شرح الموطأ عبد الكريم الخضير

بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب النكاح والطلاق (1)
باب: ما جاء في الخطبة - باب: استئذان البكر والأيم في أنفسهما - باب: ما جاء في الصداق والحباء - باب: إرخاء الستور - باب: المقام عند البكر والأيم.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
كتاب النكاح
باب: ما جاء في الخطبة
حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه)).
قال مالك -رحمه الله-: وتفسير قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما نرى -والله أعلم- لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه أن يخطب الرجل المرأة فتركن إليه، ويتفقان على صداق واحد معلوم وقد تراضيا، فهي تشترط عليه لنفسها، فتلك التي نهى أن يخطبها الرجل على خطبة أخيه، ولم يعن بذلك إذا خطب الرجل المرأة فلم يوافقها أمره، ولم تركن إليه أن لا يخطبها أحد فهذا باب فساد يدخل على الناس.
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه كان يقول في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} [(235) سورة البقرة] أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها: إنك علي لكريمة، وإني فيك لراغب، وإن الله لسائق إليك خيراً ورزقاً ونحو هذا من القول.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

(94/1)


فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النكاح
البسملة موجودة في التراجم الكبرى، الكتب، كتب هذا الكتاب مسبوقة بالبسملة، وهي موجودة أيضاً في كثير من كتب السنة كصحيح البخاري، وهي أحياناً -وهو الغالب- تقدم على الترجمة، وأحياناً تؤخر عنها، تقدم أحياناً على الترجمة كما هنا:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النكاح
وأحياناً في صحيح البخاري تؤخر عن الترجمة:
كتاب النكاح
بسم الله الرحمن الرحيم
ولكل وجه، أما تقديمها على الترجمة فهذا هو الأصل أن يبتدئ بها، وأما تأخيرها عن الترجمة فالترجمة بمثابة اسم السورة في المصحف، وهي متقدمة على البسملة، على كل حال الأمر سهل يعني سواءً تقدمت أو تأخرت، المشروع أن يبدأ بها.
قوله: "كتاب النكاح" الكتاب مضى تعريفه مراراً، وهو أنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، والمادة تدور على الجمع، فالكتب هو الجمع، والكتابة جمع واجتماع، يقال: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ومنه كما يقول أهل العلم لجماعة الخيل: كتيبة، ومنه أيضاً قول الحريري:
وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً ... ولا قرأوا ما خط في الكتبِ
يقصد بذلك الخرازين الذين يجمعون بين صفائح الجلود بخرازها، ومثل من يجمع بين الخرز مثلاً يكتبها، ينظمها في سلك واحد فيجمعها، والمراد به هنا المكتوب، اسم المصدر يراد به اسم المفعول، كالحمل يراد به المحمول، والمراد المكتوب الجامع لمسائل النكاح.
والنكاح مصدر نكح ينكح نكاحاً، والأصل فيه الضم، يقال: تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض، ويقول الشاعر:
أيها المنكح الثريا سهيلاً ... عمرك الله كيف يجتمعان؟
يعني كيف تضم سهيل وهو يماني إلى الثريا وهي شامية؟ كيف يجتمعان؟ فالمراد بالنكاح في أصل اللغة: الضم والتداخل.
وهو في الاصطلاح متردد بين العقد والوطء، فمن أهل العلم من اللغويين وغيرهم يرون أن الأصل فيه العقد، النكاح هو العقد، وإطلاقه على الوطء مجاز، ومنهم من يرى العكس، حقيقته في الوطء، وإطلاقه على العقد مجاز، ووروده في النصوص في العقد أكثر، وفي الوطء {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [(230) سورة البقرة] يعني لا بد أن توطأ بالعقد الصحيح.

(94/2)


وشيخ الإسلام يوفق بين هذه النصوص ويجمع هذه الآراء بقوله: إن النكاح المأمور به لا يصدق على واحد منها، إنما يصدق بهما مجتمعين، المأمور به، ففي قوله: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء} [(3) سورة النساء] هذا لا يتحقق بمجرد العقد، لا يتم الامتثال بمجرد العقد، يعني يعقد ويطلق ويقول: الحمد لله أنا برأت ذمتي من هذا الأمر، لا، لا بد أن يعقد، وأن يطأ، فالنكاح المأمور به لا يتحقق إلا بالأمرين، والنكاح المنهي عنه في سياق النهي يصدق على العقد وحده، وعلى الوطء وحده، {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم} [(22) سورة النساء] لا يجوز أن يعقد عليها فقط، ولا يجوز أن يطأها فقط، ومن باب أولى أن لا يجمع بينهما.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الخطبة
الخطبة: هي طلب نكاح المرأة من وليها، هذه هي الخطبة، أن يتقدم الراغب في النكاح إلى ولي امرأة تناسبه فيطلبها من وليها ليتزوجها على سنة الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه)) " الفعل خطب يخطب في البابين، في الخطب الكلامية، وفي طلب النكاح، الفعل واحد، لكن المصدر فرقوا بين الكلام وبين الرغبة في النكاح وطلبه، فقالوا بالكلام: خُطبة، وقالوا في النكاح: خِطبة للتفريق بينهم.
((لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه)) هذا نهي، وفي الذي يليه.

(94/3)


"عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه)) " والحديثان في البخاري، كلاهما مخرج في البخاري، وتفسير الخبرين عند الإمام مالك منصب ومنصرف على ما إذا تم الاتفاق وحدد المهر، تم الاتفاق، وركن إلى الخاطب، وحدد المهر والصداق، فيأتي شخص يتقدم لخطبتها، وعنده من الأوصاف أو الأحوال ما يجعله يقدم على الخاطب الأول، بأن يكون أجمل أو أصغر سناً أو أكثر تجارة، أو حتى أكثر ديانة، كل هذا لا يجوز له أن يتقدم، ولو كان أفضل وأكفأ من الذي تقدم الأول، ما دام الأول لا يجوز رده، ولو كان مفضولاً بالنسبة للخاطب الثاني، فلا يقول: والله أنا أولى بهذه المرأة الدينة الصينة العالمة العابدة من ذاك، يخشى عليها أن تضيع إذا تزوجت به، وأنا سبب لحفظها، ومتابعة علمها وعملها، لا يجوز له ذلك ولو غلب على ظنه ذلك؛ لأن هذا تعدي على حق أخيه المسلم، وهذا مما يورث البغضاء والشحناء بين المسلمين، وأيضاً فيه تزكية للنفس، وما يدريك أنك تكون سبباً لانحرافها ثم تنحرف أنت، والقلوب بيد الله -جل وعلا-، فإذا ركن إلى الشخص ومالوا إليه لا يجوز التقدم على خطبة من خطبها، ومنهم من يقول: إنه بمجرد الخطبة، ولو لم يترجح شيء، ما دام الشخص تقدم لا يجوز أن يتقدم غيره، حتى يرد رداً صريحاً، وهذا هو المناسب للفظ الحديث ولمعناه أيضاً، بمجرد ما يتقدم زيد إلى هذه الأسرة يخطب منها لا يجوز أن يتقدم غيره حتى يرد رداً صريحاً.

(94/4)


قد يقول قائل: والله هذا الشخص لا يناسب هذه المرأة، وليس من المصلحة أن تقترن به، وأنا أذهب إليهم من باب المشورة من أجل أن يردوه، ثم بعد ذلك يتقدم لخطبتها إذا ردوه، المسألة مسألة ديانة، انظر إن كنت ناصحاً بالفعل إن كان لا يصلح، لكن من الورع أن لا تتقدم لخطبتها، فالحديث وما جاء في معناه في هذا الباب وفي غيره من الأبواب نهى عن البيع على بيع أخيه، ونهى عن السوم على سوم أخيه، والخطبة على خطبته، كل هذا من أجل الصفاء والود والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم، ولا شك أن هذه من أعظم ما يوغر الصدور لا سيما في باب النكاح، يعني سائر السلع تهون عند هذا الباب، فإذا ركن إلى المرأة واقتنع بها ورآها، وتقدم لخطبتها، ووقعت في قلبه؛ لأن المسألة تقع في القلب من كثرة الترداد، ترداد الشيء في النفس، يعني لو أنه بمجرد ما قيل له في مجلس مثلاً: إن فلاناً عنده بنت تناسبك، ثم قال واحد في المجلس: ويش رأيك تتنازل لي عنها؟ أنا أرغب في هذه الأسرة، أمر سهل يعني تتنازل بسرعة، بسهولة يتنازل، لكن لما تذكر له، وتمدح له، وتتردد في خاطره وذهنه، ويتحدث بها في المجالس، ويتحدث بها إليه، خلاص صعب التنازل جداً، إلا من شخص يملك نفسه ملكاً، ويقهرها على الفضيلة.

(94/5)


هنا يقول الإمام مالك: "وتفسير قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما نرى" يعني فيما نظن، وفيما يغلب على الظن "والله أعلم لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه أن يخطب الرجل المرأة فتركن إليه" تميل إليه، "ويتفقان على صداق واحد معلوم" معناه أنه أجيب بصريح العبارة، أو بالقرينة القوية القريبة من الصريحة، ما دام حددوا الصداق فالمعنى أنهم وافقوا، جميع الأطراف وافقت على صداق "وقد تراضيا، فهي تشترط عليه لنفسها" الآن حدد الصداق، ركنت إليه، وحدد الصداق، ثم قالت للخاطب هذا الذي اتفقت معه على هذا الصداق قالت: أنا أشترط أن لا تخرجني من بلدي، أو لا تتزوج علي، أو أكمل الدراسة، أو أعمل بعد التخرج، في هذه المدة فيه ركون، وفيه تحديد للصداق، لكن أيضاً العقد الإيجاب والقبول ما تم، ما تم الإيجاب والقبول باعتبار وجود الشرط يوافق أو لا يوافق؟ في هذه المدة لا يجوز عند الإمام مالك، لكن يجوز فيما قبله، يعني لو ركنوا إليه ولا حدد الصداق، يجوز عندهم، لكن لفظ الحديث يشمل جميع ما يخدش في نفسية المتقدم الأول؛ لأن المعنى الذي من أجله منع هو المحافظة على سلامة القلوب بين أفراد المجتمع المسلم، وكونه يتقدم ولا يدرى هل يعطى أو يرد، إذا تقدم أحد بين يديه هذا لا شك أنه يؤثر عليه، قد يقول قائل: إنه يؤثر عليه ولو رد رداً صراحاً؛ لأن بعض الناس إذا خطب امرأة ثم ردوه رداً صريحاً قالوا: لا والله أنت لا تناسبنا ولا نناسبك، فردوه رداً صريحاً، بعضهم هذا المردود قد يكره، ويجد في نفسه شيئاً على من تقدم لخطبتها بعده، هذه الكراهية بدون حق، فلا يلتفت إليها، يعني وجودها مثل عدمها، فإذا رد رداً صريحاً لأي مسلم أن يتقدم لخطبتها.

(94/6)


"فتلك التي نهى أن يخطبها الرجل على خطبة أخيه، ولم يعن بذلك إذا خطب الرجل المرأة فلم يوافقها أمره، ولم تركن إليه" ولم تمل إليه، أن لا يخطبها أحد، لا، ليس معنى هذا أنه إذا رد الخاطب الأول أنه خلاص يمتنع منها غيره من خطبتها، ولو وقع خشية أن يقع في نفس الخاطب الأول شيء، هذا لا التفات إليه، قال: "وليس المراد إذا خطب الرجل المرأة فلم يوافقها أمره، ولم تركن إليه أن لا يخطبها أحد، فهذا باب فساد يدخل على الناس" الخطبة إذا رد الخاطب ما في خطبة أصلاً خلاص انتهت، طلب ورد وانتهى، فلا يدخل في عموم الحديث، لفظ الحديث لا يشمل هذه الصورة؛ لأنها لا تسمى خطبة، ما دام رد فليست بخطبة، الخطبة ما زالت قائمة، والمسألة فيها مداولة، وفيها احتمال، نعم الخطبة قائمة، فلا يجوز أن يخطب على خطبته، أما إذا رد فالخطبة ملغاة، لا وجود لها، ولا قيمة لها، فلا يتردد في خطبتها بعد خطبة الأول المردود، ولو تردد الناس عن خطبتها لأن فلاناً خطبها حصل من هذا ما ذكره المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: "فهذا باب فساد يدخل على الناس" لأنه قد يسول إليهم أن هذا يؤثر على ذلك الخاطب، لكنه لا يجوز أن تترك هذه المرأة لأن فلاناً تقدم إليها ولم ... ، قد يكون بعض الخطاب ممن يخشى شره، وفي هذا عوائد لبعض القبائل يسمونه تحيير، خلاص فلانة محجوزة لفلان، فلانة لا تريد فلان، أبوها لا يريد فلان، خلاص الآن محيرة ما يمكن يتقدم أحد لخطبتها، وخطر أن يؤذى أو يقتل إذا تقدم إليها، هذا لا يجوز ألبتة، هذا اعتداء محرم، لا يجوز أن تعضل النساء بمثل هذه الطريقة، وقد يكون الأب يركن إلى هذا الرجل؛ لأنه ابن أخيه أو ابن عمه، فتحجز له بالاتفاق مع والدها، لكن البنت لا ترضى بهذا، المرأة أحق بنفسها مهما كان، ولا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن على ما سيأتي.

(94/7)


قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه كان يقول في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} [(235) سورة البقرة] ".

(94/8)


المرأة إذا توفي عنها زوجها، هي ذات زوج، وهي معروفة في بيئتها، في أقارب زوجها، في جيرانها، قد تكون متميزة، فكثير من الأقارب وبعض الجيران تحدثه نفسه أن يتزوجها بعد وفاة زوجها، في مدة الإحداد، في مدة العدة لا يجوز بحال أن يصرح لها بالخطبة {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} [(235) سورة البقرة] مذكور في النفس يعني، التطلع إليها مذكور في النفوس، لكن التصريح لا يجوز بحال، حرام، أما بالنسبة للتعريض والتلميح فهو جائز {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [(235) سورة البقرة] الإثم معروف {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء} [(235) سورة البقرة] تعريض {أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ} [(235) سورة البقرة] موجود في النفس أنه يريد الزواج بها {عَلِمَ اللهُ} [(235) سورة البقرة] ما خفي منكم في نفوسكم، لا يخفى على الذي يعلم السر، وما هو أخفى من السر {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [(235) سورة البقرة] ما ترفع سماعة التليفون وتكلم عليها تقول: أنت محجوزة، أو يصرح لها بالخطبة، التصريح لا يجوز لا سراً ولا علناً، وأما بالنسبة ... ، التلميح السري أيضاً يدخل في عموم الآية، والتلميح بمحضر من الناس، أو على ألا يكون سراً هذا لا بأس به، والجناح والإثم مرفوع عنه؛ لأن الاتفاق بالسر إن كان صريحاً فلا إشكال فيه، وإن كان تلميحاً فلا شك أنه يقع في نفسها الاتفاق بينها وبينه، وقد يستدرجها، وقد تستدرجه بالكلام، ويجر إلى ما هو أصرح من ذلك، ثم بعد ذلك يتم الاتفاق، وقد تجحد باقي العدة وباقي الإحداد، فيؤول الأمر إلى المحظور، {وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} [(235) سورة البقرة] هذا بالنسبة لمن توفي زوجها، فما الشأن بالنسبة لمن هي في عصمة زوج، يعني بعض السفهاء قد تعجبه امرأة فلان من الناس فيتصل عليها فيقول: لي فيك رغبة، إذا توفي فلان أو طلقك فلان، هذا لا يجوز بحال، لا تصريح ولا تلميح، ووصل الحد عند بعضهم إلى التخبيب بأنه أفضل من فلان، وأنه يدفع أكثر من فلان، وأنه يقدر ويحترم النساء أكثر

(94/9)


من فلان، ثم بعد ذلك تحاول وتنكد على زوجها حتى يطلقها، هذا لا يجوز، بل هذا ملعون ((من خبب زوجة على زوجها)).
" {إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} [(235) سورة البقرة] أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها: إنك علي لكريمة" دل على أن له رغبة فيها، وإني فيك لراغب، وإذا حللت فآذنيني كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لفاطمة بنت قيس لما مات عنها زوجها ((إذا حللت فآذنيني، وإن الله لسائق إليك خيراً ورزقاًً)) ونحو هذا من القول، الذي فيه التعريض وليس فيه التصريح.
لو قال شخص: أنا لا أريدها لنفسي، لكن أطلبها صراحة من نفسها لفلان من الناس، الخطبة الصريحة سواء كانت له أو لغيره لا تجوز، ولا يجوز في هذه الحالة إلا التعريض، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال: ((إذا حللت فآذنيني)) لا يريدها لنفسه، وإنما أشار عليها بأسامة بن زيد -رضي الله عنه-، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: استئذان البكر والأيم في أنفسهما
حدثني مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله كانا ينكحان بناتهما الأبكار ولا يستأمرانهن.
قال مالك: وذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار.
قال مالك: وليس للبكر جواز في مالها حتى تدخل بيتها، ويعرف من حالها.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار كانوا يقولون في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها: إن ذلك لازم لها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: استئذان البكر والأيم في أنفسهما

(94/10)


الاستئذان يعني طلب الإذن بالنسبة للبنت المخطوبة، وسواءً كانت بكراً أو أيماً، لا بد أن تستأذن، لا بد أن يستأذن الجميع، لا بد من أخذ الإذن، من طلب الإذن، لكن يتفاوت الجواب، البكر يكفي صماتها، إذا سكتت فهو علامة القبول، وأذنها صامتها، وأما بالنسبة للأيم الثيب فلا بد أن تصرح بالقبول أو الرد، والسبب أن البكر غر، لم تجرب، ولا عاشرت الرجال، بخلاف الثيب فإنها لمخالطتها ومعاشرتها الزوج الأول انكسر عندها شدة الحياء، لا أقول: انكسر الحياء، وإنما شدته، وأما بالنسبة للعذراء البكر فإنها لا تستطيع أن تتكلم بكلمة، وهذا هو الأصل في البنت الباقية على عفتها وصيانتها وفطرتها، وأما الآن تغير الحال، وانكسر الحاجز فصارت البنت هي التي تخطب لنفسها، وتكتب في أشرطة القنوات وهي بنت ما زالت قبل العشرين من عمرها، ما عاشرت رجال إلا أن الخلطة أزالت وكسرت حاجز الحياء، فصار البنات أكثر كلاماً من أمهاتهم في هذا الباب، ويتكلمون في الكلام الصريح والقبيح أيضاً، -نسأل الله السلامة والعافية-، يعني هذه النصوص التي معنا تدل على أن الفطرة تمنع البنت البكر من أن تتكلم، ولا تهز ولا رأسها، ما تقول: لا نعم ولا لا، ولا تحرك رأسها، إنما تسكت، هذا يدل على القبول، وأما الرفض فلا علاقة له بالحياء إلا إذا رفضت رفضاً مقروناً بشيء يخدش الحياء، لو أبدت عذراً مما يتعلق بأمور الجنس مثلاً لرفضه هذا خدش في الحياء، لكن إما أن تسكت أو تقول: لا أريده، هذا الأصل في البكر، والآن انظر ترى، الكلام بدايته ونهايته مع هذه البنت؛ لسهولة الاتصال، ولكثرة الاختلاط بالرجال الذي سهل وكسر الحاجز كسراً، ما فتح باب، كسره كسراً، وتجد البنت تتكلم بملء فيها، وتتشدق فيه، وتنطق بمثل هذا الكلام بأحكام التجويد أيضاً، ما يكفي أنها كلام عادي، تتشدق تشدقاً، يعني يسمع كلام شيء ما يجرؤ عليه ولا الرجال، وعرفنا في جيلنا أن الولد لا يتكلم، الأب يقول: خطبنا لك فلانة والله ما يرد كلمة، لا إيه ولا لا، كله من الحياء، نعم الحياء إلى هذا الحد قد يوقع الإنسان في الدخول على امرأة لا تناسبه، وقد لا تطول معها عشرته، فهذا الحياء إلى هذا الحد فيه ما فيه، لكن يبقى أنه حياء،

(94/11)


والحياء خير كله، وكم من إنسان خطب له امرأة لا يريدها، ولم يستطع أن يعترض، وهي لا تناسبه، ومع ذلك مشت أموره على أفضل حال، فإذا كان هذا في الرجال فما شأن النساء؟ وكانت النساء تستعد لليلة الدخول بالملابس القوية الصفيقة، وقد تستعمل أربطة وأحزمة، لا يمكن تجاوزها إلا بسكين وشبهها، وأما الآن فتستقبله عند باب الغرفة بوضع لا يمكن أن يذكر في مثل هذا المجلس، والحوادث والقصص كثيرة، يعني كأنها تزوجته من عشر سنين، والله المستعان.
"حدثني مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم" لا شك أن كثرة الإمساس يقلل الإحساس، وكون المرأة من صغرها من ست سنوات وهي خراجة ولاجة يومياً تذهب إلى الدراسة وترجع في الصباح، وفي المساء في الأسواق، وفي الليل في الاجتماعات، ويمين ويسار، هذا لا يبقي على شيء من الحياء، وخير مال المرأة أن لا ترى الرجال ولا يرونها، وإذا لم ترهم في الشارع رأتهم في البيت في القنوات وغيرها، والله المستعان.
"حدثني مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم".
يعني وإذا تطرقنا لمسألة مشاهدة القنوات فالضرر حاصل بجميع القنوات من غير استثناء بالنسبة للنساء في نظرهن للرجال، وكم من بنت صالحة فتنت بشيخ، بعالم، طالب علم، من خلال شكله مثلاً، أو من خلال طريقته في عرض العلم؛ لأن بعض طالبات العلم يستهويهن هذا، ويغفلن عما عداه، وأما بالنسبة للشكل فحدث ولا حرج، وطلاب العلم الذين يخرجون في القنوات يضايقون؛ لأنه عرفهم كثير من البنات، بما في ذلك طالبات العلم، والمسألة مسألة غريزة وجبلة يشترك فيها الجميع، وحسم الباب بالكلية، وقطع دابر الفساد من جذوره هذا هو الأولى، وهو الأحرى، وهو اللائق بالمسلم المتحري الحريص على عرضه وعلى دينه، وعلى أهله.

(94/12)


قال: "حدثني مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الأيم أحق بنفسها من وليها)) " الأيم: هي الثيب، والأصل فيه من لا زوج له من ذكر أو أنثى، بكراً أو ثيباً، هذا الأصل لكنه في الحديث وفي العرف ينصرف إلى الثيب، الثيب ((أحق بنفسها من وليها)) الكلمة الأولى والأخيرة لها، إذا خطبت من وليها، الخطبة لا تكون منها، إنما الخطبة من وليها، فهو الذي يتولى أمرها، لكن القبول والرد بيدها، الأب له أن يشير عليها، وله أن يوضح لها ما في الخاطب من محاسن، أو من مساوئ، ثم بعد ذلك تقرر، فهي أحق بنفسها من وليها، لكن إذا لم يبق إلا الإيجاب والقبول فهو للولي لا لها، كما هو معروف، وهو قول جماهير أهل العلم، ولا نكاح إلا بولي.
((الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها)) أحق: أفعل تفضيل، فهي أولى من وليها، لكن هل هذا ينفي أن للولي حقاً في موليته ولو كانت أيماً؟ نعم؟ أفعل التفضيل ويش يقتضي؟ عندنا أيم، وعندنا ولي، الأيم أحق من الولي، أفعل التفضيل يقتضي أن هناك شيئين اشتركا في وصف فاق أحدهما الآخر في هذا الوصف، فالأيم لها حق والولي له حق، إلا أن حق الأيم أعظم، فهي أحق بنفسها، والولي يبقى له حق، لكنه مفضول، لا يعني أن الولي وجوده مثل عدمه، أو أن الأب والأخ والعم وغيره من الأولياء كسائر الناس، لا، له حق، لكنها هي أحق بهذا الحق.
((الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها)) يعني الأمر للمرأة، سواءً كانت أيماً أو بكراً، والفرق بينهما أن الأيم تملك من الأمر قل: تسعين بالمائة؛ لأنها أحق من وليها، والبكر أيضاً تملك إذا استأذنت الرفض، وإذا قبلت تسكت، ((وإذنها صماتها)) فحقها في هذا الأمر أقل من حق الثيب، وإن كانت الرد والقبول النهائي من المرأة سواءً كانت بكراً أو أيماً، والوالد له أن يبين المحاسن، وله أن يضغط ضغطاً لا يجعله يلغي حرية اختيارها، لكن إذا رأى المصلحة راجحة عليه أن يبين المحاسن، ويكرر القول، ويقنع البنت بالأسلوب المناسب، لكن ليس له أن يلغي حريتها.

(94/13)


قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب: "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان" يعني إذا كان الأمر لها هي التي تقبل، وهي التي ترفض فما فائدة الولي؟ الولي للتفريق بين النكاح والسفاح، يعني لو ولم يوجد ولي ويشترط ولي لكان كل من عثر عليهما في اجتماع محرم قالت: أنكحتك نفسي وانتهى الإشكال، وقال: قبلت، وقالت: هذا زوجي، أنكحته نفسي وقبل هذا الزواج، فلا يكون هناك فرق بين العقد الصحيح، والزنا، ما يكون هناك فرق، والشرع يأتي بحسم كل أمر يؤول إلى فساد، ويترتب على القول بعدم اشتراط الولي مثلما ذكرنا، وهذا كثير في البلدان التي تعتنق المذهب الذي لا يشترط الولي، يعني إذا عثر على بغي مع فاجر، قالت: والله أنكحته نفسي وانتهى الإشكال، نسأل الله العافية، وكم من قالت مثل هذا الكلام، ووافقها الرجل، وهي في ذمة زوج آخر، كل هذا بسبب التساهل، في الخلوات المحرمة، والاختلاط المحرم، والتبرج المحرم، وكون مثل هذا الرأي يسود في مجتمعات المسلمين، أيضاً هو من وسائل تسهيل هذا الأمر.
"قال عمر بن الخطاب: "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها" والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لا نكاح إلا بولي)).
"أو ذي الرأي من أهلها" يعني إذا لم يوجد الولي الأقرب ينتقل إلى ولي أبعد، ويشترط فيه أن يكون من أهل الرأي والحزم، الذي يعرف المصلحة والمفسدة المتعلقة بهذه المولية، أما إذا لم يوجد ولي ألبتة لا من الأقارب ولا من الأباعد فالسلطان ولي من لا ولي له.

(94/14)


يوجد في بعض البلدان أناس وفدوا على هذا البلد من غير أهله، ويكون الولي في بلده، وهو بعيد لا يمكن مكاتبته، ولا يمكن الذهاب إليه، ولا يمكن إتيانه، فتجدهم يتساهلون في مثل هذا تساهل كثير، يعني يوجد من الوافدين من يتساهل في هذا الباب، فالأم تقول: أنا الولي، ومعي ولاية، وعندي ولاية من بلدنا، وتجد ... ، المرأة لا تتولى على نفسها فضلاً عن أن تتولى عن غيرها، أو تقول: هذا أخوها أو عمها، ثم يتبين أنه لا تمت له بصلة، أو يتصل على شخص في بلدها فيقول: هذا أبوها، فيقول: أنكحتك، كل هذا تساهل غير مرضي، ولا يجوز ألبتة، فإذا لم يحضر الولي يرسل، ينيب من يعقد عنه، ويرسل وكالة شرعية معتبرة بالشهود الثقات الأثبات، وما عدا ذلك فلا.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله" من الفقهاء السبعة، فقهاء المدينة، "كانا ينكحان بناتهما الأبكار ولا يستأمرانهن" أما البنت الصغيرة التي لم تكلف، لم تبلغ سن المحيض، لم تحض، هذه لأبيها فقط أن يجبرها، وليس ذلك لغيره من الأولياء، ولا إذن لها، ولا أمر لها، النبي -عليه الصلاة والسلام- عقد على عائشة وعمرها ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع، فهل يتصور عن بنت ست سنين تملك الإذن، وتعرف مصلحتها لتقبل أو ترفض؟ لا، فغير المكلفة يزوجها أبوها فقط؛ لأنه أعرف بمصلحتها، وألطف بها، وأرأف بها من نفسها ومن غيرها، فلا يتصور فيه أن يغشها، أما إذا بلغت سن المحيض فهذه لا سلطان لأحد عليها، أمرها بيدها، عن طريق وليها، وهنا يقول: "بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله كانا ينكحان بناتهما الأبكار ولا يستأمرانهن".
"قال مالك: وذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار" يعني عند المالكية البكر لا رأي لها، يجبرها أبوها، وهو المعروف عند الحنابلة أيضاً.
ومنهم من يصححه نكاح الصغيرة، منهم من يصححه موقوفاً، بمعنى أنها إذا بلغت اختارت، ولا شك أن ما يذهب إليه الإمام مالك وهو مذهب الحنابلة من أن البكر تجبر مخالف للنصوص الصحيحة الصريحة، فلا إجبار بعد التكليف، ولا يجبر قبل التكليف إلا الأب.

(94/15)


قال مالك: "وليس للبكر جواز في مالها" يعني لا تتصرف، أخذت الصداق، فلا تتصرف فيه، جواز في مالها حتى تدخل بيتها، يعني تنتقل من ولاية أبيها، فتتصرف تحت نظر زوجها، ويعرف من حالها أنها تحسن التصرف، يعني إذا اختبرت وبان أنها تحسن التصرف تتصرف، فلا تتصرف في مالها حتى تفارق وتخرج عن ولاية أبيها إلى زوجها، ويعرف من حالها أنها تحسن التصرف.
والمرأة تملك المال لأنها حرة مكلفة رشيدة، وقد تملك قبل ذلك، قبل الرشد تملك، بالإرث مثلاً، بالبيع والشراء، وإذا ملكت لها أن تتصرف بمقتضى الملك، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما خطب في العيد وعظ النساء وذكرهن، وأمرهن بالصدقة، فصرن يتصدقن من غير إذن أزواجهن.

(94/16)


وفي سنن أبي داود حديث حسنه أهل العلم: "أن المرأة ليس لها أن تتصدق ولا تتصرف إلا بإذن زوجها" فإما أن يحمل هذا على أنه من باب الاستحباب والإرشاد، أو يقال: إن الصدقة بالشيء اليسير لا يحتاج إلى إذن، وأما الشيء الكبير فيحتاج إلى إذن، ومعروف أن تصرف المرأة في الغالب نفعه أقل من ضرره، فهي لا تحسن التصرف، ولا يقال: إن الإسلام بخس المرأة حقها، وجعل عليها الولاية للرجل، نعم عليها الولاية للرجل، يعني ولا نستطيع أن نتبرأ من مثل هذا، أو نتنصل عنه، لكن كما قال الله -جل وعلا-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [(228) سورة البقرة] لكن الرجال مفضلون على النساء من هذا الباب، وهم أولياء الأمور، ولهم الكلمة النافذة على نسائهم، ومع ذلك المرأة كاملة الحرية، ولها من الحقوق مثل الذي عليها، بل جعل الشرع لها من الصيانة والحقوق على الزوج أكثر مما للزوج عليها، يعني من حيث حفظ الحقوق والرعاية؛ لأن جانبها ضعيف، فجاء التشديد في حقها، وأما الزوج فبقوته وسلطانه عليها لا يحتاج إلى مثل هذا التشديد، نظير ذلك ما جاء في النصوص من التشديد في حقوق الوالدين، لم يجيء نظيره من التشديد في حقوق الأولاد؛ لأن الولد ليس عنده من الغريزة ومن العطف والشفقة على والديه مثل ما عند الوالدين للولد، ولذا تجد أمور البر مشدد فيها؛ لأنها بصدد أن تضيع حقوق الوالدين بخلاف حقوق الأولاد، وكذلك حق المرأة واليتيم جاء التشديد فيهما، وظلم النساء جاء النهي عنه، والتحذير منه في خطبة حجة الوداع، ((عوان عندكم)) أسيرات عندكم، فلا يجوز ظلمهن بحال، ومع ذلك لهن من الحقوق وعليهن من الحقوق ما بينته الشريعة، وكفلته للطرفين.

(94/17)


"وبلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار" وكلهم من الفقهاء السبعة "كانوا يقولون في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها: إن ذلك لازم لها" لازم لها هذا يتجه إذا رضيت بعد ذلك، يعني أكرهت على الزواج فقبلت ذلك، لكن لو خاصمت لما صار لإكراهه أثر، والمرأة التي جاءت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع خسيسته، فخيرها النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: قبلت ما قبل أبي، وإنما أردت أن أبين أن الرجال ليس لهم سلطان على النساء، أو كما جاء في الخبر.
طيب هنا باب استئذان البكر يعني ما حكمه؟ ما جزم بحكمه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو حكم بأن الإجبار جائز من الأب، وهذا يقول: ذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار، ما حكمه؟ استئذان البكر والأيم في أنفسهما ما حكمه؟ تبينه النصوص، هنا ما جزم، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الصداق والحباء
حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ )) فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، فالتمس شيئاً)) فقال: ما أجد شيئاً، قال: ((التمس ولو خاتماً من حديد)) فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل معك من القرآن شيء؟ )) فقال: نعم معي سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أنكحتكها بما معك من القرآن))
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: "أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً، وذلك لزوجها غرمٌ على وليها".

(94/18)


قال مالك -رحمه الله تعالى-: وإنما يكون ذلك غرماً على وليها لزوجها إذا كان وليها الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها، أو من يرى أنه يعلم ذلك منها، فأما إذا كان وليها الذي أنكحها ابن عم، أو مولى، أو من العشيرة ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه غرم، وترد تلك المرأة ما أخذته من صداقها، ويترك لها قدر ما تستحل به.
وحدثني عن مالك عن نافع أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها بنت زيد بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات ولم يدخل بها، ولم يسم لها صداقاً، فابتغت أمها صداقها، فقال عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: "ليس لها صداق، ولو كان لها صداق لم نمسكه ولم نظلمها"، فأبت أمها أن تقبل ذلك، فجعلوا بينهم زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- فقضى أن لا صداق لها، ولها الميراث.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- كتب في خلافته إلى بعض عماله أن كل ما اشترط المنكح من كان أباً أو غيره من حباءٍ أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته.
قال مالك في المرأة ينكحها أبوها، ويشترط في صداقها الحباء يحبى به: إن ما كان من شرط يقع به النكاح فهو لابنته إن ابتغته، وإن فارقها زوجها قبل أن يدخل بها فلزوجها شطر الحباء الذي وقع به النكاح.
قال مالك في الرجل يزوج ابنه صغيراً لا مال له: إن الصداق على أبيه إذا كان الغلام يوم تزوج لا مال له، وإن كان للغلام مال فالصداق في مال الغلام إلا أن يسمي الأب أن الصداق عليه، وذلك النكاح ثابت على الابن إذا كان صغيراً، وكان في ولاية أبيه.
قال مالك في طلاق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها وهي بكر فيعفو أبوها عن نصف الصداق: إن ذلك جائز لزوجها من أبيها فيما وضع عنه.
قال مالك: وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ} [(237) سورة البقرة] فهن النساء اللاتي قد دخل بهن {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [(237) سورة البقرة] فهو الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته.
قال مالك: وهذا الذي سمعت في ذلك، والذي عليه الأمر عندنا.

(94/19)


قال مالك في اليهودية أو النصرانية تحت اليهودي أو النصراني فتسلم قبل أن يدخل بها: إنه لا صداق لها.
قال مالك: لا أرى أن تنكح المرأة بأقلِ من ربع دينار ...
بأقلَ.
أحسن الله إليك.
لا أرى أن تنكح المرأة بأقلَ من ربع دينار، وذلك أدنى ما يجب فيه القطع.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الصداق والحباء
الصداق والصِداق، والصدُقة هو ما يدفع إلى المرأة في مقابل النكاح والزواج بها، والصداق واجب، لا نكاح إلا بالصداق، والهبة خاصة بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، والمراد بها الهبة الخالية عن الصداق، أما المرأة تهب نفسها لمن ترتضيه زوجاً لها، بالشروط المعتبرة، أو يهبها وليها ويهديها ويقدمها إلى من يرتضيه صهراً له، بالشروط المعتبرة، فهذا لا إشكال فيه، فعرض عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ابنته على عبد الله بن مسعود، {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [(50) سورة الأحزاب] هذا أمر مفروغ منه ولو بغير صداق، وهذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [(50) سورة الأحزاب]، المؤمن هل يجوز أن يهدي الرجل ابنته على رجل صالح يرتضيه، أو امرأة تخطب رجلاً صالحاً ترتضيه من نفسها؟ نعم يجوز بالشروط المعتبرة، بالصداق الواجب، لا بد من هذا، وليس في هذا حسم للبحث عن الرجال الصالحين، من قبل النساء أو من قبل الأولياء، ليس فيه حسم للباب، بل هذا مندوب إليه، كما فعل عثمان مع ابن مسعود.
الحباء: هو العطية التي لا يرجى لها عوض.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم بن دينار" يعني سلمة بن دينار "عن سهل بن سعد الساعدي" وهو الذي يروي ... ، سلمة بن دينار هو الذي يروي عن سهل بن سعد؛ لأنه يأتي كذا عن أبي حازم عن سهل، عن أبي حازم عن أبي هريرة، فالذي يروي عن سهل هو ابن دينار، سلمة بن دينار الزاهد المعروف، والذي يروي عن أبي هريرة هو سلمان.

(94/20)


"عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك" وهي غير الواهبة المذكورة في القرآن "وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً" سكت النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قبل ولا رد، إنما صعد فيها النظر وصوبه، نظر إلى أعلاها وأسفلها، ولا يقال: إنها كاشفة أو متبرجة، لا ما يلزم، بل هي مستترة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- بمحضر من أصحابه، صعد فيها النظر وصوبه فما رغب فيها "قامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة" والقصة في الصحيحين كما هو معروف "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ )) " أو تصدقه إياها؟ أيهما أفصح؟ تصدقه إياها أو تصدقها إياه؟ كلاهما جائز، هما مفعولان تقدم الأول على الثاني, والثاني على الأول، كلاهما جائز، لكن أيهما أفصح؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الكلام في المفعولين، تصدقه إياها أو تصدقها إياه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تصدقه إياها أو تصدقها إياه؟ هما مفعولان، يقولون: الأفصح تقديم الفاعل دون المفعول، إيش معناه؟ يعني هذان المفعول أحدهما آخذ والثاني مأخوذ، فالمرأة آخذة، والصداق مأخوذ، فالمقدم هنا أيهما؟ تصدقها إياه، مع أنه لو قدم المفعول الثاني ما في إشكال؛ لأن المعنى لا التباس فيه وواضح.

(94/21)


" ((تصدقها إياه)) فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إزارك ما تصنع به؟ إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، فالتمس شيئاً)) " إن أعطيتها إياه جلست بدون إزار، وإن قسمته نصفين فاتت فائدته ومنفعته على الطرفين، لم تستفد أنت ولم تستفد هي " ((فالتمس شيئاً)) فقال: ما أجد شيئاً، قال: ((التمس ولو خاتماً من حديد)) " خاتماً خبر كان المحذوف، وهو لو كان الملتمسُ خاتماً من حديث "فالتمس فلم يجد شيئاً" في حديث أخرجه الحاكم وصححه ابن حجر وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- زوج امرأة على خاتم من حديد، بهذا اللفظ مراداً به حقيقة الزواج ليس بصحيح؛ لأنه مأخوذ من هذه القصة، والقصة ليس فيها أنه زوجه على خاتم من حديد؛ لأنه ما وجد ولا خاتم من حديد، وإن كان المراد بزوّج أراد فالكلام صحيح، إذا حمل زوج على أراد لأن الفعل يطلق ويراد به إرادة الفعل ((إذا دخل أحدكم الخلاء)) يعني إذا أراد أن يدخل {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [(98) سورة النحل] إذا أردت القراءة وهكذا، فإذا كان المراد بالخبر أراد تزويج رجل على خاتم من حديد فهذا صحيح، ويدل له هذه القصة، أما كونه أن المرأة استلمت الخاتم من الحديد صداقاً لها ومهر هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن القصة كلها تدور ... ، الخبر يرد إلى هذا "فقال: ((التمس ولو خاتماً من حديد)) فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل معك من القرآن شيء؟ )) فقال: نعم معي سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أنكحتكها بما معك من القرآن)) " فالقرآن يصح أن يكون صداقاً، والتعليم منفعة، والمنفعة يجوز أن تكون صداقاً كما في قصة موسى مع صاحب مدين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الحديد حلية أهل النار، البخاري ضعف ذاك الحديث بهذا الحديث، البخاري -رحمه الله- ضعف الحديث ذاك بهذا.

(94/22)


((أنكحتكها بما معك من القرآن)) أي تعلمها ما معك من القرآن فصار يعلمها، ويستدل بهذا من يرى جواز جعل المنفعة صداقاً، وأيضاً هذه المنفعة غير محددة، وإن كانت محددة السور، يعني هل يجوز أن تأتي بأجير فتقول: حفّظ ولدي سورة البقرة بألف ريال مثلاً يجوز وإلا ما يجوز؟
طالب:. . . . . . . . .
يجوز؟ العمل معلوم وإلا مجهول؟ العمل محدد ومعلوم ما في إشكال، لكن مدته معلومة وإلا مجهولة؟
طالب:. . . . . . . . .
مجهولة جهالة متباينة، يمكن أن يحفظ البقرة بأسبوع، ويمكن يمر عليه سنة ما حفظها، فإذا تطرقت الجهالة إلى مثل هذا العمل تصح الإجارة وإلا ما تصح؟
طالب:. . . . . . . . .
هي ما تعلم المدة، حفظ ولدي سورة البقرة بكذا، طيب، لو جيء بمقاول وقيل: اهدم هذا المسجد بعشرة آلاف، العمل معلوم، لكن المدة؟
طالب: المدة غير معلومة، لكن المدة مستعاضة بالإجارة خلاف هذا ....
لا المباني تتفاوت، يعني كانت البيوت من طين، والطين يتفاوت تفاوتاً شديداً جداً، بعض الجدران من الطين بمجرد ما تدفعها تسقط، وبعضها تعجز عنها الآلات، أشد من الخرسان، فإذا قبل الأجير أن يهدم هذا البيت بألف ريال مثلاً، وفي تقديره أنه ينهيه بيوم، فأخذ عليه شهر، تباين كبير في البيوت ...
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب: حتى في الخرسانات ....
إيه لكنها في الجملة يعني إذا رآها عرف، إذا أدار النظر فيه وعرف سمك الصبات في الغالب متقاربة، الناس يحسنون تقدير مثل هذه الأمور، لكن عمل الطين يتفاوت من ماهر إلى آخر، فهذه المدة ليست معلومة، وجرت عقود في هذا المجال على أساس أن العامل ينقض هذا المنزل لبنة لبنة، في مدة يسيرة، فتبين أنه عجز عن هذا لمدة طويلة، فهل يكفي العلم بالعمل المتعاقد عليه أو لا بد من العلم به وبمدته؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو يقول: حفظه مدة شهر، حفظ وإلا ما حفظ، فإذا تم الشهر انتهى، إذا كان العقد على المدة، هو إذا عاقده على الأمرين، حفّظ ابني البقرة في شهر، فيكون العقد على الأمرين، يلاحظ فيه الحفظ ويلاحظ فيه أيضاً المدة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ثماني حجج، ثمان سنين، المدة معروفة.
طالب:. . . . . . . . .

(94/23)


أما أصل الجهالة، مبدأ الجهالة موجود، لكن لا بد أن تكون الجهالة مغتفرة، الذي يريد أن يهدم هذا المبنى يعرف أن هذا صبة العمود، وفي الغالب أن حديده وسمكه كذا، لكن لو تبين أن حديده عشرة أضعاف يدعي الغبن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
جعالة، ما يصير إجارة، الجعالة يتجاوز فيها إذا كانت جعالة.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب: "أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً" هذه أمثلة للعيوب التي ترد بها المرأة، أمثلة، بها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً "وذلك لزوجها غرمٌ على وليها".
لأنه هو الذي غر الزوج، الصداق للمرأة كامل، ويرجع الزوج على وليها، هو الذي غره، هذه الأمثلة التي ذكرت بها جنون أو جذام أو برص، هذه أمور متفق عليها، لكن ماذا عن العمى؟ لو كانت المولية عمياء، وما ذكر له أنها عمياء؟ مثل هذا وإلا لا؟ دخل عليها فإذا هي عمياء.
طالب: مثله ....
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب العمى يرد به وإلا ما يرد به؟ ما يرد به، تزوجها على أنها مبصرة وتبين عمياء؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يتعدى، والجنون؟ لا شك أن العمى عيب يرد به، ولو جحد عن المخطوبة وما ذكر لها أن الخاطب أعمى ثم تبين أعمى تطلب فسخ وإلا ما تطلب؟ تطلب الفسخ، في مختصر خليل عند المالكية يقول: ويجوز كتم العمى عن الخاطب، في أحد منهم، من المالكية له عناية بمختصر خليل، يقول: يجوز كتم العمى عن الخاطب، ولا شك أنه لو علم به ما قبله، فلا يجوز كتمه عليه، وذلك لزوجها غرم على وليها؛ لأنه هو الذي غره، وهو الذي غشه.

(94/24)


"قال مالك: وإنما يكون ذلك غرماً على وليها لزوجها إذا كان وليها الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها" يعني علم بعيبها، أو من يرى أنه يعلم ذلك منها، من علم بهذا العيب ولم يبينه للخاطب هو الذي يغرم، فأما إذا كان وليها الذي أنكحها ابن عم، أو مولى، ابن عم لا يعرف هذا مثلاً هذه البقعة من البرص، أو شيء من هذا في بدنها لا يدري، أو من العشيرة ممن هو أبعد من ذلك "ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه غرم" لأنه ما غش، ولا علم بالعيب "وترد تلك المرأة ما أخذته من صداقها" دفع لها خمسين ألف ترد صداقها "إلا قدر ما تستحل به" يعني أرش البكارة، يعني ما استحله من فرجها، فتأخذه وما عدا ذلك ترده.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها بنت زيد بن الخطاب كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر -ابن عمها- فمات ولم يدخل بها" مات قبل الدخول، ولم يسم لها صداقاً، يعني لو سمى لها صداقاً تستحقه كاملاً، لو طلقها قبل الدخول وسمى لها صداقاً تستحق منه النصف "ولم يسم لها صداقاً فابتغت أمها صداقها، فقال عبد الله بن عمر: "ليس لها صداق" لأنه لم يسم "ولو كان لها صداق لم نمسكه ولم نظلمها" كيف وهو عمها، وقد عرف بتحريه واتباعه؟! "فأبت أمها أن تقبل ذلك، فجعلوا بينهم" يعني حكماً "زيد بن ثابت فقضى أن لا صداق لها، ولها الميراث" لأنه لو سمي استحقته، لكن ما دام لم يسم فلا تستحقه "ولها الميراث" ترث "وعليها العدة" عليها العدة في حال الموت، أما في حال الطلاق قبل الدخول لا عدة عليها.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب في خلافته إلى بعض عماله أن كل ما اشترط المنكح من كان أباً أو غيره من حباءٍ أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته" لأنه في مقابل بضعها فهو لها، والولي ليس له علاقة، إذا اشترط ليس له علاقة إلا مجرد الولاية، لكن إذا أخذ من صداقها ما لا يضر بها، وكان الولي هو الأب فلا مانع من ذلك؛ لأن البنت وما تملك لأبيها، شريطة ألا يضر بها، فهو للمرأة إن ابتغته وإن تنازلت عنه أخذه.

(94/25)


"قال مالك في المرأة ينكحها أبوها ويشترط في صداقها الحباء يحبى به: إن ما كان من شرط يقع به النكاح فهو لابنته إن ابتغته" يعني على كلام عمر بن عبد العزيز "وإن فارقها زوجها قبل أن يدخل بها فلزوجها شطر الحباء الذي وقع به النكاح" يعني صار من المهر، فهذا الحباء الذي هو العطية صار من جملة المهر يأخذ نصفه كالمهر، وعلى هذا ما يقدم من هدايا للزوجة غير الصداق، وقبل الدخول إذا حصل الطلاق فإنه ينصف كالمهر، حكمه حكم المهر.
يقول: "فلزوجها شطر الحباء الذي وقع به النكاح".
"قال مالك في الرجل يزوج ابنه صغيراً لا مال له: إن الصداق على أبيه إذا كان الغلام يوم تزوج لا مال له" لكن إن كان وارثاً فالصداق من ماله هذا الأصل، وإن كان لا مال له فمن مال أبيه "وإن كان للغلام مال فالصداق في مال الغلام إلا أن يسمي الأب أن الصداق عليه" الولد أراد أبوه أن يحفظه، عنده مال، وارث من أمه أموال، وأراد أبوه أن يحفظه، وأشار عليه بالزواج، فقال: يا بني تزوج والتكاليف كلها علي، إن كنت خفت ينقص مالك التكاليف كلها علي، إذا قال ذلك لزمه أن يدفع الصداق ولو كان للابن مال.
"وذلك النكاح ثابت على الابن إذا كان صغيراً، وكان في ولاية أبيه".
"قال مالك في طلاق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها وهي بكر فيعفو أبوها عن نصف الصداق: إن ذلك جائز لزوجها من أبيها فيما وضع عنه" {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [(237) سورة البقرة] وهو الأب.
"قال مالك: وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ} [(237) سورة البقرة] " يعني النساء، "فهن النساء اللاتي قد دخل بهن، {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [(237) سورة البقرة] فهو الأب في ابنته البكر" الذي بيده عقدة النكاح يحتمل أن يكون الزوج، ويحتمل أن يكون الأب، فللأب أن يعفو عن النصف الذي استحقته بنته، وللزوج أن يعفو عن النصف الذي سلمه للمرأة، فهو الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته.

(94/26)


"قال مالك: وهذا الذي سمعت في ذلك، والذي عليه الأمر عندنا" لأنه يملك التصرف في مال بنته، أما غيره من الأولياء فإنهم لا يملكون هذا العفو؛ لأنه ليس لهم التصرف في أموال هؤلاء النسوة.
"قال مالك في اليهودية أو النصرانية تحت اليهودي أو النصراني فتسلم قبل أن يدخل بها: إنه لا صداق لها"
لو كانت تحت مسلم وهي مسلمة لها النصف، وكذلك لو كانت يهودية أو نصرانية تحت يهودي أو نصراني وتحاكموا إلينا نحكم عليهم بشرعنا، لها النصف، لكنها أسلمت، فهي التي أبطلت النكاح، يعني تسببت في إبطال النكاح، فلا تستحق شيئاً، فلا صداق لها، قد يقول قائل: إن هذا يصدها عن الإسلام، نعم، لكن هذا هو الحكم، والقول بأن لها نصف الصداق ترغيباً لها بالإسلام، يعني مثلما قالوا: إن المسلم إذا كان له ولد كافر مثلاً فمات الأب، وأسلم الابن قبل قسمة التركة، منهم من يقال: يورث ترغيباً له في الإسلام.
"قال مالك: لا أرى أن تنكح المرأة بأقل من ربع دينار، وذلك أدنى ما يجب فيه القطع" لأنه مال في مقابل عضو، وقياس أعضاء الإنسان بعضها على بعض أولى من قياسها على غيرها، ولذا يقول: عند الحنفية أقل الصداق عشرة دراهم؛ لأنها أقل القطع عندهم.
على كل حال لم يرد فيه تحديد، لا في أعلاه ولا في أدناه، المقصود أنه ما يسمى مال يصح أن يكون صداقاً، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: إرخاء الستور
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قضى في المرأة إذا تزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- كان يقول: "إذا دخل الرجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول: "إذا دخل الرجل بالمرأة في بيتها صُدق الرجل عليها، وإذا دخلت عليه في بيته صُدقت عليه".
قال مالك: أرى ذلك في المسيس إذا دخل عليها في بيتها، فقالت: قد مسني، وقال: لم أمسها، صُدق عليها، فإذا دخلت عليه في بيته فقال: لم أمسها، وقالت: قد مسني صُدقت عليه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: في إرخاء الستور

(94/27)


والمراد ما يحصل به الدخول، الدخول هل يحصل بالمسيس أو بمجرد إرخاء الستور؟ المراد بالدخول الذي يثبت به المهر كاملاً، وقبله نصف المهر.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة إذا تزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق" يعني سلمت إلى زوجها، وتمكن منها بما يتمكن به الرجل من زوجته، ولم يمنعه من ذلك مانع إلا من تلقاء نفسه فإنه حينئذٍ يثبت الدخول، وهذا هو المعروف عند إيش؟ الحنابلة، معروف في المذهب أنه إذا أرخيت الستور، وأقفلت الأبواب خلاص هذا دخول، ويثتب به الصداق كاملاً، ولو لم يحصل مسيس ولا جماع، بمجرد إرخاء الستور، وغيرهم يقول: إنه لا بد من المسيس الذي يثبت الدخول الوطء، من قبل أن تمسوهن، والمسيس هو الوطء، وهذا هو الحد الفاصل.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن زيد بن ثابت كان يقول: "إذا دخل الرجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق" يعني كاملاً كسابقه.
وقال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول: "إذا دخل الرجل بالمرأة في بيتها صدق الرجل عليها، وإذا دخلت عليه في بيته صدقت عليه" لأنها في بيتها في سلطانها، لها أن تمتنع منه، وليس في مقدوره أن يجبرها وهي في سلطانها، والعكس إذا كان في بيته تصدق عليه؛ لأنه لا يوجد ما يحول بينه وبينها، فهذا تابع لما قبله في إرخاء الستور؛ لأنها في بيت أهلها لا سلطان له عليها مثل سلطانه عليها في بيتها، فالأصل من المصدق في الجملة يعني؟ إذا ادعت أنه مسها وقال: لم يمسها؟ نعم الأصل مع المنكر، ولا بينة فيقبل قوله بيمنه هذا الأصل، وهذا يمكن أن يمشي في الثيب التي لا يبين وضعها قبل وبعد الوطء، أما بالنسبة للبكر فيكشف عليها إن كانت البكارة موجودة فهو الصادق وإلا فهي الصادقة.

(94/28)


"قال مالك: أرى ذلك في المسيس إذا دخل عليها في بيتها، فقالت: قد مسني، وقال: لم أمسها، صدق عليها" في بيتها؛ لأنه سلطانها، وتستطيع أن تمتنع منه، أما في بيته فإنها لا تستطيع الامتناع منه، وهو السلطان، إذن تصدق علي، صدقت عليه "فإذا دخلت عليه في بيته فقال: لم أمسها، وقالت: قد مسني صدقت عليه" وهذا كله يتبع التمكين في بيته، وأما في بيت أهلها فلا يتم التمكين، التمكين لا يتم في بيت أهلها، من هذه الحيثية كأنه رجح تصديقه تارة، وتصديقها تارة أخرى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على هذا القول، على الاختيار أنه مجرد إرخاء الستور في أي مكان ولو في البر، دخلها في خيمة وأغلقت أرخيت الستور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن الإمام مالك -رحمه الله- حينما ساق قول عمر وزيد بن ثابت هل هو ارتضاه قولاً له؟ نعم؟ ما ذكر شيء، لما ذكر قول سعيد أيده "أرى ذلك في المسيس" أيد القول الأخير، يعني ما يرد على الكلام السابق، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: المقام عند البكر والأيم
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين تزوج أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- وأصبحت عنده قال لها: ((ليس بك على أهلك هوان، إن شئت سبعت عندك، وسبعت عندهن، وإن شئت ثلثت عندك ودرت)) فقالت: ثلث.
وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يقول: "للبكر سبع وللثيب ثلاث"
قال مالك: وذلك الأمر عندنا.
قال مالك: فإن كانت له امرأة غير التي تزوج فإنه يقسم بينهما بعد أن تمضي أيام التي تزوج بالسواء، ولا يحسب على التي تزوج ما أقام عندها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: المُقام أو المَقام عند البكر والأيم
المكث عند البكر والثيب إذا تزوجها وكان عنده زوجة قبلها، كم يمكث عند البكر وكم يمكث عند الأيم؟

(94/29)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوج" هذا مرسل، أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث تابعي من الفقهاء السبعة من التابعين، لكنه مخرج في مسلم "عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده قال لها" لما بنى بها، قال لها من صباح الغد: " ((ليس بك على أهلك هوان)) " يعني أنت ليست رخيصة عندي، والزوج أهل لأهله، والأهل أهل للزوج ((ليس بك على أهلك هوان)) يعني عندي ليس بك هوان، وكذلك عند أهلك وذويك ليس بك هوان، يعني لست رخيصة عندي ولا عند أهلك، فإن شئت أحفظ كرامتك، وأجلس عندك سبعاً كما أفعل عند الأبكار، أو كما يفعل عند الأبكار " ((إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن، وإن شئت ثلثت عندك ودرت)) فقالت: ثلث" يعني تكتفي بالثلاث؛ لأنه إذا سبع لها وعاملها معاملة الأبكار لا بد أن يسبع لزوجاته، وأما إذا ثلث عندها فهذا حقها باعتبارها غريبة ثم يدور، فالبكر تحتاج إلى مقام أطول لتأنس بالزوج أكثر بخلاف الثيب لا تحتاج إلى طول المقام كما تحتاجه البكر.
((إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن)) مقتضاه أنه يجلس عندها سبع، ثم التي تليها سبع، ثم الثالثة سبع، ثم الرابعة سبع وهكذا، ولا يعتد بالثلاث، وإلا فالأصل أنه إذا سبع عندها يجلس أربع عند الثانية، وأربع عند الثالثة وهكذا؛ لأنها تستحق الثلاث بالزواج، لكنه قال: ((إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن)) ولذا يختلف أهل العلم منهم من يقول: إن الثلاث التي تستحقها باعتبارها زوجة جديدة ما تحاسب عليها، فإذا جلس عندها سبعاً يجلس عند من عداها أربعاً أربعاً، ومقتضى اللفظ -لفظ الخبر-: ((إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن)) أنه إذا جلس عندها سبعاً يجلس عند الثانية سبعاً، وعند الثالثة سبعاً، وعند الرابعة سبعاً، ولا يحتسب لها بالقدر الزائد التي تستحقه بالزواج الجديد، وهذا هو الظاهر من اللفظ، وإن كانت المسألة خلافية.
((وإن شئت ثلثت عندك ودرت)) يعني عليهن بليلة واحدة كما هو معلوم "فقالت: ثلث" لئلا تطول غيبته -عليه الصلاة والسلام- عنها.

(94/30)


"قال: وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه كان يقول: "للبكر سبع، وللثيب ثلاث".
وهذا أمر معروف "وقال مالك: وذلك الأمر عندنا".
"قال مالك: فإن كانت له امرأة غير التي تزوج فإنه يقسم بينها بعد أن تمضي أيام التي تزوج بالسواء، ولا يحسب على التي تزوج ما أقام عندها" يعني أقام عندها سبع لا يلزمه أن يعدل بين نسائه الباقيات فيدور عليهن سبعاً سبعاً؛ لأنها بكر، وإن أقام عند الثيب ثلاثاً لا يلزمه العدل مع بقية نسائه فيقيم عند البقية ثلاثاً ثلاثاً، وإن كان للحنفية قول معروف أنه يلزمه العدل حتى في هذه الصورة، إذا أقام عندها سبعاً يقيم عند البقية سبعاً، إذا أقام عندها ثلاثاً أقام عند البقية ثلاثاًَ، وهذا يلغي مفهوم الأحاديث كلها، أحاديث الباب يلغيها هذا القول، ولا شك أنه قول ضعيف معارض بالنصوص، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(94/31)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب النكاح والطلاق (2)
باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح - باب: نكاح المحلل وما أشبهه - باب: ما لا يجمع بينه من النساء - باب: ما لا يجوز من نكاح الرجل أم امرأته - باب: نكاح الرجل أم امرأة قد أصابها على وجه ما يكره - باب: جامع ما لا يجوز من النكاح - باب: نكاح الأمة على الحرة - باب: ما جاء في الرجل يملك امرأته وقد كانت تحته ففارقها.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن المرأة تشترط على زوجها أنه لا يخرج بها من بلدها، فقال سعيد بن المسيب: يخرج بها إن شاء.
قال مالك -رحمه الله-: فالأمر عندنا أنه إذا اشترط الرجل للمرأة، وإن كان ذلك عند عقدة النكاح أن لا أنكح عليك، ولا أتسرر إن ذلك ليس بشيء إلا أن يكون في ذلك يمين بطلاق، أو عتاقة فيجب ذلك عليه ويلزمه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح
هناك شروط النكاح، والشروط في النكاح، شروط النكاح التي لا يصح إلا بها، والشروط في النكاح هي التي ما يشترطه أحد الزوجين على الآخر، فمن هذه الشروط ما هو لازم، ومنها ما هو محرم، ومنها ما هو جائز، يجوز الوفاء به وعدم الوفاء به، وهنا يقول:
باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح
وذكر السفر وعدم التزوج أو التسري عليها، وأن ذلك لا يلزم الزوج أن يعمل به، ولا يفي بهذا الشرط.

(95/1)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن المرأة تشترط على زوجها أنه لا يخرج بها من بلدها" يعني لا يسافر بها، اشترطت عليه في العقد، شرط وليها أن لا يسافر بها "فقال سعيد بن المسيب: يخرج بها إن شاء" ومعلوم أن هذا السفر المقصود به السفر المباح، خلاف السفر المحرم، فإن هذا لا يجوز ولو لم يشترط، أما السفر المباح من بلد إلى بلد من بلدان المسلمين فرأي سعيد بن المسيب أنه لا يلزم الوفاء به، ويخرج بها متى شاء، ما دام أن السفر مباح، ويجوز له أن يسافر هو، يسافر بزوجته شريطة أمن الطريق.
المذهب عند الحنابلة أنه صحيح ولازم، إذا اشترط عليها أن لا يخرجها من بلدها ولا يسافر بها، أنه يلزمه الوفاء بهذا الشرط وأن حق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج، هذا لازم عند الحنابلة، فإن وفى به وإلا فلها الفسخ، إن وفى به وإلا فيكون لها الفسخ.

(95/2)


هذه الشروط التي يشترطها أحد الزوجين على الآخر مما أصله مباح، هذه في الأصل يلزم الوفاء بها؛ لأنها لا تخالف شرطاً شيئاً من كتاب الله -جل وعلا-، والمسلمون على شروطهم، لكن إن تضرر أحد الزوجين أو شق عليه ما اشترط على نفسه فالمسألة كسائر الأمور عرض وطلب، يعني إذا اشترطت أن لا يسافر بها فرأى من المصلحة الملحة أن يسافر، فقالت: لا أسافر معك، لها ذلك، لها أن تبقى بدون سفر، لكن لها أن تفسخ، ولا يلزمه ولا يأثم بعدم الوفاء به، كما أنها لو اشترطت عليه أن تكمل دراستها أو تعمل بعد تخرجها، تعمل في الوظيفة، ثم رأى أن متابعة دراستها فيه تضييع لحقوقه، فقال: أنا لا أرضى بالدراسة، قالت: بيننا وبينك شرط في العقد، قال: والله أنا حر، والخيار حينئذٍ للمرأة، إن أرادت أن تبقى على شرطها وتصر وتذهب إلى أهلها، إذا خيرها بين أمرين: أحدهما يملكه هو يملك الفراق، إذا خيرها بين أمرين يملك أحدهما كان له الخيار، وأيضاً إن أصرت على شرطها وذهبت إلى أهلها لعدم وفائه بهذا الشرط فليس له من مهره شيء، إنما هو بما استحل من فرجها، وإذا قال لها: أنا أتضرر بالدراسة أو بالعمل بعد الدراسة فإن شئت بقيت بدون هذا الشرط، وإن شئت فالحقي بأهلك، فالمسألة مسألة هل يأثم بعدم الوفاء أو لا يأثم؟ لا شك أنه إن بيت هذه النية وقت العقد لا شك أنه آثم؛ لأنها إذا قالت له: أكمل الدراسة، قال: ما يخالف سووا اللي تبون، اشترطوا ما شئتم والحل بيدي؛ لأنها إذا دُخل بها، وأنجبت منه ولد أو ولدين، سوف تتنازل عن هذا الشرط إذا ضغط عليها؛ لأن لا شك أن منزلتها نزلت قليلاً، لا سيما في وضعنا الذي نعيشه الآن، المطلقة وذات الأولاد لا يلتفت إليها إلا من دون هذا الرجل بمراحل، فكانوا في السابق لا يهتمون لهذه الأمور تطلق من فلان ويتزوجها فلان، تنجب من فلان ومن فلان ومن فلان، اثنين ثلاثة أربعة خمسة، ما في إشكال، أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب الطيار، فلما قتل تزوجها أبو بكر، فلما مات تزوجها علي، وأنجبت من كل منهم، أنجبت أولاد من جعفر، ومن أبي بكر، ومن علي، أنجبت أولاد، ومثلها كثير، عائشة بنت طلحة تزوجت خمسة فخطبها الوليد بن عبد الملك سادس، ورفضته وهو

(95/3)


الخليفة، المقصود أنه في ظرفنا الذي نعيشه لا بد أن تتنازل المرأة في مثل هذه الحالة، يعني لو اشترطت أن تدرس بعد التخرج، ثم قال، وكتب في العقد الشرط، ثم قال بعد أن دخل بها، وجاءت بولد: أنا لا أرضى بالتدريس، حينئذٍ هي بين أمرين، أحلاهما مر بالنسبة لها، إما أن تفارق وتذهب إلى أهلها، ولن يتقدم لها إلا دونه بمراحل، وكذلك لو اشترطت أن لا يتزوج عليها على ما عندنا.
يقول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "فالأمر عندنا أنه إذا شرط الرجل للمرأة" يعني شرط على نفسه لها، "وإن كان ذلك" يعني الشرط عند عقدة النكاح، عند العقد سجل في الوثيقة "أن لا أنكح عليك، ولا أتسرر" يعني لا أتزوج ثانية ولا ثالثة ولا رابعة "ولا أتسرر" يعني لا أشتري أمة أطأها "إن ذلك ليس بشيء" لماذا؟ لأن هذا شيء أباحه الله -جل وعلا-، فلا يمنع بشرط من اشترط، ما دام الأمر مباحاً ليس لأحد أن يمنعه، هذا وجهة نظر من يقول: إنه ليس لها أن تشترط عليه، وإن اشترطت فلا يلزم الوفاء به "إلا أن يكون في ذلك يمين بطلاق" يعني أكد الشرط بيمين بطلاق، بفراق، إن تزوجت عليك فأنت طالق، أو فهي طالق، أو ما أشبه ذلك "أو عتاقة" فإن هذا يقع، إذا اشترطت عليه أن لا يتزوج، فقال: إن تزوجت عليك فعبيدي أحرار، فإنهم حينئذٍ يعتقون، فيجب ذلك عليه ويلزمه.

(95/4)


وعند الحنابلة روايتان في المذهب، قال: وإن اشترطت طلاق ضرتها، فقال أبو الخطاب: صحيح، يعني أرادت أن تتزوج رجل عنده زوجة فقالت: أنا لا أتزوجك حتى تطلق زوجتك، يقول أبو الخطاب: هذا الشرط لها، والمسلمون على شروطهم، قال: ويحتمل أنه باطل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تسأل المرأة طلاق ضرتها)) هذا إذا كانت الضرة قبلها، أما إذا كانت بعدها أن لا يتزوج عليها، وأن لا يتسرى عليها، فالحنابلة عندهم، نعم إن اشترطت أن لا يتزوج عليها فالشرط لازم عند الحنابلة، ومثلما قلنا: إن هذه الشروط التي هي في الأصل فعل أمور مباحة، هي قابلة للعرض والطلب، يعني إذا تزوجها وجدها فوق ما تصور، فوق ما توقع، وقد اشترط عليها شروط، فأرادت أن تضغط عليه ليلغي هذه الشروط الأمر لا يعدوها؛ لأن المسألة مسألة ... ، كما أن الرجال يعني نظراتهم للنساء، قد يتزوجها وهي دون ما توقع، تشترط عليه يلغي هذه الشروط، إن شاءت وإلا تلحق بأهلها، وإن كانت فوق ما يتوقع، واشترط عليها شروط هي أيضاً ليست بأقل منه، يلغي هذه الشروط وإلا تفسخ، وإلا تخالع، فالمسألة كما أن الرجال عندهم وسائل للضغط أيضاً النساء عندهن وسائل للضغط، وهذا معروف يعني الواقع يحكيه، والذي يضغط هو من ترجح كفته على الآخر، مثلما قلنا: إذا كانت المرأة أقل مما توقع فتخضع ويزيد في شروطه، وإن كانت فوق ما توقع فهي التي تضغط عليه، والله المستعان.
وعلى كل حال المسلمون على شروطهم، وإذا كان الفسخ منه فليس له شيء، وإن كان بسببها فله الخلع، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: نكاح المحلل وما أشبهه
حدثني يحيى عن مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزَبير بن عبد الرحمن بن الزُبير
الزَبير كذلك.
أحسن الله إليك.
عن الزَبير بن عبد الرحمن بن الزَبير أن رفاعة بن سموال طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثاً، فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها، فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي كان طلقها، فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنهاه عن تزويجها، وقال: ((لا تحل لك حتى تذوق العسيلة)).

(95/5)


وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها سئلت عن رجل طلق امرأته ألبتة، فتزوجها بعده رجل آخر، فطلقها قبل أن يمسها هل يصلح لزوجها الأول أن يتزوجها؟ فقالت عائشة: "لا حتى يذوق عسيلتها".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد سئل عن رجل طلق امرأته ألبتة ثم تزوجها بعده رجل آخر فمات عنها قبل أن يمسها هل يحل لزوجها الأول أن يراجعها؟ فقال القاسم بن محمد: "لا يحل لزوجها الأول أن يراجعها".
قال مالك في المحلل: إنه لا يقيم على نكاحه ذلك حتى يستقبل نكاحاً جديداً، فإن أصابها في ذلك فلها مهرها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: نكاح المحلل وما أشبهه
المحلل: هو الذي يأتي إلى زوجين وقعت بينهما الفرقة المبتوتة، واطلاق البائن بالثلاث، يأتي إليهما ليحلل هذه الزوجة لزوجها الأول؛ لأنها لا تحل له، حتى تنكح زوجاً غيره، فإذا جاء بهذه النية فالنكاح باطل، وجاء لعن المحلل، وجاء تسميته بالتيس المستعار، وإن كان بعض ممن ينتسب إلى العلم، بعض أهل العلم يقول: إن هذه النية لا أثر لها، والنكاح صحيح، بل زاد بعضهم حتى قال: إنه مأجور؛ لأنه مصلح، وموفق بين طرفين متنازعين متفارقين، لكن هذا الكلام لا قيمة له مع صحة النصوص.

(95/6)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزَبير أن رفاعة بن سموال طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثاً" بحيث لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره "فنكحت عبد الرحمن بن الزبير، فاعترض عنها" أو فاعتُرض عنها، يعني حيل بينه وبينها، فلم يستطع أن يمسها، وسبب ذلك الضعف عنده، ولذلك شكت حالها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وشكت هذا الزوج أنه إنما معه مثل هدبة الثوب، يعني لا ينتصب، ولا يستطيع أن يطأ، فأرادت أن ترجع إلى الأول، شوف النساء إذا وجدت محل أو ثغرة ضعف في الرجل ليست دونه، يعني في الدفاع عن نفسها، وأخذ حقوقها، ليست دون الرجل "فلم يستطع أن يمسها، ففارقها فأراد رفاعة أن ينكحها" وهو زوجها الأول، أراد أن يرجع إليها باعتبار أنها نكحت زوجاً غيره، وأن العقد يكفي، وأن العقد كافي، وهو زوجها الأول الذي كان طلقها "فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنهاه عن تزويجها" وقال: إن مجرد العقد لا يكفي، بل لا بد أن تذوق العسيلة، لا بد أن يقع الوطء، قال: ((لا تحل لك حتى تذوق العسيلة))
يعني لا بد أن يحصل الوطء {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [(230) سورة البقرة] يعني حتى يطأ، والنكاح هنا المراد به الوطء، بالتعيين.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها سئلت عن رجل طلق امرأته ألبتة" يعني التي لا تحل له بعدها حتى تنكح زوجاً غيره "فتزوجها بعده رجل آخر، فطلقها قبل أن يمسها" هل يصلح لزوجها الأول؟ يعني هل يجوز لزوجها الأول أن يتزوجها؟ وهل يصح لزوجها الأول أن يرجع إليها؟ "فقالت عائشة: "لا حتى يذوق عسيلتها" وهذا هو ما يفيده الحديث السابق المرفوع.

(95/7)


ثم بعد ذلك قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد سئل عن رجل طلق امرأته ألبتة ثم تزوجها بعده رجل آخر فمات" يعني يستوي في هذا أن يطلق أو يموت قبل أن يمس لا فرق؛ لأنه قد يقول مثلاً قائل: إنه إذا طلقها قبل أن يمسها لا عدة عليها، لكن إذا مات عنها قبل أن يمسها فعليها العدة، فهل هناك فرق؟ فهل تحل بهذا الفرق؟ هو ما في فرق بينهما من حيث العدة؟ في فرق من حيث العدة، فيخيل لبعض الناس أنه ما دام هناك عدة أنها خلاص انتهت من المنع، وساغ لزوجها الأول أن يرجع إليها، ولا فرق حينئذٍ، والوصف الذي علق عليه الحكم، حكم جواز رجوع الأول إليها، ورجوعها إليه أن تذوق العسيلة، أن توطأ.
قد يقول قائل: إذا كان الأمر كذلك فالوطء المحرم مثلاً نسأل الله العافية، ذاقت عسيلة، هل ترجع إليه؟ لا، النكاح المحرم، الوطء المحرم لا يثبت به حكم شرعي؛ لأنه قال: ((حتى تذوق عسيلتها)) نعم ذاقت العسيلة بوطء محرم، نقول: لا يجوز، ولا تحل له حتى تنكح نكاحاً صحيحاً عن رغبة، لا تحليل، ولا محرم، ولا شبهة، لا بد أن يكون نكاحاًَ صحيحاً عن رغبة، ويحصل الجماع، وتذوق العسيلة.
"ثم تزوجها بعده رجل آخر فمات عنها قبل أن يمسها" هل يحل لزوجها الأول أن يراجعها؟ "فقال القاسم بن محمد: "لا يحل لزوجها الأول أن يراجعها" يعني حتى يحصل الجماع من الثاني.
لو أن شخصاً تزوجها في عدتها من الأول، نكحها في عدتها من زوجها الأول، وذاق عسيلتها، ترجع إلى الأول وإلا ما ترجع؟ ما ترجع؛ لأن النكاح ليس بصحيح، لا بد أن يكون النكاح صحيحاً تترتب عليه أحكامه.
فقال القاسم بن محمد: "لا يحل لزوجها الأول أن يراجعها" والإمام -رحمه الله تعالى- حينما يذكر الحديث المرفوع ثم الموقوف ثم المقطوع؛ لينوع في أنواع الأدلة المعروفة؛ وليبين أن هذا الحكم محفوظ غير منسوخ، محكم غير منسوخ، تتابع على القول به الصحابة، ثم التابعون.

