شرح الموطأ عبد
الكريم الخضير كتاب المدبر
المدبر: هو الرقيق الذي يعلق سيده عتقه على موته، يقول:
إذا مت ففلان حر، مدبر يعني دبر حياته، يعني خلف حياته،
بعد حياته.
باب القضاء في المدبر:
باب القضاء في المدبر يعني كيف يحكم؟ وما حكمه؟
طالب:. . . . . . . . .
ولده؟
(151/17)
طالب:. . . . . . . . .
كل الكلام في ولده، الكلام في ولده، لكن باعتبار أن الولد
يتبع تجوز الترجمة، لا مانع من أن يكون القضاء في المدبر
وولده تبعاً له، والكلام كله في ولده.
"حدثني مالك أنه قال: الأمر عندنا فيمن دبر جارية له" إذا
مت فهي حرة "فولدت له أولاداً بعد تدبيره إياها" يعني وقبل
موته "ثم ماتت الجارية قبل الذي دبرها إن ولدها بمنزلتها
قد ثبت لهم من الشرط مثل الذي ثبت لها" يعني يعتقون بموته؟
"إن ولدها بمنزلتها قد ثبت لهم من الشرط مثل الذي ثبت لها،
ولا يضرهم هلاك أمهم" يعني لا يؤثر عليهم "فإذا مات الذي
كان دبرها فقد عتقوا إن وسعهم الثلث" لماذا؟ لأن التدبير
حكمه حكم الوصية؛ لأنه معلق بالموت، ولا يملك من الوصية
إلا الثلث فأقل، كذلك لا يملك من التدبير إلا الثلث فأقل،
يقول: "إن وسعهم الثلث"، وقال مالك ... ، الآن هؤلاء الذين
ولدوا من جاريته هل هم أولاده أو أولاد غيره؟ أولاد غيره،
من حر أو من عبد؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا من عبد ما في إشكال، من حر؟
طالب: يتعبون أمهم.
يتبعون أمهم في الحرية والرق، لكن إن أشترطهم؟ يفيد الشرط
وإلا ما يفيد؟ لو لم يجد طول حرة فتزوج أمة، لا يجوز زواج
الحر بالأمة ...
طالب:. . . . . . . . .
الحر إذا لم يجد طول حرة يتزوج أمة، وإذا وجد طول الحرة
فإنه لا يجوز له أن يتزوج الأمة، لماذا؟ لأن أولاده أرقاء،
والولد يتبع أمه حرية ورقاً.
طالب:. . . . . . . . .
ورآه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الأكفاء في الدين يا أخي، المكافئة في الدين، ولذلك
لما عتقت بريرة خيرها النبي -عليه الصلاة والسلام- ستبقى
مع العبد أو لا تبقى؟ وترجم الإمام البخاري -رحمه الله
تعالى-: باب الأكفاء في الدين، وضباعة بنت الزبير بن عبد
المطلب بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام- تحت المقداد
وكان مولى، وفاطمة بنت قيس قال النبي -عليه الصلاة
والسلام-: ((انكحي أسامة)) مولى ابن مولى.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا الكلام كله لا أصل له، ولا فضل لأحد على أحد إلا
بالتقوى.
طالب:. . . . . . . . .
إذا اشترط حريته.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، النص ما فيه قيد.
(151/18)
"وقال مالك: كل ذات رحم فولدها بمنزلتها إن
كانت حرة فولدت" يعني أن الولد يتبع أمه حرية ورقاً، يتبع
خير أبويه ديناً "إن كانت حرة فولدت بعد عتقها فولدها
أحرار، وإن كانت مدبرة أو مكاتبة أو معتقة إلى سنين" يعني
مؤجل عتقها إذا جاء سنة كذا فهي حرة، يعني علق عتقها بسنين
معينة "أو مخدمة" يعني يعتقها على أن تخدمه "أو بعضها
حراً" يعني مبعضة، يعني والبعض الثاني رق "أو مرهونة أو أم
ولد، فولد كل واحدة منهن على مثال حال أمه" يعني الولد
مدبر، مكاتبة الولد مكاتب، معتقة إلى سنين الولد معتق إلى
سنين، أو مخدمة كذلك، أو بعضها حر، الولد مبعض، مرهونة
الولد مرهون، أم ولد يصير الولد أم ولد؟ كل واحدة منهن على
مثال حال أمه، تصير البنت أم ولد حكمها حكم الولد تعتق
بعتق أمها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
فولدت بعد عتقها فولدها أحرار ... إلى آخره.
"يعتقون بعتقها، ويرقون برقها".
"قال مالك في مدبرة دبرت وهي حامل: إن ولدها بمنزلتها،
وإنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل، ولم يعلم
بحملها" الآن هذه حامل، النماء متصل أو منفصل؟
طالب:. . . . . . . . .
حامل هي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
متصل، لكن لو كان ولدها مولود معها يمشي قلنا: إيش؟ منفصل،
والمتصل له حكم، والمنفصل له حكم.
"في مدبرة دبرت وهي حامل: إن ولدها بمنزلتها -يكون مدبراً-
وإنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل، ولم يعلم
بحملها" القيد هذا "لم يعلم بحملها" هل هو للجملة الأخيرة
فقط أو للجملتين معاً كما تدل عليه بعض النسخ؟ وهل له
مفهوم أو لا مفهوم له؟ وإذا لم يعلم بحملها يتصور أنه يكون
حكمه حكم أمه، لكن إذا علم بحملها وسكت، لم يستثنه، حكمه
حكم أمه؛ لأنه نماء منفصل يتبع أمه، وأما إذا علم به
واستثناه له ذلك أو ليس له ذلك؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً ما فائدة لم يعلم بحملها؟
طالب:. . . . . . . . .
(151/19)
عندنا هل القيد لم يعلم بحملها له مفهوم
وإلا مفهوم له؟ يعني له مفهوم موافقة وله مفهوم مخالفة،
مفهوم الموافقة أنه إذا علم وأجراه مجرى أمه أنه من باب
أولى، إذا علم بحملها واستثناه هذا له مفهوم مخالفة، لكن
هل القاعدة أن المولود يتبع أمه حرية ورقاً على إطلاقها؟
أو ما دام متصلاً بها؟ إذا انفصل، رجل اشترى جارية، ومعها
ولد ابن عشرين سنة، وباع الولد بمفرده، وأعتق الأم، هل
نقول: يعتق الولد عليه لأنه أعتق أمه؟ لا، ما يعتق عليه.
طالب: لو بقي معه؟
لو بقي عنده في بيته ما أعتقه، يعتق؟ لا يعتق.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو الجهالة بيتكلم عليها -رحمه الله-.
"قال مالك: فالسنة فيها أن ولدها يتبعها ويعتق بعتقها"
يعني ولدها المتصل.
"قال مالك: وكذلك لو أن رجلاً ابتاع جارية وهي حامل،
فالوليدة وما في بطنها لمن ابتاعها" اشترى ناقة وفي بطنها
حمل، اشترى شاة وفي بطنها حمل، الولد للبائع وإلا للمشتري؟
للمشتري "فولدها وما في بطنها لمن ابتاعها، اشترط ذلك
المبتاع أو لم يشترطه" لأن الشرط صحيح وإلا باطل؟ باطل،
لماذا؟ للجهالة والغرر، وقد نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، لو
قال: الولد لي، هذه في مسألة البيع لكن مسألة العتق؟ لو
أعتقها وقال: الولد لي؟ أما بالنسبة للبيع فالثنيا منهي
عنها إلا أن تعلم، وهذا مجهول فيه غرر وجهالة، فلا يصح
استعماله، هل يقال: إن المعتق محسن فلا يلزم بغير ما
التزم؟ أو نقول: إن الشرع يتشوف إلى العتق، وما دام أعتق
الأم والولد يتبع أمه حرية ورقاً يعتق عليه؟ أيهما؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه يقول مالك -رحمه الله-: "ولا يحل للبائع أن يستثني ما
في بطنها؛ لأن ذلك غرر يضع من ثمنها" يعني في مسائل البيع
الغرر مؤثر، لكن في مسائل الإرفاق مؤثر وإلا غير مؤثر؟ غير
مؤثر "ولا يدري أيصل ذلك إليه أم لا، وإنما ذلك بمنزلة ما
لو باع جنيناً في بطن أمه، وذلك لا يحل له؛ لأنه غرر" هذا
واضح، في مسائل البيع واضح، لكن في مثل هذه المسائل إرفاق،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، حتى ... ، لا يحل للبائع أن يستثني ما في بطنه.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
(151/20)
شوف أثره على القيمة، يعني هل المشتري
بيشتري بنفس القيمة بدون استثناء؟ إذاً الفرق بينهما هو
قيمة الحمل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما دخل على بصيرة، الكلام في البائع نفسه، هل المشتري
بيقدم على شراء الحامل مع ما في بطنها بنفس القيمة فيما لو
استثني الحمل؟ لا، لن يقدم، إذاً كم اللي يحسم؟ يبي يقول:
حامل بألف وخمس، وبدون حمل بخمس، هذه الخمس في مقابل الغرر
والجهالة تصح وإلا ما تصح؟ ما تصح، فلا تصح طرداً ولا
عكساً.
"وذلك لا يحل لأنه غرر".
"قال مالك في مكاتب أو مدبر ابتاع أحدهما جارية -يعني
اشترى- فوطئها فحملت منه وولدت قال: ولد كل واحد منهما من
جاريته بمنزلته، يعتقون بعتقه، ويرقون برقه" يعتقون بعتقه
فيما إذا أدى نجوم، أو أدت نجوم الكتابة "فحملت منه
وولدت".
"في مكاتب أو مدبر ابتاع أحدهما جارية، فوطئها فحملت منه
وولدت قال: ولد كل واحد منهما من جاريته بمنزلته، يعتقون
بعتقه، ويرقون برقه".
بمنزلته؛ لأنه مكاتب، إن سدد نجوم الكتابة عتق، وإن مات
سيده قبله يعني المدبر يعتق.
"قال مالك: فإذا أعتق هو فإنما أم ولده مال من ماله يسلم
إليه إذا أعتق" قال مالك: فإذا أعتق هو، اللي من؟
طالب: المدبر.
نعم اللي في أول أصل المسألة.
"فإنما أم ولده مال من ماله يسلم إليه إذا أعتق" يعني
يستلم الأم وولدها، على ما سيأتي في حكم بيع أمهات
الأولاد، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: جامع ما جاء في التدبير
قال مالك في مدبر قال لسيده: عجل لي العتق، وأعطيك خمسين
ديناراً منها منجمة علي، فقال سيده: نعم أنت حر، وعليك
خمسون ديناراً تؤدي إلي كل عام عشرة دنانير، فرضي بذلك
العبد، ثم هلك السيد بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة، قال
مالك -رحمه الله-: يثبت له العتق، وصارت الخمسون ديناراً
ديناً عليه، وجازت شهادته، وثبتت حرمته وميراثه وحدوده،
ولا يضع عنه موت سيده شيئاً من ذلك الدين.
(151/21)
قال مالك -رحمه الله- في رجل دبر عبداً له
فمات السيد، وله مال حاضر ومال غائب، فلم يكن في ماله
الحاضر ما يخرج فيه المدبر، قال: يوقف المدبر بماله، ويجمع
خراجه حتى يتبين من المال الغائب، فإن كان فيما ترك سيده
من ثلث المال مما يحمله الثلث عتق بماله، وبما جمع من
خراجه، فإن لم يكن فيما ترك سيده ما يحمله عتق منه قدر
الثلث، وترك ماله في يده.
يده وإلا يديه؟
وترك ماله في يديه.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع ما في التدبير
هكذا الترجمة؟
طالب:. . . . . . . . .
باب جامع؟
طالب:. . . . . . . . .
فيما جاء عندكم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: باب أو بابٌ جامعٌ؟
طالب:. . . . . . . . .
عندك ما جاء، الشروح، الشروح، معكم شرح؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا تكون من الشرح، يعني بعض الطباعين يرجع إلى الشروح
ويدخل ما كان خارج القوس، وإنما هو ذكر لمجرد التوضيح.
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن بعض الطباعين يعتمد على الشروح، ويراجع الشروح
أثناء الطبع، ثم يأتي بكلمة توضيحية من الشرح ويقحمها في
المتن، وهي مجرد توضيح.
طالب: إن صح التعبير ....
باب جامع ما جاء ما في التدبير، أو ما جاء في التدبير، أنا
أخشى أن تكون "جاء في التدبير" هذه متعلق الجار المجرور
إنما ذكرت من الشروح للتوضيح، وهذا يفعله كثير من اللي
يطبعون الكتب يتصرفون؛ لأن يقصدون التوضيح من أجل هذا.
على كل حال المعنى ما يختلف سواءً ذكر المتعلق أو لم يذكر.
