شرح الموطأ عبد الكريم الخضير

الموطأ - كتاب الحج (1)
شرح: باب: الغسل للإهلال، وباب: غسل المحرم.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحسن الله إليك.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الحج
باب: الغسل للإهلال
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر ذلك أبو بكر -رضي الله عنه- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((مرها فلتغتسل ثم لتهل)).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- ولدت محمد بن أبي بكر -رضي الله عنه- بذي الحليفة فأمرها أبو بكر -رضي الله عنه- أن تغتسل ثم تهل.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخوله مكة، ولوقوفه عشية عرفة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحج
الكتاب سبق الكلام عنه مراراً في الكتب السابقة في هذا الكتاب وغيره.
والحج بفتح الحاء وكسرها لغتان، الكسر لأهل نجد، والفتح لغيرهم، والكسر المصدر حج يحج حِجاً، والفتح اسمه، اسم المصدر، وقيل: عكسه، المصدر حج يحج حَجاً، والحِج اسم المصدر.

(64/1)


والحج: ركن من أركان الإسلام بإجماع أهل العلم، وجاء ذكره والتشديد في أمره والتهويل من شأنه، وتهويل أمره في النصوص، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله -جل وعلا-: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] بالآية استدل علي -رضي الله عنه- بحديثه لما ذكر أن من كان ذا جدة ومقدرة ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً، وقال تعالى وذكر الآية، والحديث مخرج عند الترمذي وغيره، وفيه ضعف؛ لأنه من رواية الحارث الأعور عن علي، وفي الباب عن أبي هريرة وأبي أمامة وجمع من الصحابة يرتفع بها الحديث عن كونه موضوعاً، كما ادعى ابن الجوزي إلى أن يكون له أصل كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-.
فالحج ركن الإسلام الخامس عند جمهور أهل العلم، والرابع عند الإمام البخاري قبل الصيام، وذكرنا وأشرنا إلى هذا في شرح كتاب الصيام؛ لأن حديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً، وصوم رمضان)) هذا الذي في الصحيحين، وذكرنا أن في مسلم تقديم الصيام على الحج، رواية بتقديم الصيام على الحج، فلما قدم ابن عمر الصيام على الحج قال رجل: الحج وصوم رمضان، قال: لا، صوم رمضان والحج، وذكرنا ما قاله أهل العلم في هذه المسألة.

(64/2)


المقصود أن الحج شأنه عظيم، فمن بلغ وكلف واستطاع أن يحج فعليه أن يبادر، ولا يتعذر بأعذار واهية مع القدرة على ذلك، ومع الأسف أن بعض الطلاب وهم طلاب علم في كليات شرعية، لماذا لا تحج يا فلان؟ فيكون عذره والله تسليم البحث في الأسبوع الأول بعد الحج ما أستطيع، نعم، ما أستطيع، العام الماضي من الطلاب من اعتذر بإيش؟ قال: والله ربيع ما نقدر السنة الجائية -إن شاء الله-، ربيع، يقول: ربيع ما نقدر والله ها السنة، يبي يكفت ويروح ويجي نعم، فهذا خذلان هذا، هذا -نعوذ بالله- خذلان، يعني لو قالها شخص حج مراراً، مرار كثير حج عشر مرات، تقول له: اغنم الفرصة أنت قوي ونشيط وقادر والفرصة متاحة بإمكانك أن تحج، يقول: ربيع، والله يعني ما تحمل. . . . . . . . .، فضلاً عن كونه فريضة الله.
تارك الحج أو الصيام أو الزكاة عند جمهور العلماء لا يكفر، وإن قال بكفره بعض العلماء، رواية عن أحمد وقول معروف عند أصحاب مالك فيما ذكره شيخ الإسلام في كتاب الإيمان -رحمه الله- أن تارك أحد الأركان يكفر، ولو اعترف بوجوبه، لكن القول المقرر عند أهل العلم أنه لا يكفر، أما من ترك الركن الأول فلا حظ له في الإسلام ولم يدخل في الإسلام بالكلية، هذا لم يدخل الذي ترك الركن الأول، وأما بالنسبة للصلاة فالنصوص فيها صحيحة صريحة بأن من تركها كفر، ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))، ((بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة))، ولذا المفتى به أن تارك الصلاة كافر، أما من ترك بقية الأركان فالقول بكفره قول معروف في مذهب أحمد وعند أصحاب مالك، لكن المعتمد عند أهل العلم أنه لا يكفر، لكنه على خطر عظيم؛ لأن من ترك ركناً لا شك أن البناء ينهدم، إذا ترك ركنه الأعظم وأساسه فإنه ينهدم.
والحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة، الواجب في أصل الشرع، ويجب بالنذر إذا نذره ألزم به نفسه وجب عليه، إذا تلبس به وأحرم به لزمه إتمامه، وإن لم يكن واجباً بأصل الشرع.
باب: الغسل للإهلال

(64/3)


أي التلبية، والأصل رفع الصوت بها، التلبية إنما تكون بعد الدخول في النسك، والمقصود الغسل للإحرام، والإهلال رفع الصوت بالتلبية للدلالة على الدخول في النسك، هي الأمر الظاهر التي تدل على أنه دخل في النسك.

(64/4)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس" عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه القاسم بن محمد أحد الفقهاء عن أسماء بنت عميس جدته، وهي تحت أبي بكر في هذه القصة، هي تحت أبي بكر؛ لأنها ولدت محمد بن أبي بكر، أبو بكر سأل الرسول -عليه الصلاة والسلام- عن أمرها، وكانت قبله تحت جعفر بن أبي طالب، وبعد أبي بكر تحت علي بن أبي طالب، "أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء" وفي رواية: "بذي الحليفة" المقصود أن المكان واحد، والبيداء بطرف ذي الحليفة، فهي جزء منها، ولذا جاء في إحرامه أنه أهل بالبيداء، وأهل من المسجد، وأهل من الشجرة، المقصود أنها كلها يشملها مكان واحد، هذا المكان يبعد عن المدينة ستة أميال يعني حوالي عشرة كيلو، أسماء بنت عميس خرجت حاجة وهي في الطلق، يعني بدأ بها الطلق وهي في بيتها، نعم حرصاً منها على أداء هذه الشعيرة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- والاقتداء به، وعندنا من أعظم الأعذار الحمل، مجرد ما تخرج نتيجة التحليل خلاص، ما في أي أمل، فالتساهل واضح، بينما سلف هذه الأمة هذا صنيعهم، الدين رأس المال، الدين رأس المال وما عداه أمر سهل ما يفوت، نعم ديننا يسر، لكن كون الإنسان، إحنا نعتقد أن الدين يسر، والدين يعذر مع المشقة، والدين إذا خشيت الضرر على نفسها أو على حملها تعذر بهذا شرعاً، لكن فرق بين كون الإنسان يترخص ويأخذ بأيسر الأمور مع وجود المشقة، وبين كونه يرتكب العزيمة ليبرهن أنه يأخذ الكتاب بقوة، هذه تطلق في بيتها، الطلق من البيت بدأ، وعشرة كيلو وتلد في المحرم، طيب متى تبي تطهر؟ الآن يحسبون ألف حساب للدورة الشهرية، للحيض، تأتي الأسئلة بكثرة عمن يخشى أن تأتيها الدورة وهي ما طافت بالبيت فتحبس الرفقة وكذا، وقد أفتاها من أفتاها أن تطوف وهي حائض، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟ )) يعني يدل على أن الحائض تحبس الرفقة، وهذه نفاس، احتمال يصل إلى الأربعين، ومع ذلك حرصت على أداء هذا الركن والاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وما فرطت.

(64/5)


"فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني ماذا تصنع؟ الآن المرأة ولدت، يعني بالإمكان أن يقال: ترجع إلى بيتها؛ لأنها إلى الآن ما بعد دخلت في النسك، وما أسهل الرجوع عند الناس اليوم، كان يحرم أو يصل إلى المحرم ما يتلبس بالإحرام، يصل إلى المحرم ثم يبلغه خبر ألا شيء، ثم يقول: وسعها الله الجايئة -إن شاء الله-، وهذه عذرها قوي، يعني في احتمال يصير أربعين يوم، متى تطهر؟ متى تقضي حجها؟ متى؟ النفاس له آلامه، وله أوجاعه، وله تبعاته، ومع ذلك من اعتمد على الله كفاه، الآن استرخى الناس، وهولت الأمور في نفوسهم، وتنصح المرأة إذا حملت أن تلزم الفراش، ولا تصعد درج، ولا تحمل كذا، ثم ابتلوا بأدنى شيء يحصل الإسقاط، أدنى عثرة، وإلى وقت قريب والمرأة في التاسع تجذ النخل العيادين الطوال، يعني ما هو بكلام نظري هذا حقيقي، لكن الناس استرخوا فزيدوا من هذه الأمور، والله المستعان.
"فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هي ولدت ....
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن اتصلت واحدة قبل أيام قالت: أنا هذه آخر فرصة لي في البلد، ويصعب علي الحج مرة ثانية، وعندي ولد عمره سنة هل أستطيع الحج أو أنا معذورة؟ الولد عمره سنة يمكن يعيش عند أمها عند خالتها، قلت: هل هناك من يكفله؟ قالت: إيه أهلنا كلهم موجودين، عمره سنة يعني ماشي بدونها.
"فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((مرها فلتغتسل ثم لتهل)) " يعني تحرم مع الناس، والنفساء حكمها حكم الحائض، تصنع جميع ما يصنعه الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت، جميع ما يصنعه الحاج، يعني من أمور الحج، ولا يبعد بنا الذهن حتى نصل إلى أمور هي من متطلبات الدين، لا من متطلبات الحج، حتى قال قائلهم: إن الحائض تقرأ القرآن بدليل أن الحاج يقرأ القرآن، وقال: ((تصنع ما يصنعه الحاج غير ألا تطوف بالبيت)) وما استثني إلا الطواف إذاً تقرأ القرآن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(64/6)


يعني ما استثني إلا الطواف لأنه من متطلبات الحج، نعم إذا لم تجد هدي قارنة ولم تجد هدي تصوم ثلاثة أيام؟ لأنه ما استثني إلا الطواف، والحاج الذي لا يجد يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، المقصود أن الذهاب إلى مثل هذه العمومات التي ليست من مقاصد الشرع، الشارع حينما تكلم بهذا الكلام يبعد أن يكون مما أراد هذه الأمور، إنما يريد ما يتطلبه الحج.
((مرها فلتغتسل)) الآن النبي -عليه الصلاة والسلام- يأمر أسماء وإلا يأمر زوجها؟ يأمر أبا بكر بأن يأمرها، وهناك مسألة عند أهل العلم: الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أو لا؟ الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أو لا؟ نعم، أمر به، يعني لو نزلنا هذه القاعدة على أمورنا العادية لتقرب لنا المسألة الشرعية، لو قال الأب لولده الأكبر: قل لفلان -ابنه الأصغر-: لا يدخن، يعني هل هذا الأمر متجه إلى الأصغر فقط أو للجميع؟ يعني الأمور التي تتناول الجميع، قل لفلان: لا يخرج بالليل، قال الأب لولده الأكبر: قل لأخيك: لا يخرج بالليل هل هو أمر للجميع أو للواحد؟ للجميع، العلة معقولة في هذا، لكن لو قال له: قل لفلان يحضر لنا خبز، هل هو أمر للجميع وإلا للمأمور؟
طالب: للمأمور.
للمأمور فقط، فهذه الأوامر تختلف، إذا كان المأمور ممن يشمله هذه الأمر، الآن يقول: ((مرها فلتغتسل)) يعني هل أبو بكر ما يغتسل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أن يغتسل؟ هذا أمر لكنه كلمة وجوب هو أمر على كل حال، والجمهور على أنه سنة، الاغتسال سنة.
طالب: لكنها بالنسبة لها هي.
ويش تستفيد هي من هذا الغسل؟ أليس الغسل من أجل الإحرام؟ تبي تحرم وأبو بكر بيحرم وغيره، والرسول -عليه الصلاة والسلام- تجرد لإهلاله واغتسل.
طالب: لا بس هي معها مما يصحب من آثار.
لا، الآن أبو بكر أولى منها بالاغتسال؛ لأنه يؤثر فيه الاغتسال وهي لا يؤثر فيها الاغتسال، حدثها دائم لا يؤثر فيها، على كل حال جمهور أهل العلم على أن هذا الاغتسال سنة، وقال بوجوبه أهل الظاهر، والأمر الأصل فيه الوجوب، لكن عامة أهل العلم على أنه مستحب وليس بواجب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(64/7)


لا، لا الجميع، الاغتسال للإحرام سنة في حق الجميع، ثم لتهل، تحرم وتلبي مع الناس، وتصنع جميع ما يصنعونه، ففي هذا دليل على .... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا النفساء والحائض مثل غيرها، يعني كما يسن لمن لا حدث عليه يسن لها، هذا غسل الإحرام يسن للجميع، ففي هذا صحة إحرام النفساء ومثلها الحائض، وقل مثل هذا في الجنب أيضاً يصح إحرامه، وهو جنب، يعني لو جاء وهو جنب وقال: والله الجو بارد ما أنا بمغتسل إلا إذا دخلت مكة أنوي الدخول في النسك وأنا جنب وأذهب وإذا دخلت مكة اغتسلت، إحرامه صحيح وإلا غير صحيح؟ صحيح، هو أولى من الجنب والحائض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أما قلنا: إنه سنة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا لا، عامة أهل العلم على أنه سنة لكل أحد، لكن الكلام هل الحائض والنفساء أولى بالغسل أو الطاهر أولى؟
طالب: الطاهر.
الطاهر لأنه يرتفع حدثه، النفساء هذه ما يؤثر فيها غسل، لكن الدخول في هذا النسك العظيم يحتاج إلى أن يكون على أكمل طهارة أو ما قرب منها عند من لا يمكنه الكمال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
للنسك، للنسك هو للنسك للدخول في النسك فيستوي فيه الجميع، للدخول في النسك، ولذلك يبحثون مسألة إذا لم يجد ماء للغسل يتيمم وإلا ما يتيمم؟ يتيمم للدخول في النسك وإلا ما يتيمم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو معروف خلاف معروف.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هل العلة التنظيف هنا وإلا العلة أنه تعبد مثل غسل الجمعة وغيره، بحيث يشرع لو كان مغتسل من قبل، يعني ... هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم للدخول في هذا النسك العظيم يشرع الغسل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- اغتسل، وصحابته اغتسلوا، واغتسلوا لدخول مكة، واغتسلوا للوقوف بعرفة من دون موجب.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .

(64/8)


هو ما يرفع حدث، الحدث لا يرتفع، لكن هذا العمل الذي هو نية الدخول في النسك له غسل، يشرع له غسل، وهي تنوي الدخول في النسك فهي كغيرها، دعنا من شخص يبي يصلي قبل الإحرام، ويبي .. ، هذه مسألة ثانية، يرفع الحدث من أجل الصلاة، لذلك الدخول في النسك يصح من الجنب، يصح من حائض، من نفساء من غيرهما، لكن من أجل الدخول في النسك يغتسل، سواءً ارتفع الحدث أو لم يرتفع.
في اغتسال للإحرام مطلقاً؛ لأنها إذا أمرت الحائض والنفساء مع عدم ارتفاع الحدث فغيرهما أولى؛ لأنه يؤثر فيه الغسل، لا سيما إذا لاحظنا أن النسك يقع بعد صلاة على الخلاف الذي سيأتي.
طالب:. . . . . . . . .
للطهارة نعم يطهر، الطهارة الصغرى لا بأس، بعد ... إذا لم يستطع؛ لأنه على كل حال يشبه الغسل من وجه في رفع الحدث.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن أسماء بنت عميس ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة" محمد بن أبي بكر الذي ولد في آخر القعدة، وأدرك من حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاثة أشهر هل يثبت له صحبة؟ وهل هو من التابعين بإحسان؟ المقصود أن سيرة الرجل معروفة ولا داعي للكلام فيه، أما الصحبة فالنزاع طويل في إثباتها له بمجرد ولادته في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وعدم إدراكه إلا ثلاثة أشهر، لا سيما وأن سيرته فيها ما فيها.
بذي الحليفة، وفي الرواية السابقة: بالبيداء، ولا تنافي بينهما كما تقدم؛ لأن البيداء بطرف ذي الحليفة، بعض الروايات: في الشجرة، كما جاء الخلاف في موضع إهلاله -عليه الصلاة والسلام-، وهي كلها يجمعها مسمىً واحد.
"فأمرها أبو بكر أن تغتسل" أمرها أبو بكر امتثالاً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم تهل، فهذا الغسل للدخول في النسك مشروع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- تجرد لإهلاله واغتسل، وأمر بذلك فأقل الأحوال أن يكون سنة، الاغتسال للإهلال.

(64/9)


يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخوله مكة" ولدخوله مكة يعني بعد أن يحرم؛ لأنه ثبت عنه كما في الصحيح أنه كان يبيت بذي طوى، ثم إذا أصبح اغتسل ودخل مكة، أصبح وصلى الصبح اغتسل ثم دخل مكة، ويذكر ذلك عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يفعله، فهذا أيضاً الغسل لدخول مكة فعله ابن عمر الصحابي المؤتسي، ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
يقول ابن المنذر: الاغتسال لدخول مكة مستحب عند جميع العلماء، وليس في تركه عندهم ليس في تركه شيء عندهم، ويجزئ عنه الوضوء؛ لأنه يراد منه الاغتسال لدخول مكة والطواف، فيكفي إذا ارتفع الحدث، ولا يلزم الغسل إلا لجنب.
هنا نقول: الحائض والنفساء لدخول مكة تغتسل وإلا ما تغتسل؟ الآن اغتسلت للإحرام فهل هذا الغسل الذي يذكره ابن عمر ويرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لمجرد دخول مكة أو للطواف؟ إذا قلنا لمجرد دخول مكة قلنا: تغتسل الحائض والنفساء، وإذا قلنا: إنه للطواف قلنا: لا تغتسل الحائض ولا النفساء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(64/10)


مرها فلتغتسل؟ هذه المسألة ذكرناها مراراً أنه يرد الأمر الصريح الذي لا نقف على صارف له، ومع ذلك الأئمة الأربعة وأتباعهم يحملونه على الاستحباب، ومثله النهي الصريح الصحيح الذي الأصل فيه التحريم، ولا يوقف له على صارف، ومع ذلك عامة أهل العلم على الاستحباب، ولا يقول بالوجوب إلا أهل الظاهر، فهل نقول بمقتضى الدليل، وإن خالفنا عامة أهل العلم، أو نقول: إن عامة أهل العلم ما عدلوا عن الوجوب إلى الاستحباب أو من التحريم إلى الكراهة إلا لصارف لعلنا قصرنا في البحث عنه، أو قصرت همتنا عنه، يعني ما فهمناه، لأمر لم نفهمه أو لم نقف عليه؟ وعلى كل حال هيبة عامة أهل العلم لا بد أن تكون في ذهن طالب العلم، وأنه لا يقدم إلا بأمر لا يستطيع دفعه، وإن كان الأصل والعمدة عند العامة والخاصة الدليل فهل نقول: إنهم وقفوا على صارف قصرنا في البحث عنه، أو لم نقف عليه، أو لم يصلنا؟ أو نقول: الأصل الوجوب ولا صارف ولا علينا من عامة ولا خاصة؟ بالنسبة للصارف هنا: ((مرها فلتغتسل)) هل نقول: إن هذا مثلاً غسل تعبدي لا يعقل له علة، وأن الحدث باق لن يرفع حدث هذا الغسل، فوجوده شبه العدم، وأثره ضعيف، ولولا الأمر الشرعي به كان ما له أثر، نعم، لولا الأمر الشرعي ((مرها فلتغتسل)) ما له أثر، فمثل هذا قد يعتبرونه صارف عندهم، لكن افترض أن المسألة لا صارف لها بوجه من الوجوه، ولم نقف بعد طول البحث، هل الإنسان -لا سيما طالب العلم المتأهل للنظر في الأدلة المطلع- هل له أن يتخطى عامة أهل العلم، ويفتي بمقتضى الدليل؟ أو نقول: ما حمله وصرفه أهل العلم ومن يعتد بقوله من أهل العلم إلا لوجود صارف ولو لم يطلع عليه؟ وهذه مسألة لا بد من اعتبارها، أقول: هذه مسألة يحتاجها طلاب العلم، كثير من المسائل من مثل هذا، تجد أمر صريح صحيح ما فيه أدنى إشكال، وتبحث عن صارف لا تجد، لكن تفاجئ أن عامة أهل العلم على أنه استحباب، ولا شك أن الأمر كما يرد للوجوب يرد للاستحباب، لكن الأصل فيه للوجوب.
طالب:. . . . . . . . .
أما عدم الذكر لا يدل على العدم.
طالب:. . . . . . . . .

(64/11)


إيه لكن عدم الذكر لا يدل على العدم، يعني يجئنا في مسائل كثيرة أن مثلاً فسلم عليه ما نقول: رد السلام، نقول: هذا صارف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إذا وجد نص صحيح صريح يعني ما خالفه من العدم إما أن نقول: لعلمهم بهذا الأمر واستفاضته عندهم ما نقل كرد السلام، سهل الجواب عن هذا، لكن أقول: هذه مسألة تواجه طلاب العلم كثيراً، ويحتارون فيها، ولا شك أنها محيرة، يعني طالب العلم عليه أن يهاب أهل العلم، ولا يجرؤ حتى يجزم أنه لا يوجد صارف وأن يسبقه أحد من أهل العلم، لا يبتدع قول ما سبق إليه، والكل يعني سواءً الجمهور وغير الجمهور عمدتهم الدليل والأصل فيه الوجوب، وبناءً على قاعدتهم أنه يجب، لكن ما قالوا به، لماذا؟ لذا نجد من يرجح قول الظاهرية باستمرار مثل الشوكاني والصنعاني وغيرهم، ولا ينظرون إلى الجمهور أدنى نظر مع صراحة الدليل، وهذا هو الأصل، لكن طالب العلم ينبغي أن يجبن عن الإقدام بمثل هذا حتى يستوي، حتى يتأهل التأهل التام ويكون لديه من الإطلاع مثل ما عندهم، ماذا نقول؟ ويش نرجح؟ نقول: علينا بالدليل ولا علينا من أحد ولو خالفنا عامة أهل العلم الأربعة كلهم وأتباعهم إلى قيام الساعة، ترى مسألة مشكلة يا الإخوان، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ويقلد العامة وإلا يجرؤ؟ يعني من سبر حال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يجد هذا المنحى، لكن الشيخ من مثل الشيخ نعم في الفهم والاطلاع، حتى أنا سألت الشيخ ابن باز عن هذه المسألة قال: العمدة الدليل، ولو خالفه عامة أهل العلم، لكن يبقى لمثل هؤلاء أن يقولوا مثل هذا الكلام، لكن طالب علم مبتدئ أو متوسط عليه أن يهاب أهل العلم، ويهاب أقوالهم، ويتهم نفسه بالتقصير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ولم يسبقه إلا الظاهرية؟ يعني على الخلاف في اعتبار أقوالهم والاعتداد بها، لكن من أهل العلم من يرى أنه لا يعتد بهم في الخلاف ولا في الإجماع، وجودهم كعدمهم، فينقلون الإجماع مع وجود خلافهم.
طالب:. . . . . . . . .

(64/12)


شوف يا أخي كون الظاهرية والحنفية قالوا به، يعني واحد من الأئمة الأربعة يجعلك ما تردد؛ لأن هؤلاء مذاهبهم لها أصولها وقواعدها وعمدتها الدليل، وأيضاً لهم أتباع حرروها ونقحوها وتتابعوا عليها، يعني الإنسان ما يتردد في كونه يقلد واحد من الأئمة الأربعة، ويتبع الدليل في الأصل، لكن يتشجع لما يرى أن واحد من الأئمة قال بهذا، يعني عمدة الجميع الدليل، ينبغي أن يكون العمدة الدليل، لكن أيضاً ما هي بمسألة اتهام للدليل أو تقليل من شأن الدليل، المسألة اتهام للنفس هل أنت أحطت بالسنة بحيث لا تجد صارف، يعني هل تجزم إذا بحثت مسألة أنك ما وجدت صارف، أنه لا يوجد صارف بالفعل، أما قالوا في نظير هذا أنه لو وجد دليل صحيح صريح يدل على مسألة بعينها وعامة أهل العلم على خلافه ما يقولون: نجزم بأنه منسوخ ولو لم نقف على الناسخ؟ ما قالوا بهذا؟ قالوا بهذا أهل العلم، فليكن هذا من جنسه، يعني إحنا ما أبطلنا الدليل بالكلية نعم إنما صرفه وهذا جزء مما يقال بوجود ناسخ لم نقف عليه، لأن مثل هذا نسخ جزئي، يعني كوننا نحمل الدليل من الوجوب إلى الاستحباب عملنا بالدليل؛ لأن من معاني الأمر الاستحباب فعملنا به، نعم عديناه مرحلة، فخففنا من أمره لوجود صارف ولو لم نقف عليه بناءً على أن أهل العلم كلهم قالوا بمقتضاه.
فمثل هذه الأمور ينبغي أن يعتني بها طالب العلم ولا أقول: إن الإنسان يهون من شأن الدليل، أهل العلم قاطبة عمدتهم الدليل، ما في أحد يبي ينطلق من غير دليل، لكن كون هذا الدليل بلغ فلان أو لم يبلغ فلان، هذه مسألة، كونه بلغه وفهمه على وجه غير ما فهمه عليه فلان مسألة أخرى، وكلهم مجتهدون، وكلهم مأجورون، المصيب له أجران، والمخطئ له أجر، ولكن على طالب العلم أن يعنى بالمسائل، ويبحث عن أدلتها، ويبحث عن كيف استنبط أهل العلم هذا الحكم من هذا الدليل.
طالب:. . . . . . . . .

(64/13)


على كل حال هو فعل -عليه الصلاة والسلام-، وأمر النفساء أن تغتسل، فأهل العلم الذين يستحبونه مطلقاً يقولون: أمرت النفساء بالاغتسال مع كون هذا الاغتسال لا يفيدها، ولا يرفع حدثها، ولن تستعمل به طهارة، أقول: لا تستعمل بهذا الغسل عبادة، لا تزاول إلا برفع الحدث، لا تستعمل به شيء، فغيرها من باب أولى، يعني هذا مأخذهم، يعني يكون من باب قياس الأولى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نقلوه، لكن إحنا ما اطلعنا عليه، هل اطلعنا على جميع ما كتبه أهل العلم؟ نعم، سؤال؟ فما هو بالاتهام لأهل العلم أو للدليل، الاتهام لطالب العلم الذي قصر في البحث عن الصارف، أو قصر في فهمه، أحياناً يكون نفس النص يدل على صارف، في الدليل الأمر نفسه فيه ما يدل على صرفه، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: غسل المحرم:
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- والمسور بن مخرمة -رضي الله عنه- اختلفا بالأبواء فقال عبد الله: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور بن مخرمة: لا يغسل المحرم رأسه، قال: فأرسلني عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- إلى أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- فوجدته يغتسل بالقرنين ....
بين.
أحسن الله إليك.
فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو مستتر بثوب، فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل رأسه وهو محرم؟ قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب عليه: اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل.
وحدثني مالك عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال ليعلى بن مُنَيَّة ....
مُنْية، مُنْية.
أحسن الله إليك.
قال ليعلى بن مُنْية وهو يصب على عمر بن الخطاب ماءاً وهو يغتسل: اصبب على رأسي، فقال يعلى: أتريد أن تجعلها بي إن أمرتني صببت؟ فقال له عمر بن الخطاب: اصبب فلن يزيده الماء إلا شعثاً.

(64/14)


وحدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا دنا من مكة بات بذي طوى بين الثنيتين حتى يصبح ثم يصلي الصبح، ثم يدخل من الثنية التي بأعلى مكة ولا يدخل إذا خرج حاجاً أو معتمراً حتى يغتسل قبل أن يدخل مكة إذا دنا من مكة بذي طوى، ويأمر من معه فيغتسلون قبل أن يدخلوا.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من الاحتلام.
قال مالك -رحمه الله-: سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس أن يغسل الرجل المحرم رأسه بالغسول بعد أن يرمي جمرة العقبة وقبل أن يحلق رأسه، وذلك أنه إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له قتل القمل، وحلق الشعر، وإلقاء التفث، ولبس الثياب.
نعم وعشية عرفة إيه، ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
يغتسل منه.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟ هنا؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني في حديث أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، هذا معروف للدخول في النسك يغتسل، ولدخول مكة يغتسل، وللوقوف عشية عرفة يغتسل، للوقوف يعني ليوم تسعة، من أجل الوقوف، للإحرام الثاني يدخل فيه الإحرام الأول، الإحرام الثاني بالنسبة للمتمتع ينسحب حكم الإحرام الأول، نعم كأن يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم سواءً كان بالحج أو بالعمرة هذا اليوم الثامن، أما الوقوف لعرفة ليقف على طهارة، ومعروف أن هذا اليوم يوم عظيم فيحسن الاغتسال فيه؛ لأنه من مظنة الإجابة أن يكون الإنسان على طهارة، وأن يستقبل القبلة كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويلح في الدعاء، المهم أن هذا منها، يكون على أكمل حال، يعني لو كان عشية عرفة جنب مثلاً، هل يناسب هذه الحال لمثل هذا اليوم العظيم؟ نعم، صلى الظهر والعصر ثم اضطجع فاحتلم، متى يلزمه الغسل؟ للصلاة، قال: أنا ما أنا مصلي إذا وصلت مزدلفة باغتسل بمزدلفة ويش معجلنا؟ هل يناسب أن يقف ويدعو في هذا المكان العظيم التي تتنزل فيه الرحمات، نعم، أن يقف جنب؟ نعم؟ لا يحسن، يقف على غير طهارة مثلاً، كل ما كان أكمل كان أفضل، ولذا كان ابن عمر يغتسل للوقوف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(64/15)


الآن في اجتماع كبير للمسلمين، وفيه عبادات مجتمعة في هذا اليوم وهو يوم عظيم، ويوم لا شك أنه هو الحج، والحج عرفة، ويشرع الغسل في نظائره في الجمعة وفي العيد وكذا، فهذا منها، من هذه الحيثية وليقف على أكمل حال.
يقول: "باب: غسل المحرم" يقول ابن المنذر: أجمعوا على أن المحرم يغتسل من الجنابة، واختلفوا فيما عدا ذلك، اختلفوا فيما عدا ذلك، والمحاورة التي حصلت بين ابن عباس والمسور تدل على أن هناك خلاف، ويش المحذور من الاغتسال بالنسبة للمحرم؟ يعني كون الماء يغطي الرأس من جهة، الأمر الثاني: تحريك الشعر، وهذا قد يتسبب في سقوطه أو في قتل ما فيه من دواب وهوام، ولذلك تردد المسور أنه ما يغتسل، ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- مع كونه يغتسل لدخول مكة ولعشية عرفة إلا أنه لا يغسل رأسه على ما سيأتي، ما يغسل رأسه، يغسل جميع البدن دون الرأس، والسبب أن فيه الأمور التي ذكرناها: تغطية الرأس بالماء، والمحرم ممنوع من تغطية الرأس، هذه شبه بالنسبة لمن يرى المنع، شبه بالنسبة لمن يرى المنع، وإلا كيف تغطي رأسك بالماء؟ الأمر سهل، هذه ما هي بتغطية لا حقيقة ولا عرفاً، كونك تحرك رأسك بهدوء ورفق بحيث لا يترتب عليه سقوط شعر ويش المانع؟ إذا احتجت إلى حك الرأس تحك رأسك، كونه يسقط شعر غير مقصود أو يموت هوام ودواب غير مقصود قتلها ويش المانع؟ أقول: هذه شبه من يرى أن المحرم لا يغتسل إلا للجنابة.
"حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه -عبد الله بن حنين مولى بن عباس- أن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة -رضي الله عنه- اختلفا بالأبواء -مكان قرب مكة- فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور بن مخرمة: لا يغسل المحرم رأسه" لأنه يلزم عليه ما ذكرنا، تحريكه قد يكون سبباً في تساقط الشعر، وفي قتل الهوام، والماء يغطيه، هذه شبه لمن يخالف في غسل المحرم رأسه.

(64/16)


"قال عبد الله بن حنين: فأرسلني عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري" خالد بن زيد الأنصاري "فوجدته يغتسل بين القرنين" فوجدته يغتسل بين القرنين هذا جواب عملي، وهما الخشبتان القائمتان على رأس البئر، تعلق بالخشبة البكرة التي يستقى بها، التي يوضع فيها الدلو، ويرفع بواسطتها، هما القرنان "وهو يستر بثوب" التستر لا بد منه لا سيما إذا كان بحضرة أحد "فسلمت عليه" وفي هذا جواز السلم على المتطهر حال تطهره، وأم هانئ سلمت على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يغتسل، لكن هل رد السلام أو لم يرد؟ هنا لم يذكر فيه رد سلام، وفي حديث أم هانئ قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من؟ )) قالت: أم هانئ، قال: ((مرحباً بأم هانئ)) ولم ينقل أنه رد السلام، منهم من يقول: إنه لم ينقل وإن كان قد وقع، ورد السلام واجب، والأدلة متظاهرة عليه لا تحتاج إلى تكرار، ومنهم من يقول: إنه في هذه الحالة لا يرد حتى يفرغ، النبي -عليه الصلاة والسلام- سلمت عليه أم هانئ فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) وسلمت عليه فاطمة قال: ((مرحباً بابنتي)) وما نقل أنه رد السلام -عليه الصلاة والسلام-، فالذي يقول: إنه لا يحتاج إلى نقل في كل قضية يقول: حصل النقل في بعض القضايا ويكفي ولا يلزم، هذا عرف واستفاض عند المسلمين ولا يلزم نقله، ومنهم من يقول: إن مرحباً تكفي عن رد السلام.
المقصود أن هذا مما استفاض بين الناس أنه لا بد منه {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] يعني أقل الأحوال أن ترد بلفظها.
"فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل رأسه وهو محرم؟ " الآن ما سأل عن غسل الرأس، يعني هل كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يغسل رأسه أو لا يغسل؟ لأن هذا كالأمر المتقرر عندهم، والنزاع في كيفية الغسل، أو أنه رآه يغسل رأسه ويغسل بدنه إلا أنه لم يرَ الكيفية، المقصود أن السؤال عن الكيفية لا عن أصل المشروعية؛ لأن ابن عباس يرى المشروعية.

(64/17)


"قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب" الثوب الذي يستره، وضعه عليه من أجل أن ينزله كي يبدو رأسه، لكي يراه السائل، الثوب ساتر، الثوب إذا وضع عليه شيء ثقيل كاليد نزل، ومع هذا النزول يبدو الرأس.
"فطأطأه -خفضه- حتى بدا لي رأسه" ظهر "ثم قال لإنسان" وهذا لم يسم "يصب عليه: اصبب" لكي يرى هذا السائل "فصب على رأسه ثم حرك أبو أيوب رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر" يعني كما يغسل في الأغسال الشرعية سواءً كانت الواجبة أو المستحبة، فدل على جواز ذلك، وأنه لا أثر له، وأن تغطية الرأس بالماء لا يضر، وأن تحريك الشعر لا يؤثر "ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل".
زاد سفيان: قال عبد الله بن حنين: فرجعت إليهما، إلى المسور وابن عباس، فأخبرتهما فقال المسور لابن عباس: لا أماريك أبداً، وفي هذا الاعتماد على خبر الواحد الثقة والرجوع إلى النص؛ لأنه لما فعل ذلك رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، "هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل" والاستعانة في الطهارة فيباح، تباح الاستعانة بأن يصب عليه الماء، يستعين بمن يصب عليه الماء، فتباح معونته، والأولى في هذا الأمر الاعتماد على النفس إذا أمكن، لكن إذا اقتضى الحال الاستعانة لا بأس بها.
يقول: "وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي عن عطاء بن أبي رباح أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن منْية" بالتخفيف وهي أمه، المنية إيش؟ واحدة المنى، وهي اسم أمه، منية أمه، وأما أبوه فاسمه: أمية، متقاربان في اللفظ "وهو يصب على عمر بن الخطاب ماءً وهو يغتسل -وهو محرم-: اصبب على رأسي" يقول: "اصبب على رأسي، فقال يعلى: أتريد أن تجعلها بي" يعني كأن يعلى متردد في غسل المحرم لرأسه، نعم تريد أن تجعلها بي "إن أمرتني صببت؟ " استجابةً لأمرك وإلا ما أتولى هذا الأمر الذي أنا شاك فيه متردد فيه، فلا اجتهاد لي في ذلك بل أفعل استجابة لأمرك، ولولا أمرك لما فعلت؛ لأنه متردد في هذا الأمر.

(64/18)


"فقال له عمر بن الخطاب: اصبب فلن يزيده الماء إلا شعثاً" لأن الماء يلبد الشعر ويدخله يدخل فيه يجعل الغبار يستمسك به، فلن يزيده الماء إلا شعثاً، قد يقول قائل: إن الماء يرطب الشعر ويلينه ويلبده وتلبيده وتليينه نعم خلاف الشعث هذا، يعني هل قوله: اصبب فلن يزيده الماء إلا شعثاً ظاهر المعنى؟ أو أنه إذا أريد تسريح الشعر يبل بالماء ثم يلين ويرطب ولين، وهذا عكس الشعث، نعم؟ يمكن هذا في آخر عمره، مع أنه عمره الآن هل هذا في وقت خلافته أو قبل ذلك؟
طالب:. . . . . . . . .
أن عمر، يقول: أن عمر بن الخطاب، هو يحكي قصة هل شهدها أو لم يشهدها؟ أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن منية، هو لم يشهد القصة، فمثل هذه القصة منقطعة، لكن قوله: اصبب فلن يزيده الماء إلا شعثاً، الآن الشعث ما هو بيزال بالماء؟ نعم إذا كان الشعر متشعث متفرق إذا أريد جمعه وتسريحه وترجيله يبل بالماء، فماذا عن قوله: اصبب فلن يزيده الماء إلا شعثاً؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إلا شعثاً؛ لأن الماء ... قالوا: لأن الماء يلبد الشعر، ويدخله مع ذلك في الغبار وما أشبه، الماء إذا جاءه الغبار وفيه ماء يلصق فيه الغبار بخلاف ما لو كان يابساً، هو من هذه الحيثية وإلا المعنى مشكل.
طالب: هو مجرب يا شيخ.
وين؟
طالب: مجرب.
في إيش؟ الآن إذا أرادوا تجعيد الشعر ويش يسوون به؟ على كل حال الماء يصلح لهذا وهذا، هو طريق للترجيل والتسريح والتليين، وهو أيضاً طريق إلى ... ، فإن تبعه المشط وتبعه الدهن ترجل، وإن ترك بعد الماء لا شك أنه يشعث، مع أن الخبر فيه ما فيه.
طالب:. . . . . . . . .
أما الغبار يلازمهم ويش عندهم؟ لا عندهم قزاز يقفلونه ولا .. ، الله المستعان.
طالب: الاستثناء؟
كيف؟ فلن يزيده الماء إلا شعثاً؟ الاستثناء من وين؟ ترى المستثنى مفرغ الاستثناء، لن يزيده الماء شيئاً إلا شعثاً هذا الأصل لأن المستثنى منه غير موجود.
على كل حال إذا كان ماء مجرد ما في ما يعين على تسريحه من دهن ومشط وما أشبه ذلك فهو كما قال -رضي الله عنه وأرضاه-.

(64/19)


يقول: "وحدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا دنا من مكة -قرب منها- بات بذي طوى" وذو طوى الآن يعرف بإيش؟ بالزاهر "بين الثنيتين حتى يصبح" يدخل في الصباح "ثم يصلي الصبح، ثم يدخل من الثنية التي بأعلى مكة" يقال لها: كداء بالفتح والمد "ولا يدخل إذا خرج حاجاً أو معتمراً حتى يغتسل قبل أن يدخل مكة إذا دنا من مكة بذي طوى، ويأمر من معه فيغتسلون قبل أن يدخلوا" تحصيلاً للسنة؛ لأنه يفعل ذلك ويرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من الاحتلام".
وكونه لا يغسل رأسه ذكر أنه يغتسل لإحرامه ولدخول مكة، وللوقوف بعرفة، وإذا ... ، أما اغتساله للإحرام فلا إشكال في كونه يغسل رأسه؛ لأنه لم يدخل في النسك بعد، أما بعد ذلك لدخول مكة أو للوقوف كان لا يغسل رأسه إلا من احتلام؛ لئلا يلزم عليه تغطية الرأس، كان ابن عمر يحتاط كثيراً لمثل هذه الأمور، وعنده تشدد في بعض المسائل.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
بقية بدنه.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا يستثنى الرأس بدليل هذا الكلام، مالك عن نافع أن ابن عمر، ويش أصح من هذا شيء؟ ما في أصح منه، فيكون الرأس مستثنى، فيكون الغسل لجميع البدن ما عدا الرأس.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .

(64/20)


الدخول والخروج؟ الدخول لمكة من أعلاها من ثنية كَداء، والخروج من أسفلها من كُدى، هناك أيضاً بالتصغير كُدي، الدخول من الأعلى والخروج من الأٍسفل، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمنهم من يرى استحباب ذلك، والحنابلة يقولون: يسن دخول مكة من أعلاها، والخروج من أسفلها، ودخول المسجد من باب بني شيبة، إلى آخره، يعني من المواضع التي دخلها النبي -عليه الصلاة والسلام- منها، ومنهم من يقول: إن هذا طريقه، ما تكلف -عليه الصلاة والسلام- غير طريقه، لا شك أن الدخول من الأعلى أسهل، أسهل، وهو طريقه -عليه الصلاة والسلام-، لكن الخروج من الأسفل ولو لم طريقه -عليه الصلاة والسلام- الخروج من الأعلى صعب وإلا سهل؟ صعب، يعني كونه من أعلاها وينزل سهل، لكن كونه بيرجع إلى الأعلى مرة ثانية فيه صعوبة، ولا مانع من أن ينزل مع الأسفل ثم يدور دورة كاملة حتى يصل إلى طريقه، فلا شك أن هذا أرفق بالداخل، ولذا إذا كان الأعلى ليس على طريقه مثل الذي يحرم من السيل طريقه في الدخول من الأسفل لا من الأعلى، نعم، فلا يقال: إن الأفضل أنك تستدير فتأتي من أعلاها إلا من قال: إن هذا أصل وأن هذا داخل فيما يقتدى به النبي -عليه الصلاة والسلام- كما يصنع ابن عمر وغيره.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو بس إذا ما حرفت المسارات مسارات السيارات أحياناً تريد الدخول من موضع معين ثم يصرفونك عنه، نعم وإلا ممكن يعني، الذي يجئ من المدينة وإلا من جدة يدخل من أعلاها، واللي يجئ من جهة الشمال يكون من أعلاها، واللي من جهة الجنوب أو الشرق يكون من أسفلها.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام".

(64/21)


وعرفنا أنه يغسل جميع بدنه في المواضع لدخول مكة وللوقوف ما عدا الرأس "قال مالك: سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس أن يغسل الرجل المحرم رأسه بالغسول" الغسول ما يغسل به الرأس، يعني مما لا طيب فيه، من سدر وخطمي ونحوهما أو أشنان وصابون غير معطر لا بأس، هذا في الجملة، لكن كلامه يقول: "بعد أن يرمي جمرة العقبة" الغسول الذي فيه الطيب مثلاً كالسدر رائحته طيبة، المنظف المعطر معروف أن المحرم ممنوع منه، الطيب المعطر والمناديل المعطرة كلها ممنوع منها المحرم؛ لأنها تشتمل على الطيب الذي يعلق بالبدن وباليد وبالرأس، لكن بعد التحلل الأول يستعمل الطيب بدليل حديث عائشة -رضي الله عنها- كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت.
كلام الإمام مالك -رحمه الله تعالى- هنا: "سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس أن يغسل الرجل المحرم رأسه بالغسول" ويش ترون كثرة الإحالة على أهل العلم من قبل الإمام مالك، سمعت أهل العلم، أهل العلم ببلدنا، وهذه لها دلالة قوية وإلا هو إمام بإمكانه أن يقول هذا الكلام ولا يتردد من غير نسبة إلى أحد، إمام دار الهجرة، نجم السنن، ما أحد بيطعن في إمامته، لكن حينما يقول: سمعت أهل العلم لا شك أن هذا فيه تواضع من هذا الإمام الكبير، والواحد منا يأنف أن ينقل قول لشخص هو في منزلته ومقامه فضلاً عن أن ينقل عن من هو دونه، الإمام مالك احتمال أن بعض أهل العلم الذين ينقل عنهم أنه أقل منه منزلة.
يقولون: "لا بأس أن يغسل الرجل المحرم رأسه بالغسول بعد أن يرمي جمرة العقبة وقبل أن يحلق رأسه" هذا هو التحلل الأول عنده، نعم، "وذلك أنه إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له قتل القمل، وحلق الشعر، وإلقاء التفث، ولبس الثياب" لكن هل يحل له الطيب؟ الطيب يحل؟ تقليم الأظافر يحل؟ بقية المحظورات تحل؟ كونه يحل حلق الشعر لبس الثياب تحل؟
طالب:. . . . . . . . .
ولبس الثياب.
طالب: وإلقاء التفث.
إيه لكن كونه يحل حلق الشعر فيه إشكال؟ في أحد من أهل العلم يمنع حلق الشعر بعد رمي الجمرة؟ ما في أحد، لماذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .

(64/22)


وحلق الشعر، وإلقاء ... ، حتى لما قرن به لبس الثياب لكنه ما ذكر قص الأظافر وهو في حكم حلق الشعر ولبس الثياب، الحكم واحد، فهل نقول: إن الإمام مالك يرى -رحمه الله- أن التحلل الأول يحصل بواحد؟
طالب: الذي يظهر من كلامه نعم.
وذلك أنه إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له قتل القمل، وحلق الشعر، وإلقاء التفث، ولبس الثياب، يقول الشراح: ولا يبقى سوى النساء والصيد، وكره الطيب قبل الطواف، يعني ولو فعل، ولو رمى جمرة العقبة، وكره الطيب قبل الطواف، لكن كيف يكره الطيب قبل الطواف وعائشة تقول: ولحله قبل أن يطوف؟ نعم؟ يعني إذا لم يفعل إلا واحد يكره الطيب، أي الطيب ولبس الثياب؟
طالب: لبس الثياب.
لا، هو اللي يظهر أن الإمام مالك -رحمه الله- يرى أن التحلل يكون برمي الجمرة بواحد فقط، هذا الذي يظهر، وإن كان يفرق بين بعض المحظورات بين بعضها فهو نص على حلق الشعر، وإلقاء التفث، ولبس الثياب، وما عدا ذلك يختلفون فيه، ورأيه فيما يظهر أو فيما نقل عنه أنه يكره الطيب قبل الطواف ولو فعل اثنين، وأن الطيب لا يحل إلا بعد الثلاثة كالنساء، نعم، كره الطيب قبل الطواف، لكن هذه الكراهة مع حديث عائشة الصحيح الصريح "ولحله قبل أن يطوف" لا اعتبار لها.
مسألة التحلل الأول بما يحصل تأتي -إن شاء الله تعالى-، لكن ((إذا رميتم جمرة العقبة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء)) هذا معروف، وفي رواية: ((إذا رميتم وحلقتم)) وهذا منشأ الخلاف من اختلاف الروايتين، لكن المرجح بواسطة حديث عائشة -رضي الله عنها- لأنها علقت الحل بما قبل الطواف "ولحله قبل أن يطوف" فدل على أنه حل بعد أن فعل الحلق والرمي النحر ولم يبق إلا الطواف هذا الوصف معتبر عند جمع من أهل العلم، ويأتي -إن شاء الله- ذكر المسألة.
طالب: جزاك الله خير.
اللهم صلِّ على محمد ...

(64/23)


الموطأ - كتاب الحج (2)
شرح: باب: ما ينهى عنه من لبس الثياب في الإحرام، وباب: لبس الثياب المصبغة في الإحرام، وباب: لبس المحرم المنطقة، وباب: تخمير المحرم وجهه.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وعافه واعف عنه واجزه عنا خير الجزاء يا ذا الجلال والإكرام، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما ينهى عنه من لبس الثياب في الإحرام
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلبسوا القميص ولا العمائم))
القمص، القمص.
أحسن الله إليك.
((لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس)).
قال يحيى: سئل مالك -رحمه الله تعالى- عما ذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل)) فقال: لم أسمع بهذا، ولا أرى أن يلبس المحرم سراويل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبس السراويلات فيما نهى عنه من لبس الثياب التي لا ينبغي للمحرم أن يلبسها، ولم يستثنِ فيها كما استثنى في الخفين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما ينهى عنه من لبس الثياب في الإحرام.

(65/1)


حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رجلاً" يقول الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه بشيء من الطرق، أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يلبس المحرم من الثياب؟ والمراد به الرجل، المراد بالمحرم هنا الرجل، بدليل الجواب، ولا يلتحق به المرأة، يقول ابن المنذر: أجمعوا على أن للمرأة أن تلبس جميع ما ذكر من القمص والعمائم والسراويل، العمائم هذه خاصة بالرجال، لكن الخمر على الرؤوس، تلبس الخفاف، وتلبس ما يمنع من الرجل إلا ما يشتركان فيه من شيء مسه الزعفران والورس لا تلبسه المرأة.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلبسوا القمص)) يقول العلماء: هذا من باب أسلوب الحكيم، أن يسأل السائل عن شيء ويجاب بغيره؛ لأن غيره أولى منه بالجواب، ما يلبس المحرم؟ فقال: ((لا يلبس)) لأن الذي يلبسه غير محدود، والذي لا يلبسه محدود، فالمحدود هو الذي يعتنى به، بحيث يبقى البقية على الأصل، ولذا لا تجدون الأئمة في الجرح والتعديل يذكرون أسباب التعديل، ما يقولون: فلان يصلي ويصوم ويزكي ويحج ويبر والديه ويجاهد ويفعل ويترك، ما يقولون هذه الأمور، ما يذكرون أسباب التعديل؛ لأنها هي الأصل في المسلم، لكن يذكرون ما يجرح به لأنه محصور، ضعيف لكذا فقط، أما أسباب التعديل لا يذكرونها لأنها هي الأصل في المسلم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما هو صحيح.
لكن يبقى أن الرواية يطلب لها العدل، والعدالة أمر وجودي، فلا بد أن يعدل، لا بد أن ينص على تعديله، لكن ما ينص على تعديله لكذا، إذا قال الإمام: ثقة وإلا عدل خلاص يكفي، لكن ما يقول: ثقة، يعني يطلبون تفسير الجرح، أهل العلم يطلبون تفسير الجرح، ولا يطلبون تفسير التعديل لأنه هو الأصل، يعني إذا قال أحمد: ثقة، وقال أبو حاتم: ضعيف، طيب تقول: أحمد ثقة لماذا؟ لماذا ثقة؟ لأنه مسلم يصلي ويصوم ويحج ولا يرتكب محرمات هذا الأصل، لكن ضعيف لماذا؟ لا بد من تفسيره؛ لأنه قد يرى سبباً يؤثر في الرواية ويضعف الراوي وهو في الحقيقة ليس سبب، ابن حزم ضعف حديثاً فيه المنهال بن عمرو، وسبب تضعيفه؟ من يذكر سبب تضعيفه؟
طالب:. . . . . . . . .

(65/2)


لا، لا ما هو اللي يركب برذون، لا، سمع من بيته صوت الطنبور، طيب يا ابن حزم ويش تقول بالطنبور؟ أنت أصلك ويش تقول؟ نعم؟ نعم يرى الغناء من جميع أبوابه وآلاته كله حلال، ويرى أن كل ما ورد فيه من الأحاديث موضوع، الآن تبي تضعف وتوثق الرجل وإلا تضعفه؟ اللي ضعفه معه وجه؛ لأنه يرى تحريم الطنبور، لكن أنت؟ ولهذا أهل العلم يعتنون بتفسير الجرح، لا بد منه، قد يقول بجرح وليس بجارح، حينما يناقش ابن حزم في مثل هذا يناقش من وجه، لا، إحنا نرى تحريم الطنبور مثلاً ونوافق ابن حزم على تضعيفه، لكن ينظر أيضاً في سبب التضعيف؛ لأنه إذا جرح هذا بالطنبور كيف يقال فيك أنت؟ توثق وإلا تجرح؟ يجرح ليش ما يجرح؟ فالذي جر الكلام الحيد عن السؤال بالمطابقة إلى الأهم، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- سئل ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله: ((لا تلبسوا القمص)) الآن ارتفع شأن ابن حزم؛ لأنك تسمع الجوال على الموسيقى تكلم صاحبك يقول: والله ابن حزم إمام ما يرى شيء في الموسيقى، نقول: طيب ابن حزم قال: خل ولدك يضربك كف ولا في شيء، لكن ما يقول لك: أف، ترضى؟ خل الولد يتغوط في الإناء لكن ما يبول فيه، نعم يعني كيف نرتضي بمثل هذه الأمور؟ يعني صار المسألة هوى، يعني الذي يوافق هوانا نأخذ به، والذي لا يوافق ما نأخذه، صار الدين هوى، والإشكال أنه يقول مثل هذا الكلام عوام، ما هم من أهل النظر، يعني لو كان من أهل النظر وأداه اجتهاده إلى حل هذا الأمر الأمر سهل، إذا كان أهل للاجتهاد، لكن عامي يقول لك: والله ابن حزم إمام وما يرى شيء في الموسيقى، أنت تقتدي بابن حزم في كل شيء أو فيما يوافق هواك؟ لا على الإنسان أن يكون هواه تبعاً لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا الشيء الذي .. ، لأن أنت سمعت فلان، جاءني واحد قال: الشيخ فلان ... ، امرأة تقول: ويش رأيك تقول: الشيخ فلان ما يرى زكاة الحلي، قلت: وأنتِ السنين اللي فاتت ويش تقولون؟ قالت: والله كل عمرنا نزكي، مو بهذا الإشكال، قلت: أنا أيضاً ما أرى زكاة الحلي على سبيل الإلزام، لكن حطيني أنا وفلان اللي تقولين بكفة، وحطي ابن باز وابن عثيمين بكفة؛ لأن المسألة مسألة دين ما هي بهوى، ما هو

(65/3)


بالإنسان يتبع هواه إذا أجاز له فلان قال: إمام، وإذا ما جاز له قال: لا شيء، والعامي يلزمه اتباع الأوثق، ولا يكلف أن ينظر في الموازين الشرعية الدقيقة أن هذا أرجح في باب كذا، أرجح، لا لا، يعني استفاض بين الناس أن هذا إمام تبرأ الذمة بتقليده الحمد لله، أما كونه ينتقل من فلان إلى علان لأن هذا وافق هواه وهذا ما وافق هذا الذي لا ينبغي.
فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تلبسوا القمص)) يقول النووي: قال العلماء: هذا الجواب من بديع الكلام وجزله؛ لأن ما لا يلبس منحصر فحصل التصريح به، وأما الملبوس الجائز فغير منحصر، فقال: لا يلبس كذا أي ويلبس ما سواه؛ لأنه لو بين مما يلبس عشرين نوع مثلاً، خمسين نوع مما يلبس ثم ظهر بعد مائة سنة مائتين سنة ألف سنة أمور هل تلبس وإلا ما تلبس؟ لأنها ما نص عليها، في ضمن الملبوس، يعني لو كان الجواب بالمطابقة تقيدنا بما ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم قد تكون هذه أمور عارضة تنقرض فيما بعد ويجئ غيرها ثم يحصل الإشكال، يحصل إشكال كبير إذا انقرضت هذه الأمور المنصوص عليها، لكن نص على ما لا يجوز لبسه والباقي تتركه ((لا تلبسوا القمص)) وهو ما يخاط على قدر البدن، ((ولا العمائم)) ما يغطى به الرأس ((ولا السراويلات)) السراويلات: جمع سراويل، يعني المفرد سراويل، وجمعه سراويلات، فلا تلبس، لا يلبسها الرجل، والمقصود بالسراويلات ما يغطي النصف الأسفل من البدن، وله كمان تدخل فيهما الأرجل، السراويلات أنواع حتى ذكروا منها ما يسمى بالنقبة، وهو سروال ليس فيه أكمام مفتوح ولا كرسي، يسمونه النقبة، ذكره الأزهرية وغيره، أنه على هيئة؟ الوزرة نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، التبان سروال قصير، التبان سروال قصير أفتت به عائشة -رضي الله عنها- للذين يرحلون هودجها أفتت لهم، المقصود أن هذه الوزرة التي تشبه تنورة النساء داخلة في السراويل؛ لأنها نوع من السراويل كما نص عليه أهل اللغة.

(65/4)


((ولا البرانس)) مما يلبس فوق الرأس مما هو مخيط متصل بالثوب، هذا موجود عند المغاربة كثير هذا، ((ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس)).

(65/5)


((إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين)) اللام هذه؟ اللام لام الأمر (فليلبس) يعني يلزمه أن يلبس خفين؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب، أو نقول: هو أمر بعد حظر يكون حكمه؟ نعم الأكثر على أنه للإباحة، لكن الأصح أنه يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر، ((وليقطعهما)) أيضاً اللام هذه لام الأمر ((أسفل من الكعبين)) هذا في حديث ابن عمر، عندنا حديث ابن عمر فيه الأمر بالقطع، وحديث ابن عباس وغيره فيه الإطلاق بدون أمر بالقطع، حديث ابن عمر قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحج، وحديث ابن عباس قاله بعرفة، ننتبه لمثل هذا الاختلاف، عندنا حمل المطلق على المقيد، حديث ابن عمر مقيد بالقطع، حديث ابن عباس مطلق، اتفقا في الحكم والسبب على القاعدة أنه يجب حمل المطلق على المقيد فيلزم القطع، وبهذا قال الأئمة الثلاثة، يعني الجمهور على هذا لزوم القطع، وهو الجاري على قاعدة حمل المطلق على المقيد، طيب الإمام أحمد -رحمه الله- ما يرى القطع، يلبس من غير قطع، طيب الإمام أحمد يرى حمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة، لكن اعترى هذا النص ما يرجح عنده القول بالنسخ، كيف؟ يقول: هذا قيل بالمدينة وهذا بعرفة، وقد حضر بعرفة أعداد هائلة لم تحضر ما قيل بالمدينة، وعرفة هي وقت البيان، وقت الحاجة إلى البيان؛ لأنه لو قدر أنه حضر نسبة عشرة بالمائة المدينة وتسعين بالمائة يحتاجون إلى بيان، أهل العلم إذا حصل البيان في موطن يكفي؛ لأنه حصل مقيد وأطلق في بقية النصوص، يحمل المطلق على المقيد ولا يلزم التكرار، وإلا لما وجد مطلق أصلاً، ولا وجد عام أصلاً، لكن يوجد عام ويوجد خاص، يوجد مطلق ويوجد مقيد، فإذا حصل التقييد ولو في مناسبة واحدة يكفي عند أهل العلم في حمل المطلق عليه، لكن هذا ما بين هذين النصين من تعارض الأصل يحمل المطلق على المقيد وينتهي الإشكال، لكن اعترى -هذه من وجهة نظر الإمام أحمد -رحمه الله- اعترى هذا المسلك عنده ما يرجح القول بالنسخ، يقول: حضر أعداد هائلة في عرفة ولا بين لهم، وهذا وقت حاجة، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فاستروح -رحمه الله تعالى- إلى القول بالنسخ، وأنه لا يلزم القطع، وأضاف إلى ذلك

(65/6)


نصوص النهي عن إتلاف المال، قطع الخف إتلاف، إذا أضيف إلى ذلك كونه يلزم عليه تأخير البيان عن وقت الحاجة ترجح عنده عدم القطع، وأن الأمر بالقطع منسوخ، نعم المتأخر ينسخ المتقدم، هذا يتفقون عليه حتى بقية الأئمة، يتفقون عليه، لكنهم يرون أنه لا يلجأ إلى النسخ إلا إذا لم يمكن الجمع، والجمع ممكن بحمل المطلق على المقيد؛ لأن حمل المطلق على المقيد نسخ جزئي، التقييد نسخ جزئي، والقول بالنسخ نسخ رفع كلي للحكم، والجمع لا شك أنه أولى من القول بالنسخ، لولا ما أبداه الإمام أحمد من تأخير البيان عن وقت الحاجة ما يلزم أن الناس كلهم بلغهم القطع الذي قيل بالمدينة، فأحياناً يعتري بعض القواعد المتفق عليها ما يعتريها في قضايا يعني قد تكون مثل هذه فيها ما يرجح عدم إجراء القواعد، فمثلاً إذا وجد عام وخاص، الأصل أن الخاص مقدم على العام، لكن إذا كان الخاص مفهوم والعام منطوق كيف نرجح؟ لأن الآن هنا تعارض أكثر من قاعدة، في نصنا تعارض أكثر من قاعدة، فهذا هو السبب الذي جعلهم يختلفون، الإمام أحمد يوافق على حمل المطلق على المقيد، في مثل هذه الصورة قد يكون إجماع للاتحاد في الحكم والسبب، إجماع هذا حمل المطلق على المقيد، لكن اعتراه إيش؟ تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهذا لا يجوز عنده ولا عند غيره من الأئمة الذين قالوا بحمل المطلق على المقيد، إذا كان الخاص مفهوم والعام منطوق نقدم خاص وإلا عام؟ المنطوق يقدم على المفهوم لكن يقولون: الخاص مقدم على العام، فيختلفون في مثل هذا أيضاً، مثلاً حديث أبي سعيد: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) عام، وحديث ابن عمر في القلتين خاص، فإذا كان عندنا ماء كثير وقعت فيه نجاسة لم تغير شيئاً من أوصافه، ماء قليل دون القلتين نعم وما غيرت شيء من أوصافه، هل نقول: إن الماء طهور لا ينجسه شيء أو نقول: إنه دون القلتين؟ عملاً بالخاص أو نعمل بالمنطوق؟ لأن دلالة حديث ابن عمر على هذا إيش؟ مفهوم، بالمفهوم، دلالته على هذا بالمفهوم، فهل نقول: نقدم العام لأنه منطوق أو نقدم الخاص وإن كان مفهوماً، نقدم المفهوم وإن كان خاصاً لأنه خاص، هذا على القول بتصحيح حديث القلتين؛ لأن شيخ الإسلام -رحمه الله- يصححه ويعمل

(65/7)


بمنطوقه دون مفهومه، يلغي المفهوم، فإذا عمل بمنطوقه وألغى مفهومه وافق منطوق حديث أبي سعيد، وهو قول الإمام مالك -رحمه الله-، خلافاً للأئمة الثلاثة، وتجدون في المذاهب في مثل هذه المسائل أشياء يعني كثيرة، كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار، نعم، يعارضه التنصيص على لحم الإبل، عندنا متقدم ومتأخر، آخر الأمرين ترك الوضوء، فعلى هذا نقول: الوضوء من لحم الإبل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو آخر الأمرين، منسوخ؛ لأن آخر الأمرين ترك الوضوء، لكننا نقول: إن آخر الأمرين عام، ولحم الإبل خاص، فهل نقدم المتأخر أو نقدم الخاص؟ نظير ما عندنا هنا، فهذه المسائل ترون من مضايق الأنظار ما هي بمسائل سهلة يعني ممكن يقول بها طالب علم بأدنى بساطة، لا، هذه تحتاج إلى مزيد عناية، ولذلك الأئمة الكبار اختلفوا فيها، يعني ما يختلفون في أن المنطوق مقدم على المفهوم، ولا يختلفون في أن المتأخر ينسخ المتقدم، ولا يختلفون في أن المطلق يحمل على المقيد وهكذا، لكن يستروحون أحياناً إلى الترجيح بأدنى شيء لوجود التعارض الذي يجعل القولين على مستوى واحد، فكل يرجح ما يشاء بأدنى شيء، ولذلك مثل هذه المسائل لا تجزم بأن قول الجمهور هو الراجح أو قول أحمد هو الراجح، نعم؛ لأنها مسائل من مضايق الأنظار، وعرفنا ما فيها، يعني من قال بالنسخ له وجه، يعني هؤلاء الألوف المؤلفة الذين حضروا ما سمعوا الكلام؟ ويش قال لهم ذول؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بدون قطع.
طالب: والموقف مظنة أحكام.
نعم؟
طالب: والموقف مظنة أحكام.
بلا شك، هو البيان هذا وقته، ألوف مؤلفة حضروا ما سمعوا الأول، لكن بالمقابل الأئمة الآخرون يقولون: ما يلزم أن يكون القيد يذكر في كل مناسبة، خلاص علم واستقر يكفي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون ضاق الوقت؟
طالب: يعني بعرفة ما يمدي. . . . . . . . .
كيف ما يمدي؟
طالب: هم يقولون: السعة في المال هذا الذي أعرف، ما هو السعة في الوقت.
سعة الوقت؟ أنت نظرت إلى كثرة الناس بعرفة.
طالب:. . . . . . . . .

(65/8)


إذن ما تحتاج قطع، نرجع إلى رأي أحمد -رحمه الله-، لو قلنا بهذا ما قلنا إن المسألة ضيق وإلا سعة، نرجع إلى قول الإمام أحمد، الإمام أحمد مدعوم بتأخير البيان والنهي عن إضاعة المال هذا الذي يرجحه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
أنت تبي يلبسون الكنادر مع وجود النعال؟ لا ما يمكن، لا لا، مع وجودها؟ ما قال أحد تلبس، ما قال أحد تلبس مع وجودها، الكلام فيمن لم يجد النعلين.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب: يلزم بالشراء؟
يلزم بالشراء، بقيمة المثل يلزم، كما يلزم بشراء الماء للوضوء يلزم بالواجبات، بقيمته المعتادة، بما لا يشق عليه، يعني ما هو من متطلبات الإحرام، هذا جبلي يحتاجونه الناس، لكن مع ذلك -الحمد لله- أن شريعتنا جاءت باليسير.
يقول: إذا كان سروال النقبة ممنوعاً للمحرم فماذا يقال عن الإحرام الذي خيطت أطرافه ووضع له مغاط في الآلة وجيوب للمفاتيح والجوال؟
هذا هو النقبة هو نفسه.
((ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران)) الزعفران معروف ((ولا الورس)) نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ به، وهل المنع من أجل الرائحة فيدخل في منع المحرم من الطيب أو للون؟ أو للونه؟ يأتي مزيد ذكر له -إن شاء الله تعالى-.
قال يحيى: "سئل مالك عما ذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل)) فقال -رحمه الله-: لم أسمع بهذا" في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين)) مخرج في الصحيحين وغيرهما، هذا يدل على أن الإمام مهما بلغت منزلته فإنه لا يحيط بالدين، لا يمكن الإحاطة، يعني هؤلاء الأئمة الكبار الجبال يعني قد يخفى عليه ما يوجد عند صغار طلاب العلم، هذا ليعرف الإنسان قدر نفسه، ومجموع ما أوتيت الأمة بل البشرية من آدم إلى قيام الساعة لن يخرج عن قول الله -جل وعلا-: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [(85) سورة الإسراء] بعض الناس إذا حفظ له مسائل أو بضع مسائل انتفش، وصار إمام الدنيا، لا على الإنسان أن يعرف قدر نفسه.

(65/9)


هذا الإمام، هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما، ومعروف أن الصحيحين وغيرهما جاءت بعد مالك، نعم، جاءت بعد مالك، يقول: لم أسمع بهذا، ولا ضير أن يقول الإنسان: الله أعلم، أو ما سمعت، أو لم أسمع، وإن استدرك عليه، الشيخ ابن باز -رحمه الله- في آخر حلقة من الحلقات يعني ما هي في آخر حياته لا، سئل عن معن بن زائدة هل هو صحابي وإلا تابعي وإلا ويش هو؟ قال: ما أدري، نبحثه -إن شاء الله-، في آخر الحلقة قال المذيع: نمسح السؤال، قال: لا، لا تمسحه، قال: لا، لا تمسحه أبداً، خليه يجلس ويش المانع؟ يعني تتصور بشخص أنه محيط بالدنيا كلها؟ أبداً، وتجد آحاد طلاب العلم يعرفون أن معن ابن زائدة متأخر جداً، الإمام مالك يقول: لم أسمع بهذا، يقول: ولا أرى أن يلبس المحرم سراويل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن السراويلات، يعني في حديث ابن عمر، فيما نهى عنه من لبس الثياب التي لا ينبغي للمحرم يعني لا يجوز للمحرم أن يلبسها، ولم يستثنِ فيها كما استثنى في الخفين ((إلا أحد لم يجد نعلين فليلبس خفين)) يقول: إنه ما استثنى في السراويل مثل ما استثنى في النعلين، وعرفنا أنه استثنى مما خفي على الإمام مالك -رحمه الله تعالى-.
نعم.
أحسن الله إليك.
طالب: لكن يا شيخ -أخشى أن يفوتنا شيء- قضية الآن الذين يمنعون من شرب الزعفران يمكن يأتي متأخر لكن هل ....
الشرب؟ المحرم ممنوع من الطيب، لكن هل المنع من الطيب في استعماله طيب أو حتى لو استعمال علاج مثلاً لا على هيئته أو استعمل في طعام ولا يقصد به الطيب ولا معنى الطيب؟ لكن لا شك أنه إذا قصد به تطييب الرائحة والنفس وكذا فهو طيب مهما كان.
طالب:. . . . . . . . .
ولا يظهر أثره؟ رائحته؟
طالب: كيف يعني؟
يطبخ، على كل حال إذا قصد به الرائحة فهو طيب، إذا لم تقصد قصد مثلاً تطييب الطعم في القهوة مثلاً من أجل أن يطيب طعم القهوة لا بأس، هذا ما هو بطيب، ولا في معنى الطيب.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ماء الورد مثلاً، ماء الورد طيب يحطونه في القهوة ويش المانع؟ لكن لا يقصد به الطيب، يقصد به الطعم، أما لو قصد به الطيب من أجل أن يظهر النفس ....

(65/10)


طالب: مثل المحادة يعني الآن تأتي كثيراً المعتدة. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
المهم لا يطيب بدنه ولا ثوبه المحرم، يشم الريحان، الشم ما في إشكال، لكن الكلام على كونه يتطيب، في البخاري يشم الريحان ....
طالب: مثل المعتدة أحسن الله إليك يأتي السؤال كثيراً هل تشرب قهوة بها زعفران؟
إذا لا تقصد به الطيب تقصد تطييب الرائحة ما هو بالرائحة الطعم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا مقصود الصابون وما الصابون لا مقصود الطيب، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: لبس الثياب المصبغة في الإحرام
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يلبس المحرم ثوباً مصبوغاً بزعفران أو ورس، وقال: ((من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)).
وحدثني عن مالك عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عن عمر- يحدث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رأى على طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- ثوباً مصبوغاً وهو محرم، فقال عمر: ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة؟ فقال طلحة: يا أمير المؤمنين إنما هو مدر، فقال عمر: إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس، فلو أن رجلاً جاهلاً رأى هذا الثوب لقال: إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام، فلا تلبسوا أيها الرهط شيئاً من هذه الثياب المصبغة".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن أمه أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أنها كانت تلبس الثياب المعصفرات المشبعات وهي محرمة ليس فيها زعفران.
قال يحيى -رحمه الله-: سئل مالك -رحمه الله- عن ثوب مسه طيب ثم ذهب منه ريح الطيب هل يحرم فيه؟ فقال: نعم ما لم يكن فيه صباغ من زعفران أو ورس.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: لبس الثياب المصبغة في الإحرام.

(65/11)


حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يلبس المحرم -رجلاً كان أو امرأة- ثوباً مصبوغاً بزعفران أو ورس" الزعفران معروف، والورس نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ به.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ الصبغ؟
طالب:. . . . . . . . .
الصبغ؟
طالب:. . . . . . . . .
الصبغ يوضع هذا النبت في ماء ويغطس فيه الثوب أو يخطط أو يقلم المقصود أنه صبغة، عبد الرحمن بن عوف تزوج -رضي الله عنه- وجاء وعليه ردع، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ما هذا؟ )) فما أنكر عليه، لكن العلماء قالوا: لعله لم يقصد هذا الصبغ، وإنما علق به من المرأة، الرجل لا يلبس الثوب المزعفر ولا المعصفر، فقالوا: لعله لحقه من ثوب المرأة ما قصد.
طالب: دليل أن عليه أثر.
أثر، أثر نعم، أثر، فالأصل المنع، وكل ما زادت الصفرة والحمرة اشتد المنع.
وقال: ((من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)) وهذا الحديث مخرج في الصحيحين
"وحدثني عن مالك عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر بن الخطاب يحدث عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى على طلحة بن عبيد الله" أحد العشرة المبشرين.
سعيد وسعد وابن عوف وطلحة ... وعامر فهر. . . . . . . . .
إيش؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . والزبير الممدح

(65/12)


المقصود أن طلحة أحد العشرة المبشرين بالجنة مظنة أن يقتدي به من رآه "ثوباً مصبوغاً وهو محرم، فقال عمر: ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة؟ فقال طلحة: يا أمير المؤمنين إنما هو مدر" كيف مدر؟ نعم المدر هو الطين، نعم إذا قيل: حجر وإلا مدر صار الطين، لكن هنا يقولون إيش؟ إيش المدر هنا؟ هو الطين الأحمر، لكن يقولون الشراح: هنا مغرة، ويش معنى المغرة؟ هاه؟ حمرة، المغرة حمرة، لكن تخالط بياض، الأصل أنها تكون في اللبن الذي يخالطه شيء من الدم، هذه المغرة فكأن هذا الثوب مصبوغ بهذا اللون، البياض الذي يخالطه الأحمر "فقال عمر: إنكم أيها الرهط" يعني صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام- لا سيما الكبار منهم "أئمة يقتدى بهم" أئمة يقتدي بكم الناس، يأتم بكم الناس، ويقلدونكم، ولذا على طالب العلم الذي ترتفع منزلته إلى أن يكون ممن يقتدى به عليه أن لا يزاول شيئاًً يخشى من أثره على الناس، وأن تكون دعوته بفعله قبل قوله "إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس فلو أن رجلاً جاهلاً رأى هذا الثوب فقال: إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام، فلا تلبسوا أيها الرهط شيئاً من هذه الثياب المصبغة" لو جاء شخص .. ، الكلام هل عمر منع طلحة من أن يلبس هذا الثوب المصبغ أو لئلا يقتدى به؟ يعني منعه لذاته أو خشية تعدي الأمر إلى غيره؟ نعم خشية تعدي الأمر، إذاً هذا اللون ممنوع وإلا غير ممنوع، غير ممنوع من خلال كلام عمر -رضي الله تعالى عنه-، طيب يأتي شخص يصبغ بمدر يقتدي بطلحة ويش المانع؟ إذا كان ما هو ممنوع لذاته، لكن عمر -رضي الله تعالى عنه- من شدة احتياطه أن يأتي شخص يقول: إن طلحة لبس ثوب مصبوغ، وما دام لبس طلحة ثوب مصبوغ بأي صبغ كان هذا مغر، هذا مدر، هذا إيش؟ هذا صفرة، إلى أن يقع الناس في المحظور، فأراد عمر -رضي الله تعالى عنه- أن يحسم المادة، أن يحسم هذه المادة "فلا تلبسوا أيها الرهط شيئاً من هذه الثياب المصبغة" فإنما كره ذلك لئلا يقتدي به جاهل، ويسترسل في الصبغ حتى يقع في المحظور.

(65/13)


"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تلبس الثياب المعصفرات المشبعات وهي محرمة" قالوا: إن المرأة والرجل يستوون في المنع من الثياب المصبوغة بزعفران أو ورس، نعم، في النص الأول: ((ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس)) وقالوا: إن هذا يستوي فيه الرجل والمرأة، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يلبس المحرم رجلاً كان أو امرأة ثوباً مصبوغاً بزعفران أو ورس، لكن الصبغ بغيرهما هنا أسماء بنت أبي بكر وهو أيضاً ذكره البخاري، هذا القول ذكره البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- معلقاً أنها لا ترى بأساً بالثياب المصبغة المشبعة وهي محرمة ليس فيها زعفران، فعلى هذا يستثنى بالنسبة للنساء من الأصباغ الزعفران والورس وما عدا ذلك تختلف عن الرجل فيه.
"قال يحيى: سئل مالك عن ثوب مسه طيب ثم ذهب منه ريح الطيب هل يحرم فيه؟ قال: نعم، ما لم يكن فيه صباغ زعفران أو ورس" يعني فيحرم ولو ذهب ريحه على ظاهر قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولا تلبسوا شيئاً مسه الزعفران ولا الورس)) وأجازه الشافعية إذا ذهبت ريحه؛ لأن الخلاف في هل المنع من الزعفران والورس للون أو للريح نعم أو لهما معاً؟ بحيث إذا وجد لونه أو ريحه يسمى زعفران، نعم، يعني في الثياب، يبقى زعفران، ويبقى ورس، ولو ذهبت رائحته، وهذا وجه المنع المطلق منه، أما من يقول: إن المقصود به الرائحة كالشافعية يقولون: إذا ذهبت رائحته بحيث لو بُل بالماء ما فاحت رائحته فإنه يجوز عندهم، والحديث يتناول الأمرين، يتناول اللون ويتناول الرائحة لا سيما بالنسبة لهذين الذين جاء النص عنهما.
لبس المعصفر المصبوغ باللون الأصفر من غير الزعفران والورس وليس فيه طيب، يعني مجرد لون غير الزعفران والورس هذا أجازه الجمهور كما قالوا، مع أن الحنابلة يكرهون للمحرم وغيره بالنسبة للرجال لبس المعصفر.

(65/14)


قال: "وعن أبي حنيفة العصفر طيب" يعني مثل الورس والزعفران، طيب وفيه الفدية، واستدلوا بإنكار عمر -رضي الله عنه- على طلحة بن عبيد الله في الكلام السابق، تعقبهم ابن المنذر بأن عمر كره ذلك لئلا يقتدي به الجاهل فيظن جواز لبس المورس والمزعفر، وهذا قاله ابن حجر، يقول ابن المنذر: تعقب الحنفية، الحنفية قالوا: العصفر طيب، وفيه الفدية، النص على الورس والزعفران الحنفية استدلوا بإنكار عمر على طلحة قالوا: أنكر عليه المدر، لكن وجه الإنكار لئلا يقتدي به جاهل، لا لأنه ممنوع لذاته على ما تقدم، فيظن الجاهل أنه ما دام جاز هذا اللون يجوز غيره من الألوان، فيلبس المورس والمزعفر، فيتعدى أمره إلى الممنوع، وفي البخاري معلقاً عن جابر: لا أرى المعصفر طيباً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كثير من الأطياب لها لون مثل الأطياب الموجودة في الأسواق لها ألوان، لها ألوان بعضها إذا بخيتها مثل العصفر ومثل .. ، الكلام هل المقصود اللون أو المقصود الرائحة؟ هذا محل الخلاف، قلنا: إنه .. ، قالوا: يحرم ولو ذهب ريحه على ظاهر النهي المعصفر والمزعفر ولو ذهب ريحه خلافاً لمن؟ للشافعية.
أحسن الله إليك.

باب: لبس المحرم المنطقة:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يكره لبس المنطقة للمحرم.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول في المنطقة يلبسها المحرم تحت ثيابه: "إنه لا بأس بذلك إذا جعل طرفيها جميعاً سيوراً يعقد بعضها إلى بعض".
قال مالك -رحمه الله تعالى-: وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"باب: لبس المحرم المنطقة" وهي مما يشد به الوسط، إما لحاجته إليه ليتقوى بها على متاعب الحج، فيشد ظهره بشيء، أو لكونه يحتاجها لإحراز نفقته كالعميان.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يكره لبس المنطقة للمحرم" وروي عنه الجواز -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، فكأنه يرى أن لبسها من باب خلاف الأولى.

(65/15)


في البخاري معلقاً: ولم ترَ عائشة -رضي الله عنها- بأساً بالحلي والثوب الأسود والمورد والخف للمرأة، الحلي الذي يلبس على اليد وبقية البدن مثل الخلخال، الخلخال على الرجل، هذا شبيه بالمنطقة إلا أنها المنطقة على وسط البدن، والخلخال على الرجل، وأيضاً ما يلبس في اليد لا ترى به بأساً -رضي الله تعالى عنها-، لكنها تحتاط بالنسبة للرجال الأجانب؛ لأن هذا زينة لا يجوز إبدائها.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول في المنطقة يلبسها المحرم تحت ثيابه: "إنه لا بأس بذلك" يعني تحت ثيابه، يعني هل هذا له مفهوم وإلا لا مفهوم له؟ يعني لو صارت فوق الثياب؟ نعم؟ افترض أنها هميان ومنطقة بنفس الوقت يشد بها الظهر، ويربط به الإزار، ويضع فيه النفقة، وعلى هذا يكون فوق الثياب في ما يمنع؟ الآن تحت الثياب يعني هل هذا اللفظ مقصود أن يكون تحت الثياب؟ بمعنى أن ما يلبس تحت الثياب لا أثر له؟ إذا كان مقصود نقول: هل للرجل أن يلبس سراويل تحت الإزار وإلا لا؟ هذا تحت ما يبين، هل للمرأة أن تلبس نقاب تحت الغطاء؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن تحت الثياب هل نقول: هل هذا له أثر كونه تحت الثياب مستخفي بحيث لا يرى؟ هل له أثر؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الغالب أن اللي يبي يشد شيء بيشده فوق الثياب على شان الظهر، ويجمع أكثر من مصلحة.
طالب: لكن لعل سعيد عنده طرف من حديث ابن عباس في لبس السراويل إذا احتاج إليها فعده من الحاجة.
لا هو الآن نظر إلى مصلحة واحدة وهي شد الظهر، لكن لو اجتمعت مصالح في هذه المنطقة، اجتمع في شد الظهر وشد الإزار، وإيداع النفقة فيه؛ لأن التنصيص على كونه تحت الثياب يعني هل لرؤية الناس أثر في الحكم أو لا؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني حتى لا يقلده الناس؟ اسمع الكلام يقول: إنه سمع سعيد بن المسيب يقول في المنطقة يلبسها المحرم تحت ثيابه: "إنه لا بأس بذلك" يجوز، لكن افترض أنه جاء بمنطقة ولبسه فوق ثيابه، إذا عاملنا لفظه معاملة

(65/16)


نصوص له مفهوم ومنطوق وإنه ... نعم، لكن إذا اجتمع فيه أكثر من مصلحة، وإذا نظرنا إلى أن هذا مقصود يعني له مفهوم، مسألة دليل هذا رأيه على كل حال، وابن عمر ما يرى بها بأس، يعني في قوله الثاني، وإن كرهها هنا، لكن نحتاج إلى إيش؟ إلى أن نفرق ما بين تحت الثياب وما فوق الثياب، ونجري على هذا السروال تحت الثوب، النقاب تحت الغطاء؛ لأنه يوجد من يفتي الآن بالنقاب تحت الغطاء، تقول امرأة: أنا والله ما أشوف بألبس نقاب وأحط الغطاء فوقه، نقول: أيضاً لزيد من الناس يلبس سراويل وفوقه الإزار، إذا كان لهذا الكلام أثر؛ لأنه وجد من يقول: بأن النقاب تحت الغطاء ما فيه شيء، العبرة بالغطاء، المقصود أن العينين ما تشاف، نقول: أيضاً الإزار ما يشاف، فهذا الذي جعلنا نتكلم على قوله: تحت ثيابه، هو إذا كان النظر إلى أن المنطقة يشد بها الظهر من أجل الاستعانة بها على متاعب الحج تكون تحت الثياب، ثم بعد ذلك نحتاج إلى رباط للإزار، فلماذا نحتاج إلى رباط وهذه تكفي؟ "إذا جعل طرفيها جميعاً سيوراً يعقد بعضها إلى بعض" يعني يدخل بعضها في بعض، جمع سير يعني من الجلود، يكون لها سيور بهذه الطريقة، يربط بعضها في بعض هكذا، لكن لو ما كانت السيور، كانت شمع مثلاً يطبق واحد على الثاني تصلح وإلا ما تصلح؟
طالب:. . . . . . . . .
أنت الآن أنت تعرف تبي تقتدي بسعيد تقول: والله يقول: سيور، الشمع ما يجوز؟ تبي تقول كذا أنت؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لأن هذا الكلام، الكلام هل له مفهوم كل كلامه ذا؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: إذا جعل لأن هذا شرط، إذا جعل طرفيها جميعاً سيوراً يعقد بعضها إلى بعض.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هي عبارة عن مشد، لو صار مشد كبير ورخو وعقدت طرفه بطرفه الثاني ويش صار؟ بدون سيور، أنت بالشماغ مثلاً أردت حزم ظهرك بشماغك نقول: طرفه لازم تسير سيور؟
طالب:. . . . . . . . .

(65/17)


لا هذا أرتبط الآن، إذا جعل طرفها سيوراً يعقد بعضها بعضاً هذا الرباط، بعضها بعضاً، وأربطة ما هو برباط، تبي تسير أربطة، لا هي ما تشابه السراويل حقيقة، ما له علاقة بالنصف الثاني، هي تعقد على نصف البدن يستعان بها يعني العمال يستعملونها بكثرة، المزارع وغيرها يستعملون المنطقة، هذا الكلام على الحاجة إذا احتيج إليها، آلمه ظهره فحط مشد يلزمه شيء وإلا لا؟ آلمته ركبته فحط عليها رباط صحي، موجود في الصيدليات.
يقول: "في المنطقة يلبسها المحرم تحت ثيابه أنه لا بأس بذلك إذا جعل طرفيها سيوراً يعقد بعضها إلى بعض" يعني يدخل بعضها في بعض، "قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك" يقول ابن عبد البر: "فلا تكره عنده وعند فقهاء الأمصار، وأجازوا عقده إذا لم يمكن إدخال بعضه في بعض، ولمن ينقل كراهته إلا عن ابن عمر فيما تقدم، وعنه جوازه، ومنع إسحاق عقده، وكذا سعيد بن المسيب عند ابن أبي شيبة، سعيد عند ... منع العقد، يعني يربط بعضها في بعض، الآن في حكم العقد المشابك اللي تجعل في الإحرامات وفي غيرها، بعضهم يمسك الإحرام سواءً الأعلى أو الأسفل فيجعله كالمخيط، ومعروف المشابك الدبابيس الكلاليب يمسك به من أعلاه إلى أسفله، والأعلى أيضاً الرداء كذلك.
طالب:. . . . . . . . .
وإلا طقطق، نعم، موجود، وهذا كله تحايل على لبس المخيط، يكرهون العقد، عقد لكن ما تدعو إليه الحاجة ولا يثبت الإزار إلا به لا بد منه، ما لا يثبت الإزار إلا به هذا أمر لا بد منه، خشية أن يبدو أمر محرم العورة، لكن هذا بقدر الحاجة، فلا يزاد على قدر الحاجة، الربط عنده السيور عنده يتحاشى الرباط، يتحاشى الربط، لكن إدخال بعضها في بعض إيش معناه؟ هو يتحاشى الربط، العقد يتحاشاه، وجاء عنه منعه عند ابن أبي شيبة، فهو مجرد يدخل هذا في هذا من دون عقد.
عبد الله ويش عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
انتقبت، وهذا اللي يلبس.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنها لبست النقاب وهي ممنوعة من لبس النقاب.
طالب:. . . . . . . . .

(65/18)


لا، لا لا تنتقب، ولا تلبس قفازين، لكن لو غطت يديها بغير القفازين لا بأس، وبيجي الكلام على النقاب، وعلى ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله إني ما أشوف له أثر؛ لأنه حتى لو لبس ... ، يلزم عليه لو لبس سروال حتى الثياب أو نقاب تحت الغطاء، لو عاملناه معاملة النصوص قلنا بهذا.
أحسن الله إليك.

باب: تخمير المحرم وجهه.
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال: أخبرني الفرافصة بن عمير الحنفي أنه رأى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بالعرج يغطي وجهه وهو محرم.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: "ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كفن ابنه واقد بن عبد الله ومات بالجحفة محرماً، وخمر رأسه ووجهه، وقال: "لولا أنا حرم لطيبناه".
قال مالك: وإنما يعمل الرجل ما دام حياً فإذا مات فقد انقضى العمل.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: "كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: تخمير المحرم وجهه" التخمير: التغطية، فهل يغطي المحرم وجهه كسائر بدنه أو لا كرأسه؟ فالعلماء يختلفون في تغطية الوجه، فالنص عن عثمان وأيضاً جاء عن ابن عباس وعبد الرحمن بن عوف وابن الزبير وجابر أنه لا بأس به، وبهذا يقول الشافعي وابن عمر كما جاء هنا كان يقول: ما فوق الذقن فيدخل فيه الوجه يحرم تغطيته، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة، وعن الإمام أحمد روايتان: إحداهما: يجوز، واختارها الأكثر من أصحابه، والثانية: لا يجوز، أما تغطية الرأس فلا تجوز اتفاقاً.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال: أخبرني الفرافصة بن عمير الحنفي أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج" قرية على ثلاث مراحل من المدينة "يغطي وجهه وهو محرم" لأنه يرى جواز ذلك.

(65/19)


يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم" لا يغطيه، هذا رأي عثمان الجواز، وهذا رأي ابن عمر المنع، أما تغطية الرأس فلا خلاف فيها، ولذا جاء المنع من لبس العمائم والبرانس، تغطية الوجه ليس فيها أقوى من حديث المحرم الذي وقصته دابته، سقط عنها فمات، وجاء في صحيح مسلم: ((كفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه ولا وجهه)) فجاء المنع من تغطية الوجه، فإذا منع من تغطية وجه الميت فلئن يمنع من تغطية وجه الحي من باب أولى.
وهذه الرواية في صحيح مسلم لا أحد ... ، في الصحيح، وإن تكلم بعضهم فيها، وقال: إن أكثر الرواة لم يذكرها، على كل حال هي في الصحيح، وهي عمدة من يقول: إن الوجه كالرأس لا يغطى، وما دامت الراوية في صحيح مسلم لا كلام لأحد.
يقول هنا: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كفن ابنه واقد -بن عبد الله- ومات بالجحفة محرماً" والحال أنه قد مات بالجحفة محرماً "وخمر رأسه ووجهه" غطى رأسه ووجه "وقال: لولا أنا حرم لطيبناه" لأنه لو طيبوه بالحنوط لباشروا هذا الحنوط وهم محرمون، أما بالنسبة له فقد رفع عنه قلم التكليف بالموت، ما في شيء يمنع بالنسبة له، خلاص ما دام مات، ولذا يقول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "وإنما يعمل الرجل -يعني بالتكاليف- ما دام حياً فإذا مات فقد انقطع العمل" يعني رأى أنه ما دام مات ورفع عنه قلم التكليف لا مانع أن يفعل به ما يفعل بغيره هو ما هو مكلف، وكأنهم يرون أن قصة ذلك الشخص الذي وقصته دابته ومنع من تغطية رأسه ووجهه أنها قضية عين خاصة به، وأنه يبعث يوم القيامة ملبياً، طيب غيره ما يلبون يوم القيامة؟ قالوا: لا، هذه قضية عين، ما يقاس عليه غيره.
يقول: "فإذا مات فقد انقضى العمل" فلا يمتنع تطييب المحرم ولا تغطية وجهه، وبهذا قال أبو حنيفة -رحمه الله-، يعني مع من؟ مع مالك، قال: وإنما يعمل الرجل ما دام ... ، أقر فعل ابن عمر، الإمام مالك -رحمه الله-، قال مالك: "وإنما يعمل الرجل يعني بالتكاليف ما دام حياً فإذا مات انقضى العمل".

(65/20)


وقال غيرهما: لا يجوز تغطية رأس المحرم إذا مات لحديث المحرم الذي وقصته دابته، وأجابوا عن هذا بأنه قضية عين، يعني العلة أنه يبعث يوم القيامة ملبياً، ويرون أن غيره ليس مثله، شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما من عداه فيبقى على الأصل، والأصل أن الميت يدرج في الأكفان من هامه إلى إبهامه، ولا يبرز منه شيء، لكن على كل حال النص صحيح وصريح وواضح في أنه لا يخمر رأسه، وهذا أمر متفق عليه ولا وجهه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" لا تنتقب المحرمة، لا تلبس النقاب وهو ما يغطى به الوجه مما فيه نقب يبرز العين، وجاء هذا الحديث مرفوع عند البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي، وإن كان أبو داود أشار إلى لمز الرواية رواية النقاب.
طالب:. . . . . . . . .

(65/21)


لمزها يعني ما كأنها .. ، يعني كأنه يستشم شذوذها، يستروح إلى شذوذها، وبعضهم يعني مع الإساءة البالغة في استعمال النقاب من قبل النساء كأنه يميل إلى قول أبي داود فيرى أن هذه اللفظة غير ثابتة، ولا تنتقب المرأة، من أجل إيش؟ أنه الدلالة على أنها إذا المحرمة ما تنتقب إذاً الحلال تنتقب، مفهومه أنه إذا كانت المحرمة لا تنتقب فالحلال تنتقب، هو يرى النقاب نعم الموجود الآن، يعني سوء الاستعمال جعله يحكم على هذه الرواية بأنها فيها ما فيها، لكن متى كان واقع الناس يؤثر في النصوص؟ واقع الناس لا أثر له في النصوص، تبقى النصوص نصوص، وأن المحرمة لا تنتقب والحلال تنتقب، لكن ما معنى النقاب؟ النقاب نقب يكون بقدر العين، في غطاء الوجه بحيث لو خرج ولو جزء يسير من البشرة مما يحتف بالعين صار سفور، ما صار نقاب، وإذا ضبطناه ما عندنا إشكال، لو ظهر ملي واحد من البشرة صار سفور، ولا نحتاج إلى تضعيف مثل هذه الرواية الثابتة في الصحيح، النقاب نقاب، نحرر النقاب ولا عندنا إشكال، يعني هل نحن مطالبون بأن نزيد على النصوص؟ نحن نحقق هذه العبودية باتباع النصوص، فإذا جاء النص. . . . . . . . . نصدر فتوى بتحريم النقاب، أنت حرر النقاب يا أخي قبل، والواقع لا يحكم على النصوص أبداً، السفور الذي يزاوله النساء لا يمكن أن يحكم على النصوص، ورأينا النقاب بمعناه الشرعي واللغوي موحش، صحيح موحش والله، فلا نحتاج إلى أن نمنع النقاب، أو نضعف الرواية لسوء الاستعمال، يبقى أن سوء الاستعمال سيء وسفور ولا يدخل في النقاب الشرعي، وأما النقاب الشرعي الذي جاءت الشريعة به، وأقروا ما كان عليه العرب قبل الإسلام يبقى نقاب، وأنه لا يفتن ولا يثير ولا شيء.
"ولا تلبس القفازين" يعني ما يخاط بقدر اليد مع أنه يجوز، بل يلزم ستر الوجه والكفين بحضور الرجال الأجانب على ما سيأتي.

(65/22)


يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن زوجته فاطمة بنت المنذر بن الزبير -بنت عمه- أنها قالت: "كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق" وهي جدتها وجدة زوجها، زاد في رواية: "فلا تنكر علينا" لماذا؟ لأن على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب، رواه أبو داود عن عائشة قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه، فالمرأة المحرمة تغطي وجهها بحضرة الأجانب، وتغطي كفيها كما تغطي سائر بدنها.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد ...

(65/23)


الموطأ - كتاب الحج (3)
شرح: باب: ما جاء في الطيب في الحج.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
يقول: حججت هذا العام أو حججت العام الماضي ولكني جعلت طواف الإفاضة مع طواف الوداع، لكن المشكلة التي وقعت أنني سعيت سعي الحج بعد الطواف، ولم يكن آخر عهدي بالبيت فما هو الواجب علي في هذه الحالة؟
الواجب عليك أن تطوف للوداع بعد السعي، لكن إن رأيت أن في إعادة الطواف مشقة عظيمة لا تحتملها حيث يبلغ منك المبلغ والجهد في إعادة الطواف وخرجت بعد السعي مباشرة أرجو أن ذلك كافٍ -إن شاء الله تعالى-.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الطيب في الحج:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت".
وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن أعرابياً جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بحنين وعلى الأعرابي قميص وبه أثر صفرة، فقال: يا رسول الله إني أهللت بعمرة فكيف تأمرني أن أصنع؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك، وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وجد ريح طيب وهو بالشجرة، فقال: "ممن ريح هذا الطيب؟ " فقال معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-: مني يا أمير المؤمنين، فقال: منك لعمر الله؟ فقال معاوية: إن أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين، فقال عمر: عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه".

(66/1)


وحدثني عن مالك عن الصلت بن زييد عن غير واحد من أهله أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وجد ريح طيب وهو بالشجرة وإلى جنبه كثير بن الصلت، فقال عمر: "ممن ريح هذا الطيب؟ فقال كثير: مني يا أمير المؤمنين لبدت رأسي وأردت أن لا أحلق، فقال عمر: فاذهب إلى شربة فأدلك رأسك حتى تنقيه ففعل كثير بن الصلت".
قال مالك: الشربة حفير تكون عند أصل النخلة.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الوليد بن عبد الملك سأل سالم بن عبد الله وخارجة بن زيد بن ثابت بعد أن رمى الجمرة، وحلق رأسه، وقبل أن يفيض عن الطيب، فنهاه سالم، وأرخص له خارجة بن زيد بن ثابت.
قال مالك -رحمه الله-: لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب قبل أن يحرم، وقبل أن يفيض من منى بعد رمي الجمرة.
قال يحيى: سئل مالك عن طعام فيه زعفران هل يأكله المحرم؟ فقال: أما ما تمسه النار من ذلك فلا بأس به أن يأكله المحرم، وأما ما لم تمسه النار من ذلك فلا يأكله المحرم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في الطيب في الحج" وقوله: "في الحج" الظرفية تقتضي ما بين الدخول فيه إلى الانتهاء والفراغ من جميع أعماله، الطيب في الحج، يعني قبل أن يحرم الإنسان هل يقال له: إنه في الحج؟ وبعد أن يفرغ ويوادع هل يقال: إنه في الحج؟ لا، فالطيب في الحج بعد الإحرام وقبل التحلل منه محظور من محظورات الإحرام، لكن ماذا عن الطيب قبل الدخول في النسك وبعد التحلل منه؟ والمراد بذلك التحلل الأول على ما سيأتي.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-:

(66/2)


"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه -القاسم بن محمد- عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم" تطيب رأسه لا ثيابه "وكان يرى وبيص الطيب" ووبيص المسك لمعانه وبريقه "في رأس النبي -عليه الصلاة والسلام- ولحيته وهو محرم" هذا في البدن لا بأس به، والحديث نص فيه، وهو متفق عليه "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم" وبهذا قال جمهور العلماء أن الطيب لا بأس به في البدن قبل الإحرام، ولا مانع من استدامته بعد الإحرام، أما في الثياب فلا، فيجب غسل ما مسها من طيب على ما يدل عليه الحديث الآتي.
"قبل أن يحرم" يعني قبل أن يدخل في الإحرام "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" يعني قبل طواف الإفاضة، قبل أن يطوف بالبيت هل يتصور أن الطواف هذا المراد به طواف القدوم؟ لا؛ لأنها علقت ذلك على وصف مؤثر وهو الحل، فدل على أنه حل من إحرامه، وهل يتصور أن المراد بالطواف هنا طواف الوادع؟ لا، لماذا؟ لأنه قد فرغ من جميع أعمال الحج، والوداع ليس من أعمال الحج إنما هو للمغادرة، ليس من أعمال الحج الداخلة فيه، بدليل أن أهل مكة ليس عليهم وداع، نعم، فلا يدخل في هذا.

(66/3)


المقصود أن المراد بالطواف هنا الذي علق به الوصف المؤثر وهو الحل هو طواف الإفاضة؛ لأن طواف القدوم قبل الحل، وطواف الوداع بعد الفراغ من أعمال الحج، وهذا الحديث من أقوى الأدلة على أن التحلل لا يحصل إلا بالأفعال التي تسبق طواف الإفاضة؛ لأنه قبل الطواف، قبل الإفاضة قبل أن يطوف بالبيت حصل له الحل، ولو حصل له قبل ذلك لبين، ولكان الحل يحصل بواحد لكان الحل المذكور في الحديث قبل الذي يليه وطواف الإفاضة بالنسبة لفعله -عليه الصلاة والسلام- وقع بعد الحلق والرمي، بالنسبة للنحر هل هو من الأعمال التي علق بها الحل؟ علق بها التحلل؟ نعم؟ لا، الأعمال التي علق بها التحلل ثلاثة: الرمي والحلق والطواف ومعه السعي، هذه هي الأعمال التي رتب عليها الحل، مع أن النحر وهذه من الغرائب يعني جاء فيه مثل قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] يعني لو أن إنساناً بدأ بحلق الرأس قبل أن يبلغ الهدي محله، يعني نزل من مزدلفة منتصف الليل ورمى وحلق يلزمه شيء وإلا لا؟ نعم، ولولا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((افعل ولا حرج)) لمن سأل عن من قدم الحلق قبل الرمي لقلنا: إنه محظور حتى يبلغ الهدي محله، على أن الخلاف في محله هل هو وقت حلوله أو مكان حلوله أو فعله؟ المقصود أن الخلاف معروف، وعامة أهل العلم لم يجعلوا النحر من أسباب التحلل، إنما جعلوا أسباب التحلل ثلاثة، واختلفوا بما يحصل به التحلل الأول، فمنهم من يرى أنه لا يحصل إلا باثنين، ومنهم من يرى أنه يحصل بالرمي فقط، وجاء في ذلك أحاديث لا تسلم من مقال، سواءً كان الأحاديث التي اقتصر فيها على الرمي، أو ما ضم إليه من حلق، وهذا الحديث أصح ما في الباب، "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" ولو حل قبل ذلك لقالت: قبل أن يحلق، لو اكتفى بالرمي لقالت: ولحله قبل أن يحلق.
نعم؟ ويش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان معه هدي معروف أنه يتحلل إذا جاء بأفعالها، إذا جاء بأفعالها يتحلل، إذا طاف وسعى وقصر أو حلق يتحلل.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .

(66/4)


أصل الهدي بالنسبة للهدي في العمرة سنة، نعم سنة، وإنما وجوبه بالنسبة للمتمتع والقارن، أما بالنسبة للمفرد والمعتمر فقط سنة، هدي تطوع، فإذا جاء بأفعالها فحله رتب على الإتيان بأفعالها، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الأصح جاء في الحديث إذا رميتم فقد حللتم، في رواية: إذا رميتم وحلقتم، وكلها لا تسلم من مقال، وأصح ما في الباب هذا الحديث.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟ يعني من طرق هذا الحديث؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" إيش معنى القبلية هذه؟ نعم، ولو كان قبل ما قبل الطواف لنبه عليه، لقالت: قبل الحلق، قبل الرمي، وأما قولها: "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" كما أن الذكر ذكر الصباح والمساء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، نعم لو كان قبل صلاة الفجر يعلق بما قبل طلوع الشمس؟ لا، ولو كان قبل صلاة العصر ما علق بغروب الشمس، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ في الحديث استحباب الطيب عند إرادة الإحرام، استحباب الطيب عند إرادة الإحرام، وجواز استدامته، وأنه لا يضر بقاء لونه، وأيضاً الرائحة لا يضر بقاؤها، وإنما يحرم ابتداؤه، ابتداؤه من محظورات الإحرام، وفرق بين الاستدامة والابتداء، بدليل أن عقد النكاح يحرم حال الإحرام، استدامة النكاح نعم جائز وإلا؟ إجماعاً جائز، إجماعاً، هذا رأي الجمهور وقال مالك والزهري وجماعة: "يحرم التطيب عند الإحرام بطيب يبقى له رائحة بعد الإحرام"
قال مالك والزهري وجماعة: "يحرم التطيب عند الإحرام وإن كان قبله بطيب تبقى رائحته بعد الإحرام" أجابوا عن هذا الحديث بأنه ذهبت رائحته، لكن حديث: "كنت أرى وبيص المسك في مفرق النبي -عليه الصلاة والسلام-" هذا نص في الباب.
هم يقولون أيضاً من أجوبتهم: أن هذا الطيب الذي تطيبه النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الإحرام كان قبل الاغتسال للإحرام، فأذهبه الاغتسال، لكن الحديث: "كنت أرى وبيص المسك" هذا نص في الباب وهو مفسر لما عندنا، بعضهم ذهب ....
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(66/5)


يعني الغسل؟ ويش الفرق؟ كيف توفق بين الاغتسال مثلاً وكون الإنسان أشعث أغبر؟ يعني الاغتسال يزيل الشعر صح وإلا لا؟ كيف توفق بينها؟ يعني كون الإنسان يغتسل بعد مدة يسيرة يشعث، كونه يتطيب ويزول أثر الطيب بعد مدة، لا ينافي كونهم أتوه وخرجوا إلى الموقف وتعرض. . . . . . . . . على هذه الصفة أبداً، فمثل هذا لا يعارض هذا.
بعضهم ذهب إلى أن الحديث من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، وأنه حبب إليه ما حبب من النساء والطيب، وليس في حكمه غيره، ولكن المعروف أن الخصائص لا تثبت بمثل هذا، وأما كونه -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الطيب وتطيب فيحمل فعله على أنه خاص به، ونهيه للأمة نعم هذا لو حصل التعارض من كل وجه، الآن ممكن الجمع، النهي عن الطيب إنما هو بعد التلبس بالإحرام، والطيب المذكور إنما هو قبل التلبس بالإحرام، فلا وجه للتخصيص، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا كلام مالك منع الطيب بمعنى منع بقاء أثر الطيب بعد الدخول في النسك، نعم، فهو يريد أن يقول -رحمة الله عليه- أنه تطيب ثم اغتسل للإحرام فذهب أثره، بهذا يتم جوابه، أما لو قلنا: إنه تطيب قبيل الإحرام واستدامه وبقي أثره إلى أن دخل مكة ثم اغتسل بذي طوى هذا الإشكال قائم، قد يقول مثل هذا الجمهور، بقي أثره إلى أن اغتسل بعد ذلك، يعني لو قال الإمام بهذا الإمام مالك بهذا ما صار في خلاف بينه وبين الجمهور، ليس معنى قول الجمهور أنه بقي أثره إلى أن انتهى من أعمال الحج، إنما بقي أثره بعد الدخول في النسك ولا ينافي، ولا ينافي كون الإنسان يسرح شعره، كون الإنسان يدهن ويتطيب، كون الإنسان يغتسل، لا ينافي أن يكون شعثاً أغبر تفلاً؛ لأن هذا لن يستمر هذا، هذا لن يستمر هذا وقت الإحرام، ويذهب بعد مدة يسيرة، لكنهم هم مع ذلك يحرصون على تلبيد الشعر، نعم يلبدونه بصمغ ونحوه أو بعسل أحياناً من أجل أن لا يشعث ولا يؤذيهم؛ لأنه مع شعوثته يؤذيهم بالحكة، ويجتمع فيه القمل، نعم، فهذا الأذى ليس بمطلوب لذاته، ليس بمطلوب إذا ترتب على مثل هذا أذى للحاج يعالج هذا الأذى، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر كعب بن عجرة أن يحلق رأسه؛ لأنه تأذى به.
طالب:. . . . . . . . .

(66/6)


إذا كانت رائحة طيبة، إذا خلط معه شيء من الطيب، إذا كانت رائحته طيبة هو منه.
الإمام مالك أيضاً كره الطيب بعد الرمي والحلق وقبل الإفاضة، والجمهور على استحبابه لهذا الحديث، والسبب في هذا أنه ما زال في أعمال الحج والطواف والسعي من أعظم أعمال الحج ومن أركانه، وما زال في أعمال الحج، فالنهي متجه إليه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن أعرابياً" يقول الحافظ ابن حجر أنه لم يقف على اسمه "جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بحنين " يعني بعد أن انتهى من غزوتها، غزوة حنين التي كانت بعد فتح مكة، الموضع الذي وقعت فيه غزوة حنين يسمى الآن، يسمونه الشرائع، وهذا المكان الذي لقيه فيه يعني بعد منصرفه من حنين هو الجعرانة بالتخفيف والتشديد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر من الجعرانة، منصرفه من حنين، فعمره -عليه الصلاة والسلام- أربع كما جاء في الصحيح من حديث عائشة وغيرها، عمرة الحديبية وعمرة القضاء وعمرة الجعرانة، والعمرة التي مع حجه -عليه الصلاة والسلام- فهي أربع.
يقول: "وعلى الأعرابي قميص" هذا الحديث عن عطاء بن أبي رباح أن أعرابياً جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديث متصل وإلا منقطع؟ نعم، مرسل؛ لأن التابعي يحكي قصة لم يشهدها، فهو مرسل، لكن وصله الإمام البخاري ومسلم أيضاً، وهو موصول في الكتب كلها، في المصادر المعتمدة عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه، فيكون حينئذٍ مرسل فقط وإلا الذي عندنا؟ معضل، والإعضال أشد من الإرسال، وعلى كل حال هو موصول في الصحيح، ولا إشكال في صحته.

(66/7)


"وعلى الأعرابي قميص" وفي رواية: جبة، وهي أيضاً في الصحيح "وبه أثر صفرة من زعفران، فقال: يا رسول الله إني أهللت بعمرة فكيف تأمرني أن أصنع؟ " يعني في هذه العمرة، وقميصه به أثر صفرة، عرفنا أن الطيب لا مانع منه قبل الدخول في النسك في البدن في الرأس واللحية، ويتقي المواضع التي ينتقل منها الطيب من البدن إلى الثوب؛ لأنه لو انتقل لزم غسله، به أثر صفرة من الزعفران "فقال: يا رسول الله إني أهللت بعمرة فكيف تأمرني أن أصنع؟ " في عمرته، كيف يصنع في هذه العمرة؟ "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" بعد أن سكت، سكت النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم قال: ((أين السائل؟ )) وهو في هذا يوحى إليه -عليه الصلاة والسلام-، فلما نزل الوحي نادى أين السائل؟ والسكوت من المفتي بعد إلقاء السؤال؛ لأن السكوت منه -عليه الصلاة والسلام- تكرر بعد أن يسأل، وفي بعض الأحاديث ما يدل على أنه ينتظر الوحي صراحة، وفي بعضها ليس فيه ما يدل على أنه ينتظر الوحي وإن احتمل ذلك، لكنه يسكت -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا فالمفتي عليه أن يسكت ليتأمل السؤال، وليتم السائل سؤاله، وبعض الناس يجيب عن السؤال قبل أن يكمل، ويكثر الخطأ بسبب ذلك، فعلى الإنسان أن يسمع السؤال كاملاً، ويستفصل من السائل فيما ينبغي الاستفصال فيه، ليكون الجواب مطابقاً، وليسدد ويوفق في جوابه "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انزع قميصك)) " اخلع قميصك، خلع، والخلع إنما يكون من جهة الرأس، بمعنى أنه من جيبه، إن كانت الأزرار مغلقة فتفتح هذه الأزرار، ويخرج القميص من الرأس، هذا هو مقتضى النزع، انزع قميصك، وعلى هذا لا يلزم شق القميص، وإن قال به الشعبي، يقول: أحرم بقميص يشق هذا القميص، لماذا؟ لئلا يلزم منه تغطية الرأس، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((انزع قميصك)) مثل هذه الأمور التي تفعل للتخلص ولو ترتب عليها محظور أخف من المحظور الأصلي، يعني شخص اغتصب أرض وهو الآن في آخرها، وتاب إلى الله -جل وعلا- من هذا الغصب، مشيه في هذه الأرض معصية بلا شك، لكن كيف نقول: اخرج منها، طر وإلا ويش تسوي؟ نعم؟ لا يقول أحد بمثل هذا، إنما عليه أن يخرج منها ومشيه فيها لا

(66/8)


يؤثر، وكذا نزعه للقميص؛ لأن تغطية الرأس غير مقصودة، لكن هذا الأعرابي الذي أمر بنزع القميص هل هو أحرم بهذا القميص؟ ((انزع عنك القميص، واغسل هذه الصفرة)) وفي الصحيحين ثلاث مرات، الآن هل الرجل أحرم بقميص؟ وهل يتم الامتثال بمجرد الغسل ويعيده إليه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، يحرم بهذا القميص؟ القميص له أزرار وأكمام، ثوب يعني ...
طالب:. . . . . . . . .
فعل محظور طيب كيف يتخلص من هذا المحظور؟ لأن الجواب: ((انزع قميصك)) والتقدير: البس بعده بعد نزعه إزاراً ورداءاً، اغسل هذه الصورة عن بدنك التي لصقت بك، ويش المانع؟ ((واغسل هذه الصفرة عنك)) "وعلى الأعرابي قميص وبه أثر صفرة" الصفرة هل هي في القميص أو بلابسه؟ خلونا على شوية شوية؛ لأن هذه مسألة تحتاج إلى عناية؛ لأنه إذا قلنا: إن الصفرة بالقميص، وقال: انزع عنك القميص واغسل هذه الصفرة وأعد القميص لتلبسه؟ البدن الآن حينما يقول أهل العلم ويختلفون في نزعه وشقه هل يختلفون في أنه لا يعود إليه؟ يقولون: نزعه من جهة الرأس خلاف هل يشق شق وإلا ينزع؟ يعود إليه ثانية بعد؟
طالب: دليل أنه محرم.
هو محرم.
طالب: محرم به، حتى التبويب باب: غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب، تبويب البخاري.
لا هو الآن ما عليه إلا هذا القميص الذي قال: وعلى الأعرابي قميص، شوفوا يا إخوان، وعلى الأعرابي قميص وبه أثر صفرة، ثم قيل له: انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك، والعلماء يختلفون هل ينزع نزع كما هو قول الجمهور من قبل الرأس، دل على أنه مخيط، ولو أنه ليس بمخيط ما احتاج إلى أن يقال: إن يوجد مثل هذا الخلاف، ((واغسل هذه الصفرة عنك)) بيان.
طالب:. . . . . . . . .
لا، يكفيه أن يقول: انزع قميصك، شوف العبارة؟ انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك.
طالب:. . . . . . . . .
ما قيل: اغسله، اغسله عنك، ما قال: اغسله عن قميصك، ما قال: واغسل هذه الصفرة عنه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه واغسل هذه الصفرة عنك.
طالب:. . . . . . . . .
ويش يدريك أن ما عليه، يمكن رآه النبي -عليه الصلاة والسلام- وتأثر.
طالب:. . . . . . . . .

(66/9)


إيه لكن ما يدريك أنها انتقلت هذه الصفرة بعد الدخول في الإحرام إلى البدن؟ وكأنه تطيب في الدخول إلى الإحرام، مو بالإشكال هنا، الإشكال هل عاد هذا الرجل إلى قميصه بعد أن غسله؟ أو نقول: هما جملتان: انزع قميصك، ولا يلزم العود إليه، يحرم بإزار ورداء، لا يلبس القميص ولا السراويل، نعم، قميص، قال: ((انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك)) ما قال عنه.
طالب:. . . . . . . . .
معروفاً من بعده لكن ويش اللي يمنع أن يكون هذا الحكم مقرر سابقاً، يعني بيجينا بعد من ... ، ((وافعل في عمرتك ما تفعله في حجك)) حجه إيش؟ يعني الحج الذي بينه -عليه الصلاة والسلام- بفعله وقوله بعد حنين، يقول: ((وافعل في عمرتك ما تفعله في حجك)) أحاله على ما يعرف، إنما جاء بعدها، وقال: انزع قميصك، وعلى الأعرابي قميص، وفي رواية: عليه جبة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا نقرر أنه سابق إلا إذا قررنا التعارض، هو سابق سابق، لكن هل في تعارض أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقره على لبس القميص، وهو يقول: ((انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك، وافعل في عمرتك ما تفعله في حجك)) والمعروف أن الحج إنما كان بعد هذه العمرة، فكيف يحال على لاحق؟ الخبر فيه ما يدل على أنه كان يعرف أعمال الحج قبل ذلك، والحج معروف عند العرب، وحج النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة مرة أو مرتين، فيحال على معروف، نعم.

(66/10)


يقول ابن العربي: كأنهم كانوا في الجاهلية يخلعون الثياب، ويجتنبون الطيب في الإحرام إذا حجوا، ويتساهلون في العمرة؛ لأنها شأنها أقل من شأن الحج، فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن مجراهما واحد، واضح كلام ابن العربي؟ نعم؟ يقول: كأنهم كانوا في الجاهلية يخلعون الثياب، يعني في الحج، والعمرة يحرمون بقميص مثل هذا، ويجتنبون الطيب وهذا تطيب، فكانوا يحتاطون بالحج ويتساهلون في العمرة، فبين النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث أن مجراهما واحد، إذا دخلت في الإحرام فمحظورات الإحرام هي محظورات العمرة، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ كلامه في العارضة، فالذي يظهر أنه قيل له: انزع قميصك، وخلع الثياب كان معروف عندهم، حتى أن منهم في الجاهلية من يطوف عارٍ، وليس بنص، لا يمنع أن يكون القميص إلى هذا الوقت يحرم به، ما في ما يمنع، ثم نسخ بعد ذلك لما سئل عما يلبس المحرم، لكن ليس فيه ما يدل على أن القميص يجوز الإحرام فيه حتى في هذا الوقت؛ لأنه قال: ((انزع قميصك، واغسل هذه الصفرة عنك)) اترك في عمرتك ما تترك في حجك؟ هو الترك، الترك عمل، الترك عمل،
لئن قعدنا والنبي يعمل ... فذاك منا العمل المضلل
لكن منهم من يفرق بين العمل والفعل؛ لأنه قال: ((واعمل في عمرتك)) دخل فيه الترك، لكن الفعل فعل إيجاد على كلامهم هم، على كل حال تطييب القميص ولو قبل الإحرام لا تجوز استدامته بل يجب غسله، ومثله الإزار والرداء.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة" الشجرة هذه بذي الحليفة، في نفس مكان الإحرام، وجد ريح طيب وهو بالشجرة، والشجرة سمرة "فقال: ممن هذا الطيب؟ " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟ ويش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
الذي يظهر أنها في القميص والبدن، والقميص ينزع والبدن يغسل.
طالب:. . . . . . . . .
انتقل، إيه، ثم يعيده عليه؟
طالب:. . . . . . . . .

(66/11)


عندنا نصوص محكمة في أنه لا يلبس القميص، يعني كون هذا متقدم ومتأخر متى نلجأ إلى النسخ؟ نلجأ إلى النسخ لو كان هذا نص صريح في إعادة القميص، واغسل الطيب عنك، يعني عن بدنك، نعم ما قال: عنه.
"وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة -وهي سمرة بذي الحليفة- قال: ممن ريح هذا الطيب؟ " لا يتركون المنكر يمر بدون سؤال، خلاف حال الناس اليوم التساهل موجود، تجد بعض المحرمات تزاول في أماكن العبادة، وكل شخص يقول: ما هو بمسئول عن مثل هذا، الأمر والنهي له ناس، ومعلوم أن الأمر والنهي منوط بكل مكلف ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) ... إلى آخره، والصحابة -رضوان الله عليهم- لا يصبرون على مثل هذا، سمعوا المنكر ينكرونه.

(66/12)


"ممن ريح هذا الطيب؟ فقال معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-: مني يا أمير المؤمنين" وفي بعض الروايات: فتغيض عليه عمر -رضي الله عن الجميع-، "فقال: منك لعمر الله" يعني لأنك تحب الرفاهية، فما يستبعد أن يكون منك، ويغلب على ظن عمر أنه من معاوية ولو لم يجبه؛ لأنه يحب الرفاهية، لكنه لا يواجه أحداً، وهذه سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو كان بجنبك، الآن بجانبك وفي غيره، وتشم الريح بنسبة تسع وتسعين بالمائة أنه من هذا الرجل أو تجزم أنه منه، أو يرن جواله موسيقى وهو بجنبك وعندك ناس، تسأل يا إخوان من معه هذا الجوال؟ وأنت تعرف أنه من بجنبك، لا شك أن هذا أبلغ في الإنكار، وأدعى إلى القبول "فقال: منك لعمر الله، فقال معاوية -معتذراً-: إن أم حبيبة" رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين أخت معاوية "طيبتني يا أمير المؤمنين" يريد أن يخفف من تغيض عمر -رضي الله عنه-، ما دام هذا صنيع أم المؤمنين، وأم المؤمنين على صلة بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فلعل عندها من العلم ما لم يبلغك يا عمر، وإن هذا ليس من تصرفي "إن أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين، فقال عمر: "عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه" وفي رواية: "أقسمت عليك لترجعن إلى أم حبيبة فلتغسلنه عنك لما طيبتك" يعني لو كان الأمر لمعاوية أن يغسله بنفسه نعم استمر فعل أم المؤمنين من غير تغيير، لكن لما يعاد من يلاحظ عليه إلى الأصل وإلى المصدر فيكون التغيير لمعاوية ولأم المؤمنين معاً، ولذا لو حصل من موظف يعني على سبيل المثال جيء للمدير جاء الوكيل للمدير بخطاب يقرأه ليوقع عليه، لما قرأه المدير وجد فيه خطأ، نعم، وقال للوكيل: غيره، هل الأفضل أن يقول: غيره أو يقول: اذهب إلى الناسخ ليغيره؟ ولو كان نقطة واحدة، بالإمكان المدير نفسه يخرج القلم ويضع هذه النقطة، أو يقول للوكيل: ضعها أنت، فكونه يعيده إلى الطابع يكون التغيير مر على جميع المراحل التي مر عليها الخطأ، مثل هذا.

(66/13)


يقول: "فقال عمر: عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه" وفي رواية: "أقسمت عليك لترجعن إلى أم حبيبة فلتغسلنه عنك كما طيبتك" وعرفنا أنه في مثل هذا في إعادة الخطأ إلى مصدره أنه يتم التغيير على الجميع، على جميع من اشترك في هذا الخطأ، بخلاف ما لو أمر المخاطب بالتغيير متى ينتبه الذي وقع في الخطأ الأول؟ مثل ما ذكرنا، يأتي الخطاب إلى المدير ويحتاج إلى نقطة الخاء كتبت حاء أو الجيم كتبت حاء، بالإمكان أن يأخذ المدير القلم ويضع هذه النقطة بنفس اللون الذي طبع به الخطاب، فيقال له: أعد الخطاب إلى الناسخ فليصحح، مثل هذا يجعل الناسخ يحتاط، ويجعل الوكيل يراجع وهكذا، ولذا أمره أن يرجع إلى أم حبيب لتغسله.
الآن هذا الطيب الذي في معاوية، ويأتي ما يوضحه هل هو في البدن أو في الثوب؟ وهل هو وجد قبل الإحرام أو بعد الإحرام؟ ينظر، تكشفه الأخبار اللاحقة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن الصلت بن زييد" تصغير زيد الكندي "عن غير واحد من أهله" أي من أهل الصلت "أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة" بذي الحليفة، يعني مثل ما وجد ريح الطيب من معاوية "وإلى جنبه كثير بن الصلت فقال عمر: ممن ريح هذا الطيب؟ فقال كثير: مني يا أمير المؤمنين، لبدت رأسي" أي جعلت فيه شيئاً نحو الصمغ ليجتمع الشعر فلا يتطرق إليه الشعث "لبدت رأسي وأردت أن لا أحلق" يعني لئلا أضطر إلى حلقه، للأذى المترتب عليه، أو للقمل مثل ما حصل لكعب بن عجرة "فقال عمر: فاذهب إلى شربة فأدلك رأسك حتى تنقيه" اغسل رأسك يعني من الطيب "ففعل كثير بن الصلت" ما أمره به.
"قال مالك: الشربة حفير تكون عند أصل النخلة" في التمهيد: الشربة مستنقع الماء عند أصول الشجر، وحوض يكون بمقدار ريها، حوض دائري يكون عند أصل النخلة، هذه شربة، وهذا الحوض يجتمع فيه الماء.
طالب:. . . . . . . . .
زبيد، لكن قالوا: تصغير زيد، يقول: الصلت بن زبيد بالباء لا بالياء، ولو كان المرجع موجود الآن، من اللي كتب هذا، ما أحد من الشروح يقول بالباء؟ مالك عن الصلت شوف الطبعات، ابن زبيد، كاتبها بالمفردة، بضم الزاي وتحتيتين تصغير زيد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(66/14)


نحذر الإخوان من مثل هذه الطبعة، نحذر الإخوان من مثل هذه الطبعات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا موجود صور مراراً، أنا أعرف لهذا الكتاب خمس طبعات غير هذه كلها قديمة، وصور كثير منها، على طالب العلم أن يعنى بكتابه؛ لأنه إذا أخذ العلم من هذا الكتاب الذي فيه شيء من التصحيف والتحريف يستمر عنده.
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم، إيه، وعداً كثير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بينهن تعارض أو هذه تشهد لهذه؟ أو الثانية تشهد للأولى؟ ويش اللي يجعل الأصل القوي وإلا الضعيف؟ وهل الشاهد ما يذكر أولاً؟ الأصل الأول والثاني شاهد أو العكس؟ على كل حال كل واحدة تشهد للثانية، والثانية عن غير واحد من أهله أن عمر، ومجموعة هؤلاء وإن كانوا مجاهيل إلا أنه في عصر تقادم العهد بهم، يعني في عصر التابعين، نعم، ومثل هذا هم إلى التوثيق أقرب، وإذا انضم رواية بعضهم إلى بعض قويت روايتهم، وبعضهم يوثق بمثل هذا، يقبل الخبر بمثل هذا، يقول: وإنهم وإن كانوا مجاهيل إلا أن خبر المجهول ينجبر وهؤلاء أكثر من واحد فيحكم به، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان على البدن ما يؤثر، على البدن ما يؤثر، لكن انتقل إلى الثوب يغسل، هذا إذا كان وضعه قبل الدخول في الإحرام، الرأس ما في إشكال، يستمر، نعم لبدت رأسي.
طالب:. . . . . . . . .
انتظر، انتظر خلينا نكمل الباب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حفير؟ على كل حال كله واحد، المعنى ما يختلف.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري وعبد الله بن أبي بكر -بن محمد بن عمرو بن حزم- وربيعة بن أبي عبد الرحمن" المعروف بربيعة الرأي، عن مالك عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر وربيعة وكلهم من شيوخ مالك "أن الوليد بن عبد الملك" بن مروان الخليفة ابن الخليفة "سأل سالم بن عبد الله" سالم بن عبد الله بن عمر أحد الفقهاء السبعة، وخارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري وهو أيضاً أحد الفقهاء السبعة:
فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجة
سالم منهم وإلا ما هو منهم؟ نعم؟ البيت لا، لكن السابع مختلف فيه على ثلاثة أقوال.

(66/15)


"بعد أن رمى الجمرة، وحلق رأسه، وقبل أن يفيض" يطوف طواف الإفاضة "عن الطيب فنهاه سالم"؛ لأنه يكره الطيب قبل الإفاضة "وأرخص له خارجة بن زيد بن ثابت" سالم من يشابه أباه فما ظلم، ويشابه جده أيضاً، وكلهم سالم وعمر وابنه الجد وابنه وحفيده كلهم يمنعون من الطيب إلا بعد الفراغ التام من النسك، يعني من الدخول فيه إلى الفراغ منه، فكما يمنعونه قبل طواف الإفاضة يمنعونه أيضاً قبل الإحرام، فكونه أنكر على معاوية وأنكر على كثير بن الصلت لأنه يرى هذا، يرى أن المحرم لا يمس طيب، ولا يستديم الطيب.
طالب:. . . . . . . . .
يخفى، يخفى صحيح، خفي عليه ما هو أضح من ذلك، وخفي على غيره، ولا يتصور ولا يتوقع من شخص أنه يجمع العلم كله.
"قال مالك: لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب" وعرفنا أن رأي مالك هو رأي عمر وابن عمر وسالم بن عبد الله بن عمر "قال مالك: لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب كالزيت" فيه إشكال هذا؟ لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب كالزيت، إذا كان المحظور الطيب فهل لمثل هذا الكلام وجه؟ نعم؟ لكن التنصيص على مثل هذا لئلا يظن بمالك -رحمه الله تعالى- أنه لحسم مادة الطيب يمنع كل ما يستعمل في الرأس "قبل أن يحرم، وقبل أن يفيض من منىً بعد رمي جمرة العقبة" فهذا مطابق لحديث عائشة وإلا مخالف؟ ليس فيه طيب، مفهومه أنه لو كان فيه طيب لمنعه قبل أن يحرم وقبل أن يفيض، وحديث عائشة في الصحيحين وغيرهما أنها تطيبه لإحرامه قبل أن يحرم، وقبل أن يطوف بالبيت.
"قال يحيى: سئل مالك عن طعام فيه زعفران" وهذه مسألة يكثر السؤال عنها، استعمال الطيب في غير ما وضع له، لو وضع زعفران في القهوة أو وضعه في الطعام فالمحظور الطيب، وإذا شربه في القهوة يقال: تطيب؟ أو يقول أحد: هذا طيب؟ وإذا وضع في الأكل يقال: تطيب أو فيه طيب؟ لكن هل يقال مثل هذا في الصابون مثلاً الذي فيه طيب؟ نعم، تطيب؛ لأنه مقصود رائحته مقصودة، نعم رائحته مقصودة.

(66/16)


"سئل مالك عن طعام فيه زعفران هل يأكله المحرم؟ فقال: أما ما تمسه النار من ذلك" بحيث تميته طبخاً فلا تبقى رائحته وإن بقي لونه؛ لأن اللون لا يذهب بالطبخ، اللون يؤثر بالمطبوخ، وينتقل من الزعفران إلى غيره مما طبخ معه "أما ما تمسه النار من ذلك فلا بأس به أن يأكله المحرم، وأما ما لم تمسه النار من ذلك فلا يأكله المحرم".
يعني هذا وضع زعفران بالقهوة، بالطعام المطبوخ، على رأي مالك جائز، لكن وضع الزعفران في السلطة يجوز وإلا ما يجوز؟ على رأيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يجوز؛ لأنه ما مسته النار، طيب، "وأما ما لم تمسه النار من ذلك فلا يأكله المحرم" لأنه نوع من الطيب، وأكله العدول إلى أكله دليل على أن رائحته مقصودة، وهذه وجهة نظر مالك، ومنهم من يقول: إذا لم يكن طيب ولا في معنى الطيب ولا استعمل استعمال الطيب فلا بأس به، واللي يظهر أنه ما في بأس -إن شاء الله-، لكن لو يتقى من باب الشبهة كان أولى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود إذا كان ليس بطيب ومن شمه قال: هذا ليس بطيب فلا يؤثر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما دام برائحة ما يجوز استعماله فلا بأس به، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(66/17)


الموطأ - كتاب الحج (4)
شرح: باب: مواقيت الإهلال.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: مسألة ابتداء الطيب واستدامته أرجو توضيحها، لم أفهمها.
هل الهيل والقهوة يعد من الطيب؟
لا ليس من الطيب.
أما ابتداء الطيب فالمقصود به استعماله بعد الإحرام ابتداءً، يبتدئ الطيب بعد الإحرام، وأما استدامته فالطيب يكون قبل الإحرام، ويبقى لونه ورائحته بعد الإحرام، وفرق بين هذا وهذا.
يقول: رجل حج متمتعاً فلما انتهى من العمرة لبس الثياب ولم يحلق إلا بعد رمي جمرة العقبة فماذا عليه علماً أنه فقير لا يستطيع الدم؟
لا شك أنه ترك نسك، ما دام متمتعاً هو ترك نسك، فالحلق أو التقصير نسك، يلزم بتركه دم عند الجمهور، وإذا عجز عنه فإنه يصوم، يصوم مثل دم المتعة والقران، ما هو بفدية أذى، يصوم عشرة أيام.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: مواقيت الإهلال:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن)) قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أما هؤلاء الثلاث فسمعتهن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخبرت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)).
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أهل من الفرع.

(67/1)


وحدثني عن مالك عن الثقة عنده أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أهل من إيلياء.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل من الجعرانة بعمرة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: مواقيت الإهلال" المواقيت: جمع الميقات، كالمواعيد جمع ميعاد، ويطلق الميقات ويراد به الزماني، كما يطلق ويراد به المكاني، والمواقيت الزمانية في الحج عند الجمهور شوال والقعدة وعشر من ذي الحجة، وعند مالك ثلاثة أشهر بتكميل ذي الحجة، والخلاف معروفة، ولا يجوز أن يتقدم الميقات الزماني فيحرم بحج قبل هلال شوال، وأما بالنسبة للعمرة فالسنة كلها ميقات للعمرة، يستثنى من ذلك الأيام التي يتلبس فيها المرء بنسك، وأما الميقات المكاني فالمراد به ما ذكر في هذه الأحاديث، من التوقيت لأهل مكة، ولأهل نجد، ولأهل اليمن، ولأهل الشام، ولأهل العراق.
وترجم الإمام البخاري على هذا الحديث وغيره من الأحاديث مبتدئاً بالتراجم على هذا الحديث وما جاء في معناه بقوله: باب: فرض المواقيت.
وظاهر كلامه أنه لا يجيز الإحرام بالحج والعمرة قبل الميقات، هذا ما فهمه الشراح، لا يجوز الإحرام بالحج والعمرة من قبل الميقات، يعني المكاني كالزماني.

(67/2)


والنبي -عليه الصلاة والسلام- حدد هذه الأماكن لأهل تلك الجهات، وكلامه ظاهر في هذا، ما دام حدد شرعاً هذا المكان لهذا العمل فكما أنه لا يجوز أن يتجاوز لا يجوز أن يتجاوز بدون إحرام فلا يجوز أن يتقدم، هذا في الأصل، لكن ابن المنذر نقل الإجماع على جوازه، على جواز الإحرام قبل الميقات، وابن عمر -على ما سيأتي- أهل من إيلياء من بيت المقدس، وغيره أيضاً أهل بالبصرة، وثالث أهل من كرمان من الصحابة، وجاء في تفسير قوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] نقل عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: "إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك"، النبي -عليه الصلاة والسلام- حدد هذه الأماكن، وفرض المواقيت، وأحرم من الميقات، ولولا ما جاء عن الصحابة في هذا لقلنا بقول الإمام البخاري؛ لأن الزيادة على العبادة مما لم يرد به نص بدعة، والزيادة على ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يأخذ منه بعض الجهال أن هذا أكمل من عمله -عليه الصلاة والسلام-، وبعض الصحابة أحرم قبل الميقات كما سيأتي أن ابن عمر أحرم من إيلياء، وأحرم عمران بن حصين من الشام، وأحرم بعضهم من البصرة، وبعضهم من كرمان، وكره عثمان -رضي الله عنه- الإحرام بالحج من كرمان؛ لأنه وجد في وقته من أحرم منه، لولا هذه النصوص لاتجه القول بعدم الجواز، كما أنه لا يجوز أن تتأخر عنها لا يجوز أن يتقدم عليها، ولو زعم من فعل ذلك أنه فعله احتياطاً، كيف يحتاط في مسألة شرعية عمل القدوة والأسوة على خلاف الاحتياط، ولا شك أن الاحتياط في ترك هذا الاحتياط.

(67/3)


ابن المنذر نقل الاتفاق على جواز الإحرام قبل الميقات، وجاء في الحديث أن عمرة من بيت المقدس تعدل حجة، ويمكن تأويله وتأويل ما جاء عن علي في تفسير قوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] أن تنشأ العمرة من بيت المقدس، وأن ينشئ المرء العمرة من دويرة أهله، لكن لا يتم الدخول فيها إلا من الميقات، يعني كون الإنسان ينشئ عمرة من دويرة أهلة لا شك أنه أفضل من أن ينشئها من دون الميقات فضلاً عن كونه يخرج لها من مكة، أفضل كونه يأتي بها بسفرة مستقلة أفضل، وله طرق هو، حسن، حسن نعم، نعم هذا نقل عن مالك وغيره، نعم.
الدافع لهذا الاحتياط أنه يتصور أن الطائرة ما هي بمثل ما كان على الجمال أو على الأقدام، أو حتى على السيارات بإمكانه أن إذا وصل الميقات أن يقف ويحرم، أما بالنسبة للطائرة لمحة بصر يفوته الميقات وهو لا يشعر، وقد يغفل عن ذلك فالاحتياط هنا له وجه؛ لأن الطائرة ما هي بمثل غيرها، الطائرة لو ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هم يحتاطون، لكن بعض الناس عندهم مزيد من الاحتياط، مثل الطائرة له وجه الاحتياط فيها؛ لأن سرعتها يعني قد يفوت الإنسان عن الميقات وهو لا يشعر، المقصود أن من احتاط بالنسبة للطائرة له وجه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما له كثير.
طالب: إذا أعلنوا. . . . . . . . .؟
المقصود أنه يحرم قبل؛ لأنهم إذا أعلنوا قالوا: بقي كذا على الميقات، ليس معنى هذا أنه مجرد ما ينتهي المدة التي حددوها أنه الآن على الميقات، إما قبله أو بعده بيسير؛ لأن الطائرة معروف سرتها تزيد وتنقص، نعم، المقصود أن الاحتياط في مثل هذا لا بأس به، نعم، أما إذا أمكن أن يقف عند الميقات ويحرم منه بيقين، فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-، ولولا ما نقل من الإجماع وأفعال بعض الصحابة لكان القول بقول الإمام البخاري متجهاً.

(67/4)


والإهلال: هو رفع الصوت بالتلبية، ثم أطلق على نفس الإحرام، الأصل فيه الإهلال، رفع الصوت بالتلبية، وهو منقول من رفع الصوت عند رؤية الهلال، الإهلال والاستهلال رفع الصوت، والأصل فيه رفع أصوات الناس عند رؤية الهلال، إذا رأوه، ثم نقل إلى رفع الصوت بالتلبية، ثم أطلق على الإحرام توسعاً، والمهل والإهلال بمعنىً.
يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة)) " والمدينة إذا أطلقت فالمراد بها مدينته -عليه الصلاة والسلام-، وأل العهدية معروفة عند أهل العربية، كما أنهم إذا أطلقوا الإمام في كل مذهب معروف، إذا قيل: الإمام في مذهب الشافعية، إذا قيل: الإمام في مذهب الحنابلة، إذا قيل: كذا، فهذه (أل) عهدية، يعني تعاهدوها وعرفوها بينهم، وإذا أطلق الكتاب فهو معروف، المقصود أن بعض الناس قد يدلس، فيحرج على النعناع ويقول: نعناع المدينة، نعناع المدينة، وأهل الخبرة يعرفون نعناع المدينة من نعناع غيرها، إذا شم تبين الفرق فإذا استثبت قال: الرياض مدينة، الخرج مدينة، نعم، هذا تدليس.
((يهل أهل المدينة)) ....
هذا يقول: هل المقصود بعدم جواز الإحرام قبل الميقات ولبس الإحرام أو نية الدخول في النسك؟

(67/5)


المقصود نية الدخول في النسك، أما مجرد لبس الإحرام فلا بأس أن يلبسه قبل صعوده الطائرة؛ لأنه في الطائرة يصعب عليه أن يغير ملابسه ويخلع ملابسه، ويلبس ثياب الإحرام، لكن هنا شيء ينبغي أن ينتبه له، شيء، في المدينة مثلاً يلاحظ الجالس في المسجد النبوي يلاحظ أن من الناس من يدخل المسجد وعليه الإحرام، ويصلي فيه ركعتين، ويذهب ليصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- وصاحبيه، باعتبار أنهم أحرموا في مكان سكنهم في المدينة، ولا يريدون الوقوف في الميقات، أو يتصورون أن أماكن الاغتسال فيها زحام، أو شيء من هذا في المواسم، مع أنه وجد هذا بكثرة في الإجازات، ولا يوجد زحام ولا شيء، أقول: مثل هؤلاء ينبغي أن يمنعوا، ولو على الأقل من دخول المسجد؛ لئلا يظن جاهل أن المسجد يحتاج إلى إحرام، المسجد النبوي، أو السلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- يحتاج إلى إحرام، فمثل هذا يمنع سداً للذريعة، وكان يوجد يعني في اليوم الواحد أو أشبه الآن زادوا، والمظنون بهم أنهم تجهزوا للعمرة في بيوتهم، وفي سكنهم، ولم يدخلوا في النسك، وإنما أرادوا أن يتأهبوا لها من بيوتهم، وهذا أسهل عليهم، لكن ينبغي أنه إذا لبس إحرامه من سكنه أن لا ينوي الدخول بالنسك من جهة، الأمر الثاني: أن لا يزور المسجد ويسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن يلبس؛ لئلا يظن الرائي أن دخول المسجد النبوي يحتاج إلى إحرام، أو أن السلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى صاحبيه يحتاج إلى إحرام، فيدخل في حيز الابتداع.