(95/8)


قال مالك في المحلل الذي يتفق مع الزوج أو مع الزوجة، أو مع ولي أمرها أن يتزوجها حتى يحللها للزوج الأول ثم يطلقها: "إنه لا يقيم على نكاحه ذلك لفساده" العقد ليس بصحيح، إذا أقدم عليه بهذه النية فالعقد ليس بصحيح "حتى يستقبل نكاحاً جديداً" يعني لو رغب فيها وأراد الاستمرار لا بد أن يجدد العقد؛ لأن عقده الأول ليس بصحيح "فإن أصابها في ذلك" العقد الفاسد "فلها مهرها" تستحق المهر بما استحل من فرجها، ولا يجوز له أن يستمر معها؛ لأن النكاح ليس بصحيح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صبي يطأ؟ يطأ؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لو كان المحلل صبي، جاءوا بصبي يطأ مثله، عشر سنوات، وغير مكلف لا يتجه إليه لعن، وكان الاتفاق مع ولي أمرها أو مع زوجها الأول، يبقى أنه محلل، يعني تترتب الأحكام على غيره، أحكام غيره لازمه، وأحكامه باعتباره غير مكلف لا يتجه إليه اللعن.
طالب:. . . . . . . . .
يعني عاملهم بنقيض قصدهم، جاءوا به وقالوا: تزوج هذه المرأة بمهر يسير جداً على أن تحللها لزوجها، مهر لمجرد ثبوت النكاح بالصداق ظاهراً، وجاء بنية أنه سوف يستمر معها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا نسأله.
لحظة.
اتفق الزوج المطلق ألبتة مع شخص أن يتزوج هذه المرأة، وقال: علي المهر، تزوجها وعلي المهر، واجلس معها ليلة أو ليلتين ثم طلقها لتحل، لترجع إلي، أو جاء ولي أمرها أبوها أو أخوها وقال لفلان من الناس: تزوجها وعلي المهر، أتحمل حق المهر، ما أنت بخسران شيء، ثم عقد له عليها، فقال: خلاص، أنا دخلت بعقد صحيح، النكاح صحيح، فلا لأحد كلام علي، يثبت النكاح وإلا ما يثبت؟ دخل بهذه النية؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب يثبت النكاح أو لا يثبت؟
طالب:. . . . . . . . .

(95/9)


ولا يرجع، هو دخل خدعة لهم، هم جاءوا به وقالوا: المهر علينا، وأنت ما أنت بخسران شيء، تكسب ليلة أو ليلتين بعقد إيجاب وقبول، إن دخل بنية التحليل فهو ملعون، والآخر ملعون أيضاً، وإن دخل بينة الثبوت والدوام والاستمرار فالنكاح صحيح، والإثم عليهم، طيب لو ضغطوا عليه وقالوا: لا بد أن تطلق، أو تدفع مهر المثل؟ لا يلزمه الطلاق ولا يلزمه أيضاً مهر؛ لأنه تحمل عنه، وإن كان أفضل من الأول، فلا شك أن المرأة سوف تستمسك به، وحصل من هذا قضايا متقدمة، قديمة جداً، وقضايا معاصرة، جاء شخص بيجينا الظاهر، لا، جاء شخص اسمه إيش؟ ومعه صبية، في زمن عمر، ومعه أخوة له صغار، فجيء به، صاحب شملة، أو ما أدري صاحب ... ، نعم إي هو صاحب شملة أو صاحب ثوب رث، أو شيء من هذا، لكن مفاد القصة أنه جاء فقير، فسأل فلم يعطَ، ومعه أخوة صبية صغار، فقيل له: ألا تتزوج هذه المرأة، من أجل أن يحللها، ولك مبلغ كذا، أعطوه المبلغ، فلما أصبح جاءت فأدخلت الصبية إخوانه، وأكرمتهم، وجاء زوجها القرشي فطردته، لماذا؟ لأنه أفضل من الأول، لكن لو كان دون الأول لا بد أن تنكد عليه حتى يفارق، فمثل ما قلنا السوق عرض طلب، كسائر السلع، والعوام يقولون: جود السوق ولا جود البضاعة، أحياناً المرأة تضغط على الرجل لما عندها من المميزات، وأحياناً الرجل يضغط على المرأة لما عنده من المميزات، وإذا كان كثير من الرجال إذا تزوج الصغيرة على الكبيرة عرض على الكبيرة شيء من التنازلات، أو يفارق، {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(128) سورة النساء] يتنازل؛ لأن السوق عرض وطلب، وفي المقابل لو رأت من زوجها ضعفاً، وعرضت عليه أمور، وطلبت منه أشياء، تتطلب منه مثلاً أن يؤثث أو يغير البيت كل سنة، ما دام بهذا الضعف لا بد أن يستجيب، والنساء لسن بأقل من الرجال في هذه الضغوط أبداً، وهذه أمور معروفة يعني، أمور محسوسة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ما يمكن يجبر، إلى الآن ما حلت له، نكاح المحلل لا يحلل.
طالب:. . . . . . . . .

(95/10)


لا، لا الكلام على نيتهم هم أيضاً، إيه، هو محلل عندهم.
على كل حال من وجدت منه هذه النية التحريم متجه إلي.
سم.
أحسن الله إليك

باب: ما لا يجمع بينه من النساء
وحدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها)).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: "ينهى أن تنكح المرأة على عمتها، أو على خالتها، وأن يطأ الرجل وليدة، وفي بطنها جنين لغيره".
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: باب ما لا يجمع بينه من النساء
ما لا، الأصل أن النساء عقلاء، فيعبر بـ (من)، وجاء التعبير بـ (ما) في القرآن {فَانكِحُواْ مَا طَابَ} [(3) سورة النساء] وهنا يقول: "باب: ما لا يجمع بينه من النساء" يعني مما لم يذكر في كتاب الله تعالى، الجمع بين الأختين، الجمع بين البنت وأمها، والأم وأختها، والأم وبنتها، وسيأتي شيء من ذلك، لكن هنا القدر الزائد على ما في كتاب الله -جل وعلا-.

(95/11)


قال: "وحدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها)) " والسبب في ذلك ما يورثه الجمع من القطيعة، فلا شك أن الضرة ما سميت ضرة إلا لتضرر الزوجة الأولى بها، فكون المرأة تنكح على خالتها، أو تنكح على عمتها، أو تنكح على بنت أخيها، أو بنت أختها، لا شك أن هذا يورث القطيعة، ويورث النزاع والشقاق بين الأسر الواحدة، وكل ما كان هذا سبيله يأتي الشرع بمنعه، لكن بنت العم عنده امرأة أراد أن يتزوج بنت عمها، أو بنت عمتها، أو بنت خالها، أو بنت خالتها عليها، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، ألا يورث مثل هذا قطيعة؟ ألا يورث القطيعة مثل هذا التصرف؟ نعم؟ يورث القطيعة، لكن قطيعة بين من لا تجب صلته، يعني بنت العم، أو بنت العمة، أو بنت الخال، أو بنت الخالة، لا تجب صلتها مثل العمة والخالة أو بنت الأخت، أو بنت الأخ، ففرق بين هذا وهذا، وإلا زواج الأقارب عموماً يورث ما يورث من القطايع، ولذا تجدون يندر أن يوجد من يتزوج بنت ويتزوج بنت عمها أو بنت خالها، أو بنت خالتها، أو بنت عمتها، يندر هذا؛ لأن العم والخال أو الخالة أو العمة إذا خطب منها؛ لأن هؤلاء الأقارب إذا خطب منهم، أو خطب منهم من زوجته الأولى قريبة منهم لا يوافقون؛ لوجود مثل هذه القطيعة، وقد يوجد، لكنه قليل ونادر، أما العمة والخالة فجاء النص بتحريمهما.

(95/12)


قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: "ينهى أن تنكح المرأة على عمتها" في الحديث: ((لا يجمع بين المرأة وعمتها)) و (لا) هنا نافية، كما هو معلوم، والنفي إذا جاء مراداً به النهي فهو أبلغ من النهي الصريح، ولذلك قال: "ينهى أن تنكح المرأة على عمتها، أو على خالتها" والأسلوب أسلوب نفي يراد به النهي، "وأن يطأ الرجل وليدة" جارية اشتراها "وفي بطنها جنين لغيره" وكذلك إذا تزوج امرأة وفي بطنها جنين قد خفي عليهم، أو اختلفوا في حساب ونحوه، فلا يجوز بحال أن توطأ وفي بطنها جنين لغيره، والسبي، نهى في سبايا أوطاس أن توطأ المسبية حتى تستبرأ، ويعلم براءة رحمها، وجاء في الخبر لعن من سقى ماءه زرع غيره، يعني من وطأ امرأة وفي بطنها جنين لغيره، نعم.
أحسن الله إليك.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، السؤال من عندك ذا؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا هو: لو لم يعلم الزوج الثاني وكان الأمر مدبراً من قبل الزوج الأول والزوجة وأهلها؟
طالب:. . . . . . . . .
والزوج ما يدري؟
طالب:. . . . . . . . .
يدري؟
طالب:. . . . . . . . .
العبرة في وقت العقد، يعني لو اتفقوا على التحليل، جميع الأطراف اتفقوا على التحليل فلما دخل بها رغب فيها ورفض الفراق، النكاح ليس بصحيح، يجبر على فراقها، ولا تحل للأول، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما لا يجوز من نكاح الرجل أم امرأته
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سئل زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- عن رجل تزوج امرأة ثم فارقها قبل أن يصيبها هل تحل له أمها؟ فقال زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه-: "لا، الأم مبهمة ليس فيها شرط، وإنما الشرط في الربائب".
وحدثني عن مالك عن غير واحد أن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- استفتي وهو بالكوفة عن نكاح الأم بعد الابنة إذا لم تكن الابنة مست، فأرخص في ذلك، ثم إن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قدم المدينة فسأل عن ذلك، فأخبر أنه ليس كما قال، وإنما الشرط في الربائب، فرجع ابن مسعود إلى الكوفة فلم يصل إلى منزله حتى أتى الرجل الذي أفتاه بذلك، فأمره أن يفارق امرأته.

(95/13)


قال مالك -رحمه الله- في الرجل تكون تحته المرأة، ثم ينكح أمها فيصيبها: إنها تحرم عليه امرأته ويفارقهما جميعاً، ويحرمان عليه أبداً إذا كان قد أصاب الأم، فإن لم يصب الأم لم تحرم عليه امرأته، وفارق الأم.
قال مالك: فأما الزنا فإنه لا يحرم شيئاً من ذلك ...
قال مالك.
أحسن الله إليك.
قال مالك: فأما الزنا فإنه لا يحرم شيئاً
ما في: في الرجل يتزوج المرأة.
طالب: عندي سقط.
هاه؟
طالب: عندي سقط.
نعم سطرين، قال مالك.
أحسن الله إليك.
وقال مالك في الرجل يتزوج المرأة ثم ينكح أمها: إنه لا تحل له أمها أبداً.
ثم ينكح أمها فيصيبها.
طالب: الظاهر النسخ يا شيخ.
هاه؟
أحسن الله إليك
وقال مالك في الرجل يتزوج المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها: إنه لا تحل له أمها أبداً، ولا تحل لأبيه، ولا لابنه، ولا تحل له ابنتها، وتحرم عليه امرأته.
قال مالك: فأما الزنا فإنه لا يحرم شيئاً من ذلك؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال: {وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ} [(23) سورة النساء] فإنما حرم ما كان تزويجاً، ولم يذكر تحريم الزنا، فكل تزويج كان على وجه الحلال يصيب صاحبه امرأته فهو بمنزلة التزويج الحلال، فهذا الذي سمعت، والذي عليه أمر الناس عندنا.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يجوز من نكاح الرجل أم امرأته
أم امرأته {وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ} [(23) سورة النساء] يعني من المحرمات تحريماً مؤبداً، المنصوص عليهن في آية النساء، لكن إذا تزوج المرأة، ثم أراد أن يتزوج أمها، عقد على المرأة فأمها من محارمه، فرآها أفضل من بنتها، فأراد أن يفسخ هذا العقد ويتزوج الأم أو العكس، عقد على الأم فصارت البنت من محارمه، فرآه أفضل من أمها، فأراد أن يفسخ ليتزوج البنت، في فرق بين المسألتين؟ وإلا ما في فرق؟ في فرق، وهذا هو موضوع هذا الباب "ما لا يجوز من نكاح الرجل أم امرأته".

(95/14)


قال: "وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سئل زيد بن ثابت عن رجل تزوج امرأة ثم فارقها قبل أن يصيبها، هل تحل له أمها؟ " يعني كأنه لمح الأم، أو رأى الأم؛ لأنها صارت من محارمه، يسمونها الناس خالة، فرأى الأم أفضل من البنت، فقال: نفسخ النكاح مع البنت، وما صار شيء، ما بعد حصل جماع، ولا، المسألة كلام، نعم إيجاب وقبول، تزوجت وقبلت، المسألة ما دام كلام نفسخ النكاح من البنت ونتزوج الأم "ثم فارقها قبل أن يصيبها، هل تحل له أمها؟ فقال زيد بن ثابت: "لا، الأم مبهمة" {وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ} [(23) سورة النساء] ما قال: اللاتي دخلتم بهن، الأم مبهمة ليس فيها شرط، شرط الدخول ليس فيها "وإنما الشرط في الربائب".
قال: "وحدثني عن مالك عن غير واحد أن عبد الله بن مسعود استفتي وهو بالكوفة عن نكاح الأم بعد الابنة، إذا لم تكن الابنة مست" يعني هي الذي سئل عنها زيد بن ثابت "فأرخص في ذلك" المسألة إيجاب وقبول، مجرد كلام، افسخ واعقد، وهل لهذا شبهة أو ليس له شبهة؟ أرخص في ذلك، له شبهة وإلا ما له شبهة؟ النص في الربيبة {مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} [(23) سورة النساء] هذا النص، فهل في الصورة التي قبل أمهات نسائكم فيها شبهة؟ أنه إذا لم يكن وطئ البنت لا تحل له الأم؟ ابن مسعود أرخص في ذلك، ثم يعني هل لهذه الرخصة وجه؟ أو مثل ما سئل الجهم عن رجل طلق امرأته قبل الدخول فقال: تعتد أربعة أشهر وعشراً؟ هذا لا عقل ولا نقل، هذا ما فيه أدنى ... ، يعني هل لترخيص ابن مسعود شبهة وإلا ما له شبهة سواءً كانت راجحة أو مرجوحة؟
طالب: له شبهة.
شبهة إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل الوصف المتعقب للجملتين يتناول الجملتين أو يتناول الجملة الأخيرة {اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} [(23) سورة النساء]؟ هل يتناول الصورتين أو يتناول الصورة الأخيرة فقط؟
طالب: الصورة الأخيرة.
يعني مر بنا مراراً أن الاستثناء والوصف المؤثر وغيره الشرط إذا تعقب جمل هل يشمل الجمل كلها، أو يشمل الجملة الأخيرة فقط؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(95/15)


لا، إذا قلنا: يشمل الجملة الأخيرة نقول: كلام ابن مسعود صحيح، وكلام زيد بن ثابت ليس بصحيح، ابن مسعود رجع عن هذا القول.
قال: "فأرخص في ذلك، ثم إن ابن مسعود قدم المدينة فسأل عن ذلك، فأخبر أنه ليس كما قال، وإنما الشرط في الربائب" يعني فقط، لا يتناول الجملة التي قبلها "فرجع ابن مسعود إلى الكوفة فلم يصل إلى منزله حتى أتى الرجل الذي أفتاه بذلك، فأمره أن يفارق امرأته" وهذا قول جماهير أهل العلم فقط، الجملة الأخيرة فقط بهذا قال جماهير أهل العلم، وبفتوى ابن مسعود الأولى قال أحمد: في رواية، رواية في المذهب توافق فتوى ابن مسعود الأولى، وأنها تحل له الأم ما لم يدخل بالبنت كالربيبة، كمسألة الربيبة إذا لم يدخل بأمها، والشبهة مثلما ذكرنا أن الشرط متعقب لجملتين هل يتناول الجملتين أو الجملة الأخيرة فقط؟ عامة أهل العلم بل القول بأن الشرط يتناول جملتين، قول شاذ لا يلتفت إليه عند أهل العلم، ولذلك ابن مسعود رجع عن فتواه، ورواية عند الحنابلة ذكرها في حاشية المقنع أنها مثل الربيبة، قال في حاشية المقنع: وعنه أمهات النساء كالربائب لا يحرمن إلا بالدخول ببناتهن، كما لا تحرم بناتهن إلا بالدخول بها، وحكي عن علي.
والسبب في ذلك الشبهة التي أورثها تعقب الجملتين بوصف مؤثر، يعني هل هذا باطل من كل وجه أو له وجه؟ لكن عامة أهل العلم وجماهير أهل العلم على أن الاشتراط خاص بمسألة الربيبة، أما مسألة زواج الأم بعد البنت فهذا ليس فيه اشتراط، بمجرد العقد تحرم الأم، لكن البنت لا تحرم بمجرد العقد، وعلى هذا إذا عقد على الأم هل تكشف البنت قبل الدخول أو لا تكشف؟ نعم؟ ما تكشف إلا بالدخول، وإذا عقد على البنت تكشف الأم بمجرد العقد أو لا تكشف؟ تكشف؛ لأنها صارت من محارمه تحرم عليه، قد يقول قائل: لماذا اشترط الدخول في هذا، ولم يشترط الدخول في ذاك؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(95/16)


النص على العين والرأس معروف، لكن ما هناك علة؟ ما في تفريق بين المتماثلات؟ نعم تحريم الربيبة على من عقد على أمها إلا بالدخول؛ لأنه قد يبدو له، قد يلمح هذه البنت قبل الدخول بأمها، ويكون حينئذٍ فيه فرصة لأن يتزوج البنت، لكن انتقاله إلى الأدنى من البنت إلى الأم هذا ليس فيه مصلحة له، فلا يشترط فيه الدخول.
"قال مالك في الرجل تكون تحته المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها: إنها تحرم عليه امرأته" في الرجل تكون تحته المرأة، يعني زوجته "ثم ينكح أمها فيصيبها"
ينكح يعني يتزوج، يعقد عليها، كيف يعقد عليها وبنتها تحته؟ هاه؟ "في الرجل تكون تحته المرأة، ثم ينكح أمها فيصيبها أنها تحرم عليه امرأته"
طالب:. . . . . . . . .
تكون تحته المرأة، يعني زوجته، ثم ينكح أمها فيصيبها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا عندك بيجي، فأما الزنا فإنه لا يحرم شيئاً من ذلك عند مالك، وهو الصحيح، أما نكاح بشبهة، نعم؟
طالب: إما جهل.
أو جهل، نعم؟
طالب: يحرم من الرضاعة.
ما يحرم من النسب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن رضاعة مجهولة، جاء من يخبر.
طالب:. . . . . . . . .
أخبر فيما بعد.
طالب: إيه لكن هو يتكلم عن أم حقيقية ليست رضاعة.
على كل حال هو يشمل، يشمل الصور كلها، كيف ينكح امرأة وابنتها تحته؟ يعني النكاح من حرم عليه نكاحها إجماعاً تحريماً قطعياً مثل أم الزوجة تحريمها قطعي، ومحل إجماع، لو عقد عليه مع علمه بذلك يكون مرتداً، الذي عقد على زوجة أبيه، نكح زوجة أبيه خمس ماله، قتل وخمس ماله، مرتد، مع علمه بالتحريم القطعي يكفر بهذا، فكيف ... ؟ لأنه استحلال لما حرم إجماعاً.
هنا "في الرجل تكون تحته المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها أنها تحرم عليها امرأته" في شرح؟
طالب:. . . . . . . . .
الزرقاني؟ المنتقى؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقول؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الزرقاني فيه إعواز كبير، يعني ما هو ... ، شرح مختصر جداً، المنتقى الباجي ويش يقول؟ شرح؟
يقول: "قال مالك في الرجل يتزوج المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها: إنه لا تحل له أمها أبداً ولا تحل لأبيه، ولا لابنه، ولا تحل له ابنتها، وتحرم عليه امرأته" وذلك يحتمل معنيين:

(95/17)


أحدهما: أن يكون الضمير في قوله: "أمها" راجعاً إلى البنت فيكون معنى ذلك إن تزوج الأم آخر، وأن إيش؟ وأصابها لا تحل له أبداً، وهذا قد تقدم القول فيه؛ لأن عقده على البنت قد حرم عليه الأم على التأبيد فإصابته إياها بالعقد الذي أحدث بعد ذلك لا يزيل ما تأبد من التحريم.
والوجه الثاني: أن يكون الضمير في قوله: فأصابها راجعاً إلى الأم المتزوجة آخر، ويكون المراد بالأم في قوله: أمها جدة البنت المتزوجة، ويفارقهما جميعاً.
على كل حال الإشكال باق إلا أن يكون عن جهل.
"ويحرمان عليه أبداً إذا كان قد أصاب الأم، فإن لم يصب الأم لم تحرم عليه امرأته وفارق الأم" إن لم يصبها ولو عقد، يعني لا تحرم عليه الأم بمجرد العقد عكس المسألة السابقة؛ لأن العقد في المسألة السابقة متقدم، والعقد هنا المتأخر لا أثر له؛ لأنه ليس بصحيح، عقد باطل.
"وقال مالك في الرجل يتزوج المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها: إنه لا تحل له أمها أبداً، ولا تحل لأبيه، ولا لابنه، ولا تحل له ابنتها، وتحرم عليه امرأته" وهذه كسابقتها إن نشأ عن جهل وعقد عليها، أو لظنه أنها لا تحرم عليه الأم إلا بالدخول بالبنت أو ما أشبه ذلك، يعني عقد على البنت ولم يدخل بها، ثم ينكح أمها باعتبار أن البنت لا تحرم عليه، أن الأم لا تحرم عليه إلا بالدخول كفتوى ابن مسعود السابقة، الرجل تكون تحته المرأة ثم يطلقها فيتزوج أمها باعتبار أن الوصف يرجع إلى الجملتين، يعني على فتوى ابن مسعود السابقة وقلنا: إنه رواية في المذهب.

(95/18)


"ثم ينكح أمها فيصيبها أنها تحرم عليه امرأته ويفارقهما جميعاً" لأن هذه لها صلة بالمسألة السابقة، ويتجه الكلام حينئذٍ، يعني بناءً على الفتوى السابقة لابن مسعود، وأن الجملة الشرطية تتعقب الجملتين معاً، ومؤثرة في الجملتين، فعقد على البنت ثم طلقها ثم عقد على الأم باعتبار أنها تحل له؛ لأنه لم يدخل ببنتها، وهنا يستقيم الكلام "ثم ينكح أمها فيصيبها أنها تحرم عليه امرأته، ويفارقهما جميعاً" لأنه بمجرد العقد على البنت تحرم الأم "ويحرمان عليه أبداً إن كان قد أصاب الأم، فإن لم يصب الأم لم تحرم عليه امرأته، وفارق الأم" لماذا؟ لأن عقده على الأم باطل، لا يؤثر على العقد على البنت، لا يؤثر على مراجعته للبنت التي طلقها.
"وقال مالك في الرجل يتزوج المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها: إنه لا تحل له أمها" الآن ظهر وجه الجملة هذه؟ ظهر، إذا ربطناها بالكلام السابق انتهى الإشكال.

(95/19)


"في الرجل يتزوج المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها: إنه لا تحل له أمها أبداً ولا تحل لأبيه، ولا لابنه، ولا تحل له ابنتها، وتحرم عليه امرأته" يعني نكاح محرم، هل له أثر؟ نكاح الأم محرم، فهل يؤثر على نكاح البنت؟ الزنا لا يؤثر، يعني سواءً زنا بالأم فلا تحرم عليه البنت أو العكس؛ لأنه قال: فأما الزنا فإنه لا يحرم شيئاً من ذلك، لكن ما يظن ما فيه شبهة، فيه عقد، فإنه يحرم، كالنكاح الصحيح يحرم، وأما الزنا فإنه لا يحرم شيئاً من ذلك؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال: {وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ} [(23) سورة النساء] والموطوءة بزنا ليست بامرأة للرجل، فإنما حرم ما كان تزويجاً، ولم يذكر تحريم الزنا، فكل تزويج كان على وجه الحلال يصيب صاحبه امرأته فهو بمنزلة التزويج الحلال، فكل تزويج كان على وجه الحلال يصيب صاحبه امرأته فهو بمنزلة التزويج الحلال، يعني ولو على حد زعمه، يعني عند من يقول مثلاً بأن مثلاً طلاق الحائض يقع، ثم تزوجت بعد عدتها من هذا الطلاق، ثم تغير اجتهاده، وقال: لا يقع، على الاجتهاد الثاني هي ما زالت في عصمة الأول، فيكون نكاحها من الثاني شبهة، فهذا النكاح يحرم مثل العقد الصحيح، بخلاف الزنا، وعند الشافعية أن الزنا كغيره كالنكاح الصحيح يحرم، يعني إذا وطئ امرأة بزنا حرم عليه أمها وأختها وعمتها وخالتها؛ لأنه لا ينظر بين فرجين لا يجوز الجمع بينهما، وهذا معروف.
"فهذا الذي سمعت والذي عليه أمر الناس" لكن الصحيح أن الحرام لا يترتب عليه حكم، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: نكاح الرجل أم امرأة قد أصابها على وجه ما يكره
قال مالك في الرجل يزني بالمرأة فيقام عليه الحد فيها: إنه ينكح ابنتها وينكحها ابنه إن شاء، وذلك أنه أصابها حراماً، وإنما الذي حرم الله ما أصيب بالحلال، أو على وجه الشبهة بالنكاح، قال الله -تبارك وتعالى-: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [(22) سورة النساء].

(95/20)


قال مالك: فلو أن رجلاً نكح امرأة في عدتها نكاحاً حلالاً فأصابها حرمت على ابنه أن يتزوجها، وذلك أن أباه نكحها على وجه الحلال لا يقام عليه فيه الحد، ويلحق به الولد الذي يولد فيه بأبيه، وكما حرمت على ابنه أن يتزوجها حين تزوجها أبوه في عدتها، وأصابها فكذلك يحرم على الأب ابنتها إذا هو أصاب أمها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: نكاح الرجل أم امرأة قد أصابها على وجه ما يكره
يعني على وجه مكروه، ليس بنكاح صحيح، لكنه في شبهة له، امرأة قالت: إنها خرجت من العدة، وهي لم تخرج، إما متعمدة أو غير متعمدة، قاصدة أو غير قاصدة، إما غلط في حسابها، أو أنها قاصدة ومتعمدة، وتهيأت للخطاب فخطبت فنكحت وهي في عدتها، الذي خطبها عليه إثم وإلا ما عليه إثم؟ ما عليه إثم، الإثم عليها إن كانت قاصدة.
على كل حال مثل هذا النكاح إذا علم بأنها ما زالت في العدة النكاح باطل، لكن تترتب عليه آثاره، مثل النكاح الصحيح، الولد ينسب إليه، ولا تحل لابنه، وإلى غير ذلك من الأحكام، ولا تحل له ابنتها من غيره؛ لأنها صارت ربيبة، إلى غير ذلك من الأحكام المرتبة على النكاح الصحيح بخلاف الزنا.
يقول: "قال مالك في الرجل يزني بالمرأة فيقام عليه الحد فيها: إنه ينكح ابنتها" لكن ينكحها وإلا ما ينكحها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ينكحها إذا تابت، إذا تابا، نعم يجوز له أن ينكحها، وانتهت عدة الاستبراء.

(95/21)


"إنه ينكح ابنتها" هذا زنا لا تترتب عليه آثاره، ولا يقول: إن هذه البنت ربيبتي، طيب افترضنا أن هذه المرأة المزني بها جاءت ببنت من أثر الزنا، هل له أن يتزوج هذه البنت؟ لأنه يقول: ينكح ابنتها، يعني ابنتها من غيره، وطرداً لقولهم: إن الزنا لا أثر له لأنه وطء محرم لا تترتب عليه آثار يقتضي أنه يجوز أن يتزوج ابنته من الزنا، يعني إطلاق قولهم، طرداً لقولهم يجوز، لكن الشبهة أنها خلقت من مائه، فلا يجوز له أن يتزوجها، لكن ينكح ابنتها من غيره، ويسأل كثيراً عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها، تزوجها آخر فجاءت ببنات من الآخر هؤلاء البنات بعد أن طلقها وحرمت عليه، ووجب عليها الحجاب منه، هل هن ربائب أو غير ربائب؟ نعم؟ ألسن بنات لزوجته؟ سواءً كن من أزواج قبل زواجه أو بعد طلاقه؟ هن ربائب، فهن محارم له لا يجوز أن يتزوج بهن، ويكشفن له؛ لأنه وطئ أمهن بنكاح صحيح، فهن ربائب، سواءً كن قبل أو بعد، إلا عند من يقول: بأن الوصف مؤثر {فِي حُجُورِكُم} [(23) سورة النساء] فهذه ما نشأت في حجره، على رأي أهل الظاهر يتزوج، وليست محرم؛ لأنها ليست في حجره.
"وينكحها ابنه إن شاء" هذه المرأة التي وطئت بالزنا من قبل هذا الرجل له أن يتزوجها إذا تابا، ويتزوج ابنتها، ويتزوجها أيضاً ابنه، ولا يقول: هذه موطوءة أبي؛ لأن النكاح الحرام لا يؤثر "وذلك أنه أصابها حراماً، وإنما الذي حرم الله ما أصيب بالحلال، أو على وجه الشبهة بالنكاح" يعني بالقعد، بالإيجاب والقبول، ولو كان العقد في حقيقة الأمر باطل، لكنه إيجاب وقبول "وإنما الذي حرم الله ما أصيب بالحلال، أو على وجه الشبهة بالنكاح، قال الله -تبارك وتعالى-: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [(22) سورة النساء] "

(95/22)


"قال مالك: فلو أن رجلاً نكح امرأة في عدتها نكاحاً حلالاً" وهو لا يدري، سواءً علمت الزوجة أو لم تعلم، قصدت أو لم تقصد "فأصابها، حرمت على ابنه أن يتزوجها، وذلك أن أباه نكحها على وجه الحلال لا يقام عليه فيه الحد" لا يحد لوجود هذه الشبهة "ويلحق به الولد" لأن ولد الشبهة يلحق بأبيه "الذي يولد فيه بأبيه، وكما حرمت على ابنه أن يتزوجها حين تزوجها أبوه في عدتها وأصابها، فكذلك يحرم على الأب ابنتها إذا هو أصاب أمها" لأنها ربيبة، والنكاح نكاح شبهة، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: جامع ما لا يجوز من النكاح
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشغار.
والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق.
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية الأنصاري عن خنساء بنت خدام الأنصارية أن أباها زوجها وهي ثيب، فكرهت ذلك، فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرد نكاحه.
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال: "هذا نكاح السر ولا أجيزه، ولو كنت تقدمت فيه لرجمت".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن سليمان بن يسار أن طليحة الأسدية كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها، فنكحت في عدتها، فضربها عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وضرب زوجها بالمُخفقة ...
بالمِخْفَقة.
أحسن الله إليك.
بالمِخْفَقة ضربات، وفرق بينهما، ثم قال عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: "أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، ثم كان الآخر خاطباً من الخطاب، وإن كان دخل بها فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر، ثم لا يجتمعان أبداً".
قال مالك: وقال سعيد بن المسيب: "ولها مهرها بما استحل منها".

(95/23)


قال مالك: الأمر عندنا في المرأة الحرة يتوفى عنها زوجها فتعتد أربعة أشهر وعشراً إنها لا تنكح إن ارتابت من حيضتها حتى تستبرئ نفسها من تلك الريبة إذا خافت الحمل.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع ما لا يجوز من النكاح
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشغار" الراوي عن يحيى بن يحيى الليثي وهو ابنه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم ابن يحيى، يحيى بن يحيى يروي الموطأ عن مالك، إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
تكلمنا على هذا في أول الكلام على أول الكتاب، وقلنا: إن هذه طريقة المتقدمين الراوي يدخل اسمه في الكتاب "عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشغار" ثم فسره الراوي مدرجاً تفسيره في الخبر "والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق" الشغار من شغر المكان إذا خلا، والإعلانات التي تهم الناس اليوم عن الوظائف الشاغرة، يعني الخالية من الموظف، وتحتاج من يشغلها، لخلوه من الصداق سمي شغاراً، ومنهم من يقول: إنه مأخوذ من شغر الكلب إذا رفع رجله، فكأن الولي يقول: لا ترفع رجل بنتي إلا إذا رفعت رجل بنتك، يعني فرج بفرج.

(95/24)


"هو أن يزوجه ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق" حقيقة أو حكماً، لو قال: أدفع لك مهراً ترده علي مهراً لابنتي صار ما بينهم صداق، وإنما البضع في مقابل البضع، والبنت في مقابل البنت، وكون المولية تكون بهذه الصفة سلعة كسائر السلع يستبدل بها هذا لا يأتي به الشرع، بل الشرع كرم المرأة، ووضعها في منزلتها اللائقة بها، وعاملها على أنها شقيقة الرجل، صنو الرجل، مثله في كثير من الأحكام، ولا تمتهن بهذه الطريقة، يبدل بها، وكانت العرب في الجاهلية كما ذكر المفسرون يأتي الرجل إلى الآخر ويقول: أبدلني زوجتك بزوجتي وأزيدك أو تزيدني، يعني مثل السلع، مثل صاحب السيارة، يقول: بدلني بسيارتك وأزيدك وتزيدني، هذا موجود في الجاهلية {وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [(52) سورة الأحزاب] وذكر المفسرون حول هذه الآية مثل هذه الصورة، هذا لا يوجد في الإسلام، في الإسلام المرأة شقيقة الرجل، وإن كان له الولاية عليها لقصور تصرفها في الجملة، لكن هذا كلام إجمالي، وقد يوجد في النساء من هن خير من كثير من الرجال، ومع ذلك لا يجوز أن تكون المرأة سلعة ممتهنة مبتذلة يبدل بها بامرأة أخرى، أو بغيرها من السلع، وهذا الشغار سمي شغاراً لما ذكرنا، إما لخلوه وفراغه من الصداق، أو لتشبيه هذه المرأة بالكلب إذا رفع رجله، أو المشاغر الذي زوج ابنته على أن يزوج صار مثل الكلب يرفع رجل هذه المرأة في مقابل رجل امرأة أخرى كالكلب، وفي هذا التنفير من هذا العمل، في تشبيهه بالكلب، والشغار نكاح فاسد وإلا باطل؟ من مقتضى قوله: ليس بينهما صداق؟ لو زوجه بنته بمقابل بنت ثم بعد ذلك بعد العقد عرفوا هذا الحكم، فقال: خذ هذا صداق، المسألة مسألة صداق، أدفع لك وأنت تدفع لي، يصحح وإلا ما يصحح؟ أو لا بد من تجديد العقد؟
طالب: لا بد من تجديده.
لا بد من تجديده، وهذا القول الصحيح، وإن قال بعضهم: إنه فاسد يمكن تصحيحه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لذاته، لذاته إيه، فالنهي عن الشيء لذاته يقتضي البطلان.
طالب:. . . . . . . . .

(95/25)


صورحوا، هذا ليس بينهما مهر حقيقي، يعني حقيقة أو حكماً، هذا لا يوجد مهر حكماً، وإن وجد عينه.
قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية الأنصاري عن خنساء بنت خدام الأنصارية أن أباها زوجها وهي ثيب" سبق أن تزوجت قبل ذلك، وطئت بنكاح صحيح "فكرهت ذلك" يعني الزوج الثاني زوجها من غير رضاها، فكرهته "فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرد نكاحه" لأنه لا بد من أن تستأمر، ولا بد أن تجيب بالموافقة صراحة أو الرفض، ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر)) فنكاحها مردود إذا لم تقبل، طيب معنى هذا أنه لو زوجها من غير رضاها، ثم قبلت النكاح صحيح؛ لأن الأمر لا يعدوها، فإذا رضيت به صح نكاحه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا مكنت دليل الرضا، لكن لو مكنت على اعتقاد منها أنه ليس لها خيار، ثم عرفت بعد ذلك أن لها الخيار، ما تعرف أن لها خيار، ثم قيل لها: إن كان ما تبينه ترى الشرع فيه سعة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- رد نكاح الخنساء هذه، يعني إذا صاحب الشفعة ما عرف الحكم، وأن له شفعة فرضي وشهد على البيع، ثم علم أن له شفعة يسقط حقه وإلا ما يسقط؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
دعنا من هذا الحديث، الآن انتقلنا إلى مسألة أخرى، نريد أن ننظر بها، أنت شريك في أرض، فباع شريكك نصيبه، وأنت لا تدري أن لك حق شفعة، جاهل ما تدري عن شيء، فقال: أريد أن تذهب معي لتشهد على هذا العقد، ورحت وشهدت، ثم قيل لك: إن كنت تريد هذا الشقص أو هذا النصيب من الأرض فلك أن تشفع، ثم علم الحكم وذهب ليشفع، فقيل له: أنت شاهد الآن، له أن يشفع وإلا لا؟ كان جاهلاً، يعني من علمه يثبت الحكم من علمه، وهنا جاهلة فمكنت من نفسها جاهلة أن لها حق الرفض، وحق النقض، يسمونه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(95/26)


يعني جاهلة لها حق الرفض، ثم علمت، قيل لها: هذا لا يناسبك، وأنت أبوك مستفيد، دفع له مبلغ كبير من المال ووافق، ولا شاورك، وأنت لك النظر، قال: قد حصل ما حصل، هل الحكم من علمها، أو أنها بمجرد تمكينها من نفسها بطل حقها؟ الحكم الشرعي لا يثبت إلا بالعلم، ولذلك لم يؤمر من صلى إلى بيت المقدس بعد النسخ بالإعادة إلا بعد أن علم، فالذي يعمل بالمنسوخ قبل علمه بالناسخ لا يؤمر بالإعادة، فالحكم الشرعي لا يثبت إلا بالعلم.
قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أن عمر بن الخطاب أتي بنكاح" أولاً: الخبر فيه انقطاع، أبو الزبير أدرك عمر وإلا ما أدرك؟ ما أدرك، فهو يحكي قصة لم يشهدها، وهو معروف بالتدليس، فأسقط الواسطة "أن عمر بن الخطاب أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة" والأصل أن يشهد عليه رجلان، ولا مدخل للنساء في هذا، يعني ليس بمال ولا يؤول للمال، لا مدخل للنساء في شهادة النكاح "فقال: "هذا نكاح سر" يعني ما كملت الشهادة "ولا أجيزه، ولو كنت تقدمت فيه" يعني لو كان لي سلف ممن فعل "لرجمت" أو لو كنت تقدمت فيه لرجمت، يعني هو الأصل أن يكون "تقدمت" يعني سبقت إلى مثل هذا الحكم لرجمت، لكن لا أريد أن أبتدئ حكماً لم أسبق إليه، لكنه شبيه بالزنا؛ لأنه نكاح سر، وهذا لنقص في الشهادة فكيف بما يفعله ويصنعه ويزاوله كثير من الناس؟ بل ممن عندهم شيء من العلم، من طلاب علم يحصل، تجده لا يعطي الاسم الصحيح؛ لأنه مبيت نية الفراق العاجل.
النكاح بنية الطلاق هذا يجيزه عامة أهل العلم لا إشكال فيه بشروطه، لكن شخص ينتقل من بلد إلى بلد بهذه النية، ومن بيت إلى بيت ولا يعطي الاسم الصحيح، ما يعطي اسمه الصحيح؛ لئلا يعرف، هذا نكاح السر، هذا الذي يستحق عليه الجلد والتعزير، والله المستعان.

(95/27)


ثم بعد هذا قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن سليمان بن يسار أن طليحة الأسدية كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها، فنكحت في عدتها" قبل أن تنتهي العدة "فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها" رشيد وإلا الثاني؟ نعم الذي تزوجها في العدة وقد علم بذلك، لا شك أنه يحتاج إلى تعزير، "فضربها عمر بن الخطاب" لأنها نكحت في العدة "وضرب زوجها بالمخفقة ضربات" بالدرة التي كان يستعملها في تأديب الناس وتعزيرهم "ضربات وفرق بينهما".
صنيع عمر في عرف النظريات التربوية، وحقوق الإنسان هذا ظلم للناس وافتيات وامتهان لحقوقهم، وتدخل في شئونهم، عند أدنى شيء يرى رجلاً بادياً صدره في الصف يضربه بالدرة، أو يرى رجل يتنفل بعد العصر يضربه بالدرة، إذا لم يكن مثل هذا فأين السلطان؟ كيف يهاب السلطان؟ إذا مُنع ... ، منعت هذه الأمور ... ، وتجدهم يمنعون هذه الأمور وهي بحق، ويشرعون ما هو أعظم منها وأشد بالباطل، والله المستعان.
"ضربها وضرب زوجها بالمخفقة ضربات، وفرق بينهما" النكاح باطل في العدة "ثم قال عمر بن الخطاب: "أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها" الذي تزوجها، الثاني في عدتها "لم يدخل بها فرق بينهما" يعني ما حصل الدخول يفرق بينهما "ثم تعتد بقية عدتها من زوجها الأول" ثم بعد ذلك يتقدم إليها الزوج الثاني خاطب، أسوة الخطاب، يعني ليس له مزية على غيره؛ لأنها الآن صلحت للخطبة "وإن كان دخل بها فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول" تكمل، باقي عليها حيضة، أو شهر إن كانت لا تحيض، تكمل الشهر، ثم تعتد من الثاني ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر "ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر، ثم لا يجتمعان أبداً" لكن لو حصل حمل من الثاني يؤمر بالمفارقة، والولد ولد شبهة، فإذا وضعت الحمل تكون خرجت من عدتها من الثاني، ثم أكملت عدتها من الأول، ويكون حينئذٍ كغيره من الخطاب.
"قال مالك: وقال سعيد بن المسيب: "ولها مهرها بما استحل منها".

(95/28)


"قال مالك: الأمر عندنا في المرأة الحرة يتوفى عنها زوجها فتعتد أربعة أشهر وعشراً إنها لا تنكح إن ارتابت من حيضتها حتى تستبرئ نفسها من تلك الريبة إذا خافت الحمل" تعتد أربعة أشهر وعشر، طيب في هذه المدة ما جاءها الحيض، كملت المدة وما جاءها حيض، ما نزل عليها حيض، ولا ظهرت عليها أمارات ولا علامات حمل؛ لأنها إن ظهرت عليها أمارات وعلامات حمل حتى تضع ما في بطنها، وإن نزل عليها دم أثناء الأربعة الأشهر والعشر خرجت من عدتها وإحدادها.
"إنها لا تنكح إن ارتابت من حيضتها" يعني ارتفع عنها هذا الحيض "حتى تستبرئ نفسها من تلك الريبة" لا بد أن ينزل عليها حيض، أو يثبت الحمل إذا خافت الحمل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أربعة أشهر وعشراً.
طالب:. . . . . . . . .
تستبرئ حتى ينزل عليها الحيض، أو تتيقن أنها ليست بذات حمل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان دخل بها؟
طالب:. . . . . . . . .
يفرق بينهما.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
حتى بعد العدة.
يقول: لماذا لا يجتمعان أبداً؟ هل هذا يقتضي الفرقة المؤبدة؟
يعني هذا تعزير، هذا مجرد تعزير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني شغار، نصراني له أخت مسلمة هل له ولاية عليها؟ ليست له ولاية عليها.
طالب:. . . . . . . . .
نصراني ليست له ولاية على مسلمة، فالنكاح ليس بصحيح أصلاً، لو لم يكن فيه شغار ليس بصحيح، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: نكاح الأمة على الحرة
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وعبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- سئلا عن رجل كانت تحته امرأة حرة، فأراد أن ينكح عليها أمة، فكرها أن يجمع بينهما.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: "لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة، فإن طاعت الحرة فلها الثلثان من القسم".

(95/29)


قال مالك: ولا ينبغي لحر أن يتزوج أمة وهو يجد طولاً لحرة، ولا يتزوج أمة إذا لم يجد طولاً لحرة إلا أن يخشى العنت، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [(25) سورة النساء] وقال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [(25) سورة النساء].
قال مالك: والعنت: هو الزنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: نكاح الأمة على الحرة
نكاح بعقد بإيجاب وقبول، حر ينكح حرة، رجل تحته امرأة حرة فهل له أن ينكح الأمة على الحرة؟ نكاح الأمة من قبل الحر لا بملك اليمين، ملك اليمين ما فيه إشكال، لكن نكاح زواج، مشروط بعدم وجود طول الحرة، لا يجد مهر حرة، وأن يخشى العنت من أثر العزوبة، يعني ليس عنده ما يدفعه مهراً لحرة، ومع ذلك يخشى أنه إذا بقي يخشى الزنا على نفسه، يجوز له أن يتزوج الأمة بهذين الشرطين، وحينئذٍ الأولاد يكونون لمن؟ للسيد، تبعاً للأم.
هنا يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر سئلا عن رجل كانت تحته امرأة حرة فأراد أن ينكح عليها أمة فكرها أن يجمع بينهما" كرها منع من ذلك، وهذا هو ما يفيده الآية اللاحقة -إن شاء الله تعالى-.

(95/30)


قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: "لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة" يعني النهي عن نكاح الأمة؛ لأنها تأتي على من هي أكمل منها، فهذه الأكمل لها أن تتنازل، ولها أن ترفض، فالحق للمرأة الحرة، يعني هل المنع من نكاح الأمة من أجل حق الحرة، أو من أجل إرقاق الولد؟ نعم من أجل إرقاق الولد، فليس الأمر للحرة تأذن أو ما تأذن، وكونه تحته امرأة حرة يجوز له أن ينكح أمة؟ لا يجوز له؛ لأن الشرط غير متوافر، اللهم إلا إذا كانت هذه المرأة الحرة لا تكفيه، ويخشى العنت، ولا يجد طول حرة، فوجود هذه المرأة مثل عدمه إذا كانت لا تكفيه، فكأنه عادم حقيقة "إلا أن تشاء الحرة، فإن طاعت الحرة فلها الثلثان من القسم" لأن الأمة ليست كالحرة، لكن مقتضى كونها بنكاح أنه يقسم لها، ليست كالأمة لا قسم لها.
"قال مالك: ولا ينبغي لحر أن يتزوج أمة وهو يجد طولاً لحرة، ولا يتزوج أمة إذا لم يجد طولاً لحرة إلا أن يخشى العنت، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} " يعني الأحرار " {فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [(25) سورة النساء] " يعني من الرقائق "وقال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [(25) سورة النساء] " يعني خاف على نفسه الزنا، فشريطة أن لا يكون لديه امرأة حرة، أو تكون لديه امرأة حرة لكنها لا تكفيه، ولا يجد طولاً لحرة، ويخشى مع ذلك العنت.
"قال مالك: والعنت هو الزنا" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ورضي بذلك السيد؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في ما يمنع، لكن ما فائدة السيد؟ كيف يستفيد السيد من هذا الزواج؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا باعها صارت ملك يمين، لا فائدة، ولا يحصل مثل هذا ترى.
طالب:. . . . . . . . .
يريد أن يحسن عليه مثلاً، طيب يعطيه بنته ويخفف المهر إذا أراد أن يحسن عليه، حرة، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الرجل يملك امرأته وقد كانت تحته ففارقها

(95/31)


حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الرحمن عن زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يقول في الرجل يطلق الأمة ثلاثاً ثم يشتريها: "إنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن رجل زوج عبداً له جارية، فطلقها العبد ألبتة، ثم وهبها سيدها له، هل تحل له بملك اليمين؟ فقالا: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن رجل كانت تحته أمة مملوكة فاشتراها، وقد كان طلقها واحدة فقال: تحل له بملك يمينه ما لم يبت طلاقها، فإن بت طلاقها فلا تحل له بملك يمينه حتى تنكح زوجاً غيره.
قال مالك في الرجل ينكح الأمة فتلد منه ثم يبتاعها: إنها لا تكون أم ولد له بذلك الولد الذي ولدت منه، وهي لغيره حتى تلد منه، وهي في ملكه بعد ابتياعه إياها.
قال مالك: وإن اشتراها وهي حامل منه ثم وضعت عنده كانت أم ولده بذلك الحمل فيما نرى، والله أعلم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الرجل يملك امرأته
يملك امرأته، تزوج هذا الرجل أمة بالشرطين المتقدمين، ثم ملكها "وقد كانت تحته ففارقها"، "باب: ما جاء في الرجل يملك امرأته وكانت تحته ففارقها" فارقها فراقاً رجعياً له حكم، وإن فارقها فراقاً بائناً فله حكم، فإن كان رجعياً يطأها بمجرد الملك، كأنه راجعها، وإن كان قد طلقها أو فراقها فراقاً بائناً فإنها لا تحل له كالحرة، حتى تنكح زوجاً غيره.
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الرحمن عن زيد بن ثابت أنه كان يقول في الرجل يطلق الأمة ثلاثاً ثم يشتريها" يطلقها لأنه تزوجها بالشرطين المتقدمين: ألا يجد طول حرة، وأن يخشى العنت: "إنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره" كالحرة.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن رجل زوج عبداً له جارية، فطلقها العبد ألبتة، ثم وهبها سيدها له" وهذا على رأي الإمام مالك أن العبد يملك بالتمليك، وأما على رأي غيره فلا "هل تحل له بملك اليمين؟ فقالا: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره" لأنه طلقها ألبتة، فهي كالحرة حينئذٍ، لا يحل له أن يطأها حتى تنكح زوجاً غيره.

(95/32)


قال: "وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن رجل كانت تحته أمة مملوكة فاشتراها" رجل تحته أمة مملوكة ... ، نعم تزوجها بالشرطين المتقدمين فاشتراها بعد ذلك "وقد كان طلقها واحدة" رجعية "فقال: تحل له بملك يمينه ما لم يبت طلاقها، فإن بت طلاقها فلا تحل له بملك يمينه حتى تنكح زوجاً غيره" على ما تقدم.
"قال مالك في الرجل ينكح الأمة فتلد منه ثم يبتاعها: إنها لا تكون أم ولد له بذلك الولد الذي ولدت منه، وهي لغيره حتى تلد منه" الرجل ينكح الأمة فتلد منه ثم يبتاعها: إنها لا تكون أم ولد له بذلك الولد الذي ولدت منه وهي ملك لغيره؛ لأن الولد ليس له، الولد لسيدها، ليس له "وهي لغيره حتى تلد منه ولداً له ينسب إليه، وهي في ملكه بعد ابتياعه إياها" لأن الوالد يكون له، وهو الذي يعتقها، هو الذي يعتقها ولدها منه لا لغيره.
"قال مالك: وإن اشتراها وهي حامل منه ثم وضعت عنده كانت أم ولده" لأنه اشتراها قبل الولادة، والولد حينئذٍ له يتبع أمه؛ لأنه نماء متصل، وليس بنماء منفصل؛ لأن النماء المتصل يتبع السلعة في البيع والشراء بخلاف النماء المنفصل، لكن لو ولد قبل البيع ما تبيعه "كانت أم ولده بذلك الحمل فيما نرى، والله أعلم" وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(95/33)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب النكاح والطلاق (3)
باب: ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين، والمرأة وابنتها - باب: النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه - باب: النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب - باب: ما جاء في الإحصان - باب: نكاح المتعة - باب: نكاح العبيد - باب: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله - باب: ما جاء في الوليمة.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للحاضرين والسامعين، يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله-:

باب: ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين، والمرأة وابنتها
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى، فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: ما أحب أن أخبرهما جميعاً ...
أَخْبُرُهما.
أحسن الله إليك.
ما أحب أن أخبرهما جميعاً ونهى عن ذلك".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلاً سأل عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان -رضي الله تعالى عنه-: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك، قال: فخرج من عنده فلقي رجلاً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن ذلك، فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحداً فعل ذلك لجعلته نكالا".
قال ابن شهاب -رحمه الله- أراه علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام -رضي الله تعالى عنه- مثل ذلك.
قال مالك -رحمه الله- في الأمة تكون عند الرجل فيصيبها، ثم يريد أن يصيب أختها: إنها لا تحل له حتى يحرم عليه فرج أختها بنكاح أو عتاقة أو كتابة، أو ما أشبه ذلك، يزوجها عبده أو غير عبده.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

(96/1)


فيقول المؤلف -رحمه الله-:

باب: ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين، والمرأة وابنتها
معلوم بالدليل القطعي أنه لا يجوز الجمع بين الأختين {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(23) سورة النساء] وكذلك لا يجوز الجمع بين المرأة وبنتها، يعني الربيبة حرام على زوج الأم، والأم حرام على زوج البنت، هذا أمر معلوم معروف، لا يختلف فيه، وهذا بالنسبة للأحرار، وأما بالنسبة لملك اليمين فمسكوت عنه إلا ما يتناوله عموم قول الله -جل وعلا-: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} [(24) سورة النساء] {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] فليس فيه تقييد بأختين، ولا ببنت وأمها، أو أم وبنتها، وأم وعمتها، وأم وخالتها، وامرأة وعمتها، وامرأة وخالتها، هذا إذا كان من ملك اليمين فهو يحتمل أن تتناوله النصوص العامة، التي تقدم بعضها أنها أن تتزوج المرأة على عمتها أو على خالتها، أو يقال: إن هذا خاص بالأحرار، وأما بالنسبة للإماء {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] ولذا يختلف أهل العلم في مثل هذا.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن عمر بن الخطاب سُئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما" يعني من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى، يملك الأم ثم يملك البنت، هل تكون البنت ربيبة فلا يجوز له أن يطأها {وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم} [(23) سورة النساء] أو تكون داخلة في قوله: {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] "فقال عمر: "ما أحب أن أخبرهما جميعاً" لا يحب أن يطأ الاثنتين التي جاء المنع منهما في حق الأحرار، وينظر إلى فرجين يحرم الجمع بينهما بالنسبة في الأحرار، والإماء مثله؛ لأن العلة واحدة وأما ما يتناوله عموم {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] فإن هذا يكون مخصوصاً بما جاء في الجمع بين المرأة وابنتها، وبين البنت وأمها، والبنت وأختها، والمرأة وعمتها وهكذا.

(96/2)


"ما أحب أن أخبرهما جميعاً" يعني ما أحب أن أطأهما جميعاً، فالخبرة الباطنة التي لا تحصل لكل أحد، إنما تحصل للزوج فقط، أو السيد فقط، لا يحب أن يجمع بين ما حرم الله عليه الجمع بينهما، والخبرة والمخابرة تطلق على الحرث، والنساء حرث.
"ونهى عن ذلك" ولا شك أن الدليل ليس بقطعي، دلالة النصوص على مثل هذا ليست قطعية، {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] عمومه يشمل الجميع، لكن يبقى أن الأصل في الفروج المنع والاحتياط، فإذا كان الدليل محتملاً فالمنع هو المتجه.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلاً سأل عثمان -رضي الله عنه- عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية" {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] يعني عموم هذا الاستثناء يتناول الأختين، ويتناول الربيبة مع الأم، والعكس، والبنت والمرأة مع عمتها، وخالتها، يتناول جميع الممنوعات بالنسبة للأحرار.
"أحلتهما آية، وحرمتهما آية" {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(23) سورة النساء] "فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك" لورعه لم يفتِ بالتحريم، ولورعه أيضاً لا يرى الجمع ورعاً منه، ولا يفتي بالتحريم، وهذا في باب الاحتياط ظاهر، لكن يبقى أن الفروج الأصل فيها المنع والاحتياط، فلا يقدم إلا على ما أبيح، ما كانت إباحته ظاهرة لا خفاء فيها.
قال: "فخرج من عنده فلقي رجلاً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحداً فعل ذلك لجعلته نكالاً" يعني لعزرته تعزيراً بالغاً، يمتنع هو ومن يعلم بخبره عن مثل هذا الفعل، ويكون هذا من باب التعزير؛ لأن الدليل ليس بصريح، فيعزر على هذا.
"قال ابن شهاب أراه علي بن أبي طالب" يعني أظن هذا الصحابي الذي سأله ذلك الرجل هو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام مثل ذلك" يعني مثلما قال علي -رضي الله تعالى عنه-، وأن من فعل ذلك يستحق التعزير.

(96/3)


"قال مالك في الأمة تكون عند الرجل فيصيبها" يعني يطأها "ثم يريد أن يصيب أختها: إنها لا تحل له" يعني لا يحل له الجمع بينهما {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(23) سورة النساء] وهذه الآية تشمل الأحرار والإماء "أنها لا تحل له حتى يحرم عليه فرج أختها بنكاح" إما أن يخرجها من ملكه ببيع، أو يزوجها ينكحها عبداً أو حراً لا يملك طول أمة، ويخشى العنت "إما بنكاح أو عتاقة" يعتقها "أو كتابة أو ما أشبه ذلك" المقصود أنه يحدث فيها ما يمنعه من وطئها، كطلاق الأخت الحرة، يعني الأخت الحرة إذا أراد أن يتزوج أختها فإنه لا يجوز له أن يتزوجها حتى يطلق أختها أو تموت، المقصود أنه لا بد من الفراق "أو ما أشبه ذلك، يزوجها عبده أو عبده غيره" أو يزوجها حراً لا يستطيع طول حرة ويخشى على نفسه العنت، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان الطلاق رجعياً؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني فترة الاستبراء، يعني مثل عدة الحرة، حتى يعلم براءة رحمها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لو كان طلاق قلنا: رجعي، قلنا: إنها زوجة، ما زالت في عصمته، لكن لو كان طلاقاً بائناً؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال افترض أن هذه الأمة حبلت منه، حامل منه، ثم أراد أن يطأ أختها، وأعتقها وهي حامل منه، وأراد أن يطأ أختها، هل يقال: إنها مثل الحرة كالطلاق الرجعي؟ المرأة الحرة إذا طلقت وهي حامل طلاق سنة، ما في إشكال، لكنها ما زالت في العدة حتى تضع الحمل، هذا إذا كان الطلاق رجعياً، بإمكانه أن يراجعها؛ لأنها زوجة ترث ما دامت في العدة، أما هذه إذا أخرجها من يده وباعها انتهت العلاقة بينهما، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وهب لابنه جارية، فقال: "لا تمسها، فإني قد كشفتها".
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن المحبر ...
المجبر.
أحسن الله إليك.
عن عبد الرحمن بن المجبر أنه قال: وهب سالم بن عبد الله لابنه جارية فقال: "لا تقربها، فإني قد أردتها فلم أنشط إليها".

(96/4)


وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا نهشل بن الأسود قال للقاسم بن محمد: إني رأيت جارية لي منكشفاً عنها وهي في القمر، فجلست منها مجلس الرجل من امرأته، فقالت: إني حائض فقمت فلم أقربها بعد أفأهبها لابني يطؤها، فنهاه القاسم عن ذلك".
وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الملك بن مروان أنه وهب لصاحب له جارية، ثم سأله عنها، فقال: "قد هممت أن أهبها لابني فيفعل بها كذا وكذا"، فقال عبد الملك: لمروان كان أورع منك وهب لابنه جارية، ثم قال: لا تقربها فإني قد رأيت ساقها منكشفة".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه
يعني عكس الباب السابق، هناك في الجمع بين الموطوءات، وهنا في الجمع بين الواطئين.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وهب لابنه جارية، فقال: "لا تمسها فإني قد كشفتها" وهبها له تكون بالنسبة له ملك يمين، أمة، ويستفيد منها بكل ما يستفاد من الأمة إلا في الوطء؛ لأن أباه قد وطئها، فيشملها قول الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [(22) سورة النساء] فأبوه قد نكحها، والنكاح يطلق على الوطء كما يطلق على العقد، فلا يجوز له أن يطأها، وقد وطأها أبوه، والعكس، لو كانت الهبة من الولد إلى الأب وقد وطئها الابن قبل ذلك لا يجوز للأب أن يطأ.
وفي حكم الوطء الاطلاع على ما لا يطلع عليه إلا الزوج أو السيد.
قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه قال: وهب سالم بن عبد الله لابنه جارية فقال: "لا تقربها فإني قد أردتها فلم أنشط إليها" أردتها يعني أراد أن يجامعها، ففعل المقدمات، وجلس بين شعبها، لكنه لم يستطع، أو لم ينشط أن يجامعها بعد أن كشفها واطلع عليها على ما لا يطلع عليه إلا الزوج أو السيد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
فلم أنشط إليها، وفي بعض النسخ: فلم أنبسط إليها.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(96/5)


المعنى واحد على كل حال، المعنى واحد كأنه فعل مقدمات، ورأى أنه لا يتابع، إما باختياره أو بغير اختياره، إما أن يكون عزف عنها باختياره، أو لم يستطع ذلك، على كل حال أنه اطلع منها على ما لا يطلع عليه إلا الزوج أو السيد.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا نهشل بن الأسود قال للقاسم بن محمد" وكل هذا يؤيد أن الدخول يحصل بإرخاء الستور، ولو لم يحصل هناك مسيس، وهذا قول معروف عند الحنابلة وغيرهم، وإن كان النص على المس.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا نهشل بن الأسود قال للقاسم بن محمد: إني رأيت جارية لي منكشفا عنها" يعني منكشف عنها ثوبها "وهي في القمر" يعني في ضوء القمر، فأعجبه ما رأى منها "فجلس منها مجلس الرجل من امرأته" فهي ملك يمين، جارية له، يجوز له أن يطأها، يعني ملك يمين "فجلست منها مجلس الرجل من امرأته" فما الذي منعه منها؟ "فقالت: إني حائض، فقمت فلم أقربها بعد" يعني نشط إليها لما رأى منها ما رأى في ضوء القمر، ثم بعد ذلك وجد المانع فعزفت نفسه عنها "فلم يقربها بعد، أفأهبها لابني يطؤها؟ فنهاه القاسم عن ذلك" لأنه رأى منها، واطلع منها على ما لا يطلع عليه إلا الزوج أو السيد، وعلى هذا لا يجوز أن يطلع على ما اطلع عليه أبوه أو ابنه، وهذا بالعقد أو بالملك الصحيح، فيما يسوغ له أن يطأ وطئاً صحيحاً، وعلى هذا لو أن رجلاً زنى بامرأة هل تحرم على ولده أو على أبيه؟ تحرم وإلا ما تحرم؟
طالب:. . . . . . . . .
على ما تقدم أن الزنا لا يحرم، ولا تترتب عليه الآثار، فإذا كان وطئ بالفعل وهنا مجرد محاولة، ولم يوجد وطء يحرم، إذا كان بمبرر صحيح شرعي، إما بعقد، أو بملك يمين، وهذا هو الذي تترتب عليه آثاره الشرعية، أما ما كان بزنا وشبهه فإنه لا يقتضي التحريم، فالمحرم لا تترتب عليه آثار شرعية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لفظ النكاح فيما قرره شيخ الإسلام وذكرناه سابقاً أن النكاح اللفظ إذا سيق مساق التحريم فإنه يتناول العقد فقط، ويتناول الوطء فقط، يتناول كل واحد على انفراده، فيصح على الموطوءة بزنا أنها نكحها الأب {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم} [(22) سورة النساء].

(96/6)


على رأي شيخ الإسلام أن النكاح يطلق على الوطء بمفرده كما أنه يطلق على العقد بمفرده، فيدخل الزنا في قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [(22) سورة النساء] هذا على مقتضى رأي شيخ الإسلام، أما ما يقرره كثير من أهل العلم أن الزنا لا تثبت به الأحكام الشرعية؛ لأنه ليس بعقد كما أنه لا تثبت به الثيبوبة والإحصان، لا يثبت به مثل هذا، المرأة إذا وطئت بزنا لا تزال بكراً، والرجل إذا زنا فهو بكر حكماً، لا يرتفع عنه الوصف، ولا ينتقل إلى الإحصان بمجرد الوطء بالزنا، هم يريدون أن يطردوا الباب ويجعلونه واحداً، وإن كان عموم لفظ النكاح يشمل الوطء فقط.
قال: "وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الملك بن مروان أنه وهب لصاحب له جارية، ثم سأله عنها فقال: "قد هممت أن أهبها لابني فيفعل بها كذا وكذا" فقال عبد الملك: لمروان كان أورع منك" يعني أباه "لمروان كان أورع منك، وهب لابنه جارية، ثم قال: لا تقربها، فإني قد رأيت ساقها منكشفة" يعني اطلع منها على ما لم يطلع عليه إلا الزوج، لكن مجرد انكشاف الساق من غير قصد، ومن غير إرادة للنكاح قد ينكشف ساق المحرم، المحرم البنت أو الأخت، أو ما أشبه ذلك، وهذا لا يقتضي أن يكون ... ، هذا يعني لا يختص به الزوج أو السيد، يعني مجرد انكشاف الساق لا يكفي، إلا إذا صاحبه قصد للوطء، كشف ساقها ثم رجع عن ذلك، لكنه هنا: فإني قد رأيت ساقها منكشفة، ولا شك أن مثل هذا ورع، هذا مزيد تحري وورع.
طالب:. . . . . . . . .
يقول: فإني قد رأيت ساقها منكشفة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، كل النصوص التي تقدمت تدل على ما دون الجماع.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هو قول: لمروان كان أورع منك، هذا من باب الورع.
طالب:. . . . . . . . .
تجوز له رؤيته، لكن مع ذلك أن القدر الذي يشترك فيه هذه الأمة مع المحرم لا يقتضي التحريم، إنما يقتضي التحريم ما فوق ذلك، مما يختص به الزوج أو السيد، لكن تركها، أوصاه من باب الورع، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب

(96/7)


قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [(5) سورة المائدة] فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات، وقال الله -تبارك وتعالى-: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [(25) سورة النساء] فهن الإماء المؤمنات.
قال مالك: فإنما أحل الله فيما نرى نكاح الإماء المؤمنات ولم يحلل نكاح إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية؟
قال مالك: والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين، ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب
يجوز نكاح المحصنات الأحرار العفيفات من نساء أهل الكتاب، لكن الإماء من أهل الكتاب لا يجوز نكاحهن، يجوز وطئهن بملك اليمين ولا يجوز بالنكاح؛ لأن نكاح الأمة لا يجوز حتى في المسلمة، حتى الأمة المسلمة لا يجوز نكاحها، بمعنى أنه يعقد عليها، وهي ملك لغيره، إلا بشرط أن لا يجد طول الحرة، وأن يخشى على نفسه العنت كما تقدم، وإذا أبيح نساء أهل الكتاب الأحرار وهو مستثنى من تحريم المشركات، ولذا قال في نهاية الباب: ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين، كما أنه لا يجوز نكاح المرأة الحرة المجوسية، ولا عموم المشركات، ولم يستثن منهم -من المخالف في الدين- إلا النساء المحصنات الأحرار من أهل الكتاب.

(96/8)


"قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [(5) سورة المائدة] " يعني هل هذا مخصص من قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [(221) سورة البقرة] أو نقول: إن أهل الكتاب ليسوا بمشركين، ولو كان فيهم شرك فلا نحتاج إلى مخصص؟ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [(1) سورة البينة] فالذي يقرره جمع من أهل العلم ومنهم الحافظ ابن رجب -رحمه الله- أن أهل الكتاب ليسوا بمشركين، هم كفار إجماعاً، كفار إجماعاً، قالوا: ومن شك في كفرهم كفر إجماعاً أيضاً، أهل الكتاب اليهود والنصارى، لكن هل يقال لهم: مشركون أو يقال: فيهم شرك؟ وفرق بين أن يكون الشخص مشركاً، أو فيه شرك، فرق بين أن يكون جاهلياً أو فيه جاهلية، فرق بين هذا وهذا، فالذي يقرره الحافظ ابن رجب أنهم ليسوا بمشركين، وإنما فيهم شرك، مثل هذا بعض غلاة المبتدعة الذين يصرفون لبعض المخلوقين بعض حقوق الله -جل وعلا-، هل يقال: إنهم مشركون، أو يقال: فيهم شرك؟ يعني الأصل فيهم التوحيد، ثم دخل عليهم الشرك كما دخل على اليهود والنصارى، ويكون حينئذٍ فرق بين هذا وهذا، والشرك إذا وجد أحبط العمل، هذا ما فيه إشكال ولا خلاف، قد يقول قائل: ما الفائدة ما داموا كفار لماذا لا نقول: مشركين؟ يعني أهل الكتاب؟ الفرق لمجرد أننا هل نحتاج إلى مخصص يخرج نساء أهل الكتاب من قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] أو لا نحتاج إلى مخصص؛ لأنهم لا يدخلون أصلاً في النص؟ وإذا احتجنا إلى مخصص فالمخصص موجود، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، هذا مخصص موجود، والخلاف يقرب من أن يكون لفظياً، حتى في المسلم الذي أصله الإسلام، ثم يشرك بصرف شيء من حقوق الرب -جل وعلا- لأحد من خلقه الخلاف لفظي {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] وهذا قيل في حق أفضل الخلق {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر]

(96/9)


{إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] المشرك خالد مخلد في النار، لكن هل يقال: إنه مشرك، وحكمه حكم المشركين الأوائل الذين ما عرفوا الدين؟ أو يقال: إن أصله الإسلام ودخل في الإسلام بيقين، ونحتاج إلى مزيد تحرٍ في إخراجه منه؟ هذا هو الفرق يعني، وإلا إذا ثبت أنه أشرك وابتدع بدعة مخرجة عن الملة هذا حكمه حكم الكفار، لكن نحتاج إلى مزيد تثبت في إخراجه مما دخل فيه بيقين.
يعني إذا نظرنا إلى الأمم الشرقية مثلاً، في تايلاند مثلا قرروا في دستورهم أن الديانة الأصلية المعتمدة في الدولة البوذية، هؤلاء مشركون بلا شك، وإذا نظرنا في بعض أقطار المسلمين من يقول: لا إله إلا الله ويطوف على قبر، ويطلب من صاحبه الحوائج، هذا شرك أكبر نسأل الله العافية، هل نقول: إن هذا مثل هذا؟ أو نقول: هذا من الأصل ما دخل في الإسلام؟ فهو كافر قطعاً يقيناً، وهذا الأصل فيه الإسلام، ثم بعد ذلك ننظر في توافر الأسباب وانتفاء الموانع لنطبق عليه حكم المشرك الذي يخلد في النار، أو يعذر بجهله، أو لوجود مانع آخر، هل نقول: إن حكمهم واحد؟ هل نقول: إن هذا الأصل فيه الإسلام وفيه شرك؟ يعني مثلما يقال الآن: إن بعض الناس أتى بناقض فحكمه كفر، وخرج من الملة، ولا يعذر بإكراه ولا بضغط ولا بغيره، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عذر هرقل لما ضغط عليه، نقول: الفرق ظاهر، هرقل الأصل فيه الكفر، ليس بمسلم، فلا يدخل في الإسلام إلا بيقين، ومن قيل: إنه خرج من الإسلام بمكفر أكره عليه هو في الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، فرق بين هذا وهذا، الإكراه لا يعذر فيه، بدليل أن هرقل أكره، نقول: فرق بين من الأصل فيه الإسلام، دخل فيه بيقين لا يخرج إلا بيقين، تقبل فيه الموانع، ومن كان الأصل فيه الكفر لا يدخل فيه إلا بيقين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه عندنا النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((كذب، مات على نصرانيته)) هذا النص القاطع عندنا ((كذب الخبيث مات على نصرانيته)) هذا حديث.

(96/10)


"قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [(5) سورة المائدة] فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات، وقال الله -تبارك وتعالى-: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [(25) سورة النساء] " لأن نكاح الأمة خلاف الأصل، فيقتصر فيه على مورد النص {مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [(25) سورة النساء] فهن الإماء المؤمنات".
"قال مالك: فإنما أحل الله فيما نرى نكاح الإماء المؤمنات، ولم يحلل نكاح إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية؟ "
"قال مالك: والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين" كالأمة المسلمة، بخلاف النكاح الذي فيه عقد، فإذا منع من نكاح الأمة المسلمة إلا بالشروط فلئن يمنع من نكاح الأمة اليهودية أو النصرانية من باب أولى، وتحل الأمة بمجرد ملك اليمين سواء كانت مسلمة أو يهودية أو نصرانية.
"ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين" لأنها مشركة، وقد حرم على المسلم أن ينكح المشركة حتى تؤمن.
طالب: حتى لو كانت ....
نعم، إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
أو في معناه؟ المقصود أنهم كفار خالدون مخلدون في النار، هذا ما فيه إشكال، هذا أمر مجمع عليه، ثم بعد ذلك هل يقال: إنهم مشركون من أجل أن نطلب مخصص لقوله: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] أو ليسوا بمشركين فلا نحتاج إلى مخصص كما قال ابن رجب؟ وإذا طلبنا مخصصاً فالمخصص موجود يعني، فالخلاف في نظري يقرب من اللفظي.
طالب:. . . . . . . . .
الأمة يعني في السبي مثلاً غزا المسلمون الكفار المشركين فسبوا منهم، سبايا أوطاس مثلاً.
طالب:. . . . . . . . .

(96/11)


سبايا أوطاس، لا توطأ أمة حتى تستبرأ، فهذه الغاية، لكن يعارض ذلك {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] وهل المقصود النكاح بالعقد أو النكاح الشامل للعقد وملك اليمين الذي هو يساوي الوطء؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، ومالك يقول: "ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين" والحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال في سبايا أوطاس: ((لا توطأ حتى تستبرأ)) يدل على أن المشركة توطأ، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الإحصان
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: المحصنات من النساء
هن أولات الأزواج، ويرجع ذلك إلى أن الله حرم الزنا.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب وبلغه عن القاسم بن محمد أنهما كانا يقولان: "إذا نكح الحر الأمة فمسها فقد أحصنته.
قال مالك: وكل من أدركت كان يقول ذلك: تحصن الأمة الحر إذا نكحها فمسها فقد أحصنته.
قال مالك: يحصن العبد الحرة إذا مسها بنكاح ولا تحصن الحرة العبد إلا أن يعتق وهو زوجها فيمسها بعد عتقه، فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن حتى يتزوج بعد عتقه ويمس امرأته.
قال مالك: والأمة إذا كانت تحت الحر، ثم فارقها قبل أن تعتق فإنه لا يحصنها نكاحه إياها، وهي أمة حتى تنكح بعد عتقها، ويصيبها زوجها، فذلك إحصانها، والأمة إذا كانت تحت الحر فتعتق وهي تحته قبل أن يفارقها فإنه يحصنها إذا عتقت وهي عنده إذا هو أصابها بعد أن تعتق.
وقال مالك: والحرة النصرانية واليهودية والأمة المسلمة يحصن الحر المسلم إذا نكح إحداهن فأصابها.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الإحصان
الإحصان يطلق ويراد به الوطء بالنكاح الصحيح، وهو الذي تترتب عليه آثار الحدود، الوطء بنكاح صحيح، تترتب عليه آثار الحدود، من فرق بين الثيب والبكر بهذا فالثيب من وطئ بنكاح صحيح، أو وطئت بنكاح صحيح، والبكر من لم يطأ في نكاح صحيح، ولو حصل منه الوطء لا بنكاح صحيح، وكذلك البكر من النساء، يطلق الإحصان ويراد به العفة {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} [(5) سورة المائدة] العفيفات من أهل الكتاب، وله عدة إطلاقات.
يقول -رحمه الله تعالى-:

(96/12)


باب: ما جاء في الإحصان
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: المحصنات من النساء هن أولات الأزواج" يعني ذوات الأزواج، يعني لا يجوز نكاح المحصنات من النساء اللواتي في ذمم الأزواج، ويرجع ذلك إلى أن الله تعالى حرم الزنا، فمن وطئ امرأة وهي تحت رجل تحت زوج هذا هو الزنا الموجب للحد.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب وبلغه عن القاسم بن محمد أنهما كانا يقولان: إذا نكح الحر الأمة فمسها فقد أحصنته" لماذا؟ لأنه وطئ بنكاح صحيح، فهو محصن.
"قال مالك: وكل من أدركت كان يقول ذلك: تحصن الأمة الحر إذا نكحها فمسها فقد أحصنته" لكن ملك اليمين؟ رجل بكر ما تزوج، فاشترى جارية فوطئها، تحصن وإلا ما تحصن؟ على الضابط الذي ذكروه في الإحصان والثيبوبة أنه لا يندرج تحته هذه الصورة، يعني ما وطئ بنكاح صحيح، إنما وطئ بملك يمين.
"قال مالك: وكل من أدركت كان يقول ذلك: تحصن الأمة الحر إذا نكحها فمسها فقد أحصنته".
قال مالك: يحصن العبد الحرة إذا مسها بنكاح، ولا تحصن الحرة العبد" لماذا؟ الحرة لا تحصن العبد إلا أن يعتق؛ لأنه لا أثر لإحصانه وعدمه، ما دام عبد سواء وطئ بنكاح أو لم يطأ، ما دام عبد حده نصف ما على المحصنين من العذاب.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول هنا: ولا تحصن الحرة العبد.
طالب:. . . . . . . . .
ولو نكحها إلا أن يعتق، لماذا؟ لأنه لا أثر لإحصانه، ما دام عبد فليس حده الرجم، إنما الحد فيه مطلقاً الجلد، "إلا أن يعتق وهو زوجها" فإذا عتق وهو زوجها، فقد وطئ بنكاح صحيح، وهو حر حده الرجم كالحر، "فيمسها بعد عتقه، فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن" يعني الحرة تحت العبد بالنكاح يصح وإلا ما يصح؟
طالب:. . . . . . . . .
ليش؟ ويش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
بريرة لما عتقت حرة، اختارت نفسها، لكن لو اختارته، صح وإلا ما صح؟ يصح، ما في إشكال.
طالب: ابتداء.

