شرح الموطأ عبد الكريم الخضير

شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (1)
باب القضاء في المكاتب

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: سمعتكم لا تحبون صيام يوم الجمعة، لذا عمدت إلى هذه الحيلة لتفادي الجمعة كالتالي:
أصوم من أول الأسبوع السبت، ثم أفطر الأحد، ثم أصوم الاثنين، ثم أفطر الثلاثاء، ثم أصوم الأربعاء، وإذا جاء يوم الخميس أقول: هذا يوم فاضل، وأصومه ثم أفطر الجمعة، ثم أصوم السبت وهكذا، فهل ينطبق علي أني أصوم يوماً وأفطر يوماً، وهل هذه الحيلة جائزة؛ لأن هذه الأيام ستثبت معي بدون قصد، اللهم إلا تفادياً لصيام الجمعة؟
أولاً: صيام الجمعة معروف أنه لا يجوز إفراده، فلا بد من صيام الخميس معه أو السبت؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لأم المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة: ((أصمت بالأمس؟ )) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟ )) قالت: لا، قال: ((إذن فأفطري)) فإفراد الجمعة لا يجوز بالصيام.

(147/1)


ما يقتضيه صيام داود -عليه السلام- من صوم يوم وإفطار يوم لا شك أنه يقتضي بعمومه أن تفرد الجمعة، وقل مثل هذا لو صادف يوم الجمعة مثل هذه السنة يوم عرفة مثلاً يعني هل يصام بمفرده أو لا بد أن يصام معه الخميس؟ لا شك أن الدليل الخاص بالجمعة يقتضي ألا تفرد الجمعة مهما كان الداعي إلى ذلك، لكن عموم حديث تفضيل صيام داود، والعموم صيام داود -عليه السلام-، صيام يوم وفطر يوم لا شك أنه مخصوص بما شرعنا من النهي عن إفراد الجمعة، مخصوص بما جاء في شرعنا من النهي عن إفراد يوم الجمعة، وشرع من قبلنا لا شك أنه المسألة خلافية بين أهل العلم هل هو شرع لنا أو لا؟ لكن يتفقون على أنه إذا جاء شرعنا بخلافه أنه ليس بشرع لنا، شرعنا مقدم على شرع من قبلنا حتى على القول بأنه شرع لنا، فإذا كان يقتضي إفراد الجمعة بالصيام فلا، وعلى هذا لو ثبت الإنسان في أسبوع مثلاً يصوم مثلاً الأحد والاثنين، يفطر الجمعة والسبت مثلاً، أو يفطر الجمعة ويصوم السبت، وعلى كل حال هو يوم بعد يوم متتابعة، يوم فطر ويوم صيام على ما هو الظاهر من الحث على صيام داود أظن غير ممكن، مع التوفيق مع ما جاء في شرعنا، لكن يؤخذ بالممكن منه، فهذه الجمعة تستثنى، اللهم إلا إذا صام الإنسان معها الخميس، فيصوم الخميس والجمعة.

(147/2)


ويأتيه أيضاً جاء أيام جاء الحث عليها، لو اقتضى صوم داود -عليه السلام- أن يصوم الأحد ويفطر الاثنين، مع أن الاثنين أفضل عندنا في شرعنا، فهل نقول: إنه يصوم الأحد والثلاثاء والخميس من أسبوع، ثم يصوم السبت والاثنين والأربعاء من أسبوع وهكذا؟ أو نقول: ينتقي من الأيام التي جاء الحث عليها في شرعنا؟ يثبت الاثنين والخميس ويشوف يوم ثالث وليكن السبت، السبت والاثنين والخميس مثلاً، على كل حال في كل خير، وإذا اعتمد ما في شرعنا مما يبلغ مجموعه نصف الدهر، لا شك أنه يحصل على مثل صيام داود -عليه السلام-، وإن اختل التنظيم والترتيب؛ لأن الظاهر من سياق صيام داود أنه يصوم يوماً ويفطر يوماً أنه هكذا بالتتابع، السبت صيام، الأحد لا، الاثنين صيام، الثلاثاء لا، نعم، الأربعاء صيام والخميس لا، فطر، الجمعة صيام وهكذا يدور مع الأيام، لكن إذا جاء شرعنا بخلافه لا شك أن يقدم ما هو في شرعنا.
وجمع من السلف التزموا صيام، صياماً معيناً كصيام داود ثم صاروا يجمعون الأيام، يصوم الأسبوع كامل، ثم يفطر أسبوع، ويصدق عليه أنه صام نصف الدهر؛ لأن مؤدى صيام داود صيام نصف الدهر، فإذا اعتنى بالاثنين والخميس والبيض وما أشبه ذلك يدرك -إن شاء الله تعالى-، على أن تبلغ العدة نصف الشهر، فعندنا الاثنين والخميس ثمانية أيام، والبيض ثلاثة إن لم يكن فيها أحد من اليومين، لا بد أن يكون فيها إما الاثنين أو الخميس، أو لا؟ إن كانت الجمعة والسبت والأحد سلم الاثنين والخميس.

(147/3)


على كل حال الإنسان إذا اجتهد، ووفق بين النصوص لا شك أنه يؤجر أجر صيام داود -عليه السلام-، قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عرف عنه أنه كان يصوم صيام داود، وإنما عرف عنه أنه كان يسرد الصوم، فكان يصوم حتى يقال: إنه لا يفطر، وكان يفطر حتى يقال: إنه لا يصوم، فهل هذا أفضل أو صيام داود؟ نقول: لا، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: أفضل الصيام صيام داود، ولو لم يفعله -عليه الصلاة والسلام-، فعلى الإنسان أن يتحرى مثل الأيام الفاضلة التي جاء الحث عليها، ويوفق بين هذه الأيام، مع ما جاء في صيام داود مما يقتضيه النص ظاهره وباطنه أيضاً؛ لأن ظاهره فطر يوم وصيام يوم، وباطنه صيام نصف الدهر، يعني مفاده صيام نصف الدهر، فإذا حصل العدة حصل له الأجر -إن شاء الله تعالى-.
هذا يقول: ما حكم بناء المحراب في المسجد؟ وإذا وجد فما حكم صلاة الإمام فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا جاء شرعنا بخلافه، يعني الجمعة دخل في عموم صيام داود، والنهي عنه والأمر بفطره هذا شرعنا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا شرعنا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا شرعنا، شرعنا نهي عن إفراد يوم الجمعة، وإن كان يتمنى ولو صيام داود بعمومه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو قال لها، سألها ما في لا تخصيص ولا شيء، ((صمت بالأمس؟ )) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟ )) قالت: لا، قال: ((افطري)) فدل على أن إفراد الجمعة بالصيام لا يجوز، لا بد أن يصام معه.
مسألة صوم يوم عرفة مثل هذه السنة أشكل كثيراً، واحد يقول: ما أنا بصائم إلا يوم عرفة، صيام فاضل، ويكفر سنتين، وأنا ما قصدت الجمعة، قصدت يوم عرفة، لا شك أن الأنظار تباينت في مثل هذا أنه لا بد أن يصوم الخميس معه، أو يفرده بناءً على أنه ما قصده، وقد أفتي بذلك.
طالب:. . . . . . . . .
والله عندي أنا لا بد يصوم الخميس، إذا فرط في الخميس هو فرط في أمر عظيم.
طالب:. . . . . . . . .
يعني الفتوى الثانية تشمله -إن شاء الله-.
طالب: لو نظرنا إلى هذا، لو أن يوم العيد وافق يوم الاثنين أو قال واحد: أنا أصوم هذا اليوم؟
لا، لا عاد العيد محرم صيامه ما يدخل في هذا.
طالب: هذا نهي، وهذا نهي.

(147/4)


لا، لا فرق، فرق بين هذا وهذا، النهي متفاوت، والأوامر متفاوتة، ومعروف هذا عند أهل العلم، من الأوامر ما يقتضي الركنية، ومن الأوامر ما يقتضي السنية، وبينهما الاشتراط والوجوب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا الأوامر مختلفة.
من يقرأ؟
اتفضل.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب المكاتب:
باب القضاء في المكاتب:
حدثني مالكٍ
مالك ٌ، مالك ٌ.
حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء".
وحدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء.
قال مالك: وهو رأيي.
قال مالك -رحمه الله-: فإن هلك المكاتب وترك مالاً أكثر مما بقي عليه من كتابته وله ولد ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته.
وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي أن مكاتباً كان لابن المتوكل هلك بمكة، وترك عليه بقية من كتابته وديوناً للناس، وترك ابنته، فأشكل على عامل مكة القضاء فيه، فكتب إلى عبد الملك بن مروان يسأله عن ذلك، فكتب إليه عبد الملك: أن ابدأ بديون الناس، ثم اقض ما بقي من كتابته، ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أنه ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده، وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك فقيل له: إن الله -تبارك وتعالى- يقول: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] يتلو هاتين الآيتين، {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [(10) سورة الجمعة].
قال مالك -رحمه الله-: وإنما ذلك أمر أذن الله -عز وجل- فيه للناس، وليس بواجب عليهم.

(147/5)


قال مالك -رحمه الله-: وسمعت بعض أهل العلم يقول في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور] إن ذلك أن يكاتب الرجل غلامه ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئاً مسمى.
قال مالك -رحمه الله-: فهذا الذي سمعت من أهل العلم، وأدركت عمل الناس على ذلك عندنا.
قال مالك -رحمه الله-: وقد بلغني أن عبد الله بن عمر كاتب غلاماً له على خمسة وثلاثين ألف درهم، ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم.
قال مالك: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله، ولم يتبعه ولده إلا أن يشترطهم في كتابته.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل منه لم يعلم به هو ولا سيده يوم كتابته، فإنه لا يتبعه ذلك الولد؛ لأنه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده، فأما الجارية فإنها للمكاتب؛ لأنها من ماله.
قال مالك في رجل ورث مكاتباً من امرأته هو وابنها: إن المكاتب إن مات قبل أن يقضي كتابته اقتسما ميراثه على كتاب الله، وإن أدى كتابته ثم مات فميراثه لابن المرأة، وليس للزوج من ميراثه شيء.
قال مالك في المكاتب يكاتب عبده قال: ينظر في ذلك، فإن كان إنما أراد المحاباة لعبده وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك، وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة، وطلب المال، وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له.
قال مالك في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار، إن شاءت كانت أم ولد، وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين إن أحدهما لا يكاتب نصيبه منه، أذن له بذلك صاحبه أو لم يأذن، إلا أن يكاتباه جميعاً؛ لأن ذلك يعقد له عتقاً، ويصير إذا أدى العبد ما كوتب عليه إلى أن يعتق نصفه، ولا يكون على الذي كاتب بعضه أن يستتم عتقه، فذلك خلاف لما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)).

(147/6)


قال مالك -رحمه الله-: فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه ما قبض من المكاتب، فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما، وبطلت كتابته وكان عبداً لهما على حاله الأولى.
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب وترك مالاً ليس فيه وفاء من كتابته، قال مالك -رحمه الله-: يتحاصان بقدر ما بقي لهما عليه، يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته، فإن ترك المكاتب فضلاً عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة، وكان ما بقي بينهما بالسواء، فإن عجز المكاتب، وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين، ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى؛ لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه، وإن وضع عنه أحدهما الذي له ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه، ثم عجز فهو بينهما، ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه شيئاً؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه، وذلك بمنزلة الدين للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد، فينظره أحدهما ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس على الذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب المكاتب:
الكتاب مر التعريف به مراراً، وأنه مصدر كتب يكتب كتابة وكتاباً وكتباً، والمكاتب هذه الصيغة التي هي المفاعلة، المكاتَب اسم مفعول من المكاتبة، والمكاتِب اسم فاعل منها، والمكاتبة تقتضي أكثر من طرف، طرفين فأكثر، فتقتضي اسم فاعل مكاتِب، واسم مفعول مكاتَب، كما هنا، فالسيد مكاتِب، والعبد مكاتَب.

(147/7)


ولو قيل: كتاب الكتابة يختلف وإلا ما يختلف؟ يعني في المكاتبة في علوم الحديث التي هي قسم من أقسام التحمل، الكتابة والمكاتبة، المكاتبة تقتضي طرفين، الراوي يكتب إلى الشيخ أن يكتب له بأحاديث، ثم الشيخ يكتب له بما طلب، فتكون مفاعلة من الطرفين، ولو كتب الشيخ ابتداءً إلى الطالب من غير طلب منه صارت كتابة ما صارت مكاتبة، وهنا يرد المقصود هنا هل يرد من طرف واحد؟ هل يملك العبد أن يكاتب دون إذن سيده؟ وهل يملك السيد الكتابة دون إذن العبد؟ أو لا بد من اتفاق الطرفين؟ لا بد من اتفاق الطرفين، إذاً هي مكاتبة وليست كتابة؛ لأنه إن قلنا: كتابة جازت من طرف واحد، وهنا لا تجوز، فإذا صح في باب التحمل الكتابة؛ لأنها تجوز من طرف واحد، يكتب الشيخ إلى الطالب أحاديث يرويها عنه هذه كتابة، وإذا بدأه الطالب بأن يكتب له أحاديث يرويها عنه، ثم كتب له الشيخ هذه صارت مكاتبة، وهنا لا بد، في بابنا هذا لا بد من اتفاق الطرفين فهي مكاتبة بين اثنين، أحدهما مكاتِب وهو السيد، والثاني مكاتَب وهو العبد.
واشتقاقها من الكتابة، اشتقاقها من الكتب والكتابة؛ لأن هذه الاتفاقية بين السيد وعبده تكتب وتدون كسائر العقود، فباعتبارها تكتب فهي كتابة، لكن لماذا لا يقال في سائر العقود: كتابة التي تكتب؟ عقد النكاح كتابة؟ عقد البيع كتابة؟ عقد الإجارة كتابة؟ لأنها تكتب، أو نقول: إن الكتب هنا بمعنى الوجوب {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [(183) سورة البقرة] يعني وجب عليكم، فالعقد ملزم للطرفين؛ لأنه موجب، يمكن أن يقال هذا؟
السؤال الآن هل يمكن أن يقال: إنه من باب الإيجاب؟ نعم؟

(147/8)


سيأتي كلام الإمام -رحمه الله تعالى-، والتنظير بالأوامر التي تدل على الإباحة {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] هذا فيه استثناء، نعم، فدل على أن الكتابة ليست واجبة مطلقاً، وأيضاً: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} [(53) سورة الأحزاب] {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] كل هذه الأوامر لا تدل على الوجوب، فكذلك قوله -جل وعلا-: {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النور] إذاً عقد الكتابة ليس بواجب، هذا من جهة، الأمر الثاني: هو ليس بملزم، لماذا؟ لأن العبد له أن يعجز نفسه في أي لحظة، ثم يعود رق، كما في الخبر الأول "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء".
يقول:

باب القضاء في المكاتَب:
يعني حكمه، حكم المكاتب، حكمه، يقول: "حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء" مقتضى عقد الكتابة والمكاتبة أنها شراء العبد نفسه من سيده، ومعلوم أن بيع الحر محرم، ومجمع عليه، وجاء في الحديث: ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة)) وفيه: ((رجل باع حراً فأكل ثمنه)) هذا بالنسبة لبيع الحر، فماذا عن بيع أبعاضه وأجزائه؟ إذا كان لا يجوز بيعه بالكلية هل يجوز بيع أبعاضه؟ يجوز بيع عينه؟ يجوز بيع إذنه؟ يجوز بيع قلبه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل؛ لأنه لا يملك نفسه، ولا يملكه أحد، لا يملك نفسه، ولا يملكه أحد يمكن أن يبيعه.
ومسألة نقل الأعضاء، وما أفتي به من قبل بعض المجامع وبعض أهل العلم لا شك أنها داخلة في هذا النطاق؛ لأن الإنسان لا يملك نفسه، فلا يجوز له أن يبيع نفسه من أحد، يكون رقيقاً له، عبداً له، كما أنه لا يجوز له أن يبيع شيئاً من أبعاضه، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيه فيبيع منه شيء.

(147/9)


شيخ الإسلام -رحمه الله- ذكر في مجموع الفتاوى: أنه لو أن حربياً بدون حرب، بدون جهاد، باع ولده لمسلم، باعه بيع، حربي باع ولده لمسلم، هذا ولدي بدون قتال وبدون شيء، هات مبلغ من المال وخذه، له أن يسترقه؟ له أن يشتريه أو لا؟ كلام شيخ الإسلام يدل على أن له ذلك، لكن هل هذا الولد حر وإلا عبد قبل الاسترقاق؟ قبل الجهاد وقبل الاسترقاق حر، فهل يدخل في تحريم بيع الحر؟ ((ورجلاً باع حراً فأكل ثمنه)) وإذا حرم على أبيه أن يبيعه وهو لا يتدين بدين، وخالف هذا الأمر، أو خالف هذا التحريم وباعه، هل يجوز التعامل معه على هذا العقد المحرم؟ هو مخاطب بفروع الشريعة، وهذا فرع من فروعها، إذاً محرم عليه أن يبيع ولده؛ لأنه باع حراً فأكل ثمنه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا يبيعه بيع، كل الرقيق بيع منفعة، نعم، حتى لو باع حر ويش بيسوي؟ بيأكله؟
طالب: لا بس يا شيخ يملك له منافع عمله. . . . . . . . .
مثل الحر، يملك وإلا ما يملك؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، المسألة مسألة .. ؛ لأن هذه المسألة يعتريها أمران، يعتريها أنه حر في الأصل فأبوه ممنوع من بيعه، ويعتريه أيضاً أنه بصدد أن يقاتل يؤسر ويسترق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم باعتبار أنه ما دام يمكن أن يملك بالحرب، فلا مانع من أن يملك بغير حرب، افترض أنه صار صلح، صار حرب بين المسلمين، أو استعداد لحرب، ثم تصالحوا على أن يعطوهم أولادهم ونساءهم وذراريهم سبي من دون قتال، اصطلحوا على هذا، شيخ الإسلام -رحمه الله- نظر إلى أنه بيعه وشراؤه متصور بسبب الجهاد؛ لأن الرق عجز حكمي سببه الكفر، والكفر موجود، مو هذا بتعريف الرق عند أهل العلم؟ الكفر موجود، وهذا حربي بصدد أن يقاتل ويسبى ويكون رقيقاً، هذه وجهة نظر شيخ الإسلام -رحمه الله-، وأن له أن يشتريه منه بغير حرب، لو تقاتل الكفار مع الكفار، وسبى بعضهم بعضاً، وباعوا للمسلمين، نعم؟
طالب: لا يمكن أن ....
لكن لو قال: هذا رقيق لي هل تسأله عن سبب ملكه؟
طالب: لا، أسأله هل هو سبي من سبايا الجهاد؟

(147/10)


يعني لو جلب الكفار أرقاء عندنا، وباعوا، وكانوا يجلبون ويشترون ويباعون، نعم، نمتنع من الشراء؟ يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما أقر من كان بيده رقيق في الجاهلية وما سأله؟
طالب: ما في مانع.
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنهم أجريت عقودهم قبل الإسلام، ما سئلوا عن شيء، وهم كفار كلهم، نعم، هم كفار، كيف وصل إليه هذا الرقيق؟
طالب:. . . . . . . . .
مسألة التخليص غير مسألة البيع والشراء، التخليص غير، يعني لو أسر من المسلمين شخص وجب على المسلمين فكه، وجب على المسلمين أن يفكوه، وهذا هو العاني، هو الأسير.
على كل حال كلام شيخ الإسلام باعتبار أنه بصدد أن يحارب ويسترق، فالنتيجة ليست بلازمة في مثل هذه الصورة، والوسيلة ليست بلازمة، والنتيجة ما فيها إشكال عنده.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب: بيع للمسلمين ...
من قبل كفار، إذا حصل بينهم ما حصل .. ، افترض أنه بسرقات ما هو بجهاد بينهم، بين الكفار، سرق بعضهم من بعض، واستولوا عليهم، وصاروا أرقاء لهم، كثير من الرق المدعى بين الكفار هذه طريقته، هذه وسيلته، عصابات تسرق ويبيعون، لكن هل نقول: إن البيع والشراء في مثل هذه الصورة تعاون مع أولئك الذين يعتدون على الأحرار؟ نعم؟
طالب: إذا كان مسروق. . . . . . . . .
ما يدري عن شيء، مثل حربهم مع بعض، ما يدري عنهم.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذا كلام شيخ الإسلام مطول ومفصل، وفيه كلام أوضح من هذا بعد، وقد يكون أغرب من هذا.
"المكاتب عبد ما بقي من كتابته شيء" وسيأتي في كلام المؤلف -رحمه الله- أنه إذا وطئ الجارية بعد الكتابة ما الحكم؟ إذا وطأ الجارية بعد الكتابة فإن حبلت لها حكم، وإن لم تحبل لها حكم، هل يجوز له أن يطأها في وقت الكتابة؟
طالب: هي لا تزال رقيقة.
كيف؟
طالب: لا تزال رقيقة.

(147/11)


هل نقول: إنها في وقت الكتابة في حكم المعتدة فهي زوجة؟ حكم المعتدة الرجعية باعتبار أن لها أن تعود، وهي رقيقة ما بقي عليها درهم، أو نقول: إنها اشترت، ومقتضى الشراء ترتب الأحكام عليه؟ يعني لو أنت اشتريت سيارة أقساط، وبقي مفتاح معك، ومفتاح مع صاحب السيارة الأول؛ ليضمنها، ثم جاء وشغلها ومشى، يملك وإلا ما يملك؟ ما يملك، فهل وضع الجارية المكاتبة وضع السلعة المباعة أو وضع المرأة الزوجة الرجعية؟ لأن لها أن ترجع، خلاص تعجز نفسها وتنتهي؛ لأنه يقول: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، وهذا من كلام ابن عمر، مالك عن نافع عن ابن عمر بأصح الأسانيد، ويروى مرفوعاً من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وما يروى بهذه السلسلة أقل أحواله أنه حسن.
المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، هذا بالنسبة للعبد له أن يعجز نفسه، يقول: عجزت، لكن هل للسيد أن يقول: رجعت في الكتابة، ويكون ما أداه له؟ كأنه عمل في التجارة وهو في حكم السيد، يعني ما كاتبه، قال له: ابحث عن شغل، وأعطنا اللي تكسب، يملك وإلا ما يملك؟ شخص عنده عبد قال: ادخل الأسواق واشتغل، وهات اللي تكسب، يملك وإلا ما يملك؟ يملك، فهل له أن يرجع في كتابته؟ وبمعنىً آخر، أو بأسلوب آخر هل نقول: الكتابة عقد لازم أو جائز؟ من طرف واحد أو من الطرفين؟ يعني هل هي ملزمة للسيد غير ملزمة للعبد؟ أو ملزمة للطرفين؟ أو غير ملزمة للطرفين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني قوله: " المكاتب عبد ما بقي من كتابته شيء" يعني عبد من جهته هو، أو من جهة السيد أيضاً؟ ما زال عبد ما دام ما كمل، وما يؤديه من نجوم الكتابة كأنه قال له: اكتسب وهات، يعني مقتضى قوله: المكاتب عبد؛ أنه غير ملزم من الطرفين، غير ملزم للطرفين.

(147/12)


قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء" يعني عندنا كلام ابن عمر، وهو يروى مرفوع، فهل نحن بحاجة إلى قول عروة وسليمان بن يسار وهم من الفقهاء؟ ثم "قال مالك: وهو رأيي" ليبين أن العمل على مر العصور، يعني من عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم في عهد الصحابة، ثم في عهد التابعين إلى عصر مالك هذا الحكم جاري، هو أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء.
"قال مالك: فإن هلك المكاتب، وترك مالاً مما بقي عليه من كتابته" هلك المكاتب قبل فراغ نجوم الكتابة، كوتب على عشرة آلاف كل شهر ألف، بعد ستة أشهر مات "فإن هلك المكاتب وترك مالاً أكثر مما بقي عليه من كتابته" بقي عليه من كتابته أربعة آلاف، وعنده عشرة آلاف "وترك مالاً أكثر مما بقي عليه، وله ولد ولدوا في الكتابة -خلال الستة الأشهر- أو كاتب عليهم" يعني ولدوا قبل الكتابة، ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته، يعني يعطى السيد ما بقي من النجوم، وتحل النجوم بوفاته، النجوم تحل، وخلاص الذمة صارت غير قابلة، فيعطى الأربعة، ويبقى لولده ما بقي من مال أبيهم يقتسمونه، يقتسمونه مع سيده بالولاء، الولاء متى يرث؟ نعم إذا لم يكن عاصب، صار له بنت أخذت النصف والباقي للسيد، وإن كان بنت وولد ما للسيد شيء.
"قال: وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي أن مكاتباً كان لابن المتوكل هلك بمكة، وترك عليه بقية من كتابته وديوناً للناس" يعني عليه، ديوناً للناس يعني عليه، بقي أربعة آلاف في الصورة السابقة من دين الكتابة، وديوناً للناس أيضاً تبلغ خمسة آلاف أو ستة آلاف مثلاً "وترك ابنته، فأشكل على عامل مكة القضاء فيه، فكتب إلى عبد الملك بن مروان" وهو من أهل العلم "يسأله عن ذلك، فكتب إليه عبد الملك: أن ابدأ بديون الناس، ثم اقض ما بقي من كتابته" لماذا قدمت الديون على ما بقي من الكتابة؟
طالب: من لازمه.
أيو من لازمه؟
طالب:. . . . . . . . .

(147/13)


وهذا دين، وهذا دين يمكن الرجوع فيه، يعني عقد الكتابة أقل من عقد البيع، نعم عقد الكتابة أقل من عقد البيع، ولذلك قال: "ابدأ بديون الناس، ثم اقض ما بقي من كتابته، ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه" يعني عليه ديون، عليه أربعة آلاف نجوم كتابة، وعليه عشرة آلاف للناس، وعنده عشرين ألف، يبدأ بديون الناس، وما فائدة البداءة بديون الناس وعنده من المال أكثر، عنده مما يفي بدين الكتابة وغيرها "ابدأ بديون الناس" هذا لبيان أهمية الديون الناتجة عن البيع والشراء، ثم بعد ذلك يليها الديون –النجوم- التي بسبب الكتابة "ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه" البنت تأخذ النصف، والمولى النصف الثاني.
"قال مالك: الأمر عندنا أنه ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك" يعني لا يجب على السيد أن يكاتب مولاه إذا طلب الكتابة.