(67/6)


((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)) ذي الحليفة ويقال له: أبيار علي، وهو أبعد المواقيت عن مكة، على عشر مراحل، وبينه وبين المدينة ستة أميال، يعني عشرة كيلو أو إحدى عشرة كيلو، عشرة كيلو تقريباً، قريب، وهو أبعد المواقيت من مكة، والسبب في ذلك على ما قاله أهل العلم: لتعظم أجور أهل المدينة؛ لأنه كلما كثر التلبس بالإحرام -طالت مدته- زاد الأجر، لتعظم أجور أهل المدينة، وقيل: رفقاً بأهل الآفاق الذين يأتون من بعيد، يعني أهل نجد أبعد من المدينة، اليمن أبعد من المدينة، الشام أبعد من المدينة، العراق أبعد من المدينة، وكلهم مواقيتهم أقرب إلى مكة، والميقات البعيد هو ميقات المدينة، وهي أقرب هذه الآفاق إلى مكة، فأولئك لما طالت عليهم المدة في سفر قبل التلبس بالإحرام لوحظوا في قصر المدة في الإحرام، هذا قول بعض أهل العلم، هذا ما قاله بعض أهل العلم معللاً ذلك، والعبرة والمعول على النص، سواءً كان بعُد أو قرب، ويهل ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا قالوا: لتعظم أجورهم، يدخل في هذا الكلام.

(67/7)


((يهل)) يعني يحرم ويدخل في النسك، أهل المدينة من الميقات، من ذي الحليفة ((ويهل أهل الشام من الجحفة)) من الجحفة، وهي قرية قديمة خربة، كانت سكناً لليهود، فلما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا أن تنقل حمى المدينة إلى الجحفة، فانتقلت إلى الجحفة حتى قيل: إنه لو مر طائر بهوائها لمرض، كل من دخلها يوعك بالحمى، ولو مر طائر بهوائها بجوها لمرض، استجاب الله دعوة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وقد يقول قائل: إذا كانت بهذه المثابة بلد ممرض، وجو موبوء كيف يجعل ميقاتاً يلزم أهل الشام أن يحرموا منه؟ يعني معناه أن أهل الشام لا بد أن يمروا بهذا المكان ويحرمون منه، بغض النظر عن كونهم يمرضون أو لا يمرضون، نعم الدعاء بنقل الحمى من المدينة إلى الجحفة لما كانت سكناً لليهود، وعند توقيت هذه المواقيت ليس فيها أحد من اليهود، نقل الحمى من المدينة إلى الجحفة هل معناه أن المدينة لا يحم فيها أحد، يعني انتقلت بالكلية أو الحمى التي كانت موجودة بكثرة في المدينة أكثر من غيرها من البلدان، نقلت وصارت المدينة مثل غيرها من البلدان العادية، فيها حمى لكنها نسبتها مثل نسبتها في البلدان الأخرى، هل يحم أهل المدينة أو لا يحمون؟ يصابون بالحمى أو لا يصابون؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في شيء خارج عن إرادة الله -جل وعلا-، لكن المقصود هل بقي شيء من أثر الحمى في المدينة أو لم يبق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم حمى النبي -عليه الصلاة والسلام- وغيره، فبقي فيها ما بقي مما هو في سائر البلدان، والدعاء في أول الهجرة لما انتقل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة دعا أن تنقل حماها، وكانت سكانها من اليهود، نعم، المقصود أن هذا بلد اختاره الله -جل وعلا- لنبيه، ولانطلاق الدعوة منه، فطلب النبي -عليه الصلاة والسلام- من الله -جل وعلا- أن تكون بلداً مناخها طيب لهذه الدعوة وللقائمين بها.
الجحفة قرية خربت، ومن قديم والناس يحرمون من رابغ، وهي قرية قريبة منها.

(67/8)


((ويهل أهل نجد من قرن)) من قرن المنازل بإسكان الراء، وضبطه الجوهري بفتحها، وغُلّط في ذلك، قال: قرَن فغلط في ذلك، ونقل النووي الاتفاق على أنه بإسكان الراء، مع أن منهم من حركها، لكن عامة أهل العلم على أنها بالسكون، وغلط الجوهري مرة أخرى فنسب إليه أويس القرَني وهذا غلط، فغلط في هذه المادة في موضعين، في ضبطها وفي نسبة أويس القرَني إليها، وقرن قبيلة وإلا موضع؟ قبيلة، في من ينسب إلى قرْن فيقال: القرْني هل هو إلى هذا المكان أو هناك بلاد يقال لها بلقرن؟ نعم، نعم ينسب إلى بلقرن.
"قال عبد الله بن عمر: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)) " وجاء الجزم بذلك من حديث ابن عباس وغيره في الصحيحين وغيرهما بإهلال أهل اليمن من يلملم، ويقال: ألملم، بالهمز على مرحلتين من مكة، كقرن المنازل، قريبة من رابغ، قريبة من جدة من رابغ.
طالب:. . . . . . . . .
إي خربة هذه، من قديم، الجحفة خربة من قديم، ويحرم الناس من رابغ، الآن عندنا أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، وأهل اليمن من يلملم، وبقي أهل العراق ويحرمون من ذات عرق، والخلاف في من حدد ذات عرق لأهل العراق معروف بين أهل العلم، وجاء في سنن أبي داود وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل العراق ذات عرق، وهو حديث حسن، والذي في الصحيح أن عمر -رضي الله عنه- وقت لأهل العراق ذات عرق، ولا يبعد أن يخفى الخبر المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- على عمر ويجتهد عمر ويوافق المرفوع، فموافقات عمر وتوفيقه وإلهامه للصواب معروف، هناك موافقات عمر تزيد على العشرين، وقد جمعت في كتاب، من أوضحها أمره بالحجاب، وباتخاذ مقام إبراهيم مصلى، وعدم الصلاة على المنافقين، مسائل كثيرة، والأسرى أيضاً في بدر، ومسائل أوصلها بعضهم إلى عشرين، أو زادت على ذلك، هي من موافقات عمر -رضي الله عنه-، فلا يبعد أن يكون خفي عليه الخبر المرفوع فاجتهد فوافق اجتهاده ما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام-.

(67/9)


يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن" فكونه أمر هذا هو الذي جعل البخاري يقول: باب فرض المواقيت، فرض المواقيت، والفرض كما يطلق على الإيجاب يطلق أيضاً على التقدير، يطلق أيضاًِ على التقدير، أول ما فرضت الصلاة ركعتين يعني قدرت.
"قال عبد الله بن عمر: أما هؤلاء الثلاث فسمعتهن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخبرت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)) " يعني يرويه بواسطة، وهو ثابت في الصحيحين وغيرهما عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من غير شك ولا تردد.
هذه المواقيت لا يجوز تجاوزها من غير إحرام، فمن جاوزها من غير إحرام القول الوسط في حكمه أنه يلزمه دم، وهذا قول الجمهور، وفي المسألة قولان متقابلان: قول سعيد بن المسيب: "من تجاوز الميقات فلا شيء عليه"، وقول سعيد بن جبير: "من تجاوز الميقات فلا حج له"، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم معروف، فلا حج له، والقول الوسط في هذه المسألة هو قول الجمهور.
((لمن أراد الحج والعمر)) لأنه جاء في الحديث نفسه: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)) أما الذي يريد الدخول إلى مكة ولا يريد النسك فإن هذا لا يلزمه الإحرام من هذه الأماكن، وهناك قول معروف عند أهل العلم وهو المشهور عند الحنابلة والحنفية أنه يلزمه الإحرام، ولو لم يرد الحج والعمرة، والحديث صريح في الدلالة للقول الأول ((ممن أراد الحج والعمرة)) مفهومه أن الذي لا يريد الحج والعمرة أنه لا يحرم من هذه المواقيت ((هن لهن)) أي هذه الأماكن لأهل تلك الجهات، ولمن مر عليهن، أو لمن أتى عليهن من غير أهلهن.

(67/10)


((هن لهن)) يعني المدني يحرم من ذي الحليفة، ولا يجوز له أن يؤخر إحرامه إلى الجحفة أو إلى قرن، أو إلى يلملم، وما أشبه ذلك ((هن لهن)) وهذا ما يدل عليه هذه الجملة، لكن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) يعني مدني مر على الجحفة، المسألة متصورة في شامي أو نجدي ذهب إلى الحج والعمرة عن طريق المدينة، مر الشامي بالمدينة، أو مر النجدي بالمدينة، هل يحرم من ذي الحليفة أو ينتظر إلى أن يصل ميقاته، الشامي من الجحفة، والنجدي من قرن، أو يحرم من ذي الحليفة؛ لأنه أتى عليهن، وإن كان من غير أهلها، أتى على الميقات وإن كان من غير أهله، جمهور أهل العلم على أنه إذا تجاوز الميقات الذي مر به أولاً أنه يلزمه دم، ولو أحرم من ميقاته الذي حدد له شرعاً، والإمام مالك -رحمه الله- يرى أنه لا شيء عليه إذا أحرم من ميقاته، فهو وإن خالف الجملة الثانية فقد وافق الجملة الأولى ((هن لهن)) هذه المواقيت لأهل تلك الجهة، يعني كأن المسألة مسألة استحقاق، أهل المدينة لهم هذا الميقات فقط، وأهل اليمن لهم ذلك الميقات وهكذا، بغض النظر عن مرورهم بغيره من المواقيت، فالجمهور يلزمونه بدم، إذا مر الشامي على المدينة فلم يحرم، مر بذي الحليفة فلم يحرم، مر بالجحفة فأحرم منها، فمر بميقاته الأصلي، وعمل بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) مالك لا يلزمه بشيء لأنه وافق هذه الجملة، والجمهور يلزمونه بالدم لأنه تجاوز الميقات من غير إحرام، وهو داخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) ورأي مالك -رحمه الله- له وجه، وجه قوي؛ لأنه وإن خالف الجملة الثانية فقد عمل بالجملة الأولى، وما دام الميقات ميقات محدد شرعاً، نعم ميقات محدد شرعاً، ومعتبر لأهل هذه الجهة فإلزامه بالدم فيه ما فيه، لكن الإشكال فيما إذا مر النجدي مثلاً بالمدينة، وتجاوز ذا الحليفة وأحرم من الجحفة، ولم يحرم من الميقات الذي مر به، ولم يحرم من الميقات الذي حدد له شرعاً، وقل مثل هذا في الشامي يمر بالمدينة ويتجاوز الحليفة ويحرم من قرن المنازل، فما أحرم من الميقات الذي مر به، وما أحرم من الميقات الذي حدد له شرعاً، نعم، وأحرم من

(67/11)


غيره، هنا هل نقول: إن المواقيت كلها حكمها واحد ((هن لهن ولم أتى عليهن من غير أهلهن)).
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو أحياناً تنزل الطائرة من غير إحرام بجدة مثلاً، وقد مر بذي الحليفة، نعم، هل يقال له: ارجع إلى رابغ أرفق بك وإلا ارجع إلى ذي الحليفة؟ أو ارجع لقرن إذا كنت جاي من نجد مثلاً؟ لا شك أن الإحرام من أقرب المواقيت إليه أيسر له، أيسر للحاج.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن التيسير لا بد أن يكون مضبوط بضوابط، وعاد هناك أمور أيسر من هذا، يحرم من مكانه، ولا يروح شيء.
طالب:. . . . . . . . .
إذا اتجهوا إلى المدينة ورجعوا منها وأحرموا من ذي الحليفة ما في إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو لو يحرم من قرن المنازل صار له وجه ما دام ... ، اللي يبي يسأل وهو بالمدينة نقول له: لا تتجاوز ذي الحليفة إلا بإحرام.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لكن إذا تجاوز، المسألة مفترضة فيمن وصل جدة من غير إحرام، إن كان شامي نقول له: أنت مريت بذي الحليفة ترجع إلى ذي الحليفة.
طالب: وما نقره. . . . . . . . .
قبل مجاوزته ما يرخص له، لكن إذا تجاوز الآن في الأمر الواقع الآن وصل إلى جدة.
طالب:. . . . . . . . .
وهو محرمهم الأصلي أقول: هو ميقاتهم الأصلي؟
طالب:. . . . . . . . .
ما انتهينا، الجمهور .... ما دام مار بغيره يلزمونه بدم، لكن على رأي مالك فيه سعة.
المقصود أن مثل هذا إذا أحرم من ميقات محدد شرعاً ومعتبر جاء النص عليه، الأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-، مع أن الأحوط أن يحرم من أول ميقات يمر به.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما في شك أن الطريق أيسر لهم من المدينة، ولا عندهم استعداد أن يلبسوا الإحرام أربع ساعات، أربع ساعات الناس ما يتحملونه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لبسه عشرة أيام.
طالب:. . . . . . . . .
والله لا قيض ولا شتاء كل شيء متيسر ولله الحمد، ولا تبي شيء أبد.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر أهل من الفرع" وهو موضع بناحية المدينة، وهو قبل الميقات أو بعده أو محاذي للميقات؟ وين أهل المدينة؟ قبل الميقات، يعني بعد ما يتجاوز الميقات؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(67/12)


محاذي للجحفة، يعني ابن عمر تجاوز ذا الحليفة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، تجاوز الحليفة، وراح للفرع وهو على الطريق، وهو محاذي للجحفة، الذي نعرف أن الفرع بعد الميقات، بعد الميقات إلى مكة، إن كان المكان هو هو، إذا لم يكن هناك موضع آخر بهذا الاسم.
الشرح ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
بس؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يكفي هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من جهة؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني بعد، بعد الميقات، ابن عمر في المدينة، معناه أنه تجاوز الميقات من غير إحرام حتى وصل هذا المكان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما في إشكال، لكن الإشكال في كونه تجاوز الميقات من غير إحرام، أو على ما أبدى الشيخ.
يقول: احتمال أن يكون له محل في هذا المكان فأحرم منه؛ لأن مَن دون الميقات يحرم من مكانه من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة.
ما ذكره الإمام -رحمه الله تعالى- عن ابن عمر أنه أهل من الفرع، فإن كان تجاوز الميقات خرج من المدينة، ولما وصل إلى الفرع رأى أنه حاذى الجحفة وأحرم منها، وما يظن به هذا، ما يظن بابن عمر أنه يتجاوز الميقات، وله أقوال شديدة في مثل هذا، وهو صاحب التحري والتثبت، فالاحتمال القائم أنه له مكاناً ومحلاً بالفرع وأحرم منه؛ لأنه أنشأ من دون الميقات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
رخص، من قاله هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
مخرج؟ عن الباقر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
معضل، ما يصح، ما يصح أبداً، نعم، أقول: مثل هذا لا يظن بابن عمر أنه يتجاوز ذا الحليفة، وقد روى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه وقت لأهل المدينة ذو الحليفة، وشدد على من قال أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل من البيداء، قال: بيداؤكم التي تكذبون فيها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أهل إلا من عند المسجد، فابن عمر يتتبع الآثار بدقة، ثم يحرم من الفرع؛ لأنه يحاذي الجحفة! فالمظنون أن ابن عمر له مكان في الفرع، فليكن مزرعة أو شيء من هذا، فأنشأ منه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أهل من إيلياء، يعني أهل من إيلياء وأهل من الفرع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(67/13)


إحنا حملنا العمرة من بيت المقدس أن المراد إنشاؤها من بيت المقدس لا الدخول فيها من بيت المقدس، فابن عمر حينما أهل من إيلياء هل معناه أنه أنشأ أو أنه دخل في النسك من إيلياء؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الإشكال أن لفظة أهل والإهلال رفع الصوت بالتلبية يبعد هذا، فإما أن يقال: إن ابن عمر هذا رأيه، وأنه يتجاوز الميقات الأول إلى الثاني أو ما يحاذيه، وهذا بعيد، يعني لو كان غير ابن عمر قبل، لكن ابن عمر وصاحب التحري في هذا الباب، في تتبع الآثار، وشدد على من قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل بالبيداء، مع أنه ثبت ذلك، أنه أهل بالمواطن كلها المذكورة، وصح الخبر بها في حديث ابن عباس، ثم بعد ذلك يتجاوز الميقات، ويهل من الفرع، هذا فيه بعد، والسند كالشمس، مالك عن نافع عن ابن عمر، أصح الأسانيد، لا مطعن فيه، لكن يحمل على أن ابن عمر كان له محل بالفرع، والغالب أن يكون بستان، فأنشأ منه، نعم، وهذا حكم من له أكثر من منزل، احتمال نعم، احتمال ويش اللي يمنع؟ من له أكثر من منزل هل يحرم من الأبعد أو يحرم من الأدنى أو يحرم من المكان الذي أنشأ فيه النسك؟ يعني عزم فيه على النسك.
وقل مثل هذا في الميقات نفسه هل يحرم من أبعد طرفيه أو من أدنى طرفيه أو من وسطه؟ يستحبون الإحرام من أبعد الطرفين، نعم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن الثقة عنده"
طالب:. . . . . . . . .
من أين أنشأوا؟ من أين أنشأوا بالعمرة؟
طالب:. . . . . . . . .
من أين أنشأوا؟
طالب:. . . . . . . . .
نيتهم، المهم أنه في نيته أن يعتمر قبل أن يصل إلى الميقات، عليه أن يحرم من الميقات، إذا مر به.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه مر به، صدق عليه أنه مر بهذا الميقات، وإن لم يكن من أهله وهو مريد للنسك إذاً يلزمه أن يحرم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو يدرس في مكة وأهله في الرياض، يصدق عليه أنه مر بالميقات، وهو مريد للنسك يلزمه أن يحرم.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل من الجعرانة بعمرة" وهذا الحديث موصول في السنن.
طالب:. . . . . . . . .
إيلياء؟

(67/14)


نعم، يقول: "وحدثني عن مالك عن الثقة عنده أن عبد الله بن عمر أهل من إيلياء" وإيلياء هي بيت المقدس، وبهذا يستدل على جواز الإحرام قبل الوصول إلى الميقات، وقلنا في الأثر السابق: إنه لا يظن بابن عمر أنه يتجاوز الميقات فكيف يظن به أنه يحرم قبل الميقات؟ نعم، وهو يتتبع آثار النبي -عليه الصلاة والسلام-.
أقول: من استروح إلى هذا الأمر وأوغل فيه وتتبع هذه الآثار بدقة لا يبعد أن يحرم قبل الميقات، من باب الاحتياط، أنت تعرف الشخص أولاً يضرب المثل بابن عمر لشدة التحري والتثبت، نعم، بخلاف ابن عباس، ابن عباس فقيه، نعم، فقيه يهمه ما يفهم من النص، وابن عمر ميله إلى العبادة وإلى الاقتداء والائتساء أكثر، نعم، ولذا لما جاء رجل كما في صحيح مسلم إلى ابن عمر يسأله من مسائل الحج، فقال له: سل ابن عباس، فقال له: ذاك رجل مالت به الدنيا ومال بها، هو فهم من حال ابن عباس أنه توسع، وأنه ليس عنده من التحري والتثبت ما عند ابن عمر.
وأنتم تعرفون وضع العالم الفقيه الذي يعمل بما يدل عليه النص؛ لأن الزيادة على النص إن لم تكن أشد من النقص منه فليست دونه، نعم والإيغال في مثل هذه الأمور في العبادة وغيرها قد يحمل صاحبه على الزيادة، وقصة الثلاثة الذين أتوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وسألوه عن عبادته، وعبد الله بن عمرو في قيامه وقراءته وصيامه أمر معروف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول له: كذا، ويزيد عليه، وذلك من حرصه على العبادة، فالحريص على العبادة لا يبعد منه أن ... ، ولا يستبعد أن يزيد فيها، لا خروجاً إلى الابتداع، وإنما من باب الحرص والاحتياط للعبادة، بينما الفقيه الذي يفهم من النص ما يفهم، وأن دلالة النص على كذا من غير زيادة ولا نقصان يعمل بالنص فلا يزيد عليه ولا ينقص، وهذا لا شك أن الفقه في مثل هذا أن لا يزاد عليه ولا ينقص.
فحرص ابن عمر على تتبع الآثار يجعله يستروح ويميل إلى أن يحرم من بيت المقدس، لا سيما إذا كان قد ثبت عنده أن عمرة بيت المقدس لها مزيد فضل.
طالب:. . . . . . . . .

(67/15)


هو يتحمل المشاق، الآن شواهد الأحوال، نعم، من استروح إلى شيء ومال إليه، وأشرب ذلك الشيء قلبه، لا شك أنه يرجحه على غيره، وإن كان غيره في الأصل أرجح منه.
أضرب مثال مثلاً النووي -رحمه الله تعالى- صاحب عبادة وزهد ونسك، بينما ابن حجر صاحب علم، هل تجد النووي يترجم للثقات من الرواة مثل ما يترجم به ابن حجر؟ لا سيما إذا كان هذا الثقة الضابط العدل ليس معروفاً بمزيد عبادة، لكن لو كان معروف بعبادة مثلاً، وإن كانت الثقة أقل تجد النووي يشيد به، وكتبه مملوءة بهذا، نعم، لا شك أن الناس لهم ميل إلى جهة أو باب من أبواب الدين، نعم، تجدهم هذا الباب ديدنهم، ومن يهتم ويعنى بهذا الباب هو المقدم عندهم، لو ترجم مثلاً النووي ليزيد الرقاشي مثلاً، هل تكون ترجمة النووي لهذا الرجل مثل ترجمة ابن حجر؟ ابن حجر يهمه ثبوت الخبر، بغض النظر عن كونه عابد أو ليس بعابد، عدل ثقة يكفي ابن حجر، لكن النووي تهمه العبادة، ولذلك إذا ترجم لشخص معروف بكثرة تلاوة القرآن والعناية به أشاد به، إذا وجد عابد أشاد به، إذا وجد زاهد أشاد به، بينما منحى ابن حجر، وقل مثله في الذهبي وغيره الذين يهمهم ثبوت الخبر يختلفون عن هذا.
ونظّر مثل هذا بابن عباس وابن عمر، نعم أو بعبد الله بن عمرو مثلاً، هؤلاء يهمهم العمل، تهمهم العبادة، ولكلٍ نصيبه من العبادة، يعني ما يقال مثلاً: إن ابن حجر ليس بعابد، لا، لكن ما هو مثل النووي، ولا يقال: إن ابن عباس ما تهمه العبادة وليس ... إلا عابد، لكن ما هو بمثل ابن عمر، ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلاً، ومعروف الموازنة بين العلم والعبادة، نعم، ((فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب)) ولا يقال مثلاً: إن ابن عباس ليس بعابد، ولا يقال: إن ابن عمر ليس بعالم إنما عنده من العلم، لكن عرف بهذا، وذاك عنده من العبادة لكنه عرف بهذا الشيء.

(67/16)


أنت لو تأملت العلماء في هذا الوقت وجدتهم على هذا، كل له باب أو طريق، وكل هذه الطرق موصلة إلى الله -جل وعلا-، بعض الناس يهتم بالقران، وما يتعلق به من تفاسير وقراءات وكذا، وهذا على خير، وبعض الناس فتح له باب الحديث وبعض الناس فتح له باب الاستنباط والفقه، وبعض الناس إلى آخره، وبعض الناس فتح له أبواب من أبواب الدين أخرى، عبادة، تلاوة، جهاد، إنفاق في سبيل الله، بذل للمال والجاه، المقصود أن هذه أبواب ولكل باب منها باب من أبواب الجنة، لكن من هذه الأمة من يدعى من الأبواب الثمانية لاهتمامه بجميع هذه الأبواب، وأبو بكر الصديق منهم بالنص، فليحرص الإنسان أن يضرب من كل باب من هذه الأبواب بسهم.
فابن عمر أهل من إيلياء يعني أحرم منها ودخل في النسك.
"وحدثني عن مالك ... " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يوثق، ما يوثقه، لكن يشيد به، بينما يذكره ابن حجر بنصف سطر، يكتب عنه النووي صفحة، يشيد به، لكن ما يوثقه، نعم ما يوثق الضعيف أبداً النووي، لكنه يشيد به ويرفع من شأنه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه إحرامه من الفرع؟ يدل على هذا.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل من الجعرانة بعمرة" عمرة الجعرانة هذه بعد فراغه -عليه الصلاة والسلام- من؟ من حنين، بعد فراغه -عليه الصلاة والسلام- من حنين بعد فتح مكة، وكان إحرامه لهذه العمرة من الجعرانة في شهر القعدة، وعائشة لما ردت على ابن عمر في زعمه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رجب قالت: "رحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- في رجب، ولا اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا وهو معه" فذكرت أن عمره -عليه الصلاة والسلام- كلها في القعدة، ومنها هذه عمرة الحديبية التي صد فيها عن البيت، وعمرة القضاء، نعم، وعمرة الجعرانة بعد حنين، والعمرة التي مع حجته -عليه الصلاة والسلام-.
إذا تعدى الميقات وأراد الرجوع إليه؟

(67/17)


هذا لا يخلو من حالين: الحالة الأولى: أن يحرم بعد مجاوزة الميقات ثم يرجع إلى الميقات، هذا لا يسقط عنه الدم، ورجوعه لا ينفعه، أما الذي يرجع إلى الميقات قبل أن يحرم إذا رجع إلى الميقات قبل أن يحرم وأحرم من الميقات هذا يسقط عنه الدم، ما عليه شيء.
مجاوزة الميقات من غير إحرام يلزمه دم، لكن لو أحرم من الميقات مجاوزة الميقات من يحتاجها في هذا الوقت؟ الذي يريد الحج من غير ترخيص، يتجاوز الميقات، ثم يحرم بعد أن يتعدى التفتيش، يخلع ملابسه ويلبس ثياب الإحرام، ويدخل في النسك، هذا عليه دم، يلزمه دم.
شخص أحرم من الميقات ولم يتجرد وأحرم في ثيابه، ولما تجاوز التفتيش خلع ثيابه ولبس ثياب الإحرام هذا يلزمه فدية، فدية أذى.
إن كان غطى رأسه مع لبسه القميص عليه فديتان، وهو مخير بين أن يذبح وبين أن يصوم ثلاثة أيام وبين أن يطعم ستة مساكين على التخيير.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
والله ارتكاب المحظور، تعمد ارتكاب المحظور لا شك أن فيه إثم، تعمد ارتكاب المحظور، أما إذا احتاج إليه ولو تعمده فإنه لا إثم عليه، مثل كعب بن عجرة وإن كانت عليه الفدية.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(67/18)


الموطأ - كتاب الحج (5)
شرح: باب: العمل في الإهلال، وباب: رفع الصوت بالإهلال.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: شخص اعتمر وفي أثناء دخوله الحرم انتقض وضوؤه فطاف على غير وضوء جهلاً منه بالحكم فهل عليه شيء؟
عليه أن يعيد الطواف؛ لأن الطهارة شرط لصحة الطواف عند الجمهور.
يقول: ما حكم الحج من دون ترخيص علماً من أن المسئولين يمنعون من ذلك؟
الحج من دون ترخيص إن كانت الفريضة فلا يحتاج إلى ترخيص، وإذا لم يستطع المستطيع إليها إلا بالحيلة فليحتل على ذلك هذا بالنسبة لحج الفريضة، أما حج النافلة فالأمر فيه سعة، فإن تيسر له الحج من غير كذب ولا تحايل فجاء الندب إليه والمتابعة بين الحج والعمرة، وإن لم يستطع إلا بحيلة أو ارتكاب محظور فلا.
يقول: أهل السودان جواً وبحراً يهلون من جدة هل يجوز ذلك أرجو الإفادة؟
أما بالنسبة لأهل سواكن فنص أهل العلم أن جدة بالنسبة لهم محاذية للميقات، أما غيرهم من جهات السودان، والسودان بلد كبير مسافات كبيرة شاسعة تختلف أقاليمها، أهل سواكن نص العلماء على أن جدة محاذية لميقاتهم.
يقول: نود إيضاح كيف أن أئمة كبار كأحمد ومالك وغيرهما رووا أحاديث ضعيفة في كتبهم مع تحريهم وجلالة قدرهم؟
هؤلاء الأئمة يرون الأحاديث بالأسانيد وعصرهم عصر رواية فمن سمع الإسناد في عصرهم عرف أن درجة الحديث فتبرأ الذمة بمجرد ذكر الإسناد هذا بالنسبة لعصور الرواية، كعصر الإمام مالك والشافعي وأحمد، هذه عصور الرواية، تبرأ الذمة بمجرد ذكر الإسناد، أما من بعدهم لا بد من التنصيص، لا بد من التنصيص على درجة الحديث، لا بد أن يقال: هذا ضعيف هذا صحيح بعبارة يفهمها السامع، وفي العصور المتأخرة لا يكفي أن يقال: هذا صحيح وهذا ضعيف، بل لا بد من الإيضاح للسامع؛ لأن بعض السامعين وإن كانوا عرباً ينطقون بالعربية ويتكلمون بالعربية ويفهمون العربية لكن فهمهم للمصطلحات العلمية ليس على وجهه.
يقول: حديث بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- أناساً عند حجه يسيرون من طريق الساحل وجعل عليهم أبا قتادة عندما صاد الحمار الوحشي أليس فيه دليل على جواز تجاوز الميقات إلى ما بعده؟

(68/1)


هو ما مر من الميقات، وأيضاً هو لم يرد الحج في ذهابه إلى الساحل، لكن من رجوعه إلى الساحل إلى مكة مريداً للحج.
يقول: مسألة إهلال ابن عمر من الفرع قال البيهقي في السنن الكبرى: قال الشافعي: وهذا عندنا -والله أعلم- أنه مر بميقاته لم يرد حجاً ولا عمرة ثم بدا له من الفرع فأهل منها، وهو روى الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في المواقيت، وكذلك ذكر هذا الكلام في كتاب الإمام -أي الإمام الشافعي-، وكذلك ذكر المزني مختصراً هذا الكلام.
لا يظن بابن عمر أنه يتجاوز الميقات ذي الحليفة من دون إحرام وهو يريد النسك، أقول: لعله تجاوزه إلى منزل له بالفرع ثم تراءى له بعد ذلك أن يحج ويعتمر.
لو أن شخصاً ذهب إلى جدة للنزهة أو العمل وكان ناوياً العمرة من الرياض ولكن قال: أجلس بجدة يومين ثم أعتمر، من أين يعتمر؟
يحرم من ميقاته الذي مر به.
لو أن شخصاً ذهب إلى الطائف وقال: سوف أنزل لمكة بدون إحرام، وأصلي اليوم وأستأجر ثم أرجع إلى الطائف وأحرم من السيل أو أرجع إلى مكة للعمرة، علماً أنه كان ناوياً للعمرة من حين سفره من الرياض.
إذا مر بالميقات عليه أن يحرم منه، فإن لم يحرم كما في السؤال ورجع إليه أجزأه وكفاه.
طالب:. . . . . . . . .
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: العمل في الإهلال:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)).
قال: وكان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يزيد فيها: لبيك وسعديك والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل.
طالب:. . . . . . . . .
لبيك لبيك.
طالب:. . . . . . . . .
لحظة لحظة، هكذا تقال: لبيك لبيك، لبيك وسعديك، نعم.
أحسن الله إليك.

(68/2)


وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بمسجد ذي الحليفة ركعتين فإذا استوت به راحلته أهل.
وحدثني عن مالك عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله أنه سمع أباه -رضي الله عنه- يقول: بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة.
وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعاً لم أرَ أحداً من أصحابك يصنعها، قال: وما هن يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية، فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أما الأركان فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمس منها إلا الركنين اليمانيين، وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألبسها، وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها، وأما الإهلال فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهل حتى تنبعث به راحلته".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ثم يخرج فيركب، فإذا استوت به راحلته أحرم.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الملكَ بن مروان ....
أحسن الله إليك.
أن عبد الملكِ بن مروان أهل من عند مسجد ذي الحليفة حين استوت به راحلته، وأن أبان بن عثمان أشار عليه بذلك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: العمل في الإهلال" يعني كيف يعمل من أراد النسك إذا أراد الدخول فيه؟

(68/3)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر" مالك عن نافع عن ابن عمر أصح الأسانيد عند الإمام البخاري "أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك)) " وفي حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "فأهل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد" ما المراد بالتوحيد؟ إفراد الله -جل وعلا- بالوحدانية ونفي الشريك عنه، وهنا يقول: ((لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك)) نفي للشريك، وفي ضمنه إثبات للتفرد والوحدانية لله -جل وعلا-، لبيك لا شريك لك، بخلاف ما كان عليه المشركون من التلبية يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك، يثبتون الشرك -نسأل الله العافية-، وهذا هو الشرك الأكبر، النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل بالتوحيد، والمشركون على النقيض يهلون بالشرك الأكبر، الذي لا يغفر، وقد يسمع من بعض المنتسبين إلى الإسلام من ينطق بالشرك الأكبر في هذه العبادة العظيمة، يا محمد، يا علي، يا حسين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يهل بالتوحيد، وقد سمع من يقول: يا فلان، أو يا أبا فلان، جئنا بيتك وقصدنا حرمك، نرجو مغفرتك، سمع هذا، الشرك الأكبر، يعني إن لم يكن هذا هو الشرك فلا معنى للشرك.
النبي -عليه الصلاة والسلام- يهل بالتوحيد، لبيك اللهم لا لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، والمشركون يستثنون من ذلك الشرك الأكبر إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك.
وهذه لفظ إجابة، إجابة لك بعد إجابة، ويقولون: إنه مأخوذ من لب بالمكان إذا أقام به، يعني أنا مقيم على إجابة دعوتك، وأنا مقيم على طاعتك، إقامة بعد إقامة.
((إن الحمد والنعمة لك والملك)) (إن) بكسر الهمزة تأسيس واستئناف جملة جديدة، ويروى بفتحها: ((أن الملك)) ويكون هذا علة للجملة السابقة، لبينا وأجبنا؛ لأن الحمد والنعمة لك والملك؛ لأنك مستحق لهذا فتكون جملة تعليلية، والأكثر على الكسر.

(68/4)


((إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) لأنه كونه يؤتى بالجملة ابتداءً تكون مقصودة لذاتها أقوى من كونها مقصودة لغيرها، فإذا كسرنا الهمزة قلنا: إنها جملة مستقلة مستأنفة، وإذا قلنا: "أن الحمد والنعمة لك والملك" قلنا: هذا تعليل لما تقدم، فيكون المجيء بها لا لذاتها وإنما جعلت علة لغيرها، وهذه تلبية النبي -عليه الصلاة والسلام- ولزمها، ولم يزد عليها.
وكان الصحابة من حوله يزيدون على ما سمعوه منه -عليه الصلاة والسلام-، فكان عبد الله بن عمر يزيد فيها: "لبيك لبيك، لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل" يزيد هذه التلبية، ومنهم من يزيد: "لبيك حقاً حقاً، تعبداً ورقاً" ... إلى آخره، يزيدون والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسمع، فلم ينكر عليهم، وهذه التلبيات التي جاءوا بها هذه اكتسبت الشرعية من تقريره -عليه الصلاة والسلام-، أقرهم عليها ولم ينكر عليهم، فاكتسبت الشرعية من هذه الحيثية من تقريره -عليه الصلاة والسلام-، وإقراره شرع كقوله وفعله، لكن فرق بين ما يختاره الله لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، ويلزمه وبين اللفظ الذي لا محظور فيه، لكن لم يقله النبي -عليه الصلاة والسلام- وإن أقره.
طالب:. . . . . . . . .
هذا؟ في حديث جابر، صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكانوا يزيدون، وذكر بعض الزيادات والنبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر عليهم، في حديث جابر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا من أجل اللي وراءهم، ما له ... ، يعني وقوفهم ليست .. ، أقول: ليست مناسبة في كثيرة من الأحيان؛ لأنهم عوام وأشباه عوام، ويهمهم أن يلقنوا من خلفهم "إن الصفا والمروة من شعا" يقف، سمعناهم مراراً، يقول اللي وراءه: إن الصفا المروة من شعا، ثم يبدأ: "ائر الله" ويرددون وراءه، ومثل هذا كثير، وتسمع في المطاف والمسعى الشيء العجيب.
طالب:. . . . . . . . .
هذه زينه ذي، في دعاء السفر: ((واطوِ عنا بعده)) كثير منهم يقول: "طوعنا بعده" زينه، هو تصحيف، لكنه دعوة طيبة.
طالب:. . . . . . . . .

(68/5)


إيه نراهم ما عندهم، بدون عقل يرددون، قد يوجد دعاء فيه اعتداء، سمعت عجوز في المطاف تقول: "ربِ هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي" ورجل يقول: إني إيش؟ نذرت لك ما في بطني محرراً، إيه يوجد، يوجد من العوام شيء من الغرائب، توجد الغرائب.
طالب:. . . . . . . . .
مثل سليمان، يعني على أنه لفظ مطلق، لا يتعبد بلفظه، أما الأدعية فالإطلاق فيها ظاهر، أما الأذكار لا سيما الأذكار المقيدة بمكان أو زمان لا بد فيها من التوقيف، ولذلك لما قال البراء في حديث النوم: "ورسولك الذي أرسلت" قال: لا، نبيك الذي أرسلت.
طالب:. . . . . . . . .
والله التوسع فيه ما هو بمرضي، ويقتصر على المرفوع؛ لأن المرفوع مضمون، مضمون شرعيته، وأنه ليس فيه مخالفة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إذا أتي به على أساس أنه ذكر لا يزاد فيه، وباعتبار أنه في هذا الذكر الذي انتهى عند هذا الحد، نعم، واستصحبنا حديث: ((البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِ علي)) اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك، فإذا فصلت لا بأس، لا تلحقه به افصل.
طالب:. . . . . . . . .
هو إذا أنت، إذا أتيت بالذكر المشروع، وأتممته لك أن تقول من عندك ما ترى شرعيته مما وردت به نصوص أخرى على ألا تقرنه به، يعني لا تتعبد به بين جمله، افصل.

(68/6)


يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين، فإذا استوت به راحلته أهل" كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين، النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم من ذي الحليفة كم مرة؟ وجاء للنسك من المدينة في الحديبية، والقضاء وحجة الوداع، جاء ثلاث مرات، فإن ثبت أنه صلى في المرات الثلاث صح أن يقال: كان يصلي بذي الحليفة ركعتين؛ لأن (كان) الأصل فيها الاستمرار، وكونه صلى ركعتين في حجة الوادع هذا لا يختلف فيه أحد، هذا ثابت بالنصوص المتظافرة، وهاتان الركعتان صلاهما النبي -عليه الصلاة والسلام- فريضة؛ لأنه صلى الظهر بالمدينة أربعاً، ثم صلى العصر بذي الحليفة ركعتين، ثم صلى المغرب والعشاء ركعتين، والفجر ركعتين، ثم صلى الظهر ركعتين ثم أهل، فصلاته هذه فريضة، لكن صح الحديث بالأمر بالصلاة ((صلِ في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة وحجة)) ولذا يختلف أهل العلم في ركعتي الإحرام هل يقال: للإحرام ركعتين؟ يعني إذا لم يكن وقت فريضة نصلي ركعتين ركعتي الإحرام، إذا كان وقت فريضة لا إشكال، نصلي الفريضة ونهل بعدها، وإذا لم يكن وقت فريضة نصلي ركعتين للإحرام ونهل بعدهما؛ لأنه يقول: كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين، وجاء الأمر بهما ((صلِ في هذا الوادي المبارك)) والذي حصل منه في حجة الوداع أنه أحرم بعد صلاة الظهر ركعتين.

(68/7)


فالذي يقول: إن الإحرام ليس له صلاة، وإنما وقع بعد الفريضة فلا تشرع الصلاة للإحرام، للإحرام، أما من صلى فريضة أو ركعتين تحية المسجد مثلاً، أو الضحى أو الوتر، أو صلى للوضوء وغير ذلك من الصلوات، هذه ليست للإحرام، لكن إذا قلنا: تصلي ركعتين للوضوء وأنت ليس من عادتك أنك تصلي ركعتي الوضوء؛ لأن بعض الناس يريد أن يوفق بين قول جماهير أهل العلم حتى أن النووي قال: إن صلاة ركعتين للإحرام هو قول العلماء كافة إلا ما يذكر عن الحسن البصري أنه ليس للإحرام صلاة، ثم جاء شيخ الإسلام ونصر هذا القول ثم جاء من يقول بقوله ونصروا هذا القول، وصار كأن الذي يصلي ركعتين للإحرام كأنه مرتكب كبيرة ينكر عليه أشد الإنكار، وهو قول العلماء كافة، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي بذي الحليفة ركعتين، نعم جاء من النصوص ما يدل على أن هذا الأسلوب جاء فيما لم يفعل إلا مرة واحدة، يعني ما ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعله إلا مرة واحدة، لكن الأصل فيها التكرار، وجاء الأمر بها وهو قول عامة أهل العلم، فإنكاره ليس بوجيه، والناس إذا قال شيء ... ، قبل أن يعرف شيخ الإسلام، وقبل أن يشهر شيخ الإسلام، ويتبناه من هو محل ثقة من قبل الجميع، الناس ماشيين على هذا، لكن لما عرف رأي شيخ الإسلام
وإذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام
خلاص قال شيخ الإسلام يعني غيره ما لهم عبرة، شيخ الإسلام إمام من أئمة المسلمين، إمام لا يشك في إمامته، وتبرأ الذمة بتقليده، لكن ليس هو كل الأئمة، أو أنه هو المعصوم دون غيره، لا، الغالب أن الإصابة معه، لكن ليس معنى هذا أنه معصوم، فمن صلى ركعتين للإحرام لا يلام، ولا ينكر عليه.
طالب:. . . . . . . . .
أنا بالنسبة لي قول عامة أهل العلم مرجح عندي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بوصفه لأنه مبارك، بوصفه لكونه مبارك، نعم، وغيره ليس بمبارك، نعم، وغيره ليس بمبارك فلا يستحق الركعتين، أهل العلم قاطبة فهموا أن هاتين الركعتين للإحرام.
طالب:. . . . . . . . .

(68/8)


وين؟ يعني لو صلى واحدة، صلى واحدة أكثر من ثنتين سهل، بحثوا هذا في حديث تحية المسجد ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) هل المقصود الصلاة أو أن العدد مقصود بمعنى أن هذا الأمر لا يتأدى إلا بركعتين فأكثر، فلو دخل شخص المسجد بعد صلاة العشاء، وقال: أنا أريد أن أوتر بركعة واحدة وتكفيني عن تحية المسجد، الأكثر على أنها لا تكفيه، بل لا بد من ركعتين، أما إذا صلى ثلاث صح أنه صلى ركعتين فأكثر، وغيره؟
طالب:. . . . . . . . .
ما سمعنا كلام الأخ.
طالب:. . . . . . . . .
هذا كلامه؛ لأنه جاء في وصف أنه واد مبارك ((صلِ في هذا الوادي المبارك)) لكن هل مفهومه أنك لا تصلي في غيره أو لا مفهوم له؟ عامة أهل العلم لم يفهموا هذا.
"يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين، فإذا استوت به راحلته أهل" يعني لبى بالنسك، إذا استوت به راحلته.
يقول: "وحدثني عن مالك عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله أنه سمع أباه يقول: بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها" لأنه وجد من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل بالبيداء، فلما علا على البيداء أهل، فأنكر ابن عمر هذا الكلام، وأثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أهل إلا من عند المسجد، يعني مسجد ذي الحليفة، ففي الخبر الأول حينما استوت به راحلته، في الخبر الثاني من عند المسجد، وأيضاً ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه على ظهر البيداء أهل، وثبت عنه أنه أهل بعد الركعتين، كله ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام-، وجواب هذا في حديث ابن عباس في المسند وسنن أبي داود، جواب هذا الإشكال، حديث ابن عباس يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل لما صلى الركعتين في المسجد فسمعه أناس فنقلوه، ثم لما خرج من المسجد من عند الشجرة أهل فسمعه أناس لم يسمعوا إهلاله الأول فذكروه، فلما علا على دابته -استوى على دابته- أهل، فسمعه ناس لم يسمعوه قبل ذلك فنقلوا، ثم لما علا على ظهر البيداء أهل فسمعه أناس لم يسمعوا ما قبله فنقلوه، وهذا فيه جمع بين هذه الروايات الثابتة المختلفة، فيجمع على أنه أهل في جميع هذه المواضع، وكل منهم سمع ما لم يسمعه الآخر فنقله.

(68/9)


"بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها، ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد، يعني مسجد ذي الحليفة".
فكل يذكر ما سمع، وكونه لم يسمع ليس بحجة على من سمع، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
يقول: "وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن" كنية عبد الله بن عمر، وهي كنية ابن مسعود "يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعاً لم أرَ أحداً من أصحابك يصنعها" ابن عمر لا يفرط بشيء رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعله، ولا كلام سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- بل يحرص عليه ليقتدي به، ونوزع في بعضه مما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- لا على جهة التعبد، نوزع.
"رأيتك تصنع أربعاً -من الخصال- لم أرَ أحداً من أصحابك يصنعها، قال: وما هن يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين" بتخفيف الياء، وهي ياء النسب، وياء النسب كياء الكرسي مشددة، لكن عوض عن إحدى الياءين الألف الأصل اليمنيين، فلما أتي بالألف اليمانيين صارت وحلت محل إحدى الياءين فخففت، وإلا فالأصل أن ياء النسب مشددة.
ياء كيا الكرسي زيدت للنسب ... . . . . . . . . .
تقول: هذا تيمي وهذه تيمية بالتشديد، هذا الأصل في ياء النسب، لكن إذا عوض عنها إذا قلت: تيماوية، يمانية ما يخالف، أما الأصل أن الياء ياء النسب مشددة.
"ورأيتك تلبس النعال السبتية" وهي التي ليس فيها شعر، كما فسرت في الحديث، والسبت والتسبيت الحلق، وجاء في سيماء الخارج سيماهم إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم اللي هو حلق الشعر، هذه النعال ليس فيها شعر، وكان النبي ....
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يُنهى عن لبس السبتيتين؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يلبس النعال التي ليس فيها شعر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لمروره بين القبور بالنعال، سواءً كان سبتيتين أو غير سبتيتين، النهي للمرور بين القبور بالنعال، هذا هو السبب.

(68/10)


"ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ" ثم جاء الجواب عن ذلك على ما سيأتي "ورأيتك تصبغ بالصفرة -تصبغ الشيب بالصفرة- ورأيتك إذا كنت بمكة أهلَّ الناس إذا رأوا الهلال" لأن الإهلال الاستهلال كله مأخوذ من رؤية الهلال، فالناس استصحبوا هذا، وجعلوا الإهلال بالحج عند رؤية هلاله، فرأوا أنهما متلازمان "ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية" اللي هو اليوم الثامن من ذي الحجة، سمي بذلك لأنهم يتروون ويتزودون فيه من الماء؛ لأن منىً فيها ماء في ذلك الوقت، في الثامن يهلون بالحج، ثم يذهبون إلى منىً فيصلون بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم إذا طلعت الشمس يدفعون إلى عرفة، والمبيت بمنى يوم التروية ليلة عرفة والإقامة بها إلى صلاة الفجر هذه كلها سنن، لا شيء على من تركها.
"ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية، فقال عبد الله بن عمر: أما الأركان" يعني لا يمس من الأركان إلا الركنيين اليمانيين الذين في جهة الجنوب، وأما الذين في جهة الشمال فلا يمسهما ولا يستلمان، يقول: "أما الأركان فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح إلا اليمانيين" وذلك أن الركنين اليمانيين باقيان على قواعد إبراهيم، والركن الذي فيه الحجر فيه خصلتان: كونه على قواعد إبراهيم، وكونه فيه الحجر الأسود ولذا اختص بأحكام أكثر من أحكام الركن الثاني الذي قبله، نعم هو باقٍ على قواعد إبراهيم، ولذا يستلم، لكن لا يمس مثل الركن الذي ... ، أقول: لا يشار إليه ويستلم، لكن لا يشار إليه مثل الركن الذي فيه الحجر، وأما الركنان الشاميان فلا يستلمان؛ لأنهما ليس على قواعد إبراهيم، وذلكم أن قريشاً قصرت بهم النفقة فأخرجوا جزءاً من الكعبة الذي فيه الحجر، هذا من الكعبة، فلما قصرت بهم النفقة قصروا دون قواعد إبراهيم في هذا الموضع، ومن الصحابة من يستلم جميع الأركان، ويرى أنه ليس في البيت شيء مهجور، لكن العبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمس إلا اليمانيين، نعم، المقصود أنه ما ثبتت الإشارة إليه بخلاف الحجر الأسود.
طالب:. . . . . . . . .

(68/11)


ولا استطاع يستلم الحجر الأسود، استطاع أن يستلم هذا ولم يستطع أن يستلم هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
والله عندهم ما دام ثبتت الإشارة إلى الركن الذي فيه الحجر ولم تثبت الإشارة إلى الآخر يكتفى بما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، إن تيسر له استلامه وإلا فلا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا أكثر المذاهب على أنه حكم واحد، حتى عند الحنابلة يشير ويكبر، نعم، لكن ما ثبت فيه شيء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فلنقف على هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مقتضى هذا نعم، وقد فعله ابن الزبير، نقض الكعبة فبنى البيت على قواعد إبراهيم، وأدخل الحجر، ثم لما تهدمت على يد الحجاج ومن معه، لما رميت بالمنجنيق أعيدت على ما كانت عليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، أعيدت ثم بقيت فلما تولى المنصور قال للإمام مالك -رحمه الله-: ألا نعيدها على قواعد إبراهيم؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لولا أن قومكِ حديث عهد بجاهلية)) لصنعت وصنعت وصنعت، لماذا لا يحقق هذا الأمر، لماذا لا تحقق هذه الأمنية؟ حققها ابن الزبير، ثم أعيدت على ما كان عليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم استشير مالك، فقال: لا؛ لئلا تكون ملعبة للملوك؛ لأن خدمة هذا البيت شرف، ويتسابق الناس لخدمته بما فيهم الملوك، كل يريد أن يقدم خدمة لهذا البيت فيصير ملعبة، هذا يفتل وهذا ينقض، وبهذا تذهب هيبته من القلوب، من نفوس الناس إذا كان عرضة لأن يتعرض لمثل هذه الأمور يوم يهدم ويوم يبنى، لا شك أنه تذهب هيبته من القلوب.

(68/12)


"فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمس إلا اليمانيين، وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلبس النعال التي ليس فيها شعر" النبي -عليه الصلاة والسلام- يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها، كيف يتوضأ فيها؟ لسعتها بحيث يصل الماء إلى جميع المفروض، ويتردد فيه، ولا تتأثر هذه النعال، يمكن غسل الرجل وهي داخل النعال، يمكن وإلا ما يمكن؟ يمكن، إذا كان النعل واسعة ولا تغطي المفروض، فكان يتوضأ فيها "فأنا أحب أن ألبسها" اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- "فأنا أحب أن ألبسها، وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبغ بها" تغيير الشيب أقل أحواله الاستحباب إن لم يصل إلى حد الوجوب، فقد جاء الأمر به: ((غيروه)) لما رأى رأس أبي قحافة أبيض كالثغامة قال: ((غيروه)) أمر بتغييره، قال: ((وجنبوه السواد)) فيغير بأي لون سوى السواد، سواءً كان بالصفرة أو بالحمرة، بالحناء الصرف كما كان يفعل عمر -رضي الله عنه- أو بالحناء مع الكتم كما كان يفعل أبو بكر -رضي الله عنه-.
"وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبغ بها" وجاء في شعره -عليه الصلاة والسلام- إثبات الشيب ونفيه، جاء عن أنس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يشب، وجاء إثبات الشيب، وللجمع والتوفيق بين هذه النصوص المثبتة والنافية أن شيبه كان يسيراً جداً، بضع عشرة شعرة، هذه من بُعد لا ترى، فمن يراه من بعيد قال: لم يشب، ومن حدد النظر قال: شاب، وهل صبغ أو لم يصبغ؟ محل خلاف بين أهل العلم، ومنهم من يقول: إن الحمرة التي في شعره -عليه الصلاة والسلام- كانت من الطيب لا من الصبغ، وليس في شعره ما يحتاج إلى الصبغ؛ لأنه وإن وجد الشيب إلا أنه يسير جداً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كله يغير، ما يبدو يغير، وما طلب إزالته يزال.
طالب:. . . . . . . . .
السواد محرم بلا شك، السواد محرم، وهو من أصل الخبر، وليس بمدرج ((وجنبوه السواد)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ضعيف، ضعيف.

(68/13)


الجمهور يطلقون الكراهة؛ لأنه يتسبب إلى أن توطأ ال .... ، وإن كانت من رواء حائل، نعم، تهان جثث المسلمين، وإن كان هناك حائل، لكن لو قال: أنا لن أطأ على جثة مسلم، متى يتسنى له ذلك؟ إذا مشى بين القبور أو على القبور أنفسها؟ يعني إذا مشى على القبور ما وطئ الجنازة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الدفن نفترض لحد، يعني إذا مشى بين القبور نقول: إنه وطئ على الجثث.
طالب:. . . . . . . . .
يعني يسير.
طالب:. . . . . . . . .
وراه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن الميت كله يدخل.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نصفه نعم، على كل حال، كل هذا مما يتقى؛ لأن فيه إهانة، إهانة للأموات، وحرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً، لو تبي تتخطى لك إنسان ماداً رجليه وعليك نعالك ما رضي، ما يرضى بهذا، فيه إهانة له، وكذلك الميت، ومن هذه الحيثية جاء النهي، بين القبور بحيث يترك قبور على يمينه وقبور على يساره، لا بأس يمشي.
طالب:. . . . . . . . .
حافياً إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يجوز أن يطأ القبر، ما يجوز، لا يجوز ذلك، لكن قد يحتاج إلى اللبس بأن يكون حر شديد أو شوك أو ما أشبه ذلك، والحكم عند الجمهور الكراهة، والكراهة تزول بالحاجة.
وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبغ بها، فأنا أحب أن أصبغ بها، وأما الإهلال فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهل حتى تنبعث به راحلته".
السؤال نعم، السؤال: "ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية" والجواب: "فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهل حتى تنبعث به راحلته" يعني هل من كان بمكة تنبعث به راحلته إلى الحج من أول الشهر أو من يوم التروية؟ من يوم التروية، تنبعث به راحلته من مكة إلى منىً التي هي أول المشاعر، فما يهل بالحج ويبقى بمكة، إنما يهل بالحج حين تنبعث به راحلته إلى أول المشاعر وهو منى.
يقول: "وحدثني .... " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(68/14)


قارن وما زال محرماً، وما زال محرماً، لكن هو قاس الإهلال بالحج لمن أراد أن ينشئ الحج من جديد بعد العمرة كالمتمتع مثلاً، قاسه على الإهلال بالعمرة، ما دام انبعثت به راحلته إلى أداء النسك نعم حينما تنبعث به راحلته من المحرم، هذا بالنسبة لمن مر على محرم، سواءً كان في حج أو عمرة، من المحرم، لكن إذا كان مقيماً بمكة فحينما تنبعث به راحلته إلى أول المشاعر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا حينما انبعثت به راحلته في المحرم، كما دلت على ذلك الأحاديث السابقة، لكن هو يرى أن انبعاث الراحلة إنما هو للنسك، والمقيم بمكة بيقيم أسبوع قبل ذلك هذا ما انبعثت به راحلته.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي في مسجد ذي الحليفة، ثم يخرج فيركب" يصلي في مسجد ذي الحليفة، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بذي الحليفة، ثم يخرج فيركب، يخرج من المسجد فيركب "فإذا استوت به راحلته أحرم" وعرفنا ما في هذا تفصيلاً من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الملك بن مروان أهل من عند مسجد ذي الحليفة" موافق لما قبله "حينما استوت به راحلته" الحديث الأول: فإذا استوت به راحلته أهل، وفي الثالث يقول: وأما الإهلال فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهل حتى تنبعث به راحلته، وهنا يقول: أن عبد الملك بن مروان أهل من عند مسجد ذي الحليفة حين استوت به راحلته "وأن أبان بن عثمان أشار عليه بذلك" أبان بن عثمان بن عفان من الفقهاء، وأن أبان بن عثمان مصروف وإلا غير مصروف؟ عندنا؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . الآن اللي عندنا مصروف وإلا غير مصروف؟
طالب:. . . . . . . . .
هو منصوب على كل حال، ما هو بمجرور، نعم، يبين عليه أنه غير مصروف.
طالب: ...
لا، لا ما هو بأعجمي، ما هي العلة العجمة، عثمان ممنوع من الصرف لزيادة الألف والنون، وأبان؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في عجمة من الإبانة أو من الإباء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، أبان على وزن فعل، أفعل، من الإبانة، نعم يعني ممنوع للعلمية ووزن الفعل، صح مثل يزيد.

(68/15)


الآن المقصود عندنا هنا، هل يختلف وضعه عن كونه مصروف أو غير مصروف؟ النصب واحد للمصروف وغير المصروف، نعم، الاختلاف في المجرور.
الآن من خلال هذا السياق نعرف أنه مصروف وإلا غير مصروف؟ ويش معنى الصرف؟ التنوين، الصرف التنوين، الصرف التنوين، الصرف هو التنوين، وهنا منون وإلا غير منون؟ لأنه مصروف وإلا ممنوع؟ نعم؟ هو مصروف، أبان مصروف في قول الأكثر، وابن مالك صاحب الألفية يرى أنه ممنوع من الصرف، والسبب في ذلك الاختلاف، مثل حسان هل هو من الحس أو من الحسن؟ وهنا هل هو من الإباء أو من الإبانة؟ وكل على مذهبه، ويقولون في هذا: "من منع أبان فهو أتان" هنا ما يبين الفرق بين المصروف وعدمه في حال النصب إلا بترك التنوين، وهل ترك التنوين في مثل هذا قطعي في كونه غير مصروف؟ يعني هل يلزم أن نقول: وأن أباناً ابن عثمان؟ يلزم وإلا ما يلزم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو مضاف، ما في إضافة، اجتهاد ذا وإلا؟ جرياً على القاعدة، تمشي على ما مشينا عليه، عن أنسَ بن مالك، أن أنسَ بن مالك، وأنس مصروف، أن محمداً بن عبد الله، وإذا قلت: أن محمداً رسول الله، تنون؟ الأصل التنوين، الأصل أنه منون، فتقول: أن أنساً بن مالك، هذا الأصل، أن أباناً بن عثمان، هذا هو الأصل، لكن لغة ربيعة حذف التنوين مطلقاً في مثل هذا السياق، نعم، حذف التنوين يسمونه اللغة الربعية، هي لغة ربيعة، وهي أخف على اللسان، ولما كثر عند المحدثين مثل هذا الاستعمال تركوا التنوين تخفيفاً وإلا فالأصل أن يقال: وأن أباناً بن عثمان، وأن أنساً بن مالك ... إلى آخره.
"أشار عليه بذلك" أشار عليه أن يهل إذا استوت به راحلته، استناداً على الأحاديث السابقة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
عند المسجد؛ لأنه جاء الإحرام من بعد الصلاة، وجاء من عند المسجد، وجاء من عند الشجرة، وجاء أيضاً حينما استوت به دابته، نعم، وجاء عند ركوبه، وجاء أيضاً لما علا على ظهر البيداء، كل هذه جاءت وجوابها في حديث ابن عباس.
وهذا يقول لنا من بعد الصلاة، أنا خرجت من عند المسجد والدابة مربوطة عند المسجد وركبت وأهللت عندها، من عند المسجد لما علوت على الدابة في آن واحد، يسير جداً.

(68/16)


طالب:. . . . . . . . .
ما علينا منه، يثبت أو ما يثبت، العبرة بما تقدم، وهو موصول عند ابن عبد البر، نعم الخبر موصول.
على كل حال يهمنا نحن ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- وفيه ما يكفي، نعم.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: رفع الصوت بالإهلال:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال)) يريد أحدهما.
وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: ليس على النساء رفع الصوت بالتلبية لتسمع المرأة نفسها.
قال مالك -رحمه الله-: لا يرفع المحرم صوته بالإهلال في مساجد الجماعات ليسمع نفسه ومن يليه إلا في المسجد الحرام ومسجد منى فإنه يرفع صوته فيهما.
قال مالك -رحمه الله-: سمعت بعض أهل العلم يستحب التلبية دبر كل صلاة، وعلى كل شرف من الأرض.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: رفع الصوت بالإهلال" عرفنا فيما تقدم أن الإهلال رفع الصوت، الإهلال نفسه هو رفع الصوت، ثم استعمل في الإحرام الذي هو نية الدخول في النسك، فإذا استعمل بالإحرام ساغ التعبير بقوله: باب: رفع الصوت بالإهلال، وإلا فالأصل أن الإهلال رفع الصوت، فهل نقول: باب رفع الصوت برفع الصوت؟ نعم؟ نعم، فإذا لبى بما يريد من الأنساك ورفع صوته بذلك وتابع التلبية برفع الصوت ما صار فيه وهم في الفهم، بخلاف ما لو قلنا: باب رفع الصوت برفع الصوت كما هو الأصل؛ لأن الإهلال هو رفع الصوت، لكن لما استعمل الإهلال بالإحرام نفسه ساغ رفع الصوت بالإحرام، وبالإهلال الذي هو معنى دخول، الدخول في النسك والتلبية به.
ورفع الصوت جاء في هذا الحديث، وجاء أيضاً في الحديث: ((أفضل الحج العج والثج)) العج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة دماء الهدي.

(68/17)


"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أتاني جبريل)) " يعني من قبل الله -جل وعلا-، ((فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية)) ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي)) يعني الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أم لا؟ أو ليس بأمر به؟ ((مره فليراجعها)) أن يأمر ابنه أن يراجع ابنته ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) هنا ((أمرني أن آمر أصحابي)) هل للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يلبي سراً؟ لأنه مأمور أن يأمر وأمر، عليه أن يجهر مثلهم؟ أو نقول: هو مأمور بالأمر وخلاص وأمر وانتهى، وامتثل الأمر، فلا يرفع صوته بالتلبية؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن مثل هذا الأمر هل يتناول النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ يعني هل مطلوب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يرفع صوته بالتلبية من خلال هذا النص الذي معنا؛ لأنها قاعدة عند أهل العلم، وهي مسألة خلافية، ومنشأ الخلاف أن من الأوامر المأمور بالأمر بها لا يمكن أن يتجه إلى المأمور، ومن الأوامر المأمور بالأمر بها يمكن اتجاهه إلى المأمور كغيره، صح وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
دعنا من الآمر، الآن أمرنا أن نأمر أولادنا بالصلاة لسبع، فهل هذا الأمر يتجه إلينا أو يتجه إلينا أن نأمر أولادنا بهذا الأمر؟ بمعنى أن المأمور هل هو داخل في ضمن هذا الأمر؟

(68/18)


المسألة خلافية والسبب فيه ما سمعتم، أن من المأمورات ما يصلح أن يوجه للجميع ((مره فليراجعها)) عمر ويش علاقته بالمرأة؟ يصلح وإلا ما يصلح؟ ما يصلح، إذاً الأمر بمثل هذا الأمر لا يتجه إلى المأمور، نعم، لكن مثل الذي أمر ((فأمرني أن آمر أصحابي)) يتجه إليه؛ لأن الأمر يصح أن يواجه به -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو قال زيد من الناس لولده الأكبر: قل لمحمد يشتري خبز، هل يتجه الأمر إلى الجميع كلهم يروحون يشترون خبز وإلا الأمر متجه إلى الأصغر في هذه الصورة؟ أو قل لزيد: لا يدخن، الكبير هذا المأمور بتبليغ هذا الأمر ما يدخن، قال: قل لأخيك زيد: لا يدخن، هذا ما يصلح أن يتجه إليه الأمر، فليس بمأمور به، إنما مأمور بتبليغ الأمر لمن يصح منه، وقل مثل هذا في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((مره فليراجعها)) أما إذا صح اتجاه الأمر إلى جميع الأطراف بأن كان التكليف به على الجميع على حد سواء ما يقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه ولم يلبي، أمر أن يأمر أصحابه برفع الصوت بالتلبية وهو يلبي سراً، ما يمكن أن يقال مثل هذا، وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يرفع صوته بها، بل كانوا يصرخون بها، ((أن آمر أصحابي أو من معي)) شك من الراوي ((أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية)) أو إيش؟ ((أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال)) أيضاً شك من الراوي هل قال هذا أو هذا، يريد أحدهما.

(68/19)


يقول: "وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: ليس على النساء رفع الصوت بالتلبية لتسمع المرأة نفسها" المرأة لا يطلب منها رفع الصوت، ولذا لم تكلف بأذان؛ لأنه يتطلب رفع الصوت، فالمرأة ليس عليها رفع الصوت، وبهذا وبأمثاله من النصوص من يحتج على أن صوت المرأة عورة، لا يجوز أن يسمعه الرجال، صوت المرأة عورة لا يجوز أن يسمعه الرجال، ومنهم من يقول: هو ليس بعورة، وإنما المحظور الخضوع بالقول {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} [(53) سورة الأحزاب] يعني تسمعون كلامهن {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [(32) سورة الأحزاب] فالمحظور الخضوع بالقول لا أصل الصوت، وينبغي أن يكون صوت المرأة وسماعه بقدر الحاجة، إذا احتاجت إلى ذلك يسمع صوتها واحتيج إليها، أما ما عدا ذلك فيبقى أن الأصل المرأة تقر في بيتها، ولا تخالط الرجال، ولا تكلم الرجال؛ لأنها مثار فتنة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لا بد من الاستدلال على كل قول، فالذي يقول: إن صوتها عورة، صوتها عورة يحرم أن يسمع صوتها، ويستدل على ذلك بأنها ليس في حقها أذان، ولا ... ، ليس عليها رفع صوت في التلبية، إنما تسمع المرأة نفسها، ووضع بالنسبة للمرأة من التشريع والاحتياط في حقها ما لم يوضع لغيرها، فدل على أن حكمها يختلف فعن حكم الرجال، ويبقى أن مثل قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} [(53) سورة الأحزاب] يعني مثل هذا يمكن أن يتم بغير صوت؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يمكن، إذا سألتموهن متاعاً، أعطينا كذا، فتدفعه إليه من غير صوت، يتم وإلا ما يتم بالمعاطاة؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذا مما يستدل به على أن صوتها ليس بعورة.

(68/20)


{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [(32) سورة الأحزاب] دل على أن أصل القول لا بأس به، وإنما الممنوع الخضوع فيه، وعلى كل حال مثل هذا لا سيما مع وجود من في قلبه مرض وما أكثرهم لا كثرهم الله، كثيرون جداً ممن يتربصون بالنساء الدوائر، وفي قلوبهم من أمراض الشهوات والشبهات ما يجعلهم يكثرون الطرق على هذا الباب، دعونا من عالم مخلص ناصح يبحث المسألة من أدلتها ليتوصل إلى الحق هذا مجتهد، إن أصاب له أجران، وإن أخطأ له أجر واحد، لكن من أراد أن يخرج المرأة من خدرها لمرض في قلبه، أو أراد أن يسمع صوتها، أو أراد أن تغشى أماكن الرجال لمرض في نفسه، ليخشى من قوله -عليه الصلاة والسلام- بعد أن أمر بالحجاب {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [(59) سورة الأحزاب] قال: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ} [(60) سورة الأحزاب] فإتباع هذه الآية بالآية الأولى ليس من طريق البعث، أما العالم المخلص الناصح التي توفرت عنده أدوات الاجتهاد ويجتهد في النصوص ويتوصل إلى رأي سواءً كان راجح أو مرجوح هذا لا يلام، مع أن على من يبحث مثل هذه المسائل أن يحذر أشد الحذر أن يؤخذ على غرة، ويحتاط لهذا الأمر؛ لأن أطراف متعددة تريد أن تبحث مثل هذه المسائل والذي عندها الله أعلم به، لكن الذي يغلب على الظن أنهم ليسوا بأهل أن يبحثوا مثل هذه المسائل؛ لأنه ولغ في مثل هذا أناس لا خلاق لهم، ولا مدخل لهم في مثل هذا، ولا مجال لهم في مثل هذه المسائل والبحوث، إنما هم لهم مآرب ولهم مقاصد، والله المطلع على السرائر.
يعني لماذا ما بحثوا غير هذه المسألة؟ يعني الذي يبحث في الصحف ووسائل الإعلام مسألة عورة المرأة، ووجه المرأة، وصوت المرأة هل يمكن أن يبحث شروط الصلاة وإلا أصناف من تصرف لهم الزكاة يبحث مثل هذه المسائل؟ ما يبحث مثل هذه المسائل، ولو طلب منه مثل هذا قال: أنا لست من أهل العلم، نعم، ثم إذا جاء الحجاب انبرى له وصار إمام يفتي ويعدل ويجرح ويصنع، فمثل هذا يتقون، ومثل هذه الظروف تبرز بعض من كان يختفي ويندس بين الناس، فالظروف الصعبة ينجم فيها النفاق، والله المستعان.

(68/21)


فليحذر من يبحث هذه المسائل لمرض في قلبه وشيء في نفسه، لا طلباً للحق، أما من يطلب الحق هذا لا يلام، يعني قال بكشف الوجه أئمة ولا يلامون وهم مجتهدون ومأجورون على هذا، لكنهم يتفقون أنه في وقت الفتن أنه يجب ستر كل شيء، فنهتم لهذا الأمر، والله المستعان.
"لتسمع المرأة نفسها" يعني من غير صوت "قال مالك: لا يرفع المحرم صوته بالإهلال في مساجد الجماعات" يعني لئلا يشوش عليهم "ليسمع نفسه ومن يليه إلا في المسجد الحرام ومسجد منى" لأنه يكثر فيهما من يلبي فلا تشويش "فإنه يرفع صوته فيهما".
"قال مالك: سمعت بعض أهل العلم يستحبون التلبية دبر كل صلاة، وعلى كل شرف من الأرض" يعني إذا لم يباشروا أسباب التحلل فإنهم يلبون، ولذا قالوا في التكبير المقيد: إنه يبدأ من فجر يوم عرفة إلا الحاج، فإنه يبدأ من ظهر النحر، لماذا؟ لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(68/22)


الموطأ - كتاب الحج (6)
شرح: باب: إفراد الحج، وباب: القران في الحج.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: من أحرم قبل المواقيت الزمانية للحج فهل ينعقد إحرامه مع الكراهة أم لا؟
لا ينعقد إحرامه، أحرم بالحج في رمضان لم ينعقد إحرامه.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: إفراد الحج:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهل بالحج وحده، وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، فأما من أهل بعمرة فحل، وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر".
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرد الحج.
وحدثني عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرد الحج.
وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: من أهل بحج مفرد ثم بدا له أن يهل بعده بعمرة فليس له ذلك.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: وذلك الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: إفراد الحج" والباب الذي يليه القران، الأنساك ثلاثة، منها الإفراد، موضوع الباب الأول، والقران موضوع الباب الثاني، والثالث التمتع.

(69/1)


إفراد الحج: أن يأتي بالحج وحده مفرداً ولا يضيف إليه ولا يجمع معه عمره، سواءً كانت معه في أفعاله كالقران، أو تقدمت عليه في أشهر الحج من غير سفر كالتمتع، والقران: أن يجمع النسكين في سفرة واحدة وبأعمال واحدة، والتمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يفرغ من جميع أعمالها ثم بعد ذلك يحرم بالحج من غير أن يقطع بينهما بسفر، هذا هو التمتع، والإفراد رجحه جمع من أهل العلم، يرون ترجيح الإفراد؛ لأنه يخصص الحج بسفر مفرد، بخلاف القران الذي يأتي بالحج والعمرة بسفرة واحدة، وكذلك التمتع، فالإفراد أفضل من هذه الحيثية، شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- يرى أن من أفرد الحج بسفرة مستقلة أفضل اتفاقاً، وكلامه محمول على من أراد أن يؤدي ما أوجب الله عليه دون زيادة، يعني شخص يقول: لن أتطوع لا بحج ولا بعمرة، أريد أن أؤدي ما أوجب الله عليه حج، حجة الإسلام فقط، وعمرة الإسلام فقط، نقول في مثل هذه الصورة: الإفراد أفضل وهي التي عليها الاتفاق الذي ذكره شيخ الإسلام، أما من أراد أن يتابع بين الحج والعمرة فكونه يأتي. . . . . . . . . نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
اتفاقاً نعم، لكن هذا الاتفاق محمول على هذه الصورة التي ذكرت لوجود الخلاف؛ لأن من أهل العلم من يفضل القران، ومنهم من يفضل التمتع، فكيف يقال: إن الإفراد اتفاقاً إلا إذا حمل على هذه الصورة، يعني المسألة مفترضة في شخص يقول: لن أزيد على ما أوجب الله علي فهل أفرد أو أتمتع أو أقرن؟ نقول: افرد، من أجل أن تنشئ سفر للحج، وتنشئ شفر للعمرة، أما إذا كان يريد أن يكرر الحج والعمرة، ويتقرب إلى الله -جل وعلا- بهذه الأعمال الفاضلة التي جاء الحث على متابعتها وتكريرها ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) نقول: تمتع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه به، نعم، أمر أصحابه أن يجعلوا إحرامهم عمرة، فيتمتعون ويوحلون الحل كله بعد أداء العمرة، ثم يحرمون بالحج؛ لأن هذه العمرة قدر زائد على ما يريد أن يأتي به، نعم.

(69/2)


ومنهم من يفضل القران، أولاً: تفضيل الإفراد من هذه الحيثية عند شيخ الإسلام لا خلاف فيه، وحملناه على الصورة التي سمعنا، وبعض العلماء يفضل الإفراد مطلقاً، هذا نقل من كلام شيخ الإسلام للحاج أحوال، وعلى كل حال يكون الأفضل فيها نوع من أنواع النسك، هذا انتهينا من التقرير، نقرأ هذا.
ومن أهل العلم من يفضل التمتع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر به، وأسف على سوق الهدي ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي وجعلتها عمرة)) فهذا مع أمره -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه بأن يجعلوها عمرة صريح في تفضيل التمتع، ومنهم من يفضل القران لأنه هو حج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل.
إحرام النبي -عليه الصلاة والسلام- وحج النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء ما يدل على أنه حج مفرداً، وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه حج قارناً، وهذا هو المرجح عند أهل العلم، وجاء من قول الصحابي: "تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتمتعنا معه" فالأنساك الثلاثة نسبت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.

(69/3)


حديث عائشة الذي معنا: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن" بن نوفل بن خويلد، كان يتيماً في حجر عروة "عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع -لخمس بقين من ذي القعدة- فمنا من أهل بعمرة" يعني فقط "ومنا من أهل بحجة وعمرة" الذي أهل بالعمرة فقط هذا المتمتع "ومنا من أهل بحجة وعمرة" هذا القارن "ومنا من أهل بالحج" يعني وحده وهذا المفرد "وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج" منا من أهل بعمرة، جاء في حديثها وهو قبل هذا الحديث في صحيح البخاري مباشرة، قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نرى إلا أنه الحج، لا نعرف العمرة كما جاء في بعض الروايات: لا نرى إلا أنه الحج، فلما قدمنا –قدمنا مكة- تطوفنا بالبيت، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن ساق الهدي أن يحل، يعني حديثها الثاني يدل على أن منهم من أهل بعمرة؟ لا، كلهم على كلامها أهلوا بالحج، ولا نرى إلا أنه الحج، وحديثها الذي معنا: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهل بالحج، فيه تعارض وإلا ما فيه تعارض؟ الظاهر التعارض، وهذا الحديث بعد الحديث الذي سقناه في الصحيح في البخاري.
يقول ابن حجر: يحمل هذا على أنها ذكرت ما كانوا يعهدونه من ترك الاعتمار في أشهر الحج، يعني خرجنا لا نرى إلا أنه الحج، ولا نعرف العمرة، يعني في السابق كانوا لا يرون إلا أنه الحج، ولا يعرفون العمرة في أشهر الحج إلى أن وصلوا المحرم فأعلمهم النبي وأخبرهم -عليه الصلاة والسلام- بأنواع النسك، وقال: ((من أراد أن يهل بعمرة)) ((من أراد أن يهل بحج)) ((من أراد أن يهل بحج وعمرة)) فعرفهم المناسك إلى أن وصلوا الميقات لا يرون إلا أنه الحج، ولا يعرفون العمرة في أشهر الحج، لما وصلوا الميقات أعلمهم الأنساك الثلاثة.

(69/4)


تقول: "فلما قدمنا تطوفنا بالبيت" يعني أخبرهم الأنساك الثلاثة على التخيير في المحرم، لما قدموا مكة وطافوا بالبيت أمر يعني أكد على التمتع نعم، كأنه صار في بعض في نفوس بعضهم شيء من العمرة في هذا الوقت؛ لأنهم في الجاهلية كانوا يرونها من أفجر الفجور، فأراد -عليه الصلاة والسلام- أن يجتث هذا الإشكال من قلوبهم، فأمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة، أمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة، وأخبرهم بجواز الأنساك الثلاثة في المحرم، ومنهم من أهل، وخرجوا من المدينة لا يعرفون إلا الحج، كما تقول عائشة، لما وصلوا المحرم خيرهم بين الأنساك الثلاثة، لما طافوا بالبيت أمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة، والسبب في هذا ما سمعتم؛ لأن الإشكال ما زال، يعني بعضهم أحرم بعمرة وفي نفسه شيء كما كان في أنفسهم من السعي بين الصفا والمروة، نعم كان في أنفسهم شيء من السعي بين الصفا والمروة لأنهم كانوا يسعون بينهما بين صنمين لإساف ونائلة، نعم فبقي في أنفسهم شيء، وهم يرون النبي -عليه الصلاة والسلام- يسعى بينهما، وبعض الشبه يصعب اجتثاثها، ومثل هذا المكان الذي يطاف فيه بين صنمين لا شك أنه يشق على النفس أن تؤدى عبادة نعم يتقرب بها إلى الله -جل وعلا- وكان هذا المكان مما يتقرب فيه لغيره -جل وعلا-، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجتث هذه الشبهة من أعماق قلوبهم فأمرهم أمر وألزمهم إلزام بأن يجعلوها عمرة، ولوحظ مثل هذا، لوحظ مثل هذا الظرف الذي جاء الأمر فيه فقال جمع من أهل العلم أو عامة أهل العلم على أن التمتع ليس بواجب، لولا وجود مثل هذا الذي احتف بهذا الأمر لكان وجوبه متجهاً فقد قيل به، قال بعض العلماء بوجوب التمتع لهذا الأمر، لكن إذا عرفنا السبب الذي من أجله أمر بالتمتع قلنا: إنه بالنسبة لهم واجب لتزول هذه الشبهة لمن لم يسق الهدي، أما بالنسبة لغيرهم فالأدلة الصحيحة الصريحة دلت على جواز الأنساك الثلاثة.

(69/5)


وبعضهم استنبط من هذا الظرف الذي جاء فيه هذا الأمر أن هذا الأمر خاص بالصحابة، وأن من أهل بشيء لزمه إتمامه، ولا تغير النية بعد ذلك، فمن أهل بالحج لا يجوز له أن يقلبه إلى عمرة، من كان قارناً ولم يسق الهدي لم يجز له أن يحوله إلى عمرة، نعم؛ لأنه لحظ الظرف الذي جاء فيه هذا الأمر، واضح وإلا ما هو بواضح، يعني هذا الظرف لا شك أنه احتف بهذا الأمر، فمن أهل العلم من قال، يعني أوغل في إدخال الظرف في الحكم، فقال: إن قلب الإحرام من حج إلى عمرة خاص بالصحابة تلك السنة لتزول الشبهة فقط، وإلا من أحرم بنسك لزمه إتمامه، ومنهم من قال: هذا الأمر بغض النظر عما احتف به يدل على وجوب التمتع، والقول الوسط في هذه المسألة أن هذا الظرف معتبر، لكن لا يختص بهم، فيرجح التمتع على غيره للأمر به، ويكون الظرف الذي احتف بهذه القصة صارف لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب.
يقول: يحمل هذا على أنها ذكرت ما كانوا يعهدونه من ترك الاعتمار في أشهر الحج فخرجوا لا يعرفون إلا الحج، فبين لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وجوه الإحرام في الميقات، وجوز لهم الاعتمار في أشهر الحج، لكن هذه الشبه ما زالت تراود بعضهم حتى أمرهم بقلب الإحرام إلى عمرة، وهذا متى؟ بعد أن طافوا بالبيت، وبهذا الأسلوب تزول الشبهة.
لما توقفوا أو صار في أنفسهم شيء من السعي بين الصفا والمروة؛ لأنهم كانوا يعظمون فيه غير الله -جل وعلا-، سعى النبي -عليه الصلاة والسلام- ونزل قوله -جل وعلا-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة] يعني الإثم الذي يجدونه في نفوسهم مرتفع، نعم، "فمنا من أهل بعمرة" يعني فقط، وهذا هو المتمتع بأن يهل بعمرة، وهذا إذا لم يسق الهدي ترجح في حقه أن يهل بعمرة، ثم يفرغ من أعمالها بالطواف والسعي والتقصير، ثم يحل له كل شيء، فإذا جاء يوم التروية أهل بالحج، وأكمل أعماله.

(69/6)


يقول: "ومنا من أهل بحجة وعمرة" يعني جمع بينهما فصار قارناً "ومنا من أهل بالحج وحده" فصار مفرداً، "وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج" وذكرنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء في نسكه -عليه الصلاة والسلام- أنه أهل حج مفرداً، وجاء عنه أنه حج قارناً، وجاء عنه أنه حج متمتعاً، وهنا يقول: "أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج" مفاده أنه حج مفرداً، فإما أن يقال في مثل هذا: إنه أهل أول الأمر بالحج إلى أن جاءه الجائي فقال له: ((صل في هذا الوادي المبارك، وقل: لبيك حجة وعمرة)) يعني اجمع بينهما، فصار قارناً، ومنهم من يقول: إن هذا تعبير من عائشة ومن غيرها من الصحابة ممن نقل عنه أنه حج مفرداً أنه رأى أو نظر إلى صورة فعله -عليه الصلاة والسلام-، وصورة ما يفعله القارن وما يلزم القارن من أعمال لا تختلف عن صورة من حج مفرداً، الصورة ما تختلف، حج القارن مثل حج المفرد، ودخلت العمرة في الحج، ومن قال: إنه حج قارناً فنظر إلى آخر الأمرين من إهلاله -عليه الصلاة والسلام- وأنه لما قيل له: ((صل في هذا الوادي المبارك)) وقيل: جمع بينهما، وهذا هو المرجح عند أهل العلم أنه حج قارناً، ومن قال إنه -عليه الصلاة والسلام- حج متمتعاً نظر إلى المعنى العام للتمتع، وأصل التمتع الترفه بترك أحد السفرين، فالمعنى العام للتمتع يشمل القران والتمتع الاصطلاحي، ومن نظر إلى المعنى الخاص للتمتع وهو الحل بين النسكين، الحل التام والاستمتاع بما يمنع منه المحرم حتى النساء حمله على المعنى الخاص، فما نقل عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع معناه أنه جمع بينهما في سفرة واحدة كالمتمتع، ومنهم من نسب التمتع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لأمره به؛ لأنه أمر أصحابه بالتمتع، فلكونه أمر به ينسب إليه، وهذا في الاستعمال اللغوي كثير كما يقال: فعل الأمير كذا، إذا أمر بفعله، لا يلزم أن يباشره بنفسه، وعلى كل حال المرجح أنه -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً.

(69/7)


"فأما من أهل بعمرة فحل" الحل كله، وله أن يباشر امرأته إذا أدى جميع أعمال العمرة، أهل بها، ثم طاف وسعى وقصر، خلاص انتهى، لكن هل له أن يعود إلى بلده وقد جاء بنية التمتع من بلده؟ له ذلك أو ليس له ذلك؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الإنصاف اللي يقوله، الإنصاف الذي يقول: ليس له ذلك بلا نزاع، لكن المراد بلا نزاع عنده في المذهب، أما إذا حل الحل كله ولم يدخل في نسك الحج ما الذي يلزمه بالحج؟ نعم، يعني أدى العمرة وحل من الحل كله فرأى الزحام شديد، أو استدعي من قبل أهله، يلزم حضورك عندهم مشكلة، وقد أدى حجة الإسلام قبل ذلك، ما الذي يلزمه بالدخول في النسك؟ نعم؟ هو حل الحل كله، الجهة منفكة، جاء بالنسك كامل، وقال: والله أنا الحج نفل ولا دخلت فيه ما الذي يلزمني فيه؟ ولا يلزم إلا بالشروع وأنا ما شرعت، لا يوجد ما يمنع، لكن إذا أهل مفرداً أو أهل قارناً ثم لما طاف طواف القدوم أو طواف العمرة إيش؟ طواف القدوم، لما طاف للقدوم، قال: أريد أن أجلها عمرة كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، ثم لما تم من أعمال العمرة، قال: ما الذي يلزمني بالحج وأنا ما شرعت فيه؟ لا، نقول: لا، يلزمك، يلزمك؛ لأنك لك أن تقلب النسك إلى أعلى وليس لك أن تنزل في النسك، أنت جئت مفرد وأهللت بالحج أو قارن لك أن تقلب إلى أعلى التمتع، لكن ليس لك أن تقلب إلى عمرة مفردة، وقد يتحايل بعض الناس على الرجوع إلى بلده بمثل هذا، فلا يجوز في مثل هذه الصورة، أما إذا جاء، نعم في ذهنه أن يحج، نعم بعد أن يؤدي العمرة، لكنه إلى الآن ما دخل في النسك، وما شرع فيه ليلزم به، كمثل شخص وصل المحرم فقيل له: ارجع، وهو ما بعد تلبس بالنسك له أن يرجع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
ينقطع التمتع، ينقطع التمتع.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . مفردين، يحرمون من الميقات.
طالب:. . . . . . . . .
من الميقات إيه، إذا رجعوا إليه يحرمون منه.

(69/8)


"فأما من أهل بعمرة فحل" يعني بعد أن أداها طاف وسعى وقصر "وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر" لا بد أن يتموا الحج لا يحلون حتى يوم النحر، فمن أهل بحج أو جمع بينهما والصورة واحدة لا تختلف إذا وصل قدم البيت طاف للقدوم، وسعى بعده سعي الحج، ثم بعد ذلك يبقى على إحرامه حتى ينزل من عرفة إلى مزدلفة، ثم إلى منى يرمي وينحر ويحلق ثم يطوف بالبيت طواف الإفاضة، والسعي ما عليه سعي؛ لأنه سعى بعد طواف القدوم بخلاف المتمتع، العمرة منفكة بطوافها وسعيها، والحج منفك بطوافه وسعيه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرد الحج" وذكرنا أن هذا محمول على أول الأمر أنه أحرم مفرداً، ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك وأدخلها على الحج، يعني أحرم بهما معاً.
أنا قلت: الظرف الذي قيل فيه هذا الكلام نعم واختلفت أفهام أهل العلم في فهم هذا الظرف وتأثيره على الأمر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
أمرهم، كل هذا ذكرناه، ومر علينا، وقلت: إن الظرف الذي احتف به هذا الأمر ... ، أنت تعرف أن من الأوامر ما هو للإباحة فقط إذا كان بعد حظر، تعرف؟ هناك أوامر للإباحة، وهناك أوامر للاستحباب، وهناك أوامر للوجوب نعم، الظرف الذي قيل فيه هذا الأمر لا شك أن له أثر، والعلماء نظروا إلى هذا الأثر، فمن قال: إن أمره -عليه الصلاة والسلام- إنما هو لمجرد اجتثاث الشبه من قلوبهم، وإلا فالأصل أن من أحرم بشيء لزمه إتمامه، قال: هذا خاص بالصحابة، ولا يتجه الأمر لغيرهم، ولا يجوز لأحد أن يحرم بحج مفرد ثم يدخل عليه عمرة أو العكس يبقى على إحرامه، وذلك الأمر خاص بالصحابة للظرف الذي ذكرناه، نعم، ومنهم من أعرض عن ذكر الظرف ونظر إلى الأمر مجرداً، وقال: يجب أن يحول الحج إلى عمرة، وأوجبوا التمتع، وهذا قول معروف، نعم والبقية توسطوا، الجمهور توسطوا، فقالوا: ليس بخاص بالصحابة ولا يلزم قلب الإحرام إلى عمرة، إنما لا شك أن الظرف له أثره فيكون صارف لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب.

(69/9)


عاد المحقق في الأمر بعد الحظر أن الأمر يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر، فإن كان للاستحباب فهو للاستحباب، إن كان للوجوب فللوجوب، إن كان للإباحة فهو للإباحة، يعني مثله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} [(53) سورة الأحزاب] هذه الأوامر ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، مثل ما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد طواف القدوم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن ماذا عن الأمر النبوي؟ لا شك أن فهم السلف لا سيما كبارهم مقدم على غيرهم، لكن يبقى أن الحكم النص، فمن وافق قوله النص فهو المقدم، ولذلك يقول ابن عباس: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر" هذا كلامه -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الجمهور رأوه صارف من الوجوب إلى الاستحباب، رأوه صارف وإلا فالوجوب ظاهر، الوجوب، الأصل في الأمر الوجوب، نعم، لكن مع ذلك عامة أهل العلم على أنه للاستحباب.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن" بن نوفل بن خويلد، الذي كان يتيماً في حجر عروة "عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرد الحج" كسابقه.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: من أهل -يعني أحرم- بحج مفرد ثم بدا له أن يهل بعده بعمرة فليس له ذلك" ثم بدا له أن يهل بعده يعني معه يدخلها عليه أهل بحج مفرد، ثم أراد أن يدخل العمرة على الحج؟ أو يهل بحج مفرد فإذا تمت أعماله جاء بعده بعمرة كما صنعت عائشة -رضي الله عنها-؟

(69/10)


يقول: "ثم بدا له أن يهل بعده بعمرة فليس له ذلك" أي الصورتين؟ هل المراد أنه يدخل العمرة على الحج المفرد فيصير قارناً أو أنه إذا أتى بالحج المفرد كاملاً أهل بعمرة مستقلة؟ فليس له ذلك؟ الآن عندنا من أهل قارناً معروف، نعم، من أهلت بعمرة ثم حاضت ولم تتمكن من أدائها إلا بعد عرفة، تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة، هات عكس هذه المسألة من أهل بحج فقيل له: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- حج قارناً قال: أدخل العمرة على الحج فأصير قارناً؟ يجوز وإلا ما يجوز؟
طالب:. . . . . . . . .
من كلام مالك لا يجوز، وكأن هذا هو المراد، نعم، على هذا يتنزل كلام مالك، قال مالك ... ، نعم؟
طالب: يعني يقلب من إفراد إلى قران.
نعم، "قال مالك: وذلك الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا" والمراد المدينة؛ لأن أعمال العمرة داخلة في أعمال الحج فلا فائدة في إردافها عليه بخلاف عكسه، يعني إرداف الحج بالعمرة، يعني إدخال الحج على العمرة فيه فائدة، أما إدخال العمرة على الحج ما في فائدة يقول، فيستفيد به الوقوف والرمي والمبيت وغير ذلك من أعمال الحج.
وعلى كل حال إدخال العمرة على الحج محل خلاف بين أهل العلم، وقول مالك يدل على أنه لا يجيزها.
طالب: الأظهر أحسن الله إليك؟
والله ما دام ما ساق الهدي يبقى مفرداً.
طالب: إلا أن يتمتع؟
نعم؟
طالب: إلا أن يتمتع؟
إلا أن يتمتع، هذا كلام ملخص من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- في أفضل الأنساك، يقول: أفضل أنواع الأنساك ... ، كأن هذا من موسوعة فقه ابن تيمية -رحمه الله-، يقول: للحاج أحوال، وفي كل حال يكون الأفضل فيها نوع من الأنساك، الحالة الأولى: أن يسافر للحج سفرة وللعمرة سفرة أخرى في غير أشهر الحج وهذا أفضل من مجرد التمتع أو القران، وهذا الذي فعله أبو بكر وعمر وعلي -رضي الله عنهم-، وإن تمتع في السفرة الثانية فهو أفضل، فإن كثيراً من الصحابة الذين حجوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا قد اعتمروا قبل ذلك، ومع ذلك فقد أمرهم بالتمتع ولم يأمرهم بالإفراد؛ لأنه يجمع بين عمرتين وحجة وهدي وهو أفضل من عمرة وحجة.

(69/11)


الكلام الذي ذكرناه ظاهر في هذه المسألة، يعني تنزيل الاتفاق الذي ذكره شيخ الإسلام على الصورة التي صورناها الظاهر أن كلام الشيخ ما يحتمل غيرها؛ لأنه يقول: وإن تمتع في السفرة الثانية فهو أفضل، يعني مفترض سافر للعمرة فقط، ثم سافر ثانية، يقول: أتمتع وإلا أفرد؟ هل نقول: الأفضل في حقك الإفراد لأنك خصصت العمرة بسفر وهو ما عنده مانع يتمتع؟ نقول: تمتع، لكن الذي يقول: أنا لا أزيد على ما أوجب الله علي، أجمعهن بسفرة واحدة وإلا بسفرتين؟ نقول: سفرتين أفضل، وعلى هذا ينزل كلام شيخ الإسلام -رحمه الله-.
يقول: فإن كثيراً من الصحابة الذين حجوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذه اللفظة نقل الاتفاق عليها أشكل على كثير من طلاب العلم، كانوا قد اعتمروا قبل ذلك، ومع ذلك فقد أمرهم بالتمتع ولم يأمرهم بالإفراد؛ لأنه يجمع بين عمرتين وحجة وهدي وهو أفضل من عمرة وحجة.
الحالة الثانية: إن أفرد العمرة بسفرة في أشهر الحج ثم قدم للحج والتمتع في حق هذا أفضل، أظن هو الكلام نفسه الذي قبله، نعم؟
الحالة الثالثة: أن يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم في مكة حتى أيام الحج فالإفراد في حق هذا أفضل باتفاق الأئمة، أن يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم في مكة حتى أيام الحج فالإفراد في حق هذا أفضل باتفاق باعتبار أن عمرة المكي مختلف فيها وهو في حكم المكي، وفي عمرة المكي خلاف، وفي تمتع المكي خلاف، وإذا تمتع لم يلزمه هدي على القول الصحيح {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] فهو في حكمهم، نعم.
الحالة الرابعة: أن يجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة في أشهر الحج، وفي هذه الحالة ينظر فإن كان ساق الهدي معه من الحل فالقران في حقه أفضل، وإن لم يسق الهدي فالتمتع في حقه أفضل.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: القران في الحج:

(69/12)


حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن المقداد بن الأسود دخل على علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- بالسقيا وهو ينجع بكرات له دقيقاً وخبطاً، فقال: هذا عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- ينهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة فخرج علي بن أبي طالب وعلى يديه أثر الدقيق والخبط، فما أنسى أثر الدقيق والخبط على ذراعيه حتى دخل على عثمان بن عفان، فقال: أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ فقال عثمان: ذلك رأيي فخرج علي مغضباً، وهو يقول: لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معاً".
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أن من قرن الحج والعمرة لم يأخذ من شعره شيئاً ولم يحلل من شيء حتى ينحر هدياً إن كان معه ويحل بمنى يوم النحر.
وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع خرج إلى الحج، فمن أصحابه من أهل بحج، ومنهم من جمع الحج والعمرة، ومنهم من أهل بعمرة فقط، فأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلل، وأما من كان أهل بعمرة فحلوا.
وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقولون: من أهل بعمرة ثم بدا له أن يهل بالحج معها فذلك له ما لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقد صنع ذلك ابن عمر -رضي الله عنهما- حين قال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم التفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني أوجبت الحج مع العمرة.
قال مالك -رحمه الله-: وقد أهل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع بالعمرة، ثم قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: القران في الحج" المراد بالقران الجمع بين النسكين في أفعالهما كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-،

(69/13)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد" بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالصادق "عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر، وكلاهما من أئمة الهدى، ولا يضيرهما ما نسب إليهما زوراً وبهتاناً، وأهل السنة أهل عدل وإنصاف يروون عن مثل هذين لإمامتهما، ولا يؤثر فيهما ما نسب إليهما، وما نقل عنهما من الكذب والبهتان "أن المقداد بن الأسود دخل على علي بن أبي طالب بالسقيا" قرية بطريق مكة "وهو ينجع -يسقي- بكرات له" والبكرات جمع بكرة، وهي ولد الناقة، وتطلق الآن على الأنثى فقط "وهو ينجع بكرات له دقيقاً وخبطاً" الخبط ورق الشجر الذي يُنفض بالمخابط، عُصي تضرب بها الشجر حتى ينزل ورقها "فقال: هذا عثمان بن عفان" دخل فقال، يعني المقداد دخل على علي بن أبي طالب فقال له: "هذا عثمان بن عفان ينهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة" وإنما يأمر بالإفراد فلا يجمع بين النسكين بسفرة واحدة "ينهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة، فخرج علي بن أبي طالب وعلى يديه أثر الدقيق والخبط، فما أنسى أثر الدقيق" ومثل هذا يستدل به على أن الراوي ضبط القصة، وحفظها وحفظ ما يحتف بها "فما أنسى أثر الدقيق والخبط على ذراعيه، حتى دخل على عثمان بن عفان فقال: أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ " والمسألة في خلافة عثمان "أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ " يعني واجهه -رضي الله عنهما- بالإنكار، واجهه بذلك لأمن المفسدة، وكلاهما من الراشدين الذين يقولون بالحق ويؤثرونه على آرائهم، والمفسدة منتفية.

(69/14)


"أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ " وإلا فالأسلوب قوي، فمثل هذا الأسلوب إذا أمنت الفتنة .. ، أولاً: التغيير والإنكار أمر لا بد منه مع أي شخص كان مرتكبه كائناً من كان، لكن يتحرى الأسلوب المناسب الذي يضمن التغيير ولا يترتب عليه مفسدة، أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ يعني قد يقول قائل: لماذا لا يكون التغيير بطريقة على طريقة السؤال، ما رأيك -رضي الله تعالى عنك وأرضاك- فيمن يقرن بين الحج والعمرة بسفرة واحدة؟ يعني هذه الأسلوب لا شك أنه بالنسبة لبعض الناس الذين يخشى منهم أو ليس عندهم من الإيمان واليقين ما ينصاعون إلى الحق بسببه بمثل هذا الأسلوب، النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى الداخل، الداخل من باب المسجد يراه النبي -عليه الصلاة والسلام- وجلس، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هل صليت ركعتين؟ )) أسلوب مناسب جداً، لكن لو قال له: قم فصل، قد يثقل على نفسه مثل هذا الأمر، مع أنه استعمله -عليه الصلاة والسلام- في بعض الأحيان حين أمن من هذه المفسدة، وعلى كل حال لكل مقام مقال، ولكل شخص ما يناسبه من الأساليب؛ لأن الهدف تغيير المنكر، هذا القصد وهذا الهدف، فإذا تغير المنكر بأي أسلوب يناسبه هذا هو الهدف، ولذا بعض الناس يغير ما يرتكبونه من المنكرات باليد؛ لأنه لا يترتب على ذلك مفسدة، وهو الأصل، إن لم يستطع هذا أو هذه المرتبة لا يستطيعها المغير ينتقل إلى المرتبة التي تليها وهكذا، فلا يغير المنكر بما يترتب عليه من مفاسد هي قد تكون أعظم منه، أيضاً إقرار المنكر والتواطؤ على إقراره والسكوت عنه لا يجوز، بل إنكار المنكر فرض على الأمة، وهو سبب خيريتها {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [(110) سورة آل عمران] وما وصل الأمر إلى الحد الذي يعيشه المسلمون في سائر البقاع إلا بترك هذه الشعيرة، حتى إذا كثر الأمر، وكثر الخبث التفت بعض الناس إلى الإنكار بعد أن عمت البلوى بكثير من المنكرات مما لا يستطاع تغييرها الآن، ومع ذلك لا يأس، كل يغير حسب استطاعته، وحسب قدرته على أن يسلك الأسلوب المناسب؛ لأن الهدف تغيير المنكر، أما إذا

(69/15)


ترتب على التغيير منكر أعظم منه فلا.
"أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ " يعني أبو سعيد -رضي الله عنه- ينكر على مروان وهو على المنبر، الفتنة مأمونة؛ لأن العصر عصر صحابة؛ لأنه في عصر الصحابة، الصحابة متوافرون، والحق ظاهر، والتعصب للرأي قد لا يوجد إلا على أمن على شيء يسير، وإلا قل أن يسلم منه، على كل حال إذا أمكن التغيير فالأصل التغيير باليد ثم اللسان ثم القلب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا كان يتأذى المنكر يتضرر المنكر بنفسه أو ماله أو ولده يجعلونه صارف، إذا ترتب على ذلك مفسدة تتعدى المنكِر نعم إذا كان هناك مفسدة تتعدى المنكِر فمثل هذا لا يقدم على الإنكار إلا بأسلوب يناسب، وإذا كان المنكر لا يستطيع إنكار مثل هذا المنكر ويعرف من يستطيع تغييره عليه أن يتصل، من إنكاره لهذا المنكر أن يتصل بمن يستطيع تغييره، والتعاون بين الأمة صغارها وكبارها، شيوخها وطلابها، عوامها وعلمائها الأمر لا بد منه.
"فقال: أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ فقال عثمان: ذلك رأيي" ذلك رأيي لماذا؟ لأنه فهم أن أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة بقلب الإحرام من حج إلى عمرة أنه فهم أنه خاص بهم، وقد صرح به بعض الصحابة، فقال: ذلك رأيي، يعني فهمي، وأوردنا الاحتمالات الثلاثة والأقوال الثلاثة التي قيلت من أجل ما احتف بذلك الأمر من ظرف.
"ذلك رأيي، فخرج علي مغضباً وهو يقول" ولا بد من الغضب إذا انتهكت محارم الله، نعم هذه وجهة نظر لعثمان وهو أمير المؤمنين وهو الخليفة لكن مثل هذه الوجهة لا يعارض بها النص المرفوع، نعم ينظر ما عنده من شبهة فإن أمكن كشفها بها فنعمت، وإن أصر يبين الحق على أي حال.

(69/16)


"فخرج علي مغضباً وهو يقول: لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معاً" غير -رضي الله تعالى عنه- وأنكر بلسانه، ثم فعل ما يدل على إنكاره ما سمع وما رأى، فأنكر بالفعل والقول، فتظافر عليه قوله وفعله -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، قال مالك: الأمر عندنا أن من قرن الحج والعمرة أو قرن الحج والعمرة، لم يأخذ من شعره شيئاً، ولم يحلل من شيء حتى ينحر هدياً {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] حتى ينحر هدياً إن كان معه ويحل بمنى يوم النحر، متى؟ إذا فعل أمرين، نعم، إذا رمى الجمرة وحلق لكن ولم يحلل من شيء حتى ينحر هدياً، هل نحر الهدي من أسباب التحلل عند أهل العلم؟ مع أنه جاء النص الصحيح، نص القرآن، النهي عن حلق الرأس حتى يبلغ الهدي محله، لكن هل بلوغ الهدي محله وقت حلوله، أو مكان حلوله؟ نعم؟ مكان حلوله، يعني لو أرسل الهدي إلى منىً قبل عرفة، بلغ المكان، يحلق؟ إيه إذاً الوقت نعم، ولذا قال: حتى ينحر هدياً إن كان معه، ويحل بمنىً يوم النحر، مكان الحلول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(69/17)


يعني الإلزام، يعني ليس بإلزام، على كل حال على أي حال كان إذا نهى عن أمر فيه نص نعم ينكر عليه، وهذه المسألة فيها نص، نقول: الخلاف في الفهم، أنا أوردت هذا ورددته أكثر من مرة، الخلاف في الفهم، الظرف الذي احتف بهذا الأمر ما هو؟ ما وقع في نفوسهم مما ورثوه من الجاهلية، وأن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، لما وصل إلى الميقات خيرهم بين الأنساك الثلاثة، ومنهم من أهل بعمرة، منهم من أهل بحج، ومنهم من أهل بحج وعمرة، نعم، وبقي في أنفسهم شيء إلى أن دخلوا مكة، وفي أنفسهم شيء، يعني مثل ما نظرنا السعي بين الصفا والمروة بقي بأنفسهم شيء لأنه كان يسعى بين صنمين، نعم؟ وتأنف النفس عموماً يعني ... ، مسألة الحكم هو النص، يعني سعى النبي -عليه الصلاة والسلام- بين الصفا والمروة، نعم، ونزل قوله -جل وعلا-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة] فلا بد أن يرتفع ما في النفوس، لكن قد يبقى في النفس شيء، أنت الآن لو معك مصحف، مصحف كلام الله -جل وعلا-، وعندك كرتون جديد من المصنع، لكن داخله حفايض جدد، تجي تضع المصحف فوقه ما في نفسك شيء أنت؟ هذا جديد من المصنع، ما فيه شيء، لو حملته وأنت تصلي ما عليك شيء، صلاتك صحيحة طاهر، لكن يبقى من بعض الأمور في النفس شيء، لا سيما إذا اختلط بالعبادة ما يضادها، فهم كانوا يطوفون بين الصفا والمروة لصنمين، نعم، فبقي من أنفسهم شيء فسعى النبي -عليه الصلاة والسلام- بفعله، ونزل قول الله -جل وعلا-: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة] فاجتث ما في قلوبهم، وهنا خيرهم بين الأنساك ثم ما زال في أنفسهم شيء، حتى أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بأن يقلبوا إحرامهم إلى عمرة، أن يجعلوها عمرة، فاجتث ما في قلوبهم، لما اجتث ما في قلوبهم وانتهى هذا الأمر عاد الأمر إلى ما كان عليه من جواز الأنساك الثلاثة.

(69/18)


عثمان -رضي الله عنه- ربط الأمر نعم ربط الأمر بهذا الظرف فرأى أن هذه الظرف ارتفع، فالأمر المرتبط به ارتفع أيضاً، وغيره من أهل العلم منهم من قال: إن الأمر ثابت وقائم إلى قيام الساعة فأوجب التمتع، نعم، ومنهم من نظر إليه من زاوية وقال: إن هذا الظرف له أثر في الأمر، لكن لا يعني وجوب الأمر يصرفه من الوجوب إلى الاستحباب، ولا يعني أنه لا أثر له بالكلية فلا يجوز قلب الإحرام، وهذا رددناه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" سليمان بن يسار من الفقهاء السبعة من التابعين فالخبر مرسل "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وقد تقدم موصولاً في أول الباب السابق.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، تابع تابع، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إيه.
أن المقداد، يحكي قصة لم يشهدها.
طالب: يكون ضعيفاً؟
وين؟ لا، لا هو معروف، معروف من طرق أخرى، معروف من طرق أخرى ما في إشكال.
هذا الخبر الذي يليه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع خرج، هذا يحكي قصة أيضاً لم يشهدها، تابعي لم يشهد القصة فهي مرسلة، وهي ثابتة بالسند المتصل في الباب الذي قبله.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع خرج إلى الحج، فمن أصحابه من أهل بحج، ومنهم من جمع الحج والعمرة، ومنهم من أهل بعمرة، فأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلل" يعني حتى يوم النحر "وأما من كان أهل بعمرة فحلوا" الحل كله بعد أن أدوا جميع أعمالها وهذا تقدم.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقولون: من أهل بعمرة ثم بدا له أن يهل بحج معها فذلك له ما لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة" يعني أهل متمتعاً أو أهل بعمرة مفردة ثم أراد أن يدخل الحج على العمرة ليصير قارناً نعم، هذا إن كان له عذر، مثل حائض، كقصة عائشة، هذا لا إشكال فيه، وأما إذا أراد أن ينتقل من فاضل وهو التمتع إلى مفضول وهو القران فهذا فيه ما فيه عند بعض أهل العلم، ومالك يرى جوازه.

(69/19)


"ثم بدا له أن يهل بحج معها فذلك له ما لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقد صنع ذلك ابن عمر حين قال: إن صددت" يعني عام نزل الحجاج بمكة، وخشي أن يصد عن البيت "فقال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني أهل بعمرة فقال: إن صددت صنعنا مثل ما صنعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديبية، نعم، صنعنا كما صنعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا يرى في أول الأمر اجتهاده على أن هذا في عمرة كالحديبية "ثم التفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد" يعني الحج والعمرة واحد، إذا صددنا ننحر الهدي ولا عندنا إشكال، نحل، نعم "فقال: ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني أوجبت الحج مع العمرة" فصار قارناً، أدخل الحج على العمرة، أهل بعمرة ليصنع كما صنع النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية، ثم قال: إن أمرهما واحد، إذا صددنا عن البيت سواءً كان بحج أو عمرة نذبح ما كان معنا من هدي، ونحلق رؤوسنا، وننتهي كما صنع النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية، وما أمرهما إلا واحد، وبهذا يستدل عمر على جواز إدخال الحج على العمرة.
"قال مالك: وقد أهل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع بالعمرة، ثم قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة)) يعني يدخل الحج على العمرة، وهذا أفضل في حقه؛ لأنه ساق الهدي " ((ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً)) " والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(69/20)


الموطأ - كتاب الحج (7)
شرح: باب: قطع التلبية، وباب: إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: قطع التلبية:
حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: "كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه".
وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله تعالى-: "وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا".
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم يلبي حتى يغدو ....
يغدوَ.
أحسن الله إليك.
ثم يلبي حتى يغدوَ من منى إلى عرفة، فإذا غدا ترك التلبية، وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لا يلبي وهو يطوف بالبيت.

(70/1)


وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة، ثم تحولت إلى الأراك قالت: وكانت عائشة تهل ما كانت في منزلها، ومن كان معها فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف تركت الإهلال، قالت: وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم، حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال، فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- غدا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عالياً فبعث الحرس يصيحون في الناس: أيها الناس إنها التلبية.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: قطع التلبية" يعني متى تقطع التلبية بالنسبة للحاج والمعتمر، معلوم أنه يبدأ بالتلبية إذا تلبس بالإحرام ودخل في النسك، تلبس بالإحرام ودخل في النسك، يشرع في التلبية، لكن متى يقطعها الحاج؟ ومتى يقطعها المعتمر؟

(70/2)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة" ذاهبان من منى غدوة صباحاً إلى عرفة، النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج إلى منى يوم التروية اليوم الثامن وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، فلما طلعت الشمس دفع إلى عرفة، فماذا كانوا يصنعون معه -عليه الصلاة والسلام- حين دفع؟ "سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ " والسؤال عن الذكر الذي يقال في هذا الوقت "كيف كنتم تصنعون" يعني من الأذكار في هذا اليوم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدليل الجواب، قال: "كان يهل المهل" يلبي الملبي "فلا ينكر عليه" لأن الوقت وقت تلبية متلبس بالإحرام، والمحرم يلبي "يهل المهل منا فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه" وأيضاً الوقت وقت تكبير؛ لأنه في العشر والعشر وقت للتكبير، فيستغل الوقت بهذا وهذا، يستغل الوقت بالتلبية؛ لأنه متلبس بالإحرام، ويستغل أيضاً بالتكبير وهم في طريقهم إلى عرفة، وهذا الحديث مخرج في الصحيح، في البخاري ومسلم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد -الصادق- عن أبيه -الباقر- أن علي بن أبي طالب" ولم يدرك علياً فهو منقطع "كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية" زاغت يعني زالت، قطع التلبية، وليس معنى هذا ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟ وريني إياه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا غير، غير إحنا معتمدين رواية يحيى بن يحيى.

(70/3)


أقول بعد هذا يقول: "حدثني عن مالك عن جعفر بن محمد -وهو الصادق- عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين الباقر، وهو لم يدرك علياً -رضي الله عنه-، فالخبر منقطع، يحكي قصة لم يشهدها "أن علي بن أبي طالب كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية" فهل يتصور أنه يقطع التلبية بعد زوال الشمس من يوم عرفة ولا يعود إليها وهو متلبس بإحرام؟ أو أنه يقطع التلبية بعد زوال الشمس يوم عرفة إلى غروبها استغلالاً لهذا الوقت بالذكر والدعاء، وهذا اجتهاد منه، وإلا فالتلبية ذكر، نعم، أقول: لعله يقطع التلبية في هذا الوقت استغلالاً لهذا الوقت عشية عرفة بالذكر والدعاء، وأفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، دعاء وذكر، ثم بعد ذلك يعود إلى التلبية؛ لأنه وقت للتلبية، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، أو حتى إذا بلغ جمرة العقبة قطع التلبية.
فالحاج يستمر يلبي حتى يرمي، أو حتى يبلغ جمرة العقبة، والخلاف بين أهل العلم في وقت الرمي هل هو وقت للتلبية أو أنه بمجرد بلوغه الجمرة يقطع التلبية؟ كما ذكر ذلك من ردف النبي -عليه الصلاة والسلام- في انصرافه من مزدلفة إلى منى، وهذا في الصحيح.
"قال يحيى: قال مالك -رحمه الله تعالى-: "وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا" ويعني المدينة، وقاله ابن عمر -على ما سيأتي- وعائشة وجماعة، وجمهور أهل العلم أنه لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، حتى يرمي ويمكن حملها أيضاً على معنىً يصح لتوافق حتى إذا بلغ، نعم حتى يرمي، يعني حتى يشرع في الرمي، وهذا قول الجمهور؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة أو بلغ جمرة العقبة.
"وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عمته عائشة زوج النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف" وهو محمول على ما حمل عليه سابقه وأنها بعرفة بعد الزوال تتفرغ للذكر والدعاء وهو موافق لفعل علي -رضي الله عنه-.

(70/4)


يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم" ويستمر على قطعها حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، في الحج يعني إذا أهل مفرداً أو أهل قارناً، نعم ومثله المعتمر إذا انتهى إلى الحرم قطع التلبية، كل من أحرم يقطع التلبية إذا دخل إلى الحرم، لكن المفرد والقارن إذا طاف وسعى يعود إلى التلبية؛ لأنه ما زال محرماً، نعم، القارن والمفرد يعود إلى التلبية فلا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة.
كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم، ويستمر على ذلك حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ثم بعد السعي يلبي، يعود إلى التلبية؛ لأنه ما زال متلبساً بالإحرام "حتى يغدوَ من منى إلى عرفة فإذا غدا" ذهب إلى منى "ترك التلبية" وهذا في الحج، وهذا الكلام موافق لما ذكر المؤلف عن عائشة وعلي بن أبي طالب "وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم".
عرفنا متى يشرع في التلبية؟ إذا تلبس بالإحرام، ودخل في النسك، ويقطعها إذا بلغ الحرم، فإن كان معتمراً وحل من عمرته انتهت حتى يحرم بالحج، وإن كان مفرداً أو قارناً رجع إلى التلبية بعد فراغه من السعي إلى أن يرمي أو أن يبلغ جمرة العقبة، وحملنا ما ذكره المؤلف عن علي وعائشة وابن عمر على أنهم يقطعون التلبية إذا غدوا إلى عرفة للتفرغ لما ذكرنا، وإن كان مالك -رحمه الله- كأنه فهم أنهم يقطعونها ولا يعودون إليها، ثم يستمرون حتى يبلغون جمرة العقبة، وهذا هو المعروف والثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة.

(70/5)


لو افترضنا أنه أخر الرمي إلى آخر النهار يوم العيد، وبدأ من أسباب التحلل بغيره، بغير الرمي، طاف بالبيت وسعى وحلق شعره ولبس ثيابه، يستمر يلبي وإلا تنقطع التلبية؟ تنقطع؛ لأنه حل من إحرامه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فحتى غاية، وهذا لم يرمِ جمرة العقبة، هذا لم يرم جمرة العقبة هل نقول: إنه يقطع التلبية وإن لم يرمِ جمرة العقبة؟ يعني هل يناسب أن الإنسان يلبي وعليه الثياب؟ نعم؟ أو نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما زال يلبي حتى بلغ الجمرة وهذا ما بلغ الجمرة فلا يزال يلبي حتى يبلغها؟ يعني إذا باشر أول أسباب التحلل؛ لأن رمي الجمرة يقوم مقامها ما قدم عليها من أسباب التحلل، يعني لو قدم الطواف قلنا: إذا بلغ البيت، نعم، إذا قدم الحلق قلنا: إذا شرع فيه، لكن لو افترضنا أنه أخرها، ما رمى جمرة العقبة، افترض أنه حصل له ما يمنعه من رمي الجمرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حتى يذبح الهدي بدلها؟
طالب:. . . . . . . . .
الفدية؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف، هذا الظاهر، ومن رتب ترتيب النبي -عليه الصلاة والسلام- يلتزم بفعله، لكن من قدم وأخر، من قدم وأخر وقد قيل له: افعل ولا حرج، إذا باشر أسباب التحلل يقطع التلبية، والأصل في ذلك أن المعتمر حينما يباشر الأسباب نعم يقطع التلبية إذا بلغ البيت، فلو قدم الطواف على الرمي قلنا: إذا بلغ البيت يقطع التلبية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على الخلاف هل هو إذا رأى البيت؟ هل هو إذا رأى البيت أو دخل الحرم يعني حدود الحرم؟ أو إذا شرع في الطواف؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، لكن كأنه إذا رأى البيت أو شرع في الطواف ولا فرق بينهما إلا شيء يسير.

(70/6)


"ثم بعد السعي يلبي حتى يغدو من منىً إلى عرفة فإذا غدا ترك التلبية" هذا معروف في الحج، وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم، وهذا يقول به الإمام مالك بالنسبة لمن أحرم من الميقات، على ما ستأتي الإشارة إليه، من أحرم من الميقات لأنه لبى قدراً يظنه كافياً، نعم، لكن إذا أحرم من أدنى الحل كأن مالك لا يقول بمثل هذا؛ لأنه مباشرة يبي يلبي ثم يدخل في الحرم إذا كان من أدنى الحل، فمالك يحمله على ما إذا أحرم من الميقات.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت" يعني لعدم مشروعيتها في الطواف، ولذلك كرهها ابنه سالم ومالك -رحمهما الله-، قال ابن عيينة: ما رأيت أحداً يقتدى به، ابن عيينة يقول: ما رأيت أحداً يقتدى به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب، وأجازه الشافعي سراً، يلبي سراً وهو يطوف، يلبي سراً وهو يسعى، وكان ربيعة يلبي وهو يطوف، يعني يجهر بها؛ لأنه ما زال متلبس بالإحرام ولا يقطعها، نعم، ولا يقطعها وهو يطوف ويسعى؛ لأنه ما زال والغاية متى؟ حتى يبلغ الجمرة.

(70/7)


"وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة" بلال المدني، ثقة "عن أمه" مرجانة مولاة عائشة "أم علقمة عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة" هذا دليل على أن نمرة نعم؟ نص من عرفة بنمرة، نعم؟ يعني لو قالت .. ، لو جاء في الخبر أنها كانت تنزل بنمرة من عرفة، نعم، يعني أن نمرة جزء من عرفة، والمسألة خلافية، منهم من يقول: إنها ملاصقة لها وليست منها، لقربها خارجاً عنها، ومنهم من يقول: هي منها على الخلاف بين أهل العلم، على كل حال هذه محل خلاف، بطن عرنة هل يعد من عرفة وإلا خارج عرفة؟ وجاء في الحديث: ((وارفعوا عن بطن عرنة)) والجمهور على أنه خارج عرفة، والوقوف فيه لا يجزئ، والمالكية يرون الإجزاء؛ لأنه لو لم تكن من عرفة لما نبه عليها بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ارفعوا عن بطن عرنة)) ((عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة)) لو لم تكن من عرفة ما يحتاج إلى التنبيه عليها؛ لأنه لم يقل -عليه الصلاة والسلام-: ارفعوا عن مزدلفة ولا عن منى ولا عن أي مكان ثاني، يعني لو لم تكن منها لما احتيج إلى التنبيه عليها كغيرها، فهي عنده منها، ويحرم الوقوف فيها، ويكون مجزئاً، التحريم لأنه خالف هذا الأمر، ويكون مجزئ لأنها منها، والجمهور الوقوف فيها لا يجزئ لأنها ليست منها.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
واضح من هذه ويش هي؟ تنزل من عرفة، لكن هل نقول: هذا خاتم من حديد؟ خاتم من حديد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
منه، يعني جزء منه، افترض أنها بيانية مثلاً، نعم {فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [(30) سورة الحج] نعم لكن هل منها ما يدل على ما ذكرت؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، أنا أقول: شوف ترى أحياناً يهجم على الإنسان فهمه واستعماله وما يسمعه من حوله في هذه الكلمة، نعم، أحياناً يهجم على الإنسان الاستعمال المحلي عنده لهذه الكلمة، نعم، أحياناً يهجم على الذهن ثم بعد ذلك يفهم النص .. ، لكن هنا لا بد أن نرجع إلى ما تحتمله الكلمة عربية، ولو كان مغني اللبيب بين أيدينا لعرفنا، فليراجع -إن شاء الله-، وعلى كل حال الخلاف موجود بين أهل العلم، نعم؟

(70/8)


طالب:. . . . . . . . .
لا، المسجد بعضه فيها، بنمرة، وبعضه داخل بعرفة، والمفتى به أن الجزء الذي من نمرة ليس من عرفة، ولذلك لو لحظت الناس وهم في المسجد وجدتهم بعد الصلاة ينحصرون في زاوية من المسجد ضيقة بعد، جزء من المسجد.
"ثم تحولت إلى الأراك" موضع بعرفة من ناحية الشام، يعني في شمال عرفة، النبي -عليه الصلاة والسلام- ماذا صنع لما دفع من منى؟ وجد القبة مضروبة بنمرة وجلس فيها، ثم لما زالت الشمس دخل عرفة بعد الصلاة "قالت: وكانت عائشة" قالت: أم علقمة مرجانة هذه "وكانت عائشة تهل -يعني تلبي- ما كانت في منزلها" الموضع الذي تنزل فيه، تلبي، تهل تحرم في المنزل الذي تكون فيه وقت الإحرام "و -يهل أيضاً- من كان معها، فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف -بعرفة- تركت الإهلال" التلبية، وأشرنا سابقاً إلى أن قولها يوافق قول علي -رضي الله عنه- وقول ابن عمر، كلهم إذا توجهوا إلى الموقف وزالت الشمس تركوا التلبية، وعرفنا أن هذا محمول على أنه للتفرغ والذكر والدعاء، وأنهم يعني ما في الآثار هذه ما يدل على أنهم لا يعودون إليها بعد غروب الشمس، ولا يزاولون يلبون كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصنع حتى يرمي الجمرة.
"قالت: وكانت عائشة تعتمر بعد الحج" عندنا تركت الإهلال، كان لا يلبي، تنزل ثم إيش؟ قبلها؟ فإذا غدا ترك التلبية، هنا تترك الإهلال، تركت الإهلال، وابن عمر ترك التلبية، وعلي قطع التلبية، في الدلالة على الترك المطلق أو الترك المؤقت علي قطع التلبية، قطع هل يفيد أنه لم يعد إليها؟ لا، الذي يغلب على الظن أنه قطعها في هذه المدة ثم رجع إليها، نعم، أما الترك في خبر ابن عمر ترك التلبية، تركت الإهلال الذي يغلب على الظن أنها لم يعد إليها، لكن ما يظن بابن عمر وهو الصحابي المؤتسي، وعائشة -رضي الله عنها- وقد حجت مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعرفت من حاله ما عرفت أنه ترك مطلق؛ لأن الترك يطلق على الترك المطلق والمؤقت.
وهذه مسألة تبحث في ترك الصلاة، نعم هذه يحتاج إلى مثلها مثل هذا الكلام في مثل حديث: ((العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة فمن تركها)) هل معنى هذا أنه تركها بالكلية أو تركها ثم عاد إليها؟ نعم؟

(70/9)


طالب:. . . . . . . . .
أنت افترض أنه تعمد ترك فرض، وأخرجه عن وقته ما قيل بكفره؟ قيل بكفره، فالفهوم هنا نعم لا بد من الرجوع فيها إلى كتب اللغة ومعاني الترك، هل يقتضي الترك بالكلية أو الترك المؤقت؟ وهذا ينفعنا هنا وفي مسألة تارك الصلاة.
"قالت: وكانت عائشة تعتمر بعد الحج" مما يعني بعض أهل العلم يعني تردد في كفر من لا يصلي إلا الجمعة يقول: ليس بتارك هذا، يعني هذا يصلي أحياناً، ومعلوم أن من أهل العلم من يرى أن من تعمد ترك فرض واحد كفر، ولذا لا يلزم بالقضاء، يتوب وخلاص يسلم من جديد لأنه كفره، نسأل الله السلامة والعافية.
"وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة" يعني كما فعلت مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، لما انتهوا من أعمال الحج قالت عائشة -رضي الله عنها-: يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج فقط، فأمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم في شهر ذي الحجة في ليلة الرابع عشر منه، نعم، في ليلة الرابع عشر من ذي الحجة.
"كانت تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة ثم تركت ذلك، فكانت تخرج قبل هلال المحرم، حتى تأتي الجحفة" تخرج قبل هلال المحرم، يعني تؤدي العمرة تؤدي الحج كاملاً حتى إذا فرغت منه خرجت إلى الجحفة "فتقيم بها حتى ترى الهلال" أولاً: لا يكفيها أن تحرم من أدنى الحل كما فعلت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث أحرمت من التنعيم، تخرج إلى الميقات ولا تحرم بعد الحج مباشرة بل تنتظر هلال المحرم، والذي فعلته في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرمت من أدنى الحل، وأحرمت قبل خروج شهر ذي الحجة.

(70/10)


"ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال، فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة" أهلت من الجحفة من الميقات، فتأتي مكة فتفعل عمرة ثم تعود إلى المدينة بعد ذلك؛ لقوله -جل وعلا-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [(197) سورة البقرة] فهي تستحب تخليص هذه الأشهر للحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [(197) سورة البقرة] فهي تخلص هذه الأشهر الثلاثة وكأن رأيها أيضاً أن شهر ذي الحجة كامل من أشهر الحج، تريد أن تخلص هذه الأشهر الثلاثة للحج، ثم بعد ذلك إذا فرغت أشهر الحج اعتمرت، وخروجها للجحفة لفضل الإحرام من الميقات، والإحرام من التنعيم إنما هو رخصة، والميقات أفضل على حد فعلها، على حد ما فعلت.
الخبر مالك عن علقمة بن أبي علقمة، مالك نجم السنن، إمام دار الهجرة، وعلقمة ثقة، وأمه مرجانة مولاة عائشة مقبولة، نعم؟ مقبولة، مقتضى قولهم: إنها مقبولة صحابية وإلا تابعية؟ تابعية، طيب خبر المقبول حكمه؟ نعم؟ يعني لا بد له من متابع، ولذا في المرتبة الخامسة عند ابن حجر يقول: "من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يذكر عنه ما يترك حديثه من أجله، فإن توبع فمقبول وإلا فلين" على ما في هذا الاصطلاح من الإشكال الكبير، إن توبع فمقبول وإلا فلين، هذه نحتاج إلى ما يتابعها على هذا الخبر، وإلا عائشة -رضي الله عنها- يبعد أن تفعل مثل هذا وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن أخاها أن يعمرها من التنعيم بعد الحج مباشرة، لم يحتج في ذلك إلى أن تذهب إلى الميقات، ولم يحتج أيضاً أن تنتظر خروج الشهر، واضح وإلا ما هو بواضح؟ هل أحد يعرف من تابع أم علقمة هذه؟ يعني هل أم علقمة تفردت به أو توبعت؟ تفردت، هل تستحق أن توصف بأنها مقبولة وقد تفردت؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أدري، قال: مقبولة، لا، نحتاج أن نعرف الإشكال الكبير في هذا الاصطلاح.
طالب:. . . . . . . . .

(70/11)


المقبول إيه، يعني كيف توصف بأنها مقبولة وهي لم تتابع؟ لأنها إذا لم توبعت فهي لينة، فهل نقول: إن ابن حجر حينما حكم عليها بهذا الحكم نعم أنه وقف لها على متابع في هذا الخبر أو في جميع أخبارها؟ ثم الإشكال الأكبر هل هذا حكم على الراوي أو على المروي؟ نعم هذا إشكال كبير حول هذا الاصطلاح، وعلى كل حال هذا اجتهاد.
طالب:. . . . . . . . .
من أبو عبد الملك؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
قاله أبو عبد الملك، ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا لا عندك الحديث الذي بعده، والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك، أنت نظرت إلى الحديث الذي بعده؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، وفي آخر شرح الحديث هذا، ويش اللي معك؟ الزرقاني وإلا ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم.
طالب:. . . . . . . . .
المتن؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ويش اللي معك أنت؟ المشكلة إن كان هذا فيه وإحنا مادحينه بعد صحيح كلامه، والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك، وانتهى، ثم بدأ الكلام من جديد مالك عن يحيى بن سعيد.
طالب: من هو؟
هذا اللي نسأل عنه، ما زال السؤال قائم من أبو عبد الملك هذا؟
في عند المالكية أبو عبد الملك البوني، والبونة بلدة في المغرب، ينقلون عنه بكثرة، فلعله هو ويبحث، نعم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، يقول: هذه الطبعة مصورة وتصوير جديد ودار الجيل، وهي أفضل بكثير من دار الكتب العلمية، يعني إن مصورة عن طبعة الاستقامة.

(70/12)


يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -بن قيس الأنصاري- أن عمر بن عبد العزيز -الخليفة الراشد- غدا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عالياً فبعث الحرس -جمع حارس وهم أعوانه، نعم- يصيحون -يعني يرفعون أصواتهم- في الناس: أيها الناس إنها التلبية" يعني فلا تشتغلوا بغيرها، فهم يكبرون، الوقت وقت تكبير وهو أيضاً وقت تلبية، فكأنه -رحمه الله- لحظ أن الناس تركوا التلبية بالكلية واشتغلوا بالتكبير، فأراد أن يقول يبين لهم أنها التلبية، هذا وقت للتلبية، يعني إذا كان التكبير مشروع في هذا الوقت للناس كلهم للحجاج وغيرهم، واشتغلتم به عما هو خاص بالحاج فلئن تشتغلوا بالخاص أولى من أن تشتغلوا بالأمر العام، فقال -رحمه الله تعالى-: "أيها الناس إنها التلبية" فاشتغلوا بها، ولا يعني هذا أنه يمنع التكبير، نعم، لكن لما رآهم يكبرون عالياً ولم يسمع التلبية أراد أن يحثهم على ما يخصهم، ولا يعني هذا أنه يمنع التكبير بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا غدا إلى عرفة الصحابة منهم المكبر، ومنهم الملبي ولا ينكر هذا على هذا، ولا هذا على هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إي صحيح، إلى عمر بن عبد العزيز صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
ما يظهر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما فيه، لا لا ما يظهر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، (أن) حكمها حكم (عن).
. . . . . . . . . ... وحكم (أن) حكم (عن) فالجلُ
سووا. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
يعني بينهما.
. . . . . . . . . وللقطع نحا البرديجي ... حتى يبين الوصل في التخريجِ
وذكرنا أن الحافظ العراقي فهم من كلام الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أن (أن) تختلف عن (عن) وأن (أن) محمولة على الانقطاع بسبب خبر واحد؛ لأن أحمد ويعقوب بن شيبة حكما على خبر محمد بن الحنفية نعم عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به فقال: متصل، وعن محمد بن الحنفية أن عماراً مر به النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: منقطع، والفرق بينهما ظاهر؛ لأنه في الطريق الأول يحكي القصة عن صاحبها، فهي متصلة، وفي الطريق الثاني يحكي القصة وهو لم يشهدها فهي منقطعة، فليس مرد هذا أن الصيغة اختلفت، لا.

(70/13)


. . . ... وحكم (أن) حكم (عن) فالجلُ
سووا. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
ولذا قال .. ، هذا ابن الصلاح الذي فهم من كلام الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة، ولذا يقول الحافظ العراقي:
. . . . . . . . . ... كذا له. . . . . . . . .
يعني لابن الصلاح.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . ولم يصوب صوبه
يعني ما فهم المقصود، يعني ولا حام حوله، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثاً وأنتم مدهنون؟ أهلوا إذا رأيتم الهلال".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أقام بمكة تسع سنين وهو يهل بالحج لهلال ذي الحجة، وعروة بن الزبير معه يفعل ذلك.
قال يحيى: قال مالك: "وإنما يهل أهل مكة وغيرهم بالحج إذا كانوا بها، ومن كان مقيماً بمكة من غير أهلها من جوف مكة لا يخرج من الحرم".
قال يحيى: قال مالك: "ومن أهل من مكة بالحج فليؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى، وكذلك صنع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-".
وسئل مالك عمن أهل بالحج من أهل المدينة أو غيرهم من مكة لهلال ذي الحجة كيف يصنع بالطواف؟ قال: "أما الطواف الواجب فليؤخره، وهو الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة، وليطف ما بدا له، وليصل ركعتين كلما طاف سبعاً، وقد فعل ذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين أهلوا بالحج فأخروا الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى رجعوا من منى، وفعل ذلك عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فكان يهل لهلال ذي الحجة بالحج من مكة، ويؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى.
وسئل مالك عن رجل من أهل مكة هل يهل من جوف مكة بعمرة؟ قال: "بل يخرج إلى الحل فيحرم منه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(70/14)


"باب: إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم" إهلالهم يعني وقت إهلالهم، ويشمل أيضاً مكان الإهلال، متى يهل أهل مكة؟ ومن أين يهلون للحج والعمرة؟ أما بالنسبة لمتى يهلون بالحج فتقدم عن ابن عمر، تقدم من حديث عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر: "يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعاً لم أرَ أحداً من أصحابك يصنعها، ثم قال: ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية، فقال ابن عمر: وأما الإهلال فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهل حتى تنبعث به راحلته".
الإهلال يوم التروية لمن كان بمكة وهكذا فعل أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- الذين حلوا من عمرتهم، وأما من أهل بحج مفرد أو قرن بينهما فلم يزل على إحرامه، قلنا: استصحب هذا الخبر الذي تقدم شرحه وهو في الصحيحين.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: "يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثاً غبراً وأنتم تأتون مدهنون؟ " يعني يأتون من بعيد وأحرموا قبلكم، وأدركوا من الأجر أكثر منكم، نعم "أهلوا إذا رأيتم الهلال" لتكونوا مثلهم "وأنتم مدهنون" وهذه عبارة عن عدم إحرامهم، "وأنتم مدهنون، أهلوا إذا رأيتم الهلال" أي هلال ذي الحجة، وهذا مما يخالف فيه ابن عمر أباه كما تقدم.

(70/15)


"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير -بن العوام- أقام بمكة تسع سنين -خليفة- يهل بالحج لهلال ذي الحجة" ليحصل له من الشعث والإغبرار ما يحصل لمن أحرم من الميقات، وهذا لما كانت الوسائل وسائل النقل تحتاج إلى وقت طويل، أما الآن ما الفرق بين أن يحرم بعد الظهر من الميقات ويقف بعرفة مع الناس؟ بل قد يصل عرفة قبل من كان بمكة، بل قبل من كان بمنىً ينزل من الطائف على الهدى على عرفة على طول، وقد أحرم من الميقات، فكلامه هنا: "أهلوا إذا رأيتم الهلال" إن الإهلال في وقته يحتاج إلى وقت طويل، كم يحتاج الطريق من المدينة من ذي الحليفة إلى مكة؟ يحتاج لتسعة أيام، أو عشرة كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم لخمس بقين ولا وصل إلا رابعة من ذي الحجة فيحتاج إلى عشرة أيام، وأراد عمر أن يكونوا مثلهم، وكذلك ابن الزبير، مثل من قدم من الميقات، لكن الآن الطريق أحياناً في ما يقرب من نصف ساعة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يلزم، يحرم من مكانه، لكن لا يلزمه أيضاً لو كان بمكة أن يخرج إلى الحل، كونه يحرم من الحرم أفضل من كونه يحرم من الحل، نعم ولو أحرم من مكانه أجزأ ما في إشكال -إن شاء الله-.
وين يحرمون أصحاب الحملات؟
طالب:. . . . . . . . .
المشرفون عليها؟ من عرفة نفسها، اللي ورد مكة وأتى بعمرة وحل الحل كله حكمه لا يختلف عن المكي، لا يختلف عن المكي، باب إهلال مكة أهل مكة ومن بها من غيرهم، حكمهم حكم المكيين، ولذا لو أراد عمرة لا بد أن يخرج، سواءً كان مكي أو بمكة من غير أهلها.
"أقام بمكة تسع سنين يهل بالحج لهلال ذي الحجة" قلنا: إنه ليحصل له من الشعث والغبرة ما يحصل لمن أحرم من الميقات، "وعروة بن الزبير معه يفعل ذلك" الإمام مالك بحاجة إلى أن يذكر عروة وقد ذكر أباه خليفة صحابي؛ لأن عروة من الفقهاء، نعم من الفقهاء السبعة عروة، فيحتاج إلى نقل قوله كغيره من الفقهاء.
"قال يحيى: قال مالك: "وإنما يهل أهل مكة وغيرهم بالحج إذا كانوا بها، ومن كان مقيماً بمكة من غير أهلها من جوف مكة لا يخرج من الحرم".

(70/16)


قال يحيى: قال مالك: "وإنما يهل أهل مكة وغيرهم بالحج إذا كانوا بها، أما إذا كانوا خارجاً عنها، مكي وقت الإهلال بالحج بجدة هل نقول له: اذهب إلى بيتك بمكة وأحرم منه أو أحرم من جدة؟ أو افترض أنه في المدينة ومر بالميقات يلزمه الإحرام أو لا يلزمه؟ يلزمه الإحرام، ومن كان مقيماً يعني من غير أهلها بمكة كالمتمتع إذا حل من عمرته، من جوف مكة لا يخرج من الحرم، يعني لا يلزمه الخروج، لكن لو خرج كما يفعل بعض الناس من الإحرام بعرفة، لا شيء عليه، لكن هنا لا يلزمه أن يخرج، لماذا؟ وهذا في الحج؟ لأنه سوف يجمع بين الحل والحرم؛ لأنه سوف يخرج إلى عرفة، ومن تلبس بالإحرام سواءً كان بحج أو عمرة لا بد من الجمع بينهما.
"قال يحيى: قال مالك: "ومن أهل من مكة بالحج فليؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة" ليوقعه بعد الطواف؛ لأنه لا يحتاج إلى طواف قدوم الذي بمكة يحتاج إلى أن يطوف للقدوم؟ لا يحتاج، وطواف الإفاضة يصح قبل يوم النحر؟ لا يصح، والسعي لا يصح عند الأكثر إلا بعد طواف.
قال: "فليؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة" ليوقعه بعد الطواف، ومثل هذا لا يحتاج إلى طواف قدوم "حتى يرجع من منى يوم النحر، وكذلك صنع عبد الله بن عمر".
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
في ذلك اليوم، في يوم النحر، لو أراد أن يقدم أو سعى ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يصلح.
طالب: من الجميع وإلا من مكة؟
من الجميع، من الجميع إذا لم يطف للقدوم؛ لأن جمهور أهل العلم يشترطون أن يقع السعي بعد طواف، ولو مسنون، يطوف مسنون ثم يسعى بعده؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، بأس، عندهم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا افترض أنه مكي، ما عليه قدوم.
طالب:. . . . . . . . .
أراد أن يطوف طواف مسنون ثم يسعى بعده مقتضى قولهم أنه يصح، فإذا جاز تقديمه بعد طواف القدوم كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- نعم يجوز بعد أي طواف مسنون.
طالب: طيب والمتمتع قبل التعريف حل ثم أحب أن. . . . . . . . .
بعد أن يحرم بالحج؟
طالب:. . . . . . . . .

(70/17)


كيف يأتي بركن من أركانه قبل الدخول فيه؟ ما يجي، لا ما يجي "حتى يرجع من منى وكذلك صنع عبد الله بن عمر، وسئل مالك عمن أهل بالحج من أهل المدينة أو غيرهم من مكة" يعني من المقيمين بها، من الواردين عليها "لهلال ذي الحجة كيف يصنع بالطواف؟ قال: أما الطواف الواجب" اللي هو طواف الإفاضة "فليؤخره" لأنه لا يصح قبل يوم النحر "وهو الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة" أي يأتي عقبه بلا فصل "وليطف ما بدا له من النفل" من النفل يطف ما بدا له "وليصل ركعتين كلما طاف سُبعاً" أو أسبوعاً، يعني كل ما طاف سبعة أشواط يصلي ركعتين، فلكل أسبوع ركعتان، ولو جمع أسابيع، طاف سبعة ثم سبعة ثم سبعة ثم سبعة يلزمه ركعتان لكل أسبوع، والجمع بين الأسابيع ثبت عن عائشة والمسور وغيرهما.
"وليصل ركعتين كلما طاف سبعاً وقد فعل ذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين أهلوا بالحج من مكة فأخروا الطواف -الواجب- بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى رجعوا من منى" يعني يوم النحر "وفعل ذلك عبد الله بن عمر فكان يهل لهلال ذي الحجة" ولعل هذا في بعض الأحيان، وليست عادة مطردة؛ لأنه تقدم عنه مما خرجه الشيخان وغيرهما أنه يهل يوم التروية، لكن قد يكون يهل أحياناً، نعم ليوافق عمل أبيه "بالحج من مكة، ويؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى فيطوف ويسعى.

