: ((أرسله)) ثم قال: ((اقرأ يا هشام)) فقرأ القراءة
التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((هكذا أنزلت)) ثم قال لي: ((اقرأ)) فقرأتها فقال: ((هكذا
أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر
منه)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما مثل
صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها
أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)).
(39/13)
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه
وسلم- أن الحارث بن هشام سأل رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: ((أحياناً يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشده
علي، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك
رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول)) قالت عائشة -رضي الله تعالى
عنها-: "ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم
عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "أنزلت
عبس وتولى في عبد الله بن أم مكتوم، جاء إلى رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- فجعل يقول: يا محمد استدنيني، وعند
النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل من عظماء المشركين، فجعل
النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض عنه ويقبل على الآخر،
ويقول: ((يا أبا فلان هل ترى بما أقول بأسا؟ )) فيقول: لا،
والدماء ما أرى بما تقول بأساً، فأنزلت عبس وتولى أن جاءه
الأعمى".
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب
-رضي الله عنه- يسير معه ليلاً فسأله عمر عن شيء فلم يجبه،
ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه فقال عمر: "ثكلتك أمك
عمر نزرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات كل ذلك
لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري حتى إذا كنت أمام الناس
وخشيت أن ينزل في قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي
قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، قال: فجئت رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- فسلمت عليه، فقال: ((لقد أنزلت
علي هذه الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)) ثم
قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [(1) سورة
الفتح])).
(39/14)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن
إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن
أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- يقول: ((يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع
صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وأعمالكم مع أعمالهم، يقرءون
القرآن ولا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من
الرمية، تنظر في النصل فلا ترى شيئاً، وتنظر في القدح فلا
ترى شيئاً، وتنظر في الريش فلا ترى شيئاً، وتتمارى في
الفوق)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في القرآن:
(39/15)
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن
الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري" نسبة إلى القارة على
ما تقدم بطن من خزيمة بن مدركة "أنه قال: سمعت عمر بن
الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام الأسدي" صحابي ابن
صحابي، معروف بغيرته وأمره ونهيه، من خيار الصحابة، مات
قبل أبيه، "يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقرأنيها" يعني سمعها عمر
-رضي الله عنه- من النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة،
وهذا الذي جرأه على أن يفعل ما فعل؛ لأنه لو سمعها بواسطة
لاحتمل أن يكون التغيير بسبب الواسطة، لكنه حفظها عن النبي
-عليه الصلاة والسلام- فحكم بالوهم على ما سمع من خلال ما
حفظه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول: "وكان رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه"
فكدت أن أعجل عليه، عند البخاري: "فكدت أساوره في الصلاة"
يعني وهو يصلي فصبرت حتى سلم، وهنا يقول: "فكدت أن أعجل
عليه، ثم أمهلته حتى انصرف"، يعني من صلاته، "يقرأ سورة
الفرقان على غير ما أقرأها" سورة الفرقان كذا للجميع، ووقع
في نسخة من نسخ كتاب الخطيب في المبهمات: سورة الأحزاب،
والصواب الفرقان، حتى عند الخطيب النسخ الصحيحة الموثقة
موافقة لرواية الجميع، "فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى
انصرف، ثم لببته بردائه" أي جمعت عليه ثيابه عند لبته؛
لئلا ينفلت مني، لببه بردائه هكذا، "فجئت به رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-" ما انتبهوا لما قلت: هكذا، نعم جمع
عليه ثيابه هنا عند لبته هكذا؛ لئلا يفلت، وهذا مستعمل،
مازال مستعملاً، بيده، جمع ثيابه عند لبته هكذا، ومازال
مستعمل إلى الآن، من أراد أن يمسك إنسان بقوة ولئلا ينفلت
منه يفعل فيه هكذا، "فلببته بردائه" يعني جمعت عليه ثيابه
عند لبته لئلا ينفلت مني "فجئت به رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة
الفرقان على غير ما أقرأتنيها" عمر -رضي الله عنه- معروف
بقوته في الحق، وغيرته عليه، ولذا ما عوتب على ذلك، ما زاد
النبي -عليه الصلاة والسلام- على أن قال له: ((أرسله))
يعني: أطلقه، فالذي يحمله الغيرة على الحق لا شك أنه
معذور،
(39/16)
لكن ما يفتح المجال لسائر الناس أن يجرئوا
على غيرهم ويدعوا الغيرة، لكن من عُرف بها يعذر كعمر -رضي
الله عنه-، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((أرسله)) " يعني: أطلقه، دعه، "ثم قال: ((اقرأ يا هشام))
فقرأ القراءة التي سمعته يقر أ" فقرأ القراءة التي سمعته
يقرأ، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هكذا
أنزلت)) "، ((هكذا أنزلت))، "ثم قال لي: ((اقرأ)) فقرأتها
فقال: ((هكذا أنزلت)) "، لا شك أن القراءة التي يسمعها
الشخص لأول مرة يستنكرها، لا سيما في القرآن، الشخص الذي
حفظ حديث النعمان: ((الحلال بين والحرام بين)) في صغره من
الأربعين على رواية واحدة وضبطها وأتقنها تأتيه الروايات
الأخرى: ((المشتبهات))، ((المتشابهات))، ((المشبهات))،
((المشابهات)) يستنكر، نعم، فكيف بالقرآن؟ إذا سمع القراءة
على غير ما اعتاد، لا سيما إذا كان ممن لا يستوعب مثل هذا
الخلاف، ولذا عوام المسلمين لا ينبغي أن يقرأ عليهم القرآن
بالقراءات؛ لأنه يشككهم، يشككهم، إذا كان هذا هو عمر -رضي
الله عنه- مع ما عرف عنه من رسوخ قدمه في الإسلام حصل له
ما حصل، فكيف بغيره؟ ولذا الذي يقرأ بالقراءات وهو إمام،
الصلاة صحيحة، لكن يبقى أن عوام المسلمين تشكيكهم فيه خطر
عظيم عليهم، لا سيما أن هذا يعرضهم للشك في كتابهم الأصل،
الذي لا يجوز الشك فيه ولا الامتراء، ولذا أجمع الصحابة
بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- على حرف واحد، غيرة على
القرآن، أن يحصل فيه الامتراء والشك، وهذه القراءة التي
أجمعوا عليها هي التي استقر عليها الأمر في العرضة
الأخيرة؛ لئلا يقول قائل: إنهم تصرفوا وألغوا شيئاً كان
موجوداً في عهده -عليه الصلاة والسلام-، الأحرف السبعة
سيأتي الكلام فيها، والحاجة إليها في أول الأمر داعية؛ لأن
القرآن نزل على ناس لغاتهم ولهجاتهم متباينة، وأسنانهم
أيضاً مختلفة منهم من يذل لسانه بالكلمة من أول وهلة،
ومنهم من يصعب عليه إلا بلغته ولهجته، لما ذلت ألسنتهم
استقر الأمر على العرضة الأخيرة، وأجمع الصحابة على كتابته
هكذا، على خلاف في المراد بالأحرف السبعة، ستأتي الإشارة
إليه.
(39/17)
"ثم قال لي: ((اقرأ)) فقرأتها، فقال:
((هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف)) " جمع
حرف كفلس وأفلس، ((فاقرءوا ما تيسر منه)) أي المنزل
بالسبعة، المنزل بالسبعة، أي حرف من الأحرف السبعة تجوز
–تصح- القراءة به قبل الإجماع على كتابته على حرف واحد،
قبل إجماع الصحابة على كتابته على حرف واحد.
سبعة أحرف: يعني سبعة أوجه، يجوز أن يقرأ بكل وجه منها،
وليس المراد أن كل كلمة ولا جملة تقرأ منه على سبعة أوجه،
يعني هذه الأوجه والأحرف السبعة موجودة في القرآن كله، لكن
لا يعني هذا أن كل كلمة من القرآن تقرأ على الأوجه السبعة،
والأحرف السبعة، ولو كان الأمر كذلك لجازت روايته بالمعنى،
لكنه متعبد بلفظه، المراد أن غاية ما انتهى إليه عدد ما
تسوغ قراءته به إلى سبعة أوجه في الكلمة الواحدة، لا في كل
كلمة قاله ابن حجر.
يعني بعض الكلمات يمكن أن يوجد فيها الأحرف السبعة، لكن هل
معنى هذا أن كل كلمة تقرأ بالأوجه السبعة؟ نعم؟ ليس هذا
المعنى، وإلا لو قلنا: إن هذا هو المراد لقلنا: نأتي
للقرآن كله من أوله إلى آخره وكل كلمة نأتي بالكلمة وما
يرادفها في لغة العرب، وتكون هذه .. ، وليس المراد كذلك،
إنما القرآن بمجموعه فيه سبعة أوجه.
قال ابن حجر أيضاً: "فإن قيل: فإنا نجد بعض الكلمات يقرأ
على أكثر من سبعة أوجه، فالجواب أن غالب ذلك إما لا يثبت،
لا تثبت الزيادة على السبع، وإما أن يكون من قبيل الاختلاف
في كيفية الأداء، في كيفية الأداء، وإلا الصورة والحروف
واحدة، كما في المد والإمالة ونحوهما، ليس المراد بالسبعة
حقيقة العدد، قيل -بعض أهل العلم يقول-: إنه ليس المراد
بالسبعة حقيقة العدد، وإنما المراد بذلك التسهيل والتيسير
على الناس، ولفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة في الآحاد،
كما أن السبعين يطلق على إرادة الكثرة في العشرات
والسبعمائة على إرادة الكثيرة في، نعم؟ المئين، ولا يراد
العدد المعين، وإلى هذا جنح عياض وتبعه قوم.
المراد بالأحرف السبعة: اختلف فيه على أقوال كثيرة أوصلها
ابن حبان إلى خمسة وثلاثين قولاً، إلى خمسة وثلاثين قولاً،
وأوصلها غيره إلى الأربعين، أوصلها غيره إلى الأربعين.
(39/18)
ما وقع لعمر مع هشام بن حكيم بن حزام وقع
نظيره لأبي بن كعب مع ابن مسعود في سورة النحل، ولعمرو بن
العاص مع رجل في آية من سورة الفرقان عند الإمام أحمد،
وقصص أخرى، لا بد أن يقع مثل هذا، نعم ولو لم ينقل لا بد
أن يقع مثل هذا كثير في أول الأمر، يسمع الإنسان شخصاً
يقرأ القرآن على غير ما أقرأه النبي -عليه الصلاة
والسلام-، ما دام أصل هذا الاختلاف الذي سببه التيسير على
المسلمين، مادام أصله موجوداً فأفراده -الذي يغلب على
الظن- أنها تكثر، يعني هل يتصور أنه لا يوجد خلاف إلا بين
عمر وهشام بن حكيم، وأما البقية كلهم على حرف واحد؟ لا
يتصور هذا.
(39/19)
على كل حال الأحرف هذه اختلف فيها اختلافاً
كبيراً، يقول أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي: "هذا من
المشكل الذي لا يدرى معناه -الذي لا يدرى معناه- لأن الحرف
يأتي لمعان، لحرف الهجاء، حرف المبنى، اللي هو ألف باء إلى
آخره، وللكلمة التي هي حرف المعنى، نعم، يطلق الحرف ويراد
به الكلمة، نعم ويطلق على الجهة حرف، المقصود أن هذا
الكلام سبعة أحرف هذا الخلاف الطويل العريض التي بلغت فيه
الأقوال إلى أربعين قولاً لا شك أن سببه إشكال، لكن هل هذا
الإشكال أقول: هل هذا الإشكال في معنى الحديث بعد أن أجمع
الصحابة على حرف واحد له أثر؟ نعم، ليقول قائل: هذا أعظم
كتاب عند المسلمين فيه إشكال، نعم بعد أن اتفق الصحابة على
حرف واحد الذي هو في العرضة الأخيرة وتركوا ما سواه،
والأمة بمجموعها معصومة من أن تقع فيما هو في الحقيقة خطأ،
هذا الإجماع يدل على أن ما عدا هذا الحرف الذي كتبه عثمان
في المصاحف على أنه منسوخ، إنما كانت الحاجة داعية إليه
لأن من المسلمين من هو كبير السن لا يذل لسانه بسهولة،
والأمر فيه سعة، تعال، هلم، أقبل، نعم، لكن بعد أن اتفق
الصحابة، بعد أن اتفق الصحابة على حرف واحد الإشكال
المتصور نعم لا حقيقة له، وهل يتصور أن يجمع الصحابة خير
القرون على تصرف لا يكون عندهم له أصل شرعي؟ لا يمكن لأن
الإجماع لا بد له من مستند، لا بد له من مستند، فدل هذا
الإجماع على أن الاقتصار على حرف واحد إنما له أصل في
الشرع، وإلا لا يمكن أن يتصرف الصحابة ويجمعوا على أمر
سائغ شرعاً، دلت الأدلة المتظاهرة عليه، حديث: الأحرف
السبعة صحيح بلا إشكال، والقصة صحيحة في الصحيحين وغيرهما،
نعم، أقول: الإشكال الموجود في إنزال القرآن على سبعة
أحرف، واختلافهم الطويل العريض في المراد بالحرف نعم لا شك
أنه إشكال، يعني لو كان الأمر باقياً إلى الآن ماذا يتصور
في القرآن الذي هو أعظم كتاب؟ يخشى أن يختلف المسلمون عليه
كما اختلف من قبلهم، وإجماع الصحابة المستند إلى أصل شرعي؛
لأنه لا يوجد إجماع إلا له مستند، المستند إلى أصل شرعي
ولو لم نطلع عليه، إجماعهم لا شك أنه من أعظم ما حفظ الله
به القرآن، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا
لَهُ
(39/20)
لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] ومثل هذا
الكلام يثار الآن، من بعض الطوائف المغرضة التي تريد أن
تشكك الناس في دينها، يثار مثل هذا الكلام كان القرآن على
سبعة أحرف ألغى عثمان ستة وبقي حرف واحد، نعم، نقول:
الصحابة أجمعوا على ذلك، والإجماع لا بد له من مستند شرعي،
ولو لم نطلع عليه، وهذا الإجماع المستند إلى أصل شرعي من
أعظم مظاهر حفظ القرآن للأمة، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر]
وحفظه ظاهر، وأوردنا قصة يحيى بن أكثم مع اليهودي الذي
دعاه يحيى إلى الإسلام فلم يسلم إلا بعد سنة، أسلم بعد سنة
أوردناها في مناسبات منها في هذا الدرس، نعم، أسلم بعد
سنة، لماذا؟ يقول: إنه خلال هذه السنة نسخ مجموعة من نسخ
التوراة وحرف فيها وزاد ونقص كل نسخة تختلف عن الثانية،
فباعها على اليهود في سوقهم فمشت، تخطفوها، ونسخ مثلها من
الإنجيل وزاد ونقص، وقدم وأخر، ومشت، نفقت في سوق النصارى،
ثم نسخ نسخاً من القرآن، يقول: بتغيير يسير جداً، لا يكاد
ينتبه له، فكل من عرضت عليه المصحف رماه في وجهي، نعم،
فعرفت أن هذا الدين صحيح، لا يمكن أن يتطرق إليه ولا إلى
كتابه خلل ولا نقص، فالقرآن مصون من الزيادة والنقصان.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، نعم؛ لأن صورة الكلمة تحتمل هذه القراءة، صورة الكلمة
التي كتبها عثمان نعم، أقول: كلهم يختلفون في أداء هذه
الكلمة، الكلمة واحدة، لكن هم يختلفون في أدائها، صورة:
المجلس والمجالس إيش بينهما من فرق؟ تفسحوا في المجالس،
وتفسحوا في المجلس؟ من حيث الصورة ما في فرق، نعم، ما في
فرق من حيث الصورة، وهكذا القراءات المعروفة المتواترة
كلها على هذا، القراءات المتواترة كلها مما يحتمله الحرف
الواحد؛ لأنها غير منقطوطة ولا مشكولة.
طالب:. . . . . . . . .
(39/21)
يعني نقول: الحروف السبعة مستمرة؟ تدري إيش
يؤدي إليه مثل هذا الكلام؟ يؤدي إلى أن الصحابة ما حلوا
الإشكال، الذي يخشى عليه في وقتهم هو المخشي عليه الآن،
الذي خشوه في وقتهم؛ لأنه لما تفرق الناس في الأمصار، ووقع
بينهم خلاف شديد، نعم في وقت أبي بكر وفي وقت عمر، وفي وقت
عثمان بينهم في القرآن كلام عظيم، حتى يكاد بعضهم يشك،
فيكون أبو بكر -رضي الله عنه- ومن بعده عثمان ما حلوا
الإشكال، إذا قلنا: إن القراءات باقية، تصورت كلامي؟ كلامي
متصور؟ على كل حال هذه القراءات السبع المتواترة نعم، هي
موجودة، هي متلقاة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بلا شك،
لا يشك أحد في هذا، لكن لا شك أن عثمان اقتصر على حرف واحد
من هذه الأحرف السبعة لعدم الحاجة إليها، ولما تؤدي إليه
من إشكال، إشكال كبير؛ لأن الصحابة شكا بعضهم إلى أبي بكر
ثم إلى عمر، ثم إلى عثمان، فاتفقوا على هذا، وبهذا خدموا
القرآن، ولو قلنا: إن الأحرف السبعة المنصوص عليها باقية،
ما صار عثمان سوى شيء، الصحابة ما .. ، إجماعهم على هذا ما
سووا شيء، ما حل الإشكال الموجود في عصرهم، إذا قلنا: ما
زالت باقية، إنما عملهم واتفاقهم وإجماعهم حل الإشكال
القائم في وقتهم، وسلمنا من تبعاته، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، عثمان كتب المصحف على العرضة الأخيرة، على العرضة
الأخيرة، التي عارض بها جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام-
في آخر عمره، واكتفى بها عما عداها، وحصل إجماع الصحابة
الذين هم خير القرون، وأغير الناس على دين الله، وهذا
الإجماع عرفنا أنه لا يمكن أن يوجد إجماع بدون مستند، لا
يمكن أن يوجد إجماع بدون مستند شرعي، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الناس لما ذلت ألسنتهم للقرآن صاروا ما يسمعون إلا
حرف واحد، لكن لما نزل القرآن وفي الصحابة من هو في سبعين
سنة، ثمانين سنة ما يستطيع إلا على لهجته التي تلقاها في
قبليته، لكن الآن وهو من الصغر يسمع هذا القرآن، ليس بحاجة
إلى أحرف أخرى، إحنا نسمع ما قاله بعض العلماء في هذا،
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
(39/22)
كلها على مصحف عثمان، كلها يحتملها مصحف
عثمان، أعني المتواترة، قد يوجد قراءات صحيحة هي في
الحقيقة إلى التفسير أقرب من كونها، أقرب من كونها قرآن،
"صيام ثلاثة أيام متتابعات" قد يقول قائل: هذا ما يحتمل
مصحف عثمان، نعم، وهي صحيحة إلى ابن مسعود، نقول: هذه
تفسيرية، القراءات ما تختلف، أنت لو صورت قراءة ورش مع
قراءة عاصم ما في فرق في الصورة، لكن أداء هذه الكلمة،
الكتابة: المجلس والمجالس ما بينهم فرق في الكتابة، نعم؟
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
هذه الأقوال اختلف فيها، منها: أن المراد بسبع لغات، وعليه
أبو عبيدة وثعلب والزهري وآخرون، وصححه ابن عطية والبيهقي،
وتعقب: بأن لغات العرب أكثر من سبع، وأجيب بأن المراد
أفصحها.
والثاني: أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة، بأن
يؤدى اللفظ الواحد أو الكلمة الوحدة بألفاظ مختلفة مثل ما
قالوا: تعال، هلم، أقبل، اعجل، أسرع، نعم، وبهذا قال سفيان
بن عيينة وجمع من أهل العلم منهم ابن وهب وخلائق لا يحصون،
ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء، نسبه ابن عبد البر
لأكثر العلماء.
والإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي وهو أن كل واحد يغير
الكلمة من مرادفها من لغته، بل ذلك مقصور على السماع منه
-صلى الله عليه وسلم-، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام-
إذا عرف أن هذا يتكلم بهذه الكلمة في لغته، لغة قبيلته
أقرأه القرآن عليها، وعرف أن هذا يتكلم بهذه الكلمة في
لغته أقرأه عليها وهكذا، كما يشير إلى ذلك قوله -عليه
الصلاة والسلام- في قول كل منهما من عمر -رضي الله عنه-
وهشام: "أقرأني الرسول -عليه الصلاة والسلام- على هذه
القراءة" وأقرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- على قراءاتهم
التي فيها شيء من الاختلاف.
ثم أجمع الصحابة في زمن عثمان -رضي الله عنه- على ما يوجد
الآن في المصاحف المصون الموجود بين الدفتين الموافق
للعرضة الأخيرة، وقراءة السبعة على هذا هي قراءة واحدة،
على حرف واحد، على حرف واحد يعني مما يحتمله الصورة.
(39/23)
يعني لو قلنا: إن عثمان -رضي الله عنه- ما
حذف شيء من الأحرف السبع هل يكون انحل الإشكال الموجود في
عصرهم الذي خشوا منه أن تختلف الأمة في القرآن؟ صنيع عثمان
لا شك أنه حل الإشكال، فكيف يحل إشكال مع إبقاء الأمر على
ما كان؟ يمكن أن نحل إشكال مع إبقاء الأمر على ما كان؟ لا
يمكن ينحل إشكال، لكن يبقى أن المسألة .. ، أنه حصل إجماع،
والإجماع عند أهل العلم حجة قطعية يرى بعضهم تقديمه على
الكتاب والسنة، قطعية؛ لأنه لا يحتمل نسخ ولا تأويل، الأمر
الثاني: أن الإجماع لا بد له من مستند، ما يمكن يجمع أهل
العلم، لا يمكن أن يجمع أهل العلم على أمر لا مستند له،
يعني إذا كان الأمر لا مستند له ما صار شرعي، صار عادي،
إجماع على أمر عادي، والمسألة شرعية إذاً لا بد لها من
مستند شرعي، وإجماع الصحابة حجة عند الجميع، ما يختلف أحد
في إجماع الصحابة، يعني لو إجماع من بعدهم محل خلاف بين
أهل العلم، لكن يبقى أن إجماع الصحابة حجة عند الجميع.
(39/24)
قد يقول قائل: إن المعوذتين لا توجدا في
مصحف ابن مسعود وكذا، نقول: نعم، هذا صح أن المعوذتين لا
توجدان في مصحف ابن مسعود، يعني بعد هذا الإجماع ماذا
نقول؟ نقول: إن ابن مسعود .. ، هل الإنسان بحاجة إلى أن
يكتب كل شيء مع حفظه وضبطه له؟ نعم لو افترضنا شخص يحفظ
القرآن كله بمثابة حفظ الفاتحة أو سورة الإخلاص، هل يلزم
أن يكون عنده مصحف؟ ما يلزم أن يكون عنده مصحف أصلاً،
أقول: المسلم الذي اطمأن قلبه للإسلام، وارتاح له، وعمل به
لا يساوره أدنى شك، أدنى شك ولا هاجس، نعم في أن القرآن
محفوظ، أما من في قلبه شيء أو أراد أن يشكك المسلمين نعم،
فسوف يجد، حتى الآيات الآن المحفوظة بين الدفتين تحتمل
وجوه، فالمغرض لا بد أن يجد، وهذا من عظمة هذا الدين، ولكي
تعظم الأجور على حسب ما يقر في القلب من إيمان، وتعظم
الأوزار على حسب ما يحصل من الشخص من مخالفات وتشكيك على
حسب عظم دعواه، فالذي يتعرض لهذا القرآن، دستور الأمة الذي
لا يمتري شخص وقر الإيمان في قلبه أنه محفوظ سالم من
الزيادة والنقصان، لا شك أن هذا دليل على أن قلبه منشرح
للدين ومطمئن قلبه بالإيمان، وهذا أمر لا يمتري فيه أحد،
كل إنسان يجده في قلبه، نعم، لكن الشخص الذي في قلبه دخل
أو غر شكك به ممكن؛ لأن الشبهات القرآن نفسه نص على أن
هناك أمور متشابهات، أمور متشابهات، فالذي يتتبع المتشابه
لا حيلة فيه، الذين في قلوبهم زيغ يتبعون المتشابه، مثل
هؤلاء لا حيلة فيهم؛ لأن المتشابه موجود موجود، وأما من
وقر الإيمان في قلبه وثبت في قلبه، وخالطت بشاشته قلبه هذا
لن يتشكك؛ لأن القرآن بعظمته وبإعجازه المسلم صحيح الإيمان
كل يوم يزداد يقين في أن هذا القرآن مصون من الزيادة
والنقصان، ما عندنا أدنى شك في هذا.
(39/25)
كوننا نبتلى بفئام من الناس مبتدعة مغرضة
تريد صرف الناس عن دينهم، وتريد انحرافهم، ويلقون الشبه
على عوام المسلمين فإلى الله المشتكى، لا بد من التصدي
لهؤلاء لكن إلى الله المشتكى، قد يوجد من تلصق شبهة في
قلبه لا يمكن اجتثاثها، والله المستعان، لكن وظيفة أهل
العلم أن يبادروا بمثل هذه الأمور لتغرس في قلوب عوام
المسلمين قبل أن تغزى من قبل الأعداء، فإذا حصل هذا الأمر
من قبل الأعداء لا بد من التصدي له، وهذا من أعظم
الواجبات، ومن أعظم الفرائض؛ لأننا إذا لم نذب عن كتاب
الله -جل وعلا- إيش يبقى عندنا؟ تطاول الناس على السنة،
والسنة وجد فيها الوضع من الصدر الأول، وجد من يكذب على
النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن القرآن، سالم، وأيضاً
وجود الوضع والكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- من باب
الابتلاء والامتحان، من باب الابتلاء، وهو باب من أبواب
الجهاد الذب عن السنة لتعظم الأجور، أجور من يذب، وتعظم
أوزار من يكذب، والتكاليف كلها على هذه الكيفية.
على كل حال الأقوال التي في هذه المسألة والمراد بالأحرف
السبعة استوفاها الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري
من .. ، في الجزء التاسع من صفحة ستة وعشرين إلى ثمان
وثلاثين، أطال، أطال في تقرير المسألة، واستوعب الأقوال،
وناقش الأقوال -رحمه الله-، فكيفية أداء هذه الحروف متلقاة
بلا شك، متواتر قطعي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-،
القراءات السبع كلها متواترة، مقطوع بثبوتها.
يقول: ما الفرق بين القراءات والروايات والأحرف؟
(39/26)
الفرق بين القراءات، القراءات السبع
الموجودة الآن نعم المتواترة، الآن المتواتر كم يبلغ من
القراءات؟ عشر؟ نعم، الثلاث ما هي متواترة تكملة العشر؟
كلها مما يحتملها صورة ما أقره عثمان واتفق عليه مع
الصحابة، كلها، ولذلك لا تجدون من القراء حتى في كتب
القراءات ما تجدون لفظ زائد لا يوجد في المصحف، يوجد؟ ولا
حرف واحد، لكن مجلس ومجالس، الصورة واحدة في الكتابة، نعم،
الصورة واحدة، لكن ما تجدون في القراءات السبع المتواترة:
"متتابعات" توجد؟ ما توجد، هي صح ثبتت عن ابن مسعود، لكن
هل ثبتت على أساس أنها قرآن أو على أنها تفسير للقرآن؟ هذا
الذي يظهر أنها تفسير، هذا الكلام، هذا معروف.
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي لو قلنا: إن القراءات السبع الباقية إلى الآن هي
الأحرف السبعة قلنا: الصحابة ما سووا شيء، ما حلوا
الإشكال، لو قلنا: إن القراءات السبعة موجودة الآن قلنا:
الصحابة ما حلوا الإشكال عندهم، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ نعم.
الكلام في هذه المسألة كثير، والذي بيريد التشكيك يجد، لكن
من انشرح صدره بالإسلام، واطمئن قلبه بالقرآن لن يساوره
أدنى شك أن القرآن محفوظ، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله -جل
علا-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] يعني لو قلنا هذا قلنا:
كذبنا هذه الآية، لو قلنا غير هذا كذبنا الآية، لو قلنا:
إن الصحابة تصرفوا من غير مستند شرعي قلنا: كذبنا هذه
الآية، هذا وعد الذي لا يخلف الميعاد، لكن الحرف الذي رسمه
عثمان يحتمل القراءات السبع، مثلما نظرنا مجلس ومجالس ما
في فرق في الكتابة، حتى الآن في المصحف، تبينوا تثبتوا ما
في فرق إلا أن هناك نقط، وفي إبراهيم أيضاً في ثلاثة مواضع
لا توجد فيها نقط، إبراهيم الياء، في بعض المواضع لا هي
أربعة مواضع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، مواضع، أربعة مواضع ما تزيد ما فيها ياء، بدون ياء،
نعم، والباقي فيها ياء.
(39/27)
المقصود أن القرآن -ولله الحمد- والمنة لا
يساورنا أدنى شك في أنه محفوظ، القصة، قصة يحيى بن أكثم مع
اليهودي، لما أسلم وقال ليحيى ما قال، حج يحيى بن أكثم في
تلك السنة، فالتقى بسفيان بن عيينة، سفيان بن عيينة، وذكر
له القصة، فقال: هذا منصوص عليه في القرآن، قال في كتبهم:
{بِمَا اسْتُحْفِظُواْ} [(44) سورة المائدة] وكل الحفظ
إليهم فلم يحفظوا، وفي كتابنا قال: {وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ} هذه رواها البيهقي في الدلائل، دلائل
النبوة.
(39/28)
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله
بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما مثل
صاحب القرآن)) " (إنما) للحصر، لكنه حصر مخصوص بالنسبة إلى
الحفظ والنسيان بالتلاوة والترك، هذا الحصر ((إنما صاحب
القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة)) هل يقول: يرد على هذا
الحصر أن صاحب القرآن كمثل هاه؟ الأترجة، هل يرد على هذا
الحصر قوله: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة
ريحها طيب وطعمها طيب)) هذا الحصر حقيقي بلا شك، لكنه في
باب الحفظ والنسيان، في باب الحفظ والنسيان، والمداومة على
التلاوة وتركها، في هذا الباب حصر فيه حقيقي، إنما صاحب
القرآن أي مع من صحبه وهو القرآن، والمراد الذي ألفه، صاحب
القرآن: هو الذي ألفه، والمؤالفة: هي المصاحبة، ((كمثل
صاحب الإبل المعقلة)) يعني: مع إبله المعقلة، وهي المشدودة
بالعقال وهو الحبل الذي يشد في ركبته، في ركبة البعير، شبه
درس القرآن واستمرار تلاوته بربط البعير الذي يخشى من
شراده، ربط البعير الذي يخشى من شراده شبه به من يتعهد
القرآن، يتعهد القرآن، يتعهد حفظه، فما زال التعهد موجوداً
فإن الحفظ موجود، كما أنه ما زال العقال موجود فإن البعير
موجود، نعم، ((إن عاهد عليها)) أي جدد العهد بها، ((أمسكها
–أي استمر إمساكها- وإن أطلقها -بأن حل عقالها- ذهبت
وانفلتت منه)) وكذلك القرآن، وهذا التشبيه في غاية الدقة،
هذا التشبيه في غاية الدقة، والحديث مخرج في الصحيحين،
وهذا يجعل طالب العلم المعتني بكتاب الله -جل وعلا- يهتم
لهذا الأمر، فلا ينام عن القرآن، ولا يغفل عن القرآن؛ لأنه
أشد تفلتاً من الإبل في عقلها، والمسألة مسألة دين، تجب
المحافظة عليه، وجاء الوعيد في حق من حفظ شيئاً من القرآن
ثم نسيه، ويخشى عليه أن يقال له: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ
آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}
[(126) سورة طه]، ولذا جاء في الصحيحين النهي عن قول:
"نسيت آية كذا وكذا، نسيت آية كذا وكذا"، ولكن يقول:
"نسيِّت أو أنسيت" لئلا يدخل في الآية لئلا يدخل في الآية:
{كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ
الْيَوْمَ تُنسَى} المقصود أن على صاحب القرآن أن يحرص
عليه، حصل
(39/29)
على هذا الخير العظيم، خير عظيم لا تقوم له
الدنيا بحذافيرها، فالتفريط فيه حرمان وخسران وبوار، فعلى
من حفظ القرآن أن يتعهده ويكثر من النظر فيه، وأن يراجع
حفظه لئلا ينساه.
يقول بعد ذلك: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحارث بن هشام
المخزومي" أخو أبي جهل شقيق، أسلم يوم فتح، وكان من فضلاء
الصحابة، استشهد في فتوح الشام، "سأل رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-"، سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، "عن
عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحارث بن هشام
سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" سأل، أن الحارث سأل،
يعني هل هذا متصل أو منقطع؟ نعم، يعني هل عائشة حضرت
السؤال؟ يقول ابن حجر: "هكذا رواه أكثر الرواة عن هشام بن
عروة فيحتمل أن تكون عائشة حضرت ذلك، وعلى هذا اعتمد أصحاب
الأطراف، فأخرجوه في مسند عائشة -رضي الله عنها-، ويحتمل
أن يكون الحارث أخبرها بذلك، فيكون الخبر من مراسيل
الصحابة، وهو محكوم بوصله عند الجمهور، وفي المسند ما يدل
على ذلك عن عائشة عن الحارث، عن عائشة عن الحارث، وكونها
تقول: إن الحارث، وفي رواية المسند: "عن الحارث" هذه رواية
الصحيحين: "أن الحارث"، ورواية المسند: "عن الحارث" نستحضر
في هذا ما قاله ابن الصلاح من أن السند المؤنن ليس حكمه
حكم السند المعنعن، وعزا ذلك إلى الإمام أحمد ويعقوب بن
شيبة؛ لأنه فهم من كلامهما في قصة النظير هذه، أنه لما
سيقت أن فلان، أن عماراً مر بالنبي -عليه الصلاة والسلام-
قال: منقطعة، في الرواية الأخرى: عن عمار أنه مر بالنبي
-عليه الصلاة والسلام- متصلة، فقال: إن مرد ذلك لاختلاف
الصيغة، فإذا اختلفت الصيغة فلا تحمل (أن) على الاتصال كـ
(عن)، وليس المراد، ليس حقيقة الحال كما زعم، ولذا قال
الحافظ العراقي:
. . . . . . . . . ... كذا له ولم يصوب صوبه
إنما مرد ذلك أنه في قوله: إن فلاناً يحكي قصة لم يشهدها،
كما هنا أن الحارث بن هشام سأل مع أن الاحتمال وارد أنها
حضرت السؤال، نعم، وفي قوله: (عن) يحكي القصة عن صاحبها
فتكون متصلة.
(39/30)
"كيف يأتيك الوحي؟ " يحتمل أن يكون المسئول
عنه صفة الوحي نفسه، أو صفة حامل الوحي الذي هو الملك، أو
ما هو أعم من ذلك، الإتيان حقيقة إنما يسند إلى حامله، هو
الذي يأتي حقيقة، والمحمول حقيقة يؤتى به، وعلى كل حال من
يؤتى به فقد أتى، من يؤتى به فقد أتى، ولذا من يحج به، هل
يقال: حج وإلا ما حج؟ نعم، والذي يضحى عنه يقال: ضحى وإلا
ما ضحى؟ ضحى وهكذا، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((أحياناً)) " جمع حين، ويطلق على قليل الوقت وكثيره،
((أحياناً يأتيني)) يعني الوحي ((في مثل صلصلة الجرس)) في
مثل صلصلة الجرس، الصلصلة: أصلها صوت وقوع الحديد على
الحديد، صوت وقوع الحديد على الحديد، ثم أطلق على كل صوت
له طنين متدارك لا يدرك من أول وهلة، مثل صلصلة الجرس،
الوحي محمود والجرس جاء ذمه، الوحي محمود والجرس جاء ذمه،
وتشبيه المحمود بالمذموم ممكن وإلا غير ممكن؟ نعم، نعم مع
انفكاك الجهة ممكن، فالجرس له أكثر من وجه باعتبار تدارك
الصوت وتتابعه؛ لأن له .. ، لأن الصوت فيه تدارك وقوة،
وفيه أيضاً جهة إطراب، فهو ممدوح من هذه الحيثية لا من جهة
الإطراب، مذموم من جهة الإطراب، وتشبيه الوحي به من جهة ..
، الجهة التي يحمد فيها، نعم، التشبيه قد يكون من وجه دون
وجه، تشبيه رؤية الباري برؤية القمر ليلة البدر هل معنى
هذا أن المرئي مثل المرئي أو التشبيه يقع من وجه دون وجه؟
التشبيه يقع من وجه دون وجه، مثل ذلك البروك، النهي عن
بروك مثل بروك البعير، ((فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع
يديه قبل ركبتيه)) نعم من وجه دون وجه، لا ينزل على الأرض
بقوة مثل ما يبرك البعير، لكن ليضع يديه قبل ركبتيه مجرد
وضع، فهو تشبيه، المنهي عنه التشبيه من وجه دون وجه، يعني
من حيث القوة، النزول على الأرض بقوة بحيث يشبه البعير هذا
منهي عنه، أما كونه يقدم يديه على ركبتيه هذا مأمور به من
غير بروك، ((وهو أشده علي)) يفهم منه أن الوحي كله شديد،
الوحي كله شديد، ((فيفصم)) أي يتجلى ((عني، وقد وعيت ما
قال)) أي القول الذي جاء به، ((وأحياناً يتمثل لي الملك
رجلاً)) التمثل مشتق من المثل، أي يتصور، يتصور، والملك
(أل) هذه للعهد، والملك المعهود وهو جبريل الذي
(39/31)
يأتي بالوحي، ولسنا بحاجة إلى أن نقول: أين
القدر الزائد لأن جبريل عظيم الخلق له ستمائة جناح يسد
الأفق فأين ذهب هذا الزائد؟ تكلموا فيه كلاماً طويلاً، لكن
القدرة الإلهية تجعل الجسم الكبير صغيراً والعكس، ولسنا
بحاجة إلى أن نقول: هل انعدم بالكلية أو اختفى بحسب النظر
أو ما أشبه ذلك، لسنا بحاجة إلى مثل هذا.
((يتمثل)) قد يستدل به من يقول بجواز التمثيل، بجواز
المثيل، لكن ليس فيه دليل على جوازه؛ لأن هذا التمثل بأمر
الله -جل وعلا-، هذا التمثل بأمر الله -جل وعلا-، وأما
التمثيل فهو: خروج بصورة تخالف الواقع، والذي يخالف الواقع
سواءً كان قولاً أو فعلاً يدخل في حيز الكذب، عاد مسألة
كونه يترتب عليه مصلحة أعظم منه أو غير ذلك من الأمور التي
تحتف به، ويقرر بعضهم جوازه المقصود أنه ينبغي أن يترك،
ينبغي أن يترك؛ لأنه أقل أحواله بأنه خلاف الواقع، وبعضهم
يقول: المبالغات خلاف الواقع، المقامات خلاف الواقع، وغير
ذلك، المقصود في مسائل كثيرة، المناظرات بعضها خلاف
الواقع، لكن على حسب ما يترتب على ذلك من مصلحة تكون
المفسدة فيها مغمورة قد يتجه ذلك وإلا فلا، وعلى كل حال
أقل ما فيه مخالفة الواقع، ولسنا بحاجة إليه، ففي ديننا
-ولله الحمد- من الوسائل التي نعلم بها طلاب العلم، وندعو
بها من نريد دعوته ما يغنينا عن مثل هذه الأمور المحدثة.
((يتمثل لي الملك رجلاً)) منصوب بالمصدرية، أي مثل رجل، أو
التمييز، أو الحال، والتقدير على هيئة رجل، ((فيكلمني فأعي
ما يقول)) يعني إذا كان رجل، ند لند الأمر سهل، لكن إذا
اختلف الجنس هذا من بني آدم وهذا ملك ما في شك، لا شك أن
هذا المفاهمة تصعب، ولذا قال: ((وهو أشده علي)) لكن إذا
جاء على هيئة رجل وحصل الأنس به لا شك أن الفهم عنه يكون
أقرب، وجاء في وصف هذا النوع وإنه لا .. ، أخف الوحي هناك
أشده علي، وهذا أخف الوحي.