(147/14)


قال: "ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده" لكن لو افترضنا أن عبداً عند شخص، عبد متميز فيه الذكاء، فيه الحفظ، فيه الفهم، ويتوقع أن يكون من علماء الأمة، وهو عند شخص مشغله بمهنة حرفية، ورأى مثلاً أحد من المسلمين، أو ولي الأمر، أو ما أشبه ذلك، أن مثل هذا لا يسوغ به أن يُشغل في مثل هذه الأشغال، بل يفرغ لطلب العلم والعلم والتعليم وما أشبه ذلك، وكم من مولى بز سيده، ومن هو أشرف من سيده، كثير من الرواة، يعني لو استعرضت التقريب، وجدت نسبة كبيرة جداً، يمكن تكون أكثر من النصف، فلان بن فلان بن فلان مولاهم، والبخاري مولاهم، وقصة من؟ الرشيد وإلا؟ اللي قال: من يحكم البصرة؟ من يسود أهل البصرة؟ من يسود أهل بغداد؟ من يسود أهل مصر؟ من يسود كذا وكذا؟ إلى أن عدد البلدان كلهم، أمن العرب أم من الموالي؟ قال: من الموالي، إلى أن جاء الأخير، قال: من العرب، قال: الآن فرجت عني، لكن ويش يفرج عنه إذا ما عدد عشرة أو أكثر ثم جاء بواحد من العرب من أنفسهم؟! هذا يدل على أن شرف العلم لا ينال بالنسب، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، فعلى طالب العلم أن يهتم لهذا، ولهذا لا يعتمد على أن والده شريف أو وضيع، أو عالم، أو جاهل، لا، يهتم بنفسه هو، الفتى من يقول: ها أنا ذا، وإلا كثير من يقول: كان أبي، كان أبي، ثم النتيجة؟ لا شيء.
يقول: "ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده" لكن هل له أن يلزم هذا السيد أن يكاتب عبده ليعتقه ويفرغه للعلم والتعليم؟ نعم له أن يغريه بمبالغ تجعله يتنازل عنه، وأما الإكراه فلا، ولذا قال: "ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده".
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(147/15)


"وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك" يعني قيل له: هل يجب على السيد أن يكاتب عبده إذا طلب الكتابة استجابة لقوله -جل وعلا-: {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النور]؟ " قال: وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك، فقيل له: إن الله -تبارك وتعالى- يقول: {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النور] " وهذا أمر {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] فإذا علم الخير من هذا العبد هل تلزم مكاتبته؟ "يتلو هاتين الآيتين {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] " يعني هل يقول أحد بوجوب الاصطياد؟ {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] صلينا الجمعة، هل يلزمنا أن نذهب إلى الأسواق نبيع ونشتري؟ وإنما هو أمر بعد حظر، والأمر بعد الحظر عند أهل العلم، عند جمع من منهم يقتضي الإباحة، وعند آخرين أن الأمر يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر، {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} [(53) سورة الأحزاب] ابن حزم يوجب الانتشار بعد الطعام، يقول: لا تجلس إذا طعمت خلاص امش، لكن هل يوجب إذا قضيت الصلاة فانتشروا، اذهبوا إلى الأسواق بيعوا واشتروا {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] كل واحد يأخذ بندقيته ويصيد بعد الحل؟ ما يوجب هذا.
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [(10) سورة الجمعة] ليستدل بذلك على أن من الأوامر الشرعية ما لا يقتضي الوجوب.
"قال مالك: وإنما ذلك أمر أذن الله -عز وجل- فيه للناس" أذن، يعني أباح، وليس بواجب عليهم.
"قال مالك: وسمعت بعض أهل العلم يقول في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور]: إن ذلك أن يكاتب الرجل غلامه ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئاً مسمى" يعني على عشرة نجوم، يخفف عنه العاشر، الأخير يتركه "ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئاً مسمى" يتفق عليه من أول الأمر أو في آخره؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(147/16)


نعم؛ لأنه لو كان من أول الأمر صار على تسعة نجوم، ما صار على عشرة، من باع سلعة أقساط هل يؤمر بأن يسمح ويعفو عن القسط الأخير أو لا يؤمر؟ نعم إن كان من باب الإحسان فالندب حاصل، أما بالنسبة للإلزام فلا.
طالب: مسألة. . . . . . . . . أصل الوجوب ....
ما فيه إلا أنه مقرون بالآيات الأخرى التي تدل على أن الأوامر قد تأتي للإباحة، وهو ملكه كغيره من السلع، ولا يؤمر أن يخرج أي سلعة من يده إلا بطوعه واختياره، إنما البيع عن تراض، وقلنا: إن المكاتبة شراء العبد نفسه.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل أيوه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال أهل العلم قد يفتي بالنظير ما يفتي بالمطابق.
"قال مالك: فهذا الذي سمعت من أهل العلم، وأدركت عمل الناس على ذلك عندنا".
قال مالك: "وقد بلغني أن عبد الله بن عمر كاتب غلاماً له على خمسة وثلاثين ألف درهم، ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم" ولا شك أن هذا على سبيل الوجوب وإلا الاستحباب؟
طالب: الاستحباب.
الاستحباب.
"قال مالك: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله" لكن إن وعده وقال: إن سددت النجوم في وقتها حسمت لك حسم يرضيك، وإن تأخرت في بعض النجوم ما حصل لك شيء، فهل هذا الوعد ملزم؟ بأن سدد له على رأس كل شهر نجم ثم في النهاية قال: والله هذا بيع وشراء، ولن أفي بوعدي، يعني مثلما يقال في الشركات وغيرها، تعطي مغريات، ثم إذا جاء النتيجة،. . . . . . . . . ما هنا شيء، لو قال له: أبداً على كل رأس شهر تسدد على المواعيد، وأرضيك في النهاية، هل هذا ملزم أو غير ملزم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا نفسه، هذا مثلما قلنا، لكن هل يلزم أو لا يلزم؟ هل نقول: إنه عقد وإلا وعد؟ هل هو عقد وإلا مجرد وعد؟ وإذا كان وعد هل يلزم الوفاء به أو لا يلزم؟ وإذا أخلفه هل يكون من خصال المنافقين وإلا لا؟ إذا كان من البداية، أراد أن يحثه على التسديد ولا نوى ينزل عنه شيء، هذا فعل المنافقين، إذا وعد أخلف، وإذا وعده ثم اعتراه ما اعتراه مما يقتضي الإخلاف يقول أهل العلم: لا يدخل فيه إذا وعد أخلف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(147/17)


إيه لكن هل هذا على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ هو يريد أن يحثه على أن يدفع له ماله، ولا يكون إلا خير، يعني بعض الناس يكون له دين على شخص، ثم يقول له: أنت دبر لي الدين الأول، عنده مائة ألف، أنت دبر لي الدين الأول، خليني أنتهي منه، وأعدك أني أدينك أكثر، ثم يروح يتحايل ويتدين مائة ألف على أساس أنه يسدده من المائتين اللي بيأخذها منه، ويقول: والله ما عندي لك شيء، الحمد لله الذي طلع اللي عندك، بإمكانه إذا رأى عليه علامات التلاعب والمطل، يمكن أن يقول له مثل هذا الأمر، والتجار لهم أساليبهم في استخراج حقوقهم، وأيضاً الطرف الثاني لهم طرقهم وحيلهم في المطل بالحقوق، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يجوز يزيدون، ما يجوز، الكلام على ما اتفق عليه، إذا وعده إذا سدد شيء، لكن إن قال له: إن تأخرت زدت عليك صار هذا الربا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن إن كانت البضاعة في قرارة نفس البائع، أنها بخمسة عشر، وزاد ها الأربعة من أجل التأخير فهذا ربا الجاهلية.
طالب: ومع ذلك يخالف ....
على كل حال الله المستعان، أقول: عقود اليوم وتعاملات اليوم فيها شيء من الخلل.
"قال مالك: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله ولم يتبعه ولده" له مال، هذا إذا قلنا: إنه يملك على رأي الإمام مالك، وإذا قلنا: لا يملك إنما ماله ثوبه الذي على بدنه وفراشه وما أشبه ذلك، يعني ما يتبعه عادة، ما يتبعه في العادة، لو قلنا: إنه رقيق وطالب علم وله كتب، ويحضر بها الدروس، ويعلق عند المشايخ، ثم كاتبه سيده، يقول السيد: لا، الكتب لي؟ نعم؟ يقول: الكتب لي؟ يقول: لا، هذه لي، اقتنيتها، وأنا تسببت فيها، أو طلبتها من الجهات اللي توزع، وحضرت بها الدروس وعلقت عليها ما هي لك، وتنازعوا عند هذا، ماذا نقول؟
طالب:. . . . . . . . .

(147/18)


إيه لكن هل يملك؟ راح وسأل الناس، وأعطوه كتب، استعان بها على طلب العلم، وحضر الدروس، وعلق عليها، وقال: هذه كتبي، وقال السيد: لا، أنت ومالك كلكم لي، فإذا بعتك أنت الكتب لي تصير، هذا إذا كانت الكتب لا تملك بأن كانت أوقاف مثلاً، فلا حظ فيها للسيد بوجه من الوجوه، وإن كانت مما يملك فينظر على رأي الجمهور لا يملك إذاً هي لسيده, وعلى قول مالك هي تبعه.
يقول: "تبعه ماله ولم يتبعه ولده، إلا أن يشترطهم في كتابته" يعني يدخلهم في الكتابة، أدخلهم في الكتابة نعم يتبعونه، وإلا فالأصل أنهم لسيده، أرقاء مثله.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل منه لم يعلم به هو ولا سيده" يعني قبل ظهور نتيجة التحليل، ما يدري أحد، يعني في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث، يعني حتى لو حلله ما بان شيء، ولا علموا به لا هو ولا سيده يوم كتابته، لم يعلم به فيشترطه، ولم يعلم به سيده فيستثنيه "فإنه لا يتبعه ذلك الولد؛ لأنه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده" لأنه وقت إجراء الكتابة موجود، ولا شك أن الحمل موجود؛ لأنه حصل من وطء قبل عقد الكتابة، ولو لم يبن في التحليل "وهو لسيده، فأما الجارية فإنها للمكاتب؛ لأنها من ماله" كيف صارت من ماله؟ كل هذا على رأي الإمام مالك أنه يملك، واشتغل وعمل واشترى هذه الجارية "فإنها للمكاتب؛ لأنها من ماله" لكن لو كانت مما اشتراه السيد وزوجه إياها، لا شك أن عقد الكتابة لا يتناولها.
"قال مالك في رجل ورث مكاتباً من امرأته هو وابنها: إن المكاتب إن مات قبل أن يقضي كتابته اقتسما ميراثه على كتاب الله، وإن أدى كتابته ثم مات فميراثه لابن المرأة، وليس للزوج من ميراثه شيء" لأنه أجنبي عنه "ورث مكاتباً من امرأته هو وابنها" لأن الابن كيف يرث هذا المكاتب؟ الزوج بعيد، ما يرث، يعني هل زوج المرأة يرث المكاتب هذا بالولاء؟ لا يرث، الابن؟ يرث "فميراثه لابن المرأة، وليس للزوج من ميراثه شيء"، "قال مالك في المكاتَب يكاتب عبده" إذاً المكاتِب، المكاتِب ما هي بالمكاتَب إيش عندكم؟
طالب: مكاتَب.

(147/19)


مكاتَب كذا عندنا بالفتح، لكن كيف مكاتَب يكاتب عبده؟ يعني هل المكاتَب عمل حتى اشترى عبداً، يعني هو نجومه ألف، صار يكتسب ألفين، اشترى بالنصيب الزائد عبد، يعني يتصور هذا، لكن تشوف النتيجة، "قال مالك في المكاتب يكاتب عبده، قال: ينظر في ذلك، فإن كان إنما أراد المحاباة لعبده، وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك" يعني هذا المكاتب العبد الذي كوتب من قبل سيده، اشترى عبداً فكاتبه، إن كانت مكاتبته له بثمن بخس بحيث يفوته على سيده إذا أعجز نفسه مثلاً، يقول: "فإن كان إنما أراد المحاباة لعبده، وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك" لأن هذا فرار من حق السيد "وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وطلب المال وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له" المكاتَب اشترى عبد ثم كاتبه ينظر في قصده، والقرائن تدل على أنه إنما قصد من مكاتبته له تفويته على السيد، إذا كان بثمن بخس فالمقصود التفويت على السيد، وإن كان بثمنه بسعره بقيمته صحت كتابته كسائر تصرفاته.
طالب: إذا كان برضا السيد.
كيف؟
طالب: إذا كان برضا السيد الكتابة، ما له حق بعدين المطالبة ...
إذا كان إيش؟
طالب: إذا كان برضا السيد.
إذا رضي السيد الأمر لا يعدوه، لكن لو قال مثلاً: أنت والله الآن أعجزت نفسك، ها العبد اللي أنت بعت بألف وهو يسوى عشرة آلاف، هذا ما قصدك إلا تفوته علي.
"وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وطلب المال وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له".
"قال مالك في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار، إن شاءت كانت أم ولد، وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها" هذا يدل على أن له أن يطأ أو ليس له أن يطأ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش النسخة اللي معك؟
طالب:. . . . . . . . .

(147/20)


إيه نقول: هل يلزم من أن يكون الوطء مباح أو غير مباح؟ هل يلزم من السياق أن يكون الوطء مباح؟ "في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار، إن شاءت كانت أم ولد، وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها" على كل حال بالنسبة للحد حتى لو قيل بتحريمه شبهة بلا شك، شبهة، كمن وطئ أمة زوجته، حرام عليه أن يطأ أمة زوجته، لكنه يعزر تعزيراً بليغاً لا يصل إلى الحد.
"وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها".
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين إن أحدهما لا يكاتب نصيبه منه أذن له بذلك صاحبه أو لم يأذن إلا أن يكاتباه جميعاً؛ لأن ذلك يعقد له عتقاً؛ ويصير إذا أدى العبد ما كوتب عليه إلى أن يعتق نصفه، ولا يكون على الذي كاتب بعضه أن يستتم عتقه فذلك خلاف ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)) " يعني لو افترض أن هذا الغلام بين رجلين، واحد كاتب وواحد رفض، نعم، لو صححنا مثل هذا نكون خالفنا ما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)) فعليه أن يحرر النصف الثاني، أو يشتريه من صاحبه فيكون العقد كله له.
"قال مالك: فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه" يعني جهل، جاء العبد وقال له: إن فلان كاتبني، هو ما كاتبه، هو بين اثنين زيد وعمرو، جاء العبد لزيد وقال: إن عمراً كاتبني من أجل إيش؟ أن يستدرجه فيكاتبه، وجهل هذا حقيقة الحال وكاتبه، ما الذي يحصل؟ وذاك ما كاتب، يقول: "فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه" لماذا؟ لأنه غره "ما قبض من المكاتب، فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما، وبطلت كتابته" هذا الذي جمع بهذه الحيلة يقسم بين السيدين، ويبطل عقد الكتابة "وكان عبداً لهما على حاله الأولى".

(147/21)


"قال مالك في مكاتب بين رجلين، فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره، فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب" المكاتب بين رجلين، وكلاهما كاتبه، وعلى نجوم، لمدة سنة مثلاً، اثنا عشر نجم، واحد ملح إلا أن يحضر النجوم في وقتها، والثاني: متسامح، ينظره، يقول: اللي يجي الشهر وإلا يجي الثاني وإلا الثالث، ما الحكم؟
"قال مالك في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره، فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب" يعني لما تم ستة أشهر من عقد الكتابة أحدهما استوفى ستة أقساط، ستة نجوم، والثاني ما استوفى إلا واحد أو اثنين؛ لأنه ينظر "ثم مات المكاتب وترك مالاً ليس فيه وفاء من كتابته، قال مالك: يتحاصان بقدر ما بقي لهما عليه" يتحاصان بقدر .. ، هذا سدد له ستة وبقي له ستة، هذا سدد له اثنين وبقي له عشرة "بقدر ما بقي لهما عليه، يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته" يعني يأخذ الذي استوفى وبقي له النصف، والثاني الذي بقي له خمسة الأسداس بالنسبة، فيأخذ هذا خمسة أسداس ما ترك، أو نجمع النصف مع خمسة الأسداس؟
طالب: نجمع.
نجمع نعم، ثم نقسم المال المتحصل عنده عليهما.
"بقدر حصته، فإن ترك المكاتب فضلاً عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة" هذا يأخذ النصف الباقي، وهذا يأخذ خمسة الأسداس الباقية "وكان ما بقي بينهما بالسواء" هو بقي، أخذ هذا ستة آلاف بقيت له، وهذا أخذ عشرة بقيت له، ستة عشر ألف، وبقي أربعة يقسم بينهما بالسوية على أي أساس وقد استوفيا حقهما؟ بالولاء "فإن عجز المكاتب، وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين، ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى" يعود رقيق؛ لأنه عجز "لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه" يقول: أنا ما قلت لك: انظره، أنا ما قلت لك، أنت فرطت بكيفك يفوتك.

(147/22)


"وإن وضع عنه أحدهما الذي له، ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه، ثم عجز فهو بينهما" مثل الصورة السابقة "ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه شيئاً؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه" يعني على حسب ما اتفقا، ما تعدى على صاحبه "وذلك بمنزلة الدين للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد، فينظره أحدهما، ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس للذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ" مائة ألف دين على زيد لعمرو وخالد، كل واحد له النصف، نعم، وهي مقسطة أقساط كل شهر ألفين، الأصل أن يكون لكل واحد منهما ألف، فإذا جاءه عمرو أعطاه الألف، وإذا جاءه الآخر صار أقل منه في الحزم رده، وقال: تأتينا غير هذا الوقت، ثم بعد ذلك في النهاية مات، وقد سدد لأحدهما أربعين ألف، وسدد للثاني عشرة مثلاً، الحازم أخذ من دينه الخمسين أربعين، والمتساهل الذي ينظر ما أخذ من الخمسين إلا عشرة، ما الحكم؟ كل واحد له ما بيده؛ لأنه ما غره "ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس للذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(147/23)


شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (2)
باب الحمالة في الكتابة - باب القطاعة في الكتابة - باب جراح المكاتب

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب الحمالة في الكتابة:
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبيد إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة فإن بعضهم حملاء عن بعض، وإنه لا يوضع عنهم لموت أحدهم شيء، وإن قال أحدهم: قد عجزت، وألقى بيديه، فإن لأصحابه أن يستعملوه فيما يطيق من العمل، ويتعاونون بذلك في كتابتهم حتى يعتق بعتقهم إن عتقوا، ويرق برقهم إن رقوا.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبد إذا كاتبه سيده لم ينبغِ لسيده أن يتحمل له بكتابة عبده أحد، إن مات العبد أو عجز، وليس هذا من سنة المسلمين، وذلك أنه إن تحمل رجل لسيد المكاتب بما عليه من كتابته، ثم اتبع ذلك سيد المكاتب قبل الذي تحمل له أخذ ماله باطلاً، لا هو ابتاع المكاتب فيكون ما أخذ منه من ثمن شيء هو له، ولا المكاتب عتق فيكون في ثمن حرمة ثبتت له، فإن عجز المكاتب رجع إلى سيده، وكان عبداً مملوكاً له، وذلك أن الكتابة ليست بدين ثابت يتحمل لسيد المكاتب بها، وإنما هي شيء إن أداه المكاتب عتق، وإن مات المكاتب وعليه دين لم يحاص الغرماء سيده بكتابته، وكان الغرماء أولى بذلك من سيده، وإن عجز المكاتب وعليه دين للناس رد عبداً مملوكاً لسيده، وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب، لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته.

(149/1)


قال مالك -رحمه الله-: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة، ولا رحم بينهم يتوارثون بها، فإن بعضهم حملاء عن بعض، ولا يعتق بعضهم دون بعض حتى يؤدوا الكتابة كلها، فإن مات أحد منهم وترك مالاً هو أكثر من جميع ما عليهم، أدي عنهم جميع ما عليهم، وكان فضل المال لسيده، ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء، ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم من الكتابة التي قضيت من مال الهالك؛ لأن الهالك إنما كان تحمل عنهم، فعليهم أن يؤدوا ما عتقوا به من ماله، وإن كان للمكاتب الهالك ولد حر لم يولد في الكتابة، ولم يكاتب عليه لم يرثه؛ لأن المكاتب لم يعتق حتى مات.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب الحمالة في الكتابة:
الحمالة يراد بها الضمان، الضامن والحميل والزعيم والكفيل، متقاربة، كلها ألفاظ متقاربة.
يقول مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني في مذهبهم، وفي بلدهم المدينة؛ لأن عمل أهل المدينة أصل عند الإمام مالك "الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبيد إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة" يعني دفعة واحدة، خمسة من العبيد كاتبهم سيدهم على أن يؤدوا إليه في كل شهر ألف، خمسين ألف، يؤدوا إليه في كل شهر ألف دفعة واحدة بعقد واحد، لم يعرف ما كتب عليه زيد ولا عبيد ولا عمرو ولا خالد ولا بكر، دفعة واحدة، كوتبوا جميعاً كتابة واحدة.
"فإن بعضهم حملاء عن بعض" يعني كما لو استدان بعضهم، جمع من الناس خمسة اشتروا سيارة، كتب عليهم العقد جميعاً، فإن كل واحد منهم يضمن ما على الآخر "فإنهم حملاء" لأنه لا يعرف نصيب كل واحد منهم، ولا قيمة كل واحد من هؤلاء الأرقاء.
"فإن بعضهم حملاء عن بعض، وإنه لا يوضع عنهم لموت أحدهم شيء" كوتبوا على خمسين ألف، ومات واحد، يذهبون إلى السيد يقولون: نزل قيمة واحد، يقول: لا، أنا ما كاتبت على واحد بعينه، أنا كاتبت الجميع بهذا المبلغ، بعضهم ضامن لبعض، فلا ينزل شيء إلا بطيب نفس منه.

(149/2)


"وإنه لا يوضع عنهم لموت أحدهم شيء، وإن قال أحدهم: قد عجزت" كما لو مات شخص ممن اشتروا السيارة باسمهم جميعاً، خمسة اشتركوا في سيارة مات واحد منهم، يذهبون إلى صاحب الوكالة يقولون: نزل عنا ما بذمة فلان؟ قد يقول قائل: إن التنظير غير مطابق؛ لأن الثمن إما هو في مقابل الأشخاص في حال الكتابة، والثمن في حال البيع إنما هو في مقابل السيارة السلعة، فالتنظير غير مطابق.
على كل حال هم دخلوا في العقد على هذا الأساس، على أساس الاشتراك بينهم، اشتروا أنفسهم، فعدوا أنفسهم بمثابة السيارة، فهم المشتري وهم المبيع، فوجه الشبه بينهم وبين الذين اشتركوا في شراء سيارة أن العقد وقع معهم، هم الذين اشتروا، ووجه الاختلاف بين عقد الكتابة وعقد البيع أن البيع وقع على نفس المشتري، على عين المشتري في الكتابة وعلى غيره في حال البيع، ففيها وجه شبه باعتبار أن المشتري في الحالتين هم الخمسة الشركاء، هم شركاء في شراء أنفسهم، وهم شركاء أيضاً في الصفقة الثانية في شراء السيارة.
"وإن قال أحدهم: قد عجزت، وألقى بيديه" يعود رقيق وإلا ما يعود؟ أعجز نفسه، لو كان واحداً يعود رقيق، لكن واحد من خمسة، أربعة التزموا بالعقد، وهم متضامنون حملاء، نعم، هذا لا يعود رقيق، وإذا عجز يستعمله الأرقاء، يستعملونه يعني يؤجرونه بما لا يشق عليه، فيما يطيق من العمل، ويأخذون الأجرة ويدفعونها من ضمن ما يدفعون، سواءً كانت أقل أو أكثر.

(149/3)


"وإن قال أحدهم: قد عجزت، وألقى بيديه فإن لأصحابه أن يستعملوه فيما يطيق من العمل، ويتعاونون بذلك في كتابتهم" يعني سواءً دفع أقل أو أكثر؛ لأن المال مطلوب من كل واحد منهم بعينه، مقابله أصالة، وقيمة غيره بسبب الضمان، يعني لو أن شخصاً باع سيارة على شخص آجل، نسيئة، يكون مديناً له، وإذا ضمن المال شخص آخر عليه فإن صاحب السلعة الدائن له أن يطالب الضامن، وله أن يطالب الأصيل، المدين الأصلي له أن يطالبه، وله أن يطالب الضامن؛ لأنه ضمن المال، وهكذا في الكتابة "ويتعاونون بذلك في كتابتهم، حتى يعتق بعتقهم" يعتقون جميعاً؛ لأن الصفقة حصلت جميع، فينفك العقد بانفكاك الجميع، ويرق برقهم إن رقوا، يعني إن اجتمعوا كلهم وقالوا: عجزنا نعم يرق برقهم، لكن لو أن أربعة قالوا: عجزنا، وواحد قال: أنا عندي استعداد، أنا مستعد، يلزمهم ويستعملهم كما لو استعمل الواحد، لو عجز الواحد يستعمل هؤلاء الأربعة، ويعتقون بعتقه، ويرقون برقه؟ أو نقول: إن الحكم للغالب؟ نعم هو ضامن، وهو مطالب بالمبلغ كله في حال الضمان، وإذا عجز نعم بإمكانه أن يقول: عجزت ويرقون كلهم، وإذا كان عنده استعداد أن يوفي دين الكتابة، ولو باستعمالهم بما لا يشق عليهم، فهو ضامن لهم، كما أنهم ضامنون له.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبد إذا كاتبه سيده لم ينبغِ لسيده أن يتحمل له بكتابة عبده أحد إن مات العبد أو عجز، وليس هذا من سنة المسلمين" يعني هل للسيد أن يقول: هات من يضمنك؟ هل له وإلا ليس له ذلك؟ ليس له ذلك؛ لأن أصل العقد غير ملزم، فيكف يلزم بغير لازم؟ لأن له أن يقول في أي لحظة يقول: عجزت، ويعود رقيق.
"إن مات العبد أو عجز، وليس هذا من سنة المسلمين، وذلك أنه إن تحمل رجل لسيد المكاتب بما عليه من كتابته، ثم اتبع ذلك سيد المكاتب قبل الذي تحمل له أخذ ماله باطلاً" ما الذي استفاده الضامن؟ لا هو ابتاع المكاتب، يقول: ما اشتريت المكاتب على شان تأخذ مني قيمة، فيكون ما أخذ منه من ثمن شيء هو له، يعني هذا الضامن على أي أساس يغرم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(149/4)


ما له وجه، نعم لو اشترى العبد ضمن، لكن هو لا يطلب حميل على المكاتب؛ لأن للمكاتب أن يعجز نفسه متى شاء.
"ولا المكاتب عتق فيكون في ثمن حرمة ثبتت له، فإن عجز المكاتب رجع إلى سيده، وكان عبداً مملوكاً له، وله أن يعجز نفسه" على ما تقدم في أي وقت "وذلك أن الكتابة ليست بدين ثابت يتحمل لسيد المكاتب بها" ليست بدين ثابت؛ لأنها عرضة لئن يلغى في أي لحظة يعجز المكاتب فيها نفسه، إنما هو شيء إن أداه المكاتب عتق، وإن مات المكاتب وعليه ... ، إن أداه المكاتب عتق، وإن عجز عنه عاد رقيقاً؛ لأنه ليس بدين ثابت، وعلى هذا إذا كاتب عبده على مبلغ من المال، على عشرة آلاف، فهل تجب الزكاة في هذا المال؟ نعم؟ لماذا؟ لأن شرطها استقرار الملك، وهذا ليس بملك مستقر.
"وإن مات المكاتب وعليه دين لم يحاص الغرماء سيده بكتابته" مات المكاتب وعليه دين، دين لآخرين، وأيضاً عليه شيء من دين الكتابة.
"لم يحاص الغرماء سيده بكتابته، وكان الغرماء أولى بذلك من سيده" لماذا؟ لأن دينهم مستقر ثابت، ودين الكتابة ليس بمستقر ولا ثابت، كما قرر بالأمس.
"وإن عجز المكاتب وعليه دين للناس رد عبداً مملوكاً لسيده، وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته" الآن كوتب صار يتصرف فأثقلته الديون، وعجز عن سدادها، ومن باب أولى يعجز عن دين الكتابة، إذاً يرجع رقيق، ماذا عن ديون الناس؟ تذهب هدراً أو تبقى في ذمة الرقيق متى عتق، ومتى حصل له شيء من المال يسدد؟ أو نقول: إن هذه مثل الأروش -أروش جنايته- يخير السيد بين أن يقبل العبد بعد عجزه ويسدد الديون إذا كانت أقل من قيمته؟
طالب:. . . . . . . . .

(149/5)


نعم، خلونا ننظر المسألة بأروش الجنايات، هم قالوا: إذا جنى على شيء سواءً كان على نفس أو طرف أو مال يلزمه، لكن سيده لا يغرم أكثر من قيمته، فإما أن يدفعه ويقول: لكم، إذا كانت الأروش أكثر من قيمته، أو يقول: يسدد عنه السيد إذا كانت أقل من قيمته، هل نقول: إن هذه الديون يسددها السيد لأنها أقل من قيمته، وإن كانت أكثر من قيمته يقول: خذوه، لا سيما وأن الديون الثابتة المستقرة أولى وأقدم من دين المكاتبة، نجوم المكاتبة، ما هو مضى في مواضع متعددة أن العبد إذا جنى ترتب على جنايته مال يخير السيد بأن يدفع العبد إذا كانت هذه الجناية أعظم من قيمته، أكثر من قيمته، نعم، أو يدفع الأروش هذه إذا كانت أقل من قيمته؟ يعني مثلها تماماً، ما يبين فرق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: "إن عجز المكاتب وعليه دين الناس رد عبداً مملوكاً لسيده، وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب، لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته" عند الإمام ما يصير مثل هذا، يختلف الوضع عنده -رحمه الله-.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما نذكر يا الإخوان أن العبد إذا جنى أن السيد يخير، فإن كانت الأموال -الأموال المترتبة- على جنايته أكثر من قيمته يدفعه للمجني عليه، ولا يتحمل أكثر من ذلك، ما يتحمل أكثر من مصيبة، يفوت عليه العبد ويدفع دراهم، هذا ما هو بعقل، نعم، وبين أن يمسك العبد إذا كانت الجناية أقل من قيمته ويدفع عن عبده، طيب افترضنا أن القيمة، الأروش أقل من قيمته، وقال السيد: أنا والله ما أملك إلا هو، من أين لي أدفع؟ نقول: يباع العبد ويدفع من قيمته الأروش، ويرد الزائد على السيد.
في مثل هذه الحالة إذا كانت الديون أقل من قيمته هل نقول: يباع وتسدد الديون من قيمته ويرد الباقي إلى السيد. في مثل هذه الصورة لو قال السيد: أنا والله ما عندي شيء أدفعه.