(70/18)


وسئل مالك عن رجل من أهل مكة هل يهل من جوف مكة بعمرة؟ " انتهينا بالنسبة للحج يهل من مكة ((حتى أهل مكة من مكة، ومن كان دونها فمن حيث أنشأ)) دون المواقيت ((حتى أهل مكة من مكة)) هذا النص يشمل الحج والعمرة وإلا خاص بالحج؟ يعني هل من أراد العمرة وهو في داخل مكة يحرم من مكة وإلا يخرج إلى الحل؟ الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- فهم أن هذا عام، وأنه لا يلزمه الخروج، ورجحه الصنعاني، وأن أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر أخته من التنعيم إنما هو لجبر خاطرها، لكي تدخل إلى مكة محرمة كما دخل غيرها، نعم ومقتضى قوله: ((حتى أهل مكة من مكة)) العموم، وجماهير أهل العلم على أن المكي ومن في حكمه ممن وجد بمكة إذا أراد العمرة لا بد أن يخرج إلى الحل، ونقل المحب الطبري الإجماع عليه، وأنه لا يعرف أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة.
"وسئل مالك عن رجل من أهل مكة هل يهل من جوف مكة بعمرة؟ قال: بل يخرج إلى الحل فيحرم منه" لأن الجمع في الإحرام بين الحل والحرم واجب؛ ولأن العمرة زيارة للبيت وإنما يزار الشيء من خارجه، من داخل البيت ما يزار، إنما يزار الشيء يوفد عليه ويزار وعامة أهل العلم على أنه لا بد من الخروج، وأوضح أدلتهم حديث عائشة -رضي الله عنها- وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- انتظرها، انتظرها وحبس الناس من أجلها، وهم ينتظرون الخروج من مكة حبسهم، وكونه جبر خاطرها بالإتيان بالعمرة المستقلة لا يعني أنه أيضاً يشق على نفسه وعلى غيره بأن تحرم من خارج مكة وينتظرها الناس حتى تأتي إلا لأن هذا واجب، وبهذا قال عامة أهل العلم، ونقل عليه الإجماع، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(70/19)


الموطأ - كتاب الحج (8)
شرح: باب: ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي، وباب: ما تفعل الحائض في الحج، وباب: العمرة في أشهر الحج، وباب: قطع التلبية في العمرة.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو عبد الملك الذي مر ذكره بالأمس وقلت: إنه أبو عبد الملك البوني، هذا ذكر جاء بورقة قال: ذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك: أبو عبد الملك البوني اسمه مروان بن علي القطان أندلسي الأصل، سكن بونة من بلاد إفريقية، كان من الفقهاء المتفننين، وألف في شرح الموطأ كتاباً مشهوراً حسناً رواه عنه الناس، وهو المراد يعني.
يقول هذا: إذا أخذ عمرة في أشهر الحج ثم نوى الحج هل له أن يكون متمتعاً؟
سيأتي ذكر العمرة في أشهر الحج في هذا الدرس -إن شاء الله تعالى-.
هذا يذكر الهدي الذي هو التطوع الذي يبعثه الإنسان وهو في بلده من دون أن يتلبس بإحرام.
وهو موضوع هذا الدرس -إن شاء الله تعالى- ويشار إليه.
يقول: مرجانة قال ابن حجر في التهذيب: "والدة علقمة تكنى أم علقمة روت عن معاوية وعائشة وروى عنها ابنها علقمة، ذكرها ابن حبان في الثقات، وروى عنها أيضاً بكير بن الأشج، وعلق لها البخاري، وقال ابن حجر: قال البخاري في صحيحه في الصيام: بكير عن أم علقمة: كنا نحتجم عند عائشة فلا تنهى .. ، وعلق لها في الحيض أيضاً ووصله مالك في الموطأ، قال العجلي: مدنية تابعية ثقة، وقال في الكاشف: وثقت، بينما قال ابن حجر في التقريب: مقبولة، وهي من الثالثة.
يعني كون البخاري يعلق لها لا يعني أنها من رجال الصحيح، إنما المقصود برجال الصحيح الذين خرج لهم في الأصول معتمداً عليهم، وكون ابن حبان ذكرها في الثقات مجرد الذكر لا يقتضي التوثيق لا سيما إذا عورض، اللهم إلا إذا اجتمع ذكر الراوي في الثقات مع تخريجه له في صحيحه، أو أن ينص على توثيقه، يذكره في الثقات ويقول: ثقة، أو يكون من شيوخه الذين عرفهم وخبر أحوالهم هذا يتجه القول بتوثيقهم، أما مجرد ذكر الراوي في الثقات فلا يلزم منه التوثيق، وقد ذكر رجالاً في الثقات، وذكرهم في المجروحين.

(71/1)


على كل حال قول ابن حجر: تابعية مقبولة، وهي من الثالثة، يعني من التابعين، قال العجلي: مدنية تابعية ثقة، هي ممن تقادم العهد بهم، وممن أدرك الصحابة، أدرك جمع من الصحابة، فيظن به التوثيق، لكن هذا الكلام السابق على القول بأنها مقبولة، وعرفنا ما في هذا القول من إشكال.
يقول: ما معنى قول الإمام مالك: الأمر عندنا أن من قرن الحج والعمرة لم يأخذ من شعره شيئاً، ولم يحلل من شيء حتى ينحر هدياً.
يعني حتى يأتي يوم النحر، ويتحلل التحلل الأول إن كان معه، ويحل بمنى يوم النحر، يعني لا يحل قبل يوم النحر.
قوله: ولم يحلل من شيء حتى ينحر هدياً، ما دخل الإحلال بذبح الهدي؟ {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] والمقصود به يوم النحر، ويكون بفعل اثنين من ثلاثة والحلق منها.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "من أهدى هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى يُنحر الهدي"، وقد بعثت بهدي فاكتبي إلي بأمرك أو مري صاحب الهدي، قالت عمرة: قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم بعث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أبي، فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له حتى نُحر الهدي".

(71/2)


وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سألت عمرة بنت عبد الرحمن عن الذي يبعث بهديه ويقيم هل يحرم عليه شيء؟ فأخبرتني أنها سمعت عائشة -رضي الله تعالى عنها- تقول: "لا يحرم إلا من أهل ولبى".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه رأى رجلاً متجرداً بالعراق فسأل الناس عنه، فقالوا: إنه أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد، قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- فذكرت له ذلك فقال: "بدعة ورب الكعبة".
وسئل مالك -عفا الله عنه- عمن خرج بهدي لنفسه فأشعره وقلده بذي الحليفة ولم يحرم هو حتى جاء الجحفة، قال: "لا أحب ذلك، ولم يصب من فعله، ولا ينبغي أن يقلد الهدي ولا يشعره إلا عند الإهلال إلا رجل لا يريد الحج، فيبعث به ويقيم في أهله".
وسئل مالك: هل يخرج بالهدي غير محرم؟ فقال: نعم لا بأس بذلك.
وسئل أيضاً عما اختلف فيه الناس من الإحرام لتقليد الهدي ممن لا يريد الحج ولا العمرة، فقال: الأمر عندنا الذي نأخذ به في ذلك قول عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بهديه ثم أقام فلم يحرم عليه شيء مما أحله الله له حتى نُحر هديه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي" هذه الترجمة ذكرها المؤلف لأنه وجد من يقول: إن من بعث الهدي حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي، ولعل عمدته في ذلك عموم قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] فشمل الهدي على عمومه بما في ذلك المستحب، ومن لم يدخل في النسك، وبهذا يقول ابن عباس على ما سيأتي، فمجرد تقليد الهدي وبعث الهدي إلى البيت لا يترتب عليه الامتناع، وأنه لا يشبه الدخول في النسك، كما أنه لا يشبه الأضحية، فلا يمسك عن شيء كما منع من أراد أن يضحي أن يمس من شعره ولا من بشره شيئاً، فالذي يبعث الهدي لا شيء يمسك عنه.

(71/3)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان" زياد بن أبي سفيان بن حرب هو بهذه التسمية يكون أخاً لمعاوية، ابن حجر في فتح الباري يقول: كأن شيخ مالك حدث به كذلك في زمن بني أمية، قال: زياد بن أبي سفيان، هذا في زمن بني أمية، لا يستطيع أن يقول: زياد ابن أبيه، أو زياد بن سمية، أو زياد بن عبيد لا يستطيع؛ لأنه في زمنهم، حدث به كذلك في زمن بني أمية، وأما بعدهم فما كان يقال له إلا زياد ابن أبيه، وذلك للشك في أبيه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يأتي، لا تستعجل.

(71/4)


وأما بعدهم فما كان يقال له إلا زياد ابن أبيه، وقبل استلحاق معاوية له، قبل أن يستلحقه معاوية، كان يقال له: زياد بن عبيد، الذي جعلهم يقولون: زياد ابن أبيه، كان مدة من الزمن يقال له: زياد بن عبيد، ثم قيل له: زياد بن أبي سفيان، فلما حصل التردد قيل: زياد ابن أبيه، وأمه اسمها: سمية مولاة الحارث بن كلدة، وكانت تحت عبيد المذكور الذي كان ينسب إليه سابقاً، فولدت زياداً على فراشه، على فراش عبيد، فكان ينسب إليه فلما كان في خلافة معاوية شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بأن زياداً ولده، معاوية عمل بهذه الشهادات فاستلحقه معاوية، يعني نظير القصة التي حصلت في ولد زمعة، حيث ادعي، هو ولد على فراش زمعة، وادعاه غيره عتبة، نعم وشبهه بيّن بعتبة، لكنه ولد على فراش زمعة، والقاعدة الشرعية أن الولد للفراش، يعني ولو وجد الشبه، شبهه بيّن بعتبة، وولد على فراش زمعة، فحكم النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((هو لك يا عبد بن زمعة)) يعني هو ولد أبيك؛ لأنه ولد على فراشه، هذا حكم شرعي، قاعدة، ولا يلتفت إلى غيرها مع وجودها ((واحتجبي منه يا سودة)) طيب إذا كان هو لزمعة وولد على فراشه، كيف تحتجب منه سودة بنت زمعة ألا يكون أخاً لها حكماً؟ هو أخ لها حكماً، لكن لما وجدت الشبهة فالاحتياط في مثل هذا من الجهتين، يحتاط لمثل هذا من الجهتين، يعني لو وجد شبهة رضاع، امرأة قالت: إني أرضعت فلاناً وفلاناً، كم أرضعتيهما؟ ما تدري، لكن تجزم بأنها أرضعتهما، نقول: لا يجوز له أن يتزوجها، ولا يجوز لها أن تكشف له، احتياط من الجهتين، استلحقه معاوية لذلك، وزوج ابن زياد ابنته ابنة معاوية، وأمَّر زياداً على العراقين البصرة والكوفة جمعهما له، ومات في خلافة معاوية سنة ثلاث وخمسين.

(71/5)


المقصود أن مثل هذا جعل من تأخر يقول: زياد بن أبيه ولا يتحمل مسؤولية؛ لأنه إذا قال: زياد بن أبي سفيان معناه أنه أثبت النسب، وقد ولد على فراش عبيد، نعم، ومن نفاه وهو لا يعلم حقيقة الحال، لكن الذي يظهر ما دامت متزوجة بعبيد، وولدت على فراشه، وإن ادعاه أبو سفيان أو ادعاه معاوية، أو قامت الشهادات بأن أبا سفيان قال: إنه ولده، وما دام الفراش لعبيد فالولد له، ما لم ينفه بلعان ((كيف وقد قيل؟ )) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، كثير من الأحكام الشرعية مبنية على غلبة الظن، هي أرضعتهما، تجزم بأنها أرضعتهما، كيف وقد قيل، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قال: كم أرضعتكم؟ ولا شيء، قال: ((اتركها، كيف وقد قيل؟ )) هذا الأصل، أكثر الأحكام مبنية على غلبة الظن.
طالب:. . . . . . . . .
عنده، عنده أنها أرضعتهما، الجزم بأنها ... ، ما هي بمسألة غلبة ظن، الجزم أنها أرضعتهم.
"أن زياد بن أبي سفيان" زياد كذا وقع هنا في جميع روايات الموطأ، زياد بن أبي سفيان، وهو كذلك عند الإمام البخاري، ووقع عند مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك في هذا الحديث أن ابن زياد بدل قوله: زياد بن أبي سفيان، في مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك أن ابن زياد بدل زياد بن أبي سفيان، ولا شك أن هذا وهم، والصواب ما وقع في البخاري، وهو الموجود عند جميع رواة الموطأ، كيف يكون عند جميع رواة الموطأ بما فيهم يحيى الذي روايته بين أيدينا وقد خرجه مسلم من طريق يحيى بن يحيى عن مالك بن زياد؟ نعم؟
يحيى بن يحيى الذي يروي عن مالك بواسطته الإمام مسلم هو يحيى بن يحيى التميمي، وراوي الموطأ، وله رواية في الموطأ، لكنها غير مشهورة وغير معروفة، أما يحيى بن يحيى الذي ندرس روايته فهو الليثي، وهذا ليست له رواية في الكتب الستة، وإنما يكتب عليه تمييز، فليست له رواية في الكتب الستة.

(71/6)


"أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج" يعني هذا الأمير أراد أن يتأكد، بعث هدياً إلى البيت، وأراد أن يتثبت هل يحرم عليه شيء كما يقول ابن عباس؟ أو يبقى حلالاً؟ بعث يسأل عائشة "أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي" يعني حتى يبلغ الهدي محله، وقد بعثت بهدي فاكتبي لي بأمركِ أو مري صاحب الهدي، قالت عمرة: قالت عائشة: "ليس كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما- أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم بعث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أبي" مع أبي بكر -رضي الله عنه- "فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له حتى نحر الهدي".
الآن الخلاف بين عائشة وابن عباس، فمن الذي يقدم قوله؟
طالب:. . . . . . . . .
قول عائشة لماذا؟ لأنها استدلت بمرفوع، ابن عباس لو استدل بمرفوع تحصل الموازنة، لكن هذا اجتهاد منه، وقد استدلت بما نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقولها هو الراجح.

(71/7)


"من أهدى هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي" وهذا هدي تطوع يبعث من الآفاق إلى البيت، يبعثه الناس وهم في بلدانهم، فيقلد وتفتل له القلائد، يعني تظفر حبال وتربط في عنقه، ويعلق عليه نعل إن كان من الغنم، ويشعر إن كان من الإبل، والخلاف في البقر هل تلحق بالإبل أو بالغنم؟ والأكثر على إلحاقها بالإبل، فتشعر مثلها، والتفريق سببه أن الغنم ضعيفة لا تتحمل الإشعار، وهي ضربها بالسكين يعني كشطها بالسكين في جانب ظهرها الأيمن، هي ضعيفة لا تتحمل مثل هذا، وأيضاً هذا الإشعار يغطى بالشعر، شعر الغنم كثيف، بينما هو في الإبل والبقر لا يتغطى، وسببه لكي يعرف أن هذا هدي فلا يتعرض له، وأنكر الحنفية الإشعار، وقالوا: إنه تعذيب للحيوان، وما دام ثبت فعله عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كالوسم، النبي -عليه الصلاة والسلام- وسم إبل الصدقة بيده، والوسم حرق بالنار، وما دام ثبت هذا عن أرحم الخلق فكيف يقال: إنه تعذيب؟ المقصود أنه ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني جعلتها ظفرتها، ثم بعد ذلك ربطتها في عنقه وربطت فيها نعل لتعرف أنها هدي بيدي "ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم بعث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أبي" تعني أبا بكر "فلم يحرم عليه -عليه الصلاة والسلام- شيء أحله الله له حتى نحر الهدي" وهذه السنة مهجورة، هذه السنة مهجورة، ينبغي أن تحيا، فيبعث الهدي، والآن الأمور ما تكلف شيء، إذا اشترى شخص خروف بخمسمائة ريال، وقلده وبعث به مع ثقة، بحيث يذبحه أو يوكل من يذبحه ويوزعه على مساكين الحرم تكون هذه السنة أحييت، وهذه لا تكلف شيئاً.
وذكرنا في مناسبات أن سبب موت هذه السنة هي كون كتب المناسك وما يتعلق بالحج لا تقرأ إلا في موسم الحج، يعني تقرأ قبيل الحج، وبعد الحج خلاص تهجر، فتنسى هذه السنن وإلا لو قرئت في صفر، في ربيع، في رجب، وتذكر الناس هذه السنة وبعثوها ما نسيت، يعني هل يعرف أحد منا أحداً بعث بالهدي إلى ... ، اللهم إلا القليل النادر، يعني الأمة ما تزال فيها خير، لكن على مستوى الجميع أو المجموع لا تكاد تذكر هذه السنة.

(71/8)


يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سألت عمرة بنت عبد الرحمن عن الذي يبعث بهديه ويقيم" يقيم في بلده "هل يحرم عليه شيء؟ فأخبرتني أنها سمعت عائشة تقول: "لا يحرم إلا من أهل ولبى" يعني لا يحرم على أحد شيء إلا بالنسبة لمن أهل ولبى، أما الذي لم يدخل في النسك فإنه لا يحرم عليه شيء، وهو بمعنى الحديث السابق إلا أنه موقوف.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه سمع رجلاً متجرداً بالعراق، فسأل الناس عنه، فقالوا: إنه أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد" وكأنه يرى رأي ابن عباس، يعني مقتضى قول ابن عباس: من أهدى هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج، أنه يحرم عليه لبس المخيط يتجرد، فكأن هذا سمع كلام ابن عباس فتجرد بالعراق "فسأل الناس عنه، فقالوا: إنه أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد، قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير فذكرت له ذلك فقال: "بدعة ورب الكعبة".
بدعة ورب الكعبة يعني التجرد من المخيط والكف عن المحظورات بالنسبة لمن لم يدخل في النسك بدعة، وهذا عمل بقول صحابي، لكن قول الصحابي في مقابل المرفوع لا اعتبار به؛ لأنه في مقابل مرفوع، لكن لو كان التجرد رأي ابن عباس، وعدم التجرد رأي عائشة مجرد رأي، نعم لما جرأ أحد أن يقول: بدعة، لكن لمخالفته المرفوع قالوا: بدعة.
هنا أمر هو متعلق بالمسألة التي طرقناها قبل، وهي الإهلال بالحج قبل الميقات، والتجرد عن المخيط من البلد أراد أن يحرم من دويرة أهله فتجرد وأهل بالحج أو بالعمرة من بيته، هذا يجرؤ أحد أن يقول: بدعة، وقد ثبت عن بعض الصحابة، لا يجرؤ أحد أن يقول: بدعة، ابن عمر أحرم من بيت المقدس، وبريدة من كرمان، وغيرهم من البصرة، المقصود أن هذا عمل به الصحابة، وهذا فهمهم، وهو اجتهاد منهم.

(71/9)


لكن من أراد أن يتشبه بالحاج هو لم يحج، ولم يبعث هدي، نقول: قال بقول ابن عباس، وأراد أن يصنع ما يعرف بالتعريف بالأمصار، التعريف بالأمصار يحتمل أمرين: الأول أنه يشبه أهل الموقف من كل وجه، فيتجرد عن المخيط، ويلزم بيتاً من بيوت الله، أو يخرج إلى الصحراء، ويتعرض لنفحات الله عشية عرفة، لكي يتشبه بالحجاج، وهذا هو التعريف المطابق لفعل أهل عرفة، وهو الذي نص على أنه بدعة، لو أن شخصاً صام يوم عرفة، وقد جاء في الحديث الصحيح أنه يكفر سنتين، صام يوم عرفة، وعشية عرفة لزم المسجد، يدعو الله -جل وعلا- ويتعرض لنفحاته، هل يقال: بدعة؟ لا، ليس ببدعة؛ لأنه ثبت عن السلف أنهم يحفظون صيامهم في المساجد؛ لأن الذي يجلس في المسجد يحفظ صيامه، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ولزوم المصلى بعد الصلاة كل هذه سنن ثابتة، وقد جاء الحث على التعريف، وهو محمول على هذا، والذي جاء وصفه بأنه بدعة النوع الأول، ويوم عرفة يوم فاضل، وأفضل أيام العام، وهو صائم، وينتظر الصلاة، ويتعرض لدعوة مستجابة ما في إشكال -إن شاء الله-.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
مسجد إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال مالك له القول بكراهة الإحرام قبل الميقات، لكنه ثابت عن جمع من الصحابة، ولولا فعل بعض الصحابة نعم وقيل بعدم الإجزاء قبل الميقات لما بعد، فضلاً عن التحريم، لكن ما دام ثبت عن بعض الصحابة ما لنا كلام، وفهمهم لقوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] قالوا: أن تحرم بهما من دويرية أهلك، والعمرة من بيت المقدس لها شأنها، المقصود أن هناك ما يدل ذلك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا لا، تعريف الأمصار قلنا: إنه إن كان مشابهة الحجاج من كل وجه هذا بدعة، ما فعله أحد، ولا حث عليه، لكن إن كان مجرد صائم، لزم المسجد في مصلاه الذي صلى فيه العصر، وانتظر فيه صلاة المغرب، وتعرض لنفحات الله ما يلام أبداً، وحفظ صيامه ببقائه في المسجد، وثبت عنهم أنهم كانوا يحفظون الصيام بالمساجد؛ لأنه إذا خرج من المسجد عرضة لأن يتكلم وأن يلغو وأن ... ، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(71/10)


المقصود أنه مجرد الصيام، يعني الإنسان صائم يلزم المسجد ما يلام، صائم ويلزم المسجد ما يلام، أبداً.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف أنا أقول: إنه ثبت عن بعض الصحابة، وجاء الحث على العمرة من بيت المقدس، وفهموا من قوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] أن تحرم بهما من دويرية أهلك، ما دام هذا ثابت عن الصحابة، لكن هل هو الراجح؟ ما هو بالراجح، لكن من فعله لا ينكر عليه مثل ما ينكر على بعض من يفعل ما لا أصل له بفعل الصحابة، مثل ما قال: فذكرت له ذلك فقال: بدعة، بدعة ورب الكعبة، لماذا؟ لأنه معارض بنص مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا قلنا في مناسبات كثيرة: أننا لاحظنا من يدخل المسجد النبوي وهو محرم، يعني شخص أراد أن يتجهز للإحرام، وبيركب الطيارة من الرياض، ولبس الإحرام من الرياض نقول: مبتدع؟ بالطيارة ما يمديه ولا في مكان يتجرد فيه، نقول: ما عليه شيء، لكن لا يعقد النية حتى يحاذي الميقات، لكن لو تجرد في المدينة في شقته، في منزله، نعم، وقال: المسافة عشرة كيلو سهل أمُر وأعقد النية وأمشي، لكن أتجرد بدل ما أتجرد بالمحرم وأمسك سرة أتجرد بالبيت وبالشقة، بالسكن، ما يلام، لكن الإشكال يأتي من كونه يدخل المسجد النبوي وعليه إحرامه فخشية أن يقال: إن المسجد يحتاج إلى إحرام، أو يقال: إن زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- تحتاج إلى إحرام يمنع من هذه الحيثية، وكانت قليلة وكأنها زادت الآن، بكثرة تصنع.
"وسئل مالك عمن خرج بهدي لنفسه" ....
يقول: بعث الهدي إلى البيت ما الفرق بينه وبين الأضحية؟ وهل لا يمس من شعره أو ظفره شيء؟
بعث الهدي مثل ما جاء عندنا أنه لا يلزم بشيء، فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له حتى نحر الهدي، ما حرم عليه شيء، وجاء في الأضحية ما جاء، نعم، ((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشرته شيئاً)) فالأضحية جاء ما يخصها.

(71/11)


"وسئل مالك عمن خرج بهدي لنفسه فأشعره وقلده بذي الحليفة، ولم يحرم هو حتى جاء الجحفة، قال: لا أحب ذلك، ولم يصب من فعله، ولا ينبغي له أن يقلد الهدي ولا يشعره إلا عند الإهلال إلا رجل لا يريد الحج فيبعث به ويقيم في أهله" الآن المسألة مفترضة في شخص خرج من المدينة، ومر بذي الحليفة، أشعر الهدي وقلده من ذي الحليفة، لكنه لم يحرم إلا من الجحفة، هذا عند مالك فيه إشكال؟، قال: لا أحب ذلك هل لا أحب تأخير الإحرام إلى الجحفة أو لا أحب تقديم تقليد الهدي إلى الإحرام؟
طالب: تقليد الهدي.
نعم، قال: "لا أحب ذلك، ولم يصب من فعله، ولا ينبغي أن يُقلد الهدي -أو أن يقلِد الهدي- ولا يشعره إلا عند الإهلال" يعني في الميقات "إلا رجل لا يريد الحج فيبعث به ويقيم في أهله" فيقلده من بيته.
ابن حجر يقول: المهدي للبيت له حالان: إما أن يسوق الهدي ويقصد النسك، إما أن يسوق الهدي وهو قاصد النسك، فهذا إنما يقلد هديه ويشعره عند إحرامه وإما أن يسوق الهدي ويقيم فيقلده من مكان إقامته لحديث الباب.
ونستذكر المسألة السابقة وهي أن من تجاوز الميقات الذي حدد له أو مر به إلى ميقات آخر عند مالك لا شيء فيه، والجمهور يلزمونه بدم، وهنا كأن مالكاً لا يرى عليه شيء، مر بذي الحليفة وقلد الهدي بذي الحليفة، ولم يحرم حتى جاء الجحفة، تجاوز الحليفة غير محرم ثم أحرم من الجحفة، ما ألزمه مالك بشيء، إنما أنكر عليه كونه قلد الهدي قبل إرادة الإحرام.
"وسئل مالك هل يخرج بالهدي غير محرم؟ فقال: "نعم لا بأس بذلك" يخرج بالهدي من بيته حتى يأتي المحرم فيقلده، أو يبعث الهدي ويقيم في بلده فلا بأس بذلك ولا يحرم.
"وسئل -أيضاً - رحمه الله- عما اختلف فيه الناس من الإحرام لتقليد الهدي ممن لا يريد الحج ولا العمرة، فقال: الأمر عندنا الذي نأخذ به في ذلك قول عائشة أم المؤمنين: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بهديه ثم أقام، فلم يحرم عليه شيء مما أحله الله له حتى نحر هديه" كما تقدم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هدي تطوع هذا، هدي تطوع، حتى في العمرة ويش المانع؟

(71/12)


أقول: لو بحث عمن يبعث معه هدي فلم يجد وأراد إحياء هذه السنة، نعم، فبعث قيمة الهدي، فقال لشخص: اذهب بهذه القيمة وفلان ينتظرك وكيل اتصلت به وقلت له: خذ الدراهم من فلان واشترِ به هدياً تقوم مقامي وتوزعه، هل يكفي بعث قيمة الهدي؟ وهناك ما هو أسهل، يعني تحويله بالصراف وإلا بالهاتف المصرفي وإلا بـ ... ، الأمور تيسرت -ولله الحمد-، لكن كل هذا لا يقوم مقام تقليد الهدي بين الأولاد، ورؤيتهم لهذه السنة، وبعثه كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبعثه.
نعم.

باب: ما تفعل الحائض في الحج:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: "المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة إنها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت، ولكن لا تطوف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، وهي تشهد المناسك كلها مع الناس، غير أنها لا تطوف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، ولا تقرب المسجد حتى تطهر.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما تفعل الحائض في الحج" قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة إنها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت" يعني وهي متلبسة بالحيض، لا مانع من ذلك، وأن الحيض لا يمنع من الدخول في النسك، ولا يمنع عقد الإحرام، ولا يمنع عقد النكاح، الحيض لا أثر له في مثل هذا، ولذا جاء في الحديث حديث عائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) وقال في حديث صفية، في قصة صفية: ((أحابستنا هي؟ )) فدل على أن الحائض لا تطوف مهما كانت الظروف، وأنها تحبس الرفقة.

(71/13)


يقول: كان يقول: "المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة إنها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت" يعني حائض أو طرأ عليها الحيض بعد أن دخلت في النسك كعائشة، ولكن لا تطوف بالبيت ((غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة)) تفعل ما يفعله الحاج مما يقتضيه النسك، ولا نذهب في مثل هذا النص إلى أبعد من هذا، فنقول: إن الحائض تقرأ القرآن بدليل هذا الحديث، تفعل جميع ما يفعل الحاج؛ لأن الحاج يقرأ القرآن، وبعد الحاج يصلي، نعم، فالاستدلال بمثل هذا العموم على مثل هذه المسألة لا شك أن فيه إيغال في العموم.
ولكن لا تطوف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، نعم لا تطوف بالبيت لأنها ممنوعة من دخول المسجد، الطهارة شرط لصحة الطواف، ولا بين الصفا والمروة، وما بينهما خارج عن المسجد، لماذا تمنع من الطواف بين الصفا والمروة؟ لأنهم يشترطون لصحة السعي أن يقع بعد طواف، فإذا اشترطناه للطواف لزم من ذلك اشتراطه للسعي.
لكن لو قالت: إنه جاء في الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يستثنِ إلا الطواف، والحائض لا تدخل المسجد، "وليعتزل الحيض المصلى" والمسعى خارج المسجد، وجاء أيضاً السؤال عن تقديم السعي على الطواف في حديث أسامة بن شريك، قال: ((افعل ولا حرج)) هي في يوم العيد قالت: أريد أن أسعى، ويبقى الطواف إلى أن تطهر، مقتضى قول مالك قال: لا تطوف بالبيت، نعم، كلام ابن عمر: "ولكن لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة" كأنه يرى أن السعي لا بد أن يقع بعد طواف، وهو شرط عند جمع من أهل العلم صحة السعي إلا أن يكون بعد طواف ولو مسنوناً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لها ذلك، لكن لا تطوف حتى تطهر.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا أهلت بالعمرة في أيام الحج، واستمر معها الحيض حتى خشيت فوات الحج تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة، يعني مثل عائشة أهلت بعمرة، إن كان هناك متسع من الوقت تنتظر حتى تطهر فتأتي بعمرة وتبقى على تمتعها، إن خشيت فوات الحج بفوات الوقوف أدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، أما كونها تحرم وهي حائض لا مانع.

(71/14)


"وهي تشهد المناسك كلها مع الناس" ولذا جاء في الحديث: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي)) "غير أنها لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، ولا تقرب المسجد حتى تطهر" فالحائض لا يجوز لها أن تدخل المسجد كالجنب، وجاء في صلاة العيد أمر العواتق والحيض وذوات الخدور أن يخرجن إلى المصلى، يشهدن الخير ودعوة المسلمين، وليعتزل الحيض المصلى، ومصلى العيد مسجد، وإن كانت أحكامه أقل من أحكام المسجد المعروف، يتفق مع المسجد في أشياء ويختلف عنه في أشياء، لكن إذا كان هذا في مصلى العيد فالمسجد من باب أولى.
بعضهم يقول: إن المراد بالمصلى مكان الصلاة؛ لأنها ما دامت لم تصلِ وهي حائض فلماذا تجلس في المصلى الذي هو المكان الذي يصلى فيه فتضيق على الناس وهي لن تصلي؟ تبعد عن الناس ولو كانت في المصلى، لكن موضع الصلاة للمصلى المراد به المحدود معروف الحدود، فتعتزل في جهة منه، ولو كانت داخله، لكن البقعة التي يصلون فيها لا تضيق على الناس، لكن مقتضى قوله: "يعتزلن المصلى" يعني بحدوده أي جميع المصلى، والمسجد من باب أولى، نعم؟
أحسن الله إليك.

باب: العمرة في أشهر الحج:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اعتمر ثلاثاً عام الحديبية، وعام القضية، وعام الجعرانة.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر إلا ثلاثاً إحداهن في شوال، واثنتين في ذي القعدة.
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أن رجلاً سأل سعيد بن المسيب فقال: أعتمرُ قبل أن أحج؟ فقال سعيد: "نعم قد اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يحج.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن أبي سلمة استأذن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- أن يعتمر في شوال فأذن له فاعتمر ثم قفل إلى أهله ولم يحج.
التثنية استأذنا عمر بن الخطاب؟
طالب: لا، أنا أقصد عمرو بن أبي سلمة وعمر بن الخطاب.
إيه لأنه موهم.
أحسن الله إليك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(71/15)


"باب: العمرة في أشهر الحج" أشهر الحج شوال والقعدة وعشر من ذي الحجة عند الأكثر، والشهر الكامل عند مالك، وعُمَر النبي -عليه الصلاة والسلام- كلها وقعت في هذه الأشهر الحرم، حتى توقف ابن القيم في تفضيل عمرة رمضان على العمرة في أشهر الحج، بل في الأشهر الحرم؛ لأن عمر النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت في هذه الأشهر على الخلاف في عمرة رجب أثبتها ابن عمر ونفتها عائشة.
ابن عمر كما في البخاري وغيره يقول: "اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- في رجب" وأنكرت عائشة واستدركت ذلك عليه، فقالت: "ما اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رجب قط، وما اعتمر قط إلا وأبو عبد الرحمن معه لكنه نسي".
فعمره -عليه الصلاة والسلام- أربع: عمرة الحديبية التي صد عنها، وحسبت ثم عمرة القضية من قابل حيث قاضى المشركين على ذلك، والعمرة عمرة الجعرانة بعد منصرفه من حنين، بعد الفتح، والعمرة الرابعة التي مع حجه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه حج قارناً، والقارن جمع بين الحج والعمرة.
قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اعتمر ثلاثاً عام الحديبية" وهذه عمرة وإن كانت لم تؤد لأنها كتبت "وعام القضية" من قابل "وعام الجعرانة" يعني أحرم من الجعرانة بعد منصرفه من حنين، ودخل مكة ليلاً، وحنين مكانها الشرايع نعم، والحجة الرابعة ما عدت هنا؛ لأنها دخلت في الحج، في القران، فليس لها استقلال؛ لأن القارن أعماله كأعمال المفرد، المقصود أن المجموع أربع كما في حديث عائشة في الصحيح.
المقصود أن هذا ما اختاره الله لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، هكذا قيل، وأما ما جاء في عمرة رمضان، وأنها تعدل حجة وحجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أن هذا مرجح، مرجح قوي على عمرة رمضان، لكن من توقف كابن القيم هذا دليله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
اللي يظهر أنه قال في أشهر الحج، نعم هذا اللي أنا أحفظ الآن؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما جاء في حديث عائشة لم يعتمر في غير أشهر الحج.

(71/16)


"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر إلا ثلاثاً إحداهن في شوال" التي هي إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الجعرانة نعم؛ لأن الفتح صار في رمضان، ثم خرج إلى حنين وانتهى منهن ورجع ليعتمر من الجعرانة، "إحداهن في شوال واثنتين في ذي القعدة"
"وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أن رجلاً سأل سعيد بن المسيب فقال: أعتمرُ قبل أن أحج؟ " يسأل "أعتمر قبل أن أحج؟ قال سعيد: نعم، قد اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يحج" وبعض الناس يستغرب مثل هذا السؤال الذي فيه النص الصحيح الصريح، يوجد مثل هذا ويوجد ما هو دونه، نعم يوجد، الناس يخفى عليهم لا سيما من لا صلة له بالعلم يخفى عليه مثل هذا.
"أعتمر قبل أن أحج؟ " قد يقول قائل: ويش السؤال ذا؟ والناس متفاوتون في الفهم والإدراك والتحصيل، إذا كان داخل صحن الحرم يقول: أين الكعبة؟ مبصر، نعم يسأل عن الكعبة وهو مبصر، فما دون هذا من باب أولى.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن أبي سلمة" ربيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو ولد زوجته أم سلمة "استأذن عمر بن الخطاب أن يعتمر في شوال فأذن له، فاعتمر ثم قفل إلى أهله ولم يحج" يعني للإنسان أن يعتمر في أشهر الحج، ولا يلزمه أن يؤدي الحج.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ليس داخل المسجد، ما زال خارجاً عن المسجد، ووضعه الهندسي ما زال خارج المسجد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
سعي الحائض سمعنا كلام ابن عمر -رضي الله عنه-، وعند من يشترط أن يتقدمه طواف، لكن لو طافت ثم حاضت قبل أن تسعى لها ذلك، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لها ذلك، من مقتضى حديث أسامة بن شريك أن لها ذلك، ولو طافت ثم حاضت ثم سعت بعد ذلك صح سعيها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما في إشكال، على الجادة ((افعل ولا حرج)) فما سئل عن شيء قدم ولا أخر، تشمله القاعدة العامة.
طالب:. . . . . . . . .
يشمل، يشمل، تشمله القاعدة العامة، نعم.
أحسن الله إليك.

(71/17)


باب: قطع التلبية في العمرة:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.
قال مالك -رحمه الله- فيمن أحرم من التنعيم: إنه يقطع التلبية حين يرى البيت.
قال يحيى: سئل مالك عن الرجل يعتمر من بعض المواقيت وهو من أهل المدينة أو غيرهم متى يقطع التلبية؟ قال: "أما المهل من المواقيت فإنه يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم، قال: وبلغني أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصنع ذلك".
يقول: "باب: قطع التلبية في العمرة" أما قطع التلبية في الحج تقدم الكلام فيه، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما زال يلبي حتى بلغ جمرة العقبة، أو حتى رمى جمرة العقبة.
وأما بالنسبة للمعتمر متى يقطع التلبية؟ هل يقطعها إذا رأى البيت أو بمجرد دخوله في الحرم أو إذا رأى بنيان مكة؟ يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم" عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة من التابعين يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم، وهكذا كان يفعل ابن عمر.
"قال مالك فيمن أحرم من التنعيم: إنه يقطع التلبية حين يرى البيت" لماذا؟ لأن التنعيم ملاصق للحرم، معناه أنه لا يلبي، خطوات ويدخل الحرم، فمن أحرم من أدنى الحل هذا يستمر في التلبية حتى يدخل البيت، وأما من أحرم من المواقيت لبعدها فإنه لا يزال يلبي حتى يدخل الحرم، هذا كلامه، نعم.
يقول: "قال مالك فيمن أحرم من التنعيم: إنه يقطع التلبية حين يرى البيت.

(71/18)


قال يحيى: سئل مالك عن الرجل يعتمر من بعض المواقيت وهو من أهل المدينة أو غيرهم متى يقطع التلبية؟ قال: أما المهل من المواقيت فإنه يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم" وأما إذا أحرم من أدنى الحل فحين يرى البيت قال: "وبلغني أن عبد الله بن عمر كان يصنع ذلك" يعني يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم، مجرد ما يدخل حدود الحرم يقطع التلبية، والمراد بالحرم ليس البيت، نعم، في المدونة يقول: يقطع إذا دخل بيوت مكة أو المسجد الحرام، ذلك كله واسع، هذا كله واسع، وجاء عن ابن عباس مرفوعاً: "يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر" وهذا يشمل من أهل من الميقات ومن دون الميقات، لكن الخبر في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، الفقيه المعروف لكنه بالنسبة للحديث مضعف في الرواية سيء الحفظ، نعم، وأبوه من رجال الجماعة، عبد الرحمن بن أبي ليلى، هذا الفقيه الذي يدور اسمه في كتب الفقه كثيراً، يعني الكتب التي تنقل الأقوال لا يكاد باب يخلو من ذكر اسمه مراراً، إمام فقيه، جمعت أقواله في رسالة كبيرة جداً من مجلدات.
المقصود أنه فقيه كبير، لكنه في ميزان المحدثين سيء الحفظ، وهذه الرسالة لما سجلت في جهة من الجهات وأراد صاحبها أن يحدد المراد بابن أبي ليلى، من المراد بابن أبي ليلى؟ تعب كثيراً، قرأ كتب التراجم، ما أسعفته، سيء الحفظ ما يمكن يكون بهذه المثابة وبهذه الإمامة في الفقه! نعم، والأب محدث، لكن ما ذكر عنه فقه، وإلا ثقة، وتردد وسأل طويلاً، والذي حل الإشكال نعم، لما ترجم النووي في شرح مسلم لعبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ثقة احتج به الجماعة، وأما ابن أبي ليلى الذي يدور اسمه في كتب الفقه فهو ابنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه المعروف، ومثل هذا لا يمكن أن يوقف عليه إلا بالجرد، جرد الكتب مع تقييد الفوائد والشوارد، جرد المطولات؛ لأن مثل هذا مشكل يعني لما تخطئ في اسم صاحب البحث الذي تبحثه كارثة هذه، نعم هذه مصيبة.

(71/19)


المقصود أن مثل هذا ينبغي أن يتنبه له، وابن أبي ليلى .. ، معروف أن من اتجه إلى شيء غفل عما سواه، ابن أبي ليلى فقيه كبير، تقول مثل هذا في أبي حنيفة الإمام الأعظم رمي بسوء الحفظ، ابن أبي ليلى كذلك، كثير ممن اتجه إلى فرع من فروع العلم الشرعي لا شك أنه على حساب غيره؛ لأن العقل لا يستوعب كل العلوم، كذا من غلب عليه حفظ الحديث ورواية الحديث قد يكون عنده ضعف في الاستنباط والدراية، قليل من أهل العلم من جمع الله له بين الفنون، لكن الغالب أن من اتجه إلى شيء وأعطاه كليته في الغالب أنه يكون على حساب غيره، حتى من القراء، من قراءته متواترة ومشهورة ومعمول بها، قد يكون في حفظه شيء، لكن هل ما يقع في حفظه مما يذكره المحدثون له أثر على قراءته؟ أبداً، لماذا؟ لأن القرآن مضبوط بين الدفتين، مرده للاختبار، اختبر، نعم فيمكن حفظه، القرآن يمكن حفظه حتى من سيء الحفظ؛ لأنه معروف أوله وآخره لا يمكن أن يخفى شيء منه على من أراده، بينما الحديث! الحديث دونه خرط القتاد، فالذي لا تسعفه الحافظة القوية مثل هذا لا شك أنه لن يدرك من الحديث شيء يذكر؛ لأنه بحر محيط، وهو كما قال أهل العلم: علم فحل لا يطيقه إلا الفحول، وأهل الرأي كما ذكر ابن القيم وغيره عن بعض السلف أنهم أعياهم حفظ النصوص، نعم وصعب عليهم أنهم إذا سئلوا ما أجابوا، فاستعملوا الفهم، الفهم قد يوجد عند شخص لا يحفظ، والحفظ قد يوجد عند شخص لا يفهم، أو فهمه ضعيف، وفي كل خير، لكن يبقى أن الفهم وحده لا ينفع إلا بما يعتمد عليه من حفظ، نعم، اللهم إلا إذا أراد أن يتورع إذا سئل عن شيء لا يحفظ فيه شيء يقول: الله أعلم، إذا كان بين يديه كتاب وكثير من المحدثين يعدل من التحديث من الحفظ إلى التحديث من الكتاب خشية أن يزل؛ لأنه بصدد الكلام في كلام من لا ينطق عن الهوى، نعم، فكثير من الناس يحرص على أن يحدث من كتابه.
والتحديث من الكتاب معروف عند أهل العلم، وضبط الكتاب أيضاً نوع من أنواع الضبط الذي به يصح الخبر.

(71/20)


المقصود أن مثل هذا لا بد أن يعتمد طالب العلم على الحفظ بالدرجة الأولى ثم الفهم، لا يطغى الحفظ على الفهم بحيث يكون مجرد زيادة كتاب أو ما أشبه هذا مما يقال، أو لا يطغى الفهم أيضاً بحيث يستطيع أن يمشي السائل بالرأي من غير أن يعتمد على نص، فالعلم قال الله وقال رسوله، فالحفظ بدون فهم قليل الجدوى، وأيضاً الفهم دون حفظ قد يكون في بعض الأحوال عديم الفائدة، فعلى طالب العلم أن يهتم بهما معاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فقيه نعم، يحتاج إلى دليل، لكنه فقيه على طريقة الفقهاء، يعني هنا قد يوجد محدث على طريقة الفقهاء، وقد يوجد فقيه على طريقة المحدثين، نعم، وأنت تعرف كل اللي يدرسون مروا عليك كلامهم وأشرطتهم، تسمع من بعض الناس تجزم بأنه نفسه حديث، وبعض الناس وإن كان يشرح الحديث تجزم بأن نفسه فقه، وقد يُشرح كتاب من كتب الحديث، أو كتاب أخص من ذلك من كتب المصطلح، قد يشرح بنفس الفقهاء، نعم، والعكس قد تشرح كتاب من متون الفقه على طريقة أهل الحديث، والموفق من وفقه الله للجمع بينهما، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(71/21)


الموطأ - كتاب الحج (9)
شرح: باب: ما جاء في التمتع، وباب: ما لا يجب فيه التمتع.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في التمتع:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب أنه حدثه أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حجّ معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك بن قيس: "لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله -عز وجل-" فقال سعد -رضي الله تعالى عنه-: بئس ما قلت يا ابن أخي، فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قد نهى عن ذلك، فقال سعد: قد صنعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصنعناها معه".
وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: "والله لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة".
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: "من اعتمر في أشهر الحج في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة قبل الحج ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وعليه ما استيسر من الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع".
قال مالك -رحمه الله تعالى-: "وذلك إذا أقام حتى الحج ثم حج من عامه".
قال مالك -رحمه الله-: في رجل من أهل مكة انقطع إلى غيرها وسكن سواها ثم قدم معتمراً في أشهر الحج، ثم أقام بمكة حتى أنشأ الحج منها، إنه متمتع يجب عليه الهدي أو الصيام إن لم يجد هدياً، وأنه لا يكون مثل أهل مكة.

(72/1)


وسئل مالك عن رجل من غير أهل مكة دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة حتى ينشئ الحج أمتمتع هو؟ فقال: نعم هو متمتع، وليس هو مثل أهل مكة، وإن أراد الإقامة، وذلك أنه دخل مكة وليس هو من أهلها، وإنما الهدي أو الصيام على من لم يكن من أهل مكة، وأن هذا الرجل يريد الإقامة ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، وليس هو من أهل مكة".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب -رحمه الله- يقول: "من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع. . . . . . . . .
أحسن الله إليك.
ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في التمتع" مر بنا مراراً أن التمتع هو الإتيان بالعمرة في أشهر الحج، ثم الحل منها، الحل الكامل، فالإحرام بالحج من عامه دون أن يرجع إلى أهله، فإذا اعتمر في أشهر الحج ثم حج تلك السنة ولم يرجع بينهما إلى أهله هذا هو التمتع، التمتع الخاص، الذي هو قسيم للإفراد والقران، أما بمعناه الأعم بحيث يكون قسيماً للإفراد فقط، فهو شامل للقران، فمن حج تمتعاً وفصل بينهما بالحل أو جمع بينهما في سفرة واحدة هو متمتع بالمعنى الأعم، يعني أنه ترفه بسفر واحد، وجمع بين النسكين، ولزمه الدم، إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام، وعلى هذا يحمل قول من روى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع، وهذا ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع يعني بالمعنى الأعم، أو أنه أمر أصحابه بالتمتع، والآمر قد ينسب إليه الفعل، ولغة العرب تحتمل ذلك، لكن المراد به هنا الفصل بينهما، الإتيان بالعمرة ثم الحج في سفر واحد، في سنة واحدة مع التحلل بينهما.

(72/2)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري "عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب" الهاشمي "أنه حدثه أنه سمع" أنه حدثه أنه سمع، الضمائر أن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب حدث ابن شهاب أنه يعني محمد بن عبد الله سمع "سعد بن أبي وقاص" الزهري أحد العشرة المبشرين بالجنة.
سعيد وسعد وابن عوف وطلحة ... وعامر فهر والزبير الممدح
هذا سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة.
"أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس" بن خالد بن وهب الفهري أمير شهير "عام حج معاوية بن أبي سفيان" يعني حجته الأولى في ولايته سنة أربع وأربعين "وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج"، "سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما" يعني سعداً والضحاك "يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك بن قيس: "لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله -عز وجل-"؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] فكيف يتم امتثال هذا الأمر مع أن الإنسان إذا أحرم بالحج يحل حلاً تاماً قبل وقت حلول، قبل وقت الحلول في يوم النحر؟ يقول: لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله -عز وجل-، ولذا يقول عمر -رضي الله عنه-: "إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام، وإن نأخذ بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله" فدلالة الكتاب والسنة على عدم التمتع، على عدم التحلل بينهما، هذا معنى ما دار في المحاورة، ورأي عمر -رضي الله عنه- وعثمان، كلهم على هذا، هم يرون أن التمتع الذي فيه الحل كله ينافي قول الله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] لأنك تحل من إحرامك قبل أن يبلغ الهدي محله.

(72/3)


"لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله -عز وجل-" يعني في الآية "فقال سعد: بئس ما قلت يا ابن أخي" يعني جمع بين اللفظ الذي فيه الذم للقول بئس، وبين الملاطفة بقوله: يا ابن أخي لبيان أن رد القول لا يقتضي القدح في صاحبه، لأن يا ابن أخي هذه ملاطفة وتأنيس، ومثل هذا الأسلوب أدعى للقبول، مثل هذه الملاطفة والتأنيس تجعل الكلام مقبول، بئس ما قلت يا ابن أخي، ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
بئس هي تقابل نعم، فعل جامد أنشئ للذم، والمراد هنا ذم القول لا القائل، يعني كون الإنسان يقف على كلام مردود، أو كلام على خلاف سنة يبين الحق، عليه البيان، لكن لا يتعدى ذلك إلى تجريح الأشخاص، وهنا قال: "بئس ما قلت -بئس القول الذي قلته- يا ابن أخي، هذه ملاطفة وتأنيس للرجل، لو قال: بئس ما قلت يا ضحاك، هذه فيها شيء من الجفاء، فكون الكلام يؤدي الغرض نعم مع اشتماله على أمر يجعله مقبولاً هذا هو الحكمة.
"بئس ما قلت يا ابن أخي، فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك" يعني التمتع "فقال سعد: قد صنعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصنعناها معه" أنت تستدل بقول عمر وأنا أستدل بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وإقراره فالحق مع من؟ قد يقول قائل: إن عمر أمرنا بالاهتداء بهديه والاستنان بسنته، ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)) قد يقول قائل هذا الكلام لكن مثل هذا متى يكون مقبولاً؟ إذا خلت المسألة عن الدليل المرفوع، وإلا إذا ثبت في المسألة نص من كتاب أو سنة فلا كلام لأحد، ولذا يقول ابن عباس في هذه المسألة: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر؟ " وهذا قد يرد على ألسنة كثير من الناس يشعر أو لا يشعر، تورد عليه النص يقول: ولو ... ، شيخ الإسلام يقول كذا، تورد عليه النص يقول: المذهب كذا، وهذا الذي عمل وهذا ... ، يا أخي إن كان عندك جواب عن النص عندك معارض راجح من نص أقوى منه، أو متأخر عنه، أو يمكن حمله على أي وجه من الوجوه المقبولة عند أهل العلم، فعلى العين والرأس وإلا ما يقابل النص بمثل هذا الكلام.

(72/4)


"فقال سعد: "قد صنعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصنعناها معه" وهذه هي الحجة الملزمة، وهي مقدمة على الرأي والأقيسة.
الاستدلال بالآية على منع التمتع {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] طيب من أحرم بالعمرة، وجاء بها كاملة ثم حل من الحل كله، ثم أحرم بالحج وأتى بجميع أعماله نحل الحل كله، هذا ما أتم الحج والعمرة؟ أتم الحج والعمرة، يعني لو قيل: إن هذه الآية دلالتها على التمتع أوضح من دلالتها على القران؛ لأن كون العمرة يؤتى بها داخلة في الحج هل هذا تمام؟ ما في تمام إلا إن الدليل الصحيح الصريح دل على جوازها، وأن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، وإلا دلالة الآية على التمتع أظهر من دلالتها على القران، "أتموا الحج" أتممنا الحج ويش صار؟ بجميع أفعاله وحللنا منه "أتموا العمرة" أتممنا العمرة، يعني لو قيل: إن التمتع هو الذي ينطبق على هذه الآية، مع أنه ينطبق على الإفراد، وينطبق أيضاً على الإتيان بالعمرة دون حج، وينطبق على ما إذا جمع بينهما، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يأتي عاد الخلاف في هذا، بيجي له كلام -إن شاء الله-.
الآية دلت على وجوب إتمام العمرة، وقد تمت بجميع أفعالها، ثم الإحرام بالحج وإتمامه أيضاً وقد تم في صنيع المتمتع، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن معي الهدي لأحللت وجعلتها عمرة)) فهذا نص في موطن النزاع، وعمر -رضي الله تعالى عنه- كان ينهى عن فسخ الحج إلى العمرة، وأيضاً ينهى عن المتعة، ثبت عنه النهي عن المتعة، وعن عثمان -رضي الله تعالى عنه-.
وكان عمر ينهى عن فسخ الحج إلى العمرة؛ لأنه يرى الخصوصية، يرى أن الأمر بالفسخ وجواز الفسخ خاص بأهل تلك الحجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- من الصحابة، وكان يقول كما في البخاري: "إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام، وإن نأخذ بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله" وعرفنا ما في هذا الكلام والإجابة عنه.

(72/5)


يقول: "وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر أنه قال: "والله لأن أعتمر قبل الحج -في أشهره- وأهدي -يعني متمتعاً- أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة" أقول: هذا مبالغة في جواز التمتع وإن كان الاعتمار بعد الحج في ذي الحجة لا بأس به؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عائشة أن تعتمر بعد الحج بعد طلبها، وكلام ابن عمر هذا للمبالغة في فضيلة التمتع، وإن كان أبوه لا يرى هذا.
"وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن -مولاه- عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: "من اعتمر في أشهر الحج في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة قبل الحج -لا بعده- قبل الحج ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع" أدركه الحج فهو متمتع "إن حج" لكن لو أدركه الحج ولا حج متمتع وإلا لا؟ هذا ليس بمتمتع، ولذلك يقول: "ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وعليه ما استيسر" ما تيسر من الهدي، وأقله شاة "فإن لم يجد الهدي" لعدم وجوده حقيقة أو لعدم وجود ثمنه "فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج" في الحج يعني في أيام الحج ولو في أيام التشريق، وصيام أيام التشريق جاء النهي عنه، وهو محرم، ولم يستثنَ من ذلك إلا من لم يجد الهدي، فيصوم هذه الثلاثة الأيام؛ لأنه لم يبق من الحج سواها، نعم؟
طالب: يوم النحر؟
لا، يوم النحر إجماع أنه لا يُصام لا للحاج ولا لغيره.
"فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع" إلى بلده ومصره، كما هو المعروف عن ابن عباس، أو إذا رجع من منى، فله أن يصومها بمكة أو في طريقه إلى بلده، وهما قولان معروفان.

(72/6)


"قال مالك: "وذلك إذا أقام حتى الحج ثم حج من عامه" فلو لم يحج من عامه فليس بمتمتع، وإن عاد لبلده؛ لأنه يقول: وذلك إذا أقام حتى الحج، إذا عاد لبلده ثم حج، عاد لبلده ثم حج في عامه لم يكن متمتعاً، إنما هو مفرد، إذا سافر بين الحج والعمرة لغير بلده، ينقطع التمتع وإلا ما ينقطع؟ أما على كلام الإمام مالك ثم حج من عامه وسيأتي، أو ما هو أوضح من هذا، نعم، ثم يأتي في الباب الذي يليه ما هو أوضح من هذا، وأنه قيد الرجوع إلى بلده، ومفهوم هذا أنه إذا سافر سفراً ولو مسافة قصر أو أكثر لغير بلده فإنه لا ينقطع التمتع؛ لأنه ما أنشأ سفراً بينهما، فأتى بهما في سفر واحد، والحنابلة عندهم أنه إذا سافر بينهما سفر مسافة تقصر فيها الصلاة فإنه ينقطع التمتع.
"قال مالك في رجل من أهل مكة انقطع إلى غيرها وسكن سواها" تركها، ترك مكة، وذهب إلى أي بلد من البلدان، جاء إلى الرياض مثلاً للدراسة، وسكن الرياض "ثم قدم معتمراً في أشهر الحج" سكن الرياض، وانقطع عن مكة "ثم أقام بمكة حتى أنشأ الحج منها: إنه متمتع" لأنه لا ينطبق عليه ما جاء في قوله -جل وعلا-: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] نعم، على الخلاف المعروف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان أهله وبقيته ومجيئه وسفره هذا السفر طارئ، نعم، وإقامته بمكة، لا شك أن الحكم يختلف وسيأتي في كلام الإمام مالك من مر بميقات وهو من أهل مكة، سافر ومر بميقات وهو من أهل مكة، إذا جلس للدراسة بالرياض مثلاً سنة كاملة أقام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعتبر إقامة، وكونه ينوي الرجوع بعد نهاية الدراسة لا يخل بهذا.
طالب: يتم في البلدين.
يتم في البلدين إيه، نعم.
يقول: "حتى أنشأ الحج منها أنه متمتع" لأنه ليس من حاضري المسجد الحرام، وإن كان أصله منها "فيجب عليه الهدي أو الصيام إن لم يجد هدياً، وأنه لا يكون مثل أهل مكة" لانقطاعه وسفره عنها.

(72/7)


"وسئل مالك عن رجل من غير أهل مكة دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة حتى ينشئ الحج أمتمتع هو؟ قال: نعم هو متمتع" يعني عليه الهدي "وليس هو مثل أهل مكة" وإن نوى الإقامة بها، "وإن أراد الإقامة، وذلك أنه إذا دخل مكة وليس هو من أهلها" وليس هو من أهلها، لماذا؟ لأنه ما يدري، الحين ما بعد سكن، نعم، ما زالت علاقته وارتباطه ببلده، لكن لو افترض أن هذا جاء بعفشه واستأجر بيتاً، وأحرم من الميقات بالعمرة واستوطن مكة، ثم أحرم بالحج بعد ذلك، نقول: هذا من حاضري المسجد الحرام أو ليس من حاضريه؟ يعني كلام الإمام مالك: "وليس هو مثل أهل مكة وإن أراد الإقامة بها، وذلك أنه دخل مكة وليس هو من أهلها وإنما الهدي والصيام على من لم يكن من أهل مكة" وقت الفعل، وقت فعل العمرة والحج، وأن هذا الرجل يريد الإقامة ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، هل يقيم أو يرجع إلى أهله بعد الحج؟ هو ليس من أهل مكة حين الاعتمار فوجب عليه الهدي لدخوله في الآية، يعني ما يدري ما يبدو له بعد ذلك، طيب إذا صار يدري، جاء بالعفش كامل واستأجر وسكن، أضف إلى ذلك أنه إن كان له عمل ونُقل إلى مكة، هذا يدري، أنها محل إقامته، لكن هل يقال: إنه ليكون من حاضري المسجد الحرام أن يحرم بالأصل الذي هو العمرة المقدمة قبل الحج، والوصف لازم له لأن الهدي مرتبط بالنسكين، العمرة والحج، فهو متصف حال الإحرام بالعمرة أنه ليس من حاضري المسجد الحرام، ما بعد صار منهم، نعم، وحينما أحرم بالحج صار من حاضري المسجد الحرام، قيل له: أنت في الفصل الثاني لا بد أن تباشر بمكة، انتهى من الاختبارات وبقى شهر على الحج انتقل، وفي طريقه أحرم من الميقات واعتمر وحل الحل كله، ونوى الإقامة بمكة، لكنه حينما أحرم بالعمرة ليس من حاضري المسجد الحرام؛ لأن حاضر المسجد الحرام المقيم بمكة ومن أهل مكة إذا أراد أن يعتمر يخرج إلى الحل لا شك، لكن لا يعني أنه وفد من بلد خارج المسجد الحرام "وأن هذا الرجل يريد الإقامة، ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، وليس هو من أهل مكة" لأنه حين الاعتمار ليس منهم، ليس من حاضري المسجد الحرام، والدم إنما يسقط عن جمع بين النسكين، والحال أنه من حاضري المسجد

(72/8)


الحرام، فمثل هذا لا يحكم له بأن من الحاضر حتى يستوطن.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج" وحينئذٍ يكون عليه "ما تيسر من الهدي" شاة فأعلى "فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله" قال ابن عباس: إلى مصره، وقال بعضهم: الرجوع من منى إلى مكة، فيصومها في الطريق، له أن يصومها في الطريق، في مكة، قبل أن يصل إلى أهله.
"فسبعة إذا رجع" هذه يتجه فيها الخلاف هل هو إلى مصره أو إلى مكة؟ نعم، وسبعة إذا رجعتم إلى أين؟ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] يعني الرجوع يطلق على الشروع فيه أو على تحققه بتمامه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كله رجوع؛ لأن الشروع يطلق على الفعل؛ لأن رجع فعل ماض، ومر بنا مراراً أن الفعل الماضي يطلق ويراد به الإرادة، ويطلق ويراد به الشروع، ويطلق ويراد به تحقق الفعل والفراغ منه، هنا إذا تحقق الفعل وفرغ منه، فرغ من الرجوع لا إشكال، أنه يسمى رجع، حج من الرياض ثم وصل إلى الرياض نقول: رجع،، وإذا شرع في الحج ولم يفرغ من أعماله، لنتصور أنه صام الثلاثة قبل العيد وبقيت السبع قال: أصومها أيام التشريق؛ لأنني أريد الرجوع، والله -جل وعلا- يقول: {إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] يعني أردتم الرجوع، كما في قوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [(98) سورة النحل] {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] إذا أردتم، وأنا أريد الرجوع، يصلح وإلا ما يصلح؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(72/9)


لأنه في الحج، ما زال في الحج، وحكم ما كان في الحج يختلف عن حكم ما كان بعد الرجوع، إذا رجع، يعني إذا رخص في صيام أيام التشريق الثلاثة لمن لم يجد الهدي فإنما يرخص في الثلاثة الأولى؛ لأنها آخر فرصة له، آخر فرصة له أيام التشريق، فإذا صامها أحرم من اليوم الخامس مثلاً، وصام السادس والسابع والثامن لا يجوز له أن يصوم أيام التشريق، وإن كان ممن يريد الرجوع فلا يرد مثل هذا، إنما الاحتمال قائم بين الشروع في الرجوع وبين تحقق الرجوع والفراغ منه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الكلام ما هو في هذا، هذا إذا اعتمر وهو لم ينو إلى الآن هذا ما في إشكال أنه ليس من حاضر، لكن إذا قادم بنية الإقامة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو مقبول، قالوا في ترجمته: مقبول.
طالب:. . . . . . . . .
إيه إيه، مقبول، مر بنا هذا، مر بنا هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان مفرد، مروي، هذه الأحاديث وكون وجوه الإحرام الثلاثة كلها مروية عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من فعله، كلها صحيحة، ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أفرد، أهل مفرداً، نعم، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع، فتمتعوا معه، والمرجح في حجته -عليه الصلاة والسلام- أنه كان قارناً، وهذا أكثر، نعم، وأجبنا عن هذا سابقاً مراراً يعني ما هي بمرة ولا مرتين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نصوص صريحة في كونه أفرد -عليه الصلاة والسلام-. . . . . . . . . قرن، وجاء أيضاً أنه تمتع وتمتعنا معه.
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه إلا أنه ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أهل مفرداً، نعم، ومن رجح التمتع قال: إن الله -جل وعلا- اختار لنبيه القران ولا يختار لنبيه إلا الأكمل، ومن رجح التمتع قال: لأنه أمر به أصحابه، واعتذر عن كونه لم يهل بالعمرة، المسألة مسألة استرواح يعني ميل من أهل العلم، ورجحان يلوح لهم ما لا يلوح لغيرهم، كلهم -إن شاء الله- مجتهدون مأجورون، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يحرم من وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لما جاء من وطنه مريداً الاستيطان لا يجوز له أن يتعدى الميقات.
طالب:. . . . . . . . .
بيحرم من الميقات، من أين بيحرم؟

(72/10)


طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا ما أراد الحج، ممن أراد الحج والعمرة، وسبق الخلاف في هذا، منهم من يلزم كل داخل إلى مكة بالإحرام، هذا معروف عند الحنابلة، بل لكثير من أهل العلم يقولون بهذا، لكن النص الصحيح الصريح في البخاري وغيره: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)) أما إلزامه وهو لا يريد معروف عند الحنابلة وغيرهم، يعني قول مشهور عند أهل العلم.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: ما لا يجب فيه التمتع:
قال مالك: من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة ثم رجع إلى أهله ثم حج من عامه ذلك فليس عليه هدي، إنما الهدي على من اعتمر في أشهر الحج ثم أقام حتى الحج ثم حج، وكل من انقطع إلى مكة من أهل الآفاق وسكنها ثم اعتمر في أشهر الحج ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع وليس عليه هدي ولا صيام، وهو بمنزلة أهل مكة إذا كان من ساكنيها.
سئل مالك -رحمه الله- عن رجل من أهل مكة خرج إلى الرباط أو إلى سفر من الأسفار ثم رجع إلى مكة وهو يريد الإقامة بها كان له أهل بمكة أو لا أهل له بها فدخلها بعمرة في أشهر الحج ثم أنشأ الحج وكانت عمرته التي دخل بها من ميقات النبي -صلى الله عليه وسلم- أو دونه أمتمتع من كان على تلك الحالة؟ فقال مالك -رحمه الله تعالى-: "ليس عليه ما على المتمتع من الهدي أو الصيام، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة].
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما لا يجب فيه التمتع" ما لا يجب فيه التمتع والمراد بذلك لازمه، الدم أو الصيام، يعني ما يلزم المتمتع.
"قال مالك: من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة ثم رجع إلى أهله" جاء وأدى العمرة ورجع إلى أهله من الرياض إلى مكة، اعتمر في شوال في القعدة في أول الحجة ثم رجع، وهذا بالإمكان، ومتيسر الآن، وإن كان في عهد مالك من يأتي بالعمرة في ذي الحجة ثم يرجع إلى أهله لا سيما إذا كان أهله بالطائف مثلاً ممكن، نعم أو جدة أو ما قرب منهما، الإمكان قائم، لكن إذا كان بعيد لا يتصور.

(72/11)


المقصود أنه ممكن يعتمر في شوال أو القعدة أو ذي الحجة ثم يرجع إلى أهله، ثم حج من عامه ذلك، فليس عليه هدي ولا بدل الهدي من صيام؛ لأنه ليس بمتمتع، حقيقة التمتع تخلفت عن فعله، إنما الهدي على من اعتمر في أشهر الحج، ثم أقام حتى الحج ثم حج، وبهذا قال الجمهور؛ لأن من شرط التمتع الجمع بينهما في سفر واحد في أشهر الحج، في عام واحد، ومن شرطه أيضاً أن تقدم العمرة، لا أن يحج ثم يعتمر، ومن شرطه أن يكون آفاقياً، ليس من حاضري المسجد الحرام، فمتى اختل شرط من هذه الشروط لم يكن متمتعاً.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الكلام على لزوم الهدي، إذا اختلف شرط من هذه الشروط لا بد أن يجمع هذه الشروط أن يعتمر في أشهر الحج، وأن تكون العمرة متقدمة ويحج من عامه، وأن لا يسافر بينهما، متى اختل شرط من هذه الشروط لم يكن متمتعاً، وقال الحسن: يكون متمتعاً إذا اعتمر في أشهر الحج ولو عاد إلى بلده.
كثير من الحجاج إذا أتى وصل مكة واعتمر ذهب إلى المدينة، والمدينة مسافة طويلة، يعني بقدر مسافة القصر خمس مرات، عشر مراحل، فلا ينقطع التمتع حتى يرجع إلى أهله، ومنهم من قال: إن مجرد السفر بينهما يقطع التمتع ولو لم يعد إلى بلده.
"وكل من انقطع إلى مكة من أهل الآفاق وسكنها ثم اعتمر في أشهر الحج ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع".
يقول: "وكل من انقطع إلى مكة من أهل الآفاق وسكنها" جاء في رمضان واستوطن، جاء في شعبان واستوطن، جاء في شوال واستوطن في رجب أو قبل ذلك، هل نقول: أنت لست من أهل مكة بناءً على أن أصلك مصري أو نجدي أو شامي أو يمني؟ نقول: لست من أهل مكة؟ لأن النسبة تستمر ولو تركت، يعني ألا يوجد في مكة من يقال: فلان المصري، فلان النجدي، فلان .. ، وهو ساكن، الشامي، نعم مجرد الانتساب، لا يؤثر في الحكم كما أنه في مصر حجازي مثلاً، فلان الحجازي، فلان النجدي .. إلى آخره، فمثل هذا الوصف لا يؤثر، العبرة بوجوده وحضوره المسجد الحرام.

(72/12)


ولذا يقول: "وكل من انقطع إلى مكة" يعني سكنها واستوطنها "من أهل الآفاق وسكنها ثم اعتمر في أشهر الحج ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع، وليس عليه هدي ولا صيام وهو بمنزلة أهل مكة إذا كان من ساكنيها" لأنه من حاضري المسجد الحرام.
والإشارة في قوله -جل وعلا-: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] الإشارة هل هي للتمتع نفسه أو للدم؟ أو بدله المترتب على التمتع؟ يعني هل للمكي أن يتمتع؟ يعني يعتمر ثم يحج في سنة واحدة أو ليس له ذلك؟ وليس على المكي عمرة؟
طالب:. . . . . . . . .
المسألة خلافية، لكن المكي كغيره لا يمنع من أن يخرج إلى الحل ويعتمر للنصوص التي تحث على العمرة، في الباب الذي يليه، والمسألة في وجوبها عليه، وأما الأثر المترتب على التمتع فلا، فلا شيء عليه، نعم.
يعني ما أعده للإقامة، إنما أعده رفقاً به عن كثرة الانتقال من بيت إلى بيت، أو قد يجد وقد لا يجد، أو ليضع فيه أثاثه، نعم هم يقولون: إذا كان له بيت فهو في حكمه إن كان له بيت، أما إذا كان بيت أجره وإلا ملك؟ نعم؟ أو على الوجهين، من استأجر ملك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، أصل التمتع ما ينطبق، التمتع تعريفه حقيقته إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
بسفرة واحدة ما هي بسفرتين، هذا ينافي مقتضى التسمية، مسألتنا إذا كان للشخص أكثر من بيت، أما إذا كان البيت مسكون فيه أهله أو بعض أهله فلا إشكال، فهو من حاضري المسجد الحرام، أما إذا لم يكن مسكوناً وإنما أعده له إذا حضر، فالذي يظهر أنه ليس من حاضري المسجد الحرام كأنه مستأجر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ولو كان ملك؛ لأنه لا يعده للإقامة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
فهو متأهل في البلدين، من أهل البلدين، ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع وليس عليه هدي ولا صيام، فهو بمنزلة أهل مكة إذا كان من ساكنيها؛ لأنها حينئذٍ صار من حاضري المسجد الحرام.

(72/13)


"وسئل مالك عن رجل من أهل مكة خرج إلى الرباط بثغر من الثغور، أو إلى سفر من الأسفار" خرج يرابط على الحدود، أو سافر لتجارة أو طلب علم "ثم رجع إلى مكة وهو يريد الإقامة بها" يقول: "سواءً كان له أهل بمكة أو لا أهل له بها فدخلها بعمرة في أشهر الحج ثم أنشأ الحج -من عامه- وكانت عمرته التي دخل بها من ميقات النبي -صلى الله عليه وسلم- أو دونه -يعني من بقية المواقيت- أمتمتع من كان على تلك الحالة؟ "، يعني أم لا؟ "فقال مالك: "ليس عليه ما على المتمتع من الهدي أو الصيام، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] " وهذا حاضر إنما خرج من المسجد الحرام وغاب عنه لحاجة ثم رجع، ومثل هذا السفر لا يعد إقامة.
اللهم صل وسلم. . . . . . . . .

(72/14)


الموطأ - كتاب الحج (10)
شرح: باب: جامع ما جاء في العمرة.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع ما جاء في العمرة:
حدثني يحيى عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)).
وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني قد كنت تجهزت للحج فاعترض لي فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اعتمري في رمضان فإن عمرة فيه كحجة)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب قال: "افصلوا بين حجكم وعمرتكم، فإن ذلك أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان إذا اعتمر ربما لم يحطط عن راحلته حتى يرجع.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: العمرة سنة ولا نعلم أحداً من المسلمين أرخص في تركها.
قال مالك: ولا أرى لأحد أن يعتمر في السنة مراراً.
قال مالك في المعتمر يقع بأهله: إن عليه في ذلك الهدي وعمرة أخرى يبتدئ بها بعد إتمامه التي أفسدها ويحرم من حيث أحرم بعمرته التي أفسدها إلا أن يكون أحرم من مكان أبعد من ....
عندك أفسدها؟
أحسن الله إليك، نعم.
أو أفسد؟
التي أفسدها، أفسد وإلا أفسدها؟
الشروح، الشروح إيش فيها؟
الشرح، الشرح للزرقاني.
متن وإلا شرح اللي معك؟
طالب:. . . . . . . . .
أفسدها؟
هذا الذي معنا (أفسد) بدون ها، وعلى كل حال المعنى واحد، المعنى واحد لا يختلف، نعم.
أحسن الله إليك.

(73/1)


ويحرم من حيث أحرم بعمرته التي أفسد إلا أن يكون أحرم من مكان أبعد من ميقاته فليس عليه أن يحرم إلا من ميقاته.
قال مالك: ومن دخل مكة لعمرة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وهو جنب أو على غير وضوء ثم وقع بأهله ثم ذكر قال: يغتسل أو يتوضأ ثم يعود فيطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ويعتمر عمرة أخرى ويهدي وعلى المرأة إذا أصابها زوجها وهي محرمة مثل ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: فأما العمرة من التنعيم فإنه من شاء أن يخرج من الحرم ثم يحرم فإن ذلك مجزئ عنه -إن شاء الله- ولكن الفضل أن يهل من الميقات الذي وقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو ما هو أبعد من التنعيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: جامع ما جاء في العمرة" بابٌ جامعٌ أو جامعُ ما جاء؟ نعم، جامعُ ما جاء في العمرة، أو باب جامعِ، نعم، يعني على الإضافة وعلى القطع، يجوز في مثل هذا الإضافة والقطع.
والعمرة في اللغة: الزيارة، قيل: هي القصد، وهي قصد البيت لأداء هذا النسك، أو زيارة البيت للطواف والسعي، وهي مأخوذة من عمارة المسجد الحرام، مأخوذة من العمارة؛ لأن العمرة ليس لها وقت محدد، فالمسلمون يعمرون هذا البيت المعظم بتكرار ترددهم عليه؛ لأنها ليس لها وقت معين، بخلاف الحج الذي له وقت محدد، يعني لو لم يشرع إلا الحج في وقته المحدد لكان البيت لمدة تسعة أشهر وعشرين يوم مهجور، نعم، لكن العمرة التي ليس لها وقت محدد كفيلة بعمارة هذا البيت، والعمرة كما سيأتي في كلام الإمام مالك، يقول: العمرة سنة، وهي مؤكدة عنده وعند أبي حنيفة، ويرى الإمام الشافعي وأحمد وجوبها، ويأتي عند كلام الإمام مالك شيء من هذا.

(73/2)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن -الحارث بن هشام- عن أبي صالح -ذكوان- السمان عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))، ((العمرة إلى العمرة)) يعني ما بين العمرتين مكفر، ((والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) وجاء في الحديث الصحيح في البخاري وغيره: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) فالتكفير بهذه العبادات العظيمة كالعمرة والحج من باب أولى، والصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، جاءت به النصوص، لكن هل يكفر جميع الذنوب؟ بدليل ((رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) بما في ذلك الكبائر؟ أو أنه لا يكفر إلا الصغائر حملاً للإطلاق في هذه النصوص على ما جاء من قيد ((ما اجتنبت الكبائر))؟ ((ما لم تغش كبيرة))؟ الجمهور على أن هذه العبادات العظيمة لا تكفر إلا الصغائر، وأما الكبائر فلا بد لها من توبة.
وابن حجر كأنه يستروح ويميل إلى أن الحج على وجه الخصوص يكفر الكبائر والصغائر ((رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) كيف يرجع بالكبائر والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه))؟ وعندي أن التحقيق في هذه المسألة والخلاف فيها يقرب من اللفظي، كيف؟ الشخص الذي اقترف الكبائر، المسألة مفترضة بدون توبة لأنه إذا تاب المسألة إجماع، نعم إذا تاب يغفر له ولو بدون حج، نعم إذا حج الفريضة، ولو بدون عمرة إذا اعتمر الواجبة، نعم، إذا تاب انتهينا من مسألة التوبة، المسألة مفترضة في شخص مرتكب كبائر ويحج فلم يرفث ولم يفسق هل تكفر هذه الكبائر بمجرد الحج؟
طالب:. . . . . . . . .

(73/3)


هذا إذا تاب انتهينا ما في إشكال، المسألة مفترضة في شخص لم يتب، لحظة يا أخي، مفترضة في شخص لم يتب ويريد أن يحج ولا يرفث ولا يفسق نعم؛ ليرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، لكن هل يستطيع أن يحقق هذا الشرط بدون توبة؟ هل يوفق الشخص لعدم الرفث والفسوق وهو مصر على كبائر؟ لا يمكن، ولذا اشترط رفع الإثم عنه في الآية بالتقوى، التي من لازمها عدم ارتكاب الكبائر {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] يعني يرتفع عنه الإثم، يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، متى؟ إذا اتقى الله -جل وعلا-، ومسألتنا مفترضة فيمن يرتكب كبائر وليس بتقي، إذاً لا يرجع بهذا الوعد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو متضمن لتوبة، الآن العلماء قاطبة يقولون: إن صلى فمسلم حكماً، نعم، إن صلى ولو لم ينطق بالشهادة، لماذا؟ لأن الصلاة متضمنة للشهادة؛ لأن الصلاة فيها شهادة، قد يقول قائل: يصلي ولا يتشهد هذا ما صلى، المقصود أن مثل هذه الأمور لا يغتر بعموم المغفرة للحاج، نعم كما جاء في بعض النصوص، وصنف في هذا ابن حجر رسالة، لا يمكن أن يوفق لأن يحج حجاً مبروراً وهو مرتكب لكبائر، والآية فيها دلالة صريحة على هذا، بعض الناس يقول: والله يا أخي أنا ... ، يرتكب ما يرتكب طوال العام ويقول: المسألة مسألة أربعة أيام وتمحى الذنوب والحمد لله، المسألة أهون من ذلك، اندم على ما فات، واعزم على أن لا تعود، واقلع عن معصيتك ويغفر لك، لا تحج، نعم، وهذا متفق عليه أن التوبة تهدم ما كان قبلها، إذا وفق لها بشروطها، مخلصاً لله -جل وعلا- فيها، فهذا ينبغي أن يتنبه له؛ لأن بعض الناس يسترسل ويأتي أناس من أقطار بعيدة وقد حملوا الأوزار والآثام، وقد يرتكبون بعض الموبقات في حجهم، ومع ذلك يقولون: الحاج مبرور، رجع من ذنوبه، يا أخي ((من حج فلم يرفث ولم يفسق)) بهذا القيد، ((رجع من ذنوبه)) تقول: أبداً الحج كفارة، ما هو بكفارة لمثل هذا، لا بد من تحقيق الشرط: {لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] بهذا القيد.

(73/4)


((العمرة إلى العمرة)) والمراد بالعمرة التي تكفر، والحج الذي يكفر، والصلاة التي تكفر، والصيام الذي يكفر، والجمعة التي تكفر المؤدى على مراد الله -جل وعلا-؛ لأن شخصاً يصلي مثلاً ولا يرجع من صلاته بشيء، يعني غاية ما يقال فيه أن صلاته مجزئة صحيحة مسقطة للطلب، لكن ألا يمكن أن يرجع بدون أجر؟ يرجع بالعشر من الأجر؟ ممكن، نعم، أجر الثواب المرتب على هذه العبادة قد يرجع الإنسان بدون، ومن لغى فلا جمعة له، هل يقال: أعد الصلاة؟ لكن الأثر المترتب عليها، وقد يرجع الإنسان بنصف الأجر، بربع الأجر، بعشره، نعم، مثل هذا، هذه الصلاة التي لم يرجع منها إلا بعشر أجرها، هل تكفر إلى الصلاة الثانية؟ نعم؟ شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: إن كفرت نفسها نعمة، يكفي تكفر نفسها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي هذا الحديث من ضمن الأحاديث التي جاءت في هذا الباب، لو قلنا الكلام الذي تقوله، قلنا: هذا الحديث يكفي، ما نحتاج إلى أن نجتنب الكبائر {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ} [(31) سورة النساء] وأيضاً ما لنا داعي، ويش الصلاة تكفر وهذا يكفر وهذا يكفر، إذا كفرت الصلاة إيش يبقى للصيام؟ إذا كفر الصيام ويش يبقى للحج؟ إذا كفر ... ؟ المسألة معتبرة بارتباط جميع بعضها ببعض، الأمور التي جاء التكفير مرتبط بعضها ببعض؛ لأنه تصور شخص يحج ولا يصلي، أو اتصور شخص مثلاً يبي يصلي الجمعة ((الجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينها)) ويترك الصلوات الباقية ونقول: مكفرة؟ أو العمرة إلى العمرة؟ ما نقول هذا، الدين مترابط، نعم، نعم فيه الأركان، فيه الواجبات، وفيه السنن، وليست على حد سواء، لكن يبي يترك ركن من الأركان ويقول: أنا عندي مكفر، أبداً يا أخي؛ لأن هناك هذه أسباب، أسباب لتكفير الذنوب، والأسباب معروف أثرها، سواءً كانت الحسية أو الشرعية، معروف أثرها، مشروط بانتفاء المانع، أما إذا وجد مانع، ما يمكن، ظهر وإلا ما ظهر؟
طالب:. . . . . . . . .

(73/5)


أو إلى الآن؟ طيب، أنت تقول: إن الحج كافي وإلا ما صار في فائدة زائدة؟ نعم؟ صح، ما هو بإغراء بالحج؟ أليس هذا إغراء بالحج؟ طيب، إذا قلنا: مجرد إغراء والتكفير حاصل بغيره، حاصل بالصلاة، نعم، أنت تقول: إن الحج يكفي أنه يكفر، طيب ماذا عن الصلاة والصيام والجمعة؟
طالب:. . . . . . . . .
وجاء فيها الإطلاق، جاء فيها التقييد والإطلاق، التقييد هنا أصرح منه في غيره {لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] وهو في الآية، ولم يرفث ولم يفسق، كيف يا أخي شخص مرتكب لكبيرة لم يتب منها وهو تقي ما يمكن، ما يجتمع، ويش معنى تقي؟ أنت تريده في هذه الأيام يفرغ نفسه للحج ولا يلتفت إلى غيره ويرجع، لن يوفق، يا أخي نشوف علماء وطلاب العلم من غير تخصيص ولا تعيين، ولا قدح في أحد بعينه، نعم، ونسأل الله -جل وعلا- أن يعفو عن الجميع ويعفو عنا قبلهم يا أخي إحنا متورطين بهذه الأمور، يا أخي الواحد طول العام وهو فاتح لسانه بالقيل والقال، ثم يبي يروح أربعة أيام ويخيط لسانه؟ ما يمكن، ما يوفق، يا أخي أنت شوف الواحد يشوف نفسه يبي يتلفت إن لقى أحد يجيه وإلا راح هو يدور الناس، وشوف من حفظ نفسه طول العام، شوف وضعه في الحج، يختلف، حج حجه صحيح، ومجزئ ومسقط للطلب، ويؤجر عليه، لكن ما تكفر ذنوبه، الكبائر ما تكفر إلا بالتوبة.
قلتَ: حقوق العباد؟ ابن ماجه روى حديثاً وهو ضعيف ضعفه البخاري وغيره يذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل الله -جل وعلا- عشية عرفة أن يغفر لعموم الحاج، فقال الله -جل وعلا-، والحديث ضعيف، نعم، ((قد فعلت إلا المظالم)) التي هي حقوق العباد، فلما كان في المشعر الحرام في مزدلفة أعاد السؤال فقال: ((قد فعلت)) نعم، قد فعلت، فضل الله واسع لا يحد، لكن على الإنسان مع رجائه لفضل الله -جل وعلا- ورحمته التي وسعت كل شيء أن يخشى من ذنوبه، يعني لن يؤتى الإنسان من قبل غيره أبداً، يعني اعتدى عليك ظالم وضربك، يعني أنت الله -جل وعلا- ظلمك بهذا؟ أنت عندك خلل، الله -جل وعلا- سلط عليك هذا الظالم بسببك، ففتش عن نفسك قبل أن تفتش على الناس، نعم؟

(73/6)


طالب: يا شيخ، إذا كانت الجهة منفكة مثلاً رجل أوى محدث في بلده، وذهب إلى الحج وأتى بالحج على أكمل وجه؟
حجه صحيح.
طالب: حجه صحيح وهل هو يكون مكفر؟
بس يا أخي ما في لمن اتقى، وين لمن اتقى؟
طالب: اتقى. . . . . . . . .
ما يمكن يوفق لهذا، يا أخي شوف أنت الآن، ما نحتاج إلى أن نسترسل في مثل ... ، اتصورون يا الإخوان إن في شخص ساجد ليلة سبع وعشرين من رمضان يضحك؟! يمكن يتصور مثل هذا؟ لماذا ضحك؟ لأن طول عمره ينكت ويسخر من الناس ويضحك، ولا يعرض عليه مثل هذه النكت إلا في أضيق الظروف، فالإنسان عليه أن يحفظ نفسه ليحفظ، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة.
طالب:. . . . . . . . .
عليهن جهاد لا قتال فيه.
طالب:. . . . . . . . .
الرجاء شيء، والرجاء من الله -جل وعلا- أن يكفر شيء، وكوننا نجزم بأن الله يغفر لهذا الفاسق الذي مرتكب الكبائر شيء آخر.
طالب:. . . . . . . . .
هو لا بد يكرر مثل هذا لأنه عملي.

(73/7)


يقول هنا: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) الحج المبرور الذي لا يخالطه إثم عند أهل العلم، وعلامة بر الحج أن تكون حال الحاج بعد حجه أفضل وأكمل من حاله قبل الحج، ويوردون قصة أوردها بعضهم أن شخصاً حج ثلاث مرات من بغداد ماشياً، يمشي إلى مكة ثلاث مرات حاج، يحج ماشياً من بغداد إلى مكة، في الحجة الأخيرة لما رجع فتح البيت فإذا الوالدة نائمة فبرفق شديد لئلا يوقظها نام، انتبهت الأم فإذا الولد بجانبها فقالت: اسقني ماءاً، وهو تعبان جاي من الحج على رجليه، فكأنه لم يسمع، فقالت: يا فلان اسقني ماءاً، كأنه لم يسمع، قالت: يا فلان اسقني ماءاً، في الثالثة راجع نفسه، وقال: أحج إلى مكة آلاف الأميال ماشياً والماء قريب جداً أمتار عنه، ويستثقل أمر الوالدة لهذا، الفقهاء ويش يقولون بحجه؟ صحيح، ما في شك، الجهة منفكة عندهم ويصح الحج، لكن أرباب القلوب اللي يسمونهم علماء الآخرة، الزهاد والعباد، استفتى واحد منهم قال: حج حجة الإسلام، أنت ما بعد حجيت، كيف تضرب آلاف أميال هذا لله؟! يعني لو كان حجك لله ما استثقلت مترين أو ثلاثة لأجل تسقي الوالدة ماء، على كل حال ما هو بهذا محل بحثنا، لكن كون هذا الشخص رجع إلى عقوقه بأمه أو استثقاله أوامر أمه دل على أن الحج ما أثر فيه.
يعني شخص يعتكف العشر الأواخر ثم بعد ذلك ينام عن صلاة الفجر يوم العيد، ويش استفاد من الاعتكاف؟ سهر ليلة العيد ونام عن الصلاة، ما ترتبت عليه آثاره؛ لأن العبادات لا سيما مثل هذه الأعمال الخاصة لا سيما الاعتكاف الذي ينبغي أن يصرف للعبادات الخاصة التي لا ارتباط بها لأحد ولا تعليم العلم إن لم يؤثر في القلب صار أجوف كما يعبر عنه، نعم.
هذا يقول: هل حديث: ((بر الحج إطعام الطعام، ولين الكلام)) صحيح؟ وإذا كان صحيحاً هل يحصر البر في الحج على هذين الفعلين؟

(73/8)


أقول: الحديث مقبول عند بعضهم، وإن كان ضعفه كثير، وعلى فرض صحته يكون من باب تفسير العام ببعض أفراده، وهذا لا يقتضي الحصر، ويُهتم بمثل هذا بإطعام الطعام في مثل هذا الاجتماع الذي قد لا يتسنى لكثير من الحجاج أن يصنع الطعام، أو لا يتيسر له الحصول على الطعام، وكذلك لين الكلام لما يصاحب الزحام من ضيق في الأخلاق فلين الكلام دليل على حسن الخلق؛ لأن اللسان هو الذي يترجم ما في القلب، فإذا ساء الخلق ساء الكلام، وكذلك الطعام الحاجة إليه ماسة، فهذا لا شك أنه دليل على أن فاعل هذين رجل موفق، وهي علامة من علامات القبول.
يقول: "وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني كنت تجهزت للحج" هذه المرأة كنيتها أم سنان "كنت قد تجهزت للحج فاعترض لي" عرض لها عارض؛ لأنه لا يوجد لهم إلا اثنين من النواضح، إلا ناضحان، حج أبو فلان تعني زوجها وولده على أحدهما، والثاني تركوه يستقون عليه، ينضحون عليه، يسقون الزرع عليه "فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اعتمري في رمضان فإن عمرة فيه كحجة)) " وفي رواية: ((كحجة معي)).
هذا الحديث فيه الترغيب في عمرة رمضان، وأن فضلها عظيم، تعدل الحجة والحجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، فليحرص عليها المسلم، وكونه -عليه الصلاة والسلام-، لم يعتمر في رمضان شفقة على الأمة؛ لأنه لو اجتمع مع هذا الكلام فعله -عليه الصلاة والسلام- لاقتتل الناس، لو اعتمر في هذا الزمن مع قوله: أنها تعدل حجة اقتتل الناس على العمرة، والزحام كما رأيتم دون أن يعتمر -عليه الصلاة والسلام-، مع أنه وجد من يقول بأن هذا الحديث خاص بهذه المرأة.

(73/9)


وفي رواية أبي داود ما يشم منه الخصوصية، لكن لفظه عام، وإن كان سببه خاصاً، والعبرة بعموم اللفظ، فالمصحح عند أهل العلم أنه عام، وباقي إلى قيام الساعة، فالقول بالخصوصية قول مرجوح، ويوجد من يقول ويكتب في مثل هذه الأيام أن العمرة في رمضان تعدل حجة، لكن ليس كل سنة، كُتب هذا، نعم، بس ما هو بكل سنة، أنا ما أدري لا عقل ولا نقل، يعني لو قال بالخصوصية كان له سلف؛ لأن من أهل العلم من يرى الخصوصية، وينتهي من المشكلة القائمة؛ لأنه يريد أن يساهم في حل الإشكال القائم من الزحام في رمضان، فيقول مثل هذا الكلام، ما هو بكل سنة، يعني إذا كان لتحديد الحج في الخمس السنوات، يعني له شيء من .. ، له حظ من النظر باعتبار أن ((من وسعت عليه رزقه، وصححت له بدنه فلم يفد عليه في كل خمس سنوات مرة إنه لمحروم)) يعني هذا له يعني .. ، ومرد ذلك إلى المصلحة؛ لأنه إذا كان محروم اللي ما يحج كل خمس مرات أيضاً محروم من لم يحج كل سنة، مع ما نعرف، والحرمان نسبي، ويبقى أن مرد هذا إلى المصلحة، يعني إذا كان هناك مفسدة كبيرة تترتب على هذا، وأهل العلم عندهم النظر الواسع في مثل هذه الأمور، ويفتون من يملك المنع مثل ما أفتوه في الحج هذه مسألة ثانية، إما أن يقال: صحيح أن العمرة في رمضان تعدل حجة لكن ما هو بكل سنة، طيب إلى متى؟ متى؟ كل سنيتين كل ثلاث كل عشر؟ نعم؟
طالب: موظف بالجوازات.
لا، لا ما هو موظف بالجوازات، لا، لا هذا الله يعين، ما في إشكال -إن شاء الله-.
طالب: صحيح؟
ما في إشكال إيه صحيح.
طالب: لفظة. . . . . . . . .
لا، لا ثابتة ما فيها إشكال.
العمرة في رمضان النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر أربع مرات: الحديبية التي صد عنها، والقضاء، وعمرة الجعرانة، والتي مع حجه -عليه الصلاة والسلام-، هذه أربع وكلها في القعدة كما قالت عائشة رداً على ابن عمر.

(73/10)


المهم أنها في الأشهر الحرم، أو في أشهر الحج، وابن القيم -رحمه الله تعالى- توقف في تفضيل عمرة رمضان على العمرة في هذه الأشهر، والتوقف في مثل هذا يعني فيه ما فيه؛ لأن صريح كلامه -عليه الصلاة والسلام- في أن العمرة تعدل حجة ما قال: إن العمرة في أشهر الحج تعدل عمرة، تعدل حجة أبداً، وكونها تعدل حجة يعني في الفضل، ولا يعني أنها تكفي عن حجة الإسلام، نعم، فقد يقارن العمل بغيره لكنه لا يقوم مقامه من كل وجه، والتشبيه قد يكون من وجه دون وجه، يعني هل يستوي من قرأ القرآن بأجزائه الثلاثين وبسوره المائة وأربعة عشرة، مع من قرأ الإخلاص ثلاث مرات، وأنها تعدل ثلث القرآن؟ أيعجز أحدكم أن يقرأ القرآن في ليلة؟ يقرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات، لكن من وجه دون وجه بلا شك، والتشبيهات التي جاءت بها النصوص كثيرة في هذا المعنى، مثل تشبيه رؤية الباري برؤية القمر، هل نقول: إن المشبه مطابق للمشبه به من كل وجه؟ ما هو صحيح، إنما من وجه دون وجه، تشبيه الوحي وهو محمود بصلصلة الجرس وهو مذموم ((أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس)) المقصود أن مثل هذا له نظائر في الشرع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا بد من التفريق، وليس من كل وجه، يعني من أقسم، أو نذر أن يقرأ القرآن، ثم قرأ الإخلاص ثلاث مرات يكفي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يكفي، لكن مفاد الحديث أنه يكفي، على كل حال المسألة شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- له أكثر من مصنف، منها تفسير سورة الإخلاص، وأفاض فيه في هذه المسألة، وهو أيضاً له كتاب خاص في هذه المسألة: (جواب أهل العلم والإيمان فيما جاء أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن).

(73/11)


يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: "افصلوا -يعني فرقوا- بين حجكم وعمرتكم" بأن تحرموا لكل واحد منهما وحده، يعني من الميقات، بأن يسافر الإنسان سفر مستقل للحج وسفر آخر للعمرة، وكان يأمر بذلك ولا يرى الجمع بينهما في سفرة واحدة، والمسألة معروفة، النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بينهما في القران، وأمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يجعلوها عمرة، على أن القول بالخصوصية بتلك الحجة قول معروف عند أهل العلم، وهو ممن يرى هذا "فإن ذلك أتم لحج أحدكم" أتم، أن يأتي به بسفر مستقل، وسفره محسوب له، كخطاه إلى المساجد، لا ينهزه إلا الحج فقط، مأجور، ثم إذا خرج ثانية لا ينهزه إلا العمرة يؤجر على هذا السفر، فيحرم من أجل أحد السفرين بهذا، وهذه المسألة يعني مفترضة فيمن أراد وصمم أن لا يحج إلا مرة واحدة، ويعتمر مرة واحدة، وهذا يكون الإفراد في حقه أفضل اتفاقاً كما قال شيخ الإسلام، فعمر -رضي الله عنه- كان يكره التمتع؛ لئلا يترفه الحاج بترك أحد السفرين.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان كان إذا اعتمر ربما لم يحطط عن راحلته حتى يرجع" يعني إلى المدينة، إذا اعتمر لم يحطط عن راحلته حتى يرجع إلى بلده، إلى المدينة؛ لأنه كان ينهى عن المتعة، ورخص النبي -عليه الصلاة والسلام- للمهاجرين أن يقيموا بمكة بعد الحج، بعد انقضاء الحج ثلاثاً، أن لا يبقوا في بلد تركوه لله -جل وعلا-، وهجروه أكثر من ثلاث، وأما الثلاث فهي لقضاء بعض الحوائج، وإلا فالأصل أن ما ترك لله لا يرجع إليه.
"قال مالك: "العمرة سنة يعني مؤكدة" وعرفنا أن أبا حنيفة يوافق الإمام مالك على أنها سنة، وليست بواجبة، والإمامان أحمد والشافعي يريان الوجوب لحديث: "إن فريضة الله أدركت أبي شيخاً كبيراً أفأحج عنه؟ قال: ((حج عن أبيك واعتمر)) والأمر بالإتمام إتمام الحج والعمرة وغير ذلك مما يستدل به على وجوبها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(73/12)


يبي يأتي، يقول: "ولا نعلم أحداً من المسلمين أرخص في تركها" من هذا فهم بعض المالكية أن مالكاً يرى وجوبها، نعم مالك يرى وجوبها، وكونها سنة يعني طريقة متبعة مأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، "قال مالك في المعتمر يقع بأهله -يعني يجامع زوجته-: "إن عليه في ذلك الهدي وعمرة أخرى ... "
طالب:. . . . . . . . .
نعم قبل ذلك يقول مالك: "ولا أرى لأحد أن يعتمر في السنة مراراً" فعلى هذا تكره الثانية إذا اعتمر مرتين يكره في حقه الثانية؛ لعدم فعله -صلى الله عليه وسلم- لذلك، ما أثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه اعتمر في سنة مرتين، إنما اعتمر أربع مرات كل واحدة في سنة مستقلة، والجمهور على جواز ذلك، على جواز الاعتمار أكثر من مرة في السنة؛ لأدلة كثيرة منها ما تقدم: ((العمرة إلى العمرة)) ((تابعوا بين الحج والعمرة)) كل هذا يدل على التكرار، وأنه لا يتقيد بزمن، فلا يمنع مما حُث عليه، يكثر من ذلك ما في مانع، العمرة إلى العمرة على أن لا يعوق عما هو أهم وأعظم أجراً.
المفاضلة بين العبادات موضوع في غاية الأهمية، نعم؛ لأن بعض الناس جالس ينتظر نعم ينتظر عنده ربع ساعة فراغ، ويشكل عليه هل يصلي ثلاث تسليمات أو يقرأ جزء من القرآن مثلاً أيهما أفضل؟ نعم، أو يعتمر مراراً أو يلزم المسجد ليصلي ويطوف ويقرأ؟ هذه أمور تشكل على كثير من المتعلمين، ويترددون في تفضيل بعضها على بعض، على كل حال هناك رسالة في أكثر من ألف صفحة في المفاضلة بين العبادات، رسالة قيمة حقيقةً، يرجع إليها.
طالب:. . . . . . . . .
المفاضلة في العبادات، واحد اسمه: سليمان النجران، مطبوعة يعني، مطبوعة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
فيها يمكن أول الكتاب قسم كبير من الكتاب في القواعد العامة، ثم بعد ذلك التفريع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يخرج للتنعيم ويعود، يقول: كرهه بعض الصحابة، وقالوا: يلزم المسجد ويقرأ ويطوف أفضل.

(73/13)


"قال مالك في المعتمر يقع بأهله -يجامعها-: إن عليه في ذلك الهدي وعمرة أخرى" قضاء عن العمرة التي أفسدها، المعتمر يقع بأهله يعني هل يستوي في ذلك من وقع بأهله قبل الطواف أو بعد الطواف، وقبل السعي أو بعد السعي وقبل الحلق، نعم، يعني كما اختلف الحكم في ذلك بالنسبة للحج، فالجماع قبل التحلل الأول له حكم، والجماع بعد التحلل الأول له حكم.
يقول -رحمه الله تعالى-: "قال مالك في المعتمر يقع بأهله: إن عليه في ذلك الهدي وعمرة أخرى" يعني عمرة قضاء عن العمرة التي أفسدها "يبتدئ بها -يعني عاجلاً لإبراء ذمته- بعد إتمامه التي أفسد" بالجماع، معنى هذا أنه يمضي في فاسده، يكمل هذه العمرة، كما أنه يؤمر بالمضي في فاسد الحج، ويقضيها.
مسألة يسأل عنها كثيراً، وهي عملية والسؤال عنها كثير، يعني امرأة اعتمرت ولجهلها أو الحياء منعها طافت وهي حائض وسعت وقصرت ومشت، وجومعت، نعم، ما زالت محرمة، وعمرتها فسدت، نعم، فماذا عليها؟ عليها الهدي الذي ذكر الإمام مالك، منهم من يقول: عليها عمرة مضياً في العمرة الفاسدة التي هي أفسدت، وعليها عمرة قضاء، نعم، ألا يمكن أن يقال: إن هذه التي فسدت مضت في .. ، التي أفسدتها مضت فيها وأتمتها، نعم ويلزمها عمرة قضاء، أو نقول: إن العمرة التي أفسدتها أفسدت معها إحرامها عليها أن تحرم من جديد، فتأتي، تمضي بهذه العمرة التي أفسدتها ثم تقضي، والإشكال الثاني أن بعضهم قد يقول مثلاً: إذا أحرم بالحج أو أحرم بالعمرة وبعد الإحرام مباشرة جامع زوجته، نعم، بعد الإحرام، هل نقول له: الآن فسد إحرامك، وأعد الإحرام وامضِ في فاسد العمرة وكملها أو الحج ثم عليك حجاً ثاني؟ وهذا بإمكانه أن يصحح حج هذه السنة، لا سيما إذا كان ممن يصعب رجوعه إلى هذه الأماكن.
بعض الناس يقول: ما دام يمكنه التصحيح يعني المسألة فرق بين أن لا يمكنه بعد عرفة جامع أهله، نعم وقبل التحلل الأول فسد حجه، لكن لا يمكن تصحيحه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: أقول:. . . . . . . . .

(73/14)


فات عرفة، لكن إذا كان يمكنه التصحيح بأن يعود إلى المحرم ويغتسل ويحرم من جديد، نعم، ويهدي بدنة، ويحج حج صحيح كامل؛ لأنه أفسد الإحرام فقط، ما أفسد الوقوف، والحج بإمكانه أن يدركه، المعمول به عند كثير من أهل العلم أنه يمضي في هذا الفاسد، يُكمّل هذا الفاسد ولا يُصحح، ثم بعد ذلك يحج من قابل، والمسألة تختلف من شخص لا يستطيع أن يفد إلى هذه البلاد مرة أخرى، وشخص بالإمكان أن يكمل هذه الحجة ويحج مكانها، ولا يصعب عليه الرجوع مرة ثانية.
طالب: وبالنسبة للعمرة.
وين؟
طالب: اللي تقول: اعتمرت وأنا صغيرة أو حائض ولا دريت ثم. . . . . . . . .
والله نقول: هي مضت في فاسدها وكملتها فتقضيها بس فقط.
طالب: ونكاحها ما عليه شيء.
وين؟
طالب: عقدها للنكاح.
عقدت؟
طالب: إيه يعني كانت محرمة.
لا، يجدد، لا بد من تجديده، لا بد من تجديده، وإن كان حصل هناك أولاد فهي شبهة، له، لهما يعني ما في إشكال.
مسألة إفساد الحج وصوره بالوطء والمضي بالفاسد والإلزام بالحجة الثانية، والتفريق بينه بين حصوله بعد التحلل الأول والثاني، والمضي في العمرة في الصورة التي أوردناها تحتاج إلى بحث، تبحث؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيخ عبد الرحمن؟ تحضرها غداً؟ شفت الصورة؟
طالب:. . . . . . . . .
من؟ جاهز؟ تحضره غداً، وأنت يا شيخ عبد الرحمن، مسألة فيما إذا .. ، هذا اللي يسأل عنها كثيراً اعتمرت وطافت وهي حائض، وكملت العمرة وذهبت ووطئت وقد تكون تزوجت ثم وطئت يعني من الآثار المترتبة على هذا عمرتها باطلة وفاسدة، هل يلزمها أن تأتي بعمرة صحيحة إمضاءً لهذه الفاسدة ثم تعتمر ثانية؟ أو يكفيها أنها مضت في هذه الفاسدة حتى أكملتها، ثم تأتي بعمرة بدل هذه الفاسدة، وقل مثل هذا في الحج، فيما إذا كان يمكنه التصحيح، يعني أحرم ثم وطئ، ويمكنه أن يرجع إلى الميقات ويقف مع الناس، نعم؛ لأنه يفتى به في هذه الأيام على نطاق ضيق، فيشاف له كأن له وجه، جيبها لنا غداً، وأنت كذلك بعد، المسألتين لا بد منهما.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ مع إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
أنت الآن بحثتها، تبحث المسألتين ذولاء مهمات، ويسأل عنهما كثيراً، والزمن زمن فقه التيسير، ويبون الناس بعد يخففون شوي، نعم، ونكمل -إن شاء الله- غداً.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(73/15)


الموطأ - كتاب الحج (11)
شرح: باب جامع ما جاء في العمرة.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نكمل شرح الباب السابق وقد قرئ كله.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"قال مالك في المعتمر يقع بأهله" يعني يجامع زوجته "أن عليه في ذلك الهدي وعمرة أخرى" قضاءً عن التي أفسدها "يبتدئ بها" عاجلاً لإبراء ذمته "بعد إتمامه التي أفسد" بالوقاع، بعد إتمامه التي أفسدها بالوقاع، "ويُحرم" في عمرة القضاء "من حيث أحرم بعمرته التي أفسد، إلا أن يكون أحرم" يعني في العمرة الأولى الفاسدة "من مكان أبعد من ميقاته" يعني كنجدي يحرم من ذي الحليفة بعمرة ثم يفسدها بجماع، يحرم في عمرة القضاء من ذي الحليفة، ولا يكفيه من السيل، على كلام المؤلف "فليس عليه أن يحرم" في قضائها إلا أن يكون أحرم من مكان أبعد من ميقاته، مثل ما قلنا: نجدي أحرم من ذي الحليفة فليس عليه أن يحرم في قضائها إلا من ميقاتها المحدد شرعاً.
هذا بالنسبة لرأي مالك واضح؛ لأن له أن يتجاوز الميقات الذي يمر به، يعني على جادة المذهب، مذهب الإمام مالك ما في إشكال، لكن على مذهب غيره أنه يلزمه أن يحرم من ميقات العمرة التي أفسدها، ولا يكفي من ميقاته؛ ليكون القضاء مثل الأداء.
"قال مالك: ومن دخل مكة بعمرة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وهو جنب أو على غير وضوء ناسياً ثم وقع بأهله معتقداً تمام عمرته، ثم ذكر أنه ليس على طهارة، قال: يغتسل أو يتوضأ، ثم يعود فيطوف بالبيت" لماذا؟ لبطلان الطواف الأول بعدم الطهارة، طاف بغير وضوء نعم أو جنب "يغتسل أو يتوضأ ثم يطوف" عن الطواف الأول؛ لأنه باطل لتخلف شرطه، وبين الصفا والمروة، السعي بين الصفا والمروة هل يشترط له طهارة؟ لكنه مشترط له أن يتقدمه طواف ولو مسنون "ويعتمر عمرة أخرى" قضاءً، يعني ويش اللي صار؟
طالب: وقع بعد ما. . . . . . . . .

(74/1)


"قال: ومن دخل مكة بعمرة فطاف بالبيت وبين الصفا والمروة وهو جنب أو على غير وضوء ثم وقع بأهله" يعني عليه أن يمضي في فاسد العمرة، يعني طوافه الأول الباطل وسعيه نعم الباطل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، السعي قلنا: إنه مترتب على طواف، وهذا طواف باطل ما يصح، كونه طاف وهو جنب وقد وطئ أهله، نعم ومفسداً لعمرته، طاف وسعى، هل نقول: إن هذا هو المضي في فاسده، أو عليه أن يغتسل، ويعيد الطواف والسعي وهذا مضاء في الفاسدة ثم يقضي ثالثة؟ المسألة شخص طاف وسعى بين الصفا والمروة وهو جنب أو على غير طهارة، ثم بعد ذلك وقع بأهله وهو ناسي، جامع زوجته، نعم، وقع بأهله؛ لأنه ما هو بناسي أن الوقاع .. ، ناسي إنه على غير طهارة، والوقاع بناءً على أن عمرته قد تمت، نعم ثم ذكر ذلك، ويش اللي عليه؟ يغتسل أو يتوضأ؟ يغتسل إن كان عليه غسل، يتوضأ إن كان عليه وضوء، ثم يعود فيطوف بالبيت؛ لأن الطواف الأول باطل، نعم، والطواف الثاني صحيح وإلا غير صحيح؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(74/2)


لأن الإحرام أصله فاسد، أفسد الإحرام بالجماع، فهذا الطواف الثاني بعد الطهارة مضاءً في فاسد العمرة التي أفسدها بالجماع، يعني ما يكفي أنه مضى بها وأكملها الأولى الفاسدة، بطواف باطل وسعي باطل؛ لأن وجود هذه مثل عدمها، فيغتسل أو يتوضأ ثم يطوف ويسعى ويكمل عمرته مضاءً في الفاسدة، ثم بعد ذلك يعتمر عمرة أخرى قضاءً، فيكون أتى بالعمرة كم مرة؟ ثلاث مرات، الأولى: التي جامع فيها، وطاف وسعى على غير طهارة، نعم؛ لأنه ناسي، ثم جامع أهله، فبطل فسدت هذه العمرة، يقول: يغتسل أو يتوضأ ثم بعد ذلك يطوف ويسعى وهذا ليس بقضاء عن العمرة الفاسدة، هذه مضي في الفاسدة، ثم بعد ذلك يعتمر عمرة صحيحة قضاءً، وهذا مثل ما قلنا سابقاً: امرأة طافت وهي حائض، وسعت وقصرت وحلت، جهل أو حياء أو ما أشبه ذلك، وذهبت إلى بلدها فقيل: إنك ما زلت محرمة، تأتي فتحرم أو لا يلزمها إحرام حينئذٍ؟ إي نعم، على كلام مالك ما يلزمها إحرام؟ لماذا؟ لأن هذه ليست هي القضاء، إنما هذه هي المضي في الفاسدة، فتأتي بطواف وسعي على طهارة وتحل ثم بعد ذلك تعتمر عمرة أخرى قضاءً، فتكون أدت العمرة ثلاث مرات، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ الآن هل يختلف هذا فيما لو جامعها بعد الإحرام ثم اغتسل وطاف وسعى وحل، هل يطلب منه ثالثة؟ أو هذه مضاء في الفاسدة، نعم مضاء في الفاسدة، يؤتى بالفاسدة كما يؤتى بالصحيحة في باب المضي فيها، ثم تقضى؛ لأن قلنا: ثلاث على رأي .. ، على ما ذكره مالك: الأولى باطلة، لماذا؟ لأن الطواف على غير طهارة، والسعي متصل بالطواف، نعم، باطلة لهذا، فكونه وقع الجماع بعد الطواف والسعي الباطلين الذين وجودهما كعدمهما كأنه جامع بعد الإحرام، نعم، يعني هل يمضي في فاسدها وهي انتهت على حد زعمه؟ يأتي ببدلها مضاءً في فاسدها ثم يعتمر عمرة أخرى قضاءً، ويهدي للفساد.
"وعلى المرأة إذا أصابها زوجها وهي محرمة مثل ذلك" لأن التكليف واحد، النساء شقائق الرجال، ومعلوم أن هذا إذا كانت مطاوعة، نعم؟
طالب: بالنسبة للنسيان هل هذا يظهر يا شيخ، ناسي؟
إيه بيجي كلام أهل العلم الحين بالتفصيل -إن شاء الله-.
طالب:. . . . . . . . .
بالنسبة لصحة الطواف؟
طالب: لأنه ناسي، لا.

(74/3)


لا بد من إعادته،
طالب: لأنه مثل الصلاة، لكن الكلام على التكليف بالنسبة للناسي.
لا، هو من خرج من العبادة بناءً على أنها تامة، وقد اشتملت على ما يبطلها، هل تؤثر المخالفة فيها في هذه العبادة التي خرج منها على أنها تامة؟ في حديث ذي اليدين حصل ما يبطل الصلاة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بناءً على أنها تامة، فما أثر في الصلاة، هذا ما أثر في الصلاة بناءً على أنها تامة، من يعتقد تمام عبادته لا يؤثر فيها ما يخالفها أخذاً من حديث ذي اليدين، والمسألة بيأتي بسطها، كلام أهل العلم موجود.
"قال مالك: فأما العمرة من التنعيم ... " نعم؟
الأخيرة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا بد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأنه شرع فيها فلزمته، نعم، لزمته بالشروع وقضاء الواجب واجب، ويأتي في كلام ابن حزم أنه حتى في الحج، وقع على زوجته بطل حجه ويلبس ثيابه ويروح لأهله، لا عليه هدي ولا قضاء ولا يمضي في فاسد ولا شيء من هذا، ويش اللي يلزمه وأصل الحج نفل؟ إلا إن كان ما حج حجة الإسلام.
طالب:. . . . . . . . .
هو إما أن تصححها وتلزمه بالإتمام، أو تبطلها وخلاص ما دام بطلت، العبادة كلها إذا بطلت يلزم إتمامها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا ما هو صحيح، هذا جامع زوجته قبل عرفة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا افترض أنه متعمد بيجي الكلام في كلام أهل العلم، طويل في المسألة.
"قال مالك: فأما العمرة من التنعيم فإنه -على رأيه- من شاء أن يخرج من الحرم ثم يحرم فإن ذلك مجزئ عنه -إن شاء الله تعالى-" لأن الحل حكمه واحد، لا يتعين التنعيم، إنما يحرم من أدنى الحل، من أي جهة كانت، لو أحرم بالأولى من التنعيم، ثم فسدت يحرم في قضائها من أدنى الحل، من عرفة وإلا من غيرها، يقول: "فأما العمرة من التنعيم فإنه من شاء أن يخرج من الحرم" يعني إلى أي موضع من الحل "ثم يحرم فإن ذلك مجزئ عنه -إن شاء الله تعالى-" إذ الواجب في الإحرام أن يجمع بين الحل والحرم وقد حصل، "ولكن الفضل أن يهل من الميقات الذي وقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني التنعيم وإلا المواقيت المعروفة؟
طالب:. . . . . . . . .

(74/4)


لا، هو أحرم من التنعيم، أحرم بالعمرة من التنعيم، أحرم من مكة، وقيل له: اخرج إلى التنعيم فخرج إلى التنعيم، نعم، هل نقول: لا، اذهب إلى السيل هذا أفضل الذي وقته النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو نقول: التنعيم ميقات للعمرة عند بعض أهل العلم؟ نعم؟ ميقات عند بعض أهل العلم، أن ميقات عمرة المكي التنعيم، وهو المعين في حديث عائشة، أو ما هو .. ، نعم، ولذلك يقول: "ولكن الفضل أن يهل من الميقات الذي وقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني التنعيم، أو ما هو أبعد من التنعيم، يعني من الميقات الذي وقته النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو من الميقات الذي أحرم منه أولاً، أو ما هو أبعد منه كالجعرانة والحديبية لإحرامه -عليه الصلاة والسلام- منهما بالعمرة.
نعود إلى أصل المسألة، مسألة الجماع جماع المحرم، هذا بحث من أحد الإخوة.
ما جاء في جماع المحرم من القرآن: قوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [} (197) سورة البقرة] الآية .. ما جاء في السنة حديث مرسل عند أبي داود في مراسيله من طريق أبي توبة عن معاوية عن يحيى بن أبي كثير، قال: أخبرني يزيد بن نعيم، أو زيد بن نعيم أن رجلاً من جذام جامع امرأته وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهما: ((اقضيا نسككما وأهدي هدياً ثم ارجعا حتى إذا جئتم المكان الذي أصبتما فاخرجا وأتما نسككما وأهديا)) هذا مرسل لا تقوم به الحجة.
يقول: جاءت آثار عن الصحابة والتابعين كثيرة ومتعددة وهي لم تتفق على شيء بعينه للمحرم والمجامع إلا الإثم، وهذه بعض منها، وهي أصحها.
قال ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع عن عمر بن ذر عن مجاهد عن ابن عباس قال: على كل واحد منهما هدي.
يقول: صحيح لغيره.

(74/5)


قال ابن أبي شيبة -رحمه الله- في المصنف: حدثنا ابن نمير عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: أتى رجل إلى ابن عمر فسأله عن محرم وقع بامرأته، فأشار له إلى عبد الله بن عمرو فلم يعرفه الرجل، قال شعيب: فذهبت معه فسأله، فقال: بطل حجه، قال: فيقعد؟ يسأل، خلاص، فيقعد؟ قال: لا بل يخرج مع الناس فيصنع كما يصنعون، فإذا أدركه قابل حج وأهدى، فرجعا إلى عبد الله بن عمر فأخبراه فأرسلنا إلى ابن عباس قال شعيب: فذهبت إلى ابن عباس معه فسأله، فقال له مثل ما قال ابن عمرو، فرجع إليه فأخبره فقال له الرجل: ما تقول أنت؟ فقال: مثل ما قالا.
يقول: هذا حديث حسن.
قال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: يمضيان لوجههما ويقضيان حجهما ويرجعان حيث أحبا، فإذا كان قابل أهلا من حيث كان أهلا بحجهما الذي أفسد وأهديا ويُفرقا.
قال ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري قال: في رجل لبى بعمرة ثم وقع بامرأته قبل أن يقضي عمرته، قال سعيد: عمرة ويهدي بدنة.
وقال: حدثنا ابن فضيل عن داود عن سعيد بن المسيب قال: يهديان هديا عامهما.
قال ابن أبي شيبة: حدثنا غندر عن شعبة عن قتادة قال: سئل عن رجل أهل بعمرة ثم غشي امرأته قبل أن يصل إلى البيت أنه قال: يرجعان إلى أحدهما فيهلان بعمرة، ويتفرقان حتى يقضيا العمرة، وعليهما هديان.
قال: حدثنا عبد الأعلى عن هشام عن الحسن وعطاء قالا في المحرم إن استكره امرأته فعليه كفارتها، فإن طاوعته فعلى كل واحد منهما كفارة.
هذا عن الحسن وعطاء، وأيضاً عن الحسن وعطاء قالا: عليه أن يرجع إلى الوقت فيهل بعمرة ويهريق دماً.
ثم قال: عن عطاء قال: بينهما بدنة، وقال سفيان: شاة تجزئ، وعن إبراهيم قال: عن كل واحد منهما بدنة، وعن الحكم وحماد قالا: يقضيان نسكهما وعليهما هدي، ويحجان من قابل، فإذا أتيا المكان الذي وقع بهما لم يجتمعا حتى يحلا.
وعن الحكم وحماد قالا: عليهما هديا هديا.
يقول: مزيد من الأقوال في ذلك في المدونة: أريت إذا حج رجل وامرأته، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
وراه؟ ما فيه إلا سطرين، في ورقة ثانية؟
طالب:. . . . . . . . .

(74/6)


طيب يقول: باستعراض الآثار السالفة يتبين أن على المحرم المجامع ثمانية أمور:
الإثم، فساد الحج، التمادي وإتمام النسك، القضاء من العام القادم، الهدي، التفرق عن زوجته، الرجوع إلى الميقات والإهلال بعمرة، انقلاب الحج عمرة، يفعل مثل ما يفعل الناس حج، إذا مضى في فاسد الحج حج، الإيضاح: الإثم محل اتفاق السلف والخلف وذلك للآيات المذكورة، والفساد: والآثار فيه ثلاثة أقسام:
الأول: صرح بالفساد قولاً واحداً ابن عمر وابن عمرو.
الثاني: لم يصرح بالفساد ولم يتكلم به، وهو أثر عن جبير بن مطعم، أفٍ لا أفتيك بشيء، للمجامع المحرم، لما سأله.
الثالث: جاء مرة بالفساد وأخرى بغيره، وهي عن ابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن وعطاء والحكم وحماد.
فالحاصل أن الآثار لم تجمع عليه، ليس فيه نص صريح مرفوع للنبي -عليه الصلاة والسلام-، نقل الإجماع عليه ابن المنذر والقرطبي، ورده غيرهما كالشوكاني وصديق خان ومصطفى العدوي، والحاصل عدم الاتفاق وليس هناك نص مرفوع، أبطله ابن حزم بقوله: الهدي من مال المسلم والأصل فيه التحريم إلا لدليل.
وأبطله خان بقوله: فالأصل البراءة ولا ينقل عنها إلا لدليل.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟ هذه نفسها، في ورقة ثالثة؟
طالب:. . . . . . . . .
التمادي في النسك ووجوب القضاء؟ خلنا نكمل كلها عناوين.
ولما يلزم الهدي بالبدنة رغم وقوعه على أقل منها، يعني البقرة والشاة، فلم يلزم بالأشد مع الأيسر خلافاً للقواعد العامة مع سماحة الشريعة؟
أبطله الشوكاني بقوله: وليس فيه مرفوع.
التفرق الآثار فيه نوعان:
الأول: قال به قولاً ولم يقل به ثانية، مختلف على أصحابه فيه، الثاني لم يقل به أصلاً، والأول ابن عمر وابن عمرو وابن عباس، والثاني ... ، والحاصل عدم الاتفاق، ليس فيه نص مرفوع، مكرر هذا؟
من قال به اختلفت عنه الرواية في مكان التفرق هل هو من الميقات أم من مكان الجماع أم قبله؟ وكذلك اختلف أصحاب المذاهب واختلفوا في وجوبه واستحبابه في المذهب الواحد وفي صفته.
التمادي في النسك الآثار فيه قسمان:
الأول يراه عن ابن عمرو وابن عمر، وبعضه عن ابن عباس.

(74/7)


الثاني: لا يراه، قول قتادة والحسن وعطاء، فجاء عنهم الرجوع للميقات والإحرام بعمرة، وانقلاب الحج عمرة، فالحاصل عدم الاتفاق، وابن حزم رده بقول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [(81) سورة يونس] ورده خان -صديق- بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا)) .. إلى آخره، ورده الشوكاني بعدم ثبوت المرفوع به، وقال ابن حزم أيضاً: هو يفضي إلى إيجاب أكثر من حجة.
وجوب القضاء: فالآثار فيه قسمان، وهذا يبنى على القول بالبطلان والتمادي السابقين.
الهدي: اتفقت عليه الآثار جملة، واختلفت في تفصيله، فجاء الهدي دماً، بدنة، شاة، بقرة، سبع شاة عند العجز، تقوم البدنة بالدراهم وبالدراهم طعام، فإن عجز عن الإطعام صام.
الرجوع إلى الميقات والإهلال بعمرة: ليس محل الاتفاق، وهما ينقضان البطلان، وكذلك وجوب الاستمرار في النسك الفاسد، فالحاصل عدم ثبوته، وما ينقضانه لعدم الإجماع عليهم، ولعدم النص المرفوع، ويشعر بذلك اختلاف أئمة العلم فيهما من قائل وغير قائل بهما.
خلاصة ثبوت الإثم للدليل.
عدم ثبوت ما قيل من الآثار المترتبة على الجماع الأخرى، لعدم اجتماع آثار السلف عليها، واختلاف الروايات على الواحد من السلف، وعدم وجود النص الصريح بذلك، الأصل البراءة إلا لدليل ولا دليل، آثار السلف ليست بحجة –عاد هذه قوية- مناقضة بعضها لبعض، هناك من الآثار ما لم يثبت كالأثر المرسل المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأثر علي وعمر، فالاستدلال بالآية على بطلان الحج للمجامع لا يستقيم.
الخلاصة أن الحج صحيح؟ ما عليه إلا إثم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما عليه شيء أبد، بس آثم وخلاص، مثل لو اغتاب، مثل لو جادل، ومثل ..
طالب:. . . . . . . . .
على العين والرأس الشيخ، لكن عندنا أئمة الإسلام ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .

(74/8)


خلونا نشوف، شوف هم يفرقون بين الوطء بعد التحلل الأول وبين الوطء قبله، نعم، فالوطء قبل التحلل الأول يبطل الحج، تلزم عليه اللوازم، المضي في فاسده والبدنة، نعم، وقضاؤه، وبعد التحلل الأول يبطل الإحرام عندهم، ولا يبطل الحج، فعليه أن يحرم من جديد، نعم، ليطوف وهو محرم.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف، معروف هذا، لكن هذا عمل الذي يكاد يتفقون عليه أنه يمضي في فاسده، يكمل مع الناس حج، نعم ويهدي ويقضيه من قابل.
كلام الشيخ الشنقيطي -رحمه الله تعالى- يقول: الفرع الثامن: اعلم أنا قدمنا في أول الكلام على هذه المسألة أن الإحرام يحرم بسببه على المحرم وطء امرأته في الفرج، ومباشرتها فيما دونه؛ لقوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج} [البقرة: 197] وقد قدمنا أن الرفث شامل للجماع ومقدماته، ومقتضى القول ببطلانه بسبب الجماع أيضاً أن يبطل بمقدمات الجماع؛ لأن اللفظ شامل لهما، وأيضاً الفسوق والجدال، وقد أردنا في هذا الفرع أن نبين ما يلزمه لو فعل شيئاً من ذلك، ولا خلاف بين أهل العلم أن المحرم إذا جامع امرأته قبل الوقوف بعرفات أن حجه يفسد بذلك، ولا خلاف بينهم أنه لا يفسد الحج من محظورات الإحرام إلا الجماع خاصة، نعم، ولا خلاف بين أهل العلم أن المحرم إذا جامع امرأته قبل الوقوف بعرفات أن حجه يفسد بذلك، ولا خلاف بينهم أنه لا يفسد الحج من محظورات الإحرام إلا الجماع خاصة، وإذا فسد حجة بجماعه قبل الوقوف بعرفات فعليه إتمام حجه هذا الذي أفسده وعليه قضاء الحج وعليه الهدي، وهو عند مالك والشافعي وأحمد، وجماعات من الصحابة بدنة، وقال أبو حنيفة: عليه شاة، وقال داود: هو مخير بين بدنة وبقرة وشاة، فإن كان جماعه بعد الوقوف بعرفات وقبل رمي جمرة العقبة يعني قبل التحلل الأول وطواف الإفاضة فحجه فاسد عند مالك والشافعي وأحمد.

(74/9)


وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: حجه صحيح، يستدل بحديث: ((الحج عرفة)) وقد وقف بعرفة، نعم، حجه صحيح، وعليه أن يهدي بدنة متمسكاً بظاهر حديث: ((الحج عرفة)) وإن كان جماعة بعد رمي جمرة العقبة وقبل طواف الإفاضة فحجه صحيح عند الجميع، أي عند الأئمة الأربعة، وعند الشافعي تلزمه فدية، وعند أبي حنيفة إن جامع بعد الحلق فعليه شاة، وإن جامع قبل الحلق يعني بعد الوقوف فعليه بدنة.
وعن أحمد روايتان: فيما يلزمه هل هو شاة أو بدنة، ومذهب مالك: أن حجه صحيح، وعليه هدي وعمرة، مثل ما ذكرنا، ووجهه عنده أن الجماع لما كان بعد التحلل الأول برمي جمرة العقبة لم يفسد به الحج، ولكنه وقع فيه نقص بسبب الجماع قبل التحلل الثاني فكان هذا النقص عنده يجبر بالعمرة والهدي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ بعده وقبل الطواف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذا بيجي بيجي، ترى الشنقيطي أعرف منا بمذهب مالك.
طالب:. . . . . . . . .
وأكثر إحاطة بالمذاهب وغيره، والشيخ -رحمه الله- عاد من أهل الأثر والنظر ما هو بإنسان عادي.
طالب: أضواء البيان؟
إيه نعم إيه، في الجزء الخامس.
"وفي الموطأ قال مالك: في رجل وقع بامرأته في الحج ما بينه وبين أن يدفع من عرفة ويرمي الجمرة أنه يجب عليه الهدي، وحج قابل، قال: فإن كانت إصابته أهله بعد رمي الجمرة فإنما عليه أن يعتمر ويهدي، وليس عليه حج قابل".

(74/10)


ونقل الباجي عن مالك: أن محل فساد الحج بالجماع قبل الرمي والإفاضة وبعد الوقوف بعرفة، فيما إذا كان الوطء واقعاً يوم النحر، أما إن أخر رمي جمرة العقبة، وطواف الإفاضة معاً عن يوم النحر وجامع قبلهما فلا يفسد حجه، ولو لم يتحلل التحلل الأول، لكنه ما هو بيوم العيد، هذا يقول: ونقل الباجي عن مالك: أن محل فساد الحج بالجماع قبل الرمي والإفاضة وبعد الوقوف بعرفة، فيما إذا كان الوطء واقعاً يوم النحر، أما إن أخر رمي جمرة العقبة وطواف الإفاضة معاً عن يوم النحر وجامع قبلهما فلا يفسد حجه، وعليه عمرة وهديان، هدي لوطئه، وهدي لتأخير رمي الجمرة، انتهى منه بواسطة نقل المواق في شرحه لمختصر خليل في الكلام على قوله: والجماع ومقدماته، وأفسد مطلقاً كاستدعاء مني، وإن بنظر قبل الوقوف مطلقاً، إن وقع قبل إفاضته -هذه عبارة خليل معقدة-: إن وقع قبل إفاضته وعقبه يوم النحر أو قبله وإلا فهدي.
فتحصل: أن الجماع قبل الوقوف بعرفات مفسد للحج عند الأئمة الأربعة، وبعد التحلل الأول وقبل الثاني لا يفسد الحج عند الأربعة.
يعني تحرير محل الخلاف أنه يفسد الحج باتفاق بين الأئمة الأربعة إذا كان قبل الوقوف بعرفة، وإذا كان بعد التحلل الأول لا يفسد عند الأربعة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ الأربعة الأربعة، إحنا نتكلم عن الأربعة.
وقد عرفت مما قدمنا ما يقع به التحلل عند كل واحد منهم، وإن وقع بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل أفسد عند الثلاثة خلافاً لأبي حنيفة كما تقدم.
وإذا عرفت أقوال أهل العلم في الجماع فاعلم أنهم متفقون على أن مقدمات الجماع كالقبلة والمفاخذة واللمس بقصد اللذة حرام على المحرم، ولكنهم اختلفوا فيما يلزمه لو فعل شيئاً من ذلك، فمذهب مالك وأصحابه أن كل تلذذ بمباشرة المرأة من قبلة أو غيرها إذا حصل معه إنزال أفسد الحج، وقد بينا قريباً ما يلزم من أفسد حجه حتى إنه لو أدام النظر بقصد اللذة فأنزل فسد عند مالك حجه، ولو أنزل بسبب النظرة الأولى من غير إدامة لم يفسد حجه عند مالك وعليه الهدي.

(74/11)


أما إذا تلذذ بالمرأة بما دون الجماع ولم ينزل فإن كان بتقبيل فعليه هدي، والقبلة حرام على المحرم مطلقاً عند مالك، وأما إن كان بغير القبلة كاللمس باليد فهو ممنوع إن قصد به اللذة، وإن لم يقصدها به فليس بممنوع، ولا هدي فيه، اللمس باليد من غير لذة كأن يمسكها مثلاً خوفاً من ضياعها أو في زحام أو ما أشبه ذلك، هذا ليس بممنوع ولا هدي فيه ولو قصد به اللذة، وبالمناسبة يوجد من بعض الشباب من يمسك بيد زوجته من غير حاجة، وبين الناس، وأحياناً يفعل ما هو أكثر من ذلك، بأن يضع يده على عاتقها، أو من ورائها وهذا بين الناس، ومع الأسف أنه قد يوجد في الحرم مثل هذا، وفيه من الإثارة ما فيه، فمثل هذا يمنع ولو كانت زوجته، إذا كان خائفاً عليها في مواطن الزحام، وحريص على .. ، ممكن، أما يفعل هذا في وقت السعة لا.
ولا هدي فيه ولو قصد به اللذة، وإنما عليه الإثم إلا إذا حصل بسبه مذي فيلزم فيه الهدي ومحل هذا عندهم في غير ... إلى آخره.
فتحصل أن مذهب مالك فساد الحج بمقدمات الجماع إن أنزل، وإن لم ينزل ففي القبلة خاصة مطلقاً هديٌ، وكذلك كل تلذذ خرج بسببه مذي، وما عدا ذلك من التلذذ فليس فيه إلا التوبة والاستغفار، ولا يفسد الحج عنده إلا بالجماع أو الإنزال.
ومذهب أبي حنيفة -رحمه الله-: أن التلذذ بما دون الجماع كالقبلة واللمس بشهوة ونحو ذلك يلزم بسببه دم، ولو ردد النظر إلى امرأته حتى أنزل فلا شيء عليه عند أبي حنيفة -رحمه الله-.
ومذهب الشافعي -رحمه الله-: أنه إن باشر امرأته فيما دون الفرج بشهوة أو قبلها بشهوة أن عليه فدية الأذى والاستمناء عنده كالمباشرة فيما دون الفرج، وصحح بعض الشافعية أن عليه شاة، ولو ردد النظر إلى امرأته حتى أمنى فلا شيء عليه عند الشافعي، ومذهب الإمام أحمد أنه إن وطئ فيما دون الفرج ولم ينزل فعليه دم، وإن أنزل فعليه بدنة، وفي فساد حجه روايتان: إحداهما: أنه إن أنزل فسد حجه وعليه بدنة، وبها جزم الخرقي، وقال في المغني: في هذه الرواية اختارها الخرقي وأبو بكر، وهو قول عطاء والحسن والقاسم بن محمد ومالك وإسحاق، والرواية الثانية: أنه إن أنزل فعليه بدنة ولا يفسد حجه.

(74/12)


قال ابن قدامة في المغني: في هذه الرواية وهي الصحيحة أنه لا يفسد حجه؛ لأنه استمتاع لا يجب بنوعه حد فلم يفسد الحج كما لو لم ينزل؛ ولأنه لا نص فيه ولا إجماع، ولا هو في معنى المنصوص عليه، انتهى محل الغرض منه.
ما ذكرنا عن أحمد من أنه إن أنزل تلزمه بدنة أي سواء قلنا بفساد الحج أو عدم فساده، وممن قال بلزوم البدنة في ذلك: الحسن وسعيد بن جبير والثوري وأبو ثور، كما نقله عنهم صاحب المغني، وإن قبل امرأته ولم ينزل أو أنزل جرى على حكم الوطء فيما دون الفرج وقد أوضحناه.
وإن نظر إلى امرأته فصرف بصره فأمنى فعليه دم عند أحمد، وإن كرر النظر حتى أمنى فعليه بدنة عنده، وقد قدمنا عن مالك: أنه إن كرر النظر حتى أمنى فسد حجه، وهو مروي عن الحسن وعطاء.
واعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي -الشيخ -رحمه الله- الشنقيطي-: واعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي أن الحج الفاسد بالجماع يجب قضاؤه فوراً في العام القابل خلافاً لمن قال: إنه على التراخي، ودليل ذلك الآثار التي ستراها -إن شاء الله- في الكلام على أدلة هذا المبحث.
وأظهر قولي العلماء عندي أيضاً: أن الزوجين اللذين أفسدا حجهما يفرق بينهما إذا أحرما بحجة القضاء لئلا يفسدا حجة القضاء أيضاً بجماع آخر، كما يدل عليه بعض الآثار المروية عن الصحابة، والأظهر أيضاً: أن الزوجة إن كانت مطاوعة له في الجماع يلزمها مثل ما يلزم الرجل من الهدي والمضي في الفاسد والقضاء في العام القابل، خلافاً لمن قال: يكفيهما هدي واحد، والأظهر أنه إذا أكرهها لا هدي عليها.
وإذا علمت أقوال أهل العلم في جماع المحرم ومباشرته بغير الجماع فاعلم أن غاية ما دل عليه الدليل أن ذلك لا يجوز في الإحرام؛ لأن الله تعالى نص على ذلك في قوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج} [البقرة: 197].

(74/13)


أما أقوالهم في فساد الحج وعدم فساده وفيما يلزم في ذلك فليس على شيء من أقوالهم في ذلك دليل من كتاب ولا سنة، وإنما يحتجون بآثار مروية عن الصحابة، ولم أعلم بشيء مروي في ذلك عن النَّبي -عليه الصلاة والسلام- إلا حديثاً منقطعاً لا تقوم بمثله حجة: وهو ما رواه أبو داود في المراسيل، والبيهقي في سننه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن صالح قال: أنبأنا أبو الحسن -إلى أن- عن طريق اللؤلؤي عن أبي داود قال: حدثنا أبو توبة قال: حدثنا معاوية يعني: ابن سلام عن يحيى قال: أخبرني يزيد بن نعيم أو زيد بن نعيم، شك أبو توبة: أن رجلاً من جذم جامع امرأته وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهما: ((اقضيا نسككما، وأهديا هدياً، ثم ارجعا حتى إذا جئتما المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا، ولا يرى واحد منكما صاحبه، وعليكما حجة أخرى، فتقبلان حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فأحرما وأتما نسككما وأهديا)) هذا منقطع وهو يزيد بن نعيم الأسلمي بلا شك، انتهى من البيهقي، وتراه صرح بأنه منقطع وانقطاعه ظاهر؛ لأنه يزيد بن نعيم المذكور من صغار التابعين، قال الزيلعي في نصب الراية بعد أن ذكر الحديث المذكور عند أبي داود في المراسيل والبيهقي وذكر قول البيهقي: إنه منقطع ما نصه: وقال ابن القطان في كتابه: هذا حديث لا يصح، فإن زيد بن نعيم مجهول، ويزيد بن نعيم بن هزال ثقة وقد شك أبو توبة، ولا يعلم عمن هو منهما، ولا عمن حدثهم به معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير فهو لا يصح، هذا الخبر مرفوع لا يصح.
قال ابن القطان: وروى ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب: أن رجلاً من جذام جامع امرأته يعني من كلام سعيد أن رجلاً ... ، يروي القصة سعيد وهو لم يشهدهاِ، يرويها تابعي بصيغة (إن)، أن رجلاً من جذام جامع امرأته وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهما: ((أتما حجكما ثم ارجعا، وعليكما حجة أخرى، فإذا كنتما بالمكان)) .. إلى آخره.

(74/14)


قال ابن القطان: وفي هذا أنه أمرهما بالتفرق في العودة لا في الرجوع، وحديث المراسيل على العكس منه وقال: وهذا ضعيف أيضاً بابن لهيعة انتهى.
وإذا كانت هذه المسألة المذكورة ليس فيها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا هذا الحديث المنقطع سنده تبين أن عمدة الفقهاء فيها على الآثار المروية عن الصحابة، فمن ذلك ما رواه مالك في الموطأ بلاغاً أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبا هريرة -رضي الله عنهم- سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج؟ فقالوا: يَنْفُذَانِ ويمضيان لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما حج قابل والهدي، قال: وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: وإذا أهلا بالحج من عام قابل تفرقا، وهذا الأثر عن هؤلاء الصحابة منقطع أيضاً كما ترى.
وفي الموطأ أيضاً: عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ما ترون في رجل وقع بامرأته وهو محرم؟ فلم يقل له القوم شيئاً، فقال سعيد: إن رجلاً وقع بامرأته وهو محرم، فبعث إلى المدينة يسأل عن ذلك، فقال بعض الناس: يفرق بينهما إلى عام قابل، فقال سعيد بن المسيب: لينفذا لوجههِما فليتما حجهما الذي أفسداه، فإذا فرغا رجعا، فإن أدركهما حج قابل فعليهما الحج والهدي، ويُهِلانِ من حيث أهَلاَّ بحجهما الذي أفسداه ويتفرقان، حتى يقضيا حجهما، قال مالك: يهديان جميعاً بدنة، يعني بينهما.
"قال مالك في رجل وقع بامرأته في الحج: ما بينه وبين أن يدفع من عرفة ويرمي الجمرة أنه يجب عليه الهدي وحج قابل، قال: فإن كانت إصابته أهله بعد رمي الجمرة فإنما عليه أن يعتمر ويهدي، وليس عليه حج قابل".
ثم ذكر ما يفسد الحج وهو التقاء الختانين.
روى البيهقي بإسناده عن عطاء أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال في محرم بحجة أصاب امرأته يعني وهي محرمة؟ قال: يقضيان حجهما وعليهما الحج من قابل حيث كانا أحرما، ويفترقان حتى يتما حجهما، قال: وقال عطاء: وعليهما بدنة إن أطاعته، أو استكرهها فإنما عيهما بدنة واحدة، وهذا الأثر منقطع أيضاً؛ لأن عطاء لم يدرك عمر -رضي الله عنه-.