"قال مالك في مدبر قال لسيده: عجل لي العتق" مدبر قال: إذا
مت فأنت حر، قال: الآن يا أخي أعتقني، وأعطيك خمسين منها
منجمة علي، كأنه قال: كاتبني على خمسين، بدلاً من أن أنتظر
عبد إلى أن تموت، والأعمار بيد الله ما يدري من يموت
أولاً، قال سيده: "نعم أنت حر، وعليك خمسون ديناراً تؤدي
إلي كل عام عشرة دنانير، فرضي بذلك العبد، ثم هلك السيد
بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة" لأنه اجتمع عندنا أمران:
تدبير وكتابة، فهل يستمر مكاتب إلى أن يتم ما عليه، ويحل
الورثة محل مورثهم؟ أو نقول: التدبير أقوى من الكتابة لأنه
أسرع في الحرية، وتبقى الكتابة دين من الديون عليه
باعتباره حر؟ نعم؟
(151/22)
"قال سيده: نعم أنت حر وعليك خمسون ديناراً
تؤدي إلي كل عام عشرة دنانير، فرضي بذلك العبد ثم هلك
السيد بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة، قال مالك: يثبت له
العتق" لأن العتق أقوى من الكتابة، والتدبير أقوى من
الكتابة؛ لأنه دون مقابل، وهو أسرع في الحرية، والشرع
يتشوف إلى الحرية "وصارت الخمسون ديناراً ديناً عليه،
وجازت شهادته -لأنه صار حراً- وثبتت حرمته" يعني بدلاً من
أن يكون رقيقاً له أحكام الأرقاء، لا شك أنه يكون حراً،
تثبت له جميع أحكام الحرية "وميراثه وحدوده" يعني يرث
ويورث، والرقيق لا يرث ولا يورث، إنما يورث بالولاء، ويورث
هو أيضاً باعتباره مال، وحدوده، ليست على النصف من حدود
الحر، صار كامل "ولا يضع عنه موت سيده شيئاً من ذلك الدين"
لماذا؟ لأن الدين انتقل من كونه للسيد إلى ورثته.
"قال مالك في رجل دبر عبداً له فمات السيد وله مال حاضر
ومال غائب، فلم يكن في ماله الحاضر ما يخرج فيه المدبر"
كيف يخرج فيه المدبر؟ يعني من الثلث؛ لأن حكم المدبر حكم
إيش؟ الوصية، قال: "يوقف المدبر بماله، ويجمع خراجه حتى
يتبين من المال الغائب، فإن كان فيما ترك سيده مما يحمله
الثلث عتق بماله" هو وماله حر "وبما جمع من خراجه، فإن لم
يكن فيما ترك سيده ما يحمله عتق منه قدر الثلث، وترك ماله
في يديه" يعتق منه قدر الثلث، ويبقى الثلثان رق، يورث عن
الميت "وترك ماله في يديه" لأنه يملك عند الإمام مالك،
وإلا عند الجمهور لا يترك ماله لأنه مال له، بل هو مال
لسيده، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(151/23)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب المدبر (1)
باب: الوصية في التدبير - باب: مس الرجل وليدته إذا دبرها.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم
الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية في التدبير
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن كل
عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه
يردها متى شاء، ويغيرها متى شاء، ما لم يكن تدبيراً، فإذا
دبر فلا سبيل له إلى رد ما دبر.
قال مالك -رحمه الله-: وكل ولد ولدته أمة أوصى بعتقها ولم
تدبر، فإن ولدها لا يعتقون معها إذا عتقت وذلك أن سيدها
يغير وصيته إن شاء، ويردها متى شاء، ولم يثبت لها عتاقة،
وإنما هي بمنزلة رجل قال لجاريته: إن بقيت عندي فلانة حتى
أموت فهي حرة.
قال مالك: فإن أدركت ذلك كان لها ذلك، وإن شاء قبل ذلك
باعها وولدها؛ لأنه لم يدخل ولدها في شيء مما جعل لها،
قال: والوصية في العتاقة مخالَفة للتدبير.
مخالِِفة.
أحسن الله إليك.
قال: والوصية في العتاقة مخالِفة للتدبير فرق بين ذلك ما
مضى من السنة.
قال مالك -رحمه الله-: ولو كانت الوصية بمنزلة التدبير كان
كل موص لا يقدر على تغيير وصيته، وما ذكر فيها من العتاقة،
وكان قد حبس عليه من ماله ما لا يستطيع أن ينتفع به.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: في رجل دبر رقيقاً له
جميعاً في صحته، وليس له مال غيرهم، قال: إن كان دبر بعضهم
قبل بعض بدئ بالأول فالأول حتى يبلغ الثلث، وإن كان دبرهم
جميعاً في مرضه فقال: فلان حر، وفلان حر، وفلان حر، في
كلام واحد، إن حدث بي في مرضي هذا حدث موت، أو دبرهم
جميعاً في كلمة واحدة، تحاصوا في الثلث، ولم يُبدّأ أحد
منهم قبل صاحبه، وإنما هي وصية، وإنما لهم الثلث يقسم
بينهم بالحصص، ثم يعتق منهم الثلث بالغاً ما بلغ، قال: ولا
يبدأ أحد منهم إذا كان ذلك كله في مرضه.
(152/1)
قال مالك -رحمه الله- في رجل دبر غلاماً له
فهلك السيد ولا مال إلا العبد المدبر وللعبد مال، قال:
يعتق ثلث المدبر، ويوقف ماله بيديه.
قال مالك -رحمه الله- في مدبر كاتبه سيده فمات السيد، ولم
يترك مالاً غيره، قال مالك -رحمه الله-: يعتق منه ثلثه،
ويوضع عنه ثلث كتابته، ويكون عليه ثلثاها.
قال مالك -رحمه الله- في رجل أعتق نصف عبد له وهو مريض فبت
عتق نصفه، أو بت عتقه كله، وقد كان دبر عبداً له آخر قبل
ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: يُبدّأ بالمدبر قبل الذي أعتقه وهو
مريض، وذلك أنه ليس للرجل أن يرد ما دبر، ولا أن يتعقبه
بأمر يرده به، فإذا عتق المدبر فليكن ما بقي من الثلث في
الذي أعتق شطره حتى يستتم عتقه كله في ثلث مال الميت، فإن
لم يبلغ ذلك فضل الثلث عتق منه ما بلغ فضل الثلث بعد عتق
المدبر الأول.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية في التدبير
المدبر: هو الذي يعلق عتقه بموت سيده، يعني عن دبر حياته،
الوصية في التدبير، ما الفرق بين الوصية والتدبير؟ وكيف
تكون الوصية في التدبير؟ نعم؟
الإمام -رحمه الله- من كلامه يظهر أنه يفرق بين الوصية
وبين التدبير، وأن له أن يغير في وصيته ما شاء، الوصية لا
تثبت إلا بالموت بخلاف التدبير، فهو كالعتق على شرط، كأنه
قال: إذا جاء رمضان ففلان حر، إذا مت ففلان حر، يعني إذا
علق العتق على شرط محقق، مر بنا مراراً أنه إذا علق الطلاق
على شرط محقق هل له أن يرجع في طلاقه قبل حلول الشرط؟ إذا
قال لزوجته: إذا جاء رمضان فهي طالق، له أن يرجع أو ليس له
أن يرجع؟ نعم؟ شرط محقق الوقوع، الجمهور على أنه ليس له أن
يرجع، الجمهور ليس له أن يرجع، بينما اختار بعضهم كشيخ
الإسلام ابن تيمية فيما نقله عنه صاحب الفروع والإنصاف أن
له أن يرجع ما لم يقع، يحضر الشرط، وها الفرق هنا أن
الوصية يرجع فيها، والتدبير لا يرجع فيه، الوصية لا يثبت
حكمها إلا بالموت، والتدبير عتق، إلا أنه معلق بشرط محقق
الوقوع، فلا يرجع فيه كالطلاق.
(152/2)
يبقى أنه قد يجامع الوصية في اعتبار الثلث،
فمن أعتق ستة من العبيد وهو لا يملك غيرهم عن دبر وهذه
المسألة وقعت في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، فباع
أربعة، وعتق اثنان، فليس له أن يعتق أكثر من الثلث، إذا
كانوا يستوعبون المال كله، وإذا كانوا يستوعبون نصف المال
يعتق منهم بقدر الثلث، ويعاد إلى المال السدس، فهناك فرق
بين الوصية والتدبير، فكيف تكون الترجمة بهذه الصيغة: باب
الوصية في التدبير؟ يعني التدبير يجامع الوصية من وجه
ويخالفها من وجه، يجامع الوصية باعتبار أنه لا يعتق إلا
بالموت، كالوصية لا تثبت إلا بالموت، فيجامعها في كونه لا
يزاد فيه على الثلث كالوصية، ويفارق الوصية بأنه لا يملك
الرجوع في التدبير، ويملك الرجوع في الوصية.
نشوف كلام الإمام -رحمه الله- يوضح.
يقول: "قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني عند أهل
بلده وفي مذهبه "أن كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها
في صحة أو مرض أنه يردها متى شاء، ويغيرها متى شاء، ما لم
يكن تدبيراً" إذا أوصى بالعبيد، إذا أوصى بهم وصية لا
تدبير، ولم يقل: إنهم يعتقون إذا مات، كيف يوصي كل عتاقة
أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها متى
شاء، ويغيرها متى شاء، يعني هل الوصية لهم أو بهم؟ الوصية
بهم إلى من؟ الموصى به العبيد، لكن الموصى لهم؟
طالب: الورثة.
لا، لا ما هو بالورثة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا الموصى إليه، الموصى لهم المستفيد من الوصية، يعني
إذا أوصى بثلث ماله لأعمال البر ووجوه الخير، وليكن منها
بعض العبيد، هؤلاء الموصى بهم، والموصى إليهم من يستفيد من
هذه الوصية، ولا يلزم من هذه الوصية أن يكونوا أحراراً،
إنما يدفعون إلى الموصى إليهم يتصرفون بهم، إن شاءوا
استرقوهم، وإن شاءوا أعتقوهم، وإن شاءوا كاتبوهم.
"أن كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض
أنه يردها متى شاء" لأن الوصية لا تلزم إلا بالموت
"ويغيرها متى شاء، ما لم يكن تدبيراً" يعني عتق عن دبر،
يعلق عتقهم بالموت "فإذا دبر فلا سبيل له إلى رد ما دبر"
مثلما قلنا في الطلاق: إذا علق على شرط محقق الوقوع.
(152/3)
"قال مالك: وكل ولد ولدته أمة أوصى بعتقها
ولم تدبر" أوصى بعتقها كيف أوصى بعتقها ولم تدبر؟ ما الفرق
بين من أوصي بعتقه وصية فيعتق بالموت؛ لأن الوصية تنفذ في
الموت، وقتها وقت لزومها الموت، أو يعتقها عن دبر؟
قال: "وكل ولد ولدته أمة أوصى بعتقها" إذا أوصى بعتقها
صارت قابلة للعتق وغير العتق، من أي وجه؟ ينظر فيها كسائر
الوصايا هل هي أكثر من الثلث أو أقل من الثلث؟ هل هي لوارث
أو لغير وارث؟ محل النظر، يمكن ترد، بينما لو دبر ما في رد
هنا، يعني هناك وجه تشابه بين من أوصي بعتقه وبين من دبر؛
لأن كل معلق بالموت، لزوم الوصية بالموت، والعتق إنما يكون
عن دبر بالموت، لكن الوصية محل للنظر من الموصي حيث أن له
أن يزيد وينقص ما لم يحن وقت اللزوم، الذي هو الموت، ومن
جهة النظر في الموصى به هل هو بالثلث فما دون، أو أكثر من
الثلث؟ فيرد ما زاد على الثلث، أما المدبر فلا نظر فيه،
يلزم من حين النطق، لكنه موقوت، العتق يلزم من حين النطق،
لكن نفوذه إنما هو بالموت.
"فإن ولدها لا يعتقون معها إذا عتقت" يعني مات، وهذه وصية،
ووجد أنها دون الثلث، فوصيته تلزم حينئذٍ، "ولكن ولدها لا
يعتقون معها إذا عتقت، وذلك أن سيدها يغير وصيته إن شاء،
ويردها متى شاء، ولم يثبت لها عتاقة، وإنما هي بمنزلة رجل
قال لجاريته: إن بقيت عندي فلانة حتى أموت فهي حرة" ما
الفرق بين أن يقول: إن بقيت عندي فلانة حتى أموت فهي حرة،
أو يقول: إذا مت فهي حرة؟
طالب:. . . . . . . . .
هو شرط على كل حال، علق عتقها بموته، إن بقيت عندي فلانة
حتى أموت فهي حرة.
طالب: يمكن يتصرف.
إيه لفظ البقاء، يعني لو تصرف فيها قبل ذلك ما صدق عليها
أنها بقيت حتى يموت، يعني الأثر في قوله: إن بقيت، يعني
مثلما قال: إن شاء الله كذا، إن شاء الله أفعل كذا، يعني
إن لم يفعل فالله -جل وعلا- ما شاء أن يفعل، فالتعليق بمثل
هذا الشرط لا يلزم منه النفوذ.
"قال مالك: فإن أدركت ذلك كان لها ذلك، وإن شاء قبل ذلك
باعها وولدها" وعلى هذا تكون ما بقيت "لأنه لم يدخل ولدها
في شيء مما جعل لها" ما قال: إن بقيت هي وولدها، ما أدخل
ولدها في التعليق.
(152/4)
قال: "والوصية في العتاقة مخالِفة للتدبير،
فرق بين ذلك ما مضى من السنة" ما الذي مضى من السنة؟ نعم؟
طالب: التدبر لا رجوع فيه.
أن التدبير لا رجوع فيه؛ لأنه عتق لازم، وجد سببه، وتأخر
وقته، هل يمكن أن يدخل في القاعدة: أنه مال له سبب وجوب
ووقت وجوب، يعني يلزمه من سبب الوجوب، يعني مثلما يقال في
زكاة الفطر، سبب الوجوب غروب شمس آخر يوم من رمضان، ووقت
الوجوب؟ نعم؟
طالب: بعد صلاة الصبح ....
ووقت الوجوب من بعد صلاة الصبح إلى صلاة العيد.
سبب الوجوب غروب شمس آخر يوم من رمضان، فتلزم زكاة الفطر
بغروب الشمس، وعلى هذا من ولد بعد غروب الشمس له حكم، ومن
مات قبل غروب الشمس له حكم، من مات قبل غروب الشمس تلزمه
زكاة الفطر وإلا ما تلزم؟ ما تلزم، لكن من ولد بعد غروب
الشمس تلزم وإلا ما تلزم؟ ما تلزم؛ لأنه بعد سبب الوجوب،
فسبب الوجوب العتق المعلق بدبر الحياة، ويختلف في هذا عن
الوصية، يعني العتق على شرط غير الوصية بالعتق.