(39/32)
"قالت عائشة" قالت عائشة مسند وإلا معلق؟
نعم، يعني بالإسناد السابق، قالت عائشة بالإسناد السابق:
"ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد" إلى آخره،
هل نقول: إن مالك يرويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:
"ولقد رأيته" إذاً لماذا يفصل؟ ليتميز كلامها التي رأته
بعينها عما نقلته عن الحارث، نعم، إذاً هو مسوق بالإسناد
السابق وإن كان بغير حرف عطف كما يستعمله البخاري وغيره
كثيراً، يقول ابن حجر: "وحيث يريد التعليق يأتي بحرف
العطف" وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، ولقد رأيته
ينزل عليه في اليوم الشديد، الشديد البرد، في اليوم الشديد
البرد، دلالة على كثرة معاناته -عليه الصلاة والسلام- من
التعب والكرب عند نزول الوحي، ولا شك أن المنزل عليه قول
ثقيل، قول ثقيل، "في اليوم الشديد البرد" من يعرب؟
الإعراب؟ في اليوم جار ومجرور، الشديد؟ صفة، البرد؟ الشديد
مضاف والبرد مضاف إليه؟ جارك، جارك جارك، جارك انغزه. . .
. . . . . .، ارفع رأسك، أنت أنت، تقول أنت: مضاف ومضاف
إليه، نبي الشديد البرد؟ قضينا من الشديد صفة لليوم
والبرد؟ أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
يجوز؟ يجوز مثل هذا وإلا ما يجوز؟ ها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يمكن الجمع بين .. هاه؟ إضافة لفظية، وذي الإضافة اسمها
لفظية، "ووصل (أل) بذا المضاف مغتفر" يعني في الإضافة
اللفظية، "إن وصلت بالثاني كالجعد الشعر" المقيم الصلاة،
إضافة لفظية بلا شك، وهذه يجوز أن يقترن المضاف بـ (أل)
إذا اقترن المضاف إليه بها، أو اقترن ما يضاف إليه المضاف.
ووصل (أل) بذا المضاف مغتفر ... إن وصلت بالثاني كالجعد
الشعر
أو بالذي له أضيف الثاني ... كزيد الضارب رأس الجاني
"فيفصم عنه -عليه الصلاة والسلام- وإن جبينه ليتفصد" مأخوذ
من الفصد، وهو قطع العرق لإسالة الدم، وهنا يسيل العرق
فيتفصد عرقاً، عرقاً إيش؟ تمييز، عرقاً تمييز، نعم.
(39/33)
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة
عن أبيه أنه قال: "أنزلت عبس وتولى"، عبس: قطب وجهه،
وتولى: أعرض، نزلت هذه الآية "في عبد الله بن أم مكتوم
-القرشي العامري- جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
بمكة فجعل يقول: يا محمد" بمكة لأن سورة عبس مكية،
والأسلوب أيضاً يدل على أنه بمكة، "يا محمد" وهذا قبل
النهي عن ندائه -عليه الصلاة والسلام- باسمه؛ لأن النهي عن
ندائه باسمه إنما نزل بالمدينة، "يا محمد استدنيني" وفي
رواية: "استدنني" بدون ياء، أي أشر لي إلى موضع قريب منك
أجلس فيه، يعني: اجعلني أدن منك، استدنني: يعني اجعلني أدن
منك، نعم، "وعند النبي -عليه الصلاة والسلام- رجل من عظماء
المشركين" عظماء: جمع عظيم المشركين يقال: هو أبي بن خلف
أو عتبة بن ربيعة أو أمية بن خلف أو أبو جهل، المقصود أنه
من عظماء المشركين، والمشرك يجوز أن يقال له: عظيم، إما
على حسب دعواه أو دعوى قومه له، ولذا جاء في حديث هرقل:
"من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم"، "فجعل النبي
-عليه الصلاة والسلام- يعرض عنه" ثقة بما في قلبه من
إيمان، ثقة بما في قلبه من إيمان، "ويقبل على الآخر" رجاء
إسلامه، رجاء إسلامه، التأليف يستعمله النبي -عليه الصلاة
والسلام-، فأحياناً يعطي الرجل ويترك من هو خير منه، ((إني
لأعطي الرجل وغيره أحب إليّ منه)) مالك عن فلان وإني لأراه
مؤمناً؟ قال: ((أو مسلم؟ )) نعم، نعم يكل بعض الناس إلى ما
في قلوبهم من إيمان فلا يعطيهم، ويعطي بعض الناس تأليفاً
لهم، وصنع مثل هذا -عليه الصلاة والسلام- ترك ابن أم مكتوم
اعتماداً على ما في قلبه من إسلام، أقبل إلى الآخر رجاء
إسلامه، ويقول: ((يا أبا فلان)) استئلافاً يكنيه، يكني هذا
الكافر، المشرك، استئلافاً له، ((هل ترى بما أقول بأساً؟
)) ((هل ترى بما أقول بأساً؟ )) المقصود أن الرسول -عليه
الصلاة والسلام- جاءه العتاب، جاءه العتاب، عوتب في هذه
القصة، وما عوتب في العطاء، ما عوتب في العطاء، وعوتب في
هذه القصة، لماذا؟ {أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} [(2) سورة عبس]
لا شك أن هذا الوصف وهو العمى وصف مؤثر في المسألة، بمعنى
أن هذا الأعمى ما يعرف تقاسيم الوجه، نعم، يعني لو كان
(39/34)
مبصر وأعرض عنه بعد أن بش في وجهه ووكله
إلى ما .. ؟ هذا ما يدري عن شيء أعمى، ولذلك ما عوتب في
العطاء، عوتب لما أعرض عن هذا الأعمى، {عَبَسَ وَتَوَلَّى*
أَن جَاءهُ الْأَعْمَى* وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ
يَزَّكَّى} [(1 - 3) سورة عبس] أقبل على المشرك وقال: ((يا
أبا فلان)) استئلافاً له، ((هل ترى بما أقول بأساً؟ ))
"فيقول: "لا والدُماء" أو الدِماء، ضبطت بضم الدال وكسرها،
الدُماء: المراد بها الأصنام، جمع دمية التي يعبدونها من
دون الله، أقسم بها، أو الدِماء المراد بها الهدايا التي
يذبحونها لأصنامهم، "ما أرى بما تقول بأساً، فأنزلت:
{عَبَسَ وَتَوَلَّى} [(1) سورة عبس] أعرض أن جاءه الأعمى".
زاد أبو يعلى عن أنس: "فكان النبي -عليه الصلاة والسلام-
بعد ذلك يكرم ابن أم مكتوم، ويبسط له رداءه ويرحب به
((مرحباً بالذي عاتبني فيه ربي)) " المقصود أن هذه القصة
هي سبب نزول عبس وتولى، ولم يختلف الرواة عن مالك في
إرسالها، مرسلة أخرجه الترمذي من رواية سعيد بن يحيى بن
سعيد عن أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت، فهو
موصول عند الترمذي.
ما مناسبة هذا الحديث؟
مناسبة الحديث يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- يعرض
القرآن على المشركين؟ نزول السورة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
الترجمة، الترجمة تشمل هذا وغيره، الترجمة تشمل هذا وغيره،
المقصود أن سبب نزول هذه السورة هو هذا، تعرف أن التأليف
في أول الأمر التأليف في بداياته والكتاب من أوائل
المصنفات الحديثية في التأليف عموماً في أول الأمر لا يأتي
على الوضع المتناسب من كل وجه، وهذا شأن عمل البشر، يبدأ
صغير ثم يكبر، يبدأ غير مرتب ثم يتقن ترتيبه، يعني عظمة
هذا القرآن من جهة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عوتب؟
على كل حال مثلما ذكرنا أنه لا يلزم أن يكون الترتيب دقيق
مائة بالمائة لا سيما في أوائل المصنفات.
(39/35)
أنا أقول: لعل الوصف كونه أعمى له أثر؛ لأن
المبصر يرى تقاسيم الوجوه ويعذر، نعم، لكن الأعمى ما يدري
من عنده، نعم، في العلم يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-:
((إنما أنا قاسم والله معطي)) نعم، على كل حال أنا أقول:
إن الوصف بكونه أعمى له أثر كبير، يعني لو كان مبصراً يعذر
تصرف النبي -عليه الصلاة والسلام- في كونه وكل هذا إلى ما
في قلبه من إيمان، واستألف غيره التأليف باب، المؤلفة
قلوبهم يعطون من الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام، فهو باب
مشروع في الدين، لكن يبقى أن هذا الأعمى الذي لا يعرف
تقاسيم الوجوه، ولا يعرف ما يحتف بالمسألة من ظروف ينبغي
أن يراعى، ولذا نزل العتاب فيه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(39/36)
الموطأ_ كتاب
القرآن (3)
شرح: باب: ما جاء في سجود القرآن، وباب: ما جاء في قراءة
قل هو الله أحد، وتبارك الذي بيده الملك
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا له تعلق بالدرس -درس الأمس- نقلاً من فتح الباري يقول:
"حمل ابن قتيبة وغيره العدد المذكور الحروف السبعة على
الوجوه التي يقع بها التغاير في سبعة أشياء:
الأول: ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل:
{وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} [(282) سورة
البقرة] بنصب الراء ورفعها، لا يضارَ، ولا يضارُ.
الثاني: ما يتغير بتغير الفعل مثل: {بَاعِدْ بَيْنَ
أَسْفَارِنَا} [(19) سورة سبأ] و"بعد بين أسفارنا" بصيغة
الطلب والفعل الماضي باعد وبعد.
الثالث: ما يتغير بنقط بعض الحروف المهملة: "ثم ننشرها"
بالراء والزاي.
الرابع: ما يتغير بإبدال حرف قريب من مخرج الآخر مثل: "طلح
منضود" في قراءة علي و"طلع منضود".
الخامس: ما يتغير بالتقديم والتأخير مثل: {وَجَاءتْ
سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [(19) سورة ق] في قراءة
أبي بكر الصديق وطلحة بن مصرف وزين العابدين: "وجاءت سكرة
الحق بالموت".
السادس: ما يتغير بزيادة أو نقصان كما تقدم في التفسير عن
ابن مسعود وأبي الدرداء: "والليل إذا يغشى، والنهار إذا
تجلى، والذكر والأنثى" هذا في النقصان.
(40/1)
السابع: ما يتغير بإبدال كلمة بكلمة
ترادفها مثل: "العهن المنفوش" في قراءة ابن مسعود وسعيد بن
جبير: "كالصوف المنفوش" هذا أورده ابن قتيبة في بداية
كتابه: مشكل القرآن، تأويل مشكل القرآن، وقال به غيره،
وتبعه عليه أقوام، ونوقش في بعض الأشياء المذكورة، الذي
اختاره ابن حجر أن الموجود الآن بين الدفتين هو ما أمر
النبي -عليه الصلاة والسلام- بكتابته، إذا نزل قال:
اكتبوه، أمر الكتبة أن يكتبوه، ضعوا هذه الآية في المكان
الفلاني في السورة التي يذكر فيها كذا، الموجود بين
الدفتين هو كل ما أمر بكتابته، يبقى أن الذي تركه الصحابة
وأجمعوا على تركه هو مما تجوز به القراءة في أول الأمر،
تجوز به القراءة في أول الأمر، لبعض الكلمات الموجودة الآن
بين الدفتين، الذي اختاره ابن حجر أنه لم يترك شيء مما أمر
النبي -عليه الصلاة والسلام- بكتابته، لكن هذا المكتوب
يقرئه النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه كل على لغته،
وكل ما يستطيع، إذا لم يستطع القراءة على لغة قريش أقرأه
بلغته، ثم بعد ذلك لما ذلت ألسنتهم بالقرآن اكتفي
بالمكتوب، هذا رأي ابن حجر، وهذا لا شك أن فيه محافظة على
ما نزل من القرآن وما أمر بكتابته لكن كونه أنزل على سبعة
أحرف، بعضهم يرى أنه أنزلت أنزل حكم قراءته على سبعة أحرف،
لا أن هذه الأحرف كلها نزلت من القرآن، هلم، أقبل، تعال،
أسرع، اعجل، نعم، إنما أنزل جواز قراءته توسعة وتيسيراً
وتسهيلاً على الناس في أول الأمر، على كل حال المسألة
طويلة الذيول، لكن الذي لا نشك فيه أن القرآن بين الدفتين
كامل، مصون، محفوظ عن الزيادة والنقصان، وأن الصحابة
أجمعوا على ما كتبه عثمان -رضي الله عنه- ولم يوجد أي خلاف
بينهم، اتفقوا عليه والإجماع لا يكون إلا على نص، هذا الذي
يجب اعتقاده، أن القرآن المذكور كامل، وأنه محفوظ مصون من
الزيادة والنقصان.
هذا أكثر من سؤال عن سجود التلاوة هل هو صلاة أو ليس
بصلاة؟
(40/2)
عرفنا الخلاف، وأن كونه صلاة ويشترط له ما
يشترط للصلاة قول عامة أهل العلم، والخلاف في هذا إنما ذكر
عن ابن عمر -رضي الله عنه-، وكأن شيخ الإسلام يميل إلى
هذا، ويستدل بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سجد في سورة
النجم، وسجد كل من حضر من المسلمين والمشركين، ويبعد أن
جميع الحاضرين كلهم على طهارة، لا سيما المسلمين، ولم
يسألوا هل هم على طهارة أم ليسوا على طهارة؟ فدل على أن
الأمر بسجود التلاوة فيه سعة، شيخ الإسلام -رحمه الله-
معروف مذهبه في هذه الأمور يخفف جداً حتى في صلاة الجنازة
يرى أنها إذا لم يكن الإنسان متوضأ يكفيه التيمم، ولو كان
واجداً للماء إذا كان تحصيله للطهارة الأصل بالماء يفوت
عليه صلاة الجنازة، المقصود أن الاحتياط أن لا تصلى إلا من
طهارة وستارة واستقبال القبلة، وجميع شرائط الصلاة، ألا
يسجد إلا على كمال، إلا على كمال، لكن لو ترخص وأخذ برأي
ابن عمر له ذلك.
يقول: هل لسجود التلاوة تكبيرة إحرام، وهل ترفع اليدين في
دعاء القنوت؟
سجود التلاوة مبني على الخلاف الذي ذكرناه آنفاً، من يرى
أنه صلاة يرى أنه يفتتح بالتكبير، ويختتم بتسليم؛ لأنه
يشمله عموم: ((مفتاح الصلاة التكبير، واختتامها التسليم))
هذا عند من يقول: إنها صلاة، فأما الذي يقول: إنه ليس
بصلاة -كما أشرنا- يقول: لا يحتاج لا إلى تكبيرة إحرام،
ولا سلام ولا شيء، وأما رفع اليدين في دعاء القنوت فهو
دعاء، والأصل في الدعاء رفع اليدين، الأصل في الدعاء رفع
اليدين.
هل يجوز للإنسان أن يدعو بأن يجدد الله إيمانه؟
يجدد، أما أن يقوي إيمانه هذا معناه ظاهر، أما يجدد، كيف
يجدد؟ إما أن يزيد في إيمانه، يسأل الله -جل وعلا- أن يزيد
في إيمانه لا بأس، وأن يبذل هو من جانبه أيضاً يبذل السبب
فيما يزيد الإيمان من زيادة في الطاعات.
يقول: هل يجوز تعزية الكفار؟
أهل العلم نصوا على أنه يجوز تعزية المسلم بالكافر، هي
مصيبة بالنسبة له، وعلى هذا لا يدعى للميت، وإنما يصبر،
التعزية أصلها تسلية للمصاب، فالمسلم إذا مات له قريب كافر
يسلى ويعزى، لكن لا يدعى للميت الكافر.
هل يشرع الوقوف لسجود التلاوة؟
(40/3)
الخرور يقرر أهل العلم أنه من قيام،
{وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24]، {خَرُّوا سُجَّدًا}
[(58) سورة مريم] يكون من قيام هذا الأصل فيه، لكن لو كان
يقرأ، هذا إذا كان قائماً يخر، أما إذا كان جالساً فعامة
أهل العلم على أنه يكفيه أن يسجد، يسجد وهو جالس، عائشة
-رضي الله عنها- تستحب أن يقوم للسجود.
من الإنترنت يقول: ما رأيكم بالألفاظ الأعجمية في البخاري،
وأنه لا يجوز إدخال الكلام الإنجليزي في الكلام لا سيما
لغير حاجة ....
إيش الكلام هذا؟ ويش هو ذا؟ ويش معنى الكلام؟ ألفاظ أعجمية
في البخاري؟ يعني الأعلام الأعجمية موجودة في القرآن
إجماعاً، وإن كان القصد ترجمة الصحيح، ترجمته إلى اللغات
الأخرى ليفيد منه المسلمون من غير العرب فهذا طيب.
يقول: علمنا أنكم ترجحون أن الحائض لا تقرأ القرآن فماذا
تفعل في أذكار النوم والصباح والمساء وهي فيها قرآن؟
على كل حال تحرص على الأذكار الذي ليس فيها شيء من القرآن،
وإذا أدخلت فيها شيء من الآيات على ألا تكون كاملة أو
تقرأها بنية الذكر لا بنية القرآن، كما قال بعض أهل العلم.
يقول: أريد أن أعرف ما هو جواب الشيخ حول الذكر الذي ورد
سواءً قي الصباح والمساء هل وقته معين، يعني الذي في الصبح
بعد صلاة الفجر مباشرة أم أنه مستمد بوقت معين؟
كلام فيه ركة، لكن وقت الأذكار قبل طلوع الشمس وقبل
غروبها، قبل الطلوع وقبل الغروب، يعني بعد صلاة الصبح،
وقبل صلاة المغرب.
كيف يكون عقد الأصابع بالتسبيح لو تشرح لنا الكيفية؟ إيش؟.
. .
أنت وين هم؟ هؤلاء بالإنترنت، هذا لا بد من .. ، لا يتم
إلا بالرؤية.
هل الأفضل للمأموم أن يكون في الصف الأول عن يمين الإمام
ولو كان بعيداً عنه أو في اليسار قريب من الإمام؟
(40/4)
على كل حال المطلوب أن يتوسط الإمام، فإذا
استويا فاليمين أفضل، وإن زاد اليمين فجاء في الخبر وإن
كان ضعيفاً، الخبر ضعيف: ((من عمر شمال الصف كان له كفلان
من الأجر)) هذا ضعيف، لكن يبقى أن الأصل في الإمام أن
يتوسط الصف، وعلى هذا يكون .. ، لا يكون الناس كلهم في جهة
اليمين ويبقى يساره ما في أحد، وإلا لكانت الحكمة أن يجعل
الإمام في آخر الصف من الجهة اليسرى ليكون كل المصلين عن
يمينه، لكن لما جعل مكانه وسط، وسط الصف عرفنا أن الشارع
يريد أن يتوسط الإمام، اليمين أفضل بلا شك، لكن هل يتصور
أن الشارع يجعل الإمام في وسط الصف ويحرص الناس كلهم على
اليمين ويتركوا الشمال، لا، لا، توسط الصف شرعي مطلوب.
إذا مسح الرجل على خفيه وقبل الصلاة خلعهما أو خلع أحدهما
فهل يعتبر على وضوء؟
ليس على وضوء، إذا مسح على الخفين وقبل الصلاة خلعهما، أو
خلع أحدهما فليس على وضوء كامل، هو الآن يصلي بقدم لا
مغسولة ولا ممسوحة، قد يقول قائل: إن خلع الخفين ليس من
نواقض الوضوء نقول: نعم ليس من نواقض الوضوء، لكن أنت إلى
الآن لم تتوضأ، أنت لست على طهارة الآن، رجلك ليست مغسولة
ولا ممسوحة، ناقص فرض من فرائض الوضوء، هو بدل، لكن ما هو
موجود الآن، لا مسح ولا غسل، لا البدل ولا المبدل منه
موجود، موجود منهما شيء؟ لا البدل ولا المبدل منه، ما
موجود منه شيء، والله المستعان.
(40/5)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن
مالك عن زيد بن أسلم العدوي عن أبيه -أسلم مولى عمر- أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسير في بعض أسفاره"
أسلم هذا صحابي وإلا ما هو بصحابي؟ ليس بصحابي، إذاً الخبر
صورته صورة المرسل، نعم، لكن بقيته؟ نعم، بقيته تدل على
أنه تلقاه عن عمر -رضي الله عنه- لقوله في أثنائه: "قال
عمر: فحركت بعير" فقال عمر، فهو ينقله عن عمر -رضي الله
عنه- صاحب الشأن، وصاحب القصة، "أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- كان يسير في بعض أسفاره -سفر الحديبية- وعمر بن
الخطاب يسير معه ليلاً" وفي هذا إباحة السير ليلاً على
الدواب، لا سيما إذا أخذت ما يكفيها من الراحة في النهار،
"فسأله عمر عن شيء فلم يجبه" لاشتغاله -عليه الصلاة
والسلام- بالوحي، "ثم سأله مرة ثانية فلم يجبه، ثم سأله
مرة ثالثة فلم يجبه" وكأن عمر -رضي الله عنه- ظن أن النبي
-عليه الصلاة والسلام- لم يسمع السؤال الأول والثاني وإلا
لا يتصور مثل هذا الإلحاح من عمر -رضي الله عنه- "فقال
عمر: "ثكلتك أمك عمر" يعني: يا عمر، منادى بحذف حرف
النداء، دعا على نفسه بسبب ما وقع منه من الإلحاح على
النبي -عليه الصلاة والسلام- خوف غضبه -عليه الصلاة
والسلام-، "نزرت رسول الله" أو نزرت –بالتشديد- رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-، يعني ألححت عليه، وبالغت في السؤال،
ألححت عليه وبالغت في السؤال.
(40/6)
استعمال الناس لهذه الكلمة للنزر أنه
السؤال مع رفع الصوت، السؤال مع رفع الصوت، هذا هو النزر،
"ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك" كل ذلك لا يجيبك يقول أهل
العلم في هذا: إن سكوت العالم عن الإجابة، إجابة المتعلم
توجب على المتعلم ترك الإلحاح في السؤال، يعني لا يسأله
مرة ثانية، إذا توقع أنه لم يسمع يعيد السؤال، لكن إذا فهم
أن الشيخ سمع السؤال، الشيخ ما يترك الإجابة إلا لأمر لعله
لا يحضره الجواب، لكن ما الذي يمنع أن يكون الشيخ أن يقول
الشيخ: الله أعلم، فمن باب الأدب مع الشيخ ألا يلح عليه
بالسؤال، ولا يضجر بكثرة الأسئلة، هذا من آداب طالب العلم
عند أهل العلم، يقولون: وأن له؟ يعني العالم له أن يسكت
عما لا يريد أن يجيب فيه، له أن يسكت عما لا يريد أن يجيب
فيه، أما السؤال عن المسائل النازلة والمسئول عنده علم
بها، ولا يوجد من يقوم مقامه في الجواب عنها فهذا يتعين
عليه الجواب، ولا يجوز له السكوت، ومن سئل عن علم فكتمه
ألجم بلجام من نار يوم القيامة، لكن إذا كان لا يعرف
الجواب يقول: الله أعلم، إذا رأى أن السائل لا يستفيد من
الجواب، له أن يسكت وله أن يصرفه عنه بالأسلوب المناسب،
وإذا رأى أن هذه المسألة ليست واقعة، أو أن السائل متعنت
له أن لا يجيب، في بعض الطلاب يقول: سؤال بسيط سهل، ثم
يستدرج الشيخ يجلس معه ربع ساعة؛ لأنه لو قال: من فضلك ربع
ساعة ما طاعه الشيخ، إيه سؤال بسيط يتصور أنه بسيط عند
المسئول، لكن بعضهم لو قال: من فضلك ربع ساعة عشر دقائق ما
طاعه الشيخ، سؤال، سؤال خفيف ثم بعد ذلك يستدرجه إلى أن
يمضي الربع، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لا بأس به جائز، جائز عند الحاجة إليه.
(40/7)
"قال عمر: فحركت بعيري حتى إذا كنت أمام
الناس -قدام الناس- وخشيت أن ينزل في قرآن -يعني بسبب هذا
الإلحاح- فما نشبت" لبثت، وفي حديث بدء الوحي: "فلم ينشب
ورقة أن توفي" يعني لم يلبث، "فما نشبت أن سمعت صارخاً
يصرخ بي" ينادي يا عمر، وهذا الصارخ لم يسم، فقال، قال
عمر: "فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن" نعم هذا الخوف
يحملهم على هذا، الخوف يحملهم على هذا بخلاف حال كثير من
الناس اليوم، يفعل الأفاعيل، يفعل الأفاعيل، يفرط في
الواجبات، يرتكب المحرمات، وإذا أدى الصلاة مع الجماعة على
وجه قد لا يكتب له من أجرها شيء ينتظر التسليم، نعم، إذا
حرك الباب قال: جاءت الملائكة تسلم عليه، ينتظر التسليم
كفاحاً، الأمر ليس بهذه السهولة، عمران بن حصين كان يسلم
عليه، لكن المفرط يستحق مثل هذه الكرامات، ويسول لنفسه مثل
هذه الأمور؟ عمر -رضي الله عنه- وهو عمر الذي فرق الله به
بين الحق والباطل، وما رآه الشيطان في طريق ولا فج إلا سلك
طريقاً آخر، مشهود له بالجنة، ويخشى أن ينزل فيه قرآن،
والناس في هذه الأزمان يجمعون مع الإساءة بل أسوء الإساءة
ويحسنون الظن، ويؤملون الآمال الطويلة العريضة، والخوف لا
ذكر له في .. ، أو لا يخطر لهم على بال، خشيت أن ينزل في
قرآن، قال أبو عمر: "أرى أنه -عليه والسلام- أرسل إلى عمر
لما أرسل الصارخ ليخبره الخبر يريد أن يؤنسه بذلك، ويجبر
خاطره لما تركه ثلاث مرات دون جواب، يريد أن يؤنسه بذلك.
(40/8)
قال عمر: "فجئت رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- فسلمت عليه فقال" بعد رد السلام؛ لأن هذا معروف، ما
يحتاج إلى نقل، {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ
فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة
النساء] فقال -عليه الصلاة والسلام- بعد رد السلام: ((لقد
أنزلت علي هذه الليلة سورة)) ((سورة لهي)) (اللام) هذه لام
توكيد، ((أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)) يعني لما فيها من
البشارة بالمغفرة والفتح وغيرهما، "ثم قرأ: {إِنَّا
فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [(1) سورة الفتح] فتح
مبين، وهذا الفتح هو الصلح، هذا الفتح هو الصلح؛ لأنه
مقدمة للفتح، مقدمة للفتح، ومقدمة الفتح فتح، فهي الفتح
الحقيقي؛ لأن بها -بهذا الصلح- حصل حصلت الهدنة، وكاتب
النبي -عليه الصلاة والسلام- الملوك في الأمصار، وحصل خير
عظيم بواسطتها، {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا
* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ
وَمَا تَأَخَّرَ} [(1 - 2) سورة الفتح] لا شك أن هذا خير
مما طلعت عليه الشمس، ((ركعتا الفجر خير مما طلعت عليه
الشمس)) ((تكبيرة الإحرام خير مما طلعت عليه الشمس)) لأنها
تطلع على الدنيا، والدنيا ما فيها شيء يستحق، ولا توزن عند
الله جناح بعوضة.
(40/9)
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن
محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن -بن عوف الزهري- عن أبي سعيد -سعد بن مالك بن سنان
الخدري- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
((يخرج فيكم -في الصحابة، وفي الأمة- قوم تحقرون صلاتكم مع
صلاتهم)) وهم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب -رضي الله
عنه وأرضاه-، يوم النهروان، من الخوارج وهذه صفتهم،
تحقرون: تستقلون صلاتكم مع صلاتهم، ((وصيامكم مع صيامهم))
لأنهم كانوا يصومون النهار ويقومون الليل، ((وأعمالكم مع
أعمالهم)) يعني من عطف العام على الخاص، يعني بقية أعمال
البر تحقرون أفعالكم مع أفعالهم، ((يقرءون القرآن)) آناء
الليل والنهار ((ولا يجاوز حناجرهم)) جمع حنجرة، وهي آخر
الحلق مما يلي الفم، ولا يجاوز حناجرهم، ((يمرقون من
الدين)) يمرقون من الدين، وهل المراد بالدين هنا الإسلام
أو الطاعة؟ نعم، هل المراد بالدين هنا الإسلام أو الطاعة؟
لأنه يطلق ويراد به {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ
الإِسْلاَمُ} [(19) سورة آل عمران] ويطلق ويراد به الطاعة،
نعم، يطلق ويراد به الطاعة، نعم، على كل حال هما قولان،
منهم من يقول: الدين هو الإسلام، يحتج بهذا على تكفيرهم،
ومن يقول: الدين هو الطاعة يقول: إنهم يخرجون عن الطاعة،
طاعة ولاة الأمور، وهي تابعة لطاعة الله -جل وعلا-،
فالخروج على طاعتهم خروج على طاعة الله -عز وجل-، وحينئذ
لا يحكم بكفرهم، أقول: من قال: إن المراد بالدين هو
الإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ} [(19)
سورة آل عمران] قال: يخرجون منه بالكلية، وبهذا يقول من
كفرهم، ورجحه .. ، بل به جزم ابن العربي، وإذا قلنا: إن
المراد بالدين هو الطاعة قال: لا يكفرون، لا يكفرون، وإن
خرجوا عن طاعة ولاة الأمر، وهي في الحقيقة خروج عن طاعة
الله -عز وجل-؛ لأن الله هو الذي أمر بطاعة ولاة الأمر،
على كل حال المسألة خلافية، المسألة خلافية، الخطابي نقل
الإجماع على أن الخوارج -على ما عندهم من ضلال- أنهم فرقة
من فرق المسلمين، وأجازوا مناكحتهم، وأكل ذبائحهم، وقبول
شهاداتهم، رواياتهم مقبولة وإلا غير مقبولة عند أهل العلم؟
مقبولة، لكن في نقل
(40/10)
الإجماع نظر؛ لأن الخلاف موجود.
وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- نسب عدم تكفيرهم إلى
جماهير أهل العلم، ونسب عدم تكفيرهم إلى الصحابة، ولم
يعاملوهم في قتالهم معاملة الكفار، لم يعاملوهم كما قال
شيخ الإسلام -رحمه الله- في مواضع من كتبه معاملة الكفار.
الشيخ ابن باز -رحمه الله- كأنه يميل إلى تكفيرهم، على كل
حال المسألة محتملة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، مواضع، مواضع كثيرة لا تحصى، يعني في .. ، لكن
يبقى يبقى أن شيخ الإسلام الذي استقر عليه رأيه .. ، حتى
نقل عن جماهير الصحابة عدم تكفيرهم، عدم تكفيرهم، ونص في
رده على الرافضة في مواضع أن الصحابة ما عاملوهم معاملة
الكفار حينما قاتلوهم، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لا يصل إلى قلوبهم، لا يصل إلى قلوبهم، هو مجرد طرف
الحلق، الحنجرة، لا يصل إلى القلب فيؤثر فيه، لا يصل إلى
القلب فيؤثر فيه، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
(40/11)
لا، المراد بهم الذين أصلهم من قال: "اعدل
يا محمد"، ((يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون)) .. إلى آخره،
الذين أصلهم .. ، المراد بهم الخوارج أصحاب المقالة
المعروفة، وأنه ليس المراد بهم البغاة، البغاة لا يكفرون
اتفاقاً، وإن وجب ردهم إلى الحق، وجب قتالهم على .. ،
وكفهم، ((يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية)) الرمية:
فعيلة بمعنى مفعولة، وهي الطريدة من الصيد، مروق السهم من
الرمية، بحيث ينفذ السهم من الطريدة الصيد المرمي بسرعة،
وهو في هذه السرعة لا تلاحظ عليه أثر الدم؛ لأن الملاحظ أن
الطريدة أو الذبيحة حينما تذبح بسرعة يتأخر خروج الدم،
ولذا قال: ((تنظر)) أيها الرامي ((في النصل)) حديدة السهم
((فلا ترى فيه شيئاً، وتنظر في القدح)) اللي هو الخشب،
السهم، ((فلا ترى فيه شيئاً، وتنظر في الريش)) الذي فيه
السهم ((فلا ترى فيه شيئاً، وتتمارى)) يعني تشك ((في
الفوق)) بضم الفاء، وهو موضع الوتر من السهم، أي تتشكك هل
علق به شيء من الدم؟ دلالة على أن خروجهم من الدين يحصل
بسرعة، بغتة، يعني عندك أنه في أول النهار من خير الناس ثم
في الآخر يمرق من الدين، نسأل الله السلامة والعافية، فعلى
الإنسان أن يلزم الجلادة، يلزم الجادة، ويلجأ إلى ربه
ويسأله التثبيت؛ لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن،
وجاء في آخر الزمان أن الرجل يصبح مؤمناً ويمس كافراً،
والعكس، يبيع دينه بعرض من الدنيا، نسأل الله السلامة
والعافية، فالأمر مخوف.
(40/12)
ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد
الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها" مكث
على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها، وليس ذلك لبطء حفظه
-رضي الله عنه وأرضاه-، بل لأنه كان يتعلمها ويتعلم
فرائضها وأحكامها، وما فيها من علم وعمل، على ما جاء عن
الصحابة -رضوان الله عليهم- فيما ذكره أبو عبد الرحمن
السلمي، قال: "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن أنهم
كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من علم
وعمل، فتعلموا العلم والعمل جميعاً" عشر آيات، يعني فعلى
هذا يحتاج الإنسان إذا قدر أنه يتعلم عشر آيات في كل يوم
بمراجعة كلام أهل العلم عليها والتفاسير الموثوقة النظر
فيها من كل وجه، فيما جاء فيها عن النبي -عليه الصلاة
والسلام-، فيما جاء في القرآن مما يبينها، وما جاء عن
النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما جاء عن صحابته والتابعين
-رضي الله عن الجميع-، وما ذكره أهل العلم الموثوقون في
تفاسيرهم، نظر فيها من كل وجه، يحتاج في عشر الآيات يكفيه
يوم؟ نعم، مجرب هذا وإلا؟ نعم؟ هو الإنسان .. ، الأمور
نسبية يا الإخوان، شخص يبي يراجع مائة تفسير لا يستطيع،
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
في مئات التفاسير، الذي يريد أن يراجع كل ما كتب هذا لن
يستطيع أن ينتهي أبداً، لكن لو انتقى من كل نوع من أنواع
التفسير، هذا تفسير بالأثر، وهذا تفسير في أحكام القرآن،
وهذا في معانيه، وإعرابه، وبلاغته، ينتقي له عشرة تفاسير
مثلاً، وتكون هذه التفاسير ديدنه يراجع عليها القرآن كله،
أظن عشر الآيات تحتاج إلى أسبوع بهذه الطريقة، فنحتاج بعد
هذا إلى كم أسبوع؟ القرآن ستة آلاف، ستمائة في أسبوع؟ كم،
ستمائة في الأسبوع، اثنا عشر سنة، اثنا عشر سنة للقرآن
كامل، وابن عمر -رضي الله تعالى عنه- مكث يتعلم البقرة
ثماني سنين، يتعلمها.
(40/13)
أخرج الخطيب في رواية مالك عن ابن عمر قال:
"تعلم عمر –أبوه- البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها
نحر جزوراً" فنحن لا نعطي القرآن حظه ولا حقه من العناية
والاهتمام، يلاحظ على كثير من طلاب العلم يهتمون بالسنة،
وهذا خير -إن شاء الله-، خير عظيم، يهتمون بالفقه الأحكام
الحلال والحرام، وكثير مما يعنى بالعقيدة، لكن القرآن؟
كثير من طلاب العلم -ولله الحمد- لهم عناية بحفظه، لكن هل
لهم عناية بجميع ما يتعلق به من علم وعمل؟ هذا نادر، نادر
حتى في الدروس العلمية تجد نصيب القرآن منها أقل من غيره،
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟ إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش المانع؟ خليفة راشد، أمرنا بالاقتداء به، والائتساء
به، الحافظ ابن حجر لما أنهى فتح الباري صنع وليمة أكلت
ثلاثمائة دينار ذهب، هذا شكر لله -عز وجل- على تمام هذا
العمل الجليل، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
((لا يجاوز حناجرهم .. ))، ((يقرءون القرآن)) يقرءون
القرآن في هذا إشارة لما أشار إلى أن الخوارج يقرءون
القرآن، لكن على وجه لا يجاوز الحناجر، ولا يصل إلى القلب
فمعنى هذا أن المسلم يجب عليه أن يجاوز حنجرته إلى قلبه،
تكون قراءته على الوجه المأمور به.
شرح: باب: ما جاء في سجود
القرآن:
أحسن الله إليك:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في سجود القرآن:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن
سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة -رضي الله
عنه- قرأ لهم: إذا السماء انشقت، فسجد فيها، فلما انصرف
أخبرهم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سجد فيها.
وحدثني عن مالك عن نافع مولى ابن عمر -رضي الله عنهما- أن
رجلاً من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين، ثم قال: "إن هذه السورة
فضلت بسجدتين"
(40/14)
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه
قال: "رأيت عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يسجد في سورة
الحج سجدتين".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب
-رضي الله عنه- قرأ بالنجم إذا هوى فسجد فيها، ثم قام فقرأ
بسورة أخرى.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب
-رضي الله عنه- قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل
فسجد وسجد الناس معه، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى، فتهيأ
الناس للسجود فقال: "على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا
إلا أن نشاء فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا".
قال مالك -رحمه الله-: "ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا
قرأ السجدة على المنبر فيسجد".
قال مالك -رحمه الله-: "الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن
إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء".
قال مالك -رحمه الله-: "لا ينبغي لأحد يقرأ من سجود القرآن
شيئاً بعد صلاة الصبح ولا بعد صلاة العصر، وذلك أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى
تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، والسجدة
من الصلاة، فلا ينبغي لأحد أن يقرأ سجدة في تينك الساعتين.
سئل مالك -رحمه الله- عمن قرأ سجدة وامرأة حائض تسمع هل
لها أن تسجد؟ قال مالك: "لا يسجد الرجل ولا المرأة إلا
وهما طاهران".
وسئل عن امرأة قرأت سجدة ورجل معها يسمع أعليه أن يسجد
معها؟ قال مالك: "ليس عليه أن يسجد معها إنما تجب السجدة
على القوم يكونون مع الرجل فيأتمون به فيقرأ السجدة
فيسجدون معه، وليس على من سمع سجدة من إنسان يقرؤها ليس له
بإمام أن يسجد تلك السجدة".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في سجود
القرآن"
(40/15)
وسجود القرآن، سجود التلاوة سنة عند جمهور
العلماء، وأوجبه الحنفية للأمر به، للأمر به في مواضع،
وإلى الوجوب ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-،
والجمهور حملوا الأوامر الواردة فيه على الندب؛ لأن النبي
-عليه الصلاة والسلام- قرأ عليه زيد بن ثابت سورة النجم
فلم يسجد، ما سجد زيد، ولا سجد النبي -عليه الصلاة
والسلام-، وهذا الحديث في الصحيحين وغيرهم، هو يأتي ما يدل
على أن الأمر فيه سعة، نعم هو سنة مؤكدة مرتبطة بسبب، فهو
مؤكد.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد –المخزومي-
مولى الأسود بن سفيان –المخزومي- عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن أن أبا هريرة قرأ لهم" يقول الباجي: "الأظهر أنه
كان يصلي بهم"، " إذا السماء انشقت فسجد .. "، "إذا السماء
انشقت فسجد فيها فلما انصرف -من سجوده- أخبرهم أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- سجد فيها".
هذا مرفوع وإلا موقوف؟ مرفوع، وهو أيضاً في الصحيحين، وهو
سجود في المفصل، سجود في المفصل، عندنا سجود القرآن إذا
جمعنا أقوال أهل العلم كلها يكون في خمسة عشر موضعاً، خمسة
عشر موضع، في الأعراف، وفي الرعد، وفي النحل، وفي الإسراء،
وفي مريم، وفي الحج اثنتان، وفي الفرقان، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(40/16)
اصبر، اصبر، في الفرقان وفي النمل، وفي
السجدة، وفي ص، وفي حم السجدة، وفي المفصل ثلاث، خمسة عشر
سجدة، هذا إذا جمعنا جميع أقوال أهل العلم، الحنابلة
يقولون: أربعة عشر، يحذفون سجدة (ص) لأنه ليست من سجود
التلاوة، سجدة شكر عندهم، الشافعية عندهم الخمسة عشرة
كلها، الحنفية يحذفون السجدة الثانية من الحج، فيكون أربع
عشرة، المالكية عندهم إحدى عشر على ما سيأتي؛ لأنه ليس
عندهم شيء في المفصل، الثلاث التي في المفصل نعم، لا سجود
فيها عندهم، وأيضاً الحج ليس فيها إلا سجدة واحدة، فيكون
المجموع إحدى عشرة على ما سيأتي، هذا جميع ما في القرآن من
سجود التلاوة، والخلاف في (ص) هل هي من عزائم السجود أو
الشكر؟ محل خلاف بين أهل العلم، أمرها أوسع، أمرها أوسع من
غيرها، يعني لو سجد أو ما سجد ما يثرب عليه، لكن أمرها
أوسع، وتسجد حتى في الصلاة لمن شاء، لمن شاء حتى في
الصلاة، أما عند الحنابلة تبطل الصلاة، عند الحنابلة سجدة
الشكر تبطل الصلاة، أنتم تلاحظون لما كانت الصلاة في
الحرم، وكان الإمام يسجد فيها بعض الناس ما يسجد معه؛
لأنها تبطل الصلاة عندهم، وهذا حصل، رؤي بعض المشايخ ما
سجد، ثم بعد ذلك ما سجد فيها بعد ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه نعم الآن السديس ما يسجد، السديس ما سجد بعد .. ، قبل
خمس سنوات؛ لأن واحد من المشايخ ما سجد حصل يعني التشويش
ما هو بمطلوب يعني، والصلاة تنقل إلى العالم كله، والمسألة
فيها سعة -ولله الحمد-، ما أدري عن ابن طالب، لكن المقصود
أنها أمرها أخف عند أهل العلم، والخلاف فيها قوي، هل هي
سجدة تلاوة أو سجدة شكر؟ فمن سجد لا يثرب عليه، ومن لم
يسجد لا يؤمر به.