(96/13)


ابتداءً واستمراراً ما في إشكال، إذا رضيت به ورضي به أهلها، ما في ما يمنع، والأولاد يتبعون الأم في الحرية والرق "فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن حتى يتزوج بعد عتقه ويمس امرأته" فليس بمحصن يعني حكماً، بمعنى أنه لا يتجه إليه حكم المحصن إذا زنا.
"قال مالك: والأمة إذا كانت تحت الحر ثم فارقها قبل أن تعتق" الأمة إذا كانت تحت الحر يعني بنكاح "قبل أن تعتق، فإنه لا يحصنها نكاحه إياها وهي أمة" مثلما قلنا في العبد أن حدها -ولو وطئت بنكاح صحيح- نصف ما على المحصنات من العذاب، والرجم لا يتنصف، إذاً تجلد نصف الحد "حتى تنكح بعد عتقها، ويصيبها زوجها فذلك إحصانها"، والأمة إذا كانت تحت الحر فتعتق وهي تحته قبل أن يفارقها فإنه يحصنها إذا عتقت وهي عنده إذا هو أصابها بعد أن تعتق.
"وقال مالك: والحرة النصرانية واليهودية والأمة المسلمة يحصن الحر المسلم" لأن الحد ينطبق عليه أنه نكح أو وطئ بنكاح صحيح "إذا نكح إحداهن فأصابها" نعم.
أحسن الله إليك.

باب: نكاح المتعة
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنهم- عن أبيهما -رضي الله تعالى عنه- عن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه، فخرج عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فزعاً يجر رداءه، فقال: "هذه المتعة، ولو كنت تقدمت فيها لرجمت".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: نكاح المتعة

(96/14)


وهي النكاح والزواج المؤقت، ينتهي بأمد محدد، يتزوج فلانة إلى يوم كذا من شهر كذا، أو إلى رأس الشهر أو رأس السنة، هذا هو نكاح المتعة، هذا إذا اتفق عليه الطرفان، وكان الأمد معلوماً عند الطرفين، أما إذا تزوج وفي نيته أن يفارق، ولو حدد في نفسه وقتاً وأمداً لهذا النكاح، لكنه لا يتفق عليه في العقد، بحيث لو أعجبته هذه المرأة واستمر معها، أو لم تعجبه فطلقها قبل الوقت المحدد الأمر عند أهل العلم يسمى بالنكاح بنية الطلاق، نكاح بنية الطلاق وعامة أهل العلم على جوازه، وما عرف المخالفة فيه إلا من الأوزاعي، ورواية في المذهب عند الحنابلة، لكن عامة أهل العلم على جوازه شريطة ألا يعلم الطرف الثاني لا تصريحاً ولا تلويحاً، لا بإخبار لفظي ولا عرفي، بمعنى أنه لا يصل الخبر إلى الطرف الثاني بأي وسيلة كانت، ولو كان بواسطة العادة المطردة، يعني بعض الناس عرف بهذا، فإذا ذهب إلى بني فلان، أو إلى البلد الفلاني يعرفون أنه سوف يطلق في مدة كذا، وهذا جرى من عادته، أو عرفوا من هذا السمسار أنه لا يأتي إلا بهذا النوع، أو أهل هذا البلد عرفوا أنهم واستفاض عندهم هذا بحيث يغلب على الظن أن النكاح لا يستمر، بل هو مؤقت، هذا يأخذ حكم المتعة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من دون الطرف الثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يحرم عليه هو فقط، عليه هو، إذا ما عرفوا ما لهم علاقة، على كل حال ما لهم علاقة.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب" المعروف بابن الحنفية "عن أبيهما" محمد بن الحنفية -رحمه الله- "عن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن متعة النساء يوم خيبر" حرمت المتعة، كانت جائزة ثم حرمت، ثم أبيحت للحاجة، ثم حرمت إلى قيام الساعة، استمر تحريمها المؤبد، فهي حرام عند كل من يعتد بقوله من أهل العلم، وذكر عن بعض الصحابة، ذكر ابن حزم عن ثمانية من الصحابة أنهم أباحوها، لكن الحافظ ابن حجر ذكر عنهم بالأسانيد الصحيحة أنهم رجعوا عن هذه الأقوال، فثبت تحريمها فصار إجماعاً تحريم المتعة، ولم يقل بذلك، ولا يعرف من يقول بذلك إلا الروافض.

(96/15)


"نهى عن متعة النساء يوم خيبر" استمر النهي إلى قيام الساعة، حتى قال عمر: إني لا أوتى برجل نكح المتعة إلا جلدته الحد، ولذا يختلف أهل العلم في ناكح المتعة هل يحد أو يعزر؟ هل يحد حد الزنا أو يعزر؟ لأنه نكاح باطل، وجوده مثل عدمه، فقول عمر يدل على أنه يحد، ومن أهل العلم من يدرأ هذا الحد بهذه الشبهة بشبهة العقد.
"وعن أكل لحوم الحمر الإنسية" الحمر الأهلية كانت تؤكل، فلما كان يوم خيبر جاء من جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أكلت الحمر، ثم جاء من يقول: أفنيت الحمر، فأمر بإهراق القدور وهي تفور بلحوم الحمر، وأرسل من يقول: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الإنسية، فهي حرام، والوصف بالإنسية وصف مؤثر، يدل على أن غير الإنسية لحمها مباح.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة" يعني نكحها نكاحاً مؤقتاً "استمتع بامرأة فحملت منه، فخرج عمر بن الخطاب فزعاً يجر رداءه، فقال: "هذه المتعة، ولو كنت تقدمت فيها" تقدم بالبيان للناس وتحذير الناس، أو تُقدمت على ما سبق يعني سبقت بالرجم لرجمت، أو تقدمت يعني سبقت بالرجم لرجمت، وعلى هذا فالولد هذا الحمل ينسب إليه، أو ينسب إليه، يقال: الولد للفراش، أو ينسب إليه يقال: هذا ولد شبهة؟ على الخلاف في حد ناكح المتعة، من قال: يحد حد الزنا يقول: هذا ولد زنا، ومن قال: يدرأ عنه الحد بشبهة العقد يقول: الولد ولد شبهة ينسب إلى أبيه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن من سمع أن ابن عباس مثلاً يجيز المتعة، وما عرف أن ابن عباس رجع عن هذا القول، نعم؟ هل له شبهة وإلا ما عنده شبهة؟
ابن حزم ذكر هذا عن جمع من الصحابة، لكن الحافظ ابن حجر قرر بالأسانيد الصحيحة النقل عن هؤلاء أنهم رجعوا عن ذلك فصار إجماعاً، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: نكاح العبيد
حدثني يحيى عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: "ينكح العبد أربع نسوة".
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.

(96/16)


قال مالك: "والعبد مخالف للمحلل إن أذن له سيده ثبت نكاحه، وإن لم يأذن له سيده فرق بينهما والمحلل يفرق بينهما على كل حال إذا أريد بالنكاح التحليل".
قال مالك في العبد إذا ملكته امرأته أو الزوج يملك امرأته: "إن ملك ...
إنّ مِلْك.
أحسن الله إليك.
إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخاً بغير طلاق، وإن تراجعا بنكاح بعد لم تكن تلك الفرقة طلاقاً.
قال مالك: والعبد إذا أعتقته امرأته إذا ملكته، وهي في عدة منه لم يتراجعا إلا بنكاح جديد.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: نكاح العبيد
نكاح العبيد يعني زواجهم بالعقد، إما أمة كما هو الغالب، أو يكون نكاح العبد لحرة إذا رضيت بذلك.
قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: "ينكح العبد أربع نسوة" يعني كالحر، {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [(3) سورة النساء] فهو كالحر.
"قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك" أن الأمر "فانكحوا" يتجه إلى العبيد كما يتجه إلى الأحرار.
"قال مالك: والعبد مخالف للمحلل، إن أذن له سيده ثبت نكاحه" يعني يثبت نكاحه موقوفاً على إذن سيده، يعني لو نكح وتزوج بغير إذن سيده هل نقول: النكاح باطل مثل نكاح المحلل؟ أو نقول: موقوف؟ كالتصرف الفضولي؟ نعم؟ يقول: "العبد مخالف للمحلل إن أذن له سيده ثبت نكاحه، وإن لم يأذن له سيده فرق بينهما، والمحلل يفرق بينهما على كل حال" لأنه نكاح باطل على ما تقدم "إذا أريد بالنكاح التحليل".
"قال مالك في العبد إذا ملكته امرأته أو الزوج يملك امرأته" العبد يملك امرأته، يمكن عبد وامرأته أمة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو متزوج من الأصل متزوج بها من الأصل، وعلى رأي مالك أنه يملك بالتمليك إذا ملكها.
"العبد إذا ملك امرأته أو الزوج يملك امرأته" الزوج يعني الحر يملك امرأته التي تزوجها وهي أمة بالشرطين المعروفين، أن لا يجد طول حرة، ويخشى على نفسه العنت ثم يملكها، تجتمع لديه قيمتها ثم يشتريها من سيدها.

(96/17)


"إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخاً بغير طلاق" لماذا؟ لأن النكاح على هذه الصفة خلاف الأصل، كان نكاح بالشرطين المعروفين لا يجد طول حرة، ويخشى على نفسه العنت، لكن مثل هذا هل يمنع من ملك اليمين، يمنع من نكاح الأمة، لكن لا يمنع من ملك اليمين، أبيح له نكاح الأمة بالشرطين المعروفين فتيسر له ملك اليمين الذي لا خلاف في جوازه.
يقول: "إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخاً بغير طلاق، وإن تراجعا بنكاح بعد" يعني عقد، جدد العقد من جديد "لم تكن تلك الفرقة طلاقاً" يعني لا تحسب من الطلقات الثلاث، هي مجرد فسخ لا طلاق.
"قال مالك: والعبد إذا أعتقته امرأته" عبد تزوج حرة، فصار عندها من المال ما يساوي قيمة هذا العبد فاشترته وأعتقه "والعبد إذا أعتقته امرأته إذا ملكته وهي في عدة منه لم يتراجعا إلا بنكاح صحيح" كيف في عدة منه؟ نعم؟ طلقها، هو طلقها وهي ما زالت في العدة، لم يتراجعا إلا بنكاح جديد، لكن وإن تراجعا بنكاح بعد، وما حصل طلاق، حصل فسخ، فلم تحسب، وهنا إذا طلقها حسبت، ولم ترجع إليه إلا بنكاح جديد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني فرقة بائنة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مو بيتزوج، هو ما يتزوج إلا أربع، إيه.
يقول: "ينكح العبد أربع نسوة" مثل الحر، أربعة أحرار، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله

(96/18)


حدثني مالك عن ابن شهاب أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلمن بأرضهن، وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار، منهن بنت الوليد بن المغيرة، وكانت تحت صفوان بن أمية، فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام، فبعث إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أماناً لصفوان بن أمية، ودعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضي أمراً قبله وإلا سيره شهرين، فلما قدم صفوان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بردائه ناداه على رؤوس الناس فقال: يا محمد إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمراً قبلته وإلا سيرتني شهرين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انزل أبا وهب)) فقال: لا والله لا أنزل حتى تبين لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بل لك تسير أربعة أشهر)) فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل هوازن بحنين، فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحاً عنده، فقال صفوان: أطوعاً أم كرهاً؟ فقال: ((بل طوعاً)) فأعاره الأداة والسلاح الذي عنده، ثم خرج صفوان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو كافر فشهد حنيناً والطائف وهو كافر، وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: "كان بين إسلام صفوان وبين إسلام امرأته نحو من شهر".
قال ابن شهاب: "ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدم زوجها مهاجراً قبل أن تنقضي عدتها".

(96/19)


وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح، فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثب إليه فرحاً، وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك.
قال مالك: وإذا أسلم الرجل قبل امرأته وقعت الفرقة بينهما إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [(10) سورة الممتحنة].
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله
يعني في الباب أن زينب بنت النبي -عليه الصلاة والسلام- أسلمت قبل زوجها أبي العاص بن الربيع، ولم يفرق بينهما من أول الأمر، ولذا يرى جمع من أهل العلم أنها تنتظر فإن أسلم زوجها وقت العدة استمر النكاح، وإن انتهت العدة قبل إسلامه فرق بينهما.

(96/20)


وهنا يقول: "حدثني مالك عن ابن شهاب أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلمن بأرضهن، وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار" ثم ذكر منهن، يقول: "منهن بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح" هذه القصة لا شك أنها مرسلة، وابن شهاب ما حضر، يحكي قصة لم يشهدها، وأصلها في صحيح مسلم "وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام" خشية أن يدرك فيقتل، أو يرغم على الإسلام "فبعث إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ليكون أمارة وعلامة على صدقه "أماناً لصفوان بن أمية" وتصديقاً لوهب بن عمير "ودعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، وأن يقدم عليه" وهذا الأمر معمول به إلى الآن، يعني إذا أراد أن يصدق الرسول بعث معه شيئاً يعرف به، يعرف أن هذا لفلان، يدل على صدقه، وأنه بالفعل جاء منه "ودعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضي أمراً قبله، وإلا سيره شهرين" ثم بعد ذلك قال: بل لك أن تسير أو تسير أربعة أشهر، يعني على ما جاء في أول سورة براءة {بَرَاءةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [(1 - 2) سورة التوبة] يعطيه هذه المهلة، فقال: "وإلا يسيره شهرين، فلما قدم صفوان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بردائه" بهذه الأمارة، بهذه العلامة "ناداه على رؤوس الناس فقال: يا محمد" لأنه مشرك، لا يعتقد أنه رسول من الله -جل وعلا-، "قال: يا محمد، إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمراً قبلته، وسيرتني شهرين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انزل أبا وهب)) " يعني أبا وهب هذه كنيته "فقال: لا والله لا أنزل حتى تبين لي" ويستعمل مثل هذا الأسلوب للضغط على المقابل يعني إذا طرق عليك الباب شخص فقلت له: ادخل، قال: لا والله لا أدخل حتى تجيبني إلى ما أطلب، أو دخل ثم سكبت له الماء أو القهوة أو الشاي قال: والله ما أشرب

(96/21)


حتى تجيبني إلى ما أطلب، يعني هذه طريقة معروفة عند العرب، ومتوارثة بينهم.
"فقال: لا والله لا أنزل حتى تبين لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بل لك تسير أربعة أشهر)) فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل هوازن بحنين" لأنه ذهب ليسير أربعة أشهر، وينظر في أمره ويختار "فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحاً عنده" وهذه استعارة واستعانة بمشرك "لكنه قال: أطوعاً أم كرها؟ " يعني هل تأخذها غصب وإلا عارية مضمونة مستردة؟ بل عارية، طوع "فقال: ((بل طوعاً)) فأعاره الأداة والسلاح الذي عنده، ثم خرج صفوان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو كافر" وهو كافر "ثم خرج صفوان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو كافر، فشهد حنيناً والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح" لعل هذا قبل أن تخرج من العدة؛ لأن المدة قريبة.
يقول ابن عبد البر: لا أعلم يتصل بوجه صحيح، وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير، وابن شهاب إمام أهلها، يعني إمام أهل السير، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده -إن شاء الله تعالى-، وعلى كل حال الأصل -أصل القصة- في مسلم، واستعارة السلاح صحيحة.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: "كان بين إسلام صفوان، وبين إسلام امرأته نحو من شهر"
يعني ما خرجت من العدة.
"قال ابن شهاب: "ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدم زوجها مهاجراً قبل أن تنقضي عدتها" وعلى هذا يكون الممنوع في نكاح المشرك المسلمة في ابتدائه لا في استمراره، على أن الاستمرار له أمد وهو انقضاء العدة.

(96/22)


قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم" هذا من يمنها وبركتها عليه، فذهبت إليه، وحرصت على إسلامه حتى دخل في الإسلام، ولا شك أن النساء لهن تأثير على الرجال، كما أن الزوج له تأثير على امرأته، فكل منهما يؤثر على الآخر، إما بالخير أو بالشر، فهذه تبعته إلى أن وصلت إلى اليمن ودعته إلى الإسلام فاسلم، وعمران بن حطان كان على الجادة، ثم تزوج خارجية فدعته إلى مذهب الخوارج فصار من رؤوسهم ودعاتهم، فلا يتساهل في شأن النساء؛ لأن بعض الشباب وإن كانوا من طلاب العلم حرصه على الجمال أكثر من الدين، يقول: الدين يأتي بالدعوة، نستغل الدعوة وتهدى -إن شاء الله تعالى-، لكن الجمال ما يأتي لا بدعوة ولا بغيرها، الجمال خلقي، يقول: الديانة تأتي بالدعوة، والسياسة والرفق واللين بالحكمة وبالتي هي أحسن حتى تستقيم، والذي حصل، يعني يحصل أن تهدى المرأة بسبب زوجها، لكن حصل العكس كثير، يعني من ضل بسبب امرأته كثير، ولا أنسى شخصاً من طلاب العلم لحيته إلى سرته، وطالب في دراسة عالية شرعية، ولحيته ملأت صدره، ثم بعد ذلك جاء للدرس حليق بالموسى، يعني مو مسألة يعني تخفيف وإلا تدريج أبداً، يعني من لحية كثة إلى لا شيء، بالموسى، فلما سئل قال: إن المرأة اشترطت إما أنا وإلا اللحية، ومع ذلك استمر في طلب العلم، يقول: ما في تنافر، لكن انظر إلى التأثير إلى أي حد يكون، يعني التأثير في الأمور الخفية كثير، لكن في الأمور الظاهرة فجأة كذا، هذا أمر موحش، لا شك أن هذا أمر موحش، يعني إذا كانت الاستجابة في الأمر الظاهر الذي كثير من يخشى من نظرة الناس إليه، يعني أمر مقلق، فكيف بالأمور الخفية؟ يعني لو دعته إلى أن يقتني قناة من قنوات السوء، هذا قد يستجيب بدون تردد، التردد فيه أقل من أن يحلق لحيته حلقاً تاماً؛ لأن هذا أمر خفي لا يرى أمام الناس، وكثير من الناس يردعه رؤية الخلق، ولا يردعه رؤية الخالق، والله المستعان.

(96/23)


هذه ارتحلت إلى اليمن، حتى قدمت عليه فدعته إلى الإسلام فأسلم، هذا يدل على أن المرأة لا شك أن لها تأثير على الزوج.
"وقدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح، فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثب إليه فرحاً" عكرمة بن أبي جهل أحد الشجعان المعروفين، له أثر وغناء في الحروب، هذا يفرح بإسلامه "وثب إليه فرحاً، وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك".
"قال مالك: وإذا أسلم الرجل قبل امرأته وقعت الفرقة بينهما" يعني ما ينتظر إلى عدة، إذا أسلمت قبله ينتظر إلى انتهاء العدة، لكن إذا أسلم قبلها وقعت الفرقة فوراً، إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه العظيم: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [(10) سورة الممتحنة] " لا تمسكوا، لا مدة طويلة ولا قصيرة، يعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا لزمت الفرقة.
ابن القيم -رحمه الله تعالى- في إغاثة اللهفان في باب الحيل امرأة حاولت فراق زوجها بشتى الوسائل بالطلاق، بالخلع، بأي وسيلة فعجزت، تمسك بها، فأفتاها من أفتاها بأن ترتد، نسأل الله العافية؛ لأنها إذا ارتدت خلاص انتهت، يجب عليه فراقها؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [(10) سورة الممتحنة] فسئل ابن المبارك قال: من أفتى بهذه الفتوى فقد كفر، وقال بهذا القول جمع من أهل العلم، ولا شك أن فيه تحذير وتنفير من مثل هذه الفتوى، وتشديد في أمرها، والأمر عظيم، خطير أن يفتى المرء بأن يكفر، نسأل الله العافية.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الوليمة
حدثني يحيى عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله تعالى عنه- جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبه أثر صفرة، فسأله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره أنه تزوج، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كم سقت إليها؟ )) فقال: زنة نواة من ذهب، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أولم ولو بشاة)).

(96/24)


وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: "لقد بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم".
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يقول: "شر
الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء، ويترك المساكين، ومن لم يأتِ الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- يقول: إن خياطاً دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعه، قال أنس -رضي الله عنه-: فذهبت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك الطعام، فقرب إليه خبزاً من شعير، ومرقاً فيه دباء، قال أنس -رضي الله تعالى عنه- فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتتبع الدباء من حول القصعة، فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم".
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الوليمة

(96/25)


والمقصود بها وليمة العرس، وهي في الأصل على الزوج في اليوم الأول من أيام النكاح، وإجابتها واجبة إذا لم يكن ثم منكر، أما إذا كان ثم منكر، ولا يستطيع الإنكار ولا التغيير فإنه لا يجوز له المجيء، وإذا جهل الأمر ثم حضر ووجد منكر، إن استطاع الإنكار والتغيير وإلا لزمه الانصراف، ومعلوم مستفيض ما في أفراح المسلمين في بلدان المسلمين من المنكرات التي تجعل الإنسان يعيد النظر في إجابة هذه الدعوات، بأن يجيب أهل الاستقامة، وأهل التحري، وأهل فرض الكلمة على غيره، وبعض الناس وإن كانوا من أهل الاستقامة إلا أنه يغلب في هذا الباب، وإذا كان سلمان وأبو الدرداء أجابا دعوة ابن عمر، فلما رأيا الستور على الجدران رجعا ما طعما معه، فأين هذا المنكر من منكرات تحصل اليوم في أعراس المسلمين وفي أفراحهم؟! لا سيما في مجتمع ومحيط النساء، يحصل أشياء مجرد ذكرها أو مجرد تخيل وقوعها بين نساء المسلمين يعتصر له القلب، يعني يحصل أشياء في داخل القصور، وفي حواليها، مما يعرفه أهل الحسبة أكثر من غيرهم، فالمتحري الحريص على عرضه وعلى نفسه يدرس وضع الداعي قبل أن يستجيب هو بنفسه أو يزج بأهله، بزوجته، ببناته إلى هذه المجتمعات التي فيها من المنكرات اللازمة والمتعدية أيضاً؛ لأنه إضافة إلى ما يتصف به بعض النساء من التحلل أيضاً قد يتعدد هذا الضرر وهذا الشر بالتصوير وغيره، حصل كوارث، حصل فواجع من هذا الاختلاط المشين، وإذا كان في بلادنا -ولله الحمد- لا يختلط الرجال بالنساء لكن المنكرات موجودة، وهي كافية في عدم الإجابة، فالذي يمنع منعاً باتاً زوجته أو زوجاته أو يمنع بناته من حضور هذه الأفراح له عذره، ولا يأثم بذلك، بل هو مأجور -إن شاء الله تعالى-، ولو كانت الدعوة من أقرب الناس إليه؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فكيف إذا وجدت هذه الأعراس في بلدان يختلط فيها الرجال بالنساء، ويحصل ما يحصل من منكرات، مما يعرفها أهل تلك البلاد، ومن حضرهم من غيرهم.

(96/26)


يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني يحيى عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبه أثر صفرة" ردع أو ردغ من زعفران، وقد جاء النهي عن لبس الثوب المزعفر، وأجاب أهل العلم عن مثل هذا بأنه لحق ثوبه من ثوب امرأته من غير قصد، أو أنه يتجاوز في وقت في أيام العرس أكثر من غيرها، لكن الجواب المرضي عند أكثر أهل العلم أنه لصق به من ثوب امرأته من غير قصد.
"وبه أثر صفرة، فسأله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره أنه تزوج" يعني ما هذا الأثر؟ "أنه تزوج، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كم سقت إليها؟ )) فقال: زنة نواة من ذهب" منهم من يقول: إن زنة النواة معيار محدد عند أهل الذهب، ومنهم من يقول: إن المراد بالنواة نواة التمر، بقدرها من الذهب "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أولم ولو بشاة)) " أمر، مما يدل على وجوب الوليمة، ولو بشاة، يعني أقل شيء تكون الشاة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولم بأقل من ذلك، وغيره أولم بأقل من ذلك، لكن مثل هذا الأمر يتجه إلى مثل عبد الرحمن بن عوف؛ لأنه قادر ومستطيع، فالقادر والمستطيع لا تقل الوليمة عنده عن شاة، وغيره كل بقدره وحسبه.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: "لقد بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم" لأنه لا يتيسر له -عليه الصلاة والسلام- في كل وقت، وفي كل حين الخبز واللحم، ويرى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقد في بيته -عليه الصلاة والسلام- نار.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها)) " هذا يدل على وجوب الإجابة إلى وليمة العرس بالشرط المعروف عند أهل العلم إذا لم يكن ثم منكر.

(96/27)


قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أنه كان يقول: "شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء، ويترك المساكين" لماذا يدعى الأغنياء ويترك المساكين؟ لأن الظرف ظرف مباهاة، الزوج يريد أن يتجمل عند أصهاره، عند أنسابه، فلا يأتي بمساكين، يأتي بأعيان ووجهاء ليبين أن له قيمة، وأن له مركز اجتماعي ومرموق، لكن لو جمع المساكين والفقراء وذهب بهم وترك هؤلاء الأغنياء يخيل إليه أنه يسقط من عيون أصهاره وأنسابه، وعرفنا من كبار أهل العلم من يكثر المساكين على مائدته، ويجلسون مع الأغنياء ولا فرق، وقد يقدمون عليهم، وما زادهم ذلك عند الله -جل وعلا-، وعند خلقه إلا رفعة، والله المستعان.
"يدعى لها الأغنياء، ويترك المساكين، ومن لم يأتِ الدعوة فقد عصى الله ورسوله" هذا يدل على وجوب إجابة الدعوة، ومع الأسف الأيام التي نعيشها تفاوت تصورات الناس، وفساد تصوراتهم، يوجد في كثير من الناس، يعني ليسوا قلة، تجد من الناس من إذا دعي تضايق تضايقاً شديداً، وعد هذا تكليف بما لا يطاق، وإذا لم يدعَ هذا الذي تضايق لو لم يدعَ لوقع في نفسه أمر عظيم، فكيف إذا دعي تضايق، وإذا لم يدعَ حصل في نفسه هذا الأمر؟ لا شك أن هذا من فساد القلوب، وتغير الفطر، وإلا فالأصل إن كنت صادقاً في أنك لا تستطيع الحضور، أو يشق عليك الحضور، أن تفرح إذا لم تدعَ، ما هو بيقع في نفسك أنك لم تدع، وأنك أهملت، وأنك لا تستحق الدعوة، أو يخيل لك الشيطان ويوسوس لك ما يوسوس، وإن كنت بالفعل تتضايق إذا لم تدعَ، فكيف تتضايق إذا دعيت؟ والله المستعان، والنفوس مشحونة بمثل هذه التصرفات.
قال: "وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول: إن خياطاً دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك الطعام" النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يرد الداعي، يجيب الدعوة -عليه الصلاة والسلام- جبراً لخاطر الداعي.

(96/28)


فقرب إليه خبزاً من شعير ومرقاً فيه دباء، وأضافه يهودي فأجاب الدعوة من باب التأليف، وقدم له خبز من شعير وإهالة سنخة، يعني متغيرة، أشرف الخلق يقدم له هذا، لكن الواحد منا لو يدعى إلى وليمة، أو إلى طعام، ويقدم له شيء أقل مما توقع صار في نفسه مثل الجبل، وهو لن يأكل ولا عشر معشار ما قدم، لكن هكذا النفوس، يعني عودت على شيء فيصعب فطامها عنه.
"فقرب إليه خبزاً من شعير، ومرقاً فيه دباء" واحد من المشايخ العباد المعروفين توفي -رحمه الله تعالى-، قال له شخص: عندي لك هدية يا أبا فلان، ثم رآه مرة ثانية فقال: عندي لك هدية، ثم رآه ثالثة قال: عندي لك هدية يا فلان، ونسيت أحضرها، أحضرها لك في المسجد في صلاة كذا، فلما صلى في الوقت المحدد وإذا بالهدية معه، وإذا به سواك أعوج، تكرر الأمر ثلاث مرات أو أربع مرات، عندي هدية، وبالنهاية سواك أعوج! ثم رجع إلى نفسه، فقال: هو محسن على كل حال، قل المهدى أو كثر، هذا إحسان منه، دون مقابل، فليس له من الجزاء إلا أن أدعو له، ثم رجع إلى نفسه يعاتبها المنة والفضل أولاً وآخراً لله -جل وعلا-، الذي خلقك من عدم، ورزقك وجعلك مسلماً، وجعلك من أهل طاعته، وذكره وشكره، ومن أهل العلم، ومن أهل الفضل، والله المستعان، وتقدم له من العبادات التي افترضها عليك ما هو من العوج بمثابة هذا السواك، رجع إلى نفسه يؤنبها، لكن لو يؤتى بمثل هذا السواك يمكن يرميه عليه، وقد يتكلم عليه، إيش معنى هدية هدية وفي النهاية سواك أعوج؟! والله المستعان.
الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقرب إليه خبز من شعير ومرق فيه دباء، قرع "قال أنس: فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتتبع الدباء" كان يحبها، يتتبع الدباء من حول القصعة، وهذا إذا كان المقدم له أجزاء ينفصل بعضها عن بعض لا بأس من الاختيار، كالتمر والدباء، وما أشبه ذلك، واللحم أيضاً، لكن إذا كان متساوياً فكل مما يليك "فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم" يقوله أنس؛ لمحبة الرسول -عليه الصلاة والسلام- إياها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(96/29)


بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ - كتاب النكاح والطلاق (4)
باب: جامع النكاح - كتاب الطلاق (باب: ما جاء في ألبتة - باب: ما جاء في الخلية والبرية وأشباه ذلك - باب: ما يبين من التمليك - باب: ما يجب فيه تطليقة واحدة من التمليك - باب: ما لا يبين من التمليك).
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع النكاح
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا تزوج أحدكم المرأة، أو اشترى الجارية فليأخذ بناصيتها، وليدع بالبركة، وإذا اشترى البعير فليأخذ بذروة سنامه، وليستعذ))
بكسر الذال بذِروة.
أحسن الله إليك.
((وإذا اشترى البعير فليأخذ بذروة سنامه، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم))
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير ...
عندك الرجيم؟ الرجيم موجودة عندك؟
طالب: أنا قلت: الرجيم.
نعم.
أحسن الله إليك.
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير أن رجلاً خطب إلى رجل أخته فذكر أنها قد كانت أحدثت فبلغ ذلك عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فضربه، أو كاد يضربه، ثم قال: "ما لك وللخبر".
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير كانا يقولان في الرجل يكون عنده أربع نسوة، فيطلق إحداهن: إنه يتزوج إن شاء، ولا ينتظر أن تنقضي عدتها.
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير أفتيا الوليد بن عبد الملك عام قدم المدينة بذلك، غير أن القاسم بن محمد قال: طلِقها
طلَقها.
قال: طلَقها في مجالس شتى.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "ثلاث ليس فيهن لِعْب
لَعِب.
أحسن الله إليك.
"ثلاث ليس فيهن لَعِب النكاح والطلاق والعتق".

(97/1)


وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن رافع بن خديج أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري، فكانت عنده حتى كبرت فتزوج عليها فتاة شابة، فآثر الشابة عليها فناشدته الطلاق فطلقها واحدة، ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها، ثم عاد فآثر الشابة، فناشدته الطلاق فطلقها واحدة ثم راجعها، ثم عاد فآثر الشابة فناشدته الطلاق، فقال: "ما شئتِ إنما بقيت واحدة، فإن شئتِ استقررت على ما ترين من الأثرة، وإن شئتِ فارقتك؟ " قالت: بل أستقر على الأثرة، فأمسكها على ذلك، ولم ير رافع عليه إثماً حين قرت عنده على الأثرة".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع النكاح
يعني الأحكام التي لا تجتمع ولا تنطوي تحت الأبواب السابقة، أحاديث متفرقة لا يجمعها باب واحد.
قال -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" مرسل، والإمام مالك لا يلتفت إلى مسألة الوصل والإرسال؛ لأن المرسل عنده حجة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا تزوج أحدكم المرأة أو اشترى الجارية فليأخذ بناصيتها، وليدعُ بالبركة، وإذا اشترى البعير فليأخذ بذروة سنامه، وليستعذ بالله من الشيطان)) " إذا اشترى أو تزوج المرأة، اشترى جارية، يأخذ بناصيتها، ويدعو الله -جل وعلا- أن يهيئ له ويرزقه من بركتها، ويسأل الله -جل وعلا- أن تكون مباركة له، ويستعيذ بالله من شرها، إن كانت جبلت على شيء من الشر، يأخذ بناصيتها ويدعو بالبركة، وهذا أمر معروف جاءت به الآثار " ((وإذا اشترى البعير فليأخذ بذروة سنامه)) " يعني أعلى سنامه، الذروة الأعلى، كما أن ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله.

(97/2)


((فليأخذ بذروة سنامه؛ وليستعذ بالله من الشيطان)) مناسبة الاستعاذة للإبل ظاهرة باعتبار أن فيها شيء من الشيطنة، ولذلك نهي عن الصلاة في مباركها، يعني جاء في الخبر أنه لما سئل عن الفرق بين مرابض الغنم، ومبارك الإبل، قال: ((صلوا في مرابض الغنم)) ما فيها إشكال، ولا يخشى شرها، بينما الإبل فيها شيء من الشيطنة، جاء في خبر ((أنها جن خلقت من جن)) ولذا يتوضأ من لحمها، بخلاف اللحوم الأخرى، وعلى كل حال يستعيذ بالله من شرها؛ لأنها جبلت على شيء من ذلك، والقصص والحوادث كثيرة في هذا الباب.
قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزبير -المكي- أن رجلاً خطب إلى رجل أخته" عن أبي الزبير أن رجلاً، الزبير محمد بن مسلم بن تدرُس المكي وهو مدلس "أن رجلاً خطب إلى رجل أخته فذكر أنها قد كانت أحدثت" يعني قاربت أو قارفت الفاحشة، يعني زنت "فذكر أنها قد كانت أحدثت، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فضربه، أو كاد يضربه، ثم قال: "ما لك وللخبر" فدل على أن الإنسان يستر على نفسه، إذا فعل شيئاً من المنكرات يستتر بستر الله، وأن المرأة إذا حصل لها شيء من ذلك أنها لا تخبر الخاطب، وكذلك ولي أمرها لا يخبر الخاطب، ولا شك أن هذا يشتمل على شيء من الغش، لا يسلم من الغش؛ لأنه لو علم ولو بعد حين لا بد أن يحصل له ما يحصل من كدر أو فراق، سوف تتكدر عليه حياته، والغالب أن النساء ما تمسك السر، النساء لا بد أن ينفلت من لسانها شيء، ولو كان في هذا الأمر العظيم الذي فيه ضرر بالغ عليها.

(97/3)


على كل حال هذه المسألة مسألة واقعة، والسؤال عنها كثير، لا سيما مع كثرة الوقائع والحوادث والفواحش في بلدان المسلمين، وهي أيضاً مسألة محرجة، وهي مترددة بين أمرين أحلاهما مر، فإن كتمت وكتم وليها عن الخاطب، فماذا عنه فيما إذا علم بعد الإنجاب، وعير بها، وعير أولاده بها؟ وإن أخبرت حرمت من الزواج، لن يقدم عليها إلا شخص إما افتتن بها، أو لا يهتم لمثل هذه الأمور، أو شخص عنده شيء من التبصر في أموره، ويقول: من تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، لكن يبقى أن الأمور المتعلقة بالعرض لا يقدم عليها كثير من الناس، كثير من عقلاء الناس وأسويائهم ولو حصلت التوبة، التوبة تهدم وتجب أثر المعصية، وقد تبدل السيئات حسنات، كما جاء في آية الفرقان، منها الزنا {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} ... {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [(68 - 70) سورة الفرقان] ومنها الفاحشة، لكن عموم الناس لا سيما من بقي على فطرته لا يقبل مثل هذه ولو تابت.

(97/4)


المقصود أن المسألة في غاية من الحرج، والتردد في الفتوى بالإخبار وعدم الإخبار لكل منهما آثاره السيئة، وما يترتب عليه، إن أخبرت جلست دون زواج، وقد تعرض لفتنة، وما دام حصل منها هذا، ولن يقدم عليها أحد بزواج شرعي، وأيضاً الفتن كثيرة في هذا الزمان، قد لا تصبر عن مقارفة أخرى وثانية وثالثة، كما هو موجود في بعض من قارف هذا الأمر مرة أو مرتين يستمر عليه، هذا كثير فيمن حصلت منه هذه الفاحشة، فإن أخبرت حصل لها هذا، وإن لم تخبر صار في ذلك غش للزوج، وأيضاً فيه استمراء لهذه الفاحشة، إذا كانت تستر على نفسها، ويستر عليها وليها، ولا كأن شيئاً حصل، لا شك أن هذا يهون من أمر ارتكاب الفاحشة، لكن لو ألزم الناس بالإخبار، وجلس عدد من النسوة بهذه المثابة؛ لأنها قارفت عقوبة لها، وعقوبة لولي أمرها الذي لم يحفظها، صار في هذا شيء من الردع؛ لأنها إذا أرادت أن تقدم على الفاحشة قالت: لن أتزوج خلاص.
لكن هل من حصل منها هذا الشيء، أو من وليها لعظم المصيبة والداهية هل ينتظر فتوى في مثل هذا، حتى لو قيل له: أخبر؟ قد لا ينتظر فتوى، يبي يسكت وتسكت إن مشت الأمور وإلا طلق، وقيل بعد ذلك المرأة ثيب مطلقة، على كل حال هذه المسألة محرجة، ومسألة نازلة وقائمة، ومن المشايخ من يفتي بهذا، ومنهم من يقول: لا بد من الإخبار؛ لأنه غش، وأيضاً يحد من انتشار الفاحشة وشيوعها، فإذا تضافر هذا عدم الإخبار مع سهولة الإجهاض، مع سهولة الترقيع على ما يقولون، ما صار هناك رادع، فبعضهم يحزم في هذا الباب.

(97/5)


"لما بلغ ذلك عمر -رضي الله عنه- ضربه أو كاد يضربه، ثم قال: "مالك وللخبر" وفي الحديث الصحيح: ((من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله)) وهذا فيه دليل لمن يقول بالاستتار والستر، وعدم بيان ذلك للخاطب، وقيل: لا بد من الإخبار لما يتضمنه الكتمان من الغش، ويستدل من يقول بهذا، وهذا كلام لبعض المتقدمين، يستدل على ذلك بحديث: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها)) ثم قال في الثالثة أو في الرابعة: ((فليبعها ولو بضفير)) لو بحبل، يبعها ولو بحبل، ولن تصل قيمتها إلى هذا الحد إلا إذا أخبر بعيبها، إذا أخبر المشتري بعيبها، لن تصل إلى هذا الحد، فدل على أن من حصل منه هذا الأمر منزلته تضعف عند الناس، ولا يلتفت إليه، لا في الزواج ولا في الشراء بالنسبة للإماء، والأمة مثل الزوجة؛ لأنها موطوءة، وعرضها عرض لسيدها، فبهذا الحديث يستدل من يقول: إنه لا بد من الإخبار، يعني أيهما أسهل على الإنسان أن يتزوج المرأة فيجدها عمياء أو يجدها قارفت الفاحشة؟ عمياء أسهل، قد يصبر عليها ولا يرى في ذلك أدنى غضاضة، لكن لو علم بما حصل منها لا شك أنه الحياة سوف تكون مرة، وعلى كل حال المسألة اجتهادية، يعتريها هذا وهذا، ولكل من القولين مصالحه ومفاسده، فمن ترجحت عنده مصالح الكتمان لا سيما إذا صلحت المرأة، واستقام أمرها، فمثل هذه لو كتمت، أما امرأة ما تغير من وضعها شيء، وسوف تبتلي زوجها بعد ذلك، قد تتزوج بشخص لا يعفها، قد يتنازل ولي أمرها إلى أن يزوجها شخصاً لا يعفها، فيبتلى بها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
بالغش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا شك أنه يرجع بالمهر، مغشوش، هذا أشد من الغش بالعيوب.
قد يقول قائل: هذا بالنسبة للمرأة لكن ماذا عن الرجل؟ إذا حصل منه شيء هل يخبر من يخطب منهم أنه سبق أن قارف شيئاً أو لا يخبر؟ النساء شقائق الرجال، فإذا غش المخطوب منهم بنفسه فنقول: الطرف الثاني له أن يغش، هل هناك من فرق بين الرجل والمرأة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(97/6)


الأصل أنه لا فرق، لكن يبقى أن هناك فروق دقيقة، وهي أن العار اللاحق بالنسبة للمرأة أشد من العار اللاحق بالنسبة للرجل، هذه نظرة عموم الناس وسائر المجتمعات.
الأمر الثاني أن الرجل قد يعيش مع المرأة العقود ولا يتكلم بكلمة، أما بالنسبة للمرأة فإذا استدرجت أخبرت، يعني هي أقل حفظ للسر من الرجل، المقصود أن مثل هذه اجتهادية، وكل مسألة يحكم عليها بما يحتف بها، وهما قولان بالنسبة لي متعادلان.
وكنت أصر على الإخبار؛ لأن شأنه عظيم، يعني إذا علم الزوج وعلم أولاده المسألة خطيرة جداً يعني، هذه أمور لا يحتملها كثير من الناس، كثير من الناس إذا ... ، يعني أقول: بعض الناس إذا حصل لعرضه أدنى خدش اختل عقله، يعني لو وجد ابنته أو ابنه أو زوجته مع أحد يفعل بها الفاحشة، هذه كارثة بالنسبة لكثير من الرجال، فأمرها عظيم.
وعلى كل حال من يستفتى في هذه المسألة يتقي الله -جل وعلا-، وينظر في واقع الحال، وينظر أيضاً المصالح والمفاسد المترتبة على هذا، لا سيما وأن المسألة في كثير من البلدان التي تنتسب إلى الإسلام يعني صارت ظاهرة، يعني ما هي وقائع مثل ما حصل في العهد النبوي خمس وقائع فقط لا تزيد، الآن يقع في الساعة -نسأل الله العافية- والفطر تغيرت، يعني ليلة سبعة وعشرين يوقف على أناس يزاولون الفاحشة من رمضان؟! يعني ما في رادع لا دين ولا ... ، حتى ولا حزم من قبل من ولي الأمر على هذا، المسألة جد خطيرة.
قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير كانا يقولان في الرجل يكون عنده أربع نسوة فيطلق إحداهن: إنه يتزوج إن شاء" يعني متى شاء، ولا ينتظر أن تنقضي عدتها؛ لأنه في هذه الحالة ليس عنده إلا ثلاث، لكن لو كان الطلاق رجعياً انتظر حتى تنقضي العدة، وبعض الناس يتحايل لتقصير العدة فيخالع واحدة منهن، فتستبرأ بحيضة، ولا تحتاج أن تنتظر ثلاث حيض.
وعلى كل حال إذا كان الخلع بهذا القصد وبهذا الهدف يعني حيلة لإبطال العدة فإنها تعتد بثلاث حيض كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله-.

(97/7)


قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير أفتيا الوليد بن عبد الملك عام قدم المدينة بذلك" يعني أنه لا ينتظر؛ لأنه طلق "غير أن القاسم بن محمد قال: طلَقها في مجالس شتى" طلقها في مجالس شتى، وعروة قال: طلقها، هذا الفرق بينهما، وإذا كانت المرأة مبتوتة أعني بائن بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، أو خرجت من عدتها بينونة صغرى، بأن تمت عدتها، له أن يتزوج، وله أن يتزوج قبل تمام عدتها إذا كانت البينونة كبرى، يعني ومثله الوفاة، إذا توفيت الرابعة يتزوج متى شاء، إذا طلقها يتزوج متى شاء، إذا طلقها طلاقاً رجعياً ينتظر حتى تنقضي عدتها؛ لأنها ما زالت زوجة، لها أحكام الزوجة.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "ثلاث ليس فيهن لَعِب" ليس فيهن هزل، كلهن جد، كما جاء في الخبر المرفوع: ((النكاح والطلاق والعتق)) وبعض الروايات: ((والرجعة)) وجاء في هذا حديث مرفوع، مخرج في السنن، وفيه كلام لأهل العلم، فإذا قال الولي لشخص في مجلس على سبيل الهزل والمزح: زوجتك ابنتي، وقال ذاك: قبلت، خلاص ثبت النكاح؛ لأن العقود مبنية على الظاهر، اللهم إلا إذا حصل أو دلت القرائن القوية أنه لا يقصد، أو أكره على ذلك، هذه مسألة أخرى، لكن إذا قال بطوعه واختياره: زوجتك، وقال: قبلت، ثبت النكاح، يعني يثبت موقوفاً على رضاها، لا بد أن ترضى، وكذلك الطلاق، وإذا قال لعبده: أنت حر أو عتيق، ثم قال: أنا أمزح ولست بجاد كذلك، والحديث المرفوع لا يسلم من كلام لأهل العلم، وعلى كل حال ينبغي للإنسان أن يحفظ لسانه من أن يفوت عليه أمر لا يريده.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب ... "
وهذه أيضاً من القضايا العملية.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن رافع بن خديج أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري" هذه يحتاجها أهل التعدد، لا سيما إذا تقدم به السن، أو تقدم بزوجته السن، يقول: "فكانت عنده حتى كبرت" ولا شك أن المرأة إذا كبرت قلة الرغبة فيها، وإن لم تقل رغبتها هي، لكن الرغبة فيها تقل.

(97/8)


"تقدمت بها السن فتزوج عليها فتاة شابة" ما في مقارنة "تزوج عليها فتاة شابة، فآثر الشابة عليها" هذا أمر عادي جبلي هذا، يعني ما يردع عنه إلا الدين، وإلا النفس لا شك أنها تميل مع الشابة دون الكبيرة، "فناشدته الطلاق فطلقها واحدة" لها أولاد، فتطلب الطلاق في هذه الصورة لا شك أن الغيرة توصلها إلى هذا الحد، ولا تصبر على مثل هذا التصرف "فطلقها واحدة، ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها" لما بقي مدة يسيرة وتنقضي العدة راجعها؛ لأن المصلحة في بقائها، مصلحته هو، ومصلحتها هي في بقائها في عصمته، في بيتها عند أولادها "ثم عاد فآثر الشابة، فناشدته -الأولى- الطلاق فطلقها واحدة، ثم راجعها كذلك" لما قربت العدة، هو يتركها حتى تقرب العدة لكي تراجع بنفسها، وتتنازل بطيب نفس منها، فإذا كادت العدة أن تنتهي راجعها مرتين، بقيت طلقة واحدة "ثم راجعها، ثم عاد فآثر الشابة" للمرة الثالثة "فناشدته الطلاق" فقال، الآن ما في خيار، ترى ما في رجعة "فقال: ما شئت" تريدين الطلاق يكتب الآن، تريدين البقاء مع الأثَرة أو الأثْرة يجوز هذا وهذا "فقال: ما شئت إنما بقيت واحدة، فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة، وإن شئت فارقتك" اختاري، الآن ما في عاد مجال، انتهت الفرص "قالت: بل أستقر على الأثرة" ولا شك أن هذا من مصلحتها، إن لم تتأثر في دينها؛ لأن بعض النساء تتأثر، الغيرة عندها تصل إلى حد تأثم فيه، تخشى على دينها، فمثل هذه إذا فارقت أنسب لها "فقالت: بل أستقر على الأثرة، فأمسكها على ذلك" الآن خيرها بين أمرين يملك أحدهما "ولم ير رافع عليه إثماً حين أقرت عنده على الأثرة" والتخيير شرعي، النبي -صلى الله عليه وسلم- خير نساءه، فإذا اختارت البقاء على هذه الحالة التي فيها شيء من عدم التعديل بين النساء، الأصل وجوب التعديل فيما يملك مع أن الميل لا يمكن أن ينفك عنه {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ} [(129) سورة النساء] إذا أراد أكثر من هذا، إذا قال: والله ما في قسم، تبي تجلسين في البيت وعند أولادك والنفقة والكسوة والسكن، وكل شيء على ما كان عليه، لكن ما في قسم،

(97/9)


تجلسين وإلا الفراق؟ إذا قالت: أجلس خلاص ما عليه إثم، هذا بطوعها واختيارها، وهو يملك الخيار الثاني، ما الذي يلزمه بإبقائها؟ فإذا اختارت أن تبقى لا جناح عليه حينئذٍ، قد يقول قائل: إن هذا ليس من العشرة بالمعروف، وهذا ليس من المروءة، وهذه أمور أخرى، لكن الكلام في الحكم هل يجوز أو لا يجوز؟ يجوز {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(128) سورة النساء] سودة لما رأت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كاد أن يطلقها، أو أراد أن يطلقها وهبت ليلتها لعائشة لمجرد أن تبقى، فالمرأة الكبيرة التي أخذت من عمر زوجها ومن شبابه ومن فتوته عليها أيضاً أن تقتنع، لكن لها أيضاً أن تطلب الفراق إذا كانت لا تطيق ذلك.
هذا في جانب الرجل قد يقول قائل: إن هذا ليس من المروءة، وهذا الخاتمة ليست بطيبة بين الزوجين بعد عشرة العقود، وامرأة قالت لزوجها بعد أربعين سنة: تصنع هذا؟ قال: والله لا أرى فيك عيب إلا الأربعين، العشرة أربعين سنة هي العيب.
على كل حال قد يحصل من المرأة مثل نظير هذا أو أشد، إذا ضعف الرجل أو افتقر لا شك أنها تضغط عليه، وتشترط عليه من الشروط ما كان بريء منها، فالمسألة من الطرفين، المسألة عرض وطلب، إذا زادت أسهم المرأة اشترطت، وإذا انخفضت اشترط هو، وعلى كل حال هذه مسألة معروفة، والآية كالصريحة في الباب، والخبر صريح.
سم.
أحسن الله إليك.
كتاب الطلاق
باب: ما جاء في ألبتة
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رجلاً قال لعبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: إني طلقت امرأتي مائة تطليقة فماذا ترى علي؟ فقال له ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: "طلقت منك لثلاث، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزواً".

(97/10)


وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- فقال: إني طلقت امرأتي ثماني تطليقات، فقال ابن مسعود: فماذا قيل لك؟ قال: قيل لي: إنها قد بانت مني، فقال ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: "صدقوا، من طلق كما أمره الله فقد بين الله له، ومن لبس على نفسه لبساً جعلنا لبسه ملصقاً به، لا تلبسوا على أنفسكم ونتحمله عنكم، هو كما يقولون".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- قال له: ما يقول الناس فيها؟ قال أبو بكر: فقلت له: كان أبان بن عثمان يجعلها واحدة، فقال عمر بن عبد العزيز: "لو كان الطلاق ألفاً ما أبقت منها شيئاً، من قال: فقد رمى الغاية القصوى".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم كان يقضي في الذي يطلق امرأته أنها ثلاث تطليقات.
قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الطلاق
والطلاق من الإطلاق والإرسال والتخلية، وهو حل وثاق عقد النكاح؛ لأن أصل العقد الربط، والطلاق من الإطلاق فك، وحل لهذا الربط المعقود.

باب: ما جاء في ألبتة
يعني إذا طلق زوجته، أو بت طلاقها بالعدد.

(97/11)


"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رجلاً قال لعبد الله بن عباس: إني طلقت امرأتي مائة تطليقة" يُصنع هذا بل أكثر "مائة تطليقة فماذا ترى علي؟ " الثلاث تبينها "فقال له ابن عباس: "طلقت منك لثلاث" يعني بانت منك لثلاث "وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزواً" هذا من التلاعب بآيات الله، والذي يظهر أن تطليقه المائة بلفظ واحد، وهو الذي أجراه عمر على الناس لما تساهلوا وتلاعبوا بكتاب الله، وكان الثلاث في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر واحدة رجعية، لكنه لما رأى الناس استعجلوا في أمر جعل الله لهم فيه سعة، وهذا لا شك أنه من التلاعب، والله -جل وعلا- يجعل لك فسحة واختيار وفرصة تتأمل وتراجع نفسك ثم تلغي أنت بنفسك هذه الفسحة، يعني كمن ألغى خيار المجلس، تعاقد اثنان على شراء سلعة وبيعها، واحد يبيع وواحد يشتري، فاتفقا على أن لا خيار للمجلس، اتفقا على أمر جعل الله لهما فيه فسحة، فيجرى عليهما، ومن هذه الحيثية مع أن عمر -رضي الله عنه- أراد أن يعزر من فعل هذا الفعل لأنه بدعة فأوقع الثلاث، وعمل به جماهير أهل العلم، فالأئمة كلهم على أن الثلاث ولو كانت مجموعة بلفظ واحد أو بألفاظ بمجلس أو مجالس، ولو لم يتخللها رجعة، يوقعون الثلاث.
وقال بمقتضى المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أن الثلاث واحدة إذا لم يتخللها رجعة، قال به شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن يرى رأيه، وعليه الفتوى؛ لأن الثلاث طلاق بدعي، و ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
"فقال ابن عباس: "طلقت منك لثلاث، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزواً" كم من شخص يستهزئ بآيات الله، يجعل سوطه في بيته، وخارج بيته الطلاق، فإذا اختصم مع زوجته طلق، إذا اختصم مع جاره طلق، إذا اختصم مع شريكه طلق، في كل مجال يطلق، هذا تلاعب بكتاب الله، فمثل هذا لو عزر بوقوع الطلاق، كما فعل عمر لما بعد، والمسألة خلافية، ومن قال بوقوعها عمل بحكم عمر -رضي الله عنه-، وهو خليفة راشد أمرنا بالاقتداء به.

(97/12)


وهو أمر جعله الشرع للشخص تنازل عنه بطوعه واختياره، يعني مثلما قلنا في إلغاء خيار المجلس، الشرع جعل لهم هذه الفرصة للاختيار ومراجعة النفس، فإذا تواطأ على إلغائها التغت.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن مسعود فقال: إني طلقت امرأتي ثماني تطليقات" هل يعقل أنه طلقها ثم راجعها، ثم طلقها ثم راجعها، ثم ... ، ثماني مرات؟ ما يعقل، فالظاهر من اللفظ أنها بلفظ واحد، الظاهر من السياق أنها بلفظ واحد.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني طلقها واحدة وقبل أن يراجع أعطاها سبع؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو في الغالب أنه لا يزيد على الثلاث، فإذا قال: ثمان أو مائة هذا لفظ دافعه الغضب، فالذي يغلب على الظن أنها بلفظ واحد، وكذا لو كانت متفرقة عند من يشترط تخلل الرجعة لاحتساب العدد.
"ثماني تطليقات، فقال له ابن مسعود: فماذا قيل لك؟ " يعني سألت أحد؟ "قال: قيل لي: إنها قد بانت مني" هذا سأل وانتهى وعرف الحكم، فأراد أن يخفف عنه ابن مسعود، يتتبع الرخص، وهذا شأن المطلقين إذا ندموا إلى يومنا هذا، تجده يذهب للعالم الفلاني، أو للإفتاء أو إلى المحكمة وشيء من هذا، يحكم عليه بالطلاق، ثم يأتي يستفتي فلان وفلان وفلان عله أن يجد من يعيد له زوجته.
"فقال ابن مسعود: "صدقوا" ولذا ينبغي أن يتثبت من يسأل عن الطلاق "سألت أحد وإلا ما سألت؟ " هل سألت أحداً أو ما سألت؟ إذا قال: ما سألت، ينظر في مسألته، وإلا فينظر فيما حكم عليه به، إن كان ممن يلزم حكمه مثل هذا يلزم بالحكم، سواءً كان من الإفتاء، وإن كان الأصل في الإفتاء أنه ليس بملزم، لكنه الآن وكل إليهم من قبل ولي الأمر فصار ملزماً، أو كان من قاضي، شخص جاء بتقرير طبي أنه مصاب بحالة نفسية، وأنه قد يمر عليه الوقت وهو لا يعي ما يقول، وأنه يستعمل علاج مهدئ وكذا وكذا، وأنه طلق زوجته أثناء هذه الحالة، طلاقه يقع وإلا ما يقع؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(97/13)


لا يقع، فهو استصحب مع هذا التقرير سؤال، يقول: برفقه تقرير مفاده كذا، وكتبنا على التقرير أنه ما دام الأمر كذلك، إن كان الأمر كذلك، وصدق في قوله فالطلاق غير واقع، ثم ذهب إلى والد المرأة فرفض أن يسلمها، لماذا؟ لأن عنده صك شرعي بوقوع الطلاق، مثل هذا لا شك أنه يتتبع الرخص، ويتلقط الزلات والهفوات، وإلا فالحكم ظاهر، لكن ما دام معه حكم شرعي من المحكمة لا أحد يتطاول على مثل هذا، وهذا كثير في الناس، تجده يسأل فلان وفلان وفلان، وفي النهاية يأخذ بالقول الذي يناسبه، لكن كثير من أولياء أمور النساء لا يرضون بمثل هذا التصرفات، وهذا الباب لا بد من التثبت فيه، لا بد من السماع من الطرفين؛ لأنه إن سألت المرأة سألت بصيغة تناسب مرادها، وإن سأل الزوج سأل بصيغة تناسب مراده، وهناك أمور لا يمكن تقريرها بدقة إلا بحضور الطرفين، وتصور الواقعة تصوراً تاماً، يعني طلاق الغضبان، الغضب درجات متفاوتة، يستدل على هذا التفاوت بالظروف المثيرة لهذا الغضب، وأيضاً ما صاحبه من تصرف سواءً كان من الرجل أو من المرأة، شخص يقول لزوجته: أعطيني ماءاً، فتأخرت عليه فطلق، هل هذا يستدعي غضباً لا يقع معه الطلاق؟ لا، وشخصاً آخر لما قال لها: أحضري الماء، قالت، شتمته، وشتمت والديه معه، مثل هذا يغضب، هذا يستدعي غضب لا يقع معه الطلاق، المقصود أن هذه الأمور متفاوتة ومتباينة، ولا بد من السماع من جميع الأطراف.

(97/14)


"فقال ابن مسعود: صدقوا" يعني وقع، بانت منك "من طلق كما أمره الله فقد بين الله له"، من طلق كما أمره الله {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [(229) سورة البقرة] "ومن لبس على نفسه لبساً جعلنا لبسه ملصقاً به" هو الذي ألبس نفسه هذه الحادثة وهذه الواقعة "لا تلبسوا على أنفسكم ونتحمله عنكم" صحيح، المفتي عليه أن يسعى لخلاص نفسه قبل أن يسعى لخلاص غيره "لا تلبسوا على أنفسكم ونتحمله عنكم هو كما يقولون" وبعض الناس ييسر على حد زعمه على الناس، ويتحمل ويعسر على نفسه، يحمل ذمته ما لا تطيق من أجل التيسير على الناس، أولى الناس بالخلاص نفسك، فليحرص الإنسان على براءة ذمته قبل أن تبرأ ذمة غيره، ولا عليه أن يقال: فلان متشدد أو متساهل، هذا لا يلتفت إليه مهما قيل.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز قال له: " وهمزتها قطع، كما يقرره أهل اللغة "ما يقول الناس فيها؟ قال أبو بكر: فقلت له: كان أبان بن عثمان يجعلها واحدة، فقال عمر بن عبد العزيز: "لو كان الطلاق ألفاً ما أبقت منها شيئاً" أبان بن عثمان يجعلها واحدة، إيش معنى البت؟ القطع، البت: القطع، والمراد به هنا: قطع الصلة بين الزوج وزوجته، وعلى رأي أبان بن عثمان بجعلها واحدة أن الواحدة قد تبينها إذا انتهت عدتها، الواحدة تبينها إذا انتهت عدتها، والثلاث تبينها فوراً، فتصلح أن تكون واحدة، وأن تكون للثلاث، فأبان بن عثمان جعلها واحدة باعتبار أن الواحدة إذا تمت العدة أبانتها، وقطعت العلاقة بينهما، لكنه هل هو قطع نهائي مثل قطع الثلاث؟ لا، ف هي أقرب منها إلى الثلاث منها إلى الواحدة.
"فقال عمر بن عبد العزيز: لو كان الطلاق ألفاً" يعني لو أن الله جعل الطلاق ألف تطليقة "ما أبقت منها شيئاً" لأنها قطعت العلاقة بين الزوج وزوجته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أو قال:.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(97/15)


لا، المعنى واحد، المعنى ما يختلف، فإن قال:، ويريد به مجرد الإبانة ولو كانت رجعية يريد بها الإبانة التي تحصل عن واحدة إذا انتهت العدة، أو أراد بها من الآن، يدين، يقول: "لو كان الطلاق ألفاً ما أبقت منها شيئاً، من قال: فقد رمى الغاية القصوى" ما في لفظ أبلغ من على هذا الكلام.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم كان يقضي في الذي يطلق امرأته أنها ثلاث تطليقات" ومروان من أهل العلم، يعني من الفقهاء "كان يقضي في الذي يطلق امرأته أنها ثلاث تطليقات".
"قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي".
وما دام الأمر محتمل للثلاث التي تبينها إبانة تامة كبرى، وبين الواحدة التي تبينها إذا خرجت من عدتها فيدين، وينظر إلى قصده؛ لأنها إلى الكنايات أقرب منها إلى الصريح كما في الباب الذي يليه، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الخليّة والبرية
الخلية.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الخلية والبريّة
والبرية، إذا قال لزوجته: أنت خلية، أو أنت برية، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الخلية والبرية وأشباه ذلك
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أنه كتَب
كُتب.
أحسن الله إليك.
أنه كُتب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- من العراق أن رجلاً قال لامرأته: حبلك على غاربك، فكتب عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- إلى عامله: أن مره يوافيني بمكة في الموسم، فبينما عمر -رضي الله تعالى عنه- يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه، فقال عمر: "من أنت؟ " فقال: أنا الذي أمرت أن أجلب عليك، فقال له عمر: "أسألك برب هذه البنية، ما أردت بقولك حبلك على غاربك؟ " فقال له الرجل: لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك، أردت بذلك الفراق، فقال عمر بن الخطاب: "هو ما أردت".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- كان يقول في الرجل يقول لامرأته: أنت علي حرام: إنها ثلاث تطليقات.
قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في ذلك.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- كان يقول في الخلية والبرية: إنها ثلاث تطليقات كل واحدة منهما.

(97/16)


وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلاً كانت تحته وليدة لقوم فقال لأهلها: شأنكم بها، فرأى الناس أنها تطليقة واحدة.
وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول في الرجل يقول لامرأته: برئت مني وبرئت منك: إنها ثلاث تطليقات بمنزلة.
قال مالك في الرجل يقول لامرأته: أنت خلية وبرية أو بائنة: إنها ثلاث تطليقات للمرأة التي قد دخل بها، ويدين في التي لم يدخل بها، أو واحدة ...
أواحدة.
أحسن الله إليك.
أواحدة أراد أم ثلاثاً؟ فإن قال: واحدة أحلف على ذلك وكان خاطباً من الخطاب؛ لأنه لا يخلي المرأة التي قد دخل بها زوجها ولا يبينها ولا يبريها إلا ثلاث تطليقات، والتي لم يدخل بها تخليها وتبريها وتبينها الواحدة.
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الخلية والبرية وأشباه ذلك
واللفظان متقاربان، فالخلية الخالية من الزوج، ومن تكاليف الزوج، والبرية أصلها البريئة، مثلها، تبرأ من عهدة الزوج، وهذان اللفظان من كنايات الطلاق، وقوع الطلاق بها يحتاج إلى نية.
قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أنه كُتب إلى عمر بن الخطاب من العراق -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- أن رجلاً قال لامرأته: حبلك على غاربك" الأصل أن الحبل بيد الزوج، كما أن حبل الدابة بيد قائدها، فإذا ترك حبلها على غاربها وهذا الأصل في الدابة ذهبت حيث تشاء، فشبهت المرأة حينما يستغني عنها زوجها بهذه الدابة التي يستغني عنها صاحبها، يجعل حبلها على غاربها فتذهب حيثما شاءت.
"حبلك على غاربك، فكتب عمر بن الخطاب إلى عامله: أن مره أن يوافيني" يوافيني وإلا يوافيَني؟ نعم؟ أن مره، كتب عليه أن مره يوافيني أو يوافيَني؟ يوافيني جواب الأمر، جواب الطلب، أو جواب شرط مقدر، إن تأمره يوافيني، مستقيم المعنى وإلا غير مستقيم؟ أو للام التعليل، مره ليوافيَني، مثل: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي} [(6) سورة مريم] ما قال: يرثْني؛ ليكون جواب الطلب، وإنما هو للتعليل.

(97/17)


فيكون هنا: أن مره يوافيني على كل حال، لكن لو كانت جواباً للطلب قال: مره يوافني، لو كان الجواب للطلب لقال: مره يوافني، لكنها تعليلية، كما في قوله: "يرثني" ولو كانت جواباً للطلب لقال: يرثني.
"بمكة في الموسم، فبينما عمر يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه فقال عمر: "من أنت؟ " فقال: أنا الذي أمرت أن أُجلب عليك" أن أقدم عليك "فقال له عمر: "أسألك برب هذه البنية" فعيلة بمعنى مفعولة مبنية، وهي الكعبة "ما أردت بقولك حبلك على غاربك؟ فقال الرجل: لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك" لماذا؟ لأنه لا يريد وقوع الطلاق، ومع ذلك إذا كذب الإنسان في بيان مراده لا سيما في مثل هذه المواضع التي للنية فيها أثر كبير في وقوع الطلاق وعدمه فإنه حينئذٍ يعاشر المرأة من غير حلها، يعني طلاق واقع فقال: إنه ليس بواقع، أو لبس على المسئول من أجل أن لا يوقعه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا حكم له فإنما يحكم له بقطعة من نار، ((إنما أقضي على نحو ما أسمع)) ليس للمفتي وليس على القاضي أن يحكم بغير ما يسمع، ولا يحكم بعلمه، ما دام أخبره بالخبر؛ لأنه إذا جاء يسأل عن الطلاق مثلاً، وقال: طلقت مرتين وجحد الثالثة، المسئول ما له علاقة يتحمل هو، فقال: رجعية، راجعها، وهي في الحقيقة ثلاث لا رجعة فيها، من الذي يتحمل المسئولية؟ السائل، لماذا يسأل وهو يجحد مثل هذا؟ يجحد ما له أثر في الحكم، ولا تحل له بحكم الحاكم، لا في الأموال ولا في الفروج، وإن كان الحنفية يتساهلون في مثل هذا، حكم الحاكم يبيح ما حكم له به، وإن كان غير مطابق للواقع.
"فقال له الرجل: لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك أردت بذلك الفراق، فقال عمر بن الخطاب: هو ما أردت" يعني الذي أردته ونويته هو الذي يقع؛ لأن الكنايات لا بد أن تقترن بنية الوقوع، بخلاف الصريح، الصريح لو تلفظ فقال: هي طالق، خلاص لو قال: ما أردت الطلاق، لو قال: طالق من وثاق، أو قال: أردت أن أقول طاهر، فقلت: طالق، هذا يقع، ما يحتاج إلى نية، ومعناه أنه يقع في الحكم الظاهر، أما بالنسبة لما بينه وبين ربه يدين.

(97/18)


قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب كان يقول في الرجل يقول لامرأته: أنت علي حرام: إنها ثلاث تطليقات" وهذا اللفظ إذا قاله الزوج لزوجته فيه خلاف طويل بين أهل العلم، بلغت الأقوال فيما ذكره القرطبي في سورة التحريم ثمانية عشر قولاً، لكن هي كناية، إن أراد بها الطلاق وقع الطلاق، وإن أراد الظهار وقع الظهار، وإن لم يرد شيئاً من ذلك فهي يمين، كفارتها كفارة اليمين {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [(1) سورة التحريم] ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [(2) سورة التحريم] فهذا حكمه حكم اليمين "إنها ثلاث تطليقات".
"قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في ذلك".
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول في الخلية والبرية: إنها ثلاث تطليقات" يعني مثل، كل واحدة منهما ثلاث تطليقات مثل، لكنها مع ذلك كناية الحكم فيها موقوف على نية المتكلم، على نية الزوج.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلاً كانت تحته وليدة لقوم فقال لأهلها: شأنكم بها، فرأى الناس أنها تطليقة واحدة" يعني شأنكم بها خذوها، لكن مع ذلك هي كناية تحتاج إلى نية.
يعني شخص زوجته في النفاس فلما طهرت من نفاسها أحضرها أبوها أو أخوها إلى زوجها، فقال -ماناً على الزوج-: أرحناك من التعب، من تعب إحضارها، فقال: أبد، ارجع بها معك، يريد أن يدفع هذه المنة، هل يقع مثل هذا طلاق؟ لا يقع طلاق، لكن إن أراد بها، أرجع بها معك، فلا حاجة لي بها، وينوي بذلك الطلاق، طلاق، مثل شأنكم بها، كناية، تحتاج إلى نية.
قال: "وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول في الرجل يقول لامرأته: برئت مني وبرئت منك: إنها ثلاث تطليقات بمنزلة " وهذه أيضاً كناية؛ لأن البراءة من أي متعلق بالنسبة لما بينهما من عقد قد تبرأ منه، برئت مني، في النفقة، وبرئت منك في الخدمة مثلاً، وتبقى علائق النكاح، بقيت لأنها كناية ليست صريحة في الطلاق، فتحتاج إلى نية تحدد المراد.

(97/19)


"قال مالك في الرجل يقول لامرأته: أنت خلية أو برية أو بائنة: إنها ثلاث تطليقات للمرأة التي قد دخل بها" لأنها لا تبين إلا بالثلاث، وهذه الألفاظ تعطي البينونة، لا سيما مع النية "ويدين في التي لم يدخل بها" لأنها تكون خلية وبرية وبائنة بواحدة، إذا طلقت قبل الدخول، لا تحتاج إلى ثلاث، واحدة تبينها.
"أواحدة أراد أم ثلاثاً؟ فإن قال: واحدة أحلف على ذلك" هل يحتاج إلى أن يحلف، يعني لو قال: أنت خلية، قال: والله ما أردت إلا أنها خلية من الأمراض مثلاً، هل يقال له: أحلف أنك ما أردت إلى هذا أو يدين؟ يقبل قوله ويدين؟ أو أن الجادة أن من يقبل قوله لا بد أن يكون مع يمينه؟
لو قال الأب لولده: صليت؟ قال: نعم، هل يلزمه أن يقول: احلف؟ لا يلزمه، الإنسان مؤتمن على دينه، الإنسان مؤتمن، لا يلزم أن يحلف، وفي مثل هذه الصورة إذا كان ممن يقبل قوله في مثل هذا ويرجع فيه إلى نيته، هل يستحلف أو لا يستحلف؟ أو يفرق بين من يظن أن عنده شيء من التساهل ومن عنده شيء من التحري؟ لأن بعض الناس يسعى جاهداً، هو يحب زوجته حباً شديداً، ولا يريد وقوع الطلاق، لكنه في هذا الباب أشبه ما يكون بالموسوس، احتياطاً لدينه، فتجده يسأل عن كل شيء يتعلق بما سأله، سواءً كان مؤثر في الحكم أو غير مؤثر، مثل هذا لا يطلب منه يمين، لكن إذا ظهرت علامات التساهل والتراخي والتفريط قد يتجه القول باليمين.
"فإن قال واحدة أحلف على ذلك، وكان خاطباً من الخطاب" لأنها بانت منه "لأنه لا يخلي المرأة التي قد دخل بها زوجها ولا يبينها ولا يبريها إلا ثلاث تطليقات، والتي لم يدخل بها تخليها وتبريها وتبينها الواحدة".
"قال الإمام مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك" نعم.
أحسن الله إليك.
نعم، لحظة، لحظة.
طالب:. . . . . . . . .
واحدة أيوه، طلق ركانة زوجه، طلق زوجته.
طالب:. . . . . . . . .
كيف.؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إلزام تعزير، يعني كأن الله -جل وعلا- جعل لك الخيرة فأسقطت هذه الخيرة، واجتهاد من عمر، وهو موفق، وله موافقات، ولذا وافقه جمهور أهل العلم، وخالفه من خالف، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما يبين من التمليك

(97/20)


حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- فقال: يا أبا عبد الرحمن إني جعلت أمر امرأتي في يدها فطلقت نفسها، فماذا ترى؟ فقال عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: "أراه كما قالت" فقال الرجل: لا تفعل يا أبا عبد الرحمن، فقال ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: "أنا أفعل؟! أنت فعلته".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: إذا ملّك الرجل امرأته أمرها فالقضاء ما قضت به إلا أن ينكر عليها، ويقول: لم أرد إلا واحدة فيحلف على ذلك، ويكون أملك بها ما كانت في عدتها".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما يبين من التمليك
الأصل أن الطلاق بيد الزوج، لكن لو جعله بيد الزوجة، لو جعله بيد أبيه، أو بيد ابنه، يعني وكل أمره إلى غيره في هذا، يعني فوض أمر الطلاق إلى غيره، وهنا فوض الأمر إلى الزوجة.
قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن إني جعلت أمر امرأتي في يدها" ما الذي دعاه إلى ذلك؟ لعلها أقلقته، كل يوم تطلب الطلاق، أو كل يوم بينهم مشاكل، فقال لها: متى ما أردت الخروج اخرجي، ناوياً بذلك الطلاق، أو أمرك بيدك، أو طلقي نفسك إن شئت.