(74/15)


وروى البيهقي بإسناده أيضاً: أن مجاهد سئل عن المحرم يواقع امرأته؟ فقال: كان ذلك على عهد عمر -رضي الله عنه-، فقال: يقضيان حجهما، والله أعلم بحجهما، ثم يرجعان حلالاً، كل واحد منهما لصاحبه، فإذا كان من قابل حجا وأهديا، وتفرقا في المكان الذي أصابها فيه.
ثم ذكر الأثر عن الثلاثة ابن عمر وابن عمرو وابن عباس.
والفرع العاشر هنا قبل في شرح المهذب: إذا وطئ القارن فسد حجه وعمرته، ولزمه المضي في فاسدهما، وتلزمه بدنة للوطء، وشاة بسبب القران، فإذا قضى لزمته أيضاً شاة أخرى سواء قضى قارناً أم مفرداً؛ لأنه توجه عليه القضاء قارناً، فإذا قضى مفرداً لا يسقط عنه دم القران، قال العبدري: وبهذا كله قال مالك والشافعي.
ثم إذا جامع المحرم بعمرة قبل طوافه فسدت عمرته إجماعاً، وعليه المضي في فاسدها والقضاء والهدي، فإن كان جماعه بعد الطواف وقبل السعي فعمرته فاسدة أيضاً عند الشافعي وأحمد وأبي ثور، وهو مذهب مالك فعليه إتمامها والقضاء والدم، وقال عطاء: عليه شاة ولم يذكر القضاء، وقال أبو حنيفة: إن جامع المعتمر بعد أن طاف بالبيت أربعة أشواط لا سبعة، أربعة لأن الحكم للغالب لم تفسد عمرته وعليه دم، وإن طاف ثلاثة أشواط فسدت، وعليه إتمامها والقضاء ودم، وأما إن كان جماعه بعد الطواف والسعي، ولكنه قبل الحلق فلم يقل بفساد عمرته إلا الشافعي.
قال ابن المنذر: ولا أحفظ هذا عن غير الشافعي، وقال ابن عباس والثوري وأبو حنيفة: عليه دم .. إلى آخره.
كلام طويل للشيخ -رحمه الله-، المقصود أن الشيخ يعترف أن المسألة في إفساد الحج وما يترتب عليه أنه ليس فيها نص ملزم، لا من كتاب ولا سنة، وإنما فيها آثار، والمذكور عن عمر -رضي الله تعالى عنه- وعن علي منقطعة، والحديث المرفوع مرسل لا تقوم به حجة، ومع ذلك هاب الإجماع الذي نقل، والأظهر عنده أن الحج يفسد هيبة لإطباق أهل العلم على هذا.

(74/16)


ابن حزم يقول: مسألة: ويُبطل الحج تعمد الوطء في الحلال من الزوجة والأمة ذاكراً لحجه أو عمرته، فإن وطئها ناسياً لأنه في عمل حج أو عمرة فلا شيء عليه، وكذا يبطل بتعمده أيضاً حج الموطوءة وعمرتها، قال تعالى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [(197) سورة البقرة] والرفث الجماع، فمن جامع فلم يحج، ولا اعتمر كما أُمر، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)) وأما الناسي والمكره فلا شيء عليه؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) ولقول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [(5) سورة الأحزاب] وهو قول أصحابنا.
مسألة: وإن وطئ وعليه بقية من طواف أو شيء من رمى الجمرة، يقول: وإن وطئ وعليه بقية من طواف الإفاضة أو شيء من رمى الجمرة فقد بطل حجه كما قلنا: قال تعالى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [(197) سورة البقرة] فصح أن من رفث ولم يكمل حجه فلم يحج كما أُمر، وهو قول ابن عمر، وقول أصحابنا، وقال ابن عباس: لا يبطل الحج بالوطء بعد عرفة، وهو قول أبى حنيفة، وقال مالك: إن وطئ يوم النحر قبل رمى الجمرة بطل حجه، وان وطئ يوم النحر بعد رمى الجمرة لم يبطل حجه، وان وطئ بعد يوم النحر قبل رمى الجمرة لم يبطل حجه، فأما قول مالك فتقسيم لا دليل على صحته أصلاً، واحتج أبو حنيفة بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الحج عرفة)) قال علي: ولا حجة لهم في هذا لأن الذي قال هذا هو الذي أخبرنا عن الله تعالى بأنه قال: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [(29) سورة الحج].
طالب:. . . . . . . . .
هو هو ابن حزم، أحياناً يقال: قال علي، وأحياناً يقال: أبو محمد.

(74/17)


ولا حجة لهم في هذا؛ لأن الذي قال هذا هو الذي أخبرنا عن الله تعالى بأنه قال: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [(29) سورة الحج] وبأنه قال: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [(198) سورة البقرة] وهو الذي أمر برمي الجمرة فلا يجوز الأخذ ببعض قوله دون بعض، وقد قال تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(97) سورة آل عمران] فكان الطواف بالبيت هو الحج كعرفة ولا فرق، وقوله -عليه السلام-: ((الحج عرفة)) لا يمنع من أن يكون الحج غير عرفة أيضاً، وقد وافقنا المخالف على أن امرءاً لو قصد عرفة فوقف بها فلم يحرم، ولا لبى، ولا طاف، ولا سعى فلا حج له، فبطل تعلقهم بقوله -عليه السلام-: ((الحج عرفة)) مسألة: فمن وطئ عامداً كما قلنا فبطل حجه فليس عليه أن يتمادى على عمل فاسد باطل، لا يجزئ، يقول: ما يتم بعد، ما دام بطل ما يكمل الباطل، مثل الصلاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ولا يلزمه بهدي، ولا يلزمه بقضاء، ولا شيء.
يقول: فمن وطئ عامداً كما قلنا فبطل حجه فليس عليه أن يتمادى على عمل فاسد باطل لا يجزئ، عنه، لكن يحرم من موضعه، فان أدرك تمام الحج فلا شيء عليه غير ذلك، أحرم وأبطل حجه، أحرم وبالإفراد وذهب إلى عرفة وبالإمكان أن يحرم مرة ثانية، جامع بعرفة مثلاً، بإمكانه أن يحرم ثانية ويدرك الوقوف ما عليه شيء، لكن هذا تساهل شديد.

(74/18)


يقول: وإن كان لا يدرك تمام الحج فقد عصى، يعني بعد نهاية وقت الوقوف لا يدرك الحج، وإن كان لا يدرك تمام الحج فقد عصى، وأمره إلى الله تعالى، ولا هدي في ذلك، ولا شيء إلا أن يكون لم يحج قط، يعني حجة الإسلام باقية، فعليه الحج والعمرة، لكن مسألة إبطال الحج عنده أشد من قول الجمهور، إبطال الحج وإفساده أشد من قول الجمهور؛ لأنه لا يفرق بين التحلل الأول والتحلل الثاني، نعم، لكن هو بإمكانه التصحيح، أن يحرم من سنته ويحج من سنته، والجمهور ليس عندهم هذا إلا في مسألة افترضها النووي. . . . . . . . . نعم له أن يصحح حجته إذا أمكنه الوقوف، يحرم من جديد ويطوف، يقف مع الناس ويكمل حجه، لكن إذا لم يدرك خلاص انتهى ما عليه شيء من. . . . . . . . .
وقد اختلف السلف في هذا، ثم ذكر الآثار المذكورة قبل في كلام.
يقول: قال أبو محمد: فكان من العجب أنه إذا بطل حجه أجزئه هدى شاة، وإذا تم حجه لم يجزه إلا بدنة، وهذا تقسيم ما روى عن أحد، فإن تعلق بابن عباس فقد اختلف عن ابن عباس كما ذكرنا وعن غيره من الصحابة -رضي الله عنهم-، وليس قول بعضهم أولى من بعض، وهذا جبير بن مطعم لم يوجب في ذلك هدياً أصلاً ولا أمر بالتمادي على الحج، قال على: قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [(81) سورة يونس] فمن الخطأ تماديه على عمل لا يصلحه الله -عز وجل-؛ لأنه مفسد بلا خلاف منا ومنهم، فالله تعالى لا يصلح عمله بنص القرآن، وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الحج إنما يجب مرة، ومن ألزمه التمادي على ذلك الحج الفاسد، ثم ألزمه حجاً آخر فقد ألزمه حجتين، وهذا خلاف أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

(74/19)


والعجب أنهم يدعون أنهم أصحاب قياس بزعمهم، وهم لا يختلفون في أن من أبطل صلاته أنه لا يتمادى عليها، فلمَ ألزموه التمادي على الحج؟ وقد خالف أبو حنيفة ابن عباس وعمر وعلياً فيما روي عنهم من التفرق، فلا نكره فيمن خالف ابن عباس ... إيش؟ وعلياً فيما روي عنهم من التفرق، وقد صح عنه خلافه، وإنما هم ستة من الصحابة -رضي الله عنهم- مختلفون كما ذكرنا، فالواجب الرجوع إلى القرآن والسنة، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام)) فلا يجوز أن يوجب هدي بغير قرآن ولا عهد من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الهدي ارتكب، ارتكب محظور، ارتكب محظور أعظم المحظورات هذا، نعم ارتكب أعظم المحظورات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه تصير عقوبة، تصير عقوبة، أصل الكفارات عقوبات، ورأي في الإفساد أشد من رأي الأئمة على فكرة، يقول: لو بقي حصاة واحدة من الجمر خلاص ما تم حجه، والله -جل وعلا- يقول: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [(197) سورة البقرة] وباقي من حجه الآن ها الجمرة ذي.
المقصود أن رأي ابن حزم بالنسبة للبطلان أشد من آراء الأئمة؛ لأن أبا حنيفة يرى أنه إذا وقف بعرفة حجه صحيح ولو لم يتحلل التحلل الأول، والثلاثة إذا تحلل التحلل الأول حجه صحيح وعليه ما عليه، أما إذا كان وطئه قبل الوقوف في عرفة فهذا اتفاق بين الأئمة الأربعة، وإذا كان بعد التحلل الأول أيضاً اتفاق بين الأئمة الأربعة إلا تفصيلاً في مذهب مالك.
يبقى أن الآثار المترتبة عليه ابن حزم ما يلزمه بشيء البتة إلا حجة الإسلام، إن كان ما حج حجة الإسلام يجيب غيرها، وإن كان قد حج حجة الإسلام يرجع لا له. . . . . . . . .

(74/20)


الأئمة الآخرون يلزمونه بالمضي في فاسده، ويلزمونه بهدي سواءً كان بدنة أو شاة، ويلزمونه بالقضاء، طيب إذا كان يمكنه الإتيان بالحج في هذه السنة بأن وطئ قبل الوقوف هل يتمكن على رأي الأئمة أن يصحح الحج؟ ابن حزم يقدر يصحح، على ما مر من كلامه، الأئمة الأربعة هل يستطيع أن يصحح؟ لا يستطيع، خلاص عليه أن يمضي في فاسده، ويكمل ثم يحج من قابل، لكن هو أحرم بالميقات، ولبى ولبت زوجته، ثم وطئها، يبي يدرك جميع أعمال الحج، المسألة مسألة يغتسل ويحرم من جديد، نعم، ابن حزم يصح عنده.
في صورة أوردها النووي في المجموع يقول: قال أصحابنا: يتصور القضاء في عام الإفساد، نعم في عام الإفساد في صورة واحدة، نعم، ولا يتصور في غير هذه الصورة، يقول: يتصور القضاء في عام الإفساد بأن يحصر بعد الإفساد، جيد، يحرم ثم يقع على زوجته فسد حجه، إن تمكن من الدخول إلى المشاعر وأدى حجة فاسد، لكن إن منع؟ صار محصر وتحلل، تحلل خلاص، تحلل بشاة، صار محصر، إذا تحلل له أن يرجع، نعم ثم بعد الحصر والتحلل أذن له أن يدخل، يحرم ويدخل وحجه صحيح.
هذا يقول النووي: قال أصحابنا: يتصور القضاء في عام الإفساد بأن يحصر بعد الإفساد، ويتعذر عليه المضي في الفاسد، ممنوع من المضي في الفاسد، فيتحلل ثم يزول الحصر والوقت باقٍ فيحرم بالقضاء ويفعله ويجزئه في سنته.
قالوا: ولا يتصور القضاء في سنة الإفساد إلا في هذه الصورة، مع أنه وجد الآن من طلاب العلم يعني ليس من الكبار، من يقول: إنه يمكن، إذا كان الوطء قبل عرفة، نعم يلزم ببدنة مثلاً في مقابل ارتكابه هذا المحظور، ويحرم من جديد ويحج مع الناس، كلام الأئمة الأربعة على خلاف هذا، لكن يبقى أن الناس اليوم مشكلتهم مشكلة مع بعد المسافات والأنظمة التي قد لا يتيسر لكل مسلم أن يقدم إلى هذه الأماكن المقدسة، نعم، هو الذي يخفف من هذه المسألة أنها عارية عن الدليل، وإلا لا شك أن الأئمة لهم هيبتهم.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، مسألة الإبطال؟ إحنا معهم في الإبطال، ونهابهم لهذا، لكن مسألة التصحيح بالإمكان. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
لا، النووي ما يصحح إلا إذا حصر.

(74/21)


طالب:. . . . . . . . .
لا، افترض إنه ما منع، يبي يمضي بالفاسد من الميقات، يمضي في الفاسد، وهو بإمكانه أن يصحح، ما في شيء ملزم، ما فيه إلا فتاوى صحابة، وما ثبت عن الراشدين منقطع، يبقى من دونهم، عمر وعلي منقطع، وما روي عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- مرسل.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه إلا عن ابن عمر وابن عمرو وابن عباس.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن إذا أمكن أن نمضي بصحيح ما هو بأولى من أن نمضي بفاسد؟ شرع وأبطل، شرع وأبطله، شرع وأبطله، مثل لو أبطل الصلاة، نقول: كمله وبعدين تجيب قضاء؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لولا كلام الصحابة قلنا: هذا ما له أصل، لكن الآن الإشكال الذي أوجد عندنا هذا التردد ما ذكر عن الصحابة، كون الأئمة الأربعة كلهم على هذا يعني ما هو بعبث، نعم، الكلام ما هو بعبث ما جاء من فراغ نعم، فهذا الذي جعلنا نهاب، لكن إن أمكن لا سيما من يصعب عليه الرجوع وأمكنه التصحيح ما هو ببعيد على المحصر، فيمكن أن يتجه أن يقال له: صحح، والله -جل وعلا- غفور رحيم، أرحم من خلقه.
طالب: شيخ ما يمكن يؤخذ بقول ابن حزم إنه يعني. . . . . . . . .
ما عليه شيء أبد؟
طالب: ما عليه شيء أبد؟
لا، لا، صعب هذا، لا، نهدر أقوال الأئمة كلهم؟
طالب:. . . . . . . . .
من هو؟
طالب:. . . . . . . . .
ثلاث؟ ثلاث يلزمه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني نجعل هذا في مقابل هذا ونأخذ وسط بينهم، على كل حال المسألة.
طالب: يا شيخ ما يمكن نتوسط نقول: يهدي بدنة ويتم، وإن استطاع السنة القادمة لا سيما إذا كان بعيد أو غير ذلك.
لا، أمرنا إياه بالتصحيح أحسن من أننا نلزمه بالمضي في فاسد.
طالب:. . . . . . . . .
ألزمه بالمضي؟
طالب:. . . . . . . . .

(74/22)


إيه لكن الآن هم محصرون ما يستطيعون الدخول، صدوا، صدوا ولذلك النووي حينما لحظ هذا الملحظ عموم الشافعية يقول: إذا صد عن البيت له أن يتحلل ويرجع إلى بلده، نعم، فإذا أعفيناه من المضي في الفاسد نعم أعفيناه من المضي في الفاسد لأنه محصر ما يستطيع، ثم حصل له فرج بالدخول هل نقول: امض في فاسد وقد أعفيناه منه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ويش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه عمرة كاملة والصلح هو الفتح الحقيقي، هذا الصلح هو الفتح الحقيقي {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [(1) سورة الفتح] يعني صلح الحديبية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بس مسألة التلفيق بين الأقوال ما تجي من فراغ ترى.
طالب: بس شيخنا إذا كان مثل أهل مكة، يعني واحد من أهل مكة يمضي في الفاسد والقضاء لم يلزم، لكن إذا كان من غير أهل مكة يكون الآن الوقت يكون خمس سنوات ويعتبر أنه زي المحصر، السنة الجائية يكون زي المحصر، يكون يصحح العمرة، ويصحح الحج بخارج البلاد لأنه إذا جاء السنة القادمة يعتبر مثل المحصر ما يقدر. . . . . . . . .؟
لا هو الآن ما هو بمحصر، على كلامهم ما هو بمحصر ما دام تمكن من المضي في الفاسد ما هو بمحصر.
طالب:. . . . . . . . .
نعم يوكل إذا عجز، مثل حج الفريضة لأن هذا واجب هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إذا عجز عن أدائه بنفسه يوكل، مثل ما وجب بأصل الشرع أو بالنذر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه معروف أن الخلافات موجودة، وكتب الفروع مملوءة من الخلافات والتفريعات على هذه المسألة، المسألة مفروغ منها أنه لا يوجد للمسألة أصل مرفوع ملزم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا عن الخلفاء الراشدين مما يصح.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم يتفقون على بطلان الحج، يتفقون على بطلان الحج، الأربعة يتفقون على أنه إذا كان قبل الوقوف بعرفة إجماع بينهم عن الأئمة الأربعة، اتفاق، ما هي بالمسألة الوحيدة من مثل هذا النوع، مسائل يعني، وقررنا مراراً وبحثنا مسألة هيبة عامة أهل العلم، وكون الإنسان يخالف ولا يتهم نفسه بالتقصير أو بالقصور عن الوصول إلى القول الراجح، لا شك أن الأئمة لهم هيبة، والمعول على الكتاب والسنة.

(74/23)


طالب: القياس قياس الإنسان اللي هو أفسد الحج بنفسه أنه يجامع زوجته قبل التحلل هل يقاس على المحصر والسبب ليس بيده، الإحصار هل نقيس الذي جامع امرأته وأتى بمحظور بمثل إنسان أحصر؟ هل يجوز؟
من اللي قاسه هذا؟
طالب: الإخوة بيتكلموا على أنه هو يكون شبه المحصر في السنة القادمة أو. . . . . . . . .
لا، هذا ما هو في .. ، هو يقصد أنه ممنوع يحج كل سنة، حج هذه السنة وأخذ تصريح لن يحج السنة القادمة إذاً محصر، ما دام ممنوع من دخول البيت.
طالب: ولربما مر أن ناس بكثرة ممكن يكون ما معهمش تصريح وبيمروا ...
مثل ما ذكر النووي أنه يحصر ثم يفرج عنه، مثل ما ذكر النووي أنه يحصر ويمنع ثم يفرج عنه، فإذا أبحنا له أن لا يمضي لأنه محصر ثم أفرج عنه خلاص توسعت المسألة.
طالب:. . . . . . . . . فيما لو انتقل من ركن إلى ركن؟
كيف؟
طالب: يعني قبل الوقوف بعرفة يعني جامع زوجته قبل الوقوف ....
لا، افترض أنه جامع زوجته وقد حصل بمزدلفة، ما تجد مكان تجلس ولا تنام وهذا جامع زوجته بمزدلفة، عند أبي حنيفة حجه صحيح، عند الثلاثة حجه فاسد، ويمضي فيه، عند ابن حزم فاسد باطل حجه ويرجع. . . . . . . . . إلا إذا أمكن التصحيح ويمكن، بأن يغتسل بمزدلفة ويرجع إلى عرفة ويقف قبل طلوع الفجر ويصحح.
طالب: إذا ما استطاع أنه يرجع للميقات يا شيخ؟
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
سهل إذا ما استطاع أن يرجع إلى الميقات أمره سهل، يكفيه الدم، إي، نعم؟
طالب: القول بفساد الإحرام هل يعني هذا. . . . . . . . .
فساد الإحرام فيما إذا جامع بعد التحلل الأول فسد إحرامه، فعليه أن يحرم من جديد، نعم، ليكمل بقية المناسك على إحرام صحيح، وين؟
طالب: الذين قابلوه بفساد الإحرام، فساد الحج قابلوه.
الأربعة كلهم قالوا بهذا، إيه.
طالب: هل يعني هذا انتقاض الإحرام؟
إيه، خلاص انتهى، فسد، إيه، ما بعد. . . . . . . . . بالحج، وقلنا مراراً: إنه يجوز له أن يرجع إلى بلده إذا انتهت عمرته.
طالب:. . . . . . . . .
إيه العمرة فقط.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا لا الحج ما بعد دخل فيه، بدليل أنه يجوز له أن يرجع إلى أهله بعد العمرة، وعاد نحتاج إلى إحضار المسألة من فتاوى شيوخنا المعاصرين، الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ ابن باز والشيخ ... ، واللجنة الدائمة، والشيخ ابن عثيمين، كلامهم في هذه المسألة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نشوف عاد تفصيلاتهم ....

(74/24)


الموطأ - كتاب الحج (12)
شرح: باب: نكاح المحرم، وباب: حجامة المحرم.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مسألة جماع المحرم والتفصيل الذي ذكره أهل العلم فيما تقدم، وأنه يختلف حكمه قبل التحلل وبعده، التحلل الأول، وعرفنا قول الظاهرية، وأنه يفسد حجه إذا كان عالماً عامداً، وأنه ينصرف ولا شيء عليه، لا يمضي في فاسده، ولا يلزمه دم، ولا يقضيه، إن أمكنه أن يصحح بأن يحرم قبل الوقوف بعرفة وإلا فلا شيء عليه، إلا إذا كانت حجة الإسلام في ذمته، فلا بد أن يأتي بها، وقول الأئمة الأربعة وغيرهم في مسألة الفساد والمضي في الفاسد والهدي والقضاء من قابل هذا معروف، وإمكان الإحرام والتصحيح في الصورة التي ذكرها النووي، وهو أنه إذا بطل حجه وفسد بالجماع ثم أحصر عن متابعة حجه الفاسد والمضاء فيه، أحصر ثم تحلل بالحصر، ثم تمكن من أن يحرم بالحج من هذه السنة صح حجه، ولا يلزمه إلا البدنة التي لزمته بالأول، وأنه الفاسد لن .. ، صد عنه، وأحصر عنه، والقضاء حصل من هذه السنة، ولا يتصور في غير هذه الصورة عندهم.
ويوجد الآن من يفتي بأنه إذا أمكنه التصحيح فلا مانع من التصحيح أحصر أو لم يحصر، لكن القول للجمهور، جماهير أهل العلم على أنه لا يمكن تصحيح ما فسد بالوطء؛ لأنه يلزمه المضي في فاسده، والخلاف بينهم فيما إذا كان جماعه بعد الوقوف بعرفة أو قبل التحلل أو بعد التحلل الأول، معروف بين الحنفية وغيرهم.
المقصود أن المسألة شيء مرفوع ملزم عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- لا يثبت فيها شيء إلا أنه قول عامة أهل العلم، وأفتى به بعض الصحابة، وأما ما روي عن عمر -رضي الله تعالى عنه- وعلي -رضي الله عن الجميع- ففيه انقطاع، لا يسلم من ضعف، لكنه معروف من فتوى ابن عمر وابن عباس، وقال به جماهير أهل العلم.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: نكاح المحرم:

(75/1)


حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا رافع ورجلاً من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة قبل أن يخرج.
وحدثني عن مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أخي بني عبد الدار أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان وأبان يومئذٍ أمير الحاج، وهما محرمان: إني قد أردت أن أَنكِح طلحة.
أُنكح.
أحسن الله إليك
إني قد أردت أن أُنكح طلحة بن عمر بنت شيبةِ بن جبير. . . . . . . . .
شيبةَ.
أحسن الله إليك.
بنت شيبةَ بن جبير وأردت أن تحضر فأنكر ذلك عليه أبان، وقال: سمعت عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يَنكِح المحرم ولا يُنكَح ولا يخطب)).
لا يَنكِح ولا يُنكِح.
أحسن الله إليك.
((لا يَنكِح المحرم ولا يُنكِح ولا يخطب)).
وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين أن أبا غطفان بن طُريف المري أخبره أن. . . . . . . . .
طَريف، طَريف.
أحسن الله إليك
ابن طَريف المري أخبره أباه طريفاً تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-ما كان يقول: "لا ينكح المحرم ولا يخطب على نفسه ولا على غيره".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار سئلوا عن نكاح المحرم، فقال: "لا ينكح المحرم ولا ينكح".
قال مالك -رحمه الله- في الرجل المحرم: إنه يراجع امرأته إن شاء إذا كانت في عدة منه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(75/2)


"باب: نكاح المحرم" والنكاح يطلق ويراد به العقد، ويطلق ويراد به الجماع، وتفصيل شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في التفريق بين النكاح المأمور به والنكاح المنهي عنه، وأنه في المأمور به لا يتأتى امتثال الأمر إلا بالأمرين معاً، بالعقد وبالوطء، فلا يتم امتثال {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم} [(3) سورة النساء] و ((فليتزوج)) إلا إذا عقد ووطء، لا يكفي أن يقول: عقدت والعقد نكاح، وأطلق وأكون في حل من هذه الأوامر، كما أنه لا يتصور أن يطأ دون عقد.
في النكاح المنهي عنه فيما يقرره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنه ينصرف إلى العقد بمفرده وإلى الوطء بمفرده، ومن باب أولى الجمع بينهما، فإذا نهي عن النكاح {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم} [(22) سورة النساء] لا يجوز العقد بمفرده ولو لم يطأ، كما أنه لا يجوز الوطء من باب أولى.

(75/3)


وهنا النكاح بالنسبة للمحرم منهي عنه، فهل المراد به العقد أو المراد به الوطء؟ الوطء تقدم البحث فيه، وأن أمره بالنسبة للنكاح شديد، وأنه مفسد للحج إذا كان قبل التحلل الأول في قول جماهير أهل العلم، والكلام في الوطء تقدم، وموضوع الباب في العقد، يعني في عقد المحرم، عقد المحرم على زوجة أثناء الإحرام، والمحرم من تلبس بالإحرام فعلاً، يعني دخل في النسك، ونستحضر هنا ما مضى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يرى أن من بعث الهدي من بلده ولو لم يتلبس بإحرام أنه محرم حكماً، ويمتنع عن جميع المحظورات حتى يبلغ الهدي محله وهذا تقدم، رأي ابن عباس، فهل يجوز له أن ينكح إذا بعث بهديه فصار محرماً عنده في حكم المحرم، وهذا قد يحتاج إليه عند ذكر حديث ابن عباس في زواجه ونكاحه لميمونة خالة ابن عباس، حيث يزعم ابن عباس أنه محرم، وميمونة تقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوجها وهما حلالان، وكذلك أبو رافع على ما سيأتي، فهل يمكن الجمع بأن ما ينسب لابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عقد عليها وقد بعث بالهدي قبل أن يدخل في الإحرام فيكون لا خلاف؟ لأن ابن عباس قريب من الحدث ما هو ببعيد، وخبره في الصحيح، هل يمكن حمله على هذا؟ فيقال: حديث ميمونة وحديث أبي رافع حلال، يعني لم يتلبس بإحرام، وحديث ابن عباس وهو محرم يعني أنه بعث بالهدي من بلده فصار في حكم المحرم، يحرم عليه ما يحرم على المحرم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ليس بمحرم، لكن إذا تصورنا رأي ابن عباس وجزمه بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو محرم، هاه؟
طالب: لما لا يحرم. . . . . . . . .
من أجل إيش؟ أن تصحح كل الروايات، صيانة للصحيح، فيحمل قول ابن عباس أنه تزوجها وهو محرم بمعنى أنه بعث بهديه ولم يتلبس بالنسك، وهو في حكم المحرم عند ابن عباس، لكن هل يستوي عند ابن عباس من بعث بهديه وبين من دخل في الإحرام وأنه يجوز له أن يتزوج؟
طالب:. . . . . . . . .
عنده ما دام يحرم عليه إذا بعث بالهدي كالمحرم لماذا لا يستوي وأنه يرى جواز ذلك؟ رأي، رأي لا رواية، أما الرواية فتحمل على أنه عقد عليها وقد بعث بهديه، احتمال هذا.

(75/4)


الرأي يختلف عن الرواية، الرواية مردها إلى الصدق والكذب، والرأي مرده إلى الاجتهاد طابق أو خالف، كون الإنسان يخطئ في روايته أعظم من كونه يخطئ في رأيه، نعم؛ لأن هذا مرده إلى العدالة والضبط، وذاك مرده إلى الفهم.
هذه مقدمة نحتاجها إلى شرح الحديث الذي يلي هذا، نفس الحديث هذا، الحديث الأول.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك "عن سليمان بن يسار" أحد الفقهاء السبعة المعروفين "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا رافع" وهذا مرسل؛ لأن سليمان بن يسار تابعي يحكي قصة لم يشهدها "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا رافع ورجلاً من الأنصار" يعني وبعث رجلاً من الأنصار، وبعث أبا رافع ورجلاً من الأنصار "فزوجاه ميمونة بنت الحارث، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة قبل أن يخرج" الحديث خرجه الترمذي، يقول: حدثنا قتيبة قال: أخبرنا حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع، يعني كون سليمان بن يسار يحكي القصة وهو لم يشهدها حكمها إيش؟ الانقطاع، وكونه يحكيها عن صاحب الشأن أو من حضرها متصل، عن مطر الوراق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع يعني يحكي عن صاحب القصة، يعني نظير ما ذكرناه مراراً في حديث عمار، عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر به متصل، لكن عن محمد بن الحنفية أن عماراً مر به النبي -عليه الصلاة والسلام- منقطع، وهذه مثلها.
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع قال: تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما، الرسول فيما بينهما، مطر الوراق صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء نعم يقول: ضعيف، لكن حديثه هنا عن مطر الوراق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن.

(75/5)


في صحيح مسلم عن ميمونة: "تزوجني النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن حلالان بسرف" وفي الترمذي عن أبي رافع قال: "تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما بسرف" وفي حديث الباب: "ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة قبل أن يخرج" مع أنه منقطع، ولا يقاوم ما في صحيح مسلم عن ميمونة نفسها، وأنه تزوجها بسرف، اللهم إلا أن يحمل على مقدمات الخطبة، ومقدمات النكاح، كانت قبل خروجه من المدينة، ثم بعد ذلك عقد عليها بسرف، وبنى بها وهو حلال.
يقول ابن عبد البر: الرواية بأنه -عليه الصلاة والسلام- تزوجها وهو حلال متواترة عن ميمونة نفسها، وفي البخاري عن سيعد بن المسيب: "وهم ابن عباس في تزوج ميمونة وهو محرم، وإن كانت خالته، ما تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا بعد ما حل"، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا كلامه، هذا كلام سعيد، لكن التواتر بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوجها وهو حلال معروف هذا عند أهل العلم، عامة أهل العلم عليه، وأنه ما قال: إنه تزوجها وهو محرم إلا ابن عباس، وابن عباس ليس بعيد عن القصة هي خالته، لكن لا يلزم أن .. ، يعني كون الإنسان محكوم بعدالته وضبطه وإتقانه، بل هم أعني الصحابة في المرتبة الأولى من مراتب التعديل بلا منازع ممن يعتد بقوله من أهل العلم، لكن لا يعني أنه معصوم لا يخطئ، وعائشة استدركت على كثير من الصحابة، ويقع الوهم، يقول شيخ الإسلام: "الوهم لا يسلم منه أحد حتى الصحابة" لكن لا يعني أننا نبادر بتوهيمهم لأدنى ملابسة لا، فحمل كلام ابن عباس على ما مال عليه إليه بعض أهل العلم، واستروح إليه أنه في حكم المحرم، بمعنى أنه بعث بهديه وهو بالمدينة لم يخرج، لكي تتفق النصوص فيكون عقد عليها وهو حلال.
طالب:. . . . . . . . .
مقلوب؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .

(75/6)


لا، هو احتمال من نسيان مثلاً، يقول ابن عباس في القصة القصة عام الحديبية سنة ست، قبل وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بخمس سنين، أو أربع ونصف، نعم، وابن عباس عند وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- كان عمره ثلاث عشرة، فإذا كانت قبل وعمره ثمان سنين أو تسع سنين، ومع ذلك طالت به الحياة، توفي سنة ثمان وستين، يعني بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بما يقرب من ستين سنة إلا ثلاث سنوات، فالوهم وارد، وإذا أمكن حمله على وجهٍ يصح كما قيل سابقاً، من أنه في حكم المحرم، لا أنه تلبس بالإحرام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يبقى رأي في المسألتين، لا رواية.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، وأن هذا لا يضر، وكونه يعقد الإنسان الذي بعث بالهدي، وإن كان حكمه حكم المحرم لا يضره ذلك.
أقول: كوننا نقول: إن هذا رأيه في أن من بعث بالهدي نعم حكمه حكم المحرم هذا رأي له، وليس رواية، ولا يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكونه ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه تزوجها وهو محرم إحرام حقيقي بمعنى أنه دخل في النسك، هذه رواية، نعم والوهم إلى الرأي أقرب منه إلى الرواية، لا سيما في الثقات صيانة لهم؛ لأنه كونه يهم في رأيه لا يلام، لا يلام إذا وهم في رأيه، إذا كان من أهل النظر واستوعب القضية، ونظر فيها النظر المعتبر، ووهم وأخطأ ما يلام، بل هو مأجور على هذا أجر واحد، هم حينما أقول: من يستروح إلى هذا القول نعم يريد أولاً صيانة الصحابي من أن يخطئ في روايته، ويريد أيضاً أن يصون الصحيح عن أن يوجد مثل هذا الخطأ، نعم؟
طالب: لو قلنا: إن ابن عباس. . . . . . . . .
بلا شك.
طالب: تزوج بميمونة، لا بد أن يكون سمعه صحابي؟
لكن ألا يكفينا رواية ميمونة؟ ورواية السفير بينهما أصحاب القصة أصحاب الشأن؟ وعندك الحديث حديث عثمان: ((لا ينكح المحرم ولا ينكح)).
طالب:. . . . . . . . .
ما يكفي توهيم ميمونة نفسها، هي ردت عليه، وأبو رافع رد عليه وقال: أنا السفير بينهما، ويش غير هذا الإنكار؟ كل الصحابة كلهم. . . . . . . . . عليه وينكرون عليه، يكفي واحد أن ينكر عليه.
طالب:. . . . . . . . .

(75/7)


أنكروا عليه أنكر عليه ميمونة وأنكر عليه أبو رافع، أنكر عليه هذا الإنكار، يعني كونهم يروون ما يعتقدونه وما ثبت عندهم هذا الإنكار.
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، ما يلزم أبداً، إذا ثبتت الرواية الصحيحة ما يلزم، كل النصوص بهذه الطريقة، يعني كل من روى خطأ يبي يقال له: اسكت أنت أخطأت أو يبين الصواب ويكفي؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم، الإنكار ثبت برواية ميمونة وبرواية أبي رافع السفير بينهما، يعني كوننا نعتمد على رأي لابن عباس تخالف المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله: ((لا ينكح ولا ينكح)) نعم يعني مسألة الخصوصية تحتاج إلى دليل، وعندنا مسألة ترجيح، تعارض وترجيح، هل يرجح ابن عباس مع أنه صبي في ذلك الوقت؟ يرجح قوله على ميمونة نفسها صاحبة الشأن؟ في أحد أعرف بالقصة من صاحبها؟ ما في أحد أعرف من صاحبها، وأبو رافع هو السفير بينهما، هو الذي بعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- إليها، ورجع إليه، فما في مقارنة بين روايته وروايتهما.
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما سمعها وهي خالته؟ ما سمعها وهي تقول: تزوجني وأنا حلال؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن كم عمر ابن عباس بعد ميمونة؟ كم عمر؟ ماتت بسرف هي، بنفس اللي بني عليها، ولا تأخرت وفاتها، وعاش بعدها يمكن نصف قرن ألا يحتمل الوهم هذا؟ يا أخي العام الماضي حصل قصة نظير من هذه واختلفوا، العام الماضي، حج العام الماضي اللي ما دونه إلا ها السنة، واحد يقول: إحنا رمينا، وواحد يقول: لا ما رمينا، اثنين وبحجة واحدة، يكلمون لهم واحد في نفس القصة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، نعم يحصل، يحصل مثل هذا بكثرة يعني ماهو بـ ....
طالب:. . . . . . . . .
في قصة خطبة، خطبة وقعت في منى، واحد يقول: إحنا رامين يوم نكلم الرجال وإلا ما رمينا، يتساءلون.
طالب: هذا مثلاً بالمبيت تو جايين يوم النحر، يأتي لما الصبح واحد يقول: طلعنا قبل الفجر وواحد يقول: طلعنا بعد الفجر.

(75/8)


يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن نبيه بن وهب العبدري أخي بني عبد الدار أن عمر بن عبيد الله أرسل" المرسل هو نبيه المذكور، إلى .. ، نقول: إيش؟ إلى إيش؟ لا يستعجل اللي ما هو متأكد؛ لأنه منع من الصرف، لو جاء بالوجهين؟ وجه أو وجهين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، هي مصروفة عند الأكثر مصروفة، وابن مالك يقول: لا، ممنوعة من الصرف، وسبق كلامهم في من منع أبان فهو أتان.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
"إلى أبانِ بن عثمانَ وأبانٌ" لازم نقول التنوين؛ لأن المنع من الصرف هو عدم التنوين، والصرف هو التنوين، "وأبانٌ يومئذ أمير الحاج، وهما محرمان: إني قد أردت أن أنكح طلحة بن عمر"، "أن أُنكح"، "إني قد أردت أن أُنكح طلحة بن عمر" القرشي التيمي "بنت شيبة بن جبير، وأردت -يعني أحببت- أن تحضر" يعني تحضر العقد، أحببت أن تحضر العقد، فهذا يستدل به على أن حضور العقد لا بد فيه من إذن؛ لأن فيه من الأمور الخاصة التي تحصل بين الطرفين ما لا يرضاه بعضهم، فهو يحتاج إلى إذن "فأنكر ذلك عليه أبان" فقال: لا أراه إلا أعرابياً أي جاهلاً بالسنة كالأعراب، لماذا؟ وهما محرمان، فالنكاح والمراد بذلك عقده لا يجوز حال الإحرام "وقال: سمعت عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ينكح)) " يعني لا يعقد لنفسه ((المحرم)) بحج أو عمرة أو بهما ((ولا ينكح)) يعني لا يتولى العقد لغيره ((ولا يخطب)) فيمنع من الخطبة حال الإحرام، وبه قال الجمهور، وقال الشافعية: النهي في الخطبة للتنزيه؛ لأن الممنوع العقد، والخطبة لما اعتبرت وسيلة على هذا العقد منعت من باب منع الوسائل، ففيها الكراهة فقط، الكراهة فقط، هذا عند الشافعية، والجمهور على أن الحكم واحد، فلا تجوز الخطبة ولا يجوز أيضاً العقد.

(75/9)


"وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين أن أبا غطفان" اسمه: سعد بن طريف المري "أخبره أن أباه طريفاً تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه" الآن النكاح إذا توافرت أركانه وشروطه، وحصل في وقت يمنع فيه مثل هذا المتلبس بالإحرام ممنوع، هل نقول: إن المانع أن هذا المانع وهو الإحرام مثل المانع من العقد على المعتدة مثلاً؟ نعم حتى تنتهي عدتها؛ لأنه قد يقول قائل: لماذا لا يصح النكاح مع التحريم؟ نعم؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج عن النكاح، نعم هم يشترطون في المرأة وفي الزوج أيضاً أن لا يكونا قد تلبسا بإحرام، والزوجة أن لا تكون معتدة مثلاً، يشترطون في الزوج أن لا يكون معتداً، ومتى يعتد الزوج؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا طلق رابعة، نعم إذا طلق رابعة طلاقاً رجعياً نعم فيلزمه انتظار المدة.
طالب:. . . . . . . . .
الظاهر أنه مثل الموت، ما هو ببعيد منه؛ لأنه ليس له أن يرجع إليها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، الآن أقول: هل النكاح حال الإحرام مثل النكاح حال العدة؟ المرأة ممنوعة من أن يعقد عليها والرجل ممنوع من أن يعقد فالنكاح باطل لهذا؟ أو نقول: إن النهي لأمر خارج؟ النكاح تام الشروط والأركان، نعم وإذا عدلنا إلى أمر خارج يصح التحريم، عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- رد نكاحه بناءً على أنه نكاح فاسد يرد، وأقرب ما تكون إذا كانت محرمة أنها كالمعتدة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "لا ينكح المحرم ولا يخطب على نفسه ولا على غيره" عملاً بعموم حديث عثمان -رضي الله تعالى عنه-: ((لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب)) ابن عمر يقول: "لا ينكح المحرم ولا يخطب على نفسه ولا على غيره" يعني حملاً للحديث على عمومه.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن -الفقهاء الثلاثة من السبعة- سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار سئلوا عن نكاح المحرم فقالوا: "لا ينكح المحرم -بمعنى أنه لا يعقد لنفسه بالفتح- ولا ينكح" بالضم يعني غيره، ومراد المؤلف مما ذكره أن العمل بحديث عثمان والفتوى عليه فليس بمنسوخ.

(75/10)


"قال مالك في الرجل المحرم: إنه يراجع امرأته -إن شاء- إذا كانت في عدة منه" لأنها ما زالت في حكم الزوجات، يراجعها، فلا تحتاج إلى ولي ولا صداق، فهي في حكم من في عصمته، الرجعية زوجة والرجعة ليست بنكاح؛ لأنها لو كانت نكاح لاحتاجت إلى ما يحتاج إليه النكاح من ولي وشهود وصداق، وهذه مجرد ما يقول: راجعت فلانة يكفي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله إذا أشهد أحوط، لكن لو وطئها دون كلام يعتبرونه أهل العلم رجعة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما هو .. ، زوجته زوجته، تزوجها قبل، زوجته زوجته، أم أولاده، طلقها قبيل الحج ثم أحرم، وقال: أشهدكم أني راجعت زوجتي، نعم، واضح؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا خرجت، إذا انتهت العدة هل له أن يراجع؟ ليس له أن يراجع؛ لأن هذا نكاح جديد، ليس له أن يراجع حتى يتحلل من إحرامه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مع النية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الفرق بينهما أن المطلقة إن كانت رجعية وما زالت في العدة نعم فنكاحه لها يعني بمجرد الرجعة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، تختلف ذي، لا رجعيته هو، يشهدهم، ما هو. . . . . . . . .
طالب: ...
تقصد أنه يراجع مطلقة غيره؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه التنظير السابق إذا منع من نكاح المحرمة هل نقول: إن هذا المنع يعود لأمر خارج عن ذات العقد ولا شرطه؟ لأمر خارج.
طالب:. . . . . . . . .
لأن هذا أسهل يعني.
طالب:. . . . . . . . .
أيهما أسهل؟
طالب:. . . . . . . . .
لحظة لحظة أيهما أسهل: أن تصيد طائراً لشخص حق آدمي وتأكله أو تصيد صيداً وأنت محرم وتأكله؟ أو تجد ميتة فتأكلها أيهما أسهل؟ ما هو بالمحرم ممنوع من الصيد؟ لحق من؟
طالب:. . . . . . . . .
لحق الله -جل وعلا-، وصيد الرجل الأجنبي هذا لحق هذا الرجل، لحق الآدمي، وأكل الميتة لأنك مضطر يعني هل تفضل .. ؟ أيهما أسهل في الشرع أن يأكل المضطر من الميتة أو من حق الآدمي أو لحق الله -جل وعلا- وهو محرم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله يقولون: حكمها حكم الميتة، نعم؟
طالب: المضطر معذور يا شيخ.
أن يأكل إيش؟
طالب: الميتة.

(75/11)


من الميتة، لكن ما هو مأذون له يصيد، لا تجزم، كلامهم ما هو بواضح في هذا، بعضهم يقول: الميتة أسهل؛ لأن فيها نص يبيحها، هذه ما فيها نص، لكن في الظرف التي نعيشها هل يمكن شخص أن يقدم على ميتة، نعم وهو يجد مال لشخص آخر؟ نعم؟ لا يمكن، لا ما يمكن، في الظروف التي نعيشها وإلا مر أوقات على الأمة على الناس صار عادي يأكلون الميتة، وبحث المسألة في كتب الفقه واستطرادهم في الأكل منها، هل يأكل شيئاً يسير أو .. ؟ يدل على أن هذا يعني تصوره ما هو ببعيد يعني.
طالب:. . . . . . . . .
المرفوع؟ المرفوع ((لا ينكح ولا ينكح)) على كل حال لا ينكح لنفسه ولا ينكح غيره، ويش فهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ونحن المأمورون بالاقتداء بسنته؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يلزم يا أخي، هم قالوا: إن المحرمة مثل المعتدة نكاحها فاسد، يرد.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: حجامة المحرم:
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم فوق رأسه، وهو يومئذٍ بلحيي جمل مكان بطريق مكة.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: "لا يحتجم المحرم إلا مما لا بد له منه".
قال مالك -رحمه الله-: "لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة"
"باب: حجامة المحرم" الحجم هو المص، والحجام هو المصاص في لغة العرب فيما يقوله ابن سيدة وغيره.
فالحجامة معروف ما ورد فيها بالنسبة للصائم، وتقدم ما فيها، وهنا تورد الحجامة بالنسبة للمحرم، لما يلزم عليها من أخذ شعر إن كانت في موضع شعر، ومن إضعاف للمحرم كإضعاف الصائم، ولذا منع المحرم من صوم يوم عرفة؛ لأنه يضعفه، والحجامة تضعفه فتمنع فمنعها من هذه الحيثية، وأيضاً يلزم منها أخذ الشعر.

(75/12)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سليمان بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" مرسل وهو موصول في الصحيحين وغيرهما "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتجم من شقيقة كانت به" والشقيقة: نوع من الصداع، احتجم وهو محرم، وذلك في حجة الوداع، فوق رأسه، وفي الصحيحين: وسط رأسه، وعندهم -يعني الشراح- ذكروا أن في موضع من الرأس إذا استعمل في الحجامة صار سبباً في العمى.
طالب:. . . . . . . . .
صحيح؟
طالب:. . . . . . . . .
الشراح يقولون هذا.
طالب:. . . . . . . . .
يعني من أي موضع كان؟ ما له أثر؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأنه يقول هنا: فوق رأسه، وفي الصحيحين: وسط رأسه، وهم يقولون: إن في الرأس جزء لو استعمل في الحجامة صار سبباً في العمى، يعني جرب كل مواضع الرأس؟
طالب:. . . . . . . . .
ولا ثبت شيء، يعني يصير مثل قولهم: أكل السمك مع شرب اللبن يورث البرص، يمكن هذا مثله؟
طالب: يضعف الذاكرة.
يضعف؟
طالب: الذاكرة.
إيه، في موضع يضعف الذاكرة، هذا يضعف الذاكرة، الناس يدورون الذاكرة ما هو ....
طالب:. . . . . . . . .
تقوي الذاكرة، مع وسط الرأس أو مع القفا؟
طالب:. . . . . . . . .
يقولون: نقرة القفا.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟ الحجامات كلها من هنا من الخلف.
طالب:. . . . . . . . .
الوسط؟
طالب: هذه وهذه تؤثر على الحواس.
ويش يسمونهن ذولاء؟
طالب: الأخدعين.
الأخدعين إيه.
يقول: "احتجم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا من شقيقة كانت به -يعني صداع- وهو محرم، وذلك في حجة الوداع فوق رأسه" وفي الصحيحين كما ذكرنا: وسط رأسه "وهو يومئذ بلحيي جمل" وهذا مكان بين مكة والمدينة وإلى المدينة أقرب، ووهم من ظنه فكي الجمل، الحيوان المعروف، وأنه كان آلة الحجم، لحي الجمل، نعم يقول: كان هو آلة الحجم الذي يشرط فيها الجلد، توقع هذا، يعني مثل خلافهم في كون إبراهيم -عليه السلام- اختتن بالقدوم، هل هو الآلة الذي هو الفأس وإلا موضع؟ هذا نظير ذاك، فالأوضح في الحديثين أنه موضع.

(75/13)


وفيه الحجامة في الرأس وغيره أيضاً للحاجة، ولو أدت إلى قلع الشعر، وهل يفدي أو لا؟ لأنه احتاج إلى محظور، والمحظورات -محظورات الإحرام- لا شك أن فيها الفدية، من تعمدها فيها الفدية، لكن إن كان مع تعمده لها محتاجاً إليها فلا إثم، وإن كان بدون حاجة فالإثم، وهنا محتاج لا إثم عليه، لكن هل يفدي أو لا يفدي؟ ما نقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه فدى، لكن هذا هو الأصل في حديث كعب بن عجرة أذن له النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحلق رأسه؛ لأنه محتاج إليه، وألزمه بفدية الأذى، وهذا منها، لكن هل يقال: إن المحلوق في الحجامة يختلف عن المحلوق في رأس كعب مثلاً؟ ذاك حلق كامل واحتاج إلى فدية، وهذا يحلق جزء منه فيفرق بينهما من هذه الحيثية، مع أن ما يلزم به من فدية عند أهل العلم منهم من يقول: بثلاث شعرات، ومنهم من يقول: ربع الرأس، فمثل هذا لا شك أنه محتاج إليه، الحجامة حاجة، فعلى قولهم طرداً لقولهم أنه إذا احتاج المحظور يرتفع عنه الإثم وتلزمه الفدية، والفدية هنا فدية أذى، يخير بين أن يذبح شاة وبين أن يصوم وبين أن يطعم ستة مساكين.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: "لا يحتجم المحرم إلا مما لا بد له منه" يعني لا بد أن يكون محتاج ومضطر إلى ذلك، فإن احتجم لغير حاجة أثم إن لزم من ذلك قلع شعر، لكن لو احتاج أن يحتجم أو لو احتجم من غير حاجة، نعم احتجم في موضع لا شعر فيه يلزمه شيء وإلا ما يلزمه؟ لا يلزمه شيء، لكن لو كان بحاجة إلى الاحتجام ويسوف من سنين وهو يبي يحتجم ويوم أحرم قال:. . . . . . . . . فرصة نحتجم الآن، النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو محرم، ولا يضيره أن يؤخره أسبوع أو عشرة أيام أو شهر؛ لأنه من مدة طويلة وهو يسوف، يعني من غير حاجة ملحة، قد يكون أصل الحاجة موجود، لكن لا فرق بين أن يحتجم وهو محرم أو ينتظر عشرة أيام أو شهر حتى، هل نقول: هذه حاجة؟ أو نقول: إنه احتاج إلى هذا الأمر بمعنى أنه أصيب بالشقيقة في الحج وقيل له: علاجك بالحجامة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو محرم على كل حال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .

(75/14)


أنا أقول: هل قولهم حاجة مسمى الحاجة أدنى الحاجة أو أنه يسوف له مدة طويلة بيحجم بيحجم ما تيسر له، فرصة شاف حجام أو الحلاقين قال .. ، وقد يتعبد بهذا، افترض شخص قال: احتجم النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو محرم، لماذا لا أحتجم وأنا محرم اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-؟ نقول: حجامته -عليه الصلاة والسلام- للحاجة، فإن كنت محتاجاً فاقتدِ به وإلا فلا، هذا إذا لزم عليها أخذ شيء من الشعر؛ لأن قطع الشعر من محظورات .. ، حلق الشعر من محظورات الإحرام.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان لا. . . . . . . . . ما لك فيه بأس -إن شاء الله-.
"أنه كان يقول: "لا يحتجم المحرم إلا مما لا بد له منه" فإن احتجم لغير حاجة أثم إن لزم من ذلك قلع شعر، "قال مالك: "لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة" لأنه يلزم عليها أخذ شعر؛ ولأنها تضعفه، كما منع المحرم من الصيام يوم عرفة لئلا يضعف، منع الحاج من الصيام يوم عرفة لئلا يضعف فهذه تضعفه أيضاً، تلحق به، لكن القول بالتحريم لا يتجه في مثل هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني اللي يحلق ربع الرأس ما عليه شيء؟ طيب اللي يحلق نصف دون النصف ويش يلزمه؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا قلنا: الحكم للأكثر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذن ما ينضبط نقول الحكم للغالب، نرجع إلى الحاجة، ومع الحاجة هل يفدي أو لا يفدي؟ قاعدتهم المطردة أن من احتاج إلى محظور له أن يتعمد ارتكاب هذا المحظور لكن يلتزم بلوازمه.
طالب:. . . . . . . . .
ما نقل، لا.
طالب:. . . . . . . . .
لكنه لما أمر كعب بن عجرة أن يحلق شعر رأسه، ونزلت فيه الآية أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يفدي.
طالب:. . . . . . . . .
حجامة بدون شعر ما فيها شيء، ما حد يلزمه، لكن الكلام على الشعر {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [(196) سورة البقرة] فيه أذى من رأسه ألزم الفدية، ألا يكفينا في هذا القرآن؟ {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [(196) سورة البقرة] يعني فالواجب فدية.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه في حجة الوداع هذه.
طالب:. . . . . . . . .
هذه في حجة الوداع.
طالب:. . . . . . . . .
قبل أن يحتجم فحجامته في حجة الوداع. . . . . . . . .

(75/15)


الموطأ كتاب - الحج (13)
شرح: باب: ما يجوز للمحرم أكله من الصيد، وباب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما يجوز للمحرم أكله من الصيد:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله التيمي عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري عن أبي قتادة -رضي الله عنه-: أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كانوا ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم فرأى حماراً وحشياً فاستوى على فرسه فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا عليه فسألهم رمحه فأبوا فأخذه ثم شد على الحمار فقتله فأكل منه بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبى بعضهم، فلما أدركوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سألوه عن ذلك فقال: ((إنما هي طعمة اطعمكموها الله)).
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- كان يتزود صفيف الظباء وهو محرم.
قال مالك -رحمه الله-: والصفيف القديد.
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أن عطاء بن يسار أخبره عن أبي قتادة -رضي الله عنه- في الحمار الوحشي مثل حديث أبي النضر إلا أن في حديث زيد بن اسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((هل معكم من لحمه شيء؟ )).

(76/1)


وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمير بن سلمة الضمري عن البهزي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج يريد مكة وهو محرم حتى إذا كان بالروحاء إذا حمار وحشي عقير، فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((دعوه فإنه يوشك أن يأتي صاحبه)) فجاء البهزي وهو صاحبه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر -رضي الله عنه- فقسمه بين الرفاق، ثم مضى حتى إذا كان بالأثاية ....
بالأثابة.
أحسن الله إليك.
باء وإلا ياء؟
بالباء، أحسن الله إليك.
حتى إذا كان بالأثابة بين الرويثة والعرج إذا ظبي حاقف في ظل فيه سهم فزعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلاً أن يقف عنده لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزه.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه أقبل من البحرين حتى إذا كان بالربذة وجد ركباً من أهل العراق محرمين، فسألوه عن لحم صيد وجدوه عند أهل الربذة، فأمرهم بأكله، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: ثم إني شككت فيما أمرتهم به، فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال عمر: ماذا أمرتهم به؟ فقال: أمرتهم بأكله، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لو أمرتهم بغير ذلك لفعلت بك" يتواعده.
وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يحدث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه مر به قوم محرمون بالربذة فاستفتوه في لحم صيد وجدوا ناساً أحلت يأكلونه فأفتاهم بأكله قال: ثم قدمت المدينة على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فسألته عن ذلك، فقال: بن ....
بمَ أفتيتهم؟
أحسن الله إليك.
فقال: بم أفتيتهم؟ قال: فقلت: أفتيتهم بأكله، قال: فقال: عمر لو أفتيتهم بغير ذلك لأوجعتك.

(76/2)


وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن كعب الأحبار أقبل من الشام في ركب حتى إذا كانوا ببعض الطريق وجدوا لحم صيد، فأفتاهم كعب بأكله، قال: فلما قدموا على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالمدينة ذكروا ذلك له، فقال: من أفتاكم بهذا؟ قالوا: كعب، قال: فإني قد أمرته عليكم حتى ترجعوا، ثم لما كانوا ببعض طريق مكة مرت بهم رجل من جراد فأفتاهم كعب بأن يأخذوه فيأكلوه فلما قدموا على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ذكروا له ذلك، فقال: ما حملك على أن تفتيهم بهذا؟ قال: هو من صيد البحر، قال: وما يدريك؟ قال: يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده إن هي إلا نثرة حوت ينثره في كل عام مرتين.
وسئل مالك عما يوجد من لحوم الصيد على الطريق هل يبتاعه المحرم؟ فقال: أما ما كان من ذلك يعترض به الحاج، ومن أجلهم صيد فإني أكرهه وأنهى عنه، فأما أن يكون عند رجل لم يرد به المحرمين فوجده محرم فابتاعه فلا بأس به.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: فيمن أحرم وعنده صيد قد صاده أو ابتاعه فليس عليه أن يرسله ولا بأس أن يجعله عند أهله.
قال مالك -رحمه الله- في صيد الحيتان في البحر والأنهار والبرك وما أشبه ذلك إنه حلال للمحرم أن يصطاده.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من محظورات الإحرام، ومن المحرمات في الحرم الصيد والاصطياد {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] الصيد يطلق ويراد به الاصطياد، كما أنه يطلق ويراد به المصيد، تقول: هذا صيد للطائر المصيد، وهذا أيضاً مهنته الصيد أي الاصطياد، والآية فيها المنع من الاصطياد بالنسبة للمحرم، لا يجوز له أن يصيد، وأيضاً الصيد يحرم عليه إن صاده وهو محرم أو في الحرم، أو صيد من أجله.
"باب: ما يجوز للمحرم أكله من الصيد" المراد به هنا المصيد لأنه هو الذي يؤكل.

(76/3)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر -سالم بن أبي أمية- مولى عمر بن عبيد الله التيمي عن نافع -بن عباس الأقرع المدني- مولى أبي قتادة الأنصاري -الحارث بن ربعي- عن أبي قتادة -مولاه- أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" عام الحديبية، أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذلك في عام الحديبية "حتى إذا كانوا ببعض طريق مكة" موضع يقال له: القاحة بين مكة والمدينة "تخلف مع أصحاب له محرمين، وهو غير محرم" وكان -رضي الله عنه وأرضاه- صياد عداء رقاء للجبال، كانت هذه من أوصافه "فرأى حماراً وحشياً" وهو غير محرم وليس في الحرم، ما الذي يمنعه من اصطياده؟ في ما يمنع؟ ليس فيه ما يمنع؛ لأنه ليس بمحرم، وليس في الحرم "فاستوى على فرسه" علا عليه وصعد ورقيه "فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه" سوطه في الأرض، ناولوني السوط، قالوا: لا، "فأبوا عليه" وقالوا: لا نعينك على قتله، لماذا؟ لأنهم محرمون، لا نعينك على قتله "فسألهم رمحه فأبوا" نزل فأخذ الرحم "ثم شد على الحمار فقتله" أدركه وراء أكمة وطعنه برمحه فعقره "فأكل منه بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" له أن يأكل هو أو ليس له أن يأكل؟ له أن يأكل؛ لأنه لا يوجد ما يمنع من أكله، لا إحرام ولا حرم، أصحابه محرمون، اختلفوا، فبعضهم أداه اجتهاده إلى أن يأكل "فأكل منه بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبى بعضهم" عن الأكل، الذين أكلوا بناءً على أن المراد بالصيد الاصطياد، وهم لم يصطادوه ولم يعينوا على اصطياده، وأما الصيد إذا لم يصد من أجلهم، ولم يعينوا على اصطياده فرأوا أن ذلك جائز "وأبى بعضهم" امتنع بعضهم؛ لأنهم حملوا الصيد على المصيد، والمصيد محرم، إذا كان معنى الاصطياد المصيد فالاصطياد محرم، يعني مسألة اجتهادية؛ لأن اللفظة تطلق على هذا وعلى هذا، فإذا كانت المسألة اجتهادية والنص محتمل، والمكلف أهل للاجتهاد فيعمل اجتهاده فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد.

(76/4)


هل يدخل الورع في مثل هذا أو لا يدخل؟ الآن إذا قلنا: إن اللفظ يدل على الاحتمالين على حد سواء فالورع يدخل، فدل على أن الصحابة يجتهدون في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي وقت التنزيل، وهم من أهل الاجتهاد.
"وأبى بعضهم، فلما أدركوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سألوه عن ذلك" بأن ذكروا له القصة كاملة؛ لأن الحكم لا يتبين حتى تذكر كاملة، لو قيل: إن أبا قتادة صاد حماراً وحشياً، فلما صاده أكل بعضنا وبعضنا لم يأكل، نحتاج إلى استفصال، هل كان محرماً أو غير محرم؟ هل أنتم محرمون أو غير محرمين؟ هل أعانه منكم أحد؟ هل أشار إليه أحد؟ يحتاج إلى استفصال، لكن القصة ذكرت كاملة كما جاء في بعض الطرق.
"سألوه عن ذلك فقال: ((كلوا ما بقي من لحمها إنما هي طعمة –يعني طعام- اطعمكموها الله)) "، ((اطعمكموها الله)) أيهما أجود أن يقال: اطعمكموها الله، أو أطعمكم الله إياها؟ الآن هذا في تقديم المفعول على الفاعل، ولو قال: أطعمكم الله إياها، كان هو الأصل تقديم الفاعل على المفعول يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، أطعمكم الله إياه، ويش المانع؟ ما في ما يمنع؛ لأن .. ، إلا أنه كل ما أمكن التعبير بالضمير المتصل كان أولى من التعبير بالضمير المنفصل لأنه أخصر، والتقديم والتأخير هنا جائز، ما في أدنى إشكال.
وفي هذا جواز أكل المحرم لحم الصيد إذا لم يكن منه إعانة على صيده، ولا إشارة سواءً كانت الإشارة قوية أو خفية، يستدل بها من أراد صيده عليه، فإن صاده المحرم أو صيد لأجله بإذن أو بغير إذنه حرم عند الجمهور، لماذا قيد الخبر بكونه لم يصد من أجله؟ في الرواية اللاحقة قال النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي في الصحيحين: ((هل معكم من لحمه شيء؟ )) فقالوا: معنا رجله، فأخذها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأكلها، لماذا قيدناه بأنه لم يصد من أجله؟ للتوفيق بين النصوص؛ لأنه سيأتي في حديث الصعب بن جثامة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رده عليه، فالصعب إنما صاده من أجل النبي -عليه الصلاة والسلام- فرده عليه، وجاء في الخبر أيضاً صيد البر حلال كم ما لم تصيدوه أو يصد لكم، وسيأتي الإشارة إلى هذا.

(76/5)


يقول أبو حنيفة: يجوز أكل ما صيد لأجله، ورده الجمهور، وهناك زيادة وردت عند الدارقطني أن أبا قتادة قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "إنما اصطدته لك" فلم يأكل منه، لكنها زيادة شاذة، الآن في إشكال كونه صاده له فلم يأكل منه، الحكم صحيح وإلا ما هو بصحيح؟ صحيح، لكن من أين جاء الشذوذ؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم مخالفته لما هو أقوى منه، فرواية الدارقطني والبيهقي وابن خزيمة عندهم هذه الزيادة إنما اصطدته لك فلم يأكل منه، لكنها زيادة شاذة مخالفة لما هو أوثق وأقوى من هذه الرواية، في الصحيحين وغيرهما أنه أكل -عليه الصلاة والسلام-.
جمع النووي كعادته -رحمه الله- في شرح المهذب احتمال أنهما قضيتان، النووي -رحمه الله تعالى- إذا اختلفت الروايات وأمكن الجمع في التعدد حمله على التعدد، ولو كان مرد الاختلاف إلى نقل الرواة، يعني لو اختلف الرواة في نقلهم للخبر حمله على تعدد القصة، كأنه يريد صيانة الرواة الأثبات الثقات عن أن يحكم على مروياتهم بالبطلان والشذوذ، لكن أئمة الحديث وجهابذته لا يقولون بمثل هذا، بل لا يترددون على الحكم على الراوي بالوهم إذا دلت القرائن على أنه وهم، لا يترددون في توهيم الراوي وتضعيف روايته إذا دلتهم القرائن على أنه وهم، وعندهم قرائن تقرب من اليقين؛ وذلكم لممارستهم أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجمع طرق الأخبار بحيث يتبين لهم حفظ الحافظ، وضبط الضابط، ووهم الواهم، النيسابوري ابن زياد؟ معروف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه حكم بأنها شاذة، وله كتاب في الزيادات والزوائد في الجمل المزيدة في الأحاديث، ولا يتردد في الحكم على مثل هذه بالشذوذ فهما منهجان لأهل العلم منهم من يجرؤ على توهيم الرواة وإن كانوا ثقات أثبات، ومنهم من يجبن عن ذلك، بل بعضهم يرده عن ذلك الورع، لكن إذا كانت الجرأة مبنية على علم راسخ، وقدم ثابت فلا مانع منها، وهي طريقة الأئمة الكبار من أهل العلم، لا يترددون في أن يقولون: هذه لفظة منكرة، وإن أتى بها من أتى بها، ولما مثلوا للمنكر مثلوا بتسمية الإمام مالك.
. . . . . . . . . ... ومالك سمّى ابن عثمان عمر

(76/6)


والأئمة يسمونه عمرو بفتح العين، ومالك تفرد بتسميته عمر، وذكروه في مثال المنكر، قالوا:
نحو (كلوا البلح بالتمر) الخبر ... ومالك سمّى ابن عثمان عمر
قلت: فماذا بل حديث نزعه ... خاتمه عند الخلا ووضعه
لا يترددون في الحكم على الخبر أو على راويه بأن روايته منكرة، وعرفنا أن هذا سببه ليست الجرأة من فراغ كما يفعل بعض المتعالمين، بعض المتعالمين شباب أحداث في مسألة مختلف فيها، ويعيب بعضهم والثاني يسمع ما رآه من البدع في الحج، في مسائل مختلف فيها، يختلف فيها أئمة كبار، نعم، وهم أحداث يعني أنا لا أبالغ إذا قلت: إنهم في الثانوي، في التعليم العام، يتضايق واحد منهم من رؤية هذه البدع، ومن سماعه لها، وقد قال بها أئمة من أئمة الإسلام، هل هذا مرده إلى علم؟ هذا حمق وجهل.
على كل حال من أداه علمه -علمه الثابت الراسخ ما هي بالدعاوى- إلى رد خبر باجتهاد منه فله ذلك، وهذا صنيع أئمة الإسلام، وليس معنى هذا أن الباب يفتح لكل أحد، ليس معنى هذا أن الباب مفتوح لكل أحد، وبعض الناس ما يجرؤ هذه الجرأة والنووي يرى هذا ديدنه قد يكون الباعث عليه ورعه، وقد عرف بهذا وتحريه وتثبته، وقد يكون الداعي له أن قدمه في هذا الباب في باب الراوية ما وصلت إلى حد ما وصل إليه الأئمة الكبار، يعني لو جعلت النووي في كفة، وجعلت شيخ الإسلام في كفة في هذا الباب، وجدت شيخ الإسلام أجرأ من النووي، ولا يتردد بأن يحكم؛ لأن قدمه في هذا ثابتة، وإحاطته واطلاعه واسع حتى شهد له خصومه، قالوا: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث، والحديث مخرج في الصحيحين.

(76/7)


"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أباه الزبير بن العوام" ... في صلاة الكسوف الثابتة في الصحيحين وغيرهما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ركعتين، في كل ركعة ركوعان، هذا ثابت في الصحيحين، وهو الوجه المرجح، وجاء في صحيح مسلم ثلاث ركوعات وأربعة، وجاء في غيره خمسة ركوعات، وكلها مضافة إلى صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنووي في مثل هذا يحمل على تعدد القصة، وشيخ الإسلام يقول: أبداً المحفوظ ركوعان وما عداه شاذ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما صلاها إلا مرة، وإبراهيم ما مات إلا مرة، ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولهذا نظائر كثيرة، ولا شك أن الناس في تركيبهم أيضاً يختلف من شخص إلى شخص.
يقول: ما المراد بحمار الوحش الوارد في الحديث؟
هو الحمار المعروف المخطط، الذي يعيش في البراري، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا لم يمكن الجمع، إذا أمكن الجمع ما يتردد، لكن لو لاحظنا إلى التفريق بين أهل العلم، بعض أهل العلم يكون نفسه الرواية، وبعضهم نفسه الدراية، بعضهم يهتم بالطرق، وبعضهم يهتم بالمتون، فالذي يهتم بالطرق وجمعها وأقوال أهل العلم فيها، تجد عنده شيء من هذا، نعم، والذين يهتمون بالدراية والمتون، ودراسة المتون، والتوفيق بين نصوصها المتعارضة تجدهم هذا منحاهم، وهذه على طريقة الفقهاء ماشية.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أباه الزبير بن العوام كان يتزود صفيف الظباء وهو محرم، "قال مالك: والصفيف القديد" يعني اللحم الجاف، الصفيف اللحم الجاف، القديد، وكان إلى وقت قريب قبل انتشار المبردات والحافظات يقد اللحم ويجفف ويشمس، وهو صفيف بمعنى مصفوف، فعيل بمعنى مفعول؛ لأنه يصف في الشمس لكي يجف، فهو فعيل بمعنى مفعول.

(76/8)


واستعمال القديد موجود، حتى أن بعضهم الآن يستعمله، لا من حاجة ولا عوز، أو لأنه ليس عنده آلات يبرد بها، لا، بل بعض علية القوم يستعملونه؛ لأن له طعم متميز، وبعض الناس من حبهم للرجوع إلى الماضي قليلاً يحبون مثل هذا، وقد يشترط بعضهم أن تكون الأكلة من هذا النوع، ويأتي في كتب الأدب شيء من كلام العرب مما يفهم منه ذم القديد الجاف، وأنه يوهن البدن ويضعفه، وعلى كل حال الحاجة تدعو إلى هذا أحياناً.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو اللي يسمونه القفر، نعم.
لماذا لم يحرم أبو قتادة؟ قيل: بعثه إلى طريق الساحل؟ نعم، بعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى طريق الساحل، ومنهم من يقول: هو لم ينوِ حجاً ولا عمرة، لم ينوِ النسك، وأيضاً؟ نعم لو تعدى الميقات.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يجي، الرجعة ويش لون محرمين وهم بالرجعة؟ لا، ليس في الرجعة، أصحابه محرمون، المواقيت حدت في ذلك الوقت وإلا ما حدت؟ يعني عام الحديبية حدت المواقيت وإلا بعد ذلك؟ نعم؟ متى حددت المواقيت؟ تبحث، نريد تحديدها بالتحديد إذا نص أهل العلم على ذلك واستدلوا عليه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم -العدوي مولى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أن عطاء بن يسار أخبره عن أبي قتادة في الحمار الوحشي -يعني الذي مر ذكره في رواية أبي النضر- مثل حديث أبي النضر إلا إن في حديث زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فيه زيادة حديث زيد بن أسلم على حديث أبي النضر فيه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: " ((هل معكم من لحمه شيء؟ )) " فقالوا: معنا رجله، فأخذها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأكلها -عليه الصلاة والسلام-، فدل على حل أكل الصيد الذي صاده غير المحرم، حله للمحرم إذا لم يكن صيد من أجله.

(76/9)


قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمير بن سلمة الضمري -صحابي- عن البهزي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج يريد مكة" البهزي زيد بن كعب السلمي صحابي أيضاً، وهل الحديث من مسنده أو من مسند عمير بن سلمة الضمري؟ يأتي في السياق "عن البهزي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج يريد مكة وهو محرم حتى إذا كان بالروحاء -موضع بين مكة والمدينة- إذا حمار وحشي عقير" عقير: يعني معقور، ضرب بسهم جعله لا يستطيع المشي، نعم "إذا حمار وحشي عقير، فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فقيل: هذا حمار عقير "فقال: ((دعوه -اتركوه- فإنه يوشك أن يأتي صاحبه)) " الذي عقره "فجاء البهزي وهو صاحبه" الآن يقول: عن عمير بن سلمة الضمري عن البهزي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر القصة، فجاء البهزي وهو صحابه، هل يمكن أن يروي القصة ثم يقول: فجئت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار؟ الآن ظاهر السياق أن الحديث من مسند عمير بن سلمة أو من مسند البهزي؟ مسند عمير إذاً تكون عن هذه ....
طالب:. . . . . . . . .
لا، في (عن) تأتي لا للرواية، تأتي (عن) ولا يراد بها الرواية إنما يراد بها القصة، عن قصة البهزي، يعني كما في قولهم: عن أبي، إيش؟ أنه خرج عليه خوارج فقتلوه، نسيته، إنما ذكروا اسمه، خرج عليه خوارج فقتلوه، هل يمكن أن يروى عنه بعد موته؟ نعم؟ عن فلان أنه خرج عليه خوارج فقتلوه، يعني عن قصته، عن قصة فلان، وهنا عن قصة البهزي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى آخره، فتكون عن هذه لا للرواية، لكنها في هذا السياق، هو يحدث بها عن قصته التي أخبره بها، إيش المانع؟ تكون (عن) هذه ليست للرواية.
يقول: "فجاء البهزي وهو صحابه" أي صاحب الحمار الوحشي، والمصاحبة تطلق لأدنى مناسبة، تطلق المصاحبة والصحبة لأدنى مناسبة، ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) هذا قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- لمن؟ لأمهات المؤمنين ((لأنتن صواحب يوسف)) المصاحبة هنا لأدنى مناسبة.

(76/10)


ووجه المناسبة بين صنيع أمهات المؤمنين مع صنيع صواحب يوسف، نعم، أظهرن ما لم يكن في الباطن، أبدين شيئاً لم يكن يقصدنه، وعائشة -رضي الله تعالى عنها- لما قالت لحفصة ....
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا العادة أن الذي يخلف عظيماً يكرهه الناس، يعني أنت افترض شخص كفؤ في محل مناسب من كل وجه، نعم، رأى ولي الأمر استغنى عنه وعين غيره في مكانه، لا شك أن الناس بيكرهونه، فكون أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- يقوم مقام النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون في أنفسهم منه شيء، فعائشة أرادت أن لا يكون في أنفس الناس على أبيها شيء؛ لأنه وقف موقف النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقالت: إنه رجل أسيف، فأبدت ما لم تخفيه، وقالت لحفصة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يصر إلا أن يكون أبو بكر هو الذي يصلي بالناس.
"فجاء البهزي وهو صاحبه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار" يعني إغراء "بهذا الحمار، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق" وهو صاحبه، البهزي صاحبه، والأمر لا يعدوه، فإذا تنازل عنه لهم طاب أكله "فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق فقسمه بين الرفاق -الرفقة في السفر- ثم مضى حتى إذا كان بالأثابة -موضع أو بئر- بين الرويثة والعرج -موضع بين مكة والمدينة- إذا ظبي حاقف -منحنٍ رأسه بين يديه إلى رجليه- في ظل فيه سهم"، إذا ظبي حاقف في ظل فيه سهم، يعني في الظل وإلا في الظبي؟ نعم؟ في ظل فيه سهم، الضمير يعود على أقرب مذكور؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب هم يقولون: الضمير يعود إلى أقرب مذكور، لا يمكن عوده إليه، نعم، إلى أقرب مذكور مما يمكن عوده إليه "في ظل فيه سهم فزعم" والزعم يطلق ويراد به القول، نعم يطلق زعم بمعنى قال، وهذا وارد وكثير في النصوص، وكثيراً ما يقول سيبويه في كتابه: زعم الكسائي ويوافقه، دل على أن الزعم هنا بمعنى القول "فزعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلاً" لم يسمّ هذا الرجل "أن يقف عنده" حارس، يقف عنده يحرسه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(76/11)


يرد، يرد، يعني في الكلام المشكوك به، يأتي، لكن ليس مطرد، إنما يأتي ويراد به أيضاً معنى (قال) "فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً أن يقف عنده" كالحارس له، بحيث "لا يريبه أحد من الناس" لا يحركه ولا يهيجه أحد من الناس "حتى يجاوزه" على ذكر التحريك والتهييج لو أن شخصاً أثار صيداً نفره، فهم يقولون في أمثلتهم: فأكلته حية، أو وقع في بئر، أو .. ، لكن عندنا الأمثلة الحية الآن عندنا المروحة لو أثار حمام في الحرم مثلاً وضربته المروحة وطاح ميت، عليه وإلا ما عليه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ينفر صيده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، عندهم هذا إتلاف، كثير من أهل العلم لا يفرق بين الإتلاف وعدمه مع أن التعمد منصوص عليه في الآية {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} [(95) سورة المائدة] يعني في المباشرة فكيف بالتسبب؟ وبعضهم يقول: لو وقع طائر على ثوبه، ثوبه معلق يبي يلبس الثوب، ينتظر إلى أن يطير الطائر وإلا إيش يسوي به؟ فأخذ الثوب ثم طار فعرض له ما يتلفه يضمن عنده، نعم، لكن العمد منصوص عليه في الآية في المباشرة، ففي التسبب من باب أولى.
"لا يريبه أحد من الناس" لا يحركه ولا يهيجه أحد من الناس، يعني لئلا يريبه، وجد هذا الحارس "حتى يجاوزه" لأنه لا يجوز للمحرم أن ينفر الصيد ولا يعين عليه.
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عند بعضهم إي نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يضمن إذا قصد الإتلاف، متعمد، في حقوق الآدميين وإلا في حقوق الله؟ فرق بين حقوق الآدميين؛ لأنه في حقوق الآدميين العمد وعدمه سواء؛ لأنه ليس من باب الحكم الشرعي {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] لكن يبقى أنه من باب الحكم الوضعي، هذا تسبب في إتلاف مال المسلم يضمن سواءً كان عامد .. ، من هذا قتل الخطأ.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لو كان مملوك لإنسان نعم، يكون من باب ربط الأسباب بالمسببات، أما في حق الله -جل وعلا- {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] وقال: قد فعلت.

(76/12)


يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أبي هريرة أنه أقبل من البحرين" من البحرين موضع معروف في شرق الجزيرة العربية يطلق بمعنىً أعم، وبمعنىً أخص، فيشمل الجزء الشرقي بالمعنى الأعم، وعلى الجزيرة المعروفة بالمعنى الأخص، وهو تثنية بحر، والأصل فيه بحران، نعم، ثم حكي بعد ذلك فلزم الياء، تقول: هذا البحرين، ما تقول: هذا البحران، أو هذان البحران، وجئت من أبو ظبي، ما تقول: من أبي ظبي، لأنه خلاص لزم هذه الصيغة، فالنسبة إلى البحرين بحريني وإلا بحراني؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم يفرقون، دعونا من التفريق العقدي يقولون: بحراني هذا لغير أهل السنة، وبحريني لأهل السنة، البحراني معروف هذا عندهم، في بحث للشيخ إسماعيل الأنصاري أظن في مجلة المنهل احتمال هذا أنه حقق أن النسبة إلى البحرين بحراني مطلقاً، بإرجاعه إلى أصله بعد خلوه من العوامل المؤثرة، الأصل في المثنى أنه مرفوع قبل دخول العوامل، ثم بعد ذلك ينسب إلى أصله؛ لأنه في النسب ترد الأمور إلى أصولها، لكن إذا التبس هذا، شخص من خيار أهل السنة، ومن خيار الناس تقول له: بحراني، ويلتبس بشرار الناس هذا ما هو بصحيح، نعم؛ لأن هذا يوقع في لبس، وإن كان من حيث العربية له وجه.
"أنه أقبل من البحرين" ... في كتب البلدان القديمة تقول: موضع مثلاً بين البصرة وعمان، يعني هذا مثل إيش؟ الجهاز اللي يستعملونه الآن للتحديد، ويش يسمونه؟
طالب:. . . . . . . . .
جارمان؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يعرفونه الإخوان، الصيد والرحلات نعم، مثل الجارمن، بين البصرة وعمان، كم من ألف كيلو؟ وقالوا: في فيد -قرية في شمال الجزيرة- قالوا: بين مكة والبصرة، يعني اركب البعير وعلى طول تبي تقف -إن شاء الله- ...
طالب:. . . . . . . . .

(76/13)


لا، لكن عندهم هم الطرق معروفة ومسلوكة لا تميل يمين ولا يسار، طريق الحاج من البصرة إلى مكة ما يميل لا يمين ولا يسار، معروف القرى التي يمر بها، فتكون بين مكة والبصرة، أنت إذا قصدت مكة تبي .. ، لا بد أن تقع في هذا الموقع، وكان عاد يعني تحديدهم ما هو بدقيق، معروف، ما له دقة عاد؛ لأن هذه براري وقفار، ومساحات شاسعة، فكيف يتوصل إلى معرفتها بدقة على طريقتهم؟ الآن هنا الخرائط، وهنا المقاييس، وهنا .. ، أمور محددة، بل عندهم الآن لو جعل الوحدة الطرفية لما يراد الوصول إليه في موضع الوحدة الثانية لا بد من الوقوف على تلك الوحدة، نعم، لا بد من الوقوف عليها بدقة، وهذا يستعملونه بدقة في الحروب.
"يحدث عن أبي هريرة أنه أقبل من البحرين حتى إذا كان بالربذة وجد ركباً من أهل العراق محرمين" الربذة قرية كانت إلى وقت قريب وأهل العناية بالبلدان يجزمون بأنها الحناكية، ثم خرج لجان من أهل التحري والتتبع، ودراسة أوضاع القرية فوجدوا أن في الربذة ما لا يوجد في الحناكية، ثم أداهم اجتهادهم إلى أنها بعيدة جداً عن الحناكية، بالربذة هذه التي نفي إليها أبو ذر -رضي الله تعالى عنه-، ومات فيها "وجد ركباً من أهل العراق محرمين" يعني أحرموا قبل الميقات "محرمين فسألوه عن لحم صيد" سألوا أبا هريرة هؤلاء المحرمون، سألوه عن لحم صيد "وجدوه عند أهل الربذة" الحمام صيد، جاء هؤلاء وهم محرمون، ودخلوا على بندة وإلا غيرة بندة، ووجدوا حمام يأكلون وإلا ما يأكلون؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صيد، صيد، صيد يا أخي دعنا من الدجاج، ذا حمام صيد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما صيد لهم.
"فسألوه عن لحم صيد وجدوه عند أهل الربذة فأمرهم بأكله" لماذا؟ لأنمم لم يصيدوه، ولم يصد من أجلهم، قال أبو هريرة .... طيب، لم يصيدوه ولم يصد من أجلهم، في حمام يباع مثلاً بالمشاعر هذا الحمام معد لمن؟ في أحد غير الحجاج، هل نقول: إن هذا الحمام صيد من أجل الحجاج فلا يأكلونه؟
طالب:. . . . . . . . .

(76/14)


لا، لا الذين يخدمون إنهم لا عبرة بهم، نفر يسير، نعم لكن شخص معه حمام مورد مستورد نعم، جاء به للمشاعر هو قصد بيعه على الحجاج، فهل قصد صيده من أجل الحجاج؟ لا، هو مجمد، يعني يباع بالمشاعر، أو يباع بالرياض أو بمصر أو بغيرها من البلدان لا فرق، فلم يصد من أجلهم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، حكمه. . . . . . . . . صيد صيد كله، صيد، لكن الذي يصيد نقول: فرصة الموسم يبي يصرف كل ما نصيده، نعم فيكون صاده من أجل الحجاج أو يكون صاده من أجل حاج بعينه؟ وهذا الشخص الذي يأكل ما صيد من أجله بعينه، يعني افترضنا أنه وقت صيد، وخرج مجموعة، جمع غفير من الناس يصيدون من أجل هذا الموسم، يتكسبون من جهة، وينفعون إخوانهم بتوفير اللحم لهم، هل نقول: إن قصد الحجاج بهذا وقصد هذا الموسم أنه صيد من أجلهم؟ أو صاده من أجل نفسه ليتكسب به ثم يبيعه من حاج أو غير حاج؟ أنا أقول: مثل هذه النية تؤثر في الحكم أو لا تؤثر؟ نعم، أنا أقول: هذا يقول: أنا صائده للحجاج، أنا أبيعه للحجاج، هل هذا معناه أنه صاده لهم؟ نعم؟
طالب: لا، هو ليس لهم، يسترزق.
صاده لنفسه، وإن أكله الحجاج، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صاده لنفسه، لمصلحته هو.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هل صاده لهم في الأصل من أجل الحجاج ليعينهم به أو صاده لشخص بعينه؟ أنت افترض شخص صاد حمار وحش، وهو شخص واحد وهو يكفي مائة أو عشرة قل على الأقل، ولا وجد إلا حجاج، نعم أو يغلب على ظنه أنه لن يوجد إلا حجاج، فقال: أنا أصيد هذا، وآكل منه، وأتصدق بباقيه، أو أهدي باقيه، لكن هل يشترط تعيين المصيد من أجله؟ أو يكفي النية المطلقة أنه لا يصاد لحاج، ولو لم يعين، نعم؟
طالب: مؤثر؟
إيه مؤثر؛ لأنه ما صاده من أجله، صاد من أجل الدراهم، طيب هذا بغير عوض، أنا أقول: هذا حمار وحش آكل رجل منه أو يد والباقي أتصدق به على الحجاج أو أهديه إليهم، حتى من أصل النية، هل يقصد التعيين أنه صاده لزيد من الناس؟ إذا صاده من أجل شخص معين، هذا لا إشكال فيه أنه لا يجوز، لكن لو صاده وقال: أنا أتصدق به على الحجاج وهم محرمون، هل نقول: إنه صاده من أجلهم؟

(76/15)


طالب:. . . . . . . . .
هو بيا ... ، صاده لنفسه، أو صاده لأناس غير معينين من الحجاج؟
طالب: حديث أبي قتادة هذا حديث أبي قتادة فيه إشارة إلى هذا؛ لأنه الحمار ما آكله لحاله أبو قتادة، يأكلوه .... وقال لهم: كلوا، فيه ميل إلى أنه كان منهم، لكن لم يصده من أجلهم لنفسه وهم، ولذلك أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بأكله، لكن لم يصده بعينه لفلان، فيه إشارة. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: مثل أول حديث. . . . . . . . . يدل على أنهم صاده من أجل أن يضيفهم.
لا ما في ما يدل على هذا، أنت افترض شخص يقول: زمن صيد، وأنا أريد أن أنفع الحجاج، وبر الحج إطعام الطعام، وأصيد لي عشرة من حمار الوحش وأوزعه على الحجاج، أنا ما قدامي إلا حجاج، لكن من غير قصد أناس معينين، صاده لهم، ولا أكل أبداً هو، عنده حوافظ، وكل ما صاد حطه بحافظة.
طالب: من باب الصدقة؟
نعم؟
طالب: من باب الصدقة.
لكنه صاده من أجل الحجاج على نية العموم لا على نية الخصوص.
طالب: هم لا يعلمونه.
لا، لعل في الباب ما يكشف.

(76/16)


يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فسألوه عن لحم صيد وجدوه عند أهل الربذة فأمرهم بأكله" وعرفنا السبب أنهم لم يصيدوه، ولم يصد من أجلهم "قال أبو هريرة: ثم إني شككت فيما أمرتهم به، فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لعمر بن الخطاب" يعني مع هيبة عمر، ومع قوته في الحق إلا أن الأمر وهذه الفتاوى أخذت تساور أبا هريرة لتحريه وورعه واحتياطه لذمته شك فلما قدم المدينة ذكر ذلك لعمر بن الخطاب "فقال عمر: ماذا أمرتهم به؟ فقال أبو هريرة: أمرتهم بأكله" وهذا فيه التفات وإلا فالأصل أن يقول: فقلت: كلوه، "فقال: أمرتهم بأكله، فقال عمر بن الخطاب: "لو أمرتهم بغير ذلك لفعلت بك" يتواعده" في الرواية التالية: لأوجعتك، الرواية التي ... : "لو أفتيتهم بمنع أكله لأوجعتك" في الحديث الذي يليه يقول: "وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه سمع أبا هريرة يحدث عبد الله بن عمر أنه مر به قوم محرمون بالربذة فاستفتوه في لحم صيد وجدوا ناساً أحلة -جمع حلال، وهم من أهل الربذة- يأكلونه فأفتاهم بأكله، قال: ثم قدمت المدينة على عمر بن الخطاب فسألته عن ذلك" يعني شكي في فتواي، كما يدل على ذلك الرواية السابقة "فقال: بمَ أفتيتهم؟ فقلت: أفتيتهم بأكله" والعلة ما ذكرنا "قال: فقال عمر: لو أفتيتهم بغير ذلك لأوجعتك" يعني بالضرب أو بالتقريع، وفي هذا ما يدل على أن ولي الأمر عليه أن يهتم بهذا أشد الاهتمام، ولو أدى ذلك إلى الضرب، لأن هذا الأمر حفظ الأديان من أولى ما يعنى به ولي الأمر، وإلا لضاعت أديان الناس، لو ترك الناس يفتون بغير علم فيضلون ويضلون هذه مشكلة توقع الناس في ضلال مبين، فعلى ولي الأمر أن يتدخل في مثل هذه الأمور التي تؤدي إلى ضياع الدين بضياع الفتوى، هذا عمر يقول: "لو أفتيتهم بغير ذلك لأوجعتك" فهؤلاء الذين يتساهلون في الفتوى، أو يفتون بغير علم، أو تكثر عندهم الشواذ، مثل هؤلاء يمنعون، وهذه من وظائف ولي الأمر.

(76/17)


المقصود أن عمر -رضي الله تعالى عنه- عرف بهذا، القوة في الحق، ومثل هذا يورد لبيان فقه أبي هريرة من وجوه، أولاً: إصابته الحق، الأمر الثاني: خوفه من الله -جل وعلا- أن يكون لم يصب، فأراد أن يتثبت مع ما في المسألة من هيبة عمر، ما منعته هيبة عمر من أن يتثبت، وهذا هو العلم، ليس العلم بالجرأة إنما العلم بالورع.
وليس في فتواه مفتٍ متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع
لا بد من هذا، عمر -رضي الله عنه- أراد أن يختبر أبا هريرة فقال له: يا أبا هريرة إذا طُلقت المرأة طلقة واحدة أو اثنتين ثم تزوجت بآخر ثم رجعت إلى الأول تعود بطلقاتها أو تستأنف؟ معروف أنها إذا كانت بائن، طلقت ثلاثاً ثم تزوجت، ثم تزوجها الأول ثانية، تعود صفر، تستأنف من جديد، تبدأ بالعد من جديد، لكن لو طلقت طلقتين هل نقول: إنها تبدأ من جديد كالبائنة أو نقول: إنها ترجع بطلقاتها ويبقى له واحدة؟ نعم؟ ترجع بطلقاتها، يبقى له واحدة فقط، وقال له عمر نفس الكلام هذا، لو قلت غير هذا لأوجعتك، وهذا اختبار من عمر -رضي الله تعالى عنه- لمن يتصدى للإفتاء مثل أبي هريرة، وهذا استدل به شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على فقه أبي هريرة، وهذا لدفع قول من يقول: إن أبا هريرة راوية غير فقيه، ويشترطون في قبول رواية الراوي أن يكون فقيهاً، لكن هذا قول مردود، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا قول أبي هريرة وعمر بعد ما إحنا معارضينه -إن شاء الله-، وقال: لو أفتيت بغير هذا لأوجعتك، لكن إحنا ما عندنا حد يوجع الحين.

(76/18)


يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن كعب الأحبار -الحميري التابعي المشهور- أقبل من الشام في ركب حتى إذا كانوا ببعض الطريق وجدوا لحم صيد -صاده حلال- فأفتاهم كعب بأكله قال: فلما قدموا على عمر بن الخطاب بالمدينة ذكروا ذلك له فقال: من أفتاكم بهذا؟ قالوا: كعب قال: فإني قد أمرته عليكم حتى ترجعوا" يعني إمارة جزئية على هؤلاء الركب وإلا فالحاج له أمير، ومكة لها أمير، نعم لأن الإمارات تتجزأ، والصلاحيات تتوزع، نعم فهي إمارة جزئية "فإني قد أمرته عليكم حتى ترجعوا ثم لما كانوا ببعض طريق مكة مرت بهم رجل من جراد -قطيع من جراد- فأفتاهم كعب بأن يأخذوه فيأكلوه فلما قدموا على عمر بن الخطاب ذكروا له ذلك، فقال: ما حملك على أن تفتيهم بهذا؟ " أي بأكل الجراد وهم محرمون، ومعروف أن الجراد يصاد، نعم فتشمله الآية، فهو صيد، ومصيد "ما حملك على أن تفتيهم بهذا؟ " يعني بأكل الجراد وهم محرمون؟ "قال: هو من صيد البحر" والله -جل وعلا- يقول: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] "قال: هو من صيد البحر، قال: وما يدريك؟ " ما الذي يعلمك؟ رأيته يخرج من البحر؟ نعم؟ "قال: يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده إن هي -يعني (إن) هذه نافية بدليل وجود الاستثناء بعدها- إن هي إلا نثرة حوت -عطسة، عطس الحوت فخرج الجراد- إن هي إلا نثرة حوت ينثره -يعني يرميه متفرقاً، يعطس ويطلع الجراد ذا- ينثره في كل عام مرتين" وورد به حديث مرفوع عند ابن ماجه عن أنس أن الجراد نثرة حوت من البحر، لكنه حديث ضعيف، والأكثر على أن الجراد بري وليس ببحري، فلا يجوز صيده وفيه الجزاء، ومن قال: بأنه بحري ولا جزاء فيه اعتمد على مثل هذا وهو ثابت، يعني قرره كعب الأحبار بحضور عمر -رضي الله تعالى عنه-، وهذا مما يتلقى عن بني إسرائيل مما لا يصدقون فيه ولا يكذبون، نعم، لكن المشاهدة والواقع بعد التتبع من جهات تعنى به يدل على خلاف هذا، نعم، والمسألة اجتهادية، يعني من اقتنع، بلغه مثل هذا الخبر واقتنع به، وقال: إن كعب ذكره في محضر

(76/19)


عمر -رضي الله تعالى عنه- وسكت، وقال به بعض الصحابة أنه بحري، بناءً على هذا، وثبت عن بعض الصحابة أنه بحري، أما الحديث المرفوع فهو ضعيف لا يصح، فالمسألة اجتهادية، والذي يراه بحري لا جزاء فيه، والذي يقول: هو بري فيه الجزاء، فيتصدق بدرهم أو بقبضة طعام أو ما أشبه ذلك، وأقيامه ترتفع وتنخفض، نعم، أحياناً يكفي قبضة من طعام، وأحياناً تمرة، وأحياناً كذا، والآن سعر الجراد أظن أغلى بكثير، نعم، كان الناس يخرجون لاصطياده ويتقوتون عليه، وسافروا مع النبي وغزوا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- سنين يأكلون الجراد، وواحد من المشايخ يقول: إنهم صادوا جراد ووضعه في كيس، فطلبت المدرسة هندسة، من أين هندسة ذاك الوقت؟ قالوا: بكم الهندسة؟ بخمسة ريالات، وبعث الجرد لبلد آخر وبيع بخمسة واشتروا هندسة، واحد من المشايخ المشاهير، المقصود أن المسألة قابلة للاجتهاد، والذي يغلب على الظن أنه بري، ويشهد الواقع بهذا.
"وسئل مالك عما يوجد من لحوم الصيد على الطريق" والرسول -عليه الصلاة والسلام- أكل الجراد، وأكل بحضرته فهو حلال، إلا ما يذكر عن جراد الأندلس، وأنه في سم، يعني سام هذا الجراد، فيمنع للضر لا لأن الجراد ممنوع "وسئل مالك عما يوجد من لحوم الصيد على الطريق هل يبتاعه المحرم؟ " يعني يشتريه المحرم؟ "فقال: أما ما كان من ذلك يعترض به الحاج -يقصد به الحاج- ومن أجلهم صيد فإني أكرهه" هذا يدل على أن النية العامة كافية، نعم، إذا قال: موسم الحج بيصيد من أجل الحاج ليبيع عليهم فتنفق سلعته في هذا الموسم نية عامة لا يقصد به حاجاً بعينه، ولا يقصد به الإهداء إلى الحاج إرفاقاً بهم، إنما يقصد بيعه على الحجاج، نعم، إنما يقصد به البيع على الحجاج، يعني فرق بين أن يجعله في محل يرتاده الحجاج وغيرهم على محل سواء، هذا مثل الربذة ما في إشكال نعم، لكن إذا قصد موضع ما فيه إلا حجاج، ويجزم بأنه لن يشتريه إلا حجاج، فهو يقصد الحجاج بهذا، هذا الذي يقصده مالك.

(76/20)


يقول: "فقال: أما ما كان من ذلك يعترض به الحاج -يعني يقصد به الحاج- ومن أجلهم صيد فإني أكرهه" والمراد بذلك كراهة تحريم "وأنهى عنه" تحريماً، وكأنه أتى به إشارة إلى أن مراده بالكراهة كراهة التحريم، "فأما أن يكون عند رجل لم يرد به المحرمين -بحج أو عمرة- فوجده محرم فابتاعه فلا بأس به" أي يجوز له شراءه كما في فتوى أبي هريرة -رضي الله عنه-.
"قال مالك فيمن أحرم وعنده صيد قد صاده أو ابتاعه فليس عليه أن يرسله" من أحرم وعنده صيد قد صاده قبل أن يحرم، أو ابتاعه اشتراه قبل أن يحرم واستصحبه معه "فليس عليه أن يرسله -يطلقه- ولا بأس أن يجعله عند أهله" أي يبقيه عندهم، لكن لو صاد صيد قبل أن يحرم ثم أحرم وهو بيده حي، له أن يذبحه؟ ليس له أن يذبحه بعد أن نوى الدخول في النسك.
هل له أن يبعثه إلى أهله في بلده وهو حي؟ ليس له ذلك بل يجب عليه أن يرسله، يطلقه إذا كان حي؛ لأن الصيد ما بعد تم، يعني مجرد الإمساك ليس بصيد.
يقول: "ولا بأس أن يجعله عند أهله" أي: يبقيه عندهم، وليس المراد أنه يبعث به بعد إحرامه ومعه إلى أهله، يعني لو افترض أن عنده تجارته بالحمام مثلاً للبيع للأكل، نعم في بلده ثم أحرم هل يقال: اتصل على أهلك يفتحون الباب .. ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ليس. . . . . . . . .؛ لأنه ما صاده محرم، ولا صادها في حرم، وليس عليه أن يرسلها، يطلقها.
"قال مالك في صيد الحيتان" وغيرها من صيد البحر "في البحر والأنهار" يعني سواءً كانت المياه المالحة أو العذبة "والبرك وما أشبه ذلك" كالغدير "أنه حلال" {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [(96) سورة المائدة] فصيد البحر حلال "فللمحرم أن يصطاده" بنص القرآن، لكن هل هناك من الصيد صيد يعيش في البر والبحر؟ يصير برمائي؟ نعم؟ فيه طيور يمكن أن تعيش في الماء؟ نعم؟ مائية؟
طالب:. . . . . . . . .
برمائية، إذاً إذا وجد من هذا النوع برمائي مما يصاد وبالإمكان أن يعيش في البر، وأحياناً يعيش في البحر في مثل هذا يغلبون جانب الحظر فلا يصاد.
نأخذ الباب.
طالب: نأتي به سريعاً.
سم.
أحسن الله إليك.

(76/21)


باب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن الصعب بن جثامة -رضي الله عنه- ...
تشديد جثَّامة.
أحسن الله إليك.
عن الصعب بن جثَّامة الليثي -رضي الله عنه- أنه أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما في وجهي، قال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن عامر بن ربيعة قال: "رأيت عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، ثم أتي بلحم صيد فقال لأصحابه: كلوا، فقالوا: أو لا تأكل أنت؟ فقال: إني لست كهيئتكم إنما صيد من أجلي".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت له: "يا ابن أختي إنما هي عشر ليال فإن تخلج في نفسك شيء فدعه" تعني أكل لحم الصيد.
قال مالك -رحمه الله- في الرجل المحرم يصاد من أجله صيد فيصنع له ذلك الصيد فيأكل منه وهو يعلم أنه من أجله صيد فإن عليه جزاء ذلك الصيد كله.
وسئل مالك عن الرجل يضطر إلى أكل الميتة وهو محرم أيصيد الصيد فيأكله أم يأكل الميتة؟ فقال: بل يأكل الميتة، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- لم يرخص للمحرم في أكل الصيد، ولا في أخذه في حال من الأحوال، وقد أرخص في الميتة على حال الضرورة".
قال مالك: وأما ما قتل المحرم أو ذبح من الصيد فلا يحل أكله لحلال ولا لمحرم؛ لأنه ليس بذكي كان خطأ أو عمداً فأكله لا يحل، وقد سمعت ذلك من غير واحد، والذي يقتل الصيد ثم يأكله إنما عليه كفارة واحدة مثل من قتله ولم يأكل منه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد" في الباب السابق ما يحل، وهو ما لم يصده أو يصد من أجله، والباب الثاني: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد وهو ما صاده بنفسه أو صيد من أجله.

(76/22)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب -الإمام الجليل محمد بن مسلم الزهري- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود -الهذلي أحد الفقهاء السبعة من التابعين- عن عبد الله بن عباس -حبر الأمة وترجمان القرآن- عن الصعب بن جثامة -بن ربيعة الليثي- أنه أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً" هذه الرواية تدل على أنه كامل، حمار كامل، وحشي، في بعض الروايات: لحم حمار، وهذا لا يدل على كماله، وهي في مسلم، وفي رواية: رجل حمار، وفي رواية: عجز حمار وحشي، ويطلق الكل ويراد به البعض والعكس، فلا اختلاف بين هذه الروايات "وهو بالأبواء" يقولون: جبل بينه وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً "أو بودان" موضع قرب الجحفة، فهما موضعان متقاربان "فرده عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فتأثر؛ لأن رد الهدية لا شك أن فيه كسر لقلب المهدي، ولذا لما رد النبي -عليه الصلاة والسلام- الخميصة على أبي جهم، قال: ((أتوني بأنبجانية أبي جهم)) أو أبي جهيم، نعم، لكي يعرف أنه إنما رده لأمر، لا لأنه رده لذات المهدي بدليل أنه طلب منه غيرها لما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا التأثر في وجهه قال تطييباً لقلبه: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) يعني محرمون، ولأجل أننا محرمون رددناه عليك، وهذا محمول على أن الصعب صاده من أجله -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك رده لكي يتم الجمع والتوفيق بين هذا وبين حديث أبي قتادة.
((إنا لم نردَه عليك)) ضبط نرده؟ المحدثون يضبطونه هكذا (لم نردَه) الدال مفتوحة، حرف مضعف، والأصل في (لم) أنها عاملة تجزم الفعل المضارع والمضعف لا يبين عليه مشدد، فالمحدثون ينطقونه هكذا لم نردَه، والنووي ينقل عن أهل اللغة قاطبة وهم يخطئون أهل الحديث في مثل هذا الموضع (لم نردُه عليك) لكن لو كان مضافاً إلى ضمير المؤنث فتح لم نردَها للمناسبة، المحدثون يقولون: (لم نردَه) وأهل اللغة يقولون: (لم نردُه) ما الذي يترتب على قول أهل اللغة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(76/23)


نعم إهمال العامل، الآن إذا الفعل أولاً لا يدخله الجر، لكن إذا ترتب على إهمال العامل سواءً كان اللفظي أو المعنوي إذا ترتب عليه ما يلغيه عن العمل يحرك، ويحرك بحركة لا تلتبس بتأثير العوامل الأخرى، وإذا كان .. ، إذا الفعل في موضع جزم ووليه ساكن يكسر {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] نعم لالتقاء الساكنين، يُرفع لالتقاء الساكنين، لو حرك بالضم بالرفع مثلاً لالتغى عمل العامل، صح وإلا لا؟ لو قيل: يرفعُ الله، التغى عمل العامل، والعامل لا يمكن إلغاؤه، فيحرك بحركة إذا لم تمكن حركته المناسبة له يحرك بحركة لا تؤدي إلى إلغائه، ولذلك حركوا المضارع المجزوم عند التقاء الساكنين بالكسرة، والأصل أن الكسر لا يدخل الأفعال، فإذا قرأ القارئ الفعل المضارع مكسور، وهو يعرف أن الفعل لا يدخله الكسر تبين أن هناك عامل أثر في هذا الفعل؛ لأنه لا يتعذر النطق فيه على إلغاء العامل، لا يتعذر، الرفع ما يتعذر، لكن إعمال العامل متعذر فيحرك بحركة تدل على أن الفعل انتقل من حركته الأصلية قبل دخول العامل إلى حركة فرعية، وحيث تعذر إعمال العامل بحركة مناسبة له يحرك بحركة تدل على أنه انتقل عن وضعه الأصلي مثل تحريك الفعل المضارع المجزوم بالكسر عند التقاء الساكنين.
ونأتي هنا إلى (نردُه) لو قلنا: (إنا لم نردُه) ترتب على ذلك إلغاء عمل العامل (لم)، وإذا قلنا: (لم نردَه) ولم يتقدمه ضمير نصب عرفنا أن العامل أثر فيه، لكن لما لم نتمكن من الحركة الأصلية حركناه بحركة تدل على أنه فعل منتقل، من فعل مجرد عن العوامل إلى فعل أثر فيه العامل، أيضاً المضارع لو أتينا بفعل الأمر منه والأمر يجزم .. ، أقول: يبنى، الأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه، فكيف نصوغ الأمر من (نردُه)؟ ردَه، هل يستطيع أن يقول: ردُه؟ نعم؟ بالضم؟ ما يمكن، إذاً هذا مثله، ونسبة النووي هذا إلى أهل اللغة لعل المراد به بعضهم.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيها ربيعة؟
طالب:. . . . . . . . .

(76/24)


المسألة معروفة عند أهل اللغة، (لم) حرف نفي وجزم وقلب، الجزم هنا متعذر لأن التضعيف أخفى الحرف الذي عليه الجزم، فشدد، نعم، فيحرك بالضم إذا حركناه بالضم على ما ادعاه النووي من أنه قول أهل اللغة إذا حركناه بالضم أدى ذلك إلى إلغاء العامل، ورده إلى الأصل، والعامل عامل، نعم، فيحرك بحركة تدل على أن الفعل منتقل عن وضعه الأصلي قبل دخول العوامل إلى ما أثر فيه العامل، لكن لما تعذر عمل العامل بالحركة المناسبة انتقل إلى غيرها كما في جر الفعل المجزوم عند التقاء الساكنين.
أما لغة ربيعة التي تذكر فهم لا ينونون "سمعت أنسَ بن مالك" هذه اللغة الربعية عندهم "سمعت أنسَ بن مالك" والأصل أن تقول: "سمعت أنساً بن مالك" فلا تأتي هنا، طيب عندنا {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [(233) سورة البقرة] لا تضارَّ نعم {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ} [(233) سورة البقرة] {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} [(282) سورة البقرة] كلها حركت بإيش؟ بالفتح، أصلها: تضارِر، أو تضارَر، فالفعل مشترك بين المسند إلى الفاعل والمسند إلى المفعول، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(76/25)


الموطأ - كتاب الحج (14)
تابع: شرح: باب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد، وباب: أمر الصيد في الحرم، وباب: الحكم في الصيد.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد.
عرفنا سابقاً أن الصيد يطلق ويراد به المصيد، ويطلق ويراد به الاصطياد، فيحرم الاصطياد من المحرم، وفي الحرم، ويحرم أيضاً أكل الصيد المصيد، وهنا في الترجمة يتعين المصيد؛ لأن الأكل إنما يكون للمصيد،
ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى-، وهذا سبق الكلام فيه حديث الصعب بن جثامة أنه أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً، على ما جاء في الروايات هل هو كامل كما توحي به الرواية المذكورة أو عجز حمار، أو رجل حمار، أو من لحم حمار؟ وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجبر خاطره لما رأى ما في وجهه من التغير تطييباً لقلبه قال له: ((إنا لم نرده إليك إلا أنا حرم)) يعني متلبسون بالإحرام، وهذا محمول على أنه صيد لأجله بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أكل من الصيد الذي صاده أبو قتادة، نعم فيجمع بينهما بأن هذا صيد من أجله، وذاك إنما صاده لنفسه فأهدى منه للنبي -عليه الصلاة والسلام-.

(77/1)


يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الرحمن بن عامر بن ربيعة قال: "رأيت عثمان بن عفان بالعرج -وهو منزل بطريق مكة- وهو محرم" (وهو محرم) هذه جملة حالية "في يوم صائف" صائف: يعني حره شديد "قد غطى وجهه بقطيفة" القطيفة: كساء له خمل "بقطيفة أرجوان" أرجوان: صوف أحمر، قد غطى وجهه وهو محرم، قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، الآن هو في يوم صائف هل احتاج إلى أن يغطي وجهه؟ نعم، يحتاج أن يغطي وجهه في الجو البارد، لكنه في يوم صائف، وبعض الناس لا ينام إلا إذا غطى وجهه على أي حال كان، سواءً كان في حر أو في برد، ويحتمل أن يكون تغطية الوجه هذه من أجل النواميس من ذبان وغيرها، المقصود أنه محرم وغطى وجهه، والوجه بالنسبة للمحرم هل هو مما يجب كشفه كالرأس أو يجوز تغطيته كسائر البدن؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، والحكم فيها لحديث المحرم الذي وقصته ناقته، وفيه: ((ولا تخمروا رأسه)) في الرواية المتفق عليها، وعند مسلم: ((ولا وجهه)) هذه الرواية تدل على أن وجه المحرم لا بد من كشفه، وعلى هذا لو غطى وجهه لزمته فدية كما لزمت من غطى رأسه ولو كانت لحاجة، فدية أذى، كما هو معلوم، كما لو غطى رأسه، وبعض أهل العلم يحكم على هذه الزيادة بأنها غير محفوظة، زيادة مسلم، لكن ما دام ثبتت في كتاب التزمت صحته وتلقي بالقبول لا مانع من القول بقبولها، وأنها زيادة ثقة، فلا يجوز تغطية المحرم وجهه كرأسه، ويكون هذا رأي لعثمان -رضي الله تعالى عنه-؛ لأنه يرى حل تغطية الوجه للمحرم بهذا الدليل.

(77/2)


"ثم أتي بلحم صيد" الآن هذه .. ، رأيت عثمان بن عفان بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، كل هذه الملابسات للقضية تدل على أن الراوي ضبط القضية وأتقنها، ذكر المكان بالعرج ليبين أن الراوي ضبط ما حصل له في هذا المكان بدليل أنه ذكر المكان الذي حصل فيه هذا الخبر، وهذا التصرف في يوم صائف، قد غطى وجهه بقطيفة، هذه وإن كان فيها أو يؤخذ منها أحكام إلا أن المقصود "ثم أتي بلحم صيد فقال لأصحابه: كلوا، فقالوا: أو لا تأكل أنت؟ فقال: إني لست كهيئتكم -يعني لست مثلكم، لست كصفتكم هذا الصيد- إنما صيد من أجلي" وأنا محرم، فدل على أن المحرم لا يؤكل ما صيد لأكله، بخلاف ما صيد لا لأجله فإنه يأكل.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت له" عن هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين خالته؛ لأن عائشة خالة عروة خالة عبد الله بن الزبير، أخت أسماء أمهما "أنها قالت له: يا ابن أختي -أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين- إنما هي عشر ليال" يعني تحمل، واصبر عما ألفته نفسك هي عشر ليال، لكن من يطيق الصبر عما ألفته نفسه في هذه الليالي العشر وفي غيرها إذا كان قد أطلق لنفسه العنان؟ كل على قدره سواءً كان ممن استرسل في المحرمات، لا يطيق الصبر عنها ولا في عشر ليال، ولا في الأربع الليالي، إذا كان قد أطلق لنفسه العنان في المكروهات، في الشبهات، في المباحات، كل على قدره، فالنفس تحتاج إلى فطام في الرخاء.
النفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

(77/3)


فالنفس تحتاج إلى فطام، وهي تقول له: إنما هي عشر ليالٍ كيف عشر ليال؟ اصبر عشر ليال ولا أربع ولا أقل ولا أكثر، بعض الناس ما يطيق ساعة صبر، وإذا كان في مجلس حشمة وبين أناس يستحيي منهم يعد نفسه في سجن، يتثاقل كثير من الإخوان الذين عودوا أنفسهم على كثرة القيل والقال، يعني لا يطيق مجالسة أهل التحري، والتثبت، ولذلك استثقل الناس أو يستثقلون النقد، يعني لو واحد جالس في مجلس ثم تكلم شخص بكلام ثم انتقد صار عليه أشد من وقع السيوف، لماذا؟ لأن الإنسان إذا عود نفسه على شيء صعب عليه الفطام منه، ويصعب عليه أيضاً مواجهته بما يظن أنه يسوؤه ولو كان نصح وتوجيه، ولو كان خالياً به، والسبب في هذا أن النيات مدخولة وإلا المفترض أن الإنسان يفرح إذا انتقد، أن يبين له الخطأ فيكف عنه، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((الدين النصيحة)).
"إنما هي عشر ليال" يعني تقللها "فإن تخلج في نفسك شيء فدعه" نعم إن تحرك في نفسك شيء وقلقت منه فدعه، يعني فشككت فيه فدعه، فاتركه خشية أن يكون إثماً، وفي الحديث: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) اترك ما تشك فيه إلى ما لا تشك فيه، بعض الناس إذا اشترى بضاعة، اشترى بضاعة فقيل له: كم الحساب؟ قال: ألف، قال لصاحب البضاعة: ألف، مجموعة من البضائع لما جمعها صاحب الحساب ألف، وهو يتوقع أنها ألف ومائتين مثلاً، المشتري، نعم لا يراجع صاحب السلعة، ويقول: لعلك تركت شيء بدون حساب، أو غلطت في الحساب، ولا يتأكد مع أن الأصل إذا غلب على ظنه أنه أخطأ في حسابه عليه أن يراجعه، يجب عليه أن يراجعه إذا غلب على ظنه، وإذا كان يعرف أسعار المفردات عليه هو أن يجمع، ويرجع إليه فيقول: نسيت كذا أو تركت كذا، والصحيح أن المجموع كذا؛ لأن اليوم في درهم ودينار تستطيع أن توفي، لكن غداً من أين؟ وبعضهم يقول: لا، ما دام هو قال لي: المطلوب ألف نعطيه ألف، وليس لنا أن ندقق أكثر من هذا، وهو صاحب الشأن، فإذا غلب على الظن وجب عليه، وإذا شك واستوى عنده الأمران فالمسألة ورع، ما يدري كم المجموع؟ المسألة ورع، يعني إن تخلص من هذا المشكوك فيه فهو الأصل.

(77/4)


"فدعه، تعني -عائشة -رضي الله عنها- أكل لحم الصيد" بقولها المذكور، يعني تحرك في نفسك شيء، يعني هل صيد من أجلك أو لا؟ دعه، هل كان صيده في الحل أو في الحرم؟ دعه، هل صاده محرم أو حلال شككت في هذا كله؟ دعه، والحلال -ولله الحمد- غيره كثير، قد يقول قائل: الشك لا يزيل اليقين، المتيقن أنها ذبيحة مسلم، كوننا نشك هل صادها وهو محرم أو غير محرم أو في الحرم أو خارج الحرم؟ هذا مجر دشك، والشك لا يرفع اليقين، نقول: هذا هو موطن الورع، هذا موطن الورع، والقاعدة إنما يلجأ إليها عند الإلزام، وعند التقاضي، لو أراد أحد منعك قلت له: الشك لا يرفع اليقين.
"قال مالك في الرجل المحرم يصاد من أجله صيد فيصنع له ذلك الصيد فيأكل منه وهو يعلم أنه من أجله صيد فإن عليه جزاء ذلك الصيد كله" لا بقدر أكله؛ لأن الجزاء لا يتبعض، وقيل: بقدر أكله، صيد حمار وحشي من أجل زيد من الناس، وطبخ وقدم له فأكل منه ربع العشر، ويعرف أنه صيد من أجله، يقول مالك: فيأكل منه وهو يعلم أنه صيد من أجله فإن عليه جزاء ذلك الصيد كله لا بقدر أكله، يعني هل نقول: عليك ربع عشر القيمة أو نقول: عليك القيمة كاملة؟ مثله: صيد حمامة من أجل زيد فطبخت واجتمع عليها أربعة فأكلوها منهم زيد، الثلاثة ما صيدت من أجلهم، لكن لو صيدت من أجل الأربعة كل واحد عليه جزاء؟ كل واحد عليه شاة؟ أو نقول: الأربعة كلهم في شاة لأنها صيدت من أجلهم؟ نعم؟ وماذا على من صادها؟ ويش عليه هو؟ نقول: حمامة واحدة يصير عليها خمس شياة؟ ممكن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أنه لا يتبعض، الجزاء لا يتبعض، كل واحد عليه شاة، واللي صادها؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
محرم أو في الحرم {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [(95) سورة المائدة] عليه شاة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ الصائد ما فيه إشكال، لكن من أكل منها جزءاً يسيراً الربع أو افترض ربع العشر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وأثم، وعليه شيء وإلا ما عليه؟ من؟
طالب:. . . . . . . . .

(77/5)


الأربعة، إحنا افترضنا حمامة صيدت في الحرم، وقدمت لأربعة أشخاص فأكلوا منها، رأي الإمام مالك أن هؤلاء الأربعة كل واحد عليه شاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عليه شاة؛ لأن الجزاء لا يتبعض، والذي صادها أيضاً عليه شاة، أو نقول: هذه فجزاء مثل ما في أمثال، الآن ألزمناه بخمسة أمثال، ألزمنا المجموعة، والأصل مثل، هل نقول: إن الذين أكلوا هؤلاء آثمون ولا شيء عليهم؛ لأنهم ما قتلوا، ويختص الجزاء بمن قتل؟ أو عليهم جزاء؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
شوفوا كلام الإمام مالك صريح: في الرجل المحرم يصاد من أجله صيد فيصنع له ذلك الصيد فيأكل منه وهو يعلم، الجاهل ما عليه شيء، الذي يخفى عليه الأمر لا شيء عليه، وهو يعلم أنه من أجله صيد فإن عليه جزاء ذلك الصيد كله.
قالوا: لأن الجزاء لا يتبعض فعليه الجزاء كامل لا بقدر أكله، هناك من أهل العلم من يقول: عليه بقدر أكله، فإذا كان عليه بقدر أكله، والأربعة أكلوا هذه الحمامة الأربعة عليهم شاة، ومن قتلها من باب أولى عليه شاة، أو نقول: إن الخمسة يشتركون في الجزاء، عندنا أربعة احتمالات أو ثلاثة احتمالات، الأول: أن كل واحد من الخمسة عليه شاة، الثاني: على الجميع شاة، كل واحد عليه الخمس، الثالث: أن الجزاء على من قتل ومن أكل ولو صيد من أجله لا جزاء عليه وإنما يأثم؛ لأنه أكل ما حرم عليه، ومن قتل عليه فديته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
{وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [(95) سورة المائدة] هل قتلوا هم؟ إنما أكلوا ما حرم عليهم {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] حرام، لكن هذا فيه جزاء وإلا ما فيه؟ حرم عليهم نعم حرم لكن هل فيه جزاء؟ من قتله منكم على الذي قتل، ومن أكل ولو صيد من أجله ارتكب محظوراً ولا جزاء عليه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ضمان ما أكل؟ نعم؟

(77/6)


أولاً: هذا الصيد الذي قتله المحرم نعم جزاؤه على القاتل بالدرجة الأولى، لكن هل يستفيد منه أحد من أجل أن يضمنه من أكله، يعني مثل ما قالوا في الأضحية مثلاً، لو أكلها كلها إلا أوقية جاز، فإن أكل الأوقية ضمنها؛ لأن لها مصرف، لكن هل هذا الصيد له مصرف؟ أو المسألة مفترضة في كلام مالك أن هذا صيد، صاده حلال من أجل محرم، مثل قصة الصعب، نعم فالحلال هذا لا جزاء عليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عليهم جزاء؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني على رأي الإمام مالك، على رأي الإمام مالك عليهم الجزاء.
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه، أنا أقول: إن هذا منع من أكله فأكله عليه حرام، وارتكب المحرم كما لو أكل ميتة، أو أكل أي حيوان محرم، نعم لو جاء شخص وأكل لحم حمار بدون تأويل، حمار أهلي، يلزم بشيء؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم بشيء، إنما ارتكب محرم.
طالب:. . . . . . . . .
احتمال إيه.
طالب:. . . . . . . . .
الآن الصيد من حلال خارج الحرم فيه إشكال؟ بالنسبة للصائد ما في إشكال ولا شيء عليه، لكن هذا الحلال الذي صاد هذا الصيد خارج الحرم صاده من أجل محرم، نعم، لا يجوز أن يأكل منه، لكن أكل، يلزم بشيء؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعلم، إيه.
طالب: ألزمه مالك.
يعلم أنه صيد من أجله، وهذا يعلم أنه حمار أهلي أو كلب قدم له فأكل، يعني هذا الصيد نعم لا بد له من جزاء، صار من يتوجه إليه الأمر الأصلي معذور، ينتقل إلى من وراءه، صار المباشر للقتل المباشر ما هو مكلف بهذا الحكم، ينتقل إلى المتسبب؟ هل ينتقل الحكم للمتسبب؟
طالب:. . . . . . . . .

(77/7)


نعم، والتسبب قد يأخذ حكم المباشرة؛ لأن عندنا مباشرة وعندنا تسبب، الأصل أن المؤاخذ المباشر، والمباشرة تقضي على أثر التسبب، هذا صاده من أجله فهو سبب في صيده، نعم، الأصل أن المباشر هو المؤاخذ، لكن المباشر ليس بمكلف في هذا الحكم أصلاً، يعني يجوز له أن يصنعه؛ لأنه حلال وخارج الحرم، هل نقول: ما يضيع الحكم نرجع إلى المتسبب؟ وأحياناً الأصل أن المباشرة تقضي على أثر التسبب، لكن إذا كان المتسبب ما هو بمكلف مثلاً، جاء صبي وقتل صيد في الحرم أو وهو محرم على القول بأن الصبي غير مكلف بهذه الأمور وإن كان فيها إتلاف، وقتله وإن كان عمداً من قبيل الخطأ عند أهل العلم، عمد الصبي والمجنون خطأ، فإذا رتبنا هذا الحكم على العمد كما هو صريح الآية، نعم، قلنا: لا عليه شيء، لا الصبي ولا المجنون، صاده هذا الصبي أو المجنون، المباشر غير مكلف بهذا الحكم، ننتقل إلى المتسبب صاده لأبيه أو لأمه، وهو لا أمر ولا حضر ولا شيء أكل، عرف أنه صيد من أجله فأكل، الآن ما فيه، ما ورد من النصوص ما يجعل المتسبب مباشر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
جاء جعل المتسبب مباشر ((لعن الله من لعن والديه)) هل يلعن والديه مباشرة؟ لا، يتسبب في لعن والديه، فجعله كالمباشر للعن والديه.
طالب:. . . . . . . . .
من هو؟
طالب:. . . . . . . . .
ما صاده إلا من أجله فصار سبب.
طالب: أكل منه، أكل وهو يعرف.
أكل، أكل وهو يعرف، أكل وهو يعلم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: أقول: لو أكل وهو يعرف ....

(77/8)


ما بعد وصلنا إلى هذا الحكم، لنقرر المسألة من أساسها، وننظرها بنظائرها من أجل إيش؟ أن تستقر في الذهن، قد يكون التسبب بالفعل، قد يكون التسبب بالفعل بأن يقول الأب: اقتل لي هذا الصيد، وقد يكون بالقوة القريبة من الفعل لما له عليه من الحق يقتله من أجله، ويعرف أنه قتله في الحرم، أو وهو محرم فيأكل منه هذا قريب من التسبب، والأصل أن الدم لا يضيع، يعني لو افترضنا أن صبياً أو قل شخص مخطئ يبي يقتل صيد فقتل إنسان، يضيع هذا الدم؟ ما يضيع أبداً، ما يمكن يضيع، أنا والله ما قصدته ولا أردته، أنا أردت الصيد .. ، طيب افترض أن هذا الشخص صوب آلته على شجرة فيها صيد فجاء إنسان وهو يمشي مر وهو يمشي فقتله، هذا قتل خطأ، ويش يلزمه؟ أو ما يلزمه شيء؟ الدية والكفارة عليه، طيب هو اللي مر، هو اللي مر من قدام السيارة وأنا ماشي يا أخي، لا، الدم لا يضيع يا أخي، فهل نعتبر هذا منه أو نقول: إن ما عدا العمد لا حكم فيه بصريح الآية؟ وأهل العلم يقررون أن عمد الصبي والمجنون حكمه حكم الخطأ، فلا شيء عليه، وإلا لو قلنا: عليه صار الضمان على وليه في المال، كما يقررون ما عليه من كفارات وإلزامات مالية.
طالب:. . . . . . . . .
صار كأنه صاده؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب وحديث أبي قتادة؟ لأنه ما صيد من أجله، فلا يأخذ حكمه، ويش؟ ما الذي يظهر في هذه المسألة؟ المباشر للقتل في الإحرام أو في الحرم لا شك أنه إذا كان عن عمد لا يختلف في أنه يلزمه جزاؤه، ذكرنا أن المباشر للقتل ليس بمحرم وليس في الحرم، هل ينتقل الحكم إلى من بعده لمن أكل وهو يعلم أو نقول: إن هذه التي قتلت من أجلك وأنت محرم حرمت عليك كسائر المحرمات من الأطعمة؟ ولذلك في الآية يقول: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [(95) سورة المائدة] يعني الله -جل وعلا- يقول: من قتله منكم، وإحنا نقول: من أكله منكم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على هذا وهذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(77/9)


إيه، فلا يجوز له أن يأكل، لكن من أشار، من تسبب، شوف السبب حسي ومعنوي السبب الحسي أشار، السبب الحسي أعان، السبب ناوله، المهم أنه شارك في القتل، يعني لو اشترك مجموعة في قتل آدمي شخص واحد كلهم يقتص منهم، لكن والله ما تسبب أنا أعرف مثلاً أو زيد من الناس يعرف أن بين عمرو وبكر عداوة، فقال: ما دام قتل بكر يسر عمرو ليش ما أقتله؟ فقتله، ويش علاقة بكر؟ نعم، فقتله من أجله هل يلزمه شيء؟ نعم؟ ما يلزمه شيء، ما باشر شيء، مثل اللي أكل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه طيب.
طالب:. . . . . . . . .
هل هذه الأسئلة لجواز الأكل ومنعه؟ ومنع الأكل أو من أجل الإلزام باللازم؟ يشمل هذا وهذا.
هذا يقول: ألا يقال: إن الضمان على المباشر لأنه أتلفه مع علمه أن المحرم ممنوع من أكل الصيد فهو معين له على الإثم فيكون قد فعل ما لا يجوز له، ويكون على المحرم الأكل، الإثم لتعمده الأكل مما هو ممنوع منه؟
لكن هنا يقول: ألا يقال: إن الضمان على المباشر؟ يعني مثل قصة الصعب، نعم، صاده من أجل النبي -عليه الصلاة والسلام-، هل ضمنه النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ ما ضمنه، فلا يمكن أن يقال مثل هذا.
يقول: في الرجل المحرم يصاد من أجله صيد فيصنع له ذلك الصيد فيأكل منه وهو يعلم أنه من أجله صيد فإن عليه جزاء ذلك الصيد كله من أجله صيد؟
جبنا المسألة على افتراض أن الذي صاده محرم أو في الحرم، وعليه بلا إشكال الجزاء إذا كان متعمداً، وهل هناك جزاء آخر على من أكل؟ ما ذكر فيه شيء، ما ورد في النص ما يدل عليه فيبقى أنه أكل شيئاً منع منه وحرم عليه لأنه صيد من أجله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه يأتينا مسألة ثانية، هذا قتل الصيد وأكله، افترض أن زيد من الناس محرم فقتل صيد وأكله، هل نقول: يلزمه جزاء واحد وإلا جزاءين؟
طالب:. . . . . . . . .
على كلام مالك؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
جزاء للصيد وجزاء للأكل.
ألا نقول: إن العمد في الآية خرج مخرج الغالب فلا يختص به الحكم، يتعداه إلى ما سواه من خطأ أو سهو أو غيره حيث أن حكم الجزاء من باب الأحكام الوضعية فهي متعلقة بسبب كدم الآدمي؟

(77/10)


على كل حال الخلاف في قوله: {مُّتَعَمِّدًا} [(95) سورة المائدة] هل له مفهوم أو لا مفهوم له؟
"وسئل مالك -هذا اللي يوضح- وسئل مالك عن الرجل يضطر إلى أكل الميتة وهو محرم أيصيد الصيد فيأكله أم يأكل الميتة؟ فقال: بل يأكل الميتة" وأصل ذلك "أن الله -تبارك وتعالى- لم يرخص للمحرم في أكل الصيد ولا في أخذه في حال من الأحوال" بل أطلق المنع فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ} [(95) سورة المائدة] بل أطلق المنع "وقد أرخص في الميتة في حال الضرورة" {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [(173) سورة البقرة].
"قال مالك: وأما ما قتل المحرم أو ذبح من الصيد فلا يحل أكله لحلال ولا لمحرم؛ لأنه ليس بذكي" لأنه غير مذكى، حكمه حكم الميتة "خطأ كان أو عمداً فأكله لا يحل، وقد سمعت ذلك من غير واحد، والذي يقتل الصيد ثم يأكله إنما عليه كفارة واحدة، مثل من قتله ولم يأكل منه" جزاء واحد، والذي يقتل الصيد ثم يأكله إنما عليه كفارة واحدة، أي جزاء واحد، مثل من قتله ولم يأكل، فلا يتعدد الجزاء، وبهذا قال الجمهور خلافاً لعطاء وطائفة، نعم إن ذبحه المحرم ثم أكله فكفارتان، والجمهور على التداخل، الجمهور على التداخل، إيش معنى الجمهور على التداخل؟ إذا قلنا: بالتداخل فمعناه على أن من أكل عليه جزاء، نعم؛ لأن فيه كفارة، لكنها دخلت في كفارة أخرى، فتدخل إحداهما في الأخرى، مثل من جامع أكثر من مرة في نهار رمضان، تتداخل الكفارات، هل مفهوم كلامهم أن على من أكل إذا لم تدخل كفارته في كفارته الأولى بمعنى أنه تعدد مثل هل كفارة المرأة في جماع نهار رمضان تدخل في كفارة الرجل؟ ما تدخل، لكن لو كرر أو كررت تداخلت، وهنا يقولون خلافاً لعطاء وطائفة: إن ذبحه المحرم ثم أكله كفارتان والجمهور على التداخل.

(77/11)


مفهوم هذا الكلام أن الأكل فيه كفارة، لكنها تدخل في كفارة القتل، خليكم معنا يا الإخوان؛ لأنه فرق بين أن .. ، مسألة التداخل يكون في أمرين مقررين يدخل أحدهما في الآخر، ونحن نريد أن نقول: إن الأكل لا شيء فيه، لا كفارة فيه أصلاً، ولم يرد ما يدل عليها، وإن ثبت التحريم؛ لأنه صيد من أجله، لكن الكفارة الأصل ما في كفارة من أجل إيش؟ أن تدخل في كفارة أخرى، لكن إذا قال الجمهور بالتداخل قلنا: إنهم يقولون: إن الأكل فيه كفارة، لكنها تدخل في كفارة القتل، وإذا تصور إن الجهة انفكت القاتل غير الآكل فلا تداخل، فهل يقول الجمهور أن القاتل عليه جزاء والآكل عليه جزاء؟ مثل ما نظرنا الرجل عليه كفارة والمرأة عليها كفارة، ما أنتم معي إلى الآن.
طالب:. . . . . . . . .
طيب، أنت فهمت كلامي جزاك الله خير.
أنا أقول: إذا قررنا أن المسألة من باب التداخل ألزمنا الآكل، إذا كان غير القاتل؛ لأن التداخل حينما تتجه الكفارتان إلى شخص واحد، مثل من جامع أكثر من مرة، لكن إذا اتجهت الكفارات إلى أكثر من واحد كيف تتداخل؟ فيكون القتل عليه كفارة جزاء، والأكل عليه جزاء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الجماع ورد فيه النص، لكن هل الأكل فيه نص؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
قتل وأكل عليه كفارة واحدة.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، لكن قتل وأهدى، أهدى لمحرم، ولم يصده من أجله، يأكل شريطة أن لا يكون القاتل في حرم أو في إحرام؛ لأنه يكون حكمها حكم الميتة، بل أشد من الميتة عندهم على ما تقرر.

(77/12)


شوف يقول: "سئل مالك عن الرجل يضطر إلى أكل الميتة وهو محرم أيصيد الصيد فيأكله أم يأكل الميتة؟ فقال: بل يأكل الميتة، وأصل ذلك أن الله -تبارك وتعالى- لم يرخص للمحرم في أكل الصيد ولا في أخذه في حال من الأحوال، بل أطلق المنع كما في الآية، وقد أرخص في الميتة إلى حال الضرورة" {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [(173) سورة البقرة] يعني وجدت ذبيحة مشرك ووجدت ميتة أيهما أولى بالأكل؟ ذبيحة المشرك غاية ما يقال فيها: إنها ميتة صح وإلا لا؟ غاية ما يقال فيها: إنها ميتة، فمنع الشيء لذاته يختلف عن منعه لأمر عارض، الآن الميتة ما هي حرمت من أجل الضرر، ذبيحة المشرك وذبيحة المحرم ما فيها ضرر.
طالب: ذبيحة المشرك ....
يا أخي من الضرر الحسي، الآن ما زلنا نتكلم من الضرر، المحرم ممنوع والمشرك ممنوع حكمهم واحد، فتذكية كل واحد منهما في حكم العدم، يعني كأن هذه الذبيحة ما ذكيت ميتة، طيب الميتة منعت من أجل إيش؟ لما فيها من الضرر، الضرر بسبب إيش؟ الدم المحتقن فيها، وقد سفح هذا الدم على يد من منع من الذبح، سواءً كان محرماً أو مشركاً فهل نقول: غاية ما في ذبيحة المحرم أو ذبيحة المشرك أن تكون كالميتة؟ نعم؟ فتكون حينئذٍ أخف من الميتة؟ وإذا قلنا: إن الميتة لها بدل أرخص فيها للضرورة، وما جاء من ذبيحة المشرك وذبيحة المحرم ما في رخصة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما نقول: صايد حلال، إحنا على كلام مالك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
شفت، مالك الرجل يضطر إلى أكل الميتة وهو محرم، أنت حلال مثلاً ووجدت هذه الذبيحة هذا الصيد قتله محرم، تأكل منه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أنت حلال لكن الذي صادها محرم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تذكية من لا تنفع تذكيته كالمشرك ممنوع من التذكية ويش يصير؟ أنت ممنوع منه، الميتة أسهل منها عندهم.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .

(77/13)


والميتة جاء فيها الترخيص، نعم، ألا يمكن أن يقال: إن غاية هذه التذكية وجودها مثل عدمها، غاية هذه التذكية أن وجودها مثل عدمها، هذا من حيث الحكم الشرعي ميتة ليست بذكية، لكن من حيث المعنى الذي من أجله منع من أكل الميتة ألا تكون أخف من هذه الحيثية؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
العلة في تحريم الميتة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، افترض أنت نفذ زادك، أنت الآن، خلونا من الكلام النظري وإحنا تحت المكيفات، الكلام شخص اضطر وأمامه صيد في الحرم، وهو محرم وممنوع، ويحرم عليه أن يصيده، وتذكيته له وجودها مثل عدمها كالميتة، وجدت هذا الصيد ووجدت هذه الميتة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو اللي صاد، وهو اللي أكل، هو الذي صاد وهو الذي أكل ومضطر إلى ذلك وعنده ميتة، ألا يمكن أن يقال: هذه فيها رخصة أرخص في الميتة في حال الضرورة وتلك لها بدل يضمن البدل؟ {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [(95) سورة المائدة] إحنا مقررين أن نمنع مثل هذه الطريقة، لكن مثل هذه إشكالات؛ لأن هذه ترد، يعني شخص انتهى زاده ما معه شيء، ظل الطريق وانتهى كل ما معه من زاد وهو بين أمرين.
طالب:. . . . . . . . .
لكن له بدل.
طالب:. . . . . . . . .
الضرورة.
طالب:. . . . . . . . .
لا والله، الله لا يبلانا يا أخي.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه معك، أنا أعرف، جاري على قاعدة مالك هنا، واضح كلامه ويقول به جمع من أهل العلم، لكن ينتابه أمور، مثل هذا الكلام ينتابه أمور، هذه مرخص فيها في حال الضرورة، وهذه لها بدل، ومع ذلك عن عمد،
{وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} [(95) سورة المائدة] الضرورة ترفع عنه الإثم في حال العمد.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
النصوص القطعية تدل على تحريم مال الغير إلا بطيب نفس منه أنت قدامك شاة لفلان من الناس، وقدامك ميتة هل تقول: أذبح هذه الشاة وأدفع قيمتها وإلا أكل من الميتة؟
طالب:. . . . . . . . .
هي محرم عليك تعتدي عليها.

(77/14)


طالب:. . . . . . . . .
يا أخي هذه حقوق العباد أيضاً تعظيمها جاءت النصوص القطعية بهذا.
طالب:. . . . . . . . .
وبعدين إذا نظرنا إلى حقوق الله أمرها أسهل من حقوق العباد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو بضيف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله يا الإخوان المسألة .. ، الآن افترضها في شخص لا يطيق أكلها لو يموت، لا يطيق أكل الميتة لو مات، لو مات ولو ترتب عليها موته وأثم بتركه أكل الميتة؛ لأنه يجب عليه أن يأكل منها، كيف نخير بين هذا، بين شخص يبي يموت ما هو بآكل الميتة، ويوجد كثير من الناس بهذه النفسية، ما يمكن، يموت ولا يأكل الميتة، نعم، وقدامه ظبي من أبدع ما يكون، وليس بينه وبينه إلا أن يفرغ في رأسه رصاصة.
طالب:. . . . . . . . .
التوبة ملازمة في كل حال حتى اللي بيأكل ميتة بيتوب.
طالب:. . . . . . . . .
بيأكل وهو مرتاح أصلاً مضطر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، خلونا نبسط المسألة؛ لأن مسائل من هذا النوع ينتابها أمور كثيرة، ومسائل عملية ما هي بمسألة مثل مسألة الحج.
طالب:. . . . . . . . .
مسألة كتاب الأطعمة مبني على مثل هذه الأمور.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
والله أنا عندي إنه أخف؛ لأن التحريم عارض وليس بأصلي، الأمر الثاني: أن له بدل والعمد ترفعه الحاجة، مثل من حلق رأسه متعمد للحاجة، مثل من غطى رأسه للحاجة، وغاية ما يقال في قتل الصيد من قبل المحرم أو في الحرم أنها مثل .. ، غاية ما يقال فيها: إنه ذكاها من ليس بأهل للذكاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن المذبوح من بهيمة الأنعام، ما في شيء، ما هو بصيد.
طالب:. . . . . . . . .
ما هو بصيد، ما منع من تذكية بهيمة الأنعام، محرم ويشتي يشتري خروف وإلا تيس يذبحه عادي، هذه من بهيمة الأنعام وما منع منها.
طالب:. . . . . . . . .
أنا ما عندي إشكال إن الميتة أعظم مفسدة.
طالب:. . . . . . . . .

(77/15)


إيه لا، لا نجسة، نجسة إجماعاً نجسة، وضارة أيضاً، والنفوس تعافها، وإذا اتقى الله ما استطاع وارتكب محظور كغيره من المحظورات يتوب ويستغفر وله بدل، والحمد لله، يعني أنا عندي أسهل بكثير يعني، مع كلام أهل العلم، لكن يبقى أن المسألة أقول: الشرع معلل، والمصالح والمفاسد معروفة في الشريعة.
طالب:. . . . . . . . .
أنا أقول: غاية ما يقال في الصيد أنه ميتة، نعم ويبقى أنها ميتة غير ضارة، وتلك ميتة ضارة.
يقول: والله إنك أطلت وأغرقت في هذه الجزئية حتى أننا مللنا وذهب الوقت على حساب مسائل أخرى، ووعدت قبل أيام أنك ستمضي وستحزم فهل يذهب الوقت كله في مسألة واحدة ولا تغضب يا شيخ، ليس لها من واقعنا من شيء إلا ما ندر.
والله يا أخي لو أن هذا اطلع على كتاب الأطعمة أنه يعرف ضرورة مثل هذا الكلام، والله لو قرأ في كتاب الأطعمة من كتب الفقهاء أنه يعرف ضرورة هذا الكلام، وأنه لا يمشي سطر إلا بمثل هذا الكلام، لكن ما في فائدة إذا صار الواحد يبي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله يا الإخوان أنا ودي أنا نمشي، والله لا تظنون أني أقصد أني أعوق، لا والله ودي نفهم المسألة.
طالب:. . . . . . . . .
والله أنا ما يضيرني أن أخلي الشيخ يقرأ عشر دقائق وأعلق بخمس دقائق، أنا سمعت المشايخ يشرحون خمسة أحاديث عشرة أحاديث بخمسة دقائق وتنتهي الكتب، لكن ثم ماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي أنا أربي طالب على حديث واحد أفضل من كتاب، لكن نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا والله بس من باب الإنصاف، يعني على شان نرد عليه فقط، إنصاف، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على خلاف بين أهل العلم، يعني مسألة .. ، تحتاج إلى درس كامل يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، ماذا عن الحمار يوم كان حلال وماذا عنه لما حرم؟ هل كان خبيث وإلا غير خبيث؟ كان في الأصل خبيث ثم صار أو في الأصل طيب ثم صار خبيث؟ أو أن نقول: القدر يدور مع الشرع فيرتفع؟ ولما حرمت الخمرة سلبت المنافع؟ هذا الكلام يحتاج إلى بسط، والله المستعان.
يقول، لحظة، نعم؟

(77/16)


طالب: أقول: لو المسألة اللي ذكرت للتو قرّت من قبلكم الله يحسن عملكم دون تدخل الطلاب. . . . . . . . .
لا، لا، لا، ما يخالف.
طالب: لكن بعض الطلاب. . . . . . . . .
لا، لا يمسكون، يمسكون، يا أخي مثل هذه المسألة مشكلة وعويصة، هذه يحتاج إليها باستمرار ترى، هل يقال: نادرة ولا عمرها حصلت ولا شيء أبد؟ هذا جالس في أيام رخاء، ولا يتصور أنه بيحتاج في يوم من الأيام ولا عنده مشكلة يعني في هذا.
لو يشوف مثلاً بحث أهل العلم فيما إذا احتاج عشرة مثلاً إما أن يموت العشرة كلهم أو يأكلوا واحد منهم؟ هذه مجدية وإلا ما هي مجدية بعد هذه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، أنا أصل أطلب هذا الأمر، أنا أطلب هذا الأمر، لكن المسألة بالمحاورة تحرر كثير من المسائل، والطالب الذي لا يفهم من أول مرة ولا ثاني مرة يفهم فيما بعد.
طالب:. . . . . . . . .
ولا شك أن بعض الطلبة عندهم فهم سريع هذا بيمل، وهذا يقول: مللنا صح مل، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا تكلم تكلم ثلاثاً، وإذا سلم سلم ثلاثاً، ويش معنى هذا؟ من أجل يمل الناس؟ ما هو من أجل أن يمل الناس على شان من أجل أن يفهم المتوسط، أما البليد الذي لا يفهم ولا لعشر مرات هذا لا يلتفت إليه، أيضاً الذكي الذي يفهم لمرة واحدة ما يراعى ويترك البقية بعد، المسألة مسألة توسط في الأمور.
"وأما ما قتل المحرم أو ذبح من الصيد فلا يحل أكله لحلال ولا لمحرم لأنه ليس بذكي بل حكمه حكم الميتة، كان خطأ أو عمداً فأكله لا يحل" لأحد من الناس "وقد سمعت ذلك عن غير واحد من العلماء، والذي يقتل الصيد ثم يأكله إنما عليه كفارة واحدة" أي جزاء واحد، وتكون الثانية داخلة، كفارة الأكل داخلة في كفارة القتل، فالتداخل هنا وارد على قولهم "مثل من قتله ولم يأكل منه" أما عطاء فيقول: عليه كفارة للقتل وكفارة للأكل.
طالب:. . . . . . . . .
في المسألة؟
طالب:. . . . . . . . .
قلت: أنا أستروح وأميل إلى أن الصيد أسهل من الميتة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
الأكل فيه الإثم فقط.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .

(77/17)


وصاده من أجل، من أجل محرم ويعرف أنه صاده؟ رده النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو آثم إن أكل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
آثم، ما شي عليه شيء، الجزاء على القتل، الجزاء على من قتل، أما ....
طالب:. . . . . . . . .
لا، الإشارة غير المفهمة ما هي بـ ... ، لكن الكلام، الإشارة المفهمة حكمها حكم المشاركة.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، بس ما صاده من أجلهم، لكن إن صاده من أجلهم يأثمون، نعم والجزاء على من قتل، نعم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، وارفع قدره في الدنيا والآخرة، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: أمر الصيد في الحرم:
قال مالك -رحمه الله-: "كل شيء صيد في الحرم أو أرسل عليه كلب في الحرم فقتل ذلك الصيد في الحل فإنه لا يحل أكله، وعلى من فعل ذلك جزاء الصيد، فأما الذي يرسل كلبه على الصيد في الحل فيطلبه حتى يصيده في الحرم فإنه لا يؤكل، وليس عليه في ذلك جزاء، إلا أن يكون أرسله عليه وهو قريب من الحرم، فإن أرسله قريباً من الحرم فعليه جزاؤه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: أمر الصيد في الحرم"

(77/18)


"قال مالك: "كل شيء صيد في الحرم -صيد في الحرم من الصيد ولو كان الصائد حلالاً- أو أرسل عليه كلب في الحرم" لأن للتحريم جهتين، الجهة الأولى: الإحرام، والجهة الثانية: الحرم، فصيد الحرم حرام على كل أحد محرماً كان أو حلالاً، وصيد المحرم حرام في الحل والحرم "أو أرسل عليه كلب" أو نحوه كجارح من الجوارح من الطيور وغيرها في الحرم، أو أرسل عليه كلب في الحرم، يعني وهو في الحرم، أرسل عليه الكلب وهو في الحرم فأخرجه الكلب من الحرم، أخرجه من الحرم، ثم صاده في الحل "فقتل ذلك الصيد في الحل فإنه لا يحل أكله لأحد" خلاص؛ لأنه صيد –أثير- من الحرم، نفر من الحرم فلا يحل أكله ولو صيد في الحل؛ لأن الأصل اعتبار إرسال الكلب، كما لو أرسل الكلب في الحل ثم دخل الصيد في الحرم فصاده الكلب في الحرم، العبرة في وقت الإثارة هل هو في الحل أو في الحرم؟ "فإنه لا يحل أكله، وعلى من فعل ذلك جزاء الصيد، فأما الذي يرسل كلبه على الصيد في الحل فيطلبه حتى يصيده في الحرم فإنه لا يؤكل" أيضاً؛ لأنه يصدق عليه أنه صيد في الحرم "وليس عليه في ذلك جزاء" لأنه أرسل كلبه وهو المكلف الذي أنيطت به الأحكام أرسل كلبه والصيد في الحل، ما عليه شيء، لكن كون الكلب تبعه حتى دخل الحرم فصاده لا يجوز أكله؛ لأنه يصدق عليه أنه صيد في الحرم، لكن لا يؤاخذ على ذلك، ليس فيه جزءا، وليس عليه في ذلك جزاء؛ لأن دخول الكلب الحرم ليس من فعله، ولا من مقدوره، الكلب لا يفرق بين حل ولا حرم "إلا أن يكون أرسله عليه وهو قريب من الحرم" بحيث يغلب على الظن أنه يعني هو على الحد هنا، يغلب على الظن أنه إذا تبعه الكلب دخل في الحرم، يكون حكمه حكم الصيد في الحرم، أما إذا كان بعيداً عنه وتبعه حتى دخل في الحرم، الكلب لا تكليف عليه "إلا أن يكون أرسله عليه وهو قريب من الحرم، فإن أرسله قريباً من الحرم فعليه جزاؤه" لأن القرب صير دخوله كأنه من فعله؛ لأن المسألة مسألة غلبة ظن، يعني لو نهي عن تعذيب الحيوان مثلاً بالنار، وأمامك نار، ثم هذا الحيوان الذي تطرده لا مفر له من أن يلج هذه النار لقربه منها، لا شك أنك تأثم، لكن لو كان في مسافة بعيدة بحيث يستطيع أن يكر ويفر يمين وإلا

(77/19)


شمال، نعم فكون القرب يجعل هذا لا خيار له في أن يدخل الحرم، يأخذ حكمه.
"وهو قريب من الحرم، فإن أرسله قريباً من الحرم فعليه جزاؤه" لأن هذا القرب صير دخوله كأنه من فعله، ولا شك أن هذا هو الحمى، هذا يوشك أن يرتع في هذا الحمى لقربه منه، كالذي يرسل دوابه وهي قريبة من الحمى، الدواب تبي تدخل لا سيما إذا رأت ما يغيرها، نعم؟
أحسن الله إليك.

باب: الحكم في الصيد:
قال مالك: قال الله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [(95) سورة المائدة].
قال مالك -رحمه الله-: "فالذي يصيد الصيد وهو حلال ثم يقتله وهو محرم بمنزلة الذي يبتاعه وهو محرم ثم يقتله، وقد نهى الله عن قتله فعليه جزاؤه، والأمر عندنا أن من أصاب الصيد وهو محرم حكم عليه بالجزاء".
قال يحيى: قال مالك: "أحسن ما سمعت في الذي يقتل الصيد فيحكم عليه فيه أن يقوم الصيد الذي أصاب فينظر كم ثمنه من الطعام فيطعم كل مسكين مداً، أو يصوم مكان كل مد يوماً، وينظر كم عدة المساكين، فإن كانوا عشرة صام عشرة أيام، وإن كانوا عشرين مسكيناً صام عشرين يوماً عددهم ما كانوا، وإن كانوا أكثر من ستين مسكيناً".
قال مالك: "سمعت أنه يحكم على من قتل الصيد في الحرم وهو حلال بمثل ما يحكم به على المحرم الذي يقتل الصيد في الحرم وهو محرم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: الحكم في الصيد"

(77/20)


"قال مالك: قال الله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ} والقتل الإزهاق إزهاق الروح بأي وسيلة كانت فهي أعم من الذبح {الصَّيْدَ} [(95) سورة المائدة] والخلاف في المراد بالصيد هل هو مأكول اللحم فقط أو يشمله ويشمل غيره؟ وهذا يتقرر في الباب الذي يليه، في الفواسق التي تقتل في الحل والحرم {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} حال كونكم محرمين بأحد النسكين، يقال: أحرم إذا تلبس بالإحرام، دخل فيه، كما يقال: أنجد وأته، وأظلم دخل نجداً ودخل تهامة ودخل في الظلام، {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} إما قد تلبستم بالإحرام أو دخلتم الحرم، من باب أحرم فلان أي دخل في الحرم، كما أنه أيضاً يندرج على من دخل في الإحرام، فعرفنا أن تحريم الصيد له سببان: الأول: الشروع في النسك والدخول فيه، الثاني: الحرم، فيمنع لهذا وهذا والحكم واحد، ما يقتله المحرم حكمه حكم ما يقتل في الحرم، ما يقتله المحرم خارج الحرم حكمه حكم ما يقتله الحلال داخل الحرم، وإذا اجتمع الأمران اشتد الأمر، محرم وداخل الحرم يضاعف، لكنها جزاء واحد وإلا أكثر؟ جزاء واحد من باب التداخل {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} يعني ذاكراً عالماً بالحرمة {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ} فعليه جزاء مثل {مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} فجزاءٌ مثلُ بالقطع عن الإضافة، جزاءٌ مثلُ، والقراءة الأخرى فجزاءُ مثلِ بالإضافة، والتعمد شرط عند أهل الظاهر، وبعض العلماء وهو منطوق الآية، وعند الجمهور الآية لا مفهوم لها، مفهومها ملغى؛ لأن هذا إتلاف ويستوي فيه العمد وغير العمد من باب ربط الأسباب بالمسببات، فالمكلف إذا أتلف يلزمه ضمانه سواءً كان أتلف آدمياً أو أتلف متاعاً أو أتلف صيداً كل هذا يلزمه جزاءه، المقصود أن الظاهرية أعملوا منطوق الآية، فعلى هذا من أتلف صيداً قتل صيداً عن غير عمد لا يلزمه شيء عندهم، وعند الجمهور يلزمه لأنه من باب الإتلاف {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ} يعني بالجزاء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(77/21)


الآية ظاهرة، يعني إلزام الناس بغير لازم، يعني قل مثل هذا في قص الأظافر وفي حلق الشعر يعني من غير عمد، كثير من أهل العلم يقولون: الإتلاف يستوي فيه العمد والسهو والخطأ، لكن هنا منصوص عليه، والصيد أعظم ما يتلف، يعني الصيد أعظم من الأظافر، وأعظم من الشعر، فإذا اشترطنا العمدية هنا اشترطناها هناك {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} أي من المسلمين، منكم يعني من المسلمين، وهل يكون المتلف أحدهما أو غيره؟ خلاف بين أهل العلم، يعني الذي قتل الصيد واحد من الاثنين أو يطلب اثنين غيره؟ نعم، الأصل أن هذا محكوم عليه فلا يقبل حكمه، وإن قال به بعض العلماء.
{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} أي من المسلمين {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} هدياً: حال، وبالغ: وصف، بالغ الكعبة {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [(95) سورة المائدة] طيب الكفارة هذه هل هي على الترتيب مثل ما قتل من النعم إن لم يجد كفارة إطعام إن لم يجد صام؟ أو نقول: هي على التخيير لأن الأصل في (أو) التخيير؟ ولعل هذا هو الأظهر، وإن قال بعض أهل العلم أنها على الترتيب.
"قال مالك: "فالذي يصيد الصيد وهو حلال" أمسك طائر صيد إمساك، أو صوبه بآلة لم تقتله فأمسكه لما دخل الحرم أو تلبس بالإحرام قتله "فالذي يصيد الصيد وهو حلال ثم يقتله وهو محرم بمنزلة الذي يبتاعه وهو محرم ثم يقتله، وقد نهى الله عن قتله، فعليه جزاؤه" لأن القتل حصل، سواءً كان الاستيلاء عليه بطريق الشراء أو مجرد الإمساك.

(77/22)


"والأمر عندنا أن من أصاب الصيد وهو محرم حكم عليه بالجزاء" المماثلة فجزاء مثل ما قتل، المماثلة هل هي باعتبار الخلقة أو باعتبار القيمة؟ صاد حمامة مثلاً جزاء الحمامة؟ شاة، باعتبار الخلقة وإلا باعتبار القيمة؟ باعتبار الخلقة، وجه الشبه بين الشاة وبين الحمامة؟ العب، عب الماء، يعني هناك وجه شبه دقيق جداً لحظه الصحابة حينما حكموا بهذا، فدل على أن الاعتبار بالخفقة، وقال أبو حنيفة: الاعتبار بالقيمة، صاد حمامة كم تسوى؟ عشرة ريال عشرة ريال ما تزيد، ليش نكلفه بخمسمائة ريال وهي ما تسوى إلا عشرة؟ والله -جل وعلا- يقول: {فَجَزَاء مِّثْلُ} [(95) سورة المائدة] وهذا ليس بمثل، لكن الصحابة اعتبروا الخلقة وعليهم المعول في هذا الباب.

(77/23)


"وقال يحيى: قال مالك -بياناً لكيفية الحكم-: "أحسن ما سمعت في الذي يقتل الصيد فيحكم عليه فيه أن يقوّم الصيد الذي أصاب فينظر كم ثمنه من الطعام" هذا إذا لم يوجد له مثل، نعم، أما ما له مثل لا سيما ما حكم به الصحابة لا يتعدى ما حكم به الصحابة "أن يقوّم الصيد الذي أصاب فينظر كم ثمنه من الطعام" هذا الصيد يقوم مائة ريال، مائة ريال كم يُشترى بها من الطعام؟ نعم عشرة آصع، فيصوم "فيطعم عن كل مسكين مداً" والأصل أن لكل مسكين نصف صاع، فعلى هذا يصوم عشرين يوماً "أو يصوم مكان كل مد يوماً" هذا رأيه -رحمه الله- "أو يصوم مكان كل مد يوماً" إذا اشترى به عشرة آصع بالمائة يصوم على هذا أربعين يوماً؛ لأن الصاع أربعة أمداد "وينظر كم عدة المساكين، فإن كانوا عشرة صام عشرة أيام، وإن كانوا عشرين مسكيناً صام عشرين يوماً عددهم ما كانوا" قلوا أو كثروا، لو قلنا مثلاً: إن هذا الصيد يقدر بألف ريال، نعم، أو صاد نعامة النعامة فيها إيش؟ بدنة، قلنا: كم البدنة؟ كم تسوى؟ ألفين ريال، ألفين ريال كم فيها من صاع؟ نعم، فيها قل مثلاً: مائتي صاع، الصاع بعشرة، وإذا قسمناه على رأي مالك أربعة أمداد يعني ثمانمائة يوم يصوم، نعم، وإذا قلنا: إن الإطعام نصف صاع قلنا: أربعمائة يوم، يصوم عن كل مسكين يوم، نعم "ما كانوا -قلوا أو كثروا- وإن كانوا أكثر من ستين مسكيناً" لقوله تعالى: {أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [(95) سورة المائدة] لماذا حدد الستين؟ لئلا يقول قائل: الرجل إذا قتل مسلم كم يصوم؟ نعم؟ شهرين متتابعين، وقتل نعامة يصوم ثمانمائة يوم؟! نعم؟! لئلا يقول قائل مثل هذا الكلام، ولذلك قال: "وإن كانوا أكثر من ستين مسكيناً".
"قال مالك: "سمعت أنه يحكم على من قتل الصيد في الحرم وهو حلال بمثل ما يحكم به على المحرم الذي يقتل الصيد في الحرم وهو محرم" وعرفنا أن المسألة متعلقة بأمرين، الإيجاب متعلق بأمرين: الإحرام والحرم، والآية متناولة للأمرين، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(77/24)


الموطأ - كتاب الحج (15)
شرح: باب: ما يقتل المحرم من الدواب، وباب: ما يجوز للمحرم أن يفعله.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واحفظه بحفظك يا ذا الجلال والإكرام، واغفر للسامعين يا رب العالمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما يقتل المحرم من الدواب:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب والحَدأة ...
الحِدأة، الحِدأة.
أحسن الله إليك.
((والحِدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خمس من الدواب من قتلهن وهو محرم فلا جناح عليه: العقرب والفأرة والغراب والحدأة والكلب العقور)).
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة والعقرب والغراب والحدأة والكلب العقور)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أمر بقتل الحيات في الحرم.
قال مالك -رحمه الله- في الكلب العقور الذي أمر بقتله في الحرم: "إن كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم مثل الأسد والنِمْر ...
النَمِر.
أحسن الله إليك.
النَمِر
أحسن الله إليك.
وأخافهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب فهو الكلب العقور، وأما ما كان من السباع لا يعدو مثل الضبع والثعلب والهر وما أشبههن من السباع فلا يقتلهن المحرم، فإن قتله فداه، وأما ما ضر من الطير فإن المحرم لا يقتله إلا ما سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- الغراب والحدأة، وإن قتل المحرم شيئاً من الطير سواهما فداه".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(78/1)


لما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما تقدم ما لا يجوز قتله من الصيد أردف ذلك بما يجوز قتله في الحرم والإحرام، فقال: "باب: ما يقتل المحرم من الدواب" مما لا يجب عليه فيه الجزاء؛ لأن النص جاء بالإذن في قتلها في الحل والحرم، والدواب جمع دابة اسم لكل حيوان يدب على وجه الأرض، خصه العرف بذوات الأربع، والحديث فيه شيء من العموم؛ لأن فيه من غير ذوات الأربع فهو على معناه الأصلي.
أخرج بعضهم من الدواب الطير، قال: لا يقال للطائر دابة، وليس من الدواب الطير، لقول الله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [(38) سورة الأنعام] فعطف الطائر على الدابة يدل على أنه غيرها؛ لأن العطف يقتضي المغايرة، لكن في هذا الحديث الغراب والحدأة وهما من الطيور، ففيه رد على هذا القول، وجاء من النصوص ما يشمل الطيور {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [(6) سورة هود] {وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} [(60) سورة العنكبوت] يدخل في هذا كل ما يدب على وجه الأرض.
قال -رحمه الله تعالى-:

(78/2)


"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خمس من الدواب)) " خمس مبتدأ نكرة وسوغ الابتداء بها الوصف، فمن الدواب جار ومجرور متعلق بوصف محذوف للخمس، والنكرة إذا وصفت أفادت " ((ليس على المحرم)) " هذا خبر المبتدأ، ليس على المحرم بأحد النسكين الحج أو العمرة " ((في قتلهن جناح)) " لا إثم ولا حرج ولا فدية ((الغراب)) وهذا هو الأول، الغراب كذا بالإطلاق، وجاء تقييده بإيش؟ بالأبقع، ورجح الأكثر عدم التقييد، ورجح ابن خزيمة التقييد، واتفقوا على إخراج الغراب الصغير غراب الزرع الذي يأكل الحب، اتفقوا على إخراج الغراب الصغير، الغراب ووصفه بالأبقع هل نقول: إن هذا وصف فيكون من باب الإطلاق والتقييد، ومقتضى القاعدة في مثل هذا التقييد، إذا قلنا: إنه من باب تقييد المطلق؟ أو نقول: إن الأبقع فرد من أفراد العموم الذي هو الغراب المحلى بـ (أل) الجنسية، فإذا كان فرداً من أفراد الغراب قلنا: إن هذا تنصيص على بعض أفراد العام بحكم موافق فلا يقتضي التخصيص.
أولاً: الأكثر على عدم اعتبار الوصف الذي هو الأبقع، فإذا قلنا: إنه وصف وصفناه بأنه أبقع، قلنا: إنه من باب الإطلاق والتقييد، أو نقول: إن الأبقع فرد من أفراد العام، وليس وصفاً من أوصافه، الآن الغراب إذا أطلق يطلق على إيش؟ على جميع الأنواع، يطلق على الأسود الخالص، ويطلق على الأبقع، ويطلق على غراب البين، ويطلق على غراب الزرع، هذه أفراده، وقد يكون له أفراد غير هذه الأفراد، الغراب يشمل جميع هذه الأفراد، فهو لفظ عام، و (أل) الجنسية من صيغ العموم، نعم، فإذا قلنا: الغراب الأبقع هل نقول: إن هذا وصف أو فرد من أفراد الغربان؟ نعم؟
طالب: فرد.
فرد؛ لأن في أبقع وفي غير أبقع، فالغراب يشمل الأنواع كلها بما في ذلك ما ذكرنا من الأبقع وغيره، وهو فرد من أفراده، ولعل هذا هو السبب في عدم اعتبار هذا القيد عند جمهور أهل العلم، وإلا لو قلنا ... هاه؟
طالب:. . . . . . . . .

(78/3)


ما في تخصيص، إذا قلنا: عام وخاص ما في تخصيص، يعني الاهتمام بشأنه والعناية به، لكونه أشر، أشدها، ولذلك لما خص الصغير -غراب الزرع- نعم قلنا: يخص لماذا؟ لأن الحكم موافق وإلا مخالف؟ مخالف، بينما الأبقع موافق، وإذا كان الحكم موافقاً لا يحمل العام على الخاص، وإذا كان الحكم مخالفاً حمل العام على الخاص، ظاهر وإلا مو بظاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نخشى نكرر مرة ثانية، أخونا اللي كتب ذاك اللي يفهم لأول مرة، يمكن يمل، نعم؟
طالب: كيف ترد على. . . . . . . . .
هو ما في شك أن البقعة وصف، لكن الغراب الأبقع فرد.
طالب: من قيده؟
ابن خزيمة قيده، ونص على ذلك في صحيحه، نعم، فأحياناً لا يتحرر الفرق بين التخصيص والتقييد، أحياناً لا يتحرر، ولذلك في ((وجعل تربتها)) نعم اضطراب كبير بين أهل العلم هل هو تخصيص أو تقييد؟ ولذا أحمد والشافعي لا يجوز التيمم بغير التراب لأنه تقييد، وغيرهم يتيمم بكل ما على وجه الأرض باعتبار التراب فرد من أفراد الأرض، فلا يتحرر الفرق بين التقييد والتخصيص ثم بعد ذلك يقع ما يقع، نعم؟
المسألة مسألة وصف وإلا فرد؟ إذا كان الشيء واحد لا يتعدد، نعم ثم ذكر بعض أوصافه يقيد، وإذا كان الوصف الأكبر أو اللفظ الأكبر ذو أفراد، تحته أجناس وأفراد وأنواع يكون من باب العموم والخصوص كما هنا، فالذي يظهر أنه من باب العموم والخصوص وحينئذٍ لا يخص به، وعلى هذا جرى أكثر العلماء نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
نعم صحيح، ويش تقول: أنت؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إذا نص على فرد من أفراد العام بحكم موافق صار للاهتمام بشأن الخاص والعناية به.
((الحِدأة)) طائر معروف تسرق الأمتعة، فهي مؤذية ((والعقرب)) التي تلدغ ....
طالب:. . . . . . . . .
ما .. ، هي تختطف المتاع، تختطف الأمتعة تسرق.
طالب: لو ركزت على ....
عاد هذا يُذكر في مثل حياة الحيوان ولا يدرى عن حقيقته.

(78/4)


العقرب فيها السمية التي تلدغ بها فيتأذى بها الملدوغ، ((والفأرة)) الفويسقة المفسدة ((والكلب العقور)) بمعنى عاقر، وهو كل سبع يعقر ويفترس، جارح على ما سيأتي، خمس: التقييد بالخمس له مفهوم وإلا لا مفهوم له؟
طالب:. . . . . . . . .
لا مفهوم له، لماذا؟ يعني زيد على العدد في نصوص أخرى، يعني لو جاءنا هذا بصيغة الحصر وقيل: لا يقتل في الحرم إلا خمس، ثم جاءت الزيادة في النصوص الأخرى، يكون الحصر له مفهوم وإلا لا مفهوم له؟ يعني ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) ثم جاء في النصوص الأخرى على أن العدد بلغ سبعة، نعم، يزاد عليه، وإلا نقول: خلاص الحصر حقيقي ولا يمكن الزيادة عليها؟ يزاد عليها ما جاء في النصوص الأخرى؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون اطلع على هذا العدد ثم زيد عليه؛ لأنه لا يعلم الغيب، والأحكام الأصل فيها أنها من الله -جل وعلا-، ثم يزاد فيما يزاد من الأحكام مما ينزل عليه -عليه الصلاة والسلام-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والأخبار أيضاً، والأخبار من ذلك {مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ} [(78) سورة غافر] المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم إلا ما أعلم من قبل الله -جل وعلا-، فهو لا يعلم الغيب.

(78/5)


التقييد بالخمس وإن كان مفهومه اختصاص المذكورات بذلك، يقول العلماء: لكنه مفهوم عدد وليس بحجة، يقول ابن حجر: عند الأكثر، مفهوم العدد، وعلى تقدير اعتباره فيحتمل أن يكون قاله -عليه الصلاة والسلام- أولاً، ثم بين بعد ذلك أن غير الخمس تشترك معها في الحكم فقد ورد في بعض طرق حديث عائشة أربع، وفي بعضها ست، هذا ذكره ابن حجر، وقل مثل هذا ما جاء في خصال المنافق في النفاق العملي، إذا جمعنا الروايات وجدناها أكثر من أربع، لكن تقرر مثل هذه المسائل بكل أدب مع النصوص النبوية، لا تكون الجرأة تحمل طالب العلم مثل ما قال بعضهم في شرح حديث: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) قال: في هذا الحصر نظر، تتكلم في كلام من؟ كلام من لا ينطق عن الهوى، والحديث في الصحيح، هذا سوء أدب بلا شك، فإذا أراد الإنسان أن يجمع طرق الحديث ويجمع زيادات بعضها على بعض بكل أدب واحترام؛ لأنه يتعامل مع كلام المعصوم -عليه الصلاة والسلام-.
قالوا: الغراب سمي بذلك لأنه يغترب ويبعد وينأى، والعلة في قتل هذه الدواب جاء التنصيص عليها في الحديث الثالث حديث عائشة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خمس من الدواب)) " كسابقه ((من قتلهن وهو محرم فلا جناح عليه)) يعني من باب أولى إذا كان حلالاً ((العقرب والفأرة والغراب والحدأة والكلب العقور)) وزيد على ذلك الحية والأفعى، وهو داخل في مسمى الحية، والسبع العادي وهو داخل في الكلب العقور، على ما سيأتي في كلام مالك.
زيد في حديث أبي هريرة عند ابن خزيمة الذئب والنمر فصارت تسعاً، وإن أمكن إدخال بعضها في بعض إلا أنها ورد التنصيص عليها.
الحديث الذي يليه يقول:
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خمسٌ فواسق)) أو ((خمسُ فواسق)) يقول النووي: هو بإضافة خمس لا بتنوينه، يكون خمسُ فواسق وإلا على التنوين: خمسٌ فواسقُ، فهو بإضافة خمس لا بتنوينه.

(78/6)


وجوز ابن دقيق العيد الوجهين، وأشار إلى ترجيح الثاني الذي هو التنوين، فإنه قال: رواية الإضافة تشعر بالتخصيص، إذا قلنا: خمسٌ فواسق تكون فواسق وصف، وصف بالتنوين، وإذا قلنا بالإضافة: خمسُ فواسق، نعم نبي نقرر كلام ابن دقيق العيد قبل، الآن إذا قلنا: خمسٌ فواسق وصفنا الخمس بأنهن فواسق، وإذا قلنا: خمسُ فواسق هل مثل هذه الإضافة تقتضي التخصيص؟ أو نقول: إن هذا من باب إضافة الموصوف إلى صفته فيتحد التنوين وعدمه؟ يعني هل كل إضافة تقتضي التخصيص؟ إذا قلنا: قلمُ زيد اختص به، يعني لا قلم عمرو، وإذا قلنا: قفل الباب يختص وإلا ما يختص؟ نعم؟ يختص بالباب؟
طالب: لا يختص.
إذا قلنا: متاع المسجد فرش المسجد، إذا أضيف إلى ما لا يملك؛ لأن هذه الإضافة بمعنى اللام، إذا قلنا: قفل الباب قلنا: القفل للباب، والمتاع للمسجد، والقلم لزيد، فإذا كانت هذه الإضافة لمن يملك أصاب التخصيص أفاد التخصيص، لكن إذا كان لا يملك لا يفيد التخصيص، وإنما هو شبهه، مثلما نقول: اللام هذه التي بمعنى هذه الإضافة اللام أحياناً تأتي للمُلك أو للمِلك كما يقولون أو لشبهه إذا أضيفت لما لا يملك، وهنا سواءً قلنا بالتخصيص بالإضافة خمسُ فواسق، قلنا: إن هذا من باب إضافة الموصوف إلى صفته فلا يقتضي تخصيص، أو قلنا: إنه بالتنوين وقطع الإضافة كما يقول النووي فلا يختلف المعنى.
على كل حال كلام ابن دقيق العيد يقول: رواية الإضافة تشعر بالتخصيص، فتخالف هذه الأمور غيرها، أو الأمور المذكورة غيرها في الحكم من طريق المفهوم، ورواية التنوين تقتضي وصف الخمس بالفسق من جهة المعنى، فيشعر بأن الحكم المرتب على ذلك وهو القتل معلل بما جعل وصفاً وهو الفسق فيدخل فيه كل فاسق من الدواب.

(78/7)


التنصيص على الوصف فواسق، له أثر في الحكم وإلا لا أثر له؟ يعني هل قتل هذه الخمس لأنها فواسق وصف مؤثر وإلا غير مؤثر؟ مؤثر، إذاً العلة في قتل هذه الخمس لأنها فواسق، ويقول النووي: تسمية هذه الفواسق تسمية صحيحة، جارية على وفق اللغة، فإن أصل الفسق في اللغة الخروج، ومنه فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها، وفي قوله -جل وعلا-: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [(50) سورة الكهف] أي: خرج، سمي الرجل فاسقاً لخروجه عن طاعة ربه فهو خروج مخصوص.
وزعم ابن الأعرابي أنه لا يعرف في كلام الجاهلية ولا في شعرهم فاسق، لا يعرف فاسق في كلام الجاهلية ولا في شعرهم.
المادة: مادة الفسق موجودة في معاجم اللغة، ونطق بها الجاهليون، نطقوا بالمادة، وقال ابن الأعرابي وهو من أئمة اللغة: إنه لا يعرف في كلام الجاهلية ولا في شعرهم فاسق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(78/8)


المادة معروفة، نعم يمكن أن تقول العرب احتمال تقول: هذا غراب فاسق، وهذه فأرة فاسقة وفويسقة، كيف يقول ابن الأعرابي وهو يعترف بهذا الكلام؟ نعم يعترف بأن الغراب فاسق، ويعترف بأن الفأرة فاسقة وفويسقة، لكن نستحضر ما ذكرناه عن اللغويين في الذات، نفي ابن الأعرابي الإطلاق الشرعي على من خالف أنه يقال له: فاسق، فنفي ابن الأعرابي أنه قال: لا يعرف في كلام العربية ولا في شعرهم فاسق يعني بالمعنى الشرعي، يعني مثل ما قلنا عن إطلاق الذات على الله -جل وعلا- أنه لا يعرف في لغة العرب، بل هو مولد، وجاء في الحديث الصحيح في ذات الله لكن المراد في الحديث غير مراد من يقول: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، وهنا نقول: هم يعترفون بأنه فاسق، الغراب فاسق، لكن الشخص العاصي يوجد في كلام العرب ما يسمى به فاسق؟ لا، هذا مراد ابن الأعرابي، فننتبه للمراد من كلام المتكلم لا نهجم عليه مثل ما هجمنا على اللغويين في الذات، نعم، هذا وصف شرعي، دعونا مثلاً من الوصف الإسلامي بعد استقرار اللغة، يعني لو بحثنا في كلام العرب قبل الإسلام ما وجدنا أن من خالف أمر الله وأمر نبيه -عليه الصلاة والسلام- فاسق؛ لأنه متقدم على هذا الاصطلاح، لكن هل يمكن أن يقول العربي لمن خالف أمر عيسى أو أمر موسى بأنه فاسق؟ نعم؟ لم يعرف، لم يعرف في لغة العرب هذا الكلام، وإن كانت المادة بمعناها وهو الخروج موجودة في لغة العرب، فهذا مراد ابن الأعرابي، ما يقال ابن الأعرابي مسكين كيف ينفي والمادة موجودة؟ لكن مراده بالإطلاق الشرعي، نعم مراده بالإطلاق الشرعي، وهناك اصطلاحات إسلامية، يعني وجدت بعد الإسلام.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(78/9)


لا بد من حمله على هذا، ابن الأعرابي إمام مطلع في العربية، من الكبار يعني، من الأساطين في هذا الباب، لكن يخفى عليهم هذه المادة، وهو خالط العرب وجالسهم، وتلقاها بنفسه، ما هو من اللي ينقلون، تقول: والله خفي عليه هذا النقل، لا، ولا بد من حمل كلامه على هذا، طيب ثعلب لما قيل له: هل الآحاد جمع أحد؟ قال: حاشا أن يكون للأحد جمع، يعني مقصوده هل ينكر ثعلب أن في الشهر أربعة آحاد؟ ينكر؟ ما يمكن ينكر، لكن نظر إلى أنه اسم من أسماء الله -جل وعلا-، وأسماء الله الحسنى لا تجمع، فلا بد من إصابة المراد، لا بد من نظر بدقة إلى مراد المتكلم.
وأما المعنى نقول: ففاسق يعني بالمعنى الشرعي، وأما المعنى في وصف الدواب المذكورة بالفسق فقيل: لخروجها عن حكم غيرها من الحيوان في تحريم القتل، يعني له يمكن أن يقال: هذا معناها في اللغة، في تحريم القتل والتحريم شرعي، وقيل: في حل أكله لقوله تعالى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [(145) سورة الأنعام] وهذا أيضاً شرعي، وقيل: لخروجها عن حكم غيرها بالإيذاء والإفساد، وهذا يدركه العرب قبل الإسلام، يدركون أن هذه خرجت عن مسار غيرها مما لا يؤذي بكونها مؤذية فهذا يمكن ينطبق عليه الخروج الفسق اللغوي، وأما كونها مما يحرم أكله أو كونها مما يحل قتله فهذا لا يدرك إلا بالشرع.
طيب نأتي إلى العلة الحقيقية في جواز قتل هذه الفواسق، الوصف المؤثر فواسق، فهل نقول: إن العلة ما دامت العلة الفسق وهو الخروج، وهذه الدواب خرجت عن غيرها بأمر يجمعها وهو الأذى، وكلها مؤذية فيلحق بها كل مؤذي، يلحق بها كل مؤذي؛ لأن العلة منصوصة مؤثرة يدور معها الحكم، فإذا وجد الأذى جاز القتل، أو نقول: إن العلة كما استروح بعضهم يعني نظر إلى مجموع ما ورد، فإذا عدم الأكل يشملها فتكون العلة عنده عدم الأكل، فيجوز قتل كل ما لا يؤكل، ومنهم من قال: إن هذه خرجت عن حكم غيرها بجواز قتلها، وقتلها إنما هو مستمد من الشرع، وعلى هذا لا يجوز قتل غيرها.
طيب نأتي إلى الوزغ مثلاً محرم وإلا في الحرم ورأيت وزغ تقتل وإلا ما تقتل؟ على العلل الثلاث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مؤذي وإلا ما هو مؤذي؟ نعم؟

(78/10)


طالب:. . . . . . . . .
كونه يقتل خارج الحرم لا يعني أنه يقتل داخل الحرم، إذا قلنا: هذه لا يقاس عليها؛ لأن العلة الأخيرة، وأن العلة في القتل إذن الشارع بالقتل، وعلى هذا لا يقاس عليها، وإذا قلنا: عدم الأكل فيقاس عليها كل ما لا يؤكل، وهذا قيل به، وإذا قلنا: العلة الأذى قلنا: يقتل كل مؤذي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: العلل عند أهل العلم ثلاث: الأولى: كونها مؤذية، الثانية: عدم حل أكلها، والثالثة: الإذن بقتلها، على العلة الثالثة لا يقاس على ما ذكر شيء، يبقى النص وما عداه لا يجوز قتله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الصائل يدفع، ولو أدى إلى قتله، هذا مفروغ منه، وعندهم القاعدة: (ما آذى طبعاً قتل شرعاً) لكن لا يعني هذا أنه يقتل في الحل والحرم، هذه جاء التنصيص عليها، بأنها تقتل في الحرم، وكونها ينص على أعداد معينة لا شك أن هذا له وقع في الحكم، وإلا لو أراد الشرع أن كل ما لا يؤكل يجوز قتله أو كل مؤذي يجوز قتله، فلا يعجز عن مثل هذا، لأتى بلفظ يتناول الجميع، لكن لا شك أن الأحكام معللة، وأن الأحكام تدور مع عللها لا سيما المنصوصة، فإذا وجد وتحققت العلة وكل على مذهبه، الشافعي يقول: العلة عدم الأكل، فكل ما لا يؤكل يجوز قتله، والحنفي يقول: العلة التنصيص على جواز قتلها، فدل على أن غيرها لا يجوز قتله، ومنهم من يقول: العلة الأذى، كل مؤذي يجوز قتله، كل مؤذي من الحيوان يجوز قتله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ها؟ ويش تقول أنت بالراجح؟
طالب:. . . . . . . . .
أن الوصف هو الفسق والخروج عن غيرها، لكن يا الله الفسق ويش سبب تسميتها بالفسق؟ الشيء .. ، إن أردنا حقيقته اللغوية انصرفت إلى الأذى فقط، وإن أردنا الحقيقة الشرعية فيدخل فيها العلل الأخرى.
طالب:. . . . . . . . .
يعني مؤذي، على الخلاف في اعتبار معنى الفسق، طيب، القمل مؤذي، يقتل وإلا ما يقتل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هين، اللي فيه فدية هذا ما يجوز قتله، معناه أنه ما يجوز قتله.
طالب: الفدية هل هي على قتل القمل وإلا لإزالة الشعر؟
لا، لا هو افترض واحد يفلي شعره، أو ملابسه وكل ما وجد قتله بدون حلق شعر.

(78/11)


طالب:. . . . . . . . .
لا، انتهينا من الشعر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، قمل مجرد يعني، حك رأسه وطلع بيده قمل، وقتلها بالطريقة المعروفة، إذا وجد، وكان الناس يعانون من هذا، لكن -الحمد لله- تغيرت الحال، ولله الحمد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا قلنا: العلة الأذى قلنا: يقتل؛ لأنه مؤذي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فهل نفعل وإلا نفعل؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما نقتل، الأصل أن ما سكت عنه في هذا الباب الأصل المنع في كل شيء.
طالب:. . . . . . . . .
ولا في معنى المنصوص؟
طالب:. . . . . . . . .
ما هو بمعنى أن هذا المكان آمن، ويبقى أن كل ما فيه آمن، هذه هو الأصل، نعم؟
يأتي في صنيع عمر -رضي الله تعالى عنه- يقرد بعيراً له .. إلى آخره، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله اللي يظهر الأذى، اللي يظهر الأذى، يعني هذه أقوى العلل، أن كل مؤذي يقتل، والمقصود بالمؤذي في طبعه، ما هو بأذىً عارض، نعم، إن تعرض إن كان من باب دفع الصائل له حكم آخر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الذئب ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
يبي يجي في كلام الإمام مالك الذئب، الكلب الأسود المأذون بقتله وليس بعقور يقتل وإلا ما يقتل لأنه شيطان؟ ما يقتل إلا إذا كان عقوراً.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب أمر بقتل الحيات في الحرم" والحية جاء التنصيص عليها، وإذا قلنا: إن العلة الأذى فإذا أذن بقتل العقرب فالحية من باب أولى.
"قال مالك في الكلب العقور الذي أمر بقتله في الحرم: "إن كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم" هو لحظ الوصف وهو كونه عقور "كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم -فهو مثل الكلب العقور- مثل الأسد" يعني إذا جاز قتل الكلب العقور والأسد يعني من باب أولى، والنِمر كذلك، والفهد والذئب، كلها في حكم الكلب العقور، لا سيما إذا قلنا: إن الحكم يتعدى مع الاشتراك في العلة.

(78/12)


وجاء تسمية الأسد كلب ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك)) فقتله الأسد، فهو الكلب العقور "وأما ما كان من السباع لا يعدو مثل الضبع والثعلب والهر -يعني والكلب العادي هذا اللي ما يعقر الناس- وما أشبههن من السباع فلا يقتلهن المحرم" طيب وجدنا أسد في الحرم الإمام مالك يقول: يقتل، لكن وجدنا أسد بدون أسنان وبدون مخالب ارتفعت العلة.
طالب:. . . . . . . . .
ما يمكن؟
طالب: لا مو بالقوة يا شيخ. . . . . . . . .
ما يلزم، خلونا بدون آلة قتل، خلوه مريض كالأسد مريض.
طالب: القوة في فكه يا شيخ.
على كل حال في آلته التي يقتل فيها ما هي موجودة.
طالب:. . . . . . . . .
يا إخوان خلونا ندور مع العلة، وجدنا ذئب مريض هل نقتل وإلا ما نقتل؟
طالب:. . . . . . . . .
رحم الله الإمام مالك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب: إذا كان. . . . . . . . .
ما استأنس، لا كونه وجد بين الناس لا يعني أنه صار إنسي، ما في آنس من الحمام، ومع ذلك صيد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم بين الناس الفأرة أيضاً.
يقول: "إن كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب فهو الكلب العقور، وأما ما كان من السباع لا يعدو مثل الضبع والثعلب والهر وما أشبههن من السباع فلا يقتلهن المحرم، فإن قتله فداه" فأنا قلت: حكم الإمام مالك على هذه الأمور هل هي لدخولها في مسمى الكلب كدخول الأسد؟ أو في الوصف المؤثر وهو العقر؟ فإذا قلنا: إنه في المسمى، إذا عرف مثلاً أسد مربى تربية بحيث لا يعدو على إنسان ولا يؤذيه فالعلة انتهت، وقل مثل هذا في النمر والفهد الذئب، ربي بحيث لا يضر أحد، نقول: ارتفعت العلة فلا نقتله؟ أو نقول: يبقى الأسد كلب ولو ارتفعت العلة لكنه ليس بكلب عقور؟ يعني يصير حكمه حكم الكلب غير العقور؟ هذا هو اللي يظهر هذا.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "وأما ما كان من السباع لا يعدو مثل الضبع والثعلب والهر وما أشبههن من السباع فلا يقتلهن المحرم، فإن قتله فداه" يعني على القول بأن العلة عدم الأكل، الضبع يؤكل، الخلاف معروف فيه، فالذي يقول: يؤكل يقتله للأكل أو لا يقتله؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .

(78/13)


دعونا، خلونا مع العلة، العلة في هذه الأمور عدم الأكل عند من يقول بأن هذه هي العلة، وأنه يقتل كل ما يؤكل، ألا يرد عليه مثل الضبع؟ وقد جاء فداه عن الصحابة، وهو صيد، مثل الصيد، الأصل أنه صيد وهو ممنوع، فيمنع لأنه صيد، والخلاف في الثعلب أيضاً معروف، وأما الهر فهو لا يعدو إلا إذا ضيق عليه، ولذا جاء وصفه بأنه سبع، فإذا ضيق عليه عدا وإلا فالأصل أنه لا يعدو "وما أشبههن من السباع فلا يقتلهن المحرم، فإن قتله فداه" قتل كلب غير عقور، أو قتل هر مثلاً أو ثعلب يفدي وإلا ما يفدي؟ هو صيد؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ صيد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الأصل أنه فيما يؤكل.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
يفدى وإلا ما يفدى؟
طالب:. . . . . . . . .
على أي العلل؟ يقول: "مثل الضبع والثعلب والهر وما أشبههن من السباع فلا يقتلهن المحرم، فإن قتله فداه" وقل مثل هذا في الكلب غير العقور، الكلب غير العقور يفدى وإلا ما يفدى؟ لا يفدى؟
طالب:. . . . . . . . .
يفدى، يقول: "فإن قتله فداه" لأن العلة عنده هو ما كان من السباع لا يعدو، فإذا كان لا يعدو يفدى، وإذا كان يعدو دخل في الصنف الأول فلا يفدى، وتحققت فيه العلة علة الفسق، وإذا قلنا: إن العلة عدم الأكل فإنها تقتل ولا تفدى، وإذا قلنا: إن العلة التنصيص على ما ذكر، وعدم الإلحاق بها كما خرجت عن غيرها بالوصف الذي هو جواز قتلها، وعلى هذا يكون ما عداها لا يجوز قتله، وكل على مذهبه.
يقول: "وأما ما ضر من الطير فإن المحرم لا يقتله" يعني لا يقاس على الغراب والحدأة ولو ضر، مو قلنا: إن العلة الفسق فتقتل لأنها ضارة؟ عدم الأكل كذلك متحقق، تبقى العلة الثالثة وهي التي يقول بها الحنفية التنصيص على جواز قتلها، خرجت عن غيرها بالتنصيص على جواز قتلها فحينئذٍ يكون هذا منه، لكن الإمام مالك ألحق بالمنصوص عليه غيره، فهل اطرد مذهبه بالإلحاق أو لم يطرد؟ نعم أخرج الطير وإن كان ضاراً.

(78/14)


يقول: "فإن المحرم لا يقتله إلا ما سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- الغراب والحدأة، وإن قتل المحرم شيئاً من الطير سواهما فداه" لأنه صيد عنده وإن كان ضاراً، نعم؟ لماذا؟ هل لأن ما يعدو من السباع لا يمكن الاتقاء منه بخلاف ما يعدو من الطيور؟ إيه ممكن ينقض الصقر أو النسر فيؤذي.
أقول: هل اطرد مذهب الإمام مالك -رحمه الله تعالى- فيما قرره هنا أو لم يطرد؟ إن كانت العلة الأذى وهي التي تفهم من كلامه الأول بالنسبة للسباع، فالأذى متحقق في الطيور التي استثناها، نعم؟ هذا إذا كانت العلة الأذى، فسقت خرجت عن خيرها بالأذى، إن كانت العلة حل الأكل وعدم حله فهذه الطيور الضارة ذوات المخالب تحل وإلا ما تحل؟ لا تحل، إذاً هي مثل السباع، لم يطرد مذهبه، وإذا كانت العلة التنصيص فقد ألحق بالمنصوص غيره ولم يلحق الطيور، فمذهبه على أي علة لم يطرد، نعم؟
هل يلحظ وجه للتفريق عند الإمام مالك بين السباع والطيور؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني علة الكلب منصوصة، وعلة ما ذكر من الطيور مستنبطة، فرق يعني بين العلة المنصوصة والعلة المستنبطة.
طالب: إذا كان الإمام مالك يرى أن العلة هي التنصيص فقط فمذهبه مطرد في هذا لأن التنصيص. . . . . . . . .
لا ما يلزم التنصيص، هو يفرق بين العلة المنصوصة والعلة المستنبطة، نعم، يعني خله مثلاً يقيس على الكلب العقور كل مؤذي من السباع، إلحاق، إيه من عموم العلة، يعني سواءً قلنا: من عموم العلة أو إلحاق للعلة الجامعة ما يختلف.
طالب: قد يرى أن الكلب العقور وصف عام ليس في شيء بذاته وليس هو كلباً الكلب المتعارف عليه ....
لا، أصل الكلب العقور هو الكلب المتعارف عليه إلا أنه اتصف بهذا الوصف فهو من عموم العلة.
طالب: هل يطلق على الأسد كلب؟
يطلق، لكن هل هذا الإطلاق لغوي وإلا شرعي؟ نعم؟
طالب: أكيد شرعي، لكن ....
طيب دعنا من الأسد دخل في عموم الكلب، اللي بعده الفهد والذئب؟
طالب: قد يكون. . . . . . . . . عن لغات العرب، قد يكون دخلت في أفراد هذا العام.

(78/15)


أنا أقول: كونها تدخل في لفظ الكلب ما يلزم، هي دخلت في العلة، العقر، دخلت في عموم العلة، فدخولها في عموم العلة يقتضي الإلحاق، بينما التنصيص على الأفراد من الطيور من غير نظر إلى علة، وإن كان فيها علة مستنبطة، لكن الحكم حينما يقولون: الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً يقصرونه على العلة المنصوصة دون المستنبطة، وعلة الكلب منصوصة وعلة الغراب والحدأة ليست منصوصة إنما هي مستنبطة، وهنا يكون كلامه اتجه، جزاء الله خير.
نقرأ الباب الذي بعده.
أحسن الله إليك.

باب: ما يجوز للمحرم أن يفعله:
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن أبي عبد الله بن الهدير أنه رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقرد بعيراً له في طين بالسقيا وهو محرم، قال مالك: وأنا أكرهه.
وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت: سمعت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، تسأل عن المحرم أيحك جسده؟ فقالت: "نعم فليحككه وليشدد ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككت".
وحدثني عن مالك عن أيوب بن موسى أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- نظر في المرآة لشكوٍ كان بعينيه وهو محرم.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يكره أن ينزع المحرم حلمة أو قراداً عن بعيره.
قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك.
وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم أنه سأل سعيد بن المسيب -رحمه الله- عن ظفر له انكسر وهو محرم، فقال سعيد: "اقطعه".
وسئل مالك عن الرجل يشتكي أذنه أيقطر في أذنه من البان الذي لم يطيب وهو محرم؟ فقال: لا أرى بذلك بأساً، ولو جعله في فيه لم أرَ بذلك بأساً.
قال مالك -رحمه الله-: ولا بأس أن يبط المحرم خراجه، ويفقأ دمله، ويقطع عرقه إذا احتاج إلى ذلك.
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما يجوز للمحرم أن يفعله" وذكر ما يمنع، ثم ذكر ما استثني من الممنوع، ثم ذكر ما يجوز له أن يفعله، وذكر بسنده عن ربيعة بن أبي عبد الله بن الهدير أنه رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقرد بعيراً له في طين بالسقيا وهو محرم.

(78/16)


أولاً: القراد كالقمل بالنسبة للإنسان يعلق بالدواب من الإبل والبقر، والتقريد إزالة القراد عنه.
"رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقرد بعيراً له في طين، قال مالك: وأنا أكرهه" أولاً: القراد لا شك أنه مؤذي، القراد والحلم كله مؤذي بالنسبة للدابة؛ لأنه يمتص من دمها ويؤذيها، فهل نقول: إن هذه مؤذية تزال؟ أو يقتصر على مجرد إزالة ضررها بتقريدها ولو لم تقتل؛ لأن عندنا مجرد الإزالة، وعندنا ما يترتب على الإزالة من قتل مباشر أو تعريض للقتل، عندنا في النص الذي معنا: "رأى عمر بن الخطاب يقرد بعيراً له في طين" طيب وقع هذا الغراب في الطين، يموت وإلا ما يموت؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم يموت، عرضناه، لم يباشر، لم يباشر قتله، وإنما تسبب في قتله، فعمر -رضي الله عنه- نظر إلى أن هذا البعير متضرر بوجود هذا القراد، والقراد مؤذي وضار فيلحق بما يتأذى به الإنسان كالفأرة مثلاً، فأزاله قرد وأزاله، ووقع في الطين بالسقيا والسقيا قرية بين مكة والمدينة وهو محرم، فعلى هذا لا شيء في نزع القراد أو القُراد من الدابة، وقل مثل هذا في إزالة القمل من الرأس بالنسبة للإنسان لأنه مؤذي، هو مؤذي، لكن هل مع هذه الإزالة تترك دون قتل أو تقتل؟ تترك، لا يباشر قتلها، قد يقول قائل: إن أخذ القمل من الرأس وإلقاؤه في الأرض بحيث ينتقل منه إلى غيره أذى، والأذى يزال، بل هو مما يماط عن المكان، بدلاً أن يتضرر به ويتأذى به سيكون سبباً في أذى غيره، فهل نقول: إنها مثل الفواسق تقتل لأنها مؤذية؟
"قال مالك: وأنا أكرهه" لماذا؟ لأن إزالته وإلقاؤه في الطين يكون سبباً في قتله، ولذا يكرهون قتل القمل مع أنه مؤذي بالنسبة للإنسان.

(78/17)


وهنا يقول: "وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة -بلال- عن أمه -مرجانة- أنها قالت: سمعت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تسأل عن المحرم أيحك جسده؟ فقالت: "نعم فليحككه وليشدد -زيادة في بيان الإباحة- ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككت" وهذه أيضاً مبالغة في بيان الحكم وأن هذا جائز لا إشكال فيه، وهذا الحك لا يخلو إما أن يكون في موضع فيه شعر، بحيث لو حك بقوة وشدة كما قالت أم المؤمنين لترتب على ذلك إزالة شيء من الشعر، أو يكون المكان لا شعر فيه فلا يكون سبباً في إزالة شيء من الشعر وهذا لا إشكال فيه، كون المكان لا شعر فيه ما فيه إشكال، قد يقول قائل: البشرة بعضها مع الحك ينزل منه شيء، لا أقول شيء من الوسخ، وإنما شيء من البشرة، وجاء في حديث: ((من أراد أن يضحي -يعني بعد دخول العشر- فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته شيئاً)) فهل نقول مثل هذا؟ طيب الرجل فيها حكة مثلاً ثم حكها وشدد في حكها فنزل منها قطع من الشقوق التي فيها، هل يمنع منها من أجل هذا؟ أو نقول: إن الأخذ من البشرة خاص بالأضحية وأم المؤمنين تقول: يحك ويشدد ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككت، كلامها يدل على أن ما يترتب على مثل هذا العمل لا شيء فيه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إزالة، إزالة نعم، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني يكرهه تورعاً تبعاً لابن عمر، ابن عمر سيأتي عنه النقل.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، سيأتي عن ابن عمر.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص أن عبد الله بن عمر نظر في المرآة لشكوٍ كان بعينيه وهو محرم" النظر في المرآة من قبل المحرم فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ ما في إشكال، لماذا نقل الإمام مالك مثل هذا الأثر عن ابن عمر وهو الصحابي المؤتسي المقتدي الذي يميل إلى التحري في هذا الباب؟ لأنه يترتب على النظر في المرآة شيء من الترفه، والأصل في المحرم أنه لا يترفه.
يقول: "نظر في المرآة لشكوٍ كان بعينيه وهو محرم" لكن لو كان من دون سبب، أراد أن يسرح شعره، نعم، أو أراد أن ينظر هل في وجهه شيء أذى وإلا قذر ليزيله هل يقال: إن النظر في المرآة ممنوع من قبل المحرم؟ لا يوجد ما يدل على منعه.

(78/18)


قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يكره أن ينزع المحرم حلمة أو قراداً عن بعيره" وقد ثبت فعله عن عمر فيما تقدم، وهذا عن عبد الله بن عمر وهذا من زيادة تحريه، ولذلك كرهه الإمام مالك، وقال: "وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك".
قال: "وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم أنه سأل سعيد بن المسيب عن ظفر له انكسر وهو محرم، فقال سعيد: اقطعه" لماذا؟ لأنه صار مؤذياً، الظفر إذا انكسر أو العين، الشعرة إذا دخلت جزء منها في العين تزال؛ لأنها مؤذية، ولا شيء عليه في ذلك.
"وسئل مالك عن الرجل يشتكي أذنه -يعني من وجع بها- أيقطر في أذنه من البان الذي لم يطيب" يعني وصف له الطبيب قطرة للأذن أو للعين هل يقطر في أذنه أو في عينه؟ قال: "وهو محرم؟ فقال: لا أرى بذلك بأساً" يعني يجوز "ولو جعله في فيه لم أر بذلك بأساً" إذ هذه الأدوية التي ليس فيها شيء من الطيب لا خلاف في مزاولتها.
"قال مالك: ولا بأس أن يبط المحرم خراجه" الدمل ونحوه لا بأس أن يفقأه، ويفقأ الدمل والخراج، ويزيل ما به من أذى ويعالج، ويقطع العرق إذا احتاج إلى ذلك؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم احتجم وهو محرم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(78/19)


الموطأ - كتاب الحج (16)
شرح: باب: الحج عمن يحج عنه، وباب: ما جاء في من أحصر بعدو.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الحج عمن يحج عنه:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان الفضل بن عباس -رضي الله عنهما- رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: ((نعم)) وذلك في حجة الوداع.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: الحج عمن يحج عنه" النيابة في الحج ما حكمها؟ منها ما هو واجب يجب على من استطاع الحج بماله وعجز عنه ببدنه أن ينيب عنه من يحج، ومنها ما يستحب أن يحج الرجل عن أبيه عن أمه ممن لا يستطيع الحج، لا بنفسه ولا بماله، ومنها ما اختلف في حكمه من الحج أو العمرة عن القادر المستطيع ممن حج الفرض، سواءً كان حياً أو ميتاً.

(79/1)


حديث الباب: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس قال: "كان الفضل بن عباس" يعني أخاه الفضل بن عباس، أكبر ولد العباس، وبه كنيته "رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني راكباً خلفه على الدابة، وهذا معنى الرديف، الركوب خلف الراكب، وأردف النبي -صلى الله عليه وسلم- عدداً من أصحابه، معاذ يقول: كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: ((يا معاذ)) ... إلى آخره، وأردف النبي -صلى الله عليه وسلم- الفضل، وأردف أسامة، وأردف غيرهم، وقد بلغوا أكثر من ثلاثين ممن أردفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- والإرداف على الدابة جائز شريطة أن تكون مطيقة لذلك بما لا يشق عليها، ولا يكرثها، يجوز ذلك وقد فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويجوز ركوب ثلاثة إذا كانوا بحيث تطيقهم الدابة، ويمتنع إرداف واحد إذا كانت الدابة تعجز عن ذلك، ومرد ذلك إلى إطاقة الدابة.
"كنت رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني من إلى .. ، النبي -عليه الصلاة والسلام- في منصرفه من عرفة إلى مزدلفة أردف من؟ أسامة، ومن مزدلفة إلى منىً أردف الفضل، فهو رديف النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذه الفترة.
وابن عباس ممن قدمه النبي -صلى الله عليه وسلم- في الضعفة، فلم يحضر هذا الكلام، عن عبد الله بن عباس قال: كان الفضل ابن عباس، يحكي قصة لم يشهدها، إلا أنه جاء في بعض طرق الخبر ما يدل على أنه يرويها عن صاحبها، وهو الفضل بن عباس "فجاءته امرأة" لم يذكر اسمها.
طالب:. . . . . . . . .
ما يضر، نعم، لا يضر يعني لو لم نقف على أن ابن عباس تحمله عن أخيه ما يضر "فجاءته امرأة" لم تسم، في مثل هذا السياق لا يحرص لا الصحابة ولا من بعدهم من الرواة، ولا أهل كتب المبهمات لا يحرصون على تسمية مثل هذه ستراً عليها، فمثل هذا يبهمون من ذكر في المتن من باب الستر عليه؛ ولأنه لا يترتب على ذكره فائدة "فجاءته امرأة من خثعم" قبيلة مشهورة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يترتب عليه.
طالب:. . . . . . . . .

(79/2)


إيه، يعني في تعارض بين النصين؟ إذا كان في تعارض بحث عن هذا، حمل على تعدد القصة ولو لم يعرف الاسم "فجاءت امرأة من خثعم تستفتيه" يعني لا يقال باطراد أن المبهم تعيينه لا فائدة فيه، فيه فائدة، وألفت فيه المؤلفات الكثيرة، المبهمات فيها المؤلفات للخطيب البغدادي، وللنووي ولأبي زرعة ابن الحافظ العراقي، كتب مؤلفات فيها عناية فائقة في تتبع الطرق من أجل تعيين المبهم، وفيه فوائد كثيرة تعيين المبهم، منها معرفة تاريخ الخبر، إذا سمي وعرفنا أنه متأخر الإسلام عرفنا أن الخبر متأخر، ولو عرفنا أنه متقدم الإسلام عرفنا أن الخبر متقدم، ويفيدنا هذا في القول بالنسخ، معرفة الناسخ والمنسوخ، وأما تعيين المبهمات في الأسانيد فأمر لا يخفى؛ لأن المبهم من قبيل المجهول مجهول الذات، وهو أشد من جهالة العين والحال، فتعيينه لا بد منه وإلا حكم على الخبر بعدم الثبوت حتى يعين.
"فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه" ونص الفتوى: "إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: ((نعم)) " الجواب هذا استفتاء والفتوى "قال: ((نعم)) وذلك في حجة الوداع" وعرفنا أن هذا في آخر أمره -عليه الصلاة والسلام-، لا يمكن أن يقال في مثل هذا الخبر أنه قبل نزول الحجاب؛ لأنه قال: "وذلك في حجة الوداع" هذه المرأة تستفتي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أبيها الشيخ الكبير الذي لا يثبت على الراحلة، وأدركته فريضة الله في الحج، يعني وجبت عليه فريضة الله في الحج، فدل على أنه كان قادراً على الحج، لكنه لا يستطيع بنفسه، قادر بماله لكنه لا يستطيع بنفسه وحينئذٍ يلزمه أن ينيب من ماله إلا إذا وجد متبرع كهذه، ولذا قالت: "إن فريضة الله في الحج أدركت أبي".

(79/3)


"فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه" فجعل الفضل ينظر إليها وكانت وضيئة، وتنظر إليه وكان وسيماً، والنظر من قبل الرجل إلى المرأة، ومن قبل المرأة إلى الرجل حاشا نظر الفجأة أمر محرم، يجب غض البصر عنه، أما نظر الفجأة لو نظرها أول مرة، أو نظرت إليه أول مرة ثم صرف لا شيء في ذلك، له الأولى وليست له الثانية، أما استمرار النظر والنبي -عليه الصلاة والسلام- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر ثم يعود لا شك أن مثل هذا لا يجوز، ولذا غير النبي -عليه الصلاة والسلام- المنكر بيده فصرف وجه الفضل إلى الجهة الأخرى التي ليست فيها المرأة، غير جهة المرأة، وفي رواية: لوى عنقه، يعني بقوة، وهذا تغيير للمنكر باليد وهو الأصل، وهو المرتبة الأولى، مع الاستطاعة، هو المتعين مع الاستطاعة، ولذا قال: ((فإن لم يستطع فبلسانه)) وهنا النبي -عليه الصلاة والسلام- يغير بيده لأنه يستطيع.
وجوب الغض من قبل الطرفين أمر معروف، نص عليه في القرآن: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النور] ثم قال: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(31) سورة النور] فلا يجوز بحال نظر الرجل إلى المرأة سواءً كانت امرأة حقيقية، ينظر إلى جسمها أو إلى وجهها أو إلى أي شيء يتعلق بها مما يثيره، ولو كانت متحجبة الحجاب الكامل لا يجوز له أن ينظر إليها إذا كان نظره إلى حجمها وجرمها يثيره، وقل مثل هذا في المرأة؛ لأن هذا من ذرائع الموصلة إلى الفاحشة والشرع جاء بسدها، كما أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال لا سيما تحديدها في شخص بعينه، لا يجوز لها ذلك سواءً كان بغير واسطة كما هنا، أو بواسطة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة كلها، في الصحف والمجلات والقنوات كل هذا لا يجوز، بل على الرجل أن يغض بصره عن المرأة، وعلى المرأة أن تغض بصرها عن الرجال.

(79/4)


نظر المرأة إلى عموم الرجال، أو نظر الرجل إلى عموم النساء بحيث لا يحدد في امرأة بعينها تفتنه، أو امرأة تنظر إلى عموم رجال خارجين من مسجد أو داخلين إليه، أو في مجتمع وما أشبه ذلك، عموم الرجال الذين أو عموم الناس التي لا يفتن الرجل ولا المرأة مثل هذا لا بأس به؛ لأن عائشة نظرت إلى الحبشة وهم .. ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسترها، المقصود أن مثل العموم لا بأس به.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: كانت صغيرة.
من هي؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن الإقرار في مثل هذا ولو من الصغيرة على وليها أن يكفها عن نظر الرجال.
طالب:. . . . . . . . .
نعم المتزوجة، المقصود أن مثل هذا لا يجوز بحال، والنص عليه بالقرآن نص لا يحتمل {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا} [(30) سورة النور] {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ} [(31) سورة النور] وكل ما أثار الرجل من قبل النساء لا يجوز له النظر إليه، كما أنه لا يجوز النظر إلى الرجال من قبل النساء إذا أدى ذلك إلى هذه المفسدة.
وفي حكم النساء المردان، وجاء التحذير الشديد من قبل سلف هذه الأمة وأئمتها من نظر الرجل إلى المردان، وجعلوه بمثابة المرأة، بل منهم من شدد في ذلك فحرم النظر ولو من غير شهوة إلى الأمرد، فلا شك أن مثل هذه الأمور مزلة، مزلة مع تكرارها يقر في القلب من قبل الشيطان ما لا تحمد عقباه.
قد يقول قائل وهذا سائل يقول: "فجعل ينظر إليها وتنظر إليه" احتج بعضهم بهذا الحديث على جواز كشف المرأة وجهها؟
أولاً: ليس فيه نص على أنها كاشفة لوجهها، ونظر الرجل إلى الحجم والطول والعرض معروف، وفتنته بهذا معروفة، في بعض الروايات: أنها كانت وضيئة، والوضيئة بمعنى أنها بيضاء حسناء كما جاء في بعض الروايات، ومعروفة وضاءتها إنما يتم بخروج أي جز منها، ولو أصبع واحد، ولو بأصبع واحد، وكونها راكبة على جمل لا بد أن يخرج منها شيء من غير قصد، المقصود أن هذا ليس فيه دليل.

(79/5)


جاء في بعض الراويات أن أباها كان معها، قد يقول قائل: كيف يكون أبوها معها في حجة الوداع وهي تسأل عن أبيها الذي أدركته فريضة الله وهو شيخ كبير قالوا: المراد بالأب هذا الجد، لماذا لم يسأل الأب؟ لماذا؟ نعم؛ لأنه يعرضها على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعرض بها كي يتزوجها، وجاءت هذا في بعض الروايات منصوص عليه، فمثل هذا الموطن لا بد أن تبدي شيئاً ولو لم يكن الوجه، لو لم يكن الوجه ما يلزم، نعم تبدي شيئاً يرغبه في نكاحها، ولذا الفضل بن عباس لما رأى عدم حاجة النبي -عليه الصلاة والسلام- إليها جعل ينظر إليها، فصرفه النبي -عليه الصلاة والسلام- علها أن تقبل به بديلاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، المقصود أنه ليس في الحديث ما يدل على أنها كاشفة لوجهها، ليس فيه نص على ذلك، كونها وضيئة، كونها حسناء، كون جسمها يلفت النظر بحيث ينظر إليها هذا أمر معروف والرجال الفحول يدركون مثل هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه تنظر إليه، معصية، معصية رجل وضيء كاشف وجهه جميل تنظر إليه.
طالب: وهي؟
هي تنظر إليه، رغم النبي -عليه الصلاة والسلام- يراها، مجرد اتجاه الوجه دليل، مجرد اتجاه الوجه معروف أنها تنظر إليه، وهذا يدرك من وراء الحجاب، وكونها تنظر تستطيع أن تنظر ولو كانت متحجبة؛ لأنه ليس معنى الحجاب أنه يغطي كل ما وراءه كالأعمى، لا، نعم إنما يغطي الوجه لكن لا يغطي النظر، نعم؟
طالب: سفعاء الخدين؟
لا غير هذه، هذه مسألة ثانية، هذه في صلاة العيد سفعاء الخدين، وهذا عنه أجوبة، إما أن يكون قبل الحجاب؛ لأن صلاة العيد فرضت قبل الحجاب هذا من جهة، أو لأنها من القواعد، كبيرة في السن، فلا يلزمها الحجاب.
طالب: هو كان رديف النبي -صلى الله عليه وسلم-.
من؟ الفضل؟
طالب. . . . . . . . .
إيه نعم إيه.
طالب: هي تنظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو رديفه.
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
تنظره، تنظر إليها وتنظر إليه، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
النبي -عليه الصلاة والسلام- اتجه إليها ليجيب عن سؤالها، والفضل رديفه ملتفت إليها، في بعد؟

(79/6)


مجرد اتجاه الوجه، اتجاههم واحد، رديفه، لكن المرأة وهي على جملها تنظر إلى العباس وينظر إليها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما يدرك هذا.
طالب: يعني يحتمل يكون. . . . . . . . .
لا، ما يلزم، لا ما يلزم أبداً.
طالب: في احتمال. . . . . . . . .
ما في أدنى احتمال، ينظر إليها، ينظر إلى حجمها إلى طولها إلى عرضها هذا ما يفتن الرجال؟ الجرم ما يفتن الرجال؟
طالب: يفتن.
خلاص، وكونها وضيئة وحسناء يمكن بأنملة يبين هذا، امرأة راكبة على جمل يمكن ما يبدو منها شيء؟
طالب:. . . . . . . . .

(79/7)


وضيئة يعني بيضاء، والبياض من الأصبع يبان، يبين البياض من الأصبع، لكي تتفق النصوص ولا نضرب بعض النصوص ببعض، في قصة الإفك في البخاري تقول عائشة -رضي الله عنه-: "وكان يعرفني قبل نزول الحجاب" هل يحتاج أن تقول هذا وهي كاشفة عن وجهها؟ لا يحتاج أن يقال مثل هذا، قد يقول قائل: هذا خاص بأمهات المؤمنين {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [(53) سورة الأحزاب] هذه العلة التي من أجلها فرض الحجاب على نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- ألا تشترك بنات المؤمنين ونساء المؤمنين في هذه العلة؟ ألسن بحاجة إلى طهارة القلوب؟ نعم؟ ألسن بحاجة إلى طهارة القلوب؟ يعني التنصيص على العلة هذا عبث؟ ليس بعبث، إذاً أمهات المؤمنين يلزمهن الحجاب بالنص، وأمهات ونساء المؤمنين وبنات المؤمنين يلزمهن الحجاب بالعلة {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [(53) سورة الأحزاب] أيضاً {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [(59) سورة الأحزاب] إلى أن قال: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [(60) سورة الأحزاب] ... إلى آخره، الارتباط وثيق بين الآيتين، يعني الذي يدعو إلى السفور لا شك أن فيه شعبة من هذه الشعب، لا شك أن في قلبه مرض {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [(32) سورة الأحزاب] هذا في قلبه مرض.
طالب: هذا الأمر. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: هذا الأمر شرعي ....
نعم، بلا شك، ما في شك، إلى عهد قريب، أنت لو نظرت إلى تواريخ بلاد المسلمين مصر والشام والهند وغيره قبل مائة سنة ترى امرأة كاشفة؟ هاه؟
طالب: لا.
كلهن محتجبات بلا استثناء.

(79/8)


بعض العلماء بل أكثر العلماء على أن إحرام المرأة في وجهها لا يجب عليها كشفه كما تقول عائشة بنت طلحة وغيرها فيما مر علينا، نعم أنهن كن يحرمن كاشفات فإذا حاذاهن الرجال -وعائشة يوم تقول هذا- سدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا كان الإحرام في الوجه وتغطيته لا تجوز، فكيف يترك مثل هذا الأمر بأمر مباح أو مستحب، لا بد أن يكون تغطية الوجه في غير الإحرام واجبة.
طالب: الشيخ عبد الرحمن العايد يسأل يقول: لماذا لم ينهها النبي -صلى الله عليه وسلم- كما نهى الفضل؟
أولاً: هي مسألة لي عنقها ما هو بوارد، مثل ما حصل منه -عليه الصلاة والسلام- للفضل، الأمر الثاني: أن المعصية التي تحصل من طرفين لا بد فيها من طرفين تنتهي بانتفاء أحد الطرفين، إذا انتهى العباس انتهت المسألة، انتهى الفضل انتهت المشكلة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، على كل حال إذا انصرف أحدهما انصرف الآخر انتهى الإشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما في هنا حجة الوداع ما عاد، هي حجة الوداع والجواب عنه ممكن، النصوص الأخرى تدل على وجوب الحجاب مما لا إشكال فيه، النصوص المحكمة التي لا تحتمل تدل على وجوب الحجاب، النصوص المحتملة ما يرجع إليها في مقابل النصوص المحكمة.
الأمر الثاني: أنه لو وجد عالم وبحث المسألة بحثاً شرعياً متجرداً لله -جل وعلا- كغيرها من المسائل، وأداه اجتهاده إلى أن الوجه ليس بعورة هذا مأجور على هذا الاجتهاد، يعني لا نقول: إنه لئن لم ينته المنافقون يدخل في ذلك من رجح من أهل العلم أبداً، الكلام على من يطالب بنزع الحجاب وليس من أهل الاجتهاد، ولو كان من أهل الاجتهاد وصحب هذا الاجتهاد هوىً في نفسه قلنا: في قلبه مرض ويش المانع؟ نعم؟ لكن المسألة إذا تجرد لله، وبحث المسألة متجرد لله، وأداه اجتهاد إلى هذا مأجور على كل حال، والقلوب السليمة من الأمراض معروفة يعني عليها أمارات وعليها أدلة.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
هؤلاء ما لهم .. ، نقل عنها أشياء، أقول: ذكرت عنها أشياء إن ثبتت فهي مكفرة، نقل عنها بعض الاختيارات.
طالب: ما لقت مسجد فلذلك يفتحوا لها الكنيسة ....
نقول: عمارة.

(79/9)


طالب: حول الكنيسة ....
نعم ما أذن لها في مسجد فأدوا الجمعة في عمارة، وهذا معروف أن مثل هذه تنفذ خطوة من خطوات الشيطان، ونقل عنها أشياء إن ثبتت فهي مكفرة، تقول: إن قطع يد السارق وحشية لا يجوز العمل بها، والآية التي لا يستطيع المسلم فهمها أو الحديث له رفضه ولو كان آية، ولكل واحد من الجنسين الاكتفاء بجنسه، فإن ثبتت هذه الأمور هذه مكفرات، نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا الدين كل إنسان يدين بما يترجح عنده، كل إنسان يدين الله بما .. ، ويبقى أن المسألة التي يتفق عليها أنه إذا خشيت الفتنة وجب الحجاب، هذا أمر مجمع عليه بين المسلمين، حتى لو خشيت الفتنة من الأخ من الرضاعة مثلاً لا يمكن من الدخول على أخته، من الأخ من النسب عليها أن تبتعد عنه، وأن يحال بينه وبينها إذا خشيت الفتنة بين الأب وابنته يفرق بينهما، فإذا كانت الفتنة قائمة هذا محل اتفاق بين أهل العلم، والسنة واضحة والشريعة -الحمد لله- محكمة، وما جاءت بشيء فيه ما فيه أبداً، الأمور واضحة -ولله الحمد- إلا إنسان له مقصد وإلا إنسان له غرض وهدف يحقق بعض الخطوات التي هي أول خطوات الشيطان، ولذلك من أول ما وسوس به للإنسان {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا} [(20) سورة الأعراف] هذه أول خطوات الشيطان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الفتنة إذا كانت تثير الرجال، إذا كانت تثير الرجال ويخشى عليها ويخشى منها هذه فتنة، المقصود أن كل ما يؤدي إلى الفاحشة محرم، كل ما يؤدي إلى المحرم حرام، وين؟
طالب: بوقتنا هذا؟
هذا أشد، أشد في وقتنا الحاضر، في وقتنا الحاضر أشد.
طالب: حتى الذين. . . . . . . . .
كأنه في هذا الظرف الذي نعيشه محل إجماع بين أهل العلم.
طالب: يكثر المداخلات. . . . . . . . .
لا ما يخالف الموضوع مهم ترى، الموضوع مهم وطيب يعني إنه يدرس، لا سيما وأنه موضوع حي، الآن المطالبة من بعض المفتونين قوية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، النظر أمر مفروغ منه، محسوم بالقرآن، النظر إلى الرجل والرجل إلى المرأة كلها محسومة بالنص القطعي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(79/10)


الكلام في المسألة طويل، في الاستثناء {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [(31) سورة النور] معروف والخلاف بين الصحابة، لكن .. ، وموضعه غير هذا حقيقة يعني نحتاج إلى بسط طويل، تحتاج المسألة إلى دروس ليس بدرس واحد في بيان أدلة الفريقين، والترجيح والإجابة عن الأدلة عما يمكن أن يتمسك به من يقول: إن كشف الوجه .. ، إن الوجه ليس بعورة، على كل حال. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا العكس، العكس ادعي العكس ترى، يعني من نظر في المذاهب وجد أن في جميع المذاهب الأربعة من يقول بوجوب تغطية الوجه، المقصود أن في جميع مذاهب ... ، عند الحنفية وعند الشافعية وعند المالكية كلهم في المذاهب من يقول بوجوب تغطيته، أما ادعاء الإجماع لا قيمة له.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يكفي، مع هذه النصوص، ومع. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يمكن.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا المسألة يعني هي .. ، تساوي أدلة الفريقين؟ ما هي متساوية يا الإخوان، والله ما هي متساوية، لمن نظر بعين البصيرة، والله ما هي متساوية.
طالب:. . . . . . . . .
حجاب إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
بكثير، نعم، شوف الأدلة في سورة النور، وفي سورة الأحزاب، والنصوص في صحيح البخاري وغيرها كثيرة، نعم؟
الشيخ الشنقيطي -رحمة الله عليه- في أضواء البيان ذكر الأدلة واستطرد في المسألة في سورة النور وسورة الأحزاب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه معروف معروف كتاب المقدم هذا طيب، جمع فيه النصوص جمعاً طيباً.
طالب:. . . . . . . . .
ما تساوت؛ لأن حتى الاستثناء إلا ما ظهر منها الإجابة عنه سهلة يعني ما هي ....
طالب: يعني حتى ولو ... يعني أدلة الشريعة العامة تمتنع مثل هذه الأمور التي قد تفضي إلى الرذيلة في المجتمع المسلم.
ما في شك أن سد الذرائع أمر مقرر في الشريعة وقاعدة كلية من قواعد الدين.

(79/11)


"فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج" فريضة الله في الحج يعني ما افترضه الله على عباده من هذا الركن من أركان الإسلام أدركت أبي شيخاً كبيراً يعني احتمال أنه تأخر إسلامه، أو أنه بهذا الوصف حينما نزل فرض الحج ونزوله كان في السنة التاسعة أو السادسة على خلاف بين أهل العلم "شيخاً كبيرا ًلا يستطيع أن يثبت على الراحلة" ومعلوم أن الراحلة تحتاج إلى ثبات، ويوجد عدد كبير لا يلزم أن يكون شيخ كبير، بعض الشباب وبعض الكهول لا يثبتون على الراحلة؛ لأن الثبات على الراحلة فن، يحتاج إلى مران، ويحتاج إلى تعود، الذي يركب الدابة لأول مرة يقع ولو كان شاباً، فمثل هذا الشيخ الكبير الذي لا يستطيع أن يثبت على الراحلة لكبره، لكن هل يلزم أنه إذا لم يثبت على الراحلة أن يشد بمعنى يربط على الراحلة، إذا أمكن ربطه، جاء في بعض الروايات: "وإن شددته خفت عليه" لا شك أن الربط .. ، تتصورون الربط مثل حزام الأمان، لا، مثل تربيط العفش، صحيح؛ لأن هذه ما هي بسيارة هذه دابة، لا بد أن يقع يعني، تقول: وإن شددته خفت عليه، هو في هذه الحالة يعني يلزمه إذا كان مستطيعاً بماله أن ينيب من يحج عنه، إذا تبرع أحد من أولاده بالحج عنه فكفى كما في هنا "لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ " أي يصح أن أنوب عنه فأحج "قال: ((نعم)) " أي حجي عنه.
طالب:. . . . . . . . .

(79/12)


ما يحتاج يا أخي أننا نرد نصوص محكمة بمحتملة أبداً، يعني يلزم من ذكر المحرم في كل .. ، نعم في كل قضية، ما دام ثبت المحرم ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله ... أن تسافر مسيرة يوم وليلة بدون محرم)) نعم، يعني نصوص محكمة نردها بمثل أمور مجملة، يعني ما لها أخ؟ ما لها عم؟ ما لها خال؟ لا بد، لا بد النصوص التي يعني .. ، عدم الذكر ليس بذكر للعدم، يعني لما جاء الثلاثة وأووا إلى مسجد، ودخلوا والنبي -عليه الصلاة والسلام- جالس، فأحدهم أوى فأواه الله، والثاني استحيا فاستحيا الله منه، والثالث انصرف هل نقل أنهم سلموا؟ نقول: ما يلزم السلام؟ هل نقول: إنهم صلوا تحية المسجد؟ لا يلزم، ما يلزم؛ لأن عندنا نصوص محكمة تأمر بالسلام، ونصوص تأمر برد السلام، ونصوص تقول: ((لا يجلس ... حتى يصلي ركعتين)) ما يلزم أن يذكر الأمر في كل قضية بعينها.
"قال: ((نعم)) -أي حجي عنه- وذلك في حجة الوادع".
وفي حديث أبي رزين العقيلي أنه قال نفس السؤال: إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً ... إلى آخره، فقال: ((حج عن أبيك واعتمر)) فدل على وجوب الحج والعمرة على المستطيع بماله، وإن لم يستطع ببدنه بالنيابة عنه، هذه النيابة في الحج الواجب معروفة ولا إشكال فيها، وأما النيابة في الحج المسنون يعني شخص لا يجب عليه الحج؛ لأنه غير مستطيع لا بماله ولا بنفسه، فتبرع أحد أولاده أو من عصبته أو غيرهم تبرع محسن أن يحج عنه هذا مأجور، وأيضاً الحج شرعي هنا؛ لأنه حج واجب في الجملة، يقبل النيابة كالمستطيع، لا يلزم، ليس بواجب أن يحج عنه، لكن إذا حصل له أجره -إن شاء الله تعالى-، لكن لو عوفي بعد ذلك يجزئ وإلا ما يجزئ؟ شخص لا يستطيع أن يثبت على الراحلة لمرض به، ثم بعد ذلك عوفي، بعد أن حج عنه، هل يلزم أن يحج بنفسه؟ لأننا تبينا ببرئه أنه غير ميئوس منه، وأن التقرير الذي قال: إنه ميئوس منه غير صحيح؟ أو نقول: إن الله -جل وعلا- لم يوجب حجتين؟ أوجب حجة واحدة وأديت وكفت، والمسألة خلافية بين أهل العلم، مثل العبد إذا حج ثم تحرر عليه حجة الإسلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(79/13)


ويش نقول؟ يعني ما يلزمه شيء؟ هو الأصل أنه في حق من لا يرجى برؤه، أما من يرجى برؤه لا تصح النيابة عنه، ينتظر حتى يبرأ، فإذا حج عنه ثم برئ عرفنا أن تقديرنا ليس بصحيح أنه لا يرجى برؤه، هذه مسألة، وبهذا يقول جمع من أهل العلم وكأن الإمام أحمد المشهور عنه أنه ما دام حج عنه على الوجه الشرعي وهو معذور في وقت حج النائب عنه أنه يكفيه ولا يلزم بحجتين، حجته حجة النائب، والأكثر على أنه يلزمه أن يحج بنفسه.
لا شك أن الأحوط شيء، ولكن ما دام أخرج من ماله لمن يحج عنه، وقلنا: إن هذه الحجة صحيحة، فهل يمكن أن يوجب الشارع حجتين بغير نذر؟ هل يلزمه أن يحج بنفسه؟
طالب: التقدير أصبح خاطئ، لكن هنا من يفرق إن كان الظاهر منها مثلاً مثل في غيبوبة أو تقرير أطباء مثله مثل الصيام هل يشترط طبيب مسلم عدل؟
لو قرر لجنة من ثلاثة من الأطباء قالوا: خلاص هذا ميئوس من برئه ثم أناب، وقل مثل هذا فيمن قرر الأطباء أنه لا يستطيع الصيام فأطعم، ثم برئ يلزمه الصيام أو لا يلزمه؟ لا يلزمه الصيام، كأن القاعدة على هذا، أنه لا يلزم أكثر مما لزمه شرعاً، وإذا أدي عنه على اجتهاد صحيح لا يلزم إعادته، نعم؟
طالب. . . . . . . . .
ثم تيمم؟
طالب: بعد ذلك. . . . . . . . .
نعم، فليتقِ الله وليمسه بشرته، للمستقبل.
طالب: بعد الصلاة. . . . . . . . .
للمستقبل، منهم من يفرق بينما إذا كان في الوقت وبينما إذا خرج الوقت.
طالب: حجه الحج. . . . . . . . .
لا، هم يفرقون بين أن يبرأ قبل أن يتلبس النائب بالحج وبين أن يكون قد تلبس به وأحرم به ولبى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كما لو برئ بعد رجوع النائب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
"أفأحج عنه" تحج عن أبيها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يلزم، هو يلزم أن .. ، لأنها قالت: فريضة الله في الحج، دل على أنها عليه فريضة، نعم عليه فريضة، يجب عليه أن يحج؛ لأنه مستطيع لا يستطيع ببدنه يستطيع بماله، عليه أن ينيب، فإذا تبرعت بنته بالحج عنه كفى، ما يلزم أن يخرج من ماله شيئاً.
طالب:. . . . . . . . .

(79/14)


هذه رواية، هذه رواية وفيها ما فيها، فيها أبو نجيح السندي معشر، مضعف لكن هي تسأل عن أبيها وحمله على الجد لا شك أنه خلاف الظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على الرواية، هذا كله، هي في الحج هي تحج عن نفسها الآن، هي الآن عن نفسها تسأل، بعد المنصرف من مزدلفة السؤال، بين مزدلفة ومنى، أبوها إن كان الأب الأقرب الذي هو الذي هي من صلبه فهي تسأل عنه وهي في محج، وإن كان على ما قيل: إن أباها معها وترك لها السؤال تسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- لكي تتعرض تعرض نفسها عليه كي يتزوجها، والمراد بالأب الجد، وإطلاق الأب على الجد مستفيض في النصوص كما جاء في بعض روايات هذا الحديث، المقصود أن المسألة واضحة يعني، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في من أحصر بعدو:
حدثني يحيى عن مالك قال: من حبس بعدو فحال بينه وبين البيت فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس، وليس عليه قضاء.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حل هو وأصحابه بالحديبية فنحروا الهدي، وحلقوا رءوسهم، وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت، وقبل أن يصل إليه الهدي، ثم لم يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر أحداً من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئاً، ولا يعودوا لشيء.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال حين خرج إلى مكة معتمراً في الفتنة: "إن صددت عن البيت صنعنا كما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ...
صنعنا.
أحسن الله إليك.
"إن صددت عن البيت صنعنا .... "
كما صنعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
أنا عندي سقط.
أحسن الله إليك.
إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأهل بعمرة من أجل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل بعمرة عام الحديبية، ثم إن عبد الله نظر في أمره فقال: ما أمرهما إلا واحد، ثم التفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة ثم نفذ حتى جاء البيت فطاف طوافاً واحداً، ورأى ذلك مجزئاً عنه وأهدى.

(79/15)


قال مالك -رحمه الله-: فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو كما أحصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فأما من أحصر بغير عدو فإنه لا يحل دون البيت.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في من أحصر بعدو" الحصر والإحصار هو المنع عن المضي في ما دخل فيه من نسك ومنع إتمامه، يقال: حصره العدو وأحصره إذا حبسه ومنعه وصده حصره العدو والمرض أيضاً منعه، وعلى كل حال الأصل في الحصر المنع {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [(39) سورة آل عمران] أي ممنوعاً أو مانعاً نفسه، على الخلاف في هل هو ممتنع بنفسه عن النساء أو ممنوع عن النساء؟ المقصود أن الحصر هو المنع.
قال: "حدثني يحيى عن مالك قال: من حبس بعدو" حبس وحصر بعدو حال بينه وبين البيت "فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه" يعني ولو لم يشترط: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ولو لم يشترط إذا وجد ما يحول بينه وبين الباب فإنه يتحلل، وسبق أن ذكرنا فيمن أحصر بعد فساد حجه أنه يتحلل ولا يلزمه المضي في فاسده؛ لأنه محصور ممنوع "فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس" يعني في أي موضع كان، داخل الحرم أو دونه قبل الحرم، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية فلا يلزمه أن يبعث بهديه إلى الحرم، ويبقى محرماً إلى أن يبلغ الهدي محله، إنما ينحر هديه ويحلق رأسه حيث حبس في المكان الذي حبس فيه "وليس عليه قضاء" لما أحصر عنه، عندنا الحصر والمنع بالعدو يترتب عليه أمور أشار إليها الإمام -رحمه الله تعالى-: النحر -نحر الهدي-، وحلق الرأس، والقضاء، الإمام يرى أنه ليس عليه قضاء.

(79/16)


بالنسبة لنحر الهدي النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر هديه بالحديبية، لكن هل هذا على سبيل الوجوب واللزوم أو على سبيل الاستحباب؟ {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] يعني فالواجب ما استيسر من الهدي، وبهذا قال الجمهور: إنه لا بد من الهدي، لكن من أهل العلم من يرى أنه يتحلل دون هدي، دليله؟ دليله أن الذين كانوا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية ألف وأربعمائة، وليس معهم إلا سبعين من الإبل، والسبعين دون الخمسمائة أربعمائة وتسعين، فيبقى تسعمائة أو يزيدون دون هدي، ولم يذكر أنهم أمروا أن يشتروا هدي ليذبحوه في هذا، هذه حجة من يرى أنه لا هدي على المحصر، لكن الآية صريحة {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] لفظ ما استيسر هل يوحي باللزوم أو يوحي بأن الأمر فيه شيء من السعة؟ الذي معه هدي يذبحه، والذي ليس معه هدي لا يلزم بشرائه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، يعني هل نقدر، فإن أحصرتم فالواجب ما استيسر من الهدي؟ يعني كما قلنا: فعدة من أيام أخر، فالواجب عدة من أيام أخر، نعم هل نقول: هذا مثل هذا؟ أو نقول: إن لفظ استيسر دليل على اليسر وأنه لا يلزم الإنسان بما ليس معه إن تيسر الهدي يذبح وإن لم يتيسر لا يلزم؟
النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر هديه، ومعهم سبعون من الإبل، وعدتهم ألف وأربعمائة، هل أمر أحد منهم أن يشتري هدي؟ ما حفظ، وينحر هديه، يعني إن كان معه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: إذا قدرنا فالواجب ذبح ما استيسر من الهدي، قلنا: إن الهدي واجب، وبهذا يقول الجمهور، جمهور أهل العلم على أن الهدي واجب، هدي الإحصار، وإذا قلنا: إن الآية فيها ما يوحي بأن على التيسير إن وجد وإلا فلا يلزم به ولا يكلف، ويؤيد ذلك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أمر أحداً ممن معه أن يشتري هدياً يذبحه، وعلى كل حال الآية ما استيسر من الهدي، كأن الجمهور يقولون: فالواجب عليه ما استيسر، ما تيسر من أنواع ما يهدى، ما استيسر، إبل، بقر، غنم، فالتخيير بين الأنواع الثلاثة بين هذه الأنواع بين مفردات هذه الأنواع لا بين هذه الأنواع وعدمها.

(79/17)


"وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس" وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه أن يحلقوا رؤوسهم فترددوا، في أول الأمر رجاء أن يثبت لهم ما قصدوه من زيارة البيت، لكنه أصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وقبل الصلح على أن يرجع هذا العام، ويحج من قابل، فدخل على بعض نسائه مغضباً؛ لأنه يأمر -عليه الصلاة والسلام- ولم يمتثلوا، ومعلوم أن الباعث لهم على ذلك إرادة الخير، ومع ذلك قالت أم المؤمنين: لو حلقت رأسك لحلقوا، صحيح إذا حلق النبي -عليه الصلاة والسلام- رأسه وأيسوا بادروا بالحلق، لكن قبل أن يحلق هم على رجاء أن يتم لهم ما أرادوا، فلما حلق النبي -عليه الصلاة والسلام- كادوا أن يقتتلوا على الأمواس؛ لأن الآن ما في مندوحة من قبول هذا التوجيه.
"ويحلق رأسه" في الموضع، في أي موضع حصر فيه، فلا يلزمه أن يبعث الهدي إلى الحرم، وأن يحلق رأسه في الحرم "وليس عليه قضاء" لما أحصر عنه، هذا رأي الإمام مالك، وهو أيضاً معروف عن الإمام أحمد وجمع من أهل العلم أنه ليس عليه قضاء، ويرى آخرون أن عليه القضاء؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى هذه العمرة من قابل، لكن لم يثبت أن جميع من كانوا معه في العام الماضي أنهم قضوا في هذا العام، يعني هل كل من كان معه في الحديبية اعتمروا من العام القابل في عمرة القضاء؟ قالوا: إن الذين تخلفوا عنه كثير لم يقضوا، هذه حجة من يقول: إنه ليس عليه قضاء، ومن يقول بالقضاء يقول: إنه دخل في النسك فلزمه إتمامه، فلما صد عنه صار كمن أفسد حجه عليه القضاء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه والله أنا أقول: إذا أمكنه ولم يصعب عليه شراؤه بأن كانت قيمته. . . . . . . . . ويستطيع أن يقترض ولا يشق عليه، وإلا تكليفه بأن يستدين لا شك أن هذا خلاف ما استيسر؛ لأن لفظ ما استيسر يشمل المفاضلة بين الأنواع الثلاثة، كما أنه يشمل المفاضلة بينها وبين عدمها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا العموم يشمله.
"وليس عليه قضاء" هذا قول الإمام مالك بدليل أن الذين كانوا معه في عمرة الحديبية أو في صلح الحديبية كثير منهم تخلف عن عمرة القضاء.
طالب:. . . . . . . . .

(79/18)


نعم، بهذا لا، لكن {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] هذا من باب الإتمام اللزوم المضي فيه إن أمكن وإلا فبدله، يعني من هذا الباب.
طالب: حتى لو كانت عمرة؟
إذا دخل فيها صار حكمها حكم الواجب.
طالب:. . . . . . . . .
هدي هدي، إيه هذه السبعين هذه.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حل هو وأصحابه بالحديبية" يعني لما صدهم المشركون "فنحروا الهدي وحلقوا رءوسهم وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت" يعني حلوا من كل شيء منعوا منه بسبب الدخول في النسك "قبل أن يطوفوا بالبيت" وهذا معلوم أنهم صدوا عن البيت، "وقبل أن يصل إليه الهدي" وإنما نحر هديه في مكانه -عليه الصلاة والسلام- "ثم لم يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر أحداً من أصحابه" الملازمين له، المتقدمين في الصحبة "ولا ممن كان معه" من الخارجين للحديبية، والكل صحابة، لكن يحمل قوله: "من أصحابه" على من تقدم إسلامهم، ولازموا النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا ممن كان معه ممن خرج إلى الحديبية من متأخري الإسلام، كل هؤلاء لم يؤمروا "أن يقضوا شيئاً ولا أمرهم أن يعودوا لشيء" يفعلونه.

(79/19)


يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال حين خرج إلى مكة معتمراً في الفتنة" حين نزل الحجاج لقتال ابن الزبير بمكة، وحصل منه ما حصل، قال ابن عمر حين خرج إلى مكة حين أراد أن يخرج إلى مكة معتمراً في ذلك الظرف الذي نزل فهي الحجاج بابن الزبير لقتاله: "إن صددت عن البيت" قال ذلك جواباً لولديه سالم وعبيد الله اللذين نصحاه بأن لا يحج هذا العام، نصحاه أن لا يحج، المسألة فيها إشكال، وفيها احتمال فتنة، وفيها احتمال قتال أشاروا عليه من باب الشفقة على والدهم أن لا يحج هذه السنة، فقال: "إن صددت عن البيت -منعت عن البيت- صنعنا كما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عمرة الحديبية" صنعنا أي صنعت أنا ومن معي كما صنع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الصد موجبه ما تقدم من التحلل حيث منعوا من دخول مكة عام الحديبية "فأهل -ابن عمر- بعمرة" لكي يطابق فعله فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما صد كان محرماً بعمرة، فأهل ابن عمر بعمرة من أجل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل بعمرة عام الحديبية، سنة ست من الهجرة "ثم إن عبد الله بن عمر تأمل ونظر في أمره" وسأل نفسه ما الفرق بين الحج والعمرة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- تحلل من العمرة لما صد عنها، هل يكون هناك فرق بين أن يكون الصد عن عمرة أو عن حج؟ تأمل ابن عمر وراجع نفسه في هذا "ثم إن عبد الله نظر في أمره فقال: ما أمرهما إلا واحد" الحج والعمرة حكمهما واحد فإذا صددت تحللت، سواءً كان ذلك حج أو عمرة، قال هذا في نفسه، زور هذا في نفسه "ثم التفت إلى أصحابه" فأخبرهم بما استقر عليه اجتهاده "فقال: ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة" قد قال ذلك ليقتدى به وإلا فالنية في مثل هذا تكفي، أن يلبي بهما جميعاً، من دون أن يشهد الناس على ما أراد، لكن من أجل أن يقتدوا به "ثم نفذ -يعني مضى- حتى جاء البيت فطاف طوافاً واحداً" هو أوجب الحج مع العمرة يعني إيش؟ أحرم بماذا؟
طالب: بالقران.

(79/20)


بالقران، أوجب الحج مع العمرة فصار قارناً "حتى إذا جاء البيت فطاف طوافاً واحداً" والقارن كما تقدم لا يلزمه إلا طواف واحد وسعي واحد كالمفرد "ورأى ذلك مجزيا عنه" يعني يكفي الطواف الواحد والسعي الواحد "وأهدى" هدي القران، وهذا رأي الجمهور أن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد كالمفرد، والحنفية يرون أن القارن كالمتمتع يلزمه طوفان وسعيان كالمتمتع سواء.
طالب:. . . . . . . . .
هو طواف الركن، أما طواف القدوم فليس بلازم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كأنه لم يطف للقدوم، حتى إذا جاء البيت يحتمل أنه بعد نزوله من عرفة، وهذا هو الركن، وهذا كونه طاف طوافاً واحداً مما يلزمه، ولا ينفي هذا أن يكون طاف للقدوم، أو أن يكون تطوع بالطواف، لكن الطواف الواحد هذا مما يلزمه "ورأى ذلك مجزياً عنه" يعني ما طاف طواف بنية عمرة مستقلة كالمتمتع، ولو كان قد طاف للقدوم لا يرد على هذا التعبير؛ لأنه إنما طاف طوافاً يعني مما يجب عليه، والحنفية يرون أن القارن كالمتمتع يلزمه طوافان وسعيان، فعندنا رأي الجمهور أن القارن مثل المفرد يلزمه طواف واحد، وسعي واحد، ولا فرق في الصورة بين الإفراد والقران.
الحنفية يرون أن القارن مثل المتمتع يطوف طوافين ويسعى سعيين، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن المتمتع يلزمه طوافين وسعي واحد، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فطافوا بين الصفا والمروة طوافاً واحداً، شيخ الإسلام جمعوا بين الحج والعمرة يرى أنه يشمل التمتع، والجمهور يحملونه على القران.
"قال مالك: فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو -يفعل- كما أحصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه" فيفعل كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- من التحلل ونحر الهدي ولا قضاء؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] ولم يذكر قضاء، ولا ألزم كل من معه في الحديبية بالقضاء "فأما من أحصر بغير عدو -كمرض- فإنه لا يحل دون البيت".

(79/21)


يعني رأي الإمام مالك في التفريق فيمن كان حصره بسبب العدو أو بسبب المرض ظاهر، يقول: فأما من أحصر بغير عدو، يعني كالمرض، أو ذهاب نفقة، أو موت دابة تحمله إلى المشاعر ولا يستطيع أن ينتقل هذا أحصر، ولكنه بغير عدو كالمرض مثلاً فإنه لا يحل دون البيت، لا بد أن يصل إلى البيت، طيب مريض ما يستطيع يمرض، وإذا عوفي يذهب إلى البيت ويتحلل بعمرة إذا كان الحج قد فاته "فإنه لا يحل دون البيت" وبهذا قال الشافعي وأحمد وإسحاق وجماعة خلافاً لأبي حنيفة ككثير من الصحابة في أنه عام في كل حابس من عدو ومرض وغيرهما.
يعني النص بالعدو، لكن الحصر بالمرض محلق به بجامع المنع من الوصول إلى البيت في العدو في حال حصر العدو، وفي حال حصر المرض، هم يفرقون بين الحصر والإحصار والمتعدي واللازم في كلام طويل يعني، ولذلك الإمام -رحمه الله- ترجم بعد هذا بقوله: "باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو" على كل حال هذا رأي الإمام مالك، وبه يقول الإمام الشافعي، وهو رواية عن أحمد.
يقول في المقنع مع حاشيته: "ومن أحرم فحصره عدو ولم يكن له طريق إلى الحج ذبح هدياً في موضعه وحل، فإن لم يجد هدياً صام عشرة أيام ثم حل، وفي وجوب القضاء على المحصر روايتان، ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة لم يكن له التحلل، فإن فاته الحج تحلل بعمرة؛ لأن الحصر بالمرض وذهاب النفقة لا يمنعه من أن يصل إلى البيت، يعني غاية ما هنالك أنه يدخل المستشفى فإذا عوفي وصل إلى البيت لم يكن له التحلل فإن فاته الحج تحلل بعمرة، ويحتمل أنه يجوز له التحلل كمن حصره العدو بجامع المنع في كل منهما، وأن الحصر بالمرض إن لم يكن أشد من الحصر بالعدو فليس دونه.

(79/22)


ومن شرط في إحرامه: أن محلي حيث حبستني فله التحلل بجميع ذلك، ولا شيء عليه، يتحلل، فلا يلزمه هدي، ولا يلزمه حلق رأس، ولا يلزمه قضاء، المقصود أنه إذا كان قد اشترط ينفعه ذلك، والاشتراط جاء في حديث ضباعة بنت الزبير أنها قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال: ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) فالاشتراط ينفع مطلقاً كما يقول بعض العلماء، للإنسان أن يشترط ويتحلل متى حصل له ما يمنع من الحج، حتى أنهم قالوا: إن الحائض لها أن تشترط إذا خشيت أن تحبس الرفقة أن تتحلل وينفعها ذلك، ومنهم من يرى أن الاشتراط خاص بضباعة بنت الزبير، ومنهم من يقول كشيخ الإسلام ابن تيمية: إن الاشتراط ينفع من حاله كحال ضباعة ممن وجدت آثار أو مقدمات المرض، وأنه لا ينفع مطلقاً؛ لأن فيه نقضاً لما أبرمه من الدخول في النسك.
وعلى كل حال النص صحيح صريح ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) لكن التوسع في الاشتراط بأن يشترط كل من أراد النسك يشترط؟ كان هذا معروف بين الناس متداول بينهم، كل من دخل في الإحرام قال: فإن حبسني حابس فحملي حيث تحبسني، ويوجد من يشترط في غير الحج، يعني وجد من العامة من يسمع مثل هذا الكلام ويصطحبه –ويستصحبه- حتى في الصيام مثلاً، ويقول: اللهم إني أريد الصوم فإن حبسني حابس .. ، هذا سمع من بعض العامة.
طالب: العشرة الأيام. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: ثم يتحلل. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة ... أو قبل؟ ومن أحرم فحصره عدو ولم يكن له طريق إلى الحج ذبح هدياً في موضعه وحل، فإن لم يجد هدياً صام عشرة أيام، ثم حل ... ، أنه لا يحل حتى يصوم عشرة أيام، وهذه المسألة وحصر المرض وتأثيره والخلاف في المسألة؛ لأنه حيث ترجم الإمام -رحمه الله تعالى- في الباب الذي يليه، باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو، يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(79/23)


الموطأ - كتاب الحج (17)
شرح: باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها أو الدواء صنع ذلك وافتدى.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كانت تقول: المحرم لا يحله إلا البيت.
وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السِختياني. . . . . . . . .
بفتح السين.
أحسن الله إليك.
عن أيوب بن أبي تميمة السَختياني عن رجل من أهل البصرة كان قديماً أنه قال: خرجت إلى مكة حتى إذا كنت ببعض الطريق كسرت فخذي فأرسلت إلى مكة وبها عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- والناس فلم يرخص لي أحد أن أحل فأقمت على ذلك الماء سبعة أشهر حتى أحللت بعمرة.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن سعيد بن حزابة المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم، فسأل من يلي على الماء الذي كان عليه فوجد عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وعبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- ومروان بن الحكم فذكر لهم الذي عرض له، فكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد منه له ويفتدي، فإذا صح اعتمر فحل من إحرامه، ثم عليه حج قابل، ويهدي ما استيسر من الهدي.

(80/1)


قال مالك -رحمه الله-: وعلى هذا الأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو وقد أمر عمر بن الخطاب أبا أيوب الأنصاري وهبار بن الأسود -رضي الله عنهم- حين فاتهما الحج وأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالاً ثم يحجان عاماً قابلاً ويهديان فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قال مالك: وكل من حبس عن الحج بعد ما يحرم إما بمرض أو بغيره أو بخطأ من العدد أو خفي عليه الهلال فهو محصر عليه ما على المحصر.
قال يحيى: سئل مالك عمن أهل من أهل مكة بالحج ثم أصابه كسر أو بطن متحرق أو امرأة تطلق، قال: من أصابه هذا منهم فهو محصر يكون عليه مثل ما على أهل الآفاق إذا هم أحصروا.
قال مالك في رجل قدم معتمراً في أشهر الحج حتى إذا قضى عمرته أهل بالحج من مكة ثم كسر أو أصابه أمر لا يقدر على أن يحضر مع الناس الموقف، قال مالك: أرى أن يقيم حتى إذا برأ خرج إلى الحل ثم يرجع إلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ثم يحل ثم عليه حج قابل والهدي.
قال مالك فيمن أهل بالحج من مكة ثم طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ثم مرض فلم يستطع أن يحضر مع الناس الموقف، قال مالك: إذا فاته الحج فإن استطاع خرج إلى الحل فدخل بعمرة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة؛ لأن الطواف الأول لم يكن نواه للعمرة فلذلك يعمل بهذا، وعليه حج قابل والهدي، فإن كان من غير أهل مكة فأصابه مرض حال بينه وبين الحج فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حل بعمرة وطاف بالبيت طوافاً آخر وسعى بين الصفا والمروة؛ لأن طوافه الأول وسعيه إنما كان نواه للحج وعليه حج قابل والهدي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو" وعرفنا أن هذا يكون بالمرض، بذهاب النفقة، بضلال الطريق، فيما يفوت عليه الوقوف الذي بفواته يفوت الحج.

(80/2)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه قال: "المحصر بمرض لا يحل" وعرفنا الفرق، وجه التفريق فيمن أحصر بعدو ومن حصر بمرض، عرفنا وجه التفريق أن المحصر بعدو لا يتصور منه الوصول إلى البيت، بينما من أحصر بمرض يتصور منه الوصول إلى البيت، ولو بمساعدة غيره بأن يصل محمول أو يطاف به محمول، ويسعى به محمول، يمكن.
"أنه قال: المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة" ولا يجوز له التحلل، محصر بمرض، قلنا: إنه لا يتحلل حتى يطوف بالبيت، ولو اقتضى هذا مكثه في المستشفى مدة طويلة، كسر ومرض ودخل المستشفى مثلاً بعد أن دخل في النسك، وأقام في المستشفى أشهر، وهو يرجى برؤه، أو سنين، نعم، يبقى على إحرامه، لماذا لا نقول: إن هذا مثل ما لو قيل للمحصر بعدو: اضرب خباء دون العدو وامكث على إحرامك حتى تتمكن من الدخول إلى البيت؟ ويش الفرق بين أن يبقى المريض على سرير المستشفى سنة مثلاً أو يبقى بخبائه أو ببلد دون العدو ويبقى محرم؟ أيهما أيسر؟ محرم وهو مريض على السرير أو محرم وهو مصدود عن البيت حتى يرتفع هذا الصد وينتقل هذا العدو؟ أيهما أسهل؟ يعني من هذه الحيثية صد العدو أسهل، مع مراعاة سبب نزولها، يعني مراعاة سبب النزول، لكن هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ العبرة بعموم اللفظ، وهنا يتقوى القول بأن الحصر بجميع أنواعه كل ما يصد عن البيت سواءً كان بعدو أو بغيره يسيغ التحلل، وعلى كل حال كلام الشيخ الشنقيطي -رحمه الله تعالى- مفصل، ونأتي عليه قريباً، بس نأتي على كلام المؤلف بسرعة، ثم بعد ذلك نعود إلى كلام الشيخ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أنت تتصور المسألة في رجل كسر، انكسر عنده الحوض ويحتاج إلى سنة وحمله لا يستطيع، لا يستطيع أن يطوف ولا يسعى، ولا يثبت على محمول، لا بد من سرير، ولا بد من ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(80/3)


لا، هم يقولون: يمكث في الإحرام، ونحن نريد أن نقرر هل هو بهذه الصورة أشد ممن حصر بعدو، نعم، يمكث على إحرامه أو يتحلل الجميع؟ يمكث الجميع أو يتحلل الجميع؟ النص جاء بأنه يتحلل، وسبب النزول بالعدو، لكن هل ما يوجد مما هو أشد من العدو، أشد من العدو يجعل الحكم مثل من أحصر بعدو، وهذا قول معتبر عند أهل العلم قول الحنفية وغيرهم، ومعروف عند الحنابلة القول بأن الحصر يشمل العدو والمرض، أو نقصر النص على سببه، والجميع يتفقون على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإذا وجد ما أثره كأثر الحصر بالعدو يأخذ حكمه، وقد يوجد ما هو أشد من الحصر بالعدو فيكون قياسه من باب الأولى، أو شمول العلة.
طالب: شيخ -غفر الله- لك بالنسبة للقائلين بالقضاء أدلتهم أليست قوية؟
فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: لا والآية: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ} [(196) سورة البقرة].
لكن لو استطاع الإتمام أتم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، في أقوال للصحابة يحج من قابل.
طالب: أنا أقصد أن الآية {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] بس، فكت الإتمام؟
نعم، وليس فيها أكثر من الهدي، على كل حال كلام الشيخ وافي الشنقيطي -رحمه الله-، ولعلنا نأتي على مقاصده ومهماته -إن شاء الله تعالى-.
"أنه قال: المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة" ولا يجوز له التحلل "فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها -لمرض أو برد مثلاً- أو الدواء" المشتمل على شيء من المحظور "صنع ذلك وافتدى" ولا إثم عليه كالسليم للحاجة، يعني مثل كعب بن عجرة لما احتاج إلى حلق شعره صنع ذلك وافتدى، ونزلت فيه الآية، قال ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لو معه أطياب وإلا معه شيء، يحتاج إلى شيء من ذلك، يعني ما يشتمل على محظور.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه -قالوا: عن عمرة أو غيرها- عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كانت تقول: "المحرم لا يحله إلا البيت" وهذا عمومه يشمل جميع من أحرم، ولا يستثنى من ذلك إلا ما اتفق عليه وهو الحصر بالعدو.

(80/4)


قال ابن عبد البر: معناه المحرم يمرض مرضاً لا يقدر أن يصل إلى البيت فيبقى على حاله فإن احتاج إلى لبس أو دواء فعله وافتدى، فإذا برأ أتى البيت فطاف به وسعى، فهذا مفاده -مفاد كلام ابن عمر السابق-، نعم، وهو رأي الإمام مالك.
"وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة" اسمه كيسان السَختياني "عن رجل من أهل البصرة كان قديماً" "عن رجل من أهل البصرة" ذكروا أنه أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي "أنه قال: "خرجت إلى مكة -يعني معتمراً- حتى إذا كنت ببعض الطريق -وقعت عن راحلتي كما في بعض الروايات- كسرت فخذي، فأرسلت إلى مكة وبها عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر" والناس يعني من الصحابة وكبار التابعين فسألوهم "فلم يرخص لي أحد أن أحل" لماذا؟ لأن العمرة ليس لها وقت يفوت كالحج، يعني العمرة أمرها أوسع، ينتظر فمتى ما طاب يأتي بالعمرة، يطوف ويسعى ويقصر وينتهي أو يحلق "فأقمت على ذلك الماء سبعة أشهر" الماء الذي كسر عنده أقام سبعة أشهر "حتى أحللت بعمرة" يعني بعد أن عافاه الله وشفاه من كسره، لكن لو أمكن حمله إلى مكة والطواف به والسعي يكفيه؛ لأنه محتاج إلى هذا، يقول: "فلم يرخص لي أحد أن أحل" هذا يسند قول الإمام مالك والشافعي.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه قال: من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى -أيضاً- بين الصفا والمروة" ويكمل أركان العمرة الطواف والسعي ثم بعد ذلك ما يجب عليه من حلق أو تقصير.
ثم قال: "حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن سعيد بن حزابة المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم" صرع من أيسر الأمور أن يقع يسقط من دابته فيكسر أو يموت، المقصود أن هذا سهل في السابق كثرة ... ، لكنه في هذه الأوقات بسبب الحوادث أكثر، والإصابات أبلغ، نسأل الله العافية، وكثير منها سببه التفريط.

(80/5)


يقول: "صرع ببعض طريق مكة وهو محرم، فسأل -من يلي- على الماء الذي كان عليه" سأل القائمين على الماء "عن العلماء" فهل على هذا الماء أحد؟ "فوجد عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم فذكر لهم الذي عرض له فكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد له منه ويفتدي" للتداوي المشتمل على طيب "فإذا صح وبرأ من مرضه اعتمر فحل من إحرامه" بفعل العمرة، يتحلل بعمرة، الآن هو أحرم بحج، ثم حصل له ما يمنعه من الحج، مثل هذا يتداوى بما لا بد له منه، ولو مكث في المستشفى مدة طويلة ثم بعد ذلك يتحلل بعمرة "ثم عليه حج قابل ويهدي ما استيسر من الهدي" الآن وجوه الاتفاق ووجوه الافتراق بين من أحصر بعدو ومن أحصر بمرض، الافتراق أن من أحصر بعدو يتحلل، ومن أحصر بمرض لا يتحلل على رأي الإمام مالك -رحمه الله-، ووجوه الاتفاق أنه يهدي ويحج من قابل كل منهما على ما تقدم.
"قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا" يعني في مذهبه وفي بلده المدينة "فيمن أحصر بغير عدو" أنه لا يحل إلا بفعل العمرة، لكن أحصر وأمكنه الحج، يلزمه أن يحج، مرض قبل مع دخول الشهر مثلاً ذي الحجة، ثم بعد ذلك تعالج وبرئ قبل الوقوف، هذا ما عنده مشكلة، ما في إشكال بالنسبة له، الإشكال فيما لو فاته الوقوف ولم يقف مع الناس "يقول مالك: وعلى هذا الأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو" أنه لا يحل إلا بفعل العمرة، سواءً كان محرماً بعمرة أو محرماً بحج لم يتمكن فيه من أدائه مع العجز.
طالب:. . . . . . . . .
يعني يستطيع يوزع الحج ويرجع.
طالب:. . . . . . . . .
أنت شو اللي يروح أجل؟ إيش اللي يروح؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن مثل هذا. . . . . . . . . ويروح. . . . . . . . . بيروح، يقول: وأنت أوقف عنه، وأنت طوف، وأنت أسعَ، وأنت أرمِ.
طالب: يقول ويستدل بأنه ما صح في العبادات في جزء من بعضه صح في الكل، في كله صح في جزئه، بما أنه تصح النيابة في كله تصح في بعضه.
النيابة من غير حاجة، ونقتصر فيها على ما ورد.
طالب: هو يقول: مثلاً إذا كان أنه جاز صح حجه إذا حج فرضه صح له أن ينيب عنه في النفل، ويقول: أنا بقسم. . . . . . . . .

(80/6)


إذا كان في حج النفل من القادر عليه محل خلاف كبير بين أهل العلم.
طالب: لو ترجح عنده لكن هل يصح طرده؟
لا، لا ما يصح، هذه عبادات توقيفية، هذه عبادات توقيفية الأصل فيها أن يؤديها المكلف بنفسه، جاء بعض .. ، أو الإنابة في بعض الصور يقتصر على ما جاء، وما عدا ذلك يبقى على أن المكلف مطالب به.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا فيه من يقول بهذا القول، لكنه قول مردود شاذ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أحصر بعمرة، محرم بعمرة، وقلنا له: يلزمك أن تبقى على إحرامك، صح وإلا لا؟ أن تبقى على إحرامك، فإذا شفيت تطوف وتسعى ما عليه هذا، إذا تمكن من أدائها كاملة ولم يرتكب محظور ما يلزمه شيء، هذا مجرد تأخير الإتيان بالعمرة بعد الدخول فيها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب: إذا أحرم ولم يتمكن أو أحصر ولم يتمكن من دخول مكة، يتحلل كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
إيه يتحلل و. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم، إيه.
"وقد أمر عمر بن الخطاب أبا أيوب الأنصاري -خالد بن زيد- وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج وأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة، ثم يرجعا حلالاً من كل شيء، ثم يحجان عاماً قابلاً، ويهديان، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله" هذا أحصر بغير عدو، فاته الحج، أحصر بغير عدو، لماذا لا يقال له: تبقى على إحرامك ما دام الحصر بغير عدو حتى تؤدي الحج؟ من العام يبقى على إحرامه، ويش الفرق بينه وبين المريض الذي يبقى على سريره مثلاً وقد أحرم؟ الآن مكث سبعة أشهر على الماء، إذا أردنا أن نفرق في الحصر بين العدو والمرض، إذا فاته الحج لماذا لا نقول: يبقى محرماً؟ مثل هذا يرد عليه أنه أحرم بالحج قبل أشهره، لا يقول: إنه أحرم الآن في أشهر الحج، ونلزمه أنه يبقى إلى أن يؤدي الحج من قابل، نقول: هذا أحرم بالحج قبل أشهره، المقصود بأشهره الشهرين ذي القعدة والحجة، وشوال والقعدة وعشر من ذي الحجة، نعم هذه أشهر الحج، فما قبلها لا يصح عند أهل العلم الإحرام به، أما بالنسبة للعمرة التي ليس لها وقت، نعم يبقى على إحرامه حتى يتمكن من أدائها.

(80/7)


"أتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالاً، ثم يحجان عاماً قابلاً ويهديان، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله".
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هؤلاء محرمين بحج، وفاتهم الوقوف فأمرا أن يحلا بعمرة، تحللا بعمرة، ويلزمهما الحج من قابل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هو ما قال الإمام مالك -رحمه الله- فيما تقدم من فعل عبد الله بن زيد الجرمي أبي قلابة أنه مكث سبعة أشهر محرم على الماء؛ لأنه محرم بعمرة، لكن ماذا عما لو أحرم بحج في أشهر الحج ثم حصل له مرض يمنعه أن لا يبقى على إحرامه إلى أن يحج من قابل، عرفنا الفرق بينهما أن العمرة السنة كلها وقت للعمرة فلا يتحلل، أما بالنسبة للحج فبمضي وقته انتهى، ولا يصح الإحرام به قبل دخول أشهره، نعم؟
طالب: بمجرد مضي وقته؟
نعم بمجرد مضي وقته، خلاص انتهى، يفوت الحج، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تقرير المذهب، تقرير مذهب الإمام مالك والشافعي ورواية عن أحمد أنه لا حصر إلا بالعدو، أما المرض فلا، يستمر محرم إلى أن يؤدي نسكه الممكن.
في البخاري عن سالم قال: كان ابن عمر يقول: أليس حسبكم سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء حتى يحج عاماً قابلاً فيهدي أو يصوم إن لم يجد هدياً.
معروف قول الصحابي من السنة أو نحو أمرنا حكمه الرفع، نعم معروف أن قول: حسبكم سنة نبيكم أي هذه السنة، أو سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- كل هذه لها حكم الرفع، لكن في مثل هذا استناد ابن عمر على إيش؟ على ما حصل له في الحديبية، على ما حصل للنبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية.
يقول -كلام ابن عمر-: أليس حسبكم سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء حتى يحج عاماً قابلاً فيهدي أو يصوم من لم يجد هدياً، أو إن لم يجد هدياً.

(80/8)


هل ابن عمر استند على نص خاص في هذه المسألة تلزم بما ذكر، يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحل ثم يحج عاماً قابلاً أو استند في ذلك إلى ما حصل للنبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية؟ هل نقول: إنه فهم، وقال: هذا دليلي، فهذه السنة تدل على قولي، أو نقول: إنه استند على نص؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ما تقدم نظير هذه المسألة، قلنا: إن ابن عباس فهم أو استند إلى نص؟ في أي مسألة؟
طالب: في النكاح، نكاح المحرم.
طالب: تقليد الهدي.
في تقليد الهدي حينما عزاه إلى السنة نعم، هل نقول: إن هذا فهم من ابن عباس أو عنده نص اختص به دون غيره فعبر عنه بالسنة؟ وهنا نقول: هل هذا فهم من ابن عمر من قصة الحديبية أو نقول: إنه اعتمد على نص يدل على هذا بدليل أنه قال: "هذه السنة" نعم؟ فهمها من قصة الحديبية أو من نص خاص اختص به وعبر عنه؟ نعم؟
طالب: يرجع إلى. . . . . . . . .
لا، يمكن نص قولي، نعم مفاده أن من حبس طاف بالبيت والصفا والمروة، ثم حل ثم يحج من عام قابل فيفدي؛ لأن قوله: من السنة أو حسبكم السنة .. ، وقيل: لسالم .. ، وسئل سالم فقال: ولا يريدون بذلك إلا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه القصة، كما ذكر ذلك الشافعي في الأم وغيره، ولا يريدون بذلك إلا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
طالب: كان فهم من الحديبية الحج.
طيب، والحج من قابل باعتبار النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى وأهدى، يعني الصورة ما فيها من الفرق إلا أنه لم يطف بالبيت هنا.

(80/9)


إذن الذي يغلب على الظن أنه يستند إلى نص، والحديث الخبر في البخاري، وابن عمر لا يمكن أن يضيف إلى السنة ما ليس منها، فيكون هذا الحكم ثم حل من كل شيء، طاف بالبيت يعني أنه ليس له أن يتحلل دون عمرة، نعم ليس له أن يتحلل بمجرد الصد، نعم، إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، وهذا يتصور في من حبس بمرض أو بعدو؟ إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل من كل شيء، كيف يطوف بالبيت وهو مصدود؟ يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- لما صد عن البيت بالعدو تحلل دون أن يطوف ويسعى، نفترض شخصاً صد بعدو، وقد أحرم بالحج هل نقول: إنه يلزمه أن يطوف بين الصفا والمروة؛ لأن هذه تختلف عن قصة الحديبية؟ أو يتحلل كما في تصريح ابن عمر: "ما أمرهما إلا واحد" نعم؟ ابن عمر يرى .. ، راوي الخبر يرى أنهما ما أمرهما إلا واحد؛ ليغلب على الظن أنه لو حبس جاءه ما يعوق ويحول بينه وبين الوقوف بعرفة فقط، ثم فاته الحج مثل هذا يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحل، ثم يحج عاماً قابل، نعم؟
طالب: متعلق بالحج.
بالحج، يعني قل مثل هذا لو صد عن البيت لأنه ما معه تصريح، فلما غابت الشمس من يوم عرفة أذنوا له .. ، لا طلع الفجر من يوم النحر، تصير المسألة فاتت مرة بالكلية، مثل هذا مصدود عن البيت، مثل هذا يطوف ويسعى ويتحلل ويحج من قابل ويهدي؛ لأنه حبس عن البيت، وقل مثل هذا فيمن حبس بمرض، حبس بمرض، أما الصد عن البيت الذي لا يتمكن معه من الوصول إلى البيت، مثل هذا يذبح ما استيسر ويحلق ويتحلل كما لو صد عن عمرة، وين؟
طالب:. . . . . . . . .
حسبكم سنة نبيكم، نفس الشيء.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم نصوا على أن قول الصحابي: من السنة حكمه الرفع.
طالب:. . . . . . . . .

(80/10)


هو الإشكال الآن فيمن يتوسع وينسب إلى الدين رأيه، ويوجد ما رأي الدين في كذا؟ ثم يجيب بجواب اجتهادي، وفي كتاب مطبوع (أنت تسأل والإسلام يجيب) مطبوع بهذا الاسم، وكثير من الأحكام اجتهادية، نعم لو أجاب بالنص، السؤال كذا، الجواب قال الله تعالى كذا، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما صح عنه، هذا الإسلام أجاب نعم، لكن تجتهد وتقول: الإسلام يجيب، ويربأ بابن عمر وأمثال ابن عمر أن يتصرف مثل هذا التصرف إلا أن يكون عنده توقيف في هذه المسألة.
طالب:. . . . . . . . .
هو فهم الذي يقول: إن الإسلام يجيب هذا جواب الإسلام بعد، ابن عمر صاحب تحري وتثبت وما يمكن أن ينسب اجتهاده إلى .. ، لكن أحياناً يهجم على الذهن وينقدح فيه أن دلالة الخبر مطابقة لهذا الاجتهاد، ثم يأتي من ينازعه، فإذا انقدح في ذهنه أن دلالة الخبر تدل على هذا، وقال السنة بناءً على ما انقدح في ذهنه، وجاء من ينازعه، لكن يبقى أن الاحتمال قائم، أنه هل ابن عمر حينما قال: حسبكم سنة نبيكم استند إلى الحديبية إلى قصة الحديبية أو استند إلى نص خاص؟ وما فعله حينما نزل المختار بابن الزبير وقيل له .. ، طلب منه أن يؤجل الدخول في النسك، فقال: حسبنا سنة نبينا -عليه الصلاة والسلام- إن صدنا عن البيت فعلنا مثل ما فعل، فأحرم بعمرة، ثم بعد ذلك قال: ما أمرهما إلا واحد، فأحرم بهما، فالذي يظهر من مجموع الطرق أنه يستند إلى قصة الحديبية، لكن مثل ابن عمر واحتياط ابن عمر يدخل أشياء يطوف بالبيت وبالصفا والمروة، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما طاف بهما، فمثل هذا ....
طالب: أثر عائشة ما يقوي أن فيه نص، لا يحل إلا البيت، المحرم لا يحله إلا البيت.
هذا قولها موقوف عليها، موقوف، هذا اجتهاد، هذا ما فيه إشكال.
طالب: إيه، لا يعني أنها اجتهدت قد يكون هذا يعضد أن ابن عمر مستند على نص فعلاً وإلا لن يقول برأيه.
ما تنتهي المسألة ترى، ولن تنحسم؛ لأن الاحتمالين لكل واحد منهما ما يؤيده، وفي مثل هذا إذا الدلالة انتابها وتجاذبها أمران على حد سواء يرجع في تقرير المسألة إلى الأدلة الخاصة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
في هذا؟

(80/11)


طالب:. . . . . . . . .
في هذه المسألة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما في .. ، إن حبس أحدكم عن الحج، يعني فاته، لو تصور أنه جاءه ما يمنعه، افترض أي مانع، السيارة خبطت مثلاً تبي توضيب تجلس ثلاثة أيام، ولا يوجد وسيلة غيرها، وإذا جلس ثلاثة أيام ما وصل إلى صبح يوم النحر، حبس عن الحج، فمثل هذا يتحلل بعمرة ويذبح ما استيسر وعليه حج عام قابل، وواضح من كلام ابن عمر.
"قال مالك: "وكل من حبس عن الحج بعد ما يحرم إما بمرض أو بغيره أو بخطأ من العدد، أو خفي عليه الهلال" يعني أعلن أن الشهر -شهر القعدة كامل- ثم أعلن أنه ناقص، يعني مثل ما حصل هذه السنة، لو افترضنا أن الإعلان تأخر مثلاً، الإعلان الثاني تأخر ما هو بيوم ثلاثة أعلنوه يوم ثمانية مثلاً، وقد أحرم ولا يتمكن بهذه الطريقة؛ لأنه حاسب حساب يومين وما بقي إلا يوم، هذا إيش؟ خطأ في العدد "أو بخطأ من العدد أو خفي عليه الهلال" يعني في الصورة التي حصلت في هذه السنة أعلنوا أن الشهر كامل، ثم أعلنوا أن الشهر ناقص، الجهات المسئولة هل تلام في مثل هذا أو هي مستندة إلى مقدمات شرعية؟ ما جاءهم أحد أعلنوا التمام، ثم جاءهم من جاءهم وهو الملوم في تأخره فأعلنوا بناءً على الرؤية، فالملوم في مثل هذا الذي تأخر في الإبلاغ، الذي تأخر في إبلاغهم "أو خفي عليه الهلال فهو محصر عليه ما على المحصر" يتحلل بعمرة وعليه دم.
"قال يحيى: سئل مالك عمن أهل من أهل مكة بالحج ثم أصابه كسر لبعض أعضائه أو بطن متحرق" كيف بطن متحرق؟ إسهال شديد يمنعه "أو امرأة تطلق" يعني أخذها الطلق والمخاض قال: "من أصابه هذا منهم فهو محصر، يكون عليه مثل ما على أهل الآفاق" يعني بإمكان المرأة التي تطلق أن تؤدي جميع ما يؤديه الحجاج إلا الطواف بالبيت.
طالب:. . . . . . . . .
لا، بإمكانها قبل أن يبدأ نفاسها أن تطوف أيضاً، لكن إذا قرر الأطباء أنها لو خرجت مع الناس وهي في هذه الحالة أنها عليها خطر تموت مثلاً فمثل هذه محصرة، يكون عليه مثل ما على أهل الآفاق إذا هم أحصروا، يعني لا فرق بين أهل مكة وغيرهم.

(80/12)


"قال مالك: في رجل قدم معتمراً في أشهر الحج حتى إذا قضى عمرته أهل بالحج من مكة ثم كسر أو أصابه أمر لا يقدر على أن يحضر مع الناس الموقف -بعرفة- قال مالك: أرى أن يقيم حتى إذا برَأ -أو برِئ أو برُؤ مثلث الراء يعني صح من مرضه- خرج إلى الحل" نعم، لماذا؟ لأن إحرامه من مكة، فيلزمه حينئذٍ أن يخرج إلى الحل، وبيأدي عمرة فلا بد أن يجمع فيها بين الحل والحرم، لكن من أحرم من الميقات مثلاً بالعمرة وبقي عليه .. ، ما يلزمه أن يخرج إلى الحل وهنا وجه التفريق.
ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد يقول: "قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا فيمن حبس بغير عدو، والمحصر الذي أراد الله -عز وجل- بقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] هو المريض، قال: وإنما جعلنا للمحصر بالعدو أن يحل بالسنة، وذلك أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- حصره العدو فحل، قال مالك: ولم نجعل له الإحلال بالكتاب وإنما جعلناه بالسنة في ذلك".
الآن الخلاف في الآية هل هي بالعدو أو بالعدو وبغيره؟ يعني ما يتعرضون للخلاف هل الآية تتناول العدو أم لا؟ يعني هل دلالة الآية مع دلالة قصة الحديبية فيها تطابق وإلا ما فيها تطابق؟ يعني {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ... {فَمَن لَّمْ يَجِدْ} [(196) سورة البقرة] هل فيه حللتم؟ نعم؟ في الآية؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: إن أحصرتم هذا المريض، ورأيه في المريض أنه لا يتحلل، في الآية في قوله -عز وجل-: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] يقول: هو المريض، يعني الحصر بالعدو يؤخذ من قصة الحديبية، والحصر بالمرض يؤخذ من الآية، هذا مفاد كلام ابن عبد البر -رحمه الله-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يمشي؟
طالب:. . . . . . . . .

(80/13)


من حيث أن الآية ما فيها تنصيص على أنه يحل، ويش اللي يلزمه بالهدي الآن؟ أهل بعمرة ومرض وجلس عشرة أشهر سنة على إحرامه، وأتى بعمرته، وأتى بعمرته على الوجه المطلوب، ويش اللي يلزمه ما استيسر من الهدي؟ لأن رأي مالك أنه يبقى على إحرامه، ارتكب محظور عليه فداء المحظور، ما ارتكب شيء هذا، ما الذي يلزمه؟ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي؟
طالب: كان مريضاً. . . . . . . . .
يعني المعروف أن العلماء لا يختلفون في إدخال العدو في الآية، ويجعلون دلالة الآية مطابقة لدلالة قصة الحديبية، المختلف فيها الحصر بغير العدو هل يدخل في الآية أو في قصة الحديبية أو لا يدخل؟
طالب: العكس.
هاه؟
طالب: العكس.
عكس كلام مالك -رحمه الله-، وإلا ابن عبد البر من أعلم الناس بمذهبه، ومن أدق الناس، هذا كلام يعني ...
"قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا فيمن حبس بغير عدو، قال مالك: والمحصر الذي أراد الله -عز وجل- بقوله: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] هو المريض، ويش يستفيد مالك من هذا الكلام؟ يستفيد أن الآية ليس فيها تنصيص على أنه يحل، لكن هل يقول مالك: إن المريض إذا لم يحل حتى أدى العمرة على الوجه المطلوب ولم يرتكب محظور عليه ما استيسر من الهدي؟ هنا يأتي النقض.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الحج. . . . . . . . . لأنه بيحل من الحج، هو بيحل من حجه.
طالب:. . . . . . . . .
ما ذكر شيء، والمحصر الذي أراد الله -عز وجل- بقوله: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] هو المريض.
طالب: لو حملناه. . . . . . . . . العمرة.
إيه يشمل.
طالب: لو حملناه. . . . . . . . .
ما عندنا ما يدلنا على حمله.
طالب: حتى يستقيم، وأتموا الحج والعمرة.
والله مشكل هذا.
"قال: وإنما جعلنا للمحصر بالعدو أن يحل بالسنة، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حصره العدو فحل، قال مالك: ولم نجعل له الإحلال بالكتاب" يعني جعل دلالة الكتاب خاصة، نعم؟
طالب: بالمريض.
بالمريض، وقصة الحديبية خاصة بالعدو.
"ولم نجعل له الإحلال بالكتاب، وإنما جعلناه بالسنة في ذلك، ذكر ذلك أحمد بن المعذل عن مالك وهو قول الشافعي".
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟

(80/14)


طالب:. . . . . . . . .
لا، هو يريد أن يقرر أن من أحصر بمرض لا يتحلل؛ لأن الآية لا تدل عليه، وقصة الحديبية يتحلل؛ لأن الحصر بالعدو جاء النص فيه، وفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: الشيخ محمد الأمين ما أشار إليه؟
لا بنجيب كلامه، كلامه مطول وبيجيبه، نعم من الموافقات أن .. ، حتى الشيخ الأمين الشنقيطي مالكي المذهب بيوضح لنا هذا الكلام -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يدخل في الآية، إذا مرض الآية نص فيه، لكن هل هناك ارتباط بين الآية والحديث؟ يعني هل في قصة الحديبية نزلت الآية وإلا منفكة عنها؟ نعم فيرجع إلى أسباب النزول إن كان لها ارتباط فتنزيله .. ، دخول سبب النزول في النص قطعي عند أهل العلم، يعني إذا كان سبب النزول يتناول وجوه، يتناول أفراد، فدخول الوجه الذي ذكر فيه سبب النزول قطعي عند أهل العلم، ولا يجوز إخراجه بحال.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني قبل الحديبية؟ يعني قول السنة الرابعة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا في واحد قال الرابعة.
على كل حال في كلام الشنقيطي -إن شاء الله- ما يحل الإشكالات كلها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا وجد ما يحصر ويمنع المحرم من أداء نسكه، المسألة تفترض في العمرة، في الحج الذي يفوت، أما العمرة تدخل في كلام مالك، لكن الحج الذي يفوت لا بمرض ولا بعدو، ما عنده ترخيص، يقال له: ارجع، ويش يصير؟ يلحق بالعدو أو بالمرض؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن يبقى أن وصوله إلى البيت ممكن بعد فوات.
طالب: إن لم يستطع؟
كالمرض، فعلى كل حال كلام الشيخ مطول، وفيه فوائد كثيرة -إن شاء الله- نأتي عليه.
"قال مالك: في رجل قدم معتمراً في أشهر الحج حتى إذا قضى عمرته أهل بالحج من مكة ثم كسر أو أصابه أمر لا يقدر" يعني مرض أو غيره "أمر لا يقدر على أن يحضر مع الناس الموقف" بعرفة "قال مالك: أرى أن يقيم -يعني ولو طالت المدة- حتى إذا برأ خرج إلى الحل ليأتي بعمرة" لماذا؟ لأنه أحرم فيحتاج إلى أن يخرج بالعمرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟

(80/15)


طالب:. . . . . . . . .
إيه إحرامه من مكة بالحج صحيحة، لكن أحرم هذا الإحرام الذي من مكة وقد كان يريده للحج ما يلزمه أن يخرج إلى الحل، لكنه الآن إحرام من مكة للعمرة، صار للعمرة، فلا بد أن يخرج على كلام مالك ليجمع بينهما.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل حجه إحرامه بطل؟ أو خروجه لا للإحرام وإنما ليجمع بين .. ، يعني هل إحرامه ساري المفعول وإلا ليس بساري؟ يعني هو محرم حكماً وإن لم يكن محرم حقيقةً، هو محرم بحج وفاته الحج، يتحلل بعمرة، لكن الفترة بين الحج الذي فات والعمرة التي لم يدخل فيها حتى يخرج إلى الحل؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، أصلاً ما طلبت منه العمرة إلا ليتحلل، فكيف يتحلل قبلها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، واضح هذا.
"ثم يرجع إلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ثم يحل ثم عليه حج قابل والهدي" جبراً لذلك.
"قال مالك فيمن أهل بالحج من مكة ثم طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ثم مرض فلم يستطع أن يحضر مع الناس الموقف" بعرفة، المسألة مفترضة فيمن أهل بالحج فقط أو أهل بهما معاً؟ نعم فجاء إلى مكة فطاف للقدوم، وسعى سعي الحج، وفاته الحج، نعم، قال مالك: إذا فاته الحج وذلك بفوات الوقوف هل يعتد بالطواف والسعي؟ يقول: لا يعتد بهما، لماذا؟ لأنه لم ينوه للعمرة، إنما نواه للحج؛ إذا فاته الحج فإن استطاع خرج إلى الحل فدخل بعمرة فطاف بالبيت؛ لأنه قد يقول قائل: إنه طاف وسعى ما بقى عليه إلا أن يقصر ويمشي، فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة والسبب في ذلك أن الطواف الأول لم يكن نواه للعمرة، الطواف الأول مسنون للقدوم، والسعي الذي بعده للحج ليس للعمرة، لم يكن نواه للعمرة فلذلك يعمل بهذا، أي يأتي بطواف وسعي، وعليه حج قابل والهدي، فإن كان من غير أهل مكة فأصابه مرض حال بينه وبين الحج، فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حل بعمرة وطاف بالبيت طوافاً آخر، وسعى بين الصفا والمروة؛ لأنه طوافه الأول وسعيه يعني الأول إنما كان نواه للحج الذي فاته، وعليه حج قابل والهدي.
فلا فرق حينئذٍ بين المكي وغيره.

(80/16)


نأتي إلى كلام الشيخ في مسألة الإحصار، وهل يختص بالعدو أو يشمل كل ما يمنع من أداء النسك؟
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] اختلف العلماء في المراد بالإحصار في هذه الآية الكريمة، فقال قوم: هو صد العدو المحرم ومنعه إياه من الطواف بالبيت، وقال قوم: المراد به ما يشمل الجميع من عدو ومرض ونحو ذلك، ولكن قوله تعالى بعد هذا: {فَإِذَآ أَمِنتُمْ} يشير إلى أن المراد بالإحصار هنا صد العدو للمحرم -وفي هذا يرد الشيخ على مالك أنه خاص بالمرض- لأن الأمن إذا أطلق في لغة العرب انصرف إلى الأمن من الخوف لا إلى الشفاء من المرض ونحو ذلك، ويؤيده أنه لم يذكر الشيء الذي منه الأمن فدل على أن المراد به ما تقدم من الإحصار، فثبت أنه الخوف من العدو، فما أجاب به بعض العلماء من أن الأمن يطلق على الأمن من المرض كما في حديث: ((من سبق العاطس بالحمد أمن من الشوص واللوص والعلوص)) أخرجه ابن ماجه في سننه فهو ظاهر السقوط.
أولاً: الحديث من سنين وأنا أبحث عنه في ابن ماجه ما وجدته، وسبق الشيخ الشنقيطي إلى عزوه إلى ابن ماجه القرطبي، وبالمناسبة يعني كثير من مباحث الكتاب موجودة في القرطبي، وكأنه أصل لهذا الكتاب، أما إذا قال: قال مقيده فهي اجتهادات الشيخ، لكن الكتاب معوله على القرطبي في كثير من مباحثه، ولا يعني هذا أن الشيخ ليس له جهد ولا دور، لا، الكتاب متميز، إذا قال الشيخ: قال مقيده الزم، تحرير وتحقيق وفهم دقيق قد لا يوجد عند غيره -رحمه الله-.
فهذا الحديث ما وقفت عليه في سنن ابن ماجه، ولعله في بعض الروايات التي لم تصلنا.
أخرجه ابن ماجه في سننه فهو ظاهر السقوط؛ لأن الأمن فيه مقيد بكونه من المرض، فلو أطلق لانصرف إلى الأمن من الخوف.