قال: "ولو كانت الوصية بمنزلة التدبير كان كل موص لا يقدر
على تغيير وصيته، وما ذكر فيها من العتاقة وكان قد حبس
عليه من ماله ما لا يستطيع أن ينتفع به" يعني لو قدر أن
إنسان كتب وصيته، أوصى بثلث ماله، وعينه العمارة الفلانية،
والأرض الفلانية، وكذا وكذا، لا يستفيد منه، لو قيل: إنه
لا يغير ولا يبدل، وأن نفاذ الوصية من حين إبرام الوصية
والنطق بها، أو كتابة الوصية، وأنها لا تغير ولا تبدل، لا
يجوز له أن يتصرف؛ لأنه أخرجها من يده كالوقف، وفرق بين
الوقف وبين الوصية، الوقف يلزمه من حين النطق به، والوصية
إنما تلزم متى؟
طالب: بالموت.
بالموت.
يقول: "ولو كانت الوصية بمنزلة التدبير كان كل موصٍ لا
يقدر على تغيير وصيته، وما ذكر فيها من العتاقة وكان قد
حبس عليه من ماله ما لا يستطيع أن ينتفع به" ما دام أوصى
بها لا ينتفع بها، والمعروف مما مضى من السنة أن الموصي
ينتفع بما أوصى به مدة حياته، وله أن يزيد فيه وينقص في
إطار الثلث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(152/5)
كل ولد ولدته أمة أوصى بعتقها، ما يلزم،
يكون عبد، ما يلزم أن يكون منه، يمكن يكون عبد، كلهم عبيد
له، ما يلزم أن يكون السيد من الولد، لو كان من السيد ما
له علاقة، هو حر حر على كل حال، ما هو الكلام في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه من عبد، نعم.
"قال مالك في رجل دبر رقيقاً له".
أو من حر لا يملك طول الحرة؛ لأنه يتبع أمه في الرق.
"قال مالك في رجل دبر رقيقاً له جميعاً في صحته، وليس له
مال غيرهم إن كان دبر بعضهم قبل بعض بدئ بالأول فالأول حتى
يبلغ الثلث" لأن الحديث التي فيه ستة أعبد باع أربعة وأعتق
اثنين "حتى يبلغ الثلث، وإن كان دبرهم جميعاً -يعني دفعة
واحدة في مرضه- فقال: فلان حر، وفلان حر، وفلان حر" في
كلام واحد
"إن حدث بي في مرضي هذا حدث موت، أو دبرهم جميعاً في كلمة
واحدة تحاصوا في الثلث، ولم يبدأ أحد منهم قبل صاحبه،
وإنما هي وصية، وإنما لهم الثلث يقسم بينهم بالحصص، ثم
يعتق منهم الثلث بالغاً ما بلغ" يعني هل يعتق ثلث كل واحد
منهم، أو يعتق ثلثهم؟
طالب: كل واحد منهم.
تحاصوا في الثلث، لأنه يقول في الأصل: وليس له مال غيرهم،
هم جميع ما يملك، فهل نقول: يعتق ثلثهم؟ بمعنى إن كانوا
ثلاثة يعتق واحد؟ أو ستة يعتق اثنان، أو تسعة يعتق ثلاثة،
أو من كل واحد يعتق ثلثه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم في الحديث، الحديث نص، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
دفعة واحدة أعتق ستة عن دبر، دفعة واحدة في كلام واحد.
قال .... هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني كل واحد ثلثه وإلا ثلث المجموع؟
طالب: إذا كانوا ثلاثة كل واحد ثلثه.
أو يعتق واحد من الثلاثة؟
طالب: إذا تراضوا في ذلك.
نعم؟
طالب: في العتق ما يجوز.
ما في شيء اسمه مبعض؟
طالب: ….
لا هو إذا كان في شركاء ...
طالب: … ..
الرسول باع فيمن يزيد، باع أربعة وأعتق اثنين.
طالب: … ..
يتحاصون، قال: تحاصوا في الثلث، بمعنى أن كل واحد يعتق
منهم ثلثه.
"ولم يبدأ أحد منهم قبل صاحبه، وإنما هي وصية، وإنما لهم
الثلث يقسم بينهم بالحصص، ثم يعتق منهم الثلث بالغاً ما
بلغ" يعني الثلث من كل واحد منهم، ولو كانوا مائة، نعم.
(152/6)
قال: "ولا يبدأ أحد منهم إذا كان ذلك كله
في مرضه" لكن لو كان في الصحة يعتقون كلهم؟ ولو كانوا
يأتون على جميع المال؟
طالب: ….
نعم، صحيح كامل القوى، ما عنده أدنى مشكلة، يعني شخص أوقف
جميع ماله، شخص تصدق بجميع ماله، المسألة معروفة أنها
خلافية بين أهل العلم في حال الصحة، أما في حال المرض ما
يملك إلا الثلث، الثلث والثلث كثير، وقصة سعد ظاهرة في
هذا، وقصة أبي بكر لما جاء بجميع ماله وتصدق به ظاهرة عند
من يقول: إن له أن يتصدق بجميع ماله، ولو أوقف جميع ماله،
أو أعتق جميع عبيده ولا يملك غيرهم، وهو في حال الصحة ما
في ما يمنع عند جمع من أهل العلم، وقصة أبي بكر مع عمر
واضحة، ظاهرة في هذا حينما جاء أبو بكر بجميع ماله، لكنهم
مع ذلك يشترطون ألا يضيع من يمون، يضيع نفسه، ويضيع من
يمون، بأن يكون له سبب يكتسب به، فيعف به نفسه ومن تحت
يده، ويكون أيضاً عنده من التوكل واليقين ما يقيه من إفساد
أجره؛ لأن بعض الناس يأتي إلى هذه العزائم ثم بعد ذلك
يندم، ويتحدث، وأنا فعلت، وتركت، ولو أني فعلت، ولو أني
تركت، لو أني فعلت، بعض الناس يترك فعل الأسباب ما يعالج
مثلاً، ولا يسترقي، ثم في المجالس يقول: الحمد لله أنا
متوكل، ما فعلت، ولا تركت، ثم إذا زاد عليه المرض أخذ
يتسخط وليتي فعلت، وليتي سويت، مثل هذا أفضل له أن يباشر
الأسباب، والثاني أيضاً أفضل له أن يبقي من ماله ما يكفيه،
ويكفي ولده، المقصود أنهم يفرقون بين ما كان في زمن الصحة،
وما كان في زمن المرض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا أراد حرمان الورثة لا شك أنه يعامل بنقيض قصده.
طالب: عتاقته يا شيخ وقت صحته نافذة.
وين؟
طالب: العتاقة في حال الصحة.
لكن لو أعتقهم دفعة واحدة أكثر من الثلث؟
طالب: لا زال حي ...
اسمع يقول: "في رجل دبر رقيقاً له جميعاً في صحته، وليس له
مال غيرهم، إن كان دبر بعضهم قبل بعض بدئ بالأول فالأول
حتى يبلغ الثلث" يعني رأي الإمام مالك واضح أنه لا يتصرف
في أكثر من الثلث، ولو كان في حالة الصحة.
طالب: .... كلام الإمام مالك واضح الآن هل يوافق عليه؟
(152/7)
لا، الكلام الفرق بين حال الصحة يعني من
يحتج بفعل أبي بكر، يقول: ما في ما يمنعه أن يخرج من جميع
ما يملك، سواءً كان ذلك بصدقة أو بوقف منجز، ما في ما
يمنع، استدلالاً بقصة أبي بكر، لكن هم يشترطون أيضاً أن
تكون الحال مثل حال أبي بكر.
طالب: صعب ....
إيه صعب، أجل لا يترك الناس عالة بعد، ((كفى بالمرء إثماًَ
أن يضيع من يمون، أو يقوت)) على كل حال لا بد من مراعاة
هذه الأمور.
يعني لو أعدنا النظر في عبارة الإمام -رحمه الله-: "قال
مالك في رجل دبر رقيقاً له جميعاً في حال صحته" يعني هذا
يختلف عما لو أعتقهم مباشرة؛ لأن التدبير يقتضي أن ينتفع
بهم في حال حياته، ثم بعد ذلك يفوتهم على الورثة، يعني
كلام الإمام -رحمه الله- ليس على ما فهم بعضهم في أول
الأمر "دبر رقيقاً له جميعاً في حال صحته" يعني ما أعتقهم
فوراً، ما قرر عتقهم في حال صحته، لا.
طالب: هذا اللي .... الفرق بين العتاقة والتدبير.
إيه لكن هو دبرهم في حال صحته، يعني فرق بين أن يقول:
عبيده العشرة أحرار، فوراً يعني، وبين أن يقول: عبيده
العشرة يعتقون عن دبر، فيظهر جلياً أنه إذا دبرهم في حال
صحته، وعلق عتقهم بموته أنه يريد أن ينتفع بهم في حال
حياته، ويفوتهم على الورثة، فهنا يعامل بنقيض قصده، لكن لو
فوتهم على نفسه قبل الورثة هذه المسألة الأخرى.
"قال مالك في رجل دبر غلاماً له فهلك السيد ولا مال إلا
العبد المدبر وللعبد مال قال: يعتق ثلث المدبر، ويوقف ماله
بيديه" هذا على قوله في أن العبد يملك، يعتق ثلث المدبر،
ويوقف ماله بيديه؛ لأنه لا يزيد على الثلث، لكنه يختلف عن
الوصية في كونه لا يرجع فيه.
"قال مالك في مدبر كاتبه سيده فمات السيد ولم يترك مالاً
غيره، قال مالك: يعتق منه ثلثه، ويوضع عنه ثلث كتابته"
يعني ثلث الذي عتق منه "ويكون عليه ثلثاها" لأن العبارة قد
يفهمها البعض أنه يعتق منه ثلث، ويوضع عنه ثلث، ويبقى
الثلثين، صاروا أربعة أثلاث، يجي وإلا ما يجي؟ ما يجي، لكن
يعتق منه ثلثه ويوضع عنه ثلث كتابته في مقابل الثلث الذي
عتق، ويبقى ثلثاه في حكم الكتابة.
(152/8)
"قال مالك في رجل أعتق نصف عبد له وهو مريض
فبت عتق نصفه" يعني ما علقه ولا أوصى به، بت، أعتق "فبت
عتق نصفه، أو بت عتقه كله، وقد كان دبر عبداً له آخر قبل
ذلك".
"قال: يبدأ بالمدبر الذي قبل الذي أعتقه وهو مريض" لماذا؟
لأن المدبر لزمه عتقه بموته وهو السابق، فلا شك أن الأولية
لها دخل في الأولوية، وهذا المدبر دبر قبل عتق الثاني،
فيكون عتق المدبر أولى من عتق المنجز.
"في رجل أعتق نصف عبد له وهو مريض فبت عتق نصفه، أو بت
عتقه كله، وقد كان دبر عبداً له آخر قبل ذلك، قال: يبدأ
بالمدبر قبل الذي أعتقه وهو مريض، وذلك أنه ليس للرجل أن
يرد ما دبر، ولا أن يتعقبه بأمر يرده به" يعني لا أن
يتعقبه بأمر يؤثر على تدبيره، يعني لو أن شخصاً دبر
مكاتباً له، ليس له أن يرده، ويحسب هذا المدبر من الثلث،
من الثلث وإلا لا؟ نعم؟ أو يعتق جميعه إذا مات؟ ولو أتى
على التركة كلها؟ من الثلث، وعلى هذا ليس للرجل أن يرد ما
دبر، ولا أن يتعقبه بأمر يرده به، افترضنا أن هذا المدبر
كامل بقدر ثلث التركة، وعمارة بقدر الثلث، وأرض بقدر
الثلث، دبر هذا الغلام، وأوقف هذه العمارة على جمعية تحفيظ
القرآن مثلاً، وقال: الورثة يكفيهم الأرض، ينفذ إيقاف
العمارة وإلا ما ينفذ؟
طالب: لا ينفذ.
لا ينفذ، لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه تعقبه بأمر يرده به، فإذا عتق المدبر فليكن ما بقي من
الثلث في الذي أعتق شطره، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو مريض، يقول: هو مريض، إيه نعم.
فإذا عتق المدبر فليكن ما بقي من الثلث في الذي أعتق شطره
حتى يستتم عتقه، إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
عندنا في أكثر من مسألة، أو بت عتقه، الضبط الضبط، يا
الإخوان، كله، حتى يستتم عتقه كله، التأكيد للعتق أو
للضمير؟ هذا كله في الموضعين؛ لأن الضمير مضاف إليه، الضبط
عندكم في الكتاب؟ أو بت عتقَه كلَه، حتى يستتم عتقُه كلُه،
التأكيد للعتق أو للضمير؟ كل الرقيق أو كل العتق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، ما إحنا ملزمين بضبطهم، لسنا ملزمين بضبطهم،
السياق هو الذي يحدد المراد، فهل التأكيد بكله في الموضعين
للعتق كل العتق أو كل الرقيق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(152/9)
إذاً كلِه في الموضعين؛ لأن الضمير مضاف
إليه مجرور، والتأكيد تابع.