(97/21)


"إني جعلت أمر امرأتي في يدها فطلقت نفسها، فماذا ترى؟ فقال عبد الله بن عمر: أراه كما قالت" خلاص، ما الذي أجبرك على أن تتنازل عن حق جعله الله لك "أراه كما قالت، فقال الرجل: لا تفعل يا أبا عبد الرحمن" لا تستعجل، لا تفعل، لا توقع الطلاق، من الذي أوقع الطلاق؟ ابن عمر أو الزوج أو الزوجة؟ الزوج الذي أوقع الطلاق، الزوج هو الذي أوقع الطلاق "قال الرجل: لا تفعل يا أبا عبد الرحمن" لا تستعجل، "فقال ابن عمر: "أنا أفعل؟! " يستنكر، أنا ما سويت شيء، أنا بينت لك الحكم "أنت فعلته" أنت الجاني على نفسك، تتنازل عن حق جعله الله لك، تتنازل لمخلوق ضعيف، لا يتحمل ما يتحمله الرجل في هذه المواقف، فتجد المرأة لأدنى سبب لو كان الأمر بيدها ما بقي –والله أعلم – ولا عقد صحيح، النساء يأتي عليهن أوقات ما في شك أنها سريعة التأثر، سريعة الغضب، العاطفة عندها جياشة، المقصود أنها لا تثبت مثل ثبات الرجل، ولذلك جعل الطلاق في يد الرجل.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا ملّك الرجل امرأته أمرها" قال: أمرك بيدك، ناوياً بذلك الطلاق "فالقضاء ما قضت به، إلا أن ينكر عليها، ويقول: لم أرد إلا واحدة" يعني إذا قال: أمرك بيدك، فقالت: طلقت نفسي ثلاثاً، الأمر كما جعل، فإن لم ينوِ شيئاً فقد جعل لها الأمر كل الأمر وهو الثلاث، "وإن قال: لم أرد إلا واحدة فيحلف على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها" لأن جعل الطلاق في يد المرأة حكمه حكم الكناية، لو قال: أمرك بيدك، فقالت: طلقت نفسي، قال: أنا ما أردت طلاق، أمرك بيدك يعني إن شئت تذهبي إلى أهلك، إن شئت تذهبين إلى السوق، تذهبين إلى الجيران، تذهبين إلى المسجد، أمرك بيدك، ومثله: حبلك على غاربك، اذهبي إلى من شئت، ولم يرد بذلك طلاقاً، فإنه حينئذٍ لا يقع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
لا هم يقولون: ما دام في المجلس يكون الأمر بيده، وإذا فارقوا المجلس سيأتي شيئاً من هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .

(97/22)


لا هو في معاوضة؟ ما في معاوضة، ما قالت: طلقني أو أطلقك على مبلغ كذا هذا الخلع، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما يجب فيه تطليقة واحدة من التمليك
حدثني يحيى عن مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه أخبره أنه كان جالساً عند زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه-، فأتاه محمد بن أبي عتيق، وعيناه تدمعان، فقال له زيد: ما شأنك؟ " فقال: ملكت امرأتي أمرها ففارقتني، فقال له زيد: ما حملك على ذلك؟ قال القدر: فقال زيد: ارتجعها إن شئت فإنما هي واحدة، وأنت أملك بها".
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلاً من ثقيف ملك امرأته أمرها فقالت: أنت الطلاق، فسكت، ثم قالت: أنت الطلاق، فقال: بفيك الحجر، ثم قالت: أنت الطلاق، فقال: بفيك الحجر، فاختصما إلى مروان بن الحكم فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة، وردها إليه.
قال مالك: قال عبد الرحمن: فكان القاسم يعجبه هذا القضاء، ويراه أحسن ما سمع في ذلك.
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك، وأحبه إلي.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما يجب فيه تطليقة واحدة من التمليك

(97/23)


وهي في حالة ما إذا لم ينو أكثر من واحدة، أما إذا نوى أكثر من واحدة فهو على نيته، ولذا قال: "حدثني يحيى عن مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد بن ثابت" خارجة من الفقهاء السبعة "أنه أخبره أنه كان جالساً عند زيد بن ثابت" عند أبيه "فأتاه محمد بن أبي عتيق، وعيناه تدمعان" يعني بعد الندم من وقوع ما يكرهان تدمع العين بعد ذلك، لكن لات ساعة مندم، الإنسان إذا استعجل في أمر له فيه فسحة لا بد أن يندم "فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان، فقال له زيد: ما شأنك؟ " يعني ما الخبر؟ "فقال: ملكت امرأتي أمرها ففارقتني، فقال له زيد: ما حملك على ذلك؟ قال: القدر" لأنه قد يحصل بين الزوجين من الحال والظرف الذي يقتضي إما كمال انبساط وأنس، ويريد أن يكرمها بمثل هذا، وأنه لا فضل له عليها، الفضل كان في الطلاق والآن تساويا، أو يكون في شقاء وملل لكن لا يريد أن يكون الفراق منه، نظراً لمكانة أهلها عنده، فيقول: أمرك بيدك، وينتظر الفرصة تسنح أن تطلق، المقصود أن هذا قد يقع وقد وقع، لكن ماذا عما لو قال: أمرك بيدك ما طلقت، طلق هو؟ يملك وإلا ما يملك؟ هذا الأمر الذي له ملكها إياه، هل يرجع إليها أو لا يرجع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ألغى الوكالة، ولو لم يعلم الموكل، يعني جعل الأمر إليها بالوكالة، يعني ما هو مثل الهبة يثبت بالقبض حكمه حكم الوكالة، فإذا ألغى هذا الذي وكلها فيه التغى ولو لم تعلم، ما يلزم علم الموكل، فإذا قالت: طلقتك، قال: لا، أنا ساحب الوكالة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف.
طالب:. . . . . . . . .
كل من يقبل قوله لا بد أن يكون مع يمينه، عمر -رضي الله عنه- استحلف عند الكعبة.
"فقال له زيد: ما حملك على هذا؟ قال: القدر، فقال: ارتجعها إن شئت فإنما هي واحدة وأنت أملك بها".

(97/24)


أولاً: هذا لا بد فيه من نية الزوج حينما ملكها، هل ملكها واحدة أو ملكها البت طلاق البائن؟ وأيضاً ينظر في لفظ المرأة "فارقتني" ما يدرى على كم؟ والأصل بقاء النكاح، فلا تبين منه بمجرد المفارقة، لكن لما قالت: أنت الطلاق، أنت الطلاق، أنت الطلاق، قالت ثلاثاً، هذا أظهر في إرادة الثلاث، لا سيما وأن الطلاق بـ (أل) يطلق على ... ، وقد تكرر ثلاثاً؛ لأنها قالت: أنت الطلاق، أنت الطلاق، أنت الطلاق، الذي يغلب على الظن إرادتها البينونة، ومع ذلك اختصما إلى مروان فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة، وردها إليه؛ لأن نيته أقوى من نيتها، وجانبه في هذا الباب أرجح من جانبها، يعني لو قالت: أنا نويت ثلاث، ملكني الطلاق ونويت ثلاث، الطلاق ثلاث، وقال: أنا ملكتها، لكن ما ملكتها إلا واحدة، القول قوله.
قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلاً من ثقيف ملك امرأته أمرها فقالت: أنت الطلاق، فسكت، ثم قالت: أنت الطلاق، فقال: بفيك الحجر، ثم قالت: أنت الطلاق فقال: بفيك الحجر، فاختصما إلى مروان بن الحكم فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة، وردها إليه" لأن هنا تعارض أصل مع فرع، فالمقدم في هذا الأصل إلا أن يدعي الفرع دعوى ترجح جانبه، لو قال: ما أردت، ثم أحضرت ما يدل على إرادته، تمكينها من الطلاق البائن.
"قال مالك: قال عبد الرحمن: فكان القاسم يعجبه هذا القضاء، ويراه أحسن ما سمع في ذلك".
"قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك وأحبه إلي" نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما لا يبين من التمليك
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أنها خطبت على عبد الرحمن بن أبي بكر قريبة بنت أبي أمية فزوجوه، ثم إنهم عتبوا على عبد الرحمن، وقالوا: ما زوجنا إلا عائشة، فأرسلت عائشة -رضي الله تعالى عنها- إلى عبد الرحمن فذكرت ذلك له، فجعل أمر قريبة بيدها، فاختارت زوجها فلم يكن ذلك طلاقاً.
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورضي الله تعالى عنها- زوجت حفصة بنت عبد الرحمن المنذر بن الزبير، وعبدِ
وعبدُ.
أحسن الله إليك.

(97/25)


وعبدُ الرحمن غائب بالشام، فلما قدم عبد الرحمن قال: ومثلي يصنع هذا به، ومثلي يفتات عليه، فكلمت عائشة المنذر بن الزبير فقال المنذر: فإن ذلك بيد عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: ما كنت لأرد أمراً قضيته، فقرت حفصة عند المنذر، ولم يكن ذلك طلاقاً.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- وأبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- سئلا عن الرجل يملك امرأته أمرها، فترد ذلك إليه، ولا تقضي فيه شيئاً، فقالا: "ليس ذلك بطلاق".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: إذا ملك الرجل امرأته أمرها فلم تفارقه، وقرت عنده فليس ذلك بطلاق.
قال مالك في المملكة إذا ملكها زوجها أمرها، ثم افترقا ولم تقبل من ذلك شيئاً، فليس بيدها من ذلك شيء وهو لها ما داما في مجلسهما.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يبين من التمليك
يعني ما يبين الزوجة من زجها من تمليك الزوج لزوجته الطلاق.

(97/26)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها خطبت على عبد الرحمن بن أبي بكر" يعني خطبت له، عبد الرحمن بن أبي بكر أخوها الذي أعمرها من التنعيم "خطبت على عبد الرحمن" يعني خطبت لأخيها عبد الرحمن "قريبة بنت أبي أمية فزوجوه" يعني إذا كانت الخاطبة والوسيط عائشة -رضي الله عنها- لا شك أنها تشفع في مثل هذا، ولذلك جاء في الحديث الذي يليه: إنا ما زوجنا إلا عائشة، ما زوجنا المنذر، زوجنا عائشة، وهذه تتردد على ألسنة أولياء الأمور بالنسبة للنساء، إذا خطب منهم من يستحق التقدير قالوا: من أجلك، أو كان والد مثلاً، أو والد الزوج ممن يستحق مثل هذا التقدير، قالوا: زوجنا الوالد، ما زوجنا الولد، أو كانت الأم معروفة بصالحها قالوا: والله ما زوجناه إلا علشان أمه، كل هذا في عصرنا لا يصلح، يعني في عصور مضت الأمور متقاربة، تجد الولد قريب من أبيه، والبنت قريبة من أمها، لكن في عصرنا فيه التباين، كثيراً ما يقال: فلان بن حمولة، يعني ما يبور، ما يختلف عنهم في الغالب، ويزوج على هذا الأساس ولا يسأل عنه، أما في عصرنا هذا ما في تناسب بين الوالد وولده، تجد التباين، إما أن يكون الأب أفضل من ولده بمراحل، أو العكس، فلا يقاس أحد على أحد؛ لأن المؤثرات حالت بين مراد الآباء وأبنائهم.
فالمقصود أن مثل هذا لا يمشي في وقتنا، والله إننا مزوجينها العبد الصالح الوالد، لكن الوالد هو الذي بيعاشر البنت هو اللي بيتعامل مع البنت؟ لا، احتمال أن يأخذها الولد ولا يراها الوالد مرة ثانية، فأنت تزوج الولد هل هو كفؤ وإلا لا؟

(97/27)


"فزوجوه، ثم إنهم عتبوا على عبد الرحمن بن أبي بكر، وقالوا: ما زوجنا إلا عائشة" القصد عبد الرحمن ما زوجناه، ما زوجنا إلا عائشة "فأرسلت عائشة إلى أخيها عبد الرحمن فذكرت ذلك له، فجعل أمر قريبة بيدها" هو لما سمع هذا الكلام: ما زوجنا إلا عائشة، يعني أنف من البقاء معها مكرهاً لها، ما دام ما زوج من أجله فتكون المسألة عدم الرغبة موجودة، ما دام ما زوجوه من أجله فالرغبة فيه قليلة، وما دام الأمر ذلك من الطرف الثاني، فليكن الأمر كذلك من الطرف الأول " فجعل أمر قريبة بيدها " قال: قريبة تصنع ما شاءت، إن اختارتني بقيت، وإن اختارت أهلها تذهب " فاختارت زوجها فلم يكن ذلك طلاقاً " اختارت زوجها.
قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورضي الله عنها- زوجت حفصة بنت عبد الرحمن" عبد الرحمن بن أبي بكر، الخبر السابق، "زوجت حفصة بنت عبد الرحمن المنذر بن الزبير بن العوام" ابن أختها أسماء، فتكون حفصة بنت عبد الرحمن بالنسبة للمنذر بن الزبير ابنة خالها، وهو ابن عمتها.
"وعبدُ الرحمن غائب بالشام" كيف زوجت وعبد الرحمن غائب بالشام؟ أبوها غائب بالشام؟ يعني تولت العقد، أو أنها وفقت بينهما وتولاه الرجال؟ نعم هذا الذي ظهر "وعبد الرحمن غائب بالشام" ويدل عليه النصوص التي تدل على أنه لا بد من الولي "وعبد الرحمن غائب بالشام، فلما قدم عبد الرحمن قال: ومثلي يصنع هذا به؟ " تزوج بنته من غير علمه؟! ومثلي يفتات عليه؟! "فكلمت عائشة المنذر بن الزبير" الخال غير راضي بزواجك من بنته؛ لأنا ما أخذنا رأيه قبل ذلك "فقال المنذر: فإن ذلك بيد عبد الرحمن، إن شاء أخذ ابنته، وإن شاء ردها إلي، فقال عبد الرحمن: ما كنت لأرد أمراً قضيته" يعني تقديراً لأخته أم المؤمنين، فقرت حفصة عند المنذر، ولم يكن ذلك طلاقاً، وقد جعل الأمر بيد أبيها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عبد الرحمن بن القاسم القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه محمد بن أبي بكر عن عائشة، أو أن عائشة، يحتمل الاتصال والانقطاع محتمل، المعاصرة موجودة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
افتيات على الأب؟

(97/28)


طالب:. . . . . . . . .
هذا تصرف يعني أشبه ما يكون بالفضولي يرجع فيه إلى رضاه فيما بعد.
وعائشة الذي يغلب على الظن أنها في مثل هذه التصرفات كأنها ضامنة للأمر أنهم لن يخرجوا عن مرادها، ومع ذلك الولي لا يفتأت عليه.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر وأبا هريرة سئلا عن الرجل يملك امرأته أمرها فترد ذلك إليه" لا تقبل، إذا لم تقبل ما صار شيء، كأن شيئاً لم يكن "ولا تقضي فيه شيئاً فقالا: "ليس ذلك بطلاق".
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "إذا ملك الرجل امرأته أمرها" يعني وجعل الطلاق بيدها "فلم تفارقه وقرت عنده فليس ذلك بطلاق".
"قال مالك في المملكة إذا ملكها زوجها أمرها، ثم افترقا ولم تقبل من ذلك شيئاً، فليس بيدها من ذلك شيء وهو لها ما داما في مجلسها" يعني التمليك هذا بمجرد المجلس، ولا يقال: إنها بعد سنين تملك أمرها وتطلقه بعد ذلك، والأولى في مثل هذا أن يرد ما ملكها إياه صراحة، قال: ترى ما صار شيء، خلاص الأمر بيدي أنا، رجعت.
في الصورة السابقة أم المؤمنين زوجت بنت أخيها ابن أختها، وأخوها غائب ولي الأمر، فهل يصلح مثل هذا التصرف من غير أم المؤمنين؟ يعني هل للأخت ولو كانت أكبر من أخيها أن تزوج بنت أخيها لولد أختها أو لغيره من سائر الناس؟ لا شك أن هذا افتئات على ولي الأمر ولا يصح، لكن هي تصرفت باعتبار أنها ضامنة، وحصل الأمر كما تصورت، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(97/29)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح الموطأ - كتاب النكاح والطلاق (5)
باب: الإيلاء - باب: إيلاء العبد - باب: ظهار الحر - باب: ظهار العبيد - باب: ما جاء في الخيار.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: إذا خطبت الفتاة وبها مس فهل على وليها أن يخبر خاطبها أم يسكت ولا يخبر بذلك؟
هذا يسأل نفسه إن كان يقبل مثل هذا فليس بعيب، ولا إخاله يقبل، إذن لا بد من الإخبار بذلك، لا بد أن يخبر بأن بها مس.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الإيلاء
حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه كان يقول: "إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق، وإن مضت الأربعة الأشهر حتى يوقف، فإما أن يطلق وإما أن يفيء".
قال مالك: وذلك الأمر عندنا.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبدَ الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول.
عن عبدِ الله.
عن عبدِ الله بن عمر -رض ي الله عنهما- أنه كان يقول: "أيما رجل آلى من امرأته فإنه إذا مضت الأربعة الأشهر وقف حتى يطلق أو يفيء، ولا يقع عليه طلاق إذا مضت الأربعة الأشهر حتى يوقف".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب ...
أن.
أن سعيد بن المسيب وأبا بكر بن عبد الرحمن كانا يقولان في الرجل يولي من امرأته: إنها إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة، ولزوجها عليها الرجعة ما كانت في العدة.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كان يقضي في الرجل إذا آلى من امرأته، أنها إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة، وله عليها الرجعة ما دامت في عدتها.
قال مالك: وعلى ذلك كان رأي ابن شهاب.
قال مالك في الرجل يولي من امرأته فيوقف فيطلق عند انقضاء الأربعة الأشهر، ثم يراجع امرأته: إنه إن لم يصبها حتى تنقضي عدتِها فلا سبيل له إليها ...
عدتُها.

(98/1)


حتى تنقضي عدتُها فلا سبيل له إليها، ولا رجعة له عليها، إلا أن يكون له عذر من مرض، أو سجن، أو ما أشبه ذلك من العذر، فإن ارتجاعه إياها ثابت عليها، فإن مضت عدتها ثم تزوجها بعد ذلك فإنه إن لم يصبها حتى تنقضي الأربعة الأشهر وقف أيضاً، فإن لم يفئ دخل عليه الطلاق بالإيلاء الأول، إذا مضت الأربعة الأشهر، ولم يكن له عليها رجعة؛ لأنه نكحها ثم طلقها قبل أن يمسها، فلا عدة له عليها ولا رجعة.
قال مالك في الرجل يولي من امرأته فيوقف بعد الأربعة الأشهر فيطلق ثم يرتجع ولا يمسها فتنقضي أربعة أشهر قبل أن تنقضي عدتُها إنه يوقف ولا يقع عليه طلاق، وإنه إن أصابها قبل أن تنقضي عدتِها ...
عدتُها
عدتُها كان أحق بها، وإن مضت عدتها قبل أن يصيبها فلا سبيل له إليها، وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
قال مالك في الرجل يولي من امرأته ثم يطلقها فتنقضي الأربعة الأشهر قبل انقضاء عدة الطلاق قال: هما تطليقتان إن هو وقف ولم يفئ، وإن مضت عدة الطلاق قبل الأربعة الأشهر فليس الإيلاء بطلاق، وذلك أن الأربعة الأشهر التي كانت توقف بعدها مضت، وليست له يومئذٍ بامرأة.
قال مالك: ومن حلف أن لا يطأ امرأته يوماً أو شهراً، ثم مكث حتى ينقضي أكثر من الأربعة الأشهر، فلا يكون ذلك إيلاء، وإنما يوقف في الإيلاء من حلف على أكثر من الأربعة الأشهر، فأما من حلف أن لا يطأ امرأته أربعة أشهر أو أدنى من ذلك فلا أرى عليه إيلاء؛ لأنه إذا دخل الأجل الذي يوقف عنده خرج من يمينه، ولم يكن عليه وقف.
قال مالك: من حلف لامرأته أن لا يطأها حتى تفطم ولدها، فإن ذلك لا يكون إيلاء، وقد بلغني أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- سئل عن ذلك فلم يره إيلاء.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الإيلاء

(98/2)


وهو الحلف، حلف الزوج أن لا يطأ زوجته مدة تزيد على أربعة أشهر، مدة التربص أربعة أشهر فيوقف، إما أن يفيء ويرجع أو يطلق، وهل تحصل الفرقة بمجرد مضي الأربعة، أو لا بد من أن يحكم بها حاكم بعد طلب المرأة؟ أما ما دون الأربعة أشهر، أربعة أشهر فما دون فليس بإيلاء، وعند جمع من أهل العلم أن المرأة ليس لها أن تطالبه بالاستمتاع فيما دون أربعة أشهر، ويوجبون عليه الاستمتاع هذه المدة، وأما أقل منها فلا يوجب عليه، يعني ما الذي يلزم الزوج تجاه زوجته من المعاشرة من الجماع؟ هل يلزمه كل ليلة؟ هل يلزمه كل أسبوع؟ كل شهر؟ جمع من أهل العلم يحدون ذلك بالأربعة الأشهر التي هي مدة الإيلاء {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [(226) سورة البقرة] هذا الحد الذي جاء التنصيص عليه في كتاب الله، ومنهم من يقول: ليس له حد معين، بل متى احتاجت وتشوفت إلى غيره يلزمه أن يعفها، وإذا عجز عن ذلك فإن لها أن تطالب وتفسخ، والفرق بين ما دون الأربعة أشهر وما فوق الأربعة أشهر أن ما دون الأربعة أشهر إذا طالبت بالفسخ تخالع، ما فوق الأربعة أشهر إذا طالبت بالفسخ فإنه لا يلزمه الفسخ من دون مقابل.
يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد -الصادق- عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين الباقر "عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول: إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق، وإن مضت الأربعة الأشهر حتى يوقف" يستدعى من قبل الحاكم، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق، "حتى يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء".
"قال مالك: وذلك الأمر عندنا" لو افترضنا أن المرأة ما طالبت، حلف أن لا يطأ خمسة أشهر، ستة أشهر، ولا طالبت المرأة، هو لا يقع شيء لكن يلزمه أن يفيء، يلزمه أن يرجع، يجب عليه أن يرجع، ويفيء، والنبي -عليه الصلاة والسلام- آلى من نسائه شهراً، فما دون الأربعة أشهر لا يلزم به شيء، إلا أن المرأة إذا كانت لا تطيق الصبر مدة معينة لو قلت عن الأربعة أشهر فإنه يلزمه أن يفي بحاجتها بحيث لا يتركها تتطلع وتتشوف إلى الرجال، فهذا ما يراه جمع من أهل التحقيق.
طالب:. . . . . . . . .

(98/3)


دون الأربعة أشهر لا بد من خلع، ما يطلقها إلا بخلع دون الأربعة أشهر؛ لأن مدة التربص منصوص عليها بالقرآن أربعة أشهر، لكن أكثر من أربعة أشهر بدون خلع، خلاص إذا لم يفئ تفسخ منه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا بد من حلف، إيش معنى الإيلاء؟ الإيلاء هو الحلف، إذا حلف أن لا يطأ زوجته، لكن لو امتنع من وطئها من دون حلف، امتنع من وطئها سنة سنتين ثلاث، هذا لا يسمى إيلاء، ولا يلزمه أن يفيء إلا بطلب، بدعوى عليه من الزوجة إلى الحاكم فإذا ألزمه الحاكم إما أن يطأ أو يفسخ.
"قال مالك: وذلك الأمر عندنا".
"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: أيما رجل آلى من امرأته فإذا مضت الأربعة الأشهر يوقف حتى يطلق أو يفيء، ولا يقع عليه طلاق" يعني إذا مضت الأربعة الأشهر حتى يوقف
يعني بمجرد مضي الأربعة أشهر لا يحصل طلاق.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن سعيد بن المسيب وأبا بكر بن عبد الرحمن كانا يقولان في الرجل يولي من امرأته: إنها إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة، ولزوجها عليها الرجعة" يعني طلقة رجعية "ما كانت في العدة" يعني الطلاق على هذا القول عند سعيد وعند أبي بكر بن عبد الرحمن وهما معروفان من الفقهاء السبعة، الطلاق من الحلف وإلا من تمام الأربعة؟ يقول: إنها إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة، يعني من مضي الأربعة الأشهر، يعني ولو لم يوقف، ولو لم يطلق، وهذا بخلاف ما تقدم.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كان يقضي في الرجل إذا آلى من امرأته أنها إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة، وله عليها الرجعة ما دامت في عدتها".
"قال مالك: وعلى ذلك كان رأي ابن شهاب" يعني يجتمع في هذا سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن ومروان بن الحكم وابن شهاب الزهري، كلهم يرونه تطليقة بخلاف ما تقدم عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر أنه لا يعد طلاق حتى يوقف، فإن طلق ثبت الطلاق، وإن رجع وفاء فإن ذلك لا يضره -إن شاء الله تعالى-.

(98/4)


"قال مالك في الرجل يولي من امرأته فيوقف" يعني على القول الأول، يولي من امرأته أربعة أشهر فما فوق، فوق الأربعة أشهر، فيوقف عند الحاكم، فيطلق عند انقضاء الأربعة الأشهر، ثم يراجع امرأته "أنه إن لم يصبها حتى تنقضي عدتُها" يوقف فيطلق عند انقضاء الأربعة، الآن صار طلاق "ثم يراجع امرأته أنه إن لم يصبها حتى تنقضي عدتُها فلا سبيل له عليها، ولا رجعة له عليها" لماذا لم يطأ حتى انقضت العدة؟ يقول: "في الرجل يولي من امرأته فيوقف، فيطلق عند انقضاء الأربعة الأشهر" هذا ماشي على القول الأول، ثم يراجع امرأته يعني بعد الطلاق طلقة رجعية، أنه إن لم يصبها حتى تنقضي عدتُها، بالعدد المعروفة، إن كانت حامل ففي وضع الحمل، وإن كانت ذات أقراء فبثلاثة أقراء، وإن كانت آيسة أو صغيرة فبثلاثة أشهر ... إلى آخره.

(98/5)


"أنه إن لم يصبها حتى تنقضي عدتُها فلا سبيل له عليها" هو راجعها، ثم يراجع امرأته، طلق عند انقضاء الأربعة الأشهر، ثم راجع أنه إن لم يصبها حتى تنقضي عدتُها فلا سبيل له عليها، ولا رجعة له عليها، لماذا؟ لأن اليمين ما زالت منعقدة، يمين الإيلاء ما زالت منعقدة، والفيئة إنما تكون بالوطء، والوطء ما حصل، يمين الإيلاء ما زالت منعقدة، ثم يراجع امرأته "أنه إن لم يصبها حتى تنقضي عدتُها فلا سبيل له إليها، ولا رجعة له عليها، إلا أن يكون له عذر يمنعه من الوطء" يعني "من مرض، أو سجن، أو ما أشبه ذلك، من العذر، فإن ارتجاعه إياها ثابت عليها" يعني إذا وجد مانع، إذا لم يوجد مانع عرفنا أنه ماض على يمينه، إذ لو لم يكن ثابتاً على يمينه -يمين الإيلاء- لوطئ، فاء بالوطء، لكن لما لم يطأ عرفنا أنه ثابت على يمينه بالإيلاء، إلا أن يكون له عذر، يتمنى أن يطأ ولا يحصل له "من مرض، أو سجن، أو ما أشبه ذلك من العذر فإن ارتجاعه إياها ثابت عليها، فإن مضت عدتها ثم تزوجها بعد ذلك" فإن مضت عدتها الآن لا رجعة له عليها، لا رجعة إلا بعقد جديد، يخطبها من جديد، كالمطلقة الرجعية إذا انتهت عدتها تكون بائنة بينونة صغرى، يكون كأسوة الخطاب "فإن مضت عدتها ثم تزوجها بعد ذلك، فإن لم يصبها حتى تنقضي الأربعة الأشهر وقف أيضاً" مضت عدتها، وخطبها من جديد، وتزوجها بعد ذلك "فإن لم يصبها حتى تنقضي الأربعة أشهر" يعني ما زال حكم الإيلاء سار إلى الآن؛ لأنه لم يطأ، الرجعة لا يثبتها إلا الوطء، الفيئة لا يثبتها إلا الوطء، وما زال حكم الإيلاء سار وثابت بعد النكاح الجديد، حتى بعد النكاح الجديد؛ لأنه على يمينه الأول، نفترض أنه آلى أن لا يطأ امرأته سنة كاملة، لما مضت الأربعة أشهر وقف وطلق، وبعد الطلاق راجع، ثم انتهت عدتها قبل أن يطأ، عرفنا أنه ما زال مصراً على يمينه، ثم تزوجها وعقد عليها عقداً جديداً فإذا بقي بعد ذلك أربعة أشهر عرفنا أنه ما زال على إيلائه فيوقف حينئذٍ، فإن لم يفئ دخل عليه الطلاق بالإيلاء الأول، إذا مضت الأربعة الأشهر، ولم يكن له عليها رجعة؛ لأنه نكحها ثم طلقها قبل أن يمسها، الآن نكحها النكاح الثاني بعد انقضاء عدتها نكحها، بعد

(98/6)


انقضاء، ثم بعد ذلك أمسك عن وطئها، حتى انقضت الأربعة أشهر، تبينا بذلك أنه مازال على إيلائه السابق؛ لأن الإيلاء لا ينقطع إلا بالوطء، بالفيئة، الآن ثبت الطلاق بعد الأربعة أشهر، بعد العقد الجديد، ولم يدخل بها، إذن لا سلطان له عليها، خلاص معناه أنه طلقها قبل الدخول، وهذا جارٍ على قول أن الطلاق يحصل بمجرد مضي الأربعة الأشهر "ولم يكن له عليها رجعة؛ لأنه نكحها ثم طلقها قبل أن يمسها، فلا عدة له عليها ولا رجعة".
"قال مالك في الرجل يولي من امرأته فيوقف بعد الأربعة الأشهر فيطلق ثم يرتجع ولا يمسها فتنقضي أربعة أشهر قبل أن تنقضي عدتها" نعم فيوقف فيطلق عند انقضاء الأربعة أشهر، يعني هو مشى على القولين، سواءً حصل الطلاق أو لم يحصل؛ لأنه طلاق طلاق، سواءً أوقف وطلق أو لم يوقف ولم يطلق، يعني جمع بين القولين.
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم أنا أقول لك: جمع بين القولين، فجرى على القول الأول، على قول علي وابن عمر في قوله: فيوقف فيطلق، يعني لو حصل هذا، وقف عند قاضٍ يرى أنه لا بد من الإيقاف والتطليق وطلق، القول الثاني: مضت عند قاضٍ لا يرى الإيقاف ولا التطليق، أو هو الإمام مالك كأنه يستروح إلى هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما دام وجد الإيلاء في أول الأمر، نستصحب حكمه حتى يفيء.
طالب:. . . . . . . . .
لا، أقل من أربعة أشهر هذا لا يعتبر.
طالب:. . . . . . . . .
إي أنت تريد أن الطلاق والرجعة تلغي الإيلاء الأول، كأنه ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما تلغي، طيب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو ما زال يتمدد تلقائياً، إيه؛ لأنه ما زال على يمينه، ولا ينقض اليمين إلا الفيئة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا بد من هذا.
"قال مالك في الرجل يولي من امرأته فيوقف بعد الأربعة الأشهر فيطلق ثم يرتجع ولا يمسها فتنقضي أربعة أشهر قبل أن تنقضي عدتها: إنه لا يوقف ولا يقع عليه طلاق" هذه المسألة تحتاج إلى انتباه.
في الرجل يولي من امرأته فيوقف بعد الأربعة الأشهر فيطلق ثم يرتجع ولا يمسها فتنقضي أربعة أشهر قبل أن تنقضي عدتها، يعني هي ما زالت في العدة تنقضي أربعة أشهر، قبل أن تنقضي عدتها، إنه لا يوقف، نعم؟

(98/7)


طالب:. . . . . . . . .
إي بعدة تطول كالحمل مثلاً.
"فتنقضي أربعة أشهر قبل أن تنقضي عدتها: إنه لا يوقف" لأنه ما زالت في العدة "ولا يقع عليه طلاق، وإن أصابها قبل أن تنقضي عدتُها كان أحق بها، وإن مضت عدتها قبل أن يصيبها فلا سبيل له إليها، وهذا أحسن ما سمعت في ذلك".
"قال مالك في الرجل يولي من امرأته ثم يطلقها فتنقضي الأربعة الأشهر قبل انقضاء عدة الطلاق، قال: هما تطليقتان".
"قال مالك في الرجل يولي من امرأته ثم يطلقها" مضي الأربعة أشهر تطليقة ولو لم يطلق بالإيلاء، والطلاق الذي نطق به تطليق ثاني "قال في الرجل يولي من امرأته ثم يطلقها فتنقضي الأربعة الأشهر قبل انقضاء عدة الطلاق قال: هما تطليقتان إن هو وقف ولم يفئ" يعني استمر على يمينه، وإن مضت عدة الطلاق قبل الأربعة الأشهر فليس الإيلاء بطلاق، انقضت عدتها قبل الأربعة أشهر فليس الإيلاء بطلاق، وذلك أن الأربعة الأشهر التي كانت توقف بعدها مضت، وليست له يومئذٍ بامرأة؛ لأن له أن يولي أقل من أربعة أشهر، له أن يولي ثلاثة أشهر فطلق، آلى منها ثم طلقها، فانقضت عدتها قبل مضي الأربعة أشهر فوقع الطلاق قبل ترتب حكم الإيلاء عليه، فانتهت عدتها، فليست له حينئذٍ من امرأة؛ لأنها بانت منه، وحكم الإيلاء لا يثبت إلا بعد الأربعة أشهر.

(98/8)


"قال مالك: ومن حلف أن لا يطأ امرأته يوماً أو شهراً، ثم مكث حتى ينقضي أكثر من الأربعة الأشهر فلا يكون ذلك إيلاء" حتى يحلف أكثر من أربعة أشهر، أما إذا حلف شهراً فهذا فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يكن إيلاء، حلف يوماً هذا ليس بإيلاء، وما بعد المدة ولو زادت على الأربعة أشهر لا يتناولها حكم اليمين فليس بإيلاء "وإنما يوقف في الإيلاء من حلف على أكثر من الأربعة الأشهر، فأما من حلف أن لا يطأ امرأته أربعة أشهر أو أدنى من ذلك فلا أرى عليه إيلاء" إنما الإيلاء ما زاد على ثلاثة أشهر، لماذا؟ الآية فيها تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا دل على أن الأربعة له الفيئة وله الرجعة، فلا يثبت حكم الإيلاء إلا بما زاد على ذلك "فلا أرى عليه إيلاء؛ لأنه إذا دخل الأجل الذي يوقف عنده خرج من يمينه، ولم يكن عليه وقف" الأربعة أشهر تمت، فانتهى حكم الإيلاء، لكن إن استمر بعدها يشمله حكم الإيلاء أو لا يشمله؟ لا يشمله؛ لأنه لا يوقف بعد الأربعة أشهر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يحتاج فيئة الشهر، ما يحتاج فيئة، ما وطئها، افترض أنه ما حلف ولا آلى ولا سوى شيء، ومكث سنة ما وطئ امرأته، يعني أقل من أربعة أشهر وجوده مثل عدمه اليمين، فكأنه ما حلف؛ لأن له أن يفعل ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، انتهى حكمه بمضي مدته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا من اليمين، من انعقاد اليمين، هو تربص أربعة أشهر، يعني من انعقاد اليمين، من امتناعه.
طالب:. . . . . . . . .

(98/9)


لا، تحسب، اليمين ما له ارتباط بالحيض، إلا إذا قلنا: إنها تطلق عليه بمجرد مضي المدة، ثم رجعنا إلى قاعدة: العبرة بالحال أو بالمآل، فإن كانت وقت الإيلاء حائض، أو وقت انقضاء المدة حائض عند من لا يرى طلاق الحائض وقلنا: إنه طلاق بمجرده من غير إيقاف، قلنا: إنه طلق امرأته وهي حائض، فإما باعتبار الحال وقت الحلف أو باعتبار المآل، والأكثر على اعتبار الحال؛ لأن سبب الوجود منعقد، مثال ذلك: لو حلف أقسم يمين منعقدة تلزم الكفارة بالحنث فيها، أقسم قبل التكفير، أقسم على شيء قبل التكليف، وهو صبي، ثم حنث بعد البلوغ تلزمه كفارة وإلا ما تلزمه؟ ما تلزمه؛ لأن العبرة بالحال ليست العبرة بالمآل، ومن مسائل هذه القاعدة: أن من أحرم بعمرة في آخر ساعة من شعبان، وأدى العمرة في رمضان، عمرته شعبانية، ليست في رمضان؛ لأن العبرة بالحال، وقل مثل هذا: لو أحرم بالعمرة في آخر ساعة من رمضان، وقضاها يوم العيد أو بعد يوم العيد عمرته رمضانية لأن العبرة بالحال.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني قبل التكليف، يعني قبل أن يسلم ((أوف بنذرك)) لأن هذا نذر تبرر، ينفع ولا يضر، نذر أن يصوم يصوم.
طالب:. . . . . . . . .
لا يقع بمفرده، لا بد من الإيقاف، ولا بد أن يحكم به حكم حاكم.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بد أن يطلق، وإن عزموا الطلاق
طالب:. . . . . . . . .
لا ليس بفسخ.
"قال مالك: من حلف لامرأته أن لا يطأها حتى تفطم ولدها" هو يعرف أنها لن تفطم ولدها إلا بعد سنة، فكأنه حلف أن لا يطأها مدة سنة، فهذا إيلاء فأكثر، لكن ننظر إلى العلة.
"قال مالك: من حلف لامرأته أن لا يطأها حتى تفطم ولدها فإن ذلك لا يكون إيلاءً، وقد بلغني أن علي بن أبي طالب سئل عن ذلك فلم يره إيلاء" لماذا؟ لأنه لم يقصد الإضرار بالمرأة، وإنما قصد مصلحة الولد على ما سيأتي في الغيلة.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: إيلاء العبد
حدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن إيلاء العبد فقال: هو نحو إيلاء الحر، وهو عليه واجب، وإيلاء العبد شهران.

(98/10)


ما تقدم هو بالنسبة للحر يتربص أربعة أشهر، إن رجع فلا شيء عليه إلا كفارة اليمين، وإن لم يرجع فيلزم بالطلاق، أما بالنسبة للعبد فمثل إيلاء الحر، والأحكام المترتبة على إيلاء الحر تترتب على إيلاء العبد يعني إذا تزوج إلا أن المدة على النصف، شهران بدل أربعة أشهر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
التنصيف؟
طالب:. . . . . . . . .
التنصيف فيما يتعلق بالمرأة له حكمه، وما يتعلق بالرجل له حكمه، لكن لو قدر أنهما كلاهما من العبيد، التنصيف مطرد، لكن لو قدر أن أحدهما حر، والثاني عبد فيما يتعلق بالزوج، في أحكام الزوج إذا كان عبداً على النصف، والزوجة إن كانت حرة كاملة أحكامها، يعني عدتها كاملة، وتطليقه ناقص، وأيضاً فيما يتعلق، العكس لو كان الزوج هو الحر والزوجة أمة ما يتعلق بها، تعامل معاملة الإماء، وما يتعلق به يعامل معاملة الأحرار، لو كان إيلاؤه ما يتعلق به، لا ما يتعلق بالمرأة، الأحكام المترتبة عليه أحكام العبيد، والأحكام المترتبة عليها يعني عدتها عدة حرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إي تطليقتان، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ظهار الحر
حدثني يحيى عن مالك عن سعيد بن عمرو بن سليم الزرقي أنه سأل القاسم بن محمد عن رجل طلق امرأة إن هو تزوجها، فقال القاسم بن محمد: إن رجلاً جعل امرأة عليه كظهر أمه إن هو تزوجها، فأمره عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إن هو تزوجها أن لا يقربها حتى يكفر كفارة المتظاهر.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً سأل القاسم بن محمد وسليمان بن يسار عن رجل تظاهر من امرأته قبل أن ينكحها فقالا: إن نكحها فلا يمسها حتى يكفر كفارة المتظاهر.
وحدثني عن مالك عن شهاب بن عروة عن أبيه ...
عن إيش؟
عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل تظاهر من أربعة نسوة له بكلمة واحدة: إنه ليس عليه إلا كفارة واحدة.
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن مثل ذلك.

(98/11)


قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا، قال الله تعالى في كفارة المتظاهر: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [(3) سورة المجادلة] {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [(4) سورة المجادلة].
قال مالك في الرجل يتظاهر من امرأته في مجالس متفرقة، قال: ليس عليه إلا كفارة واحدة، فإن تظاهر ثم كفر، ثم تظاهر بعد أن يكفر، فعليه الكفارة أيضاً.
قال مالك: من تظاهر من امرأته ثم مسها قبل أن يكفر ليس عليه إلا كفارة واحدة، ويكف عنها حتى يكفر، وليستغفر الله، وذلك أحسن ما سمعت.
قال مالك: والظهار من ذوات المحارم من الرضاعة والنسب سواء.
قال مالك: وليس على النساء ظهار.
قال مالك في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [(3) سورة المجادلة] قال: سمعت أن تفسير ذلك أن يتظاهر الرجل من امرأته، ثم يجمع على إمساكها، وإصابتها، فإن أجمع على ذلك فقد وجبت عليه الكفارة، وإن طلقها ولم يجمع بعد تظاهره منها على إمساكها وإصابتها فلا كفارة عليه.
قال مالك: فإن تزوجها بعد ذلك لم يمسها حتى يكفر كفارة المتظاهر.
قال مالك في الرجل يتظاهر من أمته: إنه إن أراد أن يصيبها فعليه كفارة الظهار قبل أن يطأها.
قال مالك: لا يدخل على الرجل إيلاء في تظاهره، إلا أن يكون مضاراً لا يريد أن يفيء من تظاهره.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أنه سمع رجلاً يسأل عروة بن الزبير عن رجل قال لامرأته: كل امرأة أنكحها عليك ما عشت فهي علي كظهر أمي، فقال عروة بن الزبير: يجزيه عن ذلك عتق رقبة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ظهار الحر

(98/12)


الظهار هو تشبيه الزوجة بظهر أمه، أو بأمه، أو بأي عضو ممن يحرم عليه تحريماً مؤبداً، وهو محرم، وهو منكر من القول وزور، لا يجوز، لكن إذا حصل فالكفارة، كفارة الظهار منصوص عليها في سورة المجادلة من القرآن الكريم، عتق رقبة من قبل أن يتماسا، أو صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، إن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وفي حكمه من جامع زوجته في نهار رمضان، عليه كفارة ظهار.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن سعيد بن عمرو بن سليم الزرقي أنه سأل القاسم بن محمد عن رجل طلق امرأته إن هو تزوجها" طلق امرأة إن تزوجها، يعني طلق قبل، قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق "فقال القاسم بن محمد: إن رجلاً جعل امرأة عليه كظهر أمه إن هو تزوجها، فأمره عمر إن هو تزوجها أن لا يقربها حتى يكفر كفارة المتظاهر" يعني الظهار أوقعه عمر قبل الزواج، فهل يقع الطلاق قبل الزواج أو لا يقع؟ الآن سعيد بن عمرو بن سليم الزرقي سأل القاسم بن محمد، وهو من الفقهاء السبعة، عن رجل طلق امرأة إن هو تزوجها، يقع الطلاق أو لا يقع؟ فأجاب القاسم بإيقاع عمر الظهار قبل الزواج، فهذا دليل على أنه يقع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو الآن جعل القاسم بن محمد دليله على الوقوع إيقاع عمر الظهار وهو أشد، فسأل القاسم بن محمد عن رجل طلق امرأة إن هو تزوجها، فقال القاسم بن محمد: إن رجلاً جعل امرأة عليه كظهر أمه إن هو تزوجها، فأمره عمر بن الخطاب إن هو تزوجها أن لا يقربها حتى يكفر كفارة المتظاهر.
فاستدل بفعل عمر على الإيقاع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش الفرق؟ هو إذا لم نوقع الطلاق وقلنا: إنه أوقعه على غير محل قابل فالظهار مثله، منكر، إما يستغفر ويتوب ويعزر، لكن ما له علاقة بامرأة لا سلطان له عليها، إذا أردنا أن لا نوقع الطلاق فلا نوقع الظهار، وإن أوقعنا الظهار أوقعنا الطلاق، المسألة واحدة، ولذلك القاسم لما سئل عن الطلاق أجاب بإيقاع عمر الظهار، فيرى أنه يقع.

(98/13)


الأصل أن المسألتين، سواءً كانت في الطلاق أو في الظهار، وقعتا على محل غير قابل، يعني أنت افترض أن شخصاً طلق امرأته طلقة واحدة، فلما انقضت عدتها طلقها ثانية، يقع وإلا ما يقع؟ ما يقع ليست بزوجة له، وهذا بعد الانفصال، يعني بعد تمام العدة لا يقع، إذن قبل العقد يقع وإلا ما يقع؟ مقتضى ذلك أنه لا يقع؛ لأنه لم يقع على محل قابل، كتطليقه امرأة الجيران، أم الجيران ما يقع، المحل غير قابل، ليس في عصمته ولا في ملكه، لكن القاسم بن محمد يرى أنه يقع، واستدل بإيقاع عمر -رضي الله تعالى عنه- الظهار قبل النكاح.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً سأل القاسم بن محمد وسليمان بن يسار عن رجل تظاهر من امرأته قبل أن ينكحها فقالا: إن نكحها فلا يمسها حتى يكفر كفارة المتظاهر" وهذا يدل على إيقاع الظهار قبل الزواج.
قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل تظاهر".
سليمان بن يسار أيضاً من الفقهاء السبعة، عروة بن الزبير أيضاً من الفقهاء السبعة "أنه قال في رجل تظاهر من أربعة نسوة له بكلمة واحدة: إنه ليس عليه إلا كفارة واحدة" باعتبار أن اللفظ واحد، والكفارات تتداخل، لكن لو أوقع الطلاق على الأربع، يقع على واحدة وإلا يقع على الجميع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لو قال: نساءه الأربع طوالق، أو قال: نساءه الأربع عليه كظهر أمه، الطلاق يقع على الأربع وإلا لا؟ يقع على الأربع، لماذا الظهار ما وقع إلا واحد؟ ليست عليه إلا كفارة واحدة؟ الكفارات تتداخل، لكن الطلاق ما يتداخل.
ثم بعد ذلك قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن مثل ذلك".
"قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا، قال الله تعالى في كفارة المتظاهر: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [(3) سورة المجادلة] {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [(4) سورة المجادلة] ".

(98/14)


"قال مالك في الرجل يتظاهر من امرأته في مجالس متفرقة، قال: ليس عليه إلا كفارة واحدة" لماذا؟ لأنه لم يكفر عن الأولى، فدخلت الثانية في الأولى "فإن تظاهر ثم كفر، ثم تظاهر بعد أن يكفر، فعليه الكفارة أيضاً" عليه كفارة ثانية لعدم التداخل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف هذا التداخل في ... ، وقاعدة التداخل في غاية الأهمية، وفصلها بتفصيل واضح بالأمثلة ابن رجب في قواعده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عاد يقولون: إذا اختلف السبب، إذا اختلف الباعث لا تتداخل، يعني لو ظاهر، ووطئ في نهار رمضان، نقول تتداخل؟ ما تتداخل، كما لو حلف على شيء ثم حلف على غيره، لكن لو حلف عليه بنفسه مرة ثانية تتداخل، حلف على غيره صار المثير والباعث غيره لا تتداخل.
"قال مالك: ومن تظاهر من امرأته ثم مسها قبل أن يكفر ليس عليه إلا كفارة واحدة" اللي هي كفارة الظهار، وكونه مسها قبل أن ... ، أو قبل أن يكفر؛ لأنه مشترط في آية الظهار {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [(3) سورة المجادلة] لكنه مسها قبل أن يكفر، هل نقول: إن عليه كفارة للظهار الأول، وكفارة للمسيس قبل أن يكفر؟ لا، إنما وطئه إياها قبل الكفارة معصية، يذهب أثرها بالتوبة "ليس عليه إلا كفارة واحدة، ويكف عنها حتى يكفر، وليستغفر الله، وذلك أحسن ما سمعت".
"قال مالك: والظهار من ذوات المحارم من الرضاعة والنسب سواء" الظهار من ذوات المحارم، الأصل أن الظهار من الزوجات، كيف قال: من ذوات المحارم؟ يعني التشبيه بذوات المحارم لا يختلف، إذا كان التحريم مؤبد لا يختلف سواءً كان من رضاعة أو نسب على حد سواء.
"قال مالك: وليس على النساء ظهار" يعني لو قالت المرأة لزوجها: أنت علي كظهر أمي، أو أنت طالق، أو ما أشبه ذلك لغو؛ لأنها تصرفت فيما لا تملك.

(98/15)


"قال مالك في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [(3) سورة المجادلة] يظاهرون ما قال: يظاهرن "قال: سمعت أن تفسير ذلك أن يتظاهر الرجل من امرأته، ثم يجمع على إمساكها وإصابتها، فإن أجمع على ذلك فقد وجبت عليه الكفارة، وإن طلقها ولم يجمع بعد تظاهره منها على إمساكها وإصابتها فلا كفارة عليه" يعني هل الكفارة، لزوم الكفارة بإجماعه على مراجعتها، نعم؟ هذا على كلامه إن أجمع وعزم على مراجعتها تلزمه الكفارة، طيب أجمع ثم رجع، عزم على مراجعتها ثم ما وجد كفارة مثلاً، أو قال: ما تسوى من يكفر، تلزمه الكفارة أو لا تلزمه؟ على كلام مالك تلزم، بمجرد عزمه على ارتجاعها.
"ولم يجمع بعد تظاهره منها على إمساكها وإصابتها فلا كفارة عليه".
"قال مالك: فإن تزوجها بعد ذلك لم يمسها حتى يكفر كفارة المتظاهر" لأن الظهار ما زال منعقداً، لا يحله إلا الكفارة.
"قال مالك في الرجل يتظاهر من أمته: إنه إن أراد أن يصيبها فعليه كفارة الظهار قبل أن يطأها" يعني إذا حرم زوجته كظهر أمه، لكن لو حرمها بمجرد تحريم، قال: وطئها علي حرام، إذا قال: هي كظهر أمي، أو كأمي، أو كأختي، أو ما أشبه ذلك، ظهار، لكن إذا قال: هي عليه حرام "فإن كان قد نوى الظهار فهو ظهار، وإن كان قد نوى الطلاق فهو طلاق، وإن لم ينو شيئاً فيمين" كفارة يمين.
"قال مالك: لا يدخل على الرجل إيلاء في تظاهره، إلا أن يكون مضاراً لا يريد أن يفيء من تظاهره" هذا الرجل ظاهر من زوجته، ثم آلى أن لا يطأها أربعة أشهر، الآن هي في حكم المحرمة، حتى يكفر، فهل يقع هذا الإيلاء أو لا يقع؟ يعني هل هذا الإيلاء أصاب محلاً؟ أو أصاب امرأة تحرم عليه حتى يكفر؟ ولذلك قال: "لا يدخل على الرجل إيلاء في تظاهره إلا أن يكون مضاراً لا يريد أن يفيء من تظاهره" فيعاقب حينئذٍ بنقيض قصده.

(98/16)


"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أنه سمع رجلاً يسأل عروة بن الزبير عن رجل قال لامرأته: كل امرأة أنكحها عليك ما عشت فهي علي كظهر أمي، فقال عروة بن الزبير: يجزيه عن ذلك عتق رقبة" عتق رقبة، طيب هو كل امرأة، مقتضى اللفظ أنه كل امرأة يريد أن يتزوجها يكفر كفارة ظهار ثم يتزوجها، ثم إن احتاج إلى ثانية يكفر كفارة ظهار ثم يتزوج، ثم احتاج إلى ثالثة هكذا؛ لأنه قال: "كل امرأة أنكحها عليك ما عشت فهي علي كظهر أمي، فقال عروة بن الزبير: يجزيه عن ذلك عتق رقبة" كما لو ظاهر من نسائه الأربع بلفظ واحد، تتداخل هذه الكفارات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في أثناء الصيام في النهار وإلا في الليل؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إن كان في النهار انقطع التتابع فيستأنف، إن كان في الليل عليه أن يستغفر كما لو وطئها قبل أن يبدأ بالصيام.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، التوبة لازمة على كل حال؛ لأنه منكر من القول وزور، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ظهار العبيد
حدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن ظهار العبد فقال: نحو ظهار الحر.
قال مالك: يريد أنه يقع عليه كما يقع على الحر.
قال مالك: وظهار العبد عليه واجب، وصيام العبد في الظهار شهران.
قال مالك في العبد يتظاهر من امرأته: إنه لا يدخل عليه إيلاء، وذلك أنه لو ذهب يصوم صيام كفارة المتظاهر دخل عليه طلاق الإيلاء قبل أن يفرغ من صيامه.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ظهار العبيد
"حدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن ظهار العبد فقال: نحو ظهار الحر" نحو يعني قريب منه، وإلا لو قال: مثل ظهار الحر طابقه مطابقة تامة.
"قال مالك: يريد أنه يقع عليه كما يقع على الحر" يعني مثله من هذه الحيثية.
"قال مالك: وظهار العبد عليه واجب، وصيام العبد في الظهار شهران"
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما نصف، لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
وأيضاً العبادات يتساوى فيها الأحرار والعبيد، بخلاف التبعات المالية والعقوبات، أما العبادات يشترك فيها الأحرار والعبيد، ما في فرق؛ لأن القدرة واحدة.

(98/17)


"قال مالك في العبد يتظاهر من امرأته: إنه لا يدخل عليه إيلاء، وذلك أنه لو ذهب يصوم صيام كفارة المتظاهر" شهرين "دخل عليه طلاق الإيلاء" لأن إيلاءه شهران ما هو بأربعة أشهر مثل الحر، إذا ذهب يصوم الشهرين وقع الإيلاء عليه لأن إيلاءه شهران.
"قال مالك في العبد يتظاهر من امرأته: إنه لا يدخل عليه إيلاء، وذلك أنه لو ذهب يصوم صيام كفارة المتظاهر دخل عليه طلاق الإيلاء قبل أن يفرغ من صيامه" نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الخيار
حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: كان في بريرة ثلاث سنن: فكانت إحدى السنن الثلاث أنها أعتقت فخيرت في زوجها، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الولاء لمن أعتق))، ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والبرمة تفور بلحم فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألم أر البرمة فيها لحم؟ )) فقالوا: بلى يا رسول الله، ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هو عليها صدقة، وهو لنا هدية)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول في الأمة تكون تحت العبد فتعتق: إن الأمة لها الخيار ما لم يمسها.
قال مالك: وإن مسها زوجها فزعمت أنها جهلت أن لها الخيار فإنها تتهم، ولا تصدق بما ادعت من الجهالة، ولا خيار لها بعد أن يمسها.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن مولاة لبني عُدي يقال لها: زبراء أخبرته أنها كانت ...
لبني عَدي.
أحسن الله إليك
أن مولاة لبني عَدي يقال لها: زبراء أخبرته أنها كانت تحت عبد، وهي أمة يومئذٍ فعتقت، قالت: فأرسلت إلي حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعتني، فقالت: إني مخبرتك خبراً، ولا أحب أن تصنعي شيئاً، إن أمرك بيدك ما لم يمسسك زوجك، فإن مسك فليس لك من الأمر شيء، قالت: فقلت: هو الطلاق ثم الطلاق ثم الطلاق، ففارقته ثلاثاً.

(98/18)


وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال: "أيما رجل تزوج امرأة وبه جنون أو ضرر فإنها تخير، فإن شاءت قرت، وإن شاءت فارقت".
قال مالك في الأمة تكون تحت العبد ثم تعتق قبل أن يدخل بها أو يمسها: إنها إن اختارت نفسها فلا صداق لها، وهي تطليقة، وذلك الأمر عندنا.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه سمعه يقول: إذا خير الرجل امرأته فاختارته فليس ذلك بطلاق.
قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت.
قال مالك في المخيرة: إذا خيرها زوجها فاختارت نفسها فقد طلقت ثلاثاً، وإن قال زوجها: لم أخيرك إلا واحدة فليس له ذلك، وذلك أحسن ما سمعته.
قال مالك: وإن خيرها فقالت: قد قبلت واحدة، وقال: لم أرد هذا، وإنما خيرتك في الثلاث جميعاً أنها إن لم تقبل إلا واحدة أقامت عنده على نكاحها، ولم يكن ذلك فراقاً -إن شاء الله تعالى-.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الخيار
الخيار اختيار الاستمرار أو الفسخ من الزوج أو من الزوجة، وذلك عند حصول شيء مؤثر في النكاح، إما اختلاف في الكفاءة، كما لو عتقت الأمة، وهي تحت عبد، أو لوجود عيب مؤثر في الزوج أو في الزوجة.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان في بريرة ثلاث سنن" بريرة التي اشترتها عائشة وأعتقتها -رضي الله عنها وأرضاها-، في قصة طويلة مذكورة في الصحاح والسنن وغيرها.

(98/19)


"قالت: كان في بريرة ثلاث سنن، فكانت إحدى السنن الثلاث" يعني اقتصر من الحديث وهو طويل على ما يحتاج إليه في الخيار "فكانت إحدى السنن الثلاث أنها أعتقت فخيرت في زوجها" كان زوجها اسمه مغيث، وهو عبد في أكثر الروايات، وفي قول الجمهور، جاء ما يدل على أنه حر، ولذا يختار الحنفية أنه ليس لها الخيار، لكن هي خيرت على كل حال، وزوجها عبد في القول الراجح، واسمه مغيث، وكان يتابعها ويجري وراءها في سكك المدينة يبكي يريدها وهي لا تريده، فشفع النبي -عليه الصلاة والسلام- لديها، فقال لها ... ، طلب منها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تبقى معه، قالت: هو أمر؟ قال: ((لا، أنا شافع)) قالت: لا حاجة لي به، خيرت في زوجها؛ لأن الكفاءة كانت موجودة، ثم بعد ذلك ارتفعت هذه الكفاءة، فالحرة لا ينكحها العبد، وكانا متكافئين، ثم ارتفعت هذه الكفاءة فثبت خيارها.
"وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الولاء لمن أعتق)) " في قصة إرادة أهلها مكاتبتها، أرادوا مكاتبتها ويكون الولاء لهم، ثم قالت عائشة: إن شئت أن أعدها لهم والولاء لي، ذهبت إليهم فرفضوا، والحديث معروف، قال: ((اشتريها واشترطي لهم الولاء، فإن الولاء لمن أعتق)).
"ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والبرمة تفور" القدر يفور بلحم فوق النار "فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألم أر برمة فيها لحم؟ )) " النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى البرمة، ورأى فيها لحم، لماذا يعطى خبز وأدم واللحم موجود؟

(98/20)


"فقالوا: بلى يا رسول الله، ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هو عليها صدقة، وهو لنا هدية)) " معنى أن الفقير إذا ملك الصدقة يتصرف فيها كيفما شاء، يملكها ملكاً تاماً مستقراً يهدي منها، لماذا لا يقال: إن الفقير لا يجوز له أن يأخذ من الصدقة أكثر من حاجته؟ لأنه إذا أخذ أكثر من حاجته فما يحتاجه حكمه الصدقة، وما زاد على حاجته حكمه حكم الأغنياء، واضح وإلا ما هو بواضح؟ يعني هل للفقير الذي يأخذ الصدقة أن يتصدق؟ ومن باب الاستطراد هل للمدين أن يتصدق؟ يعني ما جرت العادة بالتعافي فيه بين الناس، يعني يأخذ الزكوات ما يكفيه لمدة سنة، يأخذ ألوف، وإذا وجد فقير أعطاه ريال، أو ريالين أو خمسة، هذه ما تضر، ما تؤثر، كما أن المدين له أن يتصدق بهذا الحدود فيما لا يؤثر على الديون، كما قرر ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله-.
((هو عليها صدقة، ولنا هدية)) شخص أصهاره فقراء فيعطيهم من زكاته، فإذا ذهب أولاده إلى أهليهم زوجته وأولادها يأكلون أو يمتنعون؟ يأكلون، هو للفقراء صدقة، ولهؤلاء هدية، ما لم يكن ذلك حيلة؛ لأنه ممكن أن يعطيهم مصروف كامل من زكاته، يعطيهم خمسة آلاف شهرياً أصهاره، ثم بعد ذلك يقول: أنا ما علي منكم، يقول لزوجته وأولاده: يا الله اذهبوا إلى أهليكم، كل يوم تغدوا وتعشوا عندهم، بهذا يقي ماله بهذه الصدقة، وإلا كونهم يعطيهم من غير استصحاب لهذا، ومن غير اعتبار له في نفسه، ثم إذا ذهبوا وأكلوا حسب ما اتفق هذا لا يضر، هو عليهم صدقة، وله هدية، وهذا يحصل كثير، يكون الأصهار فقراء، إما أن يدفع لهم من زكاته أو من زكاة غيره، يتسبب لهم، ثم بعد ذلك أولاده يذهبون إلى هؤلاء الذين يأكلون من الصدقات، هل نقول: إن أولاد هذا الغني يأكلون صدقة، أو أن هذا تحايل لإسقاط زكاته، أو إسقاط النفقة عنه؟ الأمور بمقاصدها، فإن قصد ذلك منع، وإن لم يقصد جاز، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(98/21)


الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، والخلاف في الآل الذين تحرم عليهم الزكاة، هل يدخل فيهم أزواجه؟ أو أنه خاص ببني هاشم وبني المطلب؟ هذه مسألة خلافية، وأولى الناس به وآل البيت المنصوص عليهم في القرآن الأزواج.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول في الأمة تكون تحت العبد فتعتق: إن الأمة لها الخيار ما لم يمسها" فإذا مسها فقد أبطلت حقها في الخيار، طيب جهلت ما تدري أن لها خيار، فمكنته من نفسها، يسقط حقها أو لا يسقط؟ يعني مثلما قلنا سابقاً في إيش؟ يعني مثل الشفعة، وذكرنا في درسنا قبل أيام في مسألة إذا أجبرها أبوها بالزواج، ومكنت الزوج هل لها خيار أو ليس لها خيار؟ هنا إن مسها زوجها فزعمت أنها جهلت أن لها الخيار فإنها تتهم ولا تصدق بما ادعته من الجهالة، ولا خيار لها بعد أن يمسها، لكن إن كانت جاهلة، وقبل قولها مع يمينها فهذا هو الأظهر -إن شاء الله تعالى-.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن مولاة لبني عَدي يقال لها: زبراء أخبرته أنها كانت تحت عبد، وهي أمة يومئذٍ فعتقت، قالت: فأرسلت إلي" يعني ما هي السائلة ابتداءً "أرسلت إلي حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعتني، فقالت: إني مخبرتك خبراً، ولا أحب أن تصنعي شيئاً، إن أمرك بيدك ما لم يمسسك زوجك" هذا التصرف من حفصة -رضي الله عنها- هل هو إصلاح وإلا إفساد؟ ننظر إلى المسألة أن فيها مصلحة لطرف ومفسدة ومضرة لطرف، يعني هذا الأمر اشتمل على مصلحة ومفسدة، وكثير من الناس في هذه المواقف يعني من أهل التحري يقول: تعبر أموره وما علي منهم؛ لأني إن نفعت المرأة ضررت الرجل.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن مع ذلك يجوز لها البقاء، وهي زوجته من قديم، ولا يلزمها أن تفارق، نعم؟
طالب: ....

(98/22)


لا، هو المسألة مسألة بيان حكم شرعي، يعني إذا لحظ فيها البيان، وأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فالشرع مقدم على مصلحة كل أحد، يعني بيان الحكم الشرعي مقدم على مصلحة كل أحد، ولذلك المفتي يفتي، ولو كان على نفسه، أو على ولده ضرر من هذه الفتوى، والقاضي يقضي ولو كان على نفسه أو على ولده ضرر من هذا القضاء، فبيان الحكم الشرعي يقدم على كل أحد، وهي أرادت أن تبين الحكم الشرعي.
"قالت: فأرسلت إلي حفصة زوج النبي -عليه الصلاة والسلام-" ولو قلنا بهذا أنها تسكت، لقلنا: لماذا لم يسكت النبي -عليه الصلاة والسلام- عن بريرة حينما خيرها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن هذا بيان للحكم الشرعي كما حصل منه -عليه الصلاة والسلام- لبريرة.
"قالت: فأرسلت إلي حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعتني، فقالت: إني مخبرتك خبراً، ولا أحب أن تصنعي شيئاً" يعني ما أحب أن تفعلي الأثر المترتب على هذا الخبر "ولا أحب أن تصنعي شيئاً، إن أمرك بيدك" ما هذا الخبر؟ الخبر "إن أمرك بيدك، ما لم يمسسك زوجك، فإن مسك فليس لك من الأمر شيء، قالت: فقلت: هو الطلاق ثم الطلاق ثم الطلاق، ففارقته ثلاثاً" يعني مثل هذه ترغب في البقاء؟ وهل عدم الرغبة في البقاء لأنها متضررة متضايقة من البقاء معه، أو لأنها تريد الكمال؟ حرة تريد حر؛ لأن منافع العبد لسيده مملوكة لسيدة، فكونه زوج، لا شك أن زوجته متضررة، لكن إذا كان حراً يملك منافعه، فالمرأة مستفيدة، فلا تلام إذا طلبت الفراق مثل بريرة، أو مثل زبراء.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال: "أيما رجل تزوج امرأة وبه جنون أو ضرر فإنها تخير" كما أنه لو بانت بها جنون أو ضرر فإنها تخير، أيضاً هو يخير إذا بان بها شيء، إذا بان بها عيب من جنس هذا فإنه يخير، وهي كذلك تخير "فإن شاءت قرت" يعني إذا قبلت، قالت: لا مانع، أنا أستمر وهو مجنون، لا مانع، أنا أستمر وهو مريض "فإن شاءت قرت، وإن شاءت فارقت" لأن الأمر لا يعدوها؛ والأمر إليها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(98/23)


ما هو بالقصد، ما هو بالخيار لها إذا كانت مجنونة، الخيار لزوجها، وإذا كان هو مجنون الخيار لها وهي عاقلة، ما له علاقة وليها، خيارها متى؟
طالب:. . . . . . . . .
خيارها إذا كانت عاقلة وزوجها المجنون، كما أن الخيار له إذا كان عاقلاً والزوجة مجنونة، يعني المخير الطرف السليم، ما هو بالطرف المعيب، الطرف المعيب هو الحكم بصدده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان يخاف عليها من ضرر متعدٍ مما تجهله، إذا كانت تجهل أمرها فله أن يتدخل، لكن إذا قالت: أنا أعرفه معرفة بينة وواضحة، وأنا لا أريد إلا هو، قال: شأنك به، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الذي عقد، لكن أحياناً بعض الناس إذا قيل له: لا تتكلم بكلمة، تحضر العقد وإذا قيل لك قل: قبلت، يلقن هذه الكلمة، ولا يتكلم بغيرها، قد يمضي العقد؛ لأن المدة يسيرة إلا أنه في الغالب لا بد أن يخرج منه شيء، إن كان مجنون في الغالب، لكن لو افترضنا أنه مشت أموره، ولا عرفوه إلا بعد الدخول، يكون له الخيار، على كل حال هناك قصص كثيرة من هذا النوع، وقد يكون به عيب، يكون ظاهر، إن شاء أظهره، وإن شاء أخفاه، يكون العيب في وجهه، فيستطيع إخفاءه على مشقة، يعني فيه مثلاً في أجفانه برص، البرص عيب عندهم، يقول: إنه ما أغمض عينيه مدة البقاء إلى أن خرج، هذا غاش وإلا غير غاش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، يلزمه إخبارهم، فمثل هذا إذا قيل له: لا تتكلم هذا غش، يثبت لهم به الخيار، بخلاف ما لو علموا أنه مجنون من الأصل، وقبلوه لا خيار لأحد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو مبين عند أهل العلم، أما ما يتعلق بما يمنع من العشرة، أو كان مرضاً بيناً مؤثراً، أو خللاً في العقل سواءً كان مطبقاً أو متقطعاً كل هذه عيوب ترد، ويرد بها، وكذلك العيوب المتعلقة بالمرأة، في عيوب مشتركة، وفي عيوب تختص بالرجال، وعيوب تختص بالنساء مفصلة في كتب الفقه.
طالب:. . . . . . . . .
بدين جداً ورأوه، وقبلوه ما في إشكال، المقصود ما رأوه ولا بُين، فإن كان عليها خطر من معاشرته لها الخيار، أما كونه تحتاج رجل رشيق وإلا ما أدري إيش؟ ما يكفي هذا، أو العكس، لكن المقصود أن العيوب المؤثرة.

(98/24)


على كل حال المرأة لها نصيب من زوجها، ولها حق الاستمتاع به، فإن وجد ما يمنع أو يقلل من ذلك يمنع، لها الخيار والعكس.
"قال مالك في الأمة تكون تحت العبد ثم تعتق قبل أن يدخل بها أو يمسها: إنها إن اختارت نفسها فلا صداق لها" قبل أن يدخل بها يعني بعد العقد، تعتق بعد العقد وقبل الدخول، قبل أن يدخل بها أو يمسها، إنها إن اختارت نفسها فلا صداق لها؛ لأن الطلاق وقع من قبلها، لكن لو كان من قبله لزم نصف المهر "فلا صداق لها، وهي تطليقة، وذلك الأمر عندنا" وهي تطليقه قبل الدخول تبين بها.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه سمعه يقول: إذا خير الرجل امرأته فاختارته فليس بطلاق" إذا قال: أنت بالخيار إن شئت أن تبقي على هذا الوضع، وإن شئت أن تذهبي إلى أهلك فالأمر إليك، فاختارت البقاء ما حصل شيء، من أين أتت الشبهة بحيث تبحث هذه المسألة؟ أنه جعل الأمر بيدها، وخفف العقد بالخيار، يعني العقد المبرم بقوة يخف إذا خير الرجل امرأته، لكن لا يثبت حكمه باعتبار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خير نساءه، ولم يحتسب ذلك طلاق.
"قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت".
"قال مالك في المخيرة إذا خيرها زوجها فاختارت نفسها: فقد طلقت ثلاثاً، وإن قال زوجها: لم أخيرك إلا واحدة فليس له ذلك، وذلك أحسن ما سمعته" لماذا تكون ثلاث؟ ألا يمكن أن تختار نفسها بواحدة؟ لا يمكن لماذا؟ لأنه يملك رجعتها، بالواحدة يملك رجعتها إذا ما تم خيارها.
يقول: "قال مالك في المخيرة إذا خيرها زوجها فاختارت نفسها: فقد طلقت ثلاثاً" لأنها لو حسبت واحدة لما كان لاختيارها أثر؛ لأنه يملك رجعتها، والمسألة مفترضة في أنه يملكها أمرها، بحيث يفلته من نفسه، ولا يتم ذلك إلا إذا كان بالثلاث، قال: "وإن قال زوجها: لم أخيرك إلا واحدة، فليس له ذلك، وذلك أحسن ما سمعته"

(98/25)


ثم قال: "قال مالك: وإن خيرها فقالت: قد قبلت واحدة، وقال: لم أرد هذا وإنما خيرتك في الثلاث جميعاً: إنها إن لم تقبل إلا واحدة أقامت عنده على نكاحها ولم يكن ذلك فراقاً -إن شاء الله تعالى-" لم تقبل إلا واحدة فكأنها يعني إذا خيرها ثلاثاً فقالت: ما أبي إلا واحدة، كأنها اختارته، لما اختارت الطلاق الرجعي كأنها اختارت البقاء عنده؛ لأن الرجعية في حكم الزوجة، فلم يقع بذلك طلاق، ما يقع ألبتة، لا واحدة ولا ثلاث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مثله، لكن هذا ما اختارت نفسها، إذا اختارت واحدة فمعناه أنها اختارت زوجها، ولم تختر نفسها؛ لأن الرجعية حكمها حكم الزوجة.
طالب:. . . . . . . . .
هذه كناية ذي، كناية، تحتاج إلى نية.
يقول: إذا طلق زوجته طلاقاً رجعياً وهي في العدة التي ظاهرها، وانتهت العدة ولم يراجعها؟
إذا انتهت العدة لا ترجع إليه إلا بنكاح جديد بعد أن يكفر عن كفارة الظهار.
يقول: ما العمل إذا قام المتزوج بالدخول على النساء للزفة، وقد تغطى النساء؟
لا، يمنع من دخوله على النساء.
يقول: لم يفرق النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أبي طالب وهو مشرك، وبين زوجته فاطمة بنت أسد -رضي الله عنها- وهي مسلمة، فكيف يجاب عن ذلك؟
هذا قبل تحريم المشركين على المسلمات.
يقول: من شباب المسلمين من يذهب إلى خارج البلاد للسياحة، ثم يتزوج زواج بنية الطلاق، فما حكم هذا الطلاق مع العلم أنه سافر من أجل أن يتزوج زواج؟
صحيح إذا لم يكن الطرف الثاني عنده خبر، ما لم يدخل في المتعة.
طالب:. . . . . . . . .
ما أدري والله.
هذا يقول: أزعجونا النائمين.
أولاً: على لغة البراغيث، ونصب الفاعل، إلا إن كان مراده أزعجونا أعني النائمين، أزعجونا ما فيها إشكال، الآن صحيحة، أعني النائمين تفسير للواو، للفاعل.
نريد كلمة في رفع الهمة والصبر والتحمل على طلب العلم.
أنا الآن ما رأيت أحداً في هذا الدرس ما في أحد، يمكن درس الفجر، نعم.
إذا لم تعلم الأمة إلا بعد الإمساس فهل لها الخيار في طلب الطلاق؟
هذا الذي ذكره الإمام مالك أنها إذا مكنته وادعت الجهل أنه لا يقبل قولها، مع أن الأحكام الشرعية لا تثبت إلا بالعلم.

(98/26)


منعت زوجتي من حضور زواج، لكن أمي رفضت هذا المنع، وأمرتني بأن أسمح لزوجتي بالحضور لهذا الزوج، ولا ندري هل هذا الزواج فيه منكرات أم لا؟
على حسب غلبة الظن، إن كان يغلب على ظنك وجود منكرات فلك المنع، بل يلزمك المنع، وإن كان الذي يغلب على ظنك عدم وجودها ثم وجدت فلا يلزمك المنع في هذه الحالة.
يقول: في مناسبات الزواج أهل المتزوج يحضرون إلى قصر الأفراح من العصر لترتيب احتياج الزواج.
أظن أهل المرأة، المرأة ما هو بأهل الزوج، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أهل الزوج هم اللي يحضرون القصر من العصر؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يقول بهذا أحد أبد، لا العكس، أهل المرأة هم اللي يحضرون وهي معهم، ويستعدون ويعدونها، يعني المرأة هي اللي تزف على الرجل؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما ندري، لكن أنا ما سمعت في هذا.
على كل حال إذا دعت الحالة إلى أن يذهبوا إلى القصر قبل وقت الزفاف، وليس عندهم ما يمكنهم من الاستعداد للزفاف من العصر فلهم أن يغيروا ملابسهم كما لو ذهبوا إلى بلد آخر، أو ذهبوا إلى استراحة لمتعة ونزهة، أو زاروا أقاربهم في مكان آمن، واحتاجوا إلى التغيير، وأما ما جاء من منع المرأة من أن تخلع ثيابها في غير بيتها، فالمراد به بحيث يراها غيرها، أو هو من باب سد الذرائع الموصلة إلى التكشف والفساد.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"قال مالك: وإن مسها زوجها فزعمت أنها جهلت أن لها الخيار فإنها تتهم، ولا تصدق بما ادعت من الجهالة، ولا خيار لها بعد أن يمسها" ....

(98/27)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب النكاح والطلاق (6)
باب: ما جاء في الخلع - باب: طلاق المختلعة - باب: ما جاء في اللعان - باب: ميراث ولد الملاعنة - باب: طلاق البكر - باب: طلاق المريض.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: إذا ظاهر الرجل زوجته الأولى، وقال لها: أنت علي كظهر زوجتي الثانية، وصادف أن زوجته الثانية حائض، فما الحكم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: إذا ظاهر الرجل زوجته الأولى، وقال لها: أنت علي كظهر زوجتي الثانية، وصادف قوله هذا حيضها، فما الحكم؟
يعني لو قال لزوجته: أنت علي كظهر أختك، ظهار وإلا ما هو بظهار؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
أختها هي.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
أخت زوجته.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش يصير ظهار وإلا ما هو بظهار، ظهار وإلا ما هو ... ؟ كظهر أختها هي، يعني أختها حرمة مؤبدة وإلا مؤقتة؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا ليس بظهار.
يقول: هل الدروس كلها في تفسير الجلالين؟
نعم الدروس المعلن عنها في التفسير من تفسير الجلالين.
يقول: وهل سبق أن فسرتم سورة ق؟
نعم فسرنا سورة ق والحجرات قبلها.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين يا رب العالمين.