أبو هريرة -رضي الله عنه- قرأ لهم إذا السماء انشقت فسجد
فيها، وهي من المفصل، فلما انصرف من سجوده أخبرهم أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- سجد فيها، وفي هذا رد على
الإمام مالك الذي لا يرى سجود في المفصل، بهذا قال الخلفاء
الأربعة، المفصل يسجدون فيه، والأئمة الثلاثة وهو أيضاً
مروي عن مالك، لكن الذي صرح به في موطئه، لا.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه كان يسجد ثم لم يعد، بيجي كلامه -إن شاء الله-.
(40/17)
"وحدثني عن مالك عن نافع مولى ابن عمر أن
رجلاً من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب قرأ سورة الحج
فسجد فيها سجدتين –سجدتين- ثم قال: "إن هذه السورة فضلت
بسجدتين" السجدة الأولى متفق عليها، التي في الوجه الثالث،
متفق عليها، أما السجدة الثانية التي في آخرها هذه لم يقل
بها مالك ولا أبو حنيفة، لم يقل بها مالك ولا أبو حنيفة،
لكن السجود فيها قول الشافعي وأحمد، فالشافعي عنده السجدات
خمسة عشرة، وعند أحمد أربعة عشرة، وعند أبي حنيفة أربعة
عشرة، لكن عنده (ص) وليست عنده الثانية من الحج، عكس
الحنابلة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار مولى ابن عمر
أنه قال: "رأيت عبد الله بن عمر يسجد في الحج سجدتين، يسجد
في الحج سجدتين"، وروي عن عقبة مرفوعاً: ((في الحج سجدتان
من لم يسجدهما فلا يقرأهما)) وضعف الباجي إسناده، لكن احتج
به الإمام أحمد، وهو أعلم بإسناده، لكن هل يلزم أن يكون
صحيحاً ليعمل به الإمام أحمد في مثل هذا الباب، أو يعمل
بالضعيف في مثل هذا الباب؟ نعم، نحن لا نضطرب يا أخوان،
هذا حكم وإلا ليس بحكم؟ أو فضيلة من الفضائل؟ لكن هل هناك
انفكاك بين الأحكام والفضائل؟ الفضائل من السنن إذا رتب
عليها ثواب صارت تعريفها تعريف السنة، فترجع إلى الأحكام.
على كل حال المرجح أن الحج فيها سجدتان، فيها السجدتان،
هذا الحديث المرفوع وإن كان فيه ما فيه من الضعف عمل به
الإمام أحمد وهو إمام من أئمة السنة، وهو ثابت عن عمر
وابنه عبد الله بن عمر، ((من لم يسجدهما فلا يقرأهما))
يعني يترك الآية، يترك الآية، والخلاف بينهم هل يترك الآية
كاملة أو يترك موضع السجود؟ نعم، يترك لفظة السجود أو يترك
الآية كاملة؟ أقول: على خلاف بينهم في هذا.
أو تترك جميع السورة التي فيها سجدة؟ نعم، لعله تأتي إشارة
إلى مثل هذا.
(40/18)
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن
الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ في الصلاة النجم إذا هوى فسجد
فيها" فسجد فيها، وفي الصحيحين عن ابن مسعود أن النبي
-عليه الصلاة والسلام- قرأ سورة النجم فسجد فيها فما بقي
أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل كفاً من حصى أو تراب فرفعه
إلى وجهه وقال: يكفيني هذا، قال: فلقد رأيته بعد قتل
كافراً، كبر، منعه الكبر من السجود نسأل الله العافية؛
لأنه لما قرأها النبي -عليه الصلاة والسلام- سجد الناس
كلهم من المسلمين والكفار، كل من حضر، وفيها أيضاً القصة
لكن هذا قدر منها صحيح، وما عدا ذلك من القصة، التي تذكر
قصة الغرانيق باطلة عند أهل العلم، وإن قواها ابن حجر وبعض
أهل العلم، قواها ابن حجر، وكأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
لما ذكرها ما تعقبها بشيء، لكن أكثر أهل التحقيق على أنها
باطلة.
"سجد فيها" والنجم إذا هوى من المفصل، فمثل هذا يرد على
قول مالك، ثم قام فقرأ بسورة أخرى، ثم قام بعد السجود فقرأ
بسورة أخرى؛ ليقع الركوع عقب القراءة كما هو الأصل في
الركوع، بعض الناس إذا قرأ سجدة وسجد كانت في آخر سورة
مثلاً، نعم، لا يركع مباشرة، وإنما يقرأ بعدها شيء، كما
هنا "ثم قام فقرأ بسورة أخرى ليقع الركوع عقب القراءة كما
هو شأن الركوع، وهذا مستحب عند أهل العلم؛ لأن بعض الناس
قد يفوته الركوع بهذه الطريقة إذا سجد ثم قام فركع مباشرة،
بعض الناس لا تسعفه صحته وحركته أن يتبع الإمام ويلحق به
بسرعة، فقد تفوته الركعة، فالأولى أن يقرأ عقب سجوده شيئاً
ولو يسيراً، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
(40/19)
يعني هل يكبر للسجود وللرفع منه؟ هذا مبني
على أن السجود هل هو صلاة أو ليس بصلاة؟ وهذا بيجي نتعرض
له -إن شاء الله- في آخر الباب، فإذا قلنا: صلاة تفتتح
بالتكبير، تكبير سجود وتكبير رفع منه وسلام أيضاً، إذا
قلنا: صلاة، إذا كان وصف الصلاة يشملها، "كان يكبر مع كل
خفض ورفع" في الصلاة أمرها سهل، لكن خارج الصلاة نكبر
للسجود ونكبر للرفع منه؟ الذي يقول: إنها صلاة يقوله، يقول
هذا، يكبر للسجدة، ويكبر للرفع منها، ويسلم منها؛ لأنها
صلاة، يلزمه فيها جميع ما يلزم الصلاة استقبال القبلة،
والطهارة، والسترة، وستر العورة، يلزم فيها جميع ما يلزم
في الصلاة، وهذا تأتي الإشارة إليه إلى شيء منه -إن شاء
الله-، في الصلاة يكبر للهوي وللارتفاع، يكبر مع كل خفض
ورفع، إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يرفع، يعتدل ثم يركع؛ لأن الركوع لا بد أن يقع من
قيام، أن يكون من قيام، نعم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن
الخطاب" وهذا منقطع؛ لأن عروة ولد في خلافة عثمان -رضي
الله عنه- فلم يدرك عمر، "أن عمر بن الخطاب قرأ سجدة" أي
سورة فيها سجدة، وهي سورة النحل، "وهو على المنبر يوم
الجمعة، فنزل فسجد وسجد الناس معه"، نزل: يعني من المنبر،
"فسجد وسجد الناس معه، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيأ
الناس للسجود فقال: "على رسلكم" يعني على هينتكم، تمهلوا،
"إن الله لم يكتبها علينا" يعني لم يفرضها علينا، وهذا
يؤيد قول الجمهور أن سجود التلاوة سنة وليس بواجب، "إلا أن
نشاء" استثناء منقطع، أي لكن ذلك موكول إلى مشيئة المرء،
موكول إلى مشيئة المرء، "فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا" منعهم
أن يسجدوا، وعلى هذا إذا قرأ شخص آية سجدة وآخر يستمع
يستمع لقراءته لم يسجد القارئ يسجد المستمع وإلا ما يسجد؟
نعم، يأتي الخلاف فيه، يأتي الخلاف فيه -إن شاء الله
تعالى-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
(40/20)
الخلفاء الأربعة كلهم على هذا، والأئمة
الثلاثة وغيرهم، لأنهم ما خالفوه، ما في شك أنه ما في أحد
من الصحابة، هو منعهم من السجود، وفي عدم إنكار أحد من
الصحابة -رضوان الله عليهم- على عمر دليل على أنه ليس
بواجب باتفاق جميع من حضر، يعني من حضر منهم، ولعل عمر فعل
ذلك تعليماً للناس، سجد في الجمعة الأولى ولم يسجد في
الثانية تعليماً للناس هذا الحكم.
"قال مالك: "ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة
على المنبر فيسجد"، ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ
السجدة على المنبر فيسجد، لكن عمر نزل مرة ولم ينزل أخرى،
وعلى هذا الإمام مالك عمل بالمرة الأخيرة حيث لم ينزل عمر
-رضي الله عنه-، والشافعي -رحمه الله- قال: لا بأس بذلك أن
ينزل، وابن عبد البر حمل قول عمر -رضي الله عنه-: "ليس
العمل على ذلك" يعني على لزوم النزول، هو لا يلزم النزول
لأن عمر لم ينزل، لكن لو نزل لا بأس به؛ لأن عمر نزل في
المرة الأولى، وبهذا قال الشافعي.
سم.
هذا يقول: في حلقة القرآن يعني حال تعلم القرآن وتعليم
القرآن، وتكرار آية السجدة مراراً لتعلمها وتعليمها، يعني
يسجد مرة أو لا يسجد البتة أو يسجد مراراً كلما كرر؟
وهذا يقول: إذا حفظت ثمن معين وفيه سجدة هل أسجد مع كل ما
أكرر هذا الوجه ثم نغير الوجه، هل أسجد؟
(40/21)
مفاده واحد، مفاد السؤالين واحد، الجواب:
في حلقات التحفيظ وأيضاً حينما يكرر الإنسان شيئاً من
القرآن وفيه سجدة هل يسجد كلما كرر أو يسجد مرة واحدة أو
لا يسجد البتة؛ لأنه لم يقصد القراءة؟ يعني هذا من باب
الحل الوسط وإلا .. ؟ هاه؟ يعني أدى السنة بهذه السجدة،
يعني هل السجود مرتبط بالقراءة اللي هو سجود التلاوة؟ وهل
يسمى المتعلم تالي وإلا لا يسمى تالي؟ المسألة معروفة عند
أهل العلم، فهل يسجد أو لا يسجد؟ ومسألة عملية أيضاً إذا
قرأ القرآن في المطاف يسجد وإلا ما يسجد؟ إذا أقيمت الصلاة
يصلي وهو بالطواف، لكن إذا أقيمت صلاة جنازة مثلاً نقول:
هذه تفوت فيصلي الجنازة أو ينشغل بالطواف؟ هو منشغل بطواف،
لا سيما إذا كان طواف ركن عبادة، أما إذا كان نفل فالأمر
فيه سعة، يسجد ويصلي الجنازة ويعود إلى ... -نفس السؤال
هذا- ثم يعود إلى طوافه، يسجد ويعود إلى طوافه لا سيما إذا
كان الطواف نفل؛ لأن الأمر بالسجود مؤكد، مؤكد، وعلى هذا
إذا كان لا يشق السجود على العالم المعلم والمتعلم، إذا
كان لا يشق ذلك فهو الأصل، يسجد كلما قرأ آية سجدة، وإذا
كان يشق عليه فيرجى أن تكفي السجدة مرة واحدة.
يقول: عن الأعرج عن أبي هريرة أن عمر هكذا، وفي رواية أبي
مصعب سويد ...
سويد، أنا ما عرفت الإشكال الحين، ما عرفت الإشكال اللي
عنده.
يقول: وفيه عن الأعرج عنه، في رواية يحيى عن الأعرج أن
عمر.
إيه، إيه عن الأعرج أن عمر قرأ النجم إذا هوى، وهنا يقول:
قال بشار يعني الذي حقق الكتاب بشار عواد معروف، هكذا في
رواية يحيى عن الأعرج أن عمر، واستظهرت عليه عدداً من
النسخ والشروح، وفي روايات الموطأ الأخرى التي وقفت عليها
عن الأعرج عن أبي هريرة أن عمر، أن عمر هكذا، وفي رواية
أبي مصعب وسويد بن سعيد وعثمان بن عمر عند الطحاوي في شرح
المعاني ومحمد بن الحسن ويحيى بن بكير عند البيهقي.
يعني ما الذي نستفيده من هذا؟ أن الحديث متصل، الحديث
متصل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو منفرد؟
طالب:. . . . . . . . .
(40/22)
المنفرد يسجد ما عنده مشكلة، لكن الإشكال
في الإمام الذي يشوش على المأموم، وكذلك المأموم هل له أن
يقرأ آية فيها سجدة وهو مأموم؟ فعليه لا يجوز له أن يسجد
وهو خلف الإمام، فهل له أن يسجد؟ هذه مسألة حتى تأتي يعني
في أوقات النهي بعد هذا بقليل، يعني هل له أن يسجد؟ أو
يترك السجدة؟ يترك الآية، أو لا يقرأ سورة فيها سجدة في
أوقات النهي على ما سيأتي؟ كما أنه قد يقال له: لا تدخل
المسجد في وقت النهي لئلا تقع في حرج، فيه إشارات. . . . .
. . . .
يقول: "قال مالك: "الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى
عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء"، على هذا الإحدى عشرة
عند مالك في الأعراف والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم،
والحج، والفرقان، والنمل، وآلم السجدة، و (ص)، وفصلت، إحدى
عشرة، يعني إذا حذفنا الثلاث نعم، إذا حذفنا الثلاث في
المفصل، والسجدة الأخيرة من سورة الحج وأضفنا (ص)، صارت
إحدى عشرة، لحديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام-
لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة، رواه أبو
داود، حديث ابن عباس: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم
يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة" رواه أبو
داود لكنه ضعيف.
وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد في "إذا السماء
انشقت"، وأما سجوده في النجم فكان قبل .. ، قبل أن يتحول
إلى المدينة.
(40/23)
"قال مالك: "لا ينبغي لأحد" هذه المسألة من
المهمات، "قال مالك: لا ينبغي لأحد يقرأ من سجود القرآن
شيئاً بعد صلاة الصبح ولا بعد صلاة العصر" لماذا؟ لأنه
منهي عن الصلاة، هذه أوقات نهي، "لا ينبغي لأحد أن يقرأ من
سجود القرآن شيئاً بعد صلاة الصبح ولا بعد صلاة العصر،
وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد
الصبح حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب
الشمس، والسجدة من الصلاة"، على كل حال من يقرر أنها صلاة
وهو قول الأكثر يقول: حكمها حكم ذوات الأسباب، وكل على
مذهبه في هذا، كل على مذهبه في هذا، فالذي يقول: تفعل ذوات
الأسباب في أوقات النهي يقول: هذه ذات سبب، والذي يقول: لا
تفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي وهو قول الحنفية
والمالكية والحنابلة، الشافعية يقولون: تفعل ذوات الأسباب
أوقات النهي، فعلى هذا يسجد بعد العصر وبعد الصبح من هذه
الجهة، الذي يقول: إن سجود التلاوة ليس بصلاة يسجد على كل
حال، لكن ينبغي أن يلاحظ شيء وهو: أن الممنوع عند طلوع
الشمس وعند غروبها السجود لعدم مشابهة الكفار؛ لأنهم
يسجدون، ما هو يصلون فكيف نقول: إن هذا لسجدة ليست بصلاة،
ليست بصلاة، إذاً نسجد في كل وقت ونحن جاءنا النهي عن
الصلاة في هذه الأوقات ثم نسجد والمنهي عنه في الحقيقة
السجود؟ فالذي يقول: إن السجود ليس بصلاة يسجد في أي وقت
وعلى أي حال، ولا إشكال عنده، لكن يبقى هذا الإشكال الدقيق
حتى على قول من يقول: إنها ليست بصلاة، ونظيره سعي المرأة
يقول أهل العلم: المرأة لا تسعى سعياً شديداً نعم، والحكمة
منه، وسبب مشروعيته امرأة، نعم، فكيف نقول: يسعى الرجل ولا
تسعى المرأة؟ والأصل في مشروعيته امرأة؟ وهنا نقول: السجود
ليس بصلاة فاسجد حيثما شئت، أي وقت شئت، حتى مع وقت الطلوع
والغروب لأنها ليست بصلاة وأنت منهي عن الصلاة، "ثلاث
ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي
فيهن" ونهى عن الصلاة بعد الصبح والصلاة بعد العصر، فالنهي
عن الصلاة وهذه ليست بصلاة إذاً اسجد، والدليل على أن
السجود ليس بصلاة عند بعضهم أن ابن عمر كان يسجد على غير
طهارة فليس بصلاة، فإذا لم يأخذ حكم الصلاة لا يدخل في
النهي
(40/24)
عن الصلاة في هذه الأوقات، لكن المسألة لا
تسلم من أمر خفي يجعل عند الإنسان وقفة، لكن يبقى أن عامة
أهل العلم لا يرون المرأة عليها سعي، فهل نقول مثل هذا؟ ما
دام جاءنا النهي عن الصلاة وهذا عند بعضهم ليس بصلاة، إذاً
لا يدخل في النهي بغض النظر عن سبب المنع من الصلاة في هذه
الأوقات؟ والمرأة لا تسعى سعياً شديداً لئلا تنكشف كما
يقول أهل العلم بغض النظر عن أصل المشروعية، قد يقول قائل:
إنه ليس بحضرتها أحد، ليس بحضرتها أحد حينما سعت سعياً
شديداً، وهي محتاجة إلى هذا الأمر، فهل للمرأة إذا أمنت من
وجود من يطلع عليها من الرجال أن تسعى سعياً شديداً أو
يقال: يطرد في حقها هذا فلا تسعى؟
يقول: "لا ينبغي لأحد يقرأ من سجود القرآن شيئاً بعد صلاة
الصبح ولا بعد صلاة العصر"، لا يقرأ السجود أصلاً عنده،
لكن إذا قرأ يسجد وإلا ما يسجد؟ عنده لا يسجد، "وذلك أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد الصبح
حتى تطلع الشمس، ونهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب
الشمس"، والناس عموماً في هذه البلاد كانوا على هذا القول؛
لأنه هو المعروف عند الحنابلة، سجود التلاوة صلاة، والصلاة
منهي عنها في هذه الأوقات إذاً لا تسجد، "والسجدة من
الصلاة فلا ينبغي لأحد أن يقرأ سجدة -يقرأ سجدة- في هاتين
الساعتين"، وهذا نظير من منع دخول المسجد في هذه الأوقات،
نعم، وإلا فما المانع أن يقرأ السجدة ولا يسجد لأنه ممنوع
من الصلاة، يدخل المسجد ولا يصلي لأنه ممنوع من الصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، والله ما في شك لو أن الإنسان امتنع في الأوقات
المضيقة لا شك أنه أحوط، إذا امتنع عن السجود في الأوقات
المضيقة، وامتنع عن الصلاة ولو كانت ذات سبب في الأوقات
المضيقة، والمسألة يعني لا تعدو ربع ساعة، لا تزيد على ربع
ساعة في هذه الأوقات، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟ يسجد في المقبرة؟ لا، لا، لا ما يسجد، ما في المقبرة
من شيء يطلق عليه صلاة إلا صلاة الجنازة، ما ورد إلا هي،
حتى قراءة القرآن فيها ما فيها في المقبرة نعم.
(40/25)
"والسجدة من الصلاة، فلا ينبغي لأحد أن
يقرأ سجدتين في تينك الساعتين" قال الباجي: "وهذا كما قال؛
لأن سجود التلاوة لما كانت صلاة وجب أن يكون لها وقت كسائر
الصلوات" أقول: وقياس منع القراءة في هذين الوقتين منع
دخول المسجد فيهما لا لذات القراءة ولا لذات الدخول، وإنما
لما يطلبه الدخول، ولما تطلبه القراءة، لما يطلبه الدخول
من صلاة، وما تطلبه القراءة من سجود، على كل حال كل على
مذهبه في هذه وأنكم عندكم من تقتدون به، إن فعلتم أو
تركتم.
خلونا نكمل يا الإخوان.
"سئل مالك عمن قرأ سجدة وامرأة حائض تسمع"، "سئل مالك عمن
قرأ سجدة وامرأة حائض تسمع هل لها أن تسجد؟ قال مالك: "لا
يسجد الرجل ولا المرأة إلا وهما طاهران"، إلا وهما طاهران،
وذلك لأن سجود التلاوة صلاة عنده، فكان من شرطها الطهارة
كسائر الصلوات، وحكى ابن عبد البر الإجماع على ذلك، أنها
صلاة، حكى ابن عبد البر الإجماع على ذلك، لكن في البخاري:
"وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء"، وكان ابن عمر يسجد على
غير وضوء، وقال ابن حجر: "لم يوافق ابن عمر على ذلك، لم
يوافق ابن عمر على ذلك إلا الشعبي وأبو عبد الرحمن السلمي،
رواهما ابن أبي شيبة".
وروى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عمر قال: "لا يسجد الرجل
إلا وهو طاهر، عن ابن عمر قال: لا يسجد الرجل إلا وهو
طاهر"، ولعل مراده هنا الطهارة من الحدث الأكبر، لكي يتفق
ما روي عنه.
سم.
طالب:. . . . . . . . .
إذا خلت المسألة من دليل، وصار المسألة فيها مجرد فهم،
يعني هل تدخل في نصوص الصلاة أو لا تدخل؟ فنرجح بقول
الصحابي مثل ابن عمر نعم، لكن قول ابن عمر لا يرجح على قول
جماهير أهل العلم، حتى نقل فيه الاتفاق، ونقل عن ابن عمر
-رضي الله عنهما- أنه قال: "لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر"
فالطهارة متعينة، إذا قلنا: إنها غير صلاة؟ افعل ما شئت،
إذا قلت: ليست بصلاة افعل ما شئت، وإذا قلت: صلاة لا بد أن
تتوافر جميع شروط الصلاة، نكمل يا الإخوان.
(40/26)
"وسئل عن امرأة قرأت سجدة ورجل معها يسمع
أعليه أن يسجد معها؟ قال مالك: ليس عليه أن يسجد معها"،
ورأي الإمام مالك أن الساجد لا بد أن تتوافر فيه شروط
الإمامة، القارئ لا بد أن تتوافر فيه شروط الإمامة، وهذا
المعروف عند الحنابلة، أنه إذا لم يكن يصلح إمام للمستمع
لا يسجد وراءه؛ لأنه كالإمام له.
(40/27)
قال مالك: "ليس عليه أن يسجد معها إنما تجب
-يعني تتأكد وإلا فهي سنة عنده- إنما تجب السجدة على القوم
يكونون مع الرجل فيأتمون به -يعني يستمعون لقراءته، وحينئذ
يأخذ حكم الإمام- فيقرأ السجدة فيسجدون معه، وليس على من
سمع سجدة من إنسان يقرؤها ليس له بإمام" على من سمع يعني
هل الإمام يفرق بين السامع والمستمع؟ فيأتمون به، يعني
يستمعون، المستمع في حكم المؤتم، وليس على من سمع، يعني
مجرد سماع، من سمع سجدة من إنسان يقرأها ليس له بإمام،
يعني لا يستمع بقراءته "أن يسجد تلك السجدة"، يعني فرق بين
السامع والمستمع، المستمع كأنه اعتمد واعتبر هذا القارئ
إمام فيسجد معه، أما مجرد السماع، مرور الكلام على الأذن
من غير قصد الاستماع هذا لا يأخذ حكم المستمع، يقول
الباجي: "المرأة لا يجوز الائتمام بها فلا يصح السجود
معها"، ويقول أيضاً: "إن لم يسجد القارئ، إن لم يسجد
القارئ فهل يسجد المستمع؟ إن لم يسجد القارئ فهل يسجد
المستمع؟ " إحنا اعتبرنا القارئ كالإمام إذاً إذا لم يسجد
لا يسجد المستمع، هنا يقول: "روى ابن القاسم عن مالك يسجد
المستمع، وقال مطرف وابن الماجشون: لا يسجد المستمع"، لا
شك أن المسألة لها مأخذان الذي يقول: يسجد المستمع ولو لم
يسجد القارئ يقول: كل منهما مأمور بالسجود، كل منهما مأمور
بالسجود، فكون القارئ يقصر فيما أمر به لا يعفي المستمع،
ووجه القول الثاني: أنه لا يسجد إلا إذا سجد القارئ أن
القارئ بمنزلة الإمام فلا يسجد المؤتم إلا بسجود إمامه،
فوجه الأول: أن سجود التلاوة يلزم القارئ والمستمع فإذا
ترك القارئ ما ندب إليه فعلى المستمع أن يأتي به، يعني
نظير لو الإمام ما يرفع يديه في الصلاة، ما يرفع يديه هل
نقول: أنت تأتم بإمامك لا ترفع يديك؟ لا، ليس ذلك، لا يقال
ذلك، ووجه الثاني: أن القارئ إمام فلا تصح مخالفته، وقال
أبو حنيفة: يسجد السامع من رجل وامرأة، يسجد السامع يعني
ولو لم يقصد الاستماع، سم.
شرح: باب: ما جاء في قراءة قل
هو الله أحد، وتبارك الذي بيده الملك:
أحسن الله إليك:
باب: ما جاء في قراءة: قل هو الله أحد، وتبارك الذي بيده
الملك:
(40/28)
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد
الله بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله
عنه- أنه سمع رجلاً يقرأ: قل هو الله أحد يرددها، فلما
أصبح غدا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له
وكأن الرجل يتقآلها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن)).
وحدثني عن مالك عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد بن
حنين مولى آل زيد بن الخطاب أنه قال سمعت أبا هريرة -رضي
الله عنه- يقول: "أقبلت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فسمع رجلاً يقرأ: قل هو الله أحد، فقال رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-: ((وجبت)) فسألته ماذا يا رسول الله؟
فقال: ((الجنة)) فقال أبو هريرة: "فأردت أن أذهب إليه
فأبشره ثم فرقت أن يفوتني الغداء مع رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-، فآثرت الغداء مع رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-، ثم ذهبت إلى الرجل فوجدته قد ذهب".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف
أنه أخبره أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وأن تبارك
الذي بيده الملك تجادل عن صاحبها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في قراءة قل
هو الله أحد، وتبارك الذي بيده الملك"
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن
أبي صعصعة" وهذا هو المحفوظ في اسمه، "عبد الرحمن بن عبد
الله بن أبي صعصعة عن أبيه" هذا هو المحفوظ، وكذا هو في
البخاري، وأيضاً في الموطأ، وهو مروي عن مالك من وجوه، عند
الدارقطني والإسماعيلي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي
صعصعة، عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة على القلب،
والمحفوظ عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة "عن أبيه عن
أبي سعيد الخدري أنه سمع رجلاً يقرأ: قل هو الله أحد"، أنه
سمع رجلاً، فالسامع من؟ أبو سعيد، السامع أبو سعيد، عن أبي
سعيد أنه سمع رجلاً، فهو السامع، والذي في البخاري: أن
رجلاً سمع رجلاً، عن أبي سعيد أن رجلاً سمع رجلاً.
(40/29)
قال ابن حجر: "لعل السامع أبو سعيد"، لعل
السامع أبو سعيد، جاء به على طريق الترجي من غير جزم، وهنا
يقول: "عن أبي سعيد أنه سمع رجلاً" هذا بالجزم، لعل السامع
أبو سعيد راوي الحديث؛ لأن أبا سعيد أخ لعبد الله بن أبي
صعصعة، أخ للقارئ، أخ للقارئ من أمه، يقول ابن حجر: "لعل
السامع أبو سعيد راوي الحديث؛ لأنه أخوه لأمه" يعني أخ
للرجل الذي كان يردد قل هو الله أحد، وهو قتادة بن النعمان
كما في رواية أحمد، هو أخوه لأمه، وهو أيضاً جار له، يسمع
قراءته بالليل، وبذلك جزم ابن عبد البر، فكأنه أبهم نفسه،
وهنا مصرح به عن أبي سعيد أنه سمع رجلاً يقرأ قل هو الله
أحد يرددها، يرددها هذا القارئ، وجاء في رواية أحمد تبيين
المهمل بأنه قتادة بن النعمان، يرددها لا يزيد عليها حتى
أصبح، يعني في الليل كله يردد قل هو الله أحد، قل هو الله
أحد، "فلما أصبح غدا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فذكر له ذلك" من الذي ذكر؟ الرجل المردد وإلا الذي سمعه؟
الذي سمعه وهو أبو سعيد كما عندنا، "فلما أصبح غدا إلى
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له وكأن الرجل
-السائل أبو سعيد- يتقآلها" يعني يعتقد أنها قليلة، يعتقد
أنها قليلة، "يتقآلها فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: ((والذي نفسي بيده)) " قسم منه -عليه الصلاة
والسلام- وكثيراً ما يقسم، ويحلف من غير استحلاف على
الأمور المهمة، والذي نفسه بيده، ونفس غيره بيده هو الله
-جل وعلا-، وفيه إثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق
بجلاله وعظمته، ((إنها لتعدل ثلث القرآن)) "، ((إنها لتعدل
ثلث القرآن)) من أي وجه تعدل ثلث القرآن؟ هل معنى هذا أن
من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات يكون أجره كمن قرأ القرآن
كاملاً، أو أنها من حيث المعنى؛ لأنها مشتملة على توحيد،
والقرآن ثلاثة أثلاث؛ لأن فيه الأحكام والأخبار والتوحيد،
الأحكام والأخبار والتوحيد، وقد اشتملت على القسم الثالث،
الذي هو التوحيد، فصارت ثلثاً بهذا الاعتبار، صارت ثلثاً
بهذه الاعتبار؛ لأنها مشتملة على الثلث الثالث، هل يلزم من
ذلك تساوي الأثلاث أو لا يلزم؟ يعني حينما يقال: الفرائض
نصف العلم، هل معنى هذا أن الفرائض في كفه وبقية العلوم
(40/30)
في كلها كفة؟ أو أن العلوم لما كانت إما أن
تتعلق بأمور الحياة أو بأمور الوفاة صارت نصفاً بهذا
الاعتبار؟ نعم، يعني ما يلزم التساوي بين الأثلاث، وعلى
هذا من قرأ قل هو الله أحد لا يحصل من الأجر على ثلث قراءة
القرآن، ها يا الإخوان؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه
طالب:. . . . . . . . .
يعني الحرف بحسنة واحدة وإلا بعشر حسنات وإلا؟ الأقوال -يا
الإخوان- كثيرة جداً في هذه المسألة، وفي بعضها بعد شديد،
من أهل العلم من قال: إن قراءتها وترديدها الليل كله يعدل
ثلث القرآن، يعني كأن هذا الشخص قرأ ثلث القرآن؛ لأنه
رددها الليل كله، المدة التي رددها في هذه .. ، ترديده هذه
المدة يعادل قراءة ثلث القرآن، نعم، إذاً ما لها مزية، ليس
لها مزية، يعني كأن هذا اللي ردد قل هو الله أحد الليل
كأنه قرأ عشرة أجزاء؛ لأن ترتيب الأجر على الحروف هل يعني
هذا من غير تكرار؟ أو لو ردد جزء عشر مرات كأنه قرأ ثلث
القرآن؟ يعني هل يختلف الأمر في قراءة عشرة أجزاء أو ترديد
جزء عشر مرات بالنسبة لأجر الحروف، يختلف وإلا ما يختلف؟
ما يختلف الأمر يصدق عليه أنه قرأ عشرة أجزاء، قرأ مائة
ألف حرف، سواءً ردد الجزء عشر مرات، أو قرأ عشرة أجزاء،
هذا يقول: ترديد قل هو الله أحد في هذه المدة التي لو قرأ
فيها عشرة أجزاء استوعب الوقت، هذا قول قريب وإلا بعيد؟
أما الوعد إذا جاء من ممن لا يخلف الميعاد، وحمله على أوسع
ما ينبغي هو المتعين؛ لأن هذا هو المظنون بالله -جل وعلا-،
فضل الله لا يحد، لكن لا يعني أن من حلف أن يقرأ القرآن
يقال له: يكفي أن تقرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات، كما أنه
من حلف أن يصلي خمس وخمسين سنة مثلاً ما يكفيه أن يقال: صل
فرض واحد في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، لكن مع ذلك
المضاعفة حاصلة، والأجر ثابت، وفضل الله لا يحد، وهي بثلث
بالاعتبار الذي ذكرناه؛ لأن القرآن ثلاثة أثلاث: أحكام
وأخبار وتوحيد، وهي مشتملة على التوحيد.
(40/31)
منهم من حمل المثلية على تحصيل الثواب،
فقال: معنى كونها ثلث القرآن أن ثواب قراءتها يحصل القارئ
مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن, وقيل: مثله بغير تضعيف، مثله
بغير تضعيف، يعني من قرأ قل هو الله أحد كان بمثابة من قرأ
عشرة أجزاء، وعشرة الأجزاء معروف أن ثوابها، الحرف بعشر
حسنات، يعني مليون حسنة، لكن الله -جل وعلا- يضاعف لمن
يشاء، فقد يضاعف لصاحب العشرة أجزاء إلى أضعاف كثيرة، لكن
من قرأ قل هو الله أحد من غير مضاعفة، لكن هذا ما يدل عليه
دليل، نعم هو تحكم، هي دعوى بغير دليل.
ويقول ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: "من لم يتأول هذا
الحديث أخلص ممن أجاب فيه بالرأي" نعم، أخلص ممن أجاب فيه
بالرأي، الذين يتأولون الحديث يفرون من أي شيء؟ يفرون من
شيء وهو خشية أن يتكل الناس على ما جاء في ثواب هذه السورة
فيترك القرآن، يقول: لماذا أجلس عشر ساعات أقرأ القرآن
وأنا بإمكاني أقرأ القرآن في دقيقة، نعم، أقرأ قل هو الله
أحد ثلاث مرات وينتهي الإشكال، بدلاً من أجلس أقرأ القرآن
عشر ساعات، سبع ساعات، ثمان ساعات، كل عاد على حسب طريقته،
هم يفرون من هذا، فيخشون أن يأتي من يقول: وليش تكلف نفسك
تقرأ القرآن وأنت بإمكانك في دقيقة واحدة تقرأ القرآن؟ هذا
الذي يجعلهم يقولون: إن قراءة قل هو الله أحد تعدل ثلث
القرآن من غير مضاعفة.
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- له كتاب نفيس اسمه: (جواب
أهل العلم والإيمان في بيان أن قل هو الله أحد تعدل ثلث
القرآن) مطبوع أكثر من مرة، وهو كتاب نفيس، والحديث فيه
دليل على فضل هذه السورة، دليل على فضل هذه السورة، جاء
الترغيب في قراءتها عشر مرات، ثوابه؟
نعم ((بنى الله له بيتاً في الجنة))، ((من قرأ قل هو الله
أحد عشر مرات بنى الله له بيتاً في الجنة))، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، أقل أحواله أنه حسن، لا مصحح، مصحح، صححه الشيخ،
الألباني صححه.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو مصحح، أقل أحواله أنه حسن.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ إيه لا من قرأ، هكذا ((من قرأ قل هو الله أحد عشراً
بنى الله له بيتاً في الجنة)).
(40/32)
مثل هذه الأمور أنت اعمل ولا تحصي، اعمل
ولا تحصي، اترك الإحصاء لله -جل وعلا-، لكن من باب الترغيب
في هذه السورة نعم يؤتى بمثل هذه النصوص، والترغيب في
قراءة القرآن ((من قرأ حرفاً كان له .. ، كتب الله له عشر
حسنات))، ((ولا أقول: آلم حرف .. )) بعد ذلك هل الحرف قد
مر بنا، هل المراد به حرف المبنى أو حرف المعنى؟ المسألة
خلافية بين أهل العلم، واللائق بفضل الله -جل وعلا- أن
المراد به حرف المبنى، ليحوز قارئ القرآن على أكثر من
ثلاثة ملايين حسنة، والله يضاعف لمن يشاء، وجاء في المسند
أن الله -جل وعلا- يضاعف لبعض عباده، إلى ألفي ألف حسنة،
مليونين حسنة، لكن الحديث ضعيف، الحديث ضعيف، وفضل الله لا
يحد، إذا كان آخر أهل الجنة دخولاً الجنة، آخرهم أدناهم
وما فيهم دني، نعم، من يقال له: تمنَ، يكفيك ملك أعظم ملك
في الدنيا؟ فيقول: أي ربي، يكفيه، فيقال: لك مثله وعشرة
أمثاله، عشرة أضعاف.
(40/33)
"مولى آل زيد بن الخطاب" أخي عمر -رضي الله
عنه- "أنه قال: سمعت أبا هريرة يقول: "أقبلت مع رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- فسمع رجلاً يقرأ قل هو الله أحد"
يعني السورة بتمامها، "فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: ((وجبت)) فسألته ماذا يا رسول الله؟ يعني ماذا أردت
بقولك: ((وجبت))؟ "فقال: ((الجنة))، فقال أبو هريرة:
"فأردت أن أذهب إليه فأبشره" بهذه البشارة العظيمة، "ثم
فرقت –خفت- أن يفوتني الغداء مع رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-، فآثرت الغداء" زعم ابن وضاح أن المراد بالغداء صلاة
الغداة، كأنه ينزه أبا هريرة من أن يؤثر الغداء على بشارة
أخيه بما يسره، كأنه يربأ بأبي هريرة من إيثار الغداء الذي
هو الطعام على بشارة أخيه بما يسره، يقول: "فآثرت الغداء"
لكن لا يعرف في كلام العرب إطلاق الغداء على صلاة الغداة،
وإنما الغداء هو ما يؤكل بالغداة، وكان أبو هريرة -رضي
الله تعالى عنه- قد لزم النبي -صلى الله عليه وسلم- على
شبع بطنه، على شبع بطنه، لكن هذا مما يمدح به أو يذم؟ مما
يمدح به، مما يمدح به -رضي الله عنه وأرضاه-، حيث تفرغ،
تفرغ من كل شيء من أمور الدنيا، إلا ما يقيم صلبه، تفرغ
للآخرة، تفرغ لحمل الدين والعلم، حافظ الأمة على الإطلاق،
والذي يجد في نفسه شيء من هذا الرجل بعد دعوة النبي -صلى
الله عليه وسلم- بأن يحببه الله إلى الناس ويحبب الناس
إليه، هذا على خطر، وثبت أن شخصاً في مجلس قدح في أبي
هريرة فنزلت حية من السقف فلسعته فمات، فمات، -رضي الله
عنه وأرضاه-، هذه قصة ثابتة ما فيها إشكال، يرويها الثقات
فهي ثابتة، معروفة عند أهل العلم، وتذكر في مناقبه، لزم
النبي -عليه الصلاة والسلام- على شبع بطنه فقط، يكفيه ما
يقيم صلبه، لم ينشغل بحطام الدنيا وجمعها، وقد ذكر عن نفسه
هذا، وأما إخوانه من الأنصار وإخوانه من المهاجرين انشغلوا
بأمور الدنيا، ألهاهم الشغل في أعمالهم من الحرث والصفق في
الأسواق، أما هو -رضي الله عنه وأرضاه- تفرغ لحفظ الدين؛
لأنه لو فاته الغداء، احتاج، احتاج إلى أحد أمرين: إما أن
ينشغل بطلبه فيفوته ما يفوته من العلم، أو يتكفف الناس
ويسأل، فآثر هذا، والله المستعان، يقول: "فآثرت الغداء مع
(40/34)
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ذهبت
إلى الرجل فوجدته قد ذهب".
هذا الرجل أجره لن يضيع، أجره لن يضيع، والخيرة فيما اختار
الله، وما يدريك لعله لو بشره لاتكل، نعم، وهذا لا يتعين
تبليغه، مثل هذا لا يتعين، نعم، هو آثره على كل حال إما
لأنه غداء مع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو
الأصل؛ لأنه إن فاته هذا فلا بد من طلبه، لا يمكن أن
يستغني عن الغداء، لا بد من طلبه، فإما أن يتكفف الناس
ويسأل، وهذا لا شك أنه جاء ذمه، أو ينشغل بطلبه من وجوهه
فيحتاج إلى أن ينشغل عن حمل الدين والعلم.
والحديث مخرج عند الترمذي، وفي المسند والنسائي والحاكم
وهو صحيح، الحديث صحيح.