يتبع في الإعراب الأسماء الأول ... نعت وتوكيد وعطف وبدل
"حتى يستتم عتقه كلِه في ثلث مال الميت، فإن لم يبلغ ذلك
فضل الثلث عتق منه ما بلغ فضل الثلث بعد عتق المدبر الأول"
يعني ينظر المدبر الأول؛ لأنه سابق، ثم بعد ذلك ينظر ما
بقي بعد ذلك إن بقي لمن عتق شيء من الثلث عتق منه بقدره
وإلا عاد رقيقاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كلَه، حتى يستتم عتقه كلُه، صح وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
كلِه في الموضعين لأنه تأكيد للضمير، نفس الشيء، هو تأكيد
للضمير الذي يعود إلى العبد، كل العبد، ما هو بكل العتق،
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: مس الرجل وليدته إذا دبرها
قال مالك -رحمه الله-: حدثني نافع أن عبد الله بن عمر دبر
جاريتين له فكان يطأهما وهما مدبرتان.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول:
"إذا دبر الرجل جاريته فإن له أن يطأها، وليس له أن يبيعها
ولا يهبها وولدها بمنزلتها".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: مس الرجل وليدته إذا دبرها
عرفنا المدبر، فإذا كان المدبر جارية أنثى، وهي في الأصل
أمة، توطأ بملك اليمين، ولم تخرج من ملكه بمجرد اللفظ،
وإنما تخرج من ملكه بوجود الشرط الذي علق عليه العتق، وهو
الموت، وما دامت في ملكه له أن يطأها {إِلَّا عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(6) سورة
المؤمنون] وهذه منها.
قال: "حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر دبر جاريتين
له فكان يطأهما وهما مدبرتان" لأن حكم الرق ما زال، ولا
يتم التحرير والعتق إلا بالموت.
"وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول:
"إذا دبر الرجل جاريته فإن له أن يطأها، وليس له أن
يبيعها" لأنه لا يجوز له أن يرجع في المدبر، بخلاف الموصى
به "وليس له أن يبيعها، ولا يهبها وولدها بمنزلتها" يعني
له أن يتصرف فيه، يستخدمه، يستعمله في الخدمة؛ لأنه بمنزلة
أمه، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: بيع المدبر
(152/10)
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه
عندنا في المدبر أن صاحبه لا يبيعه، ولا يحوله عن موضعه
الذي وضعه فيه، وأنه إن رهق سيده دين فإن غرماءه لا يقدرون
على بيعه ما عاش سيده، فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في
ثلثه؛ لأنه استثنى عليه عمله ما عاش، فليس له أن يخدمه
حياته، ثم يعتقه على ورثته إذا مات من رأس ماله، وإن مات
سيد المدبر، ولا مال له غيره عتق ثلثه، وكان ثلثاه لورثته،
فإن مات سيد المدبر وعليه دين محيط بالمدبر بيع في دينه؛
لأنه إنما يعتق في الثلث.
قال: فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد بيع نصفه
للدين، ثم عتق ثلث ما بقي بعد الدين.
قال مالك -رحمه الله-: لا يجوز بيع المدبر، ولا يجوز لأحد
أن يشتريه إلا أن يشتري المدبر نفسه من سيده، فيكون ذلك
جائزاً له، أو يعطي أحد سيد المدبر مالاً ويعتقه سيده الذي
دبره، فذلك يجوز له أيضاً.
قال مالك -رحمه الله-: وولاؤه لسيده الذي دبره.
قال مالك -رحمه الله-: لا يجوز بيع خدمة المدبر لأنه غرر،
إذ لا يدرى كم يعيش سيده؟ فذلك غرر لا يصلح.
قال مالك -رحمه الله- في العبد يكون بين الرجلين فيدبر
أحدهما حصته: إنهما يتقاومانه، فإن اشتراه الذي دبره كان
مدبراً كله، وإن لم يشتره انتقض تدبيره، إلا أن يشاء الذي
بقي له فيه الرق أن يعطيه شريكه الذي دبره بقيمته، فإن
أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك، وكان مدبراً كله.
قال مالك -رحمه الله- في رجل نصراني دبر عبداً له نصرانياً
فأسلم العبد، قال مالك: يحال بينه وبين العبد، ويخارج على
سيده النصراني، ولا يباع عليه حتى يتبين أمره، فإن هلك
النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر، إلا أن يكون
في ماله ما يحمل الدين فيعتق المدبر.
يعني عرفنا فيما تقدم أن المدبر خرج من يد صاحبه بالتدبير،
وأنه لا يملك الرجوع في التدبير، ولذا قال: باب: بيع
المدبر، وأن صاحبه لا يملك بيعه على ما تقدم.
(152/11)
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في
المدبر أن صاحبه لا يبيعه، ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه
فيه" كيف لا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه؟ يعني يغير
التدبير إلى أمر آخر إلى كتابة، أو إلى مخارجة أو ما أشبه
ذلك، أو لا يغيره من موضعه من مكانه الذي هو فيه إلى مكان
آخر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم الاحتمال ظاهر.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في المدبر أن صاحبه
لا يبيعه، ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه" قلنا: إن
الاحتمال يدور بين أنه لا يغير العمل الذي كلفه به، ولا
يغير المكان الذي يوجد فيه، ولا يتصرف فيه بعقد يفوت عليه
التدبير، فلا يكاتب، ولا يوهب، ولا يخارج ولا شيء من هذا،
إنما يبقى في عمله السابق قبل التدبير إلى أن يحين وقت
العتق بموت السيد، لكن ما الذي يمنع أنه يغير العمل، بأن
يكون، كان يحتاجه في عمل تجاري، ثم وضعه في عمل زراعي، أو
العكس، أو عمل ثالث أو رابع، على حسب حاجته، وما دام هو
رقيق ما حان عتقه فلسيده أن يتصرف فيه، ما لم يكن العمل
أشق من الأول؛ لأن بعض الناس إذا رأى الشيء يفوت عليه يزيد
في تكليفه ما يزعم أنه يستوفي حقه منه قبل عتقه، كل هذا
بيرد.
"لا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه" إما من العمل، أو من
التدبير، الذي وضعه فيه من عمل سابق، أو التدبير الذي فوت
به على نفسه هذا العبد بموته، وعلى ورثته بأن يهبه أو
يكاتبه، أو يخارجه، وما أشبه ذلك مما يفوت عليه ما دبره
به، أو يحتمل أيضاً أن يكون الموضع المكان الذي يعمل به.
(152/12)
وعلى كل حال العمل إذا كان مماثل أو قريب
منه لا أثر له، يعني بدل ما هو مزارع يجعله في محل تجاري
أو العكس، هل لهذا أثر أو ليس له أثر؟ ليس له أثر، اللهم
إلا إذا جاء في نيته أنه يستوفي منه أو يستفيد منه بأكبر
قدر من الإفادة قبل أن يفوت عليه، فلا شك أن هذا ما يليق،
وأيضاً المكان يعني كان في محل للسيد في مزرعة بالمدينة،
قال: ننقله إلى مزرعة مكة، أو العكس، أو بالرياض أو
بالخرج، أو يمين أو شمال، المقصود أنه اللفظ يحتمل ولا
يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه، لكن إذا كان العمل الأول
مثل الثاني فلا أثر له، أما أن يغير ويحوله عن الموضع الذي
هو فيه مما يؤثر فيه على العقد عقد التدبير فلا، كالهبة
والمكاتبة، وما أشبه ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إذا أن العامل مثلاً، تقصد العمال؟ عامل أتي به على
أن يعمل في الرياض، أو في مكة ثم نقل إلى الرياض، بمكة قد
يكون له مقصد، حينما وافق على العمل في بلده، يقول: أستفيد
من بقية الوقت أعمل عند الكفيل ثمان ساعات، وبقية الوقت
أستغله في العبادة، وهذا مقصد شرعي، فلا ينزل عن ذلك، لكن
لو جيء به إلى الرياض وقيل: والله المصلحة تقتضي أنك تعمل
بمكة؟ فهل له أن يعترض؟ والعمل هو هو؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله إذا قال العامل: أنا والله بالرياض سعة طول العام،
وبمكة أربعة أشهر ضيق وزحام، أو حر شديد في الصيف، أو برد،
وما أشبه ذلك، يعني هناك أمور قد تؤثر على بعض العمال، وهي
ليس لها أثر شرعي، هو يريد منها مأرب، يقول: تعاقدت معك
على أساس أن العمل في الرياض، ووضعتني في بلد صغير، أنا لا
أريد أن أعمل في بلد صغير، أنا أريد أن أعمل في بلد كبير،
وهذا حصل على شان إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
(152/13)
لا، هذا مقصد حسن، لكن عاملة يعني جيء بها
على أساس أنها تشتغل في الرياض، ووديت بلد صغير من البلدان
التابعة للرياض، قالت: لا، أنا ما تعاقدت، أريد بلد كبير،
وكان في نيتها الهرب؛ لأنه إذا هربت في الرياض ما تلقى،
وإذا هربت بالبلد الصغير كل بيخبر عنها، يعني هناك مقاصد
صحيحة ما فيها إشكال، ومقاصد باطلة بلا إشكال، وبينهما ما
ينتابه هذا وهذا، وما يقرب من هذا، وما يقرب من هذا، فعلى
كل حال إذا كان الغرض صحيح الذي أبداه العامل يفوت عليه
مصالح قال: أنا والله ما تعاقدت على العمل بالرياض إلا على
شان إخواني هناك، نجتمع وإياهم ونشوفهم، أو زوجتي تعمل
مثلاً في الرياض، فهذا غرض صحيح ملزم، المكان له حظ، لكن
إذا كان ما له هدف ولا قصد ولا شيء، ووجوده في الرياض مثل
وجوده في الخرج، أو في القصيم، أو في مكة ما يفرق، لكن لو
قال: والله أنا ما أنا مشتغل بمكة، مكة زحام، أربعة أشهر
ضيق وزحام، يعني ومواسم، وعمل شاق، مقصد صحيح، وإن لم يكن
شرعي، لكنه صحيح بالنسبة له، فيوفى به.
"وأنه إن رهق سيده دين فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه ما
عاش سيده، فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه؛ لأنه
استثنى عليه عمله ما عاش، فليس له أن يخدمه حياته، ثم
يعتقه على ورثته" يقول: فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه،
المدبر لا يباع، ما عاش سيده، فإن مات سيده ولا دين عليه
فهو في ثلثه، يعني ما يزاحم به نصيب الورثة، وقد استفاد
منه السيد؛ لأنه استثنى عليه عمله ما عاش، فليس له أن
يخدمه حياته، ثم يعتقه على ورثته، إذا مات من رأس ماله،
وإن مات سيد المدبر، ولا مال له غيره عتق ثلثه، وكان ثلثاه
لورثته؛ لأن حكم المدبر من هذه الحيثية حكم الوصية يكون في
الثلث، فإن مات سيد المدبر وعليه دين محيط بالمدبر، يعني
يأتي على جميع ماله، يعني ماله مال، خلاص انتهى، يعني عليه
دين مائة ألف وتركته مائة ألف، وهذا المدبر، بيع في دينه؛
لأنه إنما يعتق في الثلث، ولا ثلث له، وهذا كله ظاهر.
(152/14)
قال: "فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف
العبد بيع نصفه للدين، ثم عتق ثلث ما بقي" يعتق السدس، فإن
كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد، هذا إذا كان الدين يحيط
بالعبد كامل خلاص يباع، لكن إذا كان الدين إنما يحيط بنصف
العبد بيع نصفه للدين، يباع النصف ويسدد به الدين، ويبقى
النصف الثاني تركة، منه الثلث الذي يعادل سدس العبد، ومنه
ثلثاه الذي يعادل ثلث التركة للورثة.
"قال مالك: لا يجوز بيع المدبر، ولا يجوز لأحد أن يشتريه"
معروف أنه إذا منع البيع منع الشراء، إلا في مسائل، قد
يعذر المشتري لحاجة، لكن لا يعذر البائع، عند من يمنع بيع
المصحف يجيز الشراء للحاجة، عند من يمنع بيع الكلب يجيز
الشراء للحاجة، لكن ما حرم دفعه حرم أخذه؛ لأن الطرف الأول
هو المقصود بالمعنى، لكن الثاني متعاون معه، ولذا جاء لعن
آكل الربا وموكله، يعني أكثر النصوص في آكل الربا، لكن جاء
لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه؛ لأنهم يتعاونون على
الإثم والعدوان.
"قال مالك: لا يجوز بيع المدبر، ولا يجوز لأحد أن يشتريه،
إلا أن يشتري المدبر نفسه من سيده" وهذا على القول بأنه
يملك، فيكون ذلك جائزاً له "أو يعطي أحد سيد المدبر مالاً
ويعتقه سيده الذي دبره، فذلك يجوز له أيضاً"، "أو يعطي أحد
سيد المدبر مالاً -يعني بقدر قيمته- ويعتقه سيده الذي
دبره" أعطيك عشرة آلاف وتحرر ابن هالحلال، فذلك يجوز له
أيضاً، هل هذا شراء أو لا؟ والولاء يكون لمن؟
طالب:. . . . . . . . .
أو يعطي أحد سيد المدبر مالاً ويعتقه سيده الذي دبره، فذلك
يجوز له أيضاً.
يعتقه سيده إذا أعطاه مالاً هذا المال يحتمل أن يكون بقدر
قيمته فيكون شراء، أو يكون بقدر ما يحرره بالنظر إلى
التركة، صار أكثر من الثلث يأتي على النصف، يجي واحد يدفع
الفرق ويعتق، يقول: أنا أدفع لك الفرق وتعتق هذا المسكين،
وحينئذٍ يكون العتق لمن؟ لسيده الأصلي.
طيب تنازل بعض الورثة قالوا: نعم العبد يأتي على النصف،
ونحن نتنازل عن السدس، يعني إذا كان الوصية بأكثر من الثلث
بإجازة الوارث تجوز وإلا ما تجوز؟ تجوز؛ لأن الأمر لا
يعدوهم، وكذلك في حال التدبير، فذلك يجوز له أيضاً.