(80/17)


يعني فرق بين الأمن المطلق والأمن المقيد، لو قال شخص مثلاً في يوم امتحان استيقظ وإذا بالساعة بقي على الامتحان ربع ساعة، والطريق يعني ما يكفيه ربع ساعة، ثم ركب مع غيره ممن هو أخبر منه بالطرق وكذا ووصل، فقال: أمنا من فوات الامتحان، نعم الأسلوب سائغ، أمن وفوات الامتحان بالنسبة له مخوف والمرض مخوف، لكن الأمن المطلق هو المقابل للخوف من العدو.
فهو ظاهر السقوط؛ لأن الأمن فيه مقيد بكونه من المرض، فلو أطلق لانصرف إلى الأمن من الخوف.
وقد يجاب أيضاً بأنه يخاف وقوع المذكور من الشوص الذي هو وجع السن، واللوص الذي هو وجع الأذن، والعلوص الذي هو وجع البطن؛ لأنه قبل وقوعها به يطلق عليه أنه خائف من وقوعها، فإذا أمن من وقوعها به فقد أمن من خوف، أما لو كانت وقعت به بالفعل فلا يحسن أن يقال: أمن منها؛ لأن الخوف في لغة العرب هو الغم من أمر مستقبل لا واقع بالفعل، فدل هذا على أن زعم إمكان إطلاق الأمن على الشفاء من المرض خلاف الظاهر، وحاصل تحرير هذه المسالة في مبحثين:
الأول: في معنى الإحصار في اللغة العربية.
والثاني: في تحقيق المراد به في الآية الكريمة، وأقوال العلماء، وأدلتها في ذلك، ونحن نبين ذلك كله -إن شاء الله تعالى-.
ثم أطال الكلام في تقرير المسألة من جهة العربية، وفي تقرير كلام أهل العلم في أبسط عبارة وأوضح بيان، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، ونأتي به -إن شاء الله- غداً، وإن تمت مراجعته من قبلكم ليكون أسهل في الفهم فهو مطلوب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(80/18)


الموطأ - كتاب الحج (18)
شرح: باب: ما جاء في بناء الكعبة، وباب: الرمل في الطواف، وباب: الاستلام في الطواف.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول الإمام الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] ذكروا أن هذه الآية نزلت سنة ست، أي عام الحديبية، حين حال المشركون بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين الوصول إلى البيت، وأنزل الله في ذلك سورة الفتح بكمالها، وأنزل لهم رخصةً أن يذبحوا ما معهم من الهدي وكان سبعين بدنة، وأن يحلقوا رؤوسهم، وأن يتحللوا من إحرامهم فعند ذلك أمرهم -عليه السلام- أن يحلقوا رؤوسهم، وأن يتحللوا، فلم يفعلوا انتظاراً للنسخ حتى خرج فحلق رأسه، ففعل الناس وكان منهم من قصّر رأسه ولم يحلقه، فلذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: ((رحم الله المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ فقال في الثالثة: ((والمقصرين)) وقد كانوا اشتركوا في هديهم ذلك كل سبعة في بدنة، وكانوا ألفاً وأربعمائة، وكان منزلهم بالحديبية خارج الحرم، وقيل: بل كانوا على طرف الحرم، فالله أعلم.
ولهذا اختلف العلماء هل يختص الحصر بالعدو، فلا يتحلل إلا من حصره عدو لا مرض ولا غيره؟ على قولين:
فقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس وابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس وابن أبي نَجِيح عن ابن عباس أنه قال: لا حصر إلا حصر العدو، هذا موقوف على ابن عباس، فأما من أصابه مرض أو وجع أو ضلال فليس عليه شيء، إنما قال الله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} فليس الأمن حصراً، قال: وروي عن ابن عمر وطاووس والزهري وزيد بن أسلم نحو ذلك.

(81/1)


والقول الثاني: أن الحصر أعمّ من أن يكون بعدو أو مرض أو ضلال وهو التَّوَهان عن الطريق أو نحو ذلك، قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا حجاج بن الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من كُسِر أو وجع أو عرج فقد حل، وعليه حجة أخرى)) قال: فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا: صدق.
وأخرجه أصحاب الكتب الأربعة من حديث يحيى بن أبي كثير، وفي رواية لأبي داود وابن ماجه: ((من عرج أو كُسر أو مَرض)) فذكر معناه، ورواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن عرفة عن إسماعيل بن عُلَيَّة عن الحجاج بن أبي عثمان الصواف به، ثم قال: وروي عن ابن مسعود وابن الزبير وعلقمة وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ومجاهد والنخعي وعطاء ومقاتل الإحصار من عدو أو مرض أو كسر.
قال الثوري: الإحصار من كل شيء آذاه، ثبت في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية، فقال: ((حجِّي واشترطي أنَّ محلي حيث حبستني)) ورواه مسلم عن ابن عباس بمثله، فذهب من ذهب من العلماء إلى صحة الاشتراط في الحج لهذا الحديث، وقد علق الإمام محمد بن إدريس الشافعي القول بصحة هذا المذهب على صحة هذا الحديث، وقال البيهقي وغيره من الحفاظ: وقد صح -ولله الحمد-، والحديث في الصحيحين، يعني بعضهم أنكر أن يكون حديث ضباعة في صحيح البخاري؛ لأنه لم يورده لا في الحج ولا في الإحصار، وإنما أورده في كتاب النكاح، تردد القرطبي في تصحيحه؛ لأنه نسبه إلى السنن ولم ينسبه إلى الصحيحين.
المقصود أن المسألة فيها الأقوال المذكورة التي سبق أن أشرنا إليها، وهناك تفصيل للشنقيطي -رحمه الله تعالى-، وقبله للقرطبي، القرطبي -رحمه الله- يقول: قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] فيه اثنتا عشرة مسألة:

(81/2)


الأولى: قال ابن العربي: هذه آية مشكلة، عضلة من العضل، قلت -يقول القرطبي-: لا إشكال فيها، ونحن نبينها غاية البيان فنقول: الإحصار هو المنع من الوجه الذي تقصده بالعوائق جملة، فجملةً أي بأي عذر كان، كان حصر عدو أو جور سلطان أو مرض أو ما كان.
واختلف العلماء في تعيين المانع هنا على قولين: الأول: قال علقمة وعروة بن الزبير وغيرهما: هو المرض لا العدو، وعرفنا أن ابن عبد البر ينسب هذا لمالك، أن الآية في المرض لا في العدو، وقصة الحديبية دليل على الحصر بالعدو دون المرض.
وقيل: هو العدو خاصة، قاله ابن عباس وابن عمر وأنس والشافعي، قال ابن العربي: وهو اختيار علمائنا، ورأى أكثر أهل اللغة ومحصليها على أن أحصر -أحصر الرباعي- عرض للمرض، وحصر الثلاثي نزل به العدو، قلت: ما حكاه ابن العربي من أنه اختيار علمائنا فلم يقل به إلا أشهب وحده، وخالفه سائر أصحاب مالك في هذا، الآن أحصر، والآية في إيش؟ هل هي من الثلاثي أو من الرباعي؟ أحصرت من الرباعي، يقول ابن العربي إيش؟ ورأى أكثر أهل اللغة ومحصليها على أن أحصر عرض للمرض، فعلى هذا تكون الآية في المرض، وحصر نزل به العدو.
قلت: ما حكاه ابن العربي من أنه اختيار علمائنا فلم يقل به إلا أشهب وحده، عرفنا في درس الأمس أن ابن عبد البر نسبه لمالك -رحمه الله-، وخالفه سائر أصحاب مالك في هذا، وقالوا: الإحصار إنما هو المرض، وأما العدو فإنما يقال فيه: حُصر حصراً فهو محصور.
طالب:. . . . . . . . .
أيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ابن العربي؟ نعم؟ قال ابن العربي: العدو إيش؟ يقول: الأول: قال علقمة وعروة ابن الزبير: هو المرض لا العدو.
وقيل: العدو خاصة، قاله ابن عباس وابن عمر وأنس والشافعي، قال ابن العربي: وهو اختيار علمائنا، أيه اختيار علمائهم؟ العدو خاصة، الذي أنكر القرطبي ما نسبه ابن العربي إلى أنه اختيار علمائهم؛ لأنه لم يقل به إلا أشهب، وقيل: العدو خاصة، قال: هذا اختيار علمائنا يقوله ابن العربي، العدو خاصة، في الموطأ فيما مضى من الدروس يقرر أن الحصر حصر العدو فقط، وأن من حصر بغير العدو هذا لا يأخذ هذا الحكم، لا يتحلل.

(81/3)


يقول: ما حكاه ابن العربي من أنه اختيار علمائنا فلم يقل به إلا أشهب وحده، وخالفه سائر أصحاب مالك في هذا، وقالوا: الإحصار إنما هو المرض، وأما العدو فإنما يقال فيه: حصر حصراً فهو محصور، قاله الباجي في المنتقى، وحكى أبو إسحاق الزجاج أنه كذلك عند جميع أهل اللغة على ما سيأتي، وقال أبو عبيدة والكسائي: " أحصر بالمرض، وحصر بالعدو، وفي المجمل لابن فارس على العكس، فحصر بالمرض وأحصر بالعدو، وقالت طائفة: يقال: أحصر فيهما جميعاً من الرباعي، حكاه أبو عمر.
ولعل هذا يجمع الأقوال، الحصر والإحصار بمعنىً واحد وهو المنع؛ لأن أصل المادة تدل على هذا، قلت: وهو يشبه قول مالك حيث ترجم في موطئه "أحصر" فيهما، في الموطأ ماذا قال في الترجمتين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم في الترجمتين قال: أحصر، باب: ما جاء فيمن أحصر بعدو، ثم قال: باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو، وهو يشبه قول مالك في موطئه أحصر فيهما فتأمله، وقال الفراء: هما بمعنى واحد في المرض والعدو
قال القشيري -أبو نصر-: وادعت الشافعية أن الإحصار يستعمل في العدو، فأما المرض فيستعمل فيه الحصر، والصحيح أنهما يستعملان فيهما، قلت: ما ادعته الشافعية قد نص الخليل بن أحمد وغيره على خلافه، قال الخليل: حصرت الرجل حصراً منعته وحبسته، وأحصر الحاج عن بلوغ المناسك من مرض أو نحوه، هكذا قال، جعل الأول ثلاثياً من حصرت، والثاني في المرض رباعياً، وعلى هذا خرج قول ابن عباس: لا حصر إلا حصر العدو، قال ابن السكيت: أحصره المرض إذا منعه من السفر أو من حاجة يريدها، وقد حصره العدو يحصرونه إذا ضيقوا عليه فأطافوا به، وحاصروه محاصرة وحصاراً، قال الأخفش: حصرت الرجل فهو محصور، أي حبسته، قال: وأحصرني بولي، وأحصرني مرضي، أي جعلني أحصر نفسي، قال أبو عمرو الشيباني: حصرني الشيء وأحصرني أي حبسني.
قلت: فالأكثر من أهل اللغة على أن (حصر) في العدو، و (أحصر) في المرض، وقد قيل ذلك في قوله تعالى:
{لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ} [(273) سورة البقرة] هذا بإيش؟ بعدو وإلا بغيره؟ بغير العدو.
وقال ابن ميادة:
وما هجر ليلى أن تكون تباعدت ... عليك ولا أن أحصرتك شغولُ

(81/4)


قال الزجاج: الإحصار عند جميع أهل اللغة إنما هو من المرض، فأما من العدو فلا يقال فيه إلا حصر، يقال: حصر حصراً، وفي الأول أحصر إحصاراً فدل على ما ذكرناه، وأصل الكلمة من الحبس، ومنه الحصير للذي يحبس نفسه عن البوح بسره، والحصير: الملك؛ لأنه كالمحبوس من وراء الحجاب، والحصير الذي يجلس عليه لانضمام بعض طاقات البردي إلى بعض، كحبس الشيء مع غيره.
الثانية: ولما كان أصل الحصر الحبس قالت الحنفية: المحصر من يصير ممنوعاً من مكة بعد الإحرام بمرض أو عدو أو غير ذلك.
واحتجوا بمقتضى الإحصار مطلقاً، قال: وذكر الأمن في آخر الآية لا يدل على أنه لا يكون من المرض، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((الزكام ... )) وذكر الأمن في آخر الآية لا يدل على أنه لا يكون من المرض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وذكر الأمن في آخر الآية لا يدل على أنه لا يكون من المرض، هو يريد أن يفند قول من قال: إن ذكر الأمن في الآية يدل على أن الإحصار من العدو فقط، نعم.
قال -صلى الله عليه وسلم-: ((الزكام أمان من الجذام)) وقال: ((من سبق العاطس بالحمد)) ... الحديث الذي ذكرناه بالأمس ((أمن من الشوص واللوص والعلوص)) الشوص: وجع السن، واللوص: وجع الإذن، والعلوص: وجع البطن، أخرجه ابن ماجه في سننه، وقلت لكم أني من سنين أبحث عنه ولم أجده، ونسبه إلى بعض كتب الموضوعات: اللآلئ المصنوعة، والفوائد المجموعة وغيرها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وجدته؟
طالب:. . . . . . . . .
في الأوسط؟ أنا في زوائد المعجمين ما وجدته، أما في مجمع البحرين ما هو موجود.
طالب:. . . . . . . . .
إيش ذكر؟
طالب:. . . . . . . . .
هنا؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه؟
طيب، حديث ((من سبق العاطس)) ذكره السخاوي في المقاصد الحسنة وقال: ضعيف، ضعفه واضح، لكن لماذا لم يذكر في مجمع البحرين؟ هل لأنه موجود في سنن ابن ماجه وهذه زوائد؟ نعم؟ لأنه ما يذكر اللي في الكتب الستة، نعم، فلعله لهذا، وذكرنا بالأمس أنه يحتمل أن يكون في رواية لم تبلغنا، أو لقصور أو تقصير في البحث، الله أعلم، من أهل العلم من نفى أن يكون البخاري خرج حديث ضباعة وهو موجود، لكن لما صار في غير مظنته نفاه.

(81/5)


قال: وإنما جعلنا حصر العدو حصاراً قياساً على المرض إذا كان في حكمه لا بدلالة الظاهر، يعني الحكم واحد، لا بدلالة الظاهر، إيش معنى دلالة الظاهر؟ يعني أن كون دلالته على العدو أظهر من دلالته على المرض، لا بدلالة الظاهر، وقال ابن عمر وابن الزبير وابن عباس والشافعي وأهل المدينة: المراد بالآية حصر العدو؛ لأن الآية نزلت في سنة ست في عمرة الحديبية حين صد المشركون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن مكة.
قال ابن عمر: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحال كفار قريش دون البيت فنحر النبي -صلى الله عليه وسلم- هديه وحلق رأسه، ودل على هذا قوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنتُمْ} [(196) سورة البقرة] ولم يقل: برأتم، والله أعلم.
الثالثة: جمهور الناس على أن المحصر بعدو يحل حيث أحصر وينحر هديه إن كان ثم هدي ويحلق رأسه، وقال قتادة وإبراهيم: يبعث بهديه إن أمكنه، فإذا بلغ محله صار حلالاً، وقال أبو حنيفة: دم الإحصار لا يتوقف على يوم النحر، بل يجوز ذبحه قبل يوم النحر إذا بلغ محله، وخالفه صاحباه فقالا: يتوقف على يوم النحر، وإن نحر قبله لم يجزه، وسيأتي لهذه المسألة زيادة بيان.
الرابعة: الأكثر من العلماء على أن من أحصر بعدو كافر أو مسلم أو سلطان حبسه في سجن أن عليه الهدى، وهو قول الشافعي، عرفنا فيما مضى أن عددهم ألف وأربعمائة، ومر علينا ذكرهم، وأن معهم سبعين في كلام الحافظ ابن كثير، والسبعين لا تفي للألف وأربعمائة، هذه حجة من يقول: إنه لا يلزم الهدي إلا من ساقه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لم يقضِ، هذا دلالة الهدي؛ لأنه ذبح، ونص عليه في الآية، أما القضاء ما نص عليه في الآية.
طالب: لكن -أحسن الله إليك- هو الآن قاسها بأن بعضهم لم يقضِ وفات أن السبعين لا تكفيهم في الهدي.
لا، هو عدم الذكر ما يعني أنه .. ، لكن الآية دلت صراحة على الهدي، ولم تدل صراحة على القضاء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صيام عشرة أيام، البقية صاموا؟
طالب:. . . . . . . . .
نقول: عدم الذكر هنا لا يعني عدم الوجود، هذه حجة من يقول بأن .. ، اسمع كلام أهل العلم.

(81/6)


الأكثر من العلماء على أن من أحصر بعدو كافر أو مسلم أو سلطان حبسه في سجن أن عليه الهدى، وهو قول الشافعي، وبه قال أشهب، وكان ابن القاسم يقول: ليس على من صد عن البيت في حج أو عمرة هدى إلا أن يكون ساقه معه، وهو قول مالك، ومن حجتهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما نحر يوم الحديبية هدياً قد كان أشعره وقلده حين أحرم بعمرة، فلما لم يبلغ ذلك الهدى محله للصد أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنحر؛ لأنه كان هدياً وجب بالتقليد والإشعار، وخرج لله فلم يجز الرجوع فيه، ولم ينحره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أجل الصد، فلذلك لا يجب على من صد عن البيت هدى.
واحتج الجمهور بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يحل يوم الحديبية ولم يحلق رأسه حتى نحر الهدى، فدل ذلك على أن من شرط إحلال المحصر ذبح الهدى إن كان عنده، وإن كان فقيراً فمتى وجده وقدر عليه لا يحل إلا به، وهو مقتضى قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] وقد قيل: يحل ويهدى إذا قدر عليه، والقولان للشافعي، وكذلك من لا يجد هدياً يشتريه قولان.
الخامسة: قال عطاء وغيره: المحصر بمرض كالمحصر بعدو، وقال مالك والشافعي وأصحابهما: من أحصره المرض لا يحله إلا الطواف بالبيت وإن أقام سنين حتى يفيق، وكذلك من أخطأ العدد أو خفي عليه الهلال، قال مالك: وأهل مكة في ذلك كأهل الآفاق، وهذا كله مر علينا في الموطأ، وإن احتاج المريض إلى دواء تداوى به وافتدى وبقي على إحرامه لا يحل من شيء حتى يبرأ من مرضه، فإذا برئ من مرضه مضى إلى البيت فطاف به سبعاً، وسعى بين الصفا والمروة، وحل من حجته أو عمرته.
وهذا كله قول الشافعي، وذهب في ذلك إلى ما روي عن عمر وابن عباس وعائشة وابن عمر وابن الزبير أنهم قالوا في المحصر يمرض أو المحصر بمرض أو خطأ العدد: إنه لا يحله إلا الطواف بالبيت، وهذا مر في الموطأ كله، وكذلك من أصابه كسر أو بطن منخرق، ويش عندنا أمس؟
طالب: متحرق.
متحرق نعم، وهنا يقول: أو بطن متحرق، وهنا يقول: منخرق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
منخرق؟

(81/7)


وحكم من كانت هذه حاله عند مالك وأصحابه أن يكون بالخيار إذا خاف فوت الوقوف بعرفة لمرضه إن شاء مضى إذا أفاق إلى البيت فطاف وتحلل بعمرة، وإن شاء أقام على إحرامه إلى قابل، نعم أمس أوردنا أنه لا يبقى على إحرامه وإنما يتحلل بعمرة، لماذا؟ لأنه أحرم بحج قبل أشهره، وهنا يقول: إن شاء تحلل بعمرة وإن شاء أقام على إحرامه إلى قابل، وإن أقام على إحرامه ولم يواقع شيئاً مما نهي عنه الحاج فلا هدي عليه.
ومن حجته في ذلك الإجماع من الصحابة على أن من أخطأ في العدد أن هذا حكمه لا يحله إلا الطواف بالبيت، وقال في المكي إذا بقي محصوراً حتى فرغ الناس من حجهم: فإنه يخرج إلى الحل فيلبي ويفعل ما يفعله المعتمر ويحل، فإذا كان قابل حج وأهدى، وقال ابن شهاب الزهري في إحصار من أحصر بمكة من أهلها: لا بد له من أن يقف بعرفة وإن نعش نعشاً، يعني ولو حمل على نعش مثل الميت، واختار هذا القول أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن بكير المالكي فقال: قول مالك في المحصر المكي أن عليه ما على الآفاق من إعادة الحج والهدى خلاف ظاهر الكتاب؛ لأن الكتاب فرق بين حاضري المسجد الحرام وبين غيرهم؛ لقول الله -عز وجل-: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة].
قال: والقول عندي في هذا قول الزهري في أن الإباحة من الله -عز وجل- لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام أن يقيم لبعد المسافة يتعالج وإن فاته الحج، فأما من كان بينه وبين المسجد الحرام ما لا تقصر في مثله الصلاة فإنه يحضر المشاهد، وإن نعش نعشاً لقرب المسافة بالبيت، وقال أبو حنيفة وأصحابه: كل من منع من الوصول إلى البيت بعدو أو مرض أو ذهاب نفقة أو إضلال راحلة أو لدغ هامّة بالتشديد وإلا بالتخفيف؟
طالب: بالتشديد.
الهوام هي التي تلدغ، أما الهامة التي هي البوم لا ما تلدغ.

(81/8)


أو لدغ هامّة فإنه يقف مكانه على إحرامه ويبعث بهديه أو بثمن هديه، فإذا نحر فقد حل من إحرامه، كذلك قال عروة وقتادة والحسن وعطاء والنخعي ومجاهد وأهل العراق؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] الآية، هذا رأي أبي حنيفة ومعروف عند الحنابلة، قد نأتي إلى حديث ضباعة.
السادسة: قال مالك وأصحابه: لا ينفع المحرم الاشتراط في الحج إذا خاف الحصر بمرض أو عدو، وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابهم.
والاشتراط أن يقول إذا أهل: لبيك اللهم لبيك ومحلي حيث حبستني من الأرض، وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور: لا بأس أن يشترط وله شرطه، وقاله غير واحد من الصحابة والتابعين، وحجتهم حديث ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أردت الحج أأشترط؟ قال: ((نعم)) قالت: فكيف أقول؟ قال: ((قولي: لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث حبستني)) أخرجه أبو داود والدارقطني وغيرهما، قال الشافعي: لو ثبت حديث ضباعة لم أعده، وكان محله حيث حبسه الله.

(81/9)


قلت: قد صححه غير واحد، منهم أبو حاتم البستي وابن المنذر، قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لضباعة بنت الزبير: ((حجي واشترطي)) وبه قال الشافعي إذ هو بالعراق، ثم وقف عنه بمصر، قال ابن المنذر: وبالقول الأول أقول، وذكره عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أن طاووساً وعكرمة أخبراه عن ابن عباس قال: جاءت ضباعة بنت الزبير إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني امرأة ثقيلة وإني أريد الحج، فكيف تأمرني أن أهل؟ قال: ((أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني)) قال: فأدركت، يعني حجت، وهذا إسناد صحيح، يعني خفي عليه أن الحديث في الصحيحين، ومعروف أن المفسر القرطبي بضاعته في الحديث ضعيفة، ولذا تجده ينسب الحديث في البخاري ينسبه إلى ابن ماجه، هذا كثير عنده، فبضاعته في الحديث ضعيفة، ليس من أهل الحديث، وليس الحديث صنعته، ولو كان محدثاً مع هذا الجمع الجامع النافع الماتع الذي أتى على جل ما يحتاجه طالب العلم، لا سيما في أحكام القرآن، وبسط القول في مسائله، يذكر عن بعض الآيات ستين سبعين ثمانين مسألة، في آية واحدة، فهو كتاب عظيم لا يستغني عنه طالب علم، يبقى أن الأحاديث لا بد من خدمتها، كنت قد شرعت في ذلك قبل سنين فرأيت أنها كثيرة جداً، يعني بالمجلد الأول ستمائة حديث، إذا قلنا: الكتاب عشرين مجلد يعني اثنا عشر ألف حديث يحتاج إلى عمر وتفرغ تام، ويذكر أن الذي خدم تفسير الطبري وتفسير الدر المنثور وغيرهما من التفاسير وكتب الفقه الآن يشتغل عليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما هو بعد. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو مشكل، مشكل لا لا كتاب كبير يعني يحتاج إلى تفرغ، إلا إنسان بيوزعه على ناس يشتغلون ويشرف إشراف، هذا سهل، لكن الكتاب كبير.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا تخريج ضعيف، طبع مراراً بتخريجات ضعيفة، ما تكفي.
طالب:. . . . . . . . .

(81/10)


لا، لا هذا غيره ممن له صلة بالحديث نفى أن يكون البخاري رواه، تدري أنه خرجه في النكاح؟ باب الأكفاء في الدين، وخرج الحديث وكانت تحت المقداد، بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام- ومع ذلك كانت تحت المقداد مولى، نعم فنزع إلى هذه الكلمة وهو يكرر بعض الأحاديث عشرين مرة، وهذا يعني صعب علينا نكرره في الحج على شان يجدونه الناس؟ رحمة الله عليه، الله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
القرطبي الطبعة الثانية لدار الكتب المصرية المقابلة على ثلاثة عشر نسخة، هذه أفضل الطبعات، يبقى خدمة الكتاب من ناحيتين: الأحاديث، تخريج وتصحيح وتضعيف، الناحية الثانية: العقيدة، لا بد من التنبيه على المخالفات العقدية في الكتاب.
السابعة: اختلفت العلماء أيضاً في وجوب القضاء على من أحصر، فقال مالك والشافعي: من أحصر بعدو فلا قضاء عليه لحجه ولا عمرته، إلا أن يكون صرورة، صرورة يعني لم يحج قبل حجة الإسلام، إلا أن يكون صرورة لم يكن حج فيكون عليه الحج على حسب وجوبه عليه، وكذلك العمرة عند من أوجبها فرضاً.
وقال أبو حنيفة: المحصر بمرض أو عدو عليه حجة وعمرة، وهو قول الطبري.
وقال أصحاب الرأي: إن كان مهلاً بحج قضى حجة وعمرة؛ لأن إحرامه بالحج صار عمرة؛ لأنه تحلل بعمرة نعم صارت عليه هذه العمرة ويقضي ما أحرم به وهو الحج، وإن كان قارناً قضى حجة وعمرتين، وإن كان مهلاً بعمرة قضى عمرة، وسواء عندهم المحصر بمرض أو عدو على ما تقدم، واحتجوا بحديث ميمون بن مهران قال: خرجت معتمراً عام حاصر أهل الشام ابن الزبير ... إلى آخره.
المقصود أن مع النبي -عليه الصلاة والسلام- عدد ألف وأربعمائة ولم يحفظ أنهم كلهم قضوا من عام قابل، فالقضاء يحتاج إلى نص ملزم، والذي يظهر أنه لا قضاء عليه، وأما كون الحصر يشمل المرض والعدو فهذا هو المتجه؛ لأن العلة واحدة، إنسان ممنوع من أن يصل إلى البيت، نقول: اجلس على إحرامك حتى تشفى ولو قرر الأطباء أنك محكوم عليك بالإعاقة الدائمة مقتضى كلامهم أنه خلاص حتى يشفى، ولو يطاف به منعوشاً، كيف؟ الحمد لله محصر ويذبح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(81/11)


أبداً، بل العدو يتصور أنه في بعض الحالات أسهل من بعض الأمراض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا أحصر وصد عن المشاعر يتحلل ويش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
مع الاستطاعة كغيرها من الأحكام؛ لأنه نص عليها، مشارطة بينه وبين قريش، سميت عمرة القضاء لأنهم قاضاهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بها.
طالب:. . . . . . . . .
ليس من باب القضاء، لا.
فاض في المسائل كثيرة.
طالب: الاشتراط يا شيخ -أحسن الله إليك- ويش يظهر لك مطلق وإلا مقيد؟
هو ما عرف الاشتراط إلا في حديث ضباعة، وعلى هذا من كانت حاله مثل حال ضباعة يشترط وأما لا فلا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيخ الشنقيطي أيضاً ذكر مسائل وذكر فروع جلها من القرطبي، لكن حرر بعض المسائل حينما يقول -رحمه الله تعالى-؛ لأن أول الكلام كله مأخوذ من القرطبي بحروفه.
طالب: لكن تجي أسطر مثل حجة ضباعة يرى الاشتراط.
إيه لا لا حرر بعض المسائل، قال: قال مقيده، وفيه مسائل، أحكام منقولة عن من بعد القرطبي، وأيضاً تحرير مسائل، وربطها بقواعدها الأصلية، نعم؟
طالب: من أسباب النزول.
يقول: نزلت في صد المشركين النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وهم محرمون بعمرة عام الحديبية عام ست بإطباق العلماء.
وقد تقرر في الأصول أن صورة سبب النزول قطعية الدخول فلا يمكن إخراجها بمخصص، فشمول الآية الكريمة لإحصار العدو الذي هو سبب نزولها قطعي، فلا يمكن إخراجه من الآية بوجه.
هذا كلام ابن عبد البر في درس الأمس، إن الآية فيمن حصر بمرض وقصة الحديبية من أحصر بعدو، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه ما فيه، أقول: فيه ما فيه.

(81/12)


يقول: كونها قطعية هنا، يقول: وروي عن مالك -رحمه الله- أن صورة سبب النزول ظنية الدخول لا قطعية، وهو خلاف قول الجمهور، وإليه أشار في مراقي السعود بقوله ... ، لعل منزع هذا القول أن سبب نزول هذه الآية هو هذه القصة قد لا يكون إثباتها بسبب قطعي، فلظنية ثبوتها تبع ذلك دلالتها، لكن يبقى أنه لو قدر أنه دخل شخص عليه آثار الحاجة والفاقة ثم أمر أحد من الأغنياء بأن يعطى كل فقير -لو رأى هذا الشخص- أن يعطى كل فقير مائة ريال مثلاً هل نقول: إن هذا الفقير الذي دخل الذي هو سبب هذا الأمر ما يدخل؟ ما يعطى؟ هذا قطعي دخوله، عامة أهل العلم على هذا أن دخول سبب النزول قطعي.
قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر لنا رجحانه بالدليل من الأقوال المذكورة هو ما ذهب إليه مالك والشافعي وأحمد في أشهر الروايتين عنه أن المراد بالإحصار في الآية إحصار العدو، وأن من أصابه مرض أو نحوه لا يحل إلا بعمرة.
لأن هذا هو الذي نزلت فيه الآية، ودل عليه قوله تعالى: {فَإِذَآ أَمِنتُمْ} [البقرة: 196] ... الآية، ولا سيما على قول من قال من العلماء: إن الرخصة لا تتعدى محلها، وهو قول جماعة من أهل العلم، وأما حديث عكرمة الذي رواه الحجاج بن عمرو وابن عباس و ... إي نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وأبي هريرة -رضي الله عنهم- إيش؟ في سقط.
فلا تنهض به حجة لتعين حمله على ما إيش؟ على ما إذا اشترط، على ما هذا اشترط كثيرة الأخطاء الطبعة هذه، على ما إذا اشترط ذلك عند الإحرام، بدليل ما قدمنا من حديث عائشة عند الشيخين، وحديث ابن عباس عند مسلم، وأصحاب السنن، ثم ذكر حديث ضباعة.
الفرع الأول: إذا كان مع المحصر هدي لزمه نحره إجماعاً، وجمهور العلماء على أنه ينحره في المحل الذي حصر فيه، حلاً كان أو حرماً، وقد نحر -صلى الله عليه وسلم- ... إلى آخره.

(81/13)


الفرع الثاني: إذا لم يكن مع المحصر هدي فهل عليه أن يشتري الهدي ولا يحل حتى يهدي أو له أن يحل بدون هدي؟ ذهب جمهور العلماء إلى أن الهدي واجب عليه، فلا يجوز له التحلل بدونه إن قدر عليه، ووافق الجمهور أشهب من أصحاب مالك، وخالف مالك وابن القاسم الجمهور في هذه المسالة، فقالا: لا هدي على المحصر إن لم يكن ساقه معه قبل الإحصار، وحجة الجمهور واضحة وهي قوله تعالى: {فَإِنْ اُحْصِرْتُمْ فَمَا استيسر مِنَ الهدي} [البقرة: 196] وذكرنا أن ما استيسر يراد به ما تيسير، وهذا اليسر يعني في التخيير بين أنواع ما يهدى احتمال أن يكون بين الإبل والبقر والغنم المتيسر منها أو بين الذبح وعدمه، وهذا أيضاً احتمال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني التخيير يكون بين أنواع ما يهدى.
قال بعض أهل العلم: لا بدل له إن عجز عنه، ممن قال لا بدل لهدي المحصر أبو حنيفة، فإن المحصر عنده إذا لم يجد هدياً يبقى محرماً حتى يجد هدياً أو يطوف بالبيت.
مسائل وفروع كثيرة يعني لا بد من مراجعتها في الكتابين، لا بد من مراجعة تفسير هذه الآية في الكتابين، فيها فروع نافعة ويحتاجها طلاب العلم، ولولا أنها تحتاج إلى أكثر من درس لأكملناها.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: أهل مكة.
أهل مكة استثنوا من الهدي الواجب بالاتفاق، وهو هدي المتعة والقران، أقول: استثنوا، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن مختلف في غيرهم فكيف بهم؟
يقول: ذكرت أنه لم ينقل أن الذين صدوا عن البيت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم نحروا أو لم ينحروا، في الصحيحين من حديث جابر قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بقرة، نعم؟
لكن ما معهم إلا سبعين، هذا الذي معهم.
فكيف التوجيه وعلى هذا ألا يكون قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] للوجوب في أصل النحر والتسهيل في النوع؟
هو الذي يرشح ويرجح الوجوب التخيير بين أو الانتقال مع عدم الهدي إلى الصيام.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(81/14)


اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في بناء الكعبة:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق أخبر عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم)) قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا تردها على قواعد إبراهيم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت)) قال: فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "لئن كانت عائشة -رضي الله عنها- سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: "ما أبالي أصليت في الحجر أم في البيت".
وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب -رحمه الله تعالى- يقول: سمعت بعض علمائنا يقول: "ما حجر الحجر فطاف الناس من ورائه إلا إرادة أن يستوعب الناس الطواف بالبيت كله".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في بناء الكعبة" واختلف في أول من بناها فقيل: أول من بناها الملائكة، وقيل: آدم، وقيل: شيث، والقرآن ينص على أن إسماعيل وإبراهيم بنياها، والحافظ ابن كثير يرجح أن أول من بناها إبراهيم؛ لأنه هو المنصوص عليه، ولا يوجد نص يدل على أنها بنيت قبل ذلك.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق أخبر عبد الله بن عمر" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(81/15)


رواية الأكابر عن الأصاغر "عن عائشة" بلغه الخبر عن عائشة "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم)) قصرت بهم النفقة، ما استطاعوا أن يتمموا بناء الكعبة بكاملها قصروا دون قواعد إبراهيم ((اقتصروا عن قواعد إبراهيم)) "قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا تردها على قواعد إبراهيم؟ " الآن بالإمكان، النفقة موجودة، فلماذا لم ترد على قواعد إبراهيم؟ "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت)) " لأن مثل هذا فتنة للناس، الأمور المعظمة شرعاً كونها تعرض للهدم والبناء لا شك أن مثل هذا يوجد في القلوب شيء، لا سيما من لم يتمكن الإيمان من قلبه " ((لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت)) قال: فقال عبد الله بن عمر: "لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم" هذا الذي تمناه النبي -عليه الصلاة والسلام- والذي منعه منه حدثان القوم بالكفر فعله ابن الزبير لما تولى، فحقق هذه الأمنية، لكن هل استمر على ذلك؟ لم يستمر، هدمت لما حاصر الحجاج ابن الزبير، ونصب المنجنيق، وتهدمت جوانبها أعادها كما كانت على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-.

(81/16)


وفي عهد أبي جعفر استشار الإمام مالك في أن تعاد على قواعد إبراهيم، لا سيما والمفسدة مندفعة بعد أن مضى قرون من انقراض هؤلاء الذين عهدهم بالكفر جديد -حديث-، فرأى أبو جعفر أن تعاد على قواعد إبراهيم، وهذا ما تمناه النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمنعه الإمام مالك لئلا تكون ملعبة بأيدي الملوك، كل ملك من الملوك يتولى من جديد يتصرف، فشخص أقول: ملك يستدل بالفعل، وملك يستدل بالقول، وهكذا إلى قيام الساعة؛ ليحصل على شرف خدمة البيت، شخص من هؤلاء الملوك يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- تمنى ولماذا لا نفعل والنفقة موجودة وحدثنان العهد انتهى؟ والثاني يقول: لا، بقعة طاف بها النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذه الهيئة لا بد أن نطوف عليها وهي على هذه الهيئة، فكل واحد ينقض كلام الثاني وتصير ملعبة للملوك، كما قال الإمام مالك -رحمه الله-، ومثل هذه التصرفات المتتابعة لا شك أنها تزيل هيبتها من القلوب.
" ((لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت)) " يعني لأعدتها على قواعد إبراهيم "قال: فقال عبد الله بن عمر: "لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هو لا يشكك في رواية الخبر، والخبر ثابت في الصحيحين وغيرهما، لكن هو ليرتب عليه حكم "لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أرى -يعني ما أظن- الرسول -عليه الصلاة والسلام- ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر -يعني في جهة الشمال- إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم".
ولذلك عيب على ابن عمر أنه لا يستلم من البيت إلا الركنين كما في مسلم، لا يستلم من البيت إلا الركنين ويترك ركنين، لماذا؟ وغيره وجد في عصره من يستلم الأركان الأربعة، ويقول: ليس شيء من البيت مهجوراً.
فابن عمر قال: هكذا رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- يستلم الركنين فقط، والعلة هي ما أشار إليه هنا؛ لأنه ليس على قواعد إبراهيم، ولذلك الركنان الشاميان لا يستلمان، ويقتصر في الاستلام على الركنين اليمانيين؛ لأنهما على قواعد إبراهيم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فعل كونه يمسح؟
طالب:. . . . . . . . .

(81/17)


عمله بالسنة، ولذلك ما مسحه، لو تبرك كان مسح بقية الأركان، وبقية أجزاء الكعبة، لكنه اتباع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا تبرك.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هو له اجتهادات لكن ما ووفق عليها، -رضي الله عنه وأضاه-.
قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة أم المؤمنين قالت: "ما أبالي أصليت في الحجر أم في البيت" لأن الحجر من البيت، فإذا صلت في الحجر فقد صلت في البيت، لكن هل دخوله حقيقة أو حكماً، بمعنى أنه من البيت وقصرت النفقة دونه و .... عليه. . . . . . . . . حجة يعني مع البيت، ليطوف الناس من روائه، لكن لو نذر شخص أن يصلي في البيت أو أقسم أن يصلي في البيت ثم بعد ذلك منع من دخول البيت وصلى بالحجر يكون بر بقسمه ووفى نذره أو لا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هل يرجع إلى نيته أو يرجع إلى العرف؟
طالب: لو رجع إلى. . . . . . . . .
الإمام مالك يرى أنه يرجع إلى نيته، ما في نيته يكفيه، والجمهور على أن الأيمان والنذور مبناها على العرف، لكن عندنا حقيقة شرعية للبيت تشمل الحجر، فهل إذا عمل بهذه الحقيقة الشرعية يكون أدى ما عليه؟ أو نقول: لا بد أن يصلي فيما تعارف عليه الناس أنه هو البيت؟ وحينئذٍ يلزمه ما يلزمه؟ نعم؟
طالب: الحقيقة الشرعية في العرف عند. . . . . . . . . عند خلو الحقيقة الشرعية.
لا شك أنها حقيقة شرعية، لكن لا يظن، أهل العلم يقررون أن الأيمان والنذور مبناها على العرف، لكن افترض أن شخص ما دري أن هذا من البيت، ما عرف أن هذا من البيت، هذا ما عرف أن الحجر من البيت، وأقسم أن يصلي في البيت، ولا في ذهنه إلا ها اللي مقفول عليه في الباب، نعم؟ ها يا شيخ.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، له أن ينتقل من الأسفل إلى الأعلى، من الأدنى إلى الأعلى ولا عكس، نعم، وأيهما أعلى داخل البيت وهذا الذي في نيته، وفي عرفه ولا يعرف غيره أو خارج المحجور؟ وهو منه من الأصل، هذا أولى، فما ينتقل من الأعلى إلى الأدنى، ظاهر هذا، أقول: مبنى الأيمان والنذور لا شك أنه لا بد أن يحتاط لها، عامة أهل العلم على أن مبناها على العرف.

(81/18)


يقول: "وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: سمعت بعض علمائنا يقول: "ما حجر الحجر فطاف الناس من ورائه إلا إرادة أن يستوعب الناس الطواف بالبيت كله" ما دام هو من البيت، الحجر من البيت، فلا بد أن يكون الطواف من ورائه لأنه جزء من البيت، فلو طاف إنسان ودخل في الحجر لم يصح طوافه؛ لأنه لم يستوعب أجزاء البيت، فلا بد أن يكون الطواف من ورائه.
طالب: الحجر لماذا سمي حجر إسماعيل.
والله ما أعرف أصلها، لكنه لأنه حجر.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: الرمل في الطواف:
حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف".
قال مالك: "وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثة أطواف ويمشي أربعة أطواف.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يسعى الأشواط الثلاثة يقول: "اللهم لا إله إلا أنت وأنتا تحيي بعد ما أمتا" يخفض صوته بذلك.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه رأى عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أحرم بعمرة من التنعيم، قال: ثم رأيته يسعى حول البيت الأشواط الثلاثة.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى، وكان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: الرمل في الطواف" الرمل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وهو دون الخبب، دون السعي، لكنه فوق المشي العادي.

(81/19)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد" المعروف بالباقر، جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الباقر جعفر الصادق "عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين اللي هو الباقر، فجعفر هو الصادق، وأبوه محمد بن علي هو الباقر "عن جابر بن عبد الله" الصحابي الجليل، راوي الحجة النبوية في مسلم وفي غيره، وهذا قطعة من حديثه الطويل في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف" وهذا في حجة الوداع، رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه، بمعنى أنه استوعب الأشواط الثلاثة بالرمل، وأما في عمرة القضاء فكان رمله من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ويمشي بين الركنين، يمشي بين الركنين، لماذا؟ لأن المشركين الذين قالوا ما قالوا، وشرع الرمل من أجل مقالتهم ولدفعها وردها كانوا من جهة الحجر، لا يرونهم إذا كانوا بين الركنين، فيمشون؛ لأنهم لا يرون، ويحققون الحكمة من الرمل، وأما في حجة والوداع وقد انتهى سبب التشريع وعلته رُجع إلى الأصل؛ لأن الترك إنما هو من أجل مراءاة المشركين، وإغاظة المشركين، والإبقاء على من قدم من بعيد، ثم ارتفعت هذه العلة، وبقي الرمل مع ارتفاع علته؛ لأنه لا يوجد من يقول: يأتي محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب ومع ذلك بقي الحكم، وهذا من الأحكام التي شرعت لعلة فارتفعت العلة وبقي الحكم كالقصر، القصر الأصل في مشروعيته {إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] فارتفع الخوف صار صدقة، وهذا أيضاً ارتفعت علته وبقي حكمه، وما صار للمشي بين الركنين مبرر؛ لأنه لا يوجد من يراءى في مثل هذا، والمراءاة هذه من أجل إغاظتهم، يعني ما هو بالفعل الدافع لهذا الفعل تشريكهم به مع الله -جل وعلا- ليكون من باب الرياء، لا، وإن جاء لفظ المراءاة لكن المقصود بها الإغاظة، إغاظة الكفار {وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ} [(120) سورة التوبة] وهذا يغيظهم، وما يذكر عن بعضهم أنه إذا كان وطء نسائهم يغيظهم جاز، هذا لا أصل له، يعني الاسترسال في مثل هذا، هذا ينسب لبعض أهل العلم، لكن مع ذلك قول ساقط، بعضهم أطلقوا، أطلقوا.

(81/20)


المقصود أنه في عمرة القضاء يمشي بين الركنين وفي حجة الوداع يستوعب الأشواط الثلاثة بالرمل.
"قال مالك: "وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا" يعني أنهم يرملون في الأشواط الثلاثة من أول طواف يطوفه الداخل في النسك، هذا هو الذي عليه الأمر ببلده وهو اختيار أهل العلم، إلا من قال: إن هذه ارتفعت وليست سنة وإنما هي لعلة وارتفعت كما يذكر عن ابن عباس، المقصود أنها بقيت ورمل الصحابة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ورمل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد وجود العلة، كونه رمل في حجة الوداع يدل على أنه حكم باقٍ إلى قيام الساعة.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر ... " على كلٍ الرمل قد لا يتمكن منه الإنسان مع الزحام، فهل نقول لمن قدم وشرع في حقه الرمل: ابتعد عن محل الزحام وطف من وراء الناس وارمل؟ أو نقول: الأفضل أن تقرب من الكعبة ولو تركت هذه السنة؟ أهل العلم يقررون أن الفضل المرتب على العبادة نفسها أولى بالمحافظة من الفضل المرتب على مكانها أو زمانها ما لم يكن المكان أو الزمان مما يشترط لصحتها، أما إذا كان أفضل فالمفاضلة بين ما يتعلق بذات العبادة وبين ما يتعلق بمكانها وزمانها أهل العلم يرجحون ما يتعلق بذاتها.
طالب:. . . . . . . . .
الرمل أفضل نعم، ولو أبعد؛ لأن هذا يحقق فضل في ذات العبادة.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الطواف الذي فيه الرمل هو أول طواف يطوفه القادم، يسمى طواف القدوم، سواءً كان للقدوم بالفعل الذي هو سنة، أو ركن العمرة، أو ركن الحج، بمعنى أنه لو جاء الحاج مفرد أو قارن وذهب إلى عرفة مباشرة وما طاف للقدوم، طاف طواف الإفاضة يرمل؛ لأن هذا أول طواف يطوفه القادم، أما المقيم بمكة نعم في آخر الباب، "كان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة" لأنه مرتبط بالقدوم، وأصل المشروعية فيها: يقدم محمد وأصحابه، فدل على أن لهذه المادة أثر في الحكم.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثة أطواف ويمشي أربعة أطواف" يعني كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع.
"وحدثني عن مالك" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(81/21)


ويش اللي يحرم بعمرة؟ خلاص رمل أو لما قدم يكفيه.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يسعى الأشواط الثلاثة يقول: "اللهم لا إله إلا أنتا وأنت تحيي بعد ما أمتا" يعني يسعى يرمل وإلا فالسعي أشد، السعي أشد من مجرد الرمل، لكن يستعار هذا لهذا وهذا لهذا، ولذا يقولون: طاف بين الصفا والمروة، وسعى حول البيت، وهنا يقول: يسعى الأشواط الثلاثة وإلا فالأصل أن الطواف مع الرمل بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة بين العلمين.
"وكان يقول: اللهم لا إله إلا أنتا، وأنت تحيي بعد ما أمتا" وهذا شعر، فهل يقول الطائف شيء من الشعر؟ هذا فعل صحابي عن أباه عروة بن الزبير تابعي، فهو مقطوع، وهذا اجتهاد منه، وإن اقتصر على ما ورد من الأدعية لا سيما المرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو جاءت من أدعية الكتاب أو السنة، أو الأدعية المطلقة التي لا محظور فيها كان أولى.
"يقول: اللهم لا إله إلا أنتا، وأنت تحيي بعد ما أمتا، يخفض صوته بذلك" لئلا يظن أنه مرفوع فيتعبد به، فمثل هذه الاجتهادات التي يجتهدها بعض الناس، ويخشى من اقتداء غيره به مثل هذا يخفيه لئلا يتعبد بغير مشروع.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه رأى عبد الله بن الزبير أحرم بعمرة من التنعيم قال: ثم رأيته يسعى حول البيت الأشواط الثلاثة" مثل ما في الخبر الذي قبله.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى" لأنه ما قدم فلا يطوف للقدوم، إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت إلا إذا رجع، حتى يرجع من منى، يعني بعد رمي جمرة العقبة؛ لأنه لم يقدم، والطواف للقدوم إنما يشرع للقادم، والسعي إنما يصح بعد طواف مشروع، وهذا لم يشرع فيه الطواف إذاً لا يسعى بعده "كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى" يعني بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر "وكان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة" لأن الرمل مرتبط بأول طواف يطوفه إذا قدم، وهو لم يقدم فلا يشرع في حقه.
طالب:. . . . . . . . .

(81/22)


هو مشي، مشي، الأكثر مشي، والحكم للغالب لماذا لا يقال: المشي بين الصفا والمروة؟ تريد هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؛ لأن الحكم للغالب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
فاسعوا.
طالب: فلا جناح عليه.
أن يطوف، لكن السعي أعم من أن يكون المشي الشديد أو المشي مع السكينة والوقار {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] ومع ذلك لو سعى من بيته إلى الجمعة يشرع وإلا ما يشرع؟ لا يشرع، المقصود أن المسألة فيها سعة -إن شاء الله-.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا ما قدم، ما قدم.
طالب: كما فعل ابن الزبير عبد الله بن الزبير.
إيه.
طالب: كان إذا أخذ عمرة من التنعيم يرمل بينما ابن عمر لأنه في مكة ما يرمل.
لكن هل مثل هذا الآن يسمى قادم وإلا ما يسمى قادم؟ يسمى من حاضري المسجد الحرام أو من غير .... ؟
طالب: عبد الله من الحاضر.
لا، هو من حاضري المسجد الحرام على كل حال، وأهل مكة يختلفون في مثل هذه الأحكام عن غيرهم.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب: هو من أهل مكة.
من أهل مكة وأحرم من الميقات.
طالب:. . . . . . . . .
هذا قادم، هذا قادم، قادم، نعم.
اقرأ اقرأ إن أمدانا وإلا ....
أحسن الله إليك.

باب: الاستلام في الطواف:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قضى طوافه بالبيت وركع الركعتين وأراد أن يخرج إلى الصفا والمروة استلم الركن الأسود قبل أن يخرج.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن عوف: ((كيف صنعت يا أبا محمد في استلام الركن؟ )) فقال عبد الرحمن: استلمت وتركت، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أصبت)).
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها، وكان لا يدع اليماني إلا أن يغلب عليه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(81/23)


"باب: الاستلام في الطواف" الاستلام الأركان الأربعة عرفنا أن الركنين الشاميين لا يستلمان، ولا يشار إليهما، والركن اليماني باقي على قواعد إبراهيم فيستلم، فإن تيسر استلامه وإلا فلا يشار إليه، والركن الذي فيه الحجر فيه أكثر من مزية، باقٍ على قواعد إبراهيم، وفيه أيضاً الحجر، وحينئذٍ إن أمكن تقبيله واستلامه باليد وإلا فالإشارة إليه ... أو يستلم بواسطة محجن أو شبهه، أو يشار إليه بالمحجن والعصا، أو يشار إليه باليد، ففيه أكثر من مزية.
"قال: حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قضى طوافه بالبيت وركع الركعتين" بلغه من طريق الصادق عن الباقر عن جابر، نعم في الحديث السابق، فهي صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- في صحيح مسلم، وهو مروي بهذه السلسلة "أنه كان إذا قضى طوافه بالبيت وركع الركعتين، وأراد أن يخرج إلى الصفا والمروة استلم الركن الأسود قبل أن يخرج" فيستلمه في كل شوط من الأشواط، ويستلمه أيضاً إذا انتهى.
"وركع الركعتين" ركعتي الطواف وسيأتي الحديث عنهما "وأراد أن يخرج إلى الصفا" بعد فراغه من الطواف وما يتعلق به "استلم الركن الأسود قبل أن يخرج" إذا كان لا يستطيع أن يستلم وقلنا: إنه إذا لم يستطع في جميع الأشواط يشير، فهل يشير إذا لم يستطع بعد الركعتين؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه كلما حاذى الركن كبر، وسيأتي في باب جامع الطواف أن التكبير والإشارة تكون في البداية والنهاية، في الفاتحة والخاتمة، كما جاء في حديث جابر، فهل يشير ويكبر إذا انتهى من الركعتين ولم يتمكن من الاستلام؟ لأن هذا هو البدل.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يشير كبقية الأشواط، كالأشواط إذا لم يستطع الاستلام فإنه يشير ويكبر وسيأتي -إن شاء الله تعالى-.
قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن عوف: ((كيف صنعت يا أبا محمد في استلام الركن؟ )) فقال عبد الرحمن: استلمت وتركت" استلمت لما استطعت وتركت عندما عجزت وشق علي "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أصبت)) ".

(81/24)


وعلى هذا فلا يزاحم على الحجر فيشق على نفسه ويشق على الناس، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عمر بن الخطاب؛ لأنه رجل قوي قد يؤثر على من حوله إذا أصر على الاستلام، كان ابن عمر -رضي الله عنهما- لشدة اقتدائه واتباعه أنه يصر على الاستلام حتى يرعف خشمه -أنفه-، يرعف الدم، ويصر على الاستلام، يعود ثانية وثالثة ويدفع، لكن ليس هذا من السنة، وهذا من اجتهادات ابن عمر التي لم يوافق عليها.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها"، "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه -عروة بن الزبير- كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها، وكان لا يدع اليماني إلا أن يغلب عليه" الأركان كلها يعني الأربعة أو التي على القواعد؟ هو وجد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: وجد من بعض الصحابة استلام الأركان الأربعة، وأنه ليس شيء من البيت مهجور، فهل هذا منه أنه يستلم الأربعة أو يقتصر على الركنين؟ الظاهر أنه يقصد الأربعة، يستلم الأركان كلها، ومع ذلك في اليماني؛ لأنه على القواعد يحرص عليه أشد من غيره "وكان لا يدع اليماني إلا أن يغلب عليه" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(81/25)


الموطأ - كتاب الحج (19)
شرح: باب: تقبيل الركن الأسود في الاستلام، وباب: ركعتا الطواف، وباب: الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف، وباب: وداع البيت، وباب: جامع الطواف.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، وارفع قدره في الدنيا والآخرة، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: تقبيل الركن الأسود في الاستلام:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال -وهو يطوف بالبيت- للركن الأسود: "إنما أنت حجر ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلك ما قبلتك، ثم قبله".
قال مالك -رحمه الله-: "سمعت بعض أهل العلم يستحب إذا رفع الذي يطوف بالبيت يده عن الركن اليماني أن يضعها على فيه".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: تقبيل الركن الأسود في الاستلام" الركن الأسود الذي فيه الحجر الأسود، الركن الأسود المراد به الركن الذي فيه الحجر الأسود، وهو مختص بالتقبيل لأن فيه خصائص: أولاً: لأنه على قواعد إبراهيم، ثانياً: أن فيه الحجر الأسود، فهو يستلم ويقبل ويشار إليه، وأما الركن اليماني فليس فيه إلا أنه على قواعد إبراهيم، وحينئذٍ يستلم، ولا يقبل ولا يشار إليه إذا لم يمكن استلامه، وأما بقية الأركان فليست قواعد إبراهيم، فلا يفعل معها شيء، لا تستلم، ولا تقبل، ولا يشار إليها.

(82/1)


يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال -وهو يطوف بالبيت-" قال وهو يطوف بالبيت فالجملة حال، حال كونه يطوف بالبيت "للركن الأسود" قال للركن الأسود، يعني كلم الركن الأسود؟ أو أنه تكلم رافعاً صوته مخاطباً بذلك من يسمع؟ ومخاطبته للحجر كما هو الظاهر من قوله: "قال للركن: "إنما أنت" إنما يريد به من يسمع لا أنه يريد به الركن؛ لأن الركن جماد "إنما أنت حجر" يعني مخلوق لا تنفع ولا تضر، والنافع الضار هو الله -جل وعلا- "إنما أنت حجر ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلك ما قبلتك" بهذا يكون الاقتداء، أمور قد لا يدركها الشخص بعقله قد يقول قائل: لماذا ندور بالبيت؟ لماذا نقبل الحجر؟ هذا تعبد، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- فنفعله "ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلك ما قبلتك" لو أن هذه الأمور اجتهادية لا بد من الوقوف على العلة لسبقنا بذلك هذا الخليفة الراشد الملهم، ما قال: الحكمة ما هي بظاهرة، كثير من الناس ممن يكتبون الآن يجعلون الأمور كلها معقولة، ويزنون النصوص الشرعية بعقولهم، الذي لا تقبله عقولهم لا يثبتونه هذا ضلال، من أنت؟ وما عقلك الذي تقيس به النصوص؟ أنت لا تدرك أشياء أنت أخص بها من غيرك، أمورك التي تزاولها، حياتك اليومية ما بين جنبيك من أعضاء لا تدرك كنهها ولا حقيقتها، فتريد أن تدرك أمور غيبية بعضها معقول المعنى وبعضها لا يدرك؟! وإن كان الشرع لا يأمر بشيء إلا لمصلحة، ولا ينهى عن شيء إلا لمصلحة، فعمر -رضي الله تعالى عنه- يقول: "ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلك ما قبلتك" فقد فعله اقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- قبله، ثم قبله عمر بمجرد اقتدائه بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو كانت المسألة عقلية ما قبل؛ لأنه لا ينفع ولا يضر فماذا يفيد؟ وليس في تقبيله لذة، وإلا هناك من لا ينفع ولا يضر لكن تقبيله معروف يعني مشروع، ومحسوس فيه شيء من ... ، لكن هذا لا ينفع ولا يضر ولا في لذة، ولا .. ، إذاً المسألة شرعية.

(82/2)


علي -رضي الله تعالى عنه- يقول: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه" فالمسألة شرعية، وليس للإنسان مندوحة إذا ثبت عنده النص أن يختار أبداً.
"قال الإمام مالك: "سمعت بعض أهل العلم يستحب" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل نقول: إنه ما دام معظم شرعاً فهل نقبل كل ما عظم شرعاً كالقرآن مثلاً؟ نقول: نقف مع النصوص، هذا ورد فيه النص نفعل، القرآن ما ورد فيه نص ما نفعل، قد يقول قائل: إن هذا من تعظيم شعائر الله التي يمكن أن يستدل بعموم قوله -جل وعلا-: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [(32) سورة الحج] أقول: يا أخي هذه أمور إجمالية، إجمالاً نعم، لكن مفرداتها تحتاج إلى نصوص، على كل حال قد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
وذكرنا قصة امرأة تتمسح بالمقام مقام إبراهيم، لما قيل لها: إنها هذه شباك من حديد لا ينفع ولا يضر جيء به من المصنع كغيره، قالت: عندكم ما ينفع عندنا ينفع، تقول: عندنا ينفع، وهي ممن ابتلي بعبادة القبور وغيرها والمشاهد، نسأل الله السلامة والعافية، فعندها ينفع ما هو دون من ذلك، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
مسح على إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الحجر، ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يمسح، ما يمسح.
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه ركن أصلاً الآن، كيف تمسح؟ تمسح المدور؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يكفي، ما يكفي هو ليس على قواعد إبراهيم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يصلح، ما يصلح يا أخي.
"قال مالك: سمعت بعض أهل العلم يستحب إذا رفع الذي يطوف بالبيت يده عن الركن اليماني أن يضعها على فيه" من غير تقبيل، الثابت في حقه الاستلام فقط، يستلم الركن اليماني فلا يقبل، وإذا لم يمكن استلامه لا يشار إليه؛ لأنه لم يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"أن يضع يده على فيه" هكذا بدون تقبيل، لكن هذا يحتاج إلى نص.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ركعتا الطواف:

(82/3)


حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان لا يجمع بين السُبعين لا يصلي بينهما، ولكنه كان يصلي بعد كل سُبع ركعتين، فربما صلى عند المقام أو عند غيره.
وسئل مالك عن الطواف إن كان أخف على الرجل أن يتطوع به فيقرن بين الأسبوعين أو أكثر، ثم يركع ما عليه من ركوع تلك السُبوع؟ قال: لا ينبغي ذلك، وإنما السنة أن يُتبع كل سُبع ركعتين.
قال مالك في الرجل يدخل في الطواف فيسهو حتى يطوف ثمانية أو تسعة أطواف، قال: يقطع إذا علم أنه قد زاد ثم يصلي ركعتين، ولا يعتد بالذي كان زاد، ولا ينبغي له أن يبني على التسعة حتى يصلي سبعين جميعاً؛ لأن السنة في الطواف أن يتبع كل سبع ركعتين.
قال مالك: ومن شك في طوافه بعدما يركع ركعتي الطواف فليعد فليتمم طوافه على اليقين، ثم ليعد الركعتين؛ لأنه لا صلاة لطواف إلا بعد إكمال السبع، ومن أصابه شيء ينقض وضوؤه وهو يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة ....
ومن أصابه؟
أحسن الله إليك.
ومن أصابه شيء ينقض ....
بنقض، بنقض.
أحسن الله إليك.
ومن أصابه شيء بنقض وضوئه وهو يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو بين ذلك فإنه من أصابه ذلك وقد طاف بعض الطواف أو كله ولم يركع ركعتي الطواف فإنه يتوضأ ويستأنف الطواف والركعتين، وأما السعي بين الصفا والمروة فإنه لا يقطع ذلك عليه ما أصابه من انتقاض وضوئه، ولا يدخل السعي إلا وهو طاهر بوضوء.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ركعتا الطواف
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان لا يجمع بين السبعين لا يصلي بينهما" لا يجمع بين السبعين بمعنى أنه لا يطوف سوى سبعة أشواط، أسبوع، ويقال له: سُبع، ويقال له: سٌبوع، أما كونه أسبوع فلكونه مشتمل على سبعة، وكل ما يشتمل على سبعة فهو أسبوع، كالسبعة الأيام يشملها الأسبوع، وأما السُبع فهو هو الأسبوع، وكذلك السبوع تخفيفاً "كان لا يجمع بين السبعين" بمعنى أنه لا يطوف أربعة عشر شوطاً، ثم يصلي بعد ذلك أربعة ركعات بتسليمتين، ولا يطوف واحداً وعشرين شوطاً ثم يصلي بعد ذلك ست ركعات، يعني لا يجمع الأسابيع.

(82/4)


يقول: "عن أبيه" عروة بن الزبير "أنه كان لا يجمع بين السبعين لا يصلي بينهما" بل يطوف الأسبوع ثم يصلي بعده، ثم يطوف الثاني ثم يصلي بعده وهكذا فلا يجمع بين الأسابيع "ولكنه كان يصلي بعد كل سبع ركعتين، فربما صلى خلف المقام أو عند غيره"؛ لأن اتخاذ المقام مصلى لا شك أنه أولى، وفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء الأمر به، لكنه على سبيل الاستحباب، وعمر -رضي الله تعالى عنه- صلى الركعتين بذي طوى، ولا مكان للركعتين خاص لا في المسجد ولا في البيت ولا غيره، المسألة أعم من ذلك، فعمر -رضي الله تعالى عنه- صلاهما بذي طوى.
يقول: "وسئل مالك عن الطواف إن كان أخف على الرجل أن يتطوع به فيقرن بين الأسبوعين أو أكثر، ثم يركع ما عليه من ركوع تلك السبوع؟ قال: لا ينبغي ذلك وإنما السنة أن يتبع كل سبع ركعتين" يعني لا يقرن بين الأسابيع، هذه هي السنة؛ لأنه لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه فعل ذلك، جاء عنه أنه طاف -عليه الصلاة والسلام- ثلاثة أسابيع، ثم صلى ست ركعات، لكنه ضعيف لا تقوم به حجة، وهو ثابت عن عائشة والمسور، الجمع بين الأسابيع ثابت عن عائشة والمسور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يذكر عنه، لكن هو المعروف عن عائشة والمسور ثابت عنهما أنهم يقرنون، ولا شك أنه في بعض الأوقات يكون أرفق، لا سيما إذا كان ممن يتحرج من الصلاة في وقت النهي، فيجمع الأسابيع فإذا زال وقت النهي صلى ما لكل أسبوع ركعتين، ومع هذا لا يقال بتداخل الركعات، العبادات من جنس واحد تتداخل، لا، لماذا؟ لأن من شرط التداخل أن لا تكون إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، وركعتا الأسبوع الأول مقضية وإلا مؤداة؟ مقضية، أما ركعتا الأسبوع الأخير مؤداة، لكن الذي قبله مقضية، والذي قبله مقضية، فلا تتداخل في هذه الصورة، ولا يتصور تداخل الركعات في مثل هذا.
ثبت ذلك عن عائشة والمسور ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فعله، وأجازه الجمهور بلا كراهة، وكرهه مالك، وقال: لا ينبغي ذلك، وإنما السنة أن يتبع كل سبع من ركعتيه، لا شك أن هذا أولى وأحوط، لكن إذا كان هناك غرض صحيح من أجله يقرن بين الأسابيع فهذا لا شك أنه له وجه، وقد فعله الصحابة.

(82/5)


"قال مالك في الرجل يدخل في الطواف فيسهو حتى يطوف ثمانية أو تسعة أطواف، قال: يقطع إذا علم أنه قد زاد" يعني علم في منتصف الشوط الثامن أو منتصف التاسع يقطع؛ لأنها زيادة على القدر المشروع، فلو تعمد ذلك صار بدعة، عمله بدعة، فمجرد ما يعلم كما لو علم أنه في خامسة من الصلاة، يقطع الصلاة، يجلس، ويتمها فمثل هذا "يقطع إذا علم أنه قد زاد، ثم يصلي ركعتين، ولا يعتد بالذي كان زاد" لكن هل يسجد للسهو في مثل هذا؟ نعم؟ في سجود للسهو؟ ليس فيه سجود للسهو، سجود السهو خاص بالصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
إذا تعمد؟
طالب:. . . . . . . . .
والله مثل ما لو تعمد الزيادة على قدر الغسلات في الوضوء، لو توضأ أربع أربع، زيادة على القدر المشروع لا شك أنه دخل في حيز المخالفة والابتداع، لكن البطلان يحتاج؛ لأنه أتى بالقدر الواجب وزيادة، ما هو مثل الصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
الطواف بالبيت صلاة، هاه؟
التشبيه لا شك أنه تشبيه بليغ لحذف الأداة، والكلام في الحديث معروف عند أهل العلم، لكن المتجه قبوله، وعرفنا مراراً أن التشبيه لا يقتضي المطابقة بين المشبه والمشبه به من كل وجه، فهذا من أوجه الخلاف.
"ثم يصلي ركعتين ولا يعتد بالذي كان زاد، ولا ينبغي له أن يبني على التسعة حتى يصلي سبعين جميعاً" حتى إيش؟ يصلي سبعين جميعاً، يعني لا يبني على التسعة ثم يضيف إليها خمسة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، غير معتد بها، ما نُويت ولا قُصدت.
"لأن السنة في الطواف أن يتبع كل سبع ركعتين" هذا رأيه، رأي الإمام مالك -رحمه الله- وفيه ما تقدم.
"قال مالك: ومن شك في طوافه بعدما يركع ركعتي الطواف" يعني أنه لم يتم السبع، شك في طوافه بعدما يركع ركعتي الطواف جاء بخمسة أشواط أو ستة، ثم صلى الركعتين يقول: فليعد، وننتبه إلى قوله: بعد ما يركع الركعتين فليعد، والمسألة مسألة شك، فإذا شك في العبادة بعد الفراغ منها يلتفت أو لا يلتفت؟ لا يلتفت، لكن لعله يرد بذلك الشك غلبة الظن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(82/6)


إيه يعيد، يعيد على كلامه، فليعد، فليتمم طوافه على اليقين، يعني يأتي بما بقي عليه، يأتي بواحدة واثنين على اليقين ويلغي الشك، ثم ليعد الركعتين، إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
فليعد، نعم، فليعد يعني فليرجع إلى الطواف، فليتمم طوافه على اليقين، يتمم، نعم، إذا كان طاف خمسة أشواط يأتي بشوطين، إذا كان طاف ستة يأتي بسابع وهكذا، ثم ليعد الركعتين، ما تجزئ الركعتان اللتان فعلهما؟ لا، لأنه جاء بهما قبل تمام الطواف، قبل تمام الطواف، وهما مربوطتان بتمامه، فلا تصحان قبل تمام الطواف؛ لأنه لا صلاة لطواف إلا بعد إكمال السبع، بلا خلاف، هذا لا خلاف فيه أنه لا يجوز أن يصلي أحد ركعتين قبل أن يطوف، أو في أثناء طوافه، وإلا في زحام شديد نصلي الركعتين حتى يخف الزحام ثم نعود إلى .. ، لا، ما دام باقي عليه خطوة في المطاف لا بد أن يأتي بها ثم يصلي الركعتين.
"ومن أصابه شيء بنقض وضوئه وهو يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو بين ذلك فإن من أصابه ذلك وقد طاف بعض الطواف أو كله ولم يركع ركعتي الطواف فإنه يتوضأ، ويستأنف الطواف والركعتين".
يقول: "ومن أصابه شيء بنقض وضوئه وهو يطوف" يجوز يعني ينقض وضوءه، المعنى صحيح "وهو يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة" أما بالنسبة للطواف بالبيت فالمعتمد عند أهل العلم أن الطهارة شرط صحة، فلا يصح الطواف إلا بطهارة، وأما بالنسبة للسعي فليس بشرط على ما سيأتي حتى عند مالك -رحمه الله-.

(82/7)


يقول: "ويطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو بين ذلك فإن من أصابه ذلك وقد طاف بعض الطواف أو كله ولم يركع ركعتي الطواف فإنه يتوضأ ويستأنف الطواف والركعتين" يستأنف الطواف إذا طاف شوطين أو ثلاثة ثم أحدث ثم ذهب وتوضأ على كلامه يستأنف الطواف، يبدأ من جديد، إذا طاف خمسة ستة ثم أحدث توضأ ثم يستأنف الطواف من جديد لوجوب المولاة، والذي يراه جمع من أهل التحقيق أن مثل هذا لا يقطع الموالاة، بل يبني على ما سبق لا سيما إذا قصرت المدة، ثم بعد ذلك والركعتين؛ لأنه لو قدر أنه طاف خمسة أشواط ثم أحدث ثم أكمل ثم صلى ركعتين لا بد من أن يتوضأ ويستأنف على كلامه، وإن كان الفاصل قصير يبني على ما مضى ثم يصلي الركعتين؛ لأن الركعتين السابقتين قبل تمام الطواف.
وأما السعي بين الصفا والمروة فإنه لا يقطع ذلك عليه ما أصابه من انتقاض وضوئه، لماذا؟ لأنه ليس بشرط؛ لأن الطهارة ليست بشرط، ولا يدخل السعي إلا وهو طاهر بوضوء استحباباً لكن إن طاف من غير طهارة فلا شيء عليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أو بين ذلك؟ من أصابه شيء بنقض وضوئه وهو يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو بين ذلك، يعني على كلامه بين الطواف والسعي.
طالب: وهو يشرب زمزم.
بين الطواف والسعي، انتهى من الطواف واتجه إلى المسعى وصلى ركعتين واتجه إلى المسعى أحدث، نعم؟ أو في الصلاة، المقصود أن مالك يرى استحباب الطهارة للسعي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الأصل أنهما تابعتان للطواف والطواف موضعه الحرم، يعني لولا صنيع عمر -رضي الله عنه- وصلاته إياهما بذي طوى لكان المتجه القول بأنها من أفعال المسجد؛ لأنها تابعة لما لا يصح إلا في المسجد، لكن عمر -رضي الله عنه- صلاهما بذي طوى.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عبد القاري أخبره أنه طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- بعد صلاة الصبح فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذي طوى فصلى ركعتين.

(82/8)


وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أنه قال: لقد رأيت عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- يطوف بعد صلاة العصر ثم يدخل حجرته فلا أدري ما يصنع.
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أنه قال: "لقد رأيت البيت يخلو بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر ما يطوف به أحد".
قال مالك -رحمه الله-: "ومن طاف بالبيت بعض أسبوعه ثم أقيمت صلاة الصبح أو صلاة العصر فإنه يصلي مع الإمام، ثم يبني على ما طاف حتى يكمل سبعاً، ثم لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب، قال: وإن أخرهما حتى يصلي المغرب فلا بأس بذلك".
قال مالك -رحمه الله-: "ولا بأس أن يطوف الرجل طوافاً واحداً بعد الصبح وبعد العصر، لا يزيد على سبع واحد، ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس كما صنع عمر بن الخطاب، ويؤخرهما بعد العصر حتى تغرب الشمس، فإن غربت الشمس صلاهما
فإذا، فإذا، فإذا غربت.
أحسن الله إليك.
فإذا غربت الشمس صلاهما إن شاء، وإن شاء أخرهما حتى يصلي المغرب لا بأس بذلك".
يقول -رحمه الله تعالى-:
"باب: الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف" الصلاة بعد الصبح والعصر يعني في وقت النهي، وكلامه في الوقتين الموسعين، ومن باب أولى الأوقات المضيقة الثلاثة، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم بقوله: "باب: الطواف بعد الصبح وبعد العصر" وأورد أحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، فدل على أنه يختار أن الركعتين لا تصليان في أوقات النهي، وصنع مثله المؤلف -رحمه الله تعالى-، فترجم بقوله: "باب: الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف" يعني ركعتي الطواف.

(82/9)


"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عبد القاري أخبره أنه طاف مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح" طاف بعد صلاة الصبح يعني الطواف ما ورد عنه النهي، بل جاء فيه ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) لكنه عام يخصص بأحاديث النهي "طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح، فلما قضى عمر طوافه نظر فلم يرَ الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذي طوى فصلى ركعتين" وكان عمر -رضي الله عنه- يضرب من يصلي بعد الصبح وبعد العصر، وهذه المسألة ذهبت، مضى بحثها في وقتها، وهو المرجح أنه لا يصلي في أوقات النهي لا سيما المضيقة، والمؤلف كالبخاري يختار أنه لا يصلى مطلقاً لا في الموسع ولا في المضيق؛ لأنه وقت نهي.
"وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أنه قال: رأيت عبد الله بن عباس يطوف بعد صلاة العصر ثم يدخل حجرته فلا أدري ما يصنع" فإما أن يكون يصلي هاتين الركعتين أو لا يصلي، فإن كان لا يصلي فالخبر مطابق للترجمة، وإن كان يصلي ويريد أن يستخفي بذلك عن الناس لئلا يسترسل الناس في الصلاة في هذه الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فهذا من حكمته وسياسته في مثل هذه الأمور التي يخشى من استرسال الناس فيها، لو استخفى بها المجتهد الذي أداه اجتهاده إلى جواز ذلك لكان أولى.
ومع الأسف أنه يوجد ممن ينتسب إلى العلم من يدخل قبيل الغروب بدقائق ثم يصلي، والشمس صفراء الشمس تضيفت للغروب، المقصود أن مثل هذا ينبغي أن يتقى، فإن النهي شديد، النهي في هذا شديد "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا ... " ثم ذكرها، هذه الأوقات المضيقة، وأما الموسعة فتقدم ما فيها.
"وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي قال: "لقد رأيت البيت يخلو" الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي قال: "لقد رأيت البيت يخلو بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر ما يطوف به أحد" لماذا؟ لأنه يلزم من الطواف الصلاة، وهو وقت نهي.

(82/10)


"قال مالك: "ومن طاف بالبيت بعض أسبوعه ثم أقيمت صلاة الصبح أو صلاة العصر فإنه يصلي مع الإمام" يصلي مع الإمام، وهذا لا يخل بالموالاة "ثم يبني على ما طاف حتى يكمل سبعاً، ثم لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب" لكن لو شرع في صلاة جنازة، هذه فريضة الصبح أو العصر، شرع في صلاة جنازة، يقف ويصلي على الجنازة ثم يتابع باعتبار أن الجنازة تفوت وهذا لا يفوت؟ هذا له وجه، لو كان يقرأ القرآن في طوافه ثم مر بآية سجدة يسجد وإلا ما يسجد؟ نعم؟ مثل هذا لا يخل بالتتابع والموالاة فمثل هذا يفعله.
"ثم لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب" وفيه ما تقدم، قال: "وإن أخرهما حتى يصلي المغرب" يعني ما اكتفى بغروب الشمس، إنما صلى المغرب "فلا بأس بذلك" لأنه زال النهي والفاصل وإن طال لا إشكال فيه؛ لأن عمر طال الفصل عنده حينما انتقل إلى ذي طوى.
"قال مالك: "ولا بأس أن يطوف الرجل طوافاً واحداً بعد الصبح وبعد العصر، لا يزيد على سبع واحد، ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس" لماذا؟ لأنه لا يرى الجمع بين الأسابيع وإلا بإمكانه على القول الآخر أن يطوف أسبوع وأسبوعين وثلاثة وخمسة، ثم بعد ذلك يصلي عن كل أسبوع ركعتين بعد خروج وقت النهي، "ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس كما صنع عمر بن الخطاب، ويؤخرهما بعد العصر حتى تغرب الشمس، فإذا غربت الشمس صلاهما إن شاء وإن شاء أخرهما حتى يصلي المغرب لا بأس بذلك" والمسألة في صلاة الركعتين في وقت النهي، وهي من وذات الأسباب، وعنده وهو قول الجمهور أنه لا يفعل في هذه الأوقات حتى ما له سبب، وعرفنا رأي الشافعي وتأييد شيخ الإسلام، وأفتى به جمع من أهل العلم، لكن المسألة تقدمت مبسوطة، فيكتفى بذلك.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: وداع البيت:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت".

(82/11)


قال مالك -رحمه الله تعالى- في قول عمر بن الخطاب: فإن آخر النسك الطواف بالبيت: إن ذلك فيما نرى -والله أعلم- لقول الله -تبارك وتعالى-: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [(32) سورة الحج] وقال: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [(33) سورة الحج] فمحل الشعائر كلها وانقضاؤها إلى البيت العتيق.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- رد رجلاً من مر الظهران لم يكن ودع البيت حتى ودع.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "من أفاض فقد قضى الله حجه، فإنه إن لم يكن حبسه شيء فهو حقيق أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت، وإن حبسه شيء أو عرض له فقد قضى الله حجه".
قال مالك: ولو أن رجلاً جهل أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت حتى صدر لم أرَ عليه شيئاً إلا أن يكون قريباً فيرجع فيطوف بالبيت ثم ينصرف إذا كان قد أفاض.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: وداع البيت" وداع البيت والوداع والتوديع يراد به ما يفعله المسافر في آخر أمره قبل سفره من توديع أهله ومحبيه هذا يسمى وداع، ويسمى توديع، ومثله ما يفعله الحاج إذا أراد الانصراف، وقد جاء الأمر به، فلا ينصرف حتى يكون آخر عهده بالبيت، جاء الأمر بالوداع، والوداع مرتبط بالحج؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أمر به في الحج، واعتمر مراراً ولم يأمر بالوداع، وهو من أعمال الحج، وليس للعمرة وداع، وعائشة -رضي الله تعالى عنها- اعتمرت بعد الحج ولم يحفظ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرها بالوداع، فالمرجح أن العمرة لا وداع لها، وإنما الوداع للحج.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: "لا يصدرن أحد من الحاج" هذا يدل على أن الوداع للحج، لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت، يعني حتى يكون آخر عهده بالبيت، والمراد آخر عهده بالبيت الطواف، ليس معنى أن يكون آخر عهده بالمسجد، ولذا فرق بين تحية المسجد وتحية البيت، تحية المسجد الركعتان، تحية البيت الطواف، وعلى هذا يكون وداع البيت بالصلاة؟ لا، بالطواف، وداعه بالطواف.

(82/12)


وجاء التصريح بذلك في البيهقي ((حتى يكون آخر عهده بالبيت الطواف)) حتى يطوف بالبيت، فإن آخر النسك الطواف بالبيت.
"قال مالك في قول عمر بن الخطاب: "فإن آخر النسك الطواف بالبيت": إن ذلك فيما نرى -يعني نظن- والله أعلم لقول الله -تبارك وتعالى-: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [(32) سورة الحج] يعني لو افترضنا أن شخصاً في طرف البلد وأبوه في الطرف الثاني، ثم سافر الولد من غير أن يمر بأبيه هل هذا من تعظيم الأب؟ أليس من حق الأب وتعظيمه أن يذهب إلى والده في الطرف الآخر ويودعه ثم ينصرف إلى سفره؟ نعم؟ هذا معنى هذا الكلام، هذا من تعظيم شعائر الله أن يأتي إلى البيت ولو كان بعيداً عنه، ويطوف به {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [(32) سورة الحج] "وقال: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [(33) سورة الحج] فمحل الشعائر كلها وانقضاؤها إلى البيت العتيق" وهذا منها، هذا من الشعائر، فمثل هذا .. ، مع الأمر الذي سمعناه منه -عليه الصلاة والسلام- يدل على وجوب طواف الوداع بالنسبة للحج.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رد رجلاً من مر الظهران" وهو اسم وادٍ بقرب مكة، رده عمر "لم يكن ودع البيت حتى ودع" لماذا؟ لأنه ترك واجباً، وعند أهل العلم يجبر عند الجمهور يجبر مثل هذا، ترك واجب من واجبات الحج، ترك نسك، وعلى هذا يريق دماً، وتبرأ ذمته -إن شاء الله تعالى-.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "من أفاض -طواف الإفاضة- فقد قضى الله حجه، فإنه إن لم يكن حبسه شيء فهو حقيق أن يكون آخر عهده بالبيت" أفاض وخرج مباشرة، هذا آخر عهده بالبيت "وإن حبسه شيء أو عرض له فقد قضى حجه" لماذا؟ لأنه لم يسافر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا حج، رد رجلاً من مر الظهران لم يكن ودع البيت حتى ودع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا أتى بما ترك، يأتي بما ترك فقط.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما اعتمر، لا، لا، ما اعتمر، ولو اعتمر قلنا: يكفيه العمرة عن طواف الوداع.

(82/13)


"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "من أفاض فقد قضى الله حجه" لأنه أتى ببقية الأركان، ومعلوم أن طواف الإفاضة وبعده السعي إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم، فهذه تتمة الأركان، "فإنه إن لم يكن حبسه شيء فهو حقيق أن يكون آخر الطواف عهده بالبيت، وإن حبسه شيء أو عرض له فقد قضى الله حجه" حبسه شيء أي ما سافر حينئذٍٍ لا يلزمه طواف؛ لأن الطواف للمسافر طواف الوداع، وعلى هذا إذا أخر طواف الإفاضة حتى قبل أن يخرج إلى أهله طاف للإفاضة ونوى بذلك طواف الإفاضة دخل فيه طواف الوداع، يدخل فيه طواف الوداع، هذا إن لم يكن بعده سعي، أما إن كان بعده سعي فإنه حينئذٍ يطوف للإفاضة ثم يسعى ثم بعد ذلك يطوف للوداع، هذا هو الأكمل، لكن إن رأى في ذلك ما يشق عليه كما هو الحال في الأزمان الأخيرة فيرجى أن يكون الفاصل يسير، ويعفى عن ذلك -إن شاء الله تعالى-، لكن ماذا عما لو قدم السعي على الطواف؟ قدم السعي عليه طواف الإفاضة والسعي الذي بعده جاء فقدم السعي وقال في حديث أسامة بن شريك: سعيت قبل أن أطوف، قال: ((افعل ولا حرج)) وأريد أن لا أطوف مرتين، لا شك أن الطواف في اليوم الثاني عشر والثالث عشر فيه مشقة شديدة، فلو قدم السعي ثم طاف بعده كفاه عن طواف الوداع، مع أني المتجه عندي أن يطوف ثم يسعى، إن تيسر له أن يطوف للوداع وإلا يرجى أن يكفيه ذلك أسهل من تقديم السعي على الطواف؛ لأن جمع من أهل العلم يرون أن السعي لا يصح إلا بعد طواف ولو مسنوناً.
"قال مالك: ولو أن رجلاً جهل أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت حتى صدر لم أرَ عليه شيئاً" يعني ما عليه شيء، ما دام جاهل فهو معذور بجهله ولا شيء عليه، والأكثر يلزمونه بدم، وجهله ونسيانه يعفيه من الذنب، أما الدم فلا بد منه؛ لأن من ترك نسكاً فليرق دماً عند جمهور العلماء "لم أرَ عليه شيئاً إلا أن يكون قريباً فيرجع فيطوف بالبيت ثم ينصرف إذا كان قد أفاض".
نعم.

باب: جامع الطواف:

(82/14)


حدثني يحيى عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "شكوت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني أشتكي، فقال: ((طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)) قالت: فطفت راكبة بعيري ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينئذٍ يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ بـ {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ} [(1 - 2) سورة الطور].
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أن أبا ماعز الأسلمي -عبد الله بن سفيان- أخبره أنه كان جالساً مع عبدَ الله بن عمر -رضي الله عنهما-
مع عبدِ.
أحسن الله إليك.
مع عبدِ الله.
أحسن الله إليك
مع عبدِ الله بن عمر -رضي الله عنهما- فجاءته امرأة تستفتيه فقالت: إني أقبلت أريد أن أطوف بالبيت حتى إذا كنت بباب المسجد هرقت الدماء، فرجعت حتى ذهب ذلك عني، ثم أقبلت حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء، فرجعت حتى ذهب ذلك عني، ثم أقبلت حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء، فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "إنما ذلك ركضة من الشيطان فاغتسلي ثم استثفري بثوب ثم طوفي".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- كان إذا دخل مكة مراهقاً خرج إلى عرفة قبل أن يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يطوف بعد أن يرجع.
قال مالك -رحمه الله-: وذلك واسع إن شاء الله.
وسئل مالك هل يقف الرجل في الطواف بالبيت الواجب عليه يتحدث مع الرجل؟ فقال: لا أحب ذلك له.
قال مالك: لا يطوف أحد بالبيت ولا بين الصفا والمروة إلا وهو طاهر.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: جامع الطواف:

(82/15)


"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "شكوت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أم سلمة أم المؤمنين شكت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مرضاً ألم بها، لا تستطيع معه الطواف بدون ركوب "فقال: ((طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)) قالت: فطفت راكبة بعيري ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينئذٍ يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ بـ {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ} [(1 - 2) سورة الطور].
هذا سائل يقول: هل هناك من مال إلى أن الوداع في العمرة بدعة؟ وما مدى صحة هذا القول إذا قال به بعض طلاب العلم؟
قل: إذا كان الدليل محتملاً فلا تبديع ولا ابتداع، إذا كان الدليل محتملاً يحتمل هذا القول فلا تبديع، إنما الابتداع اختراع قول أو فعل لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة، وإذا كان الدليل يحتمل القولين فلا بدعة، من رأى العموم فلا ينصرف حتى يكون آخر عهده بالبيت يرى أن كل من قدم مكة لنسك يشمله هذا، وكونه -عليه الصلاة والسلام- لم يقل ذلك إلا في حجته لا يمنع أن يكون تشرع جديد بالنسبة لكل من أراد الانصراف عن البيت مما جاء بالنسك سواءً كان حجاً أو عمرة، هذا احتمال وله وجهه، لكن يبقى أنه مرجوح، الراجح أنه خاص بالحج، وأما التبديع فلا، فلا وجه له.
منهم من يرى في مثل هذا الاستحباب خروجاً من الخلاف، وليس الخروج من الخلاف من الأدلة التي يعتمد عليها، والأصول التي يستند إليها عند أهل العلم، وإنما الأصل في مثل هذا قوة دليل المخالف، فخشية من أن يكون قول المخالف راجحاً أو يكون دليله أقوى من دليل الموافق يقال: خروجاً من الخلاف، وهذه جملة يستعملها أهل العلم كثيراً.

(82/16)


في حديث الباب: "عن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "شكوت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني أشتكي فقال: ((طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)) قالت: فطفت راكبة بعيري" فيه جواز الطواف بالنسبة للراكب، جواز الطواف وصحته من الراكب، لكن هل هذا خاص بالمريض أو يشمل السليم؟ لو طاف السليم راكباً على بعير هل يقال: طوافه صحيح وإلا غير صحيح؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف راكباً، لكن في الصحيح طاف راكباً، في سنن أبي داود ما يشير إلى أنه كان شاكياً، ففعله -عليه الصلاة والسلام- حينما حطمه الناس وضيقوا عليه، وأراد أن يراه الناس ويسألونه ويقتدون به ركب فإذا وجدت هذه العلة في أحد من الناس من العلماء الذين يحتاج إليهم، بحيث لا يرون إلا على هذه الهيئة فالأمر فيه سعة، وإلا فالأصل المشي، الأصل في الطواف المشي.
أذن لأم سلمة تطوف راكبة لأنها شاكية مريضة، "فقال: ((طوفي من رواء الناس وأنت راكبة)) قالت: فطفت راكبة بعيري، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم يصلي" يصلي الصبح "يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ بـ {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ} [(1 - 2) سورة الطور].
فثبت عنه أنه قرأ هذه السورة الطور في صلاة الصبح، وأيضاً ثبت في صلاة المغرب في حديث جبير بن مطعم، نعم؟
طالب: ...
لا، لا ما هو بهذا، لا، استدل من يقول بنجاسة أرواث مأكول اللحم بطواف النبي -عليه الصلاة والسلام- على البعير؛ لأنه لا يؤمن أن يبول أو يصدر منه روث في المسجد وهو .. ، يستدل بهذا من يقول بإيش؟ بالطهارة، استدل به من يقول بالطهارة؛ لأنه لا يؤمن أن يبول أو يصدر منه روث فدل على أنه طاهر، ولو كان نجساً ما طاف عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأصحاب القول الثاني قالوا: إن الله -جل وعلا- عصم دابة النبي -عليه الصلاة والسلام- لحاجته إليها، لكن الأدلة على طهارة أبوال وأرواث مأكول اللحم متكاثرة.
طالب: دابة أم سلمة.
نعم وماذا عن دابة أم سلمة؟ وأيضاً النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الركب من عكل وعرينة أن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها، فالمرجح أنها طاهرة.
طالب:. . . . . . . . .

(82/17)


الحمر الإنسية روثها نجس، فلا يجوز أن تدخل المساجد؛ لأنه لا يؤمن أن تنجس هذه المساجد، فلا تدخل المساجد.
يقول المؤلف -رحمه الله-: "وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أن أبا ماعز الأسلمي عبد الله بن سفيان أخبره" أبو الزبير معروف بالتدليس وإلا فهو ثقة، من رجال مسلم، لكنه معروف بالتدليس، وقال: إن أبا ماعز، والسند المؤنن عند أهل العلم حكمه حكم المعنعن، فلا يقبل من مدلس إلا أن يصرح "أن أبا ماعز عبد الله بن سفيان أخبره" فصرح بالإخبار وحينئذٍ انتفت تهمة تدليسه.
"أنه كان جالساً مع عبد الله بن عمر فجاءته امرأة تستفتيه فقالت: إني أقبلت أريد أن أطوف بالبيت حتى إذا كنت بباب المسجد هرقت الدماء" صبت الدم، إهراق الدماء وأراقه يعني: صبه، فهي صبت الدم، وهذا الدم لا تدري هي أحيض هو أم استحاضة دم فساد؟ "فرجعت حتى ذهب ذلك عني، ثم أقبلت" تعني مرة ثانية، "حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء" ثانية "فرجعت حتى ذهب ذلك عني، ثم أقبلت حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء، فقال عبد الله بن عمر: "إنما ذلك ركضة" يعني دفعة "من الشيطان" يريد أن يشوش عليها عبادتها، ويريد أن يشككها في صحتها، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ويحاول جاهداً أن يعيقه وأن يصده عن عبادته "إنما ذلك ركضة من الشيطان، فاغتسلي ثم استثفري بثوب ثم طوفي"
فعلى هذا هذا الدم الخارج منها استحاضة وليس بحيض، لا يمنع من الصلاة ولا من الطواف ولا من غيرهما مما تطلب له الطهارة.
طالب:. . . . . . . . .
صبت، صبت، نزل منها الدم.
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
هي تقول: هرقت، هرقت الدماء، هرق وأراق وأهراق بمعنىً واحد، أهريقوا ما في إشكال يعني.
طالب:. . . . . . . . .

(82/18)


لا ما يلزم أن يكون ... ، لا، لا مثل ما يقال: مات فلان، ويش يصير بيده الموت وإلا يحيى؟ الأصل توفي فلان، يعني الله يتوفى الأنفس، توفته رسلنا، فالإضافة -إضافة الفعل- إلى من يسند إليه إضافات نسبية، منها ما إضافته حقيقية، إذا قال: الله يتوفى الأنفس، توفاه فلان هذه إضافة حقيقية، لكن توفته رسلنا إضافة نسبية، باعتبار أنهم مأمورون من قبله -جل وعلا-، ففعلهم ينسب إليه وينسب إليهم، أيضاً إذا قيل: مات فلان هل بيده أن يموت أو يحيى؟ ليس بيده ذلك، لكن الإسناد إلى الفعل قد يكون لأدنى مناسبة، فلا مانع أن تقول: هرقت الماء "فاغتسلي ثم استثفري" اغتسلي ليزول عنك أثر الدم، ثم استثفري بثوب، وعرفنا كيفية الاستثفار في حديث امرأة أبي بكر لما ولدت في المحرم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أسماء بنت عميس، قال لها: ((استثفري)) ومعنى ذلك أن تربط خيطاً في وسطها، تربط حبلاً في وسطها ثم بعد ذلك تأتي بخرقة تشدها على فرجها فتربط هذه الخرقة من أمامها بالخيط ومن خلفها بالخيط، كيفيته معروفة يعني، معنى ذلك تتحفظ، ولا يلزم أن يكون هناك خيط ولا رباط، يقوم مقامه ما يمسك هذا الذي يمسك الدم.
"فاغتسلي ثم استثفري بثوب ثم طوفي" لأنها في حكم الطاهرات، وسئل ابن عباس عن المستحاضة يجامعها زوجها؟ قال: نعم، الصلاة أعظم، وكثير من أهل العلم يكره ذلك.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص كان إذا دخل مكة مراهقاً" يعني ضاق عليه الوقت حتى خاف على نفسه أن يفوت عليه الوقوف، دخل مكة في يوم عرفة مثلاً ماذا يصنع؟ خرج إلى عرفة قبل أن يطوف بالبيت؛ لأنه يخشى أن يعوقه عائق، ثم لا يصل إلى عرفة حتى يخرج الوقت بطلوع الصبح من ليلة النحر، فإذا جاء مراهقاً يعني ضاق عليه الوقت إلى عرفة مباشرة، وهذا بالنسبة للقارن والمفرد، أما بالنسبة للمتمتع فلا يتمكن من ذلك، إذا ضاق عليه الوقت يدخل الحج على العمرة حتى يصير قارناً كما صنعت عائشة -رضي الله عنها-.
"كان إذا دخل مكة مراهقاً خرج إلى عرفة قبل أن يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يطوف بعد أن يرجع" ثم يطوف بعد أن يرجع يعني إلى منى، يرجع من عرفة إلى منى "قال مالك: وذلك واسع إن شاء الله"

(82/19)


ذلك واسع -إن شاء الله تعالى-؛ لأنه فعل وجاء بالأركان التي أمر بها بالنسبة لمناسك الحج، ويستوي في ذلك ما أشرنا المفرد والقارن، وأما المتمتع فيختلف عنهما؛ لأنه لا يسمى متمتعاً إلا إذا تمكن من أداء العمرة التامة بطوافها وسعيها وتقصيرها، ثم بعد ذلك يحرم بالحج.
"وسئل مالك هل يقف الرجل في الطواف بالبيت الواجب عليه يتحدث مع الرجل؟ فقال: لا أحب ذلك له" لأنه جاء تشبيهه بالصلاة، وإن كان قد أبيح فيه الكلام، لكن ينبغي أن يستغل بالذكر والتلاوة، يستغل بذكر الله -جل وعلا- والتلاوة؛ لأن هذه عبادات لا يليق بها إضاعة هذه الفرصة بين يدي الله -جل وعلا- في أشرف البقاع وفي أفضلها، يمضي هذا الوقت بإرسال النظر يميناً وشمالاً، أو بمحادثة فلان أو علان، أو باستغلال الجوال مثلاً، يستغل الجوال إما أن يكلم أو يُكلم، كل هذا لا ينبغي؛ لأنه في موطن عظيم مبارك، ينبغي أن يستغل بما يقرب إلى الله -جل وعلا- ويرضيه، "فقال: لا أحب له ذلك".
"قال مالك: لا يطوف أحد بالبيت ولا بين الصفا والمروة إلا وهو طاهر" مع الأسف أنه يوجد بعض النساء مع رفع الصوت، والأنغام البشعة المؤذية، بعضهم يجعل بدل الرنة هذه أو التنبيه أمور يعني لا يستحسنها سوي، ومع ذلك تحصل هذه في أشرف البقاع وأفضلها، ويؤذى الناس في أماكن العبادة، وتشبه مساجد المسلمين بالكنائس ومع ذلك كثر الإمساس بها حتى صار كثير من الناس لا يستنكرها، فضلاً عن كونه ينكرها، يسمع من النساء ومن الأطفال ومن الكبار، بل من بعض طلاب العلم يستعمل الجوال والرنات والموسيقى وما أدري إيش في أشرف البقاع، وينتهي الطواف في مكالمة واحدة، والمرأة ترفع صوتها بين الرجال تكلم، هذا إذا كان في شيء مباح، فما بالكم إذا كان في كلام محرم؟! نسأل الله السلامة والعافية.

(82/20)


وقد رأيت شخصاً في المسجد الحرام شخص عليه سيما الخير والفضل والصلاح، قصير الثوب، طويل اللحية، بعد أن صلى الصبح فتح الجوال، وكلم مكالمة واحدة حتى صلى الناس صلاة الضحى، مكالمة واحدة انقطع فأعاده، هذا حرمان يا أخي، والله هذا الحرمان، يعني لا يوجد وقت للمكالمة إلا هذا؟ هذا هو الحرمان بعينه، إذا كنت لا تريد أن تجلس مقتدياً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- اذهب إلى ما شئت وكلم من شئت، ما أحد يلومك ولا أحد يثرب عليك، أما بين الناس يشغلهم عن قراءتهم وعن أذكارهم بهذه الطريقة، هذا لماذا جلس؟ والله المستعان.
يقول مالك -رحمه الله تعالى-: "لا يطوف أحد بالبيت ولا بين الصفا والمروة إلا وهو طاهر" وعرفنا أن رأيه بالنسبة للطواف أن الطهارة شرط صحة، وبالنسبة للسعي بين الصفا والمروة أن هذا شرط كمال، يعني مستحب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(82/21)


الموطأ – كتاب الحج (20)
(البدء بالصفا في السعي - جامع السعي - صيام يوم عرفة - صيام أيام منى)

الشيخ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: إذا حمل الطائف بالبيت بحج أو عمرة, أو تطوعاً صبياً؛ هل يقع الطواف لهما، أو لأحدهما؟
يقع لهما -إن شاء الله تعالى- ولا يحتاج إلى إعادة.
إذا حمل الإنسان ابنه ليطوف به؛ والطواف ينويه للابن؛ هل يشترط للصغير ما يشترط للكبير؟
الذي يستطاع فعله من قبل الصغير؛ الذي يستطاع فعله؛ لا شك أنه يشترط، أما ما لا يستطاع؛ فلا يشترط.
يقول: هل للكبير من طهارة؟
الطهارة لا بد منها إذا كان يحسن هذه الطهارة؛ وإذا كان يحسن الطهارة من الحدث؛ فلا بد منها؛ إذا كان لا يحسن يكفي طهارته من الخبث.
وأن يجعل البيت على يساره, ...
لا بد من أن يجعل البيت على اليسار؛ سواء في ذلك الكبير، والصغير؛ سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر اللهم للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: البدء بالصفا في السعي:
حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول حين خرج من المسجد؛ وهو يريد الصفا؛ وهو يقول: ((نبدأ بما بدأ الله به)) , فبدأ بالصفا.
وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا وقف على الصفا يكبّر ثلاثاً، ويقول: ((لا إله إلا الله, وحده لا شريك له؛ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير))؛ يصنع ذلك ثلاث مرات, ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك.
وحدثني عن مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وهو على الصفا يدعو ويقول: "اللهم إنك قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر (60)] , وإنك لا تخلف الميعاد, وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم.

(83/1)


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله؛ نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب البدء بالصفا في السعي"

(83/2)


"حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي" جعفر الصادق "عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين الباقر "عن جابر بن عبد الله أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" قال في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الطويل الذي بيّن فيه جابر الحجة النبوية، ووضحها، وأتقنها، وضبطها منذ خروجه -عليه الصلاة والسلام- من المدينة إلى رجوعه إليها؛ وهو أجمع حديث في الباب، وأورد منه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في موطئه قطعاً تقدم بعضها، وفرقه في مواضع؛ والجمع والتفريق عند أهل العلم بالنسبة للروايات -تقطيع الحديث- جائز عند الجمهور؛ يشترطون في ذلك ألا يترتب فهم الحديث على ما حُذف؛ يعني ترتب فهم المذكور على ما حُذف؛ أما إذا كان المذكور لا يفهم إلا بما حذف فإنه لا يجوز حينئذ؛ كونه تقييد، أو استثناء، أو اشتراط، أو ما أشبه ذلك؛ فمثل هذا لا يجوز إلا أن يذكر إلا بفصه, أما إذا أمكن فصل جمل بعضه عن بعض, ولا يترتب فهم بعض الجمل على الجمل الأخرى؛ فلا مانع من تقطيعه, وفعله البخاري كثيراً, ويفعله الإمام مالك وغيره, وإذا كان هذا جائز في القرآن؛ ففي السنة من باب أولى؛ إذا كانت الجمل يمكن فصلها عن بعض؛ مثلنا مراراً بقوله –جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [سورة النساء (58)] , فإذا كان الحديث عن الأمانة؛ هل يلزم أن نقول: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [سورة النساء (58)]؟ ما يلزم, وإذا كان الحديث عن العدل، واقتصرنا على هذه الجملة؛ لا يلزم أن نقول من أول الآية: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [سورة النساء (58)]، وعمل أهل العلم وصنيعهم على هذا جاري؛ كثيراً ما يقتصرون على بعض الآية, وبعض الحديث, ومنه ما عندنا؛ أنه "قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول حين خرج من المسجد" خرج من المسجد؛ يعني بعد والطواف، وصلاة الركعتين؛ خرج من المسجد؛ إلى أين؟ إلى المسعى؛ فالمسعى خارج المسجد, ولا يزال إلى الآن خارج المسجد؛ إلى الآن لم يدخل في المسجد "خرج من المسجد وهو يريد الصفا" فلما دنى إلى

(83/3)


الصفا, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين التوسعة؟ داخلة, داخلة.
طالب:. . . . . . . . .
ما دخلت, ما بعد دخلت إلى الآن؛ إذا سورت الساحة -إن شاء الله- دخل المسعى؛ إذا سورت الساحة دخل المسعى؛ انظر خارطة المسجد والمسعى تجزم يقيناً أن المسجد ما دخل؛ لكن إذا سورت الساحة اللي وراء المسعى، وشملها جدار المسجد دخل؛ أما الآن فلا.
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا، ما في شيء داخل؛ المسعى ممتد هكذا بجوار المسجد؛ ملاصق له.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟ وين؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إلى الآن ما دخل؛ والذي يدخل فيه أثناء الطواف طوافه باطل؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما علينا منهم؛ اللي يصلون في الساحة، والمسجد فيه فضاء؛ صلاتهم باطلة؛ إذا كان المسجد فيه متسع صلاتهم إذا لم تتصل الصفوف؛ فالصلاة باطلة؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما هي بداخل المسجد؛ حتى تسور، ويشملها مسمى المسجد.
طالب: حتى العمائر؟
نعم العمائر ... مو منتهين ذولا، يجدون من يفتيهم؛ لكن إلى الآن المسعى ما دخل في المسجد.
"حين خرج من المسجد، وهو يريد الصفا" فلما دنى من الصفا قرأ آية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} [سورة البقرة (158)]؛ كما في صحيح مسلم "وهو يقول: ((نبدأ بما بدأ الله به)) " , بصيغة الإخبار, وفي رواية: ((أبدأ))، وفي رواية بالأمر: ((ابدؤوا بما بدأ الله به))؛ فالله -جل وعلا- بدأ بالصفا: {إِنَّ الصَّفَا} [سورة البقرة (158)]؛ فما بدأ الله به قولاً نبدأ به فعلاً, وقل مثل هذا في آية الوضوء, وعندهم في أساليب العرب: أن الأولية لها دخل في الأولوية, وهنا يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نبدأ بما بدأ الله به)) , وبصيغة الإخبار عن الرواية مشهورة: "فبدأ بالصفا. " فإن بدأ بالمروة لم يُعتد بالشوط الأول حتى يبدأ من الصفا. نعم.
طالب:. . . . . . . . .

(83/4)


ما في ما يمنع أبداً؛ حتى عند المقام تقول: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [سورة البقرة (125)] , ويش المانع؟ فإن بدأ بالمروة لم يعتد بذلك؛ والشوط الأول باطل؛ لأنه لم يبدأ بالصفا؛ والنبي -عليه الصلاة والسلام- فعل هذا، وقال: ((خذوا عني مناسككم))، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
من حيث الأدلة كثيرة؛ ما هي مسألة الواو فقط؛ ما هي مسألة الآية فقط؛ لا الأدلة متظاهرة على وجوب الترتيب.
"وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه" وهو قطعة من الحديث المذكور الطويل "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا وقف على الصفا" فرقي عليه حتى رأى البيت؛ استقبل القبلة "يكبّر ثلاثاً، ويقول: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ له الملك وله الحمد؛ وهو على كل شيء قدير)) " وحده: حال, وهو على كل شيء قدير: حال "يصنع ذلك ثلاث مرات" يكبر، ويهلل "ويدعو" ويدعو؛ يدعو؛ يكبّر ويهلل ثلاث مرات؛ ويدعو بين الثلاث المرات؛ فيكون الدعاء على هذا مرتين, وجاء على ما يدل على أنه يكبّر، ويهلل، ويدعو؛ يفعل ذلك ثلاثاً؛ فعلى هذا يكون الدعاء ثلاث مرات؛ فإن فعل هذا فقد حسن, وإن فعل هذا فقد أحسن, والنصوص محتملة؛ "ويصنع" .. نعم؟
طالب: فيها رفع يدين؟
كيف؟
طالب: فيها رفع يدين؟
إيه مع التكبير نعم؛ والدعاء –أيضاً-.
"ويصنع على المروة مثل ذلك. " مثل ما فعل على الصفا من الوقوف والذكر والدعاء, ولا حد في ذلك؛ فيفعل ذلك كم مرة؟ ثمان مرات؛ ثمان مرات على الصفا أربع مرات, وعلى المروة أربع مرات؛ في الفاتحة والخاتمة.

(83/5)


"وحدثني عن مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر؛ وهو على الصفا يدعو" يعني موقوف على ابن عمر بأصح الأسانيد "وهو على الصفا يدعو ويقول: اللهم إنك قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر (60)] " وهذا يشمل دعاء المسألة, ويشمل –أيضاً- دعاء العبادة؛ لكنه هنا عند ابن عمر دعاء مسألة؛ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر (60)]؛ ادعوني: هذا أمر, أستجب: هذا جواب الطلب, أو مجزوم بشرط مقدر: إن تدعوني أستجب "وإنك لا تخلف الميعاد, وإني أسألك" بدأ بهذه الآية: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر (60)]؛ لتكون مقدمة لدعائه؛ يدل بها على ربه -جل وعلا- "وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني" وأي دعوة أعظم من مثل هذه, دعوة على الثبات "حتى تتوفاني وأنا مسلم. " حتى تتوفاني وأنا مسلم, في دعاء إبراهيم: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [سورة إبراهيم (35)] , وهو الذي كسر الأصنام، وفي دعاء محمد -عليه الصلاة والسلام-: ((وإذا أردت بعبادك فتنة؛ فاقبضني إليك غير مفتون))؛ فالدعاء في مثل هذا أمر ينبغي أن يكون ديدن المسلم لا سيما طالب العلم, والفتن تموج بالناس "ألا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم" تتميماً لنعمتك العظيمة؛ ليفوز بالجنة، وينجو من النار.
ابن القيم -رحمه الله- يقول:
والله ما خوفي الذنوب وإنها ... لعلى سبيل العفو والغفران
لكن ما أخشى انسلاخ القلب من ... تحكيم هذا الوحي والقرآن
ورضاً بآراء الرجال وخرصها ... لا كان ذاك بمنة الرحمن
المقصود أن الإنسان يلهج دائماً بالدعاء بالثبات، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: جامع السعي:

(83/6)


حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: قلت لعائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- وأنا يومئذٍ حديث السن: أريت قول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [سورة البقرة (158)]؛ فما على الرجل شيء ألا يطوّف بهما؟ فقالت عائشة -رضي الله عنها-: كلا؛ لو كان كما تقول لكانت "فلا جناح عليه ألا يطوف بهما" إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار؛ كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حذو قديد, وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة؛ فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [سورة البقرة (158)].
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن سودة بنت عبد الله بن عمر كانت عند عروة بن الزبير، فخرجت تطوف بين الصفا والمروة في حجٍ أو عمرة ماشية؛ وكانت امرأة ثقيلة؛ فجاءت حين انصرف الناس من العشاء؛ فلم تقض طوافها حتى نودي بالأولى من الصبح؛ فقضت طوافها فيما بينها وبينه, وكان عروة إذا رآهم يطوفون على الدواب ينهاهم أشد النهي؛ فيعتلون بالمرض حياءً منه؛ فيقول لنا فيما بيننا وبينه: لقد خاب هؤلاء وخسروا.
قال مالك -رحمه الله-: من نسي السعي بين الصفا والمروة في عمرة؛ فلم يذكر حتى يستبعد من مكة؛ أنه يرجع فيسعى, وإن كان قد أصاب النساء فليسع بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة, ثم عليه عمرة أخرى والهدي.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: ومن نسي من طوافه شيئاً, أو شك فيه فلم يذكر إلا وهو يسعى بين الصفا والمروة؛ فإنه يقطع سعيه، ثم يتم طوافه بالبيت على ما استيقن, ويركع ركعتي الطواف، ثم يبتدئ سعيه بين الصفا والمروة.

(83/7)


وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا نزل من الصفا والمروة مشى، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي؛ سعى حتى يخرج منه.
قال مالك في رجل جهل فبدأ بالسعي بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت؟ قال: ليرجع فليطف بالبيت ثم ليسع بين الصفا والمروة؛ وإن جهل ذلك حتى يخرج من مكة ويستبعد؛ فإنه يرجع إلى مكة, فيطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة؛ وإن كان أصاب النساء؛ رجع فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة, ثم عليه عمرة أخرى والهدي.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب جامع السعي".

(83/8)


"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: قلت لعائشة أم المؤمنين" وهي خالته, "وأنا يومئذ حديث السن" صغير فهم الآية على ما ذكر؛ لأنه صغير السن, وقد يفهم الكبير الذي لا يعرف السبب مثل فهمه؛ قد يفهم مثل فهمه, وقد فهم منها هذا الفهم من لم يوجب السعي؛ وأما حكمه فعند الجمهور ركن من أركان الحج لا يتم إلا به, وهو قول المالكية -كما هنا- والشافعية والحنابلة, والحنفية يرون وجوبه يجبر بدم؛ والحنفية هم يرون أن مثل هذه الآية ليست ملزمة, ولا تدل على الشرطية مثل ما فهم عروة؛ لكن إذا قارنا قولهم هنا، وفهمهم لهذه الآية مع فهم قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} [سورة النساء (101)] , وهم يوجبون القصر؛ يوجبون القصر بالآية، وبما جاء معها من النصوص؛ والجمهور فهموا من آية: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} [سورة النساء (101)]؛ أنه ليس بواجب, وفهموا من هذه الآية أنه ركن؛ يعني عكس الحنفية في المسألتين؛ فهل نقول: بالنسبة لقوله -جل وعلا- .. ؟ يقول في الحديث: قلت لعائشة أم المؤمنين، وأنا يومئذٍ حديث السن؛ يعني صغير "أرأيتِ" أخبريني عن معنى "قول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِر اللهِِ} [سورة البقرة (158)] " وشعائر الله أعمال الحج " {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ} [سورة البقرة (158)] " لا إثم عليه, " {أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [سورة البقرة (158)] " يطَّوّف: أصله يتطوّف؛ أبدلت التاء طاء، ثم أدغمت التاء بالطاء؛ صارت يطوّف, {بِهِمَا} [سورة البقرة (158)] أي بالصفا والمروة؛ فيسعى "فما على الرجل" ومثله المرأة "شيء ألا يطوّف بهما؟ " هذا فهمه -رحمه الله- هذا فهمه للآية؛ لأن رفع الجناح؛ رفع الإثم لا يقتضي اللزوم ولا الوجوب, ولو قيل: بأنه مباح ما بعد؛ لأنه لا يلزم من رفع الإثم ورفع الجناح الوجوب؛ هذا الأصل "فما على الرجل شيء ألا يطوّف بهما؟ " ومفهومها أن السعي ليس بواجب "فقالت عائشة -رضي الله عنها-" رداً عليه ": كلا" وفيها الردع والزجر

(83/9)


"كلا لو كان" الأمر "كما تقول لكانت" الآية: "فلا جناح عليه ألا يطوّف بهما" أي لا جناح في ترك الطواف بينهما؛ لو كان هناك تخيير بين الطواف وعدمه؛ لجاءت الآية: فلا جناح عليه ألا يطوّف بهما؛ يعني له أن يترك السعي "إنما نزلت هذه الآية في الأنصار" ثم ذكرت السبب؛ ورفع الجناح المذكور في الآية؛ هو التأثم الذي وجدوه في أنفسهم أول الأمر من السعي بين الصفا والمروة "وقد كانوا" يعني الأنصار؛ في بعض الروايات الأنصاب بالباء؛ لكن الأكثر على هذه الرواية "الأنصار" "كانوا يهلون" يحجون قبل الإسلام "لمناة" وهو صنم؛ صنم كان في الجاهلية يعبدونه "وكانت مناة حذو" مقابل "قديد" قرية بين مكة والمدينة "وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة" يهلون لها؛ يهلون لهذا الصنم ثم يطوفون بين الصفا والمروة؛ يعني يفعلون هذا الشرك الذي من أجزاءه السعي بين الصفا والمروة؛ فقبل نزول هذه الآية تحرجوا من أن يسعوا بين الصفا والمروة؛ لأنهم كانوا يفعلونه إذا أهلوا لهذا الصنم, وجاء في بعض الأخبار ما يدل على أن على الصفا صنم، وعلى المروة صنم, إساف ونائلة؛ وكان المشركون يسعون بين الصفا والمروة لهذين الصنمين, استصحب الصحابة -رضوان الله عليهم- هذا الصنيع القبيح، والعمل الشنيع؛ فتحرجوا؛ فتحرجوا، وضربنا مثال تقريبي لهذا في بعض الدروس؛ وقلنا: لو وجد كرتون دخان؛ استعمل في محرم، واشتريت خمسين مصحف، وما وجدت أن تضع هذه الخمسين إلا في كرتون الدخان؛ ها.
طالب: ……
لابد من وجود الحرج؛ لابد من وجود الحرج؛ في أحد يبي يقول: إن الكرتون نجس, ولا فيه ما فيه؛ نعم؟ ما

(83/10)


في, ما في أحد بيقول: إن الكرتون نجس؛ لكن يتحرج الإنسان من أن يضع القرآن في كرتون كان يستعمل للدخان؛ نعم, أكثر الكتب تأتي في كراتين الدخان؛ لأن فيها كثرة في الأمصار، وتوفر عليهم, وأيضاً- مقاسها للكتب؛ وبعدين لو يروحون للمصانع يشترون، ويصنعون لهم هذه الكراتين تحتاج إلى مبالغ؛ والدخان -الله المستعان- ابتلي به الناس -نسأل الله السلامة والعافية-؛ يعني لو جيء –بلا مؤاخذة يا أخوان- لو جيء بحفاظة طفل جديدة من الكرتون ما فيها شيء، والجو بارد، وأنت متوضئ؛ هل تستطيع أن تنشف بها؟ جديدة من الكرتون؛ ما تحرج أن تتنشف بها؟ لأنك تستصحب لماذا صنعت؟ تستصحب لماذا صنعت؟.
فتكرهه؛ يوجد في نفسك الكره لهذا الشيء؛ فهو من هذا الباب تحرج الصحابة من السعي بين الصفا والمروة؛ فنزل رفع الجناح؛ يعني ما عليكم من جناح؛ هذا شرع؛ هذا شرع لا يقرر بمثل هذه الأمور؛ فرفع الجناح في هذه الآية منصب إلى التأثم الذي وجدوه في أنفسهم؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؛ حتى كلام عائشة يدل على رفع الجناح الذي هو التأثم, وأما الوجوب…؛ وعائشة من دقيق فقهها تريد أن ترد عليه؛ مع استحضارها للنصوص الأخرى؛ وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سعى وأمر بالسعي: ((اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي))، وقال: ((خذوا عني مناسككم))؛ استصحبت هذا كله, وأرادت أن ترد عليه, ويش تقول؟ وقرر أهل العلم: أن هذا من ثاقب ذهنها, ودقيق فقهها؛ قالت: "كلا لو كان كما تقول لكانت: "فلا جناح عليه ألا يطوّف بهما" أي لا جناح عليه في ترك الطواف بينهما "إنما نزلت" نعم.
طالب:. . . . . . . . .

(83/11)


بلا شك "إنما نزلت هذه الآية في الأنصار؛ كانوا يهلون لمناة، وكان مناة حذو قديد, وكانوا يتحرجون" يتحرزون "أن يطَّوَّفوا" أو "أن يطوفوا بين الصفا والمروة" فيتركون ذلك خشية الحرج, استحضاراً منهم لما كان يفعل في هذا المكان من الشرك "فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [سورة البقرة (158)] " وهذا لا شك أنه كما قرر أهل العلم أنه من بديع فقهها, ودقيق فهمها -رضي الله عنها وأرضاها-؛ وعلى كل حال جمهور أهل العلم على أن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج لا يتم إلا به, والحنفية يجبرونه بدم.
يقول: "وحدثني .. ؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا يؤخذ صراحة؛ لكن الأدلة المتظافرة تدل على أنه لا بد منه.

(83/12)


"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن سودة بنت عبد الله بن عمر كانت عند عروة بن الزبير" هو ما فيه شك أنه بيان؛ فعله بيان؛ لكن أهل العلم يقولون: بيان الواجب واجب؛ فهل في الآية ما يدل على الوجوب؟ فسرها ووضحها؛ يعني كيفية ما جاء في الآية وضحت؛ لكن بالنسبة للحكم ما في ما يدل؛ على كل حال الأدلة متظافرة على أنه لا بد منه "أن سودة بنت عبد الله بن عمر كانت عند عروة بن الزبير، فخرجت تطوف بين الصفاء والمروة, في حج أو عمرة " شك "ماشيةً؛ وكانت امرأةً ثقيلةً" سمينة, وجاء في وصف سودة بنت زمعة أنها كانت ثبطة؛ يعني ثقيلة, وهذه –أيضاً- ثقيلة؛ إما لسمنٍ بها، أو لبطءٍ في مشيها "فجاءت حين انصرف الناس من" صلاة "العشاء" بعد صلاة العشاء دخلت المسعى "فلم تقض طوافها حتى نودي بالأولى من الصبح" ففعلها استغرق ما بين العشاء إلى الأذان الأول للصبح "فقضت طوافها فيما بينها وبينه" لأنها ثقيلة؛ وعلى هذا إذا كان طول المدة -طول مدة السعي- في أثناء السعي؛ لا يعتبر هذا تفريق بين أجزاءه؛ إنما لو سعت شوطاً ثم نامت ساعة –مثلاً- ثم سعت شوطاً ثم نامت نصف ساعة؛ يفترض هذا في شخص لا يحتاج إلى النوم, وأما من يحتاج فأمره معروف؛ لكن شخص لا يحتاج إلى النوم؛ يصح سعيه ولا ما يصح؟ لا يصح؛ لأن الموالاة لابد منها؛ لابد منها؛ هذه استغرقت هذه المدة الطويلة لحاجتها إلى ذلك، وليس فيها فواصل بين أجزاء السعي "وكان عروة إذا رآهم يطوفون على الدواب" شوف الآن عروة هذه زوجته استغرقت هذه المدة الطويلة؛ ولعله لم يرخص لها في أن تركب؛ لأنه "كان عروة إذا رآهم يطوفون على الدواب ينهاهم أشد النهي" يشدد عليهم في ذلك "فيعتلون" فيحتجون "بالمرض؛ حياءً منه" هو يراهم -رحمه الله- أقوياء أشداء "فيعتلون بالمرض حياء منه؛ فيقول لنا فيما بيننا وبينه: لقد خاب هؤلاء وخسروا. " لمخالفة النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه سعى ماشياً؛ لكن لو أن إنساناً شاب في العشرين من عمرة تعب في الطريق من طول المسافة؛ وصل، وقال: يبادر في قضاء العمرة؛ لما طاف وجد التعب، وركب؛ هل يمكن أن يقال: طوافه باطل؟ أو نقول: ينتظر ينام، ويرتاح حتى إذا نشط للعمرة يؤديها؟ الركوب في الطواف

(83/13)


والسعي؛ النبي -عليه الصلاة والسلام- ركب؛ ركب وترجم عليه الإمام البخاري: "الركوب في الطواف"؛ النبي -عليه الصلاة والسلام- لما حطمه الناس, وكانوا لا يدَعُّون عنه، ولا يُكهرون ركب, وطاف على دابته, وفي سنن أبي داود ما يدل على أنه كان شاكياً؛ فمن أهل العلم من لا يجيز الطواف ولا السعي من راكب إلا إذا كان مريضاً شاكياً, ومنهم من يرى جواز ذلك؛ لأن رواية الصحيح ليس فيها هذا القيد؛ ليس فيها هذا القيد, وعلى كل حال لا شك أن السعي على القدمين هو الأصل؛ وهو الأحوط؛ لكن إن احتاج إلى الركوب فلا حرج -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
واجب ايه؛ لأنه سعى هكذا وقال: ((خذوا عني مناسككم))؛ نعم؟.
طالب:. . . . . . . . .
ايه, لا, لا؛ يصلح؛ ويش المشكلة؟ إذا كان راكباً يحثه؛ مثله, مثله؛ أيه.
طالب:. . . . . . . . .
أيه, على شان ينتهي هذا الأجير؛ يريد أن ينتهي يأخذ ثاني؛ يأخذ زبون ثاني.
طالب:. . . . . . . . .
أيه, لا هذا خلاف السنة؛ كونه يسعى سعياً شديداً في كل المسافة؟ لا.
طالب:. . . . . . . . .
بالنسبة للركوب؟
طالب:. . . . . . . . .
لا من حيث الدليل الطواف قد يكون أسمح؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف راكباً، وليس في الصحيح ما يدل على أنه كان شاكياً؛ إنما احتاج ذلك لما حطمه الناس؛ وهو محل الإقتداء؛ يريد ير أن يروه؛ فركب -عليه الصلاة والسلام-؛ والحاجة إليه أدعى؛ على كل حال من تمكن من الطواف، والسعي ماشياً فهو الأصل.
"قال مالك: من نسي السعي بين الصفا والمروة في عمرة؛ فلم يذكر حتى يستبعد" يعني يبعد عن مكة "من مكة؛ أنه يرجع" وجوباًَ "فيسعى"؛ لأنه ركن "وإن كان قد أصاب النساء" ففسدت عمرته؛ فليرجع "فليسع بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة" التي فسدت, ويمضي في فاسدها؛ يكمل العمرة الفاسدة يسعي ويقصر، ثم بعد ذلك يأتي بعمرة أخرى قضاءً، ثم يفدي.

(83/14)


يقول: من نسي السعي بين الصفا والمروة في عمرة؛ فلم يذكر حتى يستبعد؛ يبعد عنها من مكة أنه يرجع فيسعى وجوباً؛ وإن كان قد أصاب النساء فسدت عمرته, ثم ليرجع، وليسع بين الصفا والعمرة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة الفاسدة؛ يلزمه أن يمضي في فاسدها, ثم عليه عمرة أخرى قضاءً على التي فسدت والهدي في القضاء للفساد, هذه العمرة التي فسدت يمضي في فاسدها كما تقدم نظيره في الحج؛ كما تقدم نظيره في الحج؛ لكن امرأة طافت وهي حائض, ثم سعت، ثم قصرت، ثم لبست ثيابها، ورجعت إلى بلدها؛ العمرة أيش؟ فاسدة؛ هل يلزم هذه المرأة أن تأتي بعمرة مضاءً في العمرة الفاسدة, ثم تقضي؟ أو نقول: أنها مضت، وانتهت ما عليها إلا القضاء؟ يعني ما عليها إلا عمرة القضاء؛ لأن الفاسدة مضت فيها وأنهتها؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هي من الأصل ما دامت فاسدة فليس بوجه شرعي, مع علمه بفسادها؛ يعني هل يلزم العلم, أو نقول: إن هذه مضت وأكملت؛ فلا يلزمها إلا قضاء هذه العمرة؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا نحن نقول: هذه مضت؛ الحج نعم يتصور فيه بمثل هذا؛ أنه يمضي في فاسده، ولا بد من إكماله؛ لكن العمرة كملت الآن, ورجعت إلى بلدها؛ نعم؟.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد.
طالب:. . . . . . . . .
أي ترجع, إذا ما أكملت؛ نحن تصورنا مسألة: أنها تمت عمرتها؛ طافت وهي حائض، ثم سعت، ثم قصرت ثم لبست, وذهبت إلى بلدها؛ العمرة صحيحة، ولا فاسدة؟ فاسدة؛ هل تأتي بعمرة إمضاءً للفاسدة, ثم تقضي, أو يكفيها أن تقضي؛ لأنها أمضت الفاسدة وكملتها؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب
طالب:. . . . . . . . .
أيه
طالب:. . . . . . . . .
هو الآن جزء منها فاسد؛ مثل الحج؛ الآن إذا قلنا: إنه قبل التحلل الأول جامع زوجته؛ نعم؟ بطل حجه, ويلزمه أن يمضي في فاسده، ويكمل؛ يكمل؛ ما نقول: يستأنف؛ يكمل هذه الفاسدة؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(83/15)


هي كملت وانتهت؛ مضت في الفاسد، وانتهت؛ لكن هل نقول: من شرط المضاء في الفاسد أن يكون على علم أنه فاسد، ويمضي فيه؛ يلزم بإكماله؛ هي كملت؛ فهل يلزمها أن تأتي بعمرة جديدة؟ أتمت الأولى، ولبست ثيابها، وذهبت إلى بلدها؛ وهي فاسدة, وهي لا تعلم أنها فاسدة؛ قيل لها: أنها فاسدة يلزمك القضاء؛ لكن هل يلزمها مع القضاء عمرة ثانية مضاءً في الفاسدة؟. نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كونها ارتكبت محظورات هذه مسألة ثانية.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان على جنابة وطاف وسعى؛ مثل الحائض.
طالب:. . . . . . . . .
نعم, مثله بالضبط.
طالب:. . . . . . . . .
يعني الآن هذه العمرة الفاسدة التي أُكملت يعني ما تجزئ عن فاسدة؟ ها؟.
طالب:. . . . . . . . .
وأنا أقول: لا يلزمها أكثر من عمرة واحدة؛ صحيح ما دام كملت العمرة؛ الفاسدة أمضت فيها وأكملتها؛ فلا وجه لإلزامها بعمرة أخرى؛ وإن قيل به؛ قيل به, وقد يفتي بعضهم بهذا.
يقول: "وإن كان قد أصاب النساء" يعني فسدت عمرته؛ لأنه لم يكملها؛ بقي عليه ركن وهو السعي؛ فليرجع "فليسع بين الصفا والمروة؛ لأنه لم يسعى قبل "حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة؛ لأنه غير مسألتنا التي افترضناها فيمن أتم العمرة التي فسدت لوجوب إتمامها "ثم عليه عمرة أخرى" قضاء عن التي أفسد "والهدي" في القضاء للفساد.
"سئل مالك عن الرجل يلقاه الرجل بين الصفا والمروة؛ فيقف مع يحدثه؟ فقال: لا أحب له ذلك"؛ لأن المطلوب في هذا المقام الذكر والدعاء؛ فلا تضيع هذه الفرصة بالكلام؛ ولو كان مباحاً؛ إلا أن الشيء يسير منه لا بأس به, أما الشيء الذي يشغل عن الأهم؛ لا يقال: ببطلان السعي؛ لكن لا شك أنه عدول من الفاضل إلى المفضول.

(83/16)


"قال مالك: ومن نسي من طوافه شيئاً، أو شك فيه فلم يذكر" ذلك "إلا وهو يسعى بين الصفا والمروة؛ فإنه يقطع سعيه"؛ لأن الطواف لم يكمل؛ الطواف لم يكمل، والسعي إنما يصح إذا وقع بعد طواف صحيح؛ ولو مسنوناً "إلا وهو يسعى بين الصفا والمروة؛ فإنه يقطع سعيه، ثم يتم طوافه بالبيت على ما يستيقن" يعني شك وهو يسعى هل طاف خمسة، أو ستة، أو سبعة, يرجع ويكمل السادس والسابع, ثم يصلي الركعتين على ما تقدم؛ لأن الركعتين مبنيتان على صحة الطواف, ثم بعد ذلك يخرج إلى الصفا، ويبدأ من جديد؛ فيبنى على الأقل "ويركع ركعتي الطواف, ثم يبتدئ سعيه بين الصفا والمروة" ولا يعتد بما سعى؛ لأن صحته بتقدم طواف؛ وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو يريد أن يجعل العبادات مترابطة؛ يجعل السعي مبني على عبادة مشكوك فيها؛ يحتاج إلى أن يبرأ من عهدته.
"وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا نزل من الصفا والمروة مشى" أول ما ينزل يمشي المشي المعتاد "حتى إذا انصبت قدماه" انحدرت قدماه "في بطن الوادي سعى" أي أسرع شديداً "حتى يخرج منه" أي من بطن الوادي, حتى يخرج منه؛ يسعى سعياً شديداً حتى أن ركبتيه تبينان من تحت إزاره من شدة السعي -عليه الصلاة والسلام-.

(83/17)


"قال مالك في رجل جهل فبدأ بالسعي بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت؟ قال: ليرجع" بدأ بالسعي بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت, قال: "ليرجع فليطف بالبيت"؛ وذلك لأن السعي لا يصح إلا إذا كان بعد طواف؛ عنده، وعند جمع من أهل العلم؛ وأما حديث أسامة بن شريك: "سعيت قبل أن أطوف"؛ بعضهم حكم عليه بالشذوذ؛ ومن عمل به، وصححه أجاز مثل هذه الصور, ومنهم من حمله على القاعدة العامة: "ما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم"؛ في ذلك اليوم؛ يعني يوم العيد"، وبعضهم وقف على هذا، ولم يزد عليه؛ قال: "ليرجع وجوباً فليطف بالبيت، ثم ليسع بين الصفا والمروة" لأن سعيه باطل "وإن جهل ذلك حتى يخرج من مكة ويستبعد؛ فإنه يرجع إلى مكة، فيطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة, وإن كان أصاب النساء؛ رجع فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة" التي فسدت "ثم عليه عمرة أخرى" قضاءً "والهدي" في القضاء جبراً على ما تقدم؛ نعم.
أحسن الله إليك.

باب: صيام يوم عرفة:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عمير مولى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن أم الفضل بنت الحارث -رضي الله تعالى عنها- أن ناساًَ تماروا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال بعضهم: هو صائم, وقال بعضهم: ليس بصائم؛ فأرسلتُ إليه بقدح لبن؛ وهو واقف على بعيره فشرب.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- كانت تصوم يوم عرفة؛ قال القاسم: ولقد رأيتها عشية عرفة يدفع الإمام، ثم تقف، حتى يبيّض ما بينها وبين الناس من الأرض, ثم تدعو بشراب فتفطر.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب صيام عرفة"

(83/18)


وصيام يوم عرفة جاء فيه أنه يكفّر السنة الماضية والباقية؛ يكفّر سنتين؛ وهو من أفضل الأعمال؛ لكن هل هو لكل أحد؟ أو يستثنى من ذلك الحاج؟ وفي الباب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفطر والناس ينظرون إليه؛ وفيه –أيضاً- أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة؛ وقد ضعّف؛ ولذا اختلف الصحابة؛ فمنهم من كان يصوم؛ كعائشة، وابن عمر، وغيرها، ومنهم من لا يصوم؛ وأفتى جمع من أهل العلم بتحريم الصيام؛ يوم عرفة بعرفة؛ وذلكم ليتقوى على العبادة في هذا اليوم، ويستغل هذا اليوم العظيم بالذكر والدعاء.
من أهل العلم من أثم, ومن ذلك الشيخ ابن باز يقول: يأثم, يقول: يأثم, إن ثبت حديث نهى, له وجه.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي النظر مولى عمر بن عبيد الله عن عمير مولى عبد الله بن عباس عن أم الفضل" يعني أمه "عن الفضل بنت الحارث: أن ناساً تماروا عندها" تجادلوا، واختلفوا "يوم عرفة في صيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" منهم من قال: صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني استبعد أن يقول: إنه يكفّر سنتين، ولا يصوم! يرجع إلى مثل هذا النص، ويجزم بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صام؛ ما يمكن أن يفرط بهذا الأجر "فقال بعضهم: هو صائم, وقال بعضهم: ليس بصائم" فاحتكموا إليها "فأرسلتُ إليه بقدح لبن" ليكون الجواب عملي, ويكون حينئذ أوقع في النفوس؛ أوقع في النفوس "فأرسلتُ إليه بقدح لبن؛ وهو واقف على بعيره فشرب" الآن بعد رؤيته يشرب؛ هل يمكن أن يقال: إنه صائم –خلاص- زالت الشبهة؛ ليس لأحد أن يقول: إنه كان صائماً؛ ففي الباب إفطاره -عليه الصلاة والسلام-؛ وأقل الأحوال أن يكون على جهة الاستحباب؛ لأن ما يصنعه -عليه الصلاة والسلام- أقل أحواله أنه مستحب.
طالب:. . . . . . . . .
ليس خاص بالرسول؛ جاء في عبادات مكفرة؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, ما هو بالإشكال في ما تقدم؛ الإشكال فيما تأخر؛ الإشكال فيما تأخر.
طالب:. . . . . . . . .
النسائي؛ عند النسائي، وصححه المنذري؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(83/19)


صححه المنذري؛ وأما بالنسبة لصوم يوم عرفة أنه يكفر السنتين؛ هذا ما فيه إشكال؛ ما فيه إشكال أبداً؛ وللحافظ ابن حجر رسالة في الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة؛ رسالة مطبوعة.
"وحدثني عن مالك يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن عائشة أم المؤمنين كانت تصوم يوم عرفة" حملاً للحديث الوارد في ذلك على عمومه؛ وأنه لا يوجد ما يخرج من وقف بعرفة؛ ومثله يذكر عن ابن عمر "قال القاسم: ولقد رأيتها" القاسم بن محمد "ولقد رأيتها عشية عرفة يدفع الإمام، ثم تقف، حتى يبيض ما بينها وبين الناس من الأرض" يعني ينصرفون ويتركونها؛ فتبقى الأرض بيضاء ليس عليها أحد؛ سيكون هناك فرصة لأن تفطر "ثم تدعو بشراب فتفطر" ثم تدعو بشراب فتفطر. نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في صيام أيام منى:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام أيام منى.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث عبد الله بن حذافة أيام منى يطوف؛ يقول: إنما هي أيام أكل، وشرب، وذكر لله.
وحدثني عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يومين؛ يوم الفطر، ويوم الأضحى.
"وحدثني عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يومين؛ يوم الفطر، ويوم الأضحى. " وهذا مجمع عليه كما تقدم في كتاب الصيام.
وحدثني عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهادي عن أبي مرة مولى أم هانئ أخت عقيل بن أبي طالب -رضي الله عنهم- عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه أخبره: أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص؛ فوجده يأكل، قال: فدعاني؛ قال: فقلت له: إني صائم؛ فقال: هذه الأيام التي نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهن, وأمرنا بفطرهن.
قال مالك -رحمه الله-: هي أيام التشريق.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في صيام أيام منى"

(83/20)


عرفنا ما في صيام يوم عرفة للحاج وغيره, ويومي العيدين يحرم صومهما اتفاقاً، وماذا عن أيام منى أيام التشريق؟.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام أيام منى. " وهذا الخبر مرسل؛ لكن يشهد له ما بعده.
"وحدثني عن مالك ابن شهاب أن رسول -صلى الله عليه وسلم- بعث عبد الله بن حذافة أيام منى يطوف يقول" يطوف يعني يمشي بين الناس, و "يقول: إنما هي أيام أكل، وشرب، وذكر لله. " وهذا –أيضاً- مرسل؛ وهو موصول من جهات.
"وحدثني عن مالك عن يزيد بن عبيد الله بن عبد الله بن الهادي عن أبي مرة مولى أم هانئ" بنت أبي طالب "أخت عقيل بن أبي طالب عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه أخبره: أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص فوجده يأكل، قال: فدعاني؛ قال: فقلت له: إن صائم؛ فقال: هذه الأيام التي نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهن, وأمرنا بفطرهن".
"قال مالك: هي أيام التشريق. " وجاء التصريح بها, وأنه لا يجوز صيامها؛ لا يجوز صيامها؛ بل هي أيام أكل، وشرب، وذكر لله -عز وجل-؛ يستثنى من ذلك من لم يجد الهدي؛ وجب عليه الهدي؛ فلم يجده؛ وجب عليه أن يصوم عشرة أيام مكان الهدي: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [(196) سورة البقرة]، وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ وهذه الأيام الثلاثة ينبغي أن تكون قبل يوم عرفة؛ أما إذا لم يتمكن، ولم يتقرر عنده أنه لا يجد, أو كان عنده ثم فقد؛ فقد نفقته يوم العيد؛ فلم يستطع أن يهدي؛ حينئذ يصوم أيام التشريق؛ فلم يرخص لأحد أن يصوم أيام التشريق إلا من لم يجد الهدي.
يمدينا على باب وإلا. . . . . . . . .
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله؛ نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

(83/21)


الموطأ – كتاب الحج (21)
(ما يجوز من الهدي - العمل في الهدي حين يساق)

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد, وعلى آله، وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما يجوز من الهدي:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهدى جملاً كان لأبي جهل بن هشام في حج أو عمرة.
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يسوق بدنةً؛ فقال: ((اركبها))؛ فقال: يا رسول الله إنها بدنةٌ؛ فقال: ((اركبها ويلك))؛ في الثانية، أو الثالثة.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار: أنه كان يرى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يهدي في الحج بدنتين، بدنتين, وفي العمرة بدنة، بدنة؛ قال: ورأيته في العمرة ينحر بدنة وهي قائمة في دار خالد بن أَسيد؛ وكان فيها منزله، قال: ولقد رأيته طعن في لبة بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفها.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- أهدى جملاً في حج أو عمرة.
وحدثني عن مالك عن أبي جعفر القارئ: أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي, أهدى بدنتين؛ إحداهما بختية.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: إذا نُتجت الناقة؛ فليحمل ولدها حتى ينحر معها, فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال: إذا اضطررتَ إلى بدنتك فاركبها ركوباً غير فادح, وإذا اضطُررتَ إلى لبنها فاشرب بعدما يروى فصيلها, فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله؛ نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين. أما بعد:

(84/1)


فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب ما يجوز من الهدي" ما يجوز؛ ما يجزئ من الهدي.