هذا فضل قل هو الله أحد، جاء في فضل إذا زلزلت وأنها نصف
القرآن، والكافرون تعدل ربع القرآن، هذا عند الترمذي
والحاكم من حديث ابن عباس لكنه ضعيف، وأخرج الترمذي وابن
أبي شيبة من طريق سلمة بن وردان عن أنس: أن الكافرون
والنصر تعدل كل منهما ربع القرآن، وإذا زلزلت كذلك، وهو
أيضاً ضعيف.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن
بن عوف -الزهري المدني- أنه أخبره أن قل هو الله أحد تعدل
ثلث القرآن"، وهذا تقدم مرفوعاً، "وأن تبارك الذي بيده
الملك تجادل عن صاحبها" أي قراءتها تدفع غضب الرب، وتجيب
عن السؤال، تجادل {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ
عَن نَّفْسِهَا} [(111) سورة النحل].
وعند الترمذي وغيره جاء وصفها بأنها المانعة والمنجية،
تنجي من عذاب القبر، حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله
عليه وسلم- قال: ((إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل
حتى غفر له، وهي سورة تبارك الذي بيده الملك)) وهو حديث
صحيح، المقصود أن قل هو الله أحد قراءتها في كل ليلة جاء
أنها تنجي صاحبها من عذاب القبر، قراءة تبارك الذي بيده
الملك من غير تسمية هذا لا إشكال فيه، من غير تسمية، وأنها
سورة آياتها ثلاثون هذا صحيح جزماً، والتسمية بأنها سورة
الملك جاءت أيضاً بطرق يشد بعضها بعضاً، وهل في القرآن
سورة ثلاثون آية غيرها؟
طالب:. . . . . . . . .
ثلاثين؟ السجدة؟ نعم، على كل حال ورد تعيينها بأنها سورة
الملك، أنها سورة الملك بطرق يشد بعضها بعضاً، ونعم؟
(40/35)
طالب:. . . . . . . . .
ما شاء الله، من حفظ حجة على من لم يحفظ، الحافظ حجة، فعلى
المسلم لا سيما طالب العلم أن يحرص على ما جاء الترغيب
فيه، فيحرص على سورة الإخلاص، يحرص على سورة الملك، يحرص
على الزهراوين، يحرص على الفاتحة، يحرص على آية الكرسي،
يحرص على المعوذتين، يحرص على أواخر البقرة، كل ما جاء
الحث عليه، ويحرص على القرآن كله، يحرص على القرآن كله، كل
حرف عشر حسنات، من يحصل على مثل هذه الأجور بأيسر
الأسباب؟! يعني بالإمكان أن يقرأ الإنسان بعد صلاة الصبح
إلى أن ترتفع الشمس أكثر من أربعة أجزاء على الراحة، وبهذا
يكون قد قرأ القرآن في سبع، والله المستعان.
هذا يقول: هناك قصة معاصرة ذكرها أحد العلماء عن أبي هريرة
حيث هناك يقول: هناك رجل يطعن في أبي هريرة معاصر، ويكثر
من ذلك، وألف في ذلك، وقد نصح، ولكن لم يجدِ ذلك، ثم سافر
إلى بلده أحد طلبة العلم لينصحه فدخل عليه في بيته، فإذا
هو في النزع الأخير، وقد اسود وجهه وهو يصح آه أبو هريرة،
آه أبو هريرة، ثم مات على هذه الخاتمة، نسأل الله حسن
الخاتمة.
فالأمر ليس بالسهل؛ لأن الطعن في أبي هريرة لا لذات أبي
هريرة، لا تجدون من يطعن في أبيض بن حمال اللي ما له إلا
حديث واحد، ما تجدون أبداً، المقلون من الصحابة لا أحد
يطعن فيهم من المبتدعة؛ لأن المبتدعة إذا طعنوا في أبي
هريرة ارتاحوا من جل السنة، أكثر السنة خلاص انتهوا منها،
إذا جاءت عن طريق هذا الرجل وهو رجل مطعون فيه غير ملزمة،
فالطعن في أبي هريرة لا لذات أبي هريرة، وإنما لما يحمله
أبو هريرة من علم، حافظ الأمة على الإطلاق، لا يوجد في
الصحابة من يقاربه ولا يدانيه، والله أعلم. وصلى الله وسلم
وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(40/36)
الموطأ - كتاب
القرآن (4)
شرح: باب: ما جاء في ذكر الله -تبارك وتعالى-، وباب: ما
جاء في الدعاء.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سم.
شرح: باب: ما جاء في ذكر الله
-تبارك وتعالى-:
أحسن الله إليك:
باب: ما جاء في ذكر الله -تبارك وتعالى-:
حدثني يحيى عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح
السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- قال: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في
يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة،
ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك
حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر
من ذلك)).
وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن
أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة
حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)).
وحدثني عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن
عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال:
"من سبح دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وكبر ثلاثاً وثلاثين،
وحمد ثلاثاً وثلاثين، وختم المائة بلا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير،
غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر".
وحدثني عن مالك عن عمارة بن صياد عن سعيد بن المسيب أنه
سمعه يقول في الباقيات الصالحات: "إنها قول العبد: الله
أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول
ولا قوة إلا بالله".
وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد أنه قال: قال أبو
الدرداء -رضي الله تعالى عنه-: "ألا أخبركم بخير أعمالكم
وأرفعها في درجاتكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من
إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا
أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ " قالوا: بلى، قال: "ذكر الله
تعالى".
(41/1)
قال زياد بن أبي زياد: وقال أبو عبد الرحمن
معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى
له من عذاب الله من ذكر الله".
وحدثني مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن علي بن يحيى
الزرقي عن أبيه عن رفاعة بن رافع -رضي الله عنه- أنه قال:
"كنا يوماً نصلي وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
فلما رفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه من الركعة،
وقال: ((سمع الله لمن حمده)) قال رجل وراءه: ربنا ولك
الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من المتكلم آنفاً؟ ))
فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-: ((لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم
يكتبهن أولاً)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في ذكر الله
-تبارك وتعالى-"
وما تقدم في القرآن الذي هو أعظم الأذكار، ثم أردفه بالذكر
الأعم، والذكر يشمل القرآن وغير القرآن، فالقرآن من أعظم
الأذكار، وأخص الأذكار، وأفضل الأذكار، وجاء وصفه، تفضيله
على سائل الكلام، وأن فضله على سائل الكلام كفضل الله على
خلقه.
هو الكتاب الذي من قام يقرأه ... كأنما خاطب الرحمن
بالكلمِ
ويكفيه أنه كلام الله، فعلى طالب العلم أن يكون ديدنه
النظر في كلام الله -جل وعلا-، وذكرنا مراراً مع الأسف
الشديد أن كثير من طلاب العلم وإن حفظوا القرآن فقد هجروه،
لا يكون لهم ورد يومي من تلاوة ونظر وتدبر وعلم وعمل، على
الطريقة التي ذكرت سابقاً عن الصحابة وسلف هذه الأمة
وخيارها.
"باب: ما جاء في ذكر الله تبارك تعالى"
(41/2)
الذكر شأنه عظيم، {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ
كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [(35) سورة الأحزاب] ((سبق
المفردون)) جاء في فضله نصوص كثيرة جداً، وهو من أسهل
الأعمال وأيسرها، بالإمكان والإنسان جالس قائم قاعد
{يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ
جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] لا يكلف شيء، ولو عود
المسلم نفسه على أن يكون لسانه رطباً بذكر الله -جل وعلا-
ما دب اليأس إلى قلبه، ولا حزن، ولا لحقه هم ولا نصب؛ لأنه
يحزن على إيش؟ إن فاته شيء من أمر الدنيا فالباقيات
الصالحات خير من الدنيا كلها، وإن جلس ينتظر -ومن أشق
الأمور على النفس الانتظار- لكن إذا كان يذكر الله وهو
ينتظر لا يضيره أن يتأخر صاحبه ساعة أو أكثر أو أقل، بل
إذا جرب الذكر وأنس بالله -جل وعلا- يتمنى أن صاحبه لا
يحضر، يتمنى أن يتأخر صاحبه، وفي الذكر أكثر من مائة
فائدة، أكثر من مائة فائدة ذكرها العلامة ابن القيم في
الوابل الصيب، ومن أهمها يقول: أنه يطرد الشيطان، ويقمعه،
ويكسره، ومنها: أنه يرضي الرحمن -عز وجل-، ومنها: أنه يزيل
الهم والغم عن القلب، ومنها: أنه يجلب للقلب الفرح والسرور
ومنها: أنه يقوي القلب والبدن، ومنها: أنه ينور الوجه
والقلب، ويجلب الرزق، ويكسو الذاكر المهابة والنضرة،
ومنها: أنه يورث المحبة التي هي روح الإسلام، وقطب رحى
الدين، ومدار السعادة والنجاة، ومنها: أنه يورث المراقبة،
الذي ديدنه ذكر الله -جل وعلا-، ولسانه دائماً رطب بذكر
الله -جل وعلا-، لا شك أن الذي بعثه على ذلك مراقبة الله
-جل وعلا-، فالإكثار من ذكر الله -جل وعلا- يورث المراقبة،
فيدخل الإنسان في مرتبة الإحسان، إلى غير ذلك مما ذكره ابن
القيم -رحمه الله تعالى-.
الذكر: الذكر باللسان فقط يترتب عليه ما وعد به من قال كذا
فله كذا، يترتب عليه هذا، لكن إذا صحب الذكر باللسان حضور
القلب والتدبر والعمل بما يقتضيه هذه الأذكار فأمر .. ،
قدر زائد لا يعرف قدره إلا الله -جل وعلا-، ولذا جاء فيه
ما يأتي من الفضل العظيم، يعني: "أفضل من أن تلقوا عدوكم"
على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى- قريباً.
(41/3)
نعم من أعظم الفوائد -كما نبه الشيخ-: ((من
ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، من ذكرني في ملأ ذكرته في
ملأ خير منه)) يعني لو أن واحداً منا -وهذا يوجد على كافة
المستويات- لو أن الملك مثلاً أو أمير جالس مع أحد من أهل
العلم أو كذا، وقال: فلان ماذا فعل؟ وفلان .. ، ثم يخبر
فلان بأن الملك ذكره، ما ينام تلك الليلة، ما يجيه النوم،
قطعاً ما ينام، هذا شيء شاهدناه، ومن الذي ذكره؟ مخلوق لا
يقدم ولا يؤخر، لا يقدم ولا يؤخر، لكن إذا ذكره الله -جل
وعلا-: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي))، والله
المستعان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا بد من أن يكون كلام، ذكر، في نفسه هذا تأمل، هذا
ذكر قلب، ذكر قلبي، وهو محمول على أنه مع حركة اللسان، لكن
من غير حضور أحد؛ لأن التأمل القلبي تفكر هذا ما هو بذكر.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن سمي -مصغر- مولى أبي بكر بن
عبد الرحمن بن الحارث عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قال: لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل
شيء قدير)) " وهذا القدر في الصحيحين، وجاء في بعض
الروايات: ((يحيي ويميت)) وفي رواية: ((بيده الخير)) لن في
الغالب أن المائة ما فيها هذه الزيادات، هذه الزيادات أكثر
ما تأتي في العشر مرات، نعم، ((له الملك، وله الحمد، وهو
على كل شيء قدير)) لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا
الله، وحده: حال، حال، يعني حال كونه هاه؟ يجوز أن يكون
الحال معرفة؟ لا بد أن يؤول بنكرة فنقول: إيش؟ نعم.
والحال إن عُرف لفظاً فاعتقد ... تنكيره معنىً كـ (وحدك
اجتهد)
يعني: منفرداً.
(41/4)
((وحده لا شريك له)) وهذا أيضاً حال، ((له
الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) هذه أحوال، ((في
يوم مائة مرة)) في يوم مائة مرة، وفي رواية: ((إذا أصبح))،
ويدل لهذه الرواية قوله في آخر الحديث: ((كانت له حرزاً من
الشيطان يومه ذلك حتى يمسي)) فدل على أنها تقال في الصباح،
وجاء في بعض الروايات نعم: ((من قالها حين يمسي كان له مثل
ذلك)) فعلى هذا الأولى أن يحافظ عليها في الصباح والمساء،
وبالتجربة تقال في عشر دقائق، تقال في عشر دقائق ما تزيد،
((في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب)) يقول الفراء:
"العدل بالفتح ما عدل الشيء من غير جنسه"، العدل ما عدل
الشيء من غير جنسه، "وبالكسر المثل"، عشر رقاب، في العشر
قال: ((كأنما أعتق أربعة من ولد إسماعيل))، وعتق ولد
إسماعيل له مزية، ((وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة
سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم
يأتِ أحد بأفضل مما جاء به)) قد يقول: كتب له مائة حسنة،
يقول: أقرأ آية واحدة من القرآن أكثر من هذه الحسنات إن
كان القصد مائة حسنة، نعم، نقول: يا أخي تنوع العبادات
والأذكار منها مطلب شرعي، اقرأ القرآن وقل مثل هذا، ومن
أين لك عتق عشر رقاب؟ قد يقول قائل: أقول: "لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت،
وهو على كل شيء قدير" عشر مرات يصير لي أربعة من ولد
إسماعيل، شو بانتظر عشر؟ وأقولها ثانية أربع، وثالثة
وعاشرة يصير لي أربعين، أكثر من عشر رقاب، نقول: قل هذا
الذكر وذاك الذكر، والثالث، والرابع، والعاشر، وخل، واترك
لسانك رطب بذكر الله -جل وعلا-، لكن الشيطان يخذل ويسول،
إذا فتحنا باب الحسابات مع الرب -جل وعلا- ما عملنا شيء،
ما عملنا شيء، يعني من منا يحافظ على أذكار النوم وهي تبلغ
نحو الأربعين كما قال ابن القيم؟ تجد الإنسان ما عنده مانع
يجعل الراديو عند رأسه ويسمع الأخبار، ويسمع أمور وتحليلات
إلى أن يغشاه النوم خفيف على النفس هذا، لكن أذكار النوم
من يأتي بها كاملة، وإن كان ابن القيم ذكر أنها نحو
الأربعين، وما بينها، تصل إلى الأربعين وإلا ما تصل؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(41/5)
ابن القيم في طريق الهجرتين قال: وهي نحو
أربعين، أذكار النوم، ترى ابن القيم -رحمه الله- من أهل
الاطلاع الواسع، وأما أنا فقد سألت الشيخ ابن باز قلت: تصل
إلى الأربعين؟ قال: ولا نصفها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا على حسب اطلاعنا، لكن من مثل ابن القيم في اطلاعه
-رحمه الله-.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن ابن القيم -رحمه الله- هل يظن به أن يقرأ الأذكار
العامة، ويخصص لها وقت النوم؟ يعني يتعبد بكونه يقال في
هذا الوقت؟ يعني جاءت أذكار رتب عليها فضل عظيم، فبدلاً من
أن يتركها حسب التيسير ومتى ما فرغ؛ لأن ترتيب الأذكار في
أوقات معينة تعين على ذكرها وتذكرها، لكن لزوم الوقت الذي
لم يحدد في الشرع عند أهل العلم ابتداع، نعم، يعني جعل هذا
الذكر في هذا الوقت، وإن كان الباعث عليه أنه لا ينسى في
عرف أهل العلم ابتداع.
يقول: من أراد تكرار هذه الأذكار أكثر من مرة، وهو يحسبها
هل يدخل فيه ما قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لا تعدوا
حسناتكم عدوا سيئاتكم" مع أن الأذكار التي فيها تعداد وردت
كثيرة، وهل للمسلم إذا كانت هناك أذكار لم يرد فيها
تعداداً ألا يجعل له منها عدد يومي؟
على كل حال حال السلف في هذا الباب وظفوا أمور في أوقات،
وعدوا أعداد، وفدوا أنفسهم بأعداد، كان أبو هريرة -رضي
الله عنه- يسبح في كل يوم اثنا عشر ألف تسبيحة، يعني في
مقابل ديته من الدراهم، نعم؟ بس لا يتعبد الإنسان بهذا
العدد المعين.
((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله
الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل
عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت
له حرزاً من الشيطان)) وفي رواية: ((وحفظ يومه حتى يمسي،
ومن قال ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك)).
(41/6)
إيش معنى حفظ؟ يعني مثل قوله: ((من صلى
الصبح في جماعة كان في ذمة الله)) نعم، وهل يعني هذا أنه
ما تجري عليه الأقدار؟ ما يموت؟ يصدم ويموت، يطلع من
المسجد ويقول الأذكار هذه، نعم، ما يمكن هذا؟ هذه أسباب قد
تترتب عليها آثارها وقد تتخلف، نعم، والنبي -عليه الصلاة
والسلام- من أشد الناس حرص على مثل هذه الأذكار، ومع ذلكم
لما جاءه يومه رحل -عليه الصلاة والسلام-، وهناك أذكار
جاءت للحفظ، لحفظ الإنسان، ولا يمنع أن ينسى هذا الذكر إذا
أراد الله إنفاذ شيء من قضائه، كما جاء في الحفظ من
الجذام، نعم يحدث به الراوي، من هو؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو مجذوم، نعم، المقصود أنا نسيت، لكن حدث به وهو مجذوم
فقيل له، قال: نسيت أن أقوله في ذلك اليوم، ما أدري والله
نسيته، نسيته نسيته أنا، ((حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل
مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك))، ((إلا أحد عمل أكثر
من ذلك)) وفيه جواز الزيادة على هذه العدة، يعني الأعداد
المحددة في الشرع إما أن يلزم العدة الواردة شرعاً بحيث لا
تجوز الزيادة عليها، وإما أن تكون مطلقة يأتي بالعدة
المحددة ويزيد عليها، وهنا ما يدل على جواز الزيادة،
والأفضل أن تكون المائة متوالية، الأفضل أن تكون المائة
متوالية، وظاهر الحديث يدل على أن من جاء بها في اليوم
متوالياً أو مفرقاً المقصود أنه في يومه يأتي بمائة مرة من
هذا الذكر العظيم، متوالياً أو مفرقاً في مجلس أو في
مجالس، في أول النهار أو في آخره، لكن الأفضل أن تكون
متوالية في أول النهار ليتم الحفظ في النهار كله، وإذا
قالها في أول الليل حفظ في ليله كله على ما تقدم.
(41/7)
"وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن
أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة
حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) " ((من قال:
سبحان الله)) سبحان: منصوب واقع موقع المصدر لفعل محذوف
تقديره: سبحت الله سبحاناً، كسبحت الله تسبيحاً، ((سبحان
الله وبحمده في اليوم مائة مرة)) ومعنى التسبيح: تنزيه
الله -جل وعلا- عما لا يليق به من كل نقص، فيلزم منه نفي
الشريك والصاحب والولد وجميع الرذائل، فالله -جل وعلا-
ينزه ويسبح عن هذه كلها.
((في يوم مائة مرة)) تدرون كم تستوعب من الوقت؟ سبحان الله
وبحمده مائة مرة، في دقيقة ونصف ما تزيد، وخفيف اللسان
يقولها في دقيقة، لكن لا تزيد على دقيقة ونصف، وكثير من
الإخوان طلاب العلم لا يخطر لهم هذا الأمر على بال، وهذا
حرمان شديد.
وقد يقول قائل: سبحان الله وبحمده مائة مرة في دقيقة ونصف
حطت عنه خطاياه ولو مثل زبد البحر، وين قواعد أهل العلم
الذين يقولون: من علامات الخبر الموضوع ترتيب الأجر العظيم
على العمل اليسير؟ هذا لا أحد كلام فيه، في الصحيحين، في
البخاري ومسلم، هل يمكن أن يقول أحد فيه شيء؟ لا يمكن، هذا
في الصحيحين، والقاعة التي يقولونها حينما يوجد حديث لا
إسناد له، أو يوجد في كتاب غير .. ، في غير دواوين
المعتبرة المشهورة عند أهل العلم، فيحكم عليه حكماً
مبدئياً بهذا.
((حطت عنه خطاياه)) والمقصود بذلك الصغائر، وإن كان على ..
، جرياً على القاعدة، وهي أن الكبائر لا بد لها من توبة،
((وإن كانت مثل زبد البحر)) في الكثرة والعظمة مثل زبد
البحر، وهو ما يعلو عند هيجانه وتموجه.
(41/8)
زاد في رواية سهيل بن أبي صالح عن سمي عن
أبي صالح: ((من قال حين يمسي وحين يصبح)) يعني فعلى هذا،
هذه الأذكار التي على طالب العلم، وعلى المسلم عموماً أن
يلتزمها، مثلما تقدم: "لا إله إلا الله ... -إلى آخره-
مائة مرة"، و"سبحان الله وبحمده مائة مرة"، والاستغفار
مائة مرة، كما حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقل هو
الله أحد عشر مرات، والصلاة على النبي -عليه الصلاة
والسلام- عشر مرات، يعني لو جعلها المسلم مع ورده في
الصباح والمساء ليس بكثير هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه إيه، لكن الحفظ ما يبدأ إلا من ذكرها، الذي قبله ما في
ذكر، ما في حفظ، هذا لا ينعطف، ما هو مثل صيام النفل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يكفي، من قالها حفظ، من لم يقلها لا يحصل له
ذلك.
((مثل زبد البحر)) مبالغة في الكثرة، ومثل هذا، ومقتضى هذا
يشعر بأفضلية التسبيح على .. ، على إيش؟ على التهليل؛ لأن
هناك: "من قال: لا إله إلا الله ... -إلى آخره- مائة مرة
كتب له مائة حسنة، وحط عنه مائة خطيئة" هنا "حطت خطاياه
كلها، وإن كانت مثل زبد البحر" فهذا يشعر بأفضلية التسبيح
على التهليل؛ لأن زبد البحر أضعاف أضعاف المائة، لكن تقدم
في التهليل: ((ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به)) فيحتمل أن
يجمع بينهما بأن يكون التهليل أفضل، وأنه بما زيد من رفع
الدرجات وكتب الحسنات، ثم ما جعل مع ذلك من فضل عتق الرقاب
قد يزيد على فضل التسبيح، وتكفيره جميع الخطايا، كما قال
الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، سم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم والحديث في الصحيحين ليس لأحد كلام، "سبحان الله
وبحمده مائة مرة" في دقيقة ونصف ((حطت عنه خطاياه ولو كانت
مثل زبد البحر)) وكثير من الناس مثل هذا لا يخطر له على
بال، أليس هذا هو الحرمان بعينه؟ هذا هو الحرمان بعينه يا
الإخوان.
((وبحمده)) الواو هذه ((سبحان الله وبحمده)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
متلبساً يعني حال، بعضهم يقول: حال، نعم، ومنهم من يقول:
هي عاطفة، يعني: أسبح الله وألهج بحمده، نعم، تقديره: أسبح
الله وألهج .. ، على كل حال المسألة معروفة عندنا.
(41/9)
يقول: "وحدثني عن مالك، وحدثني عن مالك عن
أبي عبيد – المذحجي - مولى سليمان بن عبد الملك – وحاجبه -
عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى
عنه-" موقوفاً عليه هنا في الموطأ، وهو مرفوع إلى النبي
-عليه الصلاة والسلام- في مسلم، وهو إن كان موقوفاً هنا
إلا أنه كما قال ابن عبد البر: "لا يدرك بالرأي" يعني: فهو
مرفوع حكماً، "أنه قال: "من سبح دبر كل صلاة" دبر عقب، دبر
كل صلاة: عقب، وأهل العلم يقررون أن الدبر قد يكون متصلاً
بالشيء، وقد يكون منفصلاً عنه، قد يكون متصلاً بالشيء، وقد
يكون منفصلاً عنه، ولذا يختلفون في مثل: ((اللهم أعني على
ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) هل يقال بعد السلام أو قبله؟
والذي يقرره شيخ الإسلام أن الأدعية تكون قبل السلام، لكن
هذا ليس بمطرد، أولاً: الدبر يحتمل هذا وهذا، بدليل أن هذه
الأذكار تقال عقب الصلاة وقد قيل فيها دبر، فليكن قوله
لمعاذ: ((إني أحبك فلا تدعن أن تقول في دبر كل صلاة)) يعني
عقب الصلاة كما هنا.
أيضاً من الأدعية ما يقال بعد الصلاة، نعم، ما يقال عقب
الصلاة، "كان إذا انصرف من صلاته قال: ((رب قني عذابك يوم
تبعث عبادك)) وقال: ((أستغفر الله، أستغفر الله)) هذا
دعاء، يعني طلب المغفرة دعاء.
"من سبح دبر كل صلاة"، فإذا قال: "اللهم أعني على شكرك
وذكرك" قبل السلام أو بعده سيان -إن شاء الله تعالى-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لو نوع؛ لأن المسألة محتملة، محتملة.
(41/10)
"ثلاثاً وثلاثين دبر كل صلاة" وهذا يشمل
بعمومه الفريضة والنافلة، إلا أن أهل العلم حملوه على
الفرض، "وكبر ثلاثاً وثلاثين" يعني قال: سبحان الله ثلاثاً
وثلاثين، وقال: الله أكبر ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله قال:
الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، "وختم المائة بلا إله إلا الله،
وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء
قدير، غفرت ذنوبه" والمراد بذلك الصغائر حملاً على
النظائر، "ولو كانت مثل زبد البحر" في الكثرة والعظمة،
والحديث مخرج في صحيح مسلم، ولمسلم أيضاً من حديث كعب بن
عجرة، والنسائي من حديثي أبي الدرداء وابن عمر: "يكبر
أربعاً وثلاثين" يعني كما جاء في النوم، نعم، في النوم
يسبح ويحمد ثلاثاً وثلاثين ويكبر ثلاثاً وثلاثين تمام
المائة، نعم يكبر أربعاً وثلاثين، يقول النووي: "ينبغي أن
يجمع بين الروايتين بأن يكبر أربعاً وثلاثين، ويقول بعد
ذلك: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله
الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير"، وعلى هذا تكون
مائة وواحد، تكون مائة وواحد ما تكون مائة على كلام
النووي.
وقال غيره: بل يجمع بأن يختم مرة بزيادة تكبير، ومرة
بزيادة: لا إله إلا الله، والكل صحيح، وظاهر السياق: يسبح
ثلاثاً وثلاثين، يكبر ثلاثاً وثلاثين، يحمد ثلاثاً
وثلاثين، أن التسبيح منفصل عن التحميد، والتحميد منفصل عن
التكبير، فيقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله،
سبحان الله، سبحان الله، ثلاثاً وثلاثين، وهكذا التحميد
والتكبير.
وجاء في حديث: "ذهب أهل الدثور بالأجور" ما يدل على جمعها،
فقال: ((تسبحون وتحمدون وتكبرون الله ثلاثاً وثلاثين)) فدل
على أنه يقال: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، سبحان
الله، والحمد لله، والله أكبر، سبحان الله، والحمد لله ..
، وهذا جائز وهذا .. ، والأمر فيه سعة.
والتسبيح وعقد الأذكار كلها بالأنامل أفضل؛ لأنها مستنطقة،
وكونها باليمين أولى لحديث جاء عند أبي داود وفيه مقال،
لكن يشمله عموم: "يعجبه التيمن" نعم، نعم؟
(41/11)
الصلاة الأولى، في الصلاتين المجموعتين
ذكرها ذهب محله، فات محله، يعني إذا صلى المغرب والعشاء،
أو الظهر والعصر جمعاً يذكر الله بعد العصر وبعد العشاء؛
لأن ذكر الظهر فات محله، وذكر العصر فات محله، نعم.
الآحاد تعد باليمنى والعشرات باليسرى، يعني عدد الأعداد قد
يقول واحد: أنا لا أستطيع أن أقول: لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك، وله الحمد، مائة بيد واحدة، نقول:
إذا عددت عشر اعقد واحدة، ولا يكون هذا من الذكر بالشمال
لا؛ لأن هذا عدد الأعداد ما هو بعدد الأذكار، نعم، فرق بين
هذا وهذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
خلاف الأولى، خلاف الأولى؛ لأن النبي -عليه الصلاة
والسلام- لما دخل على أم المؤمنين وهي تسبح بالحصى، ما
أنكر عليها إنما أرشدها إلى الأولى، هذا إذا سلمت من
مشابهة مبتدعة وأشباههم، إذا شابهت المبتدعة كرهت كراهة
شديدة.
على كل حال إذا كانت الزيادة على أن ما يزيده أفضل مما لم
يزده في الأعداد المحددة لا، لكن إذا كان يغلب على ظنه أنه
ما استوعب العدد المطلوب وزاد حتى يبلغ العدد المطلوب لا
بأس به -إن شاء الله تعالى-، لا سيما في حديث المائة؛ لأنه
نص على الزيادة نعم.
((أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)) هذا عند الترمذي بسند
مقبول لا بأس به -إن شاء الله-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
"جعل الله .. " كذلك، كذلك مقبول.
(41/12)
يقول: "وحدثني عن مالك عن عمارة بن عبد
الله بن صياد" ابن صياد هذا الذي يقال: إنه الدجال، وكانوا
يحلفون عليه، ثم تبين أنه غيره "عن سعيد بن المسيب أنه" أي
عمارة "سمعه" سمع سعيداً "يقول في الباقيات الصالحات" يعني
المذكورة في قوله تعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ
خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا} [(46) سورة الكهف] نعم
سميت بذلك لأنه تعالى قابلها بالفانيات، الباقيات مقابلة
بالفانيات الزائلات في قوله -جل وعلا-: {الْمَالُ
وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} [(46) سورة الكهف] لتتم
المقابلة: "إنها قول العبد ذكراً كان أو أنثى: الله أكبر،
وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا
قوة إلا بالله" تلاحظون هنا تقديم التكبير، وفي بعضها
تقديم التسبيح، وبعضها تقديم التحميد إلى آخره، وجاء في
الخبر: ((لا يضرك بأيهن بدأت)) أحب الكلام في مسلم وغيره
مرفوعاً: ((أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد
لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت))
وهذه هي غراس الجنة، هذه هي غراس الجنة.
أو ما سمعت بأنها القيعان ... فاغرس ما تشاء بذا الزمان
الفاني
وغراسها التسبيح والتحميد ... والتكبير. . . . . . . . .
إلى آخره، المقصود أن هذه هي غراس الجنة، أقلل أو استكثر،
اغرس لنفسك أو احرم نفسك، والطريق بين واضح، والله
المستعان.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد" ميسرة
المخزومي المدني "أنه قال: قال أبو الدرداء" عويمر، ويقال:
عامر بن زيد بن قيس الأنصاري: "ألا أخبركم" ألا: حرف تنبيه
لتأكيد الجملة المدخولة "أخبركم"، وفي رواية: "أنبئكم"،
"بخير أعمالكم" يعني أفضل الأعمال، "وأرفعها في درجاتكم"
ومنازلكم في الجنة، "وأزكاها" أنماها وأطهرها، "عند
مليككم، وخير لكم من إعطاء" يعني إنفاق "الذهب والورق"
الفضة، "وخير لكم من أن تلقوا عدوكم" الكافر، "فتضربون
أعناقهم"، تقتلونهم، "ويضربوا أعناقكم" يقتلونكم "قالوا:
بلى" يعني: أخبرنا، "قال: "ذكر الله تعالى"، ذكر الله
تعالى خير من هذه الأمور كلها، خير من إنفاق الذهب والورق،
وخير من الجهاد في سبيل الله الذكر.
(41/13)
"قال زياد بن أبي زياد: وقال أبو عبد
الرحمن معاذ بن جبل: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من
عذاب الله تعالى من ذكر الله -جل وعلا-".
لأن الذكر يدل على أن الإنسان مستحضر مراقب لربه، بخلاف
الغافل واللاهي الذي لا يخطر له الذكر على بال، مثل هذا
محروم.
يقول: "وحدثني مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن علي بن
يحيى -بن خلاد بن رافع الزرقي- عن أبيه" يحيى بن خلاد بن
رافع عن جده، عن عمه، أو إيش؟ إيش يصير؟ رفاعة بن رافع،
يحيى بن خلاد بن رافع، نعم، نعم، "عن رفاعة بن رافع أنه
قال: "كنا يوماً" يعني من الأيام "نصلي وراء رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-" صلاة المغرب "فلما رفع رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- رأسه من الركعة، وقال: ((سمع الله
لمن حمده)) " يعني شرع في الرفع "وقال: ((سمع الله لمن
حمده)) قال رجل وراءه" هو رفاعة نفسه: "ربنا ولك الحمد،
حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه" حمداً: منصوب بفعل مضمر
دل عليه لك الحمد، كثيراً طيباً يعني: خالصاً لوجه الله
-عز وجل-، مباركاً فيه: كثير الخير فيه، زاد النسائي: "كما
يحب ربنا ويرضى"، "فلما انصرف رسول الله -صلى الله عليه
وسلم - -من صلاته- قال: ((من المتكلم آنفاً؟ )) " يعني
قريباً، "فقال الرجل: أنا يا رسول الله"، "فقال الرجل: أنا
يا رسول الله، وما أريد بذلك إلا الخير" يرجو بذلك الثواب،
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقد رأيت بضعة))
" البضع: من ثلاثة إلى تسعة، ((بضعة وثلاثين ملكاً)) يعني
بعدد حروفها، حروفها ثلاثة وثلاثين حرف، ((بضعة وثلاثين
ملكاً يبتدرونها)) يسارعون، يتسارعون في كتابتها، ((أيهم
يكتبها أول)) أولُ أو أولاً؟ أولُ: بالضم على البناء،
بقطعه عن الإضافة مع نية المضاف إليه، وأولاً: منصوب على
الحال، فمثل هذا الذكر ينبغي أن يحافظ عليه الإنسان، والله
المستعان.
شرح: باب: ما جاء في الدعاء:
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الدعاء:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((لكل نبي دعوة يدعو بها فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي
في الآخرة)).
(41/14)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو فيقول:
((اللهم فالق الإصباح، وجاعل الليل سكناً، والشمس والقمر
حسباناً اقضِ عني الدين، وأغنني من الفقر، وأمتعني بسمعي
وبصري وقوتي في سبيلك)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي
الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا
يقل أحدكم إذا دعا: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن
شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر عن
أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت
فلم يستجب لي)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وعن أبي
سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- قال: ((ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى
السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني
فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفرُ له ...
((من يستغفرني فأغفرَ له)) أحسن الله إليك.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن
الحارث التيمي أن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت:
"كنت نائمةً إلى جنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
ففقدته من الليل فلمسته بيدي، فوضعت يدي على قدميه وهو
ساجد، يقول: ((أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك،
وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)).
وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد عن طلحة بن عبيد الله
بن كُرَيز ...
أحسن الله إليك: عن طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أفضل الدعاء دعاء يوم
عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله
وحده لا شريك له)).
(41/15)
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن
طاووس اليماني عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعلمهم هذا الدعاء كما
يعلمهم السورة من القرآن، يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من
عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة
المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاووس اليماني عن
عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول:
((اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت
قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن
فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق،
والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك
آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت،
فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله
إلا أنت)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك
أنه قال: جاءنا عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في بني
معاوية، وهي قرية من قرى الأنصار فقال: "هل تدرون أين صلى
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم هذا؟ فقلت: نعم
وأشرت له إلى ناحية منه، فقال: هل تدري ما الثلاث التي دعا
بهن فيه؟ فقلت: نعم، قال: فأخبرني بهن؟ فقلت: دعا بأن لا
يظهر عليهم عدواً من غيرهم، ولا يهلكهم بالسنين فأعطيهما،
ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعها، قال: صدقت، قال ابن
عمر: "فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة".
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه كان يقول: "ما من داع
يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن
يدخر له، وإما أن يكفر عنه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الدعاء"
(41/16)
باب: ما جاء في الدعاء، جاء الأمر بالدعاء
في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ
لَكُمْ} [(60) سورة غافر]، فالدعاء مأمور به، وهو عبادة من
أفضل العبادات، ولذا جاء: {إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [(60) سورة غافر] بعد
الأمر بالدعاء، فالدعاء عبادة، والدعاء كما يكون دعاء
مسألة، يكون أيضاً دعاء العبادة، والعبادات في جملتها
متضمنة للمسألة، متضمنة للمسألة، فما من مسلم يعبد الله
-جل وعلا- بعبادة مشروعة إلا وقد تضمنت هذه العبادة طلب
القبول، وطلب الثواب المرتب على هذه العبادة، فالتعبد
مستلزم للدعاء، التعبد المشروع مستلزم للدعاء، ومثلما
ذكرنا هو من أشرف العبادات وأجلها، فعلى المسلم أن يلهج
بالدعاء، بدعاء الله -جل وعلا- أن يعينه على ذكره وشكره،
وأن يثبته بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن
يرزقه الإخلاص في القول والعمل، إلى غير ذلك من الدعوات،
ويحرص على الجوامع، والأدعية الثابتة عن النبي -عليه
الصلاة والسلام-؛ ليسلم من أن يعتدي في دعائه وهو لا يشعر،
عليه أن يلح بالدعاء، وعليه أن يتحرى الأوقات الفاضلة التي
هي مظنة للإجابة كالسجود، وعند الأذان، وساعة الجمعة، وفي
يوم عرفة، وغير ذلك من المواطن التي جاءت النصوص على أنها
تستجاب فيها الدعاء، أو يستجاب فيها الدعاء، ويحرص على دفع
الموانع ودرئها، ومن أعظمها أكل الحرام، ((أطب مطعمك تكن
مستجاب الدعوة))، ذكر الرجل يطيل السفر يمد يديه، أشعث
أغبر، يمد يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب، يلح ويكرر،
ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟
استبعاد، فليحرص الإنسان على طيب المطعم ليكون مستجاب
الدعوة، يجتنب الدعاء بالإثم، وقطعية الرحم، ويتخلق
بالأخلاق التي يرد ذكر بعضها من خلال ما أورده المؤلف
-رحمه الله تعالى- في الكتاب.
(41/17)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد"
أبو الزناد عبد الله بن ذكوان "عن الأعرج" عبد الرحمن بن
هرمز "عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: ((لكل نبي دعوة)) " لكل نبي دعوة مستجابة، دعوة
مستجابة، كما جاء في رواية أبي ذر لصحيح البخاري لكنها لا
توجد لسائر الرواة، كما أنها لا توجد في شيء من نسخ الموطأ
ورواياته.
"لكل نبي دعوة" الوصف بكونها مستجابة ذكر أو لم يذكر هو
مقصود، وإلا فالأدعية المحفوظة عن نبينا -عليه الصلاة
والسلام- وعن غيره من الأنبياء كثيرة، لا يتصور أن نبياً
من الأنبياء لم يدعُ إلا بدعوة واحدة، نعم، له أدعية، إذاً
هذه الدعوة من صفتها أنها مستجابة، فنص عليها أو لم ينص
الأمر واضح ومعروف.
له دعوة مستجابة يدعو بها، مفهومه، مفهوم تخصيص الإجابة
بدعوة واحدة أن ما عداها من الدعوات نعم، مردود أو على
الرجاء كغيرهم؟ نعم على الرجاء، لا شك أن هذا ظاهر الحديث
مستشكل، استشكل ظاهر الحديث بما وقع لكثير من الأنبياء من
الدعوات المجابة، النبي -عليه الصلاة والسلام- أجيب له
أكثر من دعوة وغيره، مما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات
المجابة لا سيما نبينا -عليه الصلاة والسلام-، وظاهره أن
لكل نبي دعوة واحدة مستجابة والبقية مردودة، لكن الاحتمال
الثاني: أنها على الرجاء، والجواب: أن المراد بالإجابة في
الدعوة المذكورة القطع بها، دعوة واحدة مقطوع بإجابتها،
مقطوع بإجابتها، وما عدا ذلك من دعواتهم -عليهم الصلاة
والسلام- فهو على رجاء الإجابة كغيرهم، وقيل: لكل واحد
منهم –من الأنبياء- دعوة عامة مستجابة، يعني تعم الأمة
كلها، وليس المراد بذلك الدعوات الخاصة، نعم، هذا أرجح.
ماذا عن .. ؟، يعني لو دعا على أمته بالهلاك كما فعل بعض
الأنبياء، نوح مثلاً دعا على عمومهم على من لم يجب دعوته
بالغرق، فأغرقوا، لماذا لم يستغل الأنبياء هذه الدعوة
المستجابة بهداية جميع الأتباع؟ مو قلنا: أنها دعوة عامة
للأمة كلها بحيث لو دعا عليهم بالهلاك أهلكوا؟ نعم، وبعض
الإخوان يقول: إن هذا القول هو الراجح، لماذا لم يدع بأن
يهدي الله جميع الأتباع؟ جميع الأمة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(41/18)
لماذا؟ هذا ينافي السنة الإلهية، ينافي
السنة الإلهية من وجود الصراع بين الحق والباطل إلى قيام
الساعة.