(149/6)


الإمام -رحمه الله- فرق بين الصورتين، فرق بين صورة الجناية، وبين صورة الاستدانة، الجناية معروف تقدم كلامه فيها، وفي مسألة الاستدانة قال: "وإن عجز المكاتب وعليه دين الناس رد عبداً مملوكاً لسيده، وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب، لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته" هذا يمكن أن يتصور على رأي الإمام -رحمه الله تعالى- أن العبد يملك، وحينئذٍ يتصور أن تكون ذمته مؤهلة للدين، أما الذي يقول: إن العبد لا يملك هل هي مؤهلة للدين؟ لا، ليست مؤهلة للدين؛ لأنه ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن على رأي الجمهور أن العبد لا يملك، كيف نقول: إن ديون الناس في ذمته وهو رقيق؟ هل يتصور أن يسدد على مذهب الجمهور؟ لن يملك إطلاقاً، فكيف تكون الديون في ذمته؟ على رأي الإمام مالك أنه يملك بالتمليك، نعم تبقى الديون في ذمته، وإذا ملك شيئاً سدد به، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
أجل كيف يسدد؟ كيف يسدد؟ وكيف ينفق على نفسه وولده؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
وإن مات المكاتب وعليه دين حاص الغرماء ... إلى آخره، لا هو المسألة مفترضة أنه استدان بعد المكاتبة، استدان بعد المكاتبة؛ لأن له حرية التصرف، ويش مقتضى الكتابة؟ مقتضى الكتابة أن يتصرف ويشتغل، ويسدد نجوم الكتابة، وينفق على نفسه وولده إن كان له ولد، وقد يدخر بعض الأموال لنفسه.
الآن حتى عند الإمام مالك أن الديون الثابتة المستقرة أقوى من دين الكتابة وتقدم عليها، يقدم على دين الكتابة، فالصورة المتجهة الآن أنه إذا كان عليه ديون وعجز أنه يباع وتسدد الديون، قبل دين الكتابة؛ لأن دين الكتابة أضعف من الديون المستقرة.

(149/7)


"قال مالك: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة -يعني بعقد واحد- ولا رحم بينهم يتوارثون بها، فإن بعضهم حملاء عن بعض، ولا يعتق بعضهم دون بعض حتى يؤدوا الكتابة كلها" افترضنا أنهم خمسة كوتبوا على خمسين ألف، وأخذوا يضربون في الأرض، يتكسبون فصار يكسب بعضهم ضعف ما يكسبه الآخر، بعضهم يكسب ضعف، هم كوتبوا على خمسين ألف بعقد واحد، فيكون نصيب كل واحد لو قسمنا المبلغ عليهم عشرة آلاف، واحد منهم حصل العشرة آلاف بشهر، قال: أنا هذا نصيبي مقدم خذ أبي اعتق، ولا علي من زملائي، يقال: لا، أنتم كوتبتم بعقد واحد ما تعتقون إلا دفعة واحدة "إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة ولا رحم بينهم يتوارثون بها، فإن بعضهم حملاء عن بعض، ولا يعتق بعضهم دون بعض حتى يؤدوا الكتابة كلها" ويش دخل لا رحم بينهم يتوارثون بها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان بينهم رحم يتوارثون بها فإن هذا الذي كسب العشرة آلاف في شهر لن يعتق قبلهم؛ لأنه يلزمه عتقهم يعتقون عليه، إذا ملك ذا رحم يعتق عليه، فلا يتصور أن يعتق قبله، فالمسألة مفترضة في غير هذه الصورة أنهم لا رحم بينهم، ولذلك هذه الجملة لها مفهوم وإلا لا مفهوم لها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا كان بينهم رحم يتوارثون بها فمن باب أولى، ألا يعتق بعضهم دون بعض؛ لأنه إذا عتق واحد منهم نعم يعتق عليه الآخر، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يلزمه عتقه، لا سيما إذا كان والد وولد يلزم عتاقه.
على كل حال يقول: "فإن بعضهم حملاء عن بعض ولا يعتق بعضهم دون بعض، حتى يؤدوا الكتابة كلها" لأن العقد واحد، ولا يتجزأ، إذا أبرم العقد واحد، ولا عرف قيمة فلان عن فلان، هم نعم لو قسم عليهم المبلغ الكامل لصار قيمة كل واحد منهم عشرة آلاف، لكن بعضهم يمكن يسوى خمسة عشر، والثاني يسوى خمسة، وثالث يسوى سبعة، وذا رابع يسوى ثمانية وهكذا، يعني أقيامهم متفاوتة، ما هي بقيمتهم واحدة، فأعقد عليهم بعقد واحد فيعتقون دفعة واحدة.

(149/8)


"فإن مات أحد منهم وترك مالاً هو أكثر من جميع ما عليهم" واحد منهم من الخمسة اكتسب في سنة واحدة، اكتسب في سنة واحدة ستين ألف، والكتابة خمسين ألف "فإن مات أحد منهم وترك مالاً هو أكثر من جميع ما عليهم أدي عنهم جميع ما عليهم، وكان فضل المال لسيده، ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء" وكان فضل المال لسيده، كيف؟
طالب: لأنه مات ولم يعتقه.
لا، عتق بالموت ... شوف "فإن مات أحد منهم وترك مالاً هو أكثر من جميع ما عليهم أدي عنهم جميع ما عليهم، وكان فضل المال لسيده، ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء، ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم من الكتابة التي قضيت من مال الهالك؛ لأن الهالك إنما كان تحمل عنهم، فعليهم أن يؤدوا ما عتقوا به من ماله، وإن كان للمكاتب الهالك ... " إلى آخره، نعم؟
طالب: سيد. . . . . . . . . بالولاء.
كيف؟
طالب: سيد يأخذه بالولاء ...
يأخذه بالولاء، يأخذ المال الزائد على نصيبه أو المال الزائد على قيمة الجميع؟ نعم، ولذلك قال: "وكان فضل المال لسيده" يعني بالإرث بالولاء "ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء" نعم؟
طالب: يسدد عنه قبل موته هل يطالب؟
إيه، هل يطالب ... ، سدد يعني سدد الخمسين وبقي عنده عشرة، عتقوا كلهم.
طالب: يطالبهم لأنه يسدد عنهم.
كلهم عتقوا.
طالب:. . . . . . . . .
من مال هذا الذي اكتسب دونهم، لكنهم باعتبار أنهم في عقد واحد ليشكل ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم.
طالب: الآن سدد عنهم بعد وفاته، الآن للسيد أن يطالبهم وهو المنصوص.
معروف.
طالب: لكن لو أنه سدد من قبل موته ما يطالبهم.
ما يطالبهم، ما يطالبهم، لكن الباقي له بالإرث، بالولاء.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.

(149/9)


"ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم من الكتابة التي قضيت من مال الهالك؛ لأن الهالك إنما كانت تحمل عنهم -يعني ضمنهم- فعليهم أن يؤدوا ما عتقوا به ما عتقوا به من ماله" الآن ما قلنا: إنهم كلهم بعقد واحد، نعم فلا يعرف قيمة واحد من الثاني منهم، كل واحد منهم حميل وضامن على غيره، هذه نعم عليهم أن يعدوا ما عتقوا من ماله إذا عرف إذا عرفت قيمة كل واحد بعينه، إذا عرفت قيمة كل واحد بعينه، إلا إذا قوموا بعد ذلك وعرفت، يعني إذا قوموا بعد ذلك وقيل: إن هذا اللي مات بخمسة عشر ألف والباقين على عشرة، سبعة ثمانية وهكذا يطالبون بالزائد.
على كل حال "لأن الهالك إنما كان يتحمل عنهم فعليهم أن يؤدوا ما عتقوا به من ماله، وإن كان للمكاتب الهالك ولد حر لم يولد في الكتابة، ولم يكاتب عليه لم يرثه"؛ لأنه عبد، لم يولد في الكتابة ولم يكاتب عليه إذاً يستمر رقه؛ لأن المكاتب لم يعتق حتى مات، فالولد رقيق لا يرث إنما الذي يرثه السيد، نعم.
أحسن الله إليك.

باب القطاعة في الكتابة:
حدثني مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق.

(149/10)


قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا في المكاتب يكون بين الشريكين فإنه لا يجوز لأحدهما أن يقاطعه على حصته إلا بإذن شريكه، وذلك أن العبد وماله بينهما، فلا يجوز لأحدهما أن يأخذ شيئاً من ماله إلا بإذن شريكه، ولو قاطعه أحدهما دون صاحبه ثم حاز ذلك، ثم مات المكاتب وله مال أو عجز، لم يكن لمن قاطعه شيء من ماله، ولم يكن له أن يرد ما قاطعه عليه، ويرجع حقه في رقبته، ولكن من قاطع مكاتباً بإذن شريكه، ثم عجز المكاتب فإن أحب الذي قاطعه أن يرد الذي أخذ منه من القطاعة، ويكون على نصيبه من رقبة المكاتب كان ذلك له، وإن مات المكاتب وترك مالاً استوفى الذي بقيت له الكتابة حقه الذي بقي له على المكاتب من ماله، ثم كان ما بقي من مال المكاتب بين الذي قاطعه وبين شريكه على قدر حصصهما في المكاتب، وإن كان أحدهما قاطعه، وتماسك صاحبه بالكتابة ثم عجز المكاتب قيل للذي قاطعه: إن شئت أن ترد على صاحبك نصف الذي أخذت، ويكون العبد بينكما شطرين، وإن أبيت فجميع العبد للذي تمسك بالرق خالصاً.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطعه أحدهما بإذن صاحبه، ثم يقتضي الذي تمسك بالرق مثل ما قاطع عليه صاحبه أو أكثر من ذلك، ثم يعجز المكاتب قال مالك -رحمه الله-: فهو بينهما؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه، وإن اقتضى أقل مما أخذ الذي قاطعه ثم عجز المكاتب، فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، ويكون العبد بينهما نصفين فذلك له، وإن أبى فجميع العبد للذي لم يقاطعه، وإن مات المكاتب وترك مالاً، فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، ويكون الميراث بينهما فذلك له، وإن كان الذي تمسك بالكتابة قد أخذ مثل ما قاطع عليه شريكه أو أفضل فالميراث بينهما بقدر ملكهما؛ لأنه إنما أخذ حقه.

(149/11)


قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون بين الرجلين، فيقاطع أحدهما على نصف حقه بإذن صاحبه، ثم يقبض الذي تمسك بالرق أقل مما قاطع عليه صاحبه، ثم يعجز المكاتب، قال مالك -رحمه الله-: وإن أحب الذي قاطع العبد أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، كان العبد بينهما شطرين، وإن أبى أن يرد فللذي تمسك بالرق حصة صاحبه الذي كان قاطع عليه المكاتب.
قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أن العبد يكون بينهما شطرين فيكاتبانه جميعاً، ثم يقاطع أحدهما المكاتب على نصف حقه بإذن صاحبه، وذلك الربع من جميع العبد، ثم يعجز المكاتب فيقال للذي قاطعه: إن شئت فاردد على صاحبك نصف ما فضلته به، ويكون العبد بينكما شطرين، وإن أبى كان للذي تمسك بالكتابة ربع صاحبه الذي قاطع المكاتب عليه خالصاً، وكان له نصف العبد فذلك ثلاثة أرباع العبد، وكان للذي قاطع ربع العبد؛ لأنه أبى أن يرد ثمن ربعه الذي قاطع عليه.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يقاطعه سيده فيعتق، ويكتب عليه ما بقي من قطاعته ديناً عليه، ثم يموت المكاتب وعليه دين للناس، قال مالك -رحمه الله-: فإن سيده لا يحاص غرماءه بالذي عليه من قطاعته، ولغرمائه أن يبدءوا عليه.
قال مالك -رحمه الله-: ليس للمكاتب ...
يُبدَّءوا، يُبدَّءوا، ولغرمائه ...
فإن سيده لا يحاص غرماءه بالذي عليه من قطاعته، ولغرمائه أن يُبدَّءوا عليه.
قال مالك -رحمه الله-: ليس للمكاتب أن يقاطع سيده إذا كان عليه دين للناس فيعتق ويصير لا شيء له؛ لأن أهل الدين أحق بماله من سيده، فليس ذلك بجائز له.

(149/12)


قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب، فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجل له ما قاطعه عليه، أنه ليس بذلك بأس، وإنما كره ذلك من كرهه لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل، فيضع عنه وينقده، وليس هذا مثل الدين، إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالاً في أن يتعجل العتق، فيجب له الميراث والشهادة والحدود، وتثبت له حرمة العتاقة، ولم يشترِ دراهم بدراهم، ولا ذهباً بذهب، وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لغلامه: ائتني بكذا وكذا ديناراً وأنت حر، فوضع عنه من ذلك، فقال: إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر، فليس هذا ديناً ثابتاً، ولو كان ديناً ثابتاً لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس، فدخل معهم في مال مكاتبه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب القطاعة في الكتابة:
القطاعة والمقاطعة ما زالت لفظة مستعملة، يعني إذا جيء بعامل وطلب منه عمل شيء معين فمقاولته على الأجرة مقاطعة، يقولون: قاطعته وإلا قاطعه وإلا قطوعه، نعم، يعني لفظ مستعمل، المقصود أنه يقال له: احضر هذا المال، إذا أحضرته فأنت حر، مبلغ معين يحدد من الذهب أو الورق حر، إذا أحضرت هذا المال خلال سنة فأنت حر، عشرة آلاف خلال سنة فأنت حر.
يقول: "حدثني مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق" وقد كاتبت عدة من الأرقاء منهم سليمان، وعطاء، وعبد الله، وعبد الملك، سليمان بن يسار، أحد الفقهاء السبعة، وإخوته، عطاء بن يسار، إمام من أئمة المسلمين، وعبد الله وعبد الملك، كلهم ممن كاتبتهم أم المؤمنين أم سلمة.

(149/13)


قال مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا في المكاتب يكون بين الشريكين فإنه لا يجوز لأحدهما أن يقاطعه على حصته إلا بإذن شريكه" لأن العبد إذا قوطع انشغل بتحصيل ما قوطع عليه عن العمل للشريك، فلا بد أن يتأثر الشريك بهذه المقاطعة، يعني المقاطعة لا يظن أنها المفاصلة وكذا يعني مثل مقاطعة السلع، ومثل مقاطعة كذا، اللفظ الدارج الآن، لا، غيره، إذا كان بكر هذا رقيق لزيد وعمرو قاطع زيد قال: نصيبي تحضر لي خمسة آلاف خلال سنة وتصير حر، لا بد أنه سوف ينشغل بتحصيل هذه الخمسة عن العمل للشريك، فلا بد من إذنه، فإذا أذن فإن الأمر لا يعدوه.
"وذلك أن العبد وماله بينهما" يعني حتى إذا حصل ما حصل من المال فإن الشريك له نصيب من هذا المال الذي حصله، الذي لم يقاطعه.
"فلا يجوز لأحدهما أن يأخذ شيئاً من ماله إلا بإذن شريكه، ولو قاطعه أحدهما دون صاحبه ثم حاز ذلك، ثم مات المكاتب، وله مال أو عجز لم يكن لمن قاطعه شيء من ماله، ولم يكن له أن يرد ما قاطعه عليه، ويرجع حقه في رقبته، ولكن من قاطع مكاتباً بإذن شريكه ثم عجز المكاتب فإن أحب الذي قاطعه أن يرد الذي أخذ منه من القطاعة، ويكون على نصيبه من رقبة" يعني ما صار شيء، قاطعه على خمسة آلاف ثم عجز عنها، أو حصل بعضها، قال: أنا الآن حصلت ألفين خذهن، ثم مات أو عجز هو بالخيار، إن أراد أن يستمر على مقاطعته إذا كان مستأذناً لشريكه له ذلك، وإن ردها إلى ملك الرقيق لتأخذ عنه أو تورث عنه من قبل السيدين معاً فالأمر لا يعدوه.
"ولكن من قاطع مكاتباً بإذن شريكه ثم عجز المكاتب فإن أحب الذي قاطعه أن يرد الذي أخذ منه من القطاعة، ويكون على نصيبه من رقبة المكاتب كان ذلك له، وإن مات المكاتب وترك مالاً استوفى الذي بقيت له الكتابة" يعني أداه ألفين ومات العبد وترك أموال هو بالخيار إن أحب أن يأخذ من المال المتروك ثلاثة آلاف تمام القطاعة له ذلك، وإن أراد أن يرد الألفين ويصير شريك مع الثاني فلا بأس.

(149/14)


يقول: "وترك مالاً استوفى الذي بقيت له الكتابة حقه، ثم بقي له على المكاتب من ماله، ثم كان ما بقي من مال المكاتب بين الذي قاطعه وبين شريكه على قدر حصصهما في المكاتب، وإن كان أحدهما قاطعه وتماسك صاحبه بالكتابة ثم عجز المكاتب" يعني واحد قاطعه قال: احضر لي خمسة آلاف خلال سنة، والثاني: قال: لا، أنا أكاتبك على عشرة آلاف كل شهر خمسمائة، فمات في أثناء المدة، وقد دفع للمقاطع ألفين، ودفع للمكاتب ألف، يعني خلال شهرين دفع ألفين للمقاطع؛ لأنه يريد أن يتخلص منه بسرعة، بخلاف المكاتب فإنه باقٍ على نجومه "على قدر حصصهما في المكاتب، وإن كان أحدهما قاطعه وتماسك صاحبه بالكتابة ثم عجز المكاتب قيل للذي قاطعه: إن شئت أن ترد على صاحبك نصف الذي أخذت" أنت أخذت ألفين أعطه ألفاً ثاني "ويكون العبد بينكما شطرين، وإن أبيت فجميع العبد للذي تمسك بالرق خالصاً" نعم، الذي تمسك هذا ما كاتب، هذا في صورة عدم المكاتبة.
"قال مالك في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطعه أحدهما بإذن صاحبه" نريد أن نسرد هذا سرد؛ لأن الفائدة منه أقل من الأبواب اللاحقة "في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطعه أحدهما بإذن صاحبه، ثم يقتضي الذي تمسك بالرق مثل ما قاطع عليه صاحبه أو أكثر من ذلك، ثم يعجز المكاتب، قال مالك: فهو بينهما؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه، وإن اقتضى أقل مما أخذ الذي قاطعه ثم عجز المكاتب، فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضل به، ويكون العبد بينهما نصفين، فذلك له" لأنه إلى الآن ما تحرر، هو ما زال رق، لكن لو قاطعه ودفع المبلغ كامل الذي اتفق عليه، له أن يرجع وإلا ليس له أن يرجع؟ نعم؟ عتق، يعني إن دفعت خمسة آلاف فأنت حر، ادفع خمسة آلاف، علقت الحرية على دفع المبلغ ودفع، خلاص يعتق، ليس له خيار.
"وإن أبى فجميع العبد للذي لم يقاطعه، وإن مات المكاتب وترك مالاً، فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، ويكون الميراث بينهما فذاك، وإن كان الذي تمسك بالكتابة قد أخذ مثل ما قاطع عليه شريكه أو أفضل، فالميراث بينهما بقدر ملكهما؛ لأنه إنما أخذ حقه"

(149/15)


على كل حال في مثل هذه الصورة إذا تم العقد، وانتفى الخيار لأحد الطرفين، يبقى الخيار للطرف الثاني، فإن شاء أدخله، وإن شاء لم يدخله.
"قال مالك في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطع أحدهما على نصف حقه بإذن صاحبه، ثم يقبض الذي تمسك بالرق أقل مما قاطع عليه صاحبه، ثم يعجز المكاتب، قال مالك: إن أحب الذي قاطع العبد أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، كان العبد بينهما شطرين، وإن أبى أن يرد فللذي تمسك بالرق حصة صاحبه الذي قاطع عليه المكاتب".
على كل حال مثلما ذكرنا الذي قاطع إن استوفى حقه كاملاً انتهى خياره، وعتق عليه، لكن إن أراد أن يرد على صاحبه نصف ما أخذه، نعم إن أراد أن يرد نصف ما أخذه من القطاعة فالخيار للأول وإلا للثاني؟ للمقاطع وإلا للثاني؟ للثاني، لكن لو أراد الثاني أن يأخذ من المقاطع النصف ويكون بينهما نصفين، لا سيما إذا كان المتروك إرثاً للثاني أقل مما أخذه المقاطع فالخيار لمن؟ للمستفيد منهما في الصورتين.
"قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أن العبد يكون بينهما شطرين فيكاتبانه جميعاً" يعني على عشرين ألف، ولكل واحد منهما عشرة، فيقول أحدهما: عجل لي خمسة وتكفي، وتصير حر من نصيبي، والثاني يستمر عشرة كل شهر ألف "فيكاتبانه جميعاً، ثم يقاطع أحدهما المكاتب على نصف حقه بإذن صاحبه، وذلك الربع من جميع العبد" يعني الخمسة ربع العشرين، نعم، وكل واحد له عشرة، تنازل عن النصف على أن يعجل له "من جميع العبد، ثم يعجز المكاتب فيقال للذي قاطعه: إن شئت فاردد على صاحبك نصف ما فضلته به" يعني نصف ما زدته، ما زادك، ما فضلته يعني ما زدت على صاحبك؛ لأن هذا إذا افترضنا أن هذا هما كاتباه على عشرين، كل واحد له عشرة منجمة كل شهر ألف جيد، قال أحدهما: أعطني خمسة خلال شهرين، جاء بالشهر الأول بألفين وخمس، نعم وأعطى ذاك ألف.

(149/16)


"ثم يعجز المكاتب فيقال للذي قاطعه: إن شئت فاردد على صاحبك نصف ما فضلته به" فضله بكم؟ بألف وخمس، ادفع له سبعمائة وخمسين، ويكون العبد بينكما شطرين؛ لأنه عجز وصار رقيق "وإن أبى كان للذي تمسك بالكتابة ربع صاحبه الذي قاطع المكاتب عليه خالصاً، وكان له نصف العبد وذلك ثلاثة أرباع العبد" يعني مادام أخذ الزائد ينظر إلى قيمته التي آل إليها الأمر، فيقال لك أنت اللي قاطعت: ما لك إلا ربع العبد؛ لأنك رضيت بخمسة، وصاحبكم ثبت على العشرة له النصف، إذا عجز وعاد رقيق إما أن تدفع الفرق سبعمائة وخمسين، أو يقسم العبد على هذا الأساس.
"وإن أبى كان للذي تمسك بالكتابة ربع صاحبه الذي قاطع المكاتب عليه خالصاً، وكان له نصف العبد فذلك ثلاثة أرباع العبد" يصير له الربع الذي تنازل عنه مع النصف حقه ثلاثة أرباع "وكان للذي قاطع ربع العبد؛ لأنه أبى أن يرد ثمن ربعه قاطع عليه".
"قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يقاطعه سيده فيعتق، ويكتب عليه ما بقي من قطاعته ديناً عليه، ثم يموت المكاتب وعليه دين للناس" الآن قاطعوا وانتهوا، ما في إلا أنه علق عتقه بالسداد.
"قال مالك: فإن سيده لا يحاص غرماءه بالذي عليه من قطاعته، ولغرمائه أن يُبدّءوا عليه" لماذا؟ لأنه صار ديناً، في المقاطعة صار ديناً مستقر، وفي المكاتبة ليس بدين مستقر.
"قال مالك: ليس للمكاتب أن يقاطع سيده إذا كان عليه دين للناس فيعتق ويصير لا شيء له؛ لأن أهل الدين أحق بماله من سيده، فليس ذلك بجائز له".
لأنه إذا قاطعه وقلل عليه المبلغ لتقليل المدة حرص على أن يجمع هذا المبلغ ليعتق، وترك ديون الناس، فليس له ذلك، ليس ذلك بجائز.

(149/17)


"قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب فيضع عنه مما عليه من الكتابة" وهو الأصل الكتابة عشرة، وقال: هات خمسة، يجوز وإلا ما يجوز؟ على رأي الإمام مالك يجوز؛ لأنه من باب ضع وتعجل، لكن الذين منعوه وجهة نظرهم أنه خمسة في مقابل عشرة، دراهم بدراهم، استقر ثمن العبد ثم صارت الخمسة في مقابل العشرة، دراهم بدراهم مع زيادة، فهذا الربا عند بعضهم، الآن لو قيل لك: هذا الكتاب بمائة نقد ومائتين نسيئة، وكتب العقد على هذا الأساس، يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز، ما يجوز، لكن لو قيل لك: أنت اختر الآن أي الثمنين شئت بمائة أو بمائتين؟ مجرد خيار؟ يجوز؛ لأنه ما ثبت العقد، لو كتب العقد بمائتين لمدة سنة، ثم قال صاحب الكتاب: هات لي مائة وأنزل عنك الباقي، من باب ضع وتعجل، يجوز، لكن منهم من قال: لو قيل مثل هذا الكلام صارت المائة بمقابل المائتين الآجلة، السلعة الآن انتهت، انتهت ما لها ذكر خلاص، الآن الذي يدور بين المتقاولين ما هو بالكتاب، يدور الثمن الأقل مع الثمن الأعلى في مقابل الأجل، فمن منع له وجه، يعني من منع له وجه؛ لأنه مال كثير بمال أقل معجل، وهذا هو عين الربا، لكن هم يقولون: إن هذا لا يدخل في العقود، يعني ضع وتعجل لا يدخل في العقود التي يطلب فيها المساواة، وإنما شوف ويش يقول مالك؟
"الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب، فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجل له ما قاطعه عليه أنه ليس بذلك بأس" يعني إلا من باب ضع وتعجل، وجاء الخبر بذلك "وإنما كره ذلك من كرهه".
طالب:. . . . . . . . .
ما هو بمسألة إجماع، لكن الخبر ثابت.

(149/18)


"وإنما كره ذلك من كرهه؛ لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل" الرسول -عليه الصلاة والسلام- أشار إلى الغرماء: أن ضعوا، لكن هل هو على سبيل الإلزام والعقد أو من باب الإرفاق؟ إذا قلنا: من باب الإرفاق انتهى ما دخل في باب الربا "وإنما كره ذلك من كرهه؛ لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل، فيضع عنه وينقده، وليس هذا مثل الدين، إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالاً في أن يتعجل العتق، فيجب له الميراث والشهادة والحدود" هو يريد أن يحصل على حقوق الأحرار، فيتعجل هذا في مقابل تعجيل القيمة "وتثبت له حرمة العتاقة، ولم يشترِ دراهم بدراهم، ولا ذهباً بذهب، وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لغلامه: ائتني بكذا وكذا ديناراً وأنت حر، فوضع عنه من ذلك، قال: إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر" يعني قال: إن جئتني بخمسة آلاف خلال ستة أشهر بدل عشرة آلاف في سنة فأنت حر، استقروا على خمسة آلاف خلال ستة أشهر، ثم قال له: إن جئت بثلاثة آلاف خلال شهرين فأنت حر، هل يكون باع عليه الخمسة آلاف بثلاثة أو يكون وضع من دينه بطوعه واختياره؟ يعني لو سامحه، لو انتظر إلى الأجل إلى ستة أشهر، وقال: أنا ما دام أنا أبي منك خمسة آلاف هات أربعة ولك ألف؟ هل هذا من السماحة في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء أم من باب الربا؟ لا، من باب السماحة بلا شك.
"فوضع عنه من ذلك، قال: إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر، فليس هذا ديناً ثابتاً، ولو كان ديناً ثابتاً لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس، فدخل معهم في مال مكاتبه".
نعم.
أحسن الله إليك.