(84/2)


قال: "حدثني يحيى عن مالك" والهدي يطلق على المندوب, ويطلق على الواجب؛ فما يُهدى إلى البيت تقرباً إلى الله -جل وعلا- لا بسبب متعة، ولا قران، ولا بسبب ترك واجب، ولا ارتكاب محظور؛ هذا من المندوب, ودم أو هدي المتعة والقران؛ هذا واجب؛ وجب على المتمتع، والقارن شكراً لله -جل وعلا- الذي يسر له الإتيان بالنسكين في سفر واحد, وما وجب بترك واجب "جبران" ولكل واحد منها حكمه الخاص به. يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهدى جملاً كان لأبي جهل بن هشام في حج أو عمرة. " هذا الحديث هكذا أخرجه الإمام مالك مرسلاً, ووصله أبو داود من طريق النفيلي؛ قال: "حدثنا محمد بن سلمة, قال: حدثنا محمد بن إسحاق, حدثنا محمد بن منهال, قال: حدثنا يزيد بن زريع عن ابن إسحاق المعنى, قال: قال عبد الله؛ يعني ابن أبي نجيح حدثني مجاهد عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهدى عام الحديبية جملاً كان لأبي جهل، في رأسه برة فضة, وقال ابن منهال: برة من ذهب، زاد النفيلي: يغيض بذلك المشركين. الآن هذا الجمل أهدي عام الحديبية, وأبو جهل قُتل في بدر,نعم, يعني قبل أربع أو خمس سنوات, قال النفيلي: يغيض بذلك المشركين؛ جاء به وأهداه إلى البيت, وهو جمل رئيسهم، ومقدمهم أبو جهل؛ ولا شك أن في هذا إغاظة للمشركين؛ أقول: في هذا إغاظة؛ وأي إغاظة؟! البرة: حلقة تجعل في لحم الأنف, حلقة من ذهب، أو من فضة, أو من أي معدن كان؛ لكن هنا جاءت الرواية أنها من فضة, وفي رواية أنها كانت من ذهب؛ المقصود أن هذا الجمل لا يضيره أن كان لمشرك, وأن كان استعمل فيما يغضب الله -جل وعلا- أبو جهل كان يركبه، ويستعمله، ويسخره فيما لا يرضي الله -جل وعلا- ثم بعد ذلك استعمل فيما يرضي الله -جل وعلا-، فجعل هدياً يتقرب به إلى الله -جل وعلا-؛ على هذا العين المباحة إذا استعملت فيما يرضي الله, أو استعملت قبل ذلك فيما لا يرضي الله, ثم استعملت فيما يرضي الله, لا تتأثر؛ لا تتأثر بذلك؛ فالسكين التي يذبح بها المسروق, هي السكين التي يذبح بها الهدي والأضاحي, ولا يضيرها, ولا تتأثر بذلك, ولا

(84/3)


يقال: أن هذا الجمل كان لمشرك يستعمله فيما لا يرضي الله, ينبغي أن يترك ويسيّب, ولا يتقرب به إلى الله؛ لا؛ لا ذنب له.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يسوق بدنة" بدنة كُثَر استعماله فيما يهدى إلى البيت من الإبل؛ من الإبل، وقد يطلق على البقر, "فقال: ((اركبها)) " يسوقها ويمشي؛ باعتبار أنه أخرجها من ماله لله -عز وجل-؛ وعلى هذا لا ينتفع بها, كما أنه لا يبيع من أجزائها شيئاً ولا يأكل, ولا يرجع فيها, فإنه لا يركبها هذا على حد فهمه, فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اركبها)) , "فقال: يا رسول الله إنها بدنة" يعني أخرجتها من مالي لله -جل وعلا- "فقال: ((اركبها)) " هذه " في الثانية, أو" في "الثالثة" قال له: " ((ويلك)) " , وهذه كلمة يدعى بها لكنهم لا يقصدون معناها؛ فلمن استحق الهلكة يقال له: ويلك, والذي وقع في هلكة لا يستحقها يقال له: ويحك, المقصود أن هذا يدل على جواز .. ؛ الأول يجوز التقرب لله -جل وعلا- بما استعمل فيما لا يرضيه؛ طيب ما الفرق بين أن نقول: يستعمل هدي, وبين أن يقال: يتخلص منه؟ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً؛ يعني ما الفرق بين هذا الجمل, الجمل في الحديث الأول, جمل لأبي جهل كان يستعمله في حرب المسلمين مثلاً, ثم غنمه المسلمون أو اشتراه النبي -عليه الصلاة والسلام- ونقول هذا استعمل فيما لا يرضي الله, لم لا يتخلص منه, لا بنية التقرب؛ النبي -عليه الصلاة والسلام- أهداه بينة التقرب؟ يقال: أنه ملكه النبي -صلى الله عليه وسلم- بطريق شرعي صحيح؛ لكن لو كان ملكه بطريق غير شرعي, قلنا: يتخلص منه, لكن ما دام ملك بطريق شرعي فهو طيب يتقرب إلى الله -جل وعلا- وهنا يجوز الانتفاع بالبدنة فيما لا يضرها؛ فتركب عند الحاجة, وتحلب ويشرب من لبنها بقدر الحاجة فيما لا يضر بها ولا بولدها, فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أمره بالركوب؛ وإن كانت هدي.

(84/4)


قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار: أنه كان يرى عبد الله بن عمر يهدي في الحج بدنتين، بدنتين, وفي العمرة بدنة، بدنة" لا شك أن الحج أعظم من العمرة, وأكثر عملاً وأعظم أجراً, فيناسب أن يهدى فيه بدنتين, أو ثلاث، أو عشر، أو مائة كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه عمل عظيم, وأما العمرة فهي دونه, فيهدى فيها أقل منه, ولذا كان عبد الله بن عمر يُهدي في الحج بدنتين، بدنتين, وفي العمرة بدنة، بدنة "قال: ورأيته في العمرة ينحر بدنة وهي قائمة" نعم السنة في الإبل أن تنحر قائمة معقولة يدها اليسرى, وأما بالنسبة للبقر والغنم فتذبح, تضجع على جانبها الأيمن فتذبح ذبحاً, وأما بالنسبة للبدن من الإبل فإنها تنحر قائمة, وأهل العلم يقولون: إن نحر ما يذبح، أو ذبح ما ينحر أجزأ؛ لكن هذه هي السنة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
معقولة يدها اليسرى.
طالب:. . . . . . . . .
على جانبها الأيسر.
طالب:. . . . . . . . .
نعم يستقبل بها القبلة, ويمسكها, ويمسك رأسها بيده اليسرى، والمدية بيده اليمنى.
طالب:. . . . . . . . .
أي هدي؟ هدي العمرة؟
طالب:. . . . . . . . .
وقت ذبح الهدي في الحج؛ يعني في أثناءه؛ يعني بعد أن يفعل الوقوف بعرفة والمبيت, والرمي؛ يذبح قبل أن يطوف، وقبل أن يسعى, ففي العمرة –أيضاً- لو كان بين بعد الطواف والسعي وقبل الحلق؛ لا بأس؛ نظير ما يفعل في الحج, المقصود أنه في أثنائها, نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لو كان بعدها لا بأس؛ ما في إشكال, ما في إشكال.
قال: "ورأيته في العمرة ينحر بدنة وهي قائمة في دار خالد بن أَسيد, وكان فيها منزله" منزله في دار؟ نعم؟
أقول: منزل ابن عمر في دار؟ يعني ساكن ملحق عند هذا الرجل؟
طالب:. . . . . . . . .
ها.
طالب:. . . . . . . . .
يعني غرفة في بيت هذا الرجل؟ الدار .. ؟
طالب:. . . . . . . . .

(84/5)


لا, لا؛ ما يلزم, يعني ينزل في هذه الدار؛ يعني في بعض هذه الدار؛ على كل حال الدار قد تطلق على الحي؛ تطلق الدار على الحي, تطلق –أيضاً- على القبيلة: ((خير دور الأنصار بني عبد الأشهل)) مثلاً, معناها قبيلة؛ أمر أن تبنى المساجد في الدور, وأن تطيب وتنظف؛ يعني في الأحياء؛ المقصود أن الدار أعم من أن تكون بيتاً أو حجرة أو غرف، قال: "ولقد رأيته طعن في لبة بدنته" نعم, تنحر البدنة في اللبة؛ في أصل العنق "حتى خرجت الحربة من تحت كتفها" حتى خرجت الحربة من تحت كتفها؛ هكذا تنحر الإبل قائمة بالحربة, أو في السكين الطويلة في لبتها.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن عمر بن عبد العزيز أهدى جملاً في حج أو عمرة. " نعم, الجمل يهدى, ليس معنى بدنة أن تكون أنثى؟ لا, ما يلزم أن تكون, بدنة تطلق على الإبل ذكراً كان أو أنثى.
"حدثني عن مالك عن أبي جعفر القارئ: أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي أهدى بدنتين إحداهما بختية" إحداهما بختية؛ أهدى بدنتين إحداهما بختية والثانية؛ نعم؟ عادية, ذات سنام واحد, والبختية لها سنامان؛ والبخات نوع من البدن؛ من الإبل؛ يجزئ -على ما تقدم في كلام الإمام مالك- يجزئ إهداؤها.
"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا نُتِجت الناقة فليحمل ولدها حتى ينحر معها" الآن نتجت الناقة؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيش صغير؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن, ويش نعرب الناقة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نائب فاعل؛ طيب المنتج ما هو؟
طالب:. . . . . . . . .
فاعل؛ هاه؟
إذا كانت الناقة هي نائب الفاعل, فالفاعل ما هو؟ فليُحمل ولدها, ودل على أن الناقة هي الفاعل؛ هي التي أنتجت الولد, ولم يسمع هذا الفعل إلا على هذه الصيغة المغيرة, والناقة فاعل, نتجت الناقة, فالولد هو المنتج, والناقة هي المنتجة, والكل بأمر الله –جل وعلا- وتقديره, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الفاعل في الحقيقية هو الله -جل وعلا-؛ لكن الناتج؛ المنتجة هي الأم؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا مانع, لا مانع؛ سهل, سهل؛ مثل ما يقال: بنت وولد له كذا؛ ما في إشكال؛ نعم؟

(84/6)


ولم يسمع الفعل نُتج إلى على هذه الصيغة, وصيغته صيغة المحوَّل من المعلوم إلى المجهول, والناقة فاعل, والمنتج هو الولد, فليحمل ولدها حتى ينحر معها؛ ما يقال: هذا نماء منفصل, والمهدى هو الأم, نقول: في الهدي يتبعه النماء المنفصل, والنماء المتصل؛ النماء المنفصل، والنماء المتصل, يتبع المهدى, فلا يجوزالتصرف فيه؛ لأنه تبعاً لهديته, ورجوعه في هذا النماء رجوع في جزء مما تقرب به إلى الله -جل وعلا- "فإن لم يوجد له محمل" ما وجدوا ما يحملونه عليه "حمل على أمه حتى ينحر معها" حمل مع أمه حتى ينحر معها.
قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال: إذا اضطررت إلى بدنتك؛ فاركبها ركوباً غير فادح" يعني غير متعب, وشاق على هذه البدنة، إذا اضطررت إليها؛ دل على أنه لو كان معه ما يركبه, ومعه الهدي؛ أنه لا يستعمل الهدي إنما يستعمل دابته, ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يركبها؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم؛ لأنه محتاج إليها ليس معه غيرها؛ لأنه يمشي.
"إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوباً غير فادح, وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب بعدما أن يروى فصيلها" فصيلها: يعني ولدها الذي انفصل عنها وولدته؛ لا بد من رعايته والعناية به, وهو أحق بلبن أمه، فإذا روي فصيلها؛ يشرب منه "فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها" على ما تقدم من أنه يتبعها نماؤها سواء كان متصلاً أو منفصلاً؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني؛ ما الفرق بين النماء المنفصل والمتصل, وهل يتبع النماء مطلقاً أو لا يتبع؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
يعني في مدة الخيار؛ في مدة الخيار ولدت؛ فهل يتبع ولدها أو لا يتبع، في مدة الخيار سمنت؛ يتبع أو لا يتبع؟ النماء المتصل يتبع؛ لكن النماء المنفصل لا, هنا هل في مدة خيار؟ خرجت؛ انتهت كالمبيع بعد مدة الخيار, مثله ما يفرق.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
الهبة بعد قبضها تلزم, قبل قبضها لا؛ المنفصل لا. نعم؟
أحسن الله إليك.

باب: العمل في الهدي حين يساق:

(84/7)


حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان إذا أهدى هدياً من المدينة قلّده، وأشعره بذي الحليفة؛ يقلده قبل أن يشعره، وذلك في مكان واحد، وهو موجه إلى القبلة يقلده بنعلين, ويشعره من الشق الأيسر, ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفه, ثم يدفع به معهم إذا دفعوا فإذا قدم منى غداة النحر؛ نحره قبل أن يحلق أو يقصر, وكان هو ينحر هديه بيده, يصفهن قياماً, ويوجههن إلى القبلة, ثم يأكل ويطعم.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا طعن في سنام هديه وهو يشعره, قال: بسم الله والله أكبر.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: الهدي ما قلد، وأشعر ووقف به بعرفة.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يجلل بدنه القباطي والأنماط والحلل، ثم يبعثها بها إلى الكعبة, فيكسوها إياها.
وحدثني عن مالك: أنه سأل عبد الله بن دينار: ما كان عبد الله بن عمر يصنع بجلال بدنه؛ حين كسيت الكعبة هذه الكسوة؟ فقال: كان يتصدق بها.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول في الضحايا والبدن: الثني فما فوقه.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان لا يشق جلال بدنه, ولا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول لبنيه: يا بني لا يُهدين أحدكم من البدن شيئاً يستحي أن يهديه لكريمه؛ فإن الله أكرم الكرماء, وأحق من اختير له.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب العمل في الهدي حين يساق"

(84/8)


"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان إذا أهدى هدياً من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة" يعني بالميقات, وهكذا ينبغي أن يساق الهدي من قبل الميقات, ينبغي أن يساق الهدي قبل الميقات "إذا أهدى هدياً من المدينة قلده، وأشعره بذي الحليفة" فإذا وصل إلى الميقات قلده وأشعره "يقلده قبل أن يشعره" يقلده أولاً بأن يربط به نعلين في جهته اليمنى, أو على رقبته؛ المقصود أنه يقلده بنعلين ليعلم أنه هدي فلا يتعرض له بسوء "يقلده قبل أن يشعره" الإشعار: شق الجهة اليسرى من سنام البعير حتى يخرج الدم؛ ليعرف أن هذا هدي "قبل أن يشعره، وذلك في مكان واحد وهو موجَّه" وهو موجه يعني الهدي "موجه إلى" جهة "القبلة, يقلده بنعلين ويشعره من الشق الأيسر ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة" لأنه هدي جاء به الحاج من بلده, ولا ينحر حتى يبلغ الهدي محله؛ في يوم النحر "ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة, ثم يدفع به معهم إذا دفعوا إلى المزدلفة, فإذا قدم منى غداة النحر؛ نحره قبل أن يحلق أو يقصر" يعني بعد أن يرمي؛ بعد أن يرمي جمرة العقبة ينحر هديه كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- "قبل أن يحلق أو يقصر, وكان هو ينحر هديه بيده" ابن عمر ينحر هديه بيده؛ اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذه هي السنة فيمن يقدر على ذلك ويحسنه, أما من لا يقدر على نحر الهدي بيديه يوكل, فإن أمكنه الحضور حضر, وإلا تكفي الوكالة في هذا "يصفهن قياماً" النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع نحر ثلاثاً وستين من البدن بيده الشريفة, وترك ما بقى, ما غبر لعلي -رضي الله تعالى عنه- نحر ما غبر "يصفهن قياماً، ويوجههن إلى القبلة ثم يأكل ويطعم" يعني بعد أن ينحر هذا الهدي، ويُطبخ منه ما يطبخ, ثم يُأكل منه ما يُأكل, ويطعم منه ما يُطعم, ويُتصدق ويهدى منه.
"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا طعن في سنام هديه؛ وهو يشعره؛ قال: بسم الله والله أكبر" التسمية حكمها .. ؛ ها؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(84/9)


الوجوب؛ بل الاشتراط؛ اشتراط حل الأكل, والتكبير سنة: {وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [(185) سورة البقرة] , فالتسمية شرط لحل الأكل, والتكبير سنة, وبعض الخطباء في يوم العيد, في خطبة العيد يقول: يسمي وجوباً، ويكبر استحباباً, بل يقول: بسم الله وجوباً, والله أكبر استحباباً، وعامة الناس عند الذبح يقولون هكذا, يذبحها ويقول: بسم الله وجوباً والله أكبر استحباباً! يقولون هذا؛ لأنهم يسمعون الخطيب, العوام إذا سمعوا شيئاً من حرصهم على التطبيق والتنفيذ؛ يطبقونه بحروفه ولا يتصرفوا؛ قد يظنون أن مثل هذا لا يجزئ؛ لكن لا بد من البيان لعامة الناس؛ لأن هذا دين؛ لا بد أن يبيّن لهم معنى الوجوب، ومعنى الاستحباب؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا فعل ابن عمر, فعل ابن عمر؛ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [(121) سورة الأنعام]؛ أيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا في؛ في أدلة، في اشتراط, نصوص؛ نصوص الصيد, ونصوص الذبائح كلها تدل.
طالب:. . . . . . . . .
كلها تدل على الاشتراط, وأنها لا تؤكل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [(121) سورة الأنعام]، هذا شرط ذا؛ هذا شرط لصحة الأكل, من أهل العلم يفرق بين الناسي وغيره, فالناسي يسمي إذا ذكر لكنه لا يجزئ بحال؛ لأنه حرم منها مرة ما نسي التسمية, والشرط لا يعفى عنه بالنسيان؛ لأن النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم؛ لكن لا عكس؛ لا ينزل المعدوم منزلة الموجود, لا بد, لو صلى من غير طهارة ناسي يكفي؟ ما يجزئ.
يقول: بسم الله, عند الإشعار, بسم الله والله أكبر؛ كل هذا على جهة الاستحباب؛ لكن الوجوب عند الذبح, عند الذبح.

(84/10)


يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول: الهدي ما قلد واشعر, ووقف به بعرفة" فعلى هذا غيره ليس بهدي, لو أهدى بدنة أو بقرة أو شاة ولم يشعرها, ولم يقلدها؛ ما في ما يدل على أنها هدي؛ ما في ما يدل على أنها هدي؛ لأن مثل هذه الأمور الظاهرة؛ تجعلها هدي بالنسبة للمتبرع وبالنسبة للناظر؛ لكن إذا لم توجد هذه العلامات الدالة على أنها هدي, فالذي لم يتقرب بها لا يدري عن ذلك, إن اشتراه بمكة أو بمنى؛ يعني داخل الحرم؛ يسمى هدي ولا ما يسمى هدي؟ أو الهدي ما يساق؟ يقال: ساق الهدي؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كلامه: "الهدي ما قلد واشعر, ووقف به بعرفة" مفهومه أن ما عداه ليس بهدي, فعلى هذا إن اشتراه من مكة أو منى, أو لم يخرج به إلى الحل؛ فإنه لا يسمى هدي؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
له مفهوم؛ لأنه يقول: "الهدي ما قلد واشعر؛ ما عداه هدي, وإلا ليس بهدي؟ المفهوم.
طالب: هل الهدي الصحيح الكامل؛ الكامل الأجر والإتباع؟
لا على كل حال المسألة خلافية؛ من أهل العلم من يقول: ليس بهدي؛ إذا ما اشعر، وقلد فليس بهدي؛ ليس بهدي.
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ من الميقات؛ عندهم يشعر من الميقات "ووقف به بعرفة" هذا إذا كان في الحج, أما إذا كان في العمرة شيء آخر, إذا كان هدي مرسل وصاحبه ببلده؛ حكمه حكم آخر, المقصود أنه يهدى إلى البيت من خارج الحرم.
"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يجلل بدنه" يجلل البدن يعني يكسوها ويغطيها بالجلال "كان يجلل بدنه القباطي" جمع: قبطي: ثوب رقيق من كتان؛ منسوب إلى القبط, "والأنماط": جمع نمط؛ وهو ثوب من صوف ذو ألوان, ولا يقال للأبيض: نمط؛ إلا إذا كان ذو ألوان, إذا كان من أكثر من لون، فإنه يقال له: نمط, والنمط: الثوب المذكور:
"أل" حرف تعريف أو "اللام" فقط ... فنمط عرفت قل فيه: "النمط"
"والأنماط والحلل" جمع حلة, ولا يكون إلا من ثوبين من جنس واحد, فالثوب الواحد يقال له: حلة, ولا ما يقال له: حلة؟
طالب: ليس بحلة.
ليس بحلة, وإذا كان الجنس, أحد الثوبين من جنس، والثوب الآخر من جنس آخر, فإنه –أيضاً- لا يقال له: حلة "ثم يبعث بها إلى الكعبة"؛ نعم؟

(84/11)


طالب:. . . . . . . . .
يعني من قطعتين كلاهما أحمر, من جنس واحد.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا؛ ما تسمى حلة إلا إذا كانت قطعتين, وكونها حمراء, لا يعني أنها حمراء خالصة؛ لورود النهي الصحيح عن الأحمر؛ لكنها خالطها لون آخر, ففيها خطوط وأعلام, وأما كونها حمراء فلأن الأحمر غالب, يغلب على غيره من الألوان؛ كما يقال في الشماغ: أحمر, مع أن البياض بقدر الحمرة "ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها" هذه الجلال التي تجلل بها البدن إذا فرغ منها؛ ينزعها عنها قبل الذبح؛ لئلا تتلطخ بالدماء, ثم يرسل بها إلى الكعبة لتكسى إياها؛ لكن لما كسيت الكعبة من قبل المسئولين من ولاة الأمر؛ ماذا يصنع بها؟ يتصدق بها.
قال: "وحدثني عن مالك أنه سأل عبد الله بن دينار: ما كان عبد الله بن عمر يصنع بجلال بدنه, حين كسيت الكعبة؟ هذ الكسوة؟ " صارت الكسوة رسمية, في أول الأمر كانت شعبية؛ الأمر متروك للناس؛ لكن لما صارت رسمية؛ تبناها الولاة، وصاروا يكسونها كل سنة, فما صار لهذه الجلال التي ترسل للكعبة؟ لا داعي لها "قال: كان يتصدق بها".
"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول في الضحايا والبدن: الثني فما فوقه" الثني فما فوق؛ البدن من الهدي، ومثله العقيقة؛ لا يجزئ فيهما إلا ما يجزئ في الأضاحي, والذي يجزئ الأضاحي؛ الجذع من الضأن, والثني مما سواه؛ على خلاف في الجذع سيأتي -إن شاء الله تعالى- لكن يجزئ الجذع, وهو ماله ستة أشهر, والثني مما سواه, من المعز سنة كاملة, ومن غيرها يتفاوت بحسب تفاوت الجنس, فالثني من البقر والثني من الإبل, والمقصود أنها متفاوتة, لا شك أنها إذا أهديت إلى الكعبة خرجت من ملك المهدي، فلا يجوز أن يتصرف فيها؛ يعني هي للكعبة, ثم بعد ذلك إذا تعطلت منافعها تباع، وتصرف على الكعبة.
"حدثني مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول في البدن: الثني فما فوقه" الثني فما فوقه, وعرفنا أن الجذع من الضأن يجزئ, وأما ما عداه فلا بد من أن يكون ثنياًَ, لا ما دون ذلك؛ فإنه لا يجزئ.

(84/12)


"حدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان لا يشق جلال بدنه, ولا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة" كان لا يشق جلال بدنه؛ لأن شق الجلال فيه إضاعة وإتلاف لشيء من المال "ولا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة؛ لكي يوفر هذا الجلال من كثرة الاستعمال, قال: "وإذا نحرها نزع جلالها" مخافة أن يفسدها الدم, ثم يتصدق بها؛ لأنه إذا أفسدها الدم قلَّت ماليتها وتأثرت, وقد لا يوجد من يقبلها.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يقول لبنيه" عروة بن الزبير كان يقول لبنيه ": يا بني لا يهدين أحدكم من البدن شيئاً يستحيي أن يهديه لكريمه" يعني الشخص الغالي عليه ما يهديه الشيء الردي, فلا يهدي هذا الشيء الردي إلى الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ} [(267) سورة البقرة] , فلا يهدي شيئاً يستحيي من إهدائه لكريمه "فإن الله أكرم الكرماء" فإذا كان الآدمي المسكين؛ الآدمي المسكين يُستحيى منه فالله -جل وعلا- أحق وأكرم أن يستحيى منه من الناس "وأحق من اختير له" الأجود والأطيب: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [(32) سورة الحج] , فكل ما يخرج لله -جل وعلا- يتوخى فيه أن يكون أطيب الموجود, وقد قيل: إن الشعائر هنا هي ما يشعر من الأنعام؛ الشعائر: جمع شعيرة؛ فعيلة؛ بمعنى المفعول ما يفعل به؛ ما يهدى, وما يشعر من الأنعام.
والله أعلم.
.. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله؛ نبينا محمد، وعلى آله ....

(84/13)


الموطأ - كتاب الحج (22)
(العمل في الهدي إذا عطب أو ظل - هدي المحرم إذا أصاب أهله - هدي من فاته الحج - أصاب أهله قبل أن يفيض - ما استيسر من الهدي)

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, سم
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر لسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف --رحمه الله- تعالى-:

باب: العمل في الهدي إذا عطب أو ظل:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن صاحب هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كل بدنة عطبت من الهدي؛ فانحرها، ثم ألقي قلادتها في دمها, ثم خل بينها وبين الناس يأكلونها)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: من ساق بدنة تطوعاً فعطبت فنحرها، ثم خلى بينها وبين الناس يأكلونها, فليس عليه شيء, وإن أكل منها أو أمر من يأكل منها غرمها.
وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عبد الله بن عباس --رضي الله عنه-ما- مثل ذلك.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: من أهدى بدنة جزاءً أو نذراً، أو هدي تمتع فأصيبت في الطريق؛ فعليه البدل.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر --رضي الله عنه-ما- أنه قال: من أهدى بدنة ثم ضلت أو ماتت, فإنها إن كانت نذراً أبدلها, وإن كانت تطوعاً؛ فإن شاء أبدلها، وإن شاء تركها.
وحدثني عن مالك: أنه سمع أهل العلم يقولون: لا يأكل صاحب الهدي من الجزاء والنسك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول المؤلف --رحمه الله- تعالى-: "باب العمل في الهدي إذا عطب أو ضل"
عطب: يعني هلك, أو قارب الهلاك, أو ضل: بأن فقده صاحبه.

(85/1)


"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن صاحب هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني الذي يرعى شؤونها "قال: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ " والمراد بالعطب هنا: ما يقرب من التلف والهلاك, لا من فاتت روحه, ولا من ثوي بالفعل؛ إنما قرب منه, بدليل قوله له -عليه الصلاة والسلام-: ((كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها)) , لو كانت هلكت بالفعل, لا يجوز فيها النحر؛ تكون ماتت: ((كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها, ثم ألقي قلادتها في دمها))؛ ليعرف أنها هدي, فيأكل منها من له الأكل: ((ثم خل بينها وبين الناس يأكلونها))؛ وهذا يعني أنه لا يأكل منها؛ المؤتمن عليها لا يأكل منها, وجاء مصرح به في الصحيح, في صحيح مسلم, لماذا؟ وذلك حسماً للمادة, نعم؛ لئلا يحتاج إليها ثم يزعم أنها عطبت, ولئلا يسرع في تقدير العَطَب المجيز لذبحها, إذا أتيح له الأكل منها؛ مجرد ما تصاب بأدنى شيء؛ ينحرها ويأكل منها؛ لكن إذا عرف أنه لن يأكل منها؛ فلن ينحرها حتى يغلب على ظنه أنها لا يتصل إلى محلها، ((كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها, ثم ألقي قلادتها في دمها)) , عرفنا أن الهدي يقلد؛ تفتل القلائد، تعلق عليها النعال, وتشعر؛ إذا كانت من الإبل, ((ثم خل بينها وبين الناس يأكلونها)).
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: من ساق بدنة تطوعاً فعطبت فنحرها, ثم خلى بينها وبين الناس يأكلونها, فليس عليه شيء" يعني أنه لا يضمنها؛ لا يضمنها إذا كانت تطوع؛ إذا عطبت ثم نحرها, وخلى بينها وبين الناس يأكلونها, هذا لا شيء عليه "وإن أكل منها, أو أمر من يأكل منها غرمها" إن أكل منها لأنها واجبه, أيش؟ "من ساق بدنة تطوعاًَ فعطبت فنحرها, ثم خلى بنيها وبين الناس يأكلونها, فليس عليه شيء, وإن أكل منها" كما تقدم؛ أنه لا يحل له الأكل منها؛ لئلا يتهم في دعوى الطلب, أو لئلا يبادر في تقرير العطب المقتضي للنحر, "أو أمر من يأكل منها غرمها".

(85/2)


قال: "وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عبد الله بن عباس مثل ذلك" هناك فرق بين بدنة التطوع والبدنة الواجبة؛ ولذا قال: "حدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: من أهدى بدنة جزاءً أو نذراً" جزاءً يعني جزاء صيد مثلاً, أو جزاء ارتكاب محظور, أو ترك مأمور "أو نذراً أو هدي تمتع؛ فأصيبت في الطريق فعليه البدل" لأنه لا يجزئ حتى يبلغ الهدي محله, حتى يبلغ الهدي محله؛ هذا عليه البدل, أما التطوع فإذا ذبحه, ولم تتجه إليه التهمة؛ فإنه يجزيه ذلك.
شخص اشترى أضحية؛ مثلاً, وقبل يوم العيد في يوم عرفة؛ مثلاً، صار الباب مفتوح وخرجت وظلت, أو خرجت مع الباب فصدمتها سيارة فماتت؛ يغرمها ولا مغرمها؟ أو نقول: فرق بين التطوع والواجب؛ هناك فرق بين التطوع والواجب؛ فإن كانت تطوع, فلا يغرم كما هنا, وإن كانت واجبة فإنه يغرمها "أو هدي تمتع فأصيب بالطريق فعليه البدل".
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: من أهدى بدنة ثم ضلت أو ماتت, فإنها إن كانت نذراً" يعني واجبة "أبدلها" فإنه يضمنها، ويغرمها "وإن كانت تطوعاً؛ فإن شاء أبدلها، وإن شاء تركها. " يعني الأمر إليه؛ المتطوع أمير نفسه؛ إن شاء غرمها وأبدلها، وإن شاء اكتفى بها, وهذه تختلف عن سابقتها بأنها ماتت وفاتت روحها، الأولى عطبت؛ قاربت الموت ثم ذبحها, والحياة فيها مستقرة، وتركها للناس يأكلونها, وهذه ضلت أو ماتت؛ إن كانت نذراً أبدلها, إن كانت تطوعاً إن شاء أبدلها وإن شاء تركها؛ لأنه أمير نفسه, فالأصل ندب لا يلزم به؛ فبدله حكمه حكمه, والبدل له حكم المبدل.
قال: "وحدثني عن مالك, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيش هوه؟
طالب:. . . . . . . . .
مثل صيام التطوع؛ إن شاء أمضاه وإن شاء أفطر, إن شاء قضاه وإن شاء ترك.
وحدثني عن مالك, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أي هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لكنه موصول في السنن؛ عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجة موصول؛ ما فيه إشكال؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيه؛ يعني تلف مات, قارب الموت؟
طالب: قارب الموت.

(85/3)


فنحره في وقته؛ هذا يختلف؛ شيء يؤكل منه، وشيء ما يؤكل؛ الجزاء ما يؤكل منه, والتطوع يؤكل منه, هدي المتعة والقران يؤكل منه.
يقول: "وحدثني عن مالك: أنه سمع أهل العلم يقولون: لا يأكل صاحب الهدي من الجزاء والنسك. " من الجزاء؛ جزاء الصيد, ولا من النسك يعني من تركه, من ترك النسك, لو تشوفون وتلاحظون يا إخوان أننا بنسرع؛ لأن هذه الموضوعات تكررت مراراً, حتى ملها الإخوان, وقل الحضور بسببها, فنسرع في شرحها -إن شاء الله تعالى-.
أحسن الله إليك.
. . . . . . . . . سم.

باب: هدي المحرم إذا أصاب أهله:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وعلي بن أبي طالب وأبا هريرة --رضي الله عنه-ما- سُئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج؟ فقالوا: ينفذان يمضيان لوجههما حتى يقضيا حجهما, ثم عليهما حج قابل والهدي, قال: وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: وإذا أهلا بالحج من عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ما ترون في رجل وقع بامرأته وهو محرم؟ فلم يقل القوم شيئاً؛ فقال سعيد: إن رجلاً وقع بامرأته وهو محرم؛ فبعث إلى المدينة يسأل عن ذلك, فقال بعض الناس: يفرق بينهما إلى عام قابل, فقال سعيد بن المسيب: لينفذا لوجههما فليتما حجهما الذي أفسداه, فإذا فرغا رجعا, فإن أدركهما حج قابل فعليهما الحج والهدي, ويهلان من حيث أهلا بحجهما الذي أفسداه, ويتفرقان حتى يقضيا حجهما, قال مالك: يُهديان جميعاً بدنة، بدنة.
قال مالك في رجل وقع بامرأته في الحج؛ ما بينه وبين أن يدفع من عرفة, ويرمي الجمرة؟ إنه يجب عليه الهدي وحج قابل, قال: فإن كانت إصابته أهله بعد رمي الجمرة, فإنما عليه أن يعتمر ويهدي، وليس عليه حج قابل.

(85/4)


قال مالك: والذي يفسد الحج أو العمرة حتى يجب عليه في ذلك الهدي في الحج أو العمرة, التقاء الختانين وإن لم يكن ماء دافق، قال: ويوجب ذلك –أيضاً- الماء الدافق, إذا كان من مباشرة, فأما رجل ذكر شيئاً حتى خرج منه ماء دافق؛ فلا أرى عليه شيئاً, ولو أن رجلاً قبَّل امرأته، ولم يكن من ذلك ماء دافق؛ لم يكن عليه في القبلة إلا الهدي, وليس على المرأة التي يصيبها زوجها وهي محرمة مراراً في الحج أو العمرة, وهي له في ذلك مطاوعة, إلا الهدي وحج قابل؛ إن أصابها في الحج, وإن كان أصابها في العمرة فإنما عليها قضاء العمرة التي أفسدت والهدي.
يقول --رحمه الله- تعالى-: "باب هدي المحرم إذا أصاب أهله"
عرفنا أن من جامع امرأته, حصل منه الجماع في الحج قبل الوقوف؛ فسد حجه إجماعاً, وبعد الوقوف وقبل التحلل الأول؛ فسد عند الجمهور خلافاً للحنفية لحديث: ((الحج عرفة)) , وإذا حصل منه الجماع بعد الوقوف, وبعد التحلل الأول, فإنه لا يفسد حجه عند الجمهور, وإن بقي عليه من أعمال الحج ما بقي, فالعبرة بالتحلل الأول؛ إن كان الجماع قبله فإنه يفسد عند عامة أهل العلم, ويلزمه مع ذلك أن يمضي في فاسده, وأن يهدي بدنة, وأن يحج من قابل, ومضى الكلام في هذه المسألة مفصلاً.
يقول: "باب هدي المحرم إذا أصاب أهله".
قال: "حدثني يحيى .. " وإنما ذكره هنا من أجل الهدي؛ لأن الأبواب؛ الأبواب متعلقة بالهدي.
"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب وعلى بن أبي طالب وأبا هريرة -رضي الله عنهم- سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج" وهو محرم بالحج "فقالوا: ينفذان, يمضيان لوجههما حتى يقضيا حجهما" لأن الفاسد يلزم المضي فيه, الفاسد يلزم المضي فيه؛ خلافاً لمن قال: أنه لا يلزم؛ لأنه: ((ليس عليه أمرنا)) ليس عليه أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- فهو مردود عليه؛ فلا يكلف أن يأتي بعبادة مردودة, وتقدم كلام ابن حزم في هذا؛ لكن غاية ما يقال في هذا: أنه ما دام فاسداً؛ فهل تشترط له النية؛ نية المضي, أو لا تشترط؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(85/5)


هو فاسد؛ هو ما علم أنه فاسد حجه حتى انتهى من الحج, وقل مثل هذا في امرأة طافت وهي حائض, وأتمت عمرتها الفاسدة, هل نقول: هذا المضي يكفي ولو كان من غير النية, هذا ما سأل إلا بعد ما انتهى من أعمال حجه, فقيل له: حجك فاسد, وعليك أن تمضي في فاسدك؛ يكفي هذا الحج الذي مضى فيه, وإلا ما يكفي؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
القضاء لا بد منه, والهدي لا بد منه، ما قلنا: في مسألة العمرة, فيمن طافت وهي حاضت, ثم سعت وقصرت, وذهبت على ظنها على أنها أتمت عمرتها.
طالب: ورجعت لبلدها؟
ورجعت, يقال: تأتي بعمرة إمضاءً للفاسد, ثم تأتي بعمرة قضاء؛ ما بحثنا هذا؟ بحثنا هذا؛ أنا أقول: هل الفاسد يحتاج إلى نية؟ هل هو مما يتقرب به إلى الله -جل وعلا- فيحتاج إلى نية؟ أو مجرد المضي يكفي؟ يعني هذا ما سأل في الحج إلا بعدما تمت أعمال الحج؛ نقول له: ما نويت أن تمضي في فاسد؟ والعمرة التي أدتها هذه المرأة بطواف باطل, ويتبعه السعي, وجميع الأعمال المرتبة على الطواف باطلة؛ من أهل العلم من يقول: تأتي بعمرة جديدة إمضاء للفاسدة, ثم تأتي بالقابل, واستظهرنا فيما سبق أنها إذا أتمتها فقد أمضت الفاسدة, ثم تأتي بعمرة صحيحة, وقل مثل هذا في الحج.
" عن رجل أصاب امرأته وهو محرم بالحج, فقالوا: ينفذان" يستمران "يمضيان لوجهها حتى يقضيا حجهما" إمضاء للفاسد "ثم عليهما حج قابل والهدي، قال: وقال علي بن أبي طالب: وإذا أهلا بالحج من قابل" من عام قابل "تفرقا حتى يقضيا حجهما" المسألة في شخص: جامع أهله فأفتي أن حجه فاسد, وقال: ما دام الحج فاسد ألبس ثيابي، وأروح لأهلي, وأحج من قابل، ما مضى في الفاسد؛ ما الذي يلزمه؟ هل نقول: يأتي بحج جديد إمضاءً للفاسد, ثم يحج من قابل؟ لا؛ ...
طالب:. . . . . . . . .
هذا ما مضى في الفاسد؛ يمضيان وينفذان حتى يقضيا حجهما؛ هذا الفاسد.
طالب: الآية: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ... } [(196) سورة البقرة].
نعم؟
طالب: الآية: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ... } [(196) سورة البقرة].
لس ما يدري جاهل؛ يقول: ما دام قالوا لي: فاسد حجك؛ أروح لأهلي ليِ أجلس؟
طالب:. . . . . . . . .

(85/6)


ليش أرمي جمار؟ وأبيت وما أدري أيش؟ وأنا حجي فاسد؛ ما يسمن ولا يغني من جوع؟
طالب:. . . . . . . . .
طالب: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ... } [(196) سورة البقرة].
سبحان الله! جاهل؛ جاهل هذا؛ نعم؟
طالب: وهذه الآية: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ... } [(196) سورة البقرة].
لكن جاهل؛ ما عرف؛ قال: ما دام فاسد أبى أمشي ليش اجلس هنا؛ الآن ما هم يمضون في العمرة, أن تأتي بعمرة وقد أتمت عمرتها, وتأتي إمضاءً للفاسدة, ويلزمونها بثانية؛ فعلى هذه تأتي بثلاث عمر؛ الأولى: صورية الباطلة الفاسدة هذه, والثانية: إمضاءً للفاسدة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ والثالثة: هي القضاء, يا إخوان ما حنا بسطنا المسألة سابقاً؛ وطولنا عليها, أنت افترض عندنا في الحج؛ دع العمرة؛ في الحج في مزدلفة جامع زوجته, ولا تقول لي: وين جامع وإلا كيف جامع؟ نعم؟ في مزدلفة جامع, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
صارت, صارت, في أماكن ما يتخيلها شخص؛ لكنها صارت يعني وقعت, أقول: هذا شخص جامع في مزدلفة, وقلنا له: حجك فاسد, والذي أفتاه ما انتبه إلى لوازم هذا؛ قال: حجك فاسد وكفى, سكت؛ قال: ما دام حجي فاسد ألبس ثيابي، وأرجع لبلدي, والسنة الجايه أقضي, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
سأل في أثناء؛ لكن المفتي ما قال له شيء؛ ما قال له: يلزمك أن تمضي؛ لكن قيل: إنه في مثل هذه الصورة, إنه يعتمر, إنه يعتمر يأت بعمرة؛ في مقابل هذا الحج الفاسد الذي مضى وقته. نعم؟
طالب: القول هذا الراجح؟
وإلا مرجوح؟ قال به أئمة من أئمة الإسلام, ويأتي إشارة إليه, يأتي إليه إشارة, نعم.

(85/7)


أنا أقول: المضي في الفاسد, هل هو مما يتقرب به إلى الله -جل وعلا- فيحتاج إلى نية, أو يحصل بمجرد وجوده؟ هل هو بمجرد وجوده يمضي؟ هو عقوبة؛ ولئلا يتحايل لإبطال النسك بالجماع؛ لأن بعض الناس يأتيه ظرف ما يستطيع الجلوس؛ يقول: بدل ما أجلس أربعة أيام, يبطل حجه ويمشي لأهله, الحج الجاي -إن شاء الله- احتمال هذا يوجد؛ لأن عنده ظرف، وما يستطيع البقاء معهم, هم يلزمونه "ينفذان ويمضيان حتى يقضيان حجهما" الآن ما هو بالإشكال في كونهما يمضيان؛ في الفاسد, أنا الذي يشكل كون هذه المرأة التي طافت طوافاً باطلاً, وبطلت عمرتها، وأتمتها, سعت وقصرت وذهبت لأهلها, على أساس أنها تمت عمرتها, ثم قيل لها: إن عمرتك فاسدة, يقال: تأتي بعمرة إمضاءً لهذه الفاسدة, ثم تقضي, قد قيل بهذا, قيل بهذا. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم أتمت.
طالب:. . . . . . . . .
وهذا الذي اتجه لنا سابقاً، طيب؛ الآن هذا حج ولا عمرة؟
طالب: حج.
وقف بعرفة؟
طالب: وقف بعرفة, وبات في المزدلفة.
وبات بمزدلفة, ورمى الجمرة.
طالب:. . . . . . . . .
قبل التحلل, حجه فاسد, حجه فاسد, العبرة بالطواف.
طالب: بالطواف؟
نعم, "ثم عليهما حج قابل والهدي؛ قال: وقال علي بن أبي طالب: وإذا أهلّا بالحج من عام قابل؛ تفرقا حتى يقضيا حجهما" يتفرقان؛ يتفرق الزوج في جهة, والزوجة في جهة لماذا؟ لئلا يتكرر ما حصل في العام الماضي, لئلا يتكرر ما حصل في العام الماضي؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
أيه, طيب؟
طالب:. . . . . . . . .
ما زال محرماً, نعم ما زال محرماً, فيتحلل بعمرة, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، مازال محرماً.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يتحلل بعمرة؛ كيف يتحلل؟ أو ينتظر في إحرامه إلى قابل؟ يتحلل بعمرة مثل هذا؛ مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هي بفاسدة؛ يتحلل بعمرة صحيحة, يتحلل بعمرة صحيحة.

(85/8)


قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ما ترون في رجل وقع بامرأته وهو محرم؟ فلم يقل له القوم شيئاً" ما أفتوه "فقال سعيد: إن رجلاً وقع بامرأته وهو محرم، فبعث إلى المدينة يسأل عن ذلك, فقال بعض الناس: يفرق بينهما إلى عام قابل" يفرق بينهما إلى عام قابل؛ لماذا؟ لأنهما ما زالا محرمين, نعم إلى عام قابل؛ هذا قول "فقال بعض الناس: يفرق بينهما إلى عام قابل، فقال سعيد بن المسيب: لينفذا لوجههما؛ فليتما حجهما الذي أفسداه" يعني كما أفتى الصحابة في الخبر الماضي "فإذا فرغا رجعا، فإن أدركهما حج قابل فعليهما الحج والهدي, ويهلان من حيث أهلا بحجهما الذي أفسداه, ويتفرقان حتى يقضيا حجهما" يعني يلزمهما أن يحرما من الميقات الذي أحرما منه من العام الماضي؛ لأن القضاء يحكي الأداء "ويتفرقان حتى يقضيا حجهما" لئلا يتكرر ما حصل؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إن كان فيه صعوبة؛ يخشى على المرأة من أن تضل, تضيع بين الناس, وقد تلا, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يخشى عليها أن تضل؛ تضيع, خشيَ عليها؛ على كل حال لا بد أن يوجد التفريق, ولو كان .. ؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه لا يترك له فرصة يخلو بها, لا يترك له الفرص يخلو؛ فإن كانت مع نسوة, وهو مع رجال, ولو كانوا متقاربين؛ المقصود أنه لا يترك له فرصة تتيح له أن يقع منه ما وقع في العام الماضي هذا على القول الأول, باعتبار أنه استمروا محرمين؛ ما زالوا محرمين.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يتحلل إلى العام القابل؛ يستمر, هذا قول بعض الناس, هذا قول بعض الناس, ثم ماذا قال سعيد؟ أفتى سعيد بمقتضى فتوى الصحابة السابق.
"قال مالك: يهديان جميعاً بدنة؛ بدنة" يعني كل واحد عليه بدنة, ومعلوم أن هذا إذا كانت مطاوعة, أما إذا كانت مكرهة؛ فلا شيء عليها.

(85/9)


"قال مالك في رجل وقع بامرأته في الحج ما بينه وبين أن يدفع من عرفة, ويرمي الجمرة؟ إنه يجب عليه الهدي، وحج قابل" لأنه وقع منه الجماع قبل التحلل الأول "قال: فإن كانت إصابته أهله بعد رمي الجمرة" يعني بعد التحلل الأول, على القول بأنه يحصل بواحد "فإنما عليه أن يعتمر ويهدي" يعتمر ويُهدي, يعتمر بطواف وسعي "ويهدي وليس عليه حج قابل" لأنه بعد التحلل الأول.
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا الثاني .. , ما في فاسد؛ صحيح ما هو بفاسد.
طالب: .. لو كان من قبل؟
لا, لا مثل هذا يمضي في فاسده, إي بس فقط, فإذا كان من قابل يقضي.
"قال مالك: والذي يفسد الحج، أو العمرة حتى يجب عليه في ذلك الهدي في الحج أو العمرة؛ التقاء الختانين" يعني الجماع الذي تترتب عليه أحكامه هو التقاء الختانين, الذي تترتب عليه الأحكام وهو التقاء الختانين "وإن لم يكن ماء دافق": فـ ((إذا جلس بين شعبها الأربع؛ وجب)) عليه ((الغسل)) ولو لم ينزل، وقل: يجب على الحد, وقل: يفسد حجه, ويلزمه المهر كاملاً, إلى آخر الأحكام المرتبة على النكاح, "قال: ويوجب ذلك –أيضاً- الماء الدافق إذا كان من مباشرة" يعني مجرد مباشرة من غير إيلاج يوجب ذلك -أيضاً-، هذا عند مالك -رحمه الله- أن حكم المباشرة مع الإنزال؛ حكم الجماع "فأما رجل ذكر شيئاً" تفكر "ذكر شيئاً" يعني تفكر، ثم أنزل أو كرر النظر فأنزل "حتى خرج منه ماء دافق, فلا أرى عليه شيئاً" لأنه ليس بجماع؛ لأنه ليس بجماع "ولو أن رجلاً قبّل امرأته, ولم يكن من ذلك ماء دافق" ولم يكن من ذلك ماء دافق "لم يكن عليه في القبلة إلا الهدي" إلا الهدي, ولو لم ينزل, لا شك أن القبلة من الرفث؛ لا يجوز, من الرفث؛ لكن هل فيها الهدي؟ أو ليس فيها هدي؟ أي مجرد معصية؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه, مثل لو ارتكب الجدال, عندنا معروف رأي ابن حزم؛ كل ما جاء في الآية مبطل: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ} [(197) سورة البقرة] كله مبطل؛ مبطل للحج, إيه.

(85/10)


"ولو أن رجلاً قبّل امرأته، ولم يكن من ذلك ماء دافق, لم يكن عليه في القبلة إلا الهدي, وليس على المرأة التي يصيبها زوجها, وهي محرمة مراراً في الحج أو العمرة، وهي له في ذلك مطاوعة, إلا الهدي وحج قابل" يعني كفارات تتداخل, ولو كانت مراراً هدي واحد وحج واحد "إن أصابها في الحج، وإن كان أصابها في العمرة, فإنما عليها قضاء العمرة التي أفسدت والهدي" وهذا كله إذا كانت مطاوعة, أما إذا كانت مكرهة فلا شيء عليها؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني يتحلل في عمرة؛ يعني عمرة تكفر ما اقترفه, الآن عندهم؛ عند بعض أهل العلم: أنه إذا وقع الجماع بعد التحلل الأول, بعد التحلل الأول؛ هذا لا يبطل الحج, ولا يفسده, وإنما عليه أن يحرم من جديد؛ لأنه أفسد الإحرام, أفسد الإحرام, فيحرم من جديد؛ لأنه أفسد إحرامه, هذا قول معروف ومشهور عند الحنابلة, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا مضى في فاسده, وأتى بالحج كاملاً, وانصرف مع الناس, ويش المانع؟ ها؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, ما هو بيأتي أهله؛ إذا انصرف إلى بلده.
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ فسد الحج بالجماع قبل التحلل الأول؛ يعني من دون التحلل بعمرة, هم ما ذكروا عليه لأنه "يمضيان في فاسده وينفذان حتى يقضيا حجهما من قابل, ويهديان" ما في فرق, لا؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيه, ويش فيه؟ ويش وجه الإشكال؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, إذا بلغ محله يؤكل منه؛ لكن قبل إن يبلغ محله, إذا عطب قبل أن يبلغ محله؛ لا يؤكل منه, أما إذا بلغ محله فالتطوع، وهدي المتعة والقران؛ يؤكل منه, كالأضحية, كالأضحية تماماً.
نعم, عندما نكمل يا أخوان, ودنا نمشي على شان عندنا أسبوعين بعد هذا، وننتهي من الكتاب -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
معصية, معصية, نعم؟
أحسن الله إليك.

باب: هدي من فاته الحج:

(85/11)


حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني سليمان بن يسار: أن أبا أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- خرج حاجاً حتى إذا كان بالنازية من طريق مكة؛ أضل رواحله, وإنه قدم على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يوم النحر فذكر ذلك له, فقال عمر: اصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت, فإذا أدركك الحج قابلاً؛ فاحجج واهدي ما استيسر من الهدي.
وحدثني عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبَّار بن الأسود جاء يوم النحر, وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ينحر هديه, فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة؛ كنا نُرى أن هذا اليوم يوم عرفة, فقال عمر -رضي الله عنه-: اذهب إلى مكة فطف أنت، ومن معك، وانحروا هدياً؛ إن كان معكم, ثم احلقوا أو قصروا, وارجعوا فإذا كان عام قابل, فحجوا وأهدوا, {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رجعتم} [(196) سورة البقرة].
قال مالك: ومن قرن الحج والعمرة، ثم فاته الحج؛ فعليه أن يحج قابلاً، ويقرن بين الحج والعمرة, ويُهدي هديين؛ هدياً لقرانه الحج مع العمرة, وهدياً لما فاته من الحج.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب هدي من فاته الحج" لإحصار تقدم الكلام فيه, وهذا في الفوات؛ فيمن فاته الحج من غير أمر خارج يحصره عنه؛ لا يوجد عدو، ولا يوجد مرض, إنما تأخر حتى فاته الوقوف بعرفة؛ إما أن يكون ضل الطريق, أو أخطأ في الحساب, فمثل هذا حكمه في هذا الباب.

(85/12)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني سليمان بن يسار: أن أبا أيوب الأنصاري خرج حاجاً, حتى إذا كان بالنازية" والنازية على طريق بين مكة والمدينة، وهي إلى المدينة أقرب "حتى إذا كان بالنازية من طريق مكة؛ أضل رواحله" أضل رواحله؛ لا يقول قائل: يلزمه المشي؛ إذا كان لا يطيق ذلك, أو يصعب عليه ذلك, فالراحلة من الاستطاعة "أضل رواحله, وإنه قدم على عمر بن الخطاب يوم النحر" يعني بعد أن فات يوم عرفة؛ و ((الحج عرفة)) "فذكر ذلك له, فقال عمر: اصنع كما يصنع المعتمر" بأن يتحلل بعمرة "ثم قد حللت" يعني هل يقال له: ما دام فاتك الوقوف؛ تبيت مع الناس بمنى, وترمي الجمار, وتفعل ما يفعله الحاج, نعم؟ يلزمه هذا، ولا ما يلزمه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عمر ألزمه بعمرة؛ عمر -رضي الله تعالى عنه- ألزمه بعمرة, ما الفرق بينه وبين المجامع؟ أنه يلزمه أن يبيت مع الناس, ويرمي مع الناس, ويمضي بالفاسد؛ يعني: ((الحج عرفة))، الحج عرفة, وقد فاته؛ فإذا فاته عرفة, فاته الحج "وإنه قدم على عمر بن الخطاب يوم النحر, فذكر ذلك له, فقال عمر: اصنع كما ينصع المعتمر" يعني تحلل بعمرة "ثم قد حللت" حللت الحل كله "فإذا أدركك الحج قابلاً؛ فاحجج" قضاءً لهذا الحج الفائت "واهد ما استيسر من الهدي. " يعني يهدي ما استيسر، والخلاف فيما استيسر يأتي في الباب اللاحق.

(85/13)


قال: "وحدثني مالك عن نافع عن سليمان بن يسار: أن هبّار بن الأسود" يعني عندنا أبو أيوب الأنصاري, وهبّار بن الأسود, كل منهما فاته الحج, أبو أيوب أضل رواحله, وهبّار أخطأ في الحساب, ولا فرق بينهما "أن هبّار بن الأسود جاء يوم النحر, وعمر بن الخطاب ينحر هديه, فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة, كنا نُرى أن هذا اليوم يوم عرفة، فقال عمر: اذهب إلى مكة" يعني لو أن شخصاً اعتمد التقويم؛ والتقويم القعدة فيه متمم مكمل, فقال: ما دام كامل فيوم الاثنين هو يوم عرفة, وحسب الرؤية الشهر ناقص, فعلى هذا يكون الأحد يوم عرفة؛ عمل بالتقويم, ثم لما ذهب وجد الناس وقفوا بالأمس, أو سأل من سأل, وقيل له: اليوم السابع, وهو في الحقيقة الثامن, قال: يمدينا, فلما وصل وجد الناس قد وقفوا بالأمس, وقل مثل هذا في مسألة: ما لو سأل قائد الطائرة مثلاً؛ وقال: حاذينا الميقات؟ وقال: بقي علينا, ثم لما سألوه, قال: تجاوزنا الميقات؛ هل يضمن, وإلا ما يضمن؟ يعني هو يلزمه دم لمجاوزة الميقات؛ لكن من غره؛ يضمن ولا ما يضمن؟ مثل هذا لو قال .. ، سأل أحد الناس, وقال: اليوم سبعة, وهو في الحقيقة ثمانية, فتراخى حتى فاته الحج, يضمن وإلا ما يضمن؟ يضمن التبعات وإلا ما يضمن؟ الأصل أن من يغر يضمن, أن من يغر يضمن؛ لكن مثل هذه المسائل تحتاج إلى احتياط؛ يعني ما يكفي أن تقتدي بشخص واحد, نعم إذا كان ثقة, قبوله متجه؛ لكن يبقى أنه قد يعتري الثقة ما يعتريه, فيسأل غيره, ويتأكد ويحتاط لنفسه, ويحتاط لنفسه في مثل هذه الأمور؛ يعني لو أن شخصاً سكن في بلد لا يدري أين اتجاه القبلة؛ لكن في الفندق علامة على اتجاه القبلة, وعمل بهذه العلامة؛ تبرأ ذمته ولا ما تبرأ؟ بحسب ما يغلب على ظنه من واضع هذه العلامة, ولو أن شخصا .. ً؛ العلامة صحيحة في مكانها الأصلي, ثم جاء شخص غير مكلّف وأزالها إلى الجهة المخالفة, صلاته صحيحة، وإلا ليست صحيحة؟
طالب:. . . . . . . . .
والأصل أنه موثوق، ووضعت على الصواب.
طالب:. . . . . . . . .
ألا, في محاريب مسلمين في بلد إسلامي, في فندق بجوار الكعبة, وضعت العلامة تجاه الكعبة, ثم جاء شخص غير مكلف وأزالها؛ إيه.

(85/14)


طالب:. . . . . . . . .
لكن أهل العلم يقولون: البلدان ليست محل اجتهاد. هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
البلدان يقول أهل العلم: ما فيها اجتهاد؛ لا بد من الإصابة ما فيها اجتهاد.
طالب:. . . . . . . . .
هو شاف العلامة. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يسأل وهو يشوف العلامة قدامه؟
طالب: هو شاف العلامة؟
شاف العلامة قدامه؛ مكتوب الجهة هنا, أما التغيير فهو احتماله ضعيف.
طالب: هم يحطونه غلط.
احتمال التغيير ضعيف؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا سهل هذا, سهل هذا ما هو بمشكلة, الإشكال في القبلة المغيرة, مثل هذه العلامات, لا نطول بهذا؛ لكن على الإنسان أن يحرص على إبراء ذمته, على الإنسان أن يحرص على براءة ذمته.
"هبّار بن الأسود جاء يوم النحر، وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة؛ كنا نُرى أن هذا اليوم يوم عرفة" هذا اليوم يوم عرفة؛ يعني جاء من بلد يعتمدون الحساب, أو لهم رؤية, ومطلعهم يختلف عن مطلع أهل مكة مثلاً, وجاء وقد ثُبت دخول الشهر في يوم, فلما وصل إلى مكة ... , هو من الشام, ومطلعهم يختلف عن مطلع الحجاز؛ يختلف ولا ما يختلف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؛ دخول الشهر عندهم في الشام قبل دخوله في الحجاز؛ مثلاً, وجاء على هذا الأساس؛ يعني الشهر ثبت دخوله بشهادة الشهود؛ لكن مثل هذا يتصور وإلا ما يتصور الغلط فيه؟ يتصور الغلط وإلا ما يتصور؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . . الشهر.

(85/15)


لا, لا؛ هم أهل العلم يقولون: يتصور أن يقف الناس خطأ في العاشر؛ لكن ما يتصور أن يقف الناس خطأ في الثامن؛ سوف يبيّن لهم الصواب، ويقفون من الغد؛ هذا الذي جاء من الشام، والشهر دخل عليه قبل أهل مكة, هذا يخطئ ولا ما يخطئ؟ ما يخطئ؛ هذا ينتظر مع الناس؛ لكن الإشكال لو جاء من جهة مقابلة, والشهر يدخل عندهم بعد مكة, هذا الذي يتصور منه الخطأ, ولذا يقولون: يتصور أن يقف الناس خطأ في اليوم العاشر, ولا يتصور أن يقفوا في اليوم الثامن, "هبّار بن الأسود جاء يوم النحر، وعمر بن الخطاب ينحر يهديه, فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة؛ كنا نُرى أن هذا اليوم يوم عرفة, فقال عمر: اذهب إلى مكة, فطف أنت ومن معك، وانحروا هدياً, إن كان معكم, ثم احلقوا، أو قصروا وارجعوا, فإن كان عام قابل فحجوا وأهدوا, {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رجعتم} [(196) سورة البقرة] ".
"قال مالك: ومن قرن الحج والعمرة، ثم فاته الحج, فعليه الحج قابلاً, ويقرن بين الحج والعمرة," لماذا؟ لأنه قضاء يحكي الأداء "ويُهدي هديين؛ هدياً لقرانه الحج مع العمرة، وهدياً لما فاته من الحج" نعم.
أحسن الله إليك.

باب: من أصاب أهله قبل أن يفيض:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزبير المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه سُئل عن رجل وقع بأهله؛ وهو بمنى قبل أن يفيض؟ فأمره أن ينحر بدنة.
وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عكرمة مولى ابن عباس قال: لا أظنه إلا عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: الذي يصيب أهله قبل أن يُفيض؛ يعتمر ويهدي.
وحدثني عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول في ذلك مثل قول عكرمة عن ابن عباس, قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك.

(85/16)


وسئل مالك: عن رجل نسي الإفاضة حتى خرج من مكة، ورجع إلى بلاده؟ فقال: أرى إن لم يكن أصاب النساء فليرجع؛ فليفض, وإن كان أصاب النساء فليرجع فليفض, ثم ليعتمر وليُهدي، ولا ينبغي له أن يشتري هديه من مكة وينحره بها, ولكن إن لم يكن ساقه معه من حيث اعتمر؛ فليشتريه بمكة، ثم ليخرجه إلى الحل, فليسقه منه إلى مكة ثم ينحره بها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب من أصاب أهله قبل أن يفيض".
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزبير المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس: أنه سئل عن رجل وقع بأهله؛ وهو بمنى قبل أن يفيض؟ فأمره أن ينحر بدنة" يعني بعد التحلل الأول؛ يعني بعد أن وقف, ورمى الجمرة, وحلق رأسه؛ تحلل التحلل الأول هذا ما عليه إلا أن ينحر بدنة, من أهل العلم من يقول: أنه بطل إحرامه، فيلزمه أن يحرم من جديد؛ ليطوف بالبيت محرماً بإحرام صحيح, ومنهم من يقول: لا يحتاج إلى ذلك؛ لأنه جاز له لبس الثوب, فعوده إليه إلا بنسك جديد.
قال: "وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عكرمة مولى ابن عباس" عن عكرمة مولى ابن عباس، عكرمة فيه كلام لأهل العلم؛ اتهم برأي الخوارج, وكان يرى السيف, وأجاب ابن حجر بكلام طويل في مقدمة فتح الباري, وأجاب الحافظ الذهبي في السيَّر عما نسب إليه, المقصود أنه لا يسلم من كلام لأهل العلم, ولذا قال محمد بن علي بن المديني: سمعت أبي يقول -الإمام علي بن عبد الله المديني- سمعت أبي يقول: "لم يسمِّ مالك عكرمة في شيء من كتبه إلا في حديث ثور عن عكرمة عن ابن عباس في الرجل يصيب أهله" يعني في هذا الحديث فقط, ما سماه مالك إلا في هذا الحديث, فكأنه ذهب إلى أنه يرى رأي الخوارج, والإمام مالك المعروف عنه أنه لا يروي عن مبتدع, أنه لا يروي عن مبتدع, ومن أشد الناس؛ من أشد العلماء في الرواية عن المبتدعة, وأما في الصحيحين وغيرهما فالرواية عن المبتدعة موجودة:
ففي البخاريِّ احتجاجاً عكرمة ... مع ابن مرزوق وغير ترجمة

(85/17)


فالبخاري احتج بعكرمة "عن عكرمة مولى ابن عباس قال: لا أظنه إلا عن عبد الله بن عباس, أنه قال: الذي يصيب أهله قبل أن يفيض؛ يعتمر ويهدي" هناك أمره أن ينحر بدنة؛ كيف يعتمر ويهدي؟ الآن ما بقي عليه إلا الطواف والسعي؛ من أعمال التحلل؛ وقف بعرفة, ورمى الجمرة, وحلق شعره, على القول أنه يحصل باثنين, أو رمى الجمرة فقط؛ على القول أنه يحصل بواحد, وبقي عليه أن يطوف ويسعى, هناك قال: "فأمره أن ينحر بدنة" وما في عمرة؛ لكن يلزمه أن يطوف ويسعى, يأت ببقية أعمال الحج, وهنا قال: "يعتمر ويهدي" هل المراد بالعمرة حقيقة العمرة, أو صورة العمرة بالطواف والسعي؟ نعم؟
طالب: سم.
يعني قال في الأول: "فأمره أن ينحر بدنة"، وهنا قال: "الذي يصيب أهل قبل أن يفيض يعتمر ويهدي"؛ هل المراد حقيقة العمرة, أو صورة العمرة بطواف الإفاضة والسعي؟
طالب:. . . . . . . . .
في الأول: "وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض, فأمره أن ينحر بدنة" ومعلوم أنه لا بد أن يطوف ويسعى؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه لو كان قد طاف وسعى؛ ما يلزمه شيء, خلاص انتهى حجه؛ لكن هنا بقي عليه الطواف والسعي, فهل نقول: يأتي بعمرة غير الطواف والسعي للحج, أو نقول: هذا هو المراد به يطوف ويسعى فيما صورته العمرة, ويتفق حينئذٍ الأثر الأول مع الثاني, والأثر الثاني فيه عكرمة وسمعنا ما فيه, والأثر الأول فيه أبو الزبير وقد عنعن "عن عطاء"؛ نعم؟
طالب: يتحلل بعمرة؟
وراه؛ قبل أن يفيض؛ تحلل التحلل الأول, وما بقي إلا الإفاضة؛ يعتمر فقط, هذا على الرواية الثانية, الرواية الأولى ينحر فقط, ويطوف ويسعى للحج, فلكي تجتمع الروايتان عن ابن عباس نقول: عليه أن يطوف ويسعى وينحر, فتكون العمرة صورة العمرة, وليست حقيقتها؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا لا شك أن أبا الزبير مدلس, وهنا عنعن, وعنعنات المدلسين لا تقبل؛ لكن الحديث له ما يشهد له؛ من خبر عكرمة, فهذا يشهد لهذا؛ لكن للتوفيق بينهما نسلك المسلك الذي ذكرناه؛ أن المراد بالعمرة صورة العمرة.

(85/18)


"وحدثني عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول في ذلك مثل قول عكرمة عن ابن عباس" مثل قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن؛ ربيعة الرأي, شيخ مالك, إمام من أئمة المسلمين, فقيه معروف, يقول في ذلك مثل قول عكرمة عن ابن عباس؛ يعني يعتمر ويهدي "قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك".
"وسئل مالك: عن رجل نسي الإفاضة حتى خرج من مكة" عمل جميع أعمال الحج إلا طواف الإفاضة؛ وهو ركن من أركان الحج؛ يعني فرق بين أن ينسى طواف الإفاضة، أو أن ينسى طواف الوداع, هذا نسي طواف الإفاضة؛ لكن لو نسي طواف الإفاضة، وطاف للوداع؛ يكفي وإلا ما يكفي؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بد أن ينوى طواف الإفاضة, مع أن عند الشافعية قولاً معروفاً: أن هذا يحل محل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ لا, لا, طاف للوداع, ويكفي عن الإفاضة, وطواف الوداع يحل محل طواف الإفاضة, نظير ذلك لو أن شخصاً لم يحج فحج عن غيره؛ يقع عن غيره ولا عن نفسه؟ يقع عن نفسه؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه مثلها عندهم؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه مثلها عندهم, فيقع طواف الوداع عن طواف الإفاضة, وإن كان آخر شيء لا يلزمه شيء, ومثل هذا قد يحتاج إليه فيما يحصل من أخطاء الآفاقيين الذين لا يتسنى لهم الرجوع مرة أخرى؛ يصحح على هذه الكيفية, وهو قول معروف عند أهل العلم, ومعتبر وله وجهه, وإن كان المرجح خلافه, في حال السعة.

(85/19)


"سئل مالك: عن رجل نسي الإفاضة حتى خرج من مكة، ورجع إلى بلاده, فقال: أرى إن لم يكن أصاب النساء فليرجع؛ فليفض" يغني ما عليه إلا أن يرجع إلى مكة ويطوف, ليس عليه أن يحرم من جديد؛ لأنه تحلل من إحرامه "وإن كان أصاب النساء فليرجع؛ فليفض ثم ليعتمر وليُهدي" فليفض ثم ليعتمر وليهدي؛ هل يلزمه أكثر من أن يأتي بما أوجب الله عليه؟ فيما مضى قلنا: أن الذي يقع منه الجماع بعد التحلل الأول؛ عليه أن يهدي؛ عليه هدي, وعليه أن يأتي بجميع أعمال الحج، هذا رجع إلى بلده, يقول: "إن كان أصاب النساء فليرجع فليفض ثم ليعتمر وليهدي" يلزمه عمره؛ مثل ما جاء عن ابن عباس في رواية عكرمة "ثم ليعتمر وليهدي ولا ينبغي له أن يشتري هديه من مكة، وينحره بها" لا ينبغي له أن يشتري هديه من مكة وينحره بها؛ لا سيما إذا كان آفاقياً "ولكن إن لم يكن ساقه معه من حيث اعتمر" يعني من حيث أحرم بالعمرة "فليشتريه بمكة, ثم ليخرجه إلى الحل" لأن السَّوق لا يتصور إلا من الحل إلى الحرم "ثم ليخرجه إلى الحل, فليسقه منه إلى مكة, ثم ينحره بها" نعم.
أحسن الله إليك

باب: ما استيسر من الهدي:
حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يقول: ما استيسر من الهدي شاة.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- كان يقول: ما استيسر من الهدي شاة، قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [(95) سورة المائدة] , فمما يُحكم به في الهدي شاة, وقد سماه الله هدياً, وذلك الذي لا اختلاف فيه عندنا؛ وكيف يشك أحد في ذلك؟ وكل شيء لا يبلغ أن يحكم في ببعير أو بقرة, فالحكم فيه شاة, وما لا يبلغ أن يحكم فيه بشاة فهو كفارة من صيام أو إطعام مساكين.

(85/20)


وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: ما استيسر من الهدي بدنة, أو بقرة.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر: أن مولاة لعمرة بنت عبد الرحمن يقال لها رقية أخبرته: أنها خرجت مع عمرة بنت عبد الرحمن إلى مكة, قالت: فدخلت عمرة مكة يوم التروية، وأنا معها, فطافت بالبيت، وبين الصفا والمروة, ثم دخلت صفة المسجد, فقالت: أمعك مقصان؟ فقلت: لا, فقالت: فالتمسيه لي, فالتمسته حتى جئت به فأخذت من قرون رأسها, فلما كان يوم النحر ذبحت شاة.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب من استيسر من الهدي".
"حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد" الصادق "عن أبيه" الباقر "أن علي بن أبي طالب كان يقول: ما استيسر من الهدي شاة" جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب, محمد هذا الباقر هل لقي علي بن أبي طالب؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما لقيه بينهما مفازة طويلة؛ لأنه جد أبيه, كان يقول: ما استيسر من الهدي شاة" حدثني .. ، وهذه مأخوذة من لفظ اليسر، والتيسر، والاستيسار؛ هذا المتيسر؛ هذا أيسر خصال الهدي التي هي الإبل والبقر والغنم, أيسرها والمتيسر منها هو الشاة؛ لكن لو أن شخص عنده بدنة, وأراد أن يهديها, وإهداؤه للبدنة أيسر له من البحث عن شاة, قلنا: هذا –أيضاً- ما استيسر.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- كان يقول: ما استيسر من الهدي شاة.

(85/21)


"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقول: ما استيسر من الهدي شاة" وهذا ظاهر في كون الشاة أيسر خصال ما يطلب في الهدي "قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [(95) سورة المائدة] , فمما يحكم به في الهدي شاة, وقد سماها الله -جل وعلا- هدياً, وذلك الذي لا اختلاف فيه عندنا؛ وكيف يشك أحد في ذلك؟ " لا شك أن الشاة هدي؛ لكن ما دون الشاة, يسمى هدياً وإلا ما يسمى؟ لا يسمى, والله -جل وعلا- يقول: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [(95) سورة المائدة].
طالب:. . . . . . . . .
نعم، من قتل يربوع, فعليه ... كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يكفره, من قتل جرادة على القول بأنها برية فعليه قيمتها, قبضة من طعام, أو شبهها، فهل يمكن أن تسمى القبضة من الطعام هدي, {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [(95) سورة المائدة] , أو لا يمكن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الإطعام غير؛ الإطعام بعد أن يقوّم هذا الصيد بمثله, ثم يقوّم هذا المثل إذا لم يوجد؛ بأيش؟
طالب: بالأصل.
بالأصل, ثم بعد ذلك إذا لم يجد ما يشتري به طعاماً يصوم عن كل مسكين يوماً, الذي يفهم من كلام مالك -رحمه الله تعالى- أنه لا يوجد شيء أقل من الشاة, فمهما بلغت قيمته من القلة من الصيد, أقل ما يدفع الشاة, ولذا يقول: وقد سماها الله هدياً, وذلك الذي لا اختلاف فيه عندنا, وكيف يشك أحد في ذلك "وكل شيء لا يبلغ أن يحكم فيه ببعير أو بقرة, فالحكم فيه شاة, وما لا يبلغ أن يحكم فيه بشاة, فهو كفارة من صيام أو إطعام مساكين" يعني ما في شيء أقل من الشاة, هو اللي حكم؟ واضح, يحكم به ذوى عدل منكم, على كلام مالك نحتاج إلى أن يحكم به ذوى عدل منكم؟
طالب: يحتاج، هو يظن بدنة، وإلا يظن بقرة وإلا .. ؟

(85/22)


الإمام مالك وضع الحد الأدنى.
طالب: لكن ما وضع الأعلى.
وهناك حد أعلى, وهناك قدر متوسط, ما نستطيع أن نحدده من كلام مالك, نعم في شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
"وكل شيء لا يبلغ أن يحكم فيه ببعير أو بقرة, فالحكم فيه شاة, وما لا يبلغ أن يحكم فيه بشاة فهو كفارة من صيام أو إطعام مساكين" يعني ما يهدى أقل من شاة؛ الشاة هذه هل يشترط فيها ما يشترط في الأضحية, كما هو مقرر في الهدي, أو نقول: أنها تشمل الصغير والكبير بحيث يتفق قول الإمام مالك مع قول غيره من أهل العلم، ومع أحكام الصحابة في بعض القضايا التي حكموا فيها بما لا يجزئ في الهدي والأضحية؟ فالجفرة مثلاً العناق؛ العناق لا تجزئ في الأضحية, ولا تجزئ في الهدي, وتجزئ –أيضاً- فيما يشابها من الصيد, هل نقول: إن كلام الإمام مالك في الشاة يشمل الصغير والكبير؟ ليتفق كلامه مع أهل العلم, وما لا يبلغ أن يحكم فيه بشاة فهو كفارة من صيام، أو إطعام مساكين؛ بأن يقوّم هذا الصيد بنظيره، قتل كذا عليه حمامة مثلاً؛ لأنها أقرب إليها؛ لكن عند مالك ما يمشي هذا الكلام, الجمهور قرر أن عليه كذا, يذبح هذا, إن لم يجده يقوّم هذا بأيش؟ بالطعام, ثم إن وجد الطعام أخرجه, وإلا صام بدله.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول: ما استيسر من الهدي بدنة، أو بقرة" ابن عمر يقول: ما استيسر من الهدي بدنة أو بقرة, وإلا في أعلى منها؟ نعم؟
طالب: في في.
سبحان الله! يعني هل يمكن نتصور أن ابن عمر يلزم بأعلى من هذا, إذا كان هذا ما استيسر فكيف بما تعسر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم, هذا أقل شيء عند ابن عمر, هذا أقل شيء عند ابن عمر.

(85/23)


قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر: أن مولاة لعمرة بنت عبد الرحمن يقال لها رقية أخبرته: أنها خرجت مع عمرة بنت عبد الرحمن إلى مكة, قالت: فدخلت عمرة مكة يوم التروية، وأنا معها, فطافت بالبيت, وبين الصفا والمروة, ثم دخلت صفة المسجد" يعني مؤخرة المسجد, المكان المسقوف في المسجد من آخره "فقالت: أمعك مقصان؟ " يعني ما يكفي واحد؟ يعني مكون من قطعتين, فهما مقصان باعتبار أفراده, وإلا فهو مقص واحد "أمعك مقصان؟ فقلت: لا, فقالت: فالتمسيه" يعني ابحثي عنه "فالتمسيه لي فالتمسته حتى جئت به فأخذت من قرون رأسها, فلما كان يوم النحر ذبحت شاة" يأتي -في خبرٍ لاحق- أنه لم يجد مقص؛ ليقصر عن زوجته, فقضم شعرها بأسنانه, يأتي هذا, فلا يتعين المقص, المقصود أنه يقصر من شعرها. والله أعلم.
وصلى الله وسلم، وبارك على عبده ورسوله؛ نبينا محمد،،

(85/24)


الموطأ – كتاب الحج (23)
(جامع الهدي - والوقوف بعرفة والمزدلفة - ووقوف الرجل غير طاهر ووقوف على الدابة - ووقوف من فاته الحج بعرفة)

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع الهدي:
ح دثني يحيى عن مالك عن صدقة بن يسار المكي أن رجلاً من أهل اليمن جاء إلى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وقد ظفر رأسه، فقال: يا أبا عبد الرحمن إني قدمت بعمرة مفردة؛ فقال له عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لو كنت معك، أو سألتني لأمرتك أن تقرن؛ فقال اليماني: قد كان ذلك؛ فقال عبد الله بن عمر: خذ ما تطاير من رأسك واهدي، فقالت امرأة من العراق: ما هديه يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: هديه، فقالت له: ما هديه؟ فقال عبد الله بن عمر: لو لم أجد إلا أن أذبح شاةً لكان أحب إلي من أن أصوم.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: المرأة المُحرِمة إذا حلت لم تمتشط حتى تأخذ من قرون رأسها، وإن كان لها هدي لم تأخذ من شعرها شيئاً حتى تنحر هديها.
وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول: لا يشترك الرجل وامرأته في بدنة واحدة، لينحر كل منهم ..
ليُهدي.
طالب: أحسن الله إليك.
ليُهدي.
طالب: ليهدي! عندنا لينحر، عندنا لينحر يا شيخ؛ حتى في الطبعة الثانية، مع الزقاوي.
أيش عندك؟
طالب: ليهدي.
ليُهدي .. إيه.
طالب: أحسن الله إليك ..
ليهدي كل منهما بدنة بدنة.
وسئل مالك عن من بُعث معه بهدي؛ ينحره في حج، وهو مهل بعمرة؛ هل ينحره إذا حل أم يؤخره حتى ينحره في الحج؟ ويحل هو من عمرته؟ فقال: بل يؤخره حتى ينحره في الحج، ويحل هو من عمرته.

(86/1)


قال مالك -رحمه الله تعالى-: والذي يُحكم عليه بالهدي في قتل الصيد، أو يجب عليه هدي في غير ذلك؛ فإن هديه لا يكون إلا بمكة كما قال الله -تبارك وتعالى-: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [سورة المائدة (95)]، وأما ما عُدل به الهدي من الصيام أو الصدقة فإن ذلك يكون بغير مكة، حيث أحبَّ صاحبه أن يفعله فعله.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد المخزومي عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر أنه اخبره أنه كان مع عبد الله بن جعفر فخرج معه من المدينة، فمرُّوا على حسين بن علي؛ وهو مريض بالسُقْيَا، فأقام عليه عبد الله بن جعفر حتى إذا خاف الفوات خرج، وبعث إلى علي بن أبي طالب، وأسماء بنت عميس -رضي الله عنهما- وهما بالمدينة فقدما عليه، ثم إن حسيناً أشار إلى رأسه، فأمر علي برأسه؛ فحلق ثم نسك عنه بالسقيا؛ فنحر عنه بعيراً.
قال يحيى بن سعيد: وكان حسين خرج مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في سفره ذلك إلى مكة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب جامع الهدي" يعني الباب الجامع للمسائل المتعلقة بالهدي.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن صدقة بن يسار المكي أن رجلاً من أهل اليمن جاء إلى عبد الله بن عمر وقد ظفر رأسه" ظفر رأسه: يعني جعله ظفاير، جدايل، ظفير: بمعنى مظفور، يعني مجدول.
"فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني قدمت بعمرة مفردة" قدمت بعمرة مفردة؛ وهذا في وقت الحج.

(86/2)


"فقال له عبد الله بن عمر: لو كنت معك أو سألتني لأمرتك أن تقرن؛ فقال اليماني: قد كان ذلك" يعني كان في أول الأمر قارن، ثم حول نسكه إلى عمرة مفردة؛ ليحج بعده، كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- من معه من الصحابة ممن قرن بين الحج والعمرة، ولم يكن معه هدي؛ أمرهم أن يجعلوها عمرة، وقد فعل هذا اليماني امتثالاً لذلك الأمر، فقال اليماني: قد كان ذلك. "فقال عبد الله بن عمر: خذ ما تطاير من رأسك" يعني ما أرتفع منه؛ يعني قصر من شعرك "وأهدي" والهدي هدي المتعة؛ لأنه أهلَّ بعمرة مفردة ليحج بعدها، عمرة .. عمرة متمتع ليحج بعدها، فهذا يلزمه هدي التمتع، "وأهدي"، "فقالت امرأة من أهل العراق: ما هديه؟ " ما الذي عليه من الهدي "يا أبا عبد الرحمن؟ "، هذه كنية عبد الله بن عمر "فقال: هديه؟ قالت له: ما هديه؟ فقال عبد الله بن عمر: لو لم أجد إلا أن أذبح شاةً لكان أحب إلي من أن أصوم".
المتمتع يلزمه ما استيسر من الهدي {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ} [سورة البقرة (196)]؛ فالصيام لمن لم يجد الهدي، والهدي؛ النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر البدن، ولاشك أن الإبل والبدن أفضل؛ ولذا يقول ابن عمر: لو لم أجد إلا أن أذبح شاةً، ويصدق عليها أنه ما استيسر من الهدي، لكان أحب إلي من الصوم؛ وكلمة أحب أفعل تفضيل تدل على أن كلاً منهما محبوب؛ الصيام والذبح؛ لكن الصيام إنما يكون محبوباً بالنسبة لمن؟ لمن لم يجد الهدي، نعم؟ لمن لم يجد الهدي؛ أما من وجد الهدي فلا يجزئه الصيام، {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [سورة البقرة (196)].

(86/3)


قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: المرأة المُحْرِمة إذا حلت لم تمتشط حتى تأخذ من قرون رأسها" لم تمتشط؛ لأن لا يسقط شيء من شعرها، وهي مازالت متلبسة بالإحرام، بقي عليها من الإحرام، من النسك، بقي عليها التقصير؛ وهو نسك، فلا يجوز لها أن تترفه بشيء من المحظورات حتى تأخذ من قرون رأسها، "وإن كان لها هديٌ لم تأخذ من شعرها شيئاً حتى تنحر هديها"، لقول الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [سورة البقرة (196)]، حتى يبلغ الهدي محله، من كان له هدي فلا يأخذ من شعره حتى يبلغ الهدي محله، وعلى هذا قد يرد على مثل هذا الكلام الحلق قبل النحر، النبي -عليه الصلاة والسلام- رمى الجمرة ثم .. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أو نحر قبل؟
طالب:. . . . . . . . .
نحر ثم حلق، نحر ثم حلق؛ لكن لو قدم الحلق على النحر؛ "حلقت قبل أن أنحر؟ قال: ((افعل ولا حرج))، نعم؟ فعلى هذا لو فعل من أعمال يوم العيد -عيد النحر- يوم الحج الأكبر قدم أو أخر يتجه إليه القاعدة العامة، "ما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم، إلا قال: ((افعل ولا حرج))، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . من جماعك هذا، من جماعك هذا، هاه؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
هذا رأيه؛ رأيه الأخذ بالأشد؛ لكن الأخذ بالأقل مع أنه قول الأكثر أن ما استيسر يطلق على الشاة. . . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا رأيه.
طالب:. . . . . . . . .

(86/4)


هذا رأيه؛ لكن مع ذلك لو أن الإنسان رجح قولاً من الأقوال، نعم مما يحتمله النص، والاحتمال الثاني –أيضاً- قوي، فكونه يُعمد إلى هذا الاحتمال الثاني؛ وإن كان مرجوحاً -من وجهة نظره- إلا أنه أفضل من المفضول من كل وجه عند جميع العلماء، ومن هذه الحيثية أفضل من الصيام؛ إلا لو كان يقول: لا يجزئ، يعني مثلاً: يمكن أن يقول: لو لم أجد إلا أن أذبح دجاجة كان أحب إلي من الصوم، يمكن يقول مثل هذا؟ لا؛ لأن الدجاجة؛ ايش؟ لا تجزئ، عند أحد من أهل العلم؛ لكن هل تجزئ عند عامة أهل العلم؟ فهو ترك مذهبه وهو تشديد في مثل هذا، وأن البدنة كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- هي الأصل؛ لكن هي أفضل من الصيام.
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ طيب، وبعدين.
طالب:. . . . . . . . .
عليه أن يعتمر؛ فعل صورته وإلا حقيقته؛ عليه أن يعتمر؛ طواف وسعي وتقصير؛ تكون عمرة، تكون حقيقة العمرة هنا، نعم إذا سعى قبل ذلك تكون حقيقة العمرة، وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو مو قال عليه أن يعتمر، وبقى عليه طواف الإفاضة، وقلنا أنه ما دام عليه طواف وسعي، نعم؟ فالحكم هذا طواف وسعي الحج، والصورة صورة عمرة.
طالب:. . . . . . . . .
لكن لو سعى، وما بقي عليه إلا الطواف، والصحابي يقول: عليه أن يعتمر، نعم، نقول: عليه أن يأتي بالطواف والسعي؛ سعي الحج الذي هو في الحقيقة صورة العمرة.
طالب:. . . . . . . . .
فيكون سعيه لاغي.
طالب:. . . . . . . . .
إيه .. فيكون سعيه لاغي، يأتي بالسعي، إيه إيه، ولو أتى به في البداية؛ لأنه يلزمه أن يعتمر، ومن لازم المعتمر أن يطوف ويسعى. وين؟
طالب:. . . . . . . . .
أحنا ما وفقنا بين القولين بين قول أهل العلم فيما مضى أن الصورة صورة عمرة، وهي في الحقيقة طواف الحج وسعي الحج، سعى يكون سعيه لاغي يأتي بعمرة، بصورة عمرة، سعى وإلا ما سعى، ما يفْرِق.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول: لا يشترك الرجل وامرأته في بدنة واحدة، يهدي كل واحد بدنة بدنة" يعني الرجل بدنة، والمرأة بدنة؛ ولا يشتركان في واحدة.

(86/5)


وهذا قول مالك، لكن أكثر العلماء على جواز الاشتراك في الهدي، على جواز الاشتراك في الهدي، وقد روى أبو داود وغيره؛ النسائي وابن ماجة من حديث أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة.
طالب:. . . . . . . . .
بينهن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والتشريك في مثل هذا جائز عند جمهور أهل العلم؛ خلافاً لمالك، وهو الذي يفهم من كلامه.
وسئل مالك ..
طالب: أحسن الله إليك؛ يصح الحديث العشرة؛ التشريك بالعشرة.
التشريك بالعشرة في الغزو.
طالب: فقط.
نعم نعم في الغنائم، في الغنائم أما في الهدي، والأضاحي سبعة.
عند قسم الغنائم في مكان بعيد عن البلد، الآن فعلى الإنسان بدنة وإلا عشر من الغنم؟ بدنة يركبها ويستمتع بها إلى أن يصل، يستعملها في نقله ونقل أثاثه؟.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب. . . . . . . . .
وإلا عشر من الغنم يبلش بهم؛ يسوقهن، وإلا يؤجر عليهم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
واضح هذا، واضح أن مثل هذا أنفع.
"وسئل مالك عمن بعث معه بهدي ينحره في حج" بعث معه بهدي ينحره في حج، "وهو مهل بعمرة، هل ينحره إذا حل أم يؤخره حتى ينحره في الحج؟ " لأنه قال السؤال عمن بعث معه بهدي ينحره في حج، في حج؛ يعني في أثناء حج، وهو مهل بعمرة، المبعوث معه هذا الهدي مهل بعمرة، هل ينحره إذا حل هو؟ أو ينفِّذ ما وصي به أن هذا الهدي يُنحر في حج.
قد يكون لمن بعثه هدف وقصد؛ صحيح بأن يكون الناس قد اكتمل توافرهم في المواقف، فيستفيد من هذا الهدي أكبر قدر يمكن، أم يؤخره حتى ينحره يحج ويحل هو من عمرته؟ قال: بل يؤخره حتى ينحره في الحج، "ويحل هو من عمرته. " يعني يجمع بينهما، لكن يفترض أنه ما أحل من عمرته، هذا المبعوث معه أهل بعمرة فقط ولم يحج، هل يرتبط به ذبح الهدي؟ والوكيل هل له أثر في ما وكل عليه؟ عمله هل له أثر في ما وكل عليه؟ نعم.
الكلام كله المقصود به الموكِّل، نعم؛ ولذا لو وكل على ذبح أضحية مثلاً هل يلزمه أن يمسك عن شعره وبشره؟ ما يلزم، فالعبرة بصاحب الهدي والأضحية.
الإمام ملك -رحمه الله تعالى- قال: "بل يؤخره حتى ينحره في الحج ويحل هو من عمرته".

(86/6)


يعني معروف أنه إذا جاء وقت الحج، وحل وقت النحر أنه ما عد بقي للعمرة أثر، يعني هو تصريح بما هو بمجرد توضيح، وإلا في أحد بيستمر على عمرة بوقت النحر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه أحد؛ لاسيما ممن قدم في أيام الحج من أجل الحج.
قال مالك: "والذي يحكم عليه بالهدي في قتل الصيد، أو يجب عليه هدي في غير ذلك فإن هديه لا يكون إلا بمكة".
يعني كل هدي فهو لمساكين الحرم، كل هدي واجب فإنه لمساكين الحرم.
أو يجب عليه هدي في غير ذلك؛ فإن هديه لا يكون إلا بمكة؛ "كما قال الله -تبارك وتعالى-: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [سورة المائدة (95)] "، هدياً بالغ الكعبة، "وأما ما عُدل به الهدي من الصيام أو الصدقة، فإن ذلك يكون بغير مكة، حيث أحب صاحبه أن يفعله فعله".
تمسك الإمام مالك بقوله -جل وعلا-: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [سورة المائدة (95)]، وفهم منه أن ما عدى الهدي يجوز أن يكون بغير مكة.
الصيام يقول أهل العلم: حيث شاء، يصوم حيث شاء، لماذا؟ لأنه لن ينتفع بصيامه مساكين الحرم؛ لكن الهدي واضح أنه لمساكين الحرم، الإطعام يستفيد منه مساكين الحرم، وإلا ما ستفيدون؟ يستفيدون؛ ولذا يقول جمع من أهل العلم: أن حكم الإطعام حكم الهدي، إنما يكون لمساكين الحرم.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد المخزومي عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر" بن أبي طالب "أنه أخبره أنه كان مع" مولاه "عبد الله بن جعفر، فخرج معه من المدينة" يقصدون .. أين يقصدون؟
طالب: مكة.
مكة.
"فمروا على حسين بن علي" الحسين بن علي سبط النبي -عليه الصلاة والسلام- "وهو مريض بالسُقْيا" وقرية جامعة من أعمال الفُرع "فأقام عليه عبد الله بن جعفر" يمرِّضه .. فقام عليه يمرضه "حتى إذا خاف الفتوات خرج" ما عاد بقي وقت يكفي، تركه وخرج إلى مكة.
"وبعث إلى علي بن أبي طالب" وهو بالمدينة، الآن لن يترك حسين بدون من يمرضه، عبد الله بن جعفر عازم على الحج، فتركه خشية فوات الحج، فبعث إلى علي بن أبي طالب "وأسماء بنت عميس" وكانت تحت علي بن أبي طالب في هذا الوقت، وكانت قبل ذلك تحت أبي بكر الصديق، وكقبله تحت .. ؟
طالب: جعفر .. جعفر بن أبي طالب.

(86/7)


جعفر بن أبي طالب، وكانت .. أقول: وبعث إلى علي بن أبي طالب وأسماء بنت عميس من أجل أن يمرضانه، "وهما بالمدينة" .. وهما بالمدينة، يعني ما حجَّا في تلك السنة.
"فقدما عليه، ثم إن حسيناً أشار إلى رأسه" يشكوا من وجع في رأسه "فأمر علي برأسه فحُلق، ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيراً" هذا فعل من؟ فعل علي بن أبي طالب؛ وهو الصحابي الخليفة الراشد ممن أمرنا بالإقتداء به، {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ} [سورة البقرة (196)]، وحديث كعب بن عجرة سبب نزول الآية واضح؛ أنه احتاج إلى الحلق فقالوا: انسك، وهنا أمر علي برأسه فحلق، أمر بشعر رأسه فحلق، كما فعل بكعب بن عجرة.
ثم نسك عنه بالسقيا، يعني في مكان استحلال المحظور؛ النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أمر بحلق رأس كعب بن عجرة هل قال له: انحر في مكة هدياً بالغ الكعبة، أو قال: ((أتجد شاة)). قال: لا، قال: ((انسك نسيكة))؛ يعني في مكانك، هذا الأصل، ولو كان مما يجب نحره، نعم؟ في مكة لبينه؛ ولذا قال: ثم نسك عنه بالسقيا، فنحر عنه بعيراً، {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [سورة البقرة (196)]، وهي على التخيير كما هو ظاهر "أو"، وإن كان بعضهم يرى الترتيب؛ لكن "أو" هنا ظاهرة في التخيير.
رأي الإمام مالك أن مثل هذا ينحر واين؟ كلامه السابق، "والذي يحكم عليه بالهدي في قتل الصيد، أو يجب عليه هدي في غير ذلك" يعني بسبب ترك مأمور مثلاً، أو ارتكاب محظور مما يوجب الهدي "فإن هديه لا يكون إلا بمكة، كما قال تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [سورة المائدة (95)] "، وأما الصيام والصدقة في أي مكان، وعرفنا الخلاف في الصدقة.
هنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- نحر عنه بعيراً بالسقيا، وليست بمكة؛ فدل على أن مكان ذبح ما ترتب على قتل الصيد أو ارتكاب المحظور أنه في مكانه، ولا يلزم أن يبعث إلى الحرم؛ والمسألة خلافية.
"قال يحيى بن سعيد: وكان حسين" حسين بن علي "خرج مع عثمان بن عفان" يعني للحج "في سفره ذلك إلى مكة. " ولم يخرج علي -رضي الله تعالى عنه- في هذه السنة. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(86/8)


لا، لا هذه بدنة، يجب عليه بدنة كاملة، لكن لو وجب عليه شاة.
طالب: ما الفرق بين هدي التمتع والقران، وبين هدي ارتكاب المحظور، وإنه جمع. . . . . . . . .
لا ما وجب فيه البدنة .. ، لا كيف يشترك وهو واجب عليه بدنة كاملة؟ لكن لو وجب عليه شاة مثلاً.
طالب: كلامه مفهوم مفهوم.
وين؟
طالب:. . . . . . . . . كل واحد منهم عليه بدنة. . . . . . . . .
لا حتى لو كان واحد عليه شاة يشركان في بدنة؟ لا، عنده لا؛ ما فيه اشتراك، والجمهور على جواز الاشتراك. نعم.
أحسن الله إليك.

باب: الوقوف بعرفة والمزدلفة:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ((عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عُرَنة، والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر)).
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: "اعلموا أن عرفة كلها موقف إلا بطن عُرَنة، وأن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر".
قال مالك -رحمه الله-: قال الله -تبارك وتعالى-: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [سورة البقرة (197)]؛ فالرفث: إصابة النساء -والله أعلم-؛ قال الله -تبارك وتعالى-: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} [سورة البقرة (187)]، قال: والفسوق: الذبح للأنصاب -والله أعلم-؛ قال الله -تبارك وتعالى-: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ} [سورة الأنعام (145)]، قال: والجدال في الحج: أن قريشاً كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقُزَح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة، وكانوا يتجادلون، يقول هؤلاء: نحن أصوب، ويقول هؤلاء: نحن أصوب؛ فقال الله –تعالى-: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} [سورة الحج (67)]، فهذا الجدال فيما نُرى والله أعلم؛ وقد سمعت ذلك من أهل العلم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الوقوف بعرفة والمزدلفة".

(86/9)


الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج؛ و ((الحج عرفة))، والوقوف بالمزدلفة من واجبات الحج في قول الأكثر وليس بركن خلافاً لمن زعم ذلك، وليس بسنة كما قاله بعض أهل العلم، فالترخيص فيه لأهل الأعذار، يدل على عدم ركنية، إذ الركن لا يرخص فيه، وأيضاً الحاجة إلى الترخيص يدل على الوجوب، إذ المندوب لا يحتاج إلى استئذان وطلب رخصة؛ فأعدل الأقوال أن المبيت بمزدلفة واجب؛ من تركه يجبره بدم عند جمهور العلماء.
قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((عرفة كلها موقف .. )) "
يعني يجزئ الوقوف في أي جزء منها، على أن يتأكد الإنسان أنه في محيط عرفة، داخل عرفة، ولا يتساهل في هذا؛ لأنه لو وقف وانصرف وهو قريب جداً من حدود عرفة لمَّا يدخلها، حجه ليس بصحيح، فعرفة كالها موقف فيجزئ فيها " ((وارتفعوا عن بطن عُرَنة)) " وهو موضع بين منى وعرفات؛ يقولون ما بين العلمين الكبيرين جهة عرفة، والعلمين الكبيرين من جهة منى؛ يعني من بين الحدود.

(86/10)


وبطن عرنة ليس من عرفة؛ ولذا أمر بالارتفاع عنه، ونسب للإمام مالك -رحمه الله تعالى- أنه يقول: أن بطن عرنة من عرفة؛ لكن لا يجوز –يجزئ- لكن لا يجوز الوقوف فيه؛ يحرم الوقوف ببطن عرنة، وإن كان من عرفة، طيب الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((وارتفعوا عن بطن عرنة))، كيف يقول ارتفعوا وهو من عرفة؟ قالوا: لأنه لو لم يكن من عرفة؛ لما احتاج أن يذكر؛ ((عرفة كلها موقف))؛ لكن مفهومه أن ماعدا عرفة ليس بموقف، فلو كان بطن عرنة ليس من عرفة لما احتيج إلى التنبيه عليه؛ ولذا لم يقل -عليه الصلاة والسلام-: عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن منى، ارتفعوا عن مزدلفة؛ لأنها ليست من عرفة؛ لكن لما كانت بطن عرنة من عرفة احتاج إلى أن ينبه عليه؛ لأن الوقوف لا يجوز فيه، يأثم والوقف فيه وإن كان مجزئاً؛ والصواب قول عامة أهل العلم: أن بطن عُرنة ليس من عرفة؛ فلذا من وقف فيه فحجه باطل " ((وارتفعوا عن بطن عرنة، والمزدلفة كلها موقف .. )) " المزدلفة يقال لها جمع؛ لأنه يجتمع فيها الناس بعد الوقوف، وهي أيضاً يزدلف فيها الناس يتقربون فيها، " ((والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسِّر .. )) " ارتفعوا عن بطن محسِّر؛ وهو وادٍ بين منى ومزدلفة؛ يقال: إن فيه أبرهة حسَر فيه وأعيى، وكل وتعب "وارتفعوا عن بطن محسر .. نعم .. و ...
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه في وقت الوقوف وجد في عرفة.
طالب:. . . . . . . . .
يعني من غير نية من غير قصد.
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما قصد أن يدخل إلى عرفة، الأصل ..
طالب: هو عند نفسه الموقف. . . . . . . . . .
أنا عارف؛ لكن دخوله .. تصوره باطل يعني؛ وما يتبع هذا التصور من الوقوف باطل؛ لكن هو دخل عرفة، ووجد فيها في الظرف الذي هو وقت الوقوف؛ لكنه من غير قصد، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
يعني أنت افترض أنه يبي .. يقصد مكان ثم صرفه المرور إلى جهة ودخل عرفة، وخرج منها على أساس إنها ما هي بعرفة، مثله.
طالب:. . . . . . . . .

(86/11)


معروف كلامك واضح؛ لكن حديث عروة بن مضرس: ((من أدرك صلاتنا هذه، وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة أية ساعة من ليل أو نهار؛ فقد أدرك الحج))؛ فكونه هؤلاء يقولن: لو مُر به؛ لكن أللي يظهر أنه ما دام الوقوف بعرفة عبادة من العبادات، وركن ركين من أركان هذه العبادة التي هي من أركان الحج إنه لابد أن يقصد؛ لأن الأعمال بالنيات؛ فإذا لم يقصد الدخول، ولم يقصد الوقوف بعرفة؛ لا يجزئ.
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ هل هو رجع، ووقف وإلا ما رجع.
طالب:. . . . . . . . .
صلاة الفجر.
طيب، وايش أللي ترتب عليه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن وقف مرة بعرفة والجبال ناوياً والوقوف عندها، وإن لم يعرفها؛ لكن إذا تردد شخص جاء بعد ما انصرف الناس، ثم تردد هل هذه عرفة أو هذه؟ قال هذه نحتمل .. ؛ مثل جهات القبلة إذا أشكلت عليه؛ يصلي إلى عدد الجهات التي تحتمل أنها القبلة، فوقف عند هذا الجبل باعتبار أنها عرفة، ثم وقف عند الجبل الثاني باعتبار أن؛ يعني قصد الوقوف في هذا المكان؛ إذاً ما ينفع؛ لما دخل لو قال: والله أنا شاك الآن في هذا المكان، أنا جالس على أساس أنه من عرفة –وهو بطن عرنة- لكن أنا شاك أبي أدخل –أيضاً- أجرب هذا المكان؛ لكن قاصد لدخوله؛ فرق بين هذا وهذا.
طالب: هو رجع لبطن عرنة يظن إنه مو بعرفة، هو طلع إنه يشري، ثم رجع لبطن عُرنة يخاف أنه مو بعرفة.
لا هو متأكد؛ يعني يغلب على ظنه أنه بعرفة، وهو ببطن عرنة، البقاء لازم وجوده في عرفة؛ فدخل يشتري ورجع ما قصد الوقوف في دخوله.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تكفي.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هذه عبادة تحتاج إلى نية، ((وإنما الأعمال بالنيات)).
طالب:. . . . . . . . .
واين؟
طالب:. . . . . . . . .
إحنا أكملنا ..
طالب:. . . . . . . . .

(86/12)


شوف يا أخي؛ هنا فرق بين شخص يعرف أن عرفة فيها جبل، وجاء وقف عند جميع الجبال على أساس أنها عرفة؛ هذا حجه؟ صحيح؛ لأنه قاصد الوقوف عند هذا الجبل؛ لكن شخص ما بذهنه أنه يدخل لعرفة؛ هو لزم هذا المكان الذي ليس من عرفة، وانتهى وقت الوقوف في هذا المكان، والذي يغلب على ظنه أنه بعرفة، ماذا نقول عن حجه؟ صحيح وإلا فاته الحج؟ فاته الحج. هو رأى مثلاً قيل له: قم عن هذا المكان؛ قم لا تجلس في هذا المكان، هذا المكان ممنوع الجلوس فيه، ثم دخل إلى عرفة غير قاصد؛ وهو عنده أن وقوفه في المكان الأول، نيته للمكان الأول، أو مثلاً لاح له لائح؛ مثلاً: بقالة وإلا شيء بيشتريه، أو دورة مياه مثلاً: بعرفة راح بيقضي حاجته ويرجع؛ هل نقول أنه قصد الوقوف في هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا .. هو خرج من عرفة، هو في نيته أنه خرج من عرفة، هو في نيته أن بطن عرنة هل هي عرفة؟
طالب:. . . . . . . . . ما حدد. . . . . . . . .
يعني قصده هذا المكان، وما حوله كله عرفة، ودخل في الجزء، ال ... لا إشكال فيه، ما فيه إشكال، لا أنا أتصور لو كان دخوله لعرفة بنية الخروج من عرفة.
طالب: لا هو ما يعرف. . . . . . . . .
ما في إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
ما في إشكال؛ الإشكال فيما لو دخل عرفة بنية الخروج من عرفة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
حتى الذي دخل فيه ألي فيها البقالة من عرفة.
طالب: نعم.
انتهى الإشكال، انتهى؛ لكن لو قام من مكانة بنية الخروج من عرفة من أجل أن يشتري.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا يختلف تماماً. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
ولو لحظة، مجرد مرور، يكفي عند أهل العلم ولو مرور.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؛ ولو بالليل، ولو بالليل ما لم يطلع الفجر.

(86/13)


((وارتفعوا عن بطن محسر))؛ هذا الحديث اللي ذكره الإمام مالك بلاغاً، وهو موصول في صحيح مسلم من حديث جابر؛ في الحديث الطويل، وأيضاً في السنن من حديث أبي هريرة؛ فالحديث صحيح، حديث جابر: ((وقفت هاهنا، وعرفة كالها موقف))، ((وقفت هاهنا، وجمع كلها موقف)) المقصود أن الحديث لا إشكال فيه.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة" يعني ابن الزبير "عن" عمه "عبد الله بن الزبير أنه كان يقول: اعلموا أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، وأن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر".
وبمعنى الحديث السابق، وهذا وإن كان موقوفاً؛ إلا أن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- كثيراً ما يردف المرفوع بالموقوف؛ ليبين استمرار العمل بهذا الحديث، وأنه أفتي به بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- فليس بمنسوخ.
"قال مالك -رحمه الله-: قال الله -تبارك وتعالى-: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [سورة البقرة (197)] " يريد أن يفسر الأمور الثلاثة؛ الرفث والفسوق والجدال قال: "فالرفث: إصابة النساء" الذي هو الجماع؛ وعلى هذا إذا كان دون الجماع؛ فيما دون الجماع، سواء كان بقول أو بفعل، يدخل في الرفث وإلا ما يدخل؟
طالب:. . . . . . . . .
على كلامه.
طالب: على كلامه. . . . . . . . .
ما يدخل، "فالرفث: إصابة النساء -والله أعلم-؛ قال الله -تبارك وتعالى-: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} [سورة البقرة (187)] " فالمقصود به هنا الجماع، ولو أن أهل العلم؛ عامة أهل العلم على أن الرفث: الجماع، وما يقصد به الجماع، والكلام الفاحش الذي يواجه به النساء، ومنهم من يرى إطلاق الرفث على الكلام المتعلق بالنساء؛ ولو كان بين الرجال؛ البيت المنسوب الذي يذكر عن ابن عباس معروف لكنه غير مناسب أن في مثل هذا المكان.

(86/14)


قال: والفسوق: الذبح للأنصاب" إصابة النساء فرد من أفراد الرفث، والفسوق الذبح للأنصاب فرد من أفراد الفسوق؛ فهل معنى هذا أن مالك يقصر تفسير العام بفرده، أو يريد أن يمثل؟ وهو يقول: الرفث إصابة النساء؛ تعريف الجزأين؛ تعريف الجزأين يدل على الحصر؛ لكن لاشك أن مثل هذا يكون من باب التعريف بالفرد من الأفراد، وهذا لا يقتضي التخصيص، في الحديث: ((ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي))؛ في تفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- لقوله -جل وعلا-: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [سورة الأنفال (60)]، قال عليه الصلاة والسلام: ((ألا إن القوة الرمي))؛ هذا فرد من أفراد؛ الرمي لا يقتضي الحصر ولا يخصص به، ومثله ما معنا.
"قال: والفسوق: الذبح للأنصاب -والله أعلم-؛ قال الله -تبارك وتعالى-: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [سورة الأنعام (145)] " لاشك أن هذا من أعظم الفسوق، كما أن إصابة النساء من أشد الرفث؛ فمثل هذا التفسير لا يقتضي الحصر.
"قال: والجدال في الحج: أن قريشاً كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقُزَح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة" يعني الحُمْص لا يخرجون عن الحرم، ويقولون: نحن أهل الحرم كيف نخرج عنه؟ وأما من عداهم من قبائل العرب فهؤلاء يخرجون إلى الحل؛ والحل هنا عرفة؛ ولذا لما جاء جبير بن مطعم إلى عرفة وقد أضل بعيره؛ وجد النبي -عليه الصلاة والسلام- واقف مع الناس استغرب! كيف يقف مع الناس وهو من الحمص؟! والحمص لا يخرجون من الحرم!: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [سورة البقرة (199)]، يعنى ما فيه فرق بين قرشي هاشمي، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما في فرق بينه وبين غيره، الذي يجب عليه يجب على غيره في مثل هذه العبادات.

(86/15)


"قال: والجدال في الحج أن قريشاً كانت تقف عند المشعر الحرام من مزدلفة بقزح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة" يخرجون عن الحرم؛ لأنهم ليسو هم أهل الحرم "وكانوا يتجادلون يقول هؤلاء: نحن أصوب، ويقول هؤلاء: نحن أصوب" كل يصوب فعله ويتجادلون؛ فهذا هو فرع وصورة من صور الجدال؛ قل مثل هذا في ما يحصل في اجتماع الناس من عامة، ومن صالحين، وأخيار وطلاب علم؛ يكثر الجدال والنزاع، وأحياناً لا أثر له ولا نتيجة عملية؛ ما له فائدة؛ ما يترتب عليه فائدة، ويطول الجدال، وترتفع الأصوات؛ وهذا داخل .. هذا داخل؛ لاشك أنه جدال وفي الحج –أيضاً-.
"فقال الله –تعالى-: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} [سورة الحج (67)]، فهذا الجدال"، المقصود أن الإنسان يتمسك بالحق الذي عليه الدليل، ولا يتعصب لرأيه، أو تأخذه العزة بالإثم؛ فينتصر لقول باطل لا دليل عليه؛ قد يزيد على ذلك؛ فيلزم بلوازم؛ ولو كانت باطلة؛ مثل هذا هو الجدال الممنوع.
"فهذا الجدال فيما نُرى" يعني فيما نظن "والله أعلم؛ وقد سمعت ذلك من أهل العلم". نعم.
أحسن الله إليك.

باب: وقوف الرجل وهو غير طاهر، ووقوفه على دابة:
سئل مالك –رحمه الله تعالى- هل يقف الرجل بعرفة، أو بالمزدلفة، أو يرمى الجمار، أو يسعى بين الصفا والمروة وهو غير طاهر؟ فقال كل أمر تصنعه الحائض من أمر الحج فالرجل يصنعه وهو غير طاهر، ثم لا يكون عليه شيء في ذلك؛ ولكن الفضل أن يكون الرجل في ذلك كله طاهراً، ولا ينبغي له أن يتعمد ذلك.
وسئل مالك عن الوقوف بعرفة للراكب؛ أينزل أم يقف راكباً؟ فقال: بل يقف راكباً إلا أن يكون به أو بالدابة علة؛ فالله أعذر بالعذر.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب وقوف الرجل" ومثله المرأة "وهو غير طاهر" وقوف الرجل بعرفة وهو غير طاهر، ومثله المرأة؛ فالمرأة الحائض تقف: ((افعلي واصنعي ما يصنع الحاج؛ غير أن لا تطوفي بالبيت))، فالحائض تقف مع الناس؛ وهل الجنب يقف مع الناس؟ وإلا ما يقف؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .

(86/16)


صلى الجمع الظهر والعصر في أول الوقت، ثم غفا إغفاءة احتلم فيها؛ يلزمه أن يغتسل الآن وإلا متى ما اغتسل؟ إذا أراد الصلاة بمزدلفة؟
طالب:. . . . . . . . .
يلزم وإلا ما يلزم.
طالب:. . . . . . . . .
إذا أراد الصلاة يلزمه. . . . . . . . . ما بيصلي وهو جنب، لكن بيقف الآن؛ هو الآن صلى في الساعة الواحدة، ظهر وعصر جمع تقديم، ثم أغفى إغفاءة يسيرة احتلم فيها، وكم بقي على الغروب؟ بقي ست ساعات، يقول: أنا ما أنا مغتسل حتى أريد الصلاة التي من شرطها الطهارة، يبي يقف وهو جنب، شو المانع.
طالب:. . . . . . . . .
الحائض تقف: ((اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي في البيت)).
طالب:. . . . . . . . .
يدعو لكن ما يقرأ؛ يقول: ما أنا بقارئ؛ بس أبي أدعو دعاء.
طالب:. . . . . . . . .
يعني لو سكت من دخل عرفة إلى أن خرج؛ نقول: محروم؛ لكن وقوفه صحيح وإلا باطل؟
طالب: صحيح.
صحيح يا أخي، لكن هل يلزمه أن يغتسل الآن؟
طالب: لا يلزمه إلا إذا أراد أن الصلاة.
إلا إذا أراد الصلاة، أو أراد ما يشترط له الطهارة؛ فوقوف الرجل وهو غير طاهر؛ يقف وهو غير طاهر، لكن لاشك أن الأكمل أن يقف طاهراً؛ كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ووقوفه على الدابة، النبي -عليه الصلاة والسلام- وقف على الدابة؛ كما في حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجعل بطنه إلى الصخرات، وهو متجه إلى القبلة. نعم.

(86/17)


يقول: إن الإمام مالك ممن عرف عنه أنه لا يروي إلا عن ثقة، وخرَّج الرواية عن عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف؛ الإمام مالك هذه طريقته وهذا منهجه، وكونه يحصل ما يخل بهذا المنهج؛ هذا موجود عند عامة أهل العلم، تقعيد شيء ثم عند التطبيق يخرجون عن هذا التقعيد، لأمر يحتث بما خرجوا إليه، والإمام مالك فيما نقل عنه قال: إن هذا -أبا أمية عبد الكريم بن أبي المخارق- قال: إنه غره بكثرة جلوسه في المسجد؛ فخرج عنه، روى عنه، المقصود أنه ليس بمعصوم، من قعد قاعدة لابد أن تنخرم عليه؛ يذكرون قواعد عامة ثم بعد ذلك يخالفونها؛ إما لأمر اقتضى هذه المخالفة، أمر احتث بما خرجوا إليه، أو لأنهم غفلوا عن ذلك؛ ولذا قالوا: من اشترط أن لا يروي إلا عن ثقة، ثم روى عن من لم يسمه، أو نص على أنه ثقة، حدثني الثقة، يقبل؟ ما يقبل حتى يسمه؛ ولو قال: جميع أشياخه ثقات، لا يقبل حتى يسمي من يروي عنه منهم؛ لأنه قد يكون ثقة عنده؛ لكنه عند غيره ليس بثقة؛ فمثل هذا ما يستدرك على مالك -رحمه الله-.
يقول: "باب وقوف الرجل وهو غير طاهر، ووقوفه على دابة".
"سئل مالك: هل يقف الرجل بعرفة، أو بالمزدلفة، أو يرمي الجمار، أو يسعى بين الصفا والمروة وهو غير طاهر؟ فقال: كل أمر تصنعه الحائض من أمر الحج فالرجل يصنعه وهو غير طاهر"
لأنه ما استثني بالنسبة للحائض إلا الطواف بالبيت، فما عدا ذلك يصح من المرأة الحائض، ويصح من غيرها ممن هو غير طاهر.
"فالرجل يصنعه وهو غير طاهر ثم لا يكون عليه شيء في ذلك" ثم لا يكون عليه شيء في ذلك.
سعى وهو غير طاهر، يلزمه شيء؟ وقف وهو غير طاهر، يلزمه شيء؟
شخص كبير السن من العوام سعى أربعة عشر شوطاً، لأنه فاهم أن السعي رايح جاي، ذهاباً وإياباً، فلما أتم السعي، استرجع وقال: أنه على غير طهارة، فتوضأ ثم أعاده، أربعة عشر ثانية، ثم بعد ذلك سعى، فقيل له: يكفيك ربع ما صنع. هو صحيح على فعله يعني سعى ثمانية وعشرين شوط، نعم.
ثم لا يكون عليه شيء في ذلك، والفضل أن يكون الرجل في ذلك كله طاهر.

(86/18)


نعم هذه عبادات، ومزاولتها على أكمل حال لا شك أنه أفضل، وهذا من تعظم شعائر الله، جاء في الصلاة {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [سورة الأعراف (31)]، فكون الإنسان على أكمل هيئة، ويفعل ذلك كما قال الإمام مالك -رحمه الله-: على أكمل الوجوه، وقد كان الإمام مالك ممن يعتني بهذا الأمر، ويهتم لشؤون العبادات والتحديث وغيرها، كلها يعطي على أكمل وجه.
"والفضل أن يكون الرجل في ذلك طاهراً، ولا ينبغي له أن يتعمد ذلك" لا ينبغي له أن يتعمد أن يكون على غير طهارة، فإن تيسر له أن يرفع الحدث فليبادر.
"وسئل مالك عن الوقوف بعرفة للراكب" سئل مالك عن الوقوف بعرفة للراكب، قلنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقف راكباً "أينزل أم يقف راكباً؟ فقال: بل يقف راكباً" اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- "إلا أن يكون به" لا يستطيع أن يستمر واقفاً على الدابة، به علة "أو بدابة" علة، بحيث لا تطيق أن تحمله وقت الوقوف، فإن كان به "أو بدابة علة فالله أعذر بالعذر"، يعني فالله -جل وعلا- يعذره لأن هذه سنن، وغاية ما يقال في تركها أنها مكروهة، غاية ما يقال في ذلك؛ والكراهة تزول بأدنى حاجة كما يقول أهل العلم. نعم.
أحسن الله إليك.

باب: وقوف من فاته الحج بعرفة:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: "من لم يقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "من أدركه الفجر من ليلة المزدلفة ولم يقف بعرفة فقد فاته الحج ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج".
قال مالك في العبد يعتق في الموقف بعرفة: فإن ذلك لا يجزئ عنه من حجة الإسلام إلا أن يكون لم يحرم فيحرم بعد أن يعتق، ثم يقف بعرفة من تلك الليلة قبل أن يطلع الفجر فإن فعل ذلك أجزأ عنه، وإن لم يحرم حتى طلع الفجر كان بمنزلة من فاته الحج إذا لم يدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة، ويكون على العبد حجة الإسلام يقضيها.

(86/19)


يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: وقوف من فاته الحج بعرفة".
وقوف من فاته الحج بعرفة، بعرفة: جار ومجرور متعلق بايش؟ وقوف بعرفة من فاته الحج، الجار والمجرور بايش؟ الآن الجار والمجرور متعلق بوقوف.
طالب:. . . . . . . . .
وقوف بعرفة من فاته الحج؟
طالب:. . . . . . . . .
أو فاته الحج بفوات عرفة؟
طالب:. . . . . . . . .
باب وقوف بعرفة من فاته الحج؛ يعني إذا وقف بعرفة من فاته الحج ما الحكم؟ جاء يوم النحر ووقف بعرفة، يقول باب وقوف من فاته الحج بعرفة، أو فاته الحج بفوات عرفة، تقديره هكذا؟
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من لم يقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج".
كلام ابن عمر موافق لما جاء بحديث عروة بن مضرس: ((من أدرك صلاتنا هذه، وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة أية ساعة من ليل أو نهار؛ فقد أدرك الحج))؛ مفهومه أن من لم يدرك ساعة من ليل أو نهار، قبل صلاة الصبح؛ قبل طلوع الصبح؛ فإنه يكون حينئذ فاته الحج "من لم يقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج"؛ يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" عروة بن الزبير "أنه قال: من أدركه الفجر من ليلة المزدلفة، ولم يقف بعرفة؛ فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج" فالوقوف بعرفة يجزئ بالوقوف ولو يساراً بعرفة في اليوم التاسع وليلة العاشر التي هي ليلة النحر، ويقولون: إن كل ليلة تابعة لليوم الذي يليها إلا ليلة يوم النحر؛ فهي تابعة لليوم الذي قبلها؛ يعني حكماً؛ لأنك ما تستطيع أن تقول: هذه ليلة عرفة، ليلة النحر، تقول: ليلة النحر؛ لكن ما تقول: ليلة عرفة، وإن كانت في الحكم تابعة ليوم عرفة لإجزاء الوقوف فيها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أما من مر بها ليلاً فلا شيء عليه عند أهل العلم، ما عليه شيء.
ومن وقف بها نهاراً ثم انصرف قبل غروب الشمس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(86/20)


هذا قالوا: خالف فعل النبي -علية الصلاة والسلام- فيجبر هذه المخالفة بالدم؛ هذا إذا انصرف قبل غروب الشمس، أما إذا انتظر حتى تغرب الشمس ثم انصرف؛ فلا شيء عليه، وقد أدى ما عليه؛ هذا فعله -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
الوقوف قبل الزوال؛ حديث عروة بن مضرس: ((وكان قد وقف قبل ذلك ساعة من ليل أو نهار)) يدل على جواز الوقوف قبل الزوال؛ لأنه يصدق عليه أنه وقف ساعة من نهار وهذا قول الحنابلة؛ الحنابلة يجيزون الوقوف قبل الزوال؛ استدلالاً بعموم هذا الحديث، وغيرهم يقول: لا يجزئ الوقوف قبل الزوال؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تحرى ذلك، وصلى الجمع ثم وقف، ولم يذكر عن أحد من أصحابه أنه وقف قبل الزوال.
طالب:. . . . . . . . .
ما هو بهذا الله يهديك.
طالب:. . . . . . . . .
قضينا من عروة بن مضرس، قضينا منه.
هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- لما صلى الظهر والعصر جمع؛ دخل عرفة؛ نعم؟ لماذا لم يدخل قبل الصلاة وينصرف قبل الصلاة؟
أو يستفتى هل الوقوف قبل الصلاة يجزئ أو ليس بمجزئ؛ يعني قبل الزوال؟ ما وقع من أصحابه -عليه الصلاة والسلام- أن أحداً منهم وقف قبل الزوال؛ فوقف هكذا، وقال: ((خذوا عني مناسككم))؛ أما بالنسبة للحاجة للسائل فليست داعية؛ لأنه ما تتصور أنه واقف قبل الزوال، مار عروة بن مضرس عرفة قبل الزوال وجاين يالله يدرك صلاة الفجر. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قاعدة عامة. إيه.
طالب: قاعدة عامة.
إيه. لكن هل الفعل يخصص القول؛ القول يُخَص بالفعل؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو فعل فعل؛ يعني وقع في فعله -عليه الصلاة والسلام- ما هو ركن، ووقع في فعله ما هو واجب، ووقع في فعله ما هو مستحب، وقال عن الجميع: ((خذوا عني مناسككم)).
فالأدلة الأخرى هي التي ترجح؛ هل هو ركن وإلا واجب وإلا مستحب؟ لابد من النظر في الأدلة الأخرى.

(86/21)


فهل وقوفه -عليه الصلاة والسلام- بعد الزوال وقوله: ((خذوا عني مناسككم)) كاف في إيجاب الوقوف في هذا الوقت، وأنه لو وقف في غيره لا يجزئ، الجمهور على هذا؛ الجمهور على أنه لا وقوف قبل الزوال، والمعروف عند الحنابلة أنه يجزئ. هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
شو .. أيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الحنابلة عملو بحديث عروة بن مضرس، والجمهور عملوا بفعله -عليه الصلاة والسلام- شو على أيش؟
طالب:. . . . . . . . .
"قال مالك في العبد يعتق في الموقف بعرفة" حج به سيده لما صار بعرفة قال: أنت حر.
قال مالك في العبد يعتق في الموقف بعرفة "فإن ذلك لا يجزئ عنه من حجة الإسلام" يعني لا يقع؛ لا يجزئ عنه؛ بل لابد أن يحج حجة الإسلام؛ قل مثل هذا فيمن بلغ بعرفة، وكان وقت إحرامه غير مطالب بالحج على جهة الوجوب، فلما أحرم الصبي بالحج على نية النفل أو الفرض؟
طالب: النفل.
النفل؛ العبد لما أحرم بالحج، والمعمول به أنه يلزمه إذا عتُق حجة الإسلام، هذا أحرم بالحج ثم لما وصل إلى عرفة بلغ الصبي وعتق الرقيق؛ هل نقول كمل، وانقلب الإحرام من نفل إلى فرض؟ ينقلب وإلا ما ينقلب؟
طالب: ما ينقلب.
الإمام مالك يقول: "في العبد يعتق في الموقف بعرفة فإن ذلك لا يجزئ عنه من حجة الإسلام، إلا أن يكون لم يحرم" يعني جاء يوم عرفة وهو ما أحرم؛ يحرم، وإحرامه يكون بعد عتقه يكون نفل وإلا فرض؟
طالب: فرض.
فرض، وإحرامه بعد بلوغه نفل وإلا فرض؟
طالب: فرض.
فرض؛ نعم. "إلا أن يكون لم يحرم فيحرم بعد أن يعتق ثم يقف بعرفة من تلك الليلة" يعني مثل ما صور النووي -رحمه الله تعالى- من أفسد حجه؛ هل يمكن أن يقضي هذا الحج الفاسد في هذه السنة؟ صوره في مسألة واحدة، وهي أيش؟ أذا أُحصر، وتحلل، ثم فك الإحصار؛ خلاص نوى الخروج بطريق شرعي من النسك، ثم بعد ذلك يفك الإحصار له أن يحرم، ويأتي بحجة هي قضاء ما أفسد من حج. هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الصحابة غيروا؛ غيروا من حج إلى عمرة، والذي حج عن غيره قيل له: ((حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة))، المقصود أن مثل هذا ..
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأنه يحل محله، يحل محله.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.

(86/22)


طالب:. . . . . . . . . الصبي.
طيب والرقيق له حج.
طالب:. . . . . . . . .
له حج.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يجزئ.
طالب: ما يجزئ.
الصبي هذا الذي رُفع له حج من حيث الأجر؛ لكن لا يجزئ عن حجة الإسلام، ومثله من عتق.
"إلا أن يكون لم يحرم، فيحرم بعد أن يعتق ثم يقف بعرفة من تلك الليلة" يعني يستطيع؛ الآن المسألة المفترضة فيه من وصل إلى المحرم وهو غير مكلف، أو رقيق، ثم لما وصل عرفة كُلِّف، أو اعتق الرقيق، هل نقول له: ارجع إلى المحرم، وأحرم من جديد بنية أداء الفريضة؟ أو نقول: إن النية نفسها انقلبت من نفل إلى فرض؟ الإمام مالك يقول: لا؛ إذا أحرم –خلاص- لزمه ما أحرم به، نفل نفل؛ فرض فرض، وين؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إذا عتق وهو بعرفة وهو لم يحرم؛ يعني ترو كثير من الناس الآن موجودين بعرفة وهم عليهم ثيابهم، ما أحرموا، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
موجود هذا؛ لاسيما من يتولى الخدمة؛ لأن الخدمة بالثوب أيسر له، ثم بعد ذلك يحرم؛ هل نقول له تحرم من مكانك أو من الميقات الذي مررت به؟ نعم، يعني من حيث أنشاء .. من حيث أنشاء. نعم.
طالب: إذا كان متمتع.
إذا كان متمتع نعم يتصور في المتمتع؛ دخل بعمرة ثم بين الحج والعمرة كلف أو اعتق، هذا يحرم عادي، يحرم بحج واجب لا إشكال فيه؛ لكن جاء ينشأ العمرة، ولا أحرم من الحج .. ولا أحرم، وإلا أنهى من نسك العمرة، ثم كلف أو أعتق.
على كل حال يقول: "إلا أن يكون لم يحرم فيحرم بعد أن يعتق، ثم يقف بعرفة من تلك الليلة، قبل أن يطلع الفجر" يعني إذا أدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر بعد أن أحرم إحراماً يتصور فيه وجوب النسك؛ يعني أحرم إحرام نسك واجب؛ فإن فعل ذلك أجزئ عنه؛ يعني جاء متمتع؛ اعتمر عمرة قبل تكليفه أو قبل عتقه، ثم حج الحج بعد تكليفه أو بعد عتقه؛ نقول الحج مجزئ عن حجة الإسلام، لكن العمرة عند من يقول بوجوبها لا تجزئ.

(86/23)


"وإن لم يحرم حتى طلع الفجر كان بمنزلة من فاته الحج" طيب واقف مع الناس؛ نقول هو وقف على أساس أنه متنفل وليس بمفترض "كان بمنزلة من فاته الحج إذا لم يدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة، ويكون على العبد حجة الإسلام يقضيها" وجاء في هذه المسألة حديث: ((أيما عبد فعليه ... ))
طالب: ... حجة أخرى)).
... حجة أخرى))، ومثله الصبي؛ ما فيه حديث!
"ويكن على العبد حجة الإسلام يقضيها" والمسألة خلافية؛ لأن الحج عرفة، وقد أدرك ..
طالب:. . . . . . . . .
أدرك عرفة؛ أقول: هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((الحج عرفة))، وقد أدرك عرفة؛ إذاً أدرك الحج؛ ولذا يقول في التنقيح: "إن أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو بلغ الصغير، أو عُتَق العبد في الحج قبل الخروج من عرفة، أو بعده قبل فوات وقته إن عاد فوقف وفي العمرة قبل طوافها فيجزيهم.
طيب النية التي دخل بها نية نفل؛ يعني هل ينقلب النفل إلى فرض؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن أنت تفترض أنك صليت متنفل، وفي أثنائه قلبتها فرض.
طالب: يا شيخ هو لم يحج أصلاً هو هذا الحج الذي كتب عليه لم يكتب عليه حج الفريضة فالآن وجبت عليه.
هو هنا متنفل؛ هو متنفل.
طالب: لأنه لم تكتب. . . . . . . . .
يعني دخل في النسك هو متنفل؛ لكنه أدرك جميع أركان الحج؛ ماعدا نية الدخول في النسك.
طالب: لكن الكلام هو أصلاً دخل لأنه هذا الذي كتب عليه شرعاً؛ لأنه غير مطالب به.
ما هو بالإشكال في هذا، ما نختلف، ولا يختلون هم في هذا؛ الكلام على أنه أعتق بعرفة أو بلغ، ويتمكن من الرجوع إلى الميقات؛ يرجع إلى السيل ويحرم بحج واجب؛ حجة الإسلام، أو يحرم في مكانة من الحل بعرفة، أو لا يحرم استصحاباً للإحرام السابق، وينقلب هو بذاته فرض، أما الصلاة فلا يجوز فيها مثل هذا الكلام؛ الصلاة لا يمكن أن يحرم بها؛ يكبر تكبيرة الإحرام بنية النفل ثم تنقلب فرضاً –أبداً-؛ هم يجيزون العكس؛ "وإن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقتها متسع جاز؛ يجوز لكن من الأدنى إلى الأعلى لا".

(86/24)


يقول -رحمه الله تعالى-: وإن لم يحرم حتى طلع الفجر كان بمنزلة من فاته الحج إذا لم يدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة، ويكون على العبد حجة الإسلام يقضيها.
يقول في التنقيح: "إن أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو بلغ الصغير، أو عُتق العبد في حج قبل الخروج من عرفة أو بعده قبل فوت وقته إن عاد فوقف، وفي العمرة قبل طوافها فيجزيهم.
قال الموفق وغيره: "إنما يعتد بإحرام ووقوف موجودين"؛ إذاً. نعم.
طالب:. . . . . . . . .
وما قبله تطوع لم ينقلب فرضاً، وقال المجد وغيره: ينعقد إحرامه موقوفاً؛ ينعقد إحرامه موقوفاً؛ يعني إذا شك، هو قريب من البلوغ؛ فقال: إن بلغت قبل فوات الحج في ..
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . في طلوع فجر يوم النحر، فهو فرضي وإلا نفل؛ يعني كمن تردد في نية رمضان؛ إن كان غداً من رمضان.
طالب: صمت.
فرض وإلا نفل؛ مثله؛ الحنابلة ما يجيزون مثل هذا التردد؛ لكن شيخ الإسلام لاسيما إذا علق أمره برؤية الهلال، واحتاج إلى النوم قبل ذلك؛ فهذه النية تكفيه؛ فمثل هذا قال: إن عتقت قبل عرفة فهي حجة الإسلام وإلا تستمر نفل. نعم.
يقول الموفق: "إنما يعتد بإحرام ووقوف موجودين إذاً؛ وما قبله تطوع لم ينقلب فرضاً".
وقال المجد وغيره: "ينعقد إحرامه موقوفاً إذا تغير حاله تبين فرضيته، ولاشك أن المشقة اللاحقة بمثل هذا أنه يحرِم، ثم يطالب بالحج مرة ثانية، يعني لو قيل له: أحرم ثانية بنية الفرض، نعم .. أحرم ثانية بنية الفرض.
طالب: في موضعه.
هو الآن لما أحرم الإحرام الأول يلزمه إتمامه لقول الله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [سورة البقرة (196)]، لكن هو أحرم نفل؛ لو قطع الإحرام الأول أبطله؛ لاشك أنه يأثم، وهم يقولون: الإحرام لا يمكن رفضه؛ يستمر محرم ولو رفضه، وإذا أدخل إحرام على إحرام عندهم صحيح وإلا باطل؟ إحرام على إحرام في غير صورة ما إذا حاضت وخشيت فوات الحج فأدخلت الحج على العمرة؛ صارت قارنة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
سواء حاجها أو عمرتها إن كانت فريضة فهي فريضة، وإن كانت نافلة فنافلة؛ لكن الآن نبي ندخل حج واجب على حج مستحب؛ هذا لا يدخل عندهم، وعلى كل حال المسألة خلافية، والأمور تقدر بقدرها.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(86/25)


الموطأ – كتاب الحج (24)
(تقديم النساء والصبيان - السير في الدفعة - ما جاء في النحر في الحج - العمل في النحر – الحلاق – التقصير)

الشيخ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: تقديم النساء والصبيان:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن سالم وعبيد الله ابني عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن أباهما عبد الله بن عمر كان يقدم أهله وصبيانه من المزدلفة إلى منى؛ حتى يصلوا الصبح بمنى, ويرموا قبل أن يأتي الناس.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح: أن مولاة لأسماء بنت أبي بكر أخبرته، قالت: جئنا مع أسماء ابنة أبي بكر -رضي الله عنهما- منىً بغلس, قالت: وقلت لها: لقد جئنا منىً بغلس, فقالت: قد كنا نصنع ذلك مع من هو خير منكِ.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن طلحة بن عبيد الله -رضي الله تعالى عنه- كان يقدِّم نساءه، وصبيانه من المزدلفة إلى منى.
وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يكره رمي الجمرة, حتى يطلع الفجر في يوم النحر, ومن رمى فقد حل له النحر.
وحدثني عن مالك عن هشام بن العروة عن فاطمة بنت المنذر أخبرته: أنها كانت ترى أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- بالمزدلفة تأمر الذي يصلي لها ولأصحابها الصبح؛ يصلي لهم الصبح حين يطلع الفجر, ثم تركب فتسير إلى منى ولا تقف.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم، وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

(87/1)


فيقول المؤلف: "باب تقديم النساء والصبيان" يعني في الدفع من مزدلفة إلى منىً, والنبي -عليه الصلاة والسلام- أذن لسودة بنت زمعة أن تنصرف قبل حطمة الناس؛ لأنها كانت ثقيلة, امرأة ثبطة, وأذن للصبيان –أيضاً- كان ممن أذن له ابن عباس -رضي الله عنهما- والمقصود أن المبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج, إذ لو كان ركناً لما أذن بتركه للرعاة والسقاة, ولو كان سنة مستحباً -غير واجب- لما احتيج فيه إلى الاستئذان, فأعدل الأقوال فيه أنه واجب؛ من تركة مطلقا فعليه دم يجبره بدم عند الجمهور, ومن عجز عن الوصول، أو صد عنه، أو بات فيه غالب الليل فلا شيء عليه.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن سالم وعبيد الله ابني عبد الله بن عمر: أن أباهما عبد الله بن عمر كان يقدم أهله وصبيانه من المزدلفة إلى منى" يعني يتعجلون فإذا باتوا غالب الليل انصرفوا, وهل يكفي إلى منتصف الليل؟ كما يقول الأكثر, باعتبار أنه إذا بات إلى المنتصف فما بعد المنتصف مرجح للنصف الأول, أو يكون إلى مغيب القمر, كما كانت تفعل أسماء -رضي الله عنها- كما في الصحيح, المقصود أن العاجز والضعيف, أو من معه عاجز أو ضعيف لا يستقل بنفسه؛ له أن ينصرف قبل الصبح، يقول: "حتى يصلوا الصبح بمنى" هذا دليل على أنهم انصرفوا من مزدلفة في الليل قبل طلوع الصبح, ثم يصلون الصبح بمنى "ويرموا قبل الناس" وهذه هي الفائدة من التعجل, الفائدة من التعجل أن يصلوا إلى منى، ويرموا الجمرة قبل كثرة الناس, وهذا الحديث من فعل ابن عمر -رضي الله عنهما- ويرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعل ذلك يقدم أهله؛ قدّم سودة، وقدّم بعض النساء والذرية, المقصود أنه ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح: أن مولاة لأسماء بنت أبي بكر" لكن غير العاجز، وغير الضعفة لو انصرف بعد مضي غالب الليل؛ أكثر أهل العلم يقولون: الحكم للغالب, ويجوزون له أن ينصرف بعد أن يمضي غالب الليل, ولو لم يكن عاجزاً؛ لأنه مكث غالب الليل, ...
طالب:. . . . . . . . .

(87/2)


هو من بعد المغرب, من بعد المغرب إيه، أقول: أكثر أهل العلم يجيزون الانصراف؛ ولو لم يكن عاجز بعد مضي غالب الليل؛ لأن الحكم عندهم الغالب؛ لأن الحكم للغالب, والسنة أن يمكث بها, حتى يصلي الفجر في أول وقته, عندما يبزغ الصبح يصلي ثم يأتي المشعر فيذكر الله ويدعوه حتى يسفر جداً, وقبل أن تطلع الشمس يدفع إلى منى, هذه هي السنة, ولا ينتظر حتى تطلع الشمس, لا ينتظر بطبعه واختياره حتى تطلع الشمس, لكن إن كان الطريق أمامه مسدود لا يستطيع الانتقال من زحمة الناس, وبقي فيها من غير طبعه واختياره إلى أن طلعت الشمس, هذا لا يتصور فيه المشابهة, أما من جلس في مكانه حتى تطلع الشمس من غير سبب, هذا فيه مشابهة للمشركين الذين لا ينصرفون حتى تطلع الشمس, ويقولون: أشرق ثبير كي ما نغير, هذه هي السنة أن يمكث حتى يصلي بها الفجر, ثم يجلس يذكر الله حتى يسفر جداً، ثم يدفع إلى منى.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح: أن مولاة لأسماء بنت أبي بكر أخبرته, قالت: جئنا مع أسماء ابنة أبي بكر منىً بغلس, قالت: فقلت لها: قد جئنا منى بغلس, فقالت: قد كنا نصنع ذلك مع من هو خير منكِ", لا شك أن فعله -عليه الصلاة والسلام- صلى في المزدلفة ومكث فيها حتى أسفر, وأذن لبعض الناس أن ينصرفوا قبل ذلك, فلا شك أن مثل هذا تبيحه الحاجة, إذا خشي الإنسان على نفسه من الزحام الشديد, ومن لا يطيق ذلك ولا يصبر عليه, له أن يترخص, لا سيما إذا كان معه نساء, والنساء في مثل هذه الأوقات, لو قال قائل: وقد قيل: أنهن كلهن ضعفة, حتى القويات الشواب ضعفة, لا سيما في الأماكن الزحام الشديدة في المطاف، وفي رمي الجمرة مثل هذا النساء بلا شك ضعفه, ويحصل من مخالطتهن الرجال في هذه الأماكن ما لا تحمد عقباه؛ يعني .. نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
نعم, هو بلا شك أن المشاعر كلها الآن فيها مشقة شديدة؛ لكن الرجال الأقوياء الأشداء، المتعين في حقهم الإقتداء به -عليه الصلاة والسلام- أما النساء فإنهن ضعفة, النساء لا شك أنهن ضعفة، وقد قيل, قاله من أهل العلم من قاله.

(87/3)


يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن طلحة بن عبيد الله" أحد العشرة المبشرين بالجنة "كان يقدِّم نساءه، وصبيانه من المزدلفة إلى منى" لأنهم ضعفة, والفائدة من ذلك أن يرموا قبل الناس، أو يطوفوا –أيضاً- قبل الناس؛ لأنه يجوز تقديم الطواف على الرمي –على ما سيأتي- يجوز تقديمه، فلو انصرف من مزدلفة إلى البيت؛ لا سيما من كان معه نساء, وخشي أن يبتلين بالحيض، وقدَّم ذلك؛ له ذلك, من طاف قبل أن يرمي لا حرج عليه.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يكره رمي الجمرة حتى يطلع الفجر من يوم النحر, ومن رمى فقد حل له النحر" جاء في حديث ابن عباس النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس, النهي عن رجم الجمرة قبل طلوع الشمس, والحديث فيه كلام لأهل العلم, وأكثر أهل العلم على أنه ما دام رخص له أن ينصرف قبل الناس, وفائدة الترخيص أن يرمي قبل الناس؛ لأن المشقة ما هو بالانصراف, المشقة في الرمي, فما أذن له حتى يرمي قبل الناس فإذا رخص له في ذلك, فله أن يرمي متى ما وصل, ولذا يجيزون الرمي من آخر الليل, وكذلك الطواف طواف الإفاضة, من بعد ذلك يقول ... نعم؟
الطالب: والذبح.
وين؟
الطالب:. . . . . . . . .