أما الدعوات الخاصة فمنها ما يستجاب، ومنها ما لا يستجاب،
وفي الحديث الصحيح الذي سيأتي أن النبي -عليه الصلاة
والسلام- دعا بثلاثة أشياء، نعم فأجيب في اثنتين، ((دعوت
ربي ثلاثاً)) ((أو سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين، ومنعني
واحدة)) وسيأتي هذا الحديث، ولا شك أن الحديث يجعل
الأنبياء في غير هذه الدعوة كغيرهم على الرجاء، لكن الناس
في إجابة دعواتهم على حسب ما في قلوبهم من إيمان، وبما في
أعمالهم من إتباع، وهم أكمل الناس في هذا الباب، فهم أرجى
من ترجى إجابة دعوته، يعني لا يقال: إنهم مثل غيرهم
بالسوية، لا، هم على الرجاء بلا شك، لكن رجاؤهم أقوى من
رجاء غيرهم؛ لأنهم أكمل الناس في كل باب من أبواب الدين،
كما أن أتقى الناس نعم، أرجى من غيره، وهكذا.
((يدعو بها)) فتعجل كل نبي دعوته لقومه أو عليهم،
((فأريد)) " وفي رواية البخاري: ((إن شاء الله))، ((أن
أختبئ دعوتي)) المستجابة، ((شفاعة لأمتي في الآخرة)).
((فأريد -إن شاء الله تعالى - أن أختبئ)) يعني: أن أدخر،
((دعوتي)) المستجابة، ((شفاعة لأمتي في الآخرة)).
وزاد في رواية أبي صالح: ((فهي نائلة -إن شاء الله- من مات
من أمتي لا يشرك بي شيئاً)) يعني شفاعته -عليه الصلاة
والسلام- لعصاة الموحدين، شفاعته -عليه الصلاة والسلام-
لعصاة الموحدين ثابتة بالطريق القطعي المتواتر، ولا ينكرها
إلا من ينكر إخراج أهل الكبائر من النار كالخوارج
والمعتزلة، هذه الشفاعة أجمع عليها من يعتد بقوله من أئمة
الإسلام وسلف الأمة.
(41/19)
لا شك أن الحديث فيه كمال شفقة النبي -عليه
الصلاة والسلام- على أمته، وفي الحديث أيضاً إثبات الشفاعة
وهي كما قلنا: محل اتفاق ممن يعتد بقوله من علماء الأمة،
((لكل نبي دعوة مستجابة)) يعني هل من ضير أن نناقش بعض
الدعوات النبوية أنها هل أجيبت أو لم تجب؟ يعني هل من سوء
الأدب مع النبي -عليه الصلاة والسلام- أن نقول: إن دعوته
في قوله: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)) أجيبت أو لم
تجب؟ نعم؟ هل هذا من سوء الأدب مع النبي -عليه الصلاة
والسلام-؟ إذا عرفنا أن لكل نبي دعوة مستجابة، وما عدا ذلك
من الدعوات على الرجاء، وسيأتي في حديث أنه لم يجب في
دعوته الثالثة، نعم، هو دعا -عليه الصلاة والسلام-، دعا
على أقوام، هل وقع فيهم ما دعا به عليهم؟ ودعا على أشخاص،
ولعن أشخاص، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم اجعل
دعوتي عليهم رحمة)) يعني بعد أن كانت لعنة تكون رحمة، وهذا
من كمال شفقته -عليه الصلاة والسلام-، فلا يلزم من كل دعوة
يدعو بها النبي -عليه الصلاة والسلام- أو غيره من الأنبياء
أن تجاب، إنما المضمون دعوة بخلاف غيره، فغير الأنبياء
جميع دعواتهم على الرجاء، فالمضمون للأنبياء دعوة مستجابة،
وما عدا ذلك على الرجاء، وهم أولى الناس بإجابة الدعاء؛
لأنهم لا يدعون إلا مع توافر الأسباب، ومع انتفاء الموانع،
فإذا توافرت الأسباب وانتفت الموانع ترتب الأثر، لكن لا
يلزم من ذلك أن يجاب بنفس ما دعا به، على ما سيأتي -إن شاء
الله تعالى-.
"وحدثني عن مالك" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أما الشفاعة العظمى التي بواسطتها يتخلص الناس من هول
الموقف هذا خاص، هذه خاصة به، له شفاعات خاصة، ولغيره
أيضاً شفاعات، لكن الشفاعة لعصاة الموحدين لأمته، الشفاعة
لأمته في الآخرة، هو يشفع لأهل الموقف كلهم، لكن شفاعته
الخاصة بأمته نعم بإخراج العصاة نعم، ولا يبقى فيها من
قال: لا إله إلا الله، -عليه الصلاة والسلام-، فهذه شفاعة
من شفاعاته، وله أكثر من شفاعة.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد" وهنا فيه إسقاط، الأصل
عن مسلم بن يسار أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- كان يدعو فيقول، ومسلم بن يسار تابعين فالخبر نعم
مرسل.
(41/20)
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو من النُسَخ، لا، لا، عن يحيى بن سعيد أنه بلغه
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
طالب:. . . . . . . . .
هو لا يتصور أن يكون من يحيى بن سعيد إنما موجود في بعض
الروايات.
هنا يقول: لم تختلف الرواة عن مالك في إسناد هذا الحديث
ولا في متنه، وهو مرسل، فمسلم بن يسار تابعي، دل على أن
النسخة التي وقف عليها ابن عبد البر فيها مسلم بن يسار،
"أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو
فيقول: ((اللهم فالق الإصباح)) " فالق الإصباح، اللهم:
أصلها: يا الله، يا الله، حذف حرف النداء وعوض عنه بالميم
المشددة، يا الله، ولذا يندر اقتران اللهم بياء، نعم، يعني
نادراً يقال: يا اللهم، وجاء في شعر أمية بن أبي الصلت أو
لغيره، والخلاف في ذلك معروف:
إني إذا ما حدثٌ ألما ... أقول: يا اللهم يا اللهم
وهذا نادر، بعضهم يحكم عليه بالشذوذ.
((اللهم فالق –مظهر- الإصباح)) الصبح، و ((جاعل الليل
سكناً)) جاعل الليل سكناً، ((اللهم فالق الإصباح)) فالق،
نعم، إعرابها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بدل من إين؟ من لفظ الجلالة؟
منادى إيش؟
طالب. . . . . . . . .
أو بدل من الله؟ المنادى؟
طالب:. . . . . . . . .
بدل وإلا منادى؟ اللهم يعني يا الله، يا فالق الإصباح، يا
جاعل الليل، أو هي بدل من لفظ الجلالة المنادى الذي محله
النصب؟ نعم؟ محل لفظ الجلالة المنادى النصب، فالق الإصباح:
مظهر الصبح، وجاعل الليل سكن، جاعل الليل سكناً، نعم الليل
سكن، محل للنوم، جعل الليل والنهار، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا لا فيها لف ونشر، {وَلِتَبْتَغُوا مِن
فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص] {لِتَسْكُنُوا فِيهِ
وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص].
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(41/21)
قبل، قبل، الآية أولها، {جَعَلَ لَكُمُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا
مِن فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص]، الليل لتسكنوا فيه،
والنهار لتبتغوا من فضله، هذا الأصل، هذا الأصل أن الليل
سكن والنهار معاش، ليبتغى من فضله بطلب الرزق، لكن كثير من
الناس عكس، جعل الليل هو وقت السعي، والنهار هو وقت النوم.
((وجاعل الليل سكناً، والشمس)) هاه؟ ويش عندكم الشمس ويش
عليها؟ ((والشمسِ والقمرِ)) معطوف إيش؟ على الليل، والعطف
على نية تكرار العامل، يعني: وجاعل الشمس والقمر
((حسباناً)) وجاعل الشمسِ والقمرِ حسباناً، أي حساباً، كما
في قوله -جل وعلا-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء
وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ
عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [(5) سورة يونس]، يعني
اتصور أنه لا فرق بين ليل ولا نهار، الصفة واحدة كلها إما
شمس وإما ظلام، كيف نعرف الحساب؟ كيف نعرف ابتداء اليوم من
نهايته؟ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء
وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ
عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [(5) سورة يونس]، بهذا
نعرف، والحساب والحسبان بمعنى واحد، هذه مقدمات، فيها من
الثناء ما فيها، ثم جاء طلب الحاجة، فينبغي للداعي أن يقدم
بين يديه من عبارات الثناء ما يكون سبباً في قبول دعائه.
((اقضِ عني الدين)) والمراد ديون الخلق، وديون الخالق،
ودين الله حق أن يقضى، ((وأغنني من الفقر)) الفقر الذي
يشغل الإنسان عما خلق من أجله وهو العبادة، أو الذي يلجئه
إلى تكفف الناس وسؤالهم، هذا استعاذ منه النبي -عليه
الصلاة والسلام-، وطلب الغنى منه، وليس المراد به الغنى
الذي يطغي الإنسان ويشغله عما خلق له، ((وأمتعني بسمعي))
لما في ذلك من التنعم بسماع ما ينفع، ((وبصري)) لما فيه من
رؤية ما يسر، ورؤية المخلوقات بالتدبر والاعتبار، وأيضاً
للتمكن من النظر في المصحف، ورؤية كلام الله -جل وعلا-
وقراءته، ((وقوتي)) واحدة القوى، ويروى: ((قوني)) من
القوة، ((وقوني في سبيلك)).
(41/22)
يعني: اجعلني قوياً في سبيلك، ويحتمل أن
يراد به الجهاد، والاحتمال الآخر أن يراد به جميع أعمال
البر، وجميع أعمال البر في سبيل الله، ومن أعظم ما يندرج
في هذا طلب العلم، طالب العلم يسأل الله -جل وعلا- أن
يقويه في .. ، على .. ، يقويه على تحمل المشقة في طلب
العلم، ((وقوني في سبيلك)) لكن إذا أطلق السبيل فالمراد به
الجهاد، لو أوصى أو وقف إنسان شيئاً وجعل غلته في سبيل
الله، ينصرف انصرافاً أولياً إلى الجهاد في سبيل الله، لكن
إذا لم يوجد نظر، نظر في الوجوه الأخرى من أعمال البر التي
يمكن أن يطلق عليها في سبيل الله، نعم.
أما في آية مصارف الزكاة فالمراد بها الجهاد، {وَفِي
سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [(60) سورة التوبة]،
المراد به الجهاد، وفي مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-:
((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار
سبعين خريفاً)) محتمل، ولذا جاء به البخاري في كتاب
الجهاد، فكأنه يميل إلى أن المراد في سبيل الله هنا
الجهاد، والذي يرجحه كثير من أهل العلم أن في سبيل الله
يراد به ابتغاء وجه الله -جل وعلا-، فمن صام يوماً يبتغي
بذلك وجه الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
جاء الخبر بذلك، والنظر إلى الكعبة، والنظر إلى الوالد،
لكن الخبر فيه ضعف، الخبر ضعيف، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
الحساب، الحساب مبني على الرؤية هذا، الحسبان نحسب الليالي
والأيام بدءاً من رؤية الهلال في أوله، ثم نحسب ما بعده.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يجزئ، ما يجزئ.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
أما بالنسبة للعبادات فهي مبنية على الرؤية، ((صوموا
لرؤيته، أفطروا لرؤيته)) هذا ما يدخله حساب ولا شيء، أما
حسابات الناس، نعم وحلول آجالهم وديونهم هذا أمر سهل يعني
لو زاد يوم ونقص يوم ما هو بمشكلة، لو مشوا على التقويم ما
يلامون نعم لكونه أضبط لأمورهم؛ ولأن ترائي الهلال إنما
يطلب من أجل العبادات، لا إشكال في كون الدين يحل يوم
الخميس أو الجمعة بناء على أن الشهر تام أو ناقص، أما
العبادات فهي مربوطة برؤية الهلال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(41/23)
على كل حال أمور العبادات كلها مبنية على
الرؤية، مبنية على الرؤية.
ثم قال -رحمه الله-: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن
الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز، وأبي الزناد اسمه إيش؟ عبد
الله بن ذكوان، "عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((لا يقل أحدكم)) " والنهي الأصل فيه التحريم،
وحمله النووي على الكراهة، وابن حجر قال: هو أولى، نعم،
((إذا دعا اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت،
ليعزم المسألة فإنه لا مكره له)) ما الذي صرف هذا النهي من
التحريم إلى الكراهة عند النووي وعند ابن حجر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم ما جاء من بعض الأدعية: ((طهور إن شاء الله)) ((ذهب
الظمأ وثبت الأجر -إن شاء الله-)) جاء في بعض الأدعية
التعليق بالمشيئة، لكن هذا صارف عند بعض أهل العلم، ومنهم
من يقول: يبقى النهي هنا على التحريم، وأنه إذا جاء الدعاء
بلفظ الأمر لا يجوز أن يقترن بالمشيئة، إذا جاء الدعاء
بلفظ الأمر لا يجوز أن يقترن بالمشيئة، أما إذا جاء بلفظ
الخبر، الدعاء جاء بلفظ الخبر جاز اقترانه بالمشيئة، ولذا
لم يرد دعاء مقرون بالمشيئة لفظه لفظ الأمر، إنما جاء ما
لفظه لفظ الخبر، ((طهور إن شاء الله)) لكن ما تقول: اللهم
طهره إن شاء الله، ما تجي، ثبت الأجر إن شاء الله، ما
تقول: اللهم ثبت أجري إن شاء الله، ما تجي، تدخل في النهي.
((اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم .. ))
أي يجتهد ويلح من غير استثناء في المسألة التي هي الدعاء،
((فإنه -يعني الله -جل وعلا- لا مكره له))، ((اللهم اغفر
لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت)) زاد في رواية همام عن
أبي هريرة عند البخاري: ((اللهم ارزقني إن شئت)) المقصود
أن كل دعاء بلفظ الأمر لا يجوز أن يقرن بالمشيئة، الأصل في
النهي التحريم، فلا يجوز أن يقول: اللهم اغفر لي إن شئت،
هذا حرام، لكن إذا جاء بلفظ الخبر لا بأس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما في شي؛ لأنه بلفظ الخبر، لكن ما تقول: اللهم وفقه
إن شئت، بلفظ الأمر ما يجوز، الفرق أن هذا بلفظ الخبر جاءت
النصوص بجوازه، وهذا بلفظ الأمر جاءت النصوص بمنعه.
(41/24)
يقول ابن عيينة: "لا يمنعن أحداً الدعاء،
لا يمنعن أحداً الدعاء ما يعلم من نفسه من التقصير" لأن
بعض الناس يمتنع من الدعاء لأنه يعرف أنه مقصر في حق الله
-جل وعلا-، فلا ينبغي أن يمتنع بسبب تقصيره، نعم على
الإنسان أن يتواضع وأن يكون خائفاً وجلاً من ذنبه وتقصيره،
وأن يكون أيضاً خائفاً من عدم قبول عمله وإن كان صالحاً،
ومع هذا الخوف يوسع الرجاء في الله -جل وعلا-، ويحسن الظن
بربه، يحسن الظن بربه ولا يصل به الحد إلى أن يقنط وييأس؛
لأن القنوط من رحمة الله لا يجوز، واليأس من روح الله لا
يجوز حرام، بل يحسن الظن بربه -جل وعلا-.
شخص يتعبد سبعين سنة، سبعين سنة في العبادة ويقول: إنه لا
يسأل الله الجنة، يخجل أن يسال الله الجنة وهذه عبادته، بل
يكتفي أن يستعيذ به من النار، هذا موجود، لا يسأل الجنة،
يخجل؛ لأن عمله لا يناسب، ولا يكفي، وعلى أسلوب العوام لا
يواجه أن يطلب به الجنة، يقول: يكفيه أن يستعيذ بالله من
النار، لا شك أن هذا استحضار لعظمة الله -جل وعلا-، لكنه
من وجه آخر فيه زيادة في الخوف، وفيه شيء من اليأس، لكن مع
ذلك على الإنسان أن يسأل الله الجنة، ويستعيذ به من النار.
يقول ابن عيينة: "لا يمنعن أحداً الدعاء ما يعلم من نفسه
من التقصير، فإن الله -جل وعلا- قد أجاب دعاء شر خلقه -وهو
إبليس- حين قال: رب أنظرني إلى يوم يبعثون"، أجاب الله
دعائه، فعلى الإنسان أن يسعى في إصلاح عمله، وأن يجتنب ما
نهي عنه، ويصدق ويلح في الدعاء، ويتوسط في أمره، لا يزيد
جانب الرجاء بحيث يأمن من مكر الله، ولا يزيد جانب الخوف
بحيث ييأس ويقنط من رحمة الله.
(41/25)
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي
عبيد" سعد بن عبيد "مولى" عبد الرحمن "بن أزهر" الزهري "عن
أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل)) " ((يستجاب لأحدكم ما لم
يعجل)) يعجل أو يتعجل في الإجابة والاستجابة، يتعجل يسأل
مرة، مرتين، ثلاث، عشر، مائة يقول: خلاص، إما أن يظن نفسه
أنه ليس بأهل أن تستجاب دعوته، أو يرى أنه أهل للإجابة،
ولكن الله -جل وعلا- منعه من هذا الحق، هذا ما يقتضيه
الاستعجال، إما أن يستحسر، ويرى أن .. ، ييأس ويقنط وأنه
ليس بأهل لأن تجاب دعوته؛ لأنه دعا، دعا، دعا ما في فائدة،
على حد زعمه، هو ما يدري المسكين أنه إذا وفق للدعاء فأمر
الإجابة أسهل، لكن على الإنسان مع تحسينه الظن بربه -جل
وعلا- أن يسعى جاهداً في درء الموانع.
((فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي)) قال ابن بطال: "المعنى
أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه، فيكون كالمان
بدعائه أو أنه أتى من الدعاء يعني جاء بشيء من الدعاء ما
يستحق به الإجابة، فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا
تعجزه الإجابة، ولا ينقصه العطاء".
وفي الحديث أدب من آداب الدعاء، أدب من آداب الدعاء وهو
أنه يلازم الطلب، يلازم الطلب ولا ييأس من الإجابة، لما في
ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض
السلف: "لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم
الإجابة"، فالإنسان إذا وفق للدعاء لا شك أن الذي وفقه
للدعاء يوفقه للإجابة، لكن لا يلزم أن يجاب بنفس ما دعا
على ما سيأتي.
وقد جاء ما يدل على أن دعوة المؤمن لا ترد، فإما أن تستجاب
بعينها، أو تدخر له في القيامة، أو يدفع عنه من الشر ما هو
أعظم منها، سم.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه سواءً كان بلسان حاله أو مقاله، نعم، إذا كان
الباعث له على الترك كونه دعا، دعا دعا، ثم دعا ثم دعا، ثم
ترك ولو لم يلفظ به.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ليس هذا من الاستعجال، الاستعجال لو قال: اللهم عجل،
مرتين، ثلاث، عشر، مائة، ثم ترك قال: دعوت بالاستعجال فلم
يستجب لي، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
(41/26)
الأمر بتعجيل الدعوة ليس تعجلاً .. ، تعجل
الاستجابة، ولذا جاء في دعاء الاستسقاء: ((عاجلاً غير
آجل)) هذا ما يضر هذا؛ لأن الحاجة كما تكون داعية للمدعو
به تكون داعية لتعجيله.
لا يرد القضاء إلا الدعاء، لا شك أن القضاء والدعاء
يعتلجان، نعم، فقد يكون في الدعاء من القوة ما يرد القضاء،
وقد يكون في القضاء ما يرد من القوة، أو في الدعاء من
الضعف ووجود المانع ما لا يمحى به القضاء.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الله
-سلمان- الأغر" الجهني مولاهم "وعن أبي سلمة -بن عبد
الرحمن بن عوف- عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((ينزل ربنا)) وفي رواية في البخاري: ((يتنزل
ربنا)) ((ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء
الدنيا)) وهذا حديث النزول الإلهي، الحديث العظيم المتفق
عليه، الثابت لدى الأمة ثبوتاً قطعياً.
(41/27)
((ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى
السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر)) حين يبقى ثلث
الليل الآخر، الحديث حديث عظيم، شرحه شيخ الإسلام في مجلد
أسماه: (شرح حديث النزول)، والنزول الإلهي على ما يعتقده
أهل السنة والجماعة من أئمة الإسلام وسلف الأمة ثابت حق
على ما يليق بجلاله وعظمته، على ما يليق بجلاله وعظمته،
نثبت، ونعتقد أن له معنى، وأنه ليس مجرد خبر عاري عن
المعنى، أما كيفيته فالله أعلم بها، علينا أن نؤمن بما
بلغنا، وليس علينا أن نبحث عما وراء ذلك، فأمره كغيره من
الصفات، المعاني معلومة، والكيف مجهول، أورد إشكالات حول
الحديث، لكن نقول ما قاله علماء الإسلام: "قدم الإسلام لا
تثبت إلا على قنطرة التسليم"، فإذا نزل هل يخلو منه العرش
أو لا يخلو؟ هذه مسألة معروفة عند أهل العلم، والذي رجحه
شيخ الإسلام أنه يحصل النزول ولا يخلو العرش، هذا له نصوص،
وذاك له نصوص، وأيضاً ما يورده بعضهم من أن التقييد بثلث
الليل على اختلاف المسافات قد يكون ثلث الليل الآخر هو
الثلث الثاني عند قوم، والثلث الأول عند آخرين، فيكون كل
الوقت، كل الليل ثلث، المقصود أن هذه إشكالات أجاب عنها
شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، وعلينا إذا
سمعنا مثل هذا الخبر أن نقول: سمعنا وأطعنا، وإذا كان في
المخلوقات ما لا نستطيع درك حقيقته وكنهه فكيف بالخالق
الذي لا تدركه الأفهام ولا تبلغه الأوهام -جل وعلا-؟!
الشمس تدور في فلكها أربعة وعشرين ساعة، وجاء في الحديث
الصحيح أنها تذهب فتسجد تحت العرش، ماذا نقول عن هذا
الخبر؟ الخبر صحيح، نقول: سمعنا وأطعنا، ليس لنا كلام مع
الخبر إذا صح.
أمور الشهادة، الأشياء المشهودة التي يمكن أن ندركها نناقش
متونها، لكن الأمور الغيبية إذا صحت عن النبي -عليه الصلاة
والسلام- ليس لنا أن نناقش متونها.
(41/28)
ابن بطوطة في رحلته يقول: إنه مر بدمشق،
ورأى شخصاً على منبر الجامع الأموي يتحدث عن النزول
الإلهي، ثم وصفه بأنه كثير العلم قليل العقل، وقال: إن
الله ينزل في ثلث الليل الأخير كنزولي هذا، فنزل من
المنبر، ويقصد بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذه فرية،
الشيخ -رحمه الله- في الوقت الذي دخل فيه ابن بطوطة دمشق
في السجن، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، لكن من أراد أن
يثبت النزول، وأنه حقيقي فنزل من الدرج، وقال: إن الله
ينزل نزولاً حقيقياً كما أن نزولي هذا حقيقي، يعني كما لو
قرأ {وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [(134) سورة
النساء]، فوضع يده .. ، إصبعه على بصره، والأخرى على أذنه
لإثبات أن هذا حقيقة وليس بمجاز، كما أن العين الباصرة عند
المخلوق حقيقية فكذلك العين عند الخالق -جل وعلا- حقيقية،
ولا يظن بذلك أنه يشبه؛ لأن مثل هذا وارد، فوضع إصبعه على
عينه وسمعه وبصره، على بصره وسمعه.
على كل حال إذا كان المراد به إثبات أن ما ثبت عن الله -جل
وعلا- حقيقة، كما أن هذا النزول حقيقة، وأن هذا البصر
حقيقة، وأن هذا السمع حقيقة فلا يقتضي التشبيه، لا يقتضي
التشبيه إلا أنهما يجتمعان في كون كل منهما حقيقة، أما أن
يكون السمع مثل السمع، سمع الخالق مثل سمع المخلوق، وبصر
الخالق مثل بصر المخلوق، ونزول الخالق كنزول المخلوق فلا،
وعلى كل حال ما ذكره ابن بطوطة عن شيخ الإسلام فرية، وهو
مجرب بذلك، ورحلته على ما فيها من أعاجيب إلا أن فيها جميع
ما يذكر من مخالفات في توحيد الإلوهية، فمن أراد أن يدرس
كتاب التوحيد ومسائل توحيد الإلوهية ويريد بأمثلة
للمخالفات في هذه الأبواب فليقرأ رحلة ابن بطوطة، فيه دعاء
صريح للأشخاص، وفيه ادعاء علم الغيب من قبل الأشخاص، وفيه
أمور من الشرك الأكبر والأصغر الشيء الكثير.
طالب:. . . . . . . . .
تمثيل إيش؟
(41/29)
على كل حال إذا كان قصده أن ما نسب أو ما
جاء عن الله وعن رسوله مما يتعلق بالله -جل وعلا- من أسماء
وصفات إذا كان المقصود به إثبات أن هذا الكلام حقيقة لا
مجاز فله أصل، وينبغي أن يقتصر فيه على ما ورد، يتقصر فيه
على ما ورد،؛ لأن الذهن نعم قد يفهم من المتصرف أو من ..
نعم أنه يريد التشبيه أو التمثيل، فيقتصر من ذلك على ما
ورد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه نعم نعم، وضع السماوات على أصبع، والأرضين على أصبع،
يعني الأمر .. ، أمر الخالق عظيم -تبارك وتعالى-.
فهذا الحديث حديث عظيم، شرحه شيخ الإسلام في كتاب مستقل،
كتاب نفيس لا يستغني عن قراءته طالب علم، بين فيه مذهب
السلف والأئمة في إثبات النزل لله -جل وعلا- على ما يليق
بجلاله وعظمته، فعلينا الإيمان والتسليم لما جاء عن الله
وعن رسوله، وكما قال أهل العلم: قدم الإسلام لا تثبت إلا
على قنطرة التسليم.
وأوّلَه، أوّلَ الحديث كثير من المتأخرين، نعم؛ لأنهم
توهموا فيه التشبيه، فالتعطيل مرحلة تالية للتشبيه، لكن
الحق هو التنزيه مع الإثبات، مع اعتقاد ما جاء عن الله وعن
رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن تأويل النزول أو
غير النزول، ينزل أمره، ينزل ملك بأمره -جل وعلا-، كله حيد
عن الصواب، عن مذهب السلف، وسلف هذه الأمة وأئمتها، وكل
خير في اتباع من سلف.
((ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين
يبقى ثلث الليل الآخر)) يعني في وقت التهجد، ولذا يفضل أن
يقوم الإنسان يتهجد في الثلث الأخير من الليل؛ لأنه هو وقت
النزول الإلهي، وإن قام من نصفه ونام السدس الأخير أدرك من
الثلث ما أدرك.
((فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من
يستغفرني فأغفر له)).
وهذه الأفعال الثلاثة منصوبة بأن المضمرة بعد فاء السببية
المسبوقة بالاستفهام، المسبوقة بالاستفهام.
(41/30)
ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- وهو معروف
بصفاء عقيدته على مذهب السلف، رد على من تأول النزول بنزول
أمره -جل وعلا-، رده بأن أمره ورحمته تنزل في الليل
والنهار، في كل وقت، نعم نزول الأمر والمَلَك والرحمة في
كل وقت، لا يختص هذا بالثلث الأخير من الليل، فهذا مما رد
به الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر على من تأول حديث
نزول أمره.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -الأنصاري- عن محمد
بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة أم المؤمنين قالت:
"كنت نائمةً إلى جنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
ففقدته" ففقدته "من الليل"، انتبهت في ليلتها في نوبتها،
فلم تجده بجوارها، "فلمسته"، يعني طلبته والتمسته وبحثت
عنه "بيدي" تبحث عنه بيدها، تقول: "فوضعت يدي على قدميه"
يدي على قدميه، يد واحد على القدمين، يستدل بهذا من يقول:
بأن السنة إلصاق القدمين حال السجود، إلصاق القدمين حال
السجود؛ لأنه لا تقع اليد الواحدة على القدمين معاً إلا
إذا كانتا ملصقتين، وفي المسألة حديث عند ابن خزيمة، وعلى
كل حال الذي يخالف في هذا يقول: إن الأصل في الصلاة حال
السجود المجافاة، وهذا منها، لكن الإلصاق أرجح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الإلصاق.
(41/31)
"وهو ساجد" وضعت، في رواية: "وقعت يدي على
قدميه وهو ساجد"، وفي هذا أن الملموس لا ينتقض وضوؤه،
الملموس لا ينتقض وضوؤه، "وهو ساجد –حال- يقول في دعائه
-حال سجوده-: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك
من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك)) " يعني هذا ترقٍ
من الأفعال .. ، من الصفات الفعلية إلى منشئ هذه الأفعال
وهو الله -جل وعلا-، الرضا له مقابل الذي هو إيش؟ السخط،
والمعافاة لها مقابل التي هي العقوبة، لكن ((وبك)) لا
مقابلة لله -جل وعلا-، وإنما قال: ((بك منك)) جعله هو
المقابل لنفسه إذا لا مقابل له، ((لا أحصي ثناءً عليك)) لا
أحصي ثناء عليك: أي لا أبلغ الواجب من الثناء عليك لعجزي
عن ذلك، ((أنت كما أثنيت على نفسك)) يعني الثناء عليك الذي
يبلغ الواجب في الثناء كما أثنى الله على نفسه، إذا
المخلوق عاجز عن أن يثني على الله -جل وعلا- كما ينبغي،
وأن يشكره على جميع نعمه فهو متصف بالعجز، لكن إذا اعترف
بعجزه رجي له ما تمناه، هذا مبالغة في الانكسار، مبالغة في
انكسار الإنسان بين يدي ربه، يفوض الأمر إلى الله -جل
وعلا-، وأنه عالم ما في نفسه، لكن هذه مبالغة بعدم القدرة
في بيان العجز وإظهاره، هذه مبالغة، والإنسان إذا بالغ في
بيان عجزه، وبالغ في بيان عظمة ربه، وعظم نعمه التي لا
يستطيع أن يكافئها، وعظم شأنه الذي لا يستطيع أن يبلغ به
ما يؤدي بعض حقه، الله -جل وعلا- إذا علم من العبد الصدق
في مثل هذا الكلام لا شك أن له وقع عنده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: أنا عاجز، ومع ذلك يثني، هو يثني، لكن يقول مثل هذا
إظهاراً لعجزه مع ما أثنى به عليه، نعم، مع ما أثنى به
عليه، وهو عاجز عن الشكر مع أنه يلهج بالشكر، يقول: أنا
أشكر لكن على قدر استطاعتي، أما ما يليق بالله -جل وعلا-،
ويقابل نعمه التي لا تعد ولا تحصى أنا عاجز عنها، يدعو
ويقول هذا الكلام أيضاً، هذا مطلق، مطلق.
يقول: ما معنى حديث -هذا فيه أكثر من سؤال- ((من شغله ذكر
عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين))؟
(41/32)
لا شك أن الذكر وهو دعاء العبادة هو نوع من
الدعاء، ودعاء المسألة أيضاً دعاؤه في الوقت نفسه عبادة،
لكن الذكر عند أهل العلم أفضل من الدعاء، فإذا ترك المفضول
وانشغل بالفاضل فيعطى ما يؤمله -إن شاء الله تعالى-، لكن
يبقى أن الذكر والدعاء وهما من أفضل العبادات، والصلاة
عبادة، والصوم عبادة، ينبغي أن تنوع، فتنوع العبادات من
مقاصد الشرع، فيذكر أحياناً، ويدعو أحياناً، ويصلي
أحياناً، ويصوم أحياناً، وهكذا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(41/33)
الموطأ - كتاب
القرآن (5)
شرح: باب العمل في الدعاء
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا في حديث: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له
-إلى آخره- مائة مرة)) ثم قال: ((ولم يأتِ أحد بأفضل -نعم-
مما جاء به إلا أحد -نعم- إلا أحد عمل أكثر من ذلك)).
هذا يقول: لماذا لا يكون المقصود بالزيادة في الحديث أن
يقولها مائة مرة، ثم يكررها مائة أخرى فيذكرها مائة؟
يعني يكرر المئات، يزيد في المئات، لا يزيد على المئات،
نعم.
يقول: لماذا لا يكون المقصود يقولها مائة مرة، ثم يقولها
مائة مرة أخرى وهكذا؟
أما إذا زاد على الحد المشروع بأن قالها مائة مرة ومرة، أو
مائة وثلاث مرات كان هذا في الممنوع، على كل حال عموم
الحديث يشمل هذا وهذا، من قالها مائة وثلاث مرات، مائة
وعشر مرات، مائة وخمسين مرة يصدق عليه أنه عمل أكثر من ذلك
فيدخل في الحديث، كما أن من قالها مائتي مرة ثلاثمائة مرة،
خمسمائة مرة يصدق عليه ذلك، يصدق عليه ذلك، نكمل ما قرئ
بالأمس.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن زياد
بن أبي زياد -ميسرة المخزومي- عن طلحة بن عبيد الله بن
كريز –الخزاعي- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((أفضل الدعاء)) يوم عرفة، أفضل دعاء يوم عرفة، ((أفضل
الدعاء دعاء يوم عرفة))، أفضل: مبتدأ، الدعاء: مضاف إليه،
دعاء: خبره، يوم عرفة: مضاف إليه، ((أفضل الدعاء دعاء يوم
عرفة)) هذا يحتمل أن يكون الدعاء الفاضل منوط باليوم، فعلى
هذا يشمل الحاج وغير الحاج.
(42/1)
أقول: تفضيل الدعاء في هذا اليوم يحتمل أن
يكون منوطاً باليوم، فيشمل الحاج وغير الحاج، ويحتمل أن
يراد به الحاج، فيكون المراد دعاءٌ في يوم عرفة، أو دعاءُ
يوم في عرفة، إذا أردنا أن نقول: إنه خاص بالحاج، والحديث
يحتمل الأمرين، لفظه يحتمل أن يكون أفضل الدعاء الدعاء
الذي يقال في يوم عرفة، سواءً كان القائل في عرفة أو في
الأمصار لكنه في هذا اليوم، فإذا كان الدعاء منوطاً
ومعلقاً باليوم شمل الحاج وغير الحاج، وإذا كان الدعاء
منوطاً بالمكان الذي هو عرفة اقتصر فيه على الحاج.
ولا شك أن الحاج له مزية، الحاج له مزية على غيره، والله
-جل وعلا- ينزل عشية عرفة ويضاهي ويباهي بالحاج، ((أتوني
شعثاً غبراً)) ثم يقول: ((أخبركم أني قد غفرت لكم)) لا شك
أن الحاج له مزية، وهذا اليوم أيضاً له مزية، فصيامه يكفر
سنتين، إذاً غير الحاج يناله من بركة هذا اليوم من فضله ما
يكتب له، ((أفضل يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة)) هذا غير
منظور فيه إلى الحج وإلى الحاج، إنما هذا يشمل الجميع،
فينبغي أن يستغل هذا اليوم بالعبادة والذكر والدعاء، ولذا
استحب جمع من أهل العلم التعريف بالأمصار، إيش معنى
التعريف بالأمصار؟ نعم، هذه الكلمة استغلها من استغلها بأن
يلبس أهل الأمصار الإحرام، ويلزموا المساجد تشبهاً بمن وقف
بعرفة، لكن لا شك أن هذا بدعة، لبس الإحرام لغير النسك
بدعة، أما إن كان المقصود بالتعريف بالأمصار وهو المأثور
عن بعض السلف لزوم المساجد تشبهاً بالحجاج، واغتناماً لفضل
هذا اليوم فلا بأس، هذا مأثور، مأثور عن السلف، كثير من
السلف إذا صام لزم المسجد يحفظ صيامه، ولو في غير عرفة.
المقصود أن التعريف إن كان المقصود به لبس الإحرام، ولزوم
المساجد هذا بدعة لغير الحاج، وإن كان المقصود به لزوم
المساجد والتزام الذكر والعبادة في هذا اليوم العظيم فهذا
مأثور.
(42/2)
((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت
أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له))،
زاد في حديث أبي هريرة: ((له الملك، وله الحمد، يحيي
ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير))، ((لا إله إلا
الله وحده لا شريك له))، ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة،
وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده
لا شريك له)) يعني هل هذه من الدعاء؟ هل هي دعاء؟ أما دعاء
المسألة فلا، ليست بدعاء مسألة؛ لأن دعاء المسألة الطلب،
وهذه أعظم الأذكار، كلمة التوحيد التي شهد الله بها لنفسه،
وأشهد عليها أفضل خلقه هي أفضل الأذكار، نعم هي داخلة في
دعاء العبادة، وهو متضمن لدعاء المسألة، واستنبط منه أهل
العلم أن الثناء دعاء، ولا شك إن كان المراد بالدعاء دعاء
العبادة فالثناء والذكر من أفضل العبادات، إن كان المراد
به دعاء مسألة، إن كان دعاء المسألة مأخوذ من لفظه فلا،
وإن كان على سبيل الالتزام نعم، فدعاء العبادة مستلزم
لدعاء المسألة، وجاء في الخبر: ((من شغله ذكري عن مسألتي
أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)) والحديث فيه كلام لأهل
العلم معروف.
الآن فيه ارتباط بين المعطوف والمعطوف عليه: ((أفضل الدعاء
دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت)) أو هذا استئناف؟ نعم، أو
كلام مستأنف؟ اللي هو الذكر أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة،
وأفضل الأذكار ما قاله هو والنبيون من قبله -عليه الصلاة
والسلام-: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فتكون الواو
استئنافية، نعم، يعني نظير ما جاء في: ((حبب إليّ من
دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة)) منهم من
يقول: إن الثالثة معطوفة على الاثنتين، وأما لفظ: ثلاث
فليس بثابت، ومنهم من يقول: هذا استئناف؛ لأن الصلاة ليست
من أمور الدنيا.
على كل حال الحديث يدل على فضل كلمة التوحيد، وأنها أفضل
الأذكار على الإطلاق.
(42/3)
يقول ابن عبد البر: "لا خلاف عن مالك في
إرساله"، طلحة بن عبد الله بن كريز الخزاعي تابعي، أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال، رفعه التابعي إلى النبي
-عليه الصلاة والسلام- فهو مرسل، ولذا يقول ابن عبد البر:
"لا خلاف عن مالك في إرساله، ولا أحفظه بهذا الإسناد
مسنداً من وجه يحتج به، وقد جاء مسنداً من حديث علي وابن
عمرو، وقد جاء مسنداً من حديث علي وابن عمرو والفضائل لا
تحتاج إلى من يحتج به" هذا كلام ابن عبد البر.
أما حديث -علي الذي أشار إليه- فهو مخرج عند ابن أبي شيبة،
مخرج عند ابن أبي شيبة، وحديث ابن عمرو -عبد الله بن عمرو-
مخرج عند الترمذي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده،
وأيضاً عند البيهقي في الشعب.
المقصود أنه روي عن علي موصولاً، وروي عن عبد الله بن عمرو
ومن طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والكلام في هذه
السلسلة معروف لأهل العلم.
يقول ابن عبد البر: "ولا أحفظه بهذا الإسناد مسنداً من وجه
يحتج به ... ، والفضائل لا تحتاج إلى من يحتج به" هذا
جرياً على مذهب الجمهور بأنه يقبل في أحاديث الفضائل
الضعيف، ولا يشترط أن تكون صحيحة أو حسنة، بل يحتج بالضعيف
في الفضائل ويشترطون لذلك شروط منها: أن يكون الضعف غير
شديد، ومنها: أن يندرج تحت أصل عام، ومنها: ألا يعتقد عند
العمل به ثبوته وإنما يعتقد الاحتياط، فقول جمهور أهل
العلم الاحتجاج بالضعيف في الفضائل كما هنا.
ونقل النووي في مقدمة الأربعين الاتفاق على هذا القول،
ومثله ما قاله ملا علي قاري نقل الاتفاق على العمل بالحديث
الضعيف في الفضائل، لكنه الاتفاق هذا منقوض لوجود الخلاف،
لوجود الخلاف، والخلاف فيه قديماً وحديثاً معروف عند أهل
العلم.
الفضائل هم يشترطون للأحكام ألا تنزل عن الحسن، لا تنزل عن
الحسن، الأحكام، الفضائل المراد بها ما يرتب على فعله ثواب
وإلا ما في ثواب؟ نعم، في ثواب وإلا ما في ثواب؟ في ثواب،
ولا يعاقب على تركه، ما الفرق بين الفضائل والسنن؟ ما
الفرق بين .. ؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . . .
(42/4)
عمل جديد، طيب، أنا أقول: ما دامت الفضائل
يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها، فما الفرق بينها وبين
السنة المعروفة عند جمهور أهل العلم في الاصطلاح في حدها؟
في فرق وإلا ما في؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
ثابتة، نعم، الآن من يقول بمشروعية صلاة التسبيح إيش يقول؟
يقول: سنة وإلا بدعة؟ يرتب عليها ثواب وإلا ما يرتب عليها
ثواب؟ هي من الفضائل أو ليست من الفضائل؟ إذاً ما يظهر
فرق.
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، لا يلزم، صلاة التسابيح هذه لها وقت محدد؟ وإلا
يقال: إنها من السنن عند من يقول بها؟ ليست سنة، إذاً بدعة
وإلا إيش تصير؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم، كل الدنيا ثبوته ظني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا. . . . . . . . . ثبوتها، إذا قلنا: تثبت بالحديث
الضعيف ما هو بظني أقل من الظن، أقل من الظن، أما بالنسبة
لحدها اصطلاحاً السنة يدخل فيها الفضائل، الآن السنن
الرواتب هذه، وأربع ركعات قبل العصر يستطيع أحد أن يخرجها
عن تعريف السنن؟ لا يمكن، هل هي من الفضائل أو من غير
الفضائل؟ من الفضائل، كونها تندرج تحت أصل عام، الغالب أن
السنن أيضاً كثير منها يندرج تحت أصل عام، كثير منها يندرج
تحت أصل عام، الآن الحديث الذي معنا يندرج في باب الأذكار،
وقد جاء الحث على الذكر، صلاة التسابيح عند من يقول بها
تندرج تحت الحث على الصلاة، قراءة القرآن وما ورد في ذلك
من أحاديث ضعيفة في تخصيص بعض الصور، بعض الصور يقولون: من
الفضائل وتندرج تحت الحث العام على قراءة القرآن، لكن حدها
لا يختلف عن تعريف السنن، فإذا رتبنا على الفضائل ثواب،
ولم نرتب على تركها عقاب إذاً هي السنن، والسنن من الأحكام
اتفاقاً.
الشروط التي اشترطوها لا يمكن أن تنضبط، أوصلها بعضهم إلى
عشرة شروط، ابن حجر في تبيين العجب زاد على هذه الشروط،
المقصود أن هذه الشروط لا تنضبط، وكل من أراد أن يثبت
أمراً ألفه بحديث ضعيف قال: من الفضائل، وإذا أراد نفيه
قال: سنة ولا تثبت إلا بخبر ثابت، فمثل هذه الأمور لا
تنضبط، ولذا يجنح بعضهم إلى أن السنن لا تثبت، ومنها
الفضائل إلا بما تثبت به الأحكام؛ لأنها كلها شرع، والشرع
متساوي الأقدام.
(42/5)
جمع من أهل العلم لا يرون العمل بالضعيف
مطلقاً، أبو حاتم وأبو زرعة، ومقتضى عمل البخاري ومسلم،
وبه يقول ابن العربي، ويشدد فيه، أبو حاتم لا يرى العمل
بالحديث الحسن، لا يرى العمل بالحسن فضلاً عن الضعيف، أبو
الحسن بن القطان لا يرى العمل بالحسن لغيره أصلاً، وأنه في
دائرة الإهمال كالضعيف، جاء كثير من المتأخرين فقالوا بهذا
القول مثل الشوكاني والألباني وجمع من أهل العلم، المقصود
أن هذه المسألة خلافية بين أهل العلم، والجمهور عرفنا
مذهبهم.
شيخ الإسلام يريد أن يوجه كلام الإمام أحمد، الإمام أحمد
يفرق بين الأحكام والفضائل، نعم يفرق بين الأحكام والفضائل
فيحتج بالضعيف في الفضائل، وإذا جاءت الأحكام أراد رجالاً
هكذا، يعني يشد بهم القول، نعم.
شيخ الإسلام يوجه كلام الإمام أحمد أن مراده بالضعيف،
مراده بالضعيف الحسن، مراده بالضعيف الحسن؛ لأن أحمد .. ،
الإمام أحمد من المتقدمين، ولا يعرف عنهم تقسيم الأحاديث
إلى ثلاثة أقسام، إنما يقسموا الحديث إلى صحيح وغير صحيح،
فيكون مراده بالضعيف ما جاء في اصطلاح الترمذي ويعبر عنه
بأنه حسن في المرتبة بين المرتبتين.
إذاً الضعيف لا يدخل في كلام الإمام أحمد أصلاً على قول
شيخ الإسلام، نعم، لكن ماذا يلزم عليه؟ يلزم عليه أن
الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام، صح وإلا لا؟ لأنه
يريد للأحكام هكذا ما يريد الضعيف الذي هو عند شيخ الإسلام
يساوي الحسن، إذاً الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام،
وهذا خلاف المعروف من مذهبه -رحمه الله-.
شيخ الإسلام أيضاً يدعم قوله: إن الحسن لا يعرف إطلاقه قبل
الترمذي، وهو معروف عند شيوخ الترمذي ومن قبلهم، كما هو
مقرر في موضعه.
المقصود أن هذا التقعيد ينبغي أن يكون على عدم الاحتجاج
بالضعيف، ثم إذا وردنا أحاديث حكم أهل العلم بضعفها أو
درست أسانيدها فوجدت ضعيفة، ثم دلت القرائن التي لا تنهض
على تقويتها، وإنما دلت القرائن على أن أهل العلم عملوا
بها من غير نكير، أو ما أشبه ذلك، أو جاء فضيلة من الفضائل
في ذكر من الأذكار، وغلب على ظن الإنسان أن هذا الذكر
ثابت، وإن لم يكن من حيث الصناعة فيتسامحون في مثل هذا حتى
الذين يقولون: إنه لا يحتج بالضعيف.
(42/6)
يبقى أننا .. ، بعض أهل العلم يتساهل جداً
في التصحيح والتضعيف ثم يقول: إنه لا يحتج بالضعيف، مثل
الشيخ أحمد شاكر يتساهل يتساهل جداً جداً في التصحيح
والتضعيف ثم يقول هذا، هو بقي عنده ضعيف على شأن يحتج به
-رحمه الله-؟! يعني يندر أن يضعف حديث، بالمقابل أناس يندر
أن يصح عندهم خبر لا يوجد في الصحيحين، بعض الناس يتشددون،
لكن العبرة بأهل التوسط والاعتدال، وكتب الحنابلة مشحونة
بالأحاديث الضعيفة، لكن يرد على هذا أنهم يحتجون بالضعيف
في الأحكام، يعني كتب الفقه مشحونة، نعم يستدلون بالضعيف
على واجبات، فضلاً عن السنن والمستحبات، كتب المذاهب كلها
بدون استثناء، الأئمة يقررون أن الضعيف لا يحتج به في
الأحكام ومع ذلك أتباعهم يحتجون بها، يريدون احتجاجاً في
الأحكام، ولا شك أن هذه غفلة منهم، غفلة عن التقعيد، نعم،
هو مجرد استرواح وميل، يعني إذا لم يكن في المسألة إلا هذا
الحديث فكونك تعمل بهذا الضعيف أفضل من أن تهمل المسألة
أصلاً، أو تجتهد اجتهاد لا يستند إلى دليل، فالحديث ضعيف
عنده أحب إليه من الرأي، وهذا مأثور أيضاً عن أبي حنيفة
-رحمه الله-، ألا يعتقد عند العمل به ثبوته وإنما يعتقد
الاحتياط.
(42/7)
على كل حال العلم متكامل -ولله الحمد-
الفقهاء يكملون صنعة أهل الحديث والعكس، والمحدثون يؤصلون
المسائل الفقهية بما عندهم من نصوص، فلا يقدح لا في هذا
ولا في هذا، وكلها علوم الإنسان بأمس الحاجة إليها،. . . .
. . . . . نقول: إن هذا الكلام لا يفهم منه أننا نتنقص أحد
أبداً، بل كل منهم -أعني الفقهاء والمحدثين- كلهم محل
عناية، كلهم بذل جهده، واستفرغ وسعه لكن لا يكلف الله
نفساً إلا وسعها، فقيه صرف جهده ووقته للاستنباط وجهل أو
غفل عما عدا ذلك لا يكلف الله .. ، يأتيه الناقد من أهل
الحديث ويكمل، نعم، ولذا تجدون تخريج كتب الفقه درب مأثور
عند أهل العلم، كثيراً ما يضعفون الأحاديث التي اعتمدها
الفقهاء، يعني لا بد أن نفرق بين الاعتماد والاعتضاد، يعني
كون الإنسان .. ، كون العالم يحشد الأدلة فيأتي بالصحيح
ويردفه بالحسن ويكمل بالضعيف هذا لا يلام، نعم لا يلام؛
لأنه يشهد له ما تقدم، يعني كما قيل انتقد كتاب التوحيد
للشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه أورد فيه بعض الأحاديث
الضعيفة، الشيخ محمد بن عبد الوهاب يستدل على أصل المسألة
بآية من القرآن، يفتتح الباب بآية من القرآن، باب كذا وقول
الله تعالى، ثم بعد ذلك يردفها بالحديث الصحيح، نعم، الذي
يشمل المسألة بعمومه، ثم بعد ذلك إذا جاءه حديث يستفاد منه
التعين والتخصيص ولو كان فيه مغمز لبعض أهل العلم.
فمسألة حشد الأدلة غير الاعتماد على الضعيف؛ لأن هذه
الأحاديث إنما يؤتى بها للاعتضاد، للاعتضاد، ظاهر صنيعه
أنه لا يحتج بها، يعني ما يؤخذ من كونه أورد وأسند أنه
يعمل به، لكن لما اشترط الصحة وفى في الصحيح، على كل حال
هذا من التنوع، دعاء العبادة مطلوب، ودعاء المسألة مطلوب،
{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم} [(60) سورة غافر] وهذا يشمل
الأمرين، نعم، فتستغل الأوقات الفاضلة بأنواع العبادات،
بأنواع العبادات، من حيث التقعيد لا يعمل به مطلقاً، لا
يعمل به مطلقاً، لكن كل مسألة بخصوصها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الكلام في الفضائل، في الجميع ما يقبل إطلاقاً، لكن ما
يشد في المسألة بحيث يهمل القول الآخر، وهو قول عامة أهل
العلم، أئمة كبار من .. ، نعم.
(42/8)
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي
-محمد بن مسلم بن تدرس- عن طاووس -بن كيسان- اليماني عن
عبد الله بن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان
يعلمهم هذا الدعاء، كما يعلمهم السورة من القرآن "، يعلمهم
هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، التشبيه في حفظ
حروفه؛ لأن القرآن حفظه إنما يكون بحفظ حروفه، يقول:
((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)) من عذاب جهنم، يعني من
عذاب يكون في نار جهنم، ((وأعوذ بك)) معنى أعوذ، اللهم:
أصلها يا الله، إني أعوذ بك يعني: أعتصم وألتجئ بك يا رب
من عذاب العقوبة التي تكون في نار جهنم، ((وأعوذ بك))
وأعتصم وألتجئ إليك ((من عذاب يكون في القبر)) وأكثر ما
يكون العذاب في القبر سببه: المشي بين الناس بالنميمة،
وعدم الاستنزاه والاستبراء من البول، ((وأعوذ بك من فتنة
المسيح الدجال)) فتنة ابتلاء وامتحان واختبار، المسيح
الدجال: المسيح بالتخفيف وبالحاء المهملة منهم من شددها
مسِّيح، ومنهم من أعجم الحاء فقال: مسيخ، وعلى كل حال
الرواية المحفوظة: المسيح بالتخفيف والحاء، الدجال: سمي
بذلك لأنه ممسوح العين اليمنى، وأما بالنسبة للمسيح عيسى
بن مريم فهذا مسيح هداية، وأما بالنسبة للدجال فهو مسيح
ضلالة، والمسيح ابن مريم سمي بذلك لأنه إذا مسح ذا العاهة
برئ، وقيل: لأنه مسح الأرض، وقيل: لأنه ممسوح القدم، لا
أخمص له، على كل حال الفرق بينهما ظاهر، المسيح اسم وإلا
وصف وإلا لقب؟ لقب، الاسم: عيسى، اسمه: عيسى، نعم،
والمسيح؟ وصف؟ لقب؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، هو من حيث الاصطلاح لقب لكن جاء اسمه، اسمه المسيح
ابن مريم، فهو اسم وإلا وصف؟ نعم يا إخوان؟
طالب: وصف.
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
أسماء الله -جل وعلا-، نعم، قد يكون اللفظ في أصله وصف، في
أصله وصف، ثم يتداول فيصير اسم، مثل: "الرحمن الرحيم" نعم.
(42/9)
((وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ
بك من فتنة المحيا)) ما يعرض للإنسان في حياته مما يصرفه
عن دينه، ((والممات)) ما يعرض للإنسان عند موته، وقيل:
فتنته في قبره، وقد جاء الأمر بالاستعاذة من هذه الأربع،
فعند مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً:
((إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله من أربع)) وفي
رواية: ((فليستعذ)) فالأمر بها دل على وجوبها؛ لأن الأصل
في الأمر الوجوب، وأوجبها طاووس –الراوي- وأمر ابنه بإعادة
الصلاة لما ترك الاستعاذة من هذه الأربع كما في صحيح مسلم،
والجمهور على أنها مستحبة وليست بواجبة، وليست بواجبة، قد
يقول: جاء الأمر بها، قد يقول قائل: جاء الأمر بها
((فليستعذ بالله)) اللام لام الأمر، "فليتعوذ" اللام لام
الأمر، نعم، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما علمها المسيء،
وأكثر من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكرها،
فيقولون: هذه صوارف لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب،
أبو الزبير المكي معروف تدليسه، مدلس وقد عنعن، رواه عن
طاووس بالعنعنة.
وهذا يقول: ما تقولون في من قال: هذا من عنعنة أبي الزبير
والقول الراجح في تدليسه؟
هو مدلس، لكن تدليسه في الصحيح، في صحيح مسلم محمول على
الاتصال؛ لأن عنعنات المدلسين في الصحيحين محمول عند أهل
العلم على الاتصال، والحديث مما خرجه مسلم، الحديث مخرج في
مسلم، فلا كلام لأحد، بعد هذا يقول: "وحدثني عن مالك".
طالب:. . . . . . . . .
يعني حرصاً على لفظه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، قد يعلمه السورة من القرآن كما يعلمهم السورة من
القرآن على سبيل الاستحباب، وقد يعلمهم السورة، وقد علمهم
السور من القرآن على سبيل الاستحباب، يعني المشبه به ليس
بواجب، تعليم السور من القرآن واجب؟
طالب: لا، ليس بواجب.
إذاً المشبه به ليس بواجب، المقصود أن وجه الشبه هو
المحافظة على حروفه كما يتعلم القرآن.
(42/10)
"وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي -محمد
بن مسلم الذي سبق- عن طاووس -بن كيسان- اليماني عن عبد
الله بن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا
قام إلى الصلاة من جوف الليل، كان إذا قام إلى الصلاة من
جوف الليل يقول" يقول: خبر كان ((اللهم لك الحمد)) يعني
بعدما يكبر تكبيرة الإحرام يقول: ((اللهم لك الحمد، أنت
نور السموات والأرض)) أنت نور السموات والأرض، وجاء في آية
سورة النور، {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
مَثَلُ نُورِهِ} [(35) سورة النور] .. إلى آخره، فالله
نور، و ((حجابه النور)) وفي رواية: ((النار))، {أَن
بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} [(8) سورة النمل] ما معنى
الآية؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
{وَمَنْ حَوْلَهَا} [(8) سورة النمل] لكن الآن نريد من في
النار، الله -جل وعلا- حجابه النور لو كشفه نعم، وفي
رواية: ((النار)) على كل حال راجعوا لها كتب التفسير، هذه
فيها إشكال كبير عند أهل العلم يراجع لها كتب التفسير،
يعني الاسترسال فيها يخرجنا عن موضوعنا.
(42/11)
((اللهم أنت نور السماوات والأرض ولك
الحمد، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض)) قيام وقيوم
بمعنى واحد، والمراد به من يقوم بحفظهما، ((ولك الحمد أنت
رب السموات والأرض ومن فيهن)) ومن فيهن (من) هذه للعقلاء،
فغلب العقلاء على غيرهم، ((أنت الحق)) الإله المعبود بالحق
-بحق- فأنت حق وقولك حق ((أنت الحق وقولك الحق)) تعريف
جزئي الجملة ((أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق)) يدل على
إيش؟ تعريف جزئي الجملة يفيد الحصر، ((أنت الحق)) يعني لا
غيرك، ((قولك الحق)) لا غيره، ((ووعدك الحق)) لا سواه، بل
وعد لا يدخله خلف البتة، إنك لا تخلف الميعاد، ((ولقاؤك
-الذي هو البعث- حق)) لا مرية فيه ولا شك، والإيمان بالبعث
ركن من أركان الإيمان بالله -جل علا-، ((والجنة حق، والنار
حق)) الجنة وجودها ونعيمها حق، والنار وجودها وعذابها حق،
لا شك فيه ولا امتراء، هذا مما يجب أن يعتقده المسلم، وجود
الجنة والنار لا خلاف فيه بين أهل السنة، وأنكر المعتزلة
والجهمية وجودهما في الدنيا قبل الآخرة، لا حاجة لهما في
نظرهم، في نظرهم، وجودهما في الدنيا عبث عندهم، لكن الذي
عليه أهل السنة من أئمة الإسلام وسلف هذه الأمة كلهم على
أن النار .. ، الجنة والنار موجودتان، مخلوقتان، يقول -جل
وعلا- في حق فرعون وأهله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا
غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [(46) سورة غافر] متى هذا؟ في الدنيا
لأنه قال بعد ذلك: "ويوم القيامة أدخلوا".
طالب:. . . . . . . . .
ويوم تقوم الساعة، نعم، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ
أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة
غافر] نسأل الله العافية، نعم، فهذا دليل من أصرح الأدلة
والأقوال على أن الجنة والنار موجودتان في الدنيا قبل
الآخرة، وجاء في حديث الابتلاء والامتحان في السؤال في
القبر أن المؤمن يفتح له باب إلى الجنة، وغيره يفتح له باب
إلى النار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في الأحاديث
الصحيحة رأى الجنة والنار.
(42/12)
((والنار حق، والساعة حق)) هاه ((أنت الحق،
وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاءك حق -أو الحق- والجنة حق،
والنار حق، والساعة)) يعني قيامها الذي به تكون نهاية
الدنيا ((حق، اللهم لك أسلمت)) انقدت وخضعت، ((وبك آمنت))
صدقت وأيقنت يقيناً جازماً ((وعليك توكلت)) فوضت أموري
كلها ((وإليك أنبت)) يعني: رجعت مقبلاً بقلبي وقالبي إليك
((وبك خاصمت)) من لم يقبل الدعوة، ومن خاصم بالباطل يخاصم
بالله -جل وعلا-، ((وإليك حاكمت)) كل من ظلم أو جحد الحق
فإنه يحاكم إلى الله -جل وعلا-، لا إلى غيره من الأعراف
والعادات، ولا من القوانين المستوردة من الأعداء، إنما
التحاكم إلى الله -جل وعلا-، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ
يَبْغُونَ} [(50) سورة المائدة] {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ
يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] {وَمَن لَّمْ يَحْكُم
بِمَا أَنزَلَ اللهُ} [(44) سورة المائدة] في الآيات
الثلاث، المقصود أن الأمر ليس بالسهل ولا بالهين.
((فاغفر لي ما قدمت)) يعني قبل هذا الوقت، وما أخرت عنه من
الذنوب بالنسبة لمن يتصور منه وقوع الذنب، ومنه -عليه
الصلاة والسلام- يكون هذا الدعاء تعليم لأمته، تعليم
لأمته، وإلا فقد غفر له ما تقدم من ذنبه، وهو معصوم من أن
يقع منه الذنب، ((فاغفر لي ما قدمت وما أخرت)) وأسررت
يعني: أخفيت وأعلنت: المراد به أظهرت ((أنت إلهي لا إله
إلا أنت))، زاد البخاري: ((ولا حول ولا قوة إلا بالله))
والحديث متفق عليه، الحديث متفق عليه.
(42/13)
الله نور، نعم، {اللَّهُ نُورُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [(35) سورة النور] يعني هل
يساغ أن يسمى بعبد النور مثلاً، هل المراد بنور إطلاق
المصدر على الله -جل وعلا- هل يراد به حقيقة المصدر أو اسم
الفاعل؟ يعني منور، أو هو بذاته -جل وعلا- نور؟ الأصل أنه
نور، كما قال عن نفسه -جل وعلا- {اللَّهُ نُورُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [(35) سورة النور] كما قال عنه
نبيه -عليه الصلاة والسلام-، منهم من يقول نور: يعني منور
السماوات والأرض، وعلى كل حال ما دام ثبت بالكتاب والسنة
هذا الإطلاق فلا مندوحة عنه، ولا محيد ولا مفر، بل علينا
أن نسلم بما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-،
يعني هل يقال: النور، عبد النور مثلاً، أو عبد نور، أو لا
بد أن يقال: نور السماوات والأرض؟ لأن من الأسماء ما لا
يطلق إلا مع مقابله، ما تقول: عبد النافع، نعم، والله -جل
وعلا- هو النافع، لكن أيضاً هو الضار، فمن الأسماء
المتقابلة ما لا يمكن إفراد بعضها عن بعض، منها المضافة لا
يمكن أن تطلق بغير المضاف إليه وهكذا.
وعليه الصلاة والسلام- معصوم عن الذنب، بعد النبوة معصوم،
على كل حال المسألة هو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر،
ومعصوم عند عامة أهل العلم، أما من وقوع الشرك فهذا إجماع،
أو وقوع ما يخل بالتبليغ أيضاً هذا إجماع، مسألة وقوع
الكبائر أو وقوع الصغائر التي يوفق للرجوع عنها مسألة .. ،
لكن الجمهور على أنه معصوم لا يقع منه كبيرة، يقع منه خلاف
الأولى، قد يقع منه خلال الأولى، قد يقع منه خلاف .. ، قد
يجتهد ويقع منه خلاف الأولى كما في قصة الأسرى، وهي التي
يستغفر منها، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
((نور أنى أراه)) يعني هذا ماشي مع ((حجابه النور)) ماشي
مع ((حجابه النور)).
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لو استرسلنا في هذا الموضوع لخرجنا عما يراد منا في هذا
الباب، وإلا لو أردنا أن نقول مثلاً: هل النور .. ؟ هل هو
نفس النور أو النور ينبعث منه؟ ما لنا داعي بهذا الكلام
كله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا دعاء استفتاح، إيه، هذا الدعاء من أدعية الاستفتاح
التي تقال في صلاة التهجد.
(42/14)
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذا في أول تسليمة.
طالب:. . . . . . . . .
اللي يظهر أنه .. ، هو موجود على كل حال في أسماء أهل
العلم عبد النور، نعم، هو موجود في أسماء أهل العلم عبد
النور، لكن هذا مما يختلفون فيه هل هو اسم؟ والأمر فيه
سعة، وجد ما يدل عليه ومن فهمه صفه لا اسم، ونفاه من
الأسماء له وجه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن
عتيك" الأنصاري، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر، ويقال:
جبر بن عتيك الأنصاري المدني "أنه قال" كذا في رواية يحيى،
وهو أولى مما جاء في الروايات الأخرى ممن أدخل بين عبد
الله بن عبد الله وبين ابن عمر راوياً، فمن الرواة عن مالك
من أدخل بين عبد الله وابن عمر عتيك بن الحارث، وفي رواية:
جابر بن عتيك، يعني جد عبد الله، نعم، يقول ابن عبد البر:
"لكن رواية يحيى أولى"، "أنه قال: جاءنا عبد الله بن عمر
بن الخطاب -رضي الله عنهما- في بني معاوية" في بني معاوية
وهي قرية، قرية من قرى الأنصار بالمدينة "فقال: "هل تدرون
أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم؟ " هل
صلى .. ؟ أين صلى؟ "هل تدرون أين صلى رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- من مسجدكم هذا؟ فقلت له: نعم" مراد ابن عمر أن
يصلي فيه، وهذا من شدة حرصه -رضي الله عنه- على اقتفاء
آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- لكنه لم يوافق على ذلك
-رضي الله عنه وأرضاه-، هو يحرص على اقتفاء آثار النبي
-عليه الصلاة والسلام-، ويتتبعها، ويفعل ما فعله النبي
-عليه الصلاة والسلام- فيها، بل كان يبالغ في ذلك، فذكر
ابن عبد البر في التمهيد عنه أنه كان يكفكف دابته لتقع
أقدامه على أقدام دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا
اجتهادات ابن عمر مما شذ به ابن عمر -رضي الله عنهما- مما
لم يوافق عليه، لم يفعله كبار الصحابة، بل المعروف عند أهل
العلم من أجل حماية جناب التوحيد وسد الذرائع الموصلة إلى
الشرك مثل هذه يعمونها، يحرصون على أن تخفى، لا على أن
تبعث وتوجد.
"أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم هذا؟
فقلت له: نعم، وأشرت له إلى ناحية منه" يعني من المسجد.
تفضل.
(42/15)
هذا يقول: ما حكم السفر إلى الدول غير
الإسلامية؟
إذا كان البقاء بين أظهر الكفار لا يجوز، والهجرة من بلاد
الكفر إلى ديار الإسلام واجبة، إلا من استضعف وعجز، فقد
جاء عذره في القرآن، وعلى هذا لا يجوز السفر إلى البلاد
غير الإسلامية والإقامة فيها، أهل العلم يقولون: إذا كانت
المصلحة راجحة لتعلم علم لا يوجد عند المسلمين، والأمة
بحاجة إليه، أو سفر لعلاج أو لدعوة، أهل العلم يرخصون في
هذا، لكن على الإنسان أن يحتاط لدينه، يحتاط لدينه، والله
المستعان.
يقول: ما حكم الترشيح أو التصويت لغير المسلم؟
غير المسلم لا يجوز ترشيحه ولا تصويته له، اللهم إلا إذا
كانت البلاد غير إسلامية، والإنسان مضطر على البقاء فيها،
أو عاجز عن الانتقال منها، ورأى أن هذا الذي يرشح يخفف
الشر على المسلمين، فالمسألة اجتهادية، المسألة اجتهادية،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ترشيح بين كفار، لكن هذا موجود مسلم ووجد في هذه البلاد
وله صوت معتبر وهذا كافر مؤذي ومعروف وشرير شره متعدٍ،
وهذا كافر لا يخشى شره، لا شك أن تقليل الشر بقدر الإمكان
مطلوب، وإلا فالأصل أن الكافر لا عبرة به، والله المستعان،
وهذا من آثار بناء النتائج التي يراد أن تكون شرعية على
مقدمات غير شرعية، نعم يقيم في بلاد الكفار ثم يضطر إلى أن
يتحاكم إلى غير ما أنزل الله، يتحاكم إلى القوانين
الوضعية، وقد يلجأ إلى ربا، وقد يضطر إلى كذا، ما الذي
اضطرك إلى البقاء يا أخي؟ العاجز، العاجز معذور، لكن من
استطاع لا يجوز له ذلك بحال.
يقول: هذا أيضاً بالنسبة لحديث رفاعة بن رافع والرجل الذي
زاد في قيامه من الركوع: "ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً"
البعض يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر عليه
أصل عمل الزيادة، بل امتدح ما فعل، وتأخير البيان عن وقت
الحاجة يخالف كونه -عليه الصلاة والسلام- بين أكمل بيان
وأتمه، فيلزم من هذا تسويغ الزيادة على المشروع -كما
قالوا- فكيف نرد عليهم في هذه النقطة؟
(42/16)
في عصر التشريع، في عصر التشريع إذا اجتهد
الإنسان، فعل الخير، وقصد فعل الخير وفعله، السنة منها ما
يسمى بالتقرير، التقرير؛ لأن السنة إنما تكون بالقول
وبالفعل وبالتقرير وبوصفه -عليه الصلاة والسلام- بشمائله
وأخلاقه وآدابه، التقرير، السنة التقريرية إذا فعل بحضرته
-عليه الصلاة والسلام- شيء أو اجتهد شخص فقال قولاً يرجو
به ما عند الله -جل وعلا-، وأقر في عهده -عليه الصلاة
والسلام- من قبله -عليه الصلاة والسلام- يكتسب المشروعية،
وبعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- لا كلام لأحد في هذا
الباب؛ لأنه من أين يكتسب التشريع؟ من أين يكتسب الشرعية
والوحي قد انقطع والإقرار الشرعي قد انتهى؟ من أين لشخص
يقول كلاماً يظنه يقربه إلى الله -جل وعلا- ولا يجد من
يدله على صواب قوله؟ هذا ابتداع، هذا ابتداع لا بد أن يكون
الدعاء لا سيما الذي يتعبد به في الصلاة لا بد أن يكون له
أصل في الشرع من قول أو فعل، من قوله -عليه الصلاة
والسلام- ومن فعله نعم، أو من تقريره، فليس في هذا مستمسك
لمن أراد أن يأتي بشيء غير مشروع ويقول: إن الصحابي أقدم
على غير المشروع من غير أن يسبق له شرعية، قبل أن يقره
النبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: هو اكتسب الشرعية من
إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
الخلافة؟ الخلافة ميئوس منها في بلاد كفار هذا الكلام،. .
. . . . . . . الآن، هو يقول: ما حكمه؟ نقول:. . . . . . .
. . كافر مؤذي للمسلمين وشرير، والمفاضلة بين اثنين، بين
هذا وبين شخص وجوده مثل عدمه.
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في كتابه: السياسة الشرعية
يقرر أن تقليل الشر بقدر الإمكان مشروع، تقليل الشر لو صار
شخص مستشار عند ظالم، وهذا الظالم فرض ضريبة على الناس كل
واحد ألف مثلاً، فجاء هذا المستشار وقال: لو خفضتها إلى
خمسمائة هان الأمر، هذه الخمسمائة ظلم، ومقالة هذا الشخص
لهذا الظلم أيضاً إقرار للظلم، لكن تخفيف في المقابل، شيخ
الإسلام يرى شرعية مثل هذا، فتخفيف الظلم في نظر شيخ
الإسلام ابن تيمية -رحمة الله عليه- شرعي بقدر الإمكان.
طالب:. . . . . . . . .
(42/17)
نقول: يا أخي الأصل أنهم لا علاقة لهم في
هذا الباب، وأنهم كونهم يصوتون لكافر إقرار وتشريع لعمله،
لكن المصلحة تقتضي هذا، المصلحة ما هي بمصلحة الإنسان
الشخصية؛ لأن بعض الناس يخلط بين مصلحته الشخصية ومصلحة
الأمة العامة، نعم المصلحة الشخصية لا ينظر إليها بمثل هذه
الأمور، لكن إذا كانت .. ، إذا كانت مصلحة الأمة بكاملها
تتعلق بترشيح هذا الكافر الذي هو أخف ضراً وأخف شراً،
تخريجاً على قول شيخ الإسلام ما فيه إشكال، يعني من .. ،
في تاريخ الدولة نابتة السوء هذه اللي يسمونها إسرائيل ألا
يتفاوت المسئولون فيها شرهم زيادة ونقصاً؟ نعم، يختلفون،
يعني لو شخص ترشيح بين شارون هذا الطاغية الخبيث وبين شخص
آخر أقل منه ضرراً فرشح المسلمون الآخر اكتفاءً لشره، ما
هو بالأصل، أصل المسألة غير مشروع، لكن يبقى أن تقليل الشر
بقدر الإمكان نعم، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يقحم نفسه
ليعمل ويتولى بنفسه أعمال غير مشروعة، يعني يختلف هذا عن
هذا، نعم يختلف عن كونك ترشح شخص أنت مفروض مفروض عليك
شخص، شخص أقل من الآخر في الشرط خرجناه على قول شيخ
الإسلام، لكن أنت ترشح لتعمل أعمال شريرة تخالف الإسلام
ولو كان ضررك على المسلمين أقل، نقول: لا يجوز أن تدخل
فيها، لكن أن تتولى بنفسك إقرار الشر، فرق بين هذا وهذا.
نعود إلى الحديث.
(42/18)
"هل تدرون أين صلى رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- في مسجدكم هذا؟ " يعني ليصلي فيه، وعرفنا هذا
من مما اختص به، وانفرد به ابن عمر من تتبع آثار النبي
-عليه الصلاة والسلام- "فقلت له: نعم، وأشرت إلى ناحية
منه" من المسجد "فقال: هل تدري ما الثلاث -يعني: الدعوات-
التي دعا بهن فيه؟ " يعني في هذا المسجد، ابن عمر يدري
وإلا ما يدري؟ قال: صدقت، يدري وإلا ما يدري؟ يدري ابن
عمر، يدري ابن عمر؛ لأنه قال في الأخير: "صدقت" ولا نقول:
إن هذا مثل ما جاء جبريل يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-
ويقول له: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، هنا فيه طرح
العالم المسألة على من دونه، لتقر في ذهنه إن كان جاهلاً
بها عُلم، وإن كان حافظاً لها ثبتت في ذهنه، وسمعها من حضر
واستفادوا، وهذا أصله سؤال جبريل للنبي -عليه الصلاة
والسلام- عن الدين، عن الدين بدوائره الثلاث: الإسلام،
والإيمان، والإحسان.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، سؤال النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الشجرة التي
تشبه المؤمن.
"التي دعا بهن؟ فقلت: نعم، قال: فأخبرني بهن؟ فقلت: دعا
بأن لا يظهر .. ، بأن لا يظهر الله -جل وعلا- عليهم عدواً
من غيرهم" يعني من غير المؤمنين، يظهر هل معنى هذا أن
المؤمنين إذا قابلوا الكفار متحتم نصرهم أو قد ينصر الكافر
ويدال عليه من باب الابتلاء والامتحان؟ لكن لا يظهر، يعني
ظهوراً عاماً على وجه الأرض على المسلمين لا، نعم، لكن لا
يمنع أن ينتصر الكافر من باب ابتلاء المؤمن، ابتلاء
المسلمين، " بأن لا يظهر الله عليهم عدواً من غيرهم" يعني
من غير المؤمنين، "ولا يهلكهم بالسنين" يعني بالمحل والجدب
"فأعطيهما" أجيب بدعوته، أو بدعوتيه، ودعا دعوة ثالثة: بأن
لا يجعل بأسهم بينهم، أعطي هاتين الدعوتين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(42/19)
المسئول وابن عمر أقره، المسئول المسئول
هذا، فقال: هل تدرون أين صلى؟ فقلت: نعم، القائل هذا هو
الذي قاله، "فأعطيهما" وأقره ابن عمر قال: صدقت، وهو
الحديث في صحيح مسلم مفصل، "ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم"
يعني في الحروب والفتن "فمنعها، قال: صدقت" يدل على أن ابن
عمر كان عنده علم من ذلك، قال ابن عمر: "فلن يزال الهرج
إلى يوم القيامة" لن يزال القتل إلى يوم القيامة، وهذا
بقضاء الله -جل وعلا- وقدره، وفي حديث حذيفة: أن هناك باب
إذا كسر الباب بدأت الفتن، والباب هو عمر -رضي الله عنه-،
هو عمر -رضي الله عنه- لما قتل عمر بدأت الفتن، تلاه قتل
الخليفة الراشد، الصوام القوام، مظلوم بين المهاجرين
والأنصار، في بلد الإسلام، وبين المسلمين، وهذا شأن الفتن،
إذا بدأت واستفحلت لا يمكن السيطرة عليها، لا يمكن السيطرة
عليها، هي في أول ما تكون فتية، يمكن معالجتها والسيطرة
عليها، لكن إذا استفحلت لا يمكن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا اجتهاده، هذا اجتهاده، وهذا من شواذه -رضي الله عنه
وأرضاه-، ما وافقه أحد.
طالب:. . . . . . . . .
أما ما جاء له ولغيره -عليه الصلاة والسلام-
{وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}
[(125) سورة البقرة] هذا للجميع، أما ما صلى به اتفاقاً
-عليه الصلاة والسلام- من غير مزية له على غيره فلا يلزم.
طالب: الحرم.
ولا حرم ولا غيره، كل إنسان مطالب، أنت مصلي مطالب بالصف
الأول، بميامين الصفوف لأنها جاءت نصوص تخصك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
يتتبعونه، يذكرونه في تواريخ المدينة، ويتتبعه بعض الناس،
على كل حال تتبع الآثار لا شك أنه يجر إلى أن تعبد هذه
الآثار، وأن يعتقد فيها، وأن يتبرك بها، كما هو حاصل.
(42/20)
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم
أنه كان يقول: "ما من داعٍ يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث:
إما أن يستجاب له -بعين ما سأل- وإما أن يدخر له -يوم
القيامة- وإما أن يكفر عنه" من الذنوب نظير دعائه، وهذا
الكلام قول زيد بن أسلم، يقول ابن عبد البر: "مثل هذا
يستحيل أن يكون رأياً واجتهاداً، وإنما هو توقيف، وهو خبر
محفوظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-" ثم أخرج عن جابر أن
النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((دعاء المسلم بين إحدى
ثلاث: إما أن يعطى مسألته التي سأل، أو يرفع بها درجة، أو
يحط بها عنه خطيئة، ما لم يدعُ بقطيعة رحم، أو بإثم، أو
يستعجل)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قحط السنين، نفسه، نفسه، إيه، ((اللهم اجعلها سني كسني
يوسف)) يعني جدب وقحط.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو ثبت معروف عنه أنه يصلي، يبحث، يبحث عن هذه
المواضع، بل ذكر عنه ابن عبد البر شيئاً أعظم من ذلك، ما
دام يكفكف الدابة، الله المستعان.
هات، سم.
شرح: باب العمل في الدعاء:
قال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-:
باب العمل في الدعاء:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رآني عبد
الله بن عمر -رضي الله عنهما- وأنا أدعو وأشير بأصبعين
أصبع من كل يد فنهاني.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان
يقول: "إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده"، وقال: بيديه
نحو السماء فرفعهما".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "إنما
أنزلت هذه الآية، {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ
تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [(110)
سورة الإسراء] في الدعاء".
قال يحيى: وسئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة فقال:
لا بأس بالدعاء فيها.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- كان يدعو فيقول: ((اللهم إني أسألك فعل الخيرات،
وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت في الناس فتنة
فاقبضني إليك غير مفتون)).
(42/21)
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- قال: ((ما من داعٍ يدعو إلى هدى إلا كان
له مثل أجر من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، وما من
داعٍ يدعو إلى ضلالة إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك
من أوزارهم شيئاً)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- قال: "اللهم اجعلني من أئمة المتقين".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا الدرداء -رضي الله عنه-
كان يقوم من جوف الليل فيقول: "نامت العيون، وغارت النجوم،
وأنت الحي القيوم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى -: "باب: العمل في الدعاء"
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رآني عبد
الله بن عمر وأنا أدعو وأشير بأصبعين أصبع من كل يد
فنهاني"، فنهاني، يشير بالإصبعين، بيديه كلتيهما،
بسبابتيه، فنهاه عن ذلك لأنه ينافي التوحيد، لا أقول: إنه
شرك لكن المطلوب التوحيد، والإشارة إلى التوحيد بأصبع
واحدة، فالواجب في الدعاء الأصل فيه إما أن يكون برفع
اليدين، وتواترت الأحاديث في ذلك، وفي الباب أكثر من مائة
حديث في رفع اليدين في الدعاء جمعت في رسائل مستقلة، فإما
أن يكون برفع اليدين، والله -جل وعلا- يستحيي أن يرد عبده
إذا رفع يديه صفراً، يعني خاليتين، إما أن يكون باليدين
وبسطهما علامة للتضرع والرغبة إلى الله -جل وعلا-، وقد ورد
إنكار رفع اليدين، لكنه قول شاذ، أثر عن بعض السلف أنه قال
لشخص رافعاً يديه: "ثكلتك أمك من تتناول بهما" ولعله رآه
بالغ في رفع اليدين، حتى كأنه يتناول شيئاً بعيداً، فقال
له ذلك، وإلا فالأصل في رفع اليدين الثبوت القطعي من فعل
النبي -عليه الصلاة والسلام- وقوله، مفهومه أنه لا يرده
خائباً، لا يرده خائباً، لا بد من .. {ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] والإجابة إما أن تكون
بعين ما طلب، أو أن يدخر له نظيره في الجنة، أو يدفع عنه
من السوء ما يقابله.
أما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فلا يثبت، فيه حديثان
ضعيفان لا تقوم بهما حجة، إن لم يكن الدعاء برفع اليدين
فليكن بالإشارة بأصبع واحدة على معنى التوحيد، قاله
الباجي.