باب جراح المكاتب:
قال مالك -رحمه الله-: أحسن ما سمعت في المكاتب يجرح الرجل جرحاً يقع فيه العقل عليه، أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه، وكان على كتابته، فإن لم يقوَ على ذلك فقد عجز عن كتابته، وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة، فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده، فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل، وأمسك غلامه وصار عبداً مملوكاً، وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه، وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده.

(149/19)


قال مالك -رحمه الله-: في القوم يكاتبون جميعاً فيجرح أحدهم جرحاً فيه عقل، قال مالك -رحمه الله-: من جرح منهم جرحاً فيه عقل قيل له وللذين معه في الكتابة: أدوا جميعاً عقل ذلك الجرح، فإن أدوا ثبتوا على كتابتهم، وإن لم يؤدوا فقد عجزوا، ويخير سيدهم، فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح، ورجعوا عبيداً له جميعاً، وإن شاء أسلم الجارح وحده، ورجع الآخرون عبيداً له جميعاً بعجزهم عن أداء عقل ذلك الجرح الذي جرح صاحبهم.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن المكاتب إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل، أو أصيب أحد من ولد المكاتب الذين معه في كتابته، فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم، وأن ما أخذ لهم من عقلهم يدفع إلى سيدهم الذي له الكتابة، ويحسب ذلك للمكاتب في آخر كتابته، فيوضع عنه ما أخذ سيده من دية جرحه.
قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم ...
أنه كأنه كاتبه.
أحسن الله إليك.
وتفسير ذلك كأنه كاتبه ...
أنه كأنه.
وتفسير ذلك أنه كأنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم، وكان دية جرحه الذي أخذها سيده ألف درهم، فإذا أدى المكاتب إلى سيده ألفي درهم فهو حر، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته ألف درهم، وكان الذي أخذ من دية جرحه ألف درهم فقد عتق، وإن كان عقل جرحه أكثر مما بقي على المكاتب أخذ سيد المكاتب مما بقي من كتابته وعتق، وكان ما فضل بعد أداء كتابته للمكاتب، ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله ويستهلكه، فإن عجز رجع إلى سيده أعور أو مقطوع اليد أو معضوب الجسد، وإنما كاتبه سيده على ماله وكسْبه، ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده، ولا ما أصيب من عقل جسده، فيأكله ويستهلكه، ولكن عقل جراحات المكاتب وولده الذين ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم يدفع إلى سيده، ويحسب ذلك له في آخر كتابته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب جراح المكاتب:

(149/20)


"قال مالك: أحسن ما سمعت في المكاتب يجرح الرجل جرحاً يقع فيه العقل عليه" يعني الدية "أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه" كوتب على عشرة آلاف في كل شهر ألف، ويستطيع أن يكسب أكثر من ذلك، فيؤدي الدية، دية هذا الجرح مع قسط الكتابة "إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه" وكان على كتابته، ما صار شيء، العقد ما تأثر "فإن لم يقوَ على ذلك" لا شك أن العقد يتأثر "إن لم يقوَ على ذلك فقد عجز عن كتابته" إذا كان لا يستطيع أن يوفر من كسبه أكثر من نجم الكتابة فمتى يؤدي عقل الجرح؟ لا شك أن هذا مؤثر على العقد "فقد عجز عن كتابته، وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة" وإذا أدى عقل الجرح، الجرح مثلاً خمسة آلاف، قدرت الجناية بخمسة آلاف، وهو مطلوب منه شهرياً يدفع ألف كتابة، لن يستطيع أن يؤدي، بيتأخر، تتأخر النجوم، فإنه قد عجز في هذه الحالة، لكن إن رضي السيد، قال: بدلاً من أن يدفع لي من الآن ننتظر شهرين ثلاثة خمسة إلى أن يؤدي عقل الكتابة، وتكون عقل الجراحة والكتابة تستأنف بعد ذلك، فالأمر لا يعدوه "وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة؛ لأنه مستقر والكتابة غير مستقرة".
"فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده" يقول: أنا والله ما أقدر أدفع شيء، وأيضاً هذه الجراحة قد تكون أكثر من قيمته وأكثر من كتابته.
"فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده، فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبداً مملوكاً، وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه" يعني دهس حراً، ودية الحر أكثر من قيمة العبد أضعاف، نعم، يكلف السيد أن يدفع القيمة كاملة الدية كاملة؟ أو يقول: خذوه، استرقوه، أو استوفوا من ثمنه من قيمته وما أشبه ذلك؟ المقصود أنه لا يكلف أكثر من قيمة العبد، فلا يجمع له بين مصيبتين.
"فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبداً مملوكاً، وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه، وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده".

(149/21)


لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، لكن يكفي أنه يفوت عليه العبد، الآن إذا زنت البكر تغرب سنة مع الجلد مائة، طيب، هل تغرب بدون محرم؟ نعم لا تغرب بدون محرم، طيب ما ذنب المحرم أن يغرب معها؟ قال العلماء: لأنه فرط في حفظها فتغريبه معها من جنايته، لا من جنايتها، فرط في حفظها، ألا نقول: إن السيد الآن يلزمه أن يدفع أكثر لأنه فرط في تمكينه من الأداة أو من الآلة؟ أعطي سيارة فيضمن، أعطى العبد سيارة وهو ما يحسن التصرف، أعطى الولد يعني لو مثلاً الأب أعطى الولد الذي لا يسوغ له نظاماً أن يقود السيارة، أعطاه سيارته وذهب ودهس آدمي، الدية على من؟ هي في الأصل على العاقلة، لكن العاقلة الآن ما لها وجود الآن، تفرق الناس، ولا يعرف أحدهم عاقلته، لكن هل الذي يضمن الأب أو الابن؟ هو مكلف الابن؟ نعم؟ هو مكلف ومباشر، لكنه الأب نظاماً مفرط، أعطى الولد الذي لم يبلغ السن النظامية، لكن هل بلوغ السن النظامية له أثر في تصرفات الولد أو لا أثر له؟ يعني الولد مكلف عمره خمسة عشر ستة عشر، هل نقول: إن كل مكلف يصلح لكل عمل؟ فيكون إعطاؤه الآلة تفريط ولو كان مكلفاً، وما دام الأب مفرط، وأعطى الولد الذي لا يصلح لهذا العمل؛ لأنه حتى التكليف تكليف بعض الناس وإن كان مكلفاً إلا أنه لا يمكن من بعض الأعمال التي لا يحسنها، فإذا مكن من بعض الأعمال التي لا يحسنها فلا شك أن من مكنه مفرط، ولا شك أنه يضمن أثر تفريطه، مثلما قلنا فيمن فرط في حفظ موليته فيغرب معها.
"قال مالك في القوم يكاتبون جميعاً فيجرح أحدهم جرحاً فيه عقل" دية، "قال مالك: من جرح منهم جرحاً فيه عقل قيل له وللذين معه في الكتابة: أدوا جميعاً عقل ذلك الجرح" لماذا؟ لأن عقدهم واحد، فلا يتحرر أحدهم دون الآخر "فإن أدوا ثبتوا على كتابتهم" ما صار شيء، والعقد لم يتأثر "وإن لم يؤدوا فقد عجزوا، ويخيرهم سيدهم، فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح ورجعوا عبيداً له جميعاً، وإن شاء أسلم الجارح وحده"، هذا الذي اعتدى وجنى يسلم للمجروح "وحده، ورجع الآخرون عبيداً له جميعاً بعجزهم عن أداء عقل ذلك الجرح الذي جرح صاحبهم".

(149/22)


طيب لو قالوا: يسلم هذا الجاني، والقيمة خمسين ألف بدل ما هي على خمسة تصير على أربعة، إحنا ملتزمين بدين الكتابة، بعقد واحد اعتبره مات، وكل واحد حميل، كل واحد ضامن لصاحبه، هل لهم ذلك وإلا ليس لهم ذلك؟ يعني هل السيد يتضرر سواءً كانوا أربعة أو خمسة؟ ما يتضرر.
ومن صور الوفاء والسداد لهذا الدين دين الدية هذه أن يسلم الجاني، سلم الجاني التزم الأربعة بما التزم به الخمسة، لا شك أنهم إذا كانوا يستطيعون والسيد هو الذي يقدر مثل هذه الأمور، قد يقول: إنهم لا يستطيعون أن يؤدوا، وهم أربعة دين خمسة، لا يستطيعون، فله أن يعجزهم فيرجعوا أرقاء، ولهم أن يتحملوا ويكسبوا كسب الخمسة ويستمرون على الكتابة.
"قال مالك -رحمه الله-: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن المكاتب إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل" هذيك جناية المكاتب على غيره، وهنا جناية الغير على المكاتب عكس.
"إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل، أو أصيب أحد من ولد المكاتب الذين معه في كتابته، فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم" يعني ...
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم على حسب القيمة.
"فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم، وأن ما أخذ لهم من عقلهم يدفع إلى سيدهم -الذي له الكتابة- ويحسب ذلك للمكاتب في آخر كتابته" يحسم هذا المبلغ مبلغ الجناية على العبد يحسم من قيمة الكتابة "فيوضع عنه ما أخذ سيده من دية جرحه".
"قال مالك: وتفسير ذلك أنه كأنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم، وكان دية جرحه الذي أخذها سيده ألف درهم، فإذا أدى المكاتب إلى سيده ألفي درهم فهو حر؛ لأنه استوفى الألف من الدية، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته ألف درهم، وكان الذي أخذ من دية جرحه ألف درهم فقد عتق" ما بقي عليه إلا ألف، واستوفى ألف من هذه الجناية خلاص انتهى، الألف في مقابل الألف.

(149/23)


"وإن كان عقل جرحه أكثر مما بقي على المكاتب أخذ سيد المكاتب ما بقي من كتابته وعتق" ويرد الزائد على المكاتب "وكان ما فضل بعد أداء كتابته للمكاتب، ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله ويستهلكه" نعم ما يعطى هو وعليه دين، دين الكتابة، يعطى السيد؛ لأنه احتمال أن يأكله ثم بعد ذلك يعجز نفسه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
له أن يعجز نفسه، لكن الجناية لسيده ما هي له، دية الجناية لسيده.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو بيأخذها يحتسب، يحتسبها من الكتابة، إلا إذا أعجز نفسه انتهى الإشكال، يعود رقيق ولا له شيء.
"فإن عجز رجع إلى سيده أعور أو مقطوع اليد أو معضوب الجسد" المعضوب الذي لا يستطيع التصرف، يعني مثل المقعد أو المشلول أو ما أشبه ذلك، يعني ناقص، مع ما أخذه سيده من الدية، هذا في مقابل هذا، "وإنما كاتبه سيده على ماله وكسبه، ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده، ولا ما أصيب من عقل جسده، فيأكله ويستهلكه، ولكن عقل جراحات المكاتب وولده الذين ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم يدفع إلى سيده، ويحسب ذلك له في آخر كتابته" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(149/24)


شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (3)
باب بيع المكاتب - باب سعي المكاتب - باب عتق المكاتب إذا أدى ما عليه قبل محله - باب ميراث المكاتب إذا عتق

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب بيع المكاتب:
قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمع في الرجل يشتري مكاتب الرجل أنه لا يبيعه إذا كان كاتبه بدنانير أو دراهم، إلا بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره؛ لأنه إذا أخره كان ديناً بدين، وقد نهي عن الكالئ بالكالئ.
قال: وإن كاتب المكاتب سيده بعرض من العروض من الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق فإنه يصلح للمشتري أن يشتريه بذهب أو فضة، أو عرض مخالف للعروض التي كاتبه سيده عليها يعجل ذلك ولا يؤخره.
قال مالك -رحمه الله-: أحسن ما سمعت في المكاتب أنه إذا بيع كان أحق باشتراء كتابته ممن اشتراها إذا قوي أن يؤدي إلى سيده الثمن الذي باعه به نقداً، وذلك أن اشتراءه نفسه عتاقة، والعتاقة تُبدّأ على ما كان معها من الوصايا، وإن باع بعض من كاتب المكاتب نصيبه منه، فباع نصف المكاتب أو ثلثه أو ربعه أو سهماً من أسهم المكاتب، فليس للمكاتب فيما بيع منه شفعة، وذلك أنه يصير بمنزلة القطاعة، وليس له أن يقاطع بعض من كاتبه إلا بإذن شركائه، وأن ما بيع منه ليست له به حرمة تامة، وأن ماله محجور عنه، وأن اشتراءه بعضه يخاف عليه منه العجز لما يذهب من ماله، وليس ذلك بمنزلة اشتراء المكاتب نفسه كاملاً، إلا أن يأذن له من بقي له فيه كتابة، فإن أذنوا له كان أحق بما بيع منه.
قال مالك -رحمه الله-: لا يحل بيع نجم من نجوم المكاتب، وذلك أنه غرر إن عجز المكاتب بطل ما عليه، وإن مات أو أفلس وعليه ديون للناس لم يأخذ الذي اشترى نجمه بحصته مع غرمائه شيئاً، وإنما الذي يشتري نجماً من نجوم المكاتب بمنزلة سيد المكاتب، فسيد المكاتب لا يحاص بكتابة غلامه غرماء المكاتب، وذلك الخراج أيضاً يجتمع.
وكذلك.
أحسن الله إليك.

(148/1)


وكذلك الخراج أيضاً يجتمع له على غلامه فلا يحاص بما اجتمع له من الخراج غرماء غلامه.
قال مالك -رحمه الله-: لا بأس بأن يشتري المكاتب كتابته بعين أو عرض مخالف لما كوتب به من العين أو العرض، أو غير مخالف معجل أو مؤخر.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يهلك ويترك أم ولد وولد له صغاراً منها أو من غيرها، فلا يقوون على السعي، ويخاف عليهم العجز عن كتابتهم، قال: تباع أم ولد أبيهم إذا كان في ثمنها ما يؤدى به عنهم جميع كتابتهم أمهم كانت أو غير أمهم، يؤدى عنهم ويعتقون؛ لأن أباهم كان لا يمنع بيعها إذا خاف العجز عن كتابته، فهؤلاء إذا خيف عليهم العجز بيعت أم ولد أبيهم، فيؤدى عنهم ثمنها، فإن لم يكن في ثمنها ما يؤدى عنهم ولم تقو هي ولا هم على السعي رجعوا جميعاً رقيقاً لسيدهم.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الذي يبتاع كتابة المكاتب ثم يهلك المكاتب قبل أن يؤدي كتابته أنه يرثه الذي اشترى كتابته، وإن عجز فله رقبته، وإن أدى المكاتب كتابته إلى الذي اشتراها وعتق فولاؤه للذي عقد كتابته، ليس للذي اشترى كتابته من ولائه شيء.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب بيع المكاتب:
المكاتب الذي اشترى نفسه من سيده، كما فعلت بريرة مع مواليها، اشترت نفسها بتسع أواق ثم اشترتها عائشة -رضي الله عنها- فأعتقتها، فجاز بيع المكاتب، كاتبوها ثم باعوها إلى عائشة -رضي الله عنها-، فالمكاتب يجوز بيعه ومشتريه إما أن يستمر على نجوم الكتابة التي كانت على المكاتب من قبل من سيده الأول، أو يعتقه هو أفضل، لكن إذا اشتراه الثاني بعد أن كاتبه الأول هل يشتريه بنفس العملة التي كوتب عليها أو لا؟ الإمام مالك يقول: لا.
"قال مالك: إن أحسن ما سمع في الرجل يشتري مكاتب الرجل أنه لا يبيعه إذا كاتبه بدنانير أو دراهم، إلا بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره؛ لأنه إذا أخره كان ديناً بدين، وقد نهي عن الكالئ بالكالئ".

(148/2)


أولاً: لا بد من التغاير، إذا كوتب على دراهم ودنانير يشترى بعرض من العروض، يعني يشترى بما تباع به نسيئة؛ لأنه لو كوتب على عشرة آلاف كوتب على عشرة آلاف منجمة كل شهر ألف، ثم جاء المشتري فقال: أنا أريد أن أشتري هذا المكاتب بثمانية آلاف نقد، فكأنه اشترى العشرة المنجمة بثمانية نقد، وهذا هو الربا، يشتريه بعرض، يحصل هذا في معاملات الناس اليوم، يقدم الإنسان على صندوق التنمية العقاري، وينتظر سنين ثم يأتيه الدور ويصرف له ثلاثمائة ألف منجمة فيأتي من يقول: أنا أعطيك بمائتين وخمسين حالة، أعطيك بمائتين وخمسين حالة بها، أو يقول: أدخل مدخالك بالتنجيم ولو زدت علي ما شئت، أنا أعطيك مكسب مثلاً بها الثلاثمائة أعطيك خمسين وتطلع وأنزل منزلتك، هذا لا يجوز بحال؛ لأنه يشتري دراهم بدراهم أقل أو أكثر منها، لكن اشتراها بعروض، ثلاثمائة ألف قال: أعطيك خمس سيارات، أو أعطيك هذه السيارة معي تسوى خمسين أو ستين أو أربعين، وتطلع وأدخل مدخالك أنا اللي أسدد عنك.
في الصورة الأولى المبلغ كامل بعروض كاملة هذه ما فيها إشكال، في الصورة الثانية فيها إشكال وإلا ما فيها إشكال؟ نعم؟
طالب: فيها.
نعم، من جهة؟
طالب: من جهة الأخير.
ثلاثمائة بثلاثمائة وزيادة، فصارت نظير مد عجوة، ثلاثمائة بثلاثمائة وزيادة، فمثل هذه الصورة لا تجوز، إذا أراد أن يدخل مدخاله ويعطيه سيارات، ويعطيه عروض لا بأس في مقابل مبلغ كامل، أما أن يأخذ المبلغ ومعه زيادة فلا.
الإمام -رحمه الله تعالى- لحظ هذا، وقال: "إلا بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره" لأنه لو باعه بعشرة آلاف منجمة كل شهر ألف، ثم اشتراه مشترٍ .. ، كاتبه على عشرة آلاف منجمة، ثم اشتراه مشتر بعشرة آلاف منجمة مثلاً أو بأحد عشر ألف أطول مدة، أو بعشرين ألف أطول مدة، أو بثمانية آلاف أقل مدة، هذا دين بدين، ولا يجوز بيع الكالئ بالكالئ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الصورة الأخيرة؟
طالب: هذه الصورة.
لا، لا ما هي بتورق.
طالب:. . . . . . . . .

(148/3)


لا، لا لا، هي بيع دين بدين، كيف؟ لأن الذي اشترى العبد العبد مكاتب، لن يعود إلى الرق، فهو اشترى المبلغ الذي بذمة العبد من سيده، اشترى النجوم بنجوم أخرى فصار دين بدين، لكن لو قال له: أنت كاتبته على عشرة آلاف في كل شهر ألف، أنا أعطيك الآلة هذه تسوى ثمانية آلاف خذها الآن، وتستافي دفعة واحدة، هذا ما في ما يمنع، لكن لو قال: يعجله ولا يؤخره، لو قال: أنا أعطيك سيارة كاتبه على مائة ألف مثلاً، نعم كل شهر عشرة آلاف، قال: بدل ما تنتظر عشرة أشهر، انتظر سيارة مديل 2008م تبي تجي -إن شاء الله- بعد عشرة أشهر، وأعطيك إياها تسوى مائة ألف، صار هذا باع الدين بالدين، ينتفي المحظور من جهة؛ لأنه عرض بدراهم ما فيه إشكال، لكن يبقى دين بدين من هذه الحيثية يمنع.
طالب:. . . . . . . . . صورتين ما الذي يمنع؟
لا، هو ملك.
طالب:. . . . . . . . .
لو ألغي رجع إليه.
طالب:. . . . . . . . .
هو جرت العادة بهذا، ومن بيت المال الضمان معروف.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا مستقر، ما هو مثل دين الكتابة، دين الكتابة أقرب إلى عدم الاستقرار؛ لأنه في أي لحظة من اللحظات يعجز نفسه وينتهي، يرجع رقيق، فإذا جاز بيع دين الكتابة -بين المكاتب- مع عدم استقراره الاستقرار التام فلئن يجوز ذاك من باب أولى.
قال: "وإن كاتب المكاتب سيده بعرض من العروض من الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق فإنه يصلح للمشتري أن يشتريه بذهب أو فضة، أو عرض مخالف للعروض التي كاتبه سيده عليها" يعني مما لا يشترك معه في علة الربا، يجوز؛ لأنه يجوز يباع به نسيئة، فلا مانع، يعجل ذلك ولا يؤخره، لماذا؟ لئلا يكون بيع دين بدين.
قال مالك: "أحسن ما سمعت في المكاتب أنه إذا بيع كان أحق باشتراء كتابته ممن اشتراها" من الأحق؟ المكاتب نفسه، "إذا قوي أن يؤدي إلى سيده الذي باعه به نقداً" يعني يدخل مدخل البائع الشاري، الآن الكتابة هل من شرطها أن تكون نجوم أو يجوز أن تكون حالة؟ جمهور أهل العلم على أنها لا بد أن تكون نجمين فأكثر، ما تكون حالة دفعة واحدة؛ لأنه لا يستطيع، متى يجمع المبلغ؟
طالب:. . . . . . . . .

(148/4)


لا، خلنا على قول الجمهور، لكن متى يستطيع أن يدفع نقداً؟ اسمع يقول: "إذا قوي أن يؤدي لسيده الثمن الذي باعه به نقداً" نعم ماشي على مذهبه أنه يملك، لكن قولهم نجمين هل المراد النجمين أو الوقت المتسع لجمع الثمن؟ نعم لأنه لو قال نجم واحد، لكن بعد سنة صح، نعم؛ لأنه يمكنه أن يجمع خلال السنة نجوم الكتابة.
"وذلك أن اشتراءه نفسه عتاقة" يعني هو يعتق نفسه، ولذلك بيع الرقيق على من يعتقه أولى من بيعه على من يسترقه أو يكاتبه؛ لأن الشرع يتشوف إلى العتق.
"والعتاقة تُبدّأ على ما كان معها من الوصايا" يعني لو أوصى زيد بثلث ماله، منه ما يعتق منه الرقاب، ومنه ما يصرف على طلاب العلم، ومنه كذا وكذا في وجوه الخير تقدم إيش؟ العتاقة؛ لأنها فك رقبة.
"تبدأ على ما كان معها من الوصايا، وإن باع بعض من كاتب المكاتب نصيبه منه، فباع نصف المكاتب أو ثلثه أو ربعه أو سهماً من أسهم المكاتب، فليس للمكاتب فيما بيع منه شفعة" يعني دين الكتابة لا تدخله الشفعة، "وذلك أنه يصير بمنزلة القطاعة" التي تقدم الحديث عنها بالأمس، يعني لو صار الرقيق –العبد- بين اثنين، نعم كاتباه على عشرة عشرين ألف مثلاً، كل شهر ألف لكل واحد لمدة عشرة أشهر، فقال أحدهما: أنا أريد خمسة معجلة، وخمسة أشهر بدل عشرة أشهر، أو ستة أو سبعة، هذه يسمونها إيش؟ قطاعة، طيب هل للثاني أن يشفع؟ قال: لا أنا أريده بستة بدل ما .. ، أنا أعطيك الآن ستة وتصير المكاتبة كلها لي.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما في دين بدين، ما هو قلنا: إن القطاعة من باب ضع وتعجل، صح وإلا لا؟ الثاني اللي ما قاطع هذا الذي له عشرة آلاف كل شهر ألف قال: أنا أعطيك نصيبك ستة آلاف الآن، وأنا أتولى الكتابة، تصير الألفين كلهن لي لمدة عشرة أشهر.
طالب: ربا.
ويش لون ربا؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما يدخل فيه مسألة ضع وتعجل؟
طالب: يبيعها للشخص نفسه.

(148/5)


للمدين نفسه، اسمع ويش يقول الإمام: "وإن باع بعض من كاتب المكاتب نصيبه منه، فباع نصف المكاتب أو ثلثه أو ربعه أو سهماً من أسهم المكاتب، فليس للمكاتب فيما بيع منه شفعة" يعني لو أن المكاتب نفسه نعم سدد بعض نجوم الكتابة، واستحق عتق النصف مثلاً، وبقي النصف الثاني، فباع النصف الثاني على شخص آخر من نجوم الكتابة، ما هو بيع المكاتب جائز؟ لو قال: الرقيق أنا أشفع، أنا أدفع المبلغ يصح وإلا ما يصح؟ على كلام الإمام "فليس للمكاتب فيهما بيع منه شفعة، وذلك أنه يصير بمنزلة القطاعة، وليس له أن يقاطع بعض من كاتبه إلا بإذن شركائه" لأنه يجوز لهم في هذه الصورة بإذن الشريك، يعني ما تؤخذ منه قهراً من الشريك كما في الشفعة، بينما القطاعة بإذن الشريك على ما تقدم "وأن ما بيع منه ليست له به حرمة تامة" يعني ما زال الرق متصور أن يعود إلى الرق في كل لحظة، يعجز عن الكسب وخلاص يرجع إلى الرق "وأن ما بيع منه ليست له به حرمة تامة، وأن ماله محجور عنه" يعني لا يتصرف فيه؛ لئلا يفوت مصلحة المكاتب "وأن اشتراءه بعضه يخاف عليه منه العجز" إذا اشترى بعضه مع النجوم -نجوم الكتابة- الثانية نعم إذا قال: أنا أدفع لك خمسة آلاف كاش، وهي نجوم عشرة، يمكن يتصور منه العجز في وقت من الأوقات، ثم يعود رقيقاً "وأن اشتراءه بعضه يخاف عليه منه العجز؛ لما يذهب من ماله، وليس ذلك بمنزلة اشتراء المكاتب نفسه كاملاً، إلا أن يأذن له من بقي له فيه كتابة" لأن الحق لا يعدوهم، فإن أذنوا له كان أحق بما بيع منه، لماذا؟ لأنه عتق، إذا اشترى شيئاً من نفسه وقدم قيمته هذا يعتق منه بقدره.
"قال مالك: لا يحل بيع نجم من نجوم المكاتب" الآن باع الرقيق على نفسه، كاتبه على اثنا عشر ألف، بدءاً من محرم إلى نهاية ذي الحجة، نعم، فقال واحد: أنا أشتري منك قسط رمضان ما هو بألف، أنا أعطيك ها الكتاب يسوى ثمانمائة، خذه الآن، يجوز إلا ما يجوز؟
طالب: لا يجوز.
لماذا؟
طالب: لأنه اشترى مال بمال.
لا، لا ما هو مال بمال، هذا دراهم وهذا كتاب، ألف بكتاب يسوى ثمانمائة، ما هو المنع من هذه الحيثية؛ لأن الدين ليس بثابت، يمكن يعجز نفسه في رجب، نعم الدين ليس بثابت.

(148/6)


"لا يحل بيع نجم من نجوم المكاتب، وذلك أنه غرر إن عجز المكاتب بطل ما عليه، وإن مات أو أفلس وعليه ديون للناس لم يأخذ الذي اشترى نجمه بحصته مع غرمائه شيئاً، وإنما الذي يشتري نجماً من نجوم المكاتب بمنزلة سيد المكاتب" يضيع عليه مثلما يضيع على السيد "فسيد المكاتب لا يحاص بكتابة غلامه غرماء المكاتب" لماذا؟ "لأن دينه ليس بمستقر، وديونهم مستقرة، فتقدم عليه، وكذلك الخراج أيضاً يجتمع له على غلامه فلا يحاص بما اجتمع له من الخراج غرماء غلامه" لأن الخراج أيضاً ليس بثابت، إذا قال للغلام: أنا أتركك تروح تترزق الله، وأنت تملك يعني على مذهب الإمام -رحمه الله- يملك، فيتركه يشتغل، يقول: على أن تؤمن لي كل شهر ألف، خراج، وأنت اكسب ألفين، ثلاثة آلاف، ألف وخمس، خمسمائة ما علي منك، هذه خراج يسمونه، هل له أن يحول على هذا الألف الذي خارجه عليه؟ لا، ليس بمستقر.
نأتي إلى العمال مثلاً، أتى بعامل وكفله، وضمن له أسباب القدوم إلى هذا البلد مثلاً، وقال له: خلاص أنا مقابل أتعابي والفيزة، والمطالبات والمراجعات، أنا أتركك، روح للسوق اشتغل الله يرزقك، لكن تأمن لي كل شهر ألف، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز له أن يأخذ أجرة المثل فقط، وما عدا ذلك فهو على الجاه، وهل يجوز الأخذ في مقابل الجاه أو لا يجوز؟ يعني هو الآن خسر عليه ستة آلاف فيزة وأتعاب ومكاتب، وما أدري إيش؟ خسر عليه ستة آلاف، وقال: خلاص أنت جيت سنتين أمن لي كل شهر ألف، يعني أربعة وعشرين ألف في السنتين، يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز، ليس له إلا ما تعب عليه، يعني أجرة المثل، يعني يأخذ الستة التي دفعها وتعبه عليه وروحاته وجيئاته وتقدر وما عدا ذلك فلا يجوز، ولا يقال هذا مثل خراج الرقيق، ليس برقيق هو حر.
"قال مالك: لا بأس بأن يشتري المكاتب كتابته بعين أو عرض مخالف لما كوتب به من العين أو العرض" يعني سواءً اشتراه هو أو اشتراه غيره لا بد أن يكون بما يجوز أن يباع به نسيئة.
"أو عرض مخالف لما كوتب به من العين أو غير مخالف" المهم أنه من العرض، يعني سواءً يشترك مع في علة الربا أو لا يشترك، لكنه معجل أو مؤخر.