باب: ما جاء في الخلع

(99/1)


حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصاري أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من هذه؟ )) فقالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله، قال: ((ما شأنك؟ )) قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس، لزوجها، فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر)) فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لثابت بن قيس: ((خذ منها)) فأخذ منها، وجلست في بيت أهلها.
وحدثني عن مالك عن نافع عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد أنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها، فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
قال مالك في المفتدية التي تفتدي من زوجها: إنه إذا علم أن زوجها أضر بها، وضيق عليها، وعلم أنه ظالم لها، مضى الطلاق، ورد عليها مالها.
قال: فهذا الذي كنت أسمع، والذي عليه أمر الناس عندنا.
قال مالك: لا بأس بأن تفتدي المرأة من زوجها بأكثر مما أعطاها.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الخلع
الخُلع والخَلع كلاهما مصدر لخلع إذا نزع، والتفريق بينهما من أجل التفريق بين فراق الزوجة على مال، الذي هو الخُلع بالضم، وبين خلع الثوب ونحوه، ونزعه، التفريق من أجل أن يكون لكل حقيقة لفظ، كما في الغَسل والغُسل، الغُسل: تعميم البدن بالماء، لكنه غَسل أيضاً، وغَسل بعض البدن غُسل له، التفريق من أجل أن يكون لكل حقيقة لفظ مستقل، لتتميز الحقائق بعضها عن بعض.

(99/2)


قال -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصاري" حبيبة بنت سهل الأنصاري كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس الخطيب المعروف، خطيب النبي -عليه الصلاة والسلام-، شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- بالجنة؛ لأنه لما نزل قول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [(2) سورة الحجرات] قال: أنا أرفع صوتي فوق صوت النبي؛ لأنه خطيب، والخطابة تقتضي ذلك، فقال: إنه حبط عمله، وجلس في بيته فقده النبي -عليه الصلاة والسلام- فسأل عنه، فأتي بالخبر أن هذا سبب اعتزاله، قال: ليس الأمر كما قال، بل هو في الجنة، هو مبشر بالجنة.
وزوجته قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس، والسبب في ذلك أن في خلقته دمامة، وقد أقبل في عدة، لما رفعت الخباء، وجدته أقلهم شكلاً، فما أطاقت البقاء معه، وخشيت الكفر بعد الإسلام، خشيت أن تكفر، وتجحد حقه عليها، فاختلعت منه، وهذا يدل على أن صفاء العيش في هذه الدنيا، قد لا يكون دليلاً على السعادة الأبدية، كما أن العكس بالعكس، يعني عدم الصفاء لا يدل على الشقاء الأبدي، فهذه امرأته اختلعت منه، أقرب الناس إليه، والأصل أن الله -جل وعلا- يجعل بين الزوجين مودة ورحمة، وهذا الرجل الفاضل الذي شهد له بالجنة امرأته ما أطاقت البقاء معه.

(99/3)


"إنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصاري أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى الصبح" خرج إلى صلاة الصبح "فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس" يعني في الظلام "فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من هذه؟ )) " قال لها: من أنتِ؟ هذا الأصل، أو قال: من هذه لغيرها، المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من هذه؟ )) أو من أنت؟ "فقالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله" ولا يمنع أن يواجهها بالخطاب ويقول: من هذه؟ لماذا؟ لمزيد التحرز من مواجهة النساء بالخطاب غير المحارم، يعني تجد امرأة ليس معها محرم، وفي غلس، إذا قلت لها: من أنت؟ صار بينك وبينها مواجهة في الخطاب، وقد يرتفع شيء من الحياء الذي بين الأجنبي والأجنبية، إذا واجهها بالخطاب وقال: من أنت؟ لكن إذا تكلم بحيث كأنه لا يعنيها من هذه؟ كأنه يخاطب غيرها، ما جرأت على أن ترفع جلباب الحياء، لا ترد عليه باعتباره يكلمها هي، إنما ترد على اعتبار أنه يكلم غيرها، وهذا واضح.

(99/4)


"قال: ((من هذه؟ )) فقالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله، قال: ((ما شأنك؟ )) " الآن عرف أن عندها حاجة، وأن عندها مسألة " ((ما شأنك؟ )) قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس" لا يمكن أن نجتمع، لا بد أن نتفرق، تقول ذلك لزوجها، يعني في حق زوجها "فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر)) " يعني من ككونها لا تطيق البقاء معه، "فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي" هي محتفظة بالمهر كاملاً، وجاء في بعض الروايات: إن المهر كان حديقة، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((خذ الحديقة، وطلقها تطليقة)) "قالت: يا رسول الله، كل ما أعطاني عندي" يعني مستعدة أن تدفع كل ما أخذته "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لثابت بن قيس: ((خذ منها)) فأخذ منها، وجلست في بيت أهلها" يعني إذا أصر الزوج على عدم الفراق بدون مقابل يعرض عليه المقابل، إذا علم من أن المرأة جادة في طلبها ما هو بمجرد اختبار، أو أنها تطيق البقاء لكن تفضل البقاء عند أهلها، لا، لكن إذا كان بقاؤها معه ليس من مصلحتها ولا من مصلحته هو، فإنه حينئذٍ يعدل إلى الخلع، الطلاق في مقابل المال.
طالب:. . . . . . . . .
إذا وصل الأمر بحيث أنها لا تطيقه يلزمه ((خذ منها)) "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لثابت بن قيس: ((خذ منها)) فأخذ منها، وجلست في بيت أهلها".
قال: " وحدثني عن مالك ... "
لكن بعد أن يجزم بأنها لا يمكن أن تبقى معه، وليس من مصلحته ولا من مصلحتها أن تبقى عنده.

(99/5)


قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد" أخت المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة، وهي زوجة عبد الله بن عمر، العبد الصالح، زوجته أخت المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة، وقد يقول قائل: كيف يختار ابن عمر هذه الزوجة وبيتها محتوٍ على مثل هذا؟ يعني هل الإنسان إذا أراد أن يختار زوجة ينظر إليها مجردة عن أهلها، أو ينظر إليها مع البيئة المحيطة بها؟ لأن هذه البيئة لا شك أن صلتها سوف تكون قوية بالصهر، وأولاد هذا الزوج سوف يذهبون إلى أصهارهم، أو إلى أخوالهم ويتأثرون، يعني ماذا عن أولاد عبد الله بن عمر إذا ذهبوا إلى خالهم هذا الذي ادعى النبوة؟ كان قبل ذلك أيضاً ليس بمستوى ابن عمر -رضي الله عنهما-، صفية من خيار النساء، لكن يبقى أن المصاهرة تقتضي أن يبحث الرجل عن البيت المناسب، بحيث لو ذهب الأولاد إلى هذا البيت ما يكون عليهم خوف.
على كل حال قد تكون الدعوى متأخرة، دعوى النبوة متأخرة عن الزواج، فكون الإنسان يحرص أن تكون الأسرة التي يصاهرها نظيفة ثم بعد ذلك يتغير منهم من يتغير هذا ما هو بيده، ولا يملك أن يلزم الناس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو له أن يمنعها إذا خشي المفسدة له أن يمنعها، لكن مهما منع، يعني المسألة عشرة، وعمر ما عاد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا مولاة لصفية.

(99/6)


"عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد أنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها" بكل ما تملك "فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر" فجاز الخلع على أكثر من المهر، لكن هذا ليس من فعل الكرام، يدفع خمسين ألف ولا يخالع إلا بمائة ألف كما يفعل بعض الناس، يتخذ سوء الخلق مهنة يتكسب من ورائها، هذا لؤم، ويعرف شخص أبداً يدفع عشرين ويأخذ مائة، شخص في خلقه سوء، وهذا صنيعه، يدفع عشرين ويأخذ مائة، في زواجه الأخير جاءت المرأة تستشير واحد من الأخيار من طلاب العلم، فقال: أعرف عنه كذا، فلا أنصحك؛ لأنه سبق أن صار له مواقف، فلا أنصحك بالموافقة عليه، المقصود أنها تزوجته، والنساء كثير من الأحوال ما عندهن سر، في حال صفاء بينها وبينه في الأيام الأولى، قالت: كاد فلان أن يحرمني منك، استشرته فقال: لا، ما يصلح، وبعد مضي مدة حصل لها مثل ما حصل لغيرها، فجاءت تستشفع بهذا الرجل الذي أشار إليها ألا تقبل، وهو معروف صاحب رأي ومؤثر يعني، فأخذ معه اثنين من الإخوان، قال: ثلاثة نذهب إلى فلان، ونشفع لفلانة لعله يخالعها بما دفعت، لا يصنع ... ؛ لأنه طلب مائة ألف كالعادة، فلما دخل الثلاثة عنده: ما شأنكم؟ قالوا: نتوسط لفلانة، أنت دفعت عشرين خذ عشرين، يا أخي اتق الله فقيرة مسكينة، والعشرين سوف تجمعها من المحسنين، قال: والله ما دام جيتوا وأنتم من الإخوان ولكم حق، فلان با أنزل خمسة على شانه، والثاني خمسة، وبا أزيد على شان هذا اللي أشار عليها عشرة، يعني هي المائة بقيت، يوجد يعني لؤم من بعض الرجال يصل إلى هذا الحد، نسأل الله العافية.
طالب:. . . . . . . . .
معروف إيه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
مؤخر؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني كون الصداق منهم مقدم ومنه ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه معروف، معروف.
طالب:. . . . . . . . .
هو الصداق منه المقدم ومنه المؤخر، وأجل المؤخر أحد الفراقين إما الطلاق أو الوفاة، هذا معروف في كثير من الأقطار.
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا الأصل أنها تطلب ....

(99/7)


نعم إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، هي ما تستطيع، فمن كرم الإنسان أن لا يأخذ، إلا إذا كان ليس منه أدنى سبب، وهو بحاجة إلى ما يأخذه منها ليتزوج به ثانية، هذا ما يلام.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم، وبعدين ما في شيء من ثابت، هذا ليس من سوء خلقه أبداً، إنما من خلقته، يعني ما فيه شيء من جمال، قصير القامة كذا، أمور ذكرت.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لأنه يعرف، هي بذلت أولاً، والأمر الثاني أنه يعرف أن ثابت ما حصل منه شيء، وأيضاً ظروفه المادية قد لا تساعده أن يتزوج أخرى من ماله، يمكن كل ما يملك هذه الحديقة.
"عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد أنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها، فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر". "قال مالك في المفتدية التي تفتدي من زوجها: إنه إذا علم أن زوجها أضر بها" يعني صار سبب الفراق منه لا منها، وضيق عليها وآذاها، ومع ذلك رفض الطلاق، وعلم أنه ظالم لها "مضى الطلاق، ورد عليها مالها" لا يجوز له أن يأخذ من مالها شيء.
ذكرنا في درس سبق ما ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان، ذكر أن امرأة ضاقت بها الدين من صنيع زوجها، آذاها، طلبت الطلاق ما رضي، ما رضي أبداً، خلع ما رضي، حاولت بكل ما تستطيع وبذلت كل ما تملك وما رضي، فأفتاها من أفتاها أن ترتد -نسأل الله السلامة والعافية-، فأفتاها من أفتاها أن ترتد، ولذا قال عبد الله بن المبارك: من أفتاها بهذا فقد كفر.
"ورد عليها مالها، قال: فهذا الذي كنت أسمع، والذي عليه أمر الناس عندنا".
ولا شك أنه لا يحل له مما دفعت شيء إذا كان السبب منه ولو تحايل، وبعضهم يتحايل على الخلع لإسقاط أو لتقليل العدة، تكون هي المرأة الثالثة فيقرر في نفسه الطلاق، وبدلاً من أن ينتظر أن تخرج من عدتها ليتزوج رابعة يخالع، يقول: ادفعي لي شيء يسير وأنا أعوضك إن شاء الله، تدفع له شيء يسير على أساس أنه خلع ثم يعوضها أكثر منه، لتعتد بحيضة، تستبرئ بحيضة واحدة بدلاً من ثلاث حيض على قول وإلا فالقول الآخر أن عدة المختلعة أيضاً ثلاث.

(99/8)


المقصود أن شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: إن كان هذا حيلة على إسقاط العدة فلا ينفذ، ليس بخلع هذا، ويجب عليها أن تعتد ثلاث حيض.
"قال: فهذا الذي كنت أسمع، والذي عليه أمر الناس عندنا".
"قال مالك: لا بأس بأن تفتدي المرأة من زوجها بأكثر مما أعطاها" يعني إذا رفض، أو كان الذي أعطاها لا يساوي شيئاً الآن، يعني مفتي لبنان أنا رأيته عند الشيخ ابن باز جاء من أجل المؤخر، كانوا قبل ثلاثين سنة الليرة اللبنانية بريال ونصف، هذا شيء أدركناه، كانت الكتب تحسب علينا بهذا، قيمته عشرة ليرات يعني خمسة عشر ريال، فإذا كان المهر ثلاثة آلاف ليرة مثلاً أو خمسة آلاف ليرة، منها ألفين وخمسمائة مقدم، وألفين وخمسمائة مؤخرة، وأراد أن يخالع فأعطته بقيمة الليرة اليوم، لا شيء، خمسة آلاف يعني خمسة ريال، لا شيء، أو حصل الفراق وأرادت المؤخر لا شيء، وهم يريدون بالتأخير هذا يعني ضغطاً على الزوج أن لا يفارق، فهذا ما يضغط على الزوج، فكان مفتي لبنان يرى أن الليرة تعادل بما تساويه قبل، وكان جواب الشيخ -رحمه الله- أن الليرة هي الليرة خلاص زادت أو نقصت هي الليرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مثل الذي بالذمم، يعني شخص في ذمته ألف ليرة ما يدفع أكثر منها، مهما بلغت قيمتها أو نزلت، لكن إذا اختلفت عينها ولو لم يختلف اسمها مثلما عندنا، شخص عنده ألف ريال فضة قبل الورق، من خمسين سنة مثلاً، الريالات فضة، بذمة زيد من الناس ألف ريال فضة، ثم جاء قال: خذ ألف ريال، هاه تفضل، هذه ورقتان زرقاوان، قال: لا يا أخي وين أنت؟ نعم تقوم الفضة ويأخذ قيمتها، فبدلاً من ألف يأخذ خمسة عشر ألف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الطلاق يمضي إيه، باعتبار ....
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو يعاقب بنقيض قصده، فلا رجعة له، طلاق بصورته الخلع وقع، لكن يرد عليه المال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الكفر معناه جحد حقوق الزوج، كفر العشير، إيه.
طالب:. . . . . . . . .

(99/9)


لا، وقد يؤدي بالمرأة قد يؤدي الأمر بالمرأة إذا ضاقت بها الدنيا ذرعاً وعجزت، واستفت فلان وفلان ما رأت حل في الدين، وهي ضعيفة عقل، إيش تسوي؟ تقول: دين ما يحل مشكلتي ما هو بدين هذا، قد يصل الأمر إلى الكفر الأكبر، لكن الأصل أنها تريد كفران العشير.
طالب:. . . . . . . . .
من قبلها، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا يجوز لها، لا يحل لها.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: طلاق المختلعة
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن ربيع بنت معوذ بن عفراء جاءت هي وعمها إلى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فبلغ ذلك عثمان بن عفان فلم ينكره، وقال عبد الله بن عمر: عدتها عدة المطلقة.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن شهاب كانوا يقولون: عدة المختلعة مثل عدة المطلقة ثلاثة قروء.
قال مالك في المفتدية: إنها لا ترجع إلى زوجها إلا بنكاح جديد، فإن هو نكحها ففارقها قبل أن يمسها لم يكن له عليها عدة من الطلاق الآخر، وتبني على عدتها الأولى.
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
قال مالك: إذا افتدت المرأة من زوجها بشيء على أن يطلقها فطلقها طلاقاً متتابعاً نسقاً، فذلك ثابت عليه، فإن كان بين ذلك صمات فما أتبعه بعد الصمات فليس بشيء.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: عدة المختلعة
يعني هل تعتد عدة طلاق، أو أن الخلع فسخ وليس بطلاق؟ فيكتفى بالاستبراء بحيضة، ما ذكره الإمام -رحمه الله تعالى- على أنه طلاق تلزم فيه عدة الطلاق ثلاثة قروء، وهذا هو المعروف عند الجمهور، هذا قول الجمهور.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن ربيع بنت معوذ بن عفراء جاءت هي وعمها إلى عبد الله بن عمر فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان فبلغ ذلك عثمان بن عفان فلم ينكره" يعني ما أنكر الخلع لأنه شرعي "وقال عبد الله بن عمر: عدتها عدة المطلقة" يعني ثلاثة قروء إن كانت ممن تحيض، أو ثلاثة أشهر، أو وضع الحمل، المقصود أن عدتها عدة المطلقة.

(99/10)


قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن شهاب كانوا يقولون: عدة المختلعة مثل عدة المطلقة ثلاثة قروء".
"قال مالك في المفتدية: إنها لا ترجع إلى زوجها ... " المقصود أن عدة المختلعة عدة طلاق؛ لأنه طلاق ((خذ الحديقة، وطلقها تطليقة)) أما مجرد أخذ العوض فهل يترتب عليه حكم؟ لكن إن قالت: خذ المال وطلقني، فكأنه طلقها؛ لأنه إجابة لطلبها، والإجابة ما جاء في السؤال كأنه معاد في الجواب، إذا قيل: ما حكم الشرب قائماً؟ الجواب: خلاف الأولى، فكأنه قال: الشرب قائماً خلاف الأولى، فإذا قالت: طلقني على مبلغ كذا، فقال: أعطيني المبلغ، فقبضه فكأنه قال: أطلقك على مبلغ كذا، فكأن الطلاق مقصود ولو لم يلفظ به، ومنهم من يقول: إنه لا بد من اللفظ به، ولا يكفي المعاطاة في مثل هذا، لا يكفي، ولذا قال لثابت بن قيس: ((خذ الحديقة، وطلقها)) فلا يكفي المعاطاة أو المفاوضة على هذا ودفع المال؛ لأنه قد يأخذ المال من غير نية طلاق، ومجرد أخذ المال ليس من ألفاظ الطلاق، مع أن منهم من يقول: إن الفسخ يحصل بمجرد الخلع، مجرد أخذ المال يثبت الفسخ، وهذا عند من يقول: إنه ليس بطلاق، وأنها تستبرئ بحيضة واحدة، لكن جاء الطلاق، جاء لفظ الطلاق في أكثر من نص من نصوص الخلع، فالأكثر على أنه طلاق، وعلى أن عدة المخالعة عدة المطلقة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أذكر، ما سمعته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
{الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [(229) سورة البقرة] نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(99/11)


كمل، شوف، نعم، فيما افتدت به، طيب ثم بعد ذلك ذكر الطلقة الثالثة، ولو كان طلاقاً لكان مبيناً لها ولا تحتاج إلى ثالثة، هذه حجة، حتى شيخ الإسلام يرى مثل هذا أنه ليس بطلاق، وأنه فسخ، وبعد ذلك لا تحتاج إلى عدة المطلقة، لكن أكثر أهل العلم على أنها طلاق، باعتبار أن أكثر النصوص الواردة في الخلع، فيه لفظ الطلاق، ويمكن الإجابة عن هذا عند من يقول بأنه ليس بطلاق أن مؤداه مؤدى الطلاق، ومعناه معنى الطلاق وهو الفراق، فسمي طلاقاً من هذه الحيثية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأنه يقول: عدتها عدة المطلقة، هذا كلام ابن عمر، وهو قول الأكثر، قول جمهور أهل العلم، شيخ الإسلام يرى أنه فسخ وليس بطلاق، وعلى هذا لا يلزم فيه عدة المطلقة.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن شهاب كانوا يقولون: عدة المختلعة مثل عدة المطلقة ثلاثة قروء".
"قال مالك في المفتدية: إنها لا ترجع إلى زوجها إلا بنكاح جديد" لأنه يترتب عليه البينونة، لكنها بينونة صغرى، كما لو طلقها طلاقاً رجعياً فانتهت عدتها "فإن هو نكحها ففارقها قبل أن يمسها" يعني ما زالت في العدة عدة الخلع، ثم تزوجها بعقد وصداق وشهود وولي، ثم طلقها قبل أن يمسها فهي مطلقة قبل الدخول، لم يكن له عليها عدة من الطلاق الآخر، وتبني على عدتها الأولى.
يعني خالعها لما مضى شهر عقد عليها، ثم طلقها قبل الدخول تكمل عدتها الأولى، الزواج الثاني لا أثر له؛ لأن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها.
"قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.

(99/12)


قال مالك: إذا افتدت المرأة من زوجها بشيء على أن يطلقها فطلقها طلاقاً متتابعاً نسقاً، فذلك ثابت عليه" قال: ادفعي مبلغ كذا وأطلقك، فطلقها، دفعت المبلغ، دفعت عشرة آلاف عشرين ألف، ثم طلقها، طالق، طالق طالق، هذا متتابع نسق ثابت عليه، لكن إن أخذ المال، وقال: أنت طالق، ثم سكت، خلاص بانت منه، الطلاق الثاني ما يقع عليها؛ لأنها ليست في عصمته بعد الصمات، بعد أن سكت وحصل الفاصل وثبت الخلع بانت منه، فإذا أتبعها بطلاق ثان وثالث هذا لا يلحقها، ولذا قال: "فإن كان بين ذلك صمات فما أتبعه بعد الصمات فليس بشيء" لأنه لم يقع موقعه، ليست له بامرأة، بانت منه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فطلقها طلاقاً متتابعاً نسقاً يعني طلقة بعد طلقة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما دام متتابع، الكلام المتصل غير الكلام المنفصل، لكن إذا كان متصل حكماً، طلقها قال: هي طالق، ثم أخذ يكح ويسعل أو يعطس يعطس مراراً حصل فاصل، لكن هذا متتابع حكماًً بخلاف لو صمت من غير ما بأس فإن الثاني لا يقع عليها.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في اللعان

(99/13)


حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمراً العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: يا عاصم أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسأل عاصم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسائل وعابها، حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال: يا عاصم ماذا قال لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال عاصم: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسط الناس، فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأتِ بها)) قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما فرغا من تلاعنهما، قال عويمر: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال مالك: قال ابن شهاب: فكانت تلك بعد سنة المتلاعنين.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً لاعن امرأته في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وانتفل من ولدها، ففرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهما، وألحق الولد بالمرأة.
قال مالك: قال الله -تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ * عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [(6 - 9) سورة النور].

(99/14)


قال مالك: السنة عندنا أن المتلاعنين لا يتناكحان أبداً، وإن أكذب نفسه جلد الحد، وألحق به الولد، ولم ترجع إليه أبداً، وعلى هذا السنة عندنا التي لا شك فيها ولا اختلاف.
قال مالك: وإذا فارق الرجل امرأته فراقاً باتاً ليس له عليها فيه رجعة، ثم أنكر حملها لاعنها إذا كانت حاملاً، وكان حملها يشبه أن يكون منه إذا ادعته ما لم يأتِ دون ذلك من الزمان الذي يشك فيه، فلا يعرف أنه منه، قال: فهذا الأمر عندنا، والذي سمعت من أهل العلم.
قال مالك: وإذا قذف الرجل امرأته بعد أن يطلقها ثلاثاً، وهي حامل يقر بحملها، ثم يزعم أنه رآها تزني قبل أن يفارقها جلد الحد ولم يلاعنها، وإن أنكر حملها بعد أن يطلقها ثلاثاً لاعنها قال: وهذا الذي سمعت.
قال مالك: والعبد بمنزلة الحر في قذفه ولعانه، يجري مجرى الحر في ملاعنته، غير أنه ليس على من قذف مملوكة حد ...
مملوكه.
طالب: نعم؟
ليس على من قذف؟
طالب: مملوكه.
غير أنه ليس على من قذف مملوكه حد.
عندكم، لحظة لحظة.
طالب: مملوكة.
يعني هذا خاص بالمملوكة الأمة وإلا يشمل العبد؟ اللفظ سهل يعني كونه توجد نقطتين ما في إشكال، سهل يعني، نعم؟
قال مالك: والأمة المسلمة، والحرة النصرانية واليهودية تلاعن الحر المسلم، إذا تزوج إحداهن فأصابها، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [(6) سورة النور] فهن من الأزواج، وعلى هذا الأمر عندنا.
قال مالك: والعبد إذا تزوج المرأة الحرة المسلمة أو الأمة المسلمة أو الحرة النصرانية أو اليهودية لاعنها.
قال مالك في الرجل يلاعن امرأته فينزع ويكذب نفسه بعد يمين أو يمينين ما لم يلتعن في الخامسة: إنه إذا نزع قبل أن يلتعن جلد الحد، ولم يفرِق بينهما.
يفرَق.
ولم يفرَق بينهما.
قال مالك في الرجل يطلق امرأته فإن مضت الثلاثة الأشهر قالت المرأة: أنا حامل قال: إن أنكر زوجها حملها لاعنها.
قال مالك في الأمة المملوكة يلاعنها زوجها ثم يشتريها: إنه لا يطؤها وإن ملكها، وذلك أن السنة مضت أن المتلاعنين لا يتراجعان أبداً.
قال مالك: إذا لاعن الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس لها إلا نصف الصداق.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(99/15)


باب: ما جاء في اللعان
اللعان: مصدر لاعن، والأصل فيه المفاعلة الملاعنة، مثل المضاربة والمكاتبة، لكن اللعان لاعن يلاعن لعاناً على غير القياس، وهي أيمان يقولها الرجل يشهد أربعة شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
انتزع الاسم من هذه الجملة: أن لعنة الله عليه، فإذا رأى الرجل زوجته على حال لا ترضى، على الفاحشة، من أين له أن يأتي بأربعة شهداء؟ قد لا يتسنى له ذلك، لا يتسنى له أن يأتي بأربعة شهداء، فجعل له المخرج؛ لأن فراشه لوث، وقد يلحق به مما ليس له من ولد، فإن قذفها جلد الحد، وإن سكت سكت على أمر عظيم، فجاء الحل باللعان.
وفائدته: درء الحد عن الزوج، وانتفاء الولد، فإذا لاعن شهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، سقط عنه الحد.
إن لاعنت سقط عنها الحد أيضاً، وإن رفضت لزمها الحد، يلزمها الحد إن رفضت أن تلاعن، والله يشهد أن أحدهما كاذب، يعني ما في احتمال ثالث، فإما أن يكون صادقاً أو كاذباً، ولا احتمال بينهم، وهذا مما يؤيد رأي أهل السنة أن الكلام إما صدق أو كذب ولا واسطة بينهما، خلافاً للمعتزلة، والله يشهد إن أحدهما لكاذب، فإذا تمت الملاعنة من قبل الزوج بعد أن يعظه الإمام، ويخبره أن عذاب الدنيا أسهل من عذاب الآخرة، فإذا تم لعانه اتجه إلى الزوجة ووعظها وذكرها، فإن لاعنت درء عنها الحد، فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، نسأل الله العافية، فهذا يلعن نفسه، وهذه تقول: إن غضب الله عليه، من أهل العلم من يقول: إن الغضب أشد من اللعن، وطلب في جانب المرأة؛ لأن أمرها في الموضوع أشد؛ لأنها بين أمرين، إما أن تكون صادقة أو زانية، بينما وضع الزوج بين أمرين إما أن يكون كاذباً أو قاذفاً، والقذف أسهل من الزنا، ولذا قيل في حقه: إن لعنة الله عليه، وقيل في حقها: إن غضب الله عليها.

(99/16)


على كل حال الفائدة من اللعان، الحكمة المترتبة على اللعان: انتفاء الحد، وسقوط الحد عن الزوج؛ لأنه قاذف في الأصل، وانتفاء الولد، وفروع هذه المسألة المتفق عليها والمختلف عليها كثيرة، فهل ينتفي الولد بمجرد الملاعنة، أو لا بد من التنصيص على نفيه؟ المسألة خلافية بين أهل العلم.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمراً العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: يا عاصم أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" في كثير من الروايات أنه مباشرة، جاء عويمر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ مباشرة، فالاحتمال أنه سأل بواسطة، ثم سأل بغير واسطة كما ذكر عن علي -رضي الله عنه- أنه أمر المقداد ثم سأل بعد ذلك.

(99/17)


"سل لي يا عاصم عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسأل عاصم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسائل وعابها" يعني هذه المسائل القبيحة الشنيعة مكروهة؛ لأن مجرد الكلام في هذه الموضوعات فيه ما فيه، كره النبي -عليه الصلاة والسلام- المسائل وعابها، وأهل العلم يقولون: إن البلاء موكل بالمنطق، ولذا لما ذكر هذا وقع، يعني أنه ليس بالمطرد لكنه وقع على كل حال "حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" عظم عليه ذلك؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كره، فصار سبباً لكراهة النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذا الأمر، والمسلم يود أن يكون سبباً للمودة والحب لا سبباً للكره والنفور "فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال: يا عاصم ماذا قال لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير" يعني الأمور التي تسبب الكره يجتنبها الإنسان، وإذا وقعت منه لا شك أن من أوقعه فيها يلام، يعني هذا الشخص الذي سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن مسألة وهو مجرد وسيط، فصارت سبباً لكراهية النبي -عليه الصلاة والسلام-، والصحابة كلهم دون استثناء، يريدون أو يحبون أن يدخلوا السرور على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهكذا ينبغي أن يدخل السرور على المسلم، لو أن شخصاً قال لك: اذهب بهذه الورقة إلى فلان، وسلمه إياها، وهذه الورقة ورقة طلاق لابنة فلان، وهذا لا يسره، يسوؤه، أنت ترضى وترتاح أن توصل هذه الورقة، أو تقول: والله أنا ما ودي أصير سبب لكراهة هذا الرجل وتكدير خاطره، ابعث بها غيري؟ يعني أنت تذهب وأنت مرتاح؟ لا، لا؛ لأن هذه سبب لكراهة ... ، إدخال الغم على أخيك، وهو حكم شرعي لكن مع ذلك لا ينبغي أن تكون سبباً في ذلك.

(99/18)


"لم تأتني بخير، فقال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها" مصر عويمر؛ لأن المسألة متوقعة، لكن لا ينبغي للإنسان أن يتوقع الشر، نعم يحذر الشر، ويبذل الأسباب لاتقاء الشر، لكن لا يتوقع الشر، يحسن ظنه بالله تعالى، وكثير من الناس جبل على أسوأ الاحتمالات، ولذلك تجده في جميع أموره يضع في نفسه أسوأ الاحتمالات، ولذلك تجده في كدر وغم شديد في طول حياته، وما الذي أداه إلى هذا الأمر؟ ينتظر حتى يحصل ما يحصل، وإلا لاحق على المصائب والمشاكل، خل، انتظرها إذا وقعت اصنع ما شئت، لكن قبل أن تقع تعذب بها قبل وبعد، هذا لا شك أنه نقص في العقل، وسوء ظن بالله تعالى.
يعني بعض الناس إذا رن التليفون من ولده، أو من زوجته أخذ منه الأمر كل مأخذ، توقع أن فيه بلاء، ترى هذا حال كثير من الناس، يعيشون في شقاء من أجل هذه، إذا رأى أدنى اجتماع قال: هذا ولدي صار عليه حادث، وإلا صار عليه كذا، ويحدثنا بعض الناس من هذا النوع أنه إذا رأى اجتماع جلبة من الناس يتوقعه أحد أولاده وهو في غير بلده، في بلد ثان، يقول: يمكنه مسافر وأنا ما دريت، مثل هذا يعيش في شقاء في تعاسة -نسأل الله السلامة والعافية، انتظر يا أخي القدر لا مفر منه، فإذا حصل مما يكره تصرف التصرف الشرعي، وهذا من شدة الحرص غير الشرعي، ولا يسلم من سوء ظن بالله تعالى.

(99/19)


"لم تأتني بخير، قد كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسط الناس فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ " فدل على أن من قتل يعني تصرف ونفذ الحد فإنه يقتل به، وهذا افتيات على الأمام وولي الأمر، والحدود لولي الأمر، ولو كان مستحقاً للقتل، يعني هذا الزاني الذي زنى بامرأته محصن مستحق للرجم، فقال: يقتل، لا، يقتل به، ولو كان مستحقاً للقتل؛ لأن هذا افتيات على ولي الأمر، ويفتح باب شر مستطير؛ لأنه إذا كان بينه وبين أحد شيء دعاه إلى بيته مظهراً إكرامه ثم يقتله، ويقول: وجدته على ... ، أنه وجده على امرأته، أو على بنته، أو ما أشبه ذلك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذا النص في الصحيحين، قال عويمر: أيقتله فتقتلونه؟ قال: ((نعم)) في بعض الروايات: ((يقتل به)).
"أم كيف يفعل؟ ".
من أهل العلم من يقول: إذا ظهرت علامات ووجدت قرائن تدل على صدقه، وأنه مستحق للقتل أنه يعزر ولا يقتل؛ لأنه مجرد افتيات، وأما المقتول فهو مستحق للقتل، هذا قول لبعض أهل العلم، لكن حديث عويمر ظاهر في أنه يقتل قطعاً لدابر الفساد وإراقة الدماء؛ لأن هذه أمور لا تنتهي.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
"أيقتله فتقتلونه؟ " وفي بعض الروايات: قال: ((نعم)) يعني يقتل.

(99/20)


"أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها)) " أيقتله؟ أم كيف يفعل؟ ثم بعد ذلك وقع ما سأل عنه، وهنا يقول أهل العلم: إن البلاء موكل بالمنطق، ((قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها)) وهذا دليل على أن آية الملاعنة نزلت في قصة عويمر، وجاء ما يدل أيضاً على أنها في هلال بن أمية، منهم من يقول: إنه لا يمتنع أن ينزل النازل لأكثر من سبب، يتعدد السبب والنازل واحد، وقد تكون القصتان متقاربتين في الزمن، وأنزل بسببهما هذا، وقد يفهم الصحابي أن الآية نزلت في هذه القصة، ويفهم غيره أنها نزلت في القصة الأخرى، وكلاهما صالح لأن يكون سبباً للنزول، يعني يخفى عليه قصة الثانية، فيتذكر هذه فيكون السبب، الصحابة لما نزل قول الله -جل وعلا-: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} [(82) سورة الأنعام] قالوا: وأينا لم يظلم نفسه؟! في بعض الروايات فأنزل الله -جل وعلا-: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(13) سورة لقمان] مع أنه في بعض الروايات لما استشكلوا قال: ((ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: إن الشرك لظلم عظيم؟ )) على كل حال قد يكون اجتهاد من الراوي، تنزيل الآية على الواقعة اجتهاد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو سأل من قبل، يعني بعض الناس تكون عنده النازلة ويريد أن يسأل عنها، ولا يريد أن يضيفها لنفسه، فيقول: ما الحكم لو حصل كذا وكذا؟ أولاً: يسأل بواسطة ثم يسأل بنفسه، الاحتمال قائم، لكن أهل العلم قاطبة على أنها إنما كان السؤال والبلاء موكل بمنطقه هو، على كل حال الحكم واضح، والمقصود من القصة ظاهر، ((قد أنزل فيك وفي صاحبتك)) يعني آيات اللعان.

(99/21)


" ((فاذهب فأتِ بها)) قال سهل: فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما فرغا من تلاعنهما، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها" إن أمسكتها فهو كاذب "فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" طلقها اجتهاداً منه، وإلا فالأصل أن بمجرد اللعان تثبت الفرقة المؤبدة، ما يحتاج يطلق ولا واحدة، الآن الفراق حصل فرقة مؤبدة، لا تحل له، ولو نكحت ألف زوج، خلاص انتهى.
"قال مالك: قال ابن شهاب: فكانت تلك بعد سنة المتلاعنين".
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رجلاً لاعن امرأته في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وانتفل من ولدها" يعني تبرأ منه، ونفاه عن النسبة إليه "ففرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهما، وألحق الولد بالمرأة" لأن الولد للفراش، وأبوه تبرأ منه، ولاعن من أجله، ومن فائدة اللعان انتفاء الولد فانتفى عنه، وبقي منسوباً لأمه كولد الزنا، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، نعم يعني لو حصل الزنا في طهر جامعها فيه، هل يلاعن أو لا يلاعن؟ كونه يقذف ويلاعن ليدرأ عنه الحد هذا شيء؛ لأنه إذا وقع الزنا -نسأل الله العفو العافية والسلامة- من الزوجة قد يكون طلاقه والستر عليها أولى، ما يحتاج إلى أن يقذفها ويلاعن، وهذا إذا تحقق من عدم الحمل، على كل حال هو قاذف، وإنما شرع اللعان لدرء الحد عنه، إذاً لا يدخل في أمر يلزمه بالحد، ولو كان صادقاً، فيستر عليها ويوديها إلى أهلها ويطلقها، وإن أخبرهم بسبب الطلاق، أخبر ولي الأمر من أجل أن يحرص على حفظها فهذا مطلوب.
المقصود أن هذا ما فيه إشكال إذا لم يحصل حمل، لكن إذا حصل حمل والحمل متردد بين الزنا وبين جماعه هو؛ لأن الزنا وقع في طهر جامعها فيه، فلا يدرى هذا الحمل منه أو من الزنا؟ ما دام الاحتمال قائماً هل يجوز له أن ينفيه؟
طالب:. . . . . . . . .
الأصل أن الولد له، ما دامت في عصمته فالولد له، لكن إذا لاعن هل ينتفي الولد مع احتمال أن يكون منه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . . .

(99/22)


لا، ما ينتفي ولو لاعن، ما دام الاحتمال قائم أنه منه، يعني ما الذي يدريك أنه من الزوج أو من الزاني، وطئها بالليل وحصل الزنا بالنهار، أو هذا في أول النهار وهذا في آخره.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا زنت وحملت في طهر لم تجامع فيه مقطوع به أنه ليس له، لكن ما دام الاحتمال قائماً، والحكم الشرعي أنها في عصمته، وقد وطئها واحتمال قوي أن يكون الولد منه، هذه مسألة لا بد منه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لكن القول قوله، هنا أقول: إذا حصل إذا لاعن وأراد نفي الولد، وقد جامعها فيه ينظر إلى القرائن، فإن جاءت به كذا فهو كذا، وإن جاءت به كذا فهو كذا، والتحاليل وما التحاليل والجينات.
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا كان فيه احتمال لا يجوز أن يتبرأ منه، ولو استفاد، لكن العبرة فيمن؟ في الواضع الأول، يعني الذي خلق من مائه، نسأل الله العافية.
"قال مالك: قال الله -تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [(6 - 9) سورة النور] "
"قال مالك: السنة عندنا أن المتلاعنين لا يتناكحان أبداً" يعني فرقة مؤبدة، وهذا قول الجمهور، ومنهم من يرى أنه إذا أكذب نفسه، وقال: كذبت عليها، أنه أسوة الخطاب، يعني مثل غيره من الخطاب "وإن أكذب نفسه جلد الحد، وألحق به الولد، ولم ترجع إليه أبداً، وعلى هذا السنة عندنا التي لا شك فيها ولا اختلاف"

(99/23)


"قال مالك: وإذا فارق الرجل امرأته فراقاً باتاً ليس له عليها فيه رجعة، ثم أنكر حملها لاعن إذا كانت حاملاً، وكان حملها يشبه أن يكون منه" يعني إذا كان الاحتمال يشبه أن يكون منه إذا ادعته ما لم يأتِ دون ذلك من الزمان الذي يشك فيه، فلا يعرف أنه منه، طيب، إذا فارق الرجل امرأته فراقاً باتاً ليس له عليها فيه رجعة، يعني وقع منها الزنا فطلقها ثلاثاً، عند من يقول بطلاق الثلاث، والإمام مالك يقول به، ثم أنكر حملها، لاعنها إذا كانت حاملاً.
هل نقول: إنه يلزمه، يتعين في حقه الجلد حد القذف لأنه قذف امرأة أجنبية، واللعان إنما هو في حق الزوجين؟ طلقها طلاق بائن، وهي أجنبية منه، كما لو قذف أجنبية، هل نقول: يلزم الحد ولا أثر للعان هنا، أو نقول: يلاعن؟ لأنه، نعم من أجل الولد، ولذلك قال: "إذا فارق امرأته فراقاً باتاً ليس له عليها فيه رجعة، ثم أنكر حملها لاعنها إذا كانت حاملاً، وكان حملها يشبه أن يكون منه إذا ادعته، ما لم يأتِ دون ذلك من الزمان الذي يشك فيه فلا يعرف أنه منه" يعني إذا أتت به لدون أو لأكثر ستة أشهر، الآن احتمال أن يكون منها؛ لأن الحمل غالبه ستة أشهر، لكن إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر، لا شك أن هذا الزمان يشك فيه، فلا يعرف أنه منه أو من غيره.
"قال: فهذا الأمر عندنا، والذي سمعت من أهل العلم".
"قال مالك: وإذا قذف الرجل امرأته بعد أن يطلقها ثلاثاً وهي حامل يقر بحملها، ثم يزعم أنه رآها تزني قبل أن يفارقها جلد الحد ولم يلاعنها" لماذا؟ لأن الولد ثبت له، أقر به، أقر بالحمل أنه له، والقذف وقع بعد فراقها، في الصورة الأولى بعد فراقها فراقاً باتاً، لكن يستفاد من اللعان انتفاء الولد، في الصورة الثانية: هو يقر بالحمل، يقول: منه، الحمل منه، من الزوج، وإذا قذف الرجل امرأته بعد أن يطلقها ثلاثاً، مثل الصورة السابقة، إلا أنه في الصورة السابقة لا يقر بالولد، وفي الصورة اللاحقة يقر بالولد، ويكون حينئذٍ أوقع القذف على امرأة أجنبية، ما له أي فائدة، فتكون كغيرها، ما في ولد يمكن أن ينفى، الولد أقر به.

(99/24)


"يقر بحملها، ثم يزعم أنه رآها تزني قبل أن يفارقها جلد الحد ولم يلاعنها، وإن أنكر حملها بعد أن يطلقها ثلاثاً لاعنها كالصورة الأولى".
"قال: وهذا الذي سمعت".
"قال مالك: والعبد بمنزلة الحر في قذفه ولعانه" يعني إذا قذف زوجته فإنه يلاعن، أو يجلد الحد "يجري مجرى الحر في ملاعنته غير أنه ليس على من قذف مملوكة حد" لأن شرط الحد إقامة حد القذف أن يكون المقذوف حراً.
مملوكةً أو مملوكه، لا يحد في الدنيا، وإنما يحد في الآخرة، نسال الله العافية.
"قال مالك: والأمة المسلمة والحرة النصرانية واليهودية تلاعن الحر المسلم إذا تزوج إحداهن فأصابها؛ لأنها زوجة، والله -سبحانه وتعالى- يقول في كتابه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [(6) سورة النور] فهن من الأزواج، وعلى هذا الأمر عندنا.
"قال مالك: والعبد إذا تزوج المرأة الحرة المسلمة، أو الأمة المسلمة، أو الحرة النصرانية، أو اليهودية لاعنها" لماذا؟ لأنه زوج، وهناك تلاعن لأنها زوجة، وهنا يلاعن لأنه زوج.
"قال مالك في الرجل يلاعن امرأته فينزع ويكذب نفسه بعد يمين أو يمينين" يعني قبل الفراغ من اللعان، في أثناء اللعان، ما لم يلتعن في الخامسة، يعني ما لم يفرغ، إذا فرغ من لعانه، خلاص انتهى، ليس له رجعة، وإذا لم يفرغ من لعانه أمكنه الرجوع، ما لم يلتعن في الخامسة: إنه إذا نزع قبل أن يلتعن جلد الحد، ولم يفرَق بينهما.
"قال مالك في الرجل يطلق امرأته، فإذا مضت الثلاثة الأشهر قالت المرأة: أنا حامل قال: إن أنكر زوجها حملها لاعنها".
"قال مالك في الأمة المملوكة يلاعنها زوجها ثم يشتريها: إنه لا يطؤها وإن ملكها" يعني يستفيد منها على أنها أمة مملوكة، جميع ما يستفاد من المملوكين إلا الوطء، وذلك أن السنة مضت أن المتلاعنين لا يتراجعان أبداً.
يعني نظير ما لو أهدى الرجل الأمة ولده أو بنته وقد جامعها فإنها لا تحل للولد ولا للأب، يستفيد منها في الخدمة، لكن لا يجوز له أن يطأها.
"قال مالك: إذا لاعن الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس لها إلا نصف الصداق" لأنه في حكم الطلاق، حكم الطلاق قبل الدخول، فليس لها إلا نصف الصداق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(99/25)


إيه، إذا طالب ذاك، إذا طالب وقال: قذفني وهو كاذب، وثبت كذبه عند القاضي إذا أكذب نفسه، ثبت كذبه، فإذا طالب المقذوف لأن الحق لا يعدوه، يحد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذه حقوق العباد ما تتداخل ...
طالب:. . . . . . . . .
بعد تمام اللعان خلاص ترتبت عليه أحكام، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ميراث ولد الملاعنة
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير كان يقول في ولد الملاعنة وولد الزنا: "إنه إذا مات ورثته أمه حقاً في كتاب الله تعالى، وإخوته لأمه حقوقهم، ويرث البقية موالي أمه إن كانت مولاة، وإن كانت عربية ورثت حقها وورث إخوته لأمه حقوقهم، وكان ما بقي للمسلمين".
قال مالك: وبلغني عن سليمان بن يسار مثل ذلك، وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ميراث ولد الملاعنة
ولد الملاعِنة، ويصح أن تكون ملاعَنة، مثل المجادِلة والمجادَلة، فهي ملاعنة لزوجها، وزوجها لاعن منها.
"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير كان يقول في ولد الملاعنة وولد الزنا: إنه إذا مات ورثته أمه حقهاً في كتاب الله تعالى" لأن الأم أم، لا يمكن أن ينفى عنها ولدها بحال؛ لأن العلاقة بينها وبين ولدها أمر محسوس، أما العلاقة بين الولد وأبيه، أمر لا يحس، يعني ولذلك يكتفى فيه بالاستفاضة، هل، أنت تجزم أن فلان ابن فلان وتحلف عليه، لكن هل هو في حقيقة الأمر كذلك أو لا؟ ما تجزم عليه، لكنه في الحكم الشرعي تجزم به، لأنه يكفي فيه الاستفاضة، أما الأم لا يشك أحد أن هذا الولد خرج من بطن هذه المرأة، ولذلك ترثه بخلاف الأب، ترثه أمه "ورثته حقها في كتاب الله تعالى، وإخوته لأمه حقوقهم" طيب أخوته الأشقاء؟ ما في أشقاء، طيب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(99/26)


هو لا أب له، لكن أنت افترض أن هذه المرأة التي لاعنت جاءت بولد من هذا الوطء الذي حصل بسببه الملاعنة، إما أن يكون في حقيقة الأمر ولد لهذا الرجل، أو ولد لغيره من الزنا، وعلى كل حال الحكم الشرعي ثبت أنه ليس للزوج، ليس للملاعن، هذا الزوج له من هذه المرأة أولاد، هذا الزوج له من هذه المرأة أولاد، ولها أولاد آخرون بعدما تزوجت بغيره، كلهم بالنسبة له إخوة لأم، كلهم، أولاد الأول، وأولاد الثاني كلهم إخوة لأم، إلا أن هؤلاء من زوج، وهؤلاء من زوج، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
توأم الملاعنة منهما، هما أخوان لأم فقط، فحكمهما مثل أخوتهما من الزوج الملاعن، ومن الزوج اللاحق، الحكم واحد، علاقتهم الرابطة بالجميع الأم.
"ويرث البقية موالي أمه إن كانت مولاة" يعني بالولاء "وإن كانت عربية" يعني حرة، ليست بأمة "ورثت حقها، وورث إخوته لأمه حقوقهم، وكان ما بقي للمسلمين" لأن البقية من أقاربها من ذوي الأرحام، ما في إلا ذوي الأرحام بعد ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
ما في عصب من أين؟ من أين يجي عصبة؟
والذي يقدم ذوي الأرحام ويقول بإرثهم يورثهم.
"قال مالك: وبلغني عن سليمان بن يسار مثل ذلك، وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا" نعم.
أحسن الله إليك.
باب: طلاق البكر
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس بن البكير أنه قال: "طلق رجل امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، ثم بدا له أن ينكحها، فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له، فسأل عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وأبا هريرة -رضي الله عنهما- عن ذلك فقالا: "لا نرى أن تنكحها حتى تنكح زوجاً غيرك" قال: فإنما طلاقي إياها واحدة، قال ابن عباس: "إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل.

(99/27)


وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن النعمان بن أبي عياش الأنصاري عن عطاء بن يسار أنه قال: جاء رجل يسأل عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يمسها قال عطاء: فقلت: إنما طلاق البكر واحدة، فقال لي عبد الله بن عمرو بن العاص: إنما أنت قاص الواحدة تبينها، والثلاثة تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبدَ الله بن الأشج ...
بن عبدِ الله.
عن عبد الله بن الأشج أنه أخبره عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري أنه كان جالساً مع عبدُ الله بن الزبير ...
مع عبدِ.
مع عبدِ الله بن الزبير وعاصم بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال: إن رجلاً من أهل البادية طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، فماذا تريان؟ فقال عبد الله بن الزبير: إن هذا الأمر ما لنا فيه قول، فاذهب إلى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وأبي هريرة -رضي الله عنه- فإني تركتهما عند عائشة فسلهما ثم ائتنا فأخبرنا، فذهب فسألهما فقال ابن عباس لأبي هريرة: أفته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة، فقال أبو هريرة: الواحدة تبينها، والثلاثة تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره، وقال ابن عباس مثل ذلك.
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا.
والثيب إذا ملكها الرجل فلم يدخل بها إنها تجري مجرى البكر الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: طلاق البكر
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس بن البكير أنه قال: طلق رجل امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، ثم بدا له أن ينكحها" لأن المطلقة قبل الدخول تبين، ولا تحتاج إلى عدة، لكنها بينونة صغرى، له أن يتزوجها بعد ذلك، بعقد جديد، إذا طلقها واحدة.

(99/28)


يقول: "ثم بدا له أن ينكحها، فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له، فسأل عبد الله بن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقال: "لا نرى أن تنكحها حتى تنكح زوجاً غيرك، قال: فإنما طلاقي إياها واحدة، فقال ابن عباس" يعني في حكم الواحدة؛ لأن الواحدة تبينها، فالزائد لا قيمة له، يعني كما لو زاد عن الثلاث، يعني إذا كانت المدخول بها لا تبين إلا بالثلاث، فغير المدخول بها تبين بالواحدة، ويكون حكم الواحدة حكم الثلاث، وما زاد على الواحدة بالنسبة لغير المدخول بها كما زاد على الثلاث في حكم المدخول بها، هذا ظن السائل "قال: فإنما طلاقي إياها واحدة، قال ابن عباس: "إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل" يعني أطلقت من يدك، كان القياد والزمام بيدك فأرسلته، فلها أن تذهب "إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل".
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن النعمان بن أبي عياش الأنصاري عن عطاء بن يسار أنه قال: "جاء رجل يسأل عبد الله بن عمرو بن العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يسألها، قال عطاء بن يسار فقلت: إنما طلاق البكر واحدة" يعني وغير الواحدة لا يعتد به؛ لأنها بانت بالواحدة فلا يقع عليها ما بعد الواحدة، كأنه قال: بانت بالواحدة، والثانية والثالثة لم تقع موقعها؛ لأنها وقعت على امرأة ليست في عصمته، هذا رأي عطاء، فقلت: إنما طلاق البكر واحدة، فقال لي عبد الله بن عمرو بن العاص: إنما أنت قاص، أنت واعظ ما لك علاقة بالأحكام الشرعية، ولذا تجد بعض الخطباء أو بعض الدعاة الذين يحسنون مخاطبة الناس والجمهور والتأثير فيهم، لكنهم ليسوا من أهل الأحكام، ليسوا من أهل فقه الحلال والحرام، يتعرضون لإحراجات كثيرة، ومنهم من يتحرى ويتورع فلا يجيب، إنما أنا مجرد واعظ، لا علاقة لي بالأحكام، ومنهم من يستدرج فيجيب في عضل المسائل، وعلى كل حال هذا أصل في الموضوع.
"فقال لي عبد الله بن عمرو بن العاص: إنما أنت قاص" يعني اكتفي بقصك ووعظك "الواحدة تبينها، والثلاثة تحرمها" الطلقة الواحدة تبينها، والألفاظ الثلاثة تحرمها "حتى تنكح زوجاً غيره" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هذا بعد زمن عمر، بعد ما اتفقوا على ذلك.

(99/29)


المقصود أنهم عملوا بقول عمر، رأوه ووافقوا، ما عارضه أحد من الصحابة ولا التابعين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، عطاء بن أبي رباح غير عطاء بن يسار.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا عطاء بن أبي رباح يفتي في عصر ابن عباس، وابن عباس يحيل عليه.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج أنه أخبره عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري أنه كان جالساً مع عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر بن الخطاب قال: فجاءهما" عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري أنه كان جالساً مع عبد الله بن الزبير وعاصم بن عبد الله بن عمر، كم هم؟ ثلاثة، قال: فجاءهما، جاء من؟ نعم جاء الاثنين؛ لأنه جاء ليسأل، ما جاء للثالث وإلا فهم ثلاثة "فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال: إن رجلاً من أهل البادية طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها فماذا تريان؟ فقال عبد الله بن الزبير: إن هذا الأمر ما لنا فيه قول" القوم يتورعون في مثل هذه المسائل "فاذهب إلى عبد الله بن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة فسلهما ثم ائتنا" يعني رد لنا الخبر، هات الجواب نستفيد "فأخبرنا، فذهب فسألهما فقال ابن عباس لأبي هريرة: أفته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة" وأيضاً الصحابة يتدافعون، وأبو هريرة من فقهائهم، يعني بعض أهل الأصول يقول: إن رواية الفقيه ترجح على رواية غير الفقيه، ويزعمون أن أبا هريرة مجرد راوية، وليس بفقيه، لا، هو من فقهاء الصحابة، واستدل شيخ الإسلام على فقه أبي هريرة، وهو يقرر هذه المسألة: أن عمر سأله فقال: المطلقة ثلاثاً إذا نكحت زوجاً غيره بما ترجع لزوجها؟ ترجع بدون طلقات، أو بما معها من الطلقات والزوج ألغى الثالثة فقط، كما لو كانت مطلقة طلقتين، ثم بعد ذلك راجعها زوجها، تبقى الطلقتان، ولم يبق لها إلا واحدة، المطلقة ثلاثاً إذا طلقت، ترجع بعقد جديد بدون طلقات وإلا بطلقة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا طلقت ثلاثاً ونكحت زوجاً غيره، ثم رجعت.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(99/30)


نعم تهدم كل الطلقات، تأتي بعقد جديد، كأنه أول مرة يراها، وقال عمر: لو أفتيت بغير هذا لضربتك بالدرة، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كذلك.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذا هو الراجح عند أهل العلم أنها ترجع جديد، ترجع صفر مصفرة، يعني مرة مرة، ما فيها شيء.
طالب:. . . . . . . . .
كل شيء، بالنسبة لإيش؟ لمن بانت بثلاث؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا طلقها طلقتين، ورجعت إلى ... ، يعني بعد زواج ثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هنا يأتي السؤال، لو نكحت المطلقة واحدة أو طلقتين زوج آخر ورجعت للأول، هل تعود صفر مثل المطلقة البائن، أو تبقى الطلقتان؟ تبقى الطلقتان، ما هي مثل ... ؛ لأن نكاحها زوجاً آخر ليس بمشترط عليها، إنما في البائن مشترط عليها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم هذا سؤاله، فقال: تبقى الطلقتين، قال: أرأيت لو طلقت ثلاثاً ثم نكحت زوجاً آخر، هل تبقى الطلقات عليها؟ قال: لا، قال: لماذا لا تكون؟ قال: أبداً، هذا النص؛ لأن طلقتان لا يشترط لهما زوج جديد، لا يشترط لهما زوج آخر، فغير المشترط لا أثر له، ما يمحوه شيء.
قال: فقال أبو هريرة: الواحدة تبينها، والثلاثة تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره، وقال ابن عباس مثل ذلك.
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا.
"والثيب إذا ملكها الرجل فلم يدخل بها إنها تجري مجرى البكر" يعني لا فرق بين طلاق ثيب وبكر، الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: طلاق المريض
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: وكان أعلمهم بذلك.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته ألبتة، وهو مريض فورثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج أن عثمان بن عفان ورث نساء ابن مكمِّل منه ...
مكمِل.
أحسن الله إليك.
ورث نساء ابن مكمِل منه، وكان طلقهن وهو مريض.

(99/31)


وحدثني عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: بلغني أن امرأة عبد الرحمن بن عوف سألته أن يطلقها، فقال: إذا حضت ثم طهرت فآذنيني، فلم تحض حتى مرض عبد الرحمن بن عوف، فلما طهرت آذنته فطلقها البتة، أو تطليقة لم يكن بقي له عليها من الطلاق غيرها، وعبد الرحمن بن عوف يومئذٍ مريض فورثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حِبان قال ...
حَبان.
أحسن الله إليك.
ابن حَبان قال: كانت عند جدي حَبان امرأتان هاشمية وأنصارية، فطلق الأنصارية وهي ترضع، فمرت بها سنة، ثم هلك عنها ولم تحض، فقالت: أنا أرثه لم أحض فاختصمتا إلى عثمان بن عفان فقضى لها بالميراث، فلامت الهاشمية عثمان، فقال: هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا بهذا، يعني علي بن أبي طالب.
وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً وهو مريض فإنها ترثه.
قال مالك: وإن طلقها وهو مريض قبل أن يدخل بها فلها نصف الصداق، ولها الميراث، ولا عدة عليها، وإن دخل بها ثم طلقها فلها المهر كله، والميراث البكر والثيب في هذا عندنا سواء.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: طلاق المريض
المريض المرض المخوف الذي يخشى أن يموت منه لا ينفذ طلاقه لأن التهمة قائمة، أنه إنما طلقها ليحرمها من الميراث، فلا ينفذ طلاقه.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: وكان أعلمهم بذلك.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته ألبتة، وهو مريض فورثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها".
لأن التهمة قائمة أنه يريد حرمانها، وهو عبد الرحمن بن عوف، يعني من العشرة المبشرين بالجنة، لكن الحكم على ما يظهر، لا على ما خفي، ما يقال: والله عبد الرحمن ما يظن به أنه يريد حرمانها، هذا حكم للجميع، فإذا طلق الرجل امرأته في مرضه المخوف فإنها ترثه، ولو انتهت العدة.

(99/32)


قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج أن عثمان بن عفان ورث نساء ابن مكمِل منه، وكان طلقهن وهو مريض" ابن مكمل هذا طلق الزوجات كلها، بقرار واحد طلق الزوجات، وهو في مرض موته، فورثهن عثمان بن عفان -رضي الله عنه وأرضاه-.
قال: "وحدثني عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: بلغني أن امرأة عبد الرحمن بن عوف سألته أن يطلقها فقال: إذا حضت ثم طهرت فآذنيه" كأنها طلبت الطلاق في طهر جامعها فيه، فقال: "إذا حضت ثم طهرت فآذنيني، فلم تحض حتى مرض عبد الرحمن بن عوف، فلما طهرت آذنته فطلقها ألبتة، أو تطليقة لم يكن بقي له عليها من الطلاق غيرها، وعبد الرحمن بن عوف يومئذٍ مريض، فورثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها" وهذا كسابقه؛ لأن المطلقة في مرض الموت المخوف ترث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ولو كان؛ لأن هذا حكم عام، قد يقال: إن وراء هذا الطلب ضغط، وإلا وراءه شيء ما يدرى، المقصود أن مرض الموت لا تنفذ فيه التصرفات.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حَبان قال: كانت عند جدي حَبان امرأتان هاشمية وأنصارية، فطلق الأنصارية وهي ترضع، فمرت بها سنة، ثم هلك عنها ولم تحض" يعني ما خرجت من العدة أو خرجت؟ لأنها لم تحض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنها ترضع، ما حاضت، التي ترضع أو ارتفع حيضها لسبب إما معلوم أو مجهول لمدة سنة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لسبب معلوم ارتفع حيضها أو لسبب مجهول، وهي ذات أقراء، كانت تحيض فالمفترض أنها تخرج من العدة بثلاثة أشهر، ما حاضت لمدة سنة، نقول: تنتظر حتى تحيض ثلاث حيض؟ تسعة أشهر للجزم ببراءة رحمها، ثم الثلاثة أشهر عدة الآيسة، طيب فمرت بها سنة، ثم هلك عنها ولم تحض "فقالت: أنا أرثه لم أحض فاختصمتا إلى عثمان بن عفان فقضى لها بالميراث، فلامت الهاشمية عثمان" لماذا تلوم الهاشمية؟ لأنها أخذت نصف الميراث عنه، نعم نصف ما تستحقه من ميراث "فقال: هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا بذلك يعني علي بن أبي طالب" وقلد علي بن أبي طالب -رضي الله عن الجميع-.

(99/33)


"وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً وهو مريض فإنها ترثه" على ما تقدم.
"قال مالك: وإن طلقها وهو مريض قبل أن يدخل بها فلها نصف الصداق، ولها الميراث" فلها نصف الصداق لأنها مطلقة قبل الدخول، ولها الميراث لأنه متهم "ولا عدة عليها" لأن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها "وإن دخل بها ثم طلقها فلها المهر كله، والميراث البكر والثيب في هذا عندنا سواء" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

(99/34)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب النكاح والطلاق (7)
باب: ما جاء في متعة الطلاق - باب: ما جاء في طلاق العبد - باب: ما جاء في نفقة الأمة إذا طلقت وهي حامل - باب: عدة التي تفقد زوجها - باب: ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض - باب: ما جاء في عدة المرأة في بيتها إذا طلقت فيه.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه امرأة تقول: ما حكم العمليات التجميلية التحسينية، أي: لزيادة الحسن لا لإصلاح العيب؟
هذا من تغيير خلق الله فلا يجوز، إلا إذا أذى أو قذر به الإنسان أما ما عدا ذلك فلا.
هذه امرأة تقول: ما أفضل كتاب من الكتب التالية لتدريس فقه العبادات لطالبات المرحلة الجامعية: الروض المربع من حاشية ابن قاسم، منار السبيل، الملخص الفقهي، الشرح الممتع؟
لا أمتن هذه الكتب وأنسبها لطلاب هذه المرحلة الروض المربع؛ لأنه يحتاج إلى فك، ويحتاج إلى معاناة وتعب، وبهذا يرسخ العلم.
كيف يكون قبول الفتاة بالخاطب وهي لا تعرفه، وإنما يعرفه أبوها فهل له أن يرفض إذا رفضت؟
نعم عليه أن يرفض إذا رفضت؛ لأن الأمر لها، إذا رفضت يرفض الولي؛ لأن الأمر لها، وأما كون الفتاة لا تعرفه، هذا الأصل، هذا الأصل أنها لا تعرفه، لكن إذا بينت له، إذا بين لها محاسنه، وكان الأب أميناً صادقاً منصفاً في بيان المحاسن والمآخذ عليه إن وجدت، فتأخذ بقول أبيها، المسألة مسألة مفترضة في الأب الثقة.
هل يجوز حضور الوليمة وصوت النساء يضربن بالدف يصل إلى الرجال؟
لا، صوت النساء في هذه الحالة ليس صوتاً طبيعياً؛ لئلا يقول من يقول: إن صوت المرأة ليس بعورة، لكنه صوت فيه، لا بد أن يصحبه خضوع، وعلى هذا لا يجوز للرجال سماعه.
هذا يقول: يسلم عندنا من النصرانيات ولهن أولاد، فهل يفرق بين الزوج وزوجته؟
يسلم عندنا من النساء النصرانيات، هذه إذا تمت عدتها ولم يسلم زوجها يفرق بينهما.
وإذا كان ...
أخطاء كثيرة هو يقصد الداخل في الإسلام هو الزوج فهل يفرق بينهما؟
نعم يفرق بينهما فوراً حتى تسلم، يفرق بينهما؛ لأنه لا يجوز الإمساك بعصم الكوافر.
هذه أم سلمة تقول: هل أجد لكم شروحاً مطبوعة ومفرغة؟
في التفريغ كثير.

(100/1)


يقول: هل وجوب إجابة الدعوة لوليمة العرس فقط؟
نعم، أما غيرها من الدعوات فإجابتها مستحب استحباباً مؤكد.
يقول: ذكرتم أن الملاعن جاء في حقه اللعن، وهو أهون من الغضب الذي في حق الملاعنة؛ لأن حاله لا يخلو من أمرين: إما أن يكون كاذباً أو قاذفاً؟
لا، أو صادقاً، إما أن يكون كاذباً أو صادقاً، وعلى كلا الحالين قاذف، فإن كان صادقاً ولاعن لا شيء عليه، لا إثم، ولا تبعة عليه، إلا أنه يفرق بينه وبين وزوجته، وينتفي الولد إن وجد، صادقاً أو كاذباً، فإن كان صادقاً فالملاعنة في حقه -لا سيما- إذا وجد الولد متعينة، ولا إثم عليه، ولو لعن نفسه لأنه صادق؛ لأنه يلعن نفسه إن كان كاذباً، وإن كان كاذباً فهو قاذف -نسأل الله السلامة والعافية-، والقذف شأنه عظيم.
يقول: نريد أن نشتري سيارة بالتقسيط من معارض بنك دبي الإسلامي، أو من شخص ولكن يشتريها البنك أولاً من الشخص ثم يبيعها لنا بالتقسيط، فهل نفعل ذلك أم لا؟
إذا ملكها البنك ملكاً مستقراً تاماً بحيث إذا تلفت صارت من ضمانه، ثم باعها عليكم، هذا لا بأس به، وتبيعونها على طرف ثالث.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في متعة الطلاق
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأة له فمتع بوليدة.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق، وقد فرض لها صداق ولم تمس، فحسبها نصف ما فرض لها.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: لكل مطلقة متعة.
قال مالك -رحمه الله-: وقد بلغني عن القاسم بن محمد مثل ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: ليس للمتعة عندنا حد معروف في قليلها ولا كثيرها.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في متعة الطلاق

(100/2)


المتعة المال الذي يدفعه الزوج لزوجته غير المهر عند فراقها، وقد جاء الأمر به في قوله -جل وعلا-: {وَمَتِّعُوهُنَّ} [(236) سورة البقرة] وهذا مقرون قلة وكثرة بحال الزوج، على الموسر قتره وعلى المقتر قدره، يعني على الفقير ما يناسب حاله، وعلى الغني ما يناسب حاله.
وقد طلق الحسن بن علي بن أبي طالب امرأتين فأرسل لكل واحد منهما عشرة آلاف، وقال للذي بعثه: اسمع ما تقول كل واحدة، أما إحداهما فأخذت المال وسكتت، وأما الثانية فأخذت المال وقالت: مال كثير من حبيب مفارق، فيقال: إنه ردها، راجعها.
المقصود أن هذه المتعة جاء الأمر بها، ولذا يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأة له فمتع بوليدة".
عبد الرحمن بن عوف موسر، فكونه يمتع بجارية مناسب له جداً، ولا شك أن هذا من كرم الأخلاق، وإلا بالمقابل بعض الناس يضيق على المرأة حتى تفتدي، تشتري نفسها شراء، ومثل هذا يتصور أو يتوقع منه أن يمتع؟ لا، والله المستعان.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: "لكل مطلقة متعة" إلا التي تطلق قبل الدخول وقد فرض لها المهر، فإنها تستحق النصف ولا متعة لها، لكن إذا طلقت قبل الدخول، ولم يسمّ لها مهر هذه تمتع، ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه كان يقول: "لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق وقد فرض لها صداق ولم تمس" يعني قبل الدخول "فحسبها" يعني يكفيها "نصف ما فرض لها".
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: لكل مطلقة متعة".
"قال مالك: وقد بلغني عن القاسم بن محمد مثل ذلك" كلهم يقولون: لكل مطلقة متعة، وهذا العموم يشمل البائن والرجعية.

(100/3)


"قال مالك: ليس للمتعة عندنا حد معروف في قليلها ولا كثيرها" وإنما هي مربوطة بالعسر واليسر على الموسر قدره وعلى المقتر قدره، يعني على الغني ما يناسب حاله، وعلى الفقير أيضاً أن لا يشق بأكثر مما يطيق، كالنفقة، النفقة تتبع اليسر والعسر، ويختلف أهل العلم في حكم هذه المتعة فمنهم من يوجبها للأمر، والأمر الأصل فيه الوجوب، ومنهم من يقول: إن الأمر للاستحباب، وأنه لا يجب للمرأة إلا الصداق والنفقة فقط، وأما المتعة بعد الفراق فإنها ليست بواجبة، وإنما تستحب، والأمر فيه الاستحباب، والأصل في الأمر الوجوب، نعم.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في طلاق العبد
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار أن نفيعاً مكاتباً كان لأم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو عبداً لها كانت تحته امرأة حرة، فطلقها اثنتين، ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك، فلقيه عند الدرج بيد زيد بن ثابت ...
آخذاً.
أحسن الله إليك.
آخذاً بيد زيد بن ثابت، نعم.
فلقيه عند الدرج آخذاً بيد زيد بن ثابت، فسألهما فابتدراه جميعاً فقالا: حرمت عليك، حرمت عليك.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن نفيعاً مكاتباً كان لأم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- طلق امرأة حرة تطليقتين، فاستفتى عثمان بن عفان فقال: "حرمت عليك".
وحدثني عن مالك عن عبد ربه بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن نفيعاً مكاتباً كان لأم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- استفتى زيد بن ثابت فقال: إني طلقت امرأة حرة تطليقتين، فقال زيد بن ثابت: "حرمت عليك".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا طلق العبد امرأته تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، حرة كانت أو أمة، وعدة الحرة ثلاث حيض، وعدة الأمة حيضتان.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد ليس بيد غيره من طلاقه شيء، فأما أن يأخذ الرجل أمة غلامه، أو أمة وليدته فلا جناح عليه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(100/4)


باب: ما جاء في طلاق العبد
وأحكام العبيد تختلف عن أحكام الأحرار، فإن كانا عبدين فالطلاق طلقتان والعدة قرءان، وإن كان الزوج حراً والزوجة أمة فالطلاق ثلاث، والعدة قرءان، وإن كان العكس الزوج عبد والزوجة حرة فالطلاق تطليقتان والعدة ثلاث حيض، فلكل منهما منا يناسبه من الأحكام.
يقول: "باب: ما جاء في طلاق العبد"
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار أن نفيعاً مكاتباً لأم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو عبداً لها كانت تحته امرأة حرة" قد يقول قائل: كيف تقبل امرأة حرة عبد؟ كيف تقبل عبد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تحته امرأة حرة ما فيه ما يدل على هذا، قد تكون من قريش، ويتزوجها عبد، أولاً: الكفاءة في الدين كما هو معلوم، والمقداد مولى وزوجته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنفس، فلا شيء في هذا من جهة الحكم الشرعي.

(100/5)


الأمر الثاني: من حيث الواقع ما أشبه الليلة بالبارحة، واقعنا مثل واقع من تقدم، تجد الآن البنت وهي تدرس في الجامعة مثلاً لا تريد إلا من يناسبها، لا تريد إلا شاب جامعي متعلم يفهمها وتفهمه، على حد زعمهم، عندهم أن غير المتعلم ما يفهم شيء، لا، لا بد من التكافؤ في التعليم، وهذا مع الأسف أن بعض من يتصدى لحل المشاكل الاجتماعية قد يقول مثل هذا، ثم بعد ذلك تشترط شروط، أن يكون على قدر من الوسامة مع التعليم، وأيضاً يكون له مركز ومنصب اجتماعي، وله مال، هذه أحلام كثير من البنات، ثم بعد ذلك تتخرج البنت، ويتقدم إليها ناس متفاوتون، منهم اللي ما عنده شهادة وعنده مال، ومنهم اللي عنده مال ولا عنده شهادة، ثم تقول: لا والله، هذا ما عنده شهادة، والثاني تقول: لا والله ما عنده مال، والثالث تقول: ما أدري إيش؟ المقصود أن هذه العلل العليلة الواهية تجعل مثل هذه البنت يتقدم بها السن، فإذا ولجت مع بوابة الثلاثين رضيت الخاطب كائناً من كان، وعرفنا من هذا النوع، وسمعنا الشيء الكثير، حتى أن بنت جامعية وسيمة وتطلب الشروط، وبعد ذلك يتزوجها شخص أمي لا يقرأ ولا يكتب، بل بعض من يكتب في الصحف من المثقفات ذوات الشهادات العالية تزوجت عامي لا يقرأ ولا يكتب؛ لأن المسألة مسألة عرض وطلب، إذا فاتها –على ما يقولون العامة- القطار خلاص، ما بقي إلا العنوسة أو لزوم البيت، ما يجيها إلا إنسان ما يقبله الشابات.
على كل حال مثل هذا أيضاً ليس بعيب أن تقدم على الزواج بغير متعلم إذا كان قد توافر فيه الدين والأمانة والخلق، هذا ما يجوز رده أياً كان، الدراسة ليست بشرط، نعم كمال، لكن مع ذلك قد يكون الدارس أجهل من العامي، وقد جبل على خلق سيء يسومها سوء العذاب، والإشكال أن بعض الأفكار وفدت على المجتمعات الإسلامية وكانت في غنية عنها.

(100/6)


واحدة تُسأل في وسيلة إعلام عن الزواج المبكر، قالت: أنا لا أؤيد الزواج المبكر، طيب لماذا؟ تقول: لأننا في عصر الإنترنت، طيب ويش دخل الإنترنت بهذا؟ يعني علل عليلة تدل على سخف وفساد في التصور، وامرأة تسأل تقول: إنها في الأربعين من عمرها تقدم لها طبيب ذو خلق ودين إلا أنه يكبرها بخمس سنوات، فهل يمكن التعايش بينهما؟ عمرها أربعين وعمره خمسة وأربعين، تسأل شخص له اهتمام بالمشاكل الاجتماعية هل يمكن التعايش؟ قال: التي عمرها أربعون سنة يناسبها من عمره سبعون سنة، إي نعم، الرجال يختلفون عن النساء، ولذلك تجد الزواج في الغالب يعني الشباب عمره خمسة وعشرين ستة وعشرين يتزوج ثمانية عشر سبعة عشر إلى العشرين، يعني مناسب جداً، يعني الفرق هذا ما هو بكبير، وتجد أيضاً من تأخر زواجه إلى الثلاثين وكذا، ما يرضى أم خمسة وعشرين، وهي تقول: لا، هل يناسب، وهذه التصورات الفاسدة جعلت كثير من البنات تجلس بدون زوج، يعني من الطرائف أن بنت في السابعة عشرة من عمرها اتصلت على واحد عمره يقرب من الستين تخطبه، تعرض نفسها عليه، قال: طيب ما الذي دعاك إلى ذلك؟ قالت: والله اللي دعاني البيت مليان، عندي أخت عمرها أربعين، واحدة ثمانية وثلاثين، وواحدة سبعة وثلاثين، وواحدة خمسة وثلاثين، أنا ما ودي أصير مصير مثلهن، أنا أريد أن أبادر بدون ها المشكلة؛ لأن هذه معاناة في البيوت، يعني إذا كانت البنت تعاني فالأم أشد معاناة، الأب أشد معاناة من البنت في هذه الحالة؛ لأن الخوف من المستقبل يساور الجميع؛ لأنه ما يدرى هل تستمر على هذه الحالة، أو ترزق بزوج؟ على كل حال المسألة تحتاج إلى عقل، وتحتاج إلى تطبيق للشرع، ((إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)) يعني تذكر أرقام مخيفة في العنوسة، وإلا ويش اللي جعل هذه تقبل عبد؟ حرة تحت عبد؟ يعني هذا جعلها يمكن تقدم بها السن، وما لها إلا هو، أو شخص حر لكنه ما يلبي رغبتها، والله المستعان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في أدنى إشكال.
طالب:. . . . . . . . .

(100/7)


لا، لا العجمي حر، له كامل الحقوق، يعني في الشرع مثل القرشي، ما فيه إلا الفرق في الولاية العامة، ((الأئمة من قريش)) وأما الباقي ما في فرق، الأكفاء في الدين.
"كانت تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين، ثم أراد أن يراجعها" الطلاق يتعلق به، والعدة تتعلق بها "ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك، فلقيه عند الدرج" الدرج موضع بالمدينة ما هو بالسلم، نحن نسمي السلم درج؛ لأنه يتدرج فيها في الصعود، يتدرج بها في الصعود والنزول.
"آخذاً بيد زيد بن ثابت، فسألهما فابتدراه جميعاً فقالا: حرمت عليك، حرمت عليك" قد يقول قائل: أين التدافع تدافع الفتوى؟ نقول: إن هذه الأمور الواضحة ما تحتاج إلى تدافع، فمادام الجواب موجود بدليله، والمسألة متحررة ومضبوطة لا مانع أن يفتي فيها مع وجود غيره، الإشكال في المسائل العويصة التي هي مظنة خطأ، هذه هي التي يخشى على الإنسان من التسرع فيها.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن نفيعاً" سمي هنا، وفي الرواية الأخرى، كل الروايات مسمى "أن نفيعاً مكاتباً كان لأم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- طلق امرأة حرة تطليقتين، فاستفتى عثمان بن عفان فقال: حرمت عليك" في الطريق الأول كلاهما عثمان، وزيد بن ثابت قالا: "حرمت عليك" وفي الثاني عثمان قال: "حرمت عليك"، وفي الثالث استفتى زيد فقال: "حرمت عليك" جمعهما ثم فرقهما، جمعا في الرواية، وفرقا فيها، وعلى كل حال إذا كان المفتي أكثر من واحد يذكرون جميعاً، ولو اقتصر على أحدهم لا مانع، يقتصر على هذا مرة وهذا مرة، وأحياناً يجمعون لا إشكال؛ لأنه صح أنه استفتى عثمان فقال: "حرمت عليك"، وصح أنه استفتى زيد بن ثابت فقال: "حرمت عليك"، وصح أنه استفتاهما معاً فقالاً: "حرمت عليك"، فالجمع والتفريق هذا ما فيه إشكال.

(100/8)


قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا طلق العبد امرأته تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره حرة كانت أو أمة" لأن الطلاق يتعلق به، فأحكامه إنما هي أحكام العبيد "وعدة الحرة ثلاث حيض" لأن العدة متعلقة بالمرأة، والحرة عدتها ثلاث حيض، كما أن الأمة عدتها حيضتان.
قال: "وحدثني عن مالك ... " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا من أول الكتاب نقول هذا، من أول الكتاب نقول هذا الكلام، كله على هذه الطريقة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه بس ما يمكن أن يكرر بإسناده ومتنه، يعني بلفظه إسناداً ومتناً نقول: هذا تكرار، لكن إذا تغير الإسناد هذا مو بتكرار، أو تغير لفظ المتن ليس بتكرار، التكرار إذا تكرر الحديث مرتين بإسناده ومتنه، وبصيغ أدائه، قد يكون الإسناد واحد، لكن صيغ الأداء متعددة، يستفاد من التكرار هذا.
قال: "وحدثني عن مالك ... "
لكن يأتي من يأتي ويختصر الموطأ في ورقات، يختصر الموطأ يقتصر على المتون، الصحابي والمتن، أو التابعي مع الإرسال، ولا يكرر ولا كذا، ثم يطلع في ربع حجمه.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد" لأن الطلاق لمن أخذ بالساق، يعني الزوج هو الذي يطلق، ولا يملك أحد أن يطلق عليه "من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد ليس بيد غيره من طلاقه شيء" يعني ولا السيد، ما دام أذن يتحمل التبعة "فأما أن يأخذ الرجل أمة غلامه أو أمة وليدته" أمة عند الغلام، هذا القول بأنه يملك أو الأمة عندها وليدة جارية "فلا جناح عليه" له أن يأخذ؛ لأنه يملك الغلام وما يملكه الغلام، ويملك الأمة وما تملكه الأمة فلا جناح عليه.

(100/9)


إذاً ما فائدة قول الإمام مالك أنه يملك بالتمليك؟ إيش مقتضى الملك؟ أنه لا يجوز لأحد أن يأخذ منه شيئاً كالحر، إذا قلنا: يملك بالتمليك خلاص انتقل الملك من غيره إليه كالحر، إذا قلنا: يملك، ولذا يقول الجمهور: لا يملك ولا بالتمليك، كيف يقول: فلا جناح عليه، والإمام مالك ينقل هذا الكلام ولا يعقب عليه؟ ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: كان يقول: "من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد ليس بيد غيره من طلاقه شيء، فأما أن يأخذ الرجل أمة غلامه أو أمة وليدته" هذا بالنسبة للنكاح، إذا تزوج زواج فليس بيد السيد، لكن إذا ملك، إذا اشترى أمة يأخذها السيد، إذا اشترى وليدة يملكها السيد.
إذاً ما معنى كونه يملك بالتمليك؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو العادة يعقب، يعقب بالتأييد أو بالمخالفة، لكن لعل هذا من باب: ((أنت ومالك لأبيك)) الولد يملك ملك تام، يتصرف يبيع ويشتري، تصرف كامل، لكن لأبيه أن يأخذ من ماله، وإذا كان هذا بحق الحر، ففي حق العبد من باب أولى، من هذه الجهة، حتى على رأي الأمام مالك، وإلا فالجمهور من الأصل هي ملك للسيد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، يراجعها، طلقة واحدة يراجعها، رجعية، لكن إذا طلقها الثانية بانت منه، كالثلاث بالنسبة للحر.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في نفقة الأمة إذا طلقت وهي حامل
قال يحيى قال مالك: ليس على حر ولا عبد طلقا مملوكة ولا على عبد طلق حرة طلاقاً بائناً نفقة، وإن كانت حاملاً إذا لم يكن له عليها رجعة.
قال مالك -رحمه الله-: وليس على حر أن يسترضع لابنه وهو عبد قوم آخرين، ولا على عبد أن ينفق من ماله على ما يملك سيده إلا بإذن سيده.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في نفقة الأمة طُلِقَت وهي حامل
"قال مالك: ليس على حر ولا عبد طلقا مملوكة ولا على عبد طلق حرة طلاقاً بائناً نفقة" طيب ماذا عن الحر إذا طلق حرة طلاقاً بائناً له وإلا ما عليه؟ طلاق بائن، والنفقة كما يقول أهل العلم: والنفقة للحمل نفسه لا لها من أجله.

(100/10)


"قال مالك: ليس على حر ولا عبد طلقا مملوكة ولا على عبد طلق حرة طلاقاً بائناً نفقة، وإن كانت حاملاً إذا لم يكن له عليها رجعة" لماذا؟ وإن كانت حامل، إذا لم يكن له عليها رجعة، أما نفقة الرجعية معروفة لأنها زوجة، وهذا بائن وحامل، إي نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يتبع أمه، في الحرية والرق يتبع أمه، نفقته على مالكه.
"قال مالك: وليس على حر أن يسترضع لابنه وهو عبد قوم آخرين" يعني تزوج الأمة فحملت منه فالولد لسيده، ولا يكلف العبد أن يسترضع لهذا الولد وهو ليس له، إنما هو لغيره "وهو عبد قوم آخرين، ولا على عبد أن ينفق من ماله على ما يملك سيده إلا بإذن سيده" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، والعبد للسيد، يقول: ولا على عبد، يعني لا يلزم العبد أن ينفق من ماله على ما يملك سيده مثل الصورة الأولى، مثل الصورة ليس على حر أن يسترضع لابنه؛ لأن الولد ليس له، وكذا ليس على عبد أن ينفق من ماله على ما يملك سيده؛ لأن الولد للسيد إلا بإذن سيده، وهذا يطرد في هذه الصورة وغيرها من أموال السيد، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: عدة التي تفقد زوجها
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو؟ فإنها تنتظر أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً، ثم تحل.
قال مالك -رحمه الله-: وإن تزوجت بعد انقضاء عدتها فدخل بها زوجها، أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأول إليها.
قال مالك -رحمه الله-: وذلك الأمر عندنا، وإن أدركها زوجها قبل أن تتزوج فهو أحق بها.
قال مالك: وأدركت الناس ينكرون الذي قال بعض الناس على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: يخير زوجها الأول إذا جاء في صداقها أو في امرأته.
قال مالك: وبلغني أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال في المرأة يطلقها زوجها وهو غائب عنها ثم يراجعها فلا يبلغها رجعته، وقد بلغها طلاقه إياها، فتزوجت: أنه إن دخل بها زوجها الآخر أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأول الذي كان طلقها إليها.
قال مالك -رحمه الله-: وهذا أحب ما سمعت إلي في هذا وفي المفقود.
يقول -رحمه الله تعالى-:

(100/11)


باب: عدة التي تفقد زوجها
المفقود: الذي يخرج من أهله دون أن يعلمهم بقصده، ولا وجهته، فينتظرونه فلا يرجع هذا مفقود، والمسافر الذي لا يدرى إلى أين ذهب؟ ويفرق أهل العلم بين من كان غالبه الغالب على حاله السلامة وبين من كان الغالب على حاله الهلاك، فقالوا: إذا كان سفره غالبه السلامة فإنه ينتظر تسعين سنة منذ ولد، وإذا كان الغالب الهلاك فإنه ينتظر أربع سنين منذ فقد، وجاء في بعض كتب الزيدية أنه ينتظر مائة وخمسين سنة؛ لأن هذا أكثر ما يعيش إليه الناس، مائة وخمسين سنة، وقال بعضهم: مائتين، لكن كل هذه أقوال، حتى التسعين ترى، إذا كان عمره ستين بينتظر ثلاثين سنة، أو خمسين ينتظر أربعين سنة، أو أربعين ينتظر نصف قرن، هذا كله ما عليها أدلة، وإنما المسألة معلقة بغلبة الظن وضرر المرأة، يعني غلبة الظن مقروناً بتضرر المرأة من البقاء دون زوج.
واجتهاد عمر -رضي الله عنه- بالانتظار أربع سنين حمله أهل العلم على أن الغالب فيه الهلاك.

(100/12)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو؟ فإنها تنتظر أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً ثم تحل" يعني أربع سنين أسفار معتادة عند المتقدمين، في الزمن الماضي مع وسائل الانتقال المناسبة لعصرهم يعني مناسبة، بعضهم يجلس ستة أشهر في طريقه ذاهباً، وستة أشهر في طريقه راجعاً، ويجلس يطلب العلم سنين، أو يطلب الرزق، يعني أربع سنين عادية، لكن هذا محمول على ما إذا كان الغالب الهلاك، ركب سفينة في وقت فيه رياح شديدة هذا الغالب أنه خلاص انتهى، وكذلك إذا فقد في دار حرب، والحرب فيها قائمة، أو ما أشبه ذلك، يعني الذي يذهب إلى البلدان التي فيها الاضطرابات، وفيها القتل بكثرة، هذا ينتظر أربع سنين، لكن الذي يذهب إلى بلدان آمنة فإن هذا غالبه السلامة، لكن قد يقول قائل: مع وسائل الاتصال ولو كان غالبه السلامة لا يمكن أن ينتظر أكثر من هذه المدة، ولو كان غالبه السلامة؛ لأن المسألة الاتصال متيسر، وإذا لم يتصل وسافر سفراً يضر بالمرأة، هو الذي أسقط حقه، فللمرأة أن تطلب الفسخ، مثل هذا إذا جلس أربع سنين ولم يدر عن خبره هذا في الغالب لها ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
أربع، أربع سنين.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا منذ فقد.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو؟ فإنها تنتظر أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً" على اعتبار أنه مات "ثم تحل" لكن هل تحد عليه أو لا تحد؟ كونها تعتد ظاهر، لكن تحد وإلا ما تحد؟ نعم؟ لأن الإحداد مقرون بالحزن على الزوج، يعني الإحداد ولبس ما يلبس من الثياب، والامتناع عما يمتنع منه، هذا مقرون بالحزن على الزوج، يعني إظهاراً للحزن عليه، لعظيم حقه، وهذا ما تدري هو حي وإلا ذهب يضر بها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(100/13)


هو حزن الفراق باق، لكن ما هو بحزن الوفاة؛ لأنها قد تشم من بعض تصرفاته، ومن خلال عشرتها معه أنه احتمال أن يكون سافر ليضر بها، لكن عمر -رضي الله تعالى عنه- لما حكم بأنها تعتد عدة المتوفى عنها، فبقية الأحكام تابعة لهذه العدة.
"قال مالك: وإن تزوجت بعد انقضاء عدتها" يعني عقد عليها، تزوجت بعد انقضاء عدتها، بعد انقضاء أربع سنين، وأربعة أشهر وعشر "فدخل بها زوجها، أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأول إليها" خلاص هو الذي أبطل حقه بهذه الغيبة، والحاكم يفسخ، فإذا تزوجت بعد ذلك فلا سبيل لزوجها الأول.
"قال مالك: وذلك الأمر عندنا، وإن أدركها زوجها قبل أن تتزوج فهو أحق بها" قبل أن تتزوج، حكم الحاكم بفسخ النكاح، ثم جاء تنتظر الأزواج جاء، هو أحق بها من غيره، تحتاج إلى عقد جديد وإلا ما تحتاج؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فسخت إيه، هي فسخت من قبل الحاكم.
طالب:. . . . . . . . .
ولو فسخت، هو أحق بها من غيره ولو فسخت، وتحتاج حينئذٍ إلى تجديد العقد؛ لأن الحاكم له أن يطلق على مثل هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا، يفسخ الحاكم، يفسخ الحاكم بطلبها.
"قال مالك: وأدركت الناس ينكرون الذي قال بعض الناس على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-" يعني تقول بعض الناس على عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "يخير زوجها الأول إذا جاء في صداقها أو في امرأته" يعني إذا جاء مطلقاً سواءً كان عقد عليها أو لم يعقد، ما دام بعد الفسخ يخير بين صداقها، أو يرجع إليه.
"قال مالك: وبلغني أن عمر بن الخطاب قال في المرأة يطلقها زوجها وهو غائب عنها ثم يراجعها، فلا يبلغها رجعته، وقد بلغها طلاقه إياها، فتزوجت: إنه إن دخل بها زوجها الآخر أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأول الذي كان طلقها إليها".

(100/14)


"قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي في هذا وفي المفقود" يعني بعض الناس يكون عنده كيد، يطلق المرأة ويخبرها ويخبر أقاربها وذويها، ثم إذا قربت العدة من الانتهاء يسر إلى بعض أصحابه أنه راجعها، ولا يخبرها، هي بعد العدة تستعد للخطاب، وقد تخطب ويعقد عليها، ثم من باب الكيد إذا أراد أن يبطل هذا الزواج إضراراً بها مثلاً، قال: أنا والله راجعت بشهادة فلان وفلان، أنا راجعت، وعند من لا يشترط الإشهاد ما يحتاج أن يقول بعد، يقول: بس راجعت من دون شهادة عند من لا يشترط الإشهاد، بمجرد أن يقول: راجعت راجعت، لكنه لا بد من إخبارها لأن الأحكام تتعلق بها، أخبارها وأخبار ولي أمرها؛ لأنه إن جاء أحد يخطبها، وما يدريهم عما في نفسه، أو ما أسره إلى أحد، وقال: لا تخبرهم، أنا راجعت ولا تخبرهم، فلا شك أنه يعرض المرأة للوقوع في مثل هذا العقد، وهي في ذمته بعد أن راجعها، ولذا لوجود مثل هذه الإشكالات قال: إنه لا سبيل لزوجها الأول الذي طلقها، لا سبيل له إليها إلا إذا أخبرها بالرجعة كما أخبرها بالطلاق.
"قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي في هذا وفي المفقود" يعني أنه إذا تزوجت خلاص لا سبيل إلى الزوج الأول، دخل بها أو لم يدخل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إلا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا معلوم، سفره معلوم، وهو مضر بها، لكن المفقود ما يدري ويش عذره؟ ما يعرف، لا يعرف عذره، وقد سافر الصحابة وغيرهم السنين، سافروا السنين، ما أحد طلب الفسخ، لكن عمر من باب الرفق بالرعية رأى أن المرأة تتضرر إذا مكث زوجها ستة أشهر، ولم يذهب بطوعه واختياره، إنما اكتتب في الجيش، في الجند، فإن ولي الأمر يرفق بالرعية، ويرفق بأهليهم وذويهم ويرسل غيرهم، يتناوبون.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه قبل العقد على غيرها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو كأنه يرى أن الأربع حد فاصل، خلاص تطلب الفسخ تفسخ، ثم إذا فسخت ملكت نفسها.
طالب:. . . . . . . . .
حتى لو جاء زوجها لكنه أحق بها من غيره، وهو أسوة الخطاب، لكنه أحق مقدم على غيره.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: الأسير؟
الأسير، ولا يعرف عن حاله شيء أو يعرف؟ يعرف أنه حي؟
طالب:. . . . . . . . .

(100/15)


لا، لا لا، هذا ما هو بمفقود.
يعني في أيام مرت بالجزيرة -الجزيرة العربية- أيام شدة وجوع، تجد الإنسان يتزوج ويجلس عند زوجته أيام، ثم يضطر إلى السفر بحثاً عن المعيشة يسافر السنين، يذكر عن بعضهم في أكثر من قضية أنه لما طرق الباب فتح له شاب، لما طرق الباب وفتح هذا الشاب ما عرفه، فذهب إلى أمه، قال: هذا رجل يريد الدخول، هذه أوصافه، فتقول: هذا أبوك، فلا شك أن مثل هذا له ظروف، هو ذهب ليبحث عن معيشة لها وله، لكنها لو تقدمت تريد الفسخ إذا كانت تتضرر بالبقاء لها ذلك، وإلا فالسفر غالبه السلامة، مع علمها والاتفاق معها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذا إذا كان عن رضاها ما له حق، ليس لها حق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد ما تزوجت، ويعرف وعنده شيء يثبت أنها راضية والاتفاق بينهما؟
طالب:. . . . . . . . .
ما عنده إثبات إلا قوله؟
طالب:. . . . . . . . .
والله هذه مسألة قضائية قد يرجح جانبها وقد يرجح جانبه، مسألة اجتهادية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه، هو الأصل أنه لا يصح، لكن إن تقدمت وفسخ العقد، قالت: إنه ذهب ولا ندري أين راح؟ على كل حال إذا فسخ الحاكم الزوج الثاني ما يدريه، للأول إذا أبدى ما يدل على صدقه، وأنها راضية بهذا السفر، وعن اتفاق بينهما، فإنها تفسخ من الثاني وتعتد ترجع إلى الأول، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة.

(100/16)


قال ابن شهاب: فذكر ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت: صدق عروة، وقد جادلها في ذلك ناس، فقالوا: إن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [(228) سورة البقرة] فقالت عائشة -رضي الله عنها-: صدقتم تدرون ما الأقراء؟ إنما الأقراء الأطهار.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحداً من فقهائنا إلا وهو يقول هذا، يريد قول عائشة.
وحدثني عن مالك عن نافع وزيد بن أسلم عن سليمان بن يسار أن الأحوص هلك بالشام حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة، وقد كان طلقها فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك، فكتب إليه زيد: إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه، وبرئ منها، ولا ترثه ولا يرثها.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبي بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وابن شهاب أنهم كانوا يقولون: إذا دخلت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها، ولا ميراث بينهما، ولا رجعة له عليها.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها.
قال مالك -رحمه الله-: وهو الأمر عندنا.
وحدثني عن مالك عن الفضيل بن أبي عبد الله مولى المُهري
المَهري.
أحسن الله إليك.
مولى المَهري أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله كانا يقولان: إذا طلقت المرأة فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت منه وحلت.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب وابن شهاب وسليمان بن يسار أنهم كانوا يقولون: إن عدة المختلعة ثلاثة قروء.
وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: عدة المطلقة الأقراء وإن تباعدت.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن رجل من الأنصار أن امرأته سألته الطلاق، فقال لها: إذا حضت فآذنيني، فلما حاضت آذنته، فقال: إذا طهرت فآذنيني، فلما طهرت آذنته فطلقها.
قال مالك -رحمه الله-: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض

(100/17)


الأقراء ماذا يراد بها؟ هل يراد بها الأطهار كما يختاره الإمام مالك وهو مذهب الشافعي أو أن المراد بالأقراء الحيض كما هو قول أبي حنيفة وأحمد؟ مسألة خلافية، طويلة الذيول والاستدلال، ولا شك أن القرء في لغة العرب يطلق على الأمرين، يطلق على الطهر، ويطلق على الحيض، والنصوص التي أوردها المؤلف هنا، عن عائشة وغيرها تدل على أن المراد بالأقراء الأطهار، الأقراء هي الأطهار، وما جاء في الحديث الصحيح: ((دعي الصلاة أيام أقرائك)) لا يشك أن المراد بالأقراء الحيض، والمرجح عند الحنفية والحنابلة أن الأقراء هي الحيض، ويقابلهم الشافعية والمالكية يقولون: الأقراء الأطهار، وعدة الطلاق لذات الأقراء عدتها ثلاث حيض، والآيسة والصغيرة عدتها ثلاثة أشهر، والحامل بوضع الحمل، والوفاة أربعة أشهر وعشر.
على كل حال العدد معروف طلاق الحائض، يعني من طلق زوجته وهي حائض كما صنع ابن عمر، أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر في طهر لم يجامعها فيه، وهذا معلوم أن طلاق الحائض لا يجوز، بدعة ومحرم، وفي وقوعه خلاف عند أهل العلم، هل يقع أو لا يقع؟ والجمهور على أنه يقع، وجاء في بعض الروايات عن ابن عمر أنها حسبت عليه، وهذا كالنص، والذين يقولون: إنه لا يقع، قالوا: ليس عليه أمرنا، كما في حديث: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) أي مردود عليه، وهو بدعة، والأمور المبتدعة لا تترتب عليها آثارها.
وكنت أميل إلى قول الجمهور؛ لأنه قال عامة أهل العلم، حتى نسب القول بعدم وقوعه إلى أنه قول شاذ، نصره شيخ الإسلام وابن القيم، ثم بعد ذلك اشتهر وصار العمل عليه مدة من الزمن، المقصود أنه من حيث الوقوع وعدمه الصريح من قول ابن عمر أنها حسبت عليه، وهو أعرف بهذا.

(100/18)


لكن للقول بعدم وقوعه وجه حتى من النص، النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما قال له: ((مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر)) إذا قلنا: إنه يقع على قول الجمهور، قلنا: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره بالمراجعة ليطلق ثانية، وهذا ليس بمقصد للشرع ولا يهدف إليه، فلو كانت تقع لأوقعه من وقتها وانتهى الإشكال، لكن ((مره فليراجعها)) الجمهور يستدلون بقوله: ((مره فليراجعها)) وأن المراجعة لا تكون إلا بعد طلاق، ولولا أنه واقع لما صارت مراجعة، فالمراجعة إنما تكون للمطلقة، والاستدلال من اللفظ ظاهر، لكن يبقى أن الأمر الخفي في المسألة أن الشرع لا يتشوف لطلاق، ولا يرغب في إكثاره، ولا يرغب في الإكثار منه، فإذا أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض، ثم تطهر، ثم يطلقها ثانية، وقد حسبت عليها الأولى كأن الشرع ألزمه بغير لازم، ألزمه بثانية، وهو لا يريد إلا واحدة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذا أحياناً يعرف أنه ملزم، إذا عرف أن الرجل منتهي، ومطلق مطلق يا الآن، يا بعد شهر، يا بعد سنة، مطلق منتهي أنا، هل يقال له: أمسكها ثم طلقها ثانية على شان ما يبقى لك ... ، يضيق عليك الأمر، ولا يبقى لك من الفرص إلا واحدة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك، أنا لمحت هذا، أنا ما قرأته لأحد، لكن لمحته، وإن كانت النفس منشرحة إلى قول الجمهور، باعتبار قول ابن عمر أنها حسبت عليه، وعلى كل حال المسألة خلافية، ولن ينحسم الخلاف بفتوى عالم أو ترجيح مرجح.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أدري، الآن ما يحضرني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا حسبت عليه، المنصوص عليها، التي فيها الكلام؛ لأنه هو يقول: حسبت عليه، يتكلم عن التي وقعت، هذك ما بعد جت متأخرة، حسبت يعني الطلقة التي في إي ... ، ومن يقول: إنه لا يقع يقول: إن ابن عمر وإن كان صاحب الشأن فهذا فهمه، يعني فهم من مجموع القصة أنها حسبت عليه، ولم يثبت ذلك من نص النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
قد يكون لعلمه أن هذه أول مرة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه يمكن.

(100/19)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مره فليراجعها ثم يمسكها)) " فتوى الشيخ ابن باز والتي يفتي بها الآن المفتي أنه لا يقع، وماذا عن رأي الشيخ ابن عثيمين؟ ما أحد يحفظ قول الشيخ؟ أنا أقول هذا الكلام لأني وقفت على كلام له في شرح الأربعين لا يجري على قواعده، على قواعد الشيخ، لا يجري على قواعد الشيخ التي طبقها على كثير من الأحكام في شرح الأربعين، حديث: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) الحديث الثاني، لا أخاله يجري على قواعد الشيخ، الشيخ يقول: يقع، مع أنه أوردها في حديث: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا)) فالمفترض أن إدخالها في تحت الحديث أنه لا يقع، فالشيخ قال: إنه من باب التعزير يمضى، ومثله الثلاث، يمضى عليه من باب التعزير فيقع، الشيخ ما يقول بمثل هذا، يعني الشيخ ما عهدناه يقول بمثل هذا في مقابل التمسك بمثل حديث: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) لأنه يعمله بكثرة، في رد كثير من الأمور التي يقول بها جمهور أهل العلم.
طالب:. . . . . . . . .
فليت يراجع كلامه في أكثر من كتاب.
طالب:. . . . . . . . .
حتى كتاب الأربعين ودنا نراجعه بعد.
"أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مره فليراجعها))، ((مره)) الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أو لا؟ ((مره فليراجعها)) ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع))، ((ثم يمسكها حتى تطهر)) ((مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر)) يعني بعض المعلقين الآن هؤلاء الذين يتكسبون، ويرتزقون بالكتب، يقول: كان هذا الأمر وقت أن كانت العدة قبل الطلاق، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: العدة قبل الطلاق، تطهر ثم تحيض ثم تطهر هذه العدة قبل الطلاق، يقول: هذا الحكم لما كانت العدة قبل الطلاق، أما بعد أن صارت العدة بعد الطلاق ما نحتاج إلى هذا.

(100/20)


" ((ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر)) " لا شك أنه إذا طلقها في طهر لم يجامعها فيه وقع الطلاق، وصار سني، ولو جامعها في الطهر الذي قبله، فلماذا قال: ((يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر)) ما قال يمسكها حتى تطهر؟ نعم؟ نعم القصد من هذا تطويل المدة عله أن يرجع، لكن لو طلقها في الطهر الذي يليه مباشرة صار الطلاق صحيحاً وواقعاً وسنياً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
((ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء)) {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [(1) سورة الطلاق] واللام لام الوقت، وطلقوهن لوقت عدتهن، ووقت عدتهن الطهر، فإلى الطهر الثاني قرء، ثم إلى الطهر الثالث قرء، ثم بعد ذلك إذا شرعت في الحيضة الثالثة خلاص انتهت العدة على رأي الإمام مالك -رحمه الله-، قال ...
طالب:. . . . . . . . .
في شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
مدة إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لئلا يكون بطنها مشغولاً؛ ليتأكد من خلو بطنها.
طالب:. . . . . . . . .
في طهر جامعها فيه؟ على مقتضى من يقول بعدم وقوع طلاق الحائض مثله، منهي عنه.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر" يعني نقلتها من المكان من بيت زوجها إلى بيت آخر، انتهت عدتها "حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة" لأنهم يعتبرون القرء الأول الطهر الذي وقع فيه الطلاق، ثم يليه حيضة، ثم طهر، ثم حيضة، ثم طهر، الحيضة الثالثة إذا بدأت فيها انتهت، والقول الثاني: لا تنتهي العدة إلا بانتهاء الحيضة الثالثة، والقول هذا الذي يرى أن الأقراء هي الأطهار تنتهي بثلاثة أطهار، وحيضتين والشروع في الثالثة.
"قال ابن شهاب: فذكر ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت: صدق عروة، وقد جادلها في ذلك ناس، فقالوا: إن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [(228) سورة البقرة] فقالت عائشة: "صدقتم أتدرون ما الأقراء؟ إنما الأقراء الأطهار.

(100/21)


"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن بن ... ؟ "
طالب:. . . . . . . . .
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، الفقيه، أحد الفقهاء.
يقول: "ما أدركت أحداً من فقهائنا إلا وهو يقول هذا، يريد قول عائشة" وهو أن الأقراء الأطهار.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع وزيد بن أسلم عن سليمان بن يسار أن الأحوص هلك بالشام" هلك: يعني مات، وإن كان العرف عند أهل العلم والمؤرخين وغيرهم أن هلك يعني من كان على غير الجادة، يقال: هلك لمن كان على غير الجادة، لكن هو بمعنى مات {حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ} [(34) سورة غافر] يوسف -عليه السلام-، في سورة غافر، حتى إذا هلك فدل على أن هلك يعني مات، والفرائض كلها هلك هالك، هلك هالك، يعني مات ميت.
"أن الأحوص هلك بالشام حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة، وقد كان طلقها فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك، فكتب إليه زيد: إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها، ولا ترثه ولا يرثها" كيف هلك وبرئت منه بعد أن دخلت في الحيضة الثالثة؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هلك بالشام، وكان قد طلقها، أو كان قد طلقها "فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك، فكتب إليه زيد: إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها، ولا ترثه ولا يرثها" يعني هل معنى هذا أن هلك يعني مات وإلا خفي أمره؟ الآن برئت منه وبرئ منها كأنه يريد أن يراجعها، وأن كتابة معاوية لزيد بن ثابت من أجل المراجعة، وأنها فاتته بعد أن شرعت في الحيضة الثالثة.
أما هلك فهو ظاهر في الوفاة، لماذا يكون الحديث أو الخبر أو المراجعة بينهما أنها تبين منه وتنتهي عدتها إذا شرعت في الحيضة الثالثة؟ لأنها تعتد عدة مطلقة لا عدة وفاة، لكن الرجعية إذا مات زوجها في أثناء العدة وهي زوجة لها أحكام الزوجة، وترث، وتنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة، لماذا ما انتقلت هذه من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة؟
طالب:. . . . . . . . .

(100/22)


"فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك، فكتب إليه زيد: إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها، ولا ترثه ولا يرثها" يعني بعد أن انتهت عدتها بشروعها في الحيضة الثالثة انتهت عدتها قبل وفاته وإلا بعد؟ إيه لأن الإشكال أنها هل خرجت من العدة فلا ترث ولا تعتد، أو ما زالت معتدة فترث وتنتقل إلى عدة الوفاة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
"فكتب إليه زيد: إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها، ولا ترثه ولا يرثها" لعل الحال أنه طلقها، فلما شرعت في الحيضة الثالثة مات، فقال أهلها: إنها ما خرجت من العدة، طعماً في الإرث، هو يريد أن يقرر ما يرى، هي في الحيضة الثالثة مات، فأهلها قالوا: خلاص يعني في العدة ما طلعت، على شان ترث.
فكتب معاوية إلى زيد بن ثابت فقال: ما دام شرعت في الثالثة انتهى ما لها شيء، انتهت عدتها.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا بد من جديد، من جديد إيه.
طالب:. . . . . . . . .
من وفاته إيه.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبي بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وابن شهاب" القاسم وسالم وأبي بكر وسليمان وابن شهاب كلهم من الفقهاء السبعة، ينقصهم عبيد الله وخارجة، وإلا الخمسة موجودين "أنهم كانوا يقولون: إذا دخلت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها ولا ميراث بينهما، ولا رجعة له عليها" الإمام مالك يعتني كثير بأقوال الفقهاء المدينة لا سيما السبعة منهم من التابعين.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها" يعني على ما تقدم.
"قال مالك: وهو الأمر عندنا" ومثله: "وحدثني عن مالك عن الفضيل بن أبي عبد الله مولى المَهري أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله كانا يقولان: إذا طلقت المرأة فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت منه وحلت" كسوابقه.

(100/23)


قال: "وعن مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب وابن شهاب وسليمان بن يسار أنهم كانوا يقولون: إن عدة المختلعة ثلاثة قروء" هذا الذي يحتاج إلى كلام "عدة المختلعة ثلاثة قروء" يعني بناء على أن الخلع طلاق، ((خذ الحديقة، وطلقها تطليقة)) فعلى هذا تعتد، والقول بأنه طلاق قول الجمهور، وأن عدتها ثلاثة قروء، طيب الذي يرى أنه فسخ وهو اختيار شيخ الإسلام، وأنها تعتد بالاستبراء بحيضة واحدة، بناءً على أنه ليس بطلاق، ويؤيده أن الافتداء {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [(229) سورة البقرة] يعني بعد الطلقتين وقبل الثالثة، فلو كان طلاقاً لكان تمام العدة، وشيخ الإسلام يرى أنه فسخ، وأنها تعتد بحيضة واحدة، تستبرأ بحيضة واحدة ما لم يكن ذلك حيلة لإبطال العدة، وتقليل العدة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا؛ لأن الحيض ... لاشترط تمام الحيضة، الفراغ من هذه الحيضة، الذي يقول: الطهر تمت ثلاثة أطهار، الطهر الأول الذي وقع فيه الطلاق، ثم الثاني بعد الحيضة الأولى، ثم الثالث بعد الحيضة الثانية، فإذا شرعت في الحيضة الثالثة خلاص انتهى.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هي بائنة لكن تحل لغيره بالاستبراء، نعم؟
قال: "وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: عدة المطلقة الأقراء وإن تباعدت" يعني النساء تتفاوت حيضهن منهن من تحيض في كل شهرين مرة، هذه تعتد ستة أشهر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
منهن لكن نادر، من تحيض ثلاثة أشهر مرة، أربعة أشهر مرة، على كل حال لا بد أن تعتد ثلاثة أقراء، وإن تباعدت.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن رجل من الأنصار أن امرأته سألته الطلاق فقال لها: "إذا حضت فآذنيني" يعني أخبريني "فلما حاضت آذنته، قال: "فإذا طهرت فآذنيني" فلما طهرت آذنته فطلقها" ليطلقها في طهر لم يجامعها فيه.
"قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك".
سم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في عدة المرأة في بيتها إذا طلقت فيه

(100/24)


حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق ابنة عبد الرحمن بن الحكم ألبتة، فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم، فأرسلت عائشة أم المؤمنين إلى مروان بن الحكم، وهو يومئذٍ أمير المدينة، فقالت: اتق الله واردد المرأة إلى بيتها فقال مروان في حديث سليمان: إن عبد الرحمن غلبني، وقال مروان في حديث القاسم بن محمد: أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟ فقالت عائشة -رضي الله عنها-: لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة، فقال مروان: إن كان بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر.
وحدثني عن مالك عن نافع أن بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانت تحت عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان فطلقها ألبتة، فانتقلت فأنكر ذلك عليها عبد الله بن عمر.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- طلق امرأة له في مسكن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان طريقه إلى المسجد، فكان يسلك الطرق الأخرى من أدبار البيوت، كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب سئل عن المرأة يطلقها زوجها وهي في بيت بكراء على من الكراء؟ فقال سعيد بن المسيب: على زوجها قال: فإن لم يكن عند زوجها؟ قال: فعليها قال: فإن لم يكن عندها؟ قال: فعلى الأمير.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في عدة المرأة في بيتها إذا طلقت فيه
يعني اعتداد المرأة في بيتها.
المطلقة لا يجوز لها أن تخرج ولا أن تُخَرج، وذلك في الطلاق الرجعي إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، والفاحشة الأصل فيها الوقوع في الزنا، ومنهم من يرى أن الفاحشة أعم من ذلك، فيتناول الفحش في القول، فإذا حصل بينها وبينه، أو بينه وبين أهله مشاجرة، مشادة ومشاكل لا مانع أن تخرج في هذه الحالة، وهو الشر الذي أشير إليه في الخبر اللاحق.

(100/25)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق ابنة عبد الرحمن بن الحكم ألبتة، فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم" انتقلها نقلها أبوها إلى بيته، من بيت يحيى بن سعيد "فأرسلت عائشة أم المؤمنين إلى مروان بن الحكم، وهو يومئذٍ أمير المدينة، فقالت: اتق الله واردد المرأة إلى بيتها" عملاً بآية الطلاق، وليس فيها، أقول: ليس فيها ما يدل على التفريق بين الرجعية والبائن، وإن كان المعنى يقتضي في الرجعية أن تبقى في بيت الزوج، عله أن يراجع نفسه، عله أن يبدو له منها ما يدعوه إلى مراجعتها، بخلاف البائن، خلاص صارت أجنبية عنه.
"فأرسلت عائشة أم المؤمنين إلى مروان بن الحكم، وهو يومئذٍ أمير المدينة، فقالت: اتق الله، واردد المرأة إلى بيتها" أنت ولي أمر ولك سلطة، وهذا فعل محرم "اتق الله، واردد المرأة إلى بيتها" فقال مروان في حديث سليمان: إن عبد الرحمن غلبني" عبد الرحمن بن الحكم أخو مروان بن الحكم "إن عبد الرحمن غلبني، وقال مروان في حديث القاسم: "أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟ " يعني حينما قال لها: اعتدي عند أم شريك، ثم قال لها: اعتدي عند ابن أم مكتوم "أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟ " فقالت عائشة: "لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة" يعني لا تستدل به، ولا يفوتك شيء إذا لم تستدل به، وليس فيه حجة لكل مطلق يخرج امرأته "لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة" فقال مروان: "إن كان بك الشر" يعني إن كان الذي حدا بك وجعلك تقولين ما تقولين الشر الذي حصل بين فاطمة وأهل زوجها فهذه فاحشة تخرج من أجلها فهذه مستثناة "إن كان بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر" بين هذين من الشر يحيى بن سعيد وبنت عبد الرحمن في مشاكل وشر ولسان متبادل، المقصود أن الشر يقتضي الخروج، فهي مثل فاطمة بنت قيس، والجمهور يرون أن المبتوتة لا نفقة لها ولا سكنى، فتخرج من بيت زوجها.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانت تحت عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان فطلقها ألبتة، فانتقلت فأنكر ذلك عليها عبد الله بن عمر".

(100/26)


"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر طلق امرأة له في مسكن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان طريقه إلى المسجد، فكان يسلك الطرق الأخرى من أدبار البيوت، كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها" لا يريد أن ينظرها وهي ليست له بزوجة، ثم لما راجعها استأذن ودخل بها.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب سئل عن المرأة يطلقها زوجها وهي في بيت بكراء" إجار، بيت إجار، وتمت الأجرة، نقول: هذه مطلقة لا يجوز أن تخرج ولا تخرج؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تمت.
طالب:. . . . . . . . .
بيت إجار، تمت أجرة البيت، يقول: بأطلعه هو وإياها، نقول: هذه لا يجوز إخراجها لا من زوجها ولا من صاحب البيت؟
طالب:. . . . . . . . .
الزوج، فليس ببيت له، طيب إذا خرجت من بيته، إذا خرجت من هذا البيت الإيجار التي تمت مدته تذهب إلى البيت الذي يستأجره هو وإلا تذهب إلى بيت أهلها؟ المقصود أنها لا تخرج وخرجت، وقل مثل هذا في العدة من الوفاة، لا تخرج من البيت، لكن كونها في بيت أهلها أرفق بها، والعلة التي من أجلها لا تخرج المرأة ليست موجودة، عله أن يراجع مات، فإذا كان في بيت إجار، وقيل: إما أن تذهبي إلى البيت بيت الزوج الذي فيه أهله وأمه وأولاده أو تذهبين إلى بيت ... ، ينظر في الأرفق بها فتخرج إليه.
"أن سعيد بن المسيب سئل عن المرأة يطلقها زوجها وهي في بيت بكراء على من الكراء؟ فقال سعيد بن المسيب: على زوجها" على الزوج لأنه يلزمه السكنى "قال: فإن لم يكن عند زوجها؟ قال: فعليها، قال: فإن لم يكن عندها؟ قال: فعلى الأمير" يعني من بيت مال المسلمين إذا وصل الأمر إلى هذا الحد، وأن الإنسان ليس عنده أجرة، ولا يستطيع أن يدفع، فهذا على بيت المال، والله أعلم.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(100/27)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب النكاح والطلاق (8)
باب: ما جاء في نفقة المطلقة - باب: ما جاء في عدة الأمة من طلاق زوجها - باب: جامع عدة الطلاق - باب: ما جاء في الحكمين - باب: يمين الرجل بطلاق ما لم ينكح - باب: أجل الذي لا يمس امرأته.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
معك شرح الأربعين؟
طالب:. . . . . . . . .
الثالث عشر؟
طالب:. . . . . . . . .
رجح، يقول: ثم أعقب ذلك أجوبة على أدلة الجمهور.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه الممتع، هذه قاعدة الشيخ، هذه جادته المعروفة عنه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
حتى كلامه في شرح الأربعين ليس على عادته وليس على قاعدته، ولذلك أنا شككت يعني لو مأخوذ يعني اللي صاغه أخذه بالمعنى أو شيء من هذا، يعني ما هو بلفظ الشيخ، واضح يعني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا هو ...
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الممتع.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، شوف صفحة أربعة وأربعين إلى ستة وأربعين ويش يقول؟
المقصود أنه في شرح الأربعين أوقعه، أوقعه في شرح الأربعين، ونقل عن الإمام أحمد أن عدم إيقاعه قول سوء، على غير عادة الشيخ -رحمه الله-.
طالب:. . . . . . . . .
ما هو بصراحة الترجيح، ما في صراحة؛ لأنه أطال في مناقشة الجمهور، ويشم من كلامه بأول الأمر أنه لا يقع، ثم بعد ذلك حصل التردد، تردد كبير؛ لأن هذه المسألة من المسائل الكبار التي لا يمكن الاحتياط فيها.
طالب:. . . . . . . . .
إيه معروف، لكن إذا ما بحثت أنت من يبحث؟ أقول: .... الشيخ ما دام توقف، وصعب عليه الترجيح فيها ...
طالب:. . . . . . . . .
أنه إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
من خلال كلامه هنا أنه لو نقل عنه هذا أو ذاك كله صحيح، كل النقل صحيح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/1)


يتردد، وهذه مسألة عويصة، لو جاء واحد من طلاب العلم، وحضر عندنا مراراً، وقال: إنه طلق زوجته في الحيض، واستفتى من قال له: إنه لا يقع فاستمر معها، ولما سمع كلامنا على المسألة ولازمنا مدة، قال: ترجح عندي أنه يقع، ولن أعاشرها بعدما عاشرتها، قلت له الآن ويش لون؟ اقتديت بمن تبرأ الذمة بتقليده، قال: لكن بان لي وجهها، طيب ويش تسوي؟ كيف تحتاط؟ كيف تحتاط؟ إن تركتها هكذا باعتبار أنها وقعت، كيف تحل لمن يجيء بعدك؟ وإن عاشرتها كيف تحل لك وقد ترجح عندك أنه يقع؟ قول الجمهور، فأنت في حرج، فلم يكن عنده حل إلا أن طلق من جديد، يعني مثل الذي يتردد في طهارة الماء ونجاسته الذي يقع عليه، يجلس تحته، يقول: هذا أصابه ما أصابه، ما يتأكد حتى يجلس تحته، ليصيبه بيقين، هذه المسائل ما في شك أنها عضل، يعني مسائل ليست بالسهلة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
شوف يا أخي ما حنا نشك أن الشيخ يقول ما يقع، صريح كلامه في شرح الأربعين أنه يقع، وهنا تردد، وجادة الشيخ التي نعرفها منه أنه لا يقع، مثل قول الشيخ ابن باز، ومثل قول شيخ الإسلام، لن يخرج عن قول هذين، هذا اللي نحفظ عن الشيخ، أنا ما وجد عندي التردد حتى قرأت في شرح الأربعين وأنه يقع، وأن قول من يقول لا يقع قول سوء، هاه؟ هذا في شرح الأربعين، هذا الذي أوجد عندنا التردد في كلام الشيخ، فالذي يظهر أن الشيخ ما ترجح له شيء، يعني لا يجزم بيقين أنه يقع أو لا يقع، من خلال كلامه حتى الحاصل في شرح الزاد؛ لأن هناك مسائل قد يرجح فيها بالاحتياط، والاحتياط هنا متعذر، ما يمكن أن تحتاط، فإن قلت: يقع حرمتها عليه، وهو في الحقيقة لا يقع، وإن قلت: لا يقع أحللتها له بدون مرجح لقول الأئمة.
المقصود أن الاحتياط فيها صعب، فإما أن تبيحها لغيره بغير طلاق، إذا قلت: إنه يقع، وعند غيرك أنه لا يقع، فأنت أبحتها بغير طلاق، يبيحها لمن بعدك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الاحتياط عدم الوقوع، كيف تحلها له وقد طلقها ثلاثاً؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/2)


لا، ما يصح تحلها له وقد طلقها ثلاثاً، يعاشرها بالحرام عند عامة أهل العلم، الأئمة الأربعة وغيرهم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا ما هو باحتياط هذا، لا هي المسألة تبي حزم، ترجح رجح، ولا ينبري لذلك إلا مثل شيخ الإسلام، الذي عنده من الجرأة ما يجعله يجزم بقول واحد، أما أهل التحري، أهل التردد ما يمكن أن يجزموا بمثل هذه المسائل، ومسألة اجتهاد باجتهاد، لكن لا بد أن يقع في نفسه شيء، وهو يعاشرها ويجامعها وينام معها على أنها زوجة له بفتوى، وقد تبين له خلافها، لا بد أن يقع في نفسه حرج، فكيف يتخلص من هذا الحرج؟ يعني الحرج الذي في نفسه ما فيه إلا أن يطلق من جديد، طلاق سني واقع في طهر لم يجامعها فيه وتنتهي؛ لأنه حتى لو بقيت معه على الفتوى وقد ترجح له خلافه نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون يراجع؟ ثالثة، ثالثة إيه، ويراجع هذه سهل هذه لو ثانية وأولى ما في إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ويش الذي أوقع في نفسه الحرج، هو طالب علم، هو نظر في الأدلة، وحضر عندنا طويلاً، لكن الإشكال الحرج النفسي، هذه المسألة ليست كالمسائل؛ لأنك متردد بين أن تعاشرها وهي لا تحل لك، إذا وقع على قول من يقع، وعلى قول أنه لا يقع، مع هذا التردد لن تمسكها؛ لأن هذا الحرج في نفسك، ولا تنظر إلى شخص هذا الحرج لا يعادل شيئاًَ بالنسبة إلى منزلتها في قلبك، بعض الناس يوجد عنده هذا الحرج، لكن يحب زوجته، يبي أي وسيلة ترجعها، وواحد عنده الأمران مستويان، إنما رجح لأن عندها طفل، أو عندها شيء، يرجح بالطفل، يعني البقاء على عدمه، فمع وجود هذا التردد سهل أن يفارقها.
يقول: وحسبت هذا على حد اجتهاد ابن عمر، يعني هو يرى أنها حسبت، لكن ليس في لفظه -عليه الصلاة والسلام- أنها حسبت، ما في إلا ((مره فليراجعها)) والمراجعة لا تقع إلا بعد طلاق، هذا أقوى أدلة الجمهور.

(101/3)


لكن مع ذلك يعني الإنسان لا بد أن يعرف قدر نفسه، إذا كانت المسألة بهذه المثابة وأدلتها مثل ما عرفتم، ما الذي جعل الأئمة الأربعة قاطبة وأتباعهم يقولون بوقوعه؟ لا شك أن اجتماع الأئمة يورث هيبة في قلب طالب العلم، ولذلك في شرح مختصر الزبيدي للشرقاوي عبد الله حجازي، يقول: وانتصر ابن القيم لشيخه ابن تيمية التابع للروافض والخوارج في عدم وقوعه، يعني ما عرف هذا القول عند أحد، وأدلته واضحة، يعني لو لم يكن فيه إلا ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) وفي بعض الروايات فلم يرها شيئاً.
على كل حال المسألة ليست بالسهلة، شخص طلق امرأته ثلاثاً أو في الحيض -نسيت- لكنها من هذا النوع، فسأل المفتي فقال: يقع الطلاق، يقع خلاص بانت زوجته، ثم تغير اجتهاد الشيخ بكونه لا يقع، وهو ما أفتى بوقوعه إلا لهذا الشخص، فجاءه هذا الشخص قال: أنت أفتيت الناس كلهم بأنه لا يقع، وأصر الشيخ على أنه يقع، هذاك باجتهاد وهذا اجتهاد، فصار المسكين مع زوجته ضحية لهذا الاجتهاد، الشيخ لا يلام، لكن المسألة ليست بالسهلة، وآثارها ليست بالهينة.
يقول: ما رأيكم في شرح ملحة الإعراب المسمى تحفة الأحباب، ويقول لابن محرق الحضرمي؟
اسمه بحرق، وهو شرح طيب، يعني إذا ضم إلى شرح المؤلف طيب.
يقول: أنا مؤذن جامع نجد أحياناً نظارة في المسجد نسيها بعض المصلين، فنضع إعلاناً خارج باب المسجد، فيمضي عليها سنة ولم يأتِ مطالب لهذا النظارة، فماذا نعمل؟
تباع ويتصدق بقيمتها عن صاحبه.
يقول: قال أحد محققي الموطأ برواية الشيباني محمد بن الحسن عن حديث: الأعمال بالنيات في باب النوادر، قوله: هذا الحديث ليس في رواية غير محمد من الموطئات، وظن ابن حجر في فتح الباري وفي التلخيص أن الشيخين أخرجاه عن مالك، وليس في الموطأ، وقد نبه السيوطي على خطأه في التنوير، وما المقصود من ذلك؟ وهل انفرد ... ؟
يعني العلماء يتعجبون من الإمام مالك روي الحديث من طريقه في الصحيحين وغيرهما، حديث: الأعمال بالنيات، ومع ذلك لم يخرجه في الموطئات المشهورة، وإنما ذكر في موطأ محمد بن الحسن، وأظن في موطأ أبي مصعب، نسيت الآن.

(101/4)


على كل حال من نفى عدم رواية مالك لهذا الحديث فبناءً على أنه لا يوجد في الروايات المشهورة، لا سيما رواية يحيى بن يحيى التي اعتمدها الأئمة، وعليها جميع الشروح، ومن أثبته قال: إنه ما دام ثبت في رواية محمد من طريق مالك يكفي أن يقال: أورده الإمام مالك في الموطأ.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في نفقة المطلقة
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة، وهو غائب بالشام، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له فقال: ((ليس لك عليه نفقة)) وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: ((تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند عبد الله بن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده، فإذا حللت فآذنيني)) قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم بن هشام خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد)) قالت: فكرهته، ثم قال: ((انكحي أسامة بن زيد)) فنكحته ...
فنَكَحَتْه.
فنكَحته فجعل الله في ذلك خيراً، واغتبطت به.
وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: المبتوتة لا تخرج من بيتها حتى تحل، وليست لها نفقة إلا أن تكون حاملاً، فينفق عليها حتى تضع حملها.
قال مالك -رحمه الله-: وهذا الأمر عندنا.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في نفقة المطلقة
أما بالنسبة للمطلقة الرجعية فهي زوجة، لها النفقة والسكنى كسائر الزوجات، أما بالنسبة للمبتوتة البائن فهذه ليس لها نفقة ولا سكنى.

(101/5)


يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة" يعني آخر الثلاث تطليقات "طلقها ألبتة وهو غائب بالشام، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته" نفقة، شعير والشعير دون، ليس مثل البر "فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: ((ليس لك عليه نفقة)) " البائن ليست بزوجة، خلاص انقطعت العلائق، وبرئت عهدته منها، فلا نفقة لها عليه " ((ليس لك عليه نفقة)) وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك" دل أيضاً على أنه ليس عليه سكنى.

(101/6)


"اعتدي في بيت أم شريك" أم شريك هذه امرأة صالحة يزورها الصحابة، يزورونها، وكانت كثيرة -على ما يقال- البذل تتصدق وتنفق، وفيها خير وصلاح، يزورها المحتاج، ويزورها تزار في الله من غير خلوة، ومع أمن الفتنة؛ لأنها كبيرة في السن وبدون خلوة، وهذا لا إشكال فيه، وليس في هذا أدنى مستمسك من أن المرأة التي ليس عندها محرم تزار من قبل الواحد من الرجال، أو ما أشبه ذلك، ولا يفرقون بين وقت فتنة ولا غيره، ولا في وقت يكثر فيه مرضى القلوب وفي وقت يقل فيه ذلك، فلا شك أن هذه الظروف لها أثرها في الحكم، يعني إذا أمنت الفتنة وامتنعت الخلوة، والمرأة أيضاً امرأة صالحة، وكبيرة في السن، وكل هذا يجعل أن هذا الأمر يعني أمره ميسور وسهل، وأما إذا كانت امرأة شابة، لو افترضنا أن هذه المرأة شابة، وكان يزورها الناس، والفتنة موجودة، ولا مبرر لزيارتها، ليس امرأة مشهورة بصلاح بحيث يطلب منها دعاء، وما أشبه ذلك، أو تزار في الله، مع أن هذا الباب يجب حسمه، لا سيما في الوقت الذي يطمع فيه مرضى القلوب في مثل هذا، وعلى كل حال الخلوة ممنوعة مطلقاً، سواءً كانت كبيرة السن لا تشتهى أو شابة تشتهى، فالخلوة ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، أما إذا انتفت الخلوة فينظر أيضاً في الظروف والقرائن الأخرى، هل تتعلق بها رغبات الرجال؟ هل يمكن أن يطمع فيها من في قلبه مرض؟ هذا يحسم الباب، ولذا نهي عن الخضوع بالقول، ولو كان من وراء حجاب {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [(32) سورة الأحزاب].
((تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند عبد الله بن أم مكتوم)) عبد الله بن أم مكتوم ((فإنه رجل أعمى)) في بيته وعنده أهله، فلا تتصور خلوة بهذا الرجل الأعمى ((تضعين ثيابك عنده)) يعني لا تحتجبينه مثل حجابك عند المبصرين، وليس معنى هذا أنها تخلع ثيابها بالكلية، لا، وقد جاء النهي عن أن تخلع ثيابها في غير بيتها، إلا أنها إذا سكنت في بيت ولو لم يكن لها صار في حكم بيتها، لاستحالة أن تستمر طول المدة في ثوب واحد.
((تضعين ثيابك عنده، فإذا حللت فآذنيني)) يدل على أن المرأة لا تحتجب عن الأعمى، وهذا الحديث في الصحيحين.

(101/7)


وأما حديث لما جاء ابن أم مكتوم وعنده من عنده؟ عائشة ومن؟ وحفصة، فلم يحتجبا منه، فقال لهما النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك، فقالتا: إنه رجل أعمى، فقال: ((أفعمياوان أنتما؟ )) هذا مضعف عند جمع من أهل العلم بهذا الحديث، مضعف لمخالفته ما هو أصح منه، ويمكن حمله على وجه يصح أنه أن النهي عن النظر إليه، وتحديد النظر إلى شخصه، وأما كونها تنظر إليه من غير اتفاق، ومن غير تحديد، يعني نظر عابر أو نظر إلى مجموعة من الناس من غير تحديد في أشخاصهم فإن هذا لا شيء فيه؛ لأن المرأة تصلي في المسجد، وترى الرجال من بعيد، لكن يحرم عليها أن تحدد بشخص واحد {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(31) سورة النور] ويستوي في هذا النظر إلى الرجل إلى شخصه الحقيقي أو إلى صورته، لا يجوز للمرأة أن تحدد النظر إلى، أو تكرر النظر إلى رجل سواءً كان بشخصه حقيقة أو بصورته، كما أن الرجل كذلك لا يجوز له النظر إلى النساء.
((فإذا حللت فآذنيني)) يعني إذا انتهت العدة فأخبريني "فلما حللت ذكرت" ذلك له ذكرت "له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم بن هشام خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)) " يعني أنه كثير الأسفار، المسافر يأخذ معه عصا في الغالب، كثير الأسفار يضر بك، أو أنه يضرب النساء، جاء في بعض الروايات: أنه ضراب للنساء " ((وأما معاوية فصعلوك لا مال له)) " وهذا ليس بقادح شرعي، لكن في مثل حاله وظرفه وهو صعلوك وعنده زوجة أخرى، فالتعدد لمثله إذا كان لا يستطيع النفقة على زوجتين لا شك أنه من مصلحته ألا يشار به؛ لأن هذا أمر يرهقه " ((انكحي أسامة بن زيد)) قالت: فكرهته" مولى ابن مولى "ثم قال: ((انكحي أسامة بن زيد)) فنكحتْه" أو فنكحتُه، قبلت "فجعل الله في ذلك خيراً، واغتبطت به" يعني أنها قرت به عينها، ووجدت ما يسعدها عنده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/8)


على كل حال اللفظ محتمل، يعني ما ... ، محتمل أنه لا يضع عصاه عن عاتقه لكثرة الأسفار، وقد يكون كثير الأسفار ويضرب النساء، المقصود أن هذه العلة يعني لا يشار بشخص هذه صفته، وإن كان صحابي جليل، وذي فضل وشرف الصحبة ما لا يدركه غيره، خطبت من قبل معاوية وأبي جهم، وأشار النبي -عليه الصلاة والسلام- عليها بغيرهما، قد يقول قائل: إن هذه خطبة على الخطبة، هي إلى الآن ما ركنت إلى واحد منهما جاءت تستشير، والممنوع أنها إذا ركنت إلى واحد منهما، وقد يكون أحدهما لم يعلم بالآخر، لم يعلم بخطبة الآخر.
قال: "وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: المبتوتة لا تخرج من بيتها حتى تحل، وليس لها نفقة" لا تخرج من بيتها ماذا عن فاطمة بنت قيس؟ يعني تقدم أنه قيل: إن فاطمة من أجل الشر، أخرجت من بيتها من أجل الشر تقدم هذا، والشر هو استطالة لسانها في أهل زوجها الذي طلقها، وهذه فاحشة، كافية في أن تخرج من البيت {إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} [(1) سورة الطلاق] كافية في إخراجها، سليطة لسان، وصار مشاكل مع أهل زوجها الذي طلقها، فأخرجت وحملت على هذا عند من يقول: إن المطلقة المبتوتة لها سكنى، والحديث صريح في أنها ليس لها سكنى، وأنها خرجت من بيت زوجها وأخرجت فلا سكنى لها ولا نفقة، وهذا هو المرجح، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في عدة الأمة من طلاق زوجها
قال مالك: الأمر عندنا في طلاق العبد الأمة إذا طلقها وهي أمة ثم عتقت بعد فعدتها عدة الأمة، لا يغير عدتها عتقها، كانت له عليها رجعة أو لم تكن له عليها رجعة، لا تنتقل عدتها.
قال مالك -رحمه الله-: ومثل ذلك الحد يقع على العبد ثم يعتق بعد أن يقع عليه الحد فإنما حده حد عبد.
قال مالك -رحمه الله-: والحر يطلق الأمة ثلاثاً وتعتد بحيضتين، والعبد يطلق الحرة تطليقتين وتعتد ثلاثة قروء.
قال مالك -رحمه الله- في الرجل تكون تحته الأمة ثم يبتاعها فيعتقها: إنها تعتد عدة الأمة حيضتين، ما لم يصبها، فإن أصابها بعد ملكه إياها قبل عتاقها لم يكن عليها إلا الاستبراء بحيضة.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في عدة الأمة من طلاق زوجها

(101/9)


يعني إذا طلقت وهي أمة ثم عتقت هذه العبرة بالحال، فلو طلقت وهي أمة ثم أعتقت مباشرة فإنها تعتد بحيضتين، وكذا لو طلق العبد ثم أعتق بعد ذلك مباشرة فإن له من الطلاق طلقتان فقط، وكذا لو زنا في حال الرق فإن حده حد الرقيق، ولو أعتق بعده بيسير، فالعبرة بالحال لا بالمآل، يعني لو زنا حر قبل أن يدخل بزوجته، عقد عليها وقبل أن يدخل بها زنا، يعني -نسأل الله السلامة والعافية- زنا المغرب ودخل بها العشاء، ومن الغد ذهب به إلى ... ، رفع أمره إلى الحاكم، وقرر فأقر، فحده حد البكر؛ لأنه لم يطأ بعد بنكاح صحيح، لكن لو زنا بعد الدخول بساعة فحده حد الثيب؛ لأنه وطئ بنكاح صحيح، المقصود أن العبرة بالحال لا بالمآل، ما صفته وقت المقارفة؟ أو ما صفته وقت الطلاق؟ أو ما صفتها وقت الطلاق؟
"قال مالك: الأمر عندنا في طلاق العبد الأمة إذا طلقها وهي أمة ثم عتقت بعد فعدتها عدة الأمة" قرءان، عدتها قرءان، لا يغير عدتها عتقها إلا لو حصل قبيل الطلاق بلحظة، فإنها تعتد عدة حرة "كانت له عليها رجعة أو لم تكن له عليها رجعة" العدة لا تتأثر بالرجعية والبائنة، لا تنتقل عدتها.
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
حصل إيش؟ وقد شرع، يلزمه، يلزمه إكماله.
طالب:. . . . . . . . .
نفسه، منهم من يقول: إنه له أن يرتقي إلى الأعلى، فإذا أراد أن ينتقل إلى الأعلى يجوز عند بعضهم، لكن الأصل أنه ما دام شرع، ومنهم من ينظر مسألة من شرع في الصيام ثم قدر على العتق، من صلى بالتيمم ثم رأى الماء، منهم من ينظرها بهذا.
"قال مالك: ومثل ذلك الحد يقع على العبد ثم يعتق بعد أن يقع عليه الحد فإنما حده حد عبد" مثل ما قلنا لأن العبرة بالحال لا بالمآل.
"قال مالك: والحر يطلق الأمة ثلاثاً وتعتد بحيضتين" لأن الطلاق يتعلق به، والعدة تتعلق بها "والعبد يطلق الحرة تطليقتين، وتعتد ثلاثة قروء".

(101/10)


"قال مالك في الرجل تكون تحته الأمة ثم يبتاعها فيعتقها: إنها تعتد عدة الأمة حيضتين" الآن في الرجل تكون تحته الأمة ثم يبتاعها فيعتقها: إنها تعتد عدة الأمة حيضتين، الرجل تكون تحته الأمة ثم يشتريها ويعتقها، هي لسيد غيره، يشتريها منه، إذا كانت زوجة، وهو متزوج هذه الأمة، ثم اشتراها فأعتقها أنها تعتد عدة الأمة حيضتين ما لم يصبها، لماذا؟ ثم يبتاعها فيعتقها، هذا عتق، لماذا لا يقال: استبراء؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في ما يدل على أنه طلقها، في الرجل تكون تحته الأمة ثم يبتاعها فيعتقها.
طالب:. . . . . . . . .
هو إن جعل عتقها صداقها هي في الأصل زوجة، هي في الأصل زوجة، فإن كان حراً لا خيار لها في الاستمرار على الزوجية بعد عتقها لا خيار لها في الاستمرار على الزوجية، لكن إن كان عبداً وتزوج حرة، ثم اشتراها فأعتقها على قول بأنه يملك، لها الخيار الآن؛ لأنها حرة تحت عبد، فإذا اختارت نفسها اعتدت بحيضتين، ما في إلا هذه الصورة، هو عبد ثم اشتراها لأنه يملك بالتمليك، ثم أعتقها فصارت بالخيار، فاختارت نفسها، تعتد عدة الأمة حيضتين ما لم يصبها، لماذا؟ لأنها انفصلت منه بالعتق لا قبل العتق ولا بعده، حصل لها الفراق لما صارت حرة، ما هو بواضح؟ طيب الآن عندنا عبد انتهينا من كونه حر تحته أمة يشتريها ويعتقها هذه تستمر؛ لأن الكفاءة موجودة، عبد تزوج أمة، ثم حصل له أن ملك مالاً على قول مالك فاشترى هذه الأمة فأعتقها، قد يقول قائل: لماذا لم يسعَ في عتق نفسه؟ قد يكون ما عنده مال يكفي لعتقه، أو سيده رفض أن يكاتبه، المقصود أن هذا الحاصل، أو تضرر بخدمتها لسيدها، تضرر فاشتراها فأعتقها، يعني إذا افترضنا المسألة هو عليه كفارة تلزمه كفارة وإلا ما تلزمه؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/11)


يمين مثلاً، ما يلزمه كفارة يمين؟ لكن باعتباره رقيق ولا يملك عند الجمهور، ما له إلا أن يكفر في الصيام، ليس له إلا أن يكفر في الصيام؛ لأنه لا يملك، إلا إذا تبرع أحد بالتكفير عنه، المقصود أن هذا الحاصل، عبد تحته أمة، اشتراها فأعتقها، صارت حرة فقيل لها، كما في حديث بريرة، خيرت فاختارت نفسها، بانت منه بهذا الاختيار، فسخت منه بهذا الاختيار، اختارت نفسها، ما الذي يلزمها؟ هل نقول: إن عدتها عدة أمة باعتبار ما كان، أو عدة حرة باعتبار المآل أو نقول: استبراء بحيضة؟ قلنا: تعتد عدة الأمة حيضتين ما لم يصبها، فإن أصابها بعد ملكه إياها قبل عتاقها لم يكن عليها إلا الاستبراء بحيضة، ما الفرق بين المسألتين؟ ويش اللي يفرقها عن الأولى؟ وعدة الأمة حيضتان في حال الطلاق.
طالب:. . . . . . . . .
لا في حال الطلاق حيضتين، هو هنا يريده طلاق.
طالب:. . . . . . . . .
يعني في الصورة في الأخيرة وإلا في الصورتين؟
طالب:. . . . . . . . .
والأولى؟ الفسخ، لا الفسخ ويش يقتضي؟
طالب:. . . . . . . . .
الفسخ طلاق وإلا ليس بطلاق؟ لما اختارت نفسها، المقصود لماذا قال في الصورة الأولى: حيضتين، وفي الثانية: استبراء بحيضة، الأولى عدة والثانية استبراء، لماذا صارت في الصورة الأولى عدة وفي الثانية استبراء؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: ما لم يصبها، ما بان الوجه إلى الآن.
طالب:. . . . . . . . .
ويش؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه ما فيها إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل هو فسخ وإلا طلاق؟ لما أعتقها واختارت نفسها طلاق وإلا فسخ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الفسخ يحتاج إلى استبراء بحيضة ما يحتاج إلى عدة.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/12)


هذا ما يختاره هو، وقول الجمهور أيضاً أن الخلع هل هو فسخ وإلا طلاق وإلا كذا أن عدته ثلاث حيض، خلافاً لشيخ الإسلام، شيخ الإسلام يرى أنه فسخ بحيضة واحدة، لكن هنا ما الفرق بين الصورتين؟ بينما إذا أصابها أو لم يصبها، أسقطت الخيار، واستمرت في زواجها وإلا في ملك اليمين؟ في ملك اليمين؛ لأنه اشتراها، فإن أصابها بعد ملكها قبل عتاقها إن أصابها بعد ملكه ... ، المسألة من أولها "قال مالك في الرجل تكون تحته الأمة" وافترضنا أنه عبد تحته أمة، وإن كان الرجل يعني يحتمل الأمر "تكون تحته الأمة، ثم يبتاعها فيعتقها: إنها تعتد عدة الأمة حيضتين" الآن لما ابتاعها واشتراها وأعتقها هل يلزم من ذلك الفراق؟ الآن لو كان حر ما يلزم، يعتقها وتستمر زوجة، يجعل عتقها صداقها، أو نقول: إنه لما تغير حالها من أمة إلى حرة لا بد أن يتغير وضعها فإن أراد الاستمرار معها زوجة جدد؟ أو نقول: إن مثل هذا لا يحتاج إليه إلا إذا اختارت نفسها، فإذا اختارت نفسها بانت منه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، مع العبد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إذا اختارت نفسها بانت منه كما هو شأن بريرة مع مغيث، وهذه البينونة هل هي طلاق أو فسخ؟ على القولين عنده أنها لو كانت حرة اعتدت بثلاث، وأمة تعتد بحيضتين، ما في إشكال على مذهبه في أن الفسخ عدته ثلاثة قروء ما لم يصبها، طيب أصابها؟ أصابها صارت؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما لم يصبها، فإن أصابها بعد ملكه إياها قبل عتقها لم يكن عليها إلا الاستبراء بحيضة.
طالب:. . . . . . . . .
تلقائياً؟ مثلما إذا ملك أحد أصوله أو فروعه؟ يعني باعتبار أن العقد الأقوى يقضي على الأدنى.
طالب:. . . . . . . . .
الملك أقوى من النكاح بهذه الطريقة، النكاح نكاح الأمة ملكها أقوى من نكاحها بلا شك، ملكها أولى، ولذلك يجوز للحر أن يملك أمة لكن لا يجوز له أن يتزوج.
طالب:. . . . . . . . .
في الشرح ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، طيب، يعني ما فرقوا بين المسألتين، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كلها ملك ثم عتق.
طالب:. . . . . . . . .

(101/13)


يقول -رحمه الله تعالى-: "قال مالك: في الرجل تكون تحته الأمة ثم يبتاعها فيعتقها: إنها تعتد عدة الأمة حيضتين ما لم يصبها، فإن أصابها" خليكم معنا يا الإخوان "فإن أصابها بعد ملكه إياها قبل عتاقها لم يكن عليها إلا الاستبراء بحيضة" الشرح يقول الباجي -رحمه الله-: قوله: "تكون عنده الأمة ثم يبتاعها" قد تقدم أن ملك اليمين يوجب فسخ النكاح لأنه أقوى لاشتماله على الرقبة والمنافع، فمن اشترى زوجته فقد انفسخ النكاح، وحلت له بملك اليمين، يعني المسألة مفترضة حتى في حال الحرية، يعني ما نحتاج إلى أن تختار أو لا تختار، تلقائياً خلاص ينفسخ العقد، ينفسخ العقد تلقائياً؛ لأن ملك اليمين يقضي على النكاح، فمن اشترى زوجته فقد انفسخ النكاح، وحلت له بملك اليمين، فإن اشتراها قبل أن يدخل بها ثم أعتقها فهذه لا عدة عليها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتق صفية وجعل عتقها صداقها، وبنى بها مباشرة، ليس لها عليه عدة، فهذه لا عدة عليها؛ لأن الفرقة وقعت قبل البناء، ولكنه إذا أعتقها تستبرأ بحيضة؛ لأن عقد ملك اليمين يبطل عقد النكاح، وإذا بطل لم يبق لعقد النكاح حكم في العدة لعدم البناء والله أعلم.
النكاح لا يحتاج إلى عدة، النكاح لا يحتاج إلى عدة، لماذا؟ لأنه بطل حكمه، الذي يحتاج إلى عدة هو ملك اليمين.
وإذا بطل لم يبق لعقد النكاح حكم في العدة لعدم البناء، والله أعلم.
مسألة: فإن اشتراها بعد أن دخل بها فأعتقها قبل أن يمسها اعتدت عدة الأمة، أعتقها قبل أن يمسها، اعتدت عدة الأمة، قرءين على حسب ما وجبت عليها العدة حين الفسخ، ولا تتغير عدتها بعتقها، هذا قول مالك وأصحابه وقال الكوفيون: تعتد بثلاثة أقراء، باعتبار أنها حرة، يعني الفرق بينهما أنها هل تعتد عدة أمة بقرءين؟ أو تعتد عدة حرة بثلاثة أقراء؟ لأنها انتقلت من وصف إلى وصف، فهل يستصحب الوصف السابق باعتبارها أمة، أو يستصحب الوصف اللاحق باعتبارها حرة؟ والذي يوقع في هذا الإشكال ولا يجعلنا نقول: هل الحكم للحال أو المآل؟ لأن الموجب وقع بين الأمرين بين الحال والمآل.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟ فهمت وإلا ما فهمت؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/14)


شوف الحكم وقع لو قلنا: إن الحكم للحال قلنا: تعتد بحيضتين، قلنا: الحكم للمآل باعتبارها صارت حرة تعتد بثلاث حيض، كما قال الحنفية، لكن الموجب للعدة في الحد الفاصل بين الحال والمآل؛ لأنها صارت به، صارت بالعتق الموجب للعدة صارت حرة، الظاهر أنه ما ... ، يعني لو طلقها قبل عتقها اعتدت عدة أمة، ولو طلقها بعد عتقها ...
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، قبل أن يدخل بها هذه لا عدة عليها، لكن لو طلقها بعد أن مسها، طلقها الآن اشتراها وأعتقها صارت حرة ثم طلقها بعد العتق على كلامه ما يملكها؛ لأنها خلاص انتهى، انتقلت من حال إلى حال، لكن يبقى أن الحد الموجب للعدة بين الحال والمآل فحصل التردد هل تعتد باعتبار المآل أو باعتبار الحال؟ رأي مالك أنها باعتبار الحال، أو ما قبل الحال يعني، باعتبارها أمة، فتعتد حيضتين، وعلى رأي الحنفية تعتد عدة حرة؛ لأن مآلها صارت حرة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأن عندنا أمران: عندنا حال وعندنا مآل قبل وبعد، لكن ماذا عما لو كان الموجب بينهما؟ هذا اللي يوجد الخلاف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، إيه هذا تمشياً على كلامه، يعني هذا مجرد توضيح لكلامه، توضيح بغير واضح.
طالب:. . . . . . . . .
هو نفس كلامه، نعم إيه هذا، النقطة هنا؛ لأنه ما فرق، الصورة واحدة، كانت تحته أمة زوجة فاشتراها فأعتقها، هذا الشيء اللي يجمع، فإن كان قد وطئها هذا لها حكم، إن كان لم يمسها لها حكم، لماذا فرقنا بالمسيس؟ فإن أصابها بعد ملكه إياها قبل إعتاقها لم يكن عليها إلا الاستبراء؛ لأنه ...
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن لما اشتراها وأعتقها صارت حرة، صح وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
وأعتقها؟ طيب وطئها؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/15)


شوف الأخيرة فإن اشتراها بعد أن دخل بها، يقول، يعني ما زال المسألة دقيقة جداً، وهو الإشكال كيف يحدث مثل هذا الإشكال عندنا؟ نعم؟ أننا تفقهنا على غير مراد المؤلف، يعني صحيح أننا أدركنا من كلامه ما نستطيع أن نجمع معه بعض التصور، لكن بعض المسائل المطوية اللي ما مرت علينا من مذهبه التي يخالف فيها المذاهب قد تخفى، ولذلك يعني كون الإنسان يعنى بكتبه المعروفة في بلده، والتي تابع عليها هذا لا شك أنه أيسر، وإلا يلزم عليه أن يتفقه ويعرف أصول المذهب قبل أن يشرح المذهب.
في شرح للموطأ اسمه: (المسوى) للدهلوي، يشرح موطأ محمد، اجتمعت فيه المذاهب الثلاثة، الأصل لمالك، الموطأ، صاغه محمد بن الحسن على مذهبه، فدخله المذهب الحنفي، الدهلوي الشارح أضاف مذهب الشافعي، يبقى إضافة المذهب الحنبلي، فتكون الصورة واضحة، لكن هنا الباجي يشرح بمذهب مالك، ماشي على وتيرة واحدة، قد يذكر المخالف مثلما ذكر رأي أبي حنيفة.
لكن نعود إلى المسألة مرة ثانية، لعل أمرها ينكشف، يقول: الرجل تكون تحته الأمة ثم يبتاعها، زوجة، أمة، رجل حر، دعونا من التصور الأول؛ لأن الأول كله يعني التماس، احتمالات، رجل تكون تحته أمة، زوجة، إذا اشتراها صارت ملك يمين، وانقلب النكاح إلى ملك يمين لأنه أقوى، فيقضي على أحكامه، ملك اليمين أقوى من النكاح، يقول: ثم يبتاعها فيعتقها تصير حرة، الآن إن أراد الاستمرار له الاستمرار وإلا لا؟ له أن يستمر عليها زوجة وإلا أمة؟ زوجة، شوف يا أخي الآن النكاح انفسخ، يمكن الاستمرار وإلا ما يمكن؟ ما يمكن؛ لأن النكاح انفسخ، ولا يمكن أن يستمر معها أمة لأنه اشتراها، ثم قلنا: إنه إذا اشترى ... ، أمة تحته بالعقد إيجاب وقبول صارت زوجة وهي أمة، اشتراها انقلب النكاح إلى ملك يمين، التغى النكاح تلقائياً؛ لأن ملك اليمين يقضي عليه، انحلت مسألة، هل له أن يستمر إذا أعتقها؟ لا، لماذا؟ لأن النكاح التغى، وملك اليمين ارتفع بالعتق، فلا بد من عقد جديد.