(42/22)
وروي مرفوعاً عن أبي هريرة أن شخصاً في
تشهده أشار بإصبعيه فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-:
((أحد أحد)) نعم هذا مرفوع، وعلى كل حال فالحديث وإن كان
موقوفاً على ابن عمر إلا أنه يشهد له المرفوع من حديث أبي
هريرة، والمعنى صحيح، فالإشارة إلى الواحد بأصبع واحدة،
وهو ما يقتضيه التوحيد مما تقدم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه أنكر عليه رفع اليدين في الخطبة، أنكر عليه رفع اليدين
في الخطبة، أما رفع اليدين في خطبة الاستسقاء ثابت، نعم،
وحتى من الجلوس أن المصلين كلهم يرفعون أيديهم في خطبة
الاستسقاء، هذا ثابت في الصحيح.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان
يقول: "إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده" ليرفع بدعاء
ولده من بعده، معلوم أنه ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله))،
((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو
علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) ((أو ولد صالح يدعو
له)) يحرص الإنسان على الصدقة الجارية المستمرة التي لها
مصدر يضمن استمرارها ليستمر الأجر، علم ينتفع به، يحرص على
أن يتعلم العلم الشرعي النافع، مخلصاً في ذلك لله -عز
وجل-، ويحرص على أن يعلمه الناس، ليكون له مثل أجورهم،
نعم، ويحرص على التأليف الذي لا ينقطع ثوابه.
((أو ولد صالح يدعو له)) فيحرص على تربية ولده حتى يكون
صالحاً ينتفع بدعائه، فإذا لم يحرص على تربية ولده نعم،
فصلح الولد، أراد الله له الصلاح فدعا له لا شك أنه ينتفع
بهذا الدعاء، لكن ليس انتفاعه مثلما لو كان هو السبب في
صلاحه، ولذا في قوله -جل وعلا-: {وَقُل رَّبِّ
ارْحَمْهُمَا} [(24) سورة الإسراء] عبث؟ أو لأمر من
الأمور؟ {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [(24) سورة الإسراء]
لهذا الأمر، وهذه يغفل عنها كثير من الناس، الشخص الذي لا
يربي أولاده قد لا ينتفع بهم ولا بدعائهم.
"وقال" أي أشار، من إطلاق القول على الفعل، ومنه ما جاء في
صفة التيمم فقال بيديه هكذا، إطلاق القول على الفعل، أشار
"بيديه نحو السماء فرفعهما" لأن الله -جل وعلا- المدعو في
جهة العلو، مستوٍ على عرشه فوق سماواته بائنٌ من خلقه.
(42/23)
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن
أبيه أنه قال: "إنما أنزلت هذه الآية: {وَلاَ تَجْهَرْ
بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [(110) سورة الإسراء]
لا تجهر بها جهراً يشق عليك بحيث تنقطع {وَلاَ تُخَافِتْ
بِهَا} [(110) سورة الإسراء] يعني لا تخفض بها صوتك بحيث
لا تسمع نفسك {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [(110)
سورة الإسراء] يعني وسطاً "في الدعاء" وهذا أرسله مالك،
أرسله مالك، ووصله الإمام البخاري عن عائشة -رضي الله
عنها- في كتاب الدعوات، وفيه: أن المطلوب التوسط، التوسط
في الدعاء، ولذا لما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء قال لهم
-عليه الصلاة والسلام-: ((أربعوا على أنفسكم، إنكم لا
تدعون أصماً ولا غائباً)) يعني أربعوا أرفقوا بأنفسكم،
الإنسان يتوسط في أموره كلها، ورفع الصوت ليس مما يحمد به
الإنسان، ليس مما يحمد به الإنسان، ولذا جاء {إِنَّ
أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [(19) سورة
لقمان] فليس مما يمدح به الإنسان، نعم عند الحاجة إلى رفع
الصوت بحيث تكثير الجموع، ولا يسمعون إلا مع رفع الصوت هذا
مطلوب للحاجة الداعية إليه، وأما إذا لم تدعُ إليه الحاجة
فلا، مع الأسف أن بعض الأئمة من الشباب على وجه الخصوص
يحرصون على أن تكون الآلات التي ترفع الصوت من المكبرات من
نوع خاص، يرتفع بها الصوت جداً، وهذا الصوت إذا زاد عن حده
فهو منكر، وهذه الآلات التي أدخلت في العبادات الخاصة،
إنما أدخلت للحاجة، فيكفي منها قدر الحاجة، وما زاد على
ذلك فلا، وبعضهم يزيد على ذلك فيجعل من المؤثرات الصوتية
والصدى وترديد الصوت، كل هذا لا ينبغي هذا، هذا لا ينبغي؛
لأن هذه عبادة محضة ينبغي أن تصان عن المحدثات، نعم دعت
الحاجة إلى مكبرات الصوت، الحاجة تقدر بقدرها، {وَلاَ
تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [(110) سورة
الإسراء] بعض الناس يزعج المصلين، كثير من الناس يصدع رأسه
من شدة الصوت، بل بعضهم لا يستطيع مواصلة الصلاة في بعض
المساجد تجد معه .. ، عنده نصف صف، نعم عنده نصف صف، ومع
ذلك يأتي بالسماعات والآلات القوية، ويكثر من السماعات على
شان إيش؟ يعني مبالغات إضافة إلى كونها فوق الحاجة تدخل في
حيز
(42/24)
السرف والخيلاء وعندنا كذا وعندنا كذا،
مكبرات على ما أدري كم؟ خمسين ألف وما أدري، يعني غير
مقصود، هذا غير مقصود فينبغي أن يلاحظ نفسه.
{وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا
وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [(110) سورة الإسراء]
يعني توسط في أمرك في الدعاء، وهذا أرسله الإمام مالك
ووصله البخاري عن عائشة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة،
وفيه أن المطلوب التوسط في الدعاء بين الجهر والمخافتة
فيسمع نفسه؛ لأن ذلك أقرب إلى الإخلاص، وإنما أنزلت هذه
الآية في الدعاء، هذا بيان لسبب نزول الآية، وسبب النزول
له حكم الرفع، لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا
بد أن يكون طرفاً في الموضوع، إذ النزول إنما يكون عليه،
ولذا يقول حافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وعد ما فسره الصحابي ... رفعاً فمحمول على الأسبابِ
لأن من أهل العلم من يحكي كالحاكم أن تفسير الصحابي له حكم
الرفع، تفسير الصحابي له حكم الرفع، لكنه محمول على أسباب
النزول، أما التفسير ذاته فيدرك، بعضه يدرك من لغة العرب،
فلا يكون له حكم الرفع مطلقاً.
"قال يحيى: "وسئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة فقال:
لا بأس بالدعاء فيها"، نعم، يقول الباجي: "وهذا كما قال لا
بأس بالدعاء في المكتوبة وغيرها من الصلوات يدعو بما شاء
من أمر دينه ودنياه، سواءً كان ذلك من القرآن وغيره،
وينبغي أن يكون الدعاء في مواضع الدعاء"، في السجود، وبين
السجدتين، وبعد الفراغ من التشهد، وقبل السلام، يدعو بما
أحب، ((وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء)) لا باس، لكن
يدعو في غير موضع الدعاء، يدعو في غير موضع الدعاء، في ركن
القيام يدعو، ما يدعو، المقصود أن الدعاء لا بأس به في
الصلاة، يعني في موضع الدعاء.
(42/25)
كأن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرى أن
الدعاء نوع من الأذكار، نوع من الذكر، والصلاة إنما شرعت
لذكر الله، بهذا وبمثله قال من قال بدعاء ختم القرآن في
الصلاة، بعد الفراغ من ختم القرآن يدعو بما أحب؛ لأنه عند
ختم القرآن كما ثبت عن الصحابة دعوة مستجابة، لكن هل
الفراغ من القراءة وقبل الركوع موطن للدعاء في غير القنوت،
في غير قنوت الوتر؟ نعم، الآن انتهى من ثنائية وفرغ من
القرآن في تراويح مثلاً وأراد أن يدعو كما يفعل الناس،
ومعروف في مذهب الإمام أحمد يقول الإمام -رحمة الله عليه-
كان أهل مكة يفعلونها، وقيل له: ألا يكون دعاء ختم القرآن
في الوتر؟ قال: لا، ليكون لنا دعاءان، ليكون لنا دعاءان،
نعم، فهل هذا من مواضع الدعاء؟ الذي ينكر .. ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه في الوتر، في الوتر وفي صلاة الصبح، في صلاة الصبح،
هذا قنوت نوازل، لكن دعاء ختم القرآن لا شك أن هذا ما أثر
عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه دعا بعد ختم القرآن،
وقد يقول قائل: إنه ما حفظ عنه بعد أنه قرأ القرآن
متتابعاً كاملاً.
طالب:. . . . . . . . .
في العرضة الأخيرة هو ليس في صلاة، الدعاء بعد الختم ما
ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه شيء، لا من قوله
ولا من فعله، إنما أثر عن أنس، وأن له عند ختم القرآن دعوة
مستجابة، وكان أنس -رضي الله عنه- يجمع أهله إذا ختم
القرآن فيدعو ويؤمنون، ليس في الصلاة، ما هو في الصلاة هذا
الكلام، الكلام الكلام في الصلاة، هل هو مشروع وإلا غير
مشروع؟ لأن المسألة تباينت فيها الآراء، نعم، معروف عند
الحنابلة دعاء ختم القرآن في الصلاة في التراويح في
ثنائية، دعونا من كونه في وتر، في وتر القنوت مشروع، نعم
لكن في ثنائية، الإمام أحمد يرى أنه دعاء، والدعاء في
الصلاة لا بأس به كما يقول الإمام مالك، نعم، وما دام عند
ختم القرآن دعوة مستجابة لماذا لا ندعو حتى في الصلاة؟ لكن
هذه أمور توقيفية تحتاج إلى نص، ليست خاضعة للاجتهاد،
فتركه لا شك أنه أولى؛ لأنه قيل ببدعيته، قيل: بأنه بدعة.
طالب:. . . . . . . . .
إيش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
(42/26)
إذا انصرف قبل الإمام مشكلة، ما يكتب له
قيام ليلة، فعلى كل حال هذا يفعله بعض الناس، إذا فرغ
الإمام من قراءة آخر سورة في القرآن نوى الانفراد ثم ركع
وسجد وتشهد وسلم، ثم يشهد دعوة المسلمين، يعني يشق عليه أن
هذه الجموع الغفيرة تؤمن وهو لا يؤمن، يشهد دعوة المسلمين
وهو جالس، فإذا فرغ الإمام من دعائه لحقه وركع معه، أدرك
الركعة ثم أضاف إليها أخرى، وبهذا يكون أمن مع المسلمين
ولم ينصرف قبل الإمام ولم يتلبس ببدعة على القول الآخر.
طالب:. . . . . . . . .
فرق يا أخي، قنوت الفجر ثبت من فعله -عليه الصلاة
والسلام-، ثبت، هذا ليس له أصل أصلاً، غير معروف أصلاً،
لكن هم يقولون مثل كلام مالك: لا بأس بالدعاء فيها،
والإمام أحمد قاله، وكان أهل مكة يفعلونها، ومع هذه تجتمع
من يرى أن ذلك لا بأس به، وعلى كل حال كل على مذهبه في
هذا.
طالب:. . . . . . . . .
والله ما دام أصله غير موجود فالالتزام، التزام دعوات
معينة مكتوبة لا يحاد عنها ولا يزاد عنها ولا ينقص في هذا
الموضع يزيد الأمر، نعم يزيد الأمر، على كل حال من فعل فقد
سبقه أئمة، يعني تبرأ الذمة بتقليدهم ومن ترك فهو على
الأصل، يعني كونه شافعي المذهب مثلاً، الإمام شافعي فيقنت،
يتابعه، في رسالة الإمام عبد الله بن محمد ابن الشيخ محمد
بن عبد الوهاب إلى أهل مكة قال: "ولا نصلي خلف من لا يرى
الطمأنينة في الصلاة" لماذا؟ لأن الطمأنينة ركن، "ونصلي
خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة ويقنت في صلاة الصبح" لأن
هذه لها أصول يعني يمكن تجد لها أصل في الشرع، أما الذي لا
أصل له أصلاً هذا هو الذي في النفس منه شيء.
(42/27)
يعني إذا كان الخلاف بين فاضل ومفضول
الخلاف شر، إذا كانت بين سنة وبدعة فالخلاف خير، على كل
حال هو صلى لأنه يرى .. ، ترى ما ظني يرى الحرمة، ما يلزم
أن يرى الحرمة، لكن الخلاف شر في فاضل ومفضول نعم ترتكب
المفضول لأن الخلاف شر، أما في سنة وبدعة ما يأتي، وعلى كل
حال من اقتدى قال به أئمة، وعملت به الأمة قرون، يعني ما
يثرب عليه ولا يلام، لكن من قال: هاتوا الدليل، أيضاً بعد
لا يلام، نعم ولا يجهل ولا يضلل؛ لأنه على الأصل يا أخي؛
لأن بعض الناس يحتج من الطرفين، يحتد من الطرفين، لا هذا
مطلوب ولا هذا مطلوب، والله هذا أنا أقول: مسألة لا يشد
فيها، نعم، لا سيما وأن الذي أفتى بها يعني ما هم من أهل
الفقه المحض، من أهل الفقه والأثر، يعني ممن قال بها:
الشيخ عبد العزيز -رحمه الله- مع الهيئة، إنها كانت في
الوتر ثم حولت إلى التراويح، وممن يعني قال بها الشيخ، وهو
من أئمة الأثر، ما هو بيقال: إنسان متعصب، لكن لا يعني أنه
معصوم، فالمسألة مثلما سمعتم، الذي يقول: إنها لا تفعل معه
الأصل؛ لأن الأصل أن العبادات توقيفية وهاتوا ما يدل عليها
ولن يجدوا، والذي قال: إنها تفعل اقتدى بأئمة وتبرأ الذمة
-إن شاء الله- بتقليدهم.
طالب:. . . . . . . . .
الدعاء في الصلاة؛ لأنه يؤثر في السامع؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في بأس، ما في بأس، بس لا يلتزم أحكام التجويد ليشبه
كلامه بكلام الله -جل وعلا-، لكن ترتيل الصوت وترقيقه من
أجل تأثيره في السامع ما فيه شيء أبداً، رفعه الزائد نعم،
لكن رفعه بقدر ما يسمع نفسه ويتأثر بقراءته ويتغنى به هذا
مطلوب.
(42/28)
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه" عن مالك
أنه بغله كذا ليحيى، ولعبد الله بن يوسف وطائفة عن مالك عن
يحيى بن سعيد أنه قال: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
كان يدعو فيقول: ((اللهم إني أسألك فعل الخيرات)) " فعل
الخيرات: يعني التوفيق لها، والقدرة على فعلها، يسأل الله
-جل وعلا- أن يوفقه لفعل الخيرات، وأن يجعله قادراً على
فعلها، ((وترك المنكرات)) المنهيات، فإذا فعل الخيرات،
وترك المنكرات صار تقياً؛ لأن التقوى فعل المأمور، وترك
المحظور، والله -جل وعلا- إنما يتقبل من المتقين، ((وحب
المساكين)) يسأل الله -جل وعلا- أن يحبب إليه المساكين،
وأن يحببه إليهم، وحب المساكين: يعني حبي للمساكين، ويحتمل
أن يكون المراد حب المساكين لي، فيكون من إضافة المصدر إلى
فاعله أو مفعوله، حب المساكين لي، حب المساكين لي أو حبي
للمساكين، فيكون من إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله،
وكلاهما مطلوب، كلاهما مطلوب، ((وإذا أدرت)) هذه رواية،
((وإذا أدرت في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون)) أدرت
من الإدارة يعني أوقعت، الرواية الأخرى: ((أردت)) من
الإرادة ((في الناس فتنة)) بلاء ومحنة وشر، ((فاقبضني إليك
غير مفتون)) مفتون عن ديني ولا ممتحن؛ لأن الفتن قد تصرف
بعض الناس عن دينه، فيؤثر دنياه على دينه، فيسأل الله -جل
وعلا- أن يقبضه غير مفتون، هذا مثلما ترون عن يحيى بن سعيد
أنه قال: أن رسول الله، فهو مرسل، وورد مرفوعاً عن ابن
عباس، أخرجه الترمذي وغيره، يقول ابن عبد البر: "وهو صحيح
ثابت، صحيح ثابت من حديث عبد الرحمن بن عايش وابن عباس
وابن ثوبان، وأبي أمامة الباهلي" وهو جزء من حديث طويل،
حديث اختصام الملأ الأعلى، اختصام الملأ الأعلى، وقد شرحه
الحافظ ابن رجب في كتاب مستقل من أنفس ما كتبه ابن رجب،
وكل ما كتبه نفيس، وهذا الحديث عظيم، وشرحه عظيم، على طالب
العلم أن يعنى به، والحديث صححه -مثلما تسمعون- ابن عبد
البر، وصححه أيضاً الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-، على
كل حال أنت راجع الترمذي وتجد الحديث طويل، هذا حديث
اختصام الملأ الأعلى.
يقول: هناك من لا يجوز الدعاء في الصلاة لأمور الدنيا فهل
يصح هذا القول؟
(42/29)
هذا معروف عند الحنابلة أنه لا يجوز الدعاء
"اللهم ارزقني زوجة جميلة، اللهم ارزقني سيارة فارهة،
اللهم ارزقني بيتاً واسعاً" كله لا يجيزه الحنابلة، معروف
هذا عندهم، لكن إطلاق النصوص يدعو بما أحب.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من داع يدعو
إلى هدى)) " ما يهتدى به، ويستدل على الطريق الموصل إلى
الله -عز وجل- ((إلا كان له مثل أجر من اتبعه)) ((من دعا
إلى هدى فله مثل أجر من اتبعه)) ((ومن سن في الإسلام سنة
حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)) بخلاف
من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم
القيامة، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل]،
من الناس من تكتب له الأجور قرون، ومن الناس من تجري عليه
الأوزار قرون، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
[(164) سورة الأنعام] لكن هذا عمله، هو تسبب في إضلال
الناس يتحمل، تسبب في هداية الناس يبشر.
((لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً)) لدفع توهم نقص أجر
المتبوع والتابع، وهذا فضل من الله -جل وعلا-، بخلاف أمور
الدنيا، أمور الدنيا من دلك على خير نعم يبي. . . . . . .
. .، نعم في أمور الدنيا يحتاج إلى أجرة المثل على الأقل،
لكن من دلك على هدى حصل لك الأجر كامل، وله مثل أجرك، فضل
الله لا يحد، فضل الله واسع، ((وما من داع يدعو إلى
ضلالة)) سواءً ابتدعها أو شهرها ودعا إليها، ولو لم
يبتدعها ((إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك من
أوزارهم شيئاً)) عدلاً من الله -جل وعلا-، وهذا عمله، هذا
عمله، {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}
[(39) سورة النجم] هذا من سعيه.
يقول: من تاب وقد سن سنة سيئة فهل تغفر جميع ذنوبه حتى
التي تأتي بعد توبته بسبب هذه السنة؟
(42/30)
على كل حال إذا سن سنة سيئة وتاب منها، لا
بد أن يبين أن هذه السنة سيئة ويتبرأ منها بقدر ما أضل
بها، يعني إذا كان كتبها في تأليف يكتب تأليف ينقض الأول،
إذا كان في درس في الدرس الذي يليه يبين، إذا كان في خطبة
على نفس المستوى على الأقل، {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ
وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} [(160) سورة البقرة] لا بد من
البيان في مثل هذا، نعم، إذا كان في الإعلام لا بد أن يبين
على نفس المستوى.
يقول: ((لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً))؟
ما أدري لعله يريد الإعراب؟ إيه إعراب، نعم.
((لا ينقص ذلك)) لا ينقص ذلك الفضل من الله -جل وعلا- لمن
سن السنة الحسنة من أجور الأتباع شيئاً، فاعل ذلك، وشيئاً:
مفعول.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر قال:
"اللهم اجعلني من أئمة المتقين".
يقول أبو عمر: "هو من قوله -جل وعلا-: {وَاجْعَلْنَا
لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [(74) سورة الفرقان] فإن الإنسان
إذا كان إماماً في الخير كان له من الأجر مثل أجر من اقتدى
به من أتباعه؛ لأن الإمامة تقتضي التابع، وأن يكون الإمام
متبوع، فيكون له أجره وأجر من اقتدى به، ومعلم الخير
يستغفر له حتى الحوت في البحر، فعلينا أن نعنى بهذا الأمر،
بلا شك أن كل ما كان الإنسان أكثر تبع من يستفيد منه كان
أعظم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- له أجر كل من تبعه،
أجر كل من تبعه؛ لأنه هو الذي دل الناس على الهدى -عليه
الصلاة والسلام-.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا الدرداء -عويمر- كان يقوم
من جوف الليل فيقول: "نامت العيون، وغارت النجوم -يعني
غربت- وأنت الحي القيوم"، "نامت العيون، وغارت النجوم،
وأنت الحي القيوم" هذا إذا قام من الليل، لكن الآن هل
يستطيع أن يقول: نامت العيون مع الناس كلهم يسهرون الآن؟
"نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم" يقول ابن
عباس: هو الذي لا يزول، الحي القيوم: الذي لا يزول، الحي
القيوم: جاء ما يدل على أنه الاسم الأعظم، وأنه في ثلاث
آيات من القرآن: في آية الكرسي، وفي أول آل عمران، نعم،
وفي طه نعم.
(42/31)
الحي الذي لا يزول، وهو من قولهم: قيوم
السماوات والأرض، الدائم حكمه، وهو الحافظ كما قال -جل
وعلا-: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا
كَسَبَتْ} [(33) سورة الرعد] قاله الباجي.
يقول: غداً عيد للنصارى اسمه شم النسيم وبعض الأخوة عندهم
محلات لبيع الحلوى، هل يجوز بيع هذه الحلوى لهم، مع أن
الأصل في البيع والشراء الحل لكن مخافة التعاون على الإثم
والعدوان، وغلبة الظن أنهم يستعملونها لهذا العيد، لكن هي
لا تصنع خصيصاً، وأرجو إيضاح مسألة دخول الشيء في التعاون
على الإثم أم لا؛ لأننا نبعهم الطعام العادي هل يكون هذا
عوناً لهم على أداء دينهم؟
التعاون، التعامل معهم في الجملة في البيع والشراء حلال،
النبي -عليه الصلاة والسلام- باع واشترى من اليهود،
فالتعامل معهم في البيع والشراء إذا كانت صورة العقد مباحة
فهو حلال، لكن قد يطرأ للأمر المباح ما يجعله ممنوعاً، قد
يطرأ على العقد المباح –الحلال- ما يجعله ممنوعاً، كبيع
السلاح في حال الفتنة، وبيع الخل أو العنب أو التمر ممن
يتخذه خمراً، هذا لا يجوز، بيع السلعة التي يستعين بها
العاصي على معصيته، إسكان من يزاول المعصية في السكن، كل
هذا لا يجوز لأنه تعاون على الإثم والعدوان، ومثل هذا إذا
غلب على الظن أنهم يستعملون هذه الحلوى في عيدهم وعرف
واطرد ذلك من فعلهم لا يجوز بيعها عليهم؛ لأنها تصير جزء
من أعيادهم.
طالب:. . . . . . . . .
يغلقه؟ لا، لا، لا ما يلزم، ما يلزم، لا، العكس لو .. ،
لأن إغلاق المحلات في هذا اليوم لأنه عيد للنصارى تشبه
بهم، هذا تشبه بهم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(42/32)
الموطأ - كتاب
القرآن (6)
شرح: باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هات، سم.
باب: النهي عن الصلاة بعد
الصبح وبعد العصر:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، واغفر لنا ولشيخنا
وللحاضرين.
باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر:
حدثنا يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد
الله الصنابحي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا
ارتفعت فارقها، ثم إذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها،
فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها)).
ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في تلك
الساعات.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا بدا حاجب الشمس
فأخروا الصلاة حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا
الصلاة حتى تغيب)).
وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن قال: دخلنا على
أنس بن مالك -رضي الله عنه- بعد الظهر فقام يصلى العصر
فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة أو ذكرها، فقال:
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تلك صلاة
المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، يجلس
أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس، وكانت بين قرني الشيطان -أو
على قرن الشيطان- قام فنقر أربعاً، لا يذكر الله فيها إلا
قليلاً)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يتحرَ
أحدكم فيصلى عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها)).
وحدثني عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبى
هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد
الصبح حتى تطلع الشمس.
(43/1)
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن
عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي
الله عنه- كان يقول: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا
غروبها، فإن الشيطان يطلع قرناه مع طلوع الشمس، ويغربان مع
غروبها، وكان يضرب الناس على تلك الصلاة".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه رأى عمر
بن الخطاب -رضي الله عنه- يضرب المنكدر في الصلاة بعد
العصر.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: النهي عن الصلاة بعد
الصبح وبعد العصر" يعني في أوقات النهي، سبق الحديث عنها،
تقدم الحديث حتى في شرح هذا الكتاب، قدمنا الحديث عن
الصلاة في أوقات النهي، وأن أوقات النهي خمسة: من طلوع
الصبح إلى طلوع الشمس، ومن طلوعها حتى ترتفع، وحين يقوم
قائم الظهيرة حتى تزول، ومن صلاة العصر حتى تتضيف الشمس
للغروب، ومنه حتى تغرب، فهي خمسة أوقات، وبعضهم يجعلها
ستة، بعضهم يجعلها ستة:
(43/2)
الأول: من طلوع الصبح إلى صلاة الصبح،
والثاني: من صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، ثم بقية الستة،
يفصل ما قبل صلاة الصبح عما بعدها، وما بعد صلاة الصبح إلى
أن تطلع الشمس مفصول عن (مِن طلوع الشمس إلى ارتفاعها)،
وسبب الفصل لماذا لا نقول: من طلوع الصبح إلى ارتفاع الشمس
هذا واحد بدل ما هو بثلاثة واثنين يصير واحد؟ حين يقوم
قائم الظهيرة حتى تزول واحد تصير اثنين، والثالث من صلاة
العصر إلى الغروب لماذا لا نقول: ثلاثة ندرج بعضها في بعض
لأنه يمكن إدراجها؟ نعم، نعم بعضها مخفف موسع، وبعضها
مضيق، وبعضها ينهى فيه عن الصلاة فقط، وبعضها ينهى عن
الصلاة وعن قبر الأموات، في الأوقات الثلاثة المضيقة الأمر
أشد، لماذا فُصل ما قبل صلاة الصبح عما بعدها؟ ما قبل صلاة
الصبح أخف مما بعدها، بدليل أنه تؤدى فيه الراتبة، تؤدى
فيه الراتبة، وما بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر تقضى فيه
الراتبة، أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من قضى راتبة
الصبح بعداها، وقضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر في الوقتين
الموسعين، أما الأوقات الثلاثة المضيقة الواردة في حديث
عقبة بن عامر عند مسلم: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن
موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم
الظهيرة حتى يزول، وحين تتضيف الشمس بالغروب حتى تغرب"،
هذه ثلاث ساعات، وليس المراد بالساعات الساعات الفلكية
الموجودة الآن، كل ساعة ستين دقيقة، لا، الساعة جزء من
الوقت، جزء من الوقت، يقارب ربع ساعة في كل من المواضع
الثلاثة، وهذه الأوقات الأمر فيها أشد، حتى قال بعض أهل
العلم: إن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين إنما هو من
باب نهي الوسائل؛ لئلا يستمر الإنسان ويسترسل يصلي حتى
يأتي الوقت المضيق الذي من أجله نهي عن الصلاة في الوقت
الموسع، فالأوقات مثلما ذكرنا خمسة.
هذا يسأل: هل ما يفعله المسلمون من خير للنبي -عليه الصلاة
والسلام- مثل أجورهم؟
نعم هو الذي دلهم على الخير.
(43/3)
"عن عبد الله الصنابحي" نسبة إلى صنابح،
بطن من مراد، كذا قال جمهور الرواة عن مالك، عبد الله
الصنابحي، وقال طائفة منهم: عن أبي عبد الله، عن أبي عبد
الله الصنابحي، بأداة الكنية، قال ابن عبد البر: "وهو
الصواب" ابن عبد البر: "وهو الصواب"، يعني عن أبي عبد الله
الصنابحي، واسمه: عبد الرحمن بن عسيلة كذا قال، تبعاً لنقل
الترمذي عن البخاري: أن مالكاً وهم في قوله: عبد الله،
وإنما هو أبو عبد الله، واسمه: عبد الرحمن، تابعي، قال في
الإصابة: "وظاهره أن عبد الله الصنابحي لا وجود له" ظاهر
هذا أن عبد الله الصنابحي لا وجود له، وفيه نظر فقد قال
يحيى بن معين: عبد الله الصنابحي روى عنه المدنيون، يشبه
أن له صحبة، فتوهيم مالك مع قول يحيى بن معين لا حظ له.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تطلع الشمس
ومعها قرن الشيطان)) "، يقول الباجي: "ذهب الداودي إلى أن
له قرناً على الحقيقة، يطلع مع الشمس، وقد روي أنها تطلع
بين قرني الشيطان، ولا يمتنع أن يخلق الله تعالى شيطاناً
تطلع الشمس بين قرنيه وتغرب، فالقرن حقيقي، ويحتمل أن يريد
بقوله: ((ومعها قرن الشيطان)) قرنه ما يستعين به على إضلال
الناس، ما يستعين به على إضلال الناس، ولذلك يسجد للشمس
حينئذ الكفار".
قرن الشيطان: يقول الخطابي: "معناه مقارنة الشيطان لها عند
دنوها للطلوع والغروب" قرن الشيطان: يعني مقارنة الشيطان،
بدليل إذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها، إذا استوت
قارنها، إذا زالت فارقها، فقرنها مقارنة الشيطان لها، نعم،
قرن الشيطان مقارنته لطلوع الشمس بدليل المفارقة،
فالمفارقة يقابلها المقارنة، هذا كلام الخطابي.
(43/4)
أوقات النهي الكلام فيها طويل جداً، وهل
النهي عن الصلوات كلها؟ أو عن النوافل؟ أو لا يستثنى من
ذلك إلا فريضة الوقت فلا يجوز قضاء الفوائت؟ وهل النهي على
التحريم أو على الكراهة؟ أو هل هو باقٍ أو منسوخ؟ قال داود
وابن حزم: "النهي عن الصلاة في هذه الأوقات منسوخ" منسوخ
تصلي متى شئت على قول الظاهرية، عامة أهل العلم على أنه
محكم، ويختلفون في حكمه هل هو على التحريم أو على الكراهة؟
فيختلفون فيما يتناوله من الصلوات، ولا شك أن الفريضة لا
تدخل، الفرائض لا تدخل، سواءً كانت مؤداة أو مقضية، أما
بالنسبة للنوافل، فالنوافل منها المطلق، ومنها المقيد
بسبب، منها المطلق ومنها المقيد بسب، أما المطلق فعامة أهل
العلم على كراهة النفل المطلق في هذه الأوقات، أما المقيد
بالأسباب فالجمهور على أنها لا تُفعل في هذه الأوقات،
الحنفية والمالكية والحنابلة لا يفعل شيء من هذه الصلوات
النوافل حتى ما له سبب، في هذه الأوقات، والشافعية يستثنون
ما له سبب، فيقولون: يفعل في هذه الأوقات ما له سبب دون ما
لا سبب له.
"وحدثني عن مالك" نبي ... انتهينا من الباب، نجمل الأقوال
في ذوات الأسباب؛ لأنها هي المشكلة، وسبق أن رددناها
مراراً في مناسبات كثيرة، وفي كتب كثيرة، ومنها هذا
الكتاب، تحدثنا عنها سابقاً في هذا المسجد في هذا الكتاب.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" إحنا
مقررين -إن شاء الله- نقف على الجنائز، فلا. . . . . . . .
.، عندك شيء يا عبد الرحمن؟
طالب. . . . . . . . .
هاه؟ نسخت لأنها .. ، أقم الصلاة لذكري، أحاديث المواقيت،
وأحاديث الأمر بالصلاة، و ((أعني على نفسك بكثرة السجود))
يعني صلِ كل وقت، نعم.
طالب. . . . . . . . .
يوم الجمعة هذا خاص، هذا خاص ويأتي الكلام في الجمعة.
(43/5)
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن
أبيه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وهو مروي
عن ابن عمر، الخبر أرسله مالك، وأخرجه البخاري موصولاً، في
الصحيحين قال: حدثني ابن عمر -رضي الله عنهما- "أنه قال:
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا بدا)) "
بدا: بدون همز، ظهر بدون همز، ((حاجب الشمس فأخروا الصلاة
حتى تبرز)) حاجب الشمس نقل الباجي عن العتبي: "قرن الشمس
أعلاها، وحواجبها نواحيها"، قال أبو الوليد: اللي هو من؟
الباجي، نعم، والذي عندنا أن حاجب الشمس هو أول ما يبدو
منها، أول ما يبدو منها، وهو أعلاها، نهى عن فعل الصلاة
وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، منذ يبرز حاجب الشمس إلى أن
يطلع جميعها، ومنذ يغيب بعض الشمس إلى أن يغيب جميعها، هذا
ما يتناوله هذا الحديث، ويتناول حديث الصنابحي النهي عن
الصلاة عند طلوع الشمس حتى ترتفع، ولا تسمى مرتفعة حتى
تتكامل، وينتشر شعاعها، ويزيد على مقدار جرمها، وهو الوقت
الذي تستباح فيه النافلة، وكذلك في حديث عقبة بن عامر
الجهني.
جاء في تحديده قيد رمح، قيد رمح، وهو يتراوح بين عشر دقائق
إلى ربع ساعة، حسب طول النهار وقصره.
((إذا بدا حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز -حتى تصير
بارزة أي: ترتفع وتنتشر- وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا
الصلاة حتى تغيب)) زاد البخاري: ((فإنها تطلع بين قرني
شيطان)) وفيه إشارة إلى علة النهي عن الصلاة في الوقتين،
خلافاً لمن قال: إن النهي تعبد، أي لا يعقل معناه.
(43/6)
"وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن
-بن يعقوب المدني- قال: دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر"
في مسلم عن العلاء قال: دخلنا ... ، في مسلم عن العلاء
قال: دخلنا على أنس بن مالك في داره بالبصرة منذ انصرف من
الظهر، وداره بجنب المسجد، فلما دخلنا عليه، قال: أصليتم
العصر؟ قلنا له: إنما انصرفنا الساعة من الظهر، فقام فصلى
العصر، "دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر، فقام يصلى
العصر" الأمراء يؤخرون الصلوات عن أوقاتها، فيؤخرون الظهر
إلى آخر وقتها، فهم دخلوا على أنس في داره، فلما دخلوا بعد
انصرافهم من صلاة الظهر، بعد ذلك دخل وقت العصر فقال:
أصليتم العصر؟ قالوا: الآن انصرفنا من صلاة الظهر،
فالاحتمال أنهم أخروا صلاة الظهر مع الأمراء على العادة،
ثم دخلوا على أنس بن مالك فقام أنس يصلي العصر في أول
وقتها، يصلي العصر في أول وقتها، فقام يصلي العصر، يعني في
أول وقتها، "فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة، أو
ذكرها، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
((تلك صلاة المنافقين)) " لأنه من لازم تأخير صلاة الظهر
إلى آخر وقتها أنهم يؤخرون صلاة العصر إلى آخر وقتها، نعم،
تلك صلاة المنافق، أي الصلاة المؤخرة، ((تلك صلاة
المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين))
المنافق يستثقل الصلاة، يدخل الوقت يقول: بعدين، يدخل
الوقت قال .. ، مضى من الوقت كذا بعدين، مضى من الوقت كذا
بعدين، إذا قرب نهاية الوقت قام كسلان، {وَإِذَا قَامُوا
إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ
وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [(142) سورة
النساء] وإلا يمكن بعد ما عنده أحد يذكره يمكن ما يصلي،
{يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا
قَلِيلًا} [(142) سورة النساء] بخلاف من ينشط، يسمع الأذان
يقوم يترك ما بيده، ويقوم إلى الصلاة هذا على النقيض من
حال المنافقين، يفزع النبي -عليه الصلاة والسلام- للصلاة.
(43/7)
((تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة
المنافقين)) كررها ثلاثاً لمزيد التنفير من تأخير الصلاة
إلى آخر وقتها، فضلاً عن أن تؤخر عن وقتها، ((يجلس أحدهم
–يعني غير مبالٍ بالصلاة- حتى إذا اصفرت الشمس)) الآن يمكن
بتأخير الصلاة اثنان يؤخران الصلاة معاً، يؤخرون الصلاة
معاً، هذا يؤجر وهذا يؤزر، نعم، لماذا؟ مثلاً هم في رحلة
وحضرت صلاة العشاء أحدهما يقول: نؤخر العشاء لأنه السنة،
والآخر يؤخرها استثقالاً يشبه المنافقين في استثقالها،
فهذا مأجور، وهذا مأزور، وكل على نيته، ولذا تجدون الناس
يتفاوتون، يتفاوتون في نظراتهم إلى الأمور، يعني مثلاً
طلعوا لرحلة، أو باستراحة ليلة الجمعة، قام أحدهم مبكر،
لماذا يا فلان؟ الليلة ليلة جمعة، وهم يقولون: اجلس الليلة
ليلة جمعة، نعم، الحجة واحدة، لكن المقاصد مختلفة، المقاصد
مختلفة، وهما بعد أذان العشاء اثنان كلاهما يريد التأخير،
لكن هذا يريد التأخير طلباً للسنة، وهذا يريد التأخير
استثقالاً لها، كما يفعل المنافق في صلاة العصر، نسأل الله
العافية.
(43/8)
((يجلس أحدهم -غير مبالٍ- حتى إذا اصفرت
الشمس، وكانت بين قرني)) جانبي رأس الشيطان، قرني بالتثنية
أو قال: ((أو على قرن)) شك بالإفراد ((الشيطان، قام فنقر
أربعاً، لا يذكر الله فيها إلا قليلاً))، نقر وجاء النهي
عن مشابهة الحيوان في الصلاة، ومن ذلك نقر كنقر الغراب،
مثل هذا هل يظن به أنه يحسن صلاته؟ الذي يقول: بعدين،
بعدين؟ نعم، وجه شبه وإن كان من بُعد بعض الناس إذا كان له
مشوار والصلاة قريب الإقامة، تقول له: صلِ وبعدين روح
المشوار، يقول: لا قدام، هذا كثير، وغالباً الذي يقول:
قدام تفوته الصلاة، هذا في الغالب، هذا مجرب، نعم، قدام،
مر هذا ما لقى موقع، طيب على طول، مر مسجد وإلا على الجانب
الأيسر، يبي يأخذ الدورة إلى قدام، وهكذا إلى أن تفوته
الصلاة، فالمطلوب أن يبادر الإنسان إلى الصلاة قبل كل شيء،
حتى إذا فرغ منها يتجه إلى ما يريده من أمور الدنيا،
والدنيا ملحوق عليها، ما هي بفائتة -إن شاء الله-، المجرب
أنه إذا فال: الصلاة أمامك أنها تفوت الصلاة، نعم إذا
كانوا مجموعة، وليسوا مطالبين بالصلاة في مسجد، يقولون:
قدام على شان يحصلون أمراً يفوت، أو لأن الصلاة تأخيرها
أفضل، هذا لا بأس به، لكن هم مطالبون بالجماعة في المسجد،
ويقول: قدام قدام وبعد ذلك تفوته الصلاة، فعلى الإنسان أن
يهتم بهذا، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
وأنت تعرف أنه يسرع؟ دخلت ويش اللي يفوتك؟ ما تدرك
التسبيحات ولا تدرك .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
ولا واحدة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه مثل هذا قد يوجد، لكن مثل هذا لا ينبغي أن يؤم الناس.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما تقطع الصلاة، يعني ما أدركته صلِ، لكن على
الأقل تبي تدرك تسبيحة، تدرك شيء، الفاتحة اللي يفوتك منها
أنت في حكم المسبوق يسقط عنك الباقي، لكن ما تدخل -وأنت
على بينة- مع مثل هذا، إذا أخل بالصلاة خلل بحيث لا يطمئن
في صلاته البتة صلاته باطلة؛ لأن الطمأنينة في الصلاة ركن،
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
(43/9)
إيه، قرن يعني يراد به الجنس، يعني
الاثنين، مثل: ((لا يصلِ أحدكم في الثوب الواحد ليس على
عاتقه منه شيء)) الرواية الأخرى: ((ليس علي عاتقيه منه
شيء)) يراد بالواحد الجنس، فيشمل الاثنين.
"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يتحرَ)) " بدون ألف، فعلى
هذا تكون (لا) ناهية، والرواية الأخرى: ((لا يتحرى))
بالألف تكون نافية، أو هي ناهية وبقيت للإشباع، إشباع
الفتحة، ((لا يتحرى)) مثل: "من يتقي ويصبر" هذا إشباع،
((لا يتحرَ أحدكم فيصلي)) فيصلي: منصوب بأن المضمرة بعد
فاء السببية المسبوقة بالنهي، ((فيصلي عند طلوع الشمس، ولا
عند غروبها)).