(87/4)


عندنا أعمال يوم النحر, النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها مرتبة؛ رمى الجمرة ثم نحر، ثم حلق ثم طاف وسعى, هذا الترتيب الذي فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أولى وأكمل, فلو قدم شيئاً من هذه الأعمال على بعضها جاءت الأسئلة؛ رميت قبل أنحر, نحرت قبل أرمي, إلى غير ذلك من الأسئلة التي تدل على جواز التقديم والتأخير؛ لأنه قال -عليه الصلاة والسلام-: ((افعل ولا حرج))؛ قاعدة الكلية: "فما سئل عن شيء قدّم، ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) , وهذا يتناول جميع أعمال النحر, فإذا أجزنا الرمي قبل طلوع الفجر, أو قبل طلوع الشمس, وأجزنا له أن ينحر قبل الرمي من لازم ذلك أن ينحر قبل طلوع الشمس أو قبل طلوع الفجر, فهل يجوز له أن ينحر؟ ولذا يقول: "ومن رمى فقد حل له النحر" من رمى فقد حل له النحر؛ إذا رمى قبل طلوع الفجر، يقول: يكره رمي الجمرة حتى يطلع الفجر قبل يوم النحر؛ كيف؟ لكن الآن لو رمى قبل طلوع الفجر, شو يصير عليه؟ وقد رخص له في أن ... ، يجوز ولا ما يجوز؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا, أنا أقول لك: يجوز يرمي وإلا ما يجوز؟ يرمي؛ إذا أجزنا له الرمي, وقد سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن النحر قبل الرمي؟ فقال: ((لا حرج)) , من لازم ذلك أنه يجوز النحر قبل طلوع الفجر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، وينه, من اللي شبهها؟ من اللي شبهها؟
طالب:. . . . . . . . .
ما نستفيده من الكلام الذي معنا, ما في أضحية, الآن هذا هدي؛ هدي متعة، أو قران مثلاً, كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
من اللفظ نأخذ هذا؟ لا, ما نأخذه منه؛ اللفظ ما يدل على هذا "حتى يطلع الفجر من يوم النحر" طيب, أنت دعه مثل الأضحية, الآن هذا صلى الفجر، ورمى الجمرة ثم نحر هديه؛ تحل وإلا ما يحل قبل طلوع الشمس؟
طالب:. . . . . . . . .
قبل طلوع الشمس؟ لأنك أنت أفدتنا؛ إنه يفيد كلامه: إنه مثل الأضحية, والأضحية لا تجوز إلا بعد صلاة العيد؛ الأضحية متى تحل؟ بعد الصلاة.
الطالب: بعد الصلاة.

(87/5)


صلاة الفجر وإلا العيد؟ العيد؛ هذا نحر هديه قبل صلاة العيد, صلى الفجر بغلس، ثم رمى ثم عند المرمى نحر هديه؛ قبل طلوع الشمس بساعة, أيش تقول له؟ مقتضى كلامهم أنه يجوز, وهو مقتضى –أيضاًً- التقديم والتأخير, هنا يقول: "ومن رمى فقد حل له النحر" مفهومه أن من لم يرمِ؛ لم يحل له النحر, مع أنه في الحديث الصحيح سئل عن النحر قبل الرمي؟ فقال: ((افعل ولا حرج)) , فعلى هذا يحل له النحر قبل أن يرمِ, مفهوم قوله: "ومن رمى فقد حل له النحر" لو أخر الرمي إلى العصر, نقول: لا تنحر حتى ترمي, على كلامه, مفهوم كلامه أنه ما يحل له النحر حتى يرمي, ولو أخر الرمي, مع أنه يجوز تقديم النحر على الرمي؛ لكن من أهل العلم من يسن بالهدي سنة الأضحية؛ فلا يجيزه إلا بعد صلاة العيد, مثل الأضحية, كما أن الهدي مقيس على الأضحية في كثير من الأمور في سنها، وفي عيوبها، وفي إجزائها، وعدم إجزائها, ولا شك أن تأخير النحر بعد صلاة العيد أحوط؛ لكن ماذا لو نحر الهدي قبل؛ يعني من إحرامه .. ، الآن الهدي هذا؛ هدي المتعة والقران سببه الجمع بين النسكين في سفرة واحدة, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو دم شكران؛ شكران على أن يسر الله -جل وعلا- هذين النسكين في سفرة واحدة؛ شكران لا جبران؛ سببه الإحرام بالعمرة التي ينوي التمتع بعدها، أو الإحرام بالقران من المحرم, هذا سبب الوجوب, ووقت الوجوب عند أهل العلم, مكان حلوله أو وقت حلوله؟ مكانه يعني مجرد ما يبلغ به محل الذبح يكفي, أو هما معاً؟ طيب, الوقت متى؟ يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- جلس بالمزدلفة إلى أن أسفر جداً, ووصل منى في أول النهار ورمى الجمرة ثم ذبح, يعني ذبح -عليه الصلاة والسلام- بعد تحقق وقت الأضحية؛ لكن لو إنسان تعجل, هل نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل في هذا الوقت, وقال: ((خذوا عني مناسككم)) , وقال: أن الأضحية لا تجزئ قبل الصلاة, لا؛ يمكن الذي قيل له: ((افعل ولا حرج)) متأخر, جاء متأخراً إلى منى بعد صلاة العيد وذبح, ما أحد بيقول له: لماذا تذبح قبل الرمي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(87/6)


يعني الوقت هل هو منصوص عليه, وإلا مسكوت عنه؟ لكن هو من لازم المنصوص؛ هو من لازم المنصوص, هو نُصَّ على الرمي لا سيما للمتقدم المتعجل وأنه يرمي, وهذه فائدة التعجيل, لا سيما إذا ضعفنا حديث ابن عباس في عدم الرمي قبل طلوع الشمس, حتى لو افترضنا أننا صححنا حديث ابن عباس ورمى بعد طلوع الشمس، وحل الذبح قبل صلاة العيد –احتمال- لا سيما أن ذبح في مكانه, ..
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . لا, وأيش فائدة التعجيل؟ ما هو بفائدته عدم مزاحمة الناس؟ طيب؛ لكن مذهب جمهور أهل العلم جواز الرمي من الانصراف, وأسماء صلت الصبح بمكة بالحرم صلت في المسجد, صلت الصبح يعني بعدما رمت, مرت منى ورمت، وصلت الصبح هناك, أيش مقتضى هذا؟ جواز النحر مباشرة؛ يعني بين الرمي والطواف يجوز النحر, وهو الأصل على الترتيب النبوي, هناك قاعدة ذكرها العلماء أنه: إذا كان للعبادة سبب وجوب، ووقت ووجوب؛ لا يجوز تقديمه على السبب، ويجوز بعد الوقت, والخلاف بينهما, فعندنا سبب وجوب الهدي الإحرام, سواء كان بالقران أو بعمرة التمتع, ووقت الوجوب هو وقت الأضحية, وبينهما من الإحرام بالعمرة إلى وقت الأضحية بعد صلاة العيد, هذا هو محل الخلاف, والشافعية يجيزونه بمجرد انعقاد السبب, وهو رواية عن أحمد, وهو قول معروف عند أهل العلم, وقد أُفتي به, وكتب فيه ما كتب, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقدّم لو يذبح يوم ثامنة، يوم سبعة، يوم تسعة, نعم؟ أُلف فيه (القول اليسر في جواز نحر الهدي قبل يوم النحر) , ورد عليه بكتاب اسمه: (إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره من تجويزه النحر قبل يوم نحره) , أقصد أن المسألة خلافية بين أهل العلم؛ لكن لا شك أن الأحوط والأبرأ للذمة أن ينحر الهدي في وقت الأضحية,ها؟
طالب: إعادة القاعدة؟
إعادة أيش؟
طالب: القاعدة الفقهية؟

(87/7)


القاعدة؛ تروا القاعدة الفقهية؛ يقول ابن رجب وغيره: "إذا كان للعبادة سبب وجوب، ووقت وجوب, عندنا الكفارة؛ كفارة اليمين سببها انعقاد اليمين, ووقتها الحنث, يقولون: لا يجوز التكفير عن هذه اليمين قبل انعقادها؛ يعني عندك وفرة طعام, تقول: أبى أطعم لي مائة مسكين فيما لو حلفت في مستقبل عمري عشر مرات إلى أن يصير, مقدمة للكفارة, تجزئ ولا ما تجزئ؟
طالب: ما تجزئ.
ما تجزئ قولاً واحداً؛ لأن سبب الانعقاد اليمين؛ لكن لو أخرج الكفارة بعد الحنث خلاف ولا اتفاق؟ اتفاق أنها مجزئة, لو أخرج الكفارة بعد انعقاد اليمين، وقبل الحنث, تجزئ ولا ما تجزئ؟ انعقد السبب، ولم يأت وقت الوجوب؛ هذا محل الخلاف, لكن في مثل اليمين جاء قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إني والله لا أحلف على يمين فأجد غيرها خير منها, إلا كفرت عن يميني, ثم أتيت الذي هو خير)) وجاء –أيضاً- رواية أخرى: ((إلا أتيت الذي هو خير، وكفرت عن يميني)) , المقصود أن مثل هذا يجوز؛ يعني من أجل أن يحنث يكفر, هذه القاعدة؛ تنطبق عليها القاعدة, ولو رجعت إلى قواعد ابن رجب؛ وجدتهم ذكروا هذه المسائل.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
اللي مرت، المقصود أن مثل هذا الكلام لابد من مراجعته في قواعد ابن رجب, ولها نظائر, والأحوط -بلا شك- أن يؤخر الذبح إلى وقت ذبح الأضحية؛ خروجاً من خلاف من قال: أنها لا تجزئ.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر" جماعتكم متى ينحرون الهدي؟
طالب:. . . . . . . . .
جماعتكم متى ينحرون الهدي؟
طالب: جماعتنا؟
إيه الشافعية, متى ينحرون؟
الطالب:. . . . . . . . .
يحجون مفردين؛ لا هذا قول معروف عند الشافعية؛ مجرد ما يحرم خلاص انعقد السبب؛ هذا القول عند الشافعية معروف.
الطالب:. . . . . . . . .

(87/8)


نعم, هذه لها سبب، ولها وقت تنطبق عليها القاعدة, يعني مثل ما قدمنا السعي؛ الآن السعي مو من أعمال يوم النحر؟ ألا يجوز تقديمه مع طواف القدوم؟ يجوز, وليس معنى هذا أن هذا هو الراجح عندي لا؛ يعني إذا جاز له الانصراف, من أجل أن يأتي بأعمال التحلل التي منها الطواف والرمي والحلق, "وما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك الأمر, إلا قال: ((افعل ولا حرج)) , ومنهم من وقف عند ذلك اليوم فجعله من طلوع الفجر؛ يبدأ من طلوع الفجر.
"حدثني عن مالك" .. نعم.
الطالب:. . . . . . . . .
لا, لا، الله يهديك, النحر قبل وقت النحر.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أخبرته: أنها كانت ترى أسماء بنت أبي بكر بالمزدلفة تأمر الذي يصلي لها" يعني الإمام الذي يصلي بهم "لها ولأصحابها الصبح, يصلي لهم الصبح حين يطلع الفجر" هذه هي السنة؛ أن يبادر بهذه الصلاة, وجاء في الحديث الصحيح: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما صلى صلاةً قبل وقتها إلا صلاة الصبح في مزدلفة,", وليس معنى قبل وقتها, قبل طلوع الصبح؛ لا, قبل وقتها المعتاد الذي كان يعتاده -عليه الصلاة والسلام- بعد التأكد من طلوع الصبح "يصلي لهم الصبح حين يطلع الفجر, ثم تركب فتسير إلى منىً ولا تقف" تصلي وتمشي؛ مع أن السنة المكث حتى تسفر وتدعو وتذكر الله, فإذا أسفر أدفعت, نعم.
أحسن الله إليك.

باب: السير في الدفعة:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: سئل أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- وأنا جالس معه؛ كيف كان يسير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع حين دفع؟ قال: يسير العنق فإذا وجد فجوة نص.
قال مالك: قال هشام بن عروة: والنص فوق العنق.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يحرك راحلته في بطن محسِّر قدر رمية بحجر.

(87/9)


يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب السير في الدفْعَة" يعني كيفية السير إذا دفع من عرفة إلى المزدلفة, ومن المزدلفة إلى منى, يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: سئل أسامة بن زيد, وأنا جالس معه" وكون أسامة يقصد بالسؤال؛ لأنه كان رديف النبي -عليه الصلاة والسلام- من عرفة إلى المزدلفة "كيف كان يسير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع حينما دفع" حينما دفع من عرفة إلى المزدلفة؟ "قال: كان يسير العنق" والعنق: سير؛ ضرب من أضرب السير؛ بين الإبطاء والإسراع, سير متوسط؛ لأن الإبطاء الشديد يضيع الوقت ويهدره، ويتسبب في تعب المسافر والمتنقل من مكان إلى مكان, والإسراع الشديد –أيضاً- يعرضه للتعب والكلّفة, المقصود أن مثل هذا ينبغي أن يكون بين بين, والإسراع على كل حال مذموم؛ لأنه ضرب من العجلة, والعجلة من الشيطان, جاء في الخبر: ((سرعة المشي تذهب بهاء الوجه)) , النبي -عليه الصلاة والسلام- في الظروف التي يظن أنها تحتاج إلى شيء من العجلة؛ يقول لعلي -رضي الله تعالى عنه-: ((انفذ على رسلك))؛ يعني تأن لا تعجل, في غزوة انفذ على رسلك؛ فكيف بك حال الأمن الذي ينبغي أن يكون الإنسان متأنياً مطمئناً في جميع تصرفاته رفيقاً, فلا شك أن العجلة -لا سيما في هذه الآلات التي يستخدمها الناس وسائل للانتقال- فيها خطر على الراكب وعلى غيره, وكم من حادث يحصل في النفرة من عرفة إلى مزدلفة, سببه السرعة، وسببه شؤم مخالفة السنة, فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يسير العنق, في السير المتوسط "فإذا وجد فجوةً" فرصة "نص" أسرع قليلاً, وهذا يستدل به بعض الناس الذين يسرعون في سياراتهم؛ يقولون: الآن في فجوة, والسنة أنه إذا وجد فجوة نص، ويسبب في الأضرار له ولدابته وللناس, فمثل هذا لا شك أنه مخالف للسنة.
"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر كان يحرك راحلته في بطن محسِّر" الوادي "قدر رمية بحجر" قالوا: إنه سمي محسِّراً؛ لأن الفيل حسر فيه, ومنهم من يقول: أن هذا الوادي هو الذي نزل فيه العذاب عليهم, فمواطن العذاب لا يستقر فيها, بل يسرع بالخروج منها، نعم. ...
أحسن الله إليك.

(87/10)


باب: ما جاء في النحر في الحج:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال بمنى: ((هذا المنحر وكل منى منحر)) , وقال في العمرة: ((هذا المنحر ... )) يعني المروة (( ... وكل فجاج مكة وطرقها منحر)).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن: أنها سمعت عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- تقول: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لخمس ليالٍ بقين من ذي القَعْدة، ولا نرى إلا أنه الحج, فلما دنونا من مكة أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن معه هدي إذا طاف بين السعي والمروة أن يحل, قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر, فقلت: ما هذا؟ فقالوا: نحر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه, قال يحيى ابن سعيد: ذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد, فقال: أتتك –والله- بالحديث على وجهه.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن حفصة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أنه قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما شأن الناس حلوا, ولم تحلل أنت من عمرتك؟! فقال: ((إني لبَّدت رأسي, وقلَّدت هديي, فلا أحل حتى أنحر)).
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في النحر في الحج" النحر: يعني في بيان ما ينحر, وفي بيان مكان النحر, والنحر: الأصل فيه أنه يكون للإبل, فتنحر قائمة بالحربة في الوهدة, ويذبح ما عداها؛ تذبح البقر, وتذبح الغنم, وهنا قال: نحر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه, يجوز إطلاق اللفظ؛ يجوز إطلاق لفظ النحر على ما يذبح, وإطلاق الذبح على ما ينحر, هذا من حيث الإطلاق اللفظي جائز, وهنا فيه ما يدل عليه؛ لكن لو فعل, لو نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر, أهل العلم يقولون: يجوز ذلك, ويجزئ, ويحل به المذبوح والمنحور, لكن خالف السنة.

(87/11)


"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال بمنىً: ((هذا المنحر .. )) " , يعني الذي نحر فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- أشار إليه: " (( ... وكل منىً منحر)) " يعني تصور لو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قال مثل هذا؛ لا شك أن الناس سيتزاحمون على هذا المكان الذي نحر فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم في الموقف: ((وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف))، و ((وقفت هاهنا وجمع كلها موقف)) لو لم يقل مثل هذا الكلام, والباعث عليه رأفة النبي -عليه الصلاة والسلام- ورحمته بأمته؛ لئلا يزدحمون على مكان ضيق، فيقتتلون فيه؛ لأنه من الناس أهل تحري؛ يتحرون الأماكن التي باشر النبي -عليه الصلاة والسلام- العبادات بها, فكونه يقول: ((هذا المنحر وكل منى منحر)) , هذا من التوسعة على الناس "وقال في العمرة: ((هذا المنحر .. )) يعني المروة" التي ينتهي بها السعي, " ((هذا المنحر .. )) يعني المروة (( .. وكل فجاج مكة وطرقها منحر)) " يعني الطرق الواسعة التي هي الفجاج, وأيضاً الطرق الضيقة كلها محل للنحر, فالفجاج: جمع فج, وهو الطريق والواسع, والطريق المعطوف عليه يشمل الواسع والضيق, وهو من باب عطف العام على الخاص؛ لكن مثل الظروف التي نعيشها مع منع الذبح في الطرقات؛ لا شك أن الدم المسفوح نجس, وقد جاء النهي عن البول في الطريق؛ في طريق الناس؛ فهل يلحق به النجس من الدم المسفوح؟ أو نقول النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((كل فجاج مكة وطرقها منحر))، فيجوز ذلك, فلا يقاس على البول؟ هل نقول أن مثل هذا الدم النجس ينبغي أن يكون سبيله سبيل البول في محل قضاء الحاجة؟ أو نقول: أنه الأمر فيه أوسع, والنبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كل فجاج مكة وطرقها منحر)) , لا شك أنما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- الاحتكام إليه, ما دام قاله؛ فلا إشكال في جوازه؛ لكن لو منع من باب النظر في مصالح الناس لكثرتهم, واحتياجهم إلى هذه الطرقات، وتلويث الجو-على ما يقولون- نظراً للمصلحة, مع اعتقاد أن مثل هذا فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأنه قال به, من غير معاندة، ولا معارضة, لكن رؤية أن المصلحة بخلافة؛ المسألة مسألة مصالح

(87/12)


ومفاسد, فإذا كانوا لا يتضررون والطرق واسعة وأيضاً هي من التراب أو الرمل الذي يشرب ما يراق عليه؛ يختلف الوضع عما نحن عليه الآن من التبليط والسفلتة وغيره, بحيث يسيل ويصل إلى أماكن بعيدة, بحيث لا تشربه الأرض فمثل هذا ضرره واضح, لكن لو نحر أي إنسان في أي فج من فجوجها أو من طرقها, من طرق مكة صحَّ ذلك, هو مفهومه أنه لا يُنحر خارج مكة؛ يعني خارج الحرم؛ يجزئ النحر خارج الحرم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [(95) سورة المائدة]؛ لكن إذا كان جزاء صيد, وإلا صد؛ يعني: أين نحر الهدي في الحديبية لما صدوا عن البيت؟ في مكانه, في مكانه, فإذا لم يمكن أن ينحر في مكة، ويوزع على مساكين الحرم نُحر في مكانه.

(87/13)


"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن: أنها سمعت عائشة أم المؤمنين تقول: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لخمس ليال بقين من ذي القعدة, ولا نرى إلا أنه الحج" لما خرجوا لم يروا إلا أنه الحج فقط؛ يعني هم في المدينة لا يرون إلا أنه الحج, كانوا يرون تبعاً لاعتقاد العرب أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور, وما كان في ذهنهم إلا الحج " فلما دنونا من مكة أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة أن يحل" فيجعلها عمرة "قالت عائشة: فدُخل علينا يوم النحر بلحم بقر, فقلت: ما هذا؟ " دُخل عليهم يوم النحر بلحم بقر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهدى عن نسائه البقر، قولها: "فقلت: ما هذا؟ " يدل على أن عندها علم بما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأنها وكلته أن ينحر عنها البقر؟ لا؛ ولهذا يجوز أن ينوب ولي الأمر عمن تحت يده من نساء، وذراري في إخراج ما يجب عليهم, فإذا وجبت الزكاة على شخص, وقال ولده: الزكاة عليَّ؛ أتحملها عنك, وأخرجها بالفعل, أو وجبت عليه كفارة ثم كفر عنه, أو العكس قال الأب لابنه: إن وجب عليك شيء فهو عليَّ, بس لا بد أن يتأكد من أن النائب أدى؛ لأنه لو لم يؤدِّ يلزم من؟ يلزم الأصلي, يلزم الأصلي, فلا بد من التأكد أنه أدى, ولا يلزم بذلك علمه, لكن لو قال له: أنا أخرجت –والله- عنك كفارة, أما قضاء الديون فمثل هذا لا يحتاج إلى نية, قضاء الديون باعتباره من باب التخلي؛ لا يحتاج إلى نية, يعني شخص مدين بألف ريال لزيد, جاء عمرو فقال لزيد: هذا ألف ريال دينك على فلان؛ تبرأ ذمته, ولا يلزمه العلم بذلك, لو نيته؛ لأن هذا لا يحتاج إلى نية, لكن إذا رد ذلك رداً للمنة المترتبة على هذا؛ له ذلك, الأمر لا يعدوه, الأمر لا يعدوه.
"قال يحيى بن سعيد: فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد" ابن أبي بكر –أحد الفقهاء- "فقال: أتتك –والله- بالحديث على وجهه" أتتك –والله- بالحديث على وجهه؛ يعني أنها حفظته، ووعته؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(87/14)


إلا, الحديث في الصحيح: "ضحى عن نسائه البقر" وهو محمول على الهدي؛ لأنه في وقت الأضحية, في وقت الأضحية, ومنهم من يقول: إن هذه قصة أخرى, وأن الأضحية للحاج, ما فيها إشكال, له أن يجمع بين الأضحية والهدي.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة أم المؤمنين أنها قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما شأن الناس حلوا، ولم تحلل أنت من عمرتك؟! " أمر الناس أن يحلوا، وأن يجعلوها عمرة, من لم يسق الهدي أمر بأن يجعلها عمرة, فقالت له حفصة أم المؤمنين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما شأن الناس حلوا, ولم تحلل أنت من عمرتك؟! فقال: ((إني لبَّدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر)) " , ((فلا أحل حتى أنحر)): {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] حتى ينحر. نعم.
أحسن الله إليك.

باب: العمل في النحر:
حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحر بعض هديه، ونحر غيره بعضه.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: من نذر بدنة، فإنه يقلدها نعلين, ويشعرها, ثم ينحرها عند البيت أو بمنى يوم النحر؛ ليس لها محل دون ذلك, ومن نذر جزوراً من الإبل أو البقر؛ فلينحرها حيث شاء.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن أباه كان ينحر بدنه قياماً.
قال مالك -رحمه الله-: لا يجوز لأحد أن يحلق رأسه حتى ينحر هديه, ولا ينبغي لأحد أن ينحر قبل الفجر يوم النحر, وإنما العمل كله يوم النحر؛ الذبح، ولبس الثياب، وإلقاء التفث والحلاق, لا يكون شيء من ذلك يفعل قبل يوم النحر.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب العمل في النحر".
"حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه" جعفر بن محمد الصادق "عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين الباقر "عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحر بعض هديه، ونحر غيره بعضه" رواية الباقر عن جده علي بن أبي طالب منقطعة؟
طالب:. . . . . . . . .
أيه؟ جعفر بن محمد عن أبيه الباقر: محمد بن علي بن الحسين بن علي.

(87/15)


طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ جد أبيه, كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الرواية منقطعة؛ لكنه ثابت من حديث جابر في صحيح مسلم: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر بعض هديه, نحر ثلاث وستين بيده الشريفة الكريمة, ووكل الباقي إلى علي, ونحر غيره بعضه" ما قال: ونحرت بعضه, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا مانع أن يكني عن نفسه, ويتحدث عن غيره عنه؛ على اعتبار أنه غيره, المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر ثلاث وستين عدد سني عمرة, ونحر غيره الباقي سبع وثلاثين.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: من نذر بدنة؛ فإنه يقلدها نعلين, ويشعرها, ثم ينحرها عن البيت، أو بمنى يوم النحر, ليس لها محل دون ذلك, ومن نذر جزوراً من الإبل أو البقر؛ فلينحرها حيث شاء". ويش الفرق بين أن ينذر بدنة، وبين أن ينذر جزوراً؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(87/16)


"أنه يقول: من نذر بدنة فإنه يقلدها نعلين, ويشعرها, ثم ينحرها عند البيت، أو بمنىً يوم النحر, ليس لها محل دون ذلك, ومن نذر جزوراً من الإبل أو البقر؛ فلينحرها حيث شاء" يعني كأن البدنة لفظ "البدنة" إنما تستعمل فيما يهدى للبيت, وسكان البيت, والنذر والجزور أعم من ذلك, إذا نذر أن يذبح جزوراً، ويفرقه على الفقراء فعله حيث شاء؛ ما يلزم أن ينذر في الرياض، أو في الشمال، أو في الجنوب, أن يذبح جزوراً يفرقها على الفقراء, في أي مكان تبرأ ذمته, لكن إذا نذر بدنة، وارتباط البدنة بالبيت، وما يتعلق به, فإنه كما جاء هنا: "من نذر بدنة فإنه يقلدها نعلين ويشعرها, ثم ينحرها عند البيت" لكي تعرف, إذا عيّن المكان ينظر في المكان؛ ويش السبب الباعث على ذلك؟ " نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة, فسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- هل فيه شيء يمكن أن ينذر من أجله؛ هل فيها عيد من أعيادهم؟ هل ... ؟ فأمره أن يوفي بنذره, فإذا سلم المكان من محظور لا مانع من وفاء النذر فيه, يقول: "من نذر بدنة فإنه يقلدها نعلين، ويشعرها" من أجل أن تعرف, فلا يتعرض لها أحد بأذى "ويشعرها، ثم ينحرها عند البيت" لأن هذا مكان نحر البدن, "أو بمنىً يوم النحر, ليس لها محل دون ذلك" لأنها الأصل فيها أنها لمساكين الحرم "ومن نذر جزوراًَ من الإبل أو البقر؛ فلينحرها حيث شاء" لأن مثل هذا النذر لا ارتباط له بالحرم, فيفعله حيث ما شاء.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن أباه كان ينحر بدنه قياماً" وهذه هي السنة؛ أن تنحر الإبل قائمة.
"قال مالك: لا يجوز لأحد أن يحلق رأسه حتى ينحر هديه" في الحديث: "حلقت قبل أن أنحر؟ الجواب: ((افعل ولا حرج))، وهنا يقول: "لا يجوز لأحد أن يحلق رأسه قبل أن ينحر هديه" النهي صريح في الآية: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] , فإذا قلنا: المسألة مسألة وقت حلول, فبمجرد وقت الحلول يحل له أن يحلق رأسه؛ ولو لم ينحر, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(87/17)


المقصود أنه إذا جاء وقت الحلول؛ فالأمر فيه سعة "حتى ينحر هديه" للأمر بذلك في الآية "ولا ينبغي لأحد أن ينحر قبل الفجر يوم النحر" ولا ينبغي لأحد أن ينحر قبل الفجر؛ لأن النحر من أعمال ذلك اليوم، وذلك اليوم لم يدخل بعد, فلا يصح قبل الفجر -على كلامه- قبل الفجر يوم النحر "وإنما العمل كله يوم النحر" لأن هذه الأعمال هي أعمال يوم النحر "الذبح، ولبس الثياب" إذا تحلل "وإلقاء التفث والحلاق, لا يكون شيء من ذلك يفعل قبل يوم النحر" ويوم النحر متى يبدأ؟
طالب:. . . . . . . . .
عندنا يوم، وعندنا ليل، وعندنا نهار, النهار يقابل الليل بلا شك, لكن اليوم يقابل الليل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يسن التكميل في يوم العيد وليلته, فيطلق ويراد به النهار, قد يطلق ويراد به النهار.
يقول: "لا يكون شيء من ذلك يفعل قبل يوم النحر" وهنا علق الحلق بالنحر امتثالاً للآية, وهذا هو الأصل, لكن الترتيب النبوي نحر قبل أن يحلق, وإلا عكس؟ نعم، نحر قبل أن يحلق, وأيضاً ما سئل عن شيء قدم ولا أُخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) , فلا مانع من النحر قبل الحلق، والعكس. نعم.
أحسن الله إليك.
باب: الحلاق:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله, قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله, قال: ((والمقصرين)).
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أنه كان يدخل مكة ليلاً وهو معتمر فيطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة, ويؤخر الحلاق حتى يصبح, قال: ولكنه لا يعود إلى البيت فيطوف به حتى يحلق رأسه, قال: وربما دخل المسجد فأوتر فيه، ولا يقرب البيت.
قال مالك: التفث: حلاق الشعر, ولبس الثياب وما يتبع ذلك.
قال يحيى: سئل مالك عن رجل نسي الحلاق بمنى في الحج؛ هل له رخصة في أن يحلق بمكة؟ قال: ذلك واسع, والحلاق بمنى أحب إلي.

(87/18)


قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا: أن أحداً لا يحلق رأسه، ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هدياً إن كان معه, ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنى يوم النحر, وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة].
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الحلاق".
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) " , دعا للمحلقين الذين يحلقون رؤوسهم بعد أو في نسكهم؛ يحلقون رؤوسهم في نسكهم, والحلق في العمرة إنما يقع بعد الإحرام والطواف والسعي, وفي الحج هو من أعمال يوم النحر, الأصل أن يقع بعد الرمي والنحر؛ لكن إن قدم أو أخر فلا بأس " ((اللهم ارحم المحلقين)) " هذه دعوة صالحة لهم، فأرادوا أن يدعو للمقصرين؛ لأن بعض الناس يفضل التقصير؛ يأنف أن يكون رأسه بدون شعر ألبته, فيود أن يقصر, والتقصير إذا أبقى .. , إذا أبقت الآلة للموسى شيئاً يأخذه فهو تقصير، ولو كان يسيراً, وعلى هذا المكاين "مكاين الحلاقة" هذه التي رقم واحد واثنين وثلاثة, كلها تقصير إذا بقيت أصول الشعر, والأصل أن الحلق لا يكون إلا بالموسى بحيث لا يبقى للشعر أصول " ((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله, قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله, قال: ((والمقصرين)) " الذين يقصرون من رؤوسهم بحيث يبقى من الشعر شيء على الرأس, والدعوة للمقصرين في الثالثة؛ يعني بعد أن امتنع مرتين، أو ثلاثاً قال ذلك؛ فدل أن الحلاق أفضل من التقصير, أفضل من التقصير, أيش؟
طالب:. . . . . . . . .
أيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
من كان مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا, لا؛ عامة, عامة لمن كان معه ولمن جاء بعده, ولا شك أن الحلق أبلغ في الامتثال, أبلغ في الامتثال.

(87/19)


يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه" القاسم بن محمد, ": أنه كان يدخل مكة ليلاً وهو معتمر" يدخل مكة ليلاً وهو معتمر, وعرفنا من حديث ابن عمر –سابقاً-: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان، أنه هو نفسه يبيت بذي طوى, ثم يدخل الصبح, ويرفع ذلك إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- "يدخل مكة ليلاً وهو معتمر فيطوف بالبيت وبين الصفا والمروة, ويؤخر الحلاق حتى يصبح" يعني ما يشترط الترتيب بين السعي والحلاق؛ لو انتهى من سعيه وهو تعبان ثم نام, وأخر الحلق إلى الظهر؛ مثلاً أو إلى العصر, إلى أن يرتاح؛ لا بأس؛ لكنه يبقى محرم "قال: ولكنه لا يعود إلى البيت فيطوف به حتى يحلق رأسه" لا يتطوع بطواف وقد بقي عليه من واجبات الحج أو العمرة شيء, لا يتطوع وقد بقي عليه من الواجب شيء, "قال: وربما دخل المسجد فأوتر فيه، ولا يقرب البيت" لا مانع؛ يبقى عليه الحلاق ثم يوتر؛ لا بأس؛ لأن هذا الوتر ليس من أعمال النسك, أعمال النسك المستقلة قد بقي عليه من الأعمال الواجبة؛ مثل هذا لا ينبغي حتى يفرغ من نسكه.
"قال مالك: التفث: حلاق الشعر، ولبس الثياب، وما يتبع ذلك" يعني إلقاء التفث.
"قال يحيى: سئل مالك رجل نسيَ الحلاقة بمنى في الحج؛ هل له رخصة أن يحلق بمكة؟ قال: ذلك واسع" لأن منى من الحرم ومكة من الحرم "والحلاق بمنى أحب إلي" لأنه أسرع في الامتثال، والمبادرة إلى فعل الواجب.
"قال مالك: الأمر الذي لا اختلاق فيه عندنا: أن أحداً لا يحلق رأسه، ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هدياً إن كان معه" يعني من استدلاله بالآية ظاهر "ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنى يوم النحر" يعني بعدما ينهي الأعمال؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(87/20)


بأيش؟ الأصل أنه يحلق بالحرم؛ يقول: "الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا: أن أحداً لا يحلق رأسه، ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هدياً إن كان معه" وهنا يقول: هل له رخصة أن يحلق بمكة؟ قال: "ذلك واسع" لأنها كلها حرم "لكن الحلاق بمنى أحب إلي" لأنه أسرع في الامتثال, ثم قال: "قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا: أن أحداً لا يحلق رأسه، ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هدياً إن كان معه": {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] , وهذا ظاهر في الاستدلال "ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنىً يوم النحر" ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنى يوم النحر, وذلك يكون بالرمي والحلق عند الأكثر, ويكون بالرمي فقط عند بعضهم, وهذا هو التحلل الأول، وأما الثاني فلا يكون إلا بتمام الأركان "وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة]. التقصير.
باب: التقصير:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج, لم يأخذ من رأسه، ولا من لحيته شيئاً حتى يحج, قال مالك: ليس ذلك على الناس.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا حلق في حج، أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه.
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن رجلاً أتى القاسم بن محمد فقال: إني أفضت، وأفضت معيَ أهلي, ثم عدلت إلى شعب, فذهبت لأدنو من أهلي, وقالت: إني لم أقصر من شعري بعدُ؛ فأخذت من شعرها بأسناني, ثم وقعت بها؛ فضحك القاسم، وقال: مرها فلتأخذ من رأسها بالجلمين, قال مالك: أستحب في مثل هذا أن يهرق دماً, وذلك أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: من نسي من نسكه شيئاً فليهرق دماً.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أنه لقي رجلاً من أهله يقال له: المجبَّر, قد أفاض ولم يحلق ولم يقصر؛ جهل ذلك, فأمره عبد الله: أن يرجع فيحلق، أو يقصر, ثم يرجع إلى البيت فيفيض.

(87/21)


وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم دعا بالجلمين فقص شاربه, وأخذ من لحيته, قبل أن يركب، وقبل أن يهل محرماً.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- لما ذكر الحلاق أردفه بالتقصير, وكل منهما مجزئ مسقط للطلب, وإن كان الحلاق أفضل من التقصير, والتقصير المراد به: أخذ بعض الشعر وترك البعض من عموم الرأس, من مجموعه, لا من جميعه, ولا يجزئ الشيء اليسير؛ لأنه لا يسمى تقصير أو الربع على ما يذهب إليه بعض أهل العلم؛ بعضهم يقول: يكفي ثلاث شعرات, وبعضهم يقول: الربع, وبعضهم يقول: يكفي ما يمسح في الوضوء, والمعتمد أنه مجموع الرأس في التقصير وفي المسح في الوضوء, فرق بين جميع ومجموع, المجموع: التعميم؛ لكن لا يلزم أن تكون كل شعرة بعينها نجزم بأنه وصلها المسح أو التقصير.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه" لم يأخذ من رأسه؛ من شعر رأسه "ولا من لحيته شيئاً حتى يحج" يوفر ذلك للحج.
"قال مالك: ليس ذلك على الناس" يعني ليس مما يجب على الناس أن يتركوا هذا.
"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه" ابن عمر في النسك يأخذ ما زاد عن القبضة من لحيته, متأولاً قول الله -جل وعلا-: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] , فالواو هذه للجمع, فإذا حلق رأسه ماذا يبقى للتقصير؟ ما بقي إلا اللحية؛ ما يبقى إلا اللحية, فيقصر من لحيته متأولاً هذه الآية، وهذا اجتهاده ولم يوافق عليه -رضي الله عنه وأرضاه- وإنما: {وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] هذه بمعنى "أو" التي هي للتقسيم, التي هي للتقسيم والتنويع.
يقول: "وحدثني عن مالك ربيعة .... " وليس في هذا مستمسك للمن يأخذ من لحيته, معرضاً عما جاء من النبي -عليه الصلاة والسلام- من الأمر بإعفائها، وتوفيرها، وإكرامها. . . . . . . . .

(87/22)


يقول: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن رجلاً أتى القاسم بن محمد, فقال: إني أفضت وأفضت معي بأهلي, ثم عدلت إلى شعب, فذهبت لأدنو من أهلي, فقالت: إني لم أقصر من شعري بعد, فأخذت من شعرها بأسناني" ما عندهم مقص، هو يحتاج أن تحل من أجل أن تحل له "فأخذت من شعرها بأسناني, ثم وقعت بها, فضحك القاسم، وقال: مرها فلتأخذ من شعرها بالجلمين" يعني كأنه يرى أن هذا الشعر الذي أخذ بالأسنان لا يجزئ؛ لأنه ما يقال له: قص ولا تقصير "قال مالك: أستحب في مثل هذا أن يهرق دماً" أن يهرق دماً؛ لأن مثل هذا لا يجزئ "وذلك أن عبد الله بن عباس قال: من نسي من نسكه شيئاً فليهرق دماً" كلام ابن عباس معروف عنه: "من ترك نسكاً فليهرق دماً" واعتمده جمهور أهل العلم في إيجاب الدم على من ترك واجباً.
"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه لقي رجلاً من أهله يقال له: المجبَّر" يقال له المجبَّر؛ لأنه حصل له أن وقع وانكسر، وحصل فيه كسور، ثم جبر, فقيل له: المجبَّر "قد أفاض ولم يحلق ولم يقصر؛ جهل ذلك" جهل أن الحلاقة والتقصير واجب من واجبات النسك "فأمره عبد الله: أن يرجع" لأن هذا من أعمال النسك التي تفعل في الحرم في حدود الحرم "فأمره عبد الله: أن يرجع فيحلق، أو يقصر، ثم يرجع إلى البيت فيفيض" ثم يرجع إلى البيت فيفيض؛ كيف يرجع إلى البيت فيفيض؟ هو ما طاف طواف الإفاضة, إذا ما طاف طواف الإفاضة يتصور أنه رجع؟ خرج من الحرم؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
من أجل الترتيب؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ما في شك, أنه يحملهم على العزيمة, يحملهم على العزيمة, فما دام ترك الترتيب يأمره بالإعادة من أجل الترتيب, وإلا إذا كان أفاض قبل الحلق لا شك أنه يجزئه: ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)).
طالب:. . . . . . . . .
وينه؟
طالب:. . . . . . . . .
"فأمره عبد الله أن يرجع" من أين يرجع؟ يرجع فيحلق، أو يقصر، ثم يرجع إلى البيت فيفيض" يعني احتمال أنه خرج إلى الحل.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟

(87/23)


يعني أفاض ولم يحلق ولم يقصر, خرج من منى إلى البيت فأفاض فيه, فأمره عبد الله أن يرجع إلى منى فيحلق ثم أمره أن يرجع إلى البيت فيفيض؛ يعني كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- حلق بمنى .. ، هذا لما انتقل من منى إلى مكة إلى البيت, قال له: ارجع إلى منى، ثم احلق؛ فإذا حلقت ارجع إلى البيت فأفض, وهذا لا شك أن حمل على العزيمة, وهو لائق بابن عمر في مثل هذا المقام, وإن لم يكن واجباً.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم دعا بالجلمين فقص شاربه" لئلا يحتاج إليه بعد الإحرام فلا يتيسر له "وأخذ من لحيته" هذا سالم بن عبد الله اقتداءً بأبيه؛ لكن عرفنا ما في المسألة، وأن العبرة، والحكم، والمرد في مثل هذا إلى الله ورسوله "قبل أن يركب، وقبل أن يحل محرماً" لأنه إذا أهل محرماً؛ لا يجوز له أن يفعل شيئاً من ذلك.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

(87/24)


الموطأ – كتاب الحج (25)
(التلبيد - الصلاة في البيت، وقصر الصلاة، وتعجيل الخطبة بعرفة - الصلاة بمنى يوم التروية، والجمعة بمنى وعرفة - صلاة المزدلفة - صلاة منى - صلاة المقيم بمكة ومنى - تكبير أيام التشريق)

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله، وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: التلبيد:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: من ظفر رأسه فليحلق، ولا تشبهوا بالتلبيد.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: من عقص رأسه، أو ظفر، أو لبد فقد وجب عليه الحلاق.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

(88/1)


يقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "باب التلبيد" التلبيد: هو أن يجعل المحرم على رأسه شيئاً يمنع من تفرق الشعر, ودخول الغبار فيما بينه, ووجود القمل، وما أشبه ذلك, التلبيد: شيء يوضع على الشعر, على شعر الرأس؛ صمغ، أو عسل، أو ما أشبه ذلك, يمنع من انتشاره وتشعثه, ويجعل بعضه يلتصق ببعض, فلا يتخلله غبار، ولا يصيبه شعث، ولا قمل ولا غير ذلك, يصنعون هذا لطول المدة بين الإحرام وبين التحلل, أما الآن والمدة قصيرة والأمد يسير؛ لا يحتاج إلى مثل هذا؛ لأنه بين الإحرام والتحلل سويعات, وأحياناً يكون ساعة أو قريب منها, فمثل هذا لا يحتاج؛ لأنه في حياته العادية ما يحتاج إلى مثل هذا الأمر, فكذلك في الإحرام, على كل حال لو فعل؛ لو لبد رأسه بسمغ، أو شبهه؟ يقول الإمام -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب قال: من ظفر رأسه فليحلق" ظفر رأسه: يعني أدخل بعضه في بعض، وجعله ظفائر, نسجه وجدله، وجعله ظفائر, يقول: لا يكفي فيه التقصير؛ إنما لا بد من حلقه "فليحلق" وجوباً هذا رأي عمر -رضي الله عنه- قال: "ولا تشبهوا" تشبهوا الظفر هذا "بالتلبيد" ولا تشبهوا الظفر الذي تصنعونه من جدل الشعر ونسجه بالتلبيد؛ لأنه أشد منه, فيجوز التقصير في التلبيد, ولا يجوز عند عمر -رضي الله تعالى- عنه التقصير لمن ظفر شعره؛ شو الفرق بينهما؟ أن الظفر .. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
افترض أنه جعله ثلاث ظفائر, أطراف هذه الظفائر لا تستوعب جميع الشعر؛ لأن الشعر منه الطويل ومنه القصير, فأطراف هذه الظفائر لا تستوعب جميع الشعر؛ فلا بد من نقضه واستيعاب جميع الشعر بالتقصير, أو يحلق, وأما التلبيد فالشعر باق كما هو يمكن استيعابه بالتقصير.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: من عقص رأسه، أو ظفر، أو لبد فقد وجب عليه الحلاق.

(88/2)


يقول: "وحدثي عن مالك عن يحيى بن سعيد" الأنصاري "عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قال: من عقص رأسه" يعني لواه، وأدخل أطرافه في أصوله "أو ظفر رأسه، أو لبد" رأسه "فقد وجب عليه الحلاق" جعل الحكم واحد؛ للعقص وهو لي الشعر، وإدخال بعضه في بعض, أو ظفر الشعر وجدله ونسجه, أو تلبيده بما تقدم كل هؤلاء وجب عليهم الحلاق؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, ما في قبل التحلل -الله يهديك- لا, لا؛ يعني عند التحلل، وفي وقت الحلق، أو التقصير عند التخيير هذا ما فيه خيار، يقول: ولا يجزئه التقصير؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لو قال: أوجب عليه, ووجب عليه؛ مثل: أبيح لنا، ورخص لنا, أو وجب علينا هذا له حكم الرفع, لكن وجب هذا حكم منه -رضي الله عنه- هذا حكم اجتهادي منه؛ ولذا يختلف أهل العلم فيمن جمع شعره بطريقة من هذه الطرق؛ هل يخير بين الحلق والتقصير أو يتعين في حقه الحلق؟
على كل حال يقول: فقد وجب عليه الحلاق, ولا يجزئه التقصير على هذا، وبهذا قال مالك، وأحمد في رواية والشافعي في القديم, وعند أبي حنيفة؛ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
تشبهوا بالتلبيد, الأثر الأول يدل على التفريق بين الظفر وبين التلبيد, الثاني جعل التلبيد -ولعله تغير اجتهاده- مثل الظفر؛ لأن الكل يجمع الشعر, بمقالة عمر -رضي الله تعالى- عنه، وبقوله قال الإمام مالك، وأحمد في رواية، والشافعي في القديم, وأما القول الجديد للإمام الشافعي هو قول أبي حنيفة: أنه يخيَّر كغيره, وهذا اجتهاد من عمر -رضي الله عنه وأرضاه-، والأصل أننا أمرنا بالعمل بسنته؛ لكن سنته إذا خالفت ظاهر المرفوع؛ فالعبرة بالمرفوع, والصواب أنه يخير, إذا تمكن من استيعاب الشعر كله بالتقصير, وحديث: ((رب مبلغ أوعى من سامع))؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(88/3)


إذا كان الاحتمال على حد سواء رُجِّح فهم الراوي؛ لكن إذا فهم الراوي ندَّ فهمه، وذهنه عن فهم الخبر على .. , وللمتأخر أن ينظر، للمتأخر أن ينظر؛ لكن شريطة أن يكون فهمه موافق لفهم السلف؛ يعني ينطلق من فهم السلف في الجملة, تكون له صلة قوية بفهم السلف, أما يأتي شخص كقدح الراكب؛ زنيم, لا دعي, لا صلة له بعلم, ولا بسلف ولا خلف, ثم بعد ذلك يقول: أنا أفهم, نقول: ما تفهم؛ كيف تفهم نصوص، وأنت بعيد كل البعد عنها؛ يعني لو إنسان تخصصه شرعي مثلاً، ودخل في أي علم من العلوم كيمياء، وإلا فيزياء وإلا أمور أخرى؛ يعني تدرك بالرأي؛ لكنه بعيد عنها, يقول: لا, أنا مثلهم مثلهم؛ ويش الفرق؟ هم رجال، وأنا رجل؛ أنا أفهم مثلهم؛ نقول: لا يا أخي؛ ولذا يقول أهل العلم: من تعاطي غير فنه أتى بالعجائب، ولذا نسمع بعض النصوص يحرفها بعض الكتبة، وبعض المتحدثين, وبعض من ينتسب إلى الثقافة, يحرفونها تحريفاً واضحاً, تحريفاً, والنوايا لا يعلمها إلى الله -جل وعلا-؛ لكن قصدهم -والله أعلم- فيما يظهر وتنضح به كلماتهم مع بعدهم كل البعد عن النصوص, ما عرفوا النصوص إلا لما احتاجوها؛ فالمسألة خطيرة يحذر مثل هذا؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
-والله- هم يقولون للحاجة؛ للحاجة يعني للعلاج ما في بأس؛ لكن لزيادة ترف, لزيادة ترف, إما تجعيد وإلا نعومة، وإلا .. ؛ هذا امتهان, هذا امتهان؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
أن عمر .. ؛ يدعمه الأثر الأول؛ يشهد له السند, هو مثل الشمس الأول؛ الأول مثل الشمس ما في إشكال, الثاني شاهد له؛ إلا أن فيه عدم التفريق, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مخالفة من وجه, وموافقة من أصل المسألة, وإلزامه بالحلق شاهد للأول؛ من هذه الحيثية شاهد, ومخالفته للجمع بين جميع هذه الأمور فيه مخالفة من وجه، وموافقة من وجه.
طالب:. . . . . . . . .
التلبيد بالحناء؛ لكنه يمنع من وصول الماء إلى الشعر فهذا يزال في وقت الصلاة عند الوضوء, نعم.
أحسن الله إليك.

باب: الصلاة في البيت، وقصر الصلاة، وتعجيل الخطبة بعرفة:

(88/4)


حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد، وبلال بن رباح، وعثمان بن طلحة الحجبي, فأغلقها عليه، ومكث فيها، قال عبد الله: فسألت بلالاً حين خرج, ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: جعل عموداً عن يمينه، وعمودين عن يساره, وثلاثة أعمدة وراءه, وكان البيت يومئذٍ على ستة أعمدة, ثم صلى.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف, ألا تخالف عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في شيء من أمر الحج, قال: فلما كان يوم عرفة جاءه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما حين زالت الشمس, وأنا معه, فصاح به عند سرادقه: أين هذا؟ فخرج عليه الحجاج, وعليه ملحفة معصفرة, فقال: مالك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرواح, إن كنت تريد السنة, فقال: أهذه الساعة؟ قال: نعم, قال: فأنظرني حتى أفيض علي ماءً ثم أخرج, فنزل عبد الله حتى خرج الحجاج فسار بيني وبين أبي, فقلت له: إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم, فاقصر الخطبة، وعجل الصلاة, قال: فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر كي ما يسمع ذلك منه, فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق سالم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة في البيت، وقصر الصلاة، وتعجيل الخطبة بعرفة"
"الصلاة في البيت" يعني بداخل الكعبة "قصر الصلاة" في أيام الحج بمكة، وبمنى وبعرفة وبمزدلفة, والمناسك, "وتعجيل الخطبة بعرفة" تعجيلها باختصارها، وتقصيرها.
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد" أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة هو وأسامة, هو: ضمير فصل, يؤتى به للتمكن من العطف على ضمير الرفع المتصل, وهنا فيه فاصل وهو الكعبة المفعول, فيجوز حذف "هو" هنا:
وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل
أو فاصل ما وبلا فصل يرد ... في النظم فاشياً وضعفه واعتقد

(88/5)


"أو فاصل ما" هنا يوجد فاصل غيره "وبلا فصل يرد * * * في النظم فاشياً وضعفه واعتقد، يوجد فاصل وهو المفعول "هو وأسامة بن زيد" معطوف, "وبلال بن رباح، وعثمان بن طلحة الحجبي" , يعني من الذي دخل مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ يعني ما في أحد يريد الدخول مع النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا هؤلاء؟ أو أنه لا فرق بين أسامة بن زيد، وبلال من الموالي وبين أبي بكر وعمر إلا بالتقوى؛ لماذا اختير مثل هؤلاء في هذا الموضع؟ يعني في أشرف المواضع؛ دخول البيت؟ ليبين أن الناس سواسية, وأن التقديم والتأخير مرده إلى الدين "هو وأسامة بن زيد، وبلال بن رباح، وعثمان بن طلحة الحجبي" حاجب؛ من بني شيبة, وهم حجاب البيت وسدنته, والمفتاح معهم، ولا ينزعه منهم إلا ظالم, ولما خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- أعاد المفتاح إليهم, ونزل قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء]، ولا ينزعه منهم إلا ظالم "فأغلقها عليه" دخل وقفل الباب -عليه الصلاة والسلام- "ومكث فيها" من يبادر إلى للسؤال, من المتوقع أن يبادر؟ عبد الله بن عمر؛ لينظر هل صلى, أو لم يصل؟ أين صلى, وكيف صلى؟ لأنه كما تهمه الصلاة, يهمه –أيضاً- موضع الصلاة, وهو ممن يعنى بمثل هذا "قال عبد الله: فسألت بلالاً حين خرج, ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: جعل عموداً عن يمينه, وعمودين عن يساره، وثلاثة أعمده وراءه" يعني في الخلف "وكان البيت يومئذ عليه ستة أعمدة, ثم صلى" صلى ركعتين في جوف الكعبة, في جوف الكعبة, الصلاة في الكعبة -لا سيما النافلة- صحيح؛ أخذاً من بفعله -عليه الصلاة والسلام-، ولو لم يستقبل جميع البيت, أما بالنسبة للفريضة فأهل العلم عندهم أنه لابد من استقبال جميع البيت, ولو جاز ذلك؛ لفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو مرة, وهذا الحديث في الصحيحين, متفق عليه.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبد الملك بن مروان, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يستقيم هذا؛ هذا جدار قائم, كيف؟ لو أراد ألا يستتر كيف يصنع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(88/6)


استتر بالجدار, هذا لا يدل على الوجوب؛ بدليل أنه -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار, ثبت أنه صلى إلى غير جدار, نعم؟
طالب: يضعف؟
لا, لا، ما يمكن يضعف هذا؛ يعني إلا غير سترة, لا, غاية من يقول بوجوب السترة, قالوا: أنه صلى إلى غير جدار؛ يعني صلى إلى سهم مثلاً أو إلى عنزة, وابن عباس يقول: يعني إلى غير سترة, صلى إلى غير جدار؛ يعني إلى غير سترة, وهذا لبيان إلى الجواز, والأدلة الدالة على الأمر بالسترة مصروفة إلى الاستحباب.
قال: "وحدثني عن مالك .. " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟ لو أن إنساناً دخل غرفة، وقفل عليه الباب, ولا يتوقع أن يمر بين يديه أحد؟ لا مانع أن يصلي إلى غير سترة؛ لكن إن استتر، ودنى منها فهي السنة.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبد الملك بن مروان" الخليفة "إلى الحجاج بن يوسف" وهو أمير الحاج في تلك السنة "ألا تخالف عبد الله بن عمر في شيء من أمر الحج" العبرة بأهل العلم, في العبادات العبرة بأهل العلم, والعلماء يقولون: أن العلماء هم الرؤساء في الحقيقية، وغيرهم تبعهم لهم, ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال؛ بل يقبض العلم بقبض العلماء, فإذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً))، وفي رواية: ((رؤساء جهالاً)) , فدل على أن أهل العلم هم أهل الرئاسة, فلما فقدوا بحثوا عن من يفتيهم؛ ولو كان جاهلاً, وسموهم رؤساء, فالرئاسة الحقيقية لأهل العلم, وهكذا كانت على مر التاريخ.
طالب: تعلموا قبل أن تسودوا.

(88/7)


أيه؛ لابد أن يتعلم الإنسان قبل أن يرأس؛ لأنه إذا رأس قبل يسود أُحرج, ووقع في أخطاء, ولا بد أن يجعل له من ينير له الطريق "أن لا تخالف عبد الله بن عمر في شيء من أمر الحج, قال: فلما كان يوم عرفة" كان هذه تامة, ويوم فاعلها "يوم عرفة جاءه عبد الله بن عمر حين زالت الشمس" يعني مباشرة "وأنا معه" هذا سالم بن عبد الله بن عمر "فصاح به عند سرادقه" ناداه بأعلى صوته "أين هذا؟ " أين هذا؟ يعني أين الحجاج؛ أين الأمير؛ أمير الحاج؟ فناداه بأعلى صوته "أين هذا؟ فخرج عليه الحجاج، وعليه ملحفة معصفرة" يعني ملاءة يجل بها ثيابه "معصفرة" وقد جاء النهي عن لبس المعصفر، والمزعفر بالنسبة للرجال, لكن هذه قد تكون معصفرة مصبوغة بالكامل, أو يكون فيها شيء من العصفر, المقصود أنه جاء النهي عن ذلك, "فقال: مالك يا أبا عبد الرحمن؟ " ما الذي عندك؛ ما الخبر؟ بأعلى صوته, صاح به, ظن أن هناك حدث أو أمر وقع, فقال: مالك يا أبا عبد الرحمن "فقال: الرواحَ" الرواح, إغراء منصوب على الإغراء؛ يغريه بالرواح, بالمبادرة في هذا الوقت "فقال: الرواح إن كنت تريد السنة" والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما بات بمنى, صلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر, وجلس حتى طلعت الشمس, دفع إلى عرفة، ونزل دونها حتى إذا زالت الشمس, بمجرد زوالها خروج وقت النهي, صلى الظهر والعصر ودخل في أول الوقت "إن كنت تريد السنة, فقال: أهذه الساعة؟ قال: نعم, قال: فأنظرني" يعني أجلني؛ انتظر قليلاً "حتى أفيض علي الماء" يعني أغتسل للوقوف, من أجل أن يغتسل للوقوف "ثم أخرج, فنزل عبد الله" لعله نزل من دابته ليريحها انتظارا للحجاج "حتى خرج الحجاج, فسار بيني وبين أبي" سار الحجاج بين عبد الله بن عمر وبين سالم "فقلت له" سالم, يقول: فقلت له يعني الحجاج ": إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم, فاقصر الخطبة"، وفي رواية: "فعجل في الرواح" هجَّر "إن كنت تريد السنة اليوم، فاقصر الخطبة، وعجل الصلاة, قال: فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر" يعني يوافق على هذا الكلام أو لا يوافق، فيه أن الطالب له أن يتكلم بحضرة شيخه؛ لكن الشيخ يسدده إذا أخطأ "فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر كي ما يسمع ذلك

(88/8)


منه" من أجل إقراره أو الإنكار عليه "فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق سالم" وافقه على هذا, نعم.
أحسن الله إليك.

باب: الصلاة بمنى يوم التروية، والجمعة بمنى وعرفة:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى, ثم يغدو إذا طلعت الشمس إلى عرفة.
قال مالك: والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الإمام لا يجهر بالقرآن في الظهر يوم عرفة, وأنه يخطب الناس يوم عرفة, وأن الصلاة يوم عرفة إنما هي ظهر وأن وافقت الجمعة فإنما هي ظهر, ولكنها قصرت من أجل السفر.
قال مالك في إمام الحاج: إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم النحر, أو بعض أيام التشريق؛ إنه لا يجمع في شيء من تلك الأيام.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة بمنى يوم التروية" الثامن من ذي الحجة يصلي فيها الظهر والعصر، ثم بعد ذلك يصلي المغرب ليلة التاسع والفجر "والجمعة" وهل تصلى "بمنى" أو لا تصلى؟ كذلك "عرفة".
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والصبح بمنى, ثم يغدوا إذا طلعت الشمس إلى عرفة" وهكذا فعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
"قال مالك: والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا" يعني ببلدهم "أن الإمام لا يجهر بالقرآن في الظهر يوم عرفة" لأنها صلاة نهارية؛ لا يجهر بالقراءة فيها, كحال الإقامة "وأنه يخطب الناس يوم عرفة, وأن الصلاة يوم عرفة إنما هي ظهر وإن وافقت الجمعة" وفي حجته -عليه الصلاة والسلام- يوم عرفة يوم جمعة, ومع ذلكم ما جمَّع بهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإنما صلاها ظهراً "وإن وافقت الجمعة فإنما هي ظهر، ولكنها قصرت من أجل السفر" لا يقول قائل: أنه خطب، وصلى ركعتين الجمعة، وجمع إليها العصر, نقول: لا, يا أخي, هذه ظهر, والخطبة ليوم عرفة لا للصلاة. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(88/9)


الخطبة لا ارتباط لها بالصلاة, ولذا لا يفعلها أحد غير الإمام, ولو كانت للجمعة، واحتيج لإقامة أكثر من جمعة, خطب الناس حتى من قبل غير الإمام؛ لكنها ظهر، ويجمع إليها العصر, ولا تجمع صلاة العصر مع الجمعة؛ لأن الجمعة أصل مستقل برأسه, لا تجمع ولا يجمع إليها كالصبح, والنبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
المسافر ليس عليه جمعة وهو في حال سفر, ولذا لم يصلِّ الجمعة.
"قال مالك في إمام الحاج: إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم النحر، أو بعض أيام التشريق؛ أنه لا يجمع في شيء من تلك الأيام" يعني في المشاعر ما في جمعة, في المشاعر ما في جمعة، لا لأهل مكة ولا للآفاقيين, إنما يصلون الصلوات باستثناء الظهر والعصر يوم عرفة, والمغرب والعشاء بمزدلفة, يصلون الصلوات قصراً مع صلاة كل صلاة في وقتها؛ كل صلاة في وقتها, أنه لا يجمع في تلك الأيام لا في يوم عرفة، ولا في يوم النحر، ولا في أيام التشريق؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يفعل ذلك؛ نعم؟
طالب: من فرَّق: أن من صلى الجمعة قبل الزوال, ليس له الجمع مع العصر, وإن صلاها بعد الزوال له أن يجمعها مع العصر؛ له وجه؟
ليس له وجه, ليس له وجه؛ الجمعة أصل برأسه كالصبح؛ لا تجمع، ولا يجمع إليها؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني الكلام سيأتي؛ أنهم جمعوا كلهم, وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- في المسجد: ((أتموا فإن قوم سفر)) , ولم يقل ذلك في المشاعر؛ تأتي الإشارة إليه؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه إلا الإمام فقط الذي يخطب؛ أما عداه ما يخطب؛ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يخطبون, لا, لا؛ ما يخطبون, ما يخطبون.
طالب:. . . . . . . . .
ما تصلي الجمعة إلا في المسجد, كانت في المسجد.
طالب:. . . . . . . . .

(88/10)


ما تقام, يا أخي في مشاعر؛ ما تقام, يقول: "قال مالك في إمام الحج: إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم النحر، أو بعض أيام التشريق؛ أنه لا يجمع بشيء من تلك الأيام" لكن لو الواحد مثلا في أيام التشريق جالساً بمنى أو مثلاً تارك منى في النهار, نازل للمسجد؛ يصلي جمعة مع الناس, في بجواره مسجد, وذهب يصلي إليه؛ ما يمنع, لكن ما يقام صلاة جمعة في المشاعر, نعم.
أحسن الله إليك.

باب: صلاة المزدلفة:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً.
وحدثني عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- عن أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما-: أنه سمعه يقول: دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عرفة, حتى إذا كان بالشعب نزل فبال, فتوضأ فلم يسبغ الوضوء, فقلت له: الصلاة يا رسول الله, فقال: ((الصلاة أمامك)) , وركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء, ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب, ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله, ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئاً.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عَدِيِّ بن ثابت الأنصاري: أن عبد الله بن يزيد الخطمي أخبره: أن أبا أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أخبره: أنه صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصلي المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة بمنى يوم التروية" اليوم الثامن والجمعة, باب أيش؟ انتهينا من هذا .. "باب صلاة المزدلفة" انتهينا من يوم التروية, ويوم عرفة؛ يوم التروية تُصلَّى الصلوات كل صلاة في وقتها, الظهر العصر والمغرب والعشاء والفجر كل صلاة في وقتها, وتقصر الصلاة في هذا مع التوقيت, وأما بالنسبة لعرفة فسمعنا أن السنة الجمع بين الصلاتين؛ جمع تقديم بعد الزوال, والسنة التهجير ليطول وقت الوقوف, ثم بعد هذا الصلاة بالمزدلفة.

(88/11)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً" يعني جمع بين المغرب والعشاء, وهذه هي السنة؛ يدفع بعد غروب الشمس من عرفة, ثم بعد ذلك إذا وصل المزدلفة بادر بالصلاة؛ صلاة المغرب والعشاء جمعاً بأذان واحد وإقامتين, وجاء في الصحيح أنها بأذانين وإقامتين, وجاء بإقامتين, وكلها روايات صحيحة, لكن المعول في هذا على حديث جابر؛ لأنه هو الذي ضبط الحجة وأتقنها, هو الذي ضبطها من خروجه -عليه الصلاة والسلام- من بيته إلى رجوعه, فالمعول في مثل هذا عليه, هو يقول: بأذان واحد وإقامتين.

(88/12)


"وحدثني عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول: دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عرفة" أردف النبي -عليه الصلاة والسلام- أسامة من عرفة إلى المزدلفة, وأردف الفضل بن العباس من مزدلفة إلى منىً، يقول: "دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عرفة, حتى إذا كان بالشعب" يعني لو اختلفت رواية ابن عمر مثلاً, فيما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- في الدفع من عرفة إلى مزدلفة مع رواية أسامة مثلاً, من الذي يقدم؟ أسامة؛ لقربه من النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه رديفه, كل مثل هذا في الفضل "حتى إذا كان بالشعب نزل فبال فتوضأ" -عليه الصلاة والسلام-؛ احتاج إلى نقض الوضوء, فبال -عليه الصلاة والسلام-، فتوضأ وضوءً لم يسبغه يعني أليس على عادته أنه يسبغ الوضوء؟ الرسول من عادته إسباغ الوضوء؛ لكن هذا الوضوء لا يريد به الصلاة, وإنما يريد به أن يبقى على طهارة, ولعله للذكر -أيضاً-؛ لئلا يذكر الله إلا على أكمل وجه, لكن لما أراد الصلاة أسبغ الوضوء "فلم يسبغ الوضوء" في الطريق "فقلت له: الصلاة يا رسول الله, فقال: ((الصلاة أمامك)) " أمامك يعني في المزدلفة ليس هنا, إنما هي بالمزدلفة, "وركب" -عليه الصلاة والسلام- "فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء" نعم, الآن يريد الصلاة, والإسباغ جاء الأمر به: ((أسبغوا الوضوء)) , أسبغوا الوضوء؛ جاء الأمر به, وجاء التثليث, وجاء إتمام الوضوء عنه -عليه الصلاة والسلام-، والترغيب في ذلك "ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب" الأذان لا ذكر له هنا, الأذان لا ذكر له هنا؛ لكنه محفوظ من رواية غيره من الصحابة "ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب, ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله, ثم أقيمت العشاء فصلاها, ولم يصل بينهما شيئاً" هنا فصل بين الصلاة الأولى والثانية، بين مجموعتين بإناخة الإبل, كل في منزله, فصار فيه فاصل بين المجموعتين, وهذا بالنسبة لجمع التأخير فيه سعة, بخلاف جمع التقديم "ثم أقيمت العشاء فصلاها, ولم يصل بينهما شيئاًً" لم يسبح بينهما, إنما صلى المغرب ثم العشاء, وأما السنن فلم يفعل شيئاً منها, حتى نازع بعضهم في الوتر, الذي ثبت عنه -عليه الصلاة

(88/13)


والسلام- أنه كان لا يدعه حضراً ولا سفراً, من قول جابر: "فنام حتى أصبح" بعضهم ينازع في هذا, وسيأتي -إن شاء الله تعالى-.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت الأنصاري: أن عبد الله بن يزيد الخطمي أخبره: أن أبا أيوب الأنصاري أخبره: أنه صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً" , وهذا ثابت عن جمع من الصحابة, ممن حضر صلاته -عليه الصلاة والسلام- هناك.
"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً" يعني لا يفرق بينهما؛ لا يصلي المغرب في وقت, والعشاء في وقت, وعلى هذا يكون أول ما يبادر إذا وصل المزدلفة يصلي المغرب ثم العشاء.
هذا يقول: "بعضهم يقول: لو جاء إلى المزدلفة مبكراً قبل دخول وقت العشاء؛ فلا يصلي العشاء حتى يدخل وقتها, وأجاب عن حديث جابر؛ وفيه: أن المسافة بين عرفة ومزدلفة يحتاج لوقت لو حسبناه لتبين لنا أن وقت المغرب قد خرج, لذا فهو قد جمع لذلك؟ " يعني جمع تأخير؛ نعم، الذي يغلب على الظن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع جمع تأخير, لكن الآن أحياناً تصل المزدلفة بعد ربع ساعة, أحياناً بعد ربع ساعة من بعد غروب الشمس.
طالب:. . . . . . . . .
مزدلفة؛ أيه, وأحيانا لا تصل إلا مع الصبح, هذا وهذا كله حاصل, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ايش هوه؟ أشو. معناته؟ خلاص ويش بيسوي؟
طالب:. . . . . . . . .
الكلام في الصلاة ماذا يصنع؟ المقصود أن الصلاة لا يجوز إخراجها عن وقتها, يصليها في أي مكان.
طالب:. . . . . . . . .
أيه؛ لأن هذا جمع تأخير.
طالب:. . . . . . . . .
لأن هذا جمع تأخير، ويتوسعون في جمع التأخير.
طالب: في فعل حصل بين المغرب والعشاء؟
أيه, لكن ما حصل من جنس الصلاة؛ نعم؟
طالب: يجوز الكلام ويجوز. . . . . . . . .؟
أيه؛ لا بأس, نعم.
طالب:. . . . . . . . .
يصلي؛ إذا خشي على وقته يصلي.
"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً", نعم؟ أيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .

(88/14)


إذا أمكن؛ .. لكن يمديه؛ ما دام المسألة خشي على فوات الوقت, فبالإمكان أن ينزل عن سيارته ويصلي ويعود إليها, وين؟
طالب:. . . . . . . . .
ولو صلاها في السيارة حفاظاً على الوقت, وأعادها احتياطاً, لا بأس -إنشاء الله-.
طالب: على غير القبلة؛ في السيارة؟
الأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي الفريضة على الدابة، فلا بد أن يقف، ويصلي الصلاة بشروطها وأركانها؛ لكن أحياناً لا يستطيع؛ السيارات من عن يمينه وشماله، وأمامه وخلفه لا يستطيع.
س/ في وقتنا الحاضر تعلمون اختلاف وصول الحملات إلى المزدلفة, فهل كل حملة تصل إلى المزدلفة يلزمها الأذان, أو يكفتى بأذان من وصل إلى المزدلفة؟
السنة أن يؤذنوا؛ كل يؤذن, نعم.
أحسن الله إليك.

باب: صلاة منى:
قال مالك في أهل مكة: إنهم يصلون بمنى إذا حجوا ركعتين، ركعتين حتى ينصرفوا إلى مكة.
وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى الصلاة الرباعية بمنى ركعتين, وأن أبا بكر -رضي الله عنه- صلاها بمنى ركعتين, وأن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- صلاها بمنى ركعتين, وأن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- صلاها بمنى ركعتين شطر إمارته, ثم أتمها بعد.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما قد مكة صلى بهم ركعتين, ثم انصرف, فقال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر, ثم صلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- ركعتين بمنى, ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئاً.
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صلى للناس بمكة ركعتين فلما انصرف، قال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر, ثم صلى عمر -رضي الله تعالى عنه- ركعتين بمنى, ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئاً.
سئل مالك -رحمه الله- عن أهل مكة كيف صلاتهم بعرفة؛ أركعتان أم أربع؟ وكيف بأمير الحاج إن كان من أهل مكة؛ أيصلي الظهر والعصر بعرفة أربع ركعات أو ركعتين؟ وكيف صلاة أهل مكة في إقامتهم؟

(88/15)


فقال مالك -رحمه الله-: يصلي أهل مكة بعرفة ومنى ما أقاموا بهما ركعتين، ركعتين؛ يقصرون الصلاة حتى يرجعوا إلى مكة, قال: وأمير الحاج -أيضاً- إذا كان من أهل مكة قصر الصلاة بعرفة، وأيام منى, وإن كان أحد ساكناً بمنى، مقيماً بها فإن ذلك يتم الصلاة بمنى, وإن كان أحد ساكناً بعرفة مقيماً بها, فإن ذلك يتم الصلاة بها –أيضاً-.
يقول المؤلف -رحمة الله عليه-: "باب صلاة منى"
"قال مالك في أهل مكة" يسأل عن الصلاة التي قبل الوقوف, والصلاة التي بعد الوقوف في يوم النحر، وأيام التشريق "قال مالك في أهل مكة: إنهم يصلون بمنى إذا حجوا ركعتين، ركعتين حتى ينصرفوا إلى مكة" وذلكم لارتباط الصلاة بالنسك, والعمدة في ذلك على كونهم صلوا خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- بما فيهم أهل مكة, ومن هو دون مسافة القصر, ولم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: أتموا, أتموا, بينما لما صلى بهم في المسجد, قال: ((أتموا فإنا قوم سفر)) , يدل على أن أهل مكة بمكة لا يقصرون الصلاة؛ لكن إذا خرجوا إلى المشاعر يقصرون الصلاة, وهذا قول أبي حنيفة ومالك, لارتباط هذه الصلاة بالنسك, والذين يقولون: لا يجوز القصر ولا الجمع والترخص, إلا بتحقق المسافة والمدة, يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لهم: ((أتموا)) , ولا يلزم أن تقال هذه الكلمة في كل موطن, إذا عرفت العلة: ((أتموا فإنا قوم سفر))، وأنتم حضر, لستم بمسافرين, فلا يحتاج إلى أن ينبه إلى الإتمام في كل مناسبة؛ يكفي التنبيه الأول, وهذا هو المعروف عند الحنابلة والشافعية؛ أن من دون مسافة القصر لا يجمع ولا يقصر "أنهم يصلون بمكة إذا حجوا ركعتين، ركعتين حتى ينصرفوا إلى مكة, وهذا رأيه وموافق رأي أبي حنيفة, وعرفنا رأي الشافعي وأحمد؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني فيه قوة, صلى معه بمنى أناس؛ ما شهدوا ولا سمعوا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أتموا)) , فله وجه, ومن عمل بالاحتياط وقال: إن السفر لا بد له من المسافة, وأن الصلاة هذه لا يمكن أن يستبرأ لها, وأن تعمل على يقين, إلا على القول الآخر -أيضاً- له وجه, وحجته أنه بُيِّن، ولا يلزم البيان في كل مناسبة, نعم, تفضل؟
طالب:. . . . . . . . .

(88/16)


هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
عند مالك، وأبي حنيفة نفس الكلام, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مسألة: حصول العيد في يوم الجمعة والاكتفاء بالعيد عن الجمعة, وصنيع ابن الزبير؛ ابن الزبير السياق يدل على أنه أخر صلاة العيد, واكتفى بها عن الجمعة؛ لأنها صارت في وقت صلاة الجمعة, على القول بأن صلاة الجمعة تصح قبل الزوال, وعلى هذا إذا صليت بنية الجمعة، وهي الآكد أغنت عن العيد, ولا يمنع أن يكون ابن الزبير صلاها عيد، ولم يخرج إليهم إلا إلى وقت العصر، أنه صلاها ظهراً، ولم يخرج إليهم, صلاها في حيه, ولم يأت إلى المسجد الذي يجتمع في الناس كلهم, وعلى كل حال القول بالاكتفاء بالعيد عن الجمعة والظهر قول شاذ, وعامة أهل العلم أن العيد تغني عن صلاة الجمعة لكنها لا تتغني عن الظهر, فلا بد من الإتيان بها.
هنا يقول: "وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى الصلاة الرباعية بمنى ركعتين, وأن أبا بكر صلاها بمنى ركعتين, وأن عمر بن الخطاب صلاها بمنى ركعتين, وأن عثمان صلاها بمنى ركعتين" وهذه هي السنة؛ اقتداء بفعله -عليه الصلاة والسلام- "شطر إمارته" يعني جزء, ويحتمل أن يكون النصف، أو أكثر أو أقل من إمارته، ثم بعد ذلك أتمها "ثم أتمها بعد" متأولاً؛ وهو أنه إمام المسلمين, والبلدان في حقه سواء, ولا فرق بين مكة والمدينة كلها بالنسبة له سواء, فهو أمير على الجميع، والبلدان كلها تابعة له, وحينئذ يتم الصلاة, هذا تأول -رضي الله عنه وأرضاه-، وعائشة –أيضاً- تأولت كما تأول عثمان, وأنها أم المؤمنين وفي كل مكان لها بيت ومسكن وأولاد, فهي تأولت مثل ما تأول عثمان, وخالفهم من خالفهم, ابن مسعود وغيره صرح بما صرح به.
"وحدثني عن مالك .. " والعبرة بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

(88/17)


يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب: "أن عمر بن الخطاب لما قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم انصرف، فقال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر" وهذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- عام الفتح أمرهم بالإتمام, معللاً بأنهم قوم سَفْر؛ سفر: جمع مسافر؛ أصل جمع سافر، كصحب جمع صاحب, وركب جمع راكب, فسفر جمع سافر, والسافر هو المسافر "ثم صلى عمر بن الخطاب ركعتين بمنى ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئاً" وهكذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ عنه أنه قال لهم: أتموا بمنى.
قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر بن الخطاب صلى للناس" يعني صلى بهم "بمكة ركعتين" لأنه مسافر "فلما انصرف، قال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر, ثم صلى عمر ركعتين بمنى ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئاً"، كسابقة.
"سئل مالك عن أهل مكة: كيف صلاتهم بعرفة؛ أركعتان أم أربع؟ وكيف بأمير الحاج إذا كان من أهل مكة؛ أيصلي الظهر والعصر بعرفة أربع ركعات أو ركعتين؟ وكيف صلاة أهل مكة في إقامتهم؟ "
فأجاب: "فقال مالك -رحمه الله تعالى-: يصلي أهل مكة بعرفة ومنى ما أقاموا بهما ركعتين، ركعتين, يقصرون الصلاة, حتى يرجعوا إلى مكة" والعمدة في ذلك كونه -عليه الصلاة والسلام- لم يأمر أحداً بالإتمام, "قال: وأمير الحاج –أيضاً- إذا كان من أهل مكة قصر الصلاة بعرفة" يعني ولو لم تتحقق مسافة القصر, "وأيام منى وإن كان أحد ساكنا بمنى مقيماً بها؛ فإن ذلك يتم الصلاة بمنى" إذ لا يتصور أن الشخص يجمع ويقصر في موطن إقامته, مسألة المسافة وقد اختلف فيها العلماء -كما هو معروف- قابلة للاجتهاد, لكن بدون مسافة؛ في بيته يجمع ويقصر, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ليس له ذلك, ولذا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل مكة بأن يتموا "وإن كان أحد ساكناً بمنى مقيماً بها, فإنه يتم الصلاة بمنى، وإن كان أحد ساكناً بعرفة مقيماً بها" فإنهم يتموا "فإن ذلك يتم الصلاة بها -أيضاً-" هو الذي يظهر أما السفر ما تحققت المسافة عندهم, هو الذي يظهر مثل رأي مالك.
طالب:. . . . . . . . .

(88/18)


نعم، تبي تقول لي: إنه ما في فرق بين المقيم، وغير المقيم؛ يعني الذي انتقل من مكان إلى مكان؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أنا أعرف, أنا أعرف؛ أنا أقول: من انتقل من بيته, من مكان إلى مكان, وترك بيته وموطن إقامته, ولو كان قريباً؛ يتضح مسألة: ترجيح النسك على المسافة, لكن من لم ينتقل, ممن يرجح بالنسك فقط؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال من أهل العلم من يقول بالقصر, حتى لأهل مكة بمكة, لكن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أتموا فإنا قوم سفر)) , نص في هذا, نص في هذا؛ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
قصروا بمنى, وبعرفة قصروا, وبمزدلفة قصروا, وبالمشاعر قصروا؛ لكن في بيوتهم لا، لو طردناه للنسك, قلنا: حتى أهل مكة يقصرون، حتى أهل مكة في بلدهم, والمقيمون بمنى يقصرون, لكنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أتموا)) , يدل على أن المقيم في محل إقامته ليس له ذلك, "سُئل مالك .. " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيه, لأنه لا يوجد سكان بالمشاعر في ذلك الوقت, لو وجد سكان يمكن يقول لهم: أتموا, وعلى كل حال عدم التنبيه على أمر مشترط لصحة للعبادة, لا يلزم أن يكون ... , أقول: التنبيه لا يلزم في كل مناسبة, مثل ما مضى الكلام في قطع الخفين, "ثم صلى عمر ركعتين بمنى ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئاً".
"سئل مالك عن أهل مكة" .. انتهينا؟
طالب: قال: وأمير الحاج. . . . . . . . .
نعم "قال: وأمير الحاج –أيضاً- إذا كان من أهل مكة قصر الصلاة بعرفة" يعني بغض النظر عن تحقق المسافة كأهل مكة "وأيام منى، وإن كان أحد ساكن بمنى مقيما بها, فإنه يتم الصلاة بها, وإن كان أحد ساكن بعرفة مقيما بها فإنه يتم الصلاة بها –أيضاً- لذلك, نعم.

باب: صلاة المقيم بمكة ومنى:
حدثني يحيى عن مالك أنه قال: من قدم مكة لهلال ذي الحجة، فأهل بالحج, فإنه يتم الصلاة حتى يخرج من مكة لمنى، فيقصر؛ وذلك أنه قد أجمع على مقام أكثر من أربع ليال.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب صلاة المقيم بمكة ومنى" المقيم؛ يعني الذي خرج من مكة إلى منى هذا ليس بمقيم, أما من كان له بيت يسكنه بمنى, أو بعرفة, أو بمزدلفة, أو من أهل مكة في مكة.

(88/19)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه قال: من قدم مكة لهلال ذي الحجة، فأهل بالحج, فإنه يتم الصلاة" يعني هو لو كان آفاقياً, ولو كان ضرب المسافات الطويلة, فإنه يتم الصلاة؛ لأنه يجلس أكثر من أربعة أيام، من قد مكة لهلال ذي الحجة بيقيم إلى اليوم الثامن؛ أكثر من المسافة المشترطة للترخص عند مالك، وغيره من أهل العلم؛ مالك والشافعي وأحمد؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المسافة عندهم أربعة أيام, وعند أبي حنيفة خمسة عشر يوماً, وكلهم يقولون بالتحديد "فأهل بالحج فإنه يتم الصلاة حتى يخرج من مكة لمنى، وذلك أنه قد أجمع على مقام أكثر من أربعة أيام" فإذا عزم المسافر للإقامة في مكان واحد أكثر من أربعة أيام, فإن حكمة حكم المقيم, وهذا معروف قول أكثر أهل العلم, نعم, وإن كانت الأدلة قد لا تنهض إلى الإلزام بمثل هذا؛ لكن الاحتياط للصلاة, والاهتمام بشأنها, وعدم تضييعها, وتذرع بعض الناس بالترخص من غير رخصة؛ يحتاط لمن هذا, وكان الشيخ ابن باز -رحمه الله- يفتي بالإطلاق, وأنه لا مسافة ولا مدة, إنما إذا وجد السبب الذي هو السفر حصل الترخص, ثم بعد ذلك رجع إلى قول الجمهور, فحدد بالمدة والمسافة, احتياطاً للدين، وإبراء للذمة، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: تكبير أيام التشريق:
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خرج الغد يوم النحر؛ حين ارتفع النهار شيئاً فكبر, فكبر الناس بتكبيره, ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار, فكبر, فكبر الناس بتكبيره, ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر, فكبر الناس بتكبيره, حتى يتصل التكبير ويبلغ البيت فيعلم أن عمر قد خرج يرمي.
قال مالك: الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات, وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر, وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق, ثم يقطع التكبير.

(88/20)


قال مالك: والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء, من كان في جماعة أو وحده بمنى، أو بالآفاق كلها واجب, وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج، وبالناس بمنى؛ لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل, فأما من لم يكن حاجاً, فإنه لا يأتم بهم إلا في تكبير أيام التشريق.
قال مالك -رحمه الله-: الأيام المعدودات أيام التشريق.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب تكبير أيام التشريق".
التكبير؛ جاء الأمر به "الذكر": {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [(27) سورة الحج]، وجاء –أيضاً- الأمر به في الأيام المعدودات, فالأيام المعلومات أيام العشر, والأيام المعدودات أيام التشريق, الأيام المعلومات العشر, والأيام المعدودات هي أيام التشريق, فيسن التكبير من دخول عشر ذي الحجة, وهذا يسميه أهل العلم: التكبير المطلق, وينتهي بغروب شمس آخر أيام التشريق, هذا المطلق الذي لم يطلق بأدبار الصلوات, ولذا كان عمر -رضي الله عنه- يخرج في اليوم ثلاث مرات، أو أكثر فيكبر في أيام التشريق, فيسمعه الناس، ويكبرون بتكبيره, فترتج منى بالتكبير, فدل على أن المطلق يستمر إلى آخر أيام التشريق, وأما المقيد بأدبار الصلوات, المقيد بأدبار الصلوات, هذا يبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق, هذا بالنسبة لغير الحاج, وأما الحاج المشتغل بالتلبية فإنه يبدأ من صلاة الظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق, ومنهم من يقول: إلى فجر آخر أيام التشريق, المقصود أن التكبير المطلق عرفنا وقته, ومشروعيته, بالنصوص، بالأدلة بالآيتين, وغيرهما, أما بالنسبة للتكبير المقيد, وقد ثبت عن بعض السلف, من الصحابة وغيرهم, وبعضهم يقول: ما دام ما في شيء مرفوع, والتعبد يحتاج إلى شيء مرفوع, فهو ليس بمشروع, وقد تجرأ بعضهم، فقال: بدعة, هو معروف عن سلف هذه الأمة، ويقابل هذا القول؛ القول: بأنه بدعة, يقابله قول الحسن البصري -رحمه الله-: وأن المسبوق؛ المسبوق للصلاة, الآن يسلم الإمام، ويبدأ بالتكبير مباشرة, والناس معه, المسبوق متى يكبر؟ الحسن البصري يقول: يكبر مع الإمام, فإن انتهى من التكبير؛ أتم صلاته؛ وراه؟ هاه؟

(88/21)


طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: هذا القول منسوب للحسن البصري؛ يجعل في مقابل من جعله بدعة, في نحر من جعل التكبير بدعة, وإذا قلنا: ليس ببدعة, ولا يصل إلى هذا الحد, بأن يكبر في أثناء الصلاة, لا هذا، ولا هذا, يقال: ما دام ثبت عن سلف هذه الأمة؛ فيفعل, ويكون وقته من صلاة فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق, هذا بالنسبة لغير الحاج, وأما الحاج فيكون من صلاة الظهر يوم النحر؛ لأن الحاج مشغول بالتلبية قبل ذلك.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب خرج الغد" يعني في الغد من "يوم النحر" يوم الحادي عشر "حين ارتفع النهار شيئاً" , يعني قدراً معلوماً "فكبر, فكبر الناس بتكبيره" هذا مطلق وإلا مقيد؟ مطلق؛ لأن المقيد بأدبار الصلوات "ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار، فكبر, فكبر الناس بتكبيره, ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر, فكبر الناس بتكبيره, حتى يصل التكبير ويبلغ البيت" يعني من قوة الأصوات المجتمعة؛ يعني ولو كانت ليست قوية بمفرداتها؛ لكنها إذا اجتمعت زادت قوتها "فيعلم أن عمر قد خرج يرمي" يعرفون الناس إذا حصل هذا التكبير, وعمر الذي يبدأ به, عرفوا أن هذا الصوت أثر يدل على مؤثر، وهو فاعله, وحينئذ يعرفون خروج عمر إلى الرمي بالتكبير.
"قال مالك: الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات" يعني أيش؟
طالب: مقيد.
مقيد "دبر الصلوات, وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر" لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية "وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق, ثم يقطع التكبير" لكن عندما يقول: "الأيام المعدودات أيام التشريق", وقد أمرنا بالذكر فيها, والتكبير من الذكر الذي أمرنا به, واليوم يشمل إلى النهار كله إلى غروب الشمس, فكيف يقول: إلى صلاة الصبح؟ ثم يقطع التكبير.

(88/22)


"قال مالك: والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء" يعني على حد سواء، فالنساء شقائق الرجال, لكن إذا كن بحضرة رجال أجانب فإنهن يخفضن الصوت؛ لئلا يفتن الرجال "من كان في جماعة أو وحده" المنفرد يكبر عند الإمام مالك, ومنهم من يقول: أن التكبير المقيد خاص بأدبار الصلوات مع الإمام في المساجد "في جماعة أو وحده بمنى، أو بالآفاق" كلهم يكبرون "كلها واجب" كلها واجب, ولعل المراد بالواجب هنا المتحتم المتأكد, كما في حديث: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) , لا يلزم منه الإثم؛ لكنه متحتم متأكد؛ لا ينبغي أن يضيع "وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج"، نعم: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به))، وهذا منه, فيؤتم به فلا يتقدم عليه؛ فلا يتقدم عليه بشيء "وبالناس بمنى؛ لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم" وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج, وهو الإمام الأعظم للأمة، أو من ينيب الإمام الأعظم, "وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج, وبالناس بمنى" الإنسان يأتم بالناس بمنى إذا خفي عليه الأمر يصنع مثل ما يصنعون الناس؛ لكن من المراد بالناس؟ هم الذين يقتدى بهم "لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم" فإذا كانوا يأتمون بهم في سائر الأيام؛ يأتمون بهم في المناسك "حتى يكونوا مثلهم في الحل" وبالناس بمنى؛ لأنهم إذا رجعوا، وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل, "فأما من لم يكن حاجاً, فإنه لا يأتم بهم إلا في تكبير أيام التشريق" ولا شك أن غير الحاج مطالب بالذكر في الأيام المعلومات، والمعدودات, فيتجه إليه الاستحباب المؤكد في الذكرين المطلق والمقيد.
"قال مالك: الأيام المعدودات أيام التشريق"، وقد تقدم, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم, يعني يكبر عمر ثم يكبر الناس بتكبيره, هذا ليس فيه دليل على التكبير الجماعي؛ لأن هذه الجلبة، وارتفاع الأصوات تكون بمجرد الاجتماع, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(88/23)


كلام مجموع الناس يحصل منه هذا؛ بدليل أنه لو كان كل واحد يقرأ, لو تدخل في المسجد الجامع واحد يقرأ بصوت منخفض, ليس سراً, بصوت منخفض, لا تتبين ما يقول ولا تدري ما يقول, ولا تسمع حتى ولا صوت يمكن, لكن لو كان معه ثاني وثالث وعشرة ومائة وألف؛ كلهم في آن واحد, وهذا في البقرة، وهذا في النساء, وهذا في آل عمران, وهذا في الناس, وهذا في الجزء الأول، وفي الأخير, وبمجموع الأصوات ألا يحصل جلبة من هذه الأصوات؟ هذا مجرب, ولا يلزم منه أن يكون جماعياً في آن واحد؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هي؟ يعني يقتدون به؛ انتهى من التكبير كبر, هذا لحقه في آخر التكبير، وهذا في أوله, وهذا في التكبيرة الأولى, وذا بالثانية, ما يضر هذا.
لا ما يلزم منه أن يكون جماعيا أبداً.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال قيل به؛ لكنه لا ينهض, والشواهد والأحوال ظاهرة؛ أنت ادخل الجامع تسمع الأصوات المرتفعة, وهم لو كل واحد بمفرده ما سمعت شيء.
طالب:. . . . . . . . .
والله ما حفظ, ما حفظ تكبير جماعي أبداً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يضع حلقه، ويكبر، ثم يرددون وراءه.
طالب: اقصد صادف يا شيخ تكبيرهم تكبيراً الجماعي؟
ويش؟ هو؟ ما هو بجماعي, هذا واضح يا أخوان.
طالب:. . . . . . . . .
من دون قصد, يعني كبر، وكبروا معه اقتداءً به, ما لم يحدث اتفاق بينهم؟
طالب: بدون قصد وحصل اتفاق بينهم, بدون قصد؟
ما يمكن يحصل.
طالب:. . . . . . . . .
لا, واحد يغفل, وواحد ما ينتبه إلى انتهى زميله, وواحد .. ؛ تعرف الناس ما يمكن يتفقون على شيء.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

(88/24)


الموطأ – كتاب الحج (26)
(صلاة المعرَّس والمحصب - البيتوتة بمكة لياليَ منى - رمي الجمار - الرخصة في رمي الجمار)

الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: صلاة المُعرَّسِ والمحصب:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة فصلى بها.
قال نافع: وكان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يفعل ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: لا ينبغي لأحد أن يجاوز المعرس إذا قفل حتى يصلي فيه؛ وإن مر به في غير وقت صلاة؛ فليُقِم حتى تحل الصلاة ثم صلى ما بدا له؛ لأنه بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عرس به، وأن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أناخ به.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمحصَّب ثم يدخل مكة من الليل فيطوف بالبيت.
الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله؛ نبيا محمد وعلى آله، وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب صلاة المعرس والمحصب".
المعرَّس هو الموضع الذي ينزل فيه المسافر ليلاً؛ فالمعرس موضع النزول، والمحصَّب والحصباء والأبطح والبطحاء متقاربة المعاني.
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أناخ بالبطحاء" أناخ برَّك راحلته بالبطحاء حين صدر من الحج، حينما انتهى من الحج، ورجع وقفل راجعاً، البطحاء التي بذي الحليفة، احترازاً من البطحاء التي بين مكة ومنى، البطحاء والأبطح، والمحصب، وخيف بني كنانة متقاربة، هذه بين مكة ومنى.

(89/1)


"فصلى بها" النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رجع قبل أن يدخل المدينة بشيء يسير بالبطحاء التي بذي الحُليفة أناخ بها حتى أصبح وصلى بها، وهذا عند أهل العلم ليس من المناسك، وإنما نزل هذا المكان ليلاً لأن لا يطْرِق أهله، وقد جاء النهي عن طروق الأهل ليلاً، وإنما يطرقون بالنهار.
"قال نافع: وكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك" تأسياً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فابن عمر يتتبع مثل هذه الأماكن، ويقصدها تأسياً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- بخلاف غيره من الصحابة؛ فإنهم يرون أن مثل هذه الأماكن إنما حصلت اتفاقاً من غير قصد؛ لأنها على طريقة.
"قال مالك: لا ينبغي لأحد أن يجاوز المعرس" الذي هو موضع النزول إذا قفل: يعني رجع من الحج حتى يصلي فيه تأسياً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يعني كصنيع بن عمر "وإن مر به في غير وقت صلاة" إن مر به في غير وقت صلاة "فليقم به حتى تحل الصلاة" يعني مر به في أول الليل ينتظر إلى أن تأتي صلاة الصبح، وإن مر به في أول النهار ينتظر حتى تأتي صلاة الظهر وهكذا.
"فليقم به حتى تحل الصلاة ثم صلى ما بدا له" ما تيسر له، وإن كان قصد الإمام وإن مر به في غير وقت صلاة؛ يعني وقت النهي؛ ينتظر إلى أن يخرج وقت النهي فيصلي ما بدا له "لأنه بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عرس به" يعني نزل به ليستريح، وصلى به -عليه الصلاة والسلام- "وأن عبد الله بن عمر أناخ به" برَّك راحلته تأسياً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء" إذا رجع من منى "بالمحصب" يصلي الظهر يعني يرمي الجمرة في آخر يوم من أيام التشريق إن تأخر، أو في الثاني عشر إن تعجل بعد الزوال ثم يصلي الظهر، والعصر والمغرب، والعشاء بالمحصب، يكون بذلك خرج من منى "ثم يدخل مكة من الليل فيطوف بالبيت" ثم يطوف في البيت.

(89/2)


والمحصب اسم لمكان متسع بين مكة ومنىً، ويقال له: الأبطح والبطحاء وخيف بني كنانة، نزل به النبي -صلى الله عليه وسلم- إغاظةً للكفار حيث اجتمعوا في هذا المكان، وتقاسموا على الكفر، وكتبوا الصحيفة المشئومة التي فيها المقاطعة، فينزل النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد أن ظهر أمره، وعلا دينه على الدين كله؛ إغاظة للكفار الذين اجتمعوا في هذا المكان، وإذا لحظ المسلم هذا الملحظ، وأنه يجلس في هذا المكان ليغيظ الكفار لاشك أنه يؤجر على هذا؛ لكن قد يقول قائل: الكفار الآن .. قد لا يفرق؛ لا يوجد فرق بين هذا المكان وبين غيره من الأماكن؛ الكفار الذين .. ؛ ليسو هم من ورثة أولئك الذين تقاسموا، إنما جنس الكفار يغيظهم أن يبيت بالمحصب أو لا يغيظهم؟ وقد لا يستحضرون هذا أصلاً، ولا يغيظهم؛ فإذا قلنا أن العلة ارتفعت فيكون المسألة مجرد ..
طالب:. . . . . . . . .
لا الرمل فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد أن ارتفع السبب، وهنا ما فُعل بعد ارتفاع السبب، إنما جلوسه بالمحصب مرة واحدة؛ لما حج -عليه الصلاة والسلام- ليغيظ بذلك الكفار، نعم بعده بسنة سنتين عشر سنوات مادام فروع أو ورثة هؤلاء الكفار موجودين، والمسألة مستحضرة؛ يعني يستحضرها الكافر إغاظتهم مطلوبة؛ لكن في مثل هذه الأيام لعل العلة ارتفعت. نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إذا قفل حتى يصلي به، الذي مر في النص.
طالب:. . . . . . . . .
الذي مر سابقاً، الذي مر سابقا، هو يعلق على الخبر السابق الذي بذي الحليفة، وإذا قال: بالمعرس الذي بذي الحليفة؛ فله أن يقول: بالبطحاء والأبطح من باب أولى؛ لأنه نزول معلل. نعم.
أحسن الله إليك.

باب: البيتوتة بمكة لياليَ منى:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أنه قال: زعموا أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كان يبعث رجالاً يدخلون الناس من وراء العقبة.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب –رضي الله تعالى عنه- قال: لا يبيتن أحد من الحاج لياليَ منى من وراء العقبة.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في البيتوتة بمكة ليالي منى: لا يبيتن أحد إلا بمنى.

(89/3)


يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب البيتوتة بمكة ليالي منى".
البيتوتة بمكة ليالي منى؛ الأصل أن المبيت ليالي منى بمنى، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((خذوا عني مناسككم))، فالمبيت واجب عند جمهور أهل العلم، وقال بعضهم: سنة، والصحيح أنه واجب، لأن السنة لا تحتاج إلى ترخيص، ولا تحتاج إلى استئذان، وليس بركن؛ لأن الركن لا يؤذن فيه، فالجمهور على أن المبيت بمنى واجب، وعلى هذا البيتوتة بمكة ليالي منى لا تجوز؛ لأنه يترتب عليها ترك الواجب، المقصود من هذه الترجمة منع ذلك لوجوب المبيت بمنىً.
قال: "حدثني عن مالك عن نافع أنه قال: زعموا .. " زعموا .. زعموا؛ بأس المطية "زعموا"؛ فكثيرا ما تستعمل "زعموا" في الكلام المشكوك فيه، وتستعمل –أيضاً- بإزاء القول المحقق؛ بمثابة "قال"، وجاء استعمالها في لغة العرب بمعنى "القول" كثير؛ كثيراً ما يقول سيبويه في كتابه: "زعم الكسائي" ويؤيده؛ يرجح قوله؛ فدل على أنه يستعملها بإزاء "القول"، وهنا لعلها بمعنى "القول"؛ المعنى الثاني، ولا يريد أن يشكك بذلك بدليل أنه روى عن مولاه عبد الله بن عمر أن أباه كان يفعل ذلك بسند متصل "زعموا أن عمر بن الخطاب كان يبعث رجالاً يدخلون الناس من وراء العقبة" لأن الذي وراء العقبة ليس من منى، والمبيت بمنى واجب إذاً لابد أن يدخل الناس إلى تحقيق الواجب، وعلى هذا يلزم ولي الأمر أن يرعى مصالح الناس الدينية؛ فإذا رأى الناس خارج ما يجب المبيت به؛ يدخلهم؛ بعض الناس يجهل، فيه بعض الناس يجهل؛ فيقف خارج عرفة؛ فيفوته الحج؛ فعلى ولي الأمر أن يرشده، ويجعل ناس يرشدون الناس لهذا الأمر، وكذلك المبيت بمزدلفة وهو وكذلك المبيت بمنى، وكان عمر يبعث رجالاً يدخلون الناس من وراء العقبة؛ لأن العقبة حد فاصل بين مكة ومنىً؛ على الخلاف بين أهل العلم؛ هل العقبة من مكة أو من منى؟ فجمع من أهل العلم يرون أنها من منى؛ لأن رمي جمرة العقبة تحية منى، وقال آخرون: هي من مكة وليست من منى، وقال الأولون: كيف يقال تحية منى وهي خارج منى؟ أجيبوا بأن تحية البيت الطواف وهو خارج البيت، نعم.
تحية البيت الطواف وهو خارج البيت، وتحية منى الجمرة وهي خارج؛ نعم؟

(89/4)


طالب:. . . . . . . . .
يستقيم وإلا ما يستقيم؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما قالوا بتحية المسجد.
طالب:. . . . . . . . .
هم ما قالوا تحية المسجد.
طالب:. . . . . . . . .
لأن بعض الأجوبة تصير حاضرة .. والله المستعان. نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا هم أرادوا تفنيد القول، مادام قالوا إن تحية منى .. ؛ كيف تكون تحية منى خارج منى؟ قالوا: لأن تحية البيت الطواف وهو خارج البيت.
طالب:. . . . . . . . .
إيه بدليل على أن التحية تطلق من خارج؛ تطلق على الداخل والخارج؛ المقصود أن هذا ما قالوه، وعلى كل حال الأحوط أن يكون المبيت دون الجمرة؛ دون العقبة؛ ليبيت بيقين.
طالب:. . . . . . . . .
أيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
"زعموا" فيه انقطاع؛ فيه واسطة؛ لكن الرواية الثانية ما فيها انقطاع.
"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة" ذاك من فعله، وهذا من قوله.
قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في البيتوتة بمكة ليالي منى: لا يبيتن أحد إلا بمنى" لوجوب المبيت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- رخص للعباس أن يبيت ليالي منى بمكة من أجل السقاية، فالترخيص يدل على لزوم أو العزيمة على أن مبيت غير المرخص له عزيمة وهو الأصل، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الذي لا يجد مكان ..
طالب: الذين يبيتون في الشوارع.
الذي لا يجد مكاناً يبيت فيه هذا معذور، وقد أفتاه أهل العلم أن يبيت خارج منى، والذي يجد مكاناً ويبيت خارج منى هذا يلزمه عند أهل العلم دم؛ لأنه فرط بواجب ترك نسك، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كانت نزلة محتملة كما يشتري ماءً للوضوء؛ يدفع.
طالب:. . . . . . . . .
والله سواء كانت منها، أو ليست منها؛ فالاحتياط أن يدخل يعني. نعم.
طالب:. . . . . . . . .
شوه.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يكفي.
طالب:. . . . . . . . .
المبيت الليالي. نعم.
طالب:. . . . . . . . .

(89/5)


لكن لو ترك ليلة واحدة؛ هل يلزمه الدم الكامل، أو الدم عن مجموع الليالي؟ الذي يظهر أنه عن مجموع الليالي؛ لأنه نسك واحد. نعم.
طالب:. . . . . . . . .
السفر يختلف عن الإقامة؛ السفر يختلف عن الإقامة، والإنسان في طريقه وهو مسافر يقول أن ما أجلس إلا تحت مكيف، وعلى كنب وفرشات؛ لا، لا السفر يختلف عن الإقامة؛ هذا أمر مقرر في جميع الأعراف، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، فرق؛ الآن منى .. أنت فرطت تجبر بدم؛ لكن قصدت منى، ومنعت هذا ما عليك شيء؛ ولو كلها فاضية، منعت منها؛ قيل لك: لا، المسير ما هو منى، وجيت مع الخط الثاني، ومضى عليك الليل؛ خلاص.
طالب:. . . . . . . . .
وايش لون مناسب؟ ايش معنى مناسب؟ الشوارع من منى؛ الشوارع من منى؛ ما لم تعرض نفسك للتهلكة، أو يكون معك نساء تخشى من التكشف، أو أطفال لا تملكهم بين السيارات؛ هذه مثل هذه الأمور؛ نعم، أما رجال كبار يحفظون أنفسهم ويجدون ملاذات؛ فهذا نسك؛ هذا الأصل؛ ما دام واجب يأثم بتركه؛ لابد أن يحتاط في دينه؛ ولو تسومح في مثل هذا ما بات أحد؛ المسألة تحتاج إلى تحمل.
طالب: الشوارع من منى؟
الشوارع من منى إيه.
يستوعب للمبيت وللمشي، والحمد لله؛ المسألة واسعة؛ لكن بعض الناس يريد أن يترفه، ويتعلل بأدنى شيء هذا لا يفتح له باب، أما شخص –والله- جاء وبحث ما وجد، أو خشي على نفسه سيارات، أو خشي –أيضا- حتى على دينه؛ أحياناً يجد مكان في شارع مناسب لكن أمامه أسره، وإلا شيء؛ هذولا ما يجوز قدامهم. نعم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
شوه؟
طالب:. . . . . . . . .
وايش؟. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المسألة بين واجب، وبين تعريض النفس للضرر؛ سواء كان المعنوي أو الحسي؛ لكن ويش حد الضرر المعنوي؟ ما له حد؛ أنت لو بي قال لك: إنهم يوزعون أراضي في الجهة الفلانية؛ أنت تجلس على الرصيف إلى أن ينتهي الدوام، تقضب سره؛ صح وإلا لا؟ ما تقول ما يليق بي هذا.
طالب:. . . . . . . . .

(89/6)


أنا أقول: إذا كان عليه خطر بنفسه، أو على أسرته؛ حتى من التكشف ونظر الناس، أو على نفسه من حيث افتتانه بالنساء؛ لأن هناك تعرف الأوضاع ما هي بمثل أوضاع البيوت؛ إذا جلست أسرة على الرصيف مثلاً؛ مثل هذا ما يُجلس أمامهم، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن (16)]؛ لكن يبقى إن فتح الباب كما يفعله بعض الناس هذا غير وارد؛ لأنه قد يأتي يوم من الأيام أن يقول: والله المكيفات هذه ما تناسبنا بعد؛ صحيح! وها الخيام والله ما عندنا استعداد أننا نجلس بالخيام والشمس فوق رؤوسنا، أو إذا طلعنا ضربتنا الشمس.
طالب:. . . . . . . . .
إذا فرط نعم، عليه الدم.
طالب:. . . . . . . . .
عليه الدم، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إذا فرط عليه الدم، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله الأصل أنه في أقرب مكان؛ يقيسونه على الصفوف في الصلاة، ومنهم من يقول: إذا خرج عن الواجب فليتخير ما شاء؛ هذا أرفق بالناس؛ هذا أرفق،؛ والعزيمة هو الأول. نعم.
طالب:. . . . . . . . .
ويشق عليه الذهاب.
طالب:. . . . . . . . .
ويغلب على ظنه أنه مثل الأمس؛ يعني ما نقص العدد؛ لكن ليلة الثالث عشر، وهو يريد أن يتأخر؛ سوف يجد المكان. نعم. سم.
أحسن الله إليك.

باب: رمي الجمار:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- كان يقف عند الجمرتين الأوليين وقوفاً طويلاً حتى يمل القائم.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقف عند الجمرتين الأوليين وقوفاً طويلاً يكبر الله، ويسبحه، ويحمده، ويدعو الله، ولا يقف عند جمرة العقبة.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يكبر عند رمي الجمرة كلما رمى بحصاة.
وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول الحصى التي يرمى بها الجمار مثل حصى الخذف؛ قال مالك: "وأكبر من ذلك قليلاً أعجب إلي".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: "من غربت له الشمس من أوسط أيام التشريق، وهو بمنى فلا ينفرن حتى يرمي الجمار من الغد".

(89/7)


وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن الناس كانوا إذا رموا الجمار مشوا ذاهبين وراجعين، وأول من ركب معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-.
وحدثني عن مالك أنه سأل عبد الرحمن بن القاسم: من أين كان القاسم يرمي جمرة العقبة؟ فقال: من حيث تيسر.
قال يحيى: سئل مالك: هل يرمى عن الصبي، والمريض؟ فقال: نعم، ويتحرى المريض حين يرمى عنه فيكبر، وهو في منزله، ويهريق دماً؛ فإن صح المريض في أيام التشريق؛ رمى الذي رمي عنه، وأهدى وجوباً.
قال مالك: لا أرى على الذي يرمي الجمار، أو يسعى بين الصفا والمروة -وهو غير متوضأ- إعادة؛ ولكن لا يتعمد ذلك.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: لا ترمى الجمار في الأيام الثلاثة حتى تزول الشمس.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب رمي الجمار".
والجمار: جمع جمرة؛ والجمرة: اسم لمجتمع الحصى؛ اسم لمجتمع الحصى،؛ سميت بذلك لاجتماع الحصى فيه، ولاجتماع الناس حوله؛ يقال: تجمَّر بنو فلان؛ إذا اجتمعوا، وقيل: إن العرب تسمي الحصى الصغار جمار؛ فعلى هذا الجمار، والجمرات هي الحصى.
"باب رمي الجمار" فالرمي هنا؛ إذا قلنا: الجمار جمع جمرة وهو مجتمع الحصى؛ عندنا الجمار والجمرة تطلق ويراد بها مجتمع الحصى؛ كما تطلق –أيضاً- على الحصى نفسه؛ فإذا أضفنا الرمي للمجتمع؛ لمجتمع الحصى؛ فيكون من إضافة .. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(89/8)


الآن إذا قلنا: باب رمي الجمار؛ أنت ترمي مجتمع الحصى؛ أنت ترميه بمعنى أنك ترجمه بالحصى، ترميه بالحصى، وإذا قلنا: إن المراد الجمار هو الحصى نفسه؛ قلنا: ترمي باب رمي الحصى؛ التي هي الجمار؛ على التقرير باب رمي مجتمع الحصى بالحصى، والثاني باب رمي الحصى، وإلقاء هذا الحصى إلى المكان الذي يجتمع فيه، وإذا قلنا: إن المراد مجتمع الحصى، وهذا قول الأكثر، إن المقصود بهذا الرمي؛ أن يقع هذا الحصى الذي ترميه في هذا المكان؛ يقع في هذا المكان الذي هو المجتمع؛ مجتمع الحصى؛ فلا يلزم أن يضرب الشاخص الذي هو علامة على هذا المجتمع؛ على هذه الجمار التي هي مجتمع الحصى؛ إنما إذا قذفت الحصاة تقع هذا المجتمع؛ في يمينه، في يساره، في طرفه؛ زاد نقص كبر صغر؛ نعم؟.
طالب:. . . . . . . . .
وقع في مجتمع الحصى فأجزأ. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما أحد قال: إن الشاخص هو الجمار. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه وقعت في مجتمع الحصى، ولا لك دعوى فيما بعد ذلك؛ وقعت في مجتمع الحصى، أنت افترض أن مجتمع الحصى أكثر من الحوض؛ أكثر، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
يعني لو لم تأتي هذه الآلات التي ترفع هذا الحصى لكان الحصى لاسيما في آخر يوم أكثر؛ فأنت ترمي هذا المكان الذي اجتمع فيه الحصى، وكان المكان صغيراً ثم وسع في هذه السنة، وما زال الاسم باقي، هو مجتمع الحصى؛ سواءً كان كبيراً أو صغيراً هو مجتمع الحصى؛ على أن المكان الأول الصغير؛ السعة هذه التي زيدت فيه؛ عن يمينه وشماله؛ لأنه صار الآن مثل السفينة؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طولي بيضاوي؛ فأنت ترمي هذه الحصى في أي جزء من هذا الحيز، وينزل في المرمى القديم؛ مثل الرمي في الدور الأعلى؛ ترمي أنت في هذا المكان ثم ينزل إلى المرمى القديم؛ لكن هل أنت بهذا رميت الحصى في مجتمع الحصى الذي هو الجمار، أو أنت رميته في مكان أداه إلى مجتمع الحصى؛ يعني ما هو بأنت أللي رميت الحصاة في مكانها الأصلي؛ وعلى هذا يجزئ الرمي بهذه الطريقة وإلا ما يجزئ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(89/9)


يمثل العلماء بأمثلة ما تقع؛ لكن يمكن أن ينظر عليها ما عندنا؛ يقول: لو رمى الحصاة، ثم التقمها طائر ووضعها في مجتمع الحصى؛ الآن هو جزء من المسافة بفعله، وبقية المسافة ليست بفعله، ما يكفي يا أخي أنت بتفترض أنها هذه وضعت في منحدر من الأرض، وصار الناس يضربون من بعيد ثم تنزلق بنفسها. إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه .. لكن أنت تطل في الحوض الأعلى، وتقصد أن تقع هذه الحصاة في المجتمع القديم، أو ترميها على حافة الأعلى ثم تنزل بطريقتها.
طالب:. . . . . . . . .
بحيث لو لم يكن هذا الحوض الأعلى؛ لو كان ما هو بموجود لم تقع في محل الرمي؛ لأنك ترميها إلى جهة من فوق؛ فسوف تقع هناك، ما هي بواقعة تحت، سمتها يقع خارج المرمى.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
و. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
أسفل .. أسفل .. أسفل .. أسفل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، فيه أسفل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه فيه مكان للأسفل.
هم مادام أفتوا بالهوى؛ فالقرار مثله؛ ما يختلف.
طالب:. . . . . . . . .
هاه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، ترفق شوي ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لن تلزق بالشخص؛ لأنه أملس؛ نعم، خلاص.
طالب:. . . . . . . . .
ما يبقى ما يمكن يبقى.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
صحيح.
المقصود أن مثل هذا؛ يعني هل لابد أن تقع في المرمى بفعل الرامي؟ أو لو وقعت المقصود أنها في النهاية تقع.
طالب:. . . . . . . . .

(89/10)


لأن الآن لما مثل الفقهاء لما قالوا: إذا رماها الرامي .. ؛ أنت افترض أنها رماها إلى غير الجهة؛ فجاء طائر .. هذا يقول: يمكن من ضرب الخيال؛ وهو صحيح من ضرب الخيال، يجي طائر يلتقط هذه الحصاة، ويضعها في المرمي؛ أنت نظرت إلى المرمى الأعلى بهذا الشكل، وأنت جالس على طرفه من هنا، وترمي إلى الجهة هذه لينسل؛ لنزل في النهاية إلى الآخر؛ أنت لو كانت هذه ما أمامها شيء؛ وين بيقع الحصى؟ يقع في المرمى الأسفل؟ لن يقع في المرمى الأسفل؛ لكن بطريقته الهندسية صار ينزل إلى الأسفل فيصل إلى المرمى الحقيقي، فجزء من الرمي بفعل المكلف، وجزء منه بفعل ما جُعل له هذا؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
باشر جزء؛ باشر جزء ما باشر الكل.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هم الذي جعلهم يفتون بمثل هذا؛ وقل مثل هذا في السعي، ومثل هذا في الطواف، وغيره؛ بناءً على القاعدة العامة: "الهواء له حكم القرار" الهواء له حكم القرار؛ مادام ضربت الحيز الذي لو كنت في الأسفل وقع في المرمى الأصلي؛ وكل هذا مربوط بالحاجة؛ يعني لولا هذه الحاجة الملحة؛ بل لو قيل إنها ضرورة لما أفتي بمثل هذا؛ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
وراه.
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
أنت افترض أن الأعلى ما هو موجود، ورميت على سمت هذا! أنت ترمي الجدار الثاني -المقابل لك- من أجل أن تنزل؛ ما أنت بتنزل .. أنت بتضرب الحفرة؛ وإلا تضرب الجدار المقابل؛ أنت تضرب الحفرة؛ لكن غيرك؛ كثير من الناس يضرب الجدار المقابل، وفي النهاية تقع في الحفرة بالطريقة الهندسية؛ لكن لو افترضنا ما هي موجودة لن يقع في المرمى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
أنت ترمي عن نفسك؟
طالب:. . . . . . . . .
الرمي لك أنت؟
طالب:. . . . . . . . .
يرمي عنك؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن أنت تريده يرمي عنك، وإلا يرمي عن نفسه؟
طالب:. . . . . . . . .

(89/11)


لا ما يجزئ، وأنت قادر؛ ما يجزئ أبداً، يجيك كلام مالك قوي في هذا الباب.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، تطول علينا المسألة، وهي لا تقدم ولا تأخر؛ العلماء أفتوا بهذا ومشوا عليه، وأنتها الإشكال.
طالب:. . . . . . . . .
وحل أزمة كبيرة -ولله الحمد-، والله يدلهم على الحق، ويوفقهم للعمل به.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هذا من باب المسألة مسألة تفقه فقط؛ يعني على شان تشوفون كلام الفقهاء؛ وإن كان بعيد كل البعد؛ إلا أنه يقع له نظائر؛ أنت افترض إنه في يوم من الأيام جعلوا .. زاد الزحام، وجعلوا المرمى من بعيد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما هو من الاقتراحات أن يوجد خراطيش كهربائية تمتص الحصى؛ فيرمى طرف هذه الخراطيش -ولو من كيلو- فتمتصه ويضع في الحفرة.
طالب:. . . . . . . . .
أيش هذا؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
تشفط.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما أجازوه، ما أجازوه، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن يا إخوان المسألة ايش؟ أنا أقول: لولا الحاجة القريبة من الضرورة -في مثل هذا التصرف- قلنا لا يتصرف فيه؛ لكن المسألة مسألة موت، والدين يسر في مثل هذا ((لا يشاد الدين أحد .. )) .. نعم.
طالب:. . . . . . . . .
{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [بسورة الحج (78)]، نعم.
طالب: فيما لو وضع. . . . . . . . .
المهم أنه وقع في الموضع؛ سهل بقاؤه ما له داعي.
طالب:. . . . . . . . .
بقاؤه ما له داعي، ما دام وقع في المكان ما عليك ما عليك منه؛ هو بيشال، بيشال؛ أما ما جاء من أن حكم الحصى؛ حكم القرابين؛ ما قبل منه رُفع، وما لم يقبل منه بقي؛ هذا ماله أصل، هذا لا أصل له.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
مثل الدور الأعلى .. مثل الدور الأعلى.
طالب:. . . . . . . . .
مثله .. مثله.
طالب:. . . . . . . . .
إيه مثله.

(89/12)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب كان يقف عند الجمرتين الأوليين وقوفاً طويلاً حتى يمل القائم" النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا بعد الأولى، وبعد الثانية دعاءً طويلاً جداً؛ قدر في حديث ابن مسعود، وغيره بنحو من سورة البقرة؛ ولا شك أن المنتظر، والقائم الذي ينتظر الداعي يمل؛ والداعي الذي يدعو وهو قائم –أيضاً- يمل؛ لكن من يفعل هذا؟ سورة البقرة تحتاج بالقراءة إلى ..
طالب:. . . . . . . . .
الهذّ نصف ساعة ..
طالب:. . . . . . . . .
الهذ نصف ساعة، والترتيل تبي لها ساعة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فالساعة ما يطيقها الناس، ولا نصف الساعة، ولا ربع الساعة، الناس مع هذا -والناس ربوا أنفسهم على الترف، وعدم تحمل المشاق- فصاروا ما يطيقون؛ من وقف خمس دقائق ظن أنه أتى بما لم تستطعه الأوائل.
طالب:. . . . . . . . .
يبعد .. يبعد .. يبعد عن محل الحركة.
طالب:. . . . . . . . .
لا الموقف ما هو محدد؛ يبعد يمين، وإلا شمال؛ له مواضع. نعم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقف عند الجمرتين الأوليين وقوفاً طويلاً" كما جاء في بعض الروايات بمقدار سورة البقرة، ويكبر الله ويسبحه ويحمده، ويدعو الله، ولا يقف عند جمرة العقبة الأخيرة للدعاء؛ ورفع ذلك إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يكبر عند رمي الجمرة كلما رمى بحصاة" اتبع النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ وقد جاء في حديث جابر، وغير أنه يقول مع كل حصاة: ((الله أكبر)).
قال: "وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقولون: الحصى التي يرمى بها الجمار مثل حصى الخذف" الخذف هو الرمي بطرف الإبهام والسبابة، حتى صور في بعض الروايات هكذا، أو هكذا؛ والخذف منهي عنه؛ فكوننا نشبه المطلوب بالمنهي عنه فيه ما يمنع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه ما يمنع من تشبيه المطلوب بالمنهي عنه؟
طالب:. . . . . . . . .

(89/13)


لأن التشبيه لا يقتضي المشابهة من كل وجه، وليس معنى هذا أن الرامي للجمرة يخذف؛ إنما نظير الحصى الذي يخذف به؛ والمشابهة هنا في مقدار الحصى؛ في حجم الحصى؛ يعني كما جاء تشبيه الوحي بصلصة الجرس؛ وكثير من ما جاء به التشبيه لا يلزم المطابقة من كل وجه.
طالب:. . . . . . . . .
وين المدة؟
طالب:. . . . . . . . .
يسهل .. يسهل بعد الأولى إن أخذ يميناً، وبعد الثانية إن أخذ شمالاً؛ يسهل؛ المقصود "قال مالك: وأكبر من ذلك قليلا أعجب إلي" نعم حديث جابر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمى الجمرة بسبعة حصيات؛ يكبر مع كل حصاة بمثل حصى الخذف؛ بمثل حصى الحذف؛ فقول الإمام مالك كونه أكبر قليلاً مع كونه عليه الصلاة والسلام رمى بمثل حصى الخذف قول مرجوح. نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وضع؛ هذا ما هو برمي، هذا ليس .. بمجرد الوضع ليس برمي؛ بل لابد من أن يتحقق الوصف "الرمي" ولله كأنه ما رمى؛ لكن عاد كونه يلزم بعد؛ الإلزام فيه ما فيه.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من غربت له الشمس" يعني عليه أو ظهر له غروبها "من أوسط أيام التشريق" يعني في اليوم الثاني عشر "وهو بمنى فلا ينفرن حتى يرمي الجمار من الغد" لأنه لا يصدق عليه أنه تعجل في يومين؛ فهذا تأخر؛ وإذا تأخر بالمبيت لزمه الرمي.
"وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن الناس" يقصد بذلك الصحابة "كانوا إذا رموا الجمار مشوا ذاهبين وراجعين" يعني ما يركبون في الذهاب إلى الرمي ولا في الرجوع منه "وأول من ركب معاوية بن أبي سفيان" لأنه ثقيل؛ عذره السمن. نعم.
"وحدثني عن مالك أن سأل عبد الرحمن بن القاسم: من أين كان القاسم يرمي جمرة العقبة؟ فقال: من حيث تيسر. " من بطن الوادي؛ بمعنى أنه لم يعين محلاً منها للرمي؛ والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما رماها من بطن الوادي، وعمر -رضي الله تعالى عنه- إنما رماها من فوق؛ من العقبة "الجبل"؛ لكن على أن تقع في المرمى؛ لأن جمرة العقبة إنما ترمى من جهة واحدة من بطن الوادي؛ لأنها نصف دائرة، نعم؛ هذا الأصل.

(89/14)


وكيف ما رماها إذا وقعت الحصاة في المرمى؛ من فوق، من تحت، من يمين، من شمال؛ شريطة أن تقع الحصاة في المرمى لا بأس؛ من حيث تيسر له.
"قال يحيى سئل مالك: هل يرمى عن الصبي والمريض؟ فقال: نعم" يرمى عنهما "ويتحرى المريض حين يُرمى عنه" يعني وقت رمي النائب يتحرى وقت رمي النائب في وقت الإمام مالك ما يمكن أن يتحرى، نعم؛ إلا غلبة ظن؛ لكن الآن ومعه الجوال، ويكلم على النائب: ترني الآن على الحوض؛ ويعطيه إشارات للجمرة الأولى، والثانية، والثالثة، والحصاة السادسة، والسابعة، ويكبر مع كل حصاة؛ هذا متصور؛ لكن في وقتهم متصور؟
يقول: "ويتحرى المريض حين يرمى عنه فيكبر وهو في منزله، ويهريق دماً" يعني مريض معذور، وينيب، ومع ذلك يريق دماً؛ هذا رأي الإمام ملك؛ والجمهور على أن من أناب، ووكل لعذر يبيح له التوكيل أنه لا شيء عليه "فإن صح المريض في أيام التشريق؛ رمى الذي رمي عنه، وأهدى وجوباً" هذا كل هذا تشديد؛ تشديد يعني يرمى عنه؛ ينيب في وقت تجوز فيه النيابة، ثم بعد ذلك يصح في الوقت، ويرمي، ويلزمه دم؛ رحم الله الإمام مالك؛ كل هذا ليس بلازم.
"قال مالك: لا أرى على الذي يرمي الجمار أو يسعى بين الصفا والمروة وهو غير متوضأ إعادة؛ لأن الوضوء ليس بشرط لا للرمي، ولا للسعي؛ ولكن لا يتعمد ذلك فيفوت الفضيلة عن نفسه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- باشر هذه العبادات على طهارة.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا ترمى الجمار في الأيام الثلاثة" لغير المستعجل نعم، "حتى تزول الشمس".
في الأيام الثلاثة، أيش؟
طالب:. . . . . . . . .
في الأيام الثلاثة، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر؛ هذا لغير المستعجل "المتأخر"؛ أما المتعجل في اليومين الحادي عشر والثاني عشر، المتعجل لا يرمي الجمرة في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وغير المتعجل ولا في الثالث عشر حتى تزول الشمس؛ فإن رماها قبل الزوال أعاد عند الجمهور؛ لأن هذا ليس بوقت للرمي؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- مع صحابته كانوا يتحينون الزوال؛ فإذا زالت الشمس رموا؛ وهذا سؤال نقرأه بعد الأذان- إن شاء الله تعالى- يتعلق بهذا.

(89/15)


هذا يقول: في هذا الأزمنة يكثر الموت عند رمي الجمرات؛ فهل يفتى بجواز الرمي قبل الزوال في اليوم الأخير للضرورة القصوى؟
على كل حال القول قال به الحنفية في يوم النفر، يبيحون له الرمي قبل الزوال نظراً للمشقة، وأفتى به بعض أهل العلم؛ لكن الذي عليه الجماهير أن الرمي قبل الزوال لا يجزئ، وإذا كان القصد من الفتوى بهذا الرأي التخفيف على الناس؛ فثقوا ثقة تامة أن هذا لن يحل الإشكال! لن يحل الإشكال! الرمي يوم العيد من منتصف الليل، ويموت أكثر من يموت في جمرة العقبة يوم العيد؛ فما انحل الإشكال مع طول المدة، فالإشكال والمقتلة التي تكون يوم النفر بعد الزوال؛ سوف تنتقل إلى الوقت الذي يفتى به؛ يعني افترض أن الناس يتقاتلون عند الزوال من أجل أيش؟ أن ينصرفوا؛ سوف يتقاتلون عند طلوع الشمس إن قيل لهم يبدأ الرمي من طلوع الشمس، والمشكلة لن تنحل بهذا. نعم.
طالب: ولي الأمر يلزم الناس بالتأخير.
شوه.
طالب: ولي الأمر يلزم الناس بالتأخير؛ الآن المشكلة أن أكثر من تسعين بالمائة من الحجاج يتعجلون؛ هذا بالتجربة؛ أكثر من تسعين بالمائة من الحجاج يتعجلون؛ يعني مليون وثمانمائة ألف يمشون كلهم يوم الثاني عشر، ولا يبقى ما يقارب ولا الميتين ألف، ما يبقى.
إيه على كل حال إذا كان الأمر جائز ما يلزم بالجائز؛ يعني كون الناس يلزم نصفهم بالتأخر هذا فيه الصعوبة.
طالب: من باب يا شيخ مصالح ....
إيه مصالح لكن من تلزم من تترك؛ يعني ولي الأمر يمكن يلزم الموظفين أن لا يتعجلوا؛ لكن ما غيرهم ..
طالب: لكن ولي الأمر يلزمنا –نحن التجار في خدمة الحجاج- في خروج حجاجنا في أوقات معينة ويحط علينا غرامة نوقع عليها. . . . . . . . .
إيه لكن هذا حكم شرعي منصوص عليه بدليل قطعي: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [سورة البقرة (203)]، نقول: الإمام من باب المصلحة أن يمنع بعض الناس من الخروج.
طالب: لكن بيصير فيها موت.
إيه يصير فيها موت، طيب وايش ذنب أللي منعوا؟ وايش ذنب الآخيرن ألي لم يسمح لهم؟
طالب:. . . . . . . . . مثلا. . . . . . . . .

(89/16)


على كل حال هذا بالدليل القطعي ثبت جواز الأمرين، ومثل هذا لن يحل الإشكال؛ الرمي قبل الزوال والفتوى به من أجل الضرورة والحاجة لن يحل الإشكال؛ فالمستعجل مستعجل؛ الذي يقدم نفسه للمشقة العظيمة التي قد تصل إلى الموت عند زوال الشمس سوف يقدمها عند طلوع الشمس، ولن يحل الإشكال؛ لكن يوجه الناس، يرشد الناس، يثقف الناس، يفوج الناس؛ يجعلون أفواج يرتبون، ينظمون بطريقة مناسبة، ولا تخالف بذلك الأحكام.
طالب:. . . . . . . . .
ويشلون يكبرون؟
طالب: ظهر وعصر.
يؤذنون؟
طالب: بعد التكبير الله أكبر الله ..
لا لا أللي بيبدأ هذا .. ما .. ما ..
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
بل يوجد الآن من يفتي؛ بصراحة يفتون؛ كان هناك يوجد من يمنع من الرمي قبل ... ؛ كانوا يمنعون الرمي قبل الزوال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما له علاقة، تكبير مطلق هذا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا التكبير؛ التكبير المطلق في أيام التشريق؛ هذا ما هو على هيئة الأذان؛ لأن الزوال مرتبط به أذان صلاة الظهر، فلو أذن شخص مثلاً، ورموا الناس بسبب أذانه، وغرهم في هذا كما لو أفطروا بأذانه.
طالب:. . . . . . . . .
من تبرأ الذمة بتقليده.
طالب:. . . . . . . . .
ما ينفع .. ما ينفع .. لابد .. لابد .. أن يحتاط، نعم لابد أن يحتاط لدينه كما يحتاط لدنياه؛ لابد أن يحتاط لدينه كما يحتاط لدنياه، على كل حال عليه أن يحتاط لدينه. نعم.
أحسن الله إليك.

باب: الرخصة في رمي الجمار:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن أبا البدَّاح بن عاصم بن عدي أخبره عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر أنه أُرخص للرعاء أن يرموا بالليل يقول: في الزمان الأول.

(89/17)


قال مالك –رحمه الله-: تفسير الحديث الذي أرخص فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار فيما نرى -والله أعلم- أنهم يرمون يوم النحر، فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد؛ وذلك يوم النفر الأول، فيرمون لليوم الذي مضى ثم يرمون ليومهم ذلك؛ لأنه لا يقضي أحد شيئاً حتى يجب عليه؛ فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء بعد ذلك؛ فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد؛ رموا مع الناس يوم النفر الآخر، ونفروا.
وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه أن ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد نُفِست بالمزدلفة؛ فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر؛ فأمرهما عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- أن ترميا الجمرة حين أتتا، ولم ير عليهما شيئا.
قال يحيى سئل مالك عمن نسي جمرة من الجمار في بعض أيام منى حتى يمسي؟ قال: ليرمي أي ساعة ذكر من ليل أو نهار كما يصلي الصلاة إذا نسيها، ثم ذكرها ليلاً أو نهاراً؛ فإن كان ذلك بعد ما صدر وهو بمكة، أو بعدما يخرج منها فعليه الهدي.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب الرخصة في باب الجمار".
الرخصة في رمي الجمار؛ والرخصة في الترك، أو في التأخير، أو في الجمع بين اليومين والثلاثة؛ المقصود أن الرخصة توحي بهذا الأمور كلها.
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر" ابن محمد بن عمرو "ابن حزم عن أبيه أن أبا البدَّاح" يقال: هذا اسمه، ويقال: اشتهر بهذه الكنية، ولا يعرف اسمه؛ مثل العادة أن من اشتهر بشيء يضيع غيره؛ يعني من اشتهر بالكنية يضيع عليه الاسم، ومن اشتهر بالاسم تضيع الكنية.
"ابن عاصم بن عدي" الأنصاري مولاهم "أخبره عن أبيه" عاصم: صحابي شهد أحد "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرخص لرعاء" جمع راع "لرعاء الإبل في البيتوتة" البيتوتة: مصدر بات "خارجين من منى" رعاء الإبل أرخص لهم أن يبيتوا خارج منى؛ لانشغالهم بالرعي بحيث لو تركوا هذه الإبل؛ لتفرقت يميناً وشمالاً؛ والحجاج بحاجتها؛ أرخص لهم فدل على أن المبيت واجب؛ لأنه لو كان ليس بواجب؛ لما احتاجوا أن يرخص لهم؛ السنة لا تحتاج إلى ترخيص، ومثل ما قلنا: لو كان ركناً لما أرخص فيه.

(89/18)


"يرمون يوم النحر" يرمون جمرة العقبة "ثم يرمون الغد" في الحادي عشر "ومن بعد الغد ليومين" مجموعين؛ يعني يرمون من الغد نصيب الحادي عشر، والثاني عشر كجمع التقديم "ثم يرمون يوم النفر. " يعني إن جلسوا إلى اليوم الثالث؛ يرمون يوم النفر؛ لأن يوم النفر لا يحتاج إلى أن يجمع إلى غيره؛ لأنه خفيف؛ المقصود أن هذا الذي من الحديث، ومالك -رحمه الله تعالى- تأوله على غير هذا؛ أنهم يرمون يوم العيد جمرة العقبة، ثم يؤخرون بقية الرمي إلى آخر يوم؛ فيجمعونها، ويقول: لا يقضي أحد شيئاً حتى يقضي ما يجب عليه؛ إلى الآن ما بعد وجب عليه، والظاهر من الحديث أنه جمع تقديم؛ وفهم مالك -رحمه الله تعالى- أنه نظير جمع التأخير.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سيعد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر أنه أرخص للرعاء أن يرموا بالليل" لما فاتهم رميه نهاراً؛ يرموا بالليل ما فاتهم بالرمي نهاراً؛ فهؤلاء معذورين، وعلى كل حال كون الإنسان يتولى الرمي بنفسه أولى من التوكيل؛ ولو اقتضى ذلك التأخير إلى الليل.
يقول: إنه أرخص للرعاء أن يرموا باليل، يقول: "في الزمان الأول" يعني في زمن الصحابة.

(89/19)


"قال مالك: تفسير الحديث" -حديث عاصم بن عدي الذي تقدم- تفسير الحديث "الذي أرخص فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار فيما نُرى" يعني نظن "-والله أعلم-" يعني بما أراده الرسول -عليه الصلاة والسلام- من حديثه؛ وفي هذا تحري من الإمام مالك -رحمه الله تعالى- عند إقدامه على تفسير الحديث؛ لأن تفسير الحديث مفاده أن هذا مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا الحديث، فإذا أقدم على تفسير الحديث من غير أن يقف فيه على ما يدل على تفسيره سواء كان من النصوص، أو من لغة العرب؛ لاشك أنه جاء التحذير منه؛ وهذا قول على رسول الله بغير علم، كان سلف هذه الأمة يتوقون الكلام في الغريب؛ ولما سئل الأصمعي عن الصقب في حديث الجار أحق بصقبه؛ قال: أنا لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما العرب تزعم أن الصقب هو اللزيق؛ العرب تزعم أن الصقب هو اللزيق؛ فإذا كان الأصمعي الذي يحفظ مئات الألوف من الأبيات من لغة العرب؛ من ديوان العرب؛ يقول هذا الكلام؛ فكيف بغيره الذي لا يفهم كثير من مفردات اللغة؛ فضلاً عن أن يكون حافظاً لها؟ يعني لا يفهمها لو قرأها؛ فكيف بحفظها؛ يقدمون بكل جرأة، ويتحدثون عن النصوص، ويشرحون، ويجزمون بمراد الله، ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام- بأن مراده هذا من غير تردد؛ ويمثل هذا الإقدام، وهذه الجرأة؛ لاشك أنها مذمومة؛ لكن لو أن الإنسان سمع نصاً، وسئل عنه، ولم يكن له به علم، ولا سابق مراجعة، وقال: لعل المراد كذا، لعل المراد كذا؛ فمثل هذه الحالة لا يلام؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ذكر حديث السبعين الألف ثم دخل إلى منزلة؛ توقعوا لعلهم كذا .. لعلهم كذا .. لعلهم كذا .. ما ثرَّب عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهنا الإمام مالك يقول: "فيما نُرى"، ما قال: فيما نَرى، فيما نَرى! وهو مالك نجم السنن! إمام دار الهجرة! تجد الآن الطالب وهو في مرحلة الطلب؛ والذي نراه؛ الذي عليه الأئمة كذا، والذي نراه؛ والإمام مالك يقول: "فيما نُرى" يعني نظن "-والله أعلم-" وكل العلم إلى عالمه؛ يعني والله أعلم بمراد رسوله -عليه الصلاة والسلام- "أنهم يرمون يوم النحر" جمرة

(89/20)


العقبة "فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر؛ رموا من الغد" رموا من الغد؛ يعني اليوم الثالث، الثاني عشر "وذلك يوم النفر الأول؛ فيرمون لليوم الذي مضى" الحادي عشر "ثم يرمون ليومهم ذلك" الثاني عشر على الترتيب، يرمون ليوم الحادي عشر، الأولى ثم الثانية، ثم العقبة، ثم يرجع مرة ثانية فيرمي الأولى ثم الثانية ثم جمرة العقبة، وعلل الإمام مالك ذكر العلة وأنه استمد ذلك من القياس؛ قال: "لأنه لا يقضي أحد شيءً حتى يجب عليه".
تفسير الإمام مالك لاشك أنه مخالف لظاهر الحديث؛ لاشك أنه مخالف لظهار الحديث؛ لكن مع ذلك ذكر العلة التي جعلته يختار هذا التفسير؛ قال: لأنه لا يقضي أحد شيءً حتى يجب عليه؛ "فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء بعد ذلك؛ فإن بدا لهم النفر" متعجلين "فقد فرغوا" من الرمي؛ رموا يوم النحر، ورموا في الثاني عشر؛ رمي الحادي عشر والثاني عشر؛ فرغوا من الرمي، "وإن" كانوا "أقاموا" بمنىً "إلى الغد" الثالث عشر فلم يتعجلوا "رموا مع الناس يوم النفر الآخر، ونفروا" يعني انصرفوا.
قال: "وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه" نافع مولى ابن عمر "أن ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد" ابنة الأخ هذه لم تسم، ولم يسم أخوها؛ لكن مِن أخوتها؛ من أخوة صفية بنت أبي عبيد الثقفي المختار؛ المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة؛ وصفية زوجة عبد الله بن عمر؛ وأخوها المختار بن أبي عبيد، ولا هل هذه البنت له أو لغيره.

(89/21)


ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد الثقفية؛ زوج عبد الله بن عمر "نُفِست بالمزدلفة" يعني ولدت بالمزدلفة "فتخلفت هي وصفية" أي عمتها؛ تخلفت هي وعمتها صفية "حتى أتتا منىً" يعني قد لا يستوعب الإنسان ويتصور أن امرأة تلد بالمزدلفة؛ كيف تحج وهي على هذه الحال؟ مر بنا أن أسماء بنت عميس ولدت في المحرم؛ يعني على بعض عشرة كيلوات من بيتها؛ يعني أخذها الطلق قطعاً قبل أن تخرج من بيتها؛ هنا وفي أيامنا هذه حرص على إبراء الذمة من الواجب؛ ركن من أركان الإسلام، ونسمع في أيامنا أنه مجرد ما يعرفون بالتحليل أن هناك شبة حمل؛ خلاص على الظهر؛ ما فيه لا خروج ولا دخول؛ فضلاً عن الحج؛ يمكن الصلاة بالإيماء، ومع ذلك يوجد ممن ينتسب إلى طلب العلم يقول: والله هالسنة ربيع؛ أحج السنة القادمة -إن شاء الله- سمعنا هذا، أو تسليم البحث بعد الحج مباشرة؛ هذه علل عليلة لا يقابل بها ركن من أركان الإسلام؛ فانظر حال الصحابة التي تلد بالمحرم؛ الطلق بدأ بها قبل أن تخرج من بيتها، وهذه ولدت بالمزدلفة "فتخلفت هي وصفية" هي ضمير فصل لا محل له من الإعراب؛ تُوُصِّل به إلى العطف على ضمير الرفع المتصل "حتى أتتا منىً بعد أن غربت الشمس من يوم النحر" النُفساء تحتاج إلى وقت؛ وقت الولادة يحتاج إلى شيء من العناية؛ فتأخروا ما وصلوا منى إلى أن غربت الشمس من يوم النحر "فأمرهما عبد الله بن عمر أن ترميا الجمرة حين أتتا" يعني بالليل "ولم يرى عليهما شيئاً. " لعذرهما، واستحب الإمام مالك الهدي مع ذلك؛ على كل حال الرمي بالليل محل خلاف بين أهل العلم، وفي حديث أسامة بن شريك: رميت .... لا؛ أسامة: سعيت قبل أن أطوف.
طالب: سعيت قبل أن أطوف.
نعم سعيت قبل أن أطوف؛ على كل حال مما سئل عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- في يوم النحر: رميت بعد ما أمسيت؟ قال: ((افعل ولا حرج))، والمساء كما يطلق على ما قبل غروب الشمس يطلق على ما بعده؛ لاسيما في هذه الظروف التي نعيشها مع المشقة الشديدة؛ الفتوى بجواز الرمي ليلاً أولى من التوكيل.

(89/22)


"قال يحيى: سئل مالك عمن نسي جمرة من الجمار في بعض الأيام من منى حتى يمسي؟ قال: ليرمي أي ساعة ذكر من ليل أو نهار؛ كما يصلي الصلاة إذا نسيها ثم ذكرها ليلاً، أو نهاراً؛ فإن كان ذلك بعد ما صدر وهو بمكة" يعني بعدما خرج من منى إلى مكة، ورجع منها إلى مكة، "أو بعدما يخرج منها، فعليه الهدي" واجب؛ لأنه انتهى وقته؛ لكن لو ذكر؛ هو صدر إلى مكة، ثم ذكر أن عليه رمي، ثم رجع في وقت الرمي؛ فلا شيء عليه، أما إذا انتهى وقته، أو خرج من مكة؛ فانتهى وقته؛ فحينئذ يلزمه الهدي.
نأخذ الإفاضة وإلا يكفي.
طالب:. . . . . . . . .
نقف على الإفاضة.
اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

(89/23)