(148/7)


شوف الآن "لا بأس بأن يشتري المكاتب كتابته بعين أو عرض مخالف لما كوتب به من العين أو العرض، أو غير مخالف، معجل أو مؤخر" الآن ويش الفرق بين هذه المسألة والمسألة الأولى؟ المسألة الأولى قال الإمام مالك: لا يجوز؛ لأنه يصير ربا، والتأخير يصير من بيع الدين بالدين، وهنا قال: يجوز مخالف وغير مخالف، معجل أو مؤخر؛ لأن الصورة الأولى في ثلاثة أطراف، والصورة الأخيرة فيها طرفان، المكاتب نفسه، الآن كوتب على اثنا عشر ألف، كل شهر ألف، نعم لو عجل قال: لا، أنا بدل اثنا عشر ألف بأعطيك عشرة آلاف بثمانية أشهر، نعم، أو أبعطيك كذا مؤخر، لكن هل يجوز أن يقول: بأعطيك عشرين ألف لمدة ثلاث سنين؟ لأنه قال: مخالف أو غير مخالف، معجل أو مؤخر.
طالب:. . . . . . . . .
على كلامه نعم، لكن هل يجوز؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ التعجيل ضع وتعجل سهل يعني ما في إشكال، لكن التأخير، هذا ما هو بربا الجاهلية؟ نعم؟ هذا ربا الجاهلية وإلا لا؟ الآن نظرنا أمس قريب من هذه الصورة ويش قلنا؟ قلنا: لو أن شخصاً اشترى سيارة بخمسين ألف لمدة ثلاث سنوات، ولما دفع قسط قسطين وجد أن الراتب ما يفي، ويشق عليه، قال: خمس سنوات، وقلل القسط، يصير شيء يتحمله ويزيد في المدة، يجوز وإلا ما يجوز؟
طالب: يجوز.
لا، لا ما هو بنفس المبلغ، لا لا يزيد عليه؛ لأنه قال هنا: "بعرض مخالف لما كتب، معجل أو مؤخر" يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز، هنا يجوز ليش؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه كأنه رجع السيارة على صاحبها، وقال: بعها علي من جديد، أنا والله عجزت خذ سيارتك، قال: خلاص قبلت، ثم باعها عليه مرة ثانية؛ لأن الرقيق بمثابتها، الرقيق هل هو بمنزلة المشتري وإلا بمنزلة السيارة؟
طالب: السيارة.

(148/8)


بمنزلة السيارة، هناك فرق دقيق بين الصورتين، ولذا قال الإمام: لا ما في فرق بين يعجل ولا يقدم ولا يؤخر بنفس العرض وإلا بغيره ما يختلف، فصار بمنزلة كأنه هو السلعة، قال: خلاص أنا أرجع السلعة، هو ما هو السلعة؟ العبد هو السلعة، قال: خلاص أنا أرجع إلى الرق بدل ما هي لمدة سنة تشق عليه خلها سنتين وزد، كما لو رجع السيارة قال: أنا والله ما أستطيع ثلاثة آلاف، وراتبي خمسة آلاف، ما أستطيع، لكن خذ سيارتك، أقلني جزاك الله خير يقيله، ثم بعد ذلك يقول: بعها علي لمدة خمس سنوات كل شهر ألف، يعني يختلف الوضع هذا عن هذا، يعني التنظير تنظير العبد في السيارة، لا تنظيره بالمشتري، وإن كان في حقيقة الأمر مشتري؛ لأنه اشترى نفسه، ففيه شبه من المشتري من جهة، وشبه من السلعة من جهة، وحينئذٍ يستعمل فيه قياس الشبه، قياس الشبه، هو في الحقيقة هو السلعة، فهو مثل السيارة، وهو في الحقيقة هو المشتري فهو بمثابة المشتري للسيارة، لكن هو أقرب إلى السلعة، ولذلك لما استعملوا فيه قياس الشبه هل يلحق بالإنسان؛ لأنه له إرادة، وله تصرف، وله عقل يدرك به ما ينفعه، ويدفع عنه ما يضره، أو مثل السلع التي تباع وتشترى، هو ما دام في الرق أقرب ما يكون إلى السلع.
"قال مالك في المكاتب يهلك ويترك أم ولد، وولداً له صغاراً منها أو من غيرها" كيف يترك أم ولد؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم عنده يملك، عند مالك، كل هذا على رأي مالك، لكن ما يجي هذا على رأي الجمهور أنه لا يملك، نعم، "في المكاتب يهلك ويترك أم ولد وولداً له صغاراً منها أو من غيرها، فلا يقوون على السعي" يعني كوتبوا وكوتبت معهم، كوتب الأولاد الصغار معه، هم لا يستطيعون الكسب "فلا يقوون على السعي، ويخاف عليهم العجز عن كتابتهم" وحينئذ يعودون أرقاء، "قال: تباع أم ولد أبيهم تباع" لماذا قدمت ولا قدم الأولاد؟ نعم؟
طالب: تابع لأبوهم.
كيف تابع؟
طالب: يعني. . . . . . . . .
الآن ما خلصت تباع رقيق، تبي ترجع رقيقة ثانية، تباع على واحد يسترقها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .

(148/9)


لأنه يمكن استقلالها بالعقد دون الأولاد؛ لأنهم كوتبوا تبعاً لأبيهم، ويمكن أن تستقل بعقد، الأمر الثاني: أنه من باب .. ، من حيث النظر أصلها مملوكة، وهي زوجة، والأولاد ألصق بأبيهم من زوجته، يمكن أن يستغني عنها في يوم من الأيام فتصير أجنبية بعيدة كل البعد عنه، بخلاف أولاده مهما فعل ومهما بذل من أي سبب من الأسباب، لا يمكن أن يستغني عنهم ويستغنوا عنه، فكتابة أم الولد أسهل من كتابة الأولاد.
قال: "تباع أم ولد أبيهم، إذا كان في ثمنها ما يؤدى به عنهم جميع كتابتهم، أمهم كانت أو غير أمهم، يؤدى عنهم ويعتقون؛ لأن أباهم كان لا يمنع بيعها إذا خاف العجز عن كتابته" لكن يمنع بيع أولاده، نعم، هو يدافع عن أولاده، لكن هذه المرأة الأجنبية التي في يوم من الأيام تنفصل عنه، ويتصور انفصالها انفصالاً تاماً "لأنه لا يمنع بيعها إذا خاف العجز عن كتابته، فهؤلاء إذا خيف عليهم العجز بيعت أم ولد أبيهم، فيؤدى عنهم ثمنها، فإن لم يكن في ثمنها ما يؤدى عنهم ولم تقوَ هي ولا هم على السعي رجعوا جميعاً رقيقاً لسيدهم" الآن ما في حل إلا أن يرجعوا.

(148/10)


"قال مالك: الأمر عندنا في الذي يبتاع كتابة المكاتب ثم يهلك المكاتب قبل أن يؤدي كتابته أنه يرثه الذي اشترى كتابته" لأنه هو المولى الحقيقي، الأول ببيعه على الثاني انتهى، مثل موالي بريرة بعد شراء عائشة لها، الآن إذا تداول الناس الرقيق عشرة تبايعوه، لمن ولاؤه؟ للأخير منهم، وهنا "الأمر عندنا في الذي يبتاع كتابة المكاتب ثم يهلك المكاتب قبل أن يؤدي كتابته أنه يرثه الذي اشترى كتابته، وإن عجز فله رقبته" يعني هذا متصور قبل الهلاك "وإن أدى المكاتب كتابته إلى الذي اشتراها وعتق فولاؤه للذي عقد كتابته، ليس للذي اشترى كتابته من ولائه شيء" كيف؟ ليس للذي اشترى كتابته من ولائه شيء، لماذا؟ الآن الشراء والبيع على الكتابة أو على الرقيق؟ نعم ما هو على الرقيق، لو كان البيع والشراء على الرقيق صار الولاء للآخر، لكن لما كان الشراء والبيع على الكتابة صار الولاء للأول، ترى المسألة تحتاج إلى نباهة شوي، بينهم فرق، كيف؟ يعني تأتي إلى الرقيق شخص عنده رقيق، فيقول: أكاتبك على اثنا عشر ألف، كل شهر ألف، وبعد سنة يتحرر يصير حر، ويبقى ولاؤه لمن؟ للذي كاتبه، جاء شخص قال: أنا با أشتريه منك، بعشرة آلاف خذهن الآن، أبا أشتري منك الرقيق بعشرة آلاف الآن، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز؛ لأنه اشترى الرقيق ما اشترى المكاتبة، دين المكاتبة، يجوز، ويكون ولاؤه للثاني، طيب جاء وقال: أنا أشتري منك الاثنا عشر ألف دين الكتابة بيشتري، ما يشتري المكاتب، بيشتري ها الاثنا عشر ألف بسيارة وإلا بآلة من الآلات، فاشترى دين الكتابة ما اشترى الرقيق، فولاءه للأول، فمن هنا يأتي الفرق.
سم.
أحسن الله إليك.

باب سعي المكاتب:
حدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار سئلا عن رجل كاتب على نفسه وعلى بنيه ثم مات، هل يسعى بنو المكاتب في كتابة أبيهم أم هم عبيد؟ فقالا: بل يسعون في كتابة أبيهم ولا يوضع عنهم لموت أبيهم شيء.
قال مالك -رحمه الله-: وإن كانوا صغاراً لا يطيقون السعي لم ينتظرُ
لم ينتظرْ، لم ينتظرْ.

(148/11)


لم ينتظرْ بهم أن يكبروا، وكانوا رقيقاً لسيد أبيهم، إلا أن يكون المكاتب ترك ما يؤدى به عنهم نجومهم إلى أن يتكلفوا السعي، فإن كان فيما ترك ما يؤدى عنهم أدي ذلك عنهم، وتركوا على حالهم حتى يبلغوا السعي، فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا رقوا.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يموت ويترك مالاً ليس فيه وفاء الكتابة، ويترك ولداً معه في كتابته وأم ولد، فأرادت أم ولده أن تسعى عليهم: إنه يدفع إليها المال إذا كانت مأمونة على ذلك قوية على السعي، وإن لم تكن قوية على السعي ولا مأمونة على المال لم تعطَ شيئاً من ذلك ورجعت هي وولد المكاتب رقيقاً لسيد المكاتب.
قال مالك -رحمه الله-: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة، ولا رحم بينهم فعجز بعضهم، وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعاً، فإن الذين سعوا يرجعون على الذين عجزوا بحصة ما أدوا عنهم؛ لأن بعضهم حملاء عن بعض.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب سعي المكاتب:
يعني سعيه وعمله من أجل خلاص رقبته.
قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار -وهما من الفقهاء السبعة من التابعين- سئلا عن رجل كاتب على نفسه وعلى بنيه" عبد عنده خمسة أولاد قال لسيده: أكاتب على نفسي وعلى أولادي بمائة ألف كل شهر ألف، تصح الكتابة وإلا ما تصح؟ تصح الكتابة "كاتب على نفسه وعلى بنيه ثم مات، هل يسعى بنو المكاتب في كتابة أبيهم أم هم عبيد؟ فقالا: بل يسعون في كتابة أبيهم" يعني إذا كانوا يستطيعون ذلك، يسعون في كتابة أبيهم، يعني معهم المائة ألف ما ينزل منها شيء، ما يقال: راح الأب اللي نصيبه في الكتابة عشرين ألف مثلاً، تنزل العشرين؟ لا "بل يسعون في كتابة أبيهم، ولا يوضع عنهم لموت أبيهم شيء" وجاء في الخبر أنه يوضع عن المكاتب الربع، يوضع عنه الربع، فإذا لم يبق عليه إلا الربع يتنازل عنه المكاتِب؛ لأنه يعان على هذا.

(148/12)


هؤلاء إذا كانوا يستطيعون، إن كانوا يستطيعون يسعون في كتابة أبيهم "وإن كانوا صغاراً لا يطيقون السعي لم ينتظر بهم أن يكبروا" لأن هذا يضر بسيدهم، لكن إن استطاعوا بالسؤال، أو تبرع أحد من المسئولين يسأل، يسأل الناس يقول: هؤلاء كوتبوا ومات والدهم ونسعى في خلاصهم، نعم، يجوز ذلك ما في إشكال.
"وكانوا رقيقاً لسيد أبيهم" يعودون أرقاء "إلا أن يكون المكاتب ترك ما يؤدى به عنهم نجومهم" ترك بيت، أبوهم ترك بيت، وهذا على رأي الإمام مالك في كونه يملك، ترك بيت قيمته مائة ألف، يدفع البيت ويكونون أحرار "أدي ذلك عنهم، وتركوا على حالهم حتى يبلغوا السعي، فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا رقوا" هذا واضح أنهم إن أدوا من قيمة هذا البيت ما يقابل دين الكتابة فإنهم يتحررون، ويعتقون، وإن عجزوا بأن كان البيت لا يستحق من الثمن ما يؤدى به دين الكتابة رجعوا إلى الرق.
"قال مالك في المكاتب يموت ويترك مالاً ليس فيه وفاء الكتابة، ويترك ولداً معه في كتابته وأم ولد" في المكاتب يموت ويترك مالاً ليس فيه وفاء الكتابة، يعني الكتابة قلنا: مائة ألف، والبيت ما يجيب خمسين ألف، "ويترك ولداً معه في كتابته وأم ولد، فأرادت أم ولده أن تسعى عليهم: إنه يدفع إليها المال" الخمسين الألف تعطى إياها "إذا كانت مأمونة على ذلك، قوية في السعي" يقال: يا الله اشتغلي بها الخمسين، على شان إيش؟ تنمو هذه الخمسين وتسدد دين الكتابة "وإن لم تكن قوية على السعي، ولا مأمونة على المال لم تعط شيئاً من ذلك، ورجعت هي وولد المكاتب رقيقاً لسيد المكاتب" لأنه إن أمكن العمل بهذا المال الذي يقل عن دين الكتابة؛ لأن الشرع يتشوف إلى العتق، فيشتغل بهذا المال وبعد ذلك يعتقون، لكن لا بد أن يكون الذي يعمل قادر على السعي، وأيضاً مأمون، ثقة.
"قال مالك: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة، ولا رحم بينهم فعجز بعضهم، وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعاً" يعني إذا كان بينهم رحم، وبعضهم يستطيع أن يشتغل، وبعضهم ما يستطيع، وأدى واحد منهم عن الجميع انتهى الإشكال، لكن ما بينهم رحم، بعيدين كل البعد، كل واحد بعيد عن الآخر، ثم بعد ذلك سعى عليهم وأعتقهم يرجع عليهم فيما صرف عليهم.

(148/13)


يقول: "وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعاً، فإن الذين سعوا يرجعون على الذين عجزوا بحصة ما أدوا عنهم؛ لأن بعضهم حملاء عن بعض" كما تقدم في باب سبق، الحمالة في الكتابة، نعم.
أحسن الله إليك.

باب عتق المكاتب إذا أدى ما عليه قبل محله:
حدثني مالك -رحمه الله- أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيره يذكرون أن مكاتباً كان للفرافصة بن عمير الحنفي، وأنه عرض عليه أن يدفع إليه جميع ما عليه من كتابته فأبى الفرافصة، فأتى المكاتب مروان بن الحكم -وهو أمير المدينة-، فذكر ذلك له، فدعا مروان الفرافصة فقال له ذلك فأبى، فأمر مروان بذلك المال أن يقبض من المكاتب فيوضع في بيت المال، وقال للمكاتب: اذهب فقد عتقت، فلما رأى ذلك الفرافصة قبض المال.
قال مالك -رحمه الله-: فالأمر عندنا أن المكاتب إذا أدى جميع ما عليه من نجومه قبل محلها جاز ذلك له، ولم يكن لسيده أن يأبى ذلك عليه، وذلك أنه يضع عن المكاتب بذلك كل شرط أو خدمة أو سفر؛ لأنه لا تتم عتاقة رجل وعليه بقية من رق، ولا تتم حرمته، ولا تجوز شهادته، ولا يجب ميراثه، ولا أشباه هذا من أمره، ولا ينبغي لسيده أن يشترط عليه خدمة بعد عتاقته.
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب مرض مرضاً شديداً، فأراد أن يدفع نجومه كلها إلى سيده؛ لأن يرثه ورثة له أحرار، وليس معه في كتابته ولد له، قال مالك -رحمه الله-: ذلك جائز له؛ لأنه تتم بذلك حرمته، وتجوز شهادته، ويجوز اعترافه بما عليه من ديون الناس، وتجوز وصيته، وليس لسيده أن يأبى ذلك عليه بأن يقول: فر مني بماله.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب عتق المكاتب إذا أدى ما عليه قبل محله:

(148/14)


افترضنا أن هذا الرقيق كوتب على اثنا عشر ألف، ثم جاء بها منجمة كل شهر ألف، ثم جاء بها دفعة واحدة، يلزم القبول وإلا ما يلزم القبول؟ لو أن لزيد على عمرو دين قيمة سيارة، خمسين ألف كل شهر خمسة آلاف، لمدة عشرة أشهر، ثم جاء بالمبلغ كامل قال: خذ، يلزم وإلا ما يلزم؟ إذا قال: لا، أنا ما أبيهن الآن، أنت أعطيتني إياها الآن أبا أكلهن وأجلس عشرة أشهر ما عندي شيء، لكن خلهن خمسة آلاف شهري آكلهن بالتوقيت أفضل لي، أو أخشى عليهن يسرق المال، يلزم وإلا ما يلزم؟ هاه؟ عقد لو قال: أنا والله الخمسين الألف لو جبت لي خمسة آلاف أو خمسين ما في فرق، أيام وهن منتهيات، فخلهن عندك أنا ما أبيهن، أنا ما تعاقدت، أوفوا بالعقود، العقد بيننا وبينك عشرة أشهر، وإذا جاءنا خمسين ألف أكلتهن بيوم، وبعد ذلك جلست عشرة أشهر ما عندي شيء، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا خلنا بدين عادي.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، بعض الناس عنده تخطيط تدريجي يختلف عنه فوري، يقول بعض الناس: الآن أنا ما أنا بحاجة بيت، أشتري بيت أقساط، أنا عندي بيت ما أحتاجه، ولو زاد علي مائة ألف، لكني أستطيع أن أوفر بهذا البيت، أستطيع أن أوفر لو أجلس عشر سنين ما جمعت قيمة بيت، وكونه يزيد على البيت بخمسمائة يصير بستمائة خلال عشر سنين، أنا في النهاية عندي خمسمائة ألف، لكن لو أتركه، وأصرف خمسمائة آلاف، عشرة آلاف في الشهر ما في فرق، وفي نهاية عشر سنين ما عندي شيء، قل مثل هذا في التعجيل، يقول: أعطاني الخمسين ألف أكلتهن بيوم؛ لأن بعض الناس أخرق، ما يستطيع يتصرف، فيقول: أنا أخليهن عندك، أنا ما أبيهن أنا، هل يلزم بأن يتركها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(148/15)


ما هم اتفقوا على أن الدين لمدة عشرة أشهر، قال: خذهن الآن، قال: ما أبيهن، على حسب ما اتفقنا، يختلف الأمر فيما إذا كان حفظها يحتاج إلى مئونة، أو لا يحتاج إلى مئونة، يعني لو شال ها الخمسين الألف ووداهن بنك، وقالوا: نأخذ في مقابل حفظها عشرة بالمائة، يلزمه وإلا ما يلزمه؟ وهي محفوظة في ذمة المدين، الآن لو أن شخصاً في مسألة القرض أو في مسألة الدين، أدانه بمبلغ أو أقرضه مبلغ على أن يسلمه المبلغ في مكة، وهو في الرياض، التخطيط على أنه في وقت الوفاء يكون بمكة، وقت الوفاء إجازة مثلاً، وقد اعتاد أن يكون في الإجازات بمكة، حصل له مانع ما راح لمكة جلس بالرياض، أن يلزمه الوفاء؟ لو كانوا كلهم بالرياض مثلاً، ومن مصلحة الجميع أن يسدده بالرياض، نعم، إذا اصطلحوا على ذلك الأمر لا يعدوهم، لكن إذا قال: لا، أنا ما أسلمك إلا بمكة، يلزمه أن يسلمه بالرياض؟ ما يلزمه، ولو قال: أنا ما أستلمه منك إلا بمكة، وهم كلهم بالرياض ما يلزم، فهم على شروطهم، إذا كان قبض المال، إذا كان وجود المال، حفظ المال نعم يحتاج إلى مئونة، ويحتاج إلى كلفة ما يلزمه قبوله قبل حلوله، هذا في الدين الحر، هنا الآن ماذا يقول؟ إذا أدى ما عليه قبل محله، القصة معروفة قصة الفرافصة قال: "حدثني مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيره يذكرون أن مكاتباً كان للفرافصة بن عمير الحنفي، وأنه عرض عليه أن يدفع إليه جميع ما عليه من كتابته فأبى الفرافصة، فأتى المكاتب مروان بن الحكم -وهو أمير المدينة-، فذكر ذلك له، فدعا مروان الفرافصة، فقال له ذلك فأبى، فأمر مروان بذلك المال أن يقبض من المكاتب فيوضع في بيت المال، وقال للمكاتب: اذهب فقد عتقت، فلما رأى ذلك الفرافصة قبض المال.
الآن مروان نظر إلى أن الشرع يتشوف إلى العتق، ويخشى أن يتصرف هذا الرقيق بهذا المال ثم يعود رقيقاً.
الفرافصة قال: لا، أنا لا أقبل المال؛ لأنه احتمال أنه يسيء تصرفه، أو يذهبه بمدة يسيرة، احتمال أن يكون يريد خدمة، شرط عليه خدمته أثناء الكتابة، أو يتوقع أنه يعجز في وقت من الأوقات ويعود رقيق، نعم، هذه احتمالات، لكن مروان ألزمه به.

(148/16)


"قال مالك: فالأمر عندنا أن المكاتب إذا أدى جميع ما عليه من نجومه قبل محلها جاز ذلك له، ولم يكن لسيده أن يأبى ذلك عليه" لماذا؟ لأنه وفاء وزيادة، التعجيل زيادة، وليس بنقص، بدليل أن التأخير يتطلب مزيد في القيمة، فدل على أن التعجيل فيه الوفاء والزيادة "وذلك أنه يضع عن المكاتب بذلك كل شرط أو خدمة أو سفر؛ لأنه لا تتم عتاقة رجل وعليه بقية من رق" يعني ما زال الرجل ناقص، ولو بقي عليه نجم واحد، نعم "ولا تتم حرمته، ولا تجوز شهادته، ولا يجب ميراثه، ولا أشباه هذا من أمره، ولا ينبغي لسيده أن يشترط عليه خدمة بعد عتاقه" يعني بعد العتاق انتهى، ليس له عليه سلطان، أما قبل العتاقة يشترط الخدمة.
"قال مالك في مكاتب مرض مرضاً شديداً، فأراد أن يدفع نجومه كلها إلى سيده؛ لأن يرثه ورثة له أحرار، وليس معه في كتابته ولد له، قال مالك: ذلك جائز" يقول: مرض مرضاً شديداً، مكاتب مرض مرضاً شديداً، فأراد أن يدفع نجومه كلها إلى سيده، يعني تصور في مكاتب عنده أموال كثيرة، وعنده ما يفي به الدين؛ لأن يرثه ورثة له أحرار، وليس معه .. ، يخشى أن يموت ثم يرثه السيد، الآن هو يريد أن ورثته أولاده يرثونه، وليس معه في كتابته ولد له، يعني الكتابة به فقط، وأما أولاده كلهم أحرار قبل ذلك، أعتقوا قبل ذلك "قال مالك: ذلك جائز له؛ لأنه تتم بذلك حرمته، وتجوز شهادته" لا شك أن الحرية وتمامها أمر مطلوب شرعاً، وهو كمال، والشرع يطلب الكمال "ويجوز اعترافه بما عليه من ديون الناس، وتجوز وصيته، وليس لسيده أن يأبى ذلك عليه بأن يقول: فر مني بماله" يعني مثل هذه الصورة يعاقب بنقيض قصده؟ لا؛ لأنه يطلب الكمال، والكمال مطلوب شرعاً، نعم.
أحسن الله إليك.

باب ميراث المكاتب إذا عتق:
حدثني مالك -رحمه الله- أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن مكاتب كان بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه، فمات المكاتب، وترك مالاً كثيراً، فقال: يؤدى إلى الذي تماسك بكتابته الذي بقي له، ثم يقتسمان ما بقي بالسوية.