(101/16)


نأتي إلى المسألة يقول في الرجل تكون تحته الأمة ثم يبتاعها فيعتقها: إنها تعتد، ما في، لا يحتاج لا طلاق ولا شيء أبد، الآن باشر العدة، باشر الكلام في العدة، الآن النكاح انفسخ بملك اليمين، وملك اليمين انفسخ بالعتق، انتهى، صح وإلا لا؟ يقول: فيعتقها: أنها تعتد عدة الأمة حيضتين، ما لم يصبها؛ لأنه اعتبر الحال، ما اعتبرها زوجة، اعتبرها أمة؛ لأن النكاح بمجرد ملكها افنسخ.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
إلا، إلا حيضتين إيه، أمة عدتها حيضتان.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
اسمع، اسمع، أما قلنا: إن النكاح انفسخ بملك اليمين وملك اليمين انفسخ بالعتق؟ انفسخ بالعتق، هل تعامل بعد ذلك بعد الفسخ الأخير هل تعامل على أنها حرة أو على أنها أمة؟ إن كان وطئها بملك اليمين قبل أن يعتقها تستبرأ بحيضة باعتبار أنها انفسخت أمة، طيب إذا كان لم يطأها أعتقها، معروف أنه اشتراها، صارت أمة ثم أعتقها، ولم يطأها في حال كونها أمة، يعني صار ما في فاصل بين العتق وبين الشراء، أو صار في فاصل ما فيه وطء، الفاصل هذا ما له حكم ما دام ما فيه وطء، إن وطئها بملك اليمين انفصلت عنه على أنها أمة، تستبرأ بحيضة، وإن كان بمجرد شرائها وانتقالها من الحرية، من الزوجة إلى الأمة، ثم صارت حرة، وهو لم يطأها، تعتد عدة حرة، تعتد عدة نكاح على أنها أمة، حيضتين، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: جامع عدة الطلاق
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد وعن يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها، فإنها تنتظر تسعة أشهر، فإن بان بها حمل فذلك، وإلا اعتدت بعد التسعة الأشهر ثلاثة أشهر ثم حلت.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: الطلاق للرجال والعدة للنساء.
وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: عدة المستحاضة سنة.

(101/17)


قال يحيى وقال مالك: الأمر عندنا في المطلقة التي ترفعها حيضتها حين يطلقها زوجها أنها تنتظر تسعة أشهر، فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت الثانية قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض، فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت الثالثة كانت قد استكملت عدة الحيض، فإن لم تحض استقبلت ثلاثة أشهر ثم حلت، ولزوجها عليها في ذلك الرجعة قبل أن تحل إلا أن يكون قد بت طلاقها.
قال مالك -رحمه الله-: السنة عندنا أن الرجل إذا طلق امرأته وله عليها رجعة فاعتدت بعض عدتها ثم ارتجعها ثم فارقها قبل أن يمسها أنها لا تبني على ما مضى من عدتها، وإنها تستأنف من يوم طلقها عدة مستقبلة، وقد ظلم زوجها نفسه وأخطأ إن كان ارتجعها ولا حاجة له بها.
قال مالك -رحمه الله-: والأمر عندنا أن المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر ثم أسلم فهو أحق بها ما دامت في عدتها، فإن انقضت عدتها فلا سبيل له عليها، وإن تزوجها بعد انقضاء عدتها لم يعد ذلك طلاقاً، وإنما فسخها منه الإسلام بغير طلاق.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع عدة الطلاق
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد وعن يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب: أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها" ارتفع حيضها بسبب معلوم أو غير معلوم، ارتفع الحيض، بسبب معلوم أو غير معلوم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/18)


وإذا كان معلوم؟ حاضت حيضتين ثم بعد ذلك أكلت دواء فارتفع حيضها، أو ارتفع من غير دواء، المقصود أنه رفعتها حيضتها، ارتفع حيضها، فإنها تنتظر تسعة أشهر، حاضت حيضة أو حيضتين لم تحض الثالثة، لم تخرج من عدتها حتى تحيض الثالثة، ثلاثة قروء، وهذا كأن فيه إشارة إلى أن عمر يرى أن الأقراء الحيض، طيب الذين يقولون: إن الأقراء الأطهار هل تخرج من العدة قبل البدء في الحيضة الثالثة؟ لا، ما تخرج من العدة، لكنه هنا ركز على الحيض "أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فإنها تنتظر تسعة أشهر" يعني لو قيل: تنتظر حتى تحيض الثالثة، احتمال ما يعود عليها الحيض أبداً، فليست غاية هذه، فلا يمكن أن يعلق بها حكم، فإنها تنتظر تسعة أشهر؛ لنجزم بيقين أنه ليس في جوفها شيء، وليست بحامل، فإن بان بها حمل من خلال التسعة الأشهر فذلك، فلا تخرج من عدتها حتى تضع العمل، وإلا اعتدت بعد التسعة الأشهر ثلاثة أشهر ثم حلت، ثلاثة أشهر صار حكمها حكم الآيسة، هذا ظاهر.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: الطلاق للرجال والعدة للنساء" يعني عدد الطلقات معلق بالرجال، بالنسبة للحرية والرق، والعدة معلقة بالنساء حرية ورقاً.
قال: "وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: عدة المستحاضة سنة" يعني التسعة الأشهر والثلاثة، التسعة التي نجزم بها أنه ليس في بطنها حمل، ثم الثلاثة، عدة الآيسة، سنة، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
المستحاضة.
طالب:. . . . . . . . .
المميزة ما فيها إشكال، المميزة ما دام حكم لها شرعاً بأنها تجلس عن الصلاة أيام أقرائها فالصلاة أعظم، وكان يطئها زوجها بين الحيضتين، هذا أيضاً أمره أشد من مسألة العدة، فإذا كانت مميزة هذه لا شك أنها ترجع إلى تمييزها، وتحسب الحيضات الثلاث أثناء استحاضتها.

(101/19)


"قال مالك: الأمر عندنا في المطلقة التي ترفعها حيضتها حين يطلقها زوجها أنها تنتظر تسعة أشهر" يعني على ما قال عمر -رضي الله عنه- "تسعة أشهر، فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة أشهر" وهذا تكملة السنة، "فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض" يعني تسعة أشهر رفعت حيضتها، نقول: تعتد عدة آيسة، ثلاثة أشهر، مضى شهران ثم نزلت الحيضة، تعتد عدة حائض ثلاث قروء من جديد، تصير إحدى عشر شهر وثلاثة أشهر أربعة عشر، كم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: "فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: تنتظر تسعة أشهر، ترفعها حيضتها حين يطلقها زوجها تنتظر تسعة أشهر، فإن لم تحض فيهن -لم تحض- مفهومه أنها إن حاضت عدت هذه الحيض "فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة" أكملت شهرين ثم حاضت، استقبلت الحيض يعني تجلس ثلاثة أقراء "فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت الثانية قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض، فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت الثالثة كانت قد استكملت عدة الحيض" يعني حاضت ثم رفع عنها الحيض، نعم، حاضت مرة ثم رفع عنها الحيض، بقي لها حيضتان بعد التسعة الأشهر، إن حاضت حيضتين ثم رفع عنها الحيض استمرت تسعة أشهر، ثم استقبلت الحيضة الثالثة، وبهذا تكون خرجت من العدة؛ لأنه يصح في حقها أنها اعتدت ثلاثة قروء "فإن لم تحض استقبلت ثلاثة أشهر ثم حلت، ولزوجها عليها في ذلك الرجعة قبل أن تحل إلا أن يكون قد بت طلاقها" يعني إذا كانت رجعية له أن يراجعها خلال التسعة الأشهر، وله أن يراجعها خلال الحيض الثلاث التي انتظمت بعد التسعة الأشهر، وله أن يراجعها خلال الثلاثة الأشهر التي بعد الحكم بيأسها، بعد مضي تسعة أشهر، هذا إذا كانت رجعية.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما تستقبل بعد واحدة كل تسعة أشهر، لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .

(101/20)


لا، هو يكمل التسعة الأشهر بما فيها هذه الحيض، حاضت مرة ثم ارتفعت تكمل تسعة أشهر، حاضت مرتين تكمل تسعة أشهر، ثم بعد ذلك تستقبل ثلاثة أشهر إن حاضت فيها عُدت مع الحيضة الأولى، وإن كانت الثالثة خرجت من العدة، يعني يكون عندنا كم؟ أربعة عشر شهراً.
طالب:. . . . . . . . .
كم؟
طالب:. . . . . . . . .
في أي سورة؟
طالب:. . . . . . . . .
من كلامه؟
طالب:. . . . . . . . .
من كلام المؤلف؟
طالب:. . . . . . . . .
"قال مالك: الأمر عندنا في المطلقة التي ترفعها حيضتها حين يطلقها زوجها أنها تنتظر تسعة أشهر، فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة أشهر" يعن يتخرج من عدتها بسنة، انتهت العدة،. . . . . . . . . ما حاضت ألبتة "فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض، فإن مرت بها تسعة أشهر" يعني جديدة وإلا الأولى؟
طالب:. . . . . . . . .
استقبلت الحيض، فإن مرت بها تسعة أشهر، قبل أن تحيض، التسعة الأشهر الماضية وإلا جديدة؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، ما يلزم، خلونا نشوف، نتأمل.
طالب:. . . . . . . . .
بس حيض، تسعة أشهر ما له لازم، عرفنا أنها بحيضها برئ رحمها، بمرور تسعة أشهر ما فيها حمل القطع، ألبتة، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ثلاثة أشهر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، اصبر، إذا ارتفع حيضها تجلس تسعة أشهر؛ ليعلم براءة رحمها، ولا تتكرر هذه التسعة، بعدها تعتد عدة آيسة، مكثت شهرين ما جاءها حيض ثم جاءها حيض نقول: لا، الآن عرفنا أنه رجع الحيض تعتد بالأقراء، ويكفي ما يزيد على ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
حتى ولو قال، ما في، ما في مبرر لمثل هذا الكلام.
. . . . . . . . . هاه؟ ثم انقطع حيضها عرفنا أنها ...
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لا يحكم عليها بأنها آيسة حتى يمر عليها تسعة أشهر.

(101/21)


قوله: "في المطلقة ترفعها حيضتها يريد أن تنقطع عنها فلا ترى دم حيض فإن حكمها أن تقعد تسعة أشهر استبراءً لما طرأ عليها من الريبة بارتفاع الحيض، فإن لم تحض بها اعتدت بعده بثلاثة أشهر؛ لأنها قد فارقت حكم المحيض، اعتدت بالشهور كاليائسة من الحيض، ولا يجوز أن يراد بقول عمر من بلغت سن اليأس لأنه عام فيحمل على عمومه، وأيضاً فإن قال: بأن بها حمل، أو قال: فإن بان بها حمل وإلا اعتدت ثلاثة أشهر، وهذا لا يكون في اليائسة من المحيض؛ لأن اليائسة من المحيض لا تحمل.
فصل: فإن حاضت قبل التسعة أشهر أو بعد انقضائها وقبل الثلاثة الأشهر بطل حكم الشهور واستأنفت الاعتداد بالأقراء، فإن جرت أقراؤها على العادة انقضت عدتها بثلاثة أقراء، وإن ارتفعت حيضتها بعد تلك الحيضة الأولى، فإن اتصلت لها بتسعة أشهر من يوم طهرت منها لم تر فيها دم حيض ألغت ما تقدم من عدتها بالحيضة، والأشهر التي تقدمتها واستأنفت الاستبراء من يوم طهرها من تلك الحيضة، فإن كملت مدة الاستبراء اعتدت، الاستبراء المعروف أنه تسعة أشهر، اعتدت بثلاثة أشهر فإن رأت حيضة ثانية قبل انقضاء العدة بالشهور ألغت ذلك كله، واعتدت بهذه الحيضة وبالحيضة الأولى حيضتين من عدتها، ثم إن ارتفعت حيضتها الثالثة استأنفت الإبراء بتسعة أشهر من يوم طهرت من الحيضة الثانية، فإن لم ترَ في مدة الاستبراء حيضاً اعتدت بعدها بثلاثة أشهر فتلفق الحيض، وإن تخللته الريبة ولا تلفق مدة الاستبراء، بل تلغي كل ما تقدم منها إذا كان بعدها حيض؛ لأنه استبراء تجدد لريبة مجردة فلذلك لا يصح فيه التلفيق، والحيض ليس بريبة بل ينفي الريبة، فلذلك لفق بعضه إلى بعض.
فرع: وهذا إذا كان الحيض، فإن رأت الدم يوماً أو يومين أو ما لا يكون حيضاً ... إلى آخره، أطال على هذا.
على كل حال المسألة يعني ما فيها شك أنها مشقة وعنت على المرأة أن تجلس ما يقرب من ثلاث سنين معتدة، مثل هذا لا يأت به مثل شرعنا الحنيف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هم يذكرون الحمل أربع سنين، الحمل ... ، نعم، إلى أن قال الإمام مالك قال: هذا جارنا محمد بن عجلان جلس في بطن أمه أربع سنين.
طالب:. . . . . . . . .

(101/22)


والله لا بد من مزيد تأمل، أما أن تحبس المرأة من أجل مثل هذا، المرأة إما حائض أو يائسة حقيقة أو حكماً.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من مراجعة، تراجع، لكن هذا نادر والنادر ما له حكم، المسألة مفترضة في امرأة عادية، ثم ارتفع حيضها، على كل حال تراجع -إن شاء الله-.
فإن حاضت الثالثة كانت قد استكملت عدة الحيض فإن لم تحض استقبلت ثلاثة أشهر ثم حلت، ولزوجها عليها في ذلك الرجعة قبل أن تحل، إلا أن يكون قد بت طلاقها".
"قال مالك: السنة عندنا أن الرجل إذا طلق امرأته وله عليها رجعة اعتدت بعض عدتها" إيش؟ يقول: "السنة عندنا أن الرجل إذا طلق امرأته وله عليها رجعة فاعتدت بعض عدتها ثم ارتجعها ثم فارقها قبل أن يمسها أنها لا تبني على ما مضى من عدتها" فارقها قبل أن يمسها، يعني قد يقول قائل: إن مثل هذا لا يحتاج إلى عدة، مثل الطلاق قبل المسيس، هذه الرجعة لا قيمة لها، ولا أثر لها في العدة؛ لأنها في الأصل لو طلقها ما احتاجت إلى عدة، فلو قيل: إنها تبني على عدتها السابقة؛ لأن هذه الرجعة لا قيمة لها، كالطلاق قبل الدخول، له وجه وإلا ما له وجه، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ليش؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن إذا ...
طالب:. . . . . . . . .
شوف يا أخي أقول لك: لو راجعها، الآن لو عقد عليها، راجعها بمثل العقد، الرجعة مثل العقد، يبيحها له، لكن طلقها قبل أن يمسها، كما لو عقد عليها وطلقها لم يمسها، تكمل العدة السابقة، لكن نقول: مثل هذا وجه، ما أنا بقول: إنه هو الراجح، أنا أقول: الوجه واضح في قياسه على العقد الأول، ثم الطلاق بدون رجعة، خلونا نتصور المسألة من وجوه، ما يكفي أننا نمشي على وجه واحد وهنا احتمالات، قد يقول قائل: ما دام ما مسها لماذا لا يكون مثل العقد ابتداءً؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
وهذه، هذه معتدة أرجعت بمثابة العقد المطلقة قبل المس.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/23)


في عدة، في عدة، لكن المؤثر في العدة، الحكمة الأولى من العدة معرفة براءة الرحم، وما مسها، نقول: انقطعت العدة الأولى، طيب لو أن من غاب عن زوجته، وحكم بموته، وجاء بعد العقد بالثانية وقبل الدخول، ويش لون تكون؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أقصد هذا، أنا أقول: من حيث العدة، الثاني ما دخل ... ، ترجع إلى زوجها الأول بدون عدة للثاني؛ لأن هذه رجعة، نعم، بدون عدة، كأن ... ، ليس له عدة عليها، هذا ارتجاع في أثناء زواج، أنا يلوح لي أن له وجه، يعني كونه راجح أو مرجوح هذا شيء ثاني، كونه قال به أحد أو لم يقل به أحد لكن له وجه، يعني قياسها قياس الرجعية المرتجعة التي طلقت بدون مسيس، راجعها ثم طلقها بدون مسيس كأنه عقد عليها ثم طلقها بدون مسيس لا أثر لهذه الرجعة على العدة، إذن له وجه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا عومل بنقيض قصده قلنا: إن الرجعة ما لها قيمة، إذا أردنا أن نعامله بنقيض قصده، نعم.
يقول: "إن الرجل إذا طلق امرأته وله عليها رجعة فاعتدت بعض عدتها ثم ارتجعها ثم فارقها قبل أن يمسها أنها لا تبني على ما مضى من عدتها، وإنها تستأنف من يوم طلقها عدة مستقبلة، وقد ظلم زوجها نفسه، وأخطأ إن كان ارتجعها، ولا حاجة له بها" الآن الرجعة لمن لا يريد الإصلاح صحيحة وإلا غير صحيحة؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لا يريد الإصلاح، ما هو بقيد في الرجعة، إرادة الإصلاح ما هو بقيد في الرجعة. . . . . . . . . لأنه لا يريد الإصلاح، المسألة يدين بها عند الله -جل وعلا-، ولذلك قال: "وقد ظلم زوجها نفسه وأخطأ إن كان ارتجعها ولا حاجة له بها" إنما مجرد ليطول عليها العدة.
"قال مالك: والأمر عندنا أن المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر ثم أسلم" الإمام مالك يقول: إن كان هذا قصده آثم، ولا اثر لهذه النية في الحكم، آثم ولا أثر لها في الحكم.

(101/24)


"قال مالك: والأمر عندنا أن المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر ثم أسلم، فهو أحق بها ما دامت في عدتها، فإذا انقضت عدتها فلا سبيل له عليها، وإن تزوجها بعد انقضاء عدتها لم يعد ذلك طلاقاً" يقول: "ما دامت في عدتها، فإذا انقضت عدتها فلا سبيل له عليها" يعني بانت منه، خلاص، انتهت، بانت باختلاف الدين، وإن تزوجها بعد انقضاء عدتها لم يعد ذلك طلاقاً، لم يعد طلاق، يعني الفراق بسبب اختلاف الدين ليس بطلاق، يعني مثل الخلاف في الخلع، هل يعد طلاق أو لا يعد؟ عند من يقول: إنه ليس بطلاق هذا مثله، قد يقول قائل: هذه المسائل مختلف فيها، لماذا لا يبت فيها على اليقين؟ الخلع خلاف هل هو طلاق أو لا يعد طلاق؟ لماذا لا يقال له: طلق؛ ليكون طلاق بيقين وتحل لمن بعده؟ مثل ما قلنا في المسألة في الاختلاف في وقوعه في الحيض؛ لأن هذه مثلها بالضبط، يعني خالعت ولا في طلاق، بانت منه وانتهت، لكن ماذا عمن يقول: إنه طلاق؟ ((خذ الحديقة، وطلقها تطليقة)) هل يلزم أن يقال له: طلق، أو أنه بمجرد قبضه المعاوضة تكون بانت منه وانفسخت منه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني قبض المعاوضة؟ ولذلك في الآية جعل الخلع والافتداء بين الطلقة الثانية والثالثة، وحينئذٍ انفصلت منه فتحل لغيره، ولو لم يكن طلاقاً.
"وإن تزوجها بعد انقضاء عدتها لم يعد ذلك طلاقاً، وإنما فسخها منه الإسلام بغير طلاق" يقول: ما دام الخلاف قوي، هل نقول: إنها مثل المطلقة في الحيض؟ وهل يبيحها لغيره بمجرد وقوع الطلاق في الحيض المختلف فيه كالفسخ بالعوض؟ أو نقول: لا بد أن يصرح لتحل لمن بعده بيقين؟
سم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الحكمين
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال في الحكمين اللذين قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [(35) سورة النساء]: إن إليهما الفرقة بينهما والاجتماع.

(101/25)


قال مالك -رحمه الله-: وذلك أحسن ما سمعت من أهل العلم أن الحكمين يجوز قولهما بين الرجل وامرأته في الفرقة والاجتماع.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الحكمين
يعني إذا وجدت المشاكل والشقاق بين الزوجين، ولم يستطيعا أن يحلا مشاكلهم بنفسيهما فحينئذٍ يتفق على حكمين، واحد من أهله وواحد من أهلها؛ ليكونا أعقل من في الأسرتين، ممن يستطيع التأثير والإصلاح في مسائل النزاع.
هذان الحكمان هل هما حاكمان أو مصلحان؟ بمعنى أنهما إذا كانا حاكمين أن قولهما ينفذ، يعني لو حكما بالطلاق انتهت المشكلة خلاص، وإذا قلنا: مصلحين يسعيان في الصلح إلى أن تصل الجهود إلى باب مسدود، أو إلى طريق مسدود، يقولون: والله عجزنا، ما عاد بقي إلا الطلاق، ما في حل إلا الطلاق، فيشيران عليهما بذلك.
يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال في الحكمين اللذين قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [(35) سورة النساء] " يريدا يعني الحكمين أو الزوجين؟ آخر مذكور يعني أقرب مذكور الحكمين " {إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [(35) سورة النساء]: إن إليهما الفرقة بينهما والاجتماع" يعني يملكان الطلاق، ومقتضى حكمين أن لهما الحكم والبت في هذه المسألة، وإن كان بعضهم يقول: إنهما مصلحان، لا يملكان الطلاق إلا أن يشيرا به فقط.
"إن إليهما الفرقة بينهما والاجتماع".
قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت من أهل العلم أن الحكمين يجوز قولهما" يعني يمضي وينفذ "قولهما بين الرجل وامرأته في الفرقة والاجتماع" إما أن يقررا أنهما يجتمعان ولا يفترقان، أو يقرر أنهما يفترقان بالطلاق فيطلقان عليهم، وهذا مقتضى التسمية بالحكمين "أن لهما أن يحكما بما رأيا من اجتماع أو افتراق" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(101/26)


والله الفظ يدل على ذلك، وإن ... ، مشكلة الاحتياط هنا، مشكلة الاحتياط مع وجود هذه الخلافات أن كون الزوج هو الذي يطلق هو الذي يقطع أدنى شك في المسألة إلا إذا امتنع ورفض يطلق عليه الحاكم، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: يمين الرجل بطلاق ما لم ينكح
وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وسالم بن عبد الله -رضي الله عنهم- والقاسم بن محمد وابن شهاب وسليمان بن يسار كانوا يقولون: إذا حلف الرجل بطلاق المرأة قبل أن ينكحها ثم أثم إن ذلك لازم له إذا نكحها.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول فيمن قال: كل امرأة أنكحها فهي طالق: إنه إذا لم يسم قبيلة أو امرأة بعينها فلا شيء عليه.
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يقول لامرأته: أنت ...
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله تعالى- ...
وهذا أحسن ما سمعت.
وهذا أحسن ما سمعت في الرجل يقول لامرأته ...
لا، لا، بعدها قال مالك في الرجل مسألة ثانية، ما عندك قال مالك في الرجل؟
طالب: إي نعم.
خلاص هذا ما فيه إشكال، الجملة الأولى: قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت سقطت.
أحسن الله إليك.
قال مالك في الرجل يقول لامرأته: أنت الطلاق، وكل امرأة أنكحها فهي طالق، وماله صدقة إن لم يفعل كذا وكذا فحنث، قال: أما نساؤه فطلاق كما قال، وأما قوله: كل امرأة أنكحها فهي طالق فإنه لم يسم امرأة بعينها أو قبيلة أو أرضاً أو نحو هذا، فليس يلزمه ذلك؛ وليتزوج ما شاء، وأما ماله فليتصدق بثلثه.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: يمين الرجل بطلاق ما لم ينكح

(101/27)


يعني إذا قال الرجل: إن تزوجت فلانة فهي طالق، أو إن تزوجت من آل فلان فهي طالق، أو إن تزوجت من قبيلة كذا فهي طالق، أو من بلد كذا فهي طالق، أو إن تزوجت امرأة وأطلق فهي طالق، إذا حدد المرأة يقع الطلاق، حدد الأسرة يقع الطلاق، حدد القبيلة يقع الطلاق، حدد البلد يقع الطلاق، لكن إذا أطلق لا شك أن هذا يوقعه في الحرج والعنت، أما إذا حدد جهة معينة هناك بدائل يتزوج منهم، فهذا ليس فيه حرج عليه، فيلزم به، أما إذا عمم أي امرأة أتزوجها فهي طالق هذا لا شيء، فإن كان يقصد به منع نفسه من الطلاق فحكمه حكم اليمين التي يراد منها الحث أو المنع، أما أن يضيق على نفسه فيمنعها من الزواج من أي بلد أو من أي قبيلة، أو من أي امرأة فإن هذا لا شيء، وهذا الذي يقرره المؤلف -رحمه الله تعالى-.
قال: "وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم-، وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وابن شهاب وسليمان بن يسار" ثلاثة من الصحابة وأربعة من الفقهاء "كانوا يقولون: إذا حلف الرجل بطلاق المرأة قبل أن ينكحها ثم أثم" يعني حنث "إن ذلك لازم له إذا نكحها" لأنه ليس عليه مشقة حينما يطلق امرأة بعينها.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول فيمن قال: كل امرأة أنكحها فهي طالق: إنه إذا لم يسم قبيلة أو امرأة بعينها فلا شيء عليه" لأنه بيمينه هذا آثم، حالف على أن يخالف سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، كأنه أراد أن لا يتزوج ألبتة، وهو بهذا مخالف لسنن المرسلين، فهذا لا شيء.
"قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت".

(101/28)


"قال مالك في الرجل يقول لامرأته: أنت الطلاق، وكل امرأة أنكحها فهي طالق، وماله صدقة إن لم يفعل كذا وكذا فحنث، قال: أما نساؤه فطلاق" التي في عصمته هذه معينة طلقت، واحدة أو أكثر كما قال "وأما قوله: كل امرأة أنكحها فهي طالق فإنه لم يسم امرأة بعينها أو قبيلة أو أرضاً أو نحو هذا" بحيث يكون له مندوحة في نساء أخر، في بلدن أخر، في قبائل أخر يستطيع أن يتزوج منها، فالأمر فيه شيء من السعة "فليس يلزمه ذلك، وليتزوج ما شاء، وأما ماله فليتصدق بثلثه" كما في حديث سعد ((والثلث كثير)) نعم.
أحسن الله إليك.

باب: أجل الذي لا يمس امرأته
وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: من تزوج امرأة فلم يستطع أن يمسها فإنه يضرب له أجل سنة فإن مسها وإلا فرق بينهما.
وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب متى يضرب له الأجل أمن يوم يبني بها أم من يوم ترافعه إلى السلطان؟ فقال: بل من يوم ترافعه إلى السلطان.
قال مالك -رحمه الله-: فأما الذي قد مس امرأته ثم اعترض عنها فإني لم أسمع أنه يضرب له أجل، ولا يفرق بينهما.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: أجل الذي لا يمس امرأته
يعني العنين، تزوجت فإذا بالزوج عنين لا يطأ النساء، وجحد، وكتم عنها ذلك، فإنه إن ادعى أنه يطأ، إن وافق، قال: إنه عنين هذا ما يحتاج إلى أن تضرب له سنة، لكن إن ادعى أنه يطأ لكن ما يدري ويش اللي أصابه؟ هذا تضرب عليه سنة لتمر عليه الفصول الأربعة؛ لأنه قد يأتي مثلاً زمن برد فيضعف فيه بعض الناس، يأتي زمن حر يضعف فيه بعض الناس، يأتي الأجواء المعتدلة يقول: أنا والله ما أقدر أشتغل إلا بحر وإلا ببرد، فتقطع جميع السبل على الدعاوى التي يمكن أن يتشبث بها في الفصول الأربعة، فإذا مرت الفصول الأربعة عرف أنه رجل منتهي.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: من تزوج امرأة فلم يستطع أن يمسها فإنه يضرب له أجل سنة، فإن مسها وإلا فرق بينهما" قال: "وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب متى يضرب له الأجل؟ " إذا فرق بينهما بعد السنة يستحق من صداقه شيء وإلا ما يستحق؟ لا يستحق؛ لأن الفرقة جاءت بسببه، من قبله.

(101/29)


قال: "وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب متى يضرب له الأجل؟ أمن يوم يبني بها أم من يوم ترافعه إلى السلطان؟ قال: بل من يوم ترافعه إلى السلطان" لأن السلطان هو الذي يضرب له هذه المدة.
"قال مالك: فأما الذي قد مس امرأته" اعترفت أنه وطئها "ثم اعترض عنها فإني لم أسمع أنه يضرب له أجل، ولا يفرق بينهما" لكن نفترض أنه مس امرأته ليلة الدخول بمقوي مثلاً، أكل منشط وإلا شيء واستطاع أن يطأ زوجته، وبعد ذلك قيل له: هذه المنشطات تضرك، قال: أجل ما يحتاج، وسامع مثل هذا الكلام، الذي مس امرأته ثم اعترض عنها لم أسمع أنه يضرب له أجل، ولا يفرق بينهما، الكلام فيمن عدم هذا الأمر بالكلية، يضرب، لكن وجد منه الوطء ثم بعد ذلك انقطع، قال ...
طالب:. . . . . . . . .
من؟
طالب:. . . . . . . . .
مالك يقول: "فأما الذي قد مس امرأته، ثم اعترض عنها، فإني لم أسمع أنه يضرب له أجل، ولا يفرق بينهما" لكن إذا ثبت أنه عنده ضعف شديد ثم بالمنشط استطاع أن يطأ، ثم لم يعد إلى ذلك، ما استطاع بعد ذلك، قد لا يستطيع بعد ذلك لا بمنشط ولا بغير منشط، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نفترض أنه اعترض بعد أن وطئها وطئاً مناسباً له، وطء وهو شاب، وما في أدنى علة، ولا أدنى مانع، وكان يعني يطأ بالقوة، قريبة من الفعل وهو ما بعد تزوج، لكن يعرف من نفسه أنه يطأ بجميع العلامات التي تدل على الوطء، ثم بعد ذلك تزوجها ووطئها على المطلوب في أول ليلة، ثم اعترض بعد ذلك، يضرب وإلا ما يضرب له؟ كان يستطيع، يستطيع عنده قدرة تامة في ليلة العرس ما اكتفى بمرة ولا مرتين، الرجل يعني عنده القدرة التامة، ما يدرى أصيب حاول من الغد من بعده من ذاك، شهر ما استطاع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا لا، لا مثل هذا ما يحتاج إلى أن يضرب له أجل، هذا إذا تضررت وادعت عليه.
طالب:. . . . . . . . .
هي ترفع إلى السلطان، فرق بين شخص لا يطأ بالكلية من الأصل، مقدم على الزواج وما عنده شيء عنين، وبين شخص كامل الاستعداد، وفي ليلة الزواج بدلاً من مرة أو مرتين خمس مرات مثلاً، كامل قواه، ما في أدنى ضعف، ثم من الغد حاول، وبعد غد وذاك حاول، يمكن عين، يمكن شيء، بذل الأسباب قرأ على نفسه، جاء برقاة، ثم بعد ذلك ما استطاع تضررت، فرق بين العيب اللازم والطارئ، فرق بينهما، إذا تضررت تقدمت إلى الحاكم وفسخ، والطلب حينئذٍ منها، تفسخ بإيش؟ بخلع، لكن إذا غشها ما يحتاج شيء من صداقها ....

(101/30)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب النكاح والطلاق (9)
باب: جامع الطلاق - باب: عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً - باب: مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل - باب: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها - باب: عدة الأمة إذا توفي سيدها أو زوجها - باب: ما جاء في العزل.
الشيخ: عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: هل إذا دعت أو دعيت العائلة للوليمة يكون الوجوب في حق كل أفراد العائلة، وإذا تخلف أحد من أفراد العائلة هل يدخل في النهي؟
يعني إذا قيل: فلان وعائلته، أما من نص عليه باسمه هذا لا يسعه إلا إجابة الدعوة، يجب عليه، أما من أجمل مع غيره ولم ينص عليه هذا لا يجب، إنما يتأكد في حقه لكن لا يجب عليه، وأيضاً يفرق بين من أمره بيده ومن أمره بيد غيره، من أمره بيده له حكم، ومن أمره بيد غيره له حكم آخر، فيفرق بينهم من هذه الحيثية.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع الطلاق
وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من ثقيف اسلم ...
أسلَمَ.
قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشر نسوة حين أسلم الثقفي: ((أمسك منهن أربعاً، وفارق سائرهن)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار كلهم يقول: سمعت أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- يقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- يقول: أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل وتنكح زوجاً غيره فيموت عنها أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول، فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها.
قال مالك -رحمه الله-: وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها.

(102/1)


وحدثني عن مالك عن ثابت بن الأحنف أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة، وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما، فقال: طلقها وإلا والذي يحلف به فعلت بك كذا وكذا، قال: فقلت: هي الطلاق ألفاً قال: فخرجت من عنده، فأدركت عبد الله بن عمر بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله وقال: ليس ذلك بطلاق، وإنها لم تحرم عليك، فارجع إلى أهلك، قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذٍ بمكة أمير عليها فأخبرته بالذي كان من شأني، وبالذي قال لي عبد الله بن عمر، قال: فقال لي عبد الله بن الزبير: لم تحرم عليك، فارجع إلى أهلك، وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري، وهو أمير المدينة يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن، وأن يخلي بيني وبين أهلي، قال: فقدمت المدينة فجهزتُ صفية امرأة عبد الله ....
فجهزتْ ...
أحسن الله إليك.
قال: فقدمت المدينة فجهزت صفية امرأة عبد الله بن عمر وامرأتي ...
امرأتي، امرأتي.
أحسن الله إليك.
جهزت امرأتي.
قال: فقدمت المدينة فجهزت صفية امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر قرأ: {يا أيها الذين آمنوا}
يا أيها النبي.
أحسن الله إليك.
قرأ: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن}
قبل، يعني لاستقبال العدة.
أحسن الله إليك.
{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن}.
قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة.

(102/2)


وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له، وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها، ثم قال: لا والله لا آويك إلي، ولا تحلين أبداً، فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [(229) سورة البقرة] فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذٍ من كان طلق منهم أو لم يطلق.
وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديَلي
الديْلي.
أحسن الله إليك.
عن ثور بن زيد الديلي أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها، ولا يريد إمساكها كيما يطول بذلك عليها العدة ليضارها، فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [(231) سورة البقرة] يعظهم الله بذلك.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران، فقالا: إذا طلق السكران جاز طلاقه، وإن قتل قتل به.
قال مالك -رحمه الله-: وعلى ذلك الأمر عندنا.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول: إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما.
قال مالك: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع الطلاق
يعني المسائل المتفرقة التي لا يجمعها باب واحد؛ لعدم تماثلها في الأحكام، تجمع هذه المسائل المتفرقة في باب يسمونه الجامع، والإمام مالك -رحمه الله- في جميع الكتب السابقة من موطئه يصنع هذا.

باب: جامع الطلاق

(102/3)


قال: "وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من ثقيف" اسمه كما جاء في الروايات: غيلان بن سلمة الثقفي، أسلم وعنده عشر نسوة، ما زاد على أربع حرام، وإذا تزوج خامسة فنكاحها باطل، وعقدها ليس بصحيح، ولا تحتاج إلى طلاق، إذا تزوج الخامسة بعد تحريم ما زاد على الأربع، لكن غيلان ما كان عنده مشكلة؛ لأنه كان مشركاً ينكح ما شاء، ويوجد الآن في بعض القبائل الإفريقية من عنده عشر، من عنده عشرون، من عنده مائة من النساء، فإذا أسلم الواحد منهم يمسك أربعاً، ويسرح ما زاد على ذلك، وحينئذٍ يختار، لماذا لم يقل: اختر الأربع الأول والست الباقية دخلت على الأربع فنكاحها ليس بصحيح؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هو حال كفره، فهل يعامل في مثل هذه الصورة معاملة المسلم؟ لا؛ لأنه بالنسبة للعقد لا فرق بين الأولى والعاشرة في حال الكفر، وعلى هذا يخير، ولا شك أن مثل هذا من باب الرفق به، كونه يختار الأفضل فالأفضل عنده أولى من أن يقال: طلق من كانت بهذه الصفة، أو من كانت بهذه الصفة؛ لأنه قد يؤمر بإمساك من لا يرغب فيها، ولذا أسلم شخص عن خمس من النسوة، فقيل له: أمسك أربعاً وفارق واحدة، يقول: فنظرت فإذا عتود عندي منذ ستين سنة فطلقتها، قديمة عنده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه تسريح، هو تسريح على كل حال، هو يطلق باعتبار أن من أسلم فرق بين من يعقد على خامسة في الإسلام هذا ما يحتاج إلى طلاق؛ لأن النكاح ما انعقد أصلاً، بينما انعقد عليها في حال الكفر نعم يطلق، لماذا؟ لأن الإسلام جاء وأقر العقود السابقة على ما هي عليه، ثم لما كان ... ، لو هن أربع مثلاً ما صار شيء نكاحه صحيح، فعلى هذا نكاحه للعشر صحيح فيحتاج إلى طلاق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في الإسلام؟
طالب:. . . . . . . . .

(102/4)


تعزير بالغ شديد، إلا إذا كان مما يجهل مثل هذا الحكم، وإلا إذا كان يعرف تعزير بالغ؛ لأن العقد على الخامسة بعد علمه به الآن العقد على المحارم عقد على زوجة أبيه، مثل هذا يعني فرق بين أن يطأ زوجة أبيه، هذا من أعظم المحرمات، لكن كونه يعقد عليها هذا استحلال لما أجمع على تحريمه، هذا مرتد، لكن لو عقد على خامسة؟ الإجماع عند من يعتد بقوله من أهل العلم على تحريم ما زاد على الأربع، لكن ليس كالإجماع على نكاح زوجة الأب؛ لأن الآية {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [(3) سورة النساء] تقتضي أن يكون العدد أربع، وجاء في النصوص ما يدل على أربع كحديث الباب، لكن ليست دلالته قطعية مثل دلالة تحريم نكاح زوجة الأب.
فهذا يعزر تعزير بالغ، ولا يحكم عليه بالردة مثل ذاك، من عقد على خامسة ما يحكم عليه، في أقوال شاذة حتى عند بعض من أهل العلم النكاح إلى تسع، وليس خاص هذا القول بالرافضة يقولون بهذا، لكن غيرهم قد يستروح، ويظن أو دلالة الآية عنده تقتضي هذا: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [(3) سورة النساء] اجمع يصير تسع، يعني إذا فعل ذلك فاهماً دلالة الآية على هذا شبهة هذه، فلا يحكم بردته لكنه يعزر تعزيراً بالغاً، أما من عقد على أخته، أو على عمته، أو زوجة أبيه مما دلت النصوص القطعية على تحريمه، وأجمع العلماء على ذلك، ولم يوجد مخالف، والنصوص لا تحتمل هذا مرتد، ولذلك الذي عقد على زوجة أبيه أرسل له النبي -عليه الصلاة والسلام- من يقتله، ويخمس ماله.

(102/5)


قال -رحمه الله-: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار كلهم يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول: أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل وتنكح زوجاً غيره فيموت عنها أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها" يعني نكاحها للزوج الثاني لا يلغي النكاح السابق، بينما لو كانت مبتوتة، لو طلقها ثلاثاً، ثم نكحت زوجاً غيره، ثم رجعت إلى الأول ترجع صفر، من جديد، وهذه ترجع بطلاقها الأول، واحدة أو اثنتين، وهي المسألة التي سأل عنها عمر -رضي الله تعالى عنه- أبا هريرة، وكأن أبا هريرة نسب هذا إلى عمر من خلال هذا السؤال والإقرار، أو يكون سمعه بعد ذلك أو قبل ذلك، المقصود أن هذه المسألة سأل عمر -رضي الله تعالى عنه- أبا هريرة عنها، فقال: ترجع بطلاقها الأول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أهل العلم يستدلون به على هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني من باب أولى، يعني إذا هدم الزوج الثاني الثلاث يهدم الثنتين ويهدم الثالثة، لكن هذا معروف عن عمر -رضي الله تعالى عنه-، وكون المطلقة المبتوتة تهدم هذا واضح؛ لأنها تحل له، ولو بقيت الثلاث ما حلت له، وكونها تهدم واحدة ويبقى ثنتين أو واحدة لا دليل عليه، يعني المطلقة المبتوتة يعني إذا قلنا: المطلقة مرتين ترجع بطلقتيها لماذا لا يقال: إن النكاح هدم الثالثة وبقيت الثانية؟ صارت بحكم الرجعية، لأنه قد يقال مثل هذا، أو يقال بالمقابل: إذا كان النكاح يهدم الثلاث فلماذا لا يهدم الثنتين؟ المسألة مسألة مع النصوص، جارية مع النصوص، أما المبتوتة فإنها ترجع صفراً بدون طلقات، وهذا مقتضى {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [(230) سورة البقرة] فإذا نكحت فلا يخلو إما أن يقال: إنها ترجع صفر، أو ترجع بطلقتين فتلغي الأخيرة فقط؟ الزوجة الثانية أو الأخيرة فقط، أو ترجع بواحدة، وكل هذا لا دليل عليه.
"قال مالك: وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها".

(102/6)


قال: "وحدثني عن مالك عن ثابت بن الأحنف أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب" ابنه، هذه أم ولد أبيه "فجئته فدخلت عليه، فإذا سياط موضوعة" لأن بعض الناس يأنف أن تتزوج أمه بعد أبيه، أو تزوج زوجة أبيه يأنف من هذا، وهذا أم ولد لأبيه "قال: فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة وإذا قيدان من حديد، وعبدان له قد أجلسهما" مبيت شر "قال: طلقها وإلا والذي يحلف به" وهو الله -جل وعلا- "فعلت بك كذا وكذا" يعني جلدتك بهذه السياط، وقيدتك بهذين القيدين من الحديد، وبواسطة هذين العبدين.
"قال: فقلت: هي الطلاق ألفاً" هي الطلاق ألفاً يريد أن يتخلص، وإن كان الطلاق على غير رغبته؛ لأنه لو كان الطلاق من رغبة منه ما احتاج إلى سياط، وما احتاج إلى قيود، المقصود أنه مكره "فقال: هي الطلاق ألفاً" يعني هل قوله: "ألفاً" يدل على رضاه أو على أنه من غير رضا؟ نعم؟ لأنه قد يقول قائل: إنها تطلق بواحدة ما الداعي لأن يقول: ألف؟ فقد أصدر الألف طلقة وهو مختار؛ لأن المكره يقتصر على أقل قدر يزول به الإكراه، يعني لو أن واحداً اعترض شخصاً، وقال: أعطني ألف، صائل قال: أعطني ألف، فإذا معه صرة فيها عشرة آلاف، قال: خذها كلها، هذا رضا وإلا ليس برضا؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا أقرب إلى الرضا ليش؟ لأنه يدفع بأقل قدر؛ يعني ممكن يقول له: لا، هذه تكفيك خمسمائة؟ نعم؟ يفاوضه على الأقل، لكن هنا ما فاوض، قال: الطلاق ألف، وهذا واضح، واضح أنه غضبان ومكره، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هو خشي من السياط، خشية السياط.

(102/7)


"قال: فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني، فتغيظ عبد الله بن عمر" غضب على عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد "فتغيظ عبد الله، وقال: ليس ذلك بطلاق، وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك" نعم طلاق المكره، وأحياناً يستعمله بعض الولاة لأخذ البيعة لولده هذا حصل، يعني في عهد بعض بني أمية، وبني العباس حصل أنه يأتي بأهل الحل والعقد من تردد منه، أو خشي منه التردد من البيعة لولده، حلفه بالطلاق، حلفه فإذا كان مكرهاً على ذلك لم يقع طلاقه.
"فأرجع إلى أهلك، قال: فلم تقررني نفسي" يعني ما ارتحت، ومثل هذا الموضوع لا شك أنه يستمر التردد في النفس، بسببه؛ لأنه لفظ بالطلاق، فخشي أن يؤاخذ به ولو كان مكرهاً.
"قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذٍ بمكة أمير عليها، فأخبرته بالذي كان من شأني، وبالذي قال لي عبد الله بن عمر" هو يريد هذه الزوجة، وإلا لو كان الرغبة فيها أقل ما أخبره بفتوى ابن عمر حتى ينظر في اجتهاده هل يوافقه ابن عمر أو يخالف ابن عمر، لكن العالم إذا سئل، وكان متردداً في الحكم فسمع فتوى من غيره جزم به.
"قال: فأخبرته بالذي كان من شأني، وبالذي قال لي عبد الله بن عمر" من أجل إيش؟ أن يقول مثل ما قال ابن عمر، لا شك أن أهل العلم يستأنس بعضهم بقول بعض، قد يكون متردداً ثم إذا سمع أن مثل عبد الله بن عمر صاحب التحري والتثبت قال له: إن زوجتك، وما حصل شيء، بل مكره، عزم على ذلك "وبالذي قال لي عبد الله بن عمر" وإلا فالأصل أن لا يخبره بما سمع من الفتوى حتى ينظر إلى ما عنده من علم ثم ... ، حينئذِ يناقشه، لكن ابن عمر قال لي كذا، فما حجتك مثلاً؟ أو يرجع إلى ابن عمر، فقال: قال لي ابن الزبير كذا، أو يرجح بثالث.

(102/8)


"قال: فقال لي عبد الله بن الزبير: لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك، وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة" يعني من قبل عبد الله بن الزبير "يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن، وأن يخلي بيني وبين أهلي" يسلمه زوجته "قال: فقدمت المدينة فجهزت صفية بنت أبي عبيد" أخت المختار مرت بنا أكثر من مرة "امرأة عبد الله، جهزت امرأتي" الآن ثابت بن الأحنف ويش علاقته بابن عمر لتقوم امرأة ابن عمر بتجهيز هذه المرأة؟ ابن عمر هو سبب الرد، فصارت العلاقة قوية، حتى أن امرأة ابن عمر جهزت المرأة، يعني ما جهزتها امرأة عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد، وهو أصلاً لا يرغب في الزواج.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هي ما لها علاقة صفية هذه، لكن باعتبار أن ابن عمر هو الذي أفتاه، صار لهم شوب اتصال بهذا، يعني هو الذي سبب له الرجوع، فصار في شوب اتصال، وفي أيضاً قرابة بينهم، ابن عمه، لكن المرأة قال: "فجهزت صفية امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر، ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني" صار هناك صلة، يعني قد لا تكون هذه الصلة قبل مثل ما صارت بعد، يعني صار سبب مبارك، رد عليه زوجته، وإن كان هذا حكم شرعي، لكن أحياناً النفس، الناس يتفاوتون، منهم من يرضى بالحكم، وسلم تسليماً ولا يناقش، ولا، ومنهم من يبقى في نفسه شيء، يعني ذهب إلى فلان، فقال: عليك كفارة، ذهب إلى فلان، قال: ما عليك كفارة، تجده يميل إلى هذا الذي خفف عنه، فضلاً عن كون هذا حكم بأن زوجته بانت منه، وهذا أرجعها إليه، ولذلك تجدون الذين يفتون بعدم وقوع الطلاق في الثلاث، بعدم وقوع الطلاق في الحيض أحب إلى عموم الناس من الذي يفتون بالوقوع، ظاهر هذا، أحب إلى الناس من الذين يفتون بالوقوع، لا سيما من يطلق.
"ثم دعوت ابن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني".
قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر قرأ: {يا أيها النبي} "

(102/9)


بالنسبة لطلاق المكره اختلف فيه فعند الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وجماعة من أهل العلم أنه لا يقع، وبه قال ابن عمر وابن الزبير كما في هذه القصة، قالوا: لا يقع، ومنهم من قال: إنه يقع، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وبعض أصحاب الشافعي يفرقون بين أن ينوي الطلاق بعد الإكراه، وبين أن لا ينوي، فإن نواه وقع، وإن لم ينوه لم يقع، يعني أكره على الطلاق فنواه، كمن أكره على الوقوع في الفاحشة، يقول أهل العلم: إن الزنا لا يمكن إكراه الرجل عليه، لماذا؟ لأنه لا ينتشر إذا أكره عليه، وكان بالفعل مكره، لكن إن رضيت نفسه بذلك بعد الإكراه، ولا شك أنه يأثم، بدليل ... ، دليل الرضا أنه انتشر وجامع، ولو لم يرضى بالفعل وصادق ما حصل منه هذا، هذا حجة من يقول: إن الزنا لا يمكن الإكراه عليه.
وهنا لو كان بالفعل مكرهاً ما نوى إيقاعه إلا بمجرد اللسان وقلبه مطمئن إلى زوجته مرتاح إليها، أما إذا نواه فزال حكم الإكراه، ولذا يفرق بعض الشافعية عن هذا وهذا.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه بعد الزوال. . . . . . . . . بعد زوال الإكراه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا لا، هم يوقعونه، ما دام لفظ الطلاق صريح لا يحتاج إلى نية ولا يحتاج إلى ... ، خلاص، فأبو حنيفة وأصحابه قالوا: هو واقع، وكذلك عتقه دون بيعه، ففرقوا بين البيع والطلاق والعتق، البيع لا يصح، والطلاق والعتق يقع، من الأدلة ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) مع قوله -جل وعلا-: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [(106) سورة النحل] فإذا كان الشرك والكفر لا يقع مع الإكراه، إذا كان القلب مطمئناً بالإيمان فلئن لا يقع الطلاق من باب أولى.
"وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر قرأ: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن} " يعني لوقت عدتهن، لاستقبال عدتهن.

(102/10)


"قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة" لا يطلق في حيض؛ لأنه لا تستقبل به العدة ولا يعد منها، ويكون الطلاق في الطهر، لكن دلالة الآية على أن الأقراء هي الأطهار كما قالوا وجه الاستدلال من الآية، يعني من يرى أن الأقراء هي الأطهار، وهذا قول عائشة -رضي الله عنها- وقد تقدم، وبه يقول المالكية والشافعية، استدلوا بالآية، وفي تفسير عائشة أن {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [(1) سورة الطلاق] استقبال عدتهن في الطهر، مثلما هنا، ولا شك أن الطهر القرء لا شك أن القرء مشترك بين الحيض وبين الطهر، ومن اختار كل له أصل، وكل له ما يدل له، وعرفنا المسألة فيما تقدم، ومن أقوى الأدلة للحنابلة والحنفية ((دعي الصلاة أيام أقرائك)) يعني الحيض.
قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان له ذلك وإن طلقها ألف مرة" يعني هذا قبل تحديد الطلاق بالثلاث "فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها، ثم قال: لا والله لا آويك" أوى يأوي، أو يؤي، أوى يأوي إذا أوى بنفسه، لا آويك، يعني لا آوي إليك، لا آويك يعني لا آوي إليك، ولا يؤويك، أو أويك إذا أراد أن تأوي إليه "إلي، ولا تحلين أبداً" ولو قال: لا آويك إلي، يعني لا أضمك إلي "ولا تحلين أبداً، فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [(229) سورة البقرة] فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذٍ" لما نزلت الآية من طلق مرة مرتين، ثلاث، عشر، مائة، بدأ من جديد؛ لأن الحكم إنما يلزم العمل به من بلوغه "من يومئذٍ من طلق منهم أو لم يطلق" وهذا مرسل؛ لأن عروة ما أدرك وقت نزول الآية، وقت التنزيل، ولا أدرك السبب، سبب النزول، لكنه موصول عند الترمذي.

(102/11)


قال: "وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها، وإنما من أجل الإضرار بها، ولا يريد إمساكها كيما يطول بذلك عليها العدة ليضارها، فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [(231) سورة البقرة] يعظهم الله بذلك" أنه إذا أراد الرجعة والإمساك أن يكون عن رغبة لا عن إضرار.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا: إذا طلق السكران جاز طلاقه وإن قتل قتل به".
"قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا" السكران لا شك أنه لا يعقل، والعقل مناط التكليف، فالمجنون لا يقع طلاقه، فهل في حكمه السكران؟، بينهما وجه من الشبه وبينهما شيء من الافتراق، فوجه الشبه بين السكران، والمجنون كلاهما لا يدري ما يقول، لا يعي ما يقول، كلاهما لا يعي، فهو من هذه الحيثية مثله، لكن الفرق بينهما أن المجنون لم يكن سبباً في جنونه بخلاف السكران، هو المتسبب في إزالة عقله، فإيقاع الطلاق عليه إيقاع الطلاق بالنسبة للسكران من باب التشديد في العقوبة عليه، باعتبار أن هذا الأمر هو الذي ارتضاه فيتحمل تبعته، ومن باب ربط الأسباب بالمسببات، فما دام هو المتسبب يتحمل ما ترتب على هذا السبب من أثر.
الجمهور من الفقهاء يوقعون طلاق السكران، وقال قوم: لا يقع، وهؤلاء منهم المزني وبعض أصحاب الشافعي وداود وأبو ثور وإسحاق، والسبب في ذلك، سببه اختلافهم هل حكمه حكم المجنون أو بينهما فرق؟ فمن أوقعه قال: إنه هو الذي أدخل الفساد على عقله فيوقع تغليظاً عليه، ومن لم يوقعه قال: إن العقل شرط التكليف، وجاء عن عثمان -رضي الله عنه- أنه لا يرى طلاق السكران، وزعم بعضهم أنه لا مخالف له من الصحابة.

(102/12)


في قصة ماعز لما جاء معترفاً بالزنا، وردده النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((استنكهوه))، ((أبك جنون؟ )) قال: لا، سأل قومه قالوا: ما علمنا إلا أنه وفي العقل من صالحينا، يعني ما فيه جنون، ثم قال: ((استنكهوه)) قال: ((شربت خمرا؟ )) قال: لا، قال: ((استنكهوه)) شموه؛ لأن مثل هذا الترديد من النبي -عليه الصلاة والسلام- القصد منه أن يرجع عن اعترافه، وما رجع فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يتأكد ومثل هذا يفعل مع من تقع منه الهفوة أو الزلة ويأتي تائباً منيباً لينفذ عليه الحد، والمجتمع نظيف، ما فيه من القضايا ما يجعل الوالي يضرب بيد من حديد على هؤلاء المجرمين؛ لأن مثل هذا الصنيع والترديد لماعز والتلقين هذا ما يصلح لكل شخص كما أنه لا يصلح لكل مكان، ولا يصلح لكل زمان، فالظروف لا شك أنها تختلف، والأشخاص يختلفون، يعني فرق بين من حصلت منه هفوة أو زلة، ثم جاء تائباً إلى الله -جل وعلا- وإلى رسوله ليقام عليه الحد، مثل هذا لا شك أن توبته هدمت أثر الذنب، ولعله يبقى فيعمل صالحاً، ويفيد ويفاد منه، مثل هذا لا مانع من أن يستر عليه، وبين أن يلقن بعض ما يدعوه يرجع عن إقراره، وبين شخص له جرائم وله سوابق، وكل ما كاد أن يقع فر، وآذى المسلمين وهتك أعراضهم، مثل هذا لا يلقن، بل هذا يفرح به، ولا يستر عليه، وفرق بين أن يكون المجتمع لا نسبة لوقوع المخالفات فيه، يعني لا تكاد تذكر النسبة، يعني في العهد النبوي خمس قضايا من الزنا فقط، طول مدة الرسالة، وبعد ذلك يأتي من يقول: إن مثل هذه القضايا سهلة، حتى قال بعضهم صرح بأن عشرة بالمائة ما تعد ظاهرة، نسأل الله العافية، يعني إذا كان البلد فيه مليون وزنى مائة ألف هذه ما هي بظاهرة، لا، إذا وصل الأمر إلى هذا الحد لا بد من الحزم والعزم في القضاء على دابر الفساد والمفسدين.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول: إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما".
"قال مالك: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا" لأن النفقة واجبة عليه، فإذا عجز قصر في النفقة لا شك أن لها طلب الفسخ؛ لأنه لا يمكن بقاؤها بدون نفقة، نعم.
أحسن الله إليك.

(102/13)


باب: عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً
حدثني يحيى عن مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سئل عبد الله بن عباس وأبو هريرة -رضي الله تعالى عنهما- عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها، فقال ابن عباس: آخر الأجلين، وقال أبو هريرة: إذا ولدت فقد حلت، فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن على أم سلمة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألها عن ذلك، فقالت أم سلمة: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر، فخطبها رجلان أحدهما شاب والآخر كهل، فحطت إلى الشاب، فقال الشيخ: لم تحلي بعد، وكان أهلها غيباً ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها، فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((قد حللت فانكحي من شئت)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل، فقال عبد الله بن عمر: إذا وضعت حملها فقد حلت، فأخبره رجل من الأنصار كان عنده أن عمر بن الخطاب قال: لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد لحلت.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن خرمة ...
مخرمة
أحسن الله إليك.
عن المسور بن مخرمة أنه أخبره أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد حللت فانكحي من شئت)).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن اختلفا في المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال، فقال أبو سلمة: إذا وضعت ما في بطنها فقد حلت، وقال ابن عباس: آخر الأجلين، فجاء أبو هريرة فقال: أنا مع ابن أخي -يعني أبا سلمة- فبعثوا كريباً مولى عبد الله بن عباس إلى أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألها عن ذلك فجاءهم فأخبرهم أنها قالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال، فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((قد حللت فانكحي من شئت)).
قال مالك -رحمه الله-: وهذا الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم عندنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً

(102/14)


جاء في عدة المتوفى عنها أنها تعتد أربعة أشهر وعشراً، وجاء قوله -جل وعلا-: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(4) سورة الطلاق] فنظراً لتعارض الآيتين في الظاهر، قال أهل العلم: إن الحامل تخرج بوضع الحمل، ومنهم من قال: إنها تعتد أقصى الأجلين، لكن لا يعرف من يقول: إنها تعتد أربعة أشهر وعشراً حتماً إلا إذا كانت بعد وضع الحمل.
حديث سبيعة المذكور في أكثر من رواية هنا دليل على أنها تخرج من عدتها بوضع الحمل، ولو كان خروج الروح بعده مباشرة خروج الولد، ولو كان الميت على سريره ولو لم يغسل ولم يدفن، خلاص ما دام الولادة حصلت بعد الوفاة ولو بشيء وزمن يسير، فإنها حينئذٍ تكون قد خرجت من عدتها، ولا يلزمها حينئذٍ إحداد.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سئل عبد الله بن عباس وأبو هريرة عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها، فقال ابن عباس: آخر الأجلين" يعني إذا ولدت قبل الأربعة أشهر وعشر لا بد أن تمكث أربعة أشهر وعشر، وإذا مضت أربعة أشهر وعشر ليال وهي لم تلد تنتظر حتى تلد، تعتد آخر الأجلين "وقال أبو هريرة: ذا ولدت فقد حلت، فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف على أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألها عن ذلك، فقالت أم سلمة: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر" ويفتون بالدليل والفتوى بدليل إذا كان الدليل مطابق للسؤال فأولى ما يفتى به الدليل من الكتاب أو السنة "فقالت أم سلمة: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر، فخطبها رجلان، أحدهما شاب، والآخر كهل، فحطت إلى الشاب" يعني مالت إليه ووافقت على الشاب "وأعرضت عن الكهل، فقال الشيخ: لم تحلي بعد" هذا الشيخ جاءت تسميته في الصحيح وغيره، وإن لم تذكر هذه القصة بالتفصيل، اسمه أبو السنابل بن بعكك في الصحيح، ما فيه أنه كان خاطب وكان كهل، وتقدم بين يديه شاب وقُدم عليه، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .

(102/15)


هو رآها تتجمل لكنه خطبها، ما قال هذا الكلام من فراغ، يعني القصة في الصحيح مجملة ما في هذا التفصيل، هذا التفصيل إنما قال لها ذلك، قال الشيخ: لم تحلي بعد، على شان إيش؟ أهلها غيب، أهلها غائبون، وفي الغالب أن الأب وهو كبير السن، ويعرف أن الكهل أثبت وأرسى من الشاب، قد يميل إلى الكهل، فهو يريد أن تنتظر حتى يجيء أهلها من سفرهم "وكان أهلها غيباً ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها، فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((قد حللت فانكحي من شئت)) " وإذا جاء ... ، ابن شهاب يقول: لا مانع أن تتزوج وهي في دمها غير أن لا يقربها زوجها.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
للجزم بأن بطنها ليس فيه شيء، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الإحداد، أما مجرد تحديد المدة بأربعة أشهر وعشر، كانت سنة قبل الإسلام سنة {مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [(240) سورة البقرة] ثم بعد ذلك نسخت بأربعة أشهر وعشر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
خلاص انتهى؛ لأننا نجزم خلاص الرحم برئ، والإحداد مربوط بالعدة، لو لم تعلم بوفاة زوجها إلا بعد مضي العدة ما عليها إحداد ولا عدة خلاص، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي ولي؟
طالب:. . . . . . . . .
ولي النكاح معين ومفروغ منه.
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم مفروغ منه، يعني اختاري تبين الشاب وإلا الشايب؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو باختاري من شئت، انكحي من شئت، هذه المشيئة سببها ومردها إلى الولي، لا، إلى الزوج، تقدم لها أكثر من واحد اختاري واحد منهم.
"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل، فقال عبد الله بن عمر: إذا وضعت حملها فقد حلت، فأخبره رجل من الأنصار كان عنده أن عمر بن الخطاب قال: لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن -ولم يغسل أيضاً- لم يدفن بعد لحلت".

(102/16)


قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أنه أخبره أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد حللت فانكحي من شئت)) " هذا ظاهر.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف اختلفا في المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال فقال أبو سلمة: إذا وضعت ما في بطنها فقد حلت، وقال ابن عباس: آخر الأجلين" يعني تعتد آخر الأجلين، ولا يلزم أن يكون القول الصواب مطرد عند الأعلم؛ لأنه قد يكون عند المفضول من العلم ما ليس عند الفاضل، وإن كان الأصل أن الفاضل أفضل، ولا فضل إلا لمزيد العلم.
"فجاء أبو هريرة فقال: أنا مع ابن أخي مع أبي سلمة بن عبد الرحمن -يعني أبا سلمة- فبعثوا كريباً مولى عبد الله بن عباس إلى أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألها عن ذلك، فجاءهم فأخبرهم أنها قالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال، فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((قد حللت فانكحي من شئت)) " {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(4) سورة الطلاق].
"قال مالك: وهذا الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم عندنا" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ولا يمنع أنه ذهب كريب وجاء فأخبرهم، ثم ذهب أبو سلمة يتأكد، أو العكس، ذهب أبو سلمة فجاء بالخبر موافقاً لرأيه، قال ابن عباس: روح أنت يا كريب تأكد، ما يمنع، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل

(102/17)


حدثني يحيى عن مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان، وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، فإن زوجها خرج في طلب أعبد أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه، قالت: فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) قالت فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة ناداني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أمر بي فنوديت له، فقال: ((كيف قلت؟ )) فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، فقال: ((امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)) قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به.
وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء يمنعهن الحج.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن السائب بن خباب توفي وإن امرأته جاءت إلى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فذكرت له وفاة زوجها، وذكرت له حرثاً لهم بقناة، وسألته هل يصلح لها أن تبيت فيه؟ فنهاها عن ذلك، فكانت تخرج من المدينة سحراً فتصبح في حرثهم فتظل فيه يومها ثم تدخل المدينة إذا أمست فتبيت في بيتها.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أنه كان يقول في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها: إنها تنتوي حيث انتوى أهلها.
قال مالك -رحمه الله-: وهذا الأمر عندنا.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا في بيتها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل
المتوفى عنها زوجها يلزمها العدة والإحداد، وترك الزينة، ولزوم البيت.

(102/18)


لذا قال: "حدثني يحيى عن مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد" سعد بن مالك بن سنان الخدري "أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة" جاءها نعي زوجها وهي في بيته، فأرادت أن تذهب إلى أهلها، آنس لها "فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه" القدوم: هذا مكان موضع على ستة أميال من المدينة، ولعله هو الموضع الذي اختتن فيه إبراهيم -عليه السلام-، اختتن وعمره ثمانون سنة بالقدوم، منهم من يقول: موضع، ومنهم من يقول: الآلة التي تكسر بها الحطب والخشب وما أشبه ذلك، يسمى القدوم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
على مدين ما أدري والله، ما أدري هل هو باق بهذا الاسم وإلا لا.
"لحقهم فقتلوه،، قالت: فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة، فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة" مسكن إيجار، لم يترك لها مسكن ملك ولا نفقة، إجار، فليست له ميزة، واحتمال أن تتم مدة الإيجار قبل أن تنقضي عدتها فتضطر إلى الانتقال، تريد أن تنتقل إلى أهلها من الآن.
"قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) " مثلما قال لابن أم مكتوم أتجد لي رخصة؟ قال: ((نعم)) فلما انصرف ناداه، قال: ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، وهذه لما انصرفت قالت: "فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة ناداني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أمر بي فنوديت له فقال: ((كيف قلت؟ )) فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، فقال: ((امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)) " وعلى هذا فالمرأة معدة، المعتدة من وفاة لا تخرج من بيتها إلا لضرورة، والآن يوجد من يفتيها بأن تخرج لغير ضرورة، تخرج لبيعها وشرائها، وتخرج لدراستها وتدريسها، هذا تضييع لهذا الحكم.

(102/19)


"قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً" يعني لو كانوا جاءتها الوفاة في غير بلدها، سافرت مع زوجها، مات زوجها، هذه ترجع إلى بلدها في المكان الآمن، إلا إذا وجدت مكاناً آمناً في البلد الذي هي فيه، لا يقال: تستمر مسافرة، حتى تنقضي عدتها "قالت: فلما كان عثمان" يعني جاء وقته، كان هذه تامة، وجد وحصل وقت عثمان بن عفان "أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به" يعني عمل بهذا الحكم -رضي الله عنه وأرضاه-، وليس هناك مندوحة عن العمل به إذا صح وثبت رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
والله الأصل أنها تعتد في بيتها الذي بلغها الخبر فيه، وعلى هذا يكون من أصل المال، إلا لو مثلاً تيسر تصفية التركة، وعرف صاحب البيت بالتحديد، هذه مسألة ثانية، أما إذا لم يعرف، وبقيت التركة ما قسمت إلا بعد فتبقى، أجار وانتهت المدة، والأصل أنه بوفاة الزوج انتقل المال من ملكه، لكن إن كان باقياً لم يقسم فالأمر فيه سعة، إن كان مقسوم فأجر السكن عليها.
قال: "وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء يمنعهن الحج" يعني يكثر السؤال إذا كانت الزوجة قادمة مع زوجها للعمل في هذه البلاد، وجاء وقت الحج وهي فرصة العمر، يعني لو كانت في بلدها ما حجت، وإن رجعت إلى بلدها لن تحج، فيحصل أنه يتوفى الزوج قبيل الحج، فتسال، تقول: إما أن أترك الفريضة ركن الإسلام الأعظم، وأجزم أنني ما أني براجعة ثانية، أو أحج وأتحفظ وأبتعد عن الرجال، ولا البس لباس زينة ولا ذهب ولا غيره، فالمسألة مترددة بين أمرين، بين حق الله -جل وعلا- في الحج، الذي هو ركن من أركان الإسلام، وبين حق الزوج، لكن كان عمر -رضي الله عنه- يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء، يمنعهن من الحج، وهذا هو الأصل أن تبقى في بيتها حتى تخرج من العدة.

(102/20)


قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن السائب بن خباب توفي، وإن امرأته جاءت إلى عبد الله بن عمر فذكرت له وفاة زوجها وذكرت له حرثاً لهم بقناة" لهم حرث لهم زراعة تموت إذا ما تولتها، "وسألته هل يصلح لها أن تبيت فيه؟ " تبيت في الحرث في المزرعة "فنهاها عن ذلك" لا تبيت إلا في بيتها، "فكانت تخرج من المدينة سحراً" يعني لحاجة ماسة إلى العمل في الحرث "فتصبح في حرثهم" سحر بحيث لا يراها الناس، وترجع كذلك بحيث لا يراها الناس "فتظل فيه يومها ثم تدخل المدينة إذا أمست فتبيت في بيتها" يعني بحيث تذهب في وقت ليس فيه ضياء ولا نور، وترجع كذلك، وكل هذا محافظ على سترها، وعدم تبسطها وتجملها للخطاب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تطلع تدرس؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا في بدائل، فيه إجازات، وفيه أشياء، لا، لا التدريس أمره أسهل، أمره أسهل من الحرث، ولا هي برايحة ... ؛ لأنها في الحرث لم تخلط بأحد، في التدريس بتختلط، ولم تذهب سحر تذهب الساعة سبع، وترجع الظهر، ما هي جالست إلى المساء بحيث ... ، لا، لا الفوارق كثيرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طبيبة تجلس في بيتها، تجلس في البيت أبد.
قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أنه كان يقول في المرأة البدوية –تسكن البادية- يتوفى عنها زوجها: إنها تنتوي حيث انتوى أهلها" يعني ما تكلف أن يستأجر لها بيت وإلا شيء، تجلس عند أهلها ولو كان في البداية، لكنها تلزم الخباء ولا تتعرض للرجال.
"قال مالك: وهذا الأمر عندنا".
"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا في بيتها" أما غير المبتوتة تبيت في بيت زوجها، ولا يجوز لها أن تخرج ولا تخرج إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، أما بالنسبة للمتوفى عنها أو المبتوتة فإنها تبيت في بيتها، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها

(102/21)


حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: إن يزيد بن عبد الملك فرق بين رجال وبين نسائهم وكن أمهات أولاد رجال هلكوا، فتزوجوهن بعد حيضة أو حيضتين، ففرق بينهم حتى يعتدون أربعة أشهر وعشراً، فقال القاسم بن محمد: سبحان الله! يقول الله في كتابه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [(234) سورة البقرة] ما هن من الأزواج.
وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه كان يقول: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة.
قال مالك: وهو الأمر عندنا.
قال مالك: وإن لم تكن ممن تحيض فعدتها ثلاثة أشهر.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها
هذه تستبرأ لأنها ملك يمين ليست بزوجة، لكن لو كانت أم ولد وزوجة، يجتمع وإلا ما يجتمع؟ أمة وزوجة يجتمع، يعني للحر أن يتزوج الأمة، للعبد أن يتزوج الأمة، وحينئذٍ إذا توفي عنها زوجها تعتد نصف العدة، شهران وخمس ليال، لكن قد يقول قائل: إن العدة للعلم ببراءة الرحم، والبراءة لا تحصل بهذه المدة، هل يعلم الحمل في شهرين وخمس ليال؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه إذا حاضت عرفنا أنها ما ... ، لكن ما حاضت، شهرين وخمس ليال، نقول: طلعت من العدة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه في الغالب يعني أربعة أشهر عشر ليال تنفخ فيه الروح، هذا الغالب موجود، ما ندر هذا ما له حكم، لكن الغالب أيضاً أنها في شهرين وخمس ليال ما يدرى، ما يمكن أن يكتشف الحمل إلا بالوسائل الحديثة، المسألة مفترضة في عدمها، قد يقول قائل: إنه مثلاً مقدمات الحمل موجودة، لكن لا توجد عند كل النساء، هذه الآلام، وهذه التصرفات لا توجد عند جميع النساء، فلا يعلق عليها حكم، والحكمة من العدة العلم ببراءة الرحم، فلا يعلم ببراءة رحمها بنصف العدة؛ لأن التركيب للحرة مثل التركيب للأمة، ما يقال: والله الحرة يتبين بأربعة أشهر والأمة يتبين بشهرين، ما بينهن فرق، تخرج من العدة إذا كانت زوجة بشهرين وخمس ليال؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟

(102/22)


طالب:. . . . . . . . .
تخرج، لكن احتمال تصير حامل؟ بعد إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
أم ولد جلست، دعنا من أم ولد، نقول: أمة زوجة لحر أو عبد عدتها حيضتان، عدتها من الوفاة نصف عدة الحرة شهران وخمس ليال، فتمت شهرين وخمس ليال، وتزوجت، خرجت من العدة وتزوجت، ثم تبين أنها حامل؛ لأن الحمل لا يتبين بهذه المدة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا مقتضى قولهم: شهرين وخمس ليال أنها خلاص بمضي هذه المدة تخرج من العدة، حاضت أو لم تحض، ولذلك كون عدة الحرة أربعة أشهر وعشر من أجل أن يتبين الحمل، تنفخ فيه الروح، يتبين الحمل.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هذه ما ارتفع حيضها، تقصد ما ارتفع حيضها؟
طالب:. . . . . . . . .
تقصد الصغيرة أو الآيسة؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا حاضت انتهى الإشكال، الحامل ما تحيض، ولو كانت تحيض ما صار الحيض دليل على براءة رحمها، فرق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، أما الاستبراء ولو بحيضة واحدة هذا ظاهر أن الرحم بريء، لكن الاعتداد بشهرين وخمس ليال لا يدل على براءة الرحم، والعدة إنما شرعت من أجله مع النظر إلى حق الزوج.
طالب:. . . . . . . . .
طيب شهرين وخمس ما تبين.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
فكيف نصنع الآن؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني تمكث في عدتها حتى نجزم ببراءة رحمها بأي وسيلة وبأي علامة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه معروفة أنه ما هو متجاوز، لكن الكلام على طردهم أن عدتها من الوفاة شهرين وخمس ليال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، العدد مربوطة بالمرأة، والطلاق مربوط بالرجل، فالعدة تتبع المرأة حرية ورقاً، المقصود أن العلة التي من أجلها وجدت العدة مع أنها تحرم على غير زوجها أن يطأها مع احتمال الحمل لا بد من العلم ببراءة رحمها بيقين، بأي وسيلة كانت.
"عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها".

(102/23)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: إن يزيد بن عبد الملك فرق بين رجال وبين نسائهم وكن أمهات أولاد رجال هلكوا، فتزوجوهن بعد حيضة أو حيضتين" يعني استبراء "ففرق بينهم حتى يعتدون أربعة أشهر وعشراً" الآن التفريق هل هو لعدم العلم بخلو الأرحام، أو عملاً بـ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [(234) سورة البقرة] كأنه عمل بهذه الآية أن كل متوفى عنها تمكث أربعة أشهر وعشراً، ولا شك أن هذا من جهله.
"فقال القاسم بن محمد: سبحان الله! يقول الله في كتابه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [(234) سورة البقرة] ما هن من الأزواج" وإنما هن قبل وفاة السيد في حكم الإماء، وإذا توفي أعتقها ولده.
"وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة" يعني الاستبراء بحيضة.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه كان يقول: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة".
"قال مالك: وهو الأمر عندنا".
قال: "وإن لم تكن ممن تحيض فعدتها ثلاثة أشهر" يعني بدل حيضة ثلاثة أشهر، لماذا لا يكون شهر؟ لأن ثلاث الحيض، ثلاثة الأقراء في مقابلها ثلاثة أشهر، فكيف تكون ثلاثة الأشهر في مقابل حيضة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
باعتبار أنها آيسة.
إذا كان الاعتداد بالحيض بعضوه، فقالوا: عدة الأمة حيضتان، بعضوه، الثانية لم تتبعض، ما قال: واحدة ونصف، لكن ثلاثة أشهر تنقسم على اثنين، لماذا لم يقولوا: شهر ونصف مثل ما قالوا: شهران وخمس ليال؟
طالب:. . . . . . . . .
ثلاثة أشهر؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الحائض معروفة أنها تستبرأ بحيضة لا إشكال فيها، لكن إذا كانت ممن تحيض فهي حيضة، وإذا كانت ممن لا تحيض ... ، إن لم تكن لم تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
وإن لم تكن ممن تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، إذا كانت تحيض استبراء بحيضة، إذا كانت ممن لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر.

(102/24)


أنا أقول: مقتضى القياس أن تكون شهر، وإذا عاملنا على أنها آيسة وهي عدة طلاق ثلاث حيض قلنا: إنها شهر ونصف، مثلما قلنا في عدة المتوفى عنها من الإماء شهران وخمس ليال.
طالب:. . . . . . . . .
الشرح إيش يقول؟ ويش يقول الشارح على هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
على ثلاثة أشهر آخر شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
استبراء من لا تحيض بثلاثة أشهر، يعني ما في فرق بين حرة وأمة؟
يعني في هذا الباب خاصة تكون مثل الحرة، وفي غيرها لها حكم يخصها عن الأحرار؟
طالب:. . . . . . . . .
الأمة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم قالوا: استبراء، إذا كانت أمة استبراء بحيضة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لا يختلف فيها الوضع بين حرة وأمة، فالآيسة حكمها ثلاثة أشهر، في شيء عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
يقولون: الحكم واحد، يعني عدة الآيسة المطلقة وعدة الأمة إذا توفي عنها زوجها، لكن هذا من باب الجمع والتفريق، يعني جمع بين المتماثلات لا شك، لكن التفريق بين المتماثلات فيه أيضاً ما فيه.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: عدة الأمة إذا توفي سيدها أو زوجها
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار كانا يقولان: عدة الأمة إذا هلك عنها زوجها شهران وخمس ليال.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب مثل ذلك.
قال مالك -رحمه الله- في العبد يطلق الأمة طلاقاً لم يبتها فيه له عليها فيه الرجعة ثم يموت وهي في عدتها من طلاقه: إنها تعتد عدة المتوفى عنها زوجها شهرين وخمس ليال، وإنها إن عتقت وله عليها رجعة ثم لم تختر فراقه بعد العتق حتى يموت، وهي في عدتها من طلاقه اعتدت عدة الحرة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً، وذلك أنها إنما وقعت عليها عدة الوفاة بعد ما عتقت فعدتها عدة الحرة.
قال مالك: وهذا الأمر عندنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: عدة الأمة إذا توفي سيدها أو زوجها

(102/25)


قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار كانا يقولان: عدة الأمة إذا هلك عنها زوجها شهران وخمس ليال" وهناك عدة أم الولد المتوفي عنها سيدها حيضة، إذا هلك عنها زوجها شهران وخمس ليال، وهي التي حصل فيها النقاش في أن هذه المدة ليست كافية للعلم ببراءة الرحم.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب مثل ذلك".
"قال مالك في العبد يطلق الأمة طلاقاً لم يبتها فيه" العبد يطلق الأمة يطلقها لأنه زوجها، طلاقاً لم يبتها فيه.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
طلقة واحدة؛ لأنه ليس له إلا طلقتان.
"يطلق الأمة طلاقاً لم يبتها فيه، له عليها فيه الرجعة ثم يموت وهي في عدتها من طلاقه: إنها تعتد عدة المتوفى عنها زوجها شهرين وخمس ليال، وإنها إن عتقت وله عليها رجعة" يعني طلقها مرة واحدة، ثم عتقت في أثناء العدة، ثم لم تختر فراقه بعد العتق؛ لأنه تخير كما خيرت بريرة "حتى يموت، وهي في عدتها من طلاقه اعتدت عدة الحرة المتوفى عنها زوجها" أربعة أشهر وعشر ليال؛ لأنها عتقت فتعتد عدة حرة،
"وذلك أنها إنما وقعت عليها عدة الوفاة بعد ما عتقت" يعني كانت رجعية ما بانت، ما زالت في عدتها، ثم عتقت فصارت حرة "ولزوجها عليها رجعة" وهي ما زالت زوجة حكماً، هي كمان لم تطلق، تخير "فإن اختارته اعتدت عدة الحرة أربع أشهر وعشر ليال، إذا مات قبل انقضاء العدة، وذلك أنها إنما وقعت عليها عدة الوفاة بعدما عتقت فعدتها عدة الحرة".
"قال مالك: وهذا الأمر عندنا" نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في العزل

(102/26)


حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز أنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري فجلست إليه فسألته عن العزل، فقال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبياً من سبي العرب فاشتهينا النساء، واشتدت علينا العزبة، وأحببنا الفداء، فأردنا أن نعزل، فقلنا: نعزل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا قبل أن نسأله! فسألناه عن ذلك، فقال: ((ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة)).
وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عامر بن سعيد ...
بن سعد.
أحسن الله إليك.
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه كان يعزل.
وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن ابن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- عن أم ولد لأبي أيوب الأنصاري أنه كان يعزل.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان لا يعزل، وكان يكره العزل.
وحدثني عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن الحجاج بن عمرو بن غزية أنه كان جالساً عند زيد بن ثابت فجاءه ابن قهد رجل من أهل اليمن، فقال: يا أبا سعيد إن عندي جواري لي ليس نسائي اللاتي أكن بأعجب إلي منهن، وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني، أفأعزل؟ فقال زيد بن ثابت: أفته يا حجاج، قال: فقلت: يغفر الله لك، إنما نجلس عندك لنتعلم منك، قال: أفته قال: فقلت: هو حرثك إن شئت سقيته، وإن شئت أعطشته، قال: وكنت أسمع ذلك من زيد، فقال: زيد صدق.
وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن رجل يقال له ذفيف أنه قال: سئل ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- عن العزل، فدعا جارية له فقال: أخبريهم، فكأنها استحيت، فقال: هو ذلك، أما أنا فأفعله يعني أنه يعزل.
قال مالك -رحمه الله-: لا يعزل الرجل عن المرأة الحرة إلا بإذنها، ولا بأس أن يعزل عن أمته بغير إذنها.
قال مالك -رحمه الله-: ومن كانت تحته أمة قوم فلا يعزل إلا بإذنهم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في العزل

(102/27)


العزل: هو الإنزال خارج الفرج خشية الحمل، فإذا كان الزوج يكره أن تحمل امرأته في هذا الوقت، ويريد أن يتأخر حملها أو عنده جارية ولا يريد أن يعتقها ولدها، يريد أن يستمتع بها ثم يبيعها يعزل، وفي حكمه الموانع من حبوب وغيرها، فإذا كان هناك حاجة لمثل هذا لتضرر الزوجة بالحمل، وكان المانع لا أثر له في الصحة، دواء مباح، ولا يؤثر مرض ولا غيره، والحاجة داعية فلا مانع -إن شاء الله تعالى-.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز أنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري فجلست إليه فسألته عن العزل، فقال أبو سعيد الخدري: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبياً من سبي العرب، فاشتهينا النساء، واشتدت علينا العزبة" العزبة: هي فقد الزوجة، رجل أعزب لا زوجة له، وإذا فقد زوجته إما لسفره أو لسفرها صار ذا عزبة "وأحببنا الفداء" كيف أحببنا الفداء؟
قال: "فأصبنا سبياً من سبي العرب فاشتهينا النساء، واشتدت علينا العزبة، وأحببنا الفداء" كيف أحببنا الفداء؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

"أحببنا الفداء" يعني يفدون الأسرى المسلمين بالأسرى من الكفار، أو يشترون الإماء بما أعطوا من غنائم، يعني بعضهم يعطى من بهيمة الأنعام، يعني من الغنيمة، وبعضهم يكون نصيبه من الأموال من الذهب والفضة وغيره، وبعضهم يكون نصيبه من الإماء من السبي.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن نهى في غزوة أوطاس أن لا يوطأ إلا بعد الاستبراء.
"وأحببنا الفداء، فأردنا أن نعزل، فقلنا: نعزل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا قبل أن نسأله! فسألناه عن ذلك، فقال: ((ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة)) " يعني مسألة الاستبراء وعدمه، والاستدلال بهذا الحديث على عدمه لا شك أنه استدلال بـ ... ؛ لأن الدليل فيه الدلالة الأصلية، وفيه أيضاً دلالة فرعية، فيه دلالة قريبة وفيه دلالة بعيدة، يعني ما سيق الخبر من أجله يستدل به، وما كان وجه الاستدلال منه بعيداً يسمونه دلالة إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟

(102/28)


طالب:. . . . . . . . .
غير الإماء، الدلالة الأصلية والدلالة ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يعني ما سيق الخبر لأجله هذه هي الدلالة الأصلية، الدلالة القريبة، وأما الدلالة البعيدة التي تستنبط من بعد من الخبر فهذه كثير من أهل العلم لا يراها؛ لأن الخبر ما سيق من أجلها، وهو الذي قرره الشاطبي في الموافقات، لكن لا يمنع أن تكون هناك دلالة قريبة من النص، ويستنبط من النص أيضاً فوائد وأحكام كثيرة منها القريب ومنها البعيد، ويبقى أن القريب هو النص في الموضوع، والبعيد إذا لم يعارض بما هو أقوى منه فهو مقصود فيستدل به، ليس كلام الشارع الذي يعلم حقائق الأمور، وما يترتب على الألفاظ مثل كلام الناس العادي الذي قد يتكلم بكلام يستفيد منه من وجه، ويتضرر منه من وجه آخر.
قال: "فأردنا أن نعزل فقلنا: نعزل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا قبل أن نسأله! فسألناه عن ذلك، فقال: ((ما عليكم ألا تفعلوا)) " يعني لا مانع من الفعل " ((ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة)) " يعني المقدر لا بد أن يحصل فالنسمة المقدرة لا بد أن تثبت في رحم المرأة ولو حصل العزل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني جاء في أدلة متعارضة، العزل جاء فيه أدلة متعارضة، جاء فيه أنه ذلك الوأد الخفي، وجاء حديث جابر: كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان شيئاً مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن، وذلك الوأد الخفي، هو في حقيقته قتل لهذه المادة، لكن لا يعني أنه تشبيه، أن تشبيهه بالوأد أن حكمه حكم الوأد، لا، الأحكام تتفاوت، يعني من تسبب في امتناع التلقيح ليس حكمه كحكم من أسقط بعد التلقيح يختلف الحكم، وليس حكم من أسقط بعد التلقيح قبل تمام الأربعين كحكم من أسقط بعد الأربعين، وليس حكم من أسقط قبل نفخ الروح كحكم من أسقط بعد نفخ الروح، وليس حكم من أسقط بعد نفخ الروح كمن قتل أو وأد بعد الولادة، لكن هذا فيه تشبيه من وجه، لكن لا يلزم المطابقة من كل وجه، وعلى هذا الأساس لا يلزم منه التحريم.
طالب:. . . . . . . . .

(102/29)


هو ذم لا شك، وأنه فيه معارضة لما حث عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- من المكاثرة، الذم موجود، والمكاثرة مطلوبة، لكن يبقى أنه ليس بحرام.
ولذا قال: "وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه كان يعزل" سعد بن أبي وقاص من العشرة المبشرين بالجنة.
قال: "وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن ابن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري عن أم ولد لأبي أيوب الأنصاري أنه كان يعزل" يعني فعله الصحابة، وجابر يقول: كنا نعزل، وهو يتحدث باسم الصحابة.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان لا يعزل، وكان يكره العزل" وهذا من تحريه، ولعله فهم من تشبيه العزل بالوأد الكراهة.
قال: "وحدثني عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن الحجاج بن عمرو بن غزية أنه كان جالساً عند زيد بن ثابت فجاءه ابن قهد رجل من أهل اليمن" واسمه قيس "رجل من أهل اليمن، فقال: يا أبا سعيد إن عندي جواري لي ليس نسائي اللاتي أكن" يعني أحجبهن، خلاف الجواري الجواري لا تحجب كما تحجب الأحرار "ليس نسائي اللاتي أكن بأعجب إلي منهن، وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني" لأنه لا يريد إمساك الجميع، يريد إبقاء بعضهن، ويريد بيع البعض "وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني، أفأعزل؟ فقال زيد بن ثابت: أفته يا حجاج، قال: فقلت: يغفر الله لك إنما نجلس عندك لنتعلم منك" وهذا الأدب مع الكبار "قال: أفته، قال: فقلت: هو حرثك إن شئت سقيته، وإن شئت أعطشته، قال: وكنت أسمع ذلك من زيد" يعني ابن ثابت "فقال: زيد صدق".
قال: "وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن رجل يقال له: ذفيف، أنه قال: سئل ابن عباس عن العزل فدعا جارية له فقال: أخبريهم" لأنها طرف في الموضوع "فكأنها استحيت، فقال: هو ذلك، أما أنا فأفعله يعني العزل" وليس بأفضل من سعد بن أبي وقاص وهو يفعله.
قال: "قال مالك: لا يعزل الرجل المرأة الحرة إلا بإذنها" لأن الولد مشترك بين أبويه، فإذا كان الأب لا يريد الولد، عنده أولاد من غيرها كثر، ويريد أن يستمتع بها لا يملك ذلك إلا بإذنها.
"ولا بأس أن يعزل عن أمته بغير إذنها" لأنه يملكها.

(102/30)


"ومن كانت تحته أمة قوم فلا يعزل إلا بإذنهم" لأن الولد ملك لهم.
الظاهر على هذا المشي أننا نحتاج إلى عصر الأربعاء.
طالب:. . . . . . . . .
إيه الظاهر بنحتاجه إيه، نحتاج عصر الأربعاء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أظن، لا لا كثير، الإحداد طويل وبعده الرضاع، لكن إن أمدى، أنا بأحرص يعني؛ لأن شوف الإخوان كأنهم ملوا.
يقول: هل الخلع يكون بلفظ الطلاق وجزاكم الله خيراً؟
أولاً: الخلع فسخ، وإن كانت المسألة مختلف فيها هو فسخ تعتد بحيضة كما قرره شيخ الإسلام؛ لأن الله ذكره في كتابه بين الطلقتين الثانية والثالثة، إلا إذا كان العدول عن الطلاق إليه حيلة، كما قال شيخ الإسلام، مع أنه جاء في حديث امرأة ثابت بن قيس ابن شماس، أنه قال له: ((خذ الحديقة، وطلقها تطليقة)).
تقول هذه: بالنسبة لرأي الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- في طلاق الحائض لا يقع عنده إلا إذا كان متلاعباً بذلك.
لا شك أن كلام الشيخ في مواضع متعددة من فتاويه، ومن شرح الزاد، ومن شرح الأربعين لا شك أنها ليست على وتيرة واحدة، وليس قوله ثابت على وجه واحد، وإنما يستشف منه أن الشيخ متردد لما يترتب على ذلك من أثر، وأن الاحتياط لا يمكن في مثل هذه الصورة.
وكون الشخص متلاعب يؤيده قول الإمام أحمد مثلاً حينما سئل عن قول من يقول: إن طلاق الحائض لا يقع، قال: هذا قول سوء، وأن هذا إنما أوقعه هذا بالنسبة لطلاق الثلاث أوقعه عمر من باب التعزير لمن تلاعب بكتاب الله، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((يتلاعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ )) فمن فعل هذا مستحق للتعزير، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(102/31)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب النكاح والطلاق والرضاع (10)
باب: ما جاء في الإحداد - كتاب: الرضاع - باب: رضاعة الصغير - باب: ما جاء في الرضاعة بعد الكبر - باب: جامع ما جاء في الرضاعة.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا من المغني يقول الخرقي:
مسألة: وإن حاضت حيضة وحيضتين ثم ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه لم تنقض عدتها إلا بعد سنة من وقت انقطاع الحيض، يعني التسعة الأشهر والثلاثة، وذلك لما روي عن عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه قال في رجل طلق امرأته فحاضت حيضة أو حيضتين ثم ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه، تجلس تسعة أشهر، فإذا لم يستبن بها حمل تعتد بثلاثة أشهر، فذلك سنة، ولا نعرف له مخالفاً، قال ابن المنذر: قضى به عمر بين المهاجرين والأنصار، ولمن ينكره منكر.
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الرجل يطلق امرأته فتحيض حيضة ثم يرتفع حيضها، قال: أذهب إلى حديث عمر، إذا رفعت حيضتها ولم تدر مما ارتفعت فإنها تنتظر سنة، قيل له: فحاضت دون السنة؟ فقال: نرجع على الحيض، قيل له: فإن ارتفع حيضها أيضاً لا تدري مما ارتفعت، قال: تقعد سنة أخرى، وهذا قول كل من وافقنا في المسألة الأولى؛ لأنها لما ارتفعت حيضتها حصلت مرتابة، فوجب أن تنتقل إلى الاعتداد بسنة كما ارتفع حيضها حين طلقها، وجب عليها سنة كاملة؛ لأن العدة لا تنبني على عدة أخرى، ولذلك لو حاضت حيضة أو حيضتين ثم يئست انتقلت إلى ثلاثة أشهر كاملة، ولو اعتدت الصغيرة شهراً أو شهرين ثم حاضت انتقلت إلى ثلاثة قروء.
قال: "فإن كانت عادة المرأة أن يتباعد ما بين حيضتيها لم تنقض عدتها حتى تحيض ثلاث حيض وإن طالت؛ لأن هذه لم يرتفع حيضها، ولم تتأخر عن عادتها، فهي من ذوات القروء باقية على عادتها، فأشبهت من لم يتباعد حيضها، ولا نعلم في هذا مخالفاً.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
أم الولد إيه يستبرأ حيضة واحدة، ويش الفرق بينها؟ بينه الشيخ؟
طالب:. . . . . . . . .

(103/1)


يقول: أم الولد إذا مات سيدها فلا تنكح حتى تحيض حيضة كاملة، وإن كانت آيسة فبثلاثة أشهر، وهذا هو المشهور عن أحمد أيضاً وقول الحسن وابن سيرين والنخعي وأبي قلابة، وأحد قولي الشافعي، وسأل عمر بن عبد العزيز أهل المدينة والقوابل، فقالوا: لا تستبرأ الحبلى في أقل من ثلاثة أشهر فأعجبه قولهم.
وعن أحمد رواية أخرى أنها تستبرأ بشهر، وهو قول ثاني للشافعي؛ لأن الشهر قائم مقام القرء في حق الحرة والأمة المطلقة، فكذلك بالاستبراء، وذكر القاضي رواية ثالثة: أنها تستبرأ بشهرين كعدة الأمة المطلقة، ولم أر لذلك وجهاً، ولو كان استبراؤها بشهرين لكان استبراء ذات القرء بقرءين، ولا نعلم به قائلاً.
وقال سعيد بن المسيب وعطاء والضحاك والحكم في الأمة التي لا تحيض تستبرأ بشهر ونصف، رواه حنبل عن أحمد فإنه قال عطاء: إذا كانت لا تحيض فخمس وأربعون ليلة، قال عمي: كذلك أذهب؛ لأن عدة الأمة المطلقة الآيسة كذلك، والمشهور عن أحمد الأول.
قال أحمد بن القاسم: قلت لأبي عبد الله: كيف جعلت ثلاثة أشهر مكان حيضة وإنما جعل الله في القرآن مكان كل حيضة شهراً؟ فقال: إنما قلنا بثلاثة أشهر من أجل الحمل فإنه لا يتبين في أقل من ذلك، فإن عمر بن عبد العزيز سأل عن ذلك وجمع أهل العلم والقوابل فأخبروه أن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة أشهر، فأعجبه ذلك، ثم قال: ألم تسمع قول ابن مسعود: إن النطفة أربعين يوماً، ثم علقة أربعين يوماً، ثم مضغة بعد ذلك؟ قال أبو عبد الله: فإذا خرجت الثمانون صارت بعدها مضغة، وهي لحم فتبين حينئذٍ، وقال: هذا معروف عند النساء، وأما شهر فلا معنى فيه، ولا نعلم به قائلاً، ووجه استبرائها بشهر أن الله -جل وعلا- جعل الشهر مكان الحيضة، ولذلك اختلفت الشهور باختلاف الحيضات، فكانت عدة الحرة الآيسة ثلاثة أشهر مكان ثلاثة قروء، وعدة الأمة شهرين مكان قرءين، وللأمة المستبرئة التي ارتفع حيضها عشرة أشهر، تسعة للحمل وشهر مكان الحيضة فيجب أن يكون مكان الحيضة هاهنا شهر، كما في حق من ارتفع حيضها، فإن قيل: فقد وجد ثَم ما دل على البراءة وهو تربص أربعة أشهر قلنا: وهنا ما يدل على البراءة وهو الإياس فاستويا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.

(103/2)


طالب:. . . . . . . . .
لكن ليس في هذا شيء مرفوع، إيه ما في شيء مرفوع.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه زوجة، زوجة ما في ... ، ما يمكن تصير أمة قوم تحته، ما يمكن، الفرج لا يعار، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا لا، هذا الإشكال في الزواج من الأمة الأصل أنه لا يجوز، إلا إذا لم يجد طول حرة، ما يجد مهر، وكذلك يخشى على نفسه العنت، فإذا توافر الشرطان جاز له أن يتزوج أمة وهو حر، وحينئذٍ الأولاد يتبعون أمهم حرية ورقاً.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الإحداد
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة، قالت زينب: دخلت على أم حبيبة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره، فدهنت به جارية، ثم مسحت بعارضيها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تَحِدّ على ميت)) ...
تحد.
أحسن الله إليك.
تحد من الرباعي.
((أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)) قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست منه، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)).

(103/3)


قالت زينب: وسمعت أمي أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينيها أفتكحلهما؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول: ((لا)) ثم قال: ((إنما هي أربعة أشهر وعشراً، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول)).
قال حميد بن نافع: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيباً شيئاً ....
ولا شيئاً.
أحسن الله إليك.
ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة حتى تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره.
قال مالك -رحمه الله-: والحفش: البيت الرديء
الحِفش، الحِفش.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله-: والحِفش البيت الرديء، وتفتض تمسح به جلدها كالنشرة.
وحدثني عن مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن عائشة وحفصة زوجي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت لامرأة حاد على زوجها اشتكت عينيها فبلغ ذلك منها: اكتحلي بكحل الجلاء بالليل، وامسحيه بالنهار.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار أنهما كانا يقولان في المرأة يتوفى عنها زوجها: إنها إذا خشيت على بصرها من رمد أو شكو أصابها إنها تكتحل وتتداوى بدواء أو كحل، وإن كان فيه طيب.
قال مالك -رحمه الله-: وإذا كانت الضرورة فإن دين الله يسر.
وحدثني عن مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد اشتكت عينيها، وهي حاد على زوجها عبد الله بن عمر فلم تكتحل حتى كادت عيناها ترمضان.
ترمصان.
أحسن الله إليك.
ترمصان.
قال مالك -رحمه الله-: تدهن.
تدّهن، تدّهن.
أحسن الله إليك.
تدّهن المتوفى عنها زوجها بالزيت والشبرق، وما أشبه ذلك إذا لم يكن فيه طيب.

(103/4)


قال مالك: ولا تلبس المرأة الحاد على زوجها شيئاً من الحلي خاتماً ولا خلخالاً ولا غير ذلك من الحلي ولا تلبس شيئاً من العصب إلا أن يكون عصباً غليظاً ولا تلبس ثوباً مصبوغاً بشيء من الصبغ إلا بالسواد ولا تمتشط إلا بالسدر، وما أشبهه مما لا يختمر في رأسها.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة، وقد جعلت على عينيها صِبْراً ...
صَبِراً
أحسن الله إليك.
وقد جعلت على عينيها صبراً، فقال: ((ما هذا يا أم سلمة؟ )) فقالت: إنما هو صبر يا رسول الله، قال: ((اجعليه في الليل، وامسحيه بالنهار)).
قال مالك -رحمه الله-: الإحداد على الصبية التي لم تبلغ المحيض كهيئته على التي قد بلغت المحيض تجتنب ما تجتنب المرأة البالغة إذا هلك عنها زوجها.
قال مالك: تحد الأمة إذا توفي عنها زوجها شهرين وخمس ليال مثل عدتها.
قال مالك: ليس على أم الولد إحداد إذا هلك عنها سيدها، ولا على أمة يموت عنها سيدها إحداد، وإنما الإحداد على ذوات الأزواج.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: تجمع الحاد رأسها بالسدر والزيت.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الإحداد
الإحداد مصدر من أحدت المرأة تحد إحداداً، يعني من الرباعي، واصله من الحد وهو المنع؛ لأن من توفي عنها زوجها تمتنع من لبس ما يطمع الخطاب فيها من الألبسة الجميلة، ومن الطيب، والتحلي بذهب أو غيره، المقصود أن المرأة التي توفي عنها زوجها لا تتجمل؛ لئلا يرغب فيها أحد، نظراً لحق الله -جل وعلا-، وحق زوجها، زوجها له حق، ولذا لا يجوز الإحداد على أحد كائناً من كان إلا ما استثني ثلاث ليال إذا مات الأب، مات القريب عزيز مثلاً تحد المرأة.

(103/5)


وليس الإحداد من شيم الرجال، ولا يجوز لرجل أن يحد ألبتة، فما يصنع في الدول عند موت عظمائهم هذا ليس بشرعي، قد يحدون ثلاثة أيام، يعلنون الإحداد وأيضاً قد يكون الأمر أكثر من ذلك إلى أربعين يوماً يفعلونه، وكل هذا مخالف للشرع، الإحداد إنما هو على المرأة إذا مات زوجها فقط، المدة المعلومة أربعة أشهر وعشر، وهو تابع للعدة طولاً وقصراً، فإذا لم تعلم المرأة بموت زوجها حتى انتهت العدة مضى وقت الإحداد؛ لأنه مرتبط بها، وإذا علمت في أثنائها اعتدت بما مضى ولو لم تعلم، ولو تجملت، ولو تطيبت؛ لأن العدة معلومة من وفاة الزوج، لا من علم المرأة بوفاته.

(103/6)


الآن سهل أن تعلم المرأة وهي في أقصى الدنيا موت زوجها، بعد خروج روحه بلحظة، وفي السابق كان الزوج يموت وتنتهي من العدة وهي ما علمت؛ لعدم تيسر الاتصال، والغرباء الذين يرحلون لطلب العلم قد يموت الوالد والوالدة ويجلس لطلب العلم السنة والسنتين والثلاث وما دري، ما علم، كم بين العراق والأندلس من مفاوز؟ مفاوز عظيمة، لا يبلغها، أقول: مفاوز كبيرة، ابن جبير لما قفل من حجته وركب البحر من سواحل الشام إلى الأندلس كم؟ مدة طويلة إلى أن شارف الوصول، جاءت ريح فردته إلى الشام، فمكث ستة أشهر، الآن لو الواحد على سيارته، لو يريد الذهاب إلى مكة ست ساعات ضاقت به الدنيا ذرعاً، ولو يزيد عدد السيارات في التفتيش وإلا في مكان وإلا شيء ما تحمل هذا أبداً، ما يتحمل زيادة دقيقة؛ لأن الناس يتكيفون على حسب أوضاعهم وظروفهم، وحتى في كل عصر الناس يتفاوتون، من الناس الآن من يحتمل السفر إلى مكة ثلاثة أيام؛ لأن وسيلته كثيرة العطل، ويقف في هذا البلد وهذا البلد وموطن نفسه على هذا، ولذلك تجده من أريح الناس بالاً، بينما من هو في طبقة فوقه أو فوقهم ما يتحمل شيء مثل هذا، لو تأخرت الطائرة، لو تأجلت الطائرة نصف ساعة خلاص كأن القيامة قامت، فلا شك أن الناس يتكيفون على حسب ظروفهم، فما يقال: ويش لون الناس يصبرون؟ يصبرون يا أخي ما في بديل، ولا استشرفت أنفسهم إلى أنه يصل من الأندلس إلى مكة بشهر ما يمكن، الناس يمكثون، يمكثون مدد متطاولة في الطرق، وعلى وسائل غير مريحة، لكن لا يرون أن أحداً أفضل منهم، ويكفي في هذا سعادة، لكن أنت وأنت على السيارة مريحة، أو على الطائرة في الدرجة السياحية ترى أنك مظلوم، ليش الناس في الدرجة الأولى وأنا في السياحية؟ وأنت بتوصل معهم بعد نصف ساعة أو بعد ساعة؛ لأن النفوس تتكيف على حسب الظروف والأوضاع، ومن حكم الله -جل وعلا- ومنته على سائر خلقه أن تجد أشد الناس فقر هم أكثرهم سعادة في الغالب يعني، يعني رأينا ناس يسكنون الأرصفة ما عندهم بيوت يسكنون فيها، ولا رأينا أكثر منهم ضحكاً، وجدنا الأغنياء والكبراء والوزراء والوجهاء تجد أكثر وقته ... ، يذكر لي عن واحد من الكبار من الآن يمكن له سنة أو أكثر ما ضحك،

(103/7)


ليست حياة هذه، فهذا من نعم الله -جل وعلا-، وإلا كان يموت الفقير غم، هذا فيه تسلية له، يعني رأينا ناس ينامون على درج في مكة مثلاً، وأكثر وقته ما ... ، ويتكففون الناس واحد يعطيهم وواحد ما يعطيهم، تجد الواحد بيده الكسرة ويعطي بزره اللي معه ولده ومبسوط، وتجد الإنسان يتأثر ويتكدر لأدنى شيء وهو في النعيم، فتحت عليه الدنيا بأنواعها لكنه معذب بها، وتجد أيضاً بعض الناس معذب بأولاده، وآخر معذب بعقمه، وثالث معذب بكذا، ورابع، لماذا؟ كل هذا لماذا؟ لأن الدنيا طبعت على كدر، وطبع الدنيا على كدر ليس من أجل تعذيب الناس أبداً؛ ليلتفتوا لما خلقوا من أجله، من أجل الحصول على النعيم المقيم الذي لا يشاركه كدر، والله المستعان.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة قالت زينب -هذا الأول-: دخلت على أم حبيبة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-" حبيبة بنت أبي سفيان "حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره" هذا يتجمل به، ويتطيب به "فدهنت به جارية، ثم مسحت بعارضيها -جانب وجهها- ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)) " ما لها بالطيب حاجة، لكن تريد أن تبين بالفعل أنها لم تحد على أبيها، تظهر للناس أنها لم تحد على أبيها امتثالاً؛ لقوله: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث)) أما الثلاث فما دون فالنفس لا شك أن لها حظ، ولها تعلق بالعزيز، فمن باب وفائها ترى أن عليها أن تحد، وأن تمتنع من التجمل، وملاحظة الظروف، ظروف الناس وأحوالهم في حدود المباح أمر مطلوب، يعني ليس من الأدب أن الإنسان إذا ذهب لتعزية أو شبهها أن يفتح المجال للحديث في كل باب، ويظهر السرور والانبساط والفرح، ويكثر الضحك، لا، مراعاة خواطر الناس أمر لا شك أنها جبلت عليه النفوس، وجاء به الشرع.

(103/8)


"قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش" هذا الحديث الثاني "زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست منه، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)) " وهذا مثل سابقه.
"قالت زينب في الحديث الثالث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما في أكثر، كانت حول ثم نسخ {مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [(240) سورة البقرة] ثم نسخت بأربعة أشهر وعشراً.
طالب:. . . . . . . . .
خلاص انتهت، لا تزيد على أربعة أشهر وعشراً.
في الحديث الثالث: "قالت زينب: وسمعت أمي أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينيها" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما تحد ولا يوم، نعم هذا ليس له حد محدد، إنما هو إظهار الحزن على الأب مثلاً، فالمسألة ما دام ما له بداية ولا نهاية إلا الحد بالثلاثة، يعني ما هو بثلاثة من وفاته، فالمسألة محتملة.
على كل حال تقدر بقدرها ما لم يخرج الأمر إلى إظهار الجزع، والنياحة عليه، وما أشبه ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تمتنع، إذا دعاها لا يجوز لها الامتناع، لكن كونها لا تطلبه هذا الشيء، أما تمتنع إذا دعاها لا يجوز لها أن تمتنع.
تقول: "جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينيها، أفتكحلهما؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول: ((لا)) ثم قال: ((إنما هي أربعة أشهر وعشراً)) " يقللها النبي -عليه الصلاة والسلام- ((وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول)) ثم بعد ذلك صار حول كامل في أول الأمر، ثم نسخ بالأربعة أشهر وعشر ليال.

(103/9)


"قال حميد بن نافع: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً، ولبست شر ثيابها، ولا تمس طيباً" ولا تمس ماء، ثم تتراكم عليها الأوساخ طيلة سنة كاملة "ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيباً ولا شيئاً" يعني ولا ماء "حتى تمر بها سنة" يعني تجتمع عليها الأعذار الشرعية والأوساخ، ولا تمس طيباً، ولا ماء، ولا شيئاً "ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به" يعني تمسح به بدنها "فقلما تفتض بشيء إلا مات" نعم من الروائح الكريهة ومن الأوساخ وغير ذلك، تجتمع عليها ثم بعد ذلك تخرج فتعطى بعرة فترمي بها؛ لبيان أن هذه المدة في جانب الزوج أو في جانب حقه عليها لا تساوي هذه البعرة، ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره، خلاص تتهيأ للخطاب.
"قال مالك: والحفش البيت الرديء، وتفتض تمسح به جلدها كالنشرة" يعني كأنها تزيل ما بها بما في فمه من رطوبة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، تتحمل؛ لأن هذا يفتض به فيباشر فمه، ويباشر أنفه، وهي فمها وأنفها مرتفعة عن بدنها كما هو معلوم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، تتحمل.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن عائشة وحفصة زوجي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج)) ".
ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت لامرأة حاد على زوجها اشتكت عينيها فبلغ ذلك منها: اكتحلي بكحل الجلاء بالليل" كحل نوع معروف من أنواع الكحل يكتحل به في الليل، ويمسح بالنهار، بالليل لا يرى، فلو تجملت لا يرى موضع الجمال منها بخلاف النهار تمسح بالنهار، هذا في زمنهم، أما في زمننا فرؤية هذه الأمور بالليل أشد، "وامسحيه بالنهار".
وبعد أيضاً الكهرباء بالليل قد يزيد الجمال، ويزيد من نظارة الوجه.

(103/10)


قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار أنهما كانا يقولان في المرأة يتوفى عنها زوجها: إنها إذا خشيت على بصرها من رمد أو شكو" أي شكوى غير الرمد من شيء "أصابها" بعينها "إنها تكتحل وتتداوى بدواء أو كحل وإن كان فيه طيب" يعني إن لم تجد غيره، وإن كان فيه طيب، يعني إن لم تجد غيره؛ لأن هذه ضرورة، والدين يسر كما قال مال: "وإذا كانت الضرورة فالدين" يعني إذا وجدت الضرورة "فالدين يسر" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
تختلف، يمكن اشتكت عينها شكوى لا تصل إلى حد ضرورة، اشتكت عينها بحيث لا تصل إلى حد الضرورة، أما إذا خشيت على بصرها يعني خشيت أن يكف بصرها تكتحل، تتعالج، ما في إشكال -إن شاء الله-.
طالب:. . . . . . . . .
لا لو قيل: إنها تقفل عليها بيتها ولا تخرج ولا ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذه مع العلة الظاهرة هناك شيء من التعبد ما يكفي.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد اشتكت عينيها وهي حاد على زوجها عبد الله بن عمر فلم تكتحل حتى كادت عيناها ترمصان" الرمص: معروف أنه وجع في العين يذهب الأهداب، ويجعل الأجفان حمراء، والغالب سببه ما يجتمع على العين من أوساخ، وليس بغريب أن صفية بنت أبي عبيد تصل إلى هذا الحد؛ لأنها زوجة عبد الله بن عمر، وهو معروف بالتحري والتشديد على نفسه، يعني تأقلمت معه على التشديد، كان يدخل الماء في عينيه عند الوضوء حتى عمي -رضي الله عنه وأرضاه-.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا خشيت تتعالج، إذا كان بشيء لا أثر له ولا لون له أولى من الكحل، هناك علاجات ما فيها لون، مثل الماء ما فيه إشكال، إلا أن الكحل مع كونه علاج فيه تجميل.
"قال مالك: تدهن المتوفى عنها زوجها بالزيت والشبرق" أصله الشيرج، هذا زيت السمسم يسمونه شيرج، وقد يقولون: شيرق، فأما شبرق كذا وبالباء مضبوط بها؟ الشارح ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
بالياء؟
طالب:. . . . . . . . .

(103/11)


إيه هذا الأصل؛ لأن أكثر الطبعات اللي راجعتها من طبعات المتن بالباء، لكن اللي نحفظه أنه الشيرج بالجيم، وقد يقال بالقاف هو زيت السمسم.
"وما أشبه ذلك إذا لم يكن فيه طيب" يعني لا لون ولا طيب هذا ما فيه إشكال علاج، وتدهن به وتكتحل به.
"قال مالك: ولا تلبس المرأة الحاد على زوجها شيئاً من الحلي" ذهب أو فضة، أو ما كان مما يتحلى به النساء من غير الذهب والفضة مما هو أعلى أو أدنى.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
حلي، حلي نعم.
"خاتماً ولا خلخالاً" يعني الخاتم الذي يلبس في الأصبع، والخلال: ما يلبس في الرجل "ولا غير ذلك من الحلي، ولا تلبس شيئاً من العصب" العصب قالوا: ثوب ينسج ثم يصبغ، المقصود أنه من البرود التي تأتي من اليمن، يعني برود مخططة مصبوغة بالأصباغ بالألوان ما تلبس شيئاً منها، إنما تلبس شيء لا يلفت أنظار الرجال إليها، لكن بعض الألوان التي ليس فيها أصباغ كبعض القطع السوداء مثلاً أجمل من المصبغة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فيها لمعة، وفيها ... ، ما في شك أنها أحياناً تكون أجمل، والآن ما صار للألوان دخل كبير في التجميل بقدر ما يكون للتفصيل، وما يدخل على الثياب من تحسين في الخياطة، اللي يسمونها مديلات هذه، هذه لا شك أنها وإن كانت غير مصبوغة ولا فيها شيء مرد ذلك إلى أنها لا تتجمل، لا تلبس ما يزيد في جمالها.
"إلا أن يكون عصباً غليظاً" يعني ليس بناعم، إنما غليظ "ولا تلبس ثوباً مصبوغاً بشيء من الصبغ إلا بالسواد" يعني السادة أسود سادة "ولا تمتشط إلا بالسدر، وما أشبهه مما لا يختمر في رأسها" يختمر في رأسها يعني يمتصه الرأس، ويبقى بريقه ولمعانه.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة، وقد جعلت على عينيها صبراً، فقال: ((ما هذا يا أم سلمة؟ )) فقالت: إنما هو صبر يا رسول الله، قال: ((اجعليه في الليل، وامسحيه بالنهار)) " كيف رأى ما في عينيها؟
طالب:. . . . . . . . .

(103/12)


قبل الحجاب؟ الحال الذي قرره وحرره، واستدل له الحافظ ابن حجر، وأطال في الاستدلال له أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس عنه حجاب، لا يحتجب عنه، إنما هو بمنزلة الوالد، والقصص على ذلك كثيرة، وفي كثير منها إيجاد المخرج فيه شيء من التكلف.
"قال مالك: الإحداد على الصبية التي لم تبلغ المحيض كهيئته على التي قد بلغت المحيض" يعني الصغيرة غير المكلفة تمنع مما تمتنع منه المكلفة "تجتنب ما تجتنب المرأة البالغة إذا هلك عنها زوجها".
"قال مالك: تحد الأمة إذا توفي عنها زوجها شهرين وخمس ليال مثل عدتها" يعني على النصف من عدة الحرة، واستشكلنا بدرس مضى أن هذه المدة لا يتبين فيها الحمل، فلو اعتدت شهرين وخمس ليال ثم خرجت من عدتها وبيعت مثلاً من ضمن التركة على أحد فهل له أن يطأها قبل أن تبلغ الثلاثة الأشهر، أو قبل أن يتبين حملها؟ لأنه لا يتبين بهذه المدة خمس وستين يوم أو أقل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، أو ثلاثة وستين، هذا فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
استشكلناه فيما مضى، لكن هل وجد حل لهذا الاستشكال؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هنا الآن شهرين وخمس ليال يمكن ما يبرأ، ما تعلم براءة الرحم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون منهم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا بد أن يستبرئها بالحيضة.
طالب:. . . . . . . . .
إذاً لماذا تحبس الحرة أربعة أشهر وعشراً؟ تراهم يذكرون العلة للعلم ببراءة رحمها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا المسألة مرتبطة، ما نقول هذا، لا بد أن نطرد في كلامنا.
طالب:. . . . . . . . .
حتى لو مات زوجها ومكثت أربعة أشهر وعشر، وجزمنا ببراءتها، لماذا لا نقول: أقل؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، بس كأن هذا بالنسبة لعدة الأمة كشيء أطبقوا عليه، أطبق عليه أهل العلم على أنها على النصف من الحرة.
"قال مالك: ليس على أم الولد إحداد إذا هلك عنها سيدها" أم الولد في حكم الأمة ليس عليها إحداد فليست زوجة "ولا على أمة يموت عنها سيدها إحداد، وإنما الإحداد على ذوات الأزواج" يعني الزوجات.

(103/13)


"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: تجمع الحاد رأسها بالسدر والزيت" لأن هذا ليس له لون "تجمع الحاد رأسها بالسدر والزيت" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أنه لا حجاب عنه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا الذي يظهر؛ لأن بعض القضايا ما عنها جواب.
طالب:. . . . . . . . .
الصبر؟
طالب:. . . . . . . . .
شيء مر، حتى تلعق الصبر.
طالب:. . . . . . . . .
لا الظاهر أنه مثل الكحل له لون، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أهلك؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا مسألة الغيرة غيرة عمر أن الإنسان يغار على محارمه، ويغار أيضاً على ما يختص به من متاع وغيره إذا رآه الناس، بعض الناس. . . . . . . . . ولا تدخل المكتبة يغار على كتبه يشوفها، يعني خصائص الناس عليها غيرة مهما كانت، ولو لم تكن محارم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، وقد تكون من أجل أنه سوف يكلمه في أمر سري، نعم.
كتاب: الرضاع
باب: رضاعة الصغير
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أخبرتها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أراه فلاناً)) لعم لحفصة من الرضاعة، فقالت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله لو كان فلان حياً -لعمها من الرضاعة- دخل علي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)).

(103/14)


وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: جاء عمي من الرضاعة يستأذن علي فأبيت أن آذن له عليه حتى أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، قالت: فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألته عن ذلك، فقال: ((إنه عمك فأذني له)) قالت: فقلت: يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، فقال: ((إنه عمك فليلج عليك))، وقالت عائشة -رضي الله عنها-: وذلك بعد ما ضرب علينا الحجاب، وقالت عائشة: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها أخبرته أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها، وهو عمها من الرضاعة بعد أن أنزل الحجاب، قالت: فأبيت أن آذن له علي، فلما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرته بالذي صنعت، فأمرني أن آذن له علي.
وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يقول:
ما كان في الحولين وإن كان مصة واحدة فهو يحرم.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عمرو بن الشرير ...
الشريد.
أحسن الله إليك.
عن عمرو بن الشريد أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- سئل عن رجل كانت له امرأتان، فأرضعت إحداهما غلاماً، وأرضعت الأخرى جارية، فقيل له: هل يتزوج الغلام الجارية؟ فقال: لا، اللقاح واحد.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر، ولا رضاعة لكبير.
وحدثني عن مالك عن نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، فقالت: أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل علي.
قال سالم: فأرضعتني أم كلثوم ثلاث رضعات، ثم مرضت فلم ترضعني غير ثلاث رضعات، فلم أكن أدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تتم لي عشر رضعات.
وحدثني عن مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنها-

(103/15)


أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها فاطمة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها وهو صغير يرضع، ففعلت فكان يدخل عليها.
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه أخبره أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها وبنات أخيها، ولا يدخل عليها من أرضعه نساء إخوتها.
وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن عقبة أنه سأل سعيد بن المسيب عن الرضاعة فقال سعيد: كل ما كان في الحولين وإن كانت قطرة واحدة فهو يحرم، وما كان بعد الحولين فإنما هو طعام يأكله.
قال إبراهيم بن عقبة: ثم سألت عروة بن الزبير فقال مثل ما قال سعيد بن المسيب.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: لا رضاعة إلا ما كان في المهد وإلا ما أنبت اللحم والدم.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: الرضاعة قليلها وكثيرها تحرم والرضاعة من قبل الرجل.
من قبل الرجال.
أحسن الله إليك.
والرضاعة من قبل الرجال تحرم.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: الرضاعة قليلها وكثيرها إذا كان في الحولين تحرم، فأما ما كان بعد الحولين فإن قليله وكثيره لا يحرم شيئاً، وإنما هو بمنزلة الطعام.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب: الرضاع
يعني جرى على ذكر البسملة في الكتب التراجم الكبرى إذا أراد أن ينتقل من كتاب إلى كتاب فتح الكتاب الثاني بالبسملة، كما افتتح الأول، وكأن هذه الكتب كتب مستقلة لا ارتباط لها بما قبلها ولا ما بعدها فتصدر بالبسملة، وأحياناً تكون الترجمة قبل البسملة، وأشرنا إلى هذا مراراً كأن يقول:
كتاب: الرضاع
بسم الله الرحمن الرحيم
وهذا يوجد في البخاري، وفي بعض نسخ الموطأ، والأمر سهل يعني سواء تقدمت البسملة كما هو الأصل، أو تأخرت عن الترجمة لتكون الترجمة بمنزلة اسم السورة في القرآن.
قال -رحمه الله-:
كتاب: الرضاع
باب: رضاعة الصغير
وبالنسبة للرضاع فهو مص لبن امرأة ثاب من حمل يعني اجتمع من حمل في الحولين عند الجمهور، وله شروطه، ثاب عن حمل، والمص في حكمه الشرب، واللبن في حكمه مشتقاته، وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟

(103/16)


طالب:. . . . . . . . .
ما يجيء أقط من لبن المرأة؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا تصور المؤدى واحد، لكن ثاب عن حمل معناه أن المرأة لو كان فيها لبن ولم تحبل من زوجها، أو ليست بذات زوج أن لبنها لا يؤثر، والغالب أن اللبن إنما يكون بعد الولادة، بعد الحمل، وقد يحصل عند بعض النساء ولو كانت كبيرة، أنه يوجد فيها لبن، فإذا وجد ووجدت خصائصه فهي أمه، وإن لم يكن له أب، والجمهور على خلاف هذا، لا بد أن يكون ثاب عن حمل.
باب: رضاعة الصغير
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة أم المؤمنين أخبرتها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة" والبيوت متلاصقة، وبيوت صغيرة يسمع الباب إذا قرع البيت الثاني، البيوت متراصة وصغيرة بحيث يسمع إذا قرع باب، وإن لم يكن باب البيت نفسه "فقالت عائشة: قلت: يا رسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أراه فلاناً)) لعم لحفصة من الرضاعة" يعرفون بالتحديد من يمكن أن يطرق الباب، الآن بيوت المسلمين تطرق مما هب ودب، تطرق مما هب، وأكثر من يطرق أبواب المسلمين في جميع الأوقات، حتى بعد هزيع من الليل، أو في أخر الليل المطاعم، هذا موجود، لذلك إذا طرق الباب ما يستغرب من يطرق، ولا يخطر على البال المراد، إلا إذا كان سبق تقدم طلب، قالوا: هذا الطلب من البقالة وإلا من المطعم وإلا ... ، وإلا ما يخطر على البال، والأمور محددة، ما يمكن يجيء في هذا الوقت أحد، أمور معروفة ومحددة ومنضبطة، والله المستعان.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أراه فلاناً)) " يعني أظنه فلان "لعم لحفصة من الرضاعة، فقالت عائشة: يا رسول الله لو كان فلان حياً -لعمها من الرضاعة- دخل علي؟ " هذا بعد وفاته وإلا سيأتينا في حديث لاحق أنه دخل عليها أفلح أخو أبي القعيس "أنه كان حياً -لعمها من الرضاعة- دخل علي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)) " فعمها من الرضاعة مثل عمها أخي أبيها.

(103/17)


"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: جاء عمي من الرضاعة يستأذن علي فأبيت أن آذن له علي" هذه أول مرة "حتى أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، قالت: فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألته عن ذلك، فقال: ((إنه عمك فأذني له)) فقلت: يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، فقال: ((إنه عمك فليلج عليك)) " نعم الماء له، وسيأتي بيان ذلك "قالت عائشة -رضي الله عنها-: وذلك بعد ما ضرب علينا الحجاب" يعني احتاطت لنفسها بعد ضرب الحجاب، وأول من حجب نساء النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي حديث قصة الإفك تقول: وكان يعرفني قبل الحجاب، ولو كان الوجه مما يجوز كشفه لما احتاجت لمثل هذا الكلام؛ لأن الوجه إذا كشف عرفت قبل الحجاب أو بعده، والقصة في الصحيح.
"وقالت عائشة: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة" يعني زوجة الولد من الرضاعة تحرم على أبيه وجده وإلا ما تحرم؟ {وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} [(23) سورة النساء] ماذا يخرج؟ يخرج الرضاعة؟ الجمهور على أنه مثل الأب، يخرج ولد التبني، وإن كان بعضهم أن هذا يشمل حتى الرضاعة.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها أخبرته أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن أنزل الحجاب، قالت: فأبيت أن آذن له علي، فلما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرته بالذي صنعت فأمرني أن آذن له" لأنه عمها من الرضاعة.
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم يمكن بعد يكون لهم أخ ثالث، لا يلزم، لكن قد يكون أبو القعيس أشهرهم فيعرفون به.
طالب:. . . . . . . . .
وإن كان، احتمال قائم يكون هو أبو القعيس، نعم.

(103/18)


"وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عبد الله بن عباس أنه كان يقول: ما كان في الحولين وإن كان مصة واحدة فهو يحرم" وهو قول جماهير أهل العلم أن الرضاع لا يحرم إلا إذا كان في الحولين، والرضاع المحرم هو ما أنشز العظم، وبنى اللحم، وهذا قول الجمهور، وتذهب عائشة -رضي الله عنها- إلى أن الرضاع يحرم بالنسبة للكبير والصغير في قصة سالم مولى أبي حذيفة على ما سيأتي.
شيخ الإسلام ابن تيمية يخص ذلك بالحاجة، إن احتيج إلى رضاع الكبير يرتضع، مثل قصة سالم، والجمهور على أنه بعد الحولين لا يحرم.
وأما قوله: "إن كان مصة واحدة فهو يحرم" هذا قول أهل الظاهر الذين يشترطون العدد، والجمهور يشترطون الخمس، ومن أهل العلم من يشترط الثلاث، لا تحرم المصة ولا المصتان، ولا الإملاجة والإملاجتان، مفهومه أن الثلاث تحرم، لكن عامة أهل العلم على أن الرضاع المحرم هو الخمس رضعات، خمس رضعات معلومات يحرمن، كان فيما أنزل عشر رضعات فنسخن بخمس رضعات معلومات يحرمن.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عمرو بن الشريد أن عبد الله بن عباس سئل عن رجل كانت له امرأتان فأرضعت إحداهما غلاماً وأرضعت الأخرى جارية" يكونان أخوين من الأب، الرابط بينهما هو الأب، وأما الأمهات فعلات "فقيل له: هل يتزوج الغلام الجارية؟ فقال: "لا، اللقاح واحد" يعني هما أخوان لأب، أبوهما هذا الرجل، فكأنهما ولدان لهاتين المرأتين، ينزلان منزلته، وأولاد هذه المرأة أو المرأتين من الرجل الواحد أولاد علات، إخوة لأب.
"فقيل له: هل يتزوج الغلام الجارية؟ فقال: "لا، اللقاح واحد" والمراد به لبن الفحل.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر، ولا رضاعة لكبير" وهذا هو مقتضى قول الجمهور.

(103/19)


"وحدثني عن مالك عن نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن عائشة أم المؤمنين أرسلت به وهو يرضع" سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن عائشة أم المؤمنين أرسلت به وهو يرضع "إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، فقالت: أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل علي" لا شك أن مثل عائشة بحاجة إلى من يخدمها، ليس لها ولد، هي بحاجة إذا أرضعت سالم هذا خدمها، صار ولداً لأختها أم كلثوم، فصارت عائشة خالته "فقالت: أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل علي، فقال سالم: فأرضعتني أم كلثوم ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعني غير ثلاث رضعات فلم أكن أدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تتم لي عشر رضعات" عشر رضعات هذا كان فيما أنزل، ثم نسخن بخمس، فقول عائشة في هذا والذي يليه من كلام حفصة أن العشر هي المحرمة، وما دونها لا، لكن هذا قبل النسخ.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لو كانت بعد وفاة النبي ما ... ، صارت بعد النسخ، لكن ينظر عن سالم بن عبد الله بن عمر هل ولد في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- وإلا لا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أن يأتي الطفل إلى الثدي وهو محتاج إليه ثم يتركه بطوعه واختياره، وقد يكون هذا رأي لعائشة وحفصة الرضاعة ما نسخت، أو يكون هذا كله من باب احتياط لئلا تعد رضعة وهي في الحقيقة ليست برضعة معتبرة، الاحتمالات واردة، وعلى كل حال الخمس هو قول عامة أهل العلم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا عاد كونه يروي عن نفسه في وقت وقد تحمل قبل التمييز، يروي عن نفسه ما حصل له قبل التمييز، صح، حصل قبل التمييز، يعني لو كان عمره أربع خمس قلنا مثل محمود بن الربيع الذي عقل المجة هذا عمره أقل، لكن هذا أمر يخصه فيكون قد تلقاه عن أصحاب القصة، وكلهم ثقات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا ترك الثدي بطوعه واختياره انتهى، المرض في حلقه مثلاً، مرض في حلقه ما يقدر يتابع، يعني هذا أو ما في حكمه، يعني يتركه بطوعه واختياره أو ما في حكمه، يعني إذا كان هناك مانع ظاهر ما تعد رضاعة.

(103/20)


قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن حفصة أم المؤمنين أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها فاطمة بنت عمر بن الخطاب ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها وهو صغير" حفصة ليس لها ولد من النبي -عليه الصلاة والسلام-، فأرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها؛ لأنها قد تكون بحاجة إليه، إلى خدمته "ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها وهو صغير يرضع ففعلت فكان يدخل عليها" بخلاف سالم لا يدخل على عائشة لأنه لم يتم العدد.
قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه أخبره أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها وبنات أخيها" أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها؛ لأنها تصير بالنسبة لهم خالة، وبنات أخيها تكون عمة، عمة للبنات وعمة لأولادهن ومن أرضعتهن "ولا يدخل عليها من أرضعه نساء إخوتها" لماذا؟ نساء إخوتها تكون عمة، ولا يدخل عليها من أرضعه نساء إخوتها، إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كانت أزواج إخوتها تكون عمة.
طالب:. . . . . . . . .
يعني من لبن غير إخوتها، من لبن غير إخوتها، ويش قال الشرح؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الاحتمال الأقوى أنها لا يدخل عليها من أرضعه نساء إخوتها من لبن غيرهم، غير إخوتها.
قال: "وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن عقبة أنه سأل سعيد بن المسيب عن الرضاعة فقال سعيد: كل ما كان في الحولين وإن كانت قطرة واحدة فهو يحرم" وهذا هو قول أهل الظاهر؛ لأن النصوص مطلقة، لا سيما ما جاء في القرآن مطلق، ما في تحديد بالحولين، لكن جاء التحديد والتقييد بالسنة "وإن كانت قطرة واحدة فهو يحرم، وما كان بعد الحولين فإنما هو طعام يأكله" يعني في قول الجملة الأولى كل ما كان في الحولين موافق لقول الجمهور، وفي الجملة الثانية مخالفة لقولهم.
"قال إبراهيم بن عقبة: ثم سألت عروة بن الزبير فقال مثل ما قال سعيد بن المسيب".
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: لا رضاعة إلا ما كان في المهد وإلا ما أنبت اللحم والدم" يعني ما كان في الحولين، كما يقول الجمهور.

(103/21)


"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: الرضاعة قليلها وكثيرها تحرم" كقول أهل الظاهر، والرضاعة من قبل الرجل تحرم لأنه لبنه، فكان الولد لهم.
"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: الرضاعة قليلها وكثيرها إذا كان في الحولين تحرم" وهذا كما تقدم أنه لا يحرم إلا الخمس الرضعات، لكنه خالف الجمهور.
"وسمعت مالكاً يقول: الرضاعة قليلها وكثيرها إذا كان في الحولين تحرم" ويشترط أن تكون الرضاعة في الحولين ولا يشترط العدد في الرضاعة -رحمه الله-.
"فأما ما كان بعد الحولين فإن قليله وكثيره لا يحرم شيئاً، وإنما هو بمنزلة الطعام".
سم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الرضاعة بعد الكبر

(103/22)


حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاعة الكبير، فقال: أخبرني عروة بن الزبير أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان قد شهد بدراً، وكان تبنى سالماً الذي يقال له: سالم مولى أبي حذيفة، كما تبنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة، وأنكح أبو حذيفة سالماً وهو يرى أنه ابنه أنكحه بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهي يومئذٍ من المهاجرات الأول، وهي من أفضل أيامى قريش، فلما أنزل الله تعالى في كتابه في زيد بن حارثة ما أنزل، فقال: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [(5) سورة الأحزاب] رد كل واحد من أولئك إلى أبيه، فإن لم يعلم أبوه رد إلى مولاه، فجاءت سهلة بنت سهيل وهي امرأة أبي حذيفة، وهي من بني عامر بن لؤي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله كنا نرى سالماً ولداً، وكان يدخل علي وأنا فضل، وليس لنا إلا بيت واحد، فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما بلغنا: ((أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها)) وكانت تراه ابناً من الرضاعة، فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال، فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال، وأبى سائر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس، وقلن: لا والله ما نرى الذي أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهلة بنت سهيل إلا رخصة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رضاعة سالم وحده، لا والله لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد، فعلى هذا كان أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في رضاعة الكبير.

(103/23)


وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر وأنا معه عند دار القضاء يسأله عن رضاعة الكبير، فقال عبد الله بن عمر: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: إني كانت لي وليدة وكنت أطؤها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها فدخلت عليها، فقالت: دونك فقد والله أرضعتها، فقال عمر -رضي الله عنه-: أوجعها واتِ جاريتك، فإنما الرضاعة رضاعة الصغير.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلاً سأل أبا موسى الأشعري فقال: إني مصصت عن امرأتي من ثديها لبناً فذهب في بطني، فقال أبو موسى: لا أراها إلا قد حُرمت عليك ...
حَرمت، حرمت.
أحسن الله إليك.
فقال أبو موسى: لا أراها إلا قد حرمت عليك، فقال عبد الله بن مسعود: انظر ماذا تفتي به الرجل؟ فقال أبو موسى: فماذا تقول أنت؟ فقال عبد الله بن مسعود: لا رضاعة إلا ما كان في الحولين، فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحبر بين أظهركم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الرضاعة بعد الكبر
يعني بعد الحولين، وبعد أكل الطعام، الاعتماد على الطعام وترك اللبن.

(103/24)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاعة الكبير، فقال: أخبرني عروة بن الزبير أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان قد شهد بدراً" يعني من خيار الصحابة وأفضلهم؛ لأنه بدري "وكان تبنى سالماً الذي يقال له: سالم مولى أبي حذيفة كما تبنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة" كان يقال له: زيد بن محمد "وأنكح أبو حذيفة سالماً" لأنه يرى أنه ابنه، فزوجه، أنكحه بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة "وهي يومئذٍ من المهاجرات الأول، وهي من أفضل أيامى قريش، فلما أنزل الله تعالى في كتابه في زيد بن حارثة ما أنزل فقال: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} [(5) سورة الأحزاب] " ادعوهم لآبائهم تبين لهم أنه بهذا أجنبي، {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [(5) سورة الأحزاب] رد كل واحد من أولئك إلى أبيه "فإن لم يعلم أبوه رد إلى مولاه، فجاءت سهلة بنت سهيل وهي امرأة أبي حذيفة، وهي من بني عامر بن لؤي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله كنا نرى سالماً ولداً، وكان يدخل علي وأنا فضل" فضل يعني متبذلة لم تحتشم؛ لأنه عبارة عن ولدها؛ لأنهم تبنوه، وكان التبني معروف في الجاهلية وفي صدر الإسلام "وأنا فضل وليس لنا إلا بيت واحد" يعني بيت واحد غرفة واحدة، هم يطلقون البيت على الغرفة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيهم؟
طالب:. . . . . . . . .
تقول: وليس لنا إلا بيت واحد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه بيت واحد.
طالب:. . . . . . . . .
سالم وقت التبني وقبل نزول الآية كان مثل الولد عندهم، يدخل عليهم.

(103/25)


"وليس لنا إلا بيت واحد، فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما بلغنا: ((أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها)) " نعم الخمس الرضعات هي الحد عند الجمهور، ولكنه كبير، لا يرى الجمهور أن رضاعه ينشر الحرمة إلا أن هذه القصة خاصة به، ولا تصلح لغيره، ولا يقاس عليه غيره، وكانت تراه ابناً من الرضاعة فأخذت بذلك عائشة -رضي الله عنها- أم المؤمنين، فكانت ترى أن رضاع الكبير ينشر الحرمة مطلقاً، هذا قول عائشة، شيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنه ينشر الحرمة عند الحاجة، يعني مثل حال سالم مولى أبي حذيفة، يعني نظير ما قال في أضحية أبي بردة، أبو بردة ضحى قبل الصلاة، فقال: هذه ما تجزئ، يعني ضح بغيرها، فلم يجد إلا جذعة، فقال: ((اذبح الجذعة، ولن تجزئ عن أحد بعدك)) ولن تجزئ، شيخ الإسلام يقول: من كان حاله مثل حال أبي بردة تجزئ، ضحى قبل الصلاة وما عنده غير هذه الصغيرة يضحي بها، فشيخ الإسلام رحمة الله عليه يرى التخصيص بالأحوال لا التخصيص المطلق بالرجال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . لا ما هي مسألة تبني المسألة، دعنا من المتبني أو غيره.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني حتى على قول شيخ الإسلام.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يطبق الحال من كل وجه، لا، يطبق مناط الحكم الذي هو الرضاعة.
"فأخذت عائشة في ذلك فرأت رضاع الكبير يحرم مطلقاً فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها" وبنات أخيها شوف هذا مثل الخبر الأول؟ يختلف مع الخبر الأول.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
وهنا، وبنات أخيها مثله، الكلام على نساء إخوتها، نعم هذا الذي يختلف.

(103/26)


"فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال، وأبى سائر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن: لا والله ما نرى الذي أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهلة بنت سهيل إلا رخصة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رضاعة سالم وحده، لا والله لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد" وبقول أمهات المؤمنين أخذ الجمهور "فعلى هذا كان أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في رضاعة الكبير" وأنه لا ينشر الحرمة، ولا يثبت المحرمية "فلا يدخل عليهن من ارتضع بعد الحولين".
طالب:. . . . . . . . .
يحلب في إناء وإلا ....
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه يكمل الخمس، الإشكال أنها ماتت ما كملت الخمس.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
مرضت، مرضت ما كملت الخمس، فالثلاث ما تنشر الحرمة.
طالب:. . . . . . . . .
برضاع ثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني من حمل ثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
نشفت الآن.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد تكمل الخمس، هو العلة أنه ما رضع إلا ثلاث.
طالب:. . . . . . . . .
واضح؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يشترط حولين، يعني أنت بها الثلاث تكون رصيد، ثم تبني عليه بعد سنة أو سنتين إذا حملت، لكنها ما حملت بعد ذلك، ويش يدريك أنت؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا يلزم أن تكون هذه القصة بعد تلك، المقصود أن هذا الحاصل ما رضع إلا ثلاث ما ينشر الحرمة.

(103/27)


قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر وأنا معه عند دار القضاء يسأله عن رضاعة الكبير، فقال عبد الله بن عمر: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني كانت لي وليدة وكنت أطؤها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها" لماذا؟ من أجل أن تحرم عليه "فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها، فدخلت عليها، فقالت: دونك" خلاص الآن انتهى "فقالت: دونك فقد والله أرضعتها، فقال عمر: أوجعها" يعني ضرباً على هذه الحيلة التي تريد، تحايلت على أن تحرمك منها "أوجعها واتِ جاريتك، فإنما الرضاعة رضاعة الصغير" يعني على قول عائشة أنها حرمت عليه، لكن لو كانت ليست جارية زوجة صغيرة وزوجة كبيرة، صغيرة يعني ست سبع ثمان عشر سنوات، فأرضعتها الكبيرة أيهما اللي تحرم؟ هل تحرم المرضعة باعتبارها بنت له، أو تحرم الكبيرة لأنها أم زوجته؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، على القول برضاع الكبير، على قول عائشة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، بالنسبة للصغير لا إشكال في تحريمها باعتبار أنها صارت بنته من لبنه، لكن الأولى بانت منه برضاعها من الكبيرة، فهذه الأمومة ثبتت والصغيرة في عصمته أو بعد أن خلعت منه؟ كلاهما.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن.
طالب:. . . . . . . . .
معروف أنها هي الجانية الكبيرة، لكن هنا أمة ما في إشكال، هذه ما فيها إشكال، لكن لو كانت زوجة، هل نقول: إن الكبيرة التي تحايلت من أجل أن تحرم الصغيرة، نقول: أيضاً ولو لم يكن في ذلك إلا المعاقبة بنقيض قصدها تعزيراً لها؟ أو نقول: إنها بانت باعتبار أنها أم زوجته من الرضاعة؟
طالب:. . . . . . . . .

(103/28)


لا، بعد أن رضعت، ما نقول: بانت، بعد أن رضعت، هو ثبوته للجميع، يعني في آن واحد، بثبوت الرضاع المحرم للصغيرة ثبت الرضاع المحرم بالنسبة للكبيرة، في وقت واحد، لكن لو افترضنا أن رجلاً قال لزوجته الكبيرة وهو يريد أن يتخلص من الثنتين، يريد أن يتخلص من الثنتين وقال للكبيرة: أرضعي الصغيرة ونرتاح منها، لأقل الأحوال أكون أمام والدها معذور، ففعلت، ثم خرج ورجع من دون ما يستفتي ولا شيء، قال لها: أنت معها؛ لأنك أم زوجتي، يعني الحيل يمكن أن تمضى أو يفتون على القول وإن كان الشخص يرى أن رضاع الكبير يحرم، يفتي بمعاقبته بنقيض قصده؟
طالب:. . . . . . . . .
الرضاعة لو كانت في الحولين على من يقول، لكن ألا يمكن أن يقال في مثل هذه الصورة وقد قصد حرمان المرأتين، كما لو قصد حرمان الزوجة من الميراث، لا شك أن مثل هذا يتبع أدب الفتيا وما أشبه ذلك، الفتيا لها سياسة ولها أدب، وأيضاً كون الإنسان يتعدى إلى حق غيره هو بإمكانه أن يطلق، لكن هذه الحيلة لا شك أنها غش.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلاً سأل أبا موسى الأشعري فقال: إني مصصت عن امرأتي من ثديها لبناً فذهب في بطني، فقال أبو موسى: لا أراها إلا قد حرمت عليك" الآن لو كانت بالفعل رضاع الكبير يحرم فشرب من لبن زوجته، تطلق زوجته وإلا ما تطلق؟
طالب:. . . . . . . . .
تكون أما له، وأبوه من؟ من أبوه؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هو لبن ثاب عن حمل على قول الجمهور ما في إشكال.
"لا أراها إلا قد حرمت عليك، فقال عبد الله بن مسعود: انظر ماذا تفتي به الرجل؟ " يعني تأكد، ما تفرق بين زوجين، وأنت ... ، تأكد "فقال أبو موسى: فماذا تقول أنت؟ فقال عبد الله بن مسعود: لا رضاعة إلا ما كان في الحولين، فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحبر بين أظهركم" يعني ما وجد، كان هذه تامة، ما وجد هذا الحبر بين أظهركم.
كمل، كمل.
أحسن الله إليك.

باب: جامع ما جاء في الرضاعة

(103/29)


وحدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار وعن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة)).
وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن جذامة بنت وهب الأسدية أنها أخبرتها أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم)).
قال مالك -رحمه الله-: والغيلة: أن يمس الرجل امرأته وهي ترضع.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو فيما يقرأ من القرآن.
قال يحيى: قال مالك: وليس على هذا العمل.
هذا يقول: فتوى في مصر قبل مدة، قال: يجوز رضاع الرجل من المرأة إذا كان يجمعهما عمل واحد، لكي تنتفي الخلوة، فهل هذه ضرورة؟
هذه ليست ضرورة، ومثل هذا الرضاع لا ينشر الحرمة، وأيضاً على قول المفتي هذا أنه إذا ارتفعت الحاجة ورغبت فيه، ورغب فيها أن له أن يتزوجها، إنما الرضاع مؤقت، ما هو برضاع ينشر الحرمة مطلقاً، لا شك أن هذا تلاعب، هذا تلاعب بالدين.
قال -رحمه الله-:

باب: جامع ما جاء في الرضاعة
"وحدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار وعروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة)) " يعني تنظر إلى كل ما له صلة بهذا الرضيع أو المرضعة أو صاحب اللبن فتنظر إلى ما يقابله في النسب فيحرم مثله، فالأم من الرضاعة تحرم كالأم من النسب، الأخت من الرضاعة تحرم كالأخت من النسب، العمة من الرضاعة تحرم كالعمة من النسب وهكذا.

(103/30)


قال: "وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين عن جذامة بنت وهب الأسدية أنها أخبرتها أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم)).
"قال مالك -رحمه الله-: والغيلة: أن يمس الرجل امرأته وهي ترضع" لا شك أنه في بعض المجتمعات وبعض البلدان جماع المرأة الحامل يضر المرضع، جماع المرأة المرضع يضر بولدها، يعني عندنا في نجد هذا ظاهر، إذا جامع زوجته وهي ترضع تضرر الولد الرضيع، هذا موجود في بعض المناطق، وأيضاً في الحجاز على عهده -عليه الصلاة والسلام-، فأراد أن ينهى عن الغيلة لرفع الضرر؛ لأن ما يضر ينهى عنه، يمنع الذي يضر، فنظر فإذا فارس والروم يغيلون ولا يضرهم، ويمكن أيضاً غيرهم من شرق الأرض وغربها يغيلون ولا يضرهم، ورسالته -عليه الصلاة والسلام- عالمية إلى الناس كلهم، لا تتعلق بإقليم أو بقطر، يعني كون هؤلاء يتضررون لا يعني أن الحكم يحرم على الجميع، فرسالته -عليه الصلاة والسلام- عالمية، ويبقى من يتضرر يمنع، يمنع من يتضرر، كما لو تضرر من طعام مباح يمنع منه، المريض ما يأكل التمر، التمر أحد يقول بتحريمه؟ فلما كانت رسالته -عليه الصلاة والسلام- عالمية، ورأى أن الأقطار كلها لا تضرر لم يترتب المنع على ... ، خلافاً لما يزعمه بعض المفتونين، بعض من كتب في الصحف يقول: إن الثقافة الإسلامية مزيج من ثقافات الأمم الأخرى، وأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- تؤثر فيه الثقافات الأخرى، وكتب عن هذا الحديث، نقول: لا، الرسول -عليه الصلاة والسلام- مبعوث إلى الناس أجمعين، فكون أهل نجد يتضررون، كون أهل الحجاز يتضررون، لا يعني أن الحكم بالتحريم إذا وجد أن الغالب لا يتضرر، فالحكم للغالب، ومن يتضرر يمنع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا يمرض الولد، وتنضو خلقته، يمرض.
طالب:. . . . . . . . .
لا، عندنا شيء يقولون: إذا رأوا الطفل نضو الخلقة وفيه ضعف قالوا: رضع مِهْل، يعني أنه رضع –لا سيما إذا نتج عن هذا الجماع حمل- يتضرر الرضيع، المرتضع، عندكم ما يتضرر؟

(103/31)


طالب:. . . . . . . . .
هذا فارس والروم ما يتضررون لكن عندنا يتضررون، هذا لا يقتضي منع؛ لأن الحكم للغالب، لكن لو كان فارس والروم يتضررون، المغاربة يتضررون، المشارقة لا يتضررون وهكذا، الكل يتضررون، أو الغالب يتضرر، ويوجد أفراد ما يضرهم، قلنا: الحكم للغالب يمنع، ولذلك تأثر الحكم لكون أكثر الناس لا يتضررون.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه يستعمل موانع، يعزل، لا تحبل منه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو يجزم بالضرر؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الضرر في الغالب معلق بالحمل إذا حبلت، فإذا وجد ما يمنع من الحمل لا يوجد ضرر -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا حملت، إذا حملت.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، تحمل، تحمل.
قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو فيما يقرأ من القرآن".
"قال يحيى: قال مالك: وليس على العمل على هذا" لأن رأي الإمام مالك أن القليل والكثير يحرم، وأما النسخ فظاهر، وبه قال أكثر أهل العلم، وأما قولها: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو فيما يقرأ من القرآن لأنه تأخر النسخ حتى خفي على كثير من الصحابة، فصاروا يقرءون هذا النص بعد نسخه، إلى أن انتشر واشتهر بين الناس فعرف الناسخ.
قال: كيف يجمع بين حديثي عائشة في دخول عمها من الرضاعة وما جاء أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها ووجد عندها رجل وتغير وجهه -عليه الصلاة والسلام-، وقالت: إنما هو أخي من الرضاعة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الرضاعة من المجاعة))؟
هذه قصة ثانية، هذا عم وهذا أخ، فلا تعارض بينهما، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(103/32)