قال الباجي: "يحتمل ذلك وجهين: يصلي عند طلوع الشمس ولا
عند غروبها، يحتمل ذلك وجهين: الأول: أن يريد المنع من
النافلة في ذلك الوقت، والثاني: المنع من تأخير الفرض إلى
ذلك الوقت.
((لا يتحرَ أحدكم فيصلي .. )) يؤخر الصبح إلى قرب طلوع
الشمس، ويؤخر العصر إلى قرب غروبها، هذا احتمال، والاحتمال
الثاني: أنه لا يتحرى ذلك الوقت الذي تطلع فيه الشمس وتغرب
بين قرني شيطان، فيشرع في النافلة في هذا الوقت، هذا وقت
نهي.
ترون بعض الطوائف المبتدعة في الحرمين يتحرون هذا، ويصلون
وقت الطلوع، وقت البزوغ، ويصلون أيضاً وقت الغروب، ولا شك
أن هذا من المخالفات، وهم عرفوا بمخالفة السنن.
لكن يشكل على كثير من الناس التقويم، التقويم وقت الإشراق
كذا، يقوم يصلي خلاص، وقت الإشراق يقوم، لا يدري أن وقت
الإشراق الذي هو البزوغ، فيحتاج إلى وقت بعده ترتفع فيه
الشمس، يعني ربع ساعة، يعني ربع ساعة أحوط، كثير من الناس
ينظر إلى الساعات فإذا رأى الشروق كذا، ينتظر وبالدقيقة ثم
يقوم يصلي، هذا بزوغ الشمس، وهو الذي في التقويم بزوغ
الشمس، فيحتاج إلى وقت حتى ترتفع الشمس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله أكثر أكثر، قائم الظهيرة يحتاج، يعني لا سيما في
الصيف يزيد إلى ربع أو ثلث ساعة، قائم الظهيرة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
(43/10)
الاصفرار هذا وقت ضرورة يسمونه، يسميه أهل
العلم ضرورة، نعم، وقت ضرورة لا تصلى فيه العصر إلا ضرورة،
يعني ليس بوقت لها وقت اختيار، نعم، هو قبيل الغروب، هو
قبيل الغروب.
"وحدثني عن مالك" خلونا نكمل يا الإخوان، على شان نشوف إن
كان بقي وقت لذوات الأسباب وإلا نحيل على ما سبق وننتهي.
يقول: "وحدثني عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان -الأنصاري-
عن الأعرج -عبد الرحمن بن هرمز- عن أبى هريرة -رضي الله
تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن
الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح
حتى تطلع الشمس".
أما بالنسبة للفرائض فيجوز فعلها، نعم، فيجوز فعلها في
أوقات النهي لحديث: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع
الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب
الشمس فقد أدرك العصر)).
وأما الفوائت فقال مالك -رحمه الله-: "يجوز فعلها في وقت
النهي"، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يجوز، حتى
عند أبي حنيفة كما تقدم أنه إذا طلعت عليه الشمس وهو في
صلاة الصبح تبطل الصلاة، ينتظر حتى يخرج وقت النهي، هذا
تقدم شرحه، وقال أبو حنيفة: لا يجوز ذلك في وقت نَهْي
نُهيَ عن الصلاة فيه، والدليل على جواز ذلك قوله -عليه
الصلاة والسلام-: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا
ذكرها)) فإن الله تعالى يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ
لِذِكْرِي} [(14) سورة طه] وهذا عام في جميع الأوقات، ذكره
الباجي.
وقد صح عن أبي بكرة وكعب بن عجرة منع صلاة الفرض في هذه
الأوقات، يعني كأن الحنفية استندوا إلى قول هذين
الصحابيين.
صلاة الجنازة لا تمنع في وقت موسع، يعني لا تمنع بعد صلاة
الصبح، ولا بعد صلاة العصر، لكن إذا ضاق الوقت فلا، فلا،
لحديث عقبة بن عامر قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن
موتانا"، حتى قال جمع من أهل العلم: إن المراد بقبر
الجنازة -قبر الموتى- هنا هي صلاة الجنازة، نعم، المراد به
صلاة الجنازة، سجود التلاوة كل على مذهبه في كونه صلاة، أو
ليس بصلاة، على ما تقدم تقريره.
طالب:. . . . . . . . .
(43/11)
والله بعد الصلاة جائز، ما في إشكال؛ لأنه
وقت موسع، أقول: وقت موسع، والجنازة ما نص عليها إلا في
الأوقات المضيقة الثلاثة.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
فعل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ارفع، ارفع صوتك، ترى ما أسمعك يا أخي.
طالب:. . . . . . . . .
اللي هو أبو بكرة وكعب بن عجرة؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا قولهم، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من قضى
النافلة بعد صلاة الصبح، فكيف بالفريضة؟ مع قوله -عليه
الصلاة والسلام-: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا
ذكرها))، ((من أدرك من الصبح ركعة)) يعني طلعت الشمس .. ،
قبل أن تطلع الشمس طلعت وهو في أثناء الصلاة، هذا وقت نهي،
النصوص الصحيحة الصريحة تدل على أن الفرائض لا تدخل في
النهي، ويبقى أن النهي في النوافل فقط، والنوافل لا تخلو:
إما أن تكون ذات سبب أو مطلقة، وكل له حكمه، تقدم أن الشمس
وسيأتي هنا بعد حديث، حديثين، "عن مالك عن عبد الله بن
دينار عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب كان يقول: "لا
تحروا"، أصلها: "لا تتحروا" فحذفت إحدى التاءين، أي: لا
تقصدوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإن الشيطان يطلع
قرناه مع طلوع الشمس، ويغربان مع غروبها، جانبا رأسه، قد
يقول قائل: الشمس في أي سماء؟ نعم؟ دون السماء وإلا داخل؟
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عندك علم وإلا دليل وإلا .. ؟ ويش دليلك على هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش هي؟
طالب:. . . . . . . . .
{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [(16) سورة نوح] ويش
تقول؟
طالب:. . . . . . . . .
(43/12)
على كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم،
منهم من يقول: إنها في السماء الرابعة، نعم من أهل العلم
من يقول: إنها في السماء الرابعة، والمرجح عند أهل الشرع
أنها في الفَلَك الرابع، والأفلاك غير السماوات، يعني أهل
الهيئة يرون أن الأفلاك هي السماوات، وعند علماء الشرع أن
الشمس في الفلك الرابع، والسماوات السبع غير الأفلاك
خلافاً لأهل الهيئة، كما قال الحافظ ابن حجر في فتح
الباري: "وذلك أن الشياطين قد منعوا من دخول السماء"، يعني
تطلع بين قرني شيطان، الشيطان ممنوع من دخول السماء، نعم،
لا تقس هذا. . . . . . . . . هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه زين.
"وكان عمر -رضي الله عنه- يضرب الناس على تلك الصلاة" عمر
-رضي الله عنه- يضرب الناس على تلك الصلاة، يعني الصلاة
بعد طلوع الشمس مع طلوع الشمس ومع غروبها، فيريد الصلاة
التي يتحرى بها طلوع الشمس وغروبها، وعمر -رضي الله عنه-
من أشد الناس في تطبيق السنة، معه الدرة، يضرب بها كل
مخالف، نعم لأنه يستطيع التغيير باليد، يستطيع تغيير
المنكر باليد، والله المستعان، ما قال: الناس أحرار وحقوق
مدري إيش؟ نعم، لا، لا، الناس ليسوا بأحرار، كلهم عبيد
لله، لا بد أن ينقادوا لأمر الله وأمر رسوله، لا بد أن
يؤطروا على الحق، إذا قلنا: هم أحرار معناه نضيع، نُضيع
الدين والدنيا إذا قلنا: أحرار، إيش معنى أحرار؟ نعم،
ليسوا بعبيد لمخلوق إنما هم عبيد لله، خلقوا لعبادته، وإلا
لماذا شرعت الحدود؟ ولماذا جعلت الجنة والنار؟ والله
المستعان.
يقول ابن عباس: "كنت أضرب الناس مع عمر على الركعتين بعد
العصر"، يقول: "كنت أضرب الناس" نعم يعني بقوة السلطان، لا
بتصرفه هو، نعم، لكن هو مع السلطان يضربهم، وإلا فليس
لأفراد الناس أن يضربوا غيرهم، على كل حال هو بقوة
السلطان، ومعه يضرب الناس، كأن عمر أذن له في ذلك، ابن
عباس، ابن عباس نعم.
(43/13)
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن
السائب بن يزيد أنه رأى عمر بن الخطاب يضرب المنكدر -بن
محمد بن المنكدر القرشي التيمي- في الصلاة بعد العصر"،
لأنه لا يسوغ الاجتهاد في مثل هذا، لما صح عنده عن النبي
-صلى الله عليه وسلم-، هذا إذا كان المنكدر بعد من أهل
الاجتهاد، فلا يسوغ الاجتهاد مع النص، أما إذا لم يكن من
أهل الاجتهاد فالمسألة ثانية، نعم، فالاجتهاد لا يسوغ مع
النص.
روى عبد الرزاق عن زيد بن خالد أن عمر رآه -وهو خليفة-
راكع بعد العصر فضربه، فذكر الحديث وفيه، فقال عمر: يا زيد
لولا أني أخشى أن يتخذها الناس سلماً إلى الصلاة حتى
الليل، لم اضرب فيهما، يعني لم أضرب في الوقت الموسع، لكن
أخشى أن الناس يسترسلون فيصلون إلى الوقت المضيق، وروى عنه
تميم الداري نحو ذلك.
ولذا ذهب بعض أهل العلم منهم ابن عبد البر وابن رجب وجمع
إلى أن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين من باب نهي
الوسائل لا المقاصد، لما يخشى أن يسترسل الناس في الصلاة
إلى أن يأتي الوقت المضيق، ولذا الأمر فيهما أخف، الأمر
فيهما أخف، يعني ذوات الأسباب تفعل في الوقتين الموسعين،
وأما بالنسبة الثلاثة الأوقات المضيقة فلا يفعل فيها شيء
من النوافل حتى ما له سبب، حتى ما له سبب، وهذه المسألة
سبق بسطها في مناسبات وفي هذا الكتاب، وعرفنا ما بين
النصوص، ومن قال من أهل العلم بكذا، وما بينها من تعارض من
عموم وخصوص وجهي، ورجحنا في وقتها.
طالب:. . . . . . . . .
عمر يضربهم لقوته في الحق، لقوته في الحق.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم، ما يلزم، منهم المجتهد الذي يرى أنه يسوغ ذلك؛
لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من يقضي الراتبة،
وصلى بعد العصر واستمر على ذلك، نعم، ولذا يؤثر عن بعض
الصحابة أنهم يصلون بعد العصر؛ لأن النبي -عليه الصلاة
والسلام- قضى راتبة الظهر واستمر عليها، ومثلما ذكرنا أن
الوقتين الموسعين أمرهما أخف، بخلاف الأوقات الثلاثة
المضيقة.
طالب:. . . . . . . . .
(43/14)
نعم؟ تابعي تابعي، تابعي لما سأله الترمذي
قال: لا، أبو عبد الله، يقصد صاحب هذا الحديث، توهيم مالك
وهو نجم السنن من أجل كلام البخاري فيه ما فيه، ما يمنع أن
يكون اثنين، توهيمه .. ، توهيم .. ، كلام ابن حجر في
الإصابة مستنده كلام البخاري، مستنده كلام البخاري، لا،
مستنده كلام البخاري؛ لأنه يقول: لا وجود له.
أسئلة متكررة عن الجمع في مثل هذه الأيام، الأسئلة كثيرة
حول هذا، ولا شك أن المطر الذي يكون سبباً في المشقة
اللاحقة بالمصلين، والوحل الشديد، والريح الشديدة الباردة،
كل هذه مبررات، وأسباب للجمع عند أهل العلم، والحرج منفي
عن هذه الأمة، مع أن الأصل أن كل صلاة تصلى في وقتها، وأن
الصلاة في الأصل لا تجوز ولا تصح قبل وقتها ولا بعده إلا
قضاءً، بعده قضاءً لا بأس للعذر، وبعضهم يرى أنه إذا أخرها
عن وقتها لغير عذر أنه لا يقضيها، لا يكفي فيها القضاء.
المقصود أن الأصل في الصلوات التوقيت، أن كل صلاة للمقيم
الصلاة في وقتها، لكن إذا وجد الحرج فالحرج منفي عن هذه
الأمة، وجاء في حديث ابن عباس في صحيح مسلم لما جمع النبي
-عليه الصلاة والسلام- بين الظهرين والعشاءين، وصلى
ثمانياً وسبعاً، قال: "أراد ألا يحرج أمته" دل على أن
الحرج موجود في هذا الجمع.
(43/15)
الجو في هذه الأيام جو طيب جداً، ليس فيه
برد، ليس فيه برد، والوحل لا يوجد وحل، بعضكم أدرك الشوارع
قبل الإسفلت والإنارة، قد يكون بعضكم أدرك ذلك، ما يمشي
الإنسان خمسة أمتار أو عشرة إلا وقد وقع على الأرض مرتين
أو ثلاث لما كان الطين، وينزل عليه من الجدران كتل من
الطين، نعم، لكن الآن الخروج في مثل هذه الأيام متعة، أشوف
بعض الإخوان يجمع ثم يذهب إلى محله، دكانه، شغله، أو يطلع
رحلة، أو استراحة مع مجموعة من الشباب، استرسل بعض الإخوان
حتى وصل إلى حد لا يقبله أحد، اتصل واحد وقال: نزل المطر
فصليت في البيت، قلت: لا بأس معك أصل، إذا وجدت المشقة
الصلاة في الرحال مشروعة، قال: وجمعت، قلت: والله يا أخي
ما له مبرر تجمع وأنت في البيت، قال: لا وقصرت،. . . . . .
. . . ما بقي شيء، التساهل يولد مثل هذه الأمور، التساهل
يولد مثل هذه الأمور، ولا بد أن يستمر العذر إلى إقامة
الصلاة الثانية، يعني لو نزل المطر في أثناء صلاة المغرب
ثم توقف قبل إقامة الثانية عند أهل العلم ما قام السبب،
ولما سلمنا من صلاة المغرب ما في إلا المطر اللي نازل في
الأرض يعني، ما في شيء ينزل من السماء، وعلى كل حال من
اجتهد وجمع ورأى أن هذا كاف صلاته -إن شاء الله- صحيحة،
لكن يبقى أن التساهل في هذا الأمر ليس بالطيب، يعني تجد
بعض الناس في بعض الأبواب من أشد الناس، وفي بعضها يتسامح
ويتساهل تساهل غير مرضي.
على كل حال النظر إلى المتوسط، لا ينظر إلى المتشدد، ولا
ينظر إلى المتساهل، متوسط الناس، المسألة .. ، ديننا -ولله
الحمد- وسط، نعم؟ من تكلم؟
طالب:. . . . . . . . .
(43/16)
الهواء البارد إذا وجد مع المطر ولو خفيف،
أو إذا كانت ريح باردة شديدة هذا مبرر للجمع، لكن كثير من
الشباب الذين تسارعوا وجمعوا يبي يطلعون أنا أعرفهم،
يشوفون السيل على النفت وعلى الشعبان، ترى هذا موجود يا
الإخوان، نعم، موجود، موجود عند الشباب، فما أدري حقيقة هل
جمعوا ليرتاحوا من الصلاة؟ هذه مشكلة يا إخوان، كوننا
نتثاقل الصلاة إلى هذا الحد، ونكرر أن الدين -ولله الحمد-
ليس فيه مشقة، وليس فيه آصار ولا أغلال، ولا يكلف ما لا
يطاق، لكن يبقى أن التساهل الذي يستشف منه أن الإنسان يريد
أن يرتاح من هذه الصلاة هذه مشكلة.
يقول: أنا لا أرى الجمع في مثل هذه الأيام فهل يجوز لي
مفارقة الجماعة أم أن الخلاف شر؟
الخلاف شر في فاضل ومفضول، تفعل المفضول الجائز كما فعل
ابن مسعود مع عثمان -رضي الله عنه- لكن الخلاف شر في جائز
وغير جائز؟ لا يا إخوان، لا أبداً، لا ترتكب محظور على شان
تقول: الخلاف شر، لا، خليه يعرف أن لك رأي في المسألة،
وأنك لا تتابعه على التساهل، نعم.
على كل حال إذا كان يشق على بعض المأمومين يسوغ الجمع، لا
يلزم أن يشق على الجميع، لا يلزم أن يشق على الجميع، أنا
أقول -وما زلت أقول وأكرر-: أن الدين -ولله الحمد- ليس فيه
ما يشتمل على المشقة، المشقة منفية, والحرج منفي، إذا وجدت
المشقة وكل إنسان يقدر ذلك من نفسه، وكل إنسان يقدر ذلك من
نفسه، وإذا وجدت المشقة على بعض المأمومين وجد المبرر، لا
يلزم أن يكون جميع المأمومين، الرخصة إذا نزلت عمت، وما في
شك أن الأحياء تختلف من حي إلى حي، يختلف المطر في الرياض،
نعم، اتصل علينا بعض الجهات يعني لا سيما شمال الرياض،
يقولون: غرق، الآن حبسنا المطر لا نستطيع أن نقدم ولا
نؤخر، مثل هؤلاء المشقة حاصلة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه يصلي في البيت في وقت لا يوجد مبرر للجمع يصلي في
البيت أهون، أهون من أن يجمع.
(43/17)
هذا يقول: يقسم أيماناً ثلاثة، والله
وتالله وبالله منذ سمعت حديث: ((من قال: لا إله إلا الله،
له الملك، وله الحمد مائة مرة)) .. إلى آخره، وطبقته إلا
وقد حصل .. فيّ إيش؟ إلا وقد حصل فيّ شيء عجيب، والله إني
لمن أثقل خلق الله نوماً، يقسم أنه من أثقل خلق الله
نوماً، ولكن بعد هذا الحديث تغير حاله، وأصبح يستيقظ
مباشرة للصلاة، ثم بدأت .. يقول: ثم بدأت أنشر هذا الخبر
عبر رسائل الجوال لعل الفائدة تعم، نعم.
المقصود أنه استفاد من هذا، ولا شك أن هذا حديث صحيح في
الصحيحين وغيرهما، والآثار المرتبة عليه، والوعد الموعود
به محقق مؤكد، لا إشكال فيه، ما دام الحديث صحيح، والوعد
ممن لا يخلف الميعاد، المسألة إذا كانت احتمال يعني، مجرد
احتمال وهذه وجهة نظر شيء، أما إذا كان لا مبرر للجمع
البتة، فالذي يخرج من المسجد هو الأصل، ولا يجوز له أن
يتابع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم إذا صارت وجهة نظر، يعني ها .. ؛ لأن المسألة تكون إما
مقطوع بوجود السبب، أو مقطوع بانتفاء السبب، نعم، إذا قطع
بوجود السبب لا ينبغي لأحد أن يتخلف عن الجمع، هذا هو
السنة، وإذا قطع بانتفاء السبب لا يجوز لأحد أن يوافق من
يجمع، وإذا كانت المسألة احتمال، فالمسألة على حسب غلبة
الظن، على غلبة الظن، يعني إذا كان يغلب على ظنه أن السبب
قائم يجمع، ويبقى أنه بين هذين المقامين مقامات.
على كل حال إذا وجدت المشقة ولو لبعض الجماعة ساغ الجمع؛
لأن الرخصة إذا نزلت عمت، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
يصلي العشاء طيب، هو ما صلى المغرب يدخل معهم، يصلي، يصلي
لكن إذا قام إلى الرابعة ينوي الانفراد ويجلس فإن سلم ولحق
بهم في الركعة الرابعة وأدركهم، وأكمل عليها بقية صلاته صح
له ذلك -إن شاء الله-، وإن انتظرهم حتى يسلموا ويسلم معهم
لا بأس، إذا أقيمت جماعة أخرى؟ إذا أقيمت جماعة أخرى، جاء
ناس متخلفون ما صلوا المغرب يصلي معهم ويزيد رابعة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا شك أن المطر نعمة من نعم الله -جل وعلا-، نعمة، فتهنئة
المسلم بما يسره، والدعاء بأن يكون سقيا رحمة، مثل ما جاء
في الأدعية المأثورة.
طالب:. . . . . . . . .
(43/18)
هو مادام منفرد منفرد يصلي العشاء في بيته
في وقتها.
طالب:. . . . . . . . .
الجمع من أجل مشقة الخروج إلى المسجد، ويعرف أنهم جمعوا. .
. . . . . . . ولن تقام صلاة الجماعة مرة أخرى، نعم، فمبرر
الجمع ما هو موجود، نعم، ويبقى أن الاشتراط هذا مع أن
النبي -عليه الصلاة والسلام- في ليلة مزدلفة، وهو جمع
تقديم، نعم، ماذا صنع بين الصلاتين؟ يضعوا رحالهم، نعم.
يقول: ذكر المختصر إيش؟ علق على الأحاديث وشرحها البغا عند
قوله: ((وبها يطلع قرن الشيطان)) قال: جماعته وحزبه، فهل
هذا هو المراد ما توجيهكم؟
أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى جهة المشرق لما طُلب
منه، أو لما دعا لبعض الجهات، ثم أشار إلى جهة المشرق،
وقال: ((حيث يطلع قرن الشيطان)) وفي بعض الروايات: ((حيث
ربيعة ومضر)) ((اللهم بارك لنا في نجدنا)) أشار إلى الجهة
وقال: ((حيث يطلع قرن الشيطان)) ويختلفون في المراد بنجد،
والأكثر على أن المراد بها نجد العراق، ومنها أكثر الفتن،
من تلك الجهات من أرض المشرق أكثر الفتن.
وقنوت النازلة في صلاة الجمعة، صلاة الجمعة فريضة من
الفرائض، وأهل العلم يقولون: إذا نزلت في المسلمين نازلة
فيقنت في الفرائض، ومقتضاها أن الجمعة منها، لكن ليس فيها
دليل يخصها بخلاف الصلوات الخمس ففيها كلها ما يدل على
ذلك، فلو ترك القنوت في صلاة الجمعة أولى، مقتضى كلام أهل
العلم يتناول الجمعة، نعم.
بعض الإخوان في مسألة سنن ذوات الأسباب في أوقات النهي
ولها علاقة أو هي من مسائل الأبواب الأخيرة؟ وأحلنا على ما
ذكرناه سابقاً في هذه المسألة في هذا الكتاب وفي غيره،
وبعضهم يرى أن هذا وقتها، وهذه مناسبتها، نعم، النهي عن
الصلاة في الأوقات الخمسة، يقول: لو أعيد الكلام فيها بشيء
من التفصيل، وهو المناسب، هذه مناسبتها، وهذا وقتها؟
وأنا كررتها مراراً، وفي مناسبات، وفي كتب، وفي .. ،
فتكرارها أكثر من هذا فيه شيء من الملل، لكن لا يمنع أن
نشير إلى أطراف المسألة.
(43/19)
أولاً: أوقات النهي -كما هو معروف- خمسة:
من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس، وهذا وقت موسع، ومن طلوعها
حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، ومن
صلاة العصر حتى تتضيف الشمس للغروب، ومن ذلك إلى أن تغرب،
وقتان موسعان، وثلاثة مضيقة.
بعد طلوع الصبح إلى طلوع الشمس هذا موسع، تصلى فيه راتبة
الصبح أداءً وقضاءً قبل الصلاة وبعدها، فقد أقر النبي
-عليه الصلاة والسلام- من قضى راتبة الصبح بعدها، وبعد
صلاة العصر قضى النبي -عليه الصلاة والسلام- راتبة الظهر،
وبعض السلف كان يقتدي به فيصلي في هذا الوقت، يفعله بعض
الصحابة، فالأمر في هذين الوقتين الموسعين أمر فيه شيء من
التوسعة، فيرى بعض أهل العلم كابن عبد البر وابن رجب
وغيرهما أن النهي عن الصلاة في هذين الوقتين الموسعين لئلا
يسترسل المصلي فيصلي في الوقت المضيق، فالنهي عن الصلاة في
هذين الوقتين لا لذاتهما، فيكون من باب نهي الوسائل لا
المقاصد، ويبقى أن النهي الشديد في الأوقات الثلاثة
المضيقة التي وردت في حديث عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن
نقبر فيهن موتانا" فالأمر في الأوقات الثلاثة أمر أشد،
أشد، إذا عرفنا هذا فالأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك
وأحمد، لا يرون فعل شيء من النوافل في هذه الأوقات الخمسة،
حتى ما له سبب، حتى ما له سبب، وهذه العبارة عبارة
الحنابلة، وعندهم إذا عبروا بـ (حتى) فهناك خلاف متوسط،
يعني ليس بخلاف قوي ولا ضعيف، حتى ما له سبب، لثبوت النهي.
الشافعية .. ، أولاً: هم يتفقون على أن النوافل المطلقة
ممنوعة في هذه الأوقات الخمسة، ذوات الأسباب التي هي محل
الخلاف الأئمة الثلاثة على أنها لا تفعل، يعني نقول هذا
الكلام في تحية المسجد، وفي ركعتي الإحرام عند من يقول
بهما، ركعتي الوضوء، ركعتي الاستخارة، ركعتي الطواف، حتى
ما له سبب، هذا قول الأئمة الثلاثة.
(43/20)
وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في
صحيحه: باب: الطواف بعد الصبح وبعد العصر، باب: الطواف بعد
الصبح وبعد العصر، وأورد في ذلك أحاديث النهي عن الصلاة في
الوقتين، فدل على أنه لا يرى الطواف؛ لأن الطواف يقتضي ..
، يستدعي الصلاة، والصلاة جاء النهي عنها في هذين الوقتين،
وأورد فعل عمر -رضي الله عنه- حينما طاف بعد الصبح وصلى
الركعتين بذي طوى، ومراده بذلك أن عمر أخر الركعتين حتى
يخرج وقت النهي، والشارح أورد حديث جابر -رضي الله عنه- في
المسند: ما كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد
الصبح ولا بعد العصر، وكأن الإمام البخاري -رحمه الله
تعالى- بذلك يضعف حديث: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً
طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) يضعفه،
يضعف الحديث بما ذكر في الباب.
(43/21)
وعرفنا أن الشافعية يجيزون فعل ذوات
الأسباب في أوقات النهي، ولا يفرقون بين موسع ومضيق، وبه
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، والأول هو
قول الجمهور أنه لا يفعل شيء من النوافل حتى ما له سبب،
والشافعية يستحبون فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، ويرجح
قولهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وكثيراً مما يفتي الآن، يعرض
المسألة على أنها من أيسر المسائل وأسهلها، أحاديث النهي
عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام
وينتهي الإشكال، حتى يخيل لطالب العلم الصغير أن المسألة
ما فيها أدنى إشكال، خاص مقدم على العام، وأهل العلم
يقررون أن هذه المسألة من عضل المسائل ليست بالسهلة، حتى
قال بعضهم: لا تدخل المسجد في هذه الأوقات، وقال بعضهم:
إذا دخلت المسجد لا تجلس، تستمر واقف، وهذا الكلام يا
الإخوان ما خرج من فراغ، من الذي نهاك من الصلاة في هذه
الأوقات؟ هو اجتهاد وإلا استنباط؟ نصوص صرحية صحيحة،
والناس لا سيما بعد أن ثاروا على التقليد قبل ربع قرن أو
أكثر صاروا يتلذذون بالمخالفة في مثل هذه المسائل، وقد
عهدنا الناس يصرفون عن الصلاة، يصرفون عن الصلاة في هذه
الأوقات، حتى لو صف واحد أداروه عن القبلة، لا نقول:
المسألة .. ، المسألة يعني فيها شيء من الشدة، والتقليد
أثره ظاهر في مثل هذه التصرفات، لكن ماذا عن عمر الذي كان
يضرب عليها؟ يضرب من يصلي في هذه الأوقات؟ أنا رأيت شخص
يعني فقيه، نعم لا يتعدى المذهب، وله ابن قد يكون في
مقاييسنا أفقه منه، دكتور في الفقه، لما كبر الابن أداره
عن القبلة أبوه، فالمسألة لا شك أن مثل هذا التصرف فيه
تقليد لعمر -رضي الله عنه-، عندما كان يضرب عن الصلاة في
هذه الأوقات، أنا لا أريد من طالب العلم أن تكون تصرفاته
ردود أفعال، سرنا على التقليد إذاً التقليد بجميع صوره
وأشكاله يُثار عليه، ما هو بصحيح.
(43/22)
بعضهم يقول -ممن تحرر عن التقليد-: هل
تحفظون في هذه المسألة شيء؟ قال واحد من الحاضرين: أحفظ
قول الإمام الشافعي، قال: دعنا من التقليد، دعنا من
التقليد، قال: أحفظ قول الإمام. . . . . . . . . قال: اترك
التقليد، قال الثاني: أنا أحفظ قول فلان، ولعله يقصد الشيخ
ابن باز، قال:. . . . . . . . . هات، هذا مو بتقليد؟ هذا
تقليد، كثير من الإخوان وفقهم الله، نعم العلماء الذين
عرفوا بالعمل بالدليل نعم، تقليدهم تميل إليه النفس؟ لأن
عملهم في الأصل وفي الغالب تبعاً للدليل، كثير من الإخوان
إذا قيل له: هذا قول الإمام أحمد قال: لا، الشيخ الألباني
يقول كذا، الشيخ الألباني على العين والرأس، الشيخ
الألباني على العين والرأس، ولا يصدر في الغالب إلا عن أثر
-رحمة الله عليه-، لكن يبقى أن هذا إمام وهذا إمام، يعني
أقل الأحوال اجعل إمام في صدر إمام، وانظر في المسألة
وتجرد أنت، لكن النفوس مشربة بحب التغيير، مشربة بحب
التغيير، يعني الذي ألِفَه الناس أي شيء يغيروه هذا تنساق
إليه النفوس، والإنسان مطالب بالعمل بما يدين الله به،
ويجب أن يكون عمله موافق لما جاء عن الله وعن رسوله -عليه
الصلاة والسلام-، فننظر إلى المسألة بتجرد.
(43/23)
فالذين منعوا -وهم الجمهور- حجتهم أحاديث
النهي، وهي صحيحة صريحة في الباب، والذين أجازوا استدلوا
بأدلة خاصة في هذه المسائل ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا
يجلس حتى يصلي ركعتين))، ونجعل تحية المسجد عنوان لذوات
الأسباب، عنوان لذوات الأسباب، طيب، الجمهور هل خفي عليهم
مثل هذا الحديث؟ خفي على مالك وأبي حنيفة وأحمد وأتباعهم:
((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين))؟ ما
خفي عليهم، إذاً كيف يقولون: إذا دخلت المسجد بعد صلاة
الصبح أو بعد صلاة العصر اجلس لا تصلِ؟! كيف يقولون مثل
هذا الكلام والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا دخل
أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين))؟ نقول: عندهم
أصل، وهو المنع، من الذي منعك؟ هو الذي أمرك، لم تتبع
هواك، فقالوا: أحاديث ذوات الأسباب -ويمثلها تحية المسجد-
عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة، عامة في الأوقات
((إذا دخل أحدكم المسجد)) عام يحتمل أن يكون دخوله بالليل،
يحتمل أن يكون الضحى، الظهر، العصر، المغرب، إذا دخل
عموماً لا يجلس، فعندهم أن أحاديث ذوات الأسباب عامة،
وأحاديث النهي خاصة، نعم إذا نظرنا إلى الأوقات فكلامهم
متجه، كلامهم صحيح، طيب الشافعية ماذا يقولون؟ يقولون:
نعم، هي وإن كانت عامة في الأوقات إلا أنها خاصة بهذه
الصلوات، فيقولون: إن أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات،
وأحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات، والخاص مقدم على
العام، الدعوة متكافئة، الدعوة متكافئة وكلامهم كلهم صحيح،
أحاديث النهي عامة في الصلوات، وخاصة في الأقوات، والعكس
في أحاديث ذوات الأسباب، عموم وخصوص وجهي، وهذا من أشكل ..
، من أعظم المسائل إشكالاً، إذا جاء العموم والخصوص الوجهي
ثم صعب الترجيح، حينئذ نحتاج إلى مرجح خارجي، نرجح به قول
الجمهور أو قول الشافعية، الجمهور يرجحون بأن الحضر مقدم
على الإباحة، نقول: هذه عبادات يتقرب بها إلى الله -جل
وعلا-، والأصل فيها التوقيف، الأصل فيها التوقيف، فإذا
نهينا عنها لم يكن إتياننا بها على مراد الله -جل وعلا-،
كيف نتقرب بصلاة قد نهينا عنها؟ الحضر مقدم على الإباحة،
وهذا يقول به الشافعية أيضاً، طيب الشافعية ويش مرجحكم؟
قالوا: مرجحنا
(43/24)
-وأيضاً يوافقهم عليه غيرهم- مرجحهم أن
العموم المحفوظ أقوى من العموم الذي دخله الخصوص، والذي
دخل عموم أحاديث النهي من المخصصات أكثر مما دخل عموم ذوات
الأسباب، ويزاد العموم ضعفاً بكثرة المخصصات، ويدعون أن
عموم ذوات الأسباب محفوظ، وأما عموم أحاديث النهي فمخصوص،
مخصوص بالفرائص نعم أداءً وقضاء، مخصوص بإيش؟ براتبة
الصبح، قضاءً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة
العصر بعدها، مخصوص بصلاة الجنازة وهي صلاة، مخصوص بأمور
كثيرة فعمومه أضعف من عموم ذوات الأسباب، وبهذا يرجحون،
وتبقى المسألة مشكلة، تبقى المسألة ما انحلت، لكن الإنسان
لا بد أن يرجح قول، لا بد أن يرجح قول ليعمل به، إذا
استغلق عليه الأمر واستوت من كل وجه يتوقف، يتوقف.
هذه حجج الفريقين، وهذه دعواهم، ونظرهم إلى هذه الحجج
والنصوص، لكن الذي يظهر أن الأوقات الموسعة الأمر فيها
أخف، فلا مانع أن تصلى ذوات الأسباب في أوقات موسعة، أما
الأوقات المضيقة التي جاء فيها أكثر مما جاء في غيرها،
ونهي فيها عن الصلاة وعن غير الصلاة، لا شك أن النهي فيها
أقوى من النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين.
فالذي يظهر لي أن في الوقتين الموسعين الأمر فيه سعة، يعني
لو صلى الإنسان تحية المسجد بعد صلاة الصبح، أو بعد صلاة
العصر لا بأس، لكن في الأوقات الثلاثة المضيقة فلا؛ لأنه
جاء فيها من التشديد ما لم يرد في الوقتين الموسعين،
والمخصصات التي جاءت أكثرها في الأوقات الموسعة، هم
يقولون: القضاء يحكي الأداء، القضاء يحكي الأداء، والأداء
فعله في البيت أفضل، إذاً قضاؤها في البيت أفضل، لكن يبقى
أن من جلس إلى أن تنتشر الشمس، وأراد أن يصلي ركعتين قبل
الانصراف على الحديث المختلف فيه، هل يصليها .. ؟ يصلي
الركعتين قبل قضاء راتبة الصبح أو يبدأ بقضاء راتبة الصبح
ثم يصلي الركعتين؟ على كل حال الأمر في الوقتين الموسعين
واسع، يعني من جلس لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-، ومن
صلى على حسب ما يترجح له، لا ينكر عليه.
(43/25)
أما الأوقات الثلاثة المضيقة حين يطلع قرن
الشيطان، وحين يقوم قائم الظهيرة، وتسجر جهنم، المسألة
يعني ليست .. ، الأمر الثاني: أنها أوقات يسيرة، ما تكلف
الإنسان شيء، لو تشاغل بغيرها ...
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إلا لا بد من ترجيح، لا، لا يمكن، لا بد من مرجح خارجي، لا
بد من مرجح خارجي، عندك ((من بدل دينه فاقتلوه))، ((من بدل
دينه فاقتلوه)) (من) من صيغ العموم، يشمل الذكور والإناث،
الرجال والنساء، وحديث النهي عن قتل النساء والذرية خاص
بالنساء إلا أنه عام في المرتدات والأصليات، نعم ((من بدل
دينه فاقتلوه)) عام في الرجال والنساء، خاص بالمرتدين،
النهي عن قتل النساء نعم، خاص بالنساء، لكنه عام في
المرتدات والأصليات، عموم وخصوص وجهي، الجمهور على أن
المرتدة تقتل كالرجل، طيب النهي عن قتل النساء؟ يقولون: إن
هذا عمومه مخصوص، دخله مخصصات، المرأة إذا زنت وهي محصنة
ترجم، المرأة إذا قتلت تقتل، إذاً ماذا عن النهي عن قتل
النساء؟ هذا خاص بالأصليات؛ لأن عموم النهي عن قتل النساء
مخصوص غير محفوظ، بينما عموم ((من بدل دينه فاقتلوه))
محفوظ، فهذا المرجح الخارجي الذي يجعل قول الجمهور أن
المرأة إذا ارتدت تقتل كالرجل.
(43/26)
مسألة الأمر والنهي إذا تعارضا أيهما أقوى؟
((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن
شيء فاجتنبوه)) يدل على أن النهي أقوى من الأمر إذا تعارض
أمر ونهي فالنهي أقوى من الأمر، نعم، شيخ الإسلام -رحمه
الله تعالى- يرى العكس، يرى العكس أن مخالفة الأمر أعظم من
مخالفة النهي، ويستدل بأن معصية آدم مخالفة نهي، ومعصية
إبليس مخالفة أمر، نُهي آدم عن الأكل من الشجرة فأكل،
وأُمر إبليس بالسجود فلم يسجد، لكن يبقى أن مثل هذا الكلام
ليس على إطلاقه أبداً، ليس على إطلاقه بل ينظر إلى ذات
المأمور وذات المنهي عنه أيهما أقوى؟ ينظر إلى قوة كل فرد
فرد، نعم، الآن وأنت خارج إلى الصلاة مأمور إلى أن تخرج
إلى الصلاة حيث ينادى بها، وفي طريقك إلى المسجد شباب
يلعبون كرة، تقول لهم: صلوا، ما يستجيبون، تقول: والله ما
أنا بطالع من البيت لئلا أرى المنكر الذي لا أستطيع
تغييره، نعم، لكن لو كان في طريقك إلى المسجد بغي، وعندها
ظالم لا يجيزك أن تذهب إلى المسجد إلا إذا وقعت عليها،
نقول: صلِ في بيتك، فرق بين أمر وأمر، ونهي ونهي، ينظر إلى
كل أمر على حدة، وإلى كل نهي على حدة.
يعني هناك أمور تطلق على أنها قواعد عامة، لكن يبقى أن
النظر فيها إلى كل قضية قضية بعينها، كل قضية ينظر إليها
بخصوصها.
أقول: الإشكال أن النفوس تشرئب إلى التغيير، ترتاح إلى
التغيير، وكان الناس على مذهب سمعوا كلام وما زال يردد
الآن عند بعض من يفتي عام وخاص والخاص مقدم على العام،
وانتهى الإشكال، كأن لا شيء، ويدخل قبيل أذان المغرب بخمس
دقائق ويركع ركعتين، هذا حاصل، قد يقول قائل: إذاً لا أطوف
بعد صلاة الصبح ولا. . . . . . . . . نقول: طف يا أخي، لكن
أخر الصلاة إيش اللي يمنع؟ ما لها وقت محدد، يسلمون بهذا،
لكن المسألة مسألة استرواح، المسالة مسألة استرواح، بعضهم
يسميه: استحسان، أنت إيش ترجح لك في هذه المسألة؟ لأن
أدلتها ما تزال متكافئة، هؤلاء لهم مرجح، وهؤلاء لهم مرجح،
نعم، تدرون أن بعضهم يقولون: لا تدخل المسجد.
(43/27)
عند الظاهرية يقولون: إن النهي منسوخ
عندهم، لا أدري هل قالوا به صراحة أو من لازم مذهبهم؟ أو
هو من لازم المذهب أن الإنسان إذا دخل المسجد يضطجع؟ يصير
ما جلس ولا .. ، كأنه من لازم المذهب وإلا مر بنا أنهم
يقولون: بالنسخ، نسخ النهي.
حديث: ((الطواف بالبيت صلاة)) تعرف أنه ضعيف، فالطواف ليس
بصلاة، يعني كونه يمنع من الطواف؛ لأنه يؤدي إلى صلاة، لذا
جاء في حديث جابر: "ما كنا نطوف بعد الصبح ولا بعد العصر"،
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
الجمهور على أنه مكروه، الحنفية محرم، تواطؤوا على تسميته
أوقات كراهة، لكن الأصل في النهي .. ، الأصل في النهي
التحريم، لا سيما تحري طلوع الشمس وغروبها، الذي جاءت
النصوص فيه آكد ...
(43/28)
|