(148/17)


قال مالك -رحمه الله-: إذا كاتب المكاتب فعتق فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال يوم توفي المكاتب من ولد أو عصبة، قال: وهذا أيضاً في كل من أعتق، فإنما ميراثه لأقرب الناس ممن أعتقه من ولد أو عصبة من الرجال يوم يموت المعتق، بعد أن يعتق ويصير موروثاً بالولاء.
قال مالك -رحمه الله-: الإخوة في الكتابة بمنزلة الولد إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة، إذا لم يكن لأحد منهم ولد كاتب عليهم، أو ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم ثم هلك أحدهم، وترك مالاً، أدي عنهم جميع ما عليهم من كتابتهم وعتقوا، وكان فضل المال بعد ذلك لولده دون إخوته.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب ميراث المكاتب إذا عتق:
إذا عتق لا شك أن الولاء من أسباب الإرث، لكن إذا لم يوجد من هو أقوى منه، وأقرب منه، إذا لم يوجد عصبه فإنه يرث بالولاء.
يقول: "حدثني مالك ... " يرث المولى المعتق، ويرث أيضاً لو قدر أنه مات المولى المعتق يرث ورثته من العصبة المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم، ولا مع غيرهم، يعني العصبة بالنفس هم الذي يرثون بعد المولى المعتق.
قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن مكاتب كان بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه، فمات المكاتب، وترك مالاً كثيراً، فقال: يؤدى إلى الذي تماسك بكتابته" يعني ما تنازل، كاتبوه على عشرين ألف، لكل واحد ألف، فقال واحد: أنا خلاص تنازلت، والثاني تمسك، فقال: "يؤدى إلى الذي تماسك بكتابته الذي بقي له، ثم يقتسمان ما بقي بالسوية" سدد خمسة آلاف لهذا، وخمسة آلاف لهذا، فقال أحدهما: أنا تنازلت عن الخمسة الباقية، وواحد تماسك، مات الرقيق وعنده عشرة آلاف، وعليه لهذا خمسة، يأخذ الخمسة وتقسم الخمسة الباقية بين الاثنين.
"قال مالك: إذا كاتب المكاتب فعتق فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال يوم توفي المكاتب من ولد أو عصبة" الآن الذي مات الرقيق أو السيد؟ إذا كاتب المكاتب فعتق فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه، إذا كاتب المكاتب فعتق، المكاتب يعني، فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال، يوم توفي المكاتب من ولد أو عصبة، يعني هل المقصود ورثة المكاتَب الرقيق أو ورثة المكاتِب؟ هاه؟

(148/18)


طالب:. . . . . . . . .
إذا كاتب المكاتَب فعتق انتهى سدد الديون، أو أعتق تنوزل عما بقي من دين الكتابة، فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال، الضمير يرثه يعود إلى المكاتب، ما زال السياق له، أولى الناس بمن كاتبه، السيد، نعم، إذا كان .. ، إذا افترضنا أنه توفي قبله، نعم يرثه ورثته المتعصبون بأنفسهم، يوم توفي المكاتب من ولد أو عصبة.
قال: "وهذا أيضاً في كل من أعتق، فإنما ميراثه لأقرب الناس ممن أعتقه، وهم عصبته، من ولد أو عصبة من الرجال" لا المتعصبون بغيرهم ولا مع غيرهم؛ لأن البنت قد تكون عصبة مع أخيها، والأخت قد تكون عصبة مع البنت ثم "يوم يموت المعتق بعد أن يعتق ويصير موروثاً بالولاء".
"قال مالك: الإخوة في الكتابة بمنزلة الولد إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة" خمسة من الإخوة بعقد واحد، كوتبوا بمائة ألف، وإن كان بعضهم يسوى عشرين، وبعضهم ثلاثين، وبعضهم عشرة، وبعضهم خمسة عشر، نعم "إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة، إذا لم يكن لأحد منهم ولد كاتب عليهم، أو ولدوا في كتابته" يعني أثناء الكتابة، يعني ولدوا وقت الكتابة، أو وجدوا في وقت الكتابة، أو كانوا موجودين في وقت الكتابة، أو وجدوا في أثناء الكتابة "أو كاتب عليهم ثم هلك أحدهم وترك مالاً، أدي عنهم جميع ما عليهم من كتابتهم وعتقوا، وكان فضل المال بعد ذلك لولده دون إخوته" يعني واحد منهم، هم خمسة أخوة واحد منهم له أولاد، وفضل عنده مال؛ لأنه يملك عند مالك، فضل عنده مال بعد عتاقته فماله لورثته، لأولاده دون أخوته الذين عتقوا معه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(148/19)


شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (4)
باب الشرط في المكاتب - باب ولاء المكاتب إذا أعتق - باب ما لا يجوز من عتق المكاتب - باب ما جاء في عتق المكاتب وأم ولده - باب الوصية في المكاتب.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
حدثني مالك في رجل كاتب عبده بذهب أو ورق، واشترط عليه في كتابته سفراً أو خدمة أو ضحية، إن كل شيء من ذلك سمى باسمه، ثم قوي المكاتب على أداء نجومه كلها قبل محلها، قال: إذا أدى نجومه كلها وعليه هذا الشرط عتق فتمت حرمته، ونظر إلى ما شرط عليه من خدمة أو سفر، أو ما أشبه ذلك مما يعالجه هو بنفسه، فذلك موضوع عنه، ليس لسيده فيه شيء، وما كان من ضحية أو كسوة أو شيء يؤديه فإنما هو بمنزلة الدنانيرَ والدراهمَ.
الدنانيرِ.
فإنما هو بمنزلة الدنانيرِ والدراهم يقوم ذلك عليه فيدفعه مع نجومه، ولا يعتق حتى يدفع ذلك مع نجومه.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه أن المكاتب بمنزلة عبد أعتقه سيده بعد خدمة عشر سنين، فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين، فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته، وكان ولاؤه للذي عقد عتقه ولولده من الرجال أو العصبة.

(150/1)


قال مالك -رحمه الله- في الرجل يشترط على مكاتبه أنك لا تسافر، ولا تنكح، ولا تخرج من أرضي إلا بإذني، فإن فعلت شيئاً من ذلك بغير إذني فمحو كتابتك بيدي، قال مالك -رحمه الله-: ليس محو كتابته بيده إن فعل المكاتب شيئاً من ذلك، وليرفع سيده ذلك إلى السلطان، وليس للمكاتب أن ينكح ولا يسافر، ولا يخرج من أرض سيده إلا بإذنه، اشترط ذلك أو لم يشترطه، وذلك أن الرجل يكاتب عبده بمائة دينار، وله ألف دينار أو أكثر من ذلك فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله، ويكون فيه عجزه، فيرجع إلى سيده عبداً لا مال له، أو يسافر فتحل نجومه وهو غائب فليس ذلك له، ولا على ذلك كاتبه، وذلك بيد سيده إن شاء أذن له في ذلك، وإن شاء منعه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب الشرط في المكاتب:
الشرط الذي يشترطه السيد على عبده إذا كاتبه.
يقول: "حدثني مالك في رجل كاتب عبده بذهب أو ورق، على مائة دينار، أو على ألف درهم، واشترط عليه في كتابته سفراً أو خدمة أو ضحية" اشترط عليه أن يسافر إلى البلد الفلاني؛ لأمر من الأمور، أو أن يخدمه، وكأن يوصل أولاده إلى المدارس مثلاً مدة الكتابة، إضافة إلى الأقساط والنجوم التي هي من أصل الكتابة، أو ضحية، بمعنى أنه يكاتبه على ألف كل سنة مائة وضحية، ألف وعشر أضاحي في عشر سنوات، في كل سنة ألف درهم أو دينار وضحية أيضاً "إن كل شيء من ذلك سمى باسمه" يعني ذكر باسمه، سمى المكاتب ذلك المسمى باسمه "ثم قوي المكاتب على أداء نجومه كلها قبل محلها" يعني إذا أدى النجوم قبل محلها "قال: "إذا أدى نجومه كلها وعليه هذا الشرط عتق فتمت حرمته، وعليه هذا الشرط عتق" ونظر إلى الشرط نفسه، إن كان متعلقاً ببدنه الذي تمت حريته، فهذا لا يوفى به، وإن كان مما يؤول إلى المال، أو كان مالاً أو يؤول إلى المال فإن ذلك يلزمه كنجوم الكتابة.

(150/2)


يقول: "ونظر إلى ما شرط عليه من خدمة أو سفر أو ما أشبه ذلك مما يعالجه هو بنفسه" مما يعالجه هو بنفسه يعني مما يتعلق ببدنه الذي تمت حريته، وإذا تمت حريته لا كلام لأحد عليه "فذلك موضوع عنه" يعني ينتهي هذا الشرط بتمام حريته "ليس لسيده فيه شيء، وما كان من ضحية أو كسوة أو شيء يؤديه فإنما هو بمنزلة الدنانيرِ والدراهم يقوم ذلك عليه فيدفعه مع نجومه" يعني عشرة أقساط كل سنة ألف، وعشر أضاحي، كم هذه الأضاحي؟ تقوم بقيمتها وتدفع عن النجوم، وكذلك الكسوة، وما عدا ذلك مما يتعلق بالبدن فلا يقوم، وإنما ينتهي بعتقه، وهذه المسألة مفترضة فيما إذا قدم النجوم قبل محلها، ولا يعتق حتى يدفع ذلك مع نجومه، لأنه كأنه بقي عليه شيء من نجومه؛ لأن هذه مال إذا قومت صارت مالاً، تلزمه مع النجوم.
قد يقول قائل: إن هذه الأمور البدنية يمكن أن تؤول إلى المال، إذا اشترط عليه أن يوصل الأولاد إلى المدارس كل يوم مع النجوم لمدة عشر سنين، وقدم النجوم خمس سنين، ما يتعلق بالبدن يسقط، ليس له أن يكلفه بالخدمة، لكن هذه تؤول إلى المال، ألا يمكن أن يقال: هذه مثل الأضحية، ما دام الأضحية تقوم، ويدفعها مع النجوم لماذا لا تقوم هذه الخدمة وتؤول إلى المال فتدفع مع النجوم؟
أولاً: هي كما هو الظاهر متعلقة بالبدن، صح وإلا لا؟ هي متعلقة بالبدن، فهل يمكن أن نقول: إن ما يلزمه هو المال المتفق عليه، وأما ما يؤول إلى المال من منفعة ونحوها فإنها لا تلزم، المنفعة متعلقة بالبدن، ليست متعلقة بالمال، فالمال حكمه حكم النجوم، والمنفعة حكمها حكم البدن، ينتهي بانتهاء السلطة على البدن، فإذا قلنا: إن المقصود الذي يلزمه ويؤديه هو المال وقت العقد دون ما يؤول إلى المال من منفعة ونحوها، اتجه التفريق على قول الإمام -رحمه الله تعالى-، وإذا قلنا: إنه يلزمه المال وما يؤول إلى المال فالمنفعة تؤول إلى المال، يمكن أن تقوم خدمة السنين الباقية، ثم بعد ذلك يدفعه، أو ينيب عنه من يقوم بهذه الخدمة، لكن رأي الإمام متجه إلى أن ما يتعلق بالبدن ينتهي بالعتق، وما هو في حقيقته مال حكمه حكم النجوم يلزمه أداءه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(150/3)


إيه لأنه لو انتظر إلى المحل لزمه كل ما قيل عليه، أنت الآن النجوم عشر سنين، إذا قدمها في خمس سنين نقول: تعال اخدمه وأنت حر؟ عتق وانتهى ما يخدمه وهو حر، ضحِ له وأنت حر؟ على كلام الإمام مالك يقدم الأضاحي.
طالب: لو عليه خدمة في أثناء النجوم، لكن هو تأخر في تنفيذ هذه الخدمة، وسدد النجم الأخير
إيه
طالب:. . . . . . . . . الباقي يخدمه؟
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو على المنصوص عليه، على ما نص عليه، لو قال مثلاً: النجوم عشر سنين، والخدمة عشر سنين تنتهي الخدمة بعشر سنين، لكن لو تأخر بتسديد النجم أخذ في كل نجم سنتين، وبدل ما هي بعشر سنين صار عشرين سنة، نقول: يخدمه عشرين سنة؟ لا هو نص في الخدمة على عشر سنين.
طالب: لكن ما كان ارتباط الخدمة بالنجوم؟
لا، الخدمة مرتبطة بما اتفق عليه، عشر سنين، فإذا قدمت فما يتعلق بالبدن ينتهي بالحرية، وما يتعلق بالمال حكمه حكم النجوم، وواضح كلام الإمام -رحمه الله-، إلا إذا قلنا: إن الخدمة تؤول إلى المال باعتبارها منفعة، ولذا يجوز أن تدفع في مقابل المال، في كثير من الأبواب.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه أن المكاتب بمنزلة عبد أعتقه سيده بعد خدمة عشر سنين، فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته" يعني هو يخدم عشر سنين، والنجوم عشرة سنين، يوصل الأولاد للمدارس عشر سنين، معناه يوصل أولاد الورثة؛ لأن الحكم انتقل إليهم عشر سنين، والنجوم يؤديها إلى الورثة؛ لأن الملك انتقل إليهم عشر سنين "وكان ولاؤه للذي عقد عتقه" ولاؤه للميت أو للحي؟ يعني ننظر الكلام بمجموعة، كلام الإمام -رحمه الله تعالى-، هل جعل العبرة بالحال؟ يعني حال العقد أو بالمآل؟ انتبهوا يا الإخوان، يعني عندك القاعدة، هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ إذا قلنا: بالحال كل شيء للميت، كل ما تضمنه العقد للميت، وإذا قلنا: العبرة بالمآل كلما يتعلق بالعقد للوارث، لكن هو في الحقيقة بالحال، وكله للميت، ويورث عنه، يورث عنه كسائر متروكاته.

(150/4)


"فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين، فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته" يورث عنه هذا كالأموال، "وكان ولاؤه للذي عقد عتقه" للميت وأيضاً؟ نعم؟ "ولولده من الرجال أو العصبة" لأن الذي يرث من الموالي هو المعتق فقط، أو عصبته المتعصبون بأنفسهم.
"قال مالك في الرجل يشترط على مكاتبه أنك لا تسافر، ولا تنكح، ولا تخرج من أرضي إلا بإذني، فإن فعلت شيئاً من ذلك بغير إذني فمحو كتابتك بيدي" معناه: أني ألغي الكتابة.
"قال مالك: ليس محو كتابته بيده إن فعل المكاتب شيئاً من ذلك، وليرفع سيده ذلك إلى السلطان" يعني كما رفع أمر مكاتب الفرافصة إلى مروان بن الحكم إن شاء أمضى، وإن شاء أبقى "وليرفع سيده ذلك إلى السلطان، وليس للمكاتب أن ينكح، ولا يسافر" يعني ليس الحكم متجه إلى الطرفين، الحكم متجه إلى الطرفين، بالنسبة للذي التزم بهذا الشرط عليه أن يفي، وليس له أن يسافر ولا ينكح ولا يخرج من أرضه إلا بإذن سيده.
الطرف الثاني باعتبار هذا حكم شرعي لا يستطيع أن يلزم بنفسه إنما هذه من اختصاصات ولي الأمر السلطان، وليس للمكاتب أن ينكح، لماذا؟ لأن من لازم النكاح بذل المال، والانشغال، فقد يعود رقيقاً، يعجز بسبب النكاح، وبسبب بذل المال للنكاح، ولا يسافر أيضاً؛ لأنه قد يحل عليه القسط والنجم وهو غير حاضر.

(150/5)


"ولا يخرج من أرض سيده إلا بإذنه اشترط ذلك أو لم يشترطه" فيمنع المكاتب من جميع ما يضر بمكاتبه، كما يمنع المدين من جميع ما يضر بدائنه، يقول له: لا يحج إلا بإذنه، ولا يجاهد إلا بإذنه، ولا يتصدق إلا بإذنه، وهذا مثله "اشترط ذلك أو لم يشترطه، وذلك أن الرجل يكاتب عبده بمائة دينار، وله ألف دينار، أو أكثر من ذلك" يعني له مال، العبد له مال، على اعتبار أنه يملك على رأي الإمام مالك، فمثل هذا لا يرد على قول الجمهور "يكاتب عبده وله ألف دينار أو أكثر من ذلك، فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله" هو له ألف دينار، يمكن أن يعمل بهذا الألف فيكسب كل سنة مائة دينار النجم، ولا يتأثر المال، وحينئذٍ يمشي في أقساطه على ما اتفق عليه، لكن إذا دفع منها خمسمائة، وما بقي إلا خمسمائة، احتمال يضعف كسبه هذا هو الأصل أنه يضعف كسبه ثم يعجز عن أداء ما اتفق عليه.
"فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله، ويكون فيه عجزه" يعجز يسدد "فيرجع إلى سيده عبداً لا مال له، أو يسافر فتحل نجومه وهو غائب فليس ذلك له، ولا على ذلك كاتبه" يعني لو أنهم اتفقوا على هذا الأمر، قال: لا مانع أن تتزوج، ولا مانع أن تسافر، المسلمون على شروطهم "وذلك بيد سيده إن شاء أذن له في ذلك، وإن شاء منعه" كما أن المدين لا يحج إلا بإذن الدائن، والأمر إليه إن شاء أذن له، وإن شاء منعه، نعم.
ترى يا إخوان نبي ودنا نمشي شوي، ننتهي من أبواب المكاتب والرق كله، نعم، وهو ما بقي فيه إلا الشيء اليسير -إن شاء الله-، ونقف على الحدود يعني، الحدود أهم من هذا؛ لأن ....
طالب:. . . . . . . . .
إن شاء الله الأربعاء في درس، نعم.
أحسن الله إليك.

باب ولاء المكاتب إذا أعتق:
قال مالك -رحمه الله-: إن المكاتب إذا أعتق عبده إن ذلك غير جائز له إلا بإذن سيده، فإن أعتق بلا إذنه وأجاز ذلك سيده له، ثم عتق المكاتب، كان ولاؤه للمكاتب، وإن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء المعتق لسيد المكاتب، وإن مات المعتق قبل أن يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب.

(150/6)


قال مالك -رحمه الله-: وكذلك أيضاً لو كاتب المكاتب عبداً فعتق المكاتب الآخر قبل سيده الذي كاتبه، فإن ولاءه لسيد المكاتب ما لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه، فإن عتق الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي كان عتق قبله، وإن مات المكاتب الأول قبل أن يؤدي، أو عجز عن كتابته، وله ولد أحرار لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم؛ لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء، ولا يكون له الولاء حتى يعتق.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه، ويشح الآخر ثم يموت المكاتب، ويترك مالاً، قال مالك -رحمه الله-: يقضي الذي لم يترك له شيئاً ما بقي له عليه، ثم يقتسمان المال كهيئته لو مات عبداً؛ لأن الذي صنع ليس بعتاقة، وإنما ترك ما كان له عليه.
قال مالك -رحمه الله-: ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً، وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم.
قال مالك -رحمه الله-: ومما يبين ذلك أيضاً أنهم إذا أعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب؛ ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل، فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق)).
قال -رحمه الله-: ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركاً له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله، ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه، قال: ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين أن الولاء لمن عقد الكتابة، وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب وإن أعتقن نصيبهن شيء، إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور أو عصبته من الرجال.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب ولاء المكاتب إذا أعتق:
يعني المكاتب أعتق عبداً له، لمن يكون ولاء العبد المعتق؟ هل يكون للمكاتب أو يكون لمكاتبه، لسيده؟

(150/7)


يقول: قال مالك: "إن المكاتب إذا أعتق عبده إن ذلك غير جائز له إلا بإذن سيده" لأن عتقه لعبده يضر به من حيث المال، كما قيل في نكاحه، وكما قيل في سفره، وكما قيل في هبته وصدقته؛ لأنه مدين لسيده، فإذا أعتق عبده تضرر السيد، فإذا أذن فالأمر لا يعدوه "فإذا أجاز ذلك سيده له ثم عتق المكاتب" يعني بعد أن أدى نجوم الكتابة كلها عتق "كان ولاؤه للمكاتب" لماذا؟ لأنه صار قابلاً للولاء، صار حراً يقبل الولاء، إذا عتق، لن لو أعتق بإذن سيده ثم عجز عن أداء الكتابة الولاء له؟ هو رقيق! هو رقيق لا يكون له الولاء.
"ثم عتق المكاتب كان ولاؤه للمكاتب، وإن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء المعتق لسيد المكاتب" وكذا لو أعجز نفسه، فإنه يكون لسيد المكاتب؛ لأن المولى لا يكون مولى، وإن مات المعتق قبل أن يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب، لماذا؟ لأن المعتق وهو المكاتب حكمه حكم الرقيق، ما زال إلى الآن، ما تحرر، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم.
"قال مالك: وكذلك أيضاً لو كاتب المكاتب عبداً" عنده عبد في الصورة الأولى أعتقه قلنا: لا ينفذ إلا بإذن سيده، الثانية ما أعتقه، كاتبه، يعني هل يتضرر السيد بمكاتبة عبده؟ يتضرر بعتقه، لكن لو كاتبه، سيد كاتب عبده على ألف في الشهر، والمكاتب كاتب عبده على خمسمائة في الشهر، يتضرر السيد أو ينتفع؟ ينتفع نعم ما يتضرر.
وكذلك أيضاً لو كاتب المكاتب عبداً فعتق المكاتب الآخر قبل سيده الذي كاتبه؛ لأن عندنا السيد الأصلي رقم واحد، المكاتب الأول رقم اثنين، المكاتب الثاني رقم ثلاثة، لو كاتب المكاتب اللي هو رقم اثنين عبداً رقم ثلاثة فعتق المكاتب الآخر رقم ثلاثة قبل سيده الذي كاتبه، رقم إيش؟
طالب: اثنين.
نعم، فإن ولاءه لسيد المكاتب، رقم كم؟ رقم واحد، ما لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه، فإن عتق الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي عتق قبله، يرجع إليه؛ لأنه صار أهل، أهل لأن يكون مولى من أعلى.
طالب: يا شيخ حتى لو تأخر؟
لو تأخر، نعم؛ لأنه صار أهل، أما إذا لم يكن أهل فإن ولاءه يكون لسيده.

(150/8)


"وإن مات المكاتب الأول قبل أن يؤدي، أو عجز عن كتابته وله ولد أحرار لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم" لأنهم في حكمه، إنما يرثون من أبيهم، وأبوهم ليس عنده ما يورث؛ لأنه عجز وصار رقيق، الرقيق يورث وإلا ما يورث؟ ما يورث ماله لسيده "لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء، ولا يكون له الولاء حتى يعتق".
"قال مالك في المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه، ويشح الآخر ثم يموت المكاتب ويترك مالاً" يعني العبد بين زيد وعمرو، كاتباه على ألف في كل شهر أو في كل سنة لكل واحد منهما أحدهما تنازل، والثاني تمسك بماله، شح بماله، قال مالك: يقضي، يترك مالاً "ثم يموت المكاتب ويترك مالاً" قال مالك: "يقضي الذي لم يترك له شيئاً ما بقي له عليه" يعني ما بقي من نجومه وأقساطه يأخذها؛ لأنه ما تنازل عن شيء "ثم يقتسمان المال" يعني الباقي "بعد أخذ الذي شح نصيبه، كهيئته لو مات عبداً؛ لأن الذي صنع ليس بعتاقة، وإنما ترك ما كان له عليه" إيش معنى هذا الكلام؟ لأن الذي صنع ليس بعتاقة؟
طالب: عن ماله ولم يتنازل عن نصيب من الإرث؟ نعم؛ لأن الذي صنع، الذي تنازل، الذي ترك ما تنازل عن حقه في الولاء، وإنما تنازل عن نصيبه من المال.
"قال مالك: ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً، وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" مو قلنا: إنه لا يرث إلا العصبة من الرجال؟ إذا باشر العتق من الرجال أو النساء له الولاء كما في حديث بريرة: ((اشترطي لهم الولاء، فإن الولاء لمن أعتق)) والولاء لعائشة بالنسبة لبريرة، المقصود أن تخصيص الذكور بالذكر، العصبة من الرجال المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم، هذا في حال إرث الولاء، نعم إذا أعتقه من يرثونه، فلا يدخل معهم النساء، أما النساء يرثن بالولاء إذا أعتقن.

(150/9)


يقول: "ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً، وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" مات وترك مكاتب، ترك بنين، رجال ونساء، يعني ورثوا المكاتب، ورثوا، يعني نزلوا منزلة أبيهم بالنسبة للمكاتب، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، يعني كيف أعتق نصيبه من المكاتب؟ تنازل عن النجوم التي تخصه، تنازل عن نصيبه "تنازل عن نصيبه أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" كيف؟ أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب "أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم".
طالب: الظاهر أنه تنازل عن نصيبه من المال فقط يا شيخ؟
من المال إيه.
طالب: ولو أراد أن يتنازل عن العتاقة الحقيقية. . . . . . . . .
ويش لون يعني؟
طالب: قد يكون تنازل العبد بينهم بين إخوة ذكور وإناث فما تنازل عن المال فقط، وإنما تنازل كذلك عن ...
يعني وهب نصيبه لإخوانه من الورثة؟ حينئذٍ لا يكون له شيء، لا يكون له إرث، لكن لو تنازل عن نصيبه من الكتابة فقط ما صار هذه عتاقة، فيثبت له نصيبه من الإرث كما في الصورة السابقة.
"ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" أظن الصورة ما هي بواضحة وإلا واضحة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
واضحة وإلا ما هي بواضحة؟
يقول: "ومما يبين ذلك" يعني انتهينا من المسألة، وهي أن العبد بين زيد وعمرو، كاتباه على نجوم عشرة، لكل واحد منهم ألف، أدى نجمين، ثلاثة، خمسة، ثم تنازل زيد، وبقيت نجوم عمرو، ثم مات العبد وعنده عشرة آلاف، بقي لعمرو خمسة آلاف، يأخذ الخمسة آلاف من هذه العشرة ويقسم الباقي بينهما.

(150/10)


قال: "ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً" يعني قبل أن تنتهي نجوم الكتابة "وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم".
طالب: مفهوم أعتق نصيبه؟
أعتق نصيبه من المكاتب، يعني تنازل عنه، كأنه وهبه، الآن لو أعتق نصيبه في الصورة السابقة التنازل ظاهر في المال، وهنا التنازل عن المال والولاء، والولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب.
طالب: تنازل ليس للعبد.
تنازل لإخوانه؟ لا هو يقول: "ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" هو كلامه "ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم" يدل على أنه ليس بعتق حقيقي، وإنما هو تنازل عن نصيبه من نجوم الكتابة كالسابقة.
طالب: إنما سموا عتاقة اسماً فقط؟
نعم، إي مثل الصورة السابقة.
"قال مالك: ومما يبين ذلك أنهم إذا أعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب؛ ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله" يعني لو كانت المكاتبة على عشر سنين، كل سنة نجم ألف والورثة خمسة، كل واحد له مائتين، واحد من الورثة تنازل، فبقي عليه نجوم كل سنة ثمانمائة، بعد أن أدى خمسة نجوم، أربعة آلاف، قال: والله عجزت ما أقدر، يقوم على الذي أعتق ويقال: ادفع لإخوانك؛ لأنك تنازلت وهو عجز والعبد رجع إلينا أو لا يقوم؟

(150/11)


يقول الإمام: "ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب؛ ولو كانت عتاقة" يعني يريد الإمام أن التنازل في كل هذه الصور إنما هو تنازل عن المال فقط "ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله" كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)) يعني يدفع لإخوانه، يلزمه أن يدفع لإخوانه لو كانت عتاقة، كما لو كان العبد بين اثنين بدون كتابة، جاء واحد قال: أنا نصيبي حر لله -جل وعلا-، يقوم عليه ويدفع نصيب صاحبه، هذا إذا كان يستطيع ذلك، وإذا كان لا يستطيع يستسعى العبد، فإن كان لا يستطيع السعي يكون مبعضاً.
((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل، فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق)) يعني يكون مبعض.
طالب: أحسن الله إليك، الحديث هذا ما يرد على كلام الإمام مالك الأول؟
ويش هو؟
طالب: أنه لا يجوز العتق البعض، بعض العتق؟
لا، الإمام مالك كل كلامه يدور على أنه ليس بعتق.
طالب: ما في تبعيض؟

(150/12)


إيه، الإمام مالك يريد أن يبين أن عتق الشقص الخمس مثلاً ليس بعتق، هو ما قصد عتق، إنما قصد التنازل عن نجم من نجوم الكتابة، يعني الظاهر بالنسبة للمكاتب في حياة سيده، أو وارثه الذي يستوفي نجوم الكتابة نعم أنه مدين، كالحر المدين، يعني ما يلوح في الأفق أنه متى ما مات ورثناه، ما يحسبون الناس لمثل هذا الأمر، نعم، إنما حسابهم للشيء المحقق الذي هو النجوم التي تدفع كل شهر وكل سنة، أما كونه يتعلقون ويأملون بإرث يكون ما يدرى من يموت الأول ومن الآخر؟ وهل يوجد له ورثة؟ هل يتزوج ويولد له فيحرم؟ لا، ما يحسبون لهذا، فالصورة الظاهرة عند هؤلاء نجوم الكتابة، يعني مسألة ولاء وإرث بالولاء كثير من الناس ما يحسب لها، كما أن حياة الناس اليومية الآن تجد الولد يتدين وعلى راتبه، ويحسب حساب لدين وكذا، لا يخطر على باله أن أبوه يموت، ويبي يرث أموال، ويبي .. ، فلذلك هؤلاء الخمسة الذين ورثوا الكتابة عن أبيهم حينما يعتق أحدهم نصيبه إنما يريد أن يحرر هذا العبد من نصيبه من نجوم الكتابة، لا يلتفت إلى مسألة أنه متى ما مات يكون لي ولاؤه، وأرث وما أشبه ذلك، والتنظير ظاهر، يعني كثير .. ، يندر أن يوجد لئيم، ولد لئيم يتدين على أساس أنه يرث من والده وكذا، يعني هذا حمق، نعم، حمق، ما يدرى من يموت الأول، فكثير من الناس يتصرف ولا يخطر بباله أنه سوف يرث من والده، أو يسدد هذه الديون من تركة والده، وهذا الذي يخطر على البال بالنسبة لهؤلاء الخمسة، في تصوير الإمام مالك.
قال: "ومما يبين ذلك أيضاً" بخلاف ما إذا كان العبد بين زيد وعمرو وأعتق أحدهما، في نجوم ينتظرها ثم يعفو عنها؟ لا، اللي فيها النص ما فيها نجوم، تحول دون القصد، هو حينما أعتقه يريد بذلك وجه الله -جل وعلا-، يريد أنه يعتق به من النار؛ لأن من أعتق عبداً أعتقه الله به من النار، الرجل يعتق الرجل، يعتقه الله بكل عضو منه عضو من النار، ويعتق امرأة يعتق نصفه من النار، وذكرنا أن هذه من المواضع الخمسة التي تكون فيها المرأة على النصف من الرجل.