(152/15)
"قال مالك: وولاؤه لسيده الذي دبره" لأنه
ليست هذه معاوضة، ليس هذا بيع، وإنما هو لتتميم أمر العتق،
والإعانة عليه.
"قال مالك: لا يجوز بيع خدمة المدبر لأنه غرر" إذا قال:
هذا مدبر يعتق عن دبر، ويخدمني الآن، فأبا أبيع خدمته عليك
إلى أن يعتق، أعطني ألف أو ألفين وخدمته لك، هذا غرر وإلا
ما فيه غرر؟ غرر وجهالة؛ لأنه لا يدرى متى يموت السيد،
احتمال يموت بعد يوم، واحتمال أن يموت بعد عشر سنين، هذه
آجال، أو أكثر أو أقل، فحينئذٍ لا يجوز لأنه غرر "إذ لا
يدرى كم يعيش سيده، فذلك غرر لا يصلح".
"وقال مالك في العبد يكون بين الرجلين فيدبر أحدهما حصته:
إنهما يتقاومانه، فإن اشتراه الذي دبره كان مدبراً" الآن
التأكيد لاسم كان وإلا لخبرها؟ التقدير: كان العبد مدبراً؟
طالب:. . . . . . . . .
لا تقلدون الطباعين أنتم، شوفوا المعنى، الآن الجملة
الكاملة التامة "كان العبد مدبراً" وإذا أكدنا نؤكد العبد
كل العبد لا بعضه، أو نؤكد التدبير؟ إذاً نقول: كلُه، كان
مدبرا كلُه، تابع للمؤكد، أيهما المؤكد اسم كان وإلا خبر
كان؟ اسم كان يا أخي المستتر، كان واسمها ضمير تقديره هو
يعود إلى العبد، وإذا أظهرناه قلنا: كان العبد مدبراً كله
"وإن لم يشتره انتقص تدبيره" يعني إن تقاوماه، واشتراه
الذي دبره اشترى باقيه سرى عليه التدبير، فيكون مدبراً
كله، وإن لم يشتره انتقص تدبيره إلا أن يشاء الذي بقي له
فيه الرق، الذي هو الشريك، أن يعطيه شريكه الذي دبره
بقيمته، فإن أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك، وكان مدبراً كله.
إن أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك؛ لأنه يعني العبد المشترك
إذا أعتق أحدهما نصفه وبقي ... ، يقوم عليه إن كان يستطيع،
وإن كان لا يستطيع يستسعى العبد، إذا كان العبد عاجز عن
السعي يكون مبعضاً.
"وقال مالك في رجل نصراني دبر عبداً له نصرانياً" كلاهما
على دين النصرانية "فأسلم العبد، قال مالك: يحال بينه وبين
العبد" لماذا؟ لأن الإسلام يعلو {وَلَن يَجْعَلَ اللهُ
لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [(141)
سورة النساء].
(152/16)
"قال مالك: يحال بينه وبين العبد، ويخارج
على سيده النصراني، ولا يباع عليه حتى يتبين أمره، فإن هلك
النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر، إلا أن يكون
في ماله ما يحمل الدين فيعتق المدبر" ولا شك أن هذا من حسن
تعامل الإسلام وأهل الإسلام مع المخالفين، لا يباع عليه،
يعني ما يشترى منه، يخارج على سيده النصراني، ويقال له:
اشتغل، وأعطه من عملك، يخارج عليه، ولا يباع عليه، يعني لا
يشترى منه حتى يتبين أمره.
"فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر، إلا
أن يكون في ماله ما يحمل الدين" نعم في ماله ما يسدد منه
الدين فيعتق المدبر، مال من؟ مال السيد النصراني أو مال
العبد الذي أسلم؟ إلا أن يكون في ماله ما يحمل الدين فيعتق
المدبر.
طالب: ....
مال السيد أو مال العبد؟
طالب: السيد.
أو مال أحدهما؟ يعني إذا كان في مال السيد ما يحمل الدين،
وقد دبر العبد انتهى الإشكال، خلاص يقضى الدين من ماله
ويبقى نفاذ التدبير بموته، وإذا كان في مال العبد على رأي
الإمام مالك أنه يملك ما يسدد عنه الدين، يعتق وإلا ما
يعتق؟ يقضى دينه ويعتق.
طيب ما الذي يلزم العبد بقضاء دين السيد وقد دبره وحان
الوقت؟
طالب:. . . . . . . . .
"فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر" شوف
من ثمن المدبر، يعني يباع؛ لأن المدبر إنما يكون بالثلث،
والثلث إنما يكون بعد قضاء الدين، وعلى هذا يقضى دينه من
ثمن المدبر إلا أن يكون في ماله -يعني في مال المدبر- ما
يحمل الدين فيعتق المدبر، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(152/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب المدبر (2)
باب: جراح المدبر -
باب: ما جاء في جراح أم الولد.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يسال يستفهم يقول: هل سبب الوجوب في زكاة الفطر دخول
شهر رمضان أم غروب الشمس ليلة العيد؟ يقول: فقد عقلت عنكم
سابقاً أن سبب الوجوب دخول رمضان، ووقت الوجوب غروب الشمس
ليلة العيد؟
نعم هذا هو الظاهر أن سبب الوجوب دخول الشهر، ووقت الوجوب
التي تلزم به الفطرة هو غروب الشمس ليلة العيد، وعلى
القاعدة إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب لم يجز فعلها
قبل السبب، ويجوز بعد الوقت كما هنا، والخلاف فيما بينهما،
يعني هل تخرج زكاة العيد قبل وقت الوجوب؟ جاء عن الصحابة
أنهم كانوا يخرجونها قبل العيد بيوم أو يومين، وهذه
القاعدة ماشية هنا، لكن قبل ذلك هل يجوز أخراجها بين السبب
والوقت مطلقاً؟ لا، الأصل أنها لا تخرج إلا في وقت الوجوب،
وجوزوا إخراجها قبل ذلك بليلة أو ليلتين.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، هي تجب فيما زاد على قوت اليوم، يعني ليس معناها أنها
لا تجب إلا من ملك نصاباً كالزكاة، لا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل إيه.
طالب:. . . . . . . . .
يخرج شيء، إذا أخرجها وما فيها منة تجزئ.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هي متعلقة برقبته، لا بعين ماله، ما لها ارتباط
بالمال، ما هي بزكاة مال هي، زكاة بدن.
طالب:. . . . . . . . .
يقولون: يخرجها عن نفسه وعمن يمونه، ولو رمضان، هذا لا على
سبيل الوجوب، وإلا فالأصل أن كل إنسان مكلف بنفسه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم من تلزمه نفقته تلزمه فطرته.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان ممن تصرف له الزكاة يأخذ نعم، يعني ولو أخذ، زكاة
الجماعة يأخذها واحد ما في إشكال يجوز، والعكس.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم
الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جراح المدبر
(153/1)
حدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز
قضى في المدبر إذا جرح أن لسيده أن يسلم ما يملك منه إلى
المجروح فيختدمه المجروح، ويقاصه بجراحه من دية جرحه، فإن
أدى قبل أن يهلك سيده رجع إلى سيده.
قال مالك -رحمه الله-: والأمر عندنا في المدبر إذا جرح ثم
هلك سيده وليس له مال غيره أنه يعتق ثلثه، ثم يقسم عقل
الجرح أثلاثاً، فيكون ثلث العقل على الثلث الذي عتق منه،
ويكون ثلثاه على الثلثين اللذين بأيدي الورثة، إن شاءوا
أسلموا الذي لهم منه إلى صاحب الجرح، وإن شاءوا أعطوه ثلثي
العقل، وأمسكوا نصيبهم من العبد، وذلك أن عقل ذلك الجرح
إنما كانت جنايته من العبد، ولم تكن ديناً على السيد، فلم
يكن ذلك الذي أحدث العبد بالذي يبطل ما صنع السيد من عتقه
وتدبيره، فإن كان على سيد العبد دين للناس مع جناية العبد
بيع من المدبر بقدر عقل الجرح وقدر الدين، ثم يُبدّأ
بالعقل الذي كان في جناية العبد، فيقضى من ثمن العبد، ثم
يقضى دين سيده، ثم ينظر إلى ما بقي بعد ذلك من العبد فيعتق
ثلثه، ويبقى ثلثاه للورثة، وذلك أن جناية العبد هي أولى من
دين سيده، وذلك أن الرجل إذا هلك وترك عبداً مدبراً قيمته
خمسون ومائة دينار، وكان العبد قد شج رجلاً حراً موضحة،
عقلها خمسون ديناراً، وكان على سيد العبد من الدين خمسون
ديناراً، قال مالك -رحمه الله-: فإنه يبدأ بالخمسين
ديناراً التي في عقل الشجة فتقضى من ثمن العبد ثم يقضى دين
سيده، ثم ينظر إلى ما بقي من العبد فيعتق ثلثه، ويبقى
ثلثاه للورثة، فالعقل أوجب في رقبته من دين سيده، ودين
سيده أوجب من التدبير الذي إنما هو وصية في ثلث مال الميت،
فلا ينبغي أن يجوز شيء من التدبير، وعلى سيد المدبر دين لم
يقض، وإنما هو وصية، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال:
{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}
[النساء: 12].
قال مالك -رحمه الله-: فإن كان في ثلث الميت ما يعتق فيه
المدبر كله عتق، وكان عقل جنايته ديناً عليه يتبع به بعد
عتقه، وإن كان ذلك العقل الدية كاملة، وذلك إذا لم يكن على
سيده دين.
(153/2)
قال مالك -رحمه الله- في المدبر إذا جرح
رجلاً فأسلمه سيده إلى المجروح، ثم هلك سيده وعليه دين،
ولم يترك مالاً غيره، فقال الورثة: نحن نسلمه إلى صاحب
الجرح، وقال صاحب الدين: أنا أزيد على ذلك، إنه إذا زاد
الغريم شيئاً فهو أولى به، ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما
زاد الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ
العبد.
قال مالك -رحمه الله- في المدبر إذا جرح وله مال فأبى سيده
أن يفتديه، فإن المجروح يأخذ مال المدبر في دية جرحه، فإن
كان فيه وفاء استوفى المجروح دية جرحه، ورد المدبر إلى
سيده، وإن لم يكن فيه وفاء اقتضاه من دية جرحه، واستعمل
المدبر ما بقي له من دية جرحه.
بما، بما.
أحسن الله إليك.
واستعمل المدبر بما بقي له من دية جرحه.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جراح المدبر
جراح المدبر، والجراح جمع جرح، والجرح مصدر جرح يجرح
جرحاً، فالمدبر مضاف إليه، وهذا من إضافة المصدر إلى فاعله
أو مفعوله؟ إلى فاعله، يعني المدبر جارح وليس بمجروح.
"حدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قضى في المدبر
إذا جرح أن لسيده أن يسلم ما يملك منه إلى المجروح"
فيختدمه المجروح، يعني بقدر ما يقوم به الجرح، جرح اعتدى
فجرح إنساناً، أو أتلف شيئاً فإنه يقوم، يقوم بألف مثلاً،
ألف ريال، فلسيده أن يسلم ما يملك منه إلى المجروح، ما
الذي يملكه السيد؟ الخدمة، فيقول: استعمله اختدمه لمدة شهر
بهذا الألف، أو أجرّه إلى أحد يستعمله بألف، وتستوفي منه،
أن يسلم ما يملك منه إلى المجروح فيختدمه المجروح، قد يقول
المجروح: أنا لا حاجة لي بخدمته، يقال: أجره، واستوف منه
أجرته "ويقاصه بجراحه من دية جرحه، فإن أدى قبل أن يهلك
السيد رجع إلى سيده" قال له: خذه لمدة شهر اختدمه أو أخدمه
بالأجرة في مقابل قيمة الجرح، بعد شهر يعود إلى سيده، فإن
كان سيده موجوداً عاد ما يملكه منه وهو الخدمة إليه، وإن
كان قد مات؟ ماذا يحصل؟ عتق المدبر، يعتق المدبر.
(153/3)
"قال مالك: والأمر عندنا في المدبر إذا جرح
ثم هلك سيده وليس له مال غيره" في الصورة الأولى عاد إلى
سيده؛ لأن سيده بقي بعد خدمة المجروح، وهنا هلك سيد وليس
له مال غيره، أنه يعتق ثلثه، لماذا؟ لأنه في هذه المسألة
حكمه حكم الوصية، فلا يجوز بما زاد على الثلث، ثم يقسم عقل
الجرح أثلاثاً، قدرنا الجرح بألف أو ألف ومائتين أو
بتسعمائة، أثلاث، ثلث ثلاثمائة وثلاثمائة وثلاثمائة، فيكون
ثلث العقل على الثلث الذي عتق منه، يلزمه ثلاثمائة ريال
متعلقة بما عتق منه، بالبعض الذي عتق منه، وثلثاه، ويكون
ثلثاه على الثلثين اللذين بأيدي الورثة، ثم بعد ذلك
الورثة؛ لأنه بقي ثلثاه رق بأيدي الورثة، بإمكانهم أن
يبيعوا نصيبهم، فإذا باعوه وفي الثلثان من قيمة الثلثين،
ثلثا العقل من ثلثي القيمة، من ثلثي قيمة الثلثين "إن
شاءوا أسلموا الذي لهم منه إلى صاحب الجرح، وإن شاءوا
أعطوه ثلثي العقل" لأنه يلزمهم إلا إذا كان الثلثان من
العقل أكثر من قيمة ثلثي العبد، فليس عليهم إلا أن يسلموا
العبد للمجروح، ما قلنا فيما سبق: إنه إذا جنى العبد جناية
أكثر من قيمته، فإن سيده لا يلزم بأكثر من قيمته، يسلمه
للمجني عليه وينتهي الإشكال "وإن شاءوا أعطوه ثلثي العقل،
وأمسكوا نصيبهم من العبد، وذلك أن عقل ذلك الجرح إنما كانت
جنايته من العبد، ولم تكن ديناً على السيد".
قد يقول قائل: إن السيد عليه كفل من جناية العبد، لماذا لم
يؤدبه؟ لماذا لم يحفظه من ... ؟ ترك له التصرف حتى يجني؟
نقول: نعم عليه كفل، وهذا الكفل يفوت عليه قيمة العبد، أو
العبد نفسه، إذا طلب بحيث كانت قيمته أقل من الجناية، أو
مساوية للجناية، ولكن أكثر من ذلك لا يلزم "فلم يكن ذلك
الذي أحدث العبد بالذي يبطل ما صنع السيد من عتقه وتدبيره"
قد يقول المجني عليه: الآن الثلث الذي عتق منه يلزمه به
ثلث الدية، والثلثان من عقل الدية يتبعان الثلثين الذين
بأيدي الورثة.
(153/4)
يقول: "فلم يكن ذلك الذي أحدث العبد بالذي
يبطل ما صنع السيد من عتقه وتدبيره" ما يقول المجني عليه:
الآن أنا جنايته بألف ومائتين، وهو ما يسوي إلا ألف بأخذه
كامل، ويبقى لي مائتين، السيد لا يلزمه أن يدفع المائتين
الزائدة على ثمنه، ولو لم يدبره، لا يلزمه، لا يلزمه أكثر
من قيمته، والثلث الذي عتق منه خرج من يد السيد، وخرج من
يد صاحب الجرح، المجروح، إلا أنه يتبعه به ديناً عليه،
تبعاً لما تحرر به.
"فلم يكن ذلك الذي أحدث العبد بالذي يبطل ما صنع السيد من
عتقه وتدبيره" لأن التدبير عقد لازم وإلا جائز؟ لازم "فإن
كان على سيد العبد دين للناس مع جناية العبد بيع من المدبر
بقدر عقل الجرح وقدر الدين" لماذا؟ أيهما أولى الدين أو
عتق المدبر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل المقدم عتق المدبر أو الدين؟ شخص أعتق عبده عن دبر
ثم لحقه دين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قلنا في دروس مضت: إن التدبير حكمه حكم الوصية إلا أنه لا
يجوز الرجوع فيه، حكمه حكم الوصية من جهة أنه لا يثبت إلا
بالموت، لكنه لا يجوز أن يزيد فيه أو ... ، يجوز أن يزيد
لكن لا يجوز أن ينقص منه، ما قلنا هذا في درس مضى؟ قلنا
هذا، وذكر هذا الإمام -رحمه الله- أنه من جهة لزومه
بالموت، وثبوته بالموت، يكون حكمه حكم الوصية، ومن جهة أنه
لا يتصرف فيه بخلاف الوصية، الوصية له أن يلغيها، أما
التدبير ليس له ذلك، وهنا يقول: "فإن كان على سيد العبد
دين للناس مع جناية العبد بيع من المدبر بقدر عقل الجرح
وقدر الدين، ثم يُبدأ بالعقل الذي كان في جناية العبد
فيقضى من ثمن العبد، ثم يقضى دين سيده، ثم ينظر ما بقي بعد
ذلك من العبد فيعتق ثلثه" الآن بيع العبد بعشرة آلاف، وعقل
الجرح ألفين، ودين السيد خمسة آلاف، يبقى من قيمته ثلاثة
آلاف، يبقى من قيمته ثم يبدأ بالعقل، تسدد الألفين "الذي
كانت في جناية العبد، فيقضى من ثمن العبد ثم يقضى دين
السيد" الألفين "ثم ينظر إلى ما بقي بعد ذلك من العبد" كم؟
ثلاثة آلاف "فيعتق ثلثه، ويبقى ثلثاه للورثة" ثلث إيش؟
يعتق ثلثه، ثلث المال وإلا ثلث العبد؟
طالب:. . . . . . . . .
(153/5)
يعتق من العبد بقدر ثلث ما بقي من المال،
يعني يبقى ثلاثة آلاف وقيمته عشرة آلاف، يعتق منه واحد من
عشرة، يعتق منه واحد من عشرة، كيف خرجت هذه النتيجة؟ لأنه
يقول: "ثم يبدأ أو يبدأ بالعقل الذي كان في جناية العبد
فيقضى من ثمن العبد، ثم يقضى دين سيده" لماذا قدم العقل
على دين السيد؟ لأن العقل تعلقه بالسلعة، تعلقه بالعبد،
بخلاف الديون فهي مرسلة، فحكم الجناية والعقل حكم الدين
الذي برهن، ما قلنا هناك حقوق متعلقة بالتركة مرتبة،
الأول: مئونة التجهيز، والثاني: الديون المتعلقة بعين
التركة، كالديون التي برهن وهذا منها، هذا متعلق بعين
التركة بالعبد، فهو مقدم على الدين المرسل، ثم بعد ذلك
الديون المرسلة، ثم الوصايا ثم الإرث، وهذا الترتيب ماشي،
قدم الدين المتعلق بعين التركة الجناية، جناية العبد، ثم
الدين المرسل ديون السيد غير الجناية، ثم بعد ذلك ما كان
في حكم الوصية، وهو العتق، ثم الإرث، ظاهر وإلا ما هو
بظاهر؟ لكن ما هو بقال: يعتق ثلثه؟ يعتق ثلثه هل يعتق ثلث
العبد، ونقول: الثلاثة آلاف كلها في باب العتق؟ أو نقول:
ثلث الباقي وهو الألف؟ إذا قلنا: ثلث الباقي ساوينا الوصية
مع الإرث، أو نقول: إن هذا الباقي لا يملك منه الموصي إلا
الثلث؛ لأنه لا تجوز الزيادة بأكثر من الثلث، فعلى هذا
يعتق منه ثلث الباقي، ولا نكون بهذا ساوينا بين الوصية
والإرث إلا حينما ضاق المال عن الوصية والإرث معاً؛ لأنه
لا يملك في مثل هذه الحالة إلا الثلث فقط، فيعتق منه بقدر
الألف الباقي، وبقدر الألفين يبقى للورثة.
(153/6)
"وذلك أن جناية العبد هي أولى من دين سيده"
عرفنا وجه ذلك أن جناية العبد متعلقة بعين التركة بخلاف
الديون المرسلة "وذلك أن الرجل إذا هلك وترك عبداً مدبراً
قيمته خمسون ومائة دينار، وكان العبد قد شج رجلاً حراً
موضحة عقلها خمسون ديناراً، وكان على سيد العبد من الدين
خمسون ديناراً، قال مالك: فإنه يبدأ بالخمسين ديناراً التي
في عقل الشجة" وهذا مثل ما ذكرنا أنها متعلقة بعين التركة
"فتقضى من ثمن العبد، ثم يقضى دين سيده" لأن الديون مقدمة
على الوصايا وعلى الإرث، ثم ينظر إلى ما بقي من العبد
فيعتق ثلثه، على ما قررناه في العشرة آلاف، فيعتق ثلثه،
ويبقى ثلثاه للورثة، فالعقل أوجب في رقبته من دين السيد،
ودين سيده أوجب من التدبير الذي إنما هو وصية في ثلث
المال، وهذه من وجوه التشابه بين التدبير والوصية "فلا
ينبغي أن يجوز شيء من التدبير، وعلى سيد المدبر دين لم
يقض، وإنما هو وصية، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال:
{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}
[النساء: 12] ".
في كل الآيات تقديم الوصية على الدين بالذكر، وأهل العلم
قاطبة يقدمون الدين على الوصية، لماذا؟ {مِن بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(11) سورة النساء]
أو {تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(12) سورة النساء] أو
{يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12].
طالب:. . . . . . . . .
نعم؛ لأن الدين له من يطالب به، وأيضاً من جهة أخرى أن
الدين مفروض على صاحبه فكأنه محسوم من التركة في الأصل،
فقوة نفوذه أقوى من قوة نفوذ الوصية، فقدمت الوصية
للاهتمام بها، وإن كان شأن الدين أعظم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه بمعنى الواو:
"ربما عقابت الواو إذا" هاه؟ الألفية؟
خير أبح قسم بـ (أو) وأبهمِ ... . . . . . . . . .
إلى أن قال: "وربما عاقبت الواو" يعني جاءت بمعنى الواو.
"قال مالك: فإن كان في ثلث الميت ما يعتق فيه المدبر كله
عتق، وكان عقل جنايته ديناً عليه" الآن صار حر يطالب هو،
ما يطالب سيده "يتبع به بعد عتقه، وإن كان ذلك العقل الدية
كاملة، وذلك إذا لم يكن على سيده دين" لأنه إن كان على
سيده دين يعتق وإلا ما يعتق؟
(153/7)
"فإن كان في ثلث الميت ما يعتق فيه المدبر
كله عتق، وكان عقل جنايته ديناً عليه" لأنها متعلقة بعينه،
عقل الجناية متعلق بعين العبد "يتبع به بعد عتقه، وإن كان
ذلك العقل الدية كاملة، وذلك إذا لم يكن على سيده دين"
لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
لأن الدين يمنع من سراية العتق؛ لأن العتق بالتدبير حكمه
حكم الوصية، والدين مقدم عليها، أما إذا عتق كاملاً؛ لأنه
لم يكن على سيده دين، فيكون أهل أن تكون ذمته مؤهلة للحوق
الدين، فيتبعه المجني عليه ديناً عليه، لماذا لا يقول
المجني عليه: ما دام هذا دين في رقبته يباع وآخذ من قيمته؟
الآن السيد الآن يكلف بشيء من جناية العبد؟ نعم، أكثر من
أن يسلمه كاملاً، ما يكلف أكثر من ذلك، وبعتقه بموت سيده
صارت ذمته، مؤهلة للحوق الدين، فيتبعه المجني عليه.
"وقال مالك في المدبر إذا جرح رجلاً فأسلمه سيده إلى
المجروح" المدبر، كل المسائل في المدبر، ما هو في الرقيق،
في المدبر "إذا جرح رجلاً فأسلمه سيده إلى المجروح، ثم هلك
سيده وعليه دين، ولم يترك مالاً غيره، فقال الورثة: نحن
نسلمه إلى صاحب الجرح، وقال صاحب الدين: أنا أزيد على ذلك"
الآن عندنا دين متعلق بعين التركة وهو الجناية، ودين مرسل
أيهما المقدم؟ المتعلق بعين التركة، لكن الدين المرسل إذا
قال: أنا أدفع أكثر يقدم وإلا ما يقدم؟ افترضنا أن شخصاً
مات وعليه ديون منها خمسمائة ألف برهن البيت، وسبعمائة ألف
مرسلة، عرض على صاحب البيت الخمسمائة، قال: خذ البيت عن
الخمسمائة، قال صاحب السبعمائة: أنا آخذه بسبعمائة، من
يقدم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم يقدم الأحظ للميت، يعرض على صاحب الرهن إن قبل فهو
أولى، وإن لم يقبل فالذي يزيد أولى، ومثله هنا صاحب
الجناية جنايته خمسمائة دينار، والديون الأخرى ألف دينار،
إذا قالوا: نقبله عن الألف هم أولى به من المجني عليه، وإن
كان دينه متعلق بعين التركة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يضيع يبقى.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه إذا كان ما يبي يضيع، المسألة عرض وطلب، يأخذه
بسبعمائة.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
(153/8)
شوف ويش يقول الإمام -رحمه الله-، يقول:
"ثم هلك سيده وعليه دين، ولم يترك مالاً غيره، فقال
الورثة: نحن نسلمه إلى صاحب الجرح، وقال صاحب الدين: أنا
أزيد على ذلك، إنه إذا زاد الغريم شيئاً فهو أولى به، ويحط
عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، فإن
لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد".
يعني إذا لم يزد شيء فلا شك أن المجني عليه أولى؛ لأن دينه
متعلق بعين التركة.
الآن في صورة البيت، رهن البيت بخمسمائة، والديون الأخرى
بسبعمائة، لو قال صاحب الدين، صاحب السبعمائة: أنا آخذ
البيت بسبعمائة، قلنا: إنه ينظر في الأحظ للميت، الغريم؛
لأن البيت لا شك أن المرتهن أولى من غيره، لكن إذا زيد
عليه، لو زاد لو قال: بسبعمائة كان أحق به؛ لأنه عنده
مرجح، لكن إذا رفض أن يزيد، أو رفض أن يأخذ بالسعر الذي
دفع أكثر من دينه، لا شك أنه مفرط، لو أن شخص في مسألة
الشفعة، شريك باع شريكه نصيبه بخمسمائة ألف، قال صاحب
الشفعة: أنا والله ما يصلح لي إلا بأربعمائة، يطاع وإلا ما
يطاع؟ ما يطاع، وإن كان أحق من صاحبه؛ لأن الفوات حاصل
حاصل، إما على المرتهن أو على الغرماء الآخرين، الفوات
حاصل حاصل، لو قلنا مثلاً: إن هذا له وجه مرجح، والدين
الآخر له وجه مرجح بالزيادة، فقلنا بالمحاصة، يأخذ من قيمة
البيت بنسبة دينه، وذاك يأخذ من قيمة البيت بنسبة دينه،
يتجه وإلا ما يتجه؟ لأن كل واحد منهما له وجه ترجيح.
الآن إذا انهدمت الذمة بالموت ألا يمكن أن يتنازل الدائن
أو المرتهن أو غيره عن أكبر قدر ممكن يحصل له ما يمكن أن
يأخذه؟ يعني هل يمكن أن يقول إنسان: أنا فلان مدين لي
بمائتين ألف، ويعرض عليه مائة ألف، يقول: لا، أنا أبي
ذمته؟ نعم؟ سفه هذا، فكونه يأخذ البيت بسبعمائة ويبيعه
بخمسمائة وتسدد المائتين، يجيه من ماله ثلاثمائة أفضل من
أن يضيع بالكامل.
(153/9)
"ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد
الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد"
إيش معنى هذا؟ الآن عندنا العبد قوم بألف، وصاحب الجراحة
كم؟ كم قدرت الجراحة؟ نعم؟ خلوه يأتي على جميعها، بألف،
والدائن الآخر ألف وخمسمائة، وقال: أنا آخذه بألف
وخمسمائة، صاحب الدين المرسل المطلق، قال: أنا آخذه
بخمسمائة ... ، بألف وخمسمائة قدر دينه، والثاني قال: لا،
أنا لا أزيد على الجراحة، يسلم لمن؟ إذا زاد الغريم شيئاً
... ، أنا أزيد على ذلك ... ، أنه إذا زاد الغريم شيئاً
فهو أولى به، يعني أولى بالعبد.
"ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية
الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد" كيف؟
ويحط عن الذي عليه الدين، من هو اللي عليه الدين؟ السيد،
قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم
يأخذ العبد.
إيش معنى هذا الكلام؟ يعني هل هذا الكلام قدر زائد على ما
شرحناه سابقاً وإلا ما فيه جديد، إيش معنى يحط عن الذي
عليه الدين قدر ما زاد الغريم، قدر ما زاد وإلا قدر الدين
كله؟ الدين المرسل، قلنا: الدين المرسل ألف وخمسمائة، هل
نقول: إن الغريم يحط عنه الخمسمائة التي زادها صاحب الدين
المرسل؟ أو الخمسمائة كاملة؟ نعم؟ أو ألف وخمسمائة؟ يقول:
قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، قدر ما زاد على دية
الجرح، خمسمائة، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد؛ لأن إيش
معنى هذا الكلام؟ لأنه بيحط عن الغريم الخمسمائة، ثم ينظر
في الألف الباقي ...
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يعود، يعود للمجروح؟ وصاحب الدين الذي دفع عنه؟ إيش
يجيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو بيأخذ العبد بالألف والخمسمائة الذي له الدين، هو
بيأخذ العبد هنا؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن ما هو بيأخذ العبد؟ ما إحنا نسلم له العبد بألف
وخمسمائة؟ طيب.
طالب:. . . . . . . . .
اتجهت المسألة الآن، الذي سام العبد ألف وخمسمائة، بدينه،
يقال له: خذ العبد وألف وخمسمائة، يدفع ألف وخمسمائة،
والجراحة تؤخذ من ها الألف والخمسمائة ويعطى صاحب الجراحة
ألف وخمسمائة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(153/10)
والخمسمائة تبقى قيمة للعبد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ورآه؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم إيه، ما يدفعه يطلب ألف وخمسمائة، ويش لون بيدفع؟
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
طيب، وبعدين؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يسلم ألف ثاني، من أين؟ ليش يسلم ألف؟ تصير ألفين وخمس،
تصير ألفين وخمس.
طالب:. . . . . . . . .
وألف، هو بيأخذ العبد بالألف والخمس اللي يطلبه، ويش
تطلبونه زيادة بعد؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
حصل دينه كامل بالعبد ألف وخمس، ما نقول: يسلمه العبد في
مقابل الدين ألف وخمس؟ خلاص انتهى الإشكال.
طالب: يأخذ العبد له وإلا الأصل أنه لصاحب الجرح ....
إيه يصير بألفين وخمس، ما تصير ألف وخمس، يعني يسلم الدين
كامل ألف وخمس مع الألف اللي بيسلمه لصاحب الجرح.
طالب:. . . . . . . . .
ما يسوى ألف، هذاك رافضه بأكثر من ألف.
طالب:. . . . . . . . .
صاحب الجراح.
طالب:. . . . . . . . .
إيه زاد خمس، ما زاد ألف وخمس.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يرى أن قيمة العبد ألف وخمس ولن يزيد ريال واحد، ولا أخذه
بألف وخمس إلا لأنه بيستافي، ما أخذه ... ، ما يسوى أكثر
من ألف، وصاحب الجراحة رفض يزيد، فقلنا: هذا من باب مصلحة
المدين، وإبراء ذمته يأخذ العبد.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
المهم صاحب الجرح متعلق بالعبد.
طالب:. . . . . . . . .
من اللي يدفع؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يدفع، هو يقول: زين أني دفعت ألفين وخمس، هو ما يسوى
إلا ألف، كيف أدفع خمسمائة زيادة؟
طالب:. . . . . . . . .
إلا إذا قلنا: إنها تعادلت الديون هذا متعلق بعين التركة،
وهذا زاد لمصلحة المدين فتعادلت، إذا ثمن بألف وخمس كل
يأخذ بنسبته، يتحاصان بينهم، صاحب المجني عليه مع الدائن،
كل بنسبته.
طالب:. . . . . . . . .
ساويناه لأنه زاد، ومثلما قلنا في البيت، البيت ما يسوى
إلا خمس، وواحد يطلبه سبع، قال: ما نبيع بالسبع.
طالب:. . . . . . . . .
لكن السعي لإبراء ذمته، ألا يتجه أن يقال: إن البيت يسوى
سبعمائة؟
(153/11)
طالب:. . . . . . . . .
ويش معنى هذا؟ ويش معنى هذا الكلام هنا؟ ترى التنظير مطابق
مع معنا، التنظير مطابق في الدين الذي برهن.
طالب:. . . . . . . . .
بعين العبد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
دين في ذمته، لكن هل ذمته وهو عبد قابلة للدين؟ غير قابلة،
ديته على سيده، جراحته على سيده، إلا إذا أراد أن يسلمه
السيد للمجني عليه.
نعود إلى قراءة المسألة "قال مالك في المدبر إذا جرح رجلاً
فأسلمه سيده إلى المجروح، ثم هلك سيده وعليه دين، ولم يترك
مالاً غيره، فقال الورثة: نحن نسلمه إلى صاحب الجرح، وقال
صاحب الدين: أنا أزيد على ذلك، أنه إذا زاد الغريم شيئاً
فهو أولى به" أولى بأي شيء؟ بالعبد "أولى به، ويحط عن الذي
عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد
شيئاً لم يأخذ العبد".
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل، وقيمة العبد ألف، قال: أنا ما أزيد ولا ريال عن
اللي لي.
طالب:. . . . . . . . .
الدين، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف حط عنه خمسين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو مدين بألف وخمس والجناية، طيب.
طالب:. . . . . . . . .
السيد مدين بجناية العبد؛ لأنها عليه.
طالب:. . . . . . . . .
وألف وخمسمائة دين مرسل، قلنا: المجروح أولى به كما تقدم،
وقال صاحب الدين المرسل: أنا أزيد، أنا ديني ألف وخمسمائة
يكفيني ديني، قيل لصاحب الجناية: تأخذه بألف وخمس؟ مثل سوم
صاحبك، أنت أولى به إن تأخذه بألف وخمس، ويدفع خمسمائة
لصاحب الدين، فيحط عنه في هذه الصورة خمسمائة، إن أخذه
المجني عليه بألف وخمسمائة، يحط من دين السيد خمسمائة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه يحط منها الخمسمائة الزائدة هذه ما فيها إشكال، لكن
الكلام على العكس إذا أخذه الزائد.
طالب: والآن يأخذ الزائد يا شيخ دفع عن السيد خمسمائة إذا
سلم العبد للمجني عليه صار في ذمة السيد ألف وخمسمائة
لصاحب ....
صح.
لكن لما أخذه صاحب المال صار الآن في ذمة السيد ألف فقط
للمجني عليه، فسقط عنه خمسمائة، ألفين وخمسمائة، وصل
المجموع ألفين وخمسمائة.
نعم المجموع ألفين وخمسمائة، وسقطت قيمة العبد ألف
وخمسمائة بقي ألف.
(153/12)
طالب: بقي عليه ألف هي في الحالتين ما يبقى
عليه شيء، إما للمجروح وإما للدائن؟
وإما للدائن، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
المدين، نعم.
طالب: فإذا كان إذا أخذ المجروح .... العبد أصبح عليه
خمسمائة ريال، تدفع لصاحب الجرح ....
هذا واضح، هذا ما فيه أدنى إشكال، لو يأخذ المجني عليه
بألف وخمس انحلت المسألة، سقط من دينه خمسمائة.
طالب: في .... بين الورثة وصاحب الدين .... ؟ وقال أنا
أزيد ....
طيب، وقال: أنا با أزيد، با أدفع زيادة.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هو ويش استفاد؟
طالب: أنه أخذ العبد.
آخذاً العبد بزيادة، بزيادة خمسمائة، ويدفع بعد ألف ...
طالب:. . . . . . . . .
العبد ما يسوى إلا ألف، وزيادة خمسمائة من أجل أن يظفر
بشيء من دينه.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ .... قدر ما زاد الغريم على
دية الجراح لأن الألف والخمسمائة كلها، قدر ولا يعني هو
يمكن يقصد المبلغ الزائد الذي زاد به ....
ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم، كم زاد؟ زاد
خمسمائة على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأنه إذا لم يزد شيئاً فالمجني عليه أولى به منه، لم
يأخذ العبد، لكن الكلام ... ، فيها شيء من الاضطراب.
طالب: هناك ألف وخمسمائة وهناك العبد من الواقع أن العبد
هو ....
هو في مقابل الألف وخمسمائة، فكيف يلزم بدفع ألف ثانية؟
خسران من كل وجه هذا، الآن هو العبد قلنا: إنه ما يستحق
أكثر من ألف، والجراحة بألف، والدين ألف وخمسمائة، قال
الدائن: العوض ولا القطيعة، نأخذ العبد ونبيعه بألف أو
بتسعمائة أو ثمانمائة عن ألف وخمس أحسن من لا شيء، ثم نقول
له: ادفع للمجني عليه ألف؟ لا هذا ظلم ذا.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كما لو أخذه بألف ذهب حق الثاني، موثق، قلنا: التوثقة لا
شك أن لها ... ، لكن أيضاً عورضت.
طالب:. . . . . . . . .
(153/13)
إيه لكن عورضت؛ لأنه ويش معنى التقدير
بألف؟ ويش مرد التقدير بألف، أو البيت بخمسمائة ألف؟ ما هي
مسألة عرض وطلب، هذا قال: بخمسمائة ما أزيد، قال الثاني:
بسبعمائة: أكيد أنه يسوى سبعمائة، في هذا الظرف الذي
يعيشونه يسوى سبعمائة؛ لأن قيمة السلع تختلف باختلاف
الظروف، أنت الآن بإمكانك تشتري كتاب من شخص بألف، والثاني
ما تشتريه ولا بخمسمائة؛ لأن بينك وبينه شيء.
طالب:. . . . . . . . .
وش لون يبيعه؟ من الذي يبيعه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يجيب أكثر من خمسمائة.
طالب:. . . . . . . . .
بيسومه بمليون، ولا يروح عليه الخمسمائة يمكن، ما شفت
معاملات الناس ويش يسوون في الوفاء بالديون؟ يأخذ اللي
يجيه، أبداً، بمليون ويقنع بثلاثمائة.
طالب:. . . . . . . . .
المسألة ضايعة ضايعة على هذا وإلا على هذا، لكن ينظر إلى
الأحظ بالنسبة للميت.
"وقال مالك في المدبر إذا جرح وله مال، فأبى سيده أن
يفتديه فإن المجروح يأخذ مال المدبر في دية جرحه، فإن كان
فيه وفاء استوفى المجروح دية جرحه، ورد المدبر إلى سيده،
وإن لم يكن فيه وفاء اقتضاه من دية جرحه، واستعمل المدبر
بما بقي له من دية جرحه" يأخذ المال، المدبر له سبعمائة،
والجراحة بألف، إذا كانت سبعمائة انتهى الإشكال، إذا كانت
ألف يأخذ السبعمائة ويستعمله بمقدار الثلاثمائة، وهذه
واضحة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
السيد عنده حلول، له أن يضربه، له أن يؤدبه، له أن يحرمه
كالولد، إذا أراد الإضرار بولده ويش سوى به؟ أقول: العبد
له بيده أمور كثيرة، المسألة فيها الحل الشرعي؛ لأن هذا
ملك بإمكانه أن يأبق يشرد ويتركه، ويفوت عليه، له أن يقتل
نفسه يفوت عليه، المقصود أن هذه التصرفات غير الشرعية ما
تنظر في مثل هذا.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في جراح أم الولد
(153/14)
قال مالك -رحمه الله- في أم الولد تجرح: إن
عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله، إلا أن يكون عقل
ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد، فليس على سيدها أن يخرج
أكثر من قيمتها، وذلك أن رب العبد أو الوليدة إذا أسلم
غلامه أو وليدته بجرح أصابه واحد منهما، فليس عليه أكثر من
ذلك، وإن كثر العقل، فإذا لم يستطع سيد أم الولد أن يسلمها
لما مضى في ذلك من السنة، فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه
أسلمها، فليس عليه أكثر من ذلك، وهذا أحسن ما سمعت، وليس
عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في جراح أم الولد
وعرفنا أنه من باب إضافة المصدر إلى الفاعل، فأم الولد هي
التي تجرح كالسابق المدبر.
"قال مالك في أم الولد تجرح -أو تجني على إنسان أو حيوان
مملوك، أو مال-: إن عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله"
ضامن يعني مضمون، اسم الفاعل يأتي ويراد به اسم المفعول،
كما أن العكس وارد أيضاً، اسم المفعول يأتي ويراد به اسم
الفاعل {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [(21) سورة الحاقة] يعني
مرضية {مَّسْتُورًا} [(45) سورة الإسراء] يعني ساتراً،
ويأتي المصدر، ويراد به اسم الفاعل، ويأتي المصدر أيضاً،
ويراد به اسم المفعول، وهذه الأمور تتقارض، يعني ينوب
بعضها عن بعض.
"إن عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله، إلا أن يكون
عقل ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد" يعني قيمتها ألف
والجراحة ألف وخمسمائة يعني يقال: ادفع ألف وخمسمائة، طيب
أم الولد تعتق بموت سيدها، والمدبر يعتق بموت سيده، فإذا
جنى قبل موت سيده يعتق بموت سيده وإلا ما يعتق؟ إذا مات
سيده يعتق ويكون ديناً عليه، أم الولد كذلك وإلا لا؟ مثله
إذا عتقت بمعنى أنه مات سيدها قبل أن يدفع المبلغ تعتق
ويكون ديناً عليها.
الآن جنى العبد بجناية أكثر من قيمته وهو مدبر، قال السيد:
خذوه، ما لنا به لازم، ما عندنا استعداد ندفع أكثر من
ثمنه، أو أم الولد جنت فقال سيدها: خذها، يعني المجني
عليه، فهل يبقى أثر التدبير، وأثر الولادة بعد أن ينتقل
الملك من المالك الأصلي إلى المجني عليه أو لا يبقى؟
طالب: يبقى.
(153/15)
يبقى؟ يعني في المدبر يقول: إذا عتق يبقى
ديناً في ذمته، أو يستخدمه بمقدار الجناية.
يقول: "وكذلك أم الولد يستخدمها مدة تناسب أجرتها -أجرة
هذه المدة- جنايتها، يستعملها مثلاً جنايتها بألف وخمسمائة
مثلاً، وقيمتها ألف، ورفض السيد أن يدفع الألف وخمسمائة
وسلمها للمجني عليه، يجعل هذه الألف والخمسمائة في مقابل
الخدمة؛ لأن أم الولد يعتقها ولدها، وعلى القول بجواز بيع
أمهات الأولاد -لأن المسألة خلافية- يملكها الثاني ولا
تعتق بموت سيدها الأول؛ لأنه لا فرق بين أن تباع من قبل
السيد أو تنتقل من ملكه إلى ملك غيره بسبب جنايتها.
"إلا أن يكون عقل ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد، فليس
على سيدها أن يخرج أكثر من قيمتها" لأنه لا يجمع عليه بين
مصيبتين، بين غرمين "وذلك أن رب العبد أو الوليدة إذا أسلم
غلامه أو وليدته بجرح أصابه واحد منهما فليس عليه أكثر من
ذلك، وإن كثر العقل فإذا لم يستطع سيد أم الولد أن يسلمها
لما مضى في ذلك من السنة، فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه
أسلمها".
إذا قال: والله أنا لا أستطيع أن أسلمك الأمة؛ لأنها أم
ولدي، وماذا يكون مصير ولدي؟ وهي ما تسوى إلا ألف، أنا
أعطيك ألف، ويروح عليك الخمس، كأنه حينئذٍ أسلمها، واضح
معنى الكلام وإلا لا؟
يقول: إذا سلم قيمته كأنه سلمه، فإذا دفع القيمة التي
تستحقها، قومناها بألف والجناية ألف وخمسمائة، إذا سلم
الألف كأنه أسلمها.
يقول: "فإذا لم يستطع سيد أم الولد أن يسلمها لما مضى في
ذلك من السنة" إيش معنى هذا؟ من منع بيع أمهات الأولاد
"فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها، فليس عليه أكثر من
ذلك" يعني الضرر يكون على السيد أو على المجني عليه؟ أو
يشتركان في الضرر؟ نعم؟ هما مشتركان في الضرر، المجني عليه
راح عليه من دية الجناية الثلث، والسيد ضاع عليه الثلثان،
ضاع عليه قيمتها ألف، لو قدرنا الجناية بألف وخمسمائة
وقيمتها ألف فذهب على المجني عليه الثلث، وذهب على السيد
الثلثان.
(153/16)
"فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها، فليس
عليه أكثر من ذلك" عرفنا أنه عند من يجيز بيع أمهات
الأولاد، والخلاف معروف قديم بين الصحابة، الخلاف بين
الصحابة معروف، الذي يجيز ذلك هل يسلمها إلى المجني عليه
ليسترقها؟ نعم؟ كما لو كانت أمة ليست أم ولد، ما دام يجوز
بيعها له أن يسلمها إلى المجني عليه ليسترقها، ما دام يجوز
له بيعها، ويخرجها من ملكه بالبيع، تخرج من ملكه بالجناية،
كما لو لم تكن أم ولد.
ومن يجيز بيع المدبر يجعل حكمه حكم الوصية له أن يغير فيه
ما شاء، أيضاً يجيز له أن يدفع المدبر في مقابل الجناية
ليسترقها، والذي لا يجيز بيع أم الولد ولا المدبر يقول:
يسلمها لتخدم المجني عليه بقدر جنايتها، وكذلك المدبر.
"فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها، فليس عليه أكثر من
ذلك، وهذا أحسن ما سمعت، وليس عليه أن يحمل من جنايتها
أكثر من قيمتها" وهذا معروف أنه لا يجمع له بين المصيبتين،
إخراج العبد من يده والزيادة على ذلك.
الشرح قال شيء بالنسبة للسنة؟ لما مضى في ذلك من السنة،
أنه يجب عليه فداؤها، فداؤها بقدر قيمتها لا أكثر من ذلك،
لكن لو قال: يجب علي قيمتها، لكن أنا ما عندي شيء، كيف
يصنع؟ يخدمها، تكون بالخدمة، فإذا عتقت تعلق الدين بذمتها
كالمدبر.
كم باقي على الإقامة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هل ملكه؟ لا شك أن ملكه يفوت عليه شيء من خدمة
سيده، يعني مثل الاستسعاء مثلاً، إذا قيل: إنه يملك مثلاً،
وقيل له: اذهب وابحث عن عمل تسدد به، هذا مثل الخدمة، مثل
خدمة المجني عليه، يعني لا فرق بين كونه يستسعى فيأتي
بقيمة الجناية من غيره أو منه، قلنا: إن له أن يخيره بين
أن يعمل عنده أو عند غيره.
هذا سؤال يقول: إذا قال الحاكم في مستدركه: هذا حديث على
شرط البخاري، ولم يخرجه، وأقره الذهبي على ذلك، وقال
الذهبي عن الحديث: إنه صحيح، فهل يعتمد على مثل هذا الحديث
حينئذ؟ وهل يحتج به كما يحتج بأي حديث في الصحيحين؟
(153/17)
لا، مهما بلغ من درجات الصحة في غير
الصحيحين لن يصل إلى حد ما خرجاه الشيخان على كل حال، وكون
الحاكم يصحح، أو يقول: على شرط الشيخين لا يلزم منه الصحة،
والاستدراكات عليه كثيرة، من الذهبي ومن غيره، ومجرد سكوت
الذهبي ليس موافقة، حتى يصرح بأنه صحيح، وإذا قال الحاكم:
على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي بالتصريح لا يلزم من ذلك
أن يكون صواباً، نعم الغالب الصواب، لكن لا يلزم أن يكون
صواباً، نعم يلزم في حق المقلد، أما في حق من لديه
الأهلية، أهلية النظر فإنه يبحث بنفسه، ثم بعد ذلك يعمل
بما يصل إليه حكمه الخاص.
طالب: ….
لا، ما يلزم.
يعني كون الحديث مخرج بسند خرج له الشيخان نعم هو على شرط
الشيخين، لكن يبقى مزية الصحيحين في شفوف نظر الشيخين، وأن
البخاري له نظر خاص في الرواة والمرويات، فقد يكون الراوي
متكلم فيه، ويخرج له البخاري، وقد يكون الراوي متكلم فيه
ويخرج له مسلم، لكن ينتقي الإمام البخاري، وينتقي الإمام
مسلم مرويات هذا الراوي، وقد تكون روايته عن هذا الشيخ في
هذا الظرف بعينه في البلد الفلاني لها شأن غير ما رواه عنه
في حال مثلاً في أول الأمر، في آخره، في أثنائه، كل هذه
ملاحظ يلحظها الأئمة، ولها أثر كبير في الرواية.
يقول: فاقد الذاكرة والمغمى عليه هل تلزمهما التكاليف
الشرعية، وإذا كان الشخص فقد وعيه كالغيبوبة لمدة أربعة
أيام، هل يلزمه قضاء الصلاة في الأربعة الأيام، أم أنها
تسقط عنه؟ وماذا عن الصيام في حقه؟
فاقد الوعي والمغمى عليه ليس بمكلف، وينظر في أمره، فإن
زاد الإغماء على ثلاثة أيام كان حكمه حكم المجنون لا يلزمه
القضاء، وإذا نقص ذلك عن الثلاثة الأيام قالوا: حكمه حكم
النائم يلزمه القضاء، ولا يرتفع التكليف عنه.
هل يجوز أن تصلى صلاة الكسوف والخسوف في وقت النهي؟
أما في وقت النهي المغلظ وهو عند طلوع الشمس وغروبها، وعند
قيام قائم الظهيرة ينتظر بها، وهي أوقات قصيرة ومغلظة،
وشأنها أشد من غيرها، ينتظر بها حتى يخرج وقت النهي، وأما
في الوقتين الموسعين فلا مانع؛ لأن الصلاة علقت بالرؤية،
فإذا رأيتموهما فصلوا.
(153/18)
هل يشترط أن تصلى جماعة في المسجد؟ وهل
يجوز للنساء أن تصليها في المنزل لوحدها لو تعذر عليها
الصلاة في المسجد؟
الأصل أنها تصلى في المسجد كما فعلها النبي -عليه الصلاة
والسلام-، وإذا فعلها الناس فرادى بحيث لا يتمكن الإنسان
من الوصول إلى المسجد، أو في مكان لا يوجد معه غيره وصلاها
بمفرده أصاب السنة -إن شاء الله تعالى-.
هذا يقول: لا يخفى عليكم ما حل بصدام حسين، وقد تضاربت
الأقوال في الحكم عليه بالكفر من عدمه فما هو القول الفصل
فيه؟
على كل حال انتماؤه إلى الحزب الخبيث حزب البعث، وقد صدرت
بشأنه فتاوى قديمة، بمجرد انتمائه إلى الحزب؛ لأنه حزب
كفري -نسأل الله العافية والسلامة-، لكن خاتمته بهذه
الطريقة، يعني كونه حسنت حاله فيما بعد، ونطق بالشهادة عند
موته، يجعل الإنسان يتوقف عن مسألة التكفير، وإلا فشرط
التوبة في مثل هذا البيان، الإصلاح مع البيان {إِلاَّ
الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} [(160)
سورة البقرة] لا بد من البراءة من الحزب الذي ينتمي إليه،
ولم يحصل ذلك، لكن نطقه بالشهادة، لا شك أن له شأن، على أن
الأمر في مثل هذا الذي تضطرب فيه الأقوال، وتتباين فيه
الأنظار، ولكل وجه التوقف في مثله أولى، فلا يحب ولا يسب.
وأقرب نظير له عندي الحجاج بن يوسف، يعني مسرف مبير، ظالم
غاشم، ومع ذلك عنده كلمة التوحيد، له توحيد كما يقول
الحافظ الذهبي وغيره، وقيل: ولا نحبه بل نسبه، وسبه وبغضه
من أوثق عرى الإيمان كما يقول الحافظ الذهبي.
وعلى كل حال مثل هذه الأمور التي الإنسان غير مسئول عنها،
فإذا حفظ لسانه، وكف عن مثل هذه الأمور فهو أولى، والحجاج
معروف ظلمه وغشمه وإهانته للصحابة، وخيار الأمة، وقتله
لخيار الناس، قتل عشرات الألوف -نسأل الله السلامة
والعافية- وهذا قريب منه يعني، مثل هذا حقيقة هو مستحق
للقتل من قديم يعني، لكن على يد من؟ يقتل بسيف الشرع، لا
يقتل بيد الأعداء، وهذا الذي يجعل الأمر يحز في النفس،
وتجعل الشعوب تتعاطف معه، والناس يتعاطفون معه؛ لأنه قتل
في يوم عيد، وضحي به لغير الله -جل وعلا-، لا لدين الله،
ولا لإقامة شرع الله.
(153/19)
المقصود أن مثل هذا الأمر على الإنسان أن
يحفظ لسانه، يعني كلمة التوحيد التي قالها في آخر لحظة هذه
لها شأن عظيم عند الله -جل وعلا-، وتاريخه الأسود معروف
المظلم والظلم والعدوان هذا أيضاً له في الميزان شأن عظيم
-نسأل الله السلامة والعافية-.
يقول: هل أكل اللحم النيئ حرام؟ وما الدليل على ذلك؟
ليس بحرام، إلا إذا كان يضر، إذا كان يضر بالبدن حرم من
هذه الحيثية وإلا فليس بحرام.
يقول: هل يجوز قراءة القرآن جماعة بعد صلاة الفجر وصلاة
المغرب؟
إيش معنى جماعة؟ يعني أن واحد يقرأ ويرددون وراءه، هذا في
حال التعليم لا بأس به، لكن في حال التعبد بقراءة القرآن،
الأصل أن يقرأ واحد وينصت البقية {وَإِذَا قُرِئَ
الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة
الأعراف] أما القراءات الفردية فكل إنسان يقرأ لنفسه، أما
القراءة الجمعية لغير التعليم فهي بدعة.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ....
(153/20)
|