(150/13)


قال: "ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركاً له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله" لم إيش؟ "أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركاً له في مكاتب" شركاً له في مكاتب، ما هو في عبد "لم يعتق عليه في ماله، ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه" يعني ما يقال: أنت والله أعتقته وشركائك كاتبوه، يلزمك عتقه، ما يدخل في الحديث، يعني الذي في الحديث أن واحد من الشركاء يعتق، والبقية يتمسكون بالرق، ولا يدخل في الحديث أن واحد منهم يعتق، والبقية يكاتبوه، لكن لو حصل العتق قبل المكاتبة صار الحكمة للعتق، حصلت المكاتبة قبل العتق صار الحكم للمكاتبة، للسابق منهما.
"ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه، ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين أن الولاء لمن عقد الكتابة" مثلما تقدم أن العبرة بالحال "وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب"؛ لأنه لا يرث الولاء إلا العصبة المتعصبون بأنفسهم، وهذا لا يدخل فيه النساء.
وليس في النساء طراً عصبة ... إلا التي منت بعتق الرقبة
والمراد بذلك بعصبة يعني بالنفس، أما العصبة بالغير أو مع الغير يوجد في النساء كما ذكرنا أن البنت مع أخيها عصبة بالغير، والأخت مع البنت عصبة مع الغير.
"وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب، وإن أعتقن نصيبهن شيء، ليس لهن نصيب في الولاء، إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور أو عصبته من الرجال" نعم.
أحسن الله إليك.

باب ما لا يجوز من عتق المكاتب:
قال مالك -رحمه الله-: إذا كان القوم جميعاً في كتابة واحدة لم يعتق سيدهم أحداً منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة، ورضا منهم، وإن كانوا صغاراً فليس مؤامرتهم بشيء، ولا يجوز ذلك عليهم.
قال: وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم، ويؤدي عنهم كتابتهم؛ لتتم به عتاقتهم، فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم، وبه نجاتهم من الرق، فيعتقه فيكون ذلك عجزاً لمن بقي منهم، وإنما أراد بذلك الفضل والزيادة لنفسه، فلا يجوز ذلك على من بقي منهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ضرر ولا ضرار)) وهذا أشد الضرر.

(150/14)


قال مالك -رحمه الله- في العبيد يكاتبون جميعاً: إن لسيدهم أن يعتق منهم الكبير الفاني، والصغير الذي لا يؤدي واحد منهما شيئاً، وليس عند واحد منهما عون ولا قوة في كتابتهم، فذلك جائز له.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما لا يجوز من عتق المكاتب:
ما لا يجوز من عتق المكاتب، الآن عتق مصدر، والمكاتب فاعل وإلا مفعول للمصدر؟
طالب: مفعول.
هل المقصود أن المكاتب يُعتِق أو المقصود أن المكاتب يُعتَق؟ نعم؟ ننظر في كلامه -رحمه الله-.
قال مالك: "إذا كان القوم جميعاً في كتابة واحدة" يعني خمسة ستة من الأرقاء في عقد واحد، كوتبوا على مائة ألف يدفعون منها كل شهر ألف، بعقد واحد، لم يعتق سيدهم أحداً منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة، يعني هم كم؟ قلنا: عشرة أو خمسة، أو أكثر أو أقل، أراد أن يمن على واحد منهم بالعتق، فيختار منهم.
طالب: بعد المكاتبة يا شيخ؟
بعد المكاتبة.
يقول: "لم يعتق سيدهم أحداً منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة، ورضاً منهم" لماذا؟
طالب: لا يكون في عقد ثاني ...
لأنهم متضامنون "وإن كانوا صغاراً فليس مؤامرتهم بشيء" يعني أخذ إذنهم ليس بشيء؛ لأنهم لا يملكون الإذن، ولا يتصرفون في أنفسهم فضلاً عن غيرهم، ما يملكون الإذن، ولا يجوز ذلك عليهم.
المسألة إذا كانوا كبار واستأذنوا في أن يعتق واحد منهم، وأذنوا، الأمر لا يعدوهم، وإذا كانوا صغار لا يملكون الإذن، المكلف لا يأذن في مثل هذه الأمور.
"قال مالك: وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم" يمكن هذا الذي أعتق هو اللي بيحررهم، هو الذي يسعى عليهم، هو أنشطهم، وأجودهم، وأعرفهم، وأفهمهم، فيتضررون بعتقه.
"وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم، ويؤدي عنهم كتابتهم؛ لتتم به عتاقتهم، فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم، وبه نجاتهم من الرق فيعتقه" لكن لو قدر أنه عمد إلى أضعفهم، الذي ما فيه حراك للسعي، ولا للكسب ولا شيء، قال: هذا وجوده مثل عدمه نعتقه؟ يعتقه بدون إذنهم وإلا لا؟ لا بد من إذنهم، وهم بدورهم في الغالب أنهم يأذنوا؛ لأنهم ما يتضررون بعتقه، بخلاف الأول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟

(150/15)


طالب:. . . . . . . . .
دون مؤامرة أصحابه الذين معه.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
قال: "وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم، ويؤدي عنهم كتابتهم؛ لتتم به عتاقتهم، فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم، وبه نجاتهم من الرق فيعتقه، فيكون ذلك عجزاً لمن بقي منهم، وإنما أراد بذلك الفضل والزيادة لنفسه، فلا يجوز ذلك على من بقي منهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ضرر ولا ضرار)) " ولا شك أن إعتاق مثل هذا يضر بالبقية، وهذا أشد الضرر.
"قال مالك في العبيد يكاتبون جميعاً: إن لسيدهم أن يعتق منهم الكبير الفاني، والصغير الذي لا يؤدي واحد منهما شيئاً، وليس عند واحد منهما عون ولا قوة في كتابتهم، فذلك جائز له" هذا كلام مالك باعتبار أنه مثل هذا لا يسمن ولا يغني من جوع، لكن لو أن الإمام مالك نظر إليهم من ناحية أخرى، أنه يمكن هذا الكبير الفاني هو الذي يعتقهم، وهو الذي يحررهم، باعتبار أن الناس يعطفون عليه، ويتصدقون عليه، ويسعى في تحريرهم، فهذا لا يختلف عنه، فلا بد من إذنهم؛ لأنهم متضامنون في الجميع، فكما أن القوي المكتسب يحررهم بكسبه، فإن الكبير الفاني الذي لا يستطيع الكسب يمكن أن .. ، بسببه يعتقون، نعم.
أحسن الله إليك.

باب ما جاء في عتق المكاتب وأم ولده:
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يكاتب عبده ثم يموت المكاتب، ويترك أم ولده وقد بقيت عليه من كتابته بقية، ويترك وفاء بما عليه، قال مالك -رحمه الله-: إن أم ولده أمة مملوكة حين لم يعتِق المكاتب حتى مات
يُعتَق المكاتب.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله-: إن أم ولده أمة مملوكة حين لم يُعتَق المكاتب حتى مات، ولم يترك ولداً فيعتقون بأداء ما بقي فتعتق أم ولد أبيهم بعتقهم.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يعتق عبداً له أو يتصدق ببعض ماله، ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب، قال مالك -رحمه الله-: ينفذ ذلك عليه، وليس للمكاتب أن يرجع فيه، فإن علم سيد المكاتب قبل أن يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه، فإنه إن عتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه أن يعتق ذلك العبد، ولا أن يخرج تلك الصدقة، إلا أن يفعل ذلك طائعاً من عند نفسه.

(150/16)


يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما جاء في عتق المكاتب وأم ولده:
"قال مالك في الرجل يكاتب عبده ثم يموت المكاتَب" يعني قبل استكمال أداء نجوم الكتابة "ويترك أم ولده" التي وطئها، فولدت له ولداً "وقد بقيت عليه من كتابته بقية" الآن مات وهو حر وإلا مات وهو رقيق؟ نعم مات وهو رقيق؛ لأنه عبد ما بقي عليه درهم، وقد بقي عليه دراهم "وقد بقيت عليه من كتابته بقية، ويترك وفاء بما عليه" باقي عليه خمسة أقساط، وخمسة آلاف، وجد في تركته خمسة آلاف، وهذا كله بناءً على مذهب الإمام مالك في كونه يملك، نعم، أو كان هذا من كسبه، نعم، هذا من كسبه بعد الكتابة، المقصود أنه ترك وفاءً، وفاءً يمكن أن يسدد عنه، ويعتق به لو كان حياً، لكنه مات وهو رقيق لم يتحرر.
"يترك وفاءً بما عليه أن أم ولده أمة مملوكة حيث لم يعتق المكاتب حتى مات" لأن العبرة بالموت الذي تنتقل به الأموال من الميت إلى وارثه، وهو لما مات هو حر وإلا عبد؟ عبد، نعم، هل نقول: إنه حكمه حكم المبعض؟ يورث منه بقدر ما فيه من حرية؟ أو نقول: هو عبد ما زال عبداً؟ نعم؟ ما زال عبد، نعم، عبد ما بقي عليه درهم.
"أن أم ولده مملوكة حيث لم يعتَق المكاتب حتى مات، ولم يترك ولداً فيعتقون بأداء ما بقي فتعتق أم ولد أبيهم بعتقهم" إيش الفرق بين أم الولد والولد؟ يعني تقدم التفريق من جهة الإمام أنه إذا عجز عن الاكتساب وعنده أم ولد، وعنده أولاد أن أم الولد تباع، من أجل أن يعتق الجميع، فكيف هنا يقول: لو ترك ولداً يعتقون بأداء ما بقي بعد موت أبيهم.
طالب: يتابعون أبيهم، يؤدون ما عليهم ...
يعني كوتبوا معه، أو كاتب عليهم معه؟ نعم ممكن أن يكون معه في عقد الكتابة، طيب لو كانت أم الولد معه في عقد الكتابة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(150/17)


نعم، قلنا في التفريق السابق: إن هذه أم الولد ما دام حياً فهي رقيقة تباع، بينما لو كان .. ، إذا مات حررها ولدها، يحررها ولدها الحر أو العبد؟ الحر، يحررها ولدها الحر، وهذه مات سيدها قبل أن يعتق، فلم تتحرر بموته، وبقيت ملكاً لسيده، وهو مات وهو لم تتم حريته، فيرثه سيده، بينما الأولاد ليسوا ملكاً لأبيهم بخلاف أم ولده، فيعتقون إذا أدوا بقية النجوم، ولو بعد موت أبيهم، هذا هو الفرق بينهم.
"قال مالك في المكاتب يعتق عبداً له، أو يتصدق ببعض ماله، ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب، قال مالك: ينفذ ذلك عليه" لماذا؟ لأنه لم يتضرر به، لو أن مديناً تصدق بصدقة لا تضر بدائنه، يجوز وإلا ما يجوز؟ لو حج، لو قال: أنا علي أقساط وماشية، أقساطي ماشية شهرية، كل شهر ألف، وأنا أدفع ألف من راتبي، وحج، هل يلام وإلا ما يلام؟ النجوم ما حلت عليه، لكن إذا كان حجه يؤثر على الأقساط، لا شك أنه يمنع، يمنع من الحج، فهذا مثله يقول: "في المكاتب يعتق عبداً له أو يتصدق ببعض ماله، ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب، قال مالك: ينفذ ذلك عليه"؛ لأن المنع إنما هو من أجل صيانة حق المكاتب، وليس للمكاتب أن يرجع فيه "فإن علم سيد المكاتب قبل أن يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه، فإنه إن أعتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه عتق ذلك العبد" يعني إذا علم السيد أنه أعتق، له أن يمنع احتياطاً لنجوم الكتابة "لم يكن عليه أن يعتق ذلك العبد، ولا أن يخرج تلك الصدقة إلا أن يفعل ذلك طائعاً من عند نفسه".
ويش لون؟ لأنه الآن العبد أعتق بدون إذن السيد، ولا علم السيد حتى انتهت نجوم الكتابة، قال العبد: أنا ما دريت أنه لازم استأذن السيد، أبرجع الآن بالعبد، يرجع وإلا ما يرجع؟ لا يرجع.

(150/18)


"وليس للمكاتب أن يرجع فيه، فإن علم سيد المكاتب قبل أن يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه، فإنه إن عتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه أن يعتق ذلك العبد" لا يلزمه أن يعتق ذلك العبد، والفرق بين الصورتين: أن السيد علم قبل العتاقة قبل تمام نجوم الكتابة في الصورة الثانية، في الصورة الأولى لم يعلم إلا بعد العتق، بعد تمام العتق، ولا أن يخرج تلك الصدقة إلا أن يفعل ذلك طائعاً من عند نفسه، إذا أخرجها طائعاً من عند نفسه الأمر لا يعدوه.
الوصية في المكاتب يمدينا عليها وإلا .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
يا الله، يا الله أعطينا إياها؟
أحسن الله إليك.

باب الوصية في المكاتب:
قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمعت في المكاتب يعتقه سيده عند الموت، أن المكاتب يقام على هيئته تلك، التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ، فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة وضع ذلك في ثلث الميت، ولم يَنظر إلى عدد الدراهم.
يُنظر، يُنظر
ولم ينظَر إلى عدد الدراهم التي بقيت عليه، وذلك أنه لو قتل لم يغرم قاتله إلا قيمته يوم قتله، ولو جرح لم يغرم جارحه إلا دية جرحه يوم جرحه، ولا ينظر في شيء من ذلك إلى ما كوتب عليه من الدنانير والدراهم؛ لأنه عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته أقل من قيمته لم يحسب في ثلث الميت إلا ما بقي عليه من كتابته، وذلك أنه إنما ترك الميت له ما بقي عليه من كتابته، فصارت وصية أوصى بها.
قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أنه لو كانت قيمة المكاتب ألف درهم، ولم يبق من كتابته إلا مائة درهم، فأوصى سيده له بالمائة درهم التي بقيت عليه، حسبت له في ثلث سيده، فصار حراً بها.
قال مالك -رحمه الله- في رجل كاتب عبده عند موته: إنه يقوم عبداً، فإن كان في ثلثه سعة لثمن العبد جاز له ذلك.

(150/19)


قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أن تكون قيمة العبد ألف دينار فيكاتبه سيده على مائتي دينار عند موته، فيكون ثلث مال سيده ألف دينار، فذلك جائز له، وإنما هي وصية أوصى له بها في ثلثه، فإن كان السيد قد أوصى لقوم بوصايا، وليس في الثلث فضل عن قيمة المكاتب، بدئ بالمكاتب؛ لأن الكتابة عتاقة، والعتاقة تبدأ على الوصايا، ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب، يتبعونه بها، ويخير ورثة الموصي، فإن أحبوا أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم كاملة، وتكون كتابة المكاتب لهم، فذلك لهم، وإن أبوا وأسلموا المكاتب وما عليه إلى أهل الوصايا فذلك لهم؛ لأن الثلث صار في المكاتب؛ ولأن كل وصية أوصى بها أحد، فقال الورثة: الذي أوصى به المكاتب.
أوصى به صاحبنا
أحسن الله إليك.
فقال الورثة؟ نعم؟ الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه.
فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له، قال: فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم، فإن أحببتم أن تنفذوا ذلك لأهله على ما أوصى به الميت، وإلا فأسلموا أهل الوصايا ثلث مال الميت كله، قال: فإن أسلم الورثة المكاتب إلى أهل الوصايا كان لأهل الوصايا ما عليه من الكتابة، فإن أدى المكاتب ما عليه من الكتابة أخذوا ذلك في وصاياهم على قدر حصصهم، وإن عجز المكاتب كان عبداً لأهل الوصايا، لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروه.
خُيروا، خُيروا.
أحسن الله إليك.
لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروا؛ ولأن أهل الوصايا حين أسلم إليهم ضمنوه، فلو مات لم يكن لهم على الورثة شيء، وإن مات المكاتب قبل أن يؤدي كتابته، وترك مالاً هو أكثر مما عليه، فماله لأهل الوصايا، وإن أدى المكاتب ما عليه عتق، ورجع ولاؤه إلى عصبة الذي عقد كتابته.

(150/20)


قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم، فيضع عنه عند موته ألف درهم، قال مالك -رحمه الله-: يقوم المكاتب فينظر كم قيمته؟ فإن كانت قيمته ألف درهم فالذي وضع عنه عشر الكتابة، وذلك في القيمة مائة درهم، وهو عشر القيمة، فيوضع عنه عشر الكتابة فيصير ذلك إلى عشر القيمة نقداً، وإنما ذلك كهيئته لو وضع عنه جميع ما عليه، ولو فعل ذلك لم يحسب في ثلث مال الميت إلا قيمة المكاتب ألف درهم، وإن كان الذي وضع عنه نصف الكتابة حسب في ثلث مال الميت نصف القيمة، وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فهو على هذا الحساب.
قال مالك -رحمه الله-: إذا وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم من عشرة آلاف درهم، ولم يسم أنها من أول كتابته أو من آخرها، وضع عنه من كل نجم عشره.
قال مالك -رحمه الله-: وإذا وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم، من أول كتابته أو من آخرها، وكان أصل الكتابة على ثلاثة آلاف درهم، قوم المكاتب قيمة النقد، ثم قسمت تلك القيمة، فجعل لتلك الألف التي من أول الكتابة حصتها من تلك القيمة بقدر قربها من الأجل وفضلها، ثم الألف التي تلي الألف الأولى بقدر فضلها أيضاً، ثم الألف التي تليها بقدر فضلها أيضاً، حتى يؤتى على آخرها تفضل كل ألف بقدر موضعها في تعجيل الأجل وتأخيره؛ لأن ما استأخر من ذلك كان أقل في القيمة، ثم يوضع في ثلث الميت قدر ما أصاب تلك الألف من القيمة على تفاضل ذلك إن قل ذلك أو كثر، فهو على هذا الحساب.
قال مالك -رحمه الله- في رجل أوصى لرجل بربع مكاتب أو أعتق ربعه فهلك الرجل، ثم هلك المكاتب، وترك مالاً كثيراً مما بقي عليه، قال مالك -رحمه الله-: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي ...
ما بقي لهم.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله-: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب، ثم يقتسمون ما فضل، فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة، ولورثة سيده الثلثان، وذلك أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، فإنما يورث بالرق.

(150/21)


قال مالك -رحمه الله- في مكاتب أعتقه سيده عند الموت، قال: إن لم يحمله ثلث الميت عتق منه قدر ما حمل الثلث، ويوضع عنه من الكتابة قدر ذلك، إن كان على المكاتب خمسة آلاف درهم، وكانت قيمته ألفي درهم نقداً، ويكون ثلث الميت ألف درهم عتق نصفه ويوضع عنه شطر الكتابة.
قال مالك -رحمه الله- في رجل قال في وصيته: غلامي فلان حر، وكاتبوا فلاناً، قال: تُبدّأ العتاقة على الكتابة.
طويل إيه، غداً -إن شاء الله- ...

(150/22)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (5)
باب: الوصية في المكاتب - باب: القضاء في المدبر - باب: جامع ما جاء في التدبير.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية في المكاتب
الوصية في المكاتب، ما معنى الوصية في المكاتب؟ يعني يوصي بالمكاتب؟ نعم؟ يوصي بالمكاتب أو ما يدخل فيه المكاتب من صور الوصية، بحيث لو أوصى بثلث ماله، وأراد عتق العبد عند موته هل يملك أو لا يملك؟ أوصى بالثلث له الثلث، له أن يوصي بالثلث، ولو كان في مرض موته، الثلث من حقه، لكن أوصى بعتق المكاتب عند موته هل يحسب من الثلث أو لا يحسب؟
طالب: يحسب من الثلث.
نعم هذا المقصود بهذه الترجمة.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: "إن أحسن ما سمعت في المكاتب يعتقه سيده عند الموت" يعني حينما لا يصح تصرفه بأكثر من الثلث "أن المكاتب يقام على هيئته تلك التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ" المكاتب يعتقه، الآن المكاتب لا يخلو إما أن يكون قد أدى بعض نجوم الكتابة، أو لم يؤدِ بعضها، إن لم يؤدِ شيئاً لا شك أنه يقوم كامل بالثمن الذي يبلغ، وإن كان قد أدى بعض نجوم الكتابة فأعتقه وأعفاه مكاتبه من بقية النجوم فإن الذي يحسب من الثلث الباقي، الباقي لا كل القيمة، باعتبار أنه دفع بعض النجوم، وبقي عليه شيء، فلا يحسب كامل على الوصية.
إذا كان ثمن العبد أو بقية النجوم تستوعب الثلث فما الحكم؟ وقد أوصى بثلث ماله لطلاب العلم مثلاً؟ يحسب من الثلث ويكون دين الكتابة ونجوم الكتابة يصرف مصرف الوصية.

(151/1)


يقول: "يقام على هيئته تلك التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ، فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة وضع ذلك في ثلث الميت، ولم ينظر إلى عدد الدراهم التي بقيت عليه" لماذا؟ كأن الإمام مالك يقول: يقوم كامل، ويحسب من الثلث، لماذا؟ لأنه ما زال رقيقاً، وهذا إنما يتجه إذا قلنا: إن عقد المكاتبة أو الكتابة ينفسخ بالموت، إذا قلنا: إنه ينفسخ بالموت عاد رقيقاً رقاً كاملاً، وإذا قلنا: إن عقد الكتابة لا ينفسخ بالموت، وقلنا: إنه يورث كما تقدم، وإن كان غير مستقر استقراراً تاماً فلا تجب فيه زكاة، إلا أنه من سائر الديون، قد يقول قائل: إن هذا الرقيق بصدد أن يعجز نفسه في أي لحظة، فهو رقيق، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم، هذا من وجهة نظر الإمام مالك أنه يقام عن هيئته تلك التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ، يعني كاملاً.
"فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة" إن كانت القيمة يعني قيمة العبد لو بيع أقل مما بقي عليه من الكتابة، يعني لو حرج عليه وباع مع التركة فهو مكاتب بعشرة آلاف، كل شهر ألف، أدى منها خمسة وبقي خمسة، لو بيع نقد ما جاب خمسة "فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة وضع ذلك في ثلث الميت، ولم ينظر إلى عدد الدراهم التي بقيت عليه" يعني يجيب أربعة نقد، ما ينظر إلى أن عليه من الدراهم خمسة من نجوم الكتابة "وذلك أنه لو قتل لم يغرم قاتله إلا قيمته يوم قتله" لا يضمن إلا أربعة، ما يقال: والله هو مكاتب بعشرة فتغرم عشرة، وأدى منها خمسة وبقي منها خمسة تغرم عشرة؛ لأن كتابته ... ؛ لأن المكاتبة كالدين ينظر فيها إلى الأجل، لو أن شخصاً عنده بيت اشتراه بخمسمائة ألف، وهذه قيمته ما تزيد، لو قوم ما زادت قيمته على خمسمائة ألف، وجاءت مصلحة حكومية واستأجرته بمائة ألف مثلاً، ثم اعتدى شخص على هذا البيت وعابه، أو سعى إلى مغتصب يغتصبه، المقصود أنه أذهب منافعه بالكلية، هل نقول: تضمن القيمة التي يستحقها خمسمائة ألف أو نقول: البيت مؤجر بمائة ألف فلا يكفي خمسمائة ألف؟ لأن المائة ألف في الغالب ريع المليون، أنت تضمن لأنه مؤجر بكذا، دعونا من البيت التي لا تذهب عينه مثلاً لو ذهب بناؤه بقيت أرضه.

(151/2)


لو سيارة مثلاً أو آلة ثمينة نفيسة أتلفها، وهذه الآلة مؤجرة بأكثر مما تستحقه في الظروف العادية، فهل نقول: ينظر إلى الأجرة أو إلى قيمته الحقيقية؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب هو حرمه من إيجار الضعف، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه أجل، لكن الآن هذا الذي تسبب لهذه المدرسة وأتلفها، أو لهذه السيارة المؤجرة بضعف ما تستحق وأتلفها، يعني إذا كان صاحبها لا يريد أن يبيعها بهذا الثمن؛ لأنه أجرها، يلزم بذلك؟ أو تقوم على أن هذه قيمتها وينظر إلى أجرتها فيزاد بنسبته، لا يزاد الضعف مثلاً، إنما يزاد ما يغلب على الظن أنها تستمر أجرتها فيه؟ احتمال بعد سنة سنتين يطلعون، فتضاف نسبة هاتين السنتين أو الثلاث بحيث لو خرجوا منها يمكن ما تسوى خمسمائة، يمكن تسوى أربعمائة، تحتاج إلى مائة ترميم مثلاً، فيقال: ينظر في الأجرة مع القيمة الحقيقية، وما يؤول إليه الحال، فتقوم من هذه الحيثيات كلها.
وهنا العبد إذا اعتدي عليه فإنما يقوم بقيمته الراهنة، ما يقال: إنه بنجوم عشرة آلاف؛ لأنه ينظر إلى الأجل، فينظر إلى قيمته الحقيقية، ويكون حسابها بالنسبة للوصية.
"وذلك أنه لو قتل لم يغرم قاتله إلا قيمته يوم قتله، ولو جرح لم يغرم جارحه إلا دية جرحه يوم جرحه" يعني لو اعتدى عليه قتل هل نقول: إن هذا باعتبار المآل حر، فعليك دية حر، أو باعتبار الحال أنه عبد، فعليك قيمة العبد؟ أو نقول: كل شيء بحسابه، أدى نصف النجوم فيبقى نصف حر، فيغرم نصف قيمة عبد ونصف دية حر؟ إذا تصورنا أن الحر بمائة ألف ديته، وقيمة العبد خمسين ألف، نقول: يلزمك خمسة وسبعين ألف؛ لأنه نصف حر، نقول كذا وإلا لا؟ ما نقول، لماذا؟ لأنه عبد ما بقي عليه درهم.

(151/3)


"ولا ينظر في شيء من ذلك إلى ما كوتب عليه من الدنانير والدراهم" ما ينظر إلى أنه كوتب على هذا المبلغ وأدى منه ما أدى "لأنه عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته أقل من قيمته لم يحسب في ثلث الميت إلا ما بقي عليه من كتابته" لو كوتب على عشرة آلاف أدى ثمانية بقي ألفان، وقوم بأربعة آلاف ما الذي يحسب من الثلث؟ الألفان فقط، يقول: "وإن كان الذي بقي عليه من كتابته أقل من قيمته لم يحسب في ثلث الميت إلا ما بقي عليه من كتابته، وذلك أنه إنما ترك الميت له ما بقي عليه من كتابته، فصارت وصية أوصى بها".
قال مالك: "وتفسير ذلك أنه لو كانت قيمة المكاتب ألف درهم، ولم يبق من كتابته إلا مائة درهم، فأوصى سيده له بالمائة درهم التي بقيت عليه حسبت له في ثلث سيده فصار بها حراً" يعني لو كانت الوصية هذه المائة للمكاتب نفسه، لو كانت وصية الميت للمكاتب، وثلث المال مثلاً خمسمائة، وبقي عليه من نجومه مائة، يصير حراً ويأخذ أربعمائة؛ لأن الثلث أوصي للمكاتب، وبقي من نجومه مائة، والوصية خمسمائة، وكلها للمكاتب يعتق ويعطى من المال أيضاً أربعمائة.
"قال مالك في رجل كاتب عبده عند موته" بحيث لا يتمكن العبد من أداء ولا نجم واحد، كاتبه عند موته: "إنه يقوم عبداً فإن كان في ثلثه سعة لثمن العبد جاز له ذلك" لأنه إذا كان ثلثه ألف، وقوم العبد بألفين، الثلث ألف وقوم العبد بألفين، وكاتب على الألفين، يقول في رجل كاتب عبده عند موته: "إنه يقوم عبداً فإن كان في ثلثه سعة لثمن العبد جاز له ذلك" يعني إن كان قيمة العبد تساوي الثلث أو أقل جاز له ذلك، وإن كانت أكثر لا يجوز له ذلك؛ لأنه لا يملك إلا الثلث.
"قال مالك: وتفسير ذلك أن تكون قيمة العبد ألف دينار فيكاتبه سيده على مائتي دينار عند موته، فيكون ثلث ماله ألف دينار فذلك جائز" لأنها أقل من الثلث "وذلك جائز له، وإنما هي وصية أوصى له بها في ثلثه، فإن كان السيد قد أوصى لقوم بوصايا، وليس في الثلث فضل عن قيمة المكاتب بدئ بالمكاتب؛ لأن الكتابة عتاقة، والعتاقة تبدّأ على الوصايا".

(151/4)


يعني لو قال: ثلث مالي لطلاب العلم، فأوصى لطلاب العلم بما فيهم المكاتب هذا، فالمكاتب يحرر قبل نصيب طلاب العلم؛ لأن الشرع يتشوف إلى الحرية.
"ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب يتبعونه بها" يعني يحرر ثم يتبعونه بما كوتب عليه، مما يستوعبه الثلث، طلاب العلم هل نقول: إنهم يعطون من النقود الحاضرة والمكاتب تلغى الكتابة؛ لأنها بأكثر من الثلث، أو نقول: يُبَدّأ المكاتب ويحرر ثم أرباب الوصايا يرجعون إليه بما كوتب عليه إذا كانت بحدود الثلث؟
"ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب يتبعونه بها، ويخير ورثة الموصي فإن أحبوا أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم كاملة وتكون كتابة المكاتب لهم فذلك لهم، وإن أبوا وأسلموا المكاتب وما عليه إلى أهل الوصايا فذلك لهم" يعني يخير ورثة الموصي بأن يدفعوا للموصى لهم من مال الميت من إرثهم بقدر الوصية وهم يتبعون المكاتب بنجوم الكتابة فالأمر لا يعدوهم، وإن قالوا: لا والله إحنا ما إحنا مطلعين الدراهم اللي بأيدينا، وأهل الوصايا يتبعون المكاتب فالأمر أيضاً إليهم.
"لأن الثلث صار في المكاتب، ولأن كل وصية أوصى بها أحد، فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له، فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم" الآن الوصية تقدم على الإرث وإلا تؤخر؟
طالب: تقدم.
تقدم، {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(12) سورة النساء] الحقوق المتعلقة بالتركة الرابع منها الوصية فهي مقدمة على الإرث، كيف نقول: إن الورثة يخيرون ولا يخير الموصى لهم والوصايا مقدمة على الإرث؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، افترضنا أن الوصية بقدر نجوم الكتابة، ثلث نجوم الكتابة بقدر الوصية، وأوصى لطلاب علم وخيرنا الورثة، قالوا: نبي المال الذي بأيدينا، والموصى لهم يتبعون المكاتب، والأمام مالك يقول: ذلك لهم، صح وإلا لا؟ هذا إلى الورثة، مع أن المعروف عند أهل العلم أن الحق الرابع من الحقوق المتعلقة بالتركة الوصايا والخامس الإرث، وهو منطوق الكتاب.

(151/5)


يفرع على هذا لو أن الميت له أموال حاضرة، نقود ذهب وفضة جاهزة، وله عروض، وله ديون، وأوصى بثلث ماله، وقال الورثة: نريد النقود، العروض والديون هذه للوصايا، الأمر لهم وإلا لا؟ إذاً كيف الإمام مالك قدم حق الورثة على الوصايا؟
طالب:. . . . . . . . .
الوصايا، هل قيمة الكتابة تختلف عن الدين؟ أنت افترض أن الكتابة خمسين ألف، نجوم كل شهر ألفين وخمس على عشرين شهر، جيد، أو قسط سيارة بخمسين ألف، كل شهر ألفين ونصف، في فرق وإلا ما في فرق؟ هل نقول: إن الوصايا لها الأقساط، والأموال غير الجاهزة، والأموال الجاهزة المصفاة للورثة؟ أو نقول: إنهم يتحاصون؟ الورثة لهم نصيب من هذا ونصيب من هذا، والوصية لها نصيب من هذا ونصيب من هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا يزيد الإشكال ترى، يعني لو حول، لو قال الورثة: ما نبي المكاتب، نبي الأموال الجاهزة، لهم ذلك وإلا ما لهم؟ على كلام الإمام؟ لهم ذلك، افترض أنه في آخر القسط قال: أنا والله عاجز، يعود رقيق؟ يعني هل هذا من مصلحة الوصايا أو ليس من مصلحتها؟ من مصلحة الموصى لهم وإلا ما هو من مصلحتهم؟ يعني ما بقي عليه إلا نجم أو نجمين ويعود إليهم كامل، يبيعونه بقيمته الكاملة، يعني في حال الرقيق لن يتضرروا، إن أدى النجوم وإلا عادت إليهم، العادة الرقيق كامل، في حال تقسيط السيارة قد يذهب المال ولا يرجع إليهم شيء، قد يقول قائل: ترجع إليهم السيارة، والسيارة ما تسوى شيء، بعد مدة طويلة ما تسوى شيء، بخلاف الرقيق فإنه يعني أسوأ الاحتمالات أن يعود إليهم كامل، يعني أن يعجز نفسه، يقول: والله ما أستطيع أسدد، فيعود إلى مكانه، وهذا لا شك أنه من مصلحة الوصية، ففرق بين هذا وهذا.
طالب: هنا الإشكال لماذا قدم الوصية هنا؟

(151/6)


يمكن هذا مذهبه، أنا ما أدري عن مذهب الإمام مالك في هذا، احتمال أن يكون تقديم الإرث على الوصايا؛ لأن وجه تقديم الإرث لا شك أن الوصايا مقدمة بالنص، والدين مقدم حتى على الوصايا، والدين المتعلق بعين التركة مقدم حتى على الديون المطلقة، ومئونة التجهيز مقدمة على الجميع، هذا الترتيب المعروف عند أهل العلم، لكن كأنه لا يرى يعني في مسألة العبد على وجه الخصوص يقدم حق الورثة على الوصايا؛ لأن الوصايا لا تتضرر بوجه من الوجوه، لا تتضرر، اللهم إلا أن تضررها بتأخر المبالغ فقط، وإلا أسوأ الاحتمالات أن يعجز نفسه ويعود كامل لهم، لكن لو كان مثلاً سلعة أخرى تنقص كثيراً بالاستعمال، أو مماطل أو شخص مات، دين على شخص مات انتهت ذمته، ذمة غير قابلة، ولا من الزكوات يسددون، هذا يختلف اختلاف كبير عن العبد، لكن ألا يقول قائل: إنهم لو اختار الورثة المال، وتركوا المكاتب للوصايا ومات المكاتب يعود الإشكال وإلا ما يعود؟ نعم؟ يعود الإشكال، فينظر في مذهب الإمام -رحمه الله- في تقديم الوصية على الإرث، ولا شك أنه من حيث النظر أن الإرث مفروض بالكتاب لكل وارث نصيبه، والوصية منها الواجب، ومنها المستحب، فإن كان -رحمه الله- نظر إلى هذا، ولا إخاله ينظر مثل هذا النظر مع قول الله -جل وعلا-: {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(12) سورة النساء] {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(11) سورة النساء] {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(12) سورة النساء] يعني كُررت مراراً، فدل على أن الوصية أهم من الإرث.

(151/7)


يقول: "لأن الثلث صار في المكاتب؛ ولأن كل وصية أوصى بها أحد فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له، قال: فإن ورثته يخيرون، فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم، فإن أحببتم أن تنفذوا ذلك لأهله على ما أوصى به الميت وإلا فأسلموا أهل الوصايا ثلث مال الميت كله" هذا ميت عنده أموال، وعنده عقارات، وعنده عمائر مستغلة، فأوصى بعمارة ثمينة، قال: هذه ثلث مالي، لما مات الميت قالوا: لا، هذه أكثر من الثلث، ولا نرضى بالوصية بأكثر من الثلث، الأمر لهم وإلا لا؟ الأمر لهم فيما زاد على الثلث إذا ادعوا ذلك، نقول: كم تقومونه، الآن ثلث الرجل مليون، وأوصى بهذه على حسب ظنه أنها مليون، ثلث ... ، قالوا: لا، هذه تسوى مليون ونصف، يقال: خذوا المليون ونصف وأعطوهم من ثلث التركة مما عندكم، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ لأنه يقول: "لأن كل وصية أوصى بها أحد، فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له" القدر الزائد على الثلث ليس له "فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم، فإن أحببتم أن تنفذوا ذلك لأهله على ما أوصى به الميت، وإلا فأسلموا أهل الوصايا ثلث مال الميت كله" يعني مما عندكم، ومثل هذا يقال للورثة بعضهم مع بعض، يعني حين القسمة قسمة العقار يعني الأموال ما فيها إشكال يمكن قسمتها بدقة، لكن قسمة العقار عنده عشر أراضي؛ لأنه وجد من عنده ألوف من الأراضي بصكوكها، هذا عنده عشر أراضي، وعنده خمسة أولاد وزوجة وبنتين وكذا، وعند عمارة، وعنده كذا، ومزرعة، وأموال، الأموال تقسم بدقة، لكن الأراضي، يعني لو قسموا الأراضي، وادعى واحد أن هذه الأرض أغلى قيمة من غيرها، نقول: كم تثمنها؟ إذا قال: بكذا، قل: خذها بهذا المبلغ الذي ثمنتها به، إذا رضي مشاركوه، ولذلك من يقسم يخير، إيش معنى هذا؟ الذي تولى القسمة يخير شريكه، من أجل إيش؟ أن يتحرى في قسمته؛ لأنه إذا خير يبي يفوته الأغلى، وهذا الذي ادعى أنها أكثر، وهي في الحقيقة أقل عند غيره، يقال له: خذها.
لماذا يقول أكثر؟ من أجل أن يزاد مبلغ من المال، فإذا قيل له: خذها ما تطاول على مثل هذا.

(151/8)


قال: "فإن أسلم الورثة المكاتب إلى أهل الوصايا كان لأهل الوصايا ما عليه من الكتابة، فإن أدى المكاتب ما عليه من الكتابة أخذوا ذلك في وصاياهم على قدر حصصهم، وإن عجز المكاتب كان عبداً لأهل الوصايا" يعني هل بإمكانه أن يقول الورثة: نحن وإياكم فيه شركاء؛ لأن قيمته أكثر من الثلث، هم دفعوه بطوعهم واختيارهم، برضاهم دفعوه.
قال: "وإن عجز المكاتب كان عبداً لأهل الوصايا لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروا؛ ولأن أهل الوصايا حين أسلم إليهم ضمنوه؛ فلو مات لم يكن لهم على الورثة شيء" والغنم مع الغرم، والخراج بالضمان "وإن مات المكاتب قبل أن يؤدي كتابته وترك مالاً هو أكثر مما عليه فماله لأهل الوصايا" لأنهم قبلوه، والورثة تركوه بطوعهم واختيارهم "وإن أدى المكاتب ما عليه عتق، ورجع ولاؤه إلى عصبة الذي عقد الكتابة" يعني أهل الوصايا لهم ولاؤه؟ لا، ليس لهم ولاؤه، إنما الولاء لمن أعتق، وفي حكمه من كاتب.
"قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم، فيضع عنه عند موته ألف درهم، قال مالك: يقوم المكاتب فينظر كم قيمته، فإن كانت قيمته ألف درهم، فالذي وضع عنه عشر الكتابة" يقوم المكاتب، الآن في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم، هذه نجوم الكتابة وإلا دين؟
طالب: دين.

(151/9)


نعم، ألا يحتمل أنه بعد ما كاتبه أعطاه مبلغاً يتجر به مضاربة مثلاً؟ أو أي تصرف من التصرفات؟ لأنه يقول: "في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم، فيضع عنه عند موته ألف درهم" لكن الذي يظهر من السياق اللاحق أن العشرة آلاف نجوم الكتابة، بدليل قول مالك -رحمه الله-: "يقوم المكاتب فينظر كم قيمته، فإن كانت قيمته ألف درهم، فالذي وضع عنه عشر الكتابة، وذلك في القيمة مائة درهم وهو عشر القيمة فيوضع عنه عشر الكتابة فيصير بذلك إلى عشر القيمة نقداً، وإنما ذلك كهيئته لو وضع عنه جميع ما عليه، ولو فعل ذلك لم يحسب في ثلث مال الميت إلا قيمة المكاتب ألف درهم، وإن كان الذي وضع عنه نصف الكتابة حسب في ثلث مال الميت نصف القيمة، وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فهو على الحساب" يعني هو ما يسوى إلا مائة درهم، وكوتب على ... ، ما يسوى إلا ألف درهم، وكوتب على عشرة آلاف، نعم، يعني قوله: فالذي وضع عنه عشر الكتابة، دليل على أن الكتابة كم؟ عشرة آلاف، وذلك في القيمة مائة درهم وهو عشر القيمة، قيمة الكتابة، فيوضع عنه عشر الكتابة فيصير ذلك إلى عشر القيمة نقداً، الآن وضع عنه عشر الكتابة، ثم بعد ذلك مات أو أعجز نفسه، ثم بعد ذلك مات، كم الذي يحسب؟ من عفو السيد؟ الآن الكتابة انتهت، عندما أعجز نفسه انتهت الكتابة، ينظر إليه على أنه عبد أعجز نفسه، على أنه عبد كم قيمته؟ بدل عشرة آلاف نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يُقوّم، عَرَض هو، يقوم، خمسة آلاف، نقول: المعفو عنه خمس القيمة، ألفين، المعفو عنه نصف القيمة، أو العكس؟ العكس، إذا قُوّم بخمسة آلاف قلنا: يدفع من قيمته، يكون عليه أربعة آلاف وخمسمائة؛ لأن الخمسمائة هي عشر الخمسة التي كانت ألف عشر العشرة، يعني لو قُوّم بألف كان المعفو عنه كم؟ مائة، بألفين المعفو عنه مائتين وهكذا.

(151/10)


"قال مالك في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم فيضع عنه عند موته ألف درهم، قال مالك: يقوم المكاتب فينظر كم قيمته؟ فإن كانت قيمته ألف درهم، فالذي وضع عنه عشر الكتابة، وذلك في القيمة مائة درهم، وهو عشر القيمة، فيوضع عنه عشر الكتابة فيصير ذلك إلى عشر القيمة نقداً، وإنما ذلك كهيئته لو وضع عنه جميع ما عليه، ولو فعل ذلك لم يحسب في ثلث مال الميت إلا قيمة المكاتب ألف درهم" ما يحسب على الثلث عشرة آلاف، نعم، ما يحسب على الثلث عشرة آلاف باعتبار أن النجوم هو رضي بها؛ لأنها منجمة وميسرة، فلا يحسب على الثلث؛ لأنه يجتاحه، ويصير في حيف على الثلث، وإنما يحسب عشر قيمته.
"ولو فعل ذلك لم يحسب في ثلث مال الميت إلا قيمة المكاتب ألف درهم، وإن كان الذي وضع عنه نصف الكتابة حسب في ثلث مال الميت نصف القيمة، وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فهو على الحساب".
"قال مالك: إذا وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم من عشرة آلاف درهم، ولم يسم أنها من أول كتابته أو من آخرها وضع عنه من كل نجم عشره".
كاتبه على عشرة آلاف، وسامحه بألف، وما قال: القسط الأول النجم الأول، النجم الثاني، النجم العاشر، لا، يكلف بدفع تسعمائة في كل نجم، يكون الألف مشاع بين النجوم.
"قال مالك: ولو وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم من أول كتابته أو من آخرها، وكان أصل الكتابة على ثلاثة آلاف درهم قوم المكاتب قيمة النقد، ثم قسمت تلك القيمة فجعلت لتلك الألف التي من أول الكتابة حصتها من تلك القيمة بقدر قربها من الأجل وفضلها، ثم الألف التي تلي الألف الأولى بقدر فضلها أيضاً، ثم الألف التي تليها بقدر فضلها أيضاً ثم يؤتى على آخرها" إيش معنى هذا الكلام؟
طالب:. . . . . . . . .

(151/11)


أقل؛ لأنه أقرب، نعم، الآن في المعاملات اليوم يقول لك مثلاً التاجر أو البنك أو المؤسسة: أنا أدين الناس بنسبة خمسة بالمائة، تبي دين مدة خمس سنوات، يعطيك الخمس السنوات بخمسة بالمائة؟ لا، لكل سنة، فالأولى الخمسة بالمائة، الثانية عشرة بالمائة، الثالثة خمسة عشر وهكذا، وبالعكس لو استدنت سيارة منه على هذا الأساس، خمسين ألف، أو مائة ألف على خمس سنوات، السنة الأولى خمسة بالمائة، الثانية عشرة، الثالثة عشرة، أنت بعد سنة رجعت السيارة، ويش لون يحاسب عليك؟ النقص في السيارة؟ العكس، يأخذ عنك عن الشهر الأول، كم القسط ألفين مثلاً؟ يأخذ خمسة عشر ألف في الشهر الأول؛ لأن استعمال السيارة في الشهر الأول ينزل من قيمتها هذا المبلغ، هذا متعارف عليه، الشهر الثاني اثنا عشر ألف، الثالث: تسعة آلاف، وهكذا يعني طرداً وعكساً المسألة ماشية، طرداً وعكساً، وبهذا نفهم كلام -رحمه الله-.
"ثم الألف التي تليها بقدر فضلها أيضاً، ثم يؤتى على آخرها تفضل كل ألف بقدر موضعها" يعني بقدر قربها من الأجل وبعدها "في تعجيل الأجل وتأخيره؛ لأن ما استأخر من ذلك كان أقل في القيمة" يعني أيهما أغلى عليك الدراهم التي تدفع لك بعد شهر أو بعد شهرين، أو بعد ثلاثة أو بعد سنة؟ بعض الناس يظن الأجل كالمجان، يعني تقول له: ادفع قيمة هذه السيارة خمسين ألف، وإلا بمائتين ألف بعد عشر سنين؟ يقول: لا، بعد عشر سنين كأنها مجان، بعض الناس ما يقدر هذه الأمور بقدرها، المهم أن الحاجة تنقضي، فبقدر قربها تكون قيمتها أعلى.
"لأن ما استأخر من ذلك كان أقل في القيمة، ثم يوضع في ثلث الميت قدر ما أصاب تلك الألف من القيمة على تفاضل ذلك إن قل أو كثر فهو على هذا الحساب".
قد يقول قائل: إحنا لنا مدة طويلة في المكاتب والرقيق والعبد ولا وجود له، ومسائل متعبة، ولا فيها شيء مرفوع، حتى ولا آثار، كلها من كلام الإمام مالك، بعض الناس يقلل من قيمة هذا الكلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(151/12)


مسألة الوقوع بيقع -إن شاء الله-، وبيعود عز الإسلام بإذن الله كما بدأ، لكن مع ذلك ما في هذا رياضة عقلية تورث الإنسان فقه نفس؟ بلا شك، يعني على مثل هذا الكلام يتربى طلاب العلم، ولو لم يكن له واقع عملي، ولو قلنا: الرجال كيف يدرسون كتاب الحيض؟ والنساء تدرس كتاب الجهاد؟ ويش الفائدة؟ فلا بد أن يقرأ العلم بكامله، يأخذ التصور التام عن العلم بجميع أبوابه؛ لأن بعض الناس يقلل من قيمته، ويش الفائدة؟ قيل وقال، وفعلنا، وعشر، ورايح وجاي، كلام طويل ما لنا فيه مصلحة، إلا لك فيه مصلحة، يعني تستطيع أن تطبق مثل هذا الفهم على سائر أبواب الدين، لو تولدت عندك الملكة الفقهية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا إذا ترك يعني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الأمر لا يعدوه.

(151/13)


"قال مالك في رجل أوصى لرجل بربع مكاتب أو أعتق ربعه فهلك الرجل ثم هلك المكاتب، وترك مالاً كثيراً أكثر مما بقي عليه" في رجل أوصى لرجل بربع مكاتب، يعني بربع نجوم الكتابة "أو أعتق ربعه فهلك الرجل" من الرجل الذي هلك؟ في رجل أوصى لرجل عندنا اثنين، موصي وموصى له "فهلك الرجل" الموصي أو الموصى له؟ لأن النكرة إذا أعيدت معرفة كانت عينها {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [(15 - 16) سورة المزمل] الرسول هو الرسول ذا، وهنا يقول: "في رجل أوصى لرجل بربع مكاتب أو أعتق ربعه فهلك الرجل ثم هلك المكاتب، وترك مالاً كثيراً أكثر مما بقي عليه، قال مالك: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب، ثم يقتسمون ما فضل" يعني ما بقي لهم على المكاتب، يعني يعطى الموصى له ما أوصي له به من نجوم ما بقي لهم على المكاتب من تركة الميت، الآن كاتبه على اثنا عشر ألف، وأوصى لرجل بربع مكاتب، بثلاثة آلاف، ثم هلك المكاتب وهلك الموصي الموصى له كم يأخذ؟ يأخذ ثلاثة آلاف من تركة الميت، يعني على أن تكون في إطار الثلث فأقل، يقول: "يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب، ثم يقتسمون ما فضل، فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة ولورثة سيده الثلثان، وذلك أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، فإنما يورث بالرق" يورث بالرق، قال مالك، ويش معنى هذا الكلام؟
"قال مالك: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب" الآن هلك المكاتب وترك مالاً كثيراً أكثر مما بقي عليه، من هذا المال الكثير الذي تركه يقتسم، فيكون ثلثه للموصى له، والثلثان للورثة، يُعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب، ثم يقتسمون ما فضل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وترك مالاً كثيراً، هلك المكاتب وترك مالاً كثيراً أكثر مما بقي عليه.
طالب: يعني الذي ترك المال المكاتَب؟
المكاتب الذي ترك المال، إيه، إيه، ويش قلنا؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب: تركة السيد.

(151/14)


خلي تركة السيد الآن بقي عنده مال العبد، ما الذي فعل؟ قال مالك: "يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب" يأخذون ما بقي لهم.
طالب: من دين الكتابة؟
من دين الكتابة، من إيش؟ مما تركه المكاتب بعد موته.
"ثم يقتسمون ما فضل، فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة".
طالب: تقصد يا شيخ يأخذ الربع من الموصى له؟
وين؟ الآن الموصى له بربع الكتابة أخذ نصيبه، وأخذ ورثة السيد ما بقي لهم من نجوم الكتابة، من هذا المال الذي تركه المكاتب، ثم بعد ذلك يقتسمون ما فضل، المكاتب مكاتب بعشرة آلاف، أو اثنا عشر ألف، أوصي لشخص بربعها ثلاثة آلاف، هذا سدد كم؟ أربعة آلاف، ثم مات، والموصى له ...
طالب: الأربعة التي بعدها.
بربع المكاتب ثلاثة آلاف ما أخذ شيء، مات المكاتب وعنده عشرين ألف، يعطى الثلاثة، ويعطى الورثة بقية النجوم، كم؟
طالب: ستة.
كم سدد؟ سدد أربعة؟
طالب: خمسة.
خمسة، يأخذ خمسة، ثم بعد ذلك يقتسمون ما فضل، فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة، كيف يأخذ ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أوصى له بربع المكاتب، لا ربع ... ، ليش ما يأخذ ربع ما فضل؟ ليش يأخذ ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة؟
طالب: أوصى له بربع المكاتب.
هو أوصى له بربع المكاتب، وأخذ نصيبه، لكن قال بعد ذلك: فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أو أعتق، (أو) يحل الإشكال نعم، إذا قلنا: وأعتق ربعه يكون إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تأملوا معي، تأملوا.
طالب: فرق بين أوصى بربع المكاتب وإلا؟
يقول: أوصى بربع المكاتب وأعتق ربعه، فيكون لهم النصف، للورثة النصف، نصف ما بقي، والموصى له ثلث ما بقي، والفرق الذي بينهما يكون هو الربع، ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة، ولورثة سيده الثلثان، وذلك أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، فإنما يورث بالرق.
في إشكال وإلا ما في إشكال؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(151/15)


الربع ثلث الباقي من ثلاثة الأرباع، يكون الربع الباقي إذا تصورناه أرباع، إذا شلنا ربع يبقى ثلاثة أرباع، فيأخذ ثلث هذا الموصى له، والورثة يأخذون النصف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك انتهينا، نعم وأعتق.
طالب:. . . . . . . . .
"قال مالك في مكاتب أعتقه سيده عند الموت قال: إن لم يحمله ثلث الميت عتق منه قدر ما حمل الثلث" أعتقه سيده عند الموت، أراد أن يموت قال: فلان حر، فنظر الورثة فإذا فلان قيمته عشرة آلاف، والتركة خمسة وعشرين ألف، يعني أكثر من الثلث، قال: إن لم يحمله ثلث الميت عتق منه قدر ما حمل الثلث، إذا نظرنا إلى ... ، إذا ترك أربعة وعشرين ألف -خلوا المسألة تصير قابلة للقسمة- وقيمة العبد عشرة آلاف، العشرة ثلث الثلاثين، ثلث الأربعة والعشرين ثمانية، فيعتق منه أربعة أخماسه، ثمانية على عشرة "ويوضع عنه من الكتابة قدر ذلك، إن كان على المكاتب خمسة آلاف درهم، وكانت قيمته ألفي درهم نقداً، ويكون ثلث الميت ألف درهم عتق نصفه ويوضع عنه شطر الكتابة" وفي صورتنا يوضع عنه أربعة أخماس الكتابة.
"قال مالك في رجل قال في وصيته: غلامي فلان حر وكاتبوا فلاناً: تُبدّأ العتاقة على الكتابة" لأنها حرية فورية، والمكاتب عبد، فتبدأ العتاقة لأن بها تتم الحرية.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والسامعين والحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: المدبر
باب: القضاء في المدبر
حدثني مالك أنه قال: الأمر المجتمع عندنا فيمن دبر جارية له فولدت له ولداً بعد تدبيره إياها، ثم ماتت الجارية قبل الذي دبرها، إن ولدها بمنزلتها قد ثبت لهم من الشرط مثل الذي ثبت لها، ولا يضرهم هلاك أمهم، فإذا مات الذي كان دبرها فقد عتقوا إن وسعهم الثلث.

(151/16)


وقال مالك -رحمه الله-: كل ذات رحم فولدها بمنزلتها إن كانت حرة فولدت بعد عتقها فولدها أحرار، وإن كانت مدبرة أو مكاتبة أو معتقة إلى سنين أو مخدمة أو بعضها حراً، أو مرهونة، أو أم ولد، فولد كل واحدة منهن على مثال حال أمه، يعتقون بعتقها، ويرقون برقها.
قال مالك -رحمه الله- في مدبرة دبرت وهي حامل ولم يعلم سيدها بحملها: إن ولدها بمنزلتها، وإنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل، ولم يعلم بحملها.
قال مالك -رحمه الله-:
قال مالك في مدبرة.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله- في مدبرة دبرت وهي حامل ولم يعلم سيدها بحملها.
هي عندكم ولم يعلم؟
طالب: رواية.
نعم، مدبرة دبرت إن ولدها بمنزلتها.
طالب:. . . . . . . . .
ولم يعلم؟
طالب:. . . . . . . . .
ولم يعلم سيدها بحملها، إي معروف في الجارية، نعم.
أحسن الله إليك.
تثبت الجملة هذه يا شيخ؟
نشوفها مع الشرح.
قال مالك -رحمه الله- في مدبرة دبرت وهي حامل ولم يعلم سيدها بحملها: إن ولدها بمنزلتها، وإنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل، ولم يعلم بحملها.
قال مالك -رحمه الله-: فالسنة فيها أن ولدها يتبعها، ويعتق بعتقها.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: وكذلك لو أن رجلاً ابتاع جارية وهي حامل، فالوليدة وما في بطنها لمن ابتاعها اشترط ذلك المبتاع أو لم يشترطه.
قال مالك -رحمه الله-: ولا يحل للبائع أن يستثني ما في بطنها؛ لأن ذلك غرر يضع من ثمنها، ولا يدري أيصل ذلك إليه أم لا؟ وإنما ذلك بمنزلة ما لو باع جنيناً في بطن أمه، وذلك لا يحل له لأنه غرر.
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب أو مدبر ابتاع أحدهما جارية فوطئها فحملت منه وولدت قال: ولد كل واحد منهما من جاريته بمنزلته، يعتقون بعتقه، ويرقون برقه.
قال مالك -رحمه الله-: فإذا أعتق هو فإنما أم ولده مال من ماله يسلم إليه إذا أعتق.
يقول -رحمه الله تعالى-: