وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن
المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في
الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، فقال الذي
قضي عليه: كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا
استهل، ومثل ذلك بطل؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: ((إنما هذا من إخوان الكهان)).
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان
يقول: الغرة تقوّم بخمسين ديناراً، أو ستمائة درهم،
ودية المرأة الحرة المسلمة خمسمائة دينار، أو ستة آلاف
درهم.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: فدية جنين الحرة عشر
ديتها، والعشر خمسون ديناراً أو ستمائة درهم.
قال مالك: ولم أسمع أحداً يخالف في أن الجنين لا تكون
فيه الغرة حتى يزايل بطن أمه، ويسقط من بطنها ميتاً.
قال مالك: وسمعت أنه إذا خرج الجنين من بطن أمه حياً،
ثم مات أن فيه الدية كاملة.
قال مالك: ولا حياة لجنين إلا بالاستهلال، فإذا خرج من
بطن أمه فاستهل، ثم مات ففيه الدية كاملة، ونرى أن في
جنين الأمة عشر ثمن أمه.
قال مالك: وإذا قتلت المرأة رجلاً أو امرأة عمداً
والتي قتلت حامل لم يقد منها حتى تضع حملها، وإن قتلت
المرأة وهي حامل عمداً أو خطأ فليس على من قتلها في
جنينها شيء، فإن قتلت عمداً قتل الذي قتلها وليس في
جنينها دية، وإن قتلت خطأ فعلى عاقلة قاتلها ديتها،
وليس في جنينها دية.
وحدثني يحيى سئل مالك عن جنين اليهودية والنصرانية
يطرح، فقال: أرى أن فيه عشر دية أمه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: عقل الجنين
الجنين: الحمل الذي في بطن أمه، والجنين معروف أن له
أطوار، والأحكام إنما ترتب على الجنين بعد نفخ الروح،
الأحكام المتعلقة به بعد نفخ روحه، فإذا أعتدي عليها
قبل نفخ الروح، وبعد نفخ الروح له حكم، أحكام الأم
تتعلق بالتصوير، يعني إذا وجد فيه ما يدل على أنه
إنسان، شيء من خلق الإنسان تتعلق به أحكام الأم، فتخرج
به من العدة إلى غير ذلك من الأحكام المتعلقة بها،
الأحكام المتعلقة بالجنين تثبت بنفخ الروح به، فإذا
سقط قبل نفخ الروح فإنه حينئذٍ لا يكفن ولا يغسل ولا
يصلى عليه، وكذلك ما يجب فيه.
(162/13)
يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني يحيى عن
مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن
أبي هريرة أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى
فطرحت جنينها، فقضى فيه رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- بغرة عبد أو وليدة" يعني يعطى في مقابله عبد أو
وليدة، أو يقوّم، تقوّم هذه الغرة بعشر دية الأم، يعني
خمس من الإبل.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في الجنين يقتل
في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، فقال الذي قضي عليه"
اعترض الذي قضي عليه، يعني هذا قضاء من النبي -عليه
الصلاة والسلام- وهو من المتفق عليه صحيح، كسابقه،
متفق عليه، فاعترض المقضي عليه "فقال الذي قضي عليه:
كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، ومثل
ذلك بطل؟! " يعني يذهب هدراً، أو يطل، يعني يترك بدون
مقابل "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما
هذا من إخوان الكهان)) " في رواية: ((هذا من سجع
الكهان)) ولا شك أن الاعتراض بمثل هذا الكلام المسجوع
لا قيمة له، بل مخالفة واضحة وصريحة، ومصادمة للنص
بكلام لا قيمة له.
طالب: هذا من شيوخ العقلانية -أحسن الله إليك- في هذا
الزمن.
هذا مثلهم "كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل؟! " بالمقابل
قد يقول قائل: كيف أقبل خمس من الإبل عشر دية في مقابل
حمل انتظره سنين طويلة؟! لأنه قد يكون أمه وأبوه
ينتظرانه عشر سنين أو أكثر، ثم بعد ذلك ما يعطى إلا
خمس من الإبل، لو يعطى خمسمائة ما قبل، لو كان الدين
بالرأي، لكن لا هذا ولا هذا، المسألة شرع، وعلى الجميع
أن يرضى ويسلم حتى لا يجد في نفسه شيء من هذا الحكم.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما هذا من
إخوان الكهان)) " لأن كلامه يشبه كلامهم؛ لأنهم يعتنون
بالأسجاع، ويعارضون بها الشرع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يذم السجع والشعر ما يذم، والبيان عموماً لا يذم
((إن من البيان لسحراً)) على حسب ما يستعمل فيه، فإن
استعمل في نصر الحق فهو حق، وإن استعمل في نصر الباطل
فهو باطل.
(162/14)
قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد
الرحمن أنه كان يقول: الغرة تقوم خمسين ديناراً، أو
ستمائة دينار" لماذا؟ لأن الدية ألف دينار، واثني عشر
ألف درهم، هذه دية الرجل، دية المرأة على النصف، فتكون
خمسمائة دينار، أو ستة آلاف درهم قال: "ودية المرأة
الحرة المسلمة خمسمائة دينار أو ستة آلاف درهم" وعشر
الخمسمائة دينار كم؟ خمسون ديناراً، وعشر الستة آلاف
درهم؟ ستمائة درهم.
"قال مالك: فدية جنين الحرة عشر ديتها" دية جنين الحرة
عشر ديتها، والعشر خمسون ديناراً، أو ستمائة دينار، لو
قدر أن جنين الحرة من عبد، زوجها عبد، نعم يتبع أمه
حرية ورقاً، فدية جنين الحرة عشر ديتها، والعشر خمسون
ديناراً أو ستمائة ردهم.
"قال مالك: ولم أسمع أحداً يخالف في أن الجنين لا تكون
فيه الغرة حتى يزايل" يعني ينفصل "يزايل بطن أمه" يعني
ينفصل منه "ويسقط من بطنها ميتاً" لأنه إن سقط حياً
الحكم يختلف، نعم إذا سقط حياً ثم مات فالحكم يختلف،
فالدية كاملة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الجناية تقدر، الجناية تقدر بقدرها، تقدر بقدرها، هي
جناية على كل حال.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
أهل العلم يقولون بالجواز قبل الأربعين بدواء مباح. .
. . . . . . .
هنا يقول: في المنقلة خمسة عشرة من الإبل كما في كتاب
النبي -عليه الصلاة والسلام- لعمرو بن حزم، قال وهو
مجمع عليه، خمس عشرة من الإبل.
يقول -رحمه الله تعالى-: "قال مالك: ولم أسمع أحداً
يخالف في أن الجنين لا تكون فيه الغرة حتى يزاول بطن
أمه، ويسقط من بطنها ميتاً".
"قال مالك: وسمعت أنه إذا خرج الجنين من بطن أمه حياً،
ثم مات أن فيه الدية كاملة" لأنه إذا انفصل منها حياً
صارت الجناية عليه جناية على نفس معصومة كاملة، ففيه
الدية كاملة.
"قال مالك: ولا حياة للجنين إلا بالاستهلال" فإذا
استهل ثبتت الأحكام، ويرث حينئذٍ "فإذا خرج من بطن أمه
فأستهل، ثم مات ففيه الدية كاملة، ونرى أن في جنين
الأمة عشر ثمن أمه" هناك عشر دية أمه في الحرة، وفي
الأمة عشر ثمن أمه "قال مالك: وإذا قتلت المرأة
رجلاً".
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
(162/15)
يعني على حسب ما تستحق أمه، عشر ثمن أمه.
"قال مالك: وإذا قتلت المرأة رجلاً أو امرأة عمداً
والتي قتلت حامل لم يقد منها حتى تضع حملها" يعني كما
تقدم في الحدود أنها لا تقام عليها الحدود حتى تضع
حملها "وإن قتلت المرأة وهي حامل عمداً أو خطأ فليس
على من قتلها في جنينها شيء" لأن مات تبعاً لها من غير
قصد للقاتل " فإن قتلت عمداً قتل الذي قتلها، وليس في
جنينها دية، وإن قتلت خطأ فعلى عاقلة قاتلها ديتها،
وليس في جنينها دية" لأنه ما انفصل، ما سقط، مات وهو
في بطن أمه "ولو اعتدى عليه فمات في بطنها" في الحديث
السابق: "رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها" وفي الذي
يليه: "أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قضى في الجنين
يقتل في بطن أمه بغرة" لكن إذا جني عليه تبعاً لأمه لم
يقصد بالجناية، يعني الجناية ما وقعت عليه استقلالاً،
إنما وقعت على الأم، فصارت تبعاً لها، على كلام الإمام
مالك أنه ليس فيه شيء، والأقيس أنه كالمستقل، نعم، هذه
جناية وهذه جناية، كمن قتل اثنين، ويقصد واحد، لكن هل
الحمل قبل انفصاله تثبت له الأحكام أو لا تثبت؟ هو لو
قتل قبل انفصاله في بطن أمه وجب فيه عشر دية أمه، فإذا
قتل تبعاً لها فكلام الإمام -رحمه الله تعالى- يدل على
أنه لا شيء فيه، وإنما يكفي عقل أمه، دية أمه كاملة،
ويثبت تبعاً لها، ولا شك أن الأقيس أن تثبت دية الأم
ودية الجنين.
"وحدثني يحيى قال: سئل مالك عن جنين اليهودية
والنصرانية يطرح، قال: أرى أن فيه عشر دية أمه" ودية
اليهودي والنصراني محل خلاف بين أهل العلم، والأكثر
على أنها على النصف، على النصف من دية المسلم، في
تبعيض الجناية سواء كانت التبعيض للدية أو للكفارة.
هذا سؤال طرح في الدرس الماضي.
(162/16)
وهنا يقول: قال في الكافي: وأما شبه العمد
فتجب فيه الكفارة؛ لأنه أجري مجرى الخطأ، وفي نفي
عقوبته، وتحمل العاقلة ديته؛ لأنه أجري مجرى الخطأ في
نفي عقوبته، وتحمل عاقلته ديته وتأجيلها، فكذلك في
الكفارة؛ ولأنه لو لم تجب الكفارة لم يلزم القاتل شيء؛
لأن الدية تحملها العاقلة، وتجب الكفارة في مال الصبي
والمجنون إذا قتل وإن تعمدا؛ لأن عمدهما تجب الكفارة
في مال الصبي والمجنون إذا قتلا وإن تعمدا؛ لأنه تقدم
أن عمد الصبي والمجنون كخطأ المكلف؛ لأن عمدهما أجري
مجرى الخطأ في أحكامه وهذا من أحكامه، وتجب على النائم
إذا انقلب على شخص فقتله، وعلى من قتلت بهيمته بيدها.
كيف؟
وتجب على النائم إذا انقلب على شخص فقتله، يعني أروش
الجنايات كلها تثبت في حق من رفع عنه القلم، من الصبي
والمجنون والنائم، هؤلاء رفع عنهم القلم، لكن إثبات
التبعات عليهم في مثل هذا إنما هو من باب ربط الأسباب
بالمسببات، لا من باب التكليف، وإنما هو من باب الحكم
الوضعي.
وتجب على النائم إذا انقلب على شخص فقتله، وعلى من
قتلت بهيمته بيدها أو فمها إذا كان قائدها أو راكبها
أو سائقها؛ لأن حكم القتل لزمه، يعني كأنها صارت آلة
بيده، فقتلت فصارت هي المباشرة وهو المتسبب، لا يقال:
قتل عمد، لكن قاتل بهذه الآلة التي هي الدابة.
وعلى من قتلت بهيمته بيدها أو فمها إذا كان قائدها أو
راكبها أو سائقها؛ لأن حكم القتل لزمه، فكذلك كفارته.
الفقهاء يقولون: لو رمى قشر موز مثلاً فوطئه شخص فسقط
فمات يلزمه، لو بالت دابته في الطريق فسقط أحد فمات
يلزمه، ولا شك أن المسألة خلافية بين أهل العلم، لكن
هذا القول قول معروف عندهم.
إلى أن قال: ومن عجز عن الكفارة بقيت في ذمته؛ لأنها
كفارة تجب بالقتل فلا تسقط بالعجز، ككفارة قصد الصيد
الحرمي، والكفارة كما هو معروف عتق رقبة مؤمنة، أو
صيام شهرين متتابعين، وليس فيها إطعام.
(162/17)
يقول: في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:
حكم كفارة القتل خطأ وأنها واجبة ومرتبة كما في الآية
الكريمة، فقال: وعلى القاتل الحر لا العبد لعدم صحة
عتقه المسلم لا الكافر؛ لأنه ليس من أهل القرب، وإن
كان صبياً أو مجنوناً؛ لأن الكفارة من خطاب الوضع كعوض
المتلفات، أو كان القاتل شريكاً لصبي أو مجنون أو
غيرهما، فعلى كلٍ كفارة كاملة، ولو كثر الشركاء.
يعني لو اجتمع عشرة في قتل واحد، اجتمعوا في قتله،
الدية تتبعض، لا يلزم إلا دية واحدة، كل واحد عليه
العشر، لكن الكفارة؟ على كلامه، فعلى كلٍ كفارة كاملة
ولو كثر الشركاء، هل معنى هذا أنه يعتق عنه عشرة،
ويصام عنه عشرون شهر؟ نعم؟ هذا مفاد كلامه، يقول: وذكر
صاحب المغني أن الكفارة لا تتبعض، والكفارة على غير
المكلف من باب الحكم الوضعي، لكن هل تبقى في ذمته لعدم
الاستطاعة، أو تسقط عنه قياساً لمن أسقط الكفارة على
من جامع في نهاية رمضان؟ مع العلم أن العاقلة لا تتحمل
عنه إلا الدية، وذلك في أنواع القتل الثلاث.
يقول الكاتب: وعند أبي حنيفة وجماعة من العلماء أنه لا
كفارة على الصغير والمجنون، قالوا: إن الكفارة حق لله،
وليست حقاً مالياً محضاً؛ لقول النبي -صلى الله عليه
وسلم-: ((رفع القلم عن ثلاثة)) ومنهم الصغير والمجنون،
ومثل هذا الزكاة في مال الصبي والمجنون، الجمهور على
أنها تجب، باعتبار أنها من باب حكم الوضع، لا من باب
حكم التكليف، فلا يفيد فيها رفع القلم عنه، وعند أبي
حنيفة لا تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون؛ لأنهما
غير مكلفين.
قال: فلا تلزمهما الكفارة؛ لأنهما ليسا من أهل
التكليف، وذهب الجمهور إلى وجوب الكفارة على الصغير
والمجنون؛ لأن الله أوجب الكفارة في القتل الخطأ، فدل
ذلك على عدم اشتراط القصد، وإنما يشترط التكليف في
العبادات من أجل القصد الصحيح، والصغير والمجنون لا
قصد لهما، والقول الأول مال إليه، يقول الشيخ ابن
عثيمين -رحمه الله-، يعني قول أبي حنيفة.
(162/18)
يعني ومثل هذا في الصغير إذا أدخل في
الإحرام، يعني أحرم له أبوه، الجمهور على أنه يلزمه
الإتمام، وتترتب التبعات عليه، ولا يرفض إحرامه بحال
من الأحوال، أبو حنيفة يقول: ما هو بمكلف متى رفض قبل
رفضه، وهو من هذا الباب.
يقول: مسألة تبعض الكفارة من شارك في القتل ...
طالب: وهذا. . . . . . . . . يا شيخ في قضية الحج؟
لا أبد، مثل غيره، ما دام دخل، أدخله بطوعه واختياره
تلزمه جميع التبعات، مثل جناياته ومثل متلفاته. مسألة
تبعض الكفارة من شارك في القتل فعليه الكفارة، وعليه
وعلى شريكه دية واحدة، فالدية واحدة، والكفارة متعددة؛
لأن الكفارة لا تتبعض فإنه قد يقال: إذا كان التكفير
بالعتق فيمكن تبعضه بأن يشتركا في شراء رقبة ويعتقاها،
وهذا ممكن، لكن في حقيقة الأمر أن كل واحد منهما أعتق
نصف رقبة فقط، وكل واحد منها قاتل بالمشاركة، وكذلك
يقال في الصيام، يعني لو أنهما قتلاه عمداً ألا يقتلان
به؟ فكل واحد كأنه مستقل بالجناية، نعم ولو قلنا
بالتبعض لقلنا أيضاً: القتل ولو كان عمداً يتبعض،
فيكون على هذا نصف وهذا نصف، فما داما يقتلان به في
حال العمد، ولا يبعض القتل، فكذلك البدل عنه، فيما لو
تنازلوا عن قاتل العمد إلى الدية، وعلى خلاف في
الكفارة، هل تلزم قاتل العمد أو لا تلزمه؟ على كل حال
يقول: من شارك في القتل فعليه الكفارة، وعليه وعلى
شريكه دية واحدة، فالدية واحدة، والكفارة متعددة؛ لأن
الكفارة لا تتبعض، فإنه قد يقال: إذا كان التكفير
بالعتق فيمكن تبعضه بأن يشتركا في شراء رقبة ويعتقاها
وهذا ممكن، لكن في حقيقة الأمر أن كل واحد منهما أعتق
نصف رقبة فقط، وكل واحد منها قاتل بالمشاركة، وكذلك
يقال في الصيام، يعني ما يقال: كل واحد يصوم شهر، إنما
كل واحد يصوم شهرين متتابعين.
يقول: فالمذهب أنه إذا شارك ولو في جزء واحد من مائة
جزء، يعني اشترك مائة في قتله فعليه كفارة، ولهذا لو
اجتمع مائة على قتل شخص فعليهم مائة كفارة، وعلى كل
واحد كفارة، وهناك وجه آخر لأصحاب أحمد أنهم يشتركون
في الكفارة، يعني كاشتراكهم في الدية، وعلى كل حال
المسألة مثل ما أشرنا سابقاً أنها محل خلاف، والنظر
يقتضي أنها إذا كانت متعلقة بالمال ...
(162/19)
طالب: فهم يشتركون.
فهم يشتركون كالدية، وإذا كانت عبادة بدنية فلا
يشتركون فيها كالصيام، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما فيه الدية كاملة
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه
كان يقول: في الشفتين الدية كاملة، فإذا قطعت السفلى
ففيها ثلثا الدية.
وحدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل الأعور
يفقأ عين الصحيح، فقال ابن شهاب: إن أحب الصحيح أن
يستقيد منه فله القود، وإن أحب فله الدية، ألف دينار
أو اثنا عشر ألف درهم.
وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن في كل زوج من الإنسان
الدية كاملة، وأن في اللسان الدية كاملة، وأن في
الأذنين إذا ذهب سمعهما الدية كاملة، اصطلمتا أو لم
تصطلما، وفي ذكر الرجل الدية كاملة، وفي الأنثيين
الدية كاملة.
وحدثين يحيى عن مالك أنه بلغه أن في ثديي المرأة الدية
كاملة.
قال مالك: وأخف ذلك عندي الحاجبان وثديا الرجل.
قال مالك: الأمر عندنا أن الرجل إذا أصيب من أطرافه
أكثر من ديته فذلك له إذا أصيبت يداه ورجلاه وعيناه
فله ثلاث ديات.
قال مالك في عين الأعور الصحيحة إذا فقئت خطأ: إن فيها
الدية كاملة.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما فيه الدية كاملة
يعني مائة من الإبل، أو ما تقوم به من ألف دينار، أو
اثني عشر ألف درهم.
يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن
سعيد بن المسيب أنه كان يقول في الشفتين: الدية كاملة"
الشفتين كلتيهما؛ لأن هذا مما في الإنسان منه شيئان،
فإذا استأصلا فيهما الدية كاملة، وكذلك العينان
واليدان والرجلان والأنثيان، وكل شيء، كل ما في
الإنسان منه شيئان، ففيهما مجتمعتين الدية كاملة،
الدية كاملة في الاثنين، وما في الإنسان منه واحد فيه
الدية كاملة، وما في الإنسان منه ثلاثة في كل واحد
منها ثلث الدية، وفي الثلاثة دية كاملة، وهكذا، وفي
الأصابع باعتبارها عشرة، في كل واحد منها عشر الدية،
أصابع اليدين كل واحد عشر الدية، وأصابع الرجلين كل
واحد عشر الدية، وهكذا.
(162/20)
"في الشفتين الدية الكاملة، فإذا قطعت
السفلى ففيها ثلثا الدية" لماذا؟ لأن الانتفاع بها
أكثر، يستقيم له أن يأكل دون الشفة العليا، لكن لا
يستقيم له أن يأكل بسهولة مع فقد الشفة السفلى.
"حدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل الأعور
يفقأ عين الصحيح، فقال ابن شهاب: إن أحب الصحيح أن
يستقيد منه فله القود" الرجل الأعور يفقأ عين الصحيح
العين بالعين، له أن يفقأ عينه، ولو أدى ذلك إلى أن
يكون الجاني أعمى "وإن أحب فله الدية ألف دينار" دية
كاملة، وهي عين "وذلكم لأن الأعمى ليس عنده إلا عين
واحدة ففيها الدية كاملة" كالذكر مثلاً "وإن أحب فله
الدية ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم".
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: على المقابل تكون العقوبة؟
كيف؟
طالب: يعني مثلاً الحين لو الذي ضربه في عينه مبصر
كامل، مو بـ (له) النصف؟
إلا النصف.
طالب: وراه الأعور دية كاملة؟ على المقابل؟
لا باعتبار أنه لو هذا الجاني أعمى .. ، باعتبار أنه
أعور ...
طالب: هو على أنه أعور الجاني، إن أحب القود فله
القود.
إيه؛ لأنه باعتبار ....
طالب: افتدى يعني عينه؟
الآن لو أحب القود كأنه أعمى، كأنه أذهب اثنتين، أذهب
الحاسة كاملة، مقابل الحاسة، إيه، مقابل الحاسة
الكاملة.
"وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن في كل زوج من
الإنسان الدية كاملة، وأن في اللسان الدية كاملة" ليس
في البدن منه إلا شيء واحد "وأن في الأذنين إذا ذهب
سمعهما الدية كاملة، اصطلمتا" أي قطعتا من الأصل، وذهب
بسبب ذلك السمع "أو لم تصطلما" لأن الكلام على
الانتفاع بالأذنين "وفي ذكر الرجل الدية كاملة" لأنه
ليس فيه إلا شيء واحد "وفي الأنثيين الدية كاملة، وفي
كل واحد منهما نصف الدية".
"قال مالك: وأخف ذلك عندي الحاجبان، وثديا الرجل" يعني
ثديا الرجل ليسا كثديي المرأة، لماذا؟ لأن الاستفادة
من ثديي المرأة تختلف عن الإفادة من ثديي الرجل، نعم.
"قال مالك: الأمر عندنا أن الرجل إذا أصيب من أطرافه
أكثر من ديته فذلك له، إذا أصيب يداه ورجلاه وعيناه
ثلاث ديات" إن أصيب لسانه رابعة، إن أصيب ذكره خامسة،
إن أصيبت أذناه سادسة، إلى أن يبلغ فيما فصلنا في
الدرس السابق ثمان أو أكثر من ثمان ديات.
"قال مالك في عين الأعور الصحيح إذا فقئت خطأ: إن فيها
الدية كاملة" لأنها تمثل الحاسة كاملة.
اللهم صل وسلم ....
(162/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب العقول
(4)
باب: ما جاء في عقل العين إذا ذهب بصرها - وباب: ما
جاء في عقل الشجاج
الشيخ: عبد الكريم الخضير
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في عقل العين
إذا ذهب بصرها
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار
أن زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- كان يقول: في
العين القائمة إذا أطفئت مائة دينار.
قال يحيى: وسئل مالك عن شَتَر العين، وحِجاج العين،
فقال: ليس في ذلك إلا الاجتهاد إلا أن ينقص بصر العين،
فيكون له بقدر ما نقص من بصر العين.
قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في العين القائمة
العوراء إذا أطفئت وفي اليد الشلاء إذا قطعت: إنه ليس
في ذلك إلا الاجتهاد، وليس في ذلك عقل مسمى.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في عقل العين
يعني دية العين.
إذا ذهب بصرها
"حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن
يسار أن زيد بن ثابت كان يقول في العين القائمة إذا
طفئت" معنى أنه ذهب بصرها، طفئت تشبيهاً لها بالسراج
إذا أطفئ، وصار الإنسان في ظلام، وكذلك إذا ذهب بصره
"مائة دينار" "العين القائمة إذا طفئت" قائمة يعني لم
يتغير شكلها، إذا رأيته قلت: هذا مبصر، لكن البصر ذهب
"مائة دينار" يعني عشر دية، والأصل أن فيها نصف الدية
خمسمائة دينار، فهل الشكل والمنظر يقدم على المنفعة
التامة بالبصر؟ يقول: "كان يقول في العين القائمة إذا
طفئت مائة دينار" عين قائمة بقيت كأنه يرى، كأنه يبصر،
وعلى معنى هذا أنه إذا فعل بالثانية كذلك، وصار رجل
أعمى، وعيناه قائمتان كأنه ينظر فيهما خمس الدية، بعض
العميان تراه كأنه يبصر، كأنه يشوف، لكنه لا يرى، هل
نقول: إن تضرره بفقد البصر أقل من تضرره بتشوه العين؟
إذاً ماذا عن قول زيد بن ثابت، والسند إليه صحيح "كان
يقول في العين القائمة إذا طفئت مائة دينار" ماذا عن
هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
(163/1)
ذهب البصر كامل مع كون العينين قائمتين.
طالب:. . . . . . . . .
لا أحياناً يضرب الإنسان ضربة تذهب البصر من الداخل،
تذهب بالإبصار من الداخل، ما يلزم أنه يتغير لون
العين.
طالب: اجتهاد من ثابت بن زيد -رضي الله تعالى عنه-.
لا شك أن هذا اجتهاده، ولو قلنا: إنه ينقص من البصر
بنسبة، كان البصر عنده ستة على ستة، فجاء من ضربه صار
خمسة على ستة، نقول: بالنسبة أو تقدر بقدرها؟ يجتهد
فيها كما قال الإمام في بعض القضايا؟ يجتهد فيها،
وماذا عما لو ضربه وبصره ضعيف فقوي؟
طالب: يعطيه قيمة الطبيب والنظارات.
لأنه يذكر بعض العميان يصطدم بسارية ويبصر، وهذا حصل،
يصير شيء متحجر فينفجر ويبصر، فهل نقول: إن هذا
باعتبار أنه اعتدى عليه وضربه يعزر؟ أو يقال: أحسن
عليه وإن لم يكن من غير قصد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش علاقة هذا بهذا؟
أنت لو تقول: قلع سنه المسوس وطلع نظيف جديد! واقعة
هذه؟
طالب: يسمع، يكون العرق الداخلي ضاغط على الإذن ويسمع
ما يدري فقلع ضرسه وصار يسمع ما شخصه صح.
هو ما يستحق شيء إذا لم يقصد، إذا لم يكن ذلك عن طريق
علاج لا يستحق شيئاً، بل هو في الأصل معتدٍ وجانٍ
يستحق التعزير، لكنه في مثل هذه الصورة ما يتصور أن
أحد يبي يطالبه على جنايته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، ما صار كامل، لا لا، الجناية واضحة وبالغة،
الجناية بالغة، بحيث لو تتعرض الثانية لأدنى شيء صار
على خطر من العمى.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال توجيهه ممكن، لكن قبوله فيه ما فيه، يعني
ذهب نصف بصره وعشر الدية كالأصبع؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ذهب من واحدة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يخالف، يجتمع النظر كله بواحدة؟ يزيد نظر
الثانية أو هو هو؟
طالب:. . . . . . . . .
كلامك هذا كأنه جاري على مذهب الشريطية البودي أهم من
المكينة، ما يصلح يا أخي، هذا بصر، هذا ذهب البصر،
فالثانية عرضة لأن يفقد البصر بالكلية.
طالب:. . . . . . . . .
(163/2)
أيضاً لو كانت غير قائمة، أنت أنظر إلى
النسبة الآن هو يستحق خمسمائة من الإبل، وذهب البصر
كامل، نعم، فما أعطاه إلا العشر مائة من الإبل، لو ذهب
البصر مع الشكل ما يستحق خمسمائة؟ أيهما أهم الشكل
وإلا البصر؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً كيف نقول بهذا؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الجهة التي في هذه العين تروح كلها، ولذلك في
الماشية يظهر الأثر بالغ، تمر على الأشجار ما تراها يا
أخي، إذا كان ما في إلا عين واحدة، لكن باعتبار أن
الإنسان حذر يلتفت يميناً وشمالاً يعني تغطي عين.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا المسألة كبيرة يعني.
طالب: أقول: ما فيه إشكال يعني حتى لو يسوق صاحب العين
الواحدة ما يستطيع التركيز يمنة ويسرة.
على كل حال الحكم من اجتهاد صحابي، وليس بملزم.
طالب:. . . . . . . . .
ما يأخذ بهذا أحد، ما أظن يأخذ بهذا أحد، على كل حال
هذا اجتهاده -رضي الله عنه-.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هم يقصدون بالعين القائمة الشكل، الآن لو اعتدى
شخص فجعل عينه قائمة وأذهب بصرها، كيف يقتص منه؟ عمد
هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو بالعمليات، يؤتى بمرآة وتعكس عليها الشمس حتى
يذهب بصره، وتبقى عينه قائمة، هذا نص عليه أهل العلم
بهذا.
"قال يحيى: وسئل مالك عن شتر العين" يعني قطع الجفن
الأسفل "وحجاج العين" يعني العظم المستدير حولها قال:
"ليس في ذلك إلا الاجتهاد إلا أن ينقص بصر العين" يعين
لو تغير شكل العين ببياض مثلاً هل هو أشد من شتر العين
أو حجاج العين؟ المسألة كلها اجتهادية على كل حال
"فيكون له بقدر ما نقص من بصر العين" طيب لو صارت
العين قائمة أذهب ضوءها، وقلنا بحكم زيد، أخذنا منه
مائة من الإبل، فجاء شخص ففقأ هذه العين القائمة كم
نلزمه بأربعمائة؟ أخذنا مائة سابقة بقي أربعمائة، هل
نلزم هذا بأربعمائة؟ ما نلزمه بأربعمائة.
(163/3)
"إلا أن ينقص بصر العين فيكون له بقدر ما
نقص من بصر العين" وقدر النقص إنما يقرره أصحاب
الخبرة، "قال مالك: الأمر عندنا في العين القائمة
العوراء إذا طفئت، وفي اليد الشلاء إذا قطعت أنه ليس
في ذلك إلا الاجتهاد، وليس في ذلك عقل مسمى" يعني لو
أخذنا بفتوى زيد لقلنا: إنه يلزم فيها أربعمائة، العين
العوراء إذا طفئت، مثل ما قلنا بفتوى زيد أخذنا منه
مائة "وفي اليد الشلاء إذا قطعت ليس في ذلك إلا
الاجتهاد، وليس في ذلك عقل مسمى" لأن نصف الدية إنما
هو في اليد المؤثرة العاملة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، يعني قائمة إذا طفئت، إذا كان المراد بطفئت تغير
شكلها وتشوه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا تغير؛ لأن طفئت يطلق بإزاء البصر، لا يطلق بإزاء
العين، لا هو يمكن أن يقال: إنها طفئت يعني انطبق
جفنها عليها، يمكن أن يقال هذا، على كل حال في هذه
الأمور تقدر هذه الجنايات، تشكل لها لجان من أهل
الخبرة وتقدرها، نعم.
أحسن الله إليك
باب: ما جاء في عقل الشجاج
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سليمان
بن يسار يذكر أن الموضحة في الوجه مثل الموضحة في
الرأس إلا أن تعيب الوجه، فيزاد في عقلها ما بينها
وبين عقل نصف الموضحة في الرأس فيكون فيها خمسة وسبعون
ديناراً.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: والأمر عندنا أن في
المنقلة خمس عشرة فريضة.
قال: والمنقلة التي يطير فراشها من العظم، ولا تخرق
إلى الدماغ، وهي تكون في الرأس وفي الوجه.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن
المأمومة والجائفة ليس فيهما قود، وقد قال ابن شهاب:
ليس في المأمومة قود.
قال مالك: والمأمومة ما خرق العظم إلى الدماغ، ولا
تكون المأمومة إلا في الرأس، وما يصل إلى الدماغ إذا
خرق العظم.
قال مالك: الأمر عندنا أنه ليس فيما دون الموضحة من
الشجاج عقل حتى تبلغ الموضحة، وهذا العقل في الموضحة
فما فوقها، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
انتهى إلى الموضحة في كتابه لعمرو بن حزم -رضي الله
تعالى عنه-، وجعل فيها خمساً من الإبل، ولم تقضِ
الأئمة في القديم ولا في الحديث فيما دون الموضحة
بعقل.
(163/4)
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن
سعيد بن المسيب أنه قال: كل نافذة في عضو من الأعضاء
ففيها ثلث عقل ذلك العضو.
حدثني مالك كان ابن شهاب لا يرى ذلك، وأنا لا أرى في
نافذة في عضو من الأعضاء في الجسد أمراً مجتمعاً عليه،
ولكني أرى فيها الاجتهاد يجتهد الإمام في ذلك، وليس في
ذلك أمر مجتمع عليه عندنا.
قال مالك: الأمر عندنا أن المأمومة والمنقلة والموضحة
لا تكون إلا في الوجه والرأس، فما كان في الجسد من ذلك
فليس فيه إلا الاجتهاد.
قال مالك: فلا أرى اللحي الأسفل والأنف من الرأس في
جراحهما؛ لأنهما عظمان منفردان، والرأس بعدهما عظم
واحد.
وحدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن عبد الرحمن أن عبد
الله بن الزبير -رضي الله تعالى عنهما- قاد من
المنقلة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في عقل الشجاج
الشجاج منها ما جاء تقديره بالنص، ومنها ما ترك
تقديره، ومنها ما يمكن إلحاقه بالمقدر، ومنها ما لا
يمكن إلحاقه.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى
بن سعيد أنه سمع سليمان بن يسار يذكر أن الموضحة في
الوجه مثل الموضحة في الرأس" لأن كل منها ينتهي إلى
عظم، ويخترق الجلد واللحم، ويوضح ويبرز العظم "إلا أن
تعيب الوجه فيزاد في عقلها" لأن عيب الرأس أقل من عيب
الوجه "فيزاد في عقلها بقدر" ما تسببته من تشويه "ما
بينها وبين عقل نصف الموضحة في الرأس" "إلا أن تعيب
الوجه فيزاد في عقلها ما بينها وبين عقل نصف الموضحة
في الرأس، فيكون فيها خمسة وسبعون ديناراً" الموضحة
فيها؟ كم؟ خمس، طيب، خمس من الإبل، فيكون في كل .. ،
كم فيها من الدنانير؟ خمسين، ويضاف إلى الخمسين نصف
الموضحة فيكون المجموع خمسة وسبعون ديناراً.
(163/5)
"قال مالك: والأمر عندنا أن في المنقلة
خمسة عشرة فريضة" يعني كما جاء في حديث عمرو بن حزم،
المنقلة .. ، الموضحة ت ك شط اللحم والجلد، ويتضح
العظم، المنقلة تزيد عليها، توضح العظم، وترض بعض
العظام، وتنقلها عن مكانها، ولذا جاء عقلها أكثر من
عقل الموضحة، خمسة عشرة فريضة، خمس عشرة من الإبل،
وقالوا: المنقلة التي يطير فراشها من العظم، ولا تخرق
إلى الدماغ؛ لأنها إذا خرقت إلى الدماغ صارت مأمومة،
وهي تكون في الرأس وفي الوجه، يعني كالموضحة.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن المأمومة
والجائفة ليس فيهما قود" يعني ولو كانت عن عمد، لماذا؟
نعم؟ لا يسلم من الزيادة، وقد قال ابن شهاب: ليس في
المأمومة قود، هذه أمور لا يمكن تقديرها بدقة فلا يؤمن
الحيف والزيادة.
"قال مالك: والمأمومة ما خرق العظم إلى الدماغ" يعني
أمت الدماغ وقصدته "ولا تكون المأمومة إلا في الرأس،
وما يصل إلى الدماغ إذا خرق العظم" المأمومة ما في
مأمومة في الصدر ولا في اليد ولا في الرجل، وإن أمت ما
أمت، وقصدت ما قصدت، يعني لو أنها قصدت القلب، أمت
القلب وقصدته تسمى مأمومة؟ لا، إنما المأمومة .. ،
إنما تكون في الرأس فقط.
"قال مالك: الأمر عندنا أنه ليس فيما دون الموضحة من
الشجاج عقل حتى تبلغ الموضحة" لماذا؟ لأنه لا يمكن
ضبطها، يعني إذا وصلت إلى حد وهو العظم أمكن ضبطها،
لكن قبل ذلك لا يمكن ضبطها، قد يقال: إنه يؤتى
بالمسبار فيأخذ بنسبتها، لكن أيضاً الناس يتفاوتون،
بعض الناس بين جلده وعظمه عشرة سانتي، وبعضهم واحد
ملي، فمثل هؤلاء التفاوت الكبير بين الناس يجعل مثل
هذه الأمور إنما تقدر بقدرها، يعني يختلفون الناس،
الرجل النحيف مثلاً ما بين جلده وعظمه إلا شيء يسير،
بينما الرجل السمين بين جلده وعظمه شيء كثير، فمثل هذه
الأمور لا شك أنها تقدر بقدرها.
(163/6)
"حتى تبلغ الموضحة، وإنما العقل في الموضحة
فما فوقها، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
انتهى إلى الموضحة في كتابه لعمرو بن حزم، فجعل فيها
خمساً من الإبل، ولم تقض الأئمة في القديم ولا في
الحديث فيما دون الموضحة بعقل" يعني ما في شيء ثابت،
ما قضى أحد ممن يعتد بقوله بشيء ثابت، قال: "وحدثني
يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه
قال: كل نافذة في عضو من الأعضاء ففيها ثلث عقل ذلك
العضو" نافذة إلى أي حد؟ نافذة في عضو من الأعضاء، ما
في ما يقول .. ، الموضحة مثلاً؟ نعم؟ كم في الموضحة في
الرأس؟ خمس، وإذا قلنا: إن نافذة في العضو من الأعضاء
وصارت موضحة في الرجل أو في اليد، وأوضحت العظم ثلث
عقل ذلك العضو، العضو عقله كم؟ كم؟ اليد مثلاً؟
خمسمائة، وإذا جعلنا الموضحة في اليد ثلث عقل اليد،
ثلث الخمسمائة، مائة وخمسة وسبعين، أو مائة وسبعين
تقريباً، أو مائة وستة وستين وثلث، هل يمكن أن يقال
بهذا والموضحة في الرأس فيها خمس؟ لا ليس المقصود هذا.
"كل نافذة في عضو من الأعضاء ففيها ثلث عقل ذلك
العضو".
قال: "حدثني مالك كان ابن شهاب لا يرى ذلك" يعني لم
يوافق ابن المسيب على اجتهاده هذا، قال: "وأنا لا أرى
في نافذة -هذا مالك- في عضو من الأعضاء في الجسد أمراً
مجتمعاً عليه " إنما يقدر بقدره، تشكل له لجنة ويقوم
"ولكني أرى فيها الاجتهاد يجتهد الإمام في ذلك، وليس
في ذلك أمر مجتمع عليه عندنا".
"قال مالك: الأمر عندنا أن المأمومة والمنقلة والموضحة
لا تكون إلا في الوجه والرأس، فما كان في الجسد من ذلك
فليس فيه إلا الاجتهاد".
"قال مالك: فلا أرى اللحي الأسفل والأنف من الرأس في
جراحهما؛ لأنهما عظمان منفردان، والرأس بعدهما عظم
واحد" يعني يقصد بالرأس الجمجمة، يعني الفك الأعلى تبع
الرأس، لكن الفك الأسفل ليس تبعه، والأنف أيضاً ليس
تبعاً له.
(163/7)
قال: "وحدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن أن عبد الله بن الزبير أقاد من المنقِلة"
أو المنقَلة، على كل حال العظم ينتقل من مكانه سواء
انتقل بنفسه كما يقال، فالذي ينقل من مكانه يصح أن
يقال: إنه انتقل، وهذا مثل ما قلنا بالأمس: إن من حج
به فقد حج، ابن الزبير أقاد من المنقلة، لكن هل
المنقلة يمكن ضبطها ليتم القود فيها؟ ألا يؤمن من
الحيف؟ لا بد من الحيف، لا يمكن أن تقدر هذه العظام
التي انتقلت من مكانها، قد تكون عشر كِسَر صغيرة من
العظام انتقلت في الأصل، فهل يؤمن أن يكون في القود أن
ينتقل عشر أو عشرين أو خمس؟ صعبة هذه، لا يمكن أن يقاد
في مثل هذه الصورة.
نعم إيه بلغ.
خلنا نشوف الأسئلة.
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أو اعتدى عليه، اعتدى عليه وهو نائم فبقر بطنه، وأخذ
الكلية، وأمكن خياطته، وسلم من ذلك، وعاش بكلية واحدة،
نعم، هل يقال: إنه باعتبار أن فيه كليتين كل واحدة نصف
الدية؟ هذا متجه يعني مطرد عندهم.
يقول: هذا رجل تزوج امرأتان فأبي رضع من المرأة
الأولى، وتقدمت لبنت من المرأة الثانية فقال بعضهم:
هذه عمتك من الرضاعة لا يجوز لك الزواج منها.
إذا كانت هذه البنت بنت للرجل صاحب اللبن فهي عمتك، لا
يجوز لك الزواج منها.
وقال الآخر: يجوز لك الزواج منها ....
إذا كانت هذه البنت من الزوج صاحب اللبن فلا شك أنها
أخت لأبيك من الأب فتكون عمة لك من الأب، فلا يجوز لك
أن تتزوجها، وإن كانت من زوج آخر فلا ارتباط لها
بأبيك.
ما هو القدر التي تصل به المرأة أبويها؟
المرأة يجب عليها بر أبويها، وملاحظة زوجها، وخدمة
زوجها، وأن لا تتعارض مثل هذه الحقوق والواجبات فتسدد
وتقارب، وحق الزوج أعظم، لكن على الزوج أن يمكنها من
صلة أبويها بالقدر الذي لا يضر بمصالحه، والمسألة
عرفية، إذا كان تعارف الناس على أن الزيارة في كل شهر
تقطع القطيعة، وتقرر الصلة، فلا شك أن هذا يكفي، أو في
الشهر مرتين، أو في كل شهرين، بحيث يرفع ما في خاطر
الأب، وفي الغالب أن الأب يرضى إذا كان المنع من قبل
الزوج، لم يكن من تساهل الزوجة.
إذا انقضت عدة الرجعية هل ترجع بعقد جديد أم يكتفى
بالشهود؟
لا بد من عقد جديد.
(163/8)
يقول: هل يجوز ترك صلة الرحم إذا كان يترتب
عليها فتن كالتبرج والاختلاط مثلاً؟
على كل حال الصلة من أوجب الواجبات، ومثل هذه الأمور
وهذه الفتن محرمة، فتقدر بقدرها، إذا أمكنت الصلة مع
درء هذه المفاسد تعينت، وإذا لم تمكن الصلة إلا مع
وجود هذه المفاسد فلتكن الصلة مما لا مفسدة فيه، بهاتف
أو مراسلة، أو ما أشبه ذلك، مع بيان أن السبب في عدم
المجيء هو وجود هذه المنكرات، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(163/9)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب العقول
(5)
باب: ما جاء في عقل الأصابع - وباب: جامع عقل الأسنان
- وباب: العمل في عقل الأسنان - وباب: ما جاء في دية
جراح العبد - وباب: ما جاء في دية أهل الذمة.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، وأجزه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في عقل
الأصابع
وحدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه
قال: سألت سعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة؟ فقال:
عشر من الإبل، فقلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون من
الإبل، فقلت: كم في ثلاث؟ فقال: ثلاثون من الإبل،
فقلت: كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: حين عظم
جرحها، واشتدت مصيبتها نقص عقلها؟ فقال سعيد: أعراقي
أنت؟ فقلت: بل عالم متثبت، أو جاهل متعلم.
فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: الأمر عندنا في أصابع
الكف إذا قطعت فقد تم عقلها، وذلك أن خمس الأصابع إذا
قطعت كان عقلها عقل الكف خمسين من الإبل، في كل إصبع
عشرة من الإبل.
قال مالك: وحساب الأصابع ثلاثة وثلاثون ديناراً، وثلث
دينار في كل أنملة، وهي من الإبل ثلاث فرائض وثلث
فريضة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في عقل الأصابع
يعني في دية الأصابع، فالعقل هو الدية، دية الأصابع
مجتمعة ومتفرقة من الرجال ومن النساء.
(164/1)
يقول -رحمه الله-: "وحدثني يحيى عن مالك عن
ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي، شيخ الإمام
مالك، إمام مشهور، علم من أعلام المسلمين "أنه قال:
سألت سعيد بن المسيب" وسعيد أحد الفقهاء المشهورين،
الفقهاء السبعة من فقهاء المدينة "كم في إصبع المرأة؟
" هو يعرف أن في الإصبع عشر من الإبل، كما تقدم في
حديث عمرو بن حزم، فأشكل عليه هل المرأة مثل الرجل أو
على النصف منه؟ فأجابه سعيد، فقال: "عشر من الإبل،
فقلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: كم في
ثلاثة؟ قال: ثلاثون من الإبل" لماذا؟ لأن المرأة تعاقل
الرجل إلى ثلث الدية على ما تقدم، تعاقله إلى ثلث
الدية، فإن زادت عن الثلث نقصت "فقلت: كم في أربع؟
قال: عشرون من الإبل" هذا يورث إشكال، يعني عقل
الثلاثة الأصابع أكثر من عقل الأربعة؟! لكنه جارٍ على
القاعدة السابقة، وأن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث
الدية، ولو كان عقلها في أصابعها كأصابع الرجل لكانت
ديتها مثل دية الرجل، لكان في خمسة الأصابع خمسين من
الإبل مثل الرجل، وعادلت ديتها كاملة؛ لأن دية المرأة
على النصف من دية الرجل.
(164/2)
يعني نظير هذا يعني مثال تقريبي الشرائح في
الاستهلاكات الشريحة الأولى كذا غالية، ثم الثانية
أرخص منها، ثم الثالثة أرخص منها، تجد أول الثالثة
أرخص من آخر الثانية، وهذا واضح يعني؛ لأنه لو استمر
صار إلى ما لا نهاية، لكن هنا لا بد من حسم، تقف فيه
المسألة إلى حد لا يضطرب فيه دية الرجل مع دية المرأة،
القاعدة أن المرأة على النصف من الرجل، وهذا أمر مقرر
في الشرع، لكن لماذا لم يكن من الأصل إصبع المرأة فيه
خمس من الإبل وينتهي الإشكال؟ وفي إصبعين عشر، وفي
ثلاث خمس عشرة، وفي أربعة عشرين؟ المسألة هل تكون
المسألة بالرأي أو بالسمع؟ بالسمع، ولذا لما قال له:
"كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت" ربيعة -ربيعة
الرأي- معروف "حين عظم جرحها، واشتدت مصيبها نقص
عقلها؟ " يعني نقصت ديتها "فقال سعيد: أعراقي أنت؟ "
يعني هل أنت من أهل العراق تنظر في النصوص برأيك، وقد
تدفع بعض السنن التي تخالف عقلك "أعراقي أنت؟ فقلت: بل
عالم متثبت" يعني نظير ما قالت عائشة لمن سألتها عن
الحائض ما بالها تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة؟ قالت:
أحرورية أنت؟ قالت: لا، لكن اسأل، يعني أحياناً تكون
الأحكام معللة، وعللها وحكمها واضحة، وأحياناً لا
يستطيع العقل أن يرقى لمستوى التشريع، وحينئذٍ عليه
الرضا والتسليم، وكما قرر أهل العلم "قدم الإسلام لا
تثبت إلا على قنطرة التسليم" لا بد من التسليم؛ لأن
العقل لا يدرك كل شيء، ولو كان العقل يدرك كل شيء لما
احتيج إلى الشرع، رُكب هذا العقل وخلاص ينتهي، لكن
العبرة بالشرع، وما جاءنا عن الله وعن رسوله فعلى
العين والرأس، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
(164/3)
"فقال سعيد: أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم
متثبت، أو جاهل متعلم" أحد احتمالين، إن كان عنده خبر
من هذا الكلام سابق يريد أن يتثبت؛ لأنه عالم، وهو
بالفعل عالم "أو جاهل متعلم" إن كان ما عنده خبر عن
المسألة يتعلم من هذا الإمام، وهو إمام يتعلم من إمام،
وقد يكون السؤال في أوائل أمره، قد يكون السؤال في
بداية الطلب، فيكون جاهل يتعلم، أو يكون بعد أن رسخت
قدمه في العلم فيكون عالم متثبت، وربيعة الرأي شيخ
الإمام مالك يجلس في المسجد النبوي، وما يحضر عنده
أحد، والجموع الغفيرة عند مالك وهو تلميذه، يذكر في
كتب السير أنه قيل له بذلك، قال: درهم من سلطان خير من
قنطار من علم، يعني المدعوم من ولي الأمر، والمعين من
قبله يأتونه الناس، وتسهل له الأمور، فيلتف حوله
الناس، وهذا الشخص الذي ما يدعم، وهذا رأيه -رحمه
الله-، مع أن القلوب بيد الله -جل وعلا-، تجد بعض
الناس ما له عمل يذكر بين واضح عند الناس، فإذا مات
احتشد الناس لشهود جنازته، تتساءل وش السبب؟ الناس لا
يساقون بالأسواط، إنما القلوب بيد الله -جل وعلا-،
وعلى كل حال سواء جلس إليه، أو لم يجلس إليه هو عالم،
وهو حينئذٍ عالم متثبت إن كان سؤاله متأخراً، أو جاهل
متعلم إن كان سؤاله متقدماً.
"فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي" ولذلك الذي يعارض
النصوص ينظر في أمره، إن كانت معارضته للنصوص برأيه
يشم منها الاعتراض على الشرع مثل هذا يشدد عليه في
النكير، وإن كان السؤال سببه التثبت في الحكم، وأن
المفتي متأكد من جوابه، ومعتمد في ذلك على نص حينئذٍ
يرفق به.
(164/4)
"فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي" هي
السنة، وإذا قيل: هي السنة قف خلاص، ما لك خيار، إذا
قضى الله ورسوله أمراً ما في خيار، هي السنة، وقول
سعيد: هي السنة يعني سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-،
ويحتمل أن يكون سنة من تقدم من الخلفاء الراشدين، لكن
الأصل أنه ما يقال في مثل هذه السياقات من بيان
الأحكام إلا ويراد بها سنة النبي -عليه الصلاة
والسلام-، وحينئذٍ يكون من باب المرفوع المرسل،
ومراسيل سعيد هي أصح المراسيل عند أهل العلم، منهم من
يحتج بها مطلقاً، ومنهم من يقول: هي مرجحة على غيرها،
والإمام الشافعي يقول: إرسال ابن المسيب عندنا حسن،
يعني يحتج به، وأما بالنسبة لمالك وأبي حنيفة هؤلاء ما
عندهم إشكال في المراسيل حجة مطلقاً.
"هي السنة يا ابن أخي".
"قال مالك: الأمر عندنا في أصابع الكف إذا قطعت" يعني
الخمسة "إذا قطعت فقد تم عقلها" تم ديتها دية اليد،
خمسون من الإبل، يقول: "وذلك أن خمس الأصابع إذا قطعت
كان عقلها عقل الكف" يعني ديتها دية اليد خمسين من
الإبل نصف الدية؛ لأن في الإنسان يدين، وكل ما في
الإنسان منه شيئان فإنه يكون لكل واحد منهما نصف الدية
"خمسين من الإبل في كل أصبع عشرة من الإبل" يعني على
ما تقدم في حديث عمرو بن حزم.
"قال مالك: وحساب الأصابع ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث
دينار في كل أنملة" لأن كل أصبع فيه ثلاث أنامل، فيكون
عندنا ثلاثون أنملة، إذا قسمت الألف دينار على
الثلاثين أنملة يخرج الناتج لكل أنملة ثلاثة وثلاثون
ديناراً وثلث دينار "وهي من الإبل ثلاث فرائض وثلث
فريضة" لأنك إذا قسمت المائة من الإبل على الثلاثين
صار الناتج ثلاث وثلاثين وثلث فريضة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، قول سعيد: "من السنة" يدل على أنه مرفوع، يبقى
النظر في سعيد، ما أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام-،
فيكون حكمه حكم المرفوع المرسل، لذلك لو قال الصحابي:
من السنة انتهى الإشكال، مرفوع متصل.
قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
بعد النبي قاله بأعصرِ ... . . . . . . . . .
(164/5)
ولو بعد سنين طويلة، فلو قال الصحابي في
عهد معاوية مثلاً -رضي الله عن الجميع-: من السنة هل
نقول: سنة معاوية وإلا سنة علي وإلا سنة .. ؟ لا، سنة
الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولو تأخر قوله: من
السنة، فإذا قال سعيد: من السنة يعني سنة النبي -عليه
الصلاة والسلام-، وجاء في خبر سالم، يعني في قصة ابن
عمر مع الحجاج، قال: إذا أردت السنة أو أردت أن تصيب
السنة فهجر بالصلاة، يعني يوم عرفة، إذا أردت أن تصيب
السنة، فقال سالم: وهل يريدون بالسنة إلا سنة النبي
-عليه الصلاة والسلام-؟ ما يريدون في بيان الأحكام إذا
قرن لفظ السنة في بيان حكم شرعي، فالمراد سنة النبي
-عليه الصلاة والسلام-، ثم بعد ذلك النظر في مراسيل
سعيد مع غيره، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
وش فيها؟
يعني هي أنملتان وإلا ثلاث؟ على حسابهم يبونها ثلاث.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه معروف، هو الواقع، لكن على حسابهم يبونها ثلاث،
إلا إذا كانوا يريدون الحكم في هذا الإطلاق للغالب،
فالغالب أن الثمانية ثلاثة والاثنين اثنتين، نعم.
أحسن الله إليك
باب: جامع عقل الأسنان
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن
أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب -رضي الله
تعالى عنه- قضى في الضرس بجمل، وفي الترقوة بجمل، وفي
الضلع بجمل.
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن
المسيب يقول: قضى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-
في الأضراس ببعير بعير، وقضى معاوية بن أبي سفيان -رضي
الله تعالى عنهما- في الأضراس بخمسة أبعرة.
قال سعيد بن المسيب: فالدية تنقص في قضاء عمر بن
الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، وتزيد في قضاء معاوية
-رضي الله تعالى عنه-، فلو كنت أنا لجعلت في الأضراس
بعيرين بعيرين، فتلك الدية سواء، وكل مجتهد مأجور.
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن
المسيب أنه كان يقول: إذا أصيبت السن فأسودت ففيها
عقلها تاماً، فإن طرحت بعد أن أسودت ففيها عقلها أيضاً
تاماً.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع عقل الأسنان
(164/6)
الأسنان تقدم في حديث عمرو بن حزم أن في
السن كم؟ خمس من الإبل، ولذلك يقول: "وفي كل أصبع مما
هنالك عشر من الإبل، وفي السن خمس" ما جاء في المرفوع
مفروغ منه، في السن خمس، فماذا عن ما قضى به عمر بن
الخطاب ومعاوية وسعيد؟
يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني يحيى عن مالك عن زيد
بن أسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب
أن عمر بن الخطاب قضى في الضرس بجمل" الضرس حكمه حكم
السن، ومنهم من يقول: هو أشد من السن؛ لأن قلعه أكثر
أثراً في الفك، ومنهم من يقول: لا السن يجمع بين كونه
الحاجة إليه داعية كالحاجة إلى الضرس، أيضاً مسألة
المنظر والشكل؛ لأنهم يقيمون لها وزن هذه الأمور كما
تقدم في العين القائمة، وكما سيأتي في السن إذا أسود،
نعم يتشوه الشكل إذا أجتث السن بخلاف ما إذا قلع
الضرس، فتتفاوت هذه عن هذه، والأصل أن الجميع سواء،
كما جاء في حديث عمرو بن حزم، وأن في السن خمس من
الإبل، اجتهاد عمر -رضي الله عنه- أن هذا في الأسنان
فقط، وأما الأضراس فلا تدخل في حديث عمرو بن حزم، ولذا
قضى في الضرس بجمل، وفي الترقوة بجمل، وفي الضِلَع
بجمل "قضى في الضرس بجمل" والأصل أن يكون في الضرس
كالسن خمس.
الترقوة بجمل، والترقوة هذه العظم الذي بين النحر وبين
الكتف "وفي الترقوة بجمل، وفي الضِلَع" الأضلاع هذه
التي هي قفص الصدر "كل ضلع بجمل" قد يقول قائل: إن هذه
أمور يسيرة فكيف تقابل أعضاء الإنسان بمثل هذه
الأقيام؟ كيف تقابل؟ يعني يأتي شخص إلى ترقوة إنسان
ويعطيه جمل ويمشي، أو يكسر فيه ضلع ويقول: يكفيه جمل
وانتهى، هذا في الخطأ، وإذا كانت الدية خطأ مائة من
الإبل، فلا يعني أنها في العمد كذلك، إذا أريد إزهاق
النفس، ونُظر إلى أن هذا أزهق نفس إنسان بغير حق،
فتزهق نفسه في مقابل ذلك، يعني ليست المسألة معاوضة،
لكن الحكم الشرعي لا بد أن ينضبط، ويكون هناك مرجع،
وإلا لو نظرنا إلى مثل هذا النظر لقلنا: إن بعض الرجال
...
طالب:. . . . . . . . .
الناس ألف منهم كواحد ... وواحد كالألف إن أمر عني
(164/7)
يعني هذا يسوى مليون من الإبل، وهذا ما
يسوى ولا ناقة واحدة بعض الناس، لكن لا بد من ضابط،
الناس أمام التشريع العام سواسية، وفي النساء يقول
الشاعر:
منهن من تسوى ثمانين بكرة ... ومنهن من هي غالية بقيد
قعود
صحيح، الناس يتفاوتون، والواقع يشهد بهذا، لكن هناك
تشريع عام يعني لو ترك الأمر للاجتهادات ما انضبطت
الأمور، لكن لا بد من التحديد في مثل هذا، تجد فطرة
أغلى الناس مثل الرجل الفقير العادي صاع؛ لأن هذه أمور
عامة لا بد من ضبطها للجميع، ولو ترك المجال
للاجتهادات فقال: هذا يفطر بتريلة، وهذا يفطر بصاع،
وهذا يفطر بمد، ما تنضبط الأمور، فلا تنضبط أمور الشرع
إلا بمثل هذا، كون الإنسان يعني غالي عند نفسه، أو عند
قومه، أو عند عشيرته، أو حتى في ميزان الشرع لو كان
أعلم الناس وأعبد الناس ما اختلف عن أفسق الناس في مثل
هذه الأمور؛ لأن هذه الأمور لا بد أن يصدر فيها نظام
يسع الجميع، وليست معاوضة، يعني لو أن الإنسان دهس له
ولد ليفديه بالدنيا كلها، لكن هذا الشرع، وليس الشرع
بالعقل، نعم الشرع لا ينافي العقل، ولا يأتي
بالمستحيل، وإنما يأتي بالمحير، يعني الذي ما يدركه
كثير من العقول، وإن كان موافقاً للعقل، فالعقل الصريح
لا يناقض النقل الصحيح.
"وفي الضلع بجمل" يقول: سهل ما دام جمل أكسر به ضلع
وخلاص، خله يون كل الليل والأمر سهل، إذا كان بينك
وبينه عداوة، نقول: لا يا أخي أنت متعمد أنت {وَجَزَاء
سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى]
وإذا أردت أن تفدي ضلعك (يا الله) قدم، إلى أن يرضى
المعتدى عليه، لكن المسألة في الخطأ التي لا يد
للإنسان فيه.
(164/8)
"وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه
سمع سعيد بن المسيب يقول: قضى عمر بن الخطاب في
الأضراس ببعير بعير" كأنه يرى الفرق بين الأضراس
والأسنان؛ لأن الأسنان لها أثر في الشكل والمنظر،
بخلاف الأضراس، مع أن الأضراس بالنسبة للأكل أهم من
الأسنان، نعم "وقضى معاوية بن أبي سفيان في الأضراس
بخمسة أبعرة خمسة أبعرة" ولعل هذا هو الموافق للمرفوع،
قد يقول قائل: قضاء عمر ملزم؛ لأنه خليفة راشد أمرنا
بالاهتداء بهديه، والاستنان بسنته ((عليكم بسنتي وسنة
الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)) نقول: نعم صحيح،
هذا كلام صحيح إلا إذا كان معارضاً بنص، بنص مرفوع،
فلا كلام لأحد مع قوله -عليه الصلاة والسلام-.
"وقضى معاوية بن أبي سفيان في الأضراس بخمسة أبعرة
خمسة أبعرة.
قال سعيد بن المسيب: فالدية تنقص في قضاء عمر، وتزيد
في قضاء معاوية" كيف تزيد في قضاء معاوية؟
طالب:. . . . . . . . .
تزيد عن الدية الكاملة أو لا؟ نعم؟
قول عمر ما فيه إشكال؛ لأنه لو اعتبرنا الأسنان مع
الأضراس ثلاثين فكان فيه ثلاثين من الإبل جميع الفم،
وإذا نظرنا إليها فثلاثين في قضاء معاوية تصير مائة
وخمسين من الإبل أكثر من الدية، لكن جعل لها الخمس
باعتبار المتوسط، يعني متوسط الناس بين الشيخ والكبير
وبين الطفل الصغير المتوسط عشرين، فنظر إلى هذا
المتوسط "وتزيد في قضاء معاوية، فلو كنت أنا لجعلت في
الأضراس بعيرين بعيرين" يعني متوسط بين قضاء عمر وبين
قضاء معاوية، والمعول في ذلك كله على المرفوع، فإذا
وجد المرفوع فلا كلام لأحد.
"فتلك الدية سواء، وكل مجتهد مأجور" كل مجتهد إذا كان
أهلاً للاجتهاد، يعني توفرت فيه آلات الاجتهاد، فإن
أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، وعلى كل حال
هو مأجور، وبعض الناس يقول: كل مجتهد مصيب، فإن كان
مراده إصابة الحق فالحق واحد لا يتعدد، وإن كان مراده
إصابة الأجر فالكلام صحيح. "وكل مجتهد مأجور".
(164/9)
"وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن
سعيد بن المسيب أنه كان يقول: إذا أصيبت السن فأسودت
ففيها عقلها تاماً خمس من الإبل" ضربه بحصاة صغيرة ما
كسرت السن، لكن السن أسودت، ترون بعض الأسنان سود بسبب
ضربة أو شبهها، هذا غير الاصفرار الذي يكون بسبب
المأكولات، وبسبب الأبخرة التي تتصاعد من المعدة،
وبسبب إهمال التنظيف أحياناً، وبسبب بعض أنواع الماء،
بعض أنواع الماء تسبب صفار للأسنان، هذه ما لها أثر،
لكن الإشكال في الضربة التي تؤثر السواد، فيكون لون
السن أسود، يقول: "فيها عقلها تاماً خمس من الإبل، فإن
طرحت بعد ذلك" يعني اعتدى عليها ثاني، شخص آخر اعتدى
عليها فسقطت، ففيها عقلها أيضاً تاماً، لماذا؟ لماذا
لا يقال هذه مثل العين؟ أصيبت فانطفأ نورها، وصارت لا
تبصر، ثم أصيبت ثانية فتشوه شكلها، الآن السن يحتاج
إلى ديتين، هل نقول: إن العين في هذه الحالة تحتاج إلى
ديتين؟ أو نقول: البصر له نصيب والشكل له نصيب على ما
تقدم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الأصل فيها البصر، لكن تقدم لنا في كلام زيد أنها إذا
أصيبت وذهب ضوءها، وبقيت قائمة مائة من الإبل، ما في
خمسمائة، تقدم في الدرس الأول، ولو كانت قائمة ولا بصر
فيها، ثم أعتدي عليها فتشوه شكلها لا شك أنه يضمن،
وهذا له شأن، لكن كيف يكون في السن الواحدة أكثر من
عقل تام فيما إذا أسودت ثم طرحت؟ طالب:. . . . . . . .
.
يستفاد منها، طيب لكن أليس للشكل والمنظر كالعين
القائمة له نصيب؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما فيها نصف الدية وهي قائمة، بقدرها، على ما تقدم
في الدرس السابق.
طالب:. . . . . . . . .
(164/10)
لكن أنت إذا قلت: إن البصر له نصف الدية،
اعتدى وأذهب البصر، ضربه ضربة أذهبت بصره، نعم، وما
زالت العين قائمة، من شافه قال: ما شاء الله هذا يشوف،
نعم يبصر، الثاني الذي اعتدى عليه مرة ثانية وش مصيره؟
حتى ذهب جمال العينين؟ يترك؟ نقول: هذا مستوفي نصيبه؟
لا ما يترك، فكل شيء بحسبه، وهنا يقول: "فإن طرحت بعد
أن تسود ففيها عقلها أيضاً تاماً" وهذا اجتهاد من سعيد
-رحمه الله-، ولو اجتهد مجتهد وقال: ما دام أسودت يؤخذ
منه بقدرها، ثم إذا قلعت بعد ذلك تكمل لما بُعد، نعم.
أحسن الله إليك
باب: العمل في عقل الأسنان
حدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن
طريف المري أنه أخبره أن مروان بن الحكم بعثه إلى عبد
الله بن عباس -رضي الله عنهما- يسأله ماذا في الضرس؟
فقال عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: فيه
خمس من الإبل، قال: فردني مروان إلى عبد الله بن عباس
-رضي الله تعالى عنهما- فقال: أتجعل مقدم الفم مثل
الأضراس؟ فقال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: لو
لم تعتبر ذلك إلا بالأصابع عقلها سواء.
وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه كان يسوي
بين الأسنان في العقل، ولا يفضل بعضها على بعض.
قال مالك: والأمر عندنا أن مقدم الفم والأضراس
والأنياب عقلها سواء، وذلك أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- قال: ((في السن خمس من الإبل)) والضرس سن
من الأسنان، لا يفضل بعضها على بعض.
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
بعير واحد.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هذا ما فيه اجتهاد، المرجح ما جاء في النص
المرفوع، خمس من الإبل وانتهى الإشكال، لكن قد يقال
مثلاً: إن الاجتهاد قد يدخل في أسنان شخص، أسنانه آيلة
إلى السقوط مثلاً، يعني شخص بيطيح سنه مثلاً، يتحرك،
ثم بعد ذلك واحد. . . . . . . . . عليه وسقط، هل يعتبر
مثل السن الراسي خمس من الإبل؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك هذا مفروغ منه هذا.
طالب:. . . . . . . . .
(164/11)
هو ما فيه، إما أن يقال: إنه ما بلغه وهذا
احتمال، الأمر الثاني: أن يقال: إنه في الأسنان لا في
الأضراس، واجتهاد عمر في الأضراس، يعني هل اجتهاد مثل
هذا سائغ ووقف مع النص؟ قال: الأسنان، السن خمس من
الإبل، وهذا ليس بسن، هذا ضرس.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان ليس بقطعي الدلالة على الموضوع هذا فيه
اجتهاد، إذا كان ليس ثبوته فيه نظر مثلاً، يعني
للاجتهاد مجال في إثباته ونفيه من جهة، نعم إذا كان
الأمر يحتمل الثبوت وعدمه، يجتهد المجتهد في الإثبات
وعدمه، ثم إذا ثبت ينظر في دلالته على المراد فيها
احتمال أو ما فيها احتمال، إن ما فيها احتمال لا مجال
للاجتهاد.
طالب:. . . . . . . . .
نعم ما فيه اجتهاد، خلاص انقطع الكلام، يعني ((ارفعوا
عن بطن عرنة)) المالكية يقولون: بطن عرنة من عرفة،
لماذا؟ الجمهور على أنها ليست من عرفة لهذا الحديث،
والمالكية يقولون: من عرفة لهذا الحديث، لماذا؟ لأنه
ما قال: ارفعوا من مزدلفة، ارفعوا من منى، لو لم تكن
منها ما نهى عن الوقوف فيها، فإذا كان اللفظ يحتمل،
نعم للاجتهاد فيه مجال ممكن، يبقى راجح ومرجوح هذا محل
الإصابة والخطأ، والكل مأجور.
طالب:. . . . . . . . .
هو الأصل الشائع المشهور عند أهل العلم مسيب، بالفتح،
لكن إن ثبتت دعوته أنه كان يكره التسييب؛ لأن المسيب
اسم مفعول، وذكر عنه أنه كان يقول: "سيب الله من سيب
أبي" على كل حال الأمر فيه سعة.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: العمل في عقل الأسنان
"وحدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان
بن طريف المري أنه أخبره أن مروان بن الحكم بعثه إلى
عبد الله بن عباس يسأله ماذا في الضرس؟ فقال عبد الله
بن عباس: فيه خمس من الإبل" يعني على مقتضى ما جاء في
حديث عمرو بن حزم "قال: فردني مروان إلى عبد الله بن
عباس، فقال: أتجعل مقدم الفم مثل الأضراس؟ " الذي يبين
للناس، ويرى مثل الأضراس؟ يعني هل مقدم الرأس مثل مؤخر
الرأس؟ هل الوجه مثل القفا؟ يختلف لا شك، لكن هذا لا
شك أنه اجتهاد في مقابل نص، يعني لو لم يرد نص وصارت
المسألة اجتهادية لكان لهذا النظر مجال، لكن ما دام
فيه نص ما فيه إشكال.
(164/12)
"وقال عبد الله بن عباس: فيه خمس من الإبل،
قال: فردني مروان إلى عبد الله بن عباس فقال: أتجعل
مقدم الفم مثل الأضراس؟ فقال عبد الله بن عباس: لو لم
تعتبر ذلك إلا بالأصابع عقلها سواء" يعني السبابة التي
تشير إلى التوحيد مثل الخنصر، نعم، ولا شك أن بعض
الأصابع أنفع من بعض، يعني في الكتابة مثلاً السبابة
أنفع من الخنصر، وفي كثير من الأمور بعضها أنفع من
بعض، وعلى كل حال هي سواء، ومثل ما قلنا: إذا أردنا أن
نخضع لكل شيء، لكل تفصيل، لكل جزئية من الجزيئات حكم
خاص ما انتهت الشريعة، ولا ما أحيط بها، لكنها مع هذا
الإجمال تنضبط الأمور.
"فقال عبد الله بن عباس: لو لم تعتبر ذلك إلا بالأصابع
كان عقلها سواء".
"وحدثني يحيى عن مالك عن هشام عن عروة عن أبيه أنه كان
يسوي بين الأسنان في العقل، ولا يفضل بعضها على بعض"
يبقى النظر فيما أشرنا إليه، وهو أنه إذا كان السن آيل
للسقوط، فضربه إنسان وسقط، هل نقول: إنه لا فرق؟ بدليل
أن الإنسان لو كان آيلاً للموت، العلامات بدأت تظهر،
لكن الروح ما خرجت، فاعتدى عليه أحد فقتله، هل نقول:
هدر؟ لأنه يبي يموت؟ لا، ما يهدر، فيمكن أن يكون هذا
مثله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أنت افترض أن هذا الإنسان حاول أن يقلع سنه؛ لأنه آذاه
بالحركة فما استطاع أو خاف، بعض الناس ما يجرؤ إلى أن
يقلع السن، فجاء واحد ضربه فسقط، هل له أن يطالبه؟ ليس
له ذلك، أو نقول: هذا محسن؟ طالب:. . . . . . . . .
له أن يطالب أو ليس له؟ لأنه بغير إذنه، لو كان بإذنه
ما احتاج يطالب.
"أنه كان يسوي بين الأسنان، ولا يفضل بعضها على بعض".
"قال مالك: والأمر عندنا أن مقدم الفم والأضراس
والأنياب عقلها سواء" لأنه جاءت مجملة في حديث عمرو بن
حزم "وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((في السن خمس من الإبل)) والضرس سن من الأسنان، لا
يفضل بعضها على بعض".
نعم.
أحسن الله إليك
باب: ما جاء في دية جراح
العبد
وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب
وسليمان بن يسار كانا يقولان في موضحة العبد نصف عشر
ثمنه.
(164/13)
وحدثني مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم
كان يقضي في العبد يصاب بالجراح أن على من جرحه قدر ما
نقص من ثمن العبد.
قال مالك -رحمه الله-: والأمر عندنا أن في موضحة العبد
نصف عشر ثمنه، وفي منقلته العشر، ونصف العشر من ثمنه،
وفي مأمومته وجائفته، وفي كل واحد منهما ثلث ثمنه،
وفيما سوى هذه الخصال الأربع مما يصاب به العبد ما نقص
من ثمنه، يُنظر في ذلك بعد ما يصح العبد ويبرأ كم بين
قيمة العبد بعد أن أصابه الجرح، وقيمته صحيحاً قبل أن
يصيبه هذا؟ ثم يغرم الذي أصابه ما بين القيمتين.
قال مالك -رحمه الله- في العبد إذا كُسرت يده أو رجله،
ثم صح كسره فليس على من أصابه شيء، فإن أصاب كسره ذلك
نقص أو عثل كان على من أصابه قدر ما نقص من ثمن العبد.
قال مالك: الأمر عندنا في القصاص بين المماليك كهيئة
قصاص الأحرار نفس الأمة بنفس العبد، وجرحها بجرحه،
فإذا قتل العبد عبداً عمداً خيّر سيد العبد المقتول
فإن شاء قتل، وإن شاء خذ العقل، فإن أخذ العقل أخذ
قيمة عبده، وإن شاء رب العبد القاتل أن يعطي ثمن العبد
المقتول فعل، وإن شاء أسلم عبده فإذا أسلمه فليس عليه
غير ذلك، وليس لرب العبد المقتول إذا أخذ العبد
القاتل، ورضي به أن يقتله، وذلك في القصاص كله بين
العبيد في قطع اليد والرجل وأشباه ذلك بمنزلته في
القتل.
قال مالك في العبد المسلم يجرح اليهوي أو النصراني: إن
سيد العبد إن شاء أن يعقل عنه ما قد أصاب فعل أو أسلمه
فيباع فيعطي اليهودي أو النصراني من ثمن العبد دية
جرحه أو ثمنه أو ثمنه كله إن أحاط بثمنه، ولا يُعطي
اليهودي ولا النصراني عبداً مسلماً.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في دية جراح العبد
يعني ما تقدم في عقل الحر، وهذا في دية جراح العبد.
(164/14)
قال: "وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن
سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار كانا يقولان: في موضحة
العبد نصف عشر ثمنه" لأن موضحة الحر خمس من الإبل، وهي
نصف العشر بالنسبة لديته، والعبد ليس له دية، إنما له
القيمة، له القيمة وليس فيه الدية، فنصف عشر ثمنه إذا
قدر أنه بعشرة آلاف فنصف العشر خمسمائة، الموضحة
خمسمائة، وإذا قدر أنه يقوم بمائة ألف، فنصف العشر
خمسة آلاف، وهكذا بالحساب، قال: "وحدثني مالك أنه بلغه
أن مروان بن الحكم كان يقضي في العبد يصاب بالجراح أن
على من جرحه قدر ما نقص من ثمن العبد" الأرش، الفرق
بين القيمة مع السلامة مع القيمة مع العيب والنقص،
فيقوم سليم بعشرة آلاف، ويقوم معيب بثمانية آلاف، يكون
القدر ألفين، يؤخذ من الجاني ألفين، وهذا يفعلونه في
السلع كلها، إذا اعتدى عليها أحد فتقوم سليمة وتقوم
معيبة، لو أن إنساناً اعتدى على سيارة شخص، ثم بعد ذلك
حصل فيها خلل وعيب، لا شك أن لصاحبها الأرش، الأرش بين
قيمتها سالمة، وبين قيمتها معيبة، وما يقضى به في بعض
الحالات من إصلاح العيب فقط ليس هو الحكم الشرعي؛ لأن
السيارة قد تكون بمائة ألف، يعتدى عليها بجناية تصلح
بثلاثة آلاف، يقول: لك ثلاثة آلاف، اذهب إلى ثلاث ورش
وثمن، وقال واحد: خمس، وقال واحد: ألفين، يعني لك
المتوسط، أو قالت ورشة: خمسة آلاف، والثانية قالت:
أربعة، والثالثة قالت: ثلاثة، لك المتوسط، أربعة آلاف،
ثم إذا عرضها في السوق بدلاً من أن تستحق مائة ألف
تجيب ثمانين بعد الصدمة، لا شك أن له الأرش، عشرين
ألف، فرق بين قيمتها سليمة، وبين قيمتها معيبة.
(164/15)
"أن على من جرحه قدر ما نقص من ثمن العبد"
قد يقول قائل: العبد مخلوق إنسان له حقوقه، والآن يوجد
من يدافع بقوة عن إنسانيته، بغض النظر عن موافقة الشرع
ومخالفة الشرع، بل وجد من بعض الدول كما سمعنا في
الأخبار أنها الآن تعامل القردة معاملة الإنسان، لا شك
أن العبد نفس، ومسلمة لها حقوقها، لا يجوز الاعتداء
عليها، لكنها في ميزان الشرع الرق نقص حكمي، سببه
الكفر، فلا شك أن لهذا أثر في الشرع، لكن ليس محبباً
للشرع، يعني الرق ليس بالأمر المحبب، المحبب لدى
الشارع العتق، ولذا جعله كفارة لكثير من الأمور،
فالشارع يتشوف للعتق، لكنه مع ذلك الرق حكم شرعي ثابت
لا يُرفع ولا يرتفع إلا بحكم شرعي آخر، نعم الشرع
يتشوف لعتق، لكنه لا يلزم به إلا من وجب عليه.
جعل هذا العبد وهو إنسان له نفسيته، وله مشاعره كالسلع
التي تباع وتشترى هذا لا اعتراض عليه، هذا من الشارع،
والعلماء حينما جعلوه بمثابة السلع لا بمثابة الحر
أعملوا فيه قياس الشبه، فنظروا في أكثر الأحكام
المتعلقة به، هل تشبه الأحكام المتعلقة بالإنسان، أو
تشبه الأحكام المتعلقة بالسلع التي تباع وتشترى؟ فرأوا
أن الذي يجمعها أنها تباع وتشترى، بغض النظر عن مشاعره
ونفسيته، وليس هذا بظلم من الشارع، هو الجاني على
نفسه، أو أبوه الجاني عليه، أو جده الجاني عليه، مع
أنه هذا حكم الشرع، والشرع قد يكون لهذا الشخص بعينه
الرق أفضل له من الحرية، ولذا وجد على مر العصور في
تاريخ الإسلام من يحرر ويرفض، وفي الكتابة اشترط {إِنْ
عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] لأن
بعض الناس عالة، كونه يبقى رقيق أفضل له من أن يحرر
فيضيع؛ لأنه مع وجود هذا .. ، مما يعتبر في بادي الرأي
هضم لهذا الحق، فيه أيضاً رفعة من جوانب، وهو أن
النفقة عليه واجبة، كفالته واجبة، نفقته، مسكنه،
ملبسه، حقوقه كاملة في الشرع، ولا اعتراض؛ لأن هذا
الشرع جاء من الخالق البصير العالم العليم الخبير بما
يصلح الناس في أمور دينهم ودنياهم.
(164/16)
"قال مالك: والأمر عندنا أن في موضحة العبد
نصف عشر ثمنه؛ لأنها بالنسبة للحر نصف عشر الدية خمس
من الإبل، وفي منقلته" الجناية الموضحة التي توضح
العظم، تكشط الجلد مع اللحم، وتوضح العظم، وفي المنقلة
وهي أشد ينتقل معها بعض العظام عن مكانه "وفي منقلته
العشر ونصف العشر من ثمنه" العشر ونصف العشر، يعني
خمسة عشر من الإبل بالنسبة للحر، وبالنسبة للعبد إذا
قدرنا قيمته بعشرة آلاف قلنا: ألف وخمسمائة "وفي
مأمومته وجائفته" التي تخترق العظم وتؤم الدماغ، أو
تصل إلى الجوف "في كل واحدة منهما ثلث ثمنه؛ لأنهما في
الحر ثلث الدية، وفي ما سوى هذه الخصال الأربع مما
يصاب به العبد مما نقص من ثمنه" الذي ينقص من ثمنه
يكون هو قيمة هذه الجناية "ينظر في ذلك بعد ما يصح
العبد ويبرأ، كم بين قيمة العبد بعد أن أصابه الجرح
وقيمته صحيحاً قبل أن يصيبه هذا، ثم يغرم الذي أصابه
ما بين القيمتين" افترضنا أن شخصاً اعتدى على حر وكسر
رجله، ثم بعد ذلك أدخل المستشفى وعولج وبرئ وعادت كما
هي، أو اعتدى على عبد فكسر يده، ثم عولج وعادت اليد
كما هي؛ لأنه يقول: "يُنظر في ذلك بعد ما يصح العبد
ويبرأ كم بين قيمته بعد ما أصابه الجرح وقيمته صحيحاً
قبل أن يصيبه هذا" إذا عاد كما هو ما بين قيمته شيء
"ثم يغرم الذي أصابه ما بين القيمتين" يعني إن وجد فرق
يغرم.
"قال مالك: وفي العبد إذا كسرت يده أو رجله ثم صح كسره
فليس على من أصابه شيء" يعني يقال له: اذهب توكل على
الله ما عليك شيء؟ وهذا جلس في المستشفى، وتعطل مدة
طويلة عن خدمة سيده، وأصيب من الآلام ما أصيب به، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب نفقة على العلاج، لكن ماذا وراء ذلك غير العلاج
الآن؟ الآن حق السيد ضاع، وآلام العبد أيضاً ذهبت
هدراً، هذا بالنسبة للأمور المقدرة ما في شيء، يعني ما
يقال: والله كسر رجله والرجل فيها نصف الدية يدفع نصف
الدية أو نصف القيمة، لا، لكن تقوم هذه الجناية، وما
تأثر، والآثار المترتبة عليها أيضاً تقوم، ثم يكلف
بدفعها.
(164/17)
"قال مالك في العبد إذا كسرت يده أو رجله
ثم صح كسره فليس على من أصابه شيء، فإن أصاب كسره ذلك
نقص أو عثل" خلل ما عاد العضو كما كان، تشويه "أو ما
أشبه ذلك كان على من أصابه قدر ما نقص من ثمن العبد"
يعني الأرش.
"قال مالك: الأمر عندنا في القصاص بين المماليك" يعني
مملوك اعتدى على مملوك، انتهينا من الحر يعتدي على
مملوك، الآن مملوك يعتدي على مملوك، في العبد إيش .. ؟
"قال مالك: الأمر عندنا في القصاص بين المماليك كهيئة
قصاص الأحرار نفس الأمة بنفس العبد" النفس بالنفس
"وجرحها بجرحه، فإذا قتل العبد عبداً عمداً خير سيد
العبد المقتول فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ العقل" يعني
القيمة "فإن أخذ العقل أخذ -قيمة العبد- أخذ قيمة
عبده، وإن شاء رب العبد القاتل أن يعطي ثمن العبد
المقتول فعل، وإن شاء أسلم عبده" يعني لو كانت القيمة
أكثر من قيمة العبد القاتل، قيمة المقتول عشرون ألفاً،
وقيمة العبد القاتل عشرة، هل يلزم سيد القاتل أن يدفع
عشرين؟ أو يقول: غاية ما هنالك أن يدفع العبد؟ يعني له
نظائر تقدمت في الأبواب السابقة.
"إن شاء أن يعطي ثمن العبد المقتول فعل، وإن شاء أسلم
عبده" لا سيما إذا كانت قيمته أقل من قيمة العبد
المقتول "فإذا أسلمه فليس له غير ذلك" يعني لا يجمع له
بين أكثر من مصيبة، يعني يفقد العبد، ويفقد أيضاً معه
شيء من المال "فإذا أسله فليس عليه غير ذلك، وليس لرب
العبد المقتول إذا أخذ العبد القاتل، ورضي به أن
يقتله" لماذا؟ لأنه تنازل عن القصاص، فليس له أن يعود
إليه "وذلك في القصاص كله بين العبيد في قطع اليد
والرجل وأشباه ذلك بمنزلته في القتل".
(164/18)
"قال مالك في العبد المسلم يجرح اليهودي أو
النصراني أن سيد العبد إن شاء أن يعقل عنه ما قد أصاب
فعل أو أسلمه فيباع" ما يملكه اليهودي ولا النصراني؛
لأن الله -جل وعلا- لم يجعل للكافرين على المؤمنين
سبيلاً، يقول: "فيباع، فيعطي اليهودي أو النصراني من
ثمن العبد دية جرحه" أو ثمنه كله إذا كانت تستوعب
الثمن كاملاً "إن أحاط بثمنه، ولا يعطي اليهودي ولا
النصراني عبداً مسلماً" لا يجوز أن يستولي الكافر على
المسلم؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، ولو كان
رقيقاً، فلا بد حينئذٍ من تخليصه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
قيمة، هي لن تتعدى قيمته، فيها الأرش وما نقص ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ينظر فيما نقص، قيمتها لما كان صحيحاً، وبين
قيمته لما صار معيباً، فيؤخذ الفرق بين القيمتين، في
وقتها، وينظر فيه حتى يبرأ، ثم ينظر فيه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، إذا دفع العبد ما عليه شيء، وتقدم هذا.
اقرأ.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في دية أهل
الذمة
وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز
-رحمه الله تعالى- قضى أن دية اليهودي أو النصراني إذا
قتل أحدهما مثل نصف دية الحر المسلم.
قال مالك: الأمر عندنا أن لا يقتل مسلم بكافر إلا أن
يقتله مسلم قتل غيلة فيقتل به.
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن
يسار كان يقول: دية المجوسي ثمانمائة درهم. قال مالك:
وهو الأمر عندنا.
قال مالك: وجراح اليهودي والنصراني والمجوسي في دياتهم
على حساب جراح المسلمين في دياتهم، الموضحة نصف عشر
ديته، والمأمومة ثلث ديته، والجائفة ثلث ديته، فعلى
حساب ذلك جراحاتهم كلها.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في دية أهل الذمة
أهل الذمة هم أهل الكتاب الذي يدفعون الجزية عن يد وهم
صاغرون، ويلحق بهم من له شبه كتاب كالمجوس، ومنهم من
يقول: إن الجزية يمكن أن تؤخذ من جميع المخالفين حتى
المشركين، وعلى كل حال المقرر والمرجح أن الجزية إنما
تؤخذ من أهل الكتاب، وأن الخيار بين أن يسلموا أو
يدفعوا الجزية أو يقاتلون.
طالب: المجوس؟
(164/19)
المجوس ملحقون بهم، وأما غيرهم فليس فيهم
إلا الإسلام أو القتل.
طالب:. . . . . . . . .
المسألة هذا حق إن قدر عليه أخذ، وإن عجز عنه ترك،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إن قدر عليه أخذ، وإن عجز عنه ترك، لا يكلف
الله نفساً إلا وسعها، يعني وضع الأمة الآن ما يخفاك.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إحنا نقرر كلام أهل العلم، والواقع ينحل
-إن شاء الله-.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد
العزيز قضى أن دية اليهوي أو النصراني إذا قتل أحدهما
مثل نصف دية الحر المسلم" وهذا قول معروف عند أهل
العلم، وهو المرجح، وإن كان من أهل العلم من يرى أن
دية الكتابي مثل دية المسلم.
"قال مالك: الأمر عندنا أن لا يقتل مسلم بكافر" وجاء
به النص "وأن لا يقتل مسلم بكافر إلا أن يقتله مسلم
قتل غيلة فيقتل به" يعني يقتل تعزيراً لا حداً، يقتل
به تعزيراً.
قال: "وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان
بن يسار كان يقول: دية المجوسي ثمانمائة درهم".
"قال مالك: وهو الأمر عندنا" وعلى هذا على قول الإمام
مالك، وما أفتى به سليمان بن يسار، وهو من الفقهاء
السبعة أن المجوس غير ملحقين بأهل الكتاب بالدية، وإن
كانوا ملحقين بهم في إبقائهم مع الجزية.
"قال مالك: وهو الأمر عندنا" يعني إذا ألحق المجوس
بأهل الكتاب في أخذ الجزية، وزيادة هذا الخيار على
غيرهم من أهل الشرك، فإن هذا لا يعني أنهم يلحقون بهم
من كل وجه، ولا شك أنهم يختلفون في كثير من الأحكام،
طعام المجوس حل لنا، نعم؟ لا، طعام أهل الكتاب حل لنا،
نساء أهل الكتاب حل لنا، لكن نساء المجوس لا، فهناك
أحكام يتفقون فيها مع أهل الكتاب، وأحكام يختلفون فيها
معهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المسألة مسألة اجتهادية وتعزير وليست بحكم، تعزير هذا،
يعني إذا أدى مثل هذا إلى اختلال أمن أو ما أشبه ذلك
الإمام له يعني بالنظر للمصلحة العليا، المصلحة
العامة.
"قال مالك: وهو الأمر عندنا".
(164/20)
"قال مالك: وجراح اليهودي والنصراني
والمجوسي في دياتهم على حساب جراح المسلمين" يعني
يعاملون كأنهم .. ، مثل ما يعامل المسلم إلا أنه في
السقف على النصف منه، أو ديته ثمانمائة درهم، فيحاسب
على هذا، "فالموضحة نصف عشر ديته" نصف عشر دية
اليهودي، يعني ربع عشر دية مسلم، إذا قلنا: على النصف،
"والمأمومة ثلث ديته" يعني سدس دية مسلم "والجائفة ثلث
ديته" وتعادل سدس دية مسلم "فعلى حساب ذلك جراحاتهم
كلها".
اللهم صل على محمد ....
(164/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب العقول
(6)
باب: ما يوجب العقل على
الرجل في خاصة ماله
الشيخ: عبد الكريم الخضير
نعم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يوجب العقل على الرجل في خاصة ماله
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان
يقول: ليس على العاقلة عقل في قتل العمد، إنما عليهم
عقل قتل الخطأ.
وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: مضت السنة
أن العاقلة لا تحمل شيئاً من دية العبد إلا أن يشاءوا
ذلك.
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد مثل ذلك.
قال مالك: إن ابن شهاب قال: مضت السنة في قتل العمد
حين يعفو أولياء المقتول أن الدية تكون على القاتل في
ماله خاصة إلا أن تعينه العاقلة عن طيب نفس منها.
قال مالك: والأمر عندنا أن الدية لا تجب على العاقلة
حتى تبلغ الثلث فصاعداً، فما بلغ الثلث فهو على
العاقلة، وما كان دون الثلث فهو في مال الجارح خاصة.
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا فيمن قبلت
منه الدية في قتل العمد أو في شيء من الجراح التي فيها
القصاص أن عقل ذلك لا يكون على العاقلة إلا أن يشاءوا،
وإنما عقل ذلك في مال القاتل أو الجارح خاصة، إن وجد
له مال، فإن لم يوجد له مال كان ديناً عليه، وليس على
العاقلة منه شيئاً إلا أن يشاءوا.
قال مالك: ولا تعقل العاقلة أحداً أصاب نفسه عمداً أو
خطأ بشيء، وعلى ذلك رأي أهل الفقه عندنا، ولم أسمع أن
أحداً ضمن العاقلة من دية العمد شيئاً، ومما يعرف به
ذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {فَمَنْ
عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ
بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [(178)
سورة البقرة] وتفسير ذلك فيما نرى -والله أعلم- أنه من
أعطي من أخيه شيء من العقل فليتبعه بالمعروف، وليؤد
إليه بإحسان.
(165/1)
قال مالك في الصبي الذي لا مال له، والمرأة
التي لا مال لها إذا جنى أحدهما جناية دون الثلث: إنه
ضامن على الصبي والمرأة في مالهما خاصة، إن كان لهما
مال أخذ منه، وإلا فجناية كل واحد منهما دين عليه ليس
على العاقلة منه شيء، ولا يؤخذ أبو الصبي بعقل جناية
الصبي، وليس ذلك عليه.
قال مالك: الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أن العبد
إذا قتل كانت فيه القيمة يوم يقتل، ولا تحمل عاقلة
قاتله من قيمة العبد شيئاً قل أو كثر، وإنما ذلك على
الذي أصابه في ماله خاصة بالغاً ما بلغ، وإن كانت قيمة
العبد الدية، أو أكثر فذلك عليه في ماله، وذلك لأن
العبد سلعة من السلع.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. تقدم
الكلام عن العقل وهو الدية، وأنه في قتل الخطأ إنما هو
على العاقلة؛ لأن المخطئ مرفوع عنه الإثم، وقد ابتلي
بهذه المصيبة من غير قصد منه، فإعانته حق، وجاء بها
الشرع، لكن المتعمد لسفك الدم فإنه لا يعان، وتحميل
غيره الدية في هذه الحالة لا شك أنه إعانة له على أن
يستمر في جناياته، وأنه كلما قتل عمداً دُفعت التبعات
من غيره، فمثل هذا الدية عليه، بالغة ما بلغت.
يقول:
باب: ما يوجب العقل على الرجل في خاصة ماله
"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان
يقول: ليس على العاقلة عقل في قتل العمد، إنما عليهم
عقل قتل الخطأ" ومثل ما ذكرنا أن المخطئ ما قصد هذه
الجناية، وإنما ابتلي بها ابتلاء، فزهقت بسببها نفس
غير مقصودة، فيعان على هذا.
"وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: مضت السنة
أن العاقلة لا تحمل شيئاً من دية العمد إلا أن يشاءوا
ذلك" يعني إذا تبرعوا له بشيء بطيب نفسه منه، فإن
الأمر إليهم، لا يمنعون من هذا، لكنهم لا يلزمون.
"حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد مثل ذلك.
قال مالك أن ابن شهاب قال: مضت السنة بقتل العمد حين
يعفو أولياء المقتول أن تكون الدية على القاتل في ماله
خاصة إلا أن تعينه العاقلة عن طيب نفس منها" وهذا
أيضاً واضح.
(165/2)
"قال مالك: والأمر عندنا أن الدية لا تجب
على العاقلة حتى تبلغ الثلث فصاعداً" يعني ولو كانت
خطأ، لا تكون على العاقلة فيما دون الثلث؛ لأن هذا لا
يجحف بماله، مثل ما تجحف الدية الكاملة، أو نصفها، أو
ثلثها، فما بلغ الثلث فهو على العاقلة "وما كان دون
الثلث فهو في مال الجارح خاصة".
"قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا فيمن قبلت
منه الدية في قتل العمد في شيء من الجراح التي فيها
القصاص أن عقل ذلك لا يكون على العاقلة إلا أن يشاءوا"
هذا كله تأييد لما تقدم، وإنما عقل ذلك في مال القاتل
أو الجارح خاصة، إن وجد له مال، يعني إذا عدلوا أولياء
المجني عليه بقتل العمد، إن عدلوا إلى الدية، هل مع
الدية كفارة أو ليس فيها كفارة؟ نعم؟ منهم من يقول:
فيه كفارة من باب أولى، ومنهم من يقول: هو أعظم من أن
يكفر كاليمين الغموس، هو أعظم من أن يكفر ولم يذكر فيه
كفارة بالنص، وإنما الكفارة في قتل الخطأ، ومن يقول
بوجوب الكفارة عليه يقول: هو من باب قياس الأولى، إذا
وجبت الكفارة على القاتل خطأ فلئن تجب على القاتل
عمداً من باب أولى.
"وإنما عقل ذلك في مال القاتل أو الجارح خاصة إن وجد
له مال، فإن لم يوجد مال كان ديناً عليه، وليس على
العاقلة منه شيئاً إلا أن يشاءوا" على ما تقدم.
"قال مالك: ولا تعقل العاقلة أحداً أصاب نفسه عمداً أو
خطأ بشيء" لأنه هو الجاني على نفسه، وليس فيه دية، لم
يجب عليه دية حتى يعان بها، هذا في حال الخطأ، أما في
حال العمد فهو أبعد إذا جنى على نفسه، وعلى ذلك رأي
أهل الفقه عندنا، ولم أسمع أن أحداً ضمن العاقلة من
دية العمد شيئاً، ومما يعرف به ذلك أن الله -تبارك
وتعالى- قال في كتابه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ
أَخِيهِ شَيْءٌ} [(178) سورة البقرة] يعني عفي له من
القصاص شيء، وعدل عن القصاص إلى الدية، فإتباع
بالمعروف وأداء إليه بإحسان، يعني عليه أن يتبع
بالمعروف، وأن يؤدي بإحسان.
"فتفسير ذلك فيما نرى -والله أعلم- أنه من أعطي من
أخيه من العقل فليتعبه بالمعروف، وليؤد إليه بإحسان.
(165/3)
"قال مالك في الصبي الذي لا مال، والمرأة
التي لا مال لها إذا جنى أحدهما جناية دون الثلث" أما
الصبي فعمده خطأ، وأما المرأة فهي مكلفة عمدها عمد،
وخطأها خطأ "في الصبي الذي لا مال، والمرأة التي لا
مال لها إذا جنى أحدهما جناية دون الثلث أنه ضامن على
الصبي والمرأة في مالهما خاصة" يعني إنما يؤخذ من
أموالهم، يعني إن كانت لهم أموال "إن كان لهما مال أخذ
منه، وإلا فجناية كل واحد منهما دين عليه" حتى يجد ما
يدفع "ليس على العاقلة منه شيء، ولا يؤخذ أبو الصبي
بعقل جناية الصبي، وليس ذلك عليه" إنما يؤخذ من ماله
إذا كان وليه في المال فإنه يدفع العقل من ماله فقط،
ولا يكلف الأب أن يدفع جناية ابنه، قد يقول قائل: إن
الأب قد يفرط في حفظ ابنه، وفي تربية ابنه، فعليه كفل
من جريمته، على كل حال الولد غير مكلف، فإن كان له أخذ
منه، وإن لم يكن له مال انتظر به حتى يجتمع المال،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، من ماله، من مال الابن.
"ولا يؤخذ أبو الصبي بعقل جناية الصبي وليس ذلك عليه"
منهم من يقول: ما دام ما حفظه، ولا رباه التربية التي
يتقي بها أموال الناس يتحمل، نعم مثل ما قيل في المحرم
وسفره بموليته إذا زنت وهي بكر، كيف يكلف أن يسافر
معها؟ يكلف لأنه فرط في حفظها، فعليه كفل من ذلك.
"قال مالك: الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أن العبد
إذا قتل كان فيه القيمة يوم قتل" ما يقول: والله أنا
شاريه بمائة ألف، نقول له: كم يسوى يوم قتل؟ إن كان
يستحق خمسين تأخذ خمسين أو العكس "إذا قتل كانت فيه
القيمة يوم قتل، ولا تحمل عاقلة قاتله من قيمة العبد
شيئاً قل أو كثر" لأنها ليست بدية، والدية على
العاقلة، وهذه قيمة وليست بدية، كسائر المتلفات.
"ولا تحمل عاقلة قاتله من قيمة العبد شيئاً قل أو كثر،
وإنما ذلك على الذي أصابه في ماله خاصة بالغاً ما بلغ،
وإن كانت قيمة العبد الدية أو أكثر فذلك عليه في ماله،
وذلك أن العبد سلعة من السلع" يعني كما لو اعتدى على
أي سلعة، وفيها القيمة وليس فيها الدية، ومعلوم أن
الذي تحمله العاقلة هو الدية لا القيمة، والله أعلم.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب:. . . . . . . . .
القتل العمد أعظم من أن يكفر كاليمين الغموس ...
(165/4)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب العقول
(7)
باب: ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه - وباب: جامع
العقل
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في ميراث
العقل والتغليظ فيه
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب -رضي
الله تعالى عنه- نشد الناس بمنى: من كان عنده علم من
الدية أن يخبرني، فقام الضحاك بن سفيان الكلابي -رضي
الله تعالى عنه- فقال: كتب إلي رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-: أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها،
فقال له عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: أدخل
الخب اء حتى آتيك، فلما نزل عمر بن الخطاب -رضي الله
تعالى عنه- أخبره الضحاك، فقضى بذلك عمر بن الخطاب
-رضي الله تعالى عنه-.
قال ابن شهاب: وكان قتل أشيم خطأ.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رجلاً
من بني مدلج يقال له: قتادة حذف ابنه بالسيف، فأصابه
ساقه، فنزي في جرحه فمات، فقدم سراقة بن جعشم على عمر
بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فذكر ذلك له، فقال له
عمر: اعدد على ماء قدي عشرين ومائة بعير حتى أقدم
عليك، فلما قدم إليه عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى
عنه- أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة،
وأربعين خلفة، ثم قال: أين أخو المقتول؟ قال: هأنذا،
قال: خذها، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ليس لقاتل شيء)).
وحدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن
ياسر سُئلا: أتغلظ الدية في الشهر الحرام؟ فقالا: لا،
ولكن يزاد فيها للحرمة، فقيل لسعيد: هل يزاد في الجراح
كما يزاد في النفس؟ فقال: نعم.
قال مالك: أراهما أرادا مثل الذي صنع عمر بن الخطاب
-رضي الله تعالى عنه- في عقل المدلجي حين أصاب ابنه.
(166/1)
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عروة بن
الزبير أن رجلاً من الأنصار يقال له: أحيحة بن الجلاح،
كان له عم صغير هو أصغر من أحيحة، وكان عند أخواله،
فأخذه أحيحة فقتله، فقال أخواله: كنا أهل ثُمه ورمه،
حتى إذا استوى على عممه، غلبنا حق امرئ في عمه.
قال عروة: فلذلك لا يرث قاتل من قتل.
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن قاتل
العمد لا يرث من دية من قتل شيئاً، ولا من ماله، ولا
يحجب أحداً وقع له ميراث، وأن الذي يقتل خطأ لا يرث من
الدية شيئاً، وقد أختلف في أن يرث من ماله؛ لأنه لا
يتهم على أنه قتله ليرثه وليأخذ ماله، فأحب إلي أن يرث
من ماله، ولا يرث من ديته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه
العقل الدية، والتغليظ فيه هل يغلظ في كميته أو
كيفيته؟ نظراً لاختلاف الأحوال والزمان والمكان أو لا
يغلظ؟
(166/2)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أن
عمر بن الخطاب نشد الناس بمنى" نشدهم يعني رفع صوته
سائلاً، قائلاً: "من كان عنده علم من الدية أن يخبرني"
لأن النشيد أصله رفع الصوت، إما بشعر أو بحداء أو
بسؤال "من كان عنده علم من الدية أن يخبرني، فقام
الضحاك بن سفيان الكلابي فقال: كتب إلي رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية
زوجها" "من كان عنده علم من الدية أن يخبرني" السؤال
عام "من كان عنده علم من الدية أن يخبرني" يعني أي شيء
يتعلق بالدية يخبرني "فقام الضحاك بن سفيان الكلابي
فقال: كتب إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أورث
امرأة أشيم الضبابي" هذا له علاقة بالدية "من دية
زوجها، فقال له عمر بن الخطاب: أدخل الخباء حتى آتيك"
أمره أن يدخل لعله أن يأتي آخر فيخبره بأمر آخر، مما
يتعلق بالعقل والدية "فلما نزل عمر بن الخطاب أخبره
الضحاك" أخبره الضحاك بما ذكره سابقاً أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- كتب إليه أن يورث امرأة أشيم
الضبابي من دية زوجها "فقضى بذلك عمر بن الخطاب" الدية
سبق أن ذكرنا أنها هل هي مما يملكه المقتول أو إنما
حدثت في ماله بعد انقطاع ملكه بعد موته؟ لأن الميت لا
يملك، ما الذي يترتب على هذا؟ إذا قلنا: إنها مثل
ماله؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم الإرث والوصية وغيره تدخل في كل ما يدخل فيه ماله،
كل ما يدخل فيه تلاد ماله يدخل فيه، وإذا قلنا: إنه ما
ملكها حتى خرجت نفسه، ولا استقر ملكه لها حتى خرجت
نفسه، يعني بعد ارتفاع الأهلية للملك، وحينئذٍ يكون
حكمها حكم الملك في كونها تورث، وتدخل في أصل ماله أو
لا؟ ولذلك في ميراث الغرقى والهدمى إذا سقط السقف على
أسرة فيهم الولد والوالد والأم والإخوة وهم يتوارثون،
من يتوارث منهم؟ وماتوا في وقت واحد، أو غرقوا في
سفينة مثلاً، كيف يرث بعضهم بعضاً؟
طالب:. . . . . . . . .
(166/3)
أو سيارة على أن لا يكون القائد لأنه لا
يرث هذا قاتل، نعم البقية في السيارة مثلاً، والد ومعه
أبناؤه وبناته وزوجته، ركبوا في سيارة نقل، وحصل عليهم
حادث وماتوا، كيف يتوارثون؟ قالوا: يرث كل واحد من
الآخر من تلاد ماله، لا مما ورثه منه، نعم من تلاد
ماله لا مما ورثه منه، هناك يقولون: دفعاً للدور، وش
معنى هذا الكلام؟ أن لو ورثنا الأب من الابن والابن من
الأب من المال القديم تنتهي المسألة خلاص، لكن إذا
ورثناه مما ورثه منه عدنا من جديد، ثم نعود ثالثة
ورابعة وخامسة إلى ما لا نهاية، وعلى هذا يلزم عليه
الدور؛ لأن الدور ترتيب شيء على شيء مترتب عليه، فلا
تنتهي المسألة، هنا ما فيه دور، لا دور في مثل هذه
المسألة، لكن هل استقر الملك في وقت أهلية الملك أو
استقر الملك بعد ارتفاع الأهلية؟ بعد ارتفاع الأهلية،
وهل لهذا أثر أو لا أثر له؟ يأتينا في قول مالك -رحمه
الله- في قاتل الخطأ أنه يرث، يرث من غير الدية التي
دفعها، خلافاً لقول الجمهور أنه لا يرث، وسيأتي هذا،
لماذا لا يرث من الدية التي دفعها؟ لأنها وجبت عقوبة
عليه، فلا ترد إليه، بخلاف المال التليد القديم فهو
فيه كإخوته.
هنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- كتب إلى الضحاك بن
سفيان الكلابي فقال: ورث امرأة أشيم الضبابي من دية
زوجها؛ لأنه قتل خطأ، أشيم قتل خطأ، في أحد عنده نسخة
مخرجة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، نريد أصل القصة، النسخ المخرجة؟
طالب:. . . . . . . . .
وش اللي معك؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟ الزهري؟
طالب:. . . . . . . . .
هو من حديث الباب؟ عندنا عن ابن شهاب أن عمر، ابن شهاب
لم يدرك عمر بلا شك، وهو يحكي قصة لم يشهدها، وش يقول
بشار؟
طالب:. . . . . . . . .
أيهم؟ هذا ما هو بحديث الزهري عن سعيد.
طالب:. . . . . . . . .
هو ابن شهاب، لكن ما هو عن سعيد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ما يخالف، يقول لنا قبل يقدم بمقدمة، أنه جاء من
طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر، وتكون القصة
موصولة، لكن الذي عندنا مقطوعة بلا شك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا لا، تعداه.
طالب:. . . . . . . . .
(166/4)
طيب الآن اتصل، نفس الكلام هو؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن إسناده الذي معنا غير متصل، ابن شهاب لم
يدرك عمر بن الخطاب، لكن إذا كان يرويه عن سعيد فسعيد
ممن روى عن العشرة "قال ابن شهاب: وكان قتل أشيم خطأ"
فهذا يدل على أن الدية تدخل في مال المقتول، وتورث عنه
كسائر أمواله، تدخل في ماله فتورث عنه كسائر أمواله،
وكون الإمام مالك -رحمه الله- لا يرى أن القاتل يرث من
ديته التي دفعها لا يؤثر على هذا، بدليل أن غير القاتل
يرث من هذه الدية، وكون القاتل لا يرث لا لهذه العلة
التي ذكرناها، وإنما لكونه دفعها، وأخذت منه عقوبة له،
وكفارة لما ارتكب ولو كان خطأ، والأصل أن الخطأ مرفوع،
لكن هذا أمر لا بد منه، والدية لا بد منها، والكفارة
لا بد منها، تسبب في قتل نفس تعبد الله -جل وعلا-،
فيوجد بدلها، في الكفارة عتق رقبة مؤمنة، تعبد الله
-جل وعلا- كما كان المقتول يعبد الله -جل وعلا-، والذي
يقول: إن في قتل الكافر الكفارة أيضاً، ويعتق رقبة
منهم من يشترط أن تكون مؤمنة، ومنهم من لا يشترط
كالحنفية.
قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن
رجلاً من بني مدلج يقال له: قتادة حذف ابنه بالسيف،
فأصاب ساقه، فنزي في جرحه فمات" يعني حصل معه نزيف.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب: .... غرغرينا.
لا هذا لو استمر به الأمر، لكن في هذه الحال ما تصير
غرغرينا، تصير نزيف، نعم؟
"أن رجلاً من بني مدلج يقال له: قتادة حذف ابنه
بالسيف، فأصاب ساقه، فنزي في جرحه فمات" الآن هذا قتل
ابنه، حذف ابنه بالسيف، السيف قاتل وإلا غير قاتل؟
قاتل، لكنه في مقتل أو في غير مقتل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو قاصد لأن .. ، في رمي السيف قاصد له، لكن هل يحتمل
أنه قاصد قتله أو لا؟ نعم؟ أما قصد الحذف فهو ظاهر،
يعني حذف ابنه بالسيف، إلا إذا كان يريد تخويفه على
الوجه المنهي عنه، الإشارة بالسلاح حرام، لكن أراد
تخويفه به على الوجه المنهي عنه، فأفلت السيف من يده،
ولنفترض أن المقبض انفك، مقبض السيف، وهذا يحصل، وكل
هذا ما ذُكر "حذف ابنه بالسيف" هذا يدل على أنه رماه
به، بالسيف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
(166/5)
طالب:. . . . . . . . .
لا لا قد يتعمد لكن لا يقاد به، قد يتعمد قتله، قد
يتعمد القتل، لكن هنا في هذه الصورة.
طالب:. . . . . . . . .
هذا سيف رماه به، وش معنى حذفه؟
طالب:. . . . . . . . .
مات على كل حال خفيفة وإلا ثقيلة النتيجة مات.
طالب:. . . . . . . . .
شوف يا أخي ما زلنا الآن ما بعد قررنا شيء، هل هو عمد
أو شبه عمد أو خطأ؟ لو كان يريد حذف غزال مثلاً أو ضبي
أو حمار وحش فأصاب الولد قلنا: خطأ، خطأ وإلا ما هو
بخطأ؟ خطأ بلا إشكال، أراد أن يضرب الولد في أصبعه
مثلاً الذي لا يموت به، وقصد ضرب الأصبع فمات منه، هذا
إيش؟ شبه عمد عند الجمهور، وعند مالك ما في شيء اسمه
شبه عمد، ما في إلا خطأ أو عمد، على كل حال مثل هذا
الذي يظهر أنه ملحق بشبه العمد، لا يريد قتله، لكنه
مات، لا يريد قتله وإنما رماه بقاتل "فأصاب ساقه، فنزي
في جرحه فمات، فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب
فذكر له ذلك" سراقة بن جعشم صاحب القصة حينما أرسلته
قريش بجعل ليخبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في
الهجرة، ثم بعد ذلك ساخت به قوائم فرسه، ثم نشد النبي
-عليه الصلاة والسلام- أن يدعو له، ولا يخبر عنه،
فصارت مرة وثانية وثالثة، إلى أن أسلم بعد ذلك.
"قدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له"
ذكر القصة، قصة المدلجي ذكرها له "فقال له عمر: أعدد
على ماء قديد" وهذا بين مكة والمدينة معروف إلى الآن،
ومأهول "عشرين ومائة بعير حتى أقدم عليك" الآن الدية
مائة من الإبل، وهذا قال: أعدد مائة وعشرين، من أجل
إيش؟ أن ينتقي منها مائة مغلظة؛ لأنه إذا كان أكثر من
العدد أمكن الانتقاء "حتى أقدم عليك، فلما قدم إليه
عمر بن الخطاب أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة، ثلاثين
جذعة، وأربعين خلفة" كم المجموع؟ مائة، فما زاد في
العدد إنما زاد في الكيف، وهذا هو التغليظ في قتل شبه
العمد، وفي قتل العمد إذا عدل عن القصاص إلى الدية،
تغلظ الدية، يعني من باب أولى، أولى من شبه العمد.
طالب:. . . . . . . . .
حصل هذا، إيه حصل.
طالب:. . . . . . . . . وعلى أي أساس ...
(166/6)
هو ما عندك إلا قود أو دية، الأصل أنه إما
قود أو دية، والدية معروفة ومحددة من قبل الشرع، نعم؟
لكن قد لا يتنازل عن القود إلى الدية إلا بمبالغ، لكن
لو قال: أنا لا أريد القصاص أنا أريد الدية، ماذا
يستفيد ورثة المقتول من القصاص؟ إنما يستفيدون من
الدية، الدية محددة شرعاً، لكن إذا قال: لن أتنازل عن
القصاص إلا بمبلغ كذا؟ يصير من باب الصلح ما في إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
عاد إذا رأى المسألة فيها ضرر على الناس نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو المبالغة مهما كانت أخف من القود، مهما بلغت
أسهل من القود.
طالب:. . . . . . . . .
هي أسهل من القود مهما بلغت، وعلى ذلك إذا رأى الإمام
المصلحة في تحديد مثل هذا الأمر، وأنه وجد من يبالغ
مبالغة لا يحتملها الخصم، أو تؤدي إلى الإضرار به
وبأسرته وقبيلته، هذه مسألة اجتهادية.
"أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين
خلفة" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا دلت القرائن.
طالب:. . . . . . . . .
السيف يقتل.
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا حتى لو تعمده وضرب عنقه بالسيف ما أقيد به، الأب لا
يقاد بالولد.
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن لو صارت المسألة مع غير الابن؟
طالب: لو أراد رأسه. . . . . . . . .
هذا بالنسبة للوالد مع ولده لا يقاد به، هذا مفروغ
منه، لو أبان عنقه بالسيف ما يقاد به، لكن لو حصلت مع
أجنبي مثل هذه القصة كيف تصنف بين الأنواع الثلاثة؟ هل
نقول: عمد لأن السيف قاتل وقصد إرسال السيف وإن لم
يقصد القتل؟ أنه قصد إرسال آلة تقتل غالباً فمات منها؟
شبه العمد.
طالب:. . . . . . . . .
لا القصد موجود، لكن الآلة لا تقتل، بالسوط والعصا،
الآلة لا تقتل هذا شبه العمد، فمات، مثل مدرس ضرب
الطالب مع أصبعه بالقلم ومات، وحصلت هذه، هل يقال: إن
هذا عمد؟ هو قاصد الضرب، لكن ما قصد القتل.
"ثم قال: أين أخو المقتول؟ قال: هأنذا، فقال: خذها فإن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس لقاتل
شيء)) " هذا ليس له من يرثه إلا الأب والأخ، ليس له
وارث سوى الأب والأخ، والأب قاتل، والقاتل لا يرث، ولم
يبق إلا الأخ فليأخذها.
(166/7)
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن
المسيب وسليمان بن يسار" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، امرأة أشيم؟
طالب:. . . . . . . . .
عمر يقف عند النصوص وإلا يجتهد ويصيب في الغالب، وهو
من أهل الاجتهاد، ولو ما وجد نص اجتهد -رضي الله عنه-،
لكن إذا وجد نص انتهى، وقد يجتهد ويوافق اجتهاده النص،
وهذا حصل عنده كثير.
طالب:. . . . . . . . .
كلهم.
طالب:. . . . . . . . .
الآن ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، ورثها من
دية زوجها، وغيره مثلها، مثل الزوجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا محجوب وجوده مثل عدمه، ما يحجب غيره، ولو كان
الأب وارثاً لحجب الأخ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
من القاتل؟ القاتل أجنبي، مقتول قتل خطأ، وأخذت منه
الدية، فهل تورث الدية أو لا تورث؟ هل نقول: إن الصلة
بين الزوج والزوجة انقطعت بالموت؟ وهذا الزوج ما ملك
إلا بعد ... ، مثل الاحتمالات التي أوردناها، يعني هل
الدية تورث وإلا ما تورث؟ كتلاد ماله، كماله الذي ملكه
في وقت الأهلية أهلية الملك، الذي معنا يدل على أنها
من ضمن أمواله، وعلى هذا إذا قلنا: إنها من ضمن أمواله
هل له أن يعفو عن قاتله؟ يعني في أخر رمق قتله، وما
مات مباشرة، فقال: خلاص لا قود ولا دية، له وإلا ليس
له؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لو قال: لا أريد قود ولا دية.
طالب:. . . . . . . . .
طيب، لو قال: لا أريد قود، أريد الدية، تنازل عن القود
إلى الدية، شفقة بأولاده، ورأفة بهم، محتاجين ومساكين.
طالب:. . . . . . . . .
مسألة أخرى، مسألة ثانية هل ملك وإلا ما ملك؟ ما ملك
إلى الآن، فلا ينفذ تصرفه، لا لما قلت، وأنه عفا عن
شيء لم يملكه، نعم.
قال: "وحدثني مالك" ترى ما نمشي بهذه الطريقة إن عدنا
على ما كنا عليه سابقاً.
(166/8)
"وحدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب
وسليمان بن يسار سئلا أتغلظ الدية في الشهر الحرام؟ "
الأشهر الحرم الأربعة تغلظ فيها الدية أو لا تغلظ؟ في
البلد الحرام مثلاً تغلظ وإلا لا؟ "فقال: لا، ولكن
يزاد فيها للحرمة" يعني مفهوم الكلام أنها لا تغلظ في
الكيفية، وإنما يزاد في الكمية، يعني بدلاً من أن تكون
دية مغلظة فيها أربعون في بطونها أولادها، تكون مائة
وعشرين من غير تغليظ، هي دية الخطأ إلا أنها تزاد
مثلاً للشهر الحرام أو للبلد الحرام، أيهما أولى
التغليظ في العدد أو في الكيفية؟ أسهل هذا؛ لأن في
تغليظ الكيفية محافظة على النص، ولذلك أهل العلم لا
يرون الزيادة في السيئات في البلد الحرام ولا في الشهر
الحرام، وإنما يرون أن هذه السيئات عددها واحد لكن
تغلظ في كيفيتها لا في كميتها، فهل نقول على فتوى هذين
الإمامين سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، وهما من
الفقهاء السبعة المعروفين، تغلظ الدية في الشهر
الحرام؟ "قالا: لا، ولكن يزاد فيها للحرمة، فقيل
لسعيد: هل يزاد في الجراح كما يزاد في النفس؟ فقالا:
نعم" الحكم واحد، لكن كيف يزاد؟ يعني يزاد على المائة
البعير؟ مائة من الإبل يزاد عليها لأنه في بلد حرام؟
قد يقول القائل: أنا غلظوا علي الدية خلوه مثل شبه
العمد ولا تزيدوا في العدد، والتغليظ في الكيفية فيه
محافظة على ما جاء في النص من حيث العدد، أما الزيادة
على ما جاء في النص فلا شك أنها تتضمن مخالفة.
"قال مالك: أراهما أراد مثل الذي صنع عمر بن الخطاب في
عقل المدلجي حين أصاب ابنه" عمر بن الخطاب ما الذي
فعله؟ غلظ في الكيفية؟ لا في الكمية.
(166/9)
"قال مالك: أراهما أرادا مثل الذي صنع عمر
بن الخطاب في عقل المدلجي حين أصاب ابنه" فكلام الإمام
مالك حينما حمل التغليظ على الكيفية دون الكمية خلاف
ما يظهر من سياق كلامهما "أتغلظ الدية في الشهر
الحرام؟ فقالا: لا، ولكن يزاد فيها للحرمة" الزيادة
هذه كما يقرر أهل العلم يحتمل أن تكون متصلة، وأن تكون
منفصلة، فإن كانت الزيادة متصلة فهي الزيادة في
الكيفية، وإن كانت الزيادة منفصلة فهي الزيادة في
الكمية، وهما نفيا أن تغلظ الدية في الشهر الحرام،
والكلام أوله يعارض آخره، على حسب فهمنا، الشرح موجود
وإلا ما هو موجود؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه معك الزرقاني؟
طالب:. . . . . . . . .
وش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
جنس الشهر الحرام فشمل الأربعة، الثلاثة السرد،
والواحد الفرد، قعدة والحجة ومحرم ورجب، نعم؟
طالب. . . . . . . . . مثل ما صنع عمر بن الخطاب في
عقل المدلجي، قيل. . . . . . . . .
بس؟
طالب:. . . . . . . . .
ما جاء بجديد، في المنتقى معكم؟
أحد معه المنتقى؟
طالب:. . . . . . . . .
لا "أعدد على ماء قديد عشرين ومائة بعير حتى أقدم
عليك، فلما أقدم إليه عمر أخذ من تلك الإبل ثلاثين
وثلاثين وأربعين" يعني حينما يزيد العدد هو لا يريد
أخذ المائة والعشرين، أراد أن ينتقي من هذه المائة
والعشرين ليتم له الانتقاء، لكن العدد المطلوب، لو
قال: أعدد مائة من الإبل صار له خيار؟ ما يصير له
خيار.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عروة بن
الزبير أن رجلاً من الأنصار يقال له: أحيحة بن الجلاح
كان له عم صغير".
(166/10)
"مالك عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير
أن رجلاً من الأنصار يقال له: أحيحة بن الجلاح، كان له
عم صغير، هو أصغر من أحيحة، وكان عند أخواله، فأخذه
أحيحة فقتله، فقال أخواله: كنا أهل ثُمه ورمه حتى إذا
استوى على عممه غلبنا حق امرئ في عمه" الآن الأخوال
بالنسبة للعصبة ابن الأخ من العصبة، والأخوال ليسوا
بعصبة من ذوي الأرحام، فهو يغلبهم عليه "كان عند
أخواله فأخذه أحيحة" لأنه ابن أخيه من عصبته، هذا
الأصل "فأخذه أحيحة فقتله" لا ندري وش مناسبة هذه
القصة؟ وظروف القصة؟ ولماذا قتله؟ وكيف قتله؟ هل قتله
عن عمد أو خطأ أو سقط منه من بعيره فمات؟ ما ندري، فرط
في حفظه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يُدرى عن كيفية القتل، يمكن لما جاء وادعاه وهو من
عصبته قُدم على أخواله فأخذه، فحمله ففرط في مسكه على
البعير فطاح وسقط ومات، يصير قتل خطأ، احتمال هذا،
المقصود أن ظروف القصة لا بد من بسطها ليتم الاستدلال
بها.
قال شيء الشارح عنها؟
طالب:. . . . . . . . .
وش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
من الشرح؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب: مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عروة بن
الزبير بن العوام أن رجلاً من الأنصار يقال له: أحيحة،
بمهملتين مصغر، ابن الجلاح بضم الجيم وتخفيف اللام
وآخره مهملة، كان له عم صغير وهو أصغر من أحيحة، وكان
عند أخواله فأخذه أحيحة فقتله، فقال أخواله: كنا أهل
ثُمه، بضم المثلثة، وكسر الميم الثقيلة، وهاء الضمير،
قال أبو عبيد: المحدثون يروونه بالضم، والوجه عندي
الفتح، والثم إصلاح الشيء وإحكامه، يقال: ثمتت أثُم
ثماً، وقال أبو عمرو: والثم الرم، ورمه بضم الراء وكسر
الميم شديدة، قال الأزهري: هكذا روته الرواة، وهو
الصحيح، وإن أنكره بعضهم، وقال ابن السكيت: ما له ثم
ولا رم بضمهما، فالثم قماش البيت، والرم مرمة البيت،
كأنه أريد كنا القائمين به منذ ولد إلى أن شب وقوي،
حتى إذا استوى على عممه بضم العين المهملة وفتحها،
وميمين أولاهما مفتوحة، والثانية مكسورة ومخففة هي على
طوله، واعتدال شبابه، ويقال للنبت: إذا طال اعتم،
ورواه أبو عبيد بالتشديد، قاله الهروي، أي شد الميم
الثانية.
(166/11)
قال الجوهري: قد تشدد للازدواج، غلبنا حق
امرئ في عمه، فأخذه منا قهراً علينا، قال عروة: فلذلك
لا يرث قاتل من قتل، أي الذي قتله، قال في الإصابة:
بعد ذلك أثر الموطأ هذا لم أقف على نسب أحيحة هذا في
أنساب الأنصار، وقد ذكره بعض من ألف في الصحابة، وزعم
أن أحيحة بن الجلاح بالحريش، ويقال: حراس بن حجفة بن
كلفة ...
ما يهمنا هذا، نبي القصة القصة وش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
زد، زد.
طالب:. . . . . . . . .
انتهينا منه، لكن نبي كيفية القتل، وظروف القتل، لا
يتصور أن أحيحة يقصد إلى عمه عند أخواله فيأخذه فيقتله
عمداً، ما هو متصور هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
غيرهم، غيرهم، ما لنا بهم لازم.
طالب: وقال عياض في المشارق: وقد أبغض القاضي أبو عبد
الله بن الحداء. . . . . . . . . في رجال الموطأ، وزعم
أن أحيحة بن الجلاح قديم الوفاة، وأنه عمر حتى أدرك
الإسلام، فيكون أحيحة الصحابي ولد ...
ما في شيء؟
هذا ما يفيد.
المقصود أنه أخذه من أخواله فقتله على كيفية لا يدرى
هل هي عن عمد؟ وهذا يبعد؛ لأنه صغير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ثأر بين؟
طالب:. . . . . . . . .
شب.
طالب: شب، سبع سنين، ثمان سنين.
"حتى إذا استوى على عممه غلبنا حق امرئ في عمه".
نشوف، نشوف.
"قال عروة: فلذلك لا يرث قاتل من قتل".
(166/12)
"قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا
أن قاتل العمد لا يرث من دية من قتل شيئاً، ولا من
ماله" قاتل العمد هذا ما فيه خلاف أنه لا يرث، الخلاف
في قتل الخطأ "ولا يحجب أحداً وقع له ميراث" لأن وجوده
كعدمه "وأن الذي يقتل خطأ لا يرث من الدية شيئاً"
لأنها أخذت منه عقوبة له، فلا يرجع شيء منها "وقد
اختلف في أن يرث من ماله" لأنه لا يتهم على أنه قتله
ليرثه، إذا قتل خطأ، دلت القرائن القوية على أنه قتله
خطأ اختلف فيه، والجمهور على أنه لا يرث؛ لأن العلماء
يقولون: القتل المانع من الميراث ما أوجب قوداً، أو
دية، أو كفارة "لأنه لا يتهم على أنه قتل ليرثه وليأخذ
ماله، فأحب أن يرث من ماله، ولا يرث من ديته" يعني من
القرائن التي تدل على أنه لم يقصد القتل حوادث
السيارات؛ لأنه هو في السيارة هل يبي يقصد قتله وهو
معه؟ نعم؟
هل يتهم في أنه يريد قتل أبيه؟ لا يمكن أن يتهم، فهذه
لا شك أنها مسألة مشكلة، وقول الجمهور يوقع في بعض
القضايا في حرج، مثل قضيتنا الآن ما زالت حية، شخص له
عشرة من الأولاد، تسعة منهم عققة، أراد أبوهم أن يعتمر
فرفضوا، والعاشر ولد بر به فاستجاب وذهب به، فصار
عليهم حادث ومات الأب، والأب من الأثرياء الكبار،
إحراج، فعلى رأي الجمهور يرث أو ما يرث؟ لا يرث، وعلى
رأي الإمام مالك يرث، والمسألة تنظر الآن عند أهل
العلم، وينظرون في رأي مالك، وله وجه إن أفتوا به، ما
يسلم من وجه، والله المستعان، نعم.
باب: جامع العقل
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب
وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة -رضي الله تعالى
عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((جرح
العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز
الخمس)).
قال مالك: وتفسير الجبار أنه لا دية فيه.
وقال مالك: القائد والسائق والراكب كلهم ضامنون لما
أصابت الدابة إلا أن ترمح الدابة من غير أن يفعل بها
شيء ترمح له، وقد قضى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى
عنه- في الذي أجرى فرسه بالعقل.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: فالقائد والراكب والسائق
أحرى أن يغرموا من الذي أجرى فرسه.
(166/13)
قال مالك: والأمر عندنا في الذي يحفر البئر
على الطريق، أو يربط الدابة، أو يصنع أشباه هذا على
طريق المسلمين، أن ما صنع من ذلك مما لا يجوز له أن
يصنعه على طريق المسلمين فهو ضامن لما أصيب في ذلك من
جرح أو غيره، فما كان من ذلك عقله دون ثلث الدية فهو
من ماله خاصة، وما بلغ الثلث فصاعداً فهو على العاقلة،
وما صنع من ذلك مما يجوز له أن يصنعه على طريق
المسلمين فلا ضمان عليه فيه، ولا غرم، ومن ذلك البئر
يحفرها الرجل للمطر، والدابة ينزل عنها الرجل للحاجة،
فيقفها على الطريق فليس على أحد في هذا غرم.
وقال مالك في رجل ينزل في البئر فيدركه رجل آخر في
أثره فيجبذ الأسفل الأعلى فيخران في البئر، فيهلكان
جميعاً أن على عاقلة الذي جبذه الدية.
قال مالك في الصبي يأمره الرجل ينزل في البئر، أو يرقي
في النخلة فيهلك في ذلك إن الذي أمره ضامن لما أصابه
من هلاك أو غيره.
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه ليس على
النساء والصبيان عقل يجب عليهم أن يعقلوه مع العاقلة
فيما تعقله العاقلة من الديات، وإنما يجب العقل على من
بلغ الحلم من الرجال.
وقال مالك في عقل الموالي: تلزمه العاقلة إن شاءوا،
وإن أبوا كانوا أهل ديوان أو مقطعين، وقد تعاقل الناس
في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي زمن أبي
بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- قبل أن يكون ديوان،
وإنما كان ديوان في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله
تعالى عنه-، فليس لأحد أن يعقل عنه غير قومه ومواليه؛
لأن الولاء لا ينتقل؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم-
قال: ((الولاء لمن أعتق)).
قال مالك: والولاء نسب ثابت.
قال مالك: والأمر عندنا فيما أصيب من البهائم أن على
من أصاب منها شيئاً قدر ما نقص من ثمنها.
قال مالك في الرجل يكون عليه القتل فيصيب حداً من
الحدود: إنه لا يؤخذ به، وذلك أن القتل يأتي على ذلك
كله إلا الفرية فإنها تثبت على من قيلت له يقال له: ما
لك لم تجلد من افترى عليك؟ فأرى أن يجلد المقتول الحد
من قبل أن يقتل، ثم يقتل، ولا أرى أن يقاد منه في شيء
من الجراح إلا القتل؛ لأن القتل يأتي على ذلك كله.
(166/14)
وقال مالك: الأمر عندنا أن القتيل إذا وجد
بين ظهراني قوم في قرية أو غيرها لم يؤخذ به أقرب
الناس إليه داراً ولا مكاناً، وذلك أنه قد يقتل
القتيل، ثم يلقى على باب قوم ليلطخوا به، فليس يؤخذ
أحد بمثل ذلك. قال مالك في جماعة من الناس اقتتلوا
فانكشفوا وبينهم قتيل أو جريح لا يدرى من فعل ذلك به:
إن أحسن ما سمع في ذلك أن عليه العقل، وأن عقله على
القوم الذي نازعوه، وإن كان الجريح أو القتيل من غير
الفريقين فعقله على الفريقين جميعاً.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع العقل
والعادة في مثل هذه الترجمة أنها توضع لمسائل متعددة
لا ترتبط برابط واحد، ولا يجمعها ترجمة واحدة، فيجمع
فيها -في الغالب يعني العادة جرت بهذا- المسائل التي
لا تدخل تحت الأبواب السابقة.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن
المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((جرح العجماء جبار،
والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس)) " وهذا
الحديث متفق عليه كما هو معروف بهذا الإسناد.
((جرح العجماء جبار)) العجماء: هي التي لا تنطق،
تشبيهاً لها بالأعجمي الذي لا ينطق العربية، كأن
الكلام بغير العربية لا قيمة له، ككلام أو كأصوات
العجماوات، وفرقوا بين العجمي والأعجمي من وجه، كيف
كان ذلك؟ ما وجه التفريق؟ أعجمي نسبة إلى عجم الذين لا
يتكلمون بالعربية ولو كان عربياً، والعجمي من نسبته
إلى العجم ولو نطق بالعربية.
((جرح العجماء جبار)) الدابة جرحها هدر، لا سيما إذا
جرحت أو جنت جناية في الوقت الذي جعل على أهل الأموال
حفظها، أما إذا تعدت وجنت في الوقت الذي جعل على أهل
الدواب حفظها فإن جنايتها مضمونة، لو دخلت الدابة
مزرعة قوم، أو محل فيه ما يمكن إتلافه فأتلفت، فإن
كانت في النهار فله حكم، وإن كانت في الليل فلها حكم،
على أهل الدواب أن يحفظوها ليلاً، وعلى أهل الأموال أن
يحفظوها نهاراً.
(166/15)
((العجماء جبار)) دخلت هذه البقرة أو
الناقة أو غيرهما من العجماوات إلى محل فكسرت آلة
ثمينة في هذا المحل، في النهار جبار، وفي الليل مضمون،
أرسلت فدهست صبياً في النهار لها حكم، وفي الليل لها
حكم. ((البئر جبار)) حفر بئراً ليجتمع به المطر، أو
ليستقي منه الناس، وسقط فيه من سقط، نقول: هدر، إذا
كان في محل مأذون بالحفر فيه؛ لأن هذه مصلحة عامة، وما
دام أذن فيه، ولم يكن في ذلك تلبيس على الناس بأن وضع
عليه شيئاً لا يمنع من الوقوع فيه، وضع ابلكاش مثلاً
على بئر، على بيارة مثلاً، نعم، وضع ابلكاش ما يمنع من
السقوط فيه، مثل هذا نقول: يضمن، لكن لو تركها مكشوفة
بحيث يراها الناس حينئذٍ لا يضمن، لو مُنع من حفر
البئر في هذا المكان أو البيارة في الشارع فسقط فيها
من سقط يضمن؛ لأنه حفر في مكان غير مأذون فيه.
((والمعدن جبار)) المعدن المكان الذي يستخرج منه
المعادن كالذهب والبترول وغيرهما، صاروا يشتغلون في
هذا المعدن فسقط عليهم، كثيراً ما نسمع من سقوط
المناجم على العمال، وهذا في السنوات الأخيرة، هذا
يكثر في الصين، يعني وقائع لا تسلم سنة من عدة حوادث،
من السنوات الماضية، هذا جبار، لا قود فيه ولا دية ولا
كفارة ولا شيء، ويفرق بين من يعمل بالأجرة ومن يعمل
مجاناً، وبين الكبير والصغير، الذي يأخذ أجرة يختلف عن
الذي يشتغل مجاناً تعاوناً وبين من الكبير والصغير على
ما سيأتي.
((وفي الركاز الخمس)) وهو ما يوجد من دفن الجاهلية فيه
خمسه يأخذ، وحينئذٍ يكون زكاته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم المسابح، واحد عنده استراحة يؤجرها فيها مسبح،
استأجرها أسرة فوقع فيها صبي من أولادهم، هل نقول:
يضمن أو لا يضمن؟ هو إذا حصل منه تغرير يضمن، لو قيل:
هذا مسبح للأطفال، صاحب الاستراحة قال: هذا للكبار
وهذا للأطفال، فصار مسبح الأطفال يغرق الكبار، يضمن،
أنه غرهم، أما إذا كانت المسألة واضحة، وليس فيها غش،
وأقدموا على بينة فعليهم حفظ أولادهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
هو يبي يجي، إن كان معها سائق مو معها سائق، عليها
قائد، عليها راكب، نعم بيجي هذا.
"قال مالك: وتفسير الجبار أنه لا دية فيه".
(166/16)
"وقال مالك: القائد والسائق والراكب"
القائد الذي يمشي أمام الدابة، والسائق الذي يمشي
خلفها، والراكب الذي يركبها من فوقها، كلهم ضامنون لما
أصابت الدابة؛ لأن مقودها بأيديهم، وبإمكانهم كفها عن
هذا الأذى "إلا أن ترمح الدابة من غير أن يفعل بها شيء
ترمح لأجله" يقودها فمرت بصبي فرمحته، أو راكب عليها
فرمحته، هذه ليست بيده إلا إذا كان قد تسبب في هذا
التصرف؛ لأن بعض الدواب إذا ما ضربت أو نخزت في مكان
مؤثر عندها ترمح، نعم، فهذه يكون على المتسبب "وقد قضى
عمر بن الخطاب في الذي أجرى فرسه بالعقل" وكثير ما
يحصل حوادث في سباق الخيل بالنسبة للمشاهدين، ما كان
هناك حدود تمنع من قرب المشاهدين من محل السباق، كانوا
يتدافعون وينظرون ويحصل لهم ما يحصل "وقد قضى عمر بن
الخطاب في الذي أجرى فرسه بالعقل" لأنه متسبب.
"قال مالك: فالقائد والراكب والسائق أحرى أن يغرموا"
لأن المقود بأيديهم.
طالب:. . . . . . . . .
ما هو مثلاً، هو ميدان سباق، لكنهم يضيقونه بالمشاهدة،
بعضهم يدف بعض وبعد ذلك يحصل ما يحصل.
طالب:. . . . . . . . .
ما دام المقود بيده عليه أن يصيب، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
ترفس برجلها من خلفها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
وحصل منها شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
كل حال هم المتسببون، يضمنون.
"قال مالك: والأمر عندنا في الذي يحفر البئر على
الطريق، أو يربط الدابة، أو يصنع أشباه هذا على طريق
المسلمين" عند الحنابلة في بعض كتبهم أنه لو بالت
دابته في الطريق، أو رمى قشر موز مثلاً، بالت دابته في
الطريق، ثم وطئها إنسان فخر صريعاً، أو رمى قشر موز
فوطئه إنسان فخر فمات أنه يضمن، لكن مثل هذه الأسباب
مثل هذه الأسباب، والقتل فيها بعيد جداً، هل يقال:
بالضمان؟ طيب الذي يغير الزيت عند باب البيت، ثم يأتي
واحد ويسقط ويموت هذا أشد، والأسباب كثيرة، لكن منها
البعيد ومنها القريب، فما قرب وكثر القتل فيه يضمن،
وما بعد وندر القتل فيه فإنه حينئذٍ لا يضمن، نعم؟
طالب: الذي يرمي قشر الموز؟
عند الحنابلة نصوا عليه أنه يضمن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(166/17)
أنت تصور المسألة، ما هي من الوضوح بهذا
المكان أكل الموز ورمى القشر يبيه في القمامة يسقط، ما
سقط، سقط بجوارها، ثم جاء واحد ووطئه سقط.
طالب:. . . . . . . . .
لا لو قلنا بهذا بعد الذي يشرب من البرادة هذا ثم يرمي
باقي الماء.
طالب:. . . . . . . . .
نعم السيراميك طيب، يضمن.
طالب:. . . . . . . . .
طيب وضع الأذى، لكن يأثم، ما نقول: يضمن، فرق بين كون
السبب قريب وبين كونه بعيد جداً؛ لأن الموت له أسباب
قريبة جداً وبعيدة جداً يعني يمكن الواحد مر عليه،
وأراد أن يرقيه ونفخ في وجهه فتأثر من البرد ومات، وش
تسوي به بعد هذا؟ أمور بعيدة جداً ما يضمن بها يا أخي،
طيب الأب وضع السيراميك في البيت أو الأخ أو ما أشبه
ذلك فسقط أحد المارة، الأم العجوز المسكينة وانكسرت
وإلا الأب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تكسروا الناس من أمور يقصدونها هم بأنفسهم وأولادهم؛
لأن هذه أسباب غير مقصودة، ويبعد مثل هذا منها، لكن لا
شك أن القرب والبعد له نصيبه، يعني تقدر الأمور
بقدرها، امرأة نامت بجنب ولدها، ووضعت الاحتياطات
الكاملة، ثم بعد ذلك حصل ما حصل، فمات بسببها، هل
نقول: تضمن وإلا ما تضمن؟ امرأة فرطت، هذه مسألة تقرب
وتبعد، وللاجتهاد فيها مجال، ولذلك الروايات الأخرى ما
يضمن إذا بالت دابته، بالت دابته في الطريق، ومشى وسقط
شخص ومات، نقول: هذا هو السبب؟ يضمن؟ بالت دابته.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تنضبط الأمور، ما تنضبط، مسألة فيها قرب وبعد،
شيء يبعد كل البعد هذا ما يضمن، وشيء يقرب بحيث يكون
يقرب من المباشرة هذا يضمن، وبين ذلك أمور اجتهادية
حسب تقرير المجتهد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب: فبالت الدابة، وأتت بما عندها من الأذى.
شوف إيش يبي يقول لك؟ كلام مالك اسمع ....
طالب. . . . . . . . .
وين يودون دوابهم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما عنده، عنده بيت غرفة فيها عشرين نفس، وتعرف هذا
أنت، غرفة واحدة فيها عشرين نفس.
طالب: يؤذي الناس هذا؟!
وين يوديها؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا مصدر رزقه بإذن الله -جل وعلا-.
(166/18)
على كل حال كل الأمور تقدر بقدرها، وأيضاً
الظروف والأحوال والحاجة وعدمها تعد من الأمور .. ، لا
شك أن القضايا تختلف باختلاف الأزمان، كانت الدواجن في
البيوت الآن ممنوعة تضعها، ولا في بيتك تضعها؛ لأنك
تؤذي الجيران برائحتها.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال شوف كلام الإمام -رحمه الله- "قال مالك:
والأمر عندنا في الذي يحفر البئر على الطريق أو يربط
الدابة، أو يصنع أشباه هذا على طريق المسلمين إنما صنع
ذلك مما لا يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين فهو
ضامن لما أصيب في ذلك من جرح أو غيره" إذا كان ممنوع،
ممنوع يحفر بيارة في طريق المسلمين هذا يضمن، مسموح لا
يضمن، وفي بعض البلدان يُسمح بهذا، يسمح في حفر البئر،
ثم بعد ذلك لا يضمن ((والبئر جبار)).
"إنما صنع من ذلك مما لا يجوز أن يصنعه على طريق
المسلمين فهو ضامن لما أصيب في ذلك من جرح أو غيره،
فما كان من ذلك عقله دون ثلث الدية فهو من ماله الخاص"
لأنه تقدم أن العاقلة تعقل أقل من الثلث "في ماله
الخاص، ومن بلغ الثلث فصاعداً فهو على العاقلة، وما
صنع من ذلك مما يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين
فلا ضمان عليه فيه ولا غرم، ومن ذلك البئر يحفرها
الرجل للمطر، والدابة ينزل عنها الرجل لحاجته فيقفها
على الطريق، فليس على أحد في هذا غرم".
"وقال مالك في الرجل" لو نزل إلى البقالة والسيارة
شغالة مثلاً، نعم، ومشت يضمن وإلا ما يضمن؟ يضمن؛ لأنه
ما أمنها؛ لأن فيها وسائل للتأمين، حينما أهملها ولم
يضمنها، وش يسمونه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ... التطفية سهلة.
طالب: جلنط.
يعني ما أمنها بفرامل أو بغيرها بجلنط، أو بنمرة
تمسكها أو شيء فيكون مفرط يضمن، لكن لو جاء ووضع جميع
الاحتياطات ومشت.
طالب:. . . . . . . . .
عاد هذا الثاني، يضمن الثاني.
"وقال مالك في الرجل ينزل في البئر فيدركه رجل آخر في
أثره فيجبذ الأسفل الأعلى" يسحبه يجره "فيخران في
البئر فيهلكان جميعاً: إن على عاقلة الذي جبذه الدية"
لأنه هو القاتل، هو المتسبب بقتل صاحبه، وإن مات معه.
(166/19)
"قال مالك في الصبي يأمره الرجل ينزل في
البئر، أو يرقى في النخلة فيهلك في ذلك أن الذي أمره
ضامن لما أصابه من هلاك أو غيره" لأنه لا يدرك مصلحته،
وكذا لو أعطاه آلة، وقال له: أقتل بها فلان ضمن؛ لأنه
لا يدرك مثل هذه الأمور.
"قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه ليس
على النساء والصبيان عقل يجب عليهم أن يعقلوه مع
العاقلة، وإنما العاقلة عصبة الرجل البالغون فيما
تعقله العاقلة من الديات، وإنما يجب العقل على من بلغ
الحلم من الرجال".
"وقال مالك في عقل الموالي تلزمه العاقلة إن شاءوا"
يعني على حسب اختيارهم، يعني إذا رضوا بذلك، لكن كيف
تلزمه العاقلة؟ تلزمه إن شاءوا، هذا تنافر وإلا ما فيه
تنافر؟ فيه إلزام مع المشيئة؟ ما في إلزام مع المشيئة.
طالب:. . . . . . . . .
"في عقل الموالي تلزمه العاقلة إن شاءوا" يعني التزموا
أول الأمر ثم أرادوا أن ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
"وإن أبوا كانوا أهل ديوان أو مقطعين" إيش معنى هذا
الكلام؟ "وإن أبوا كانوا أهل ديوان أو مقطعين" أقرب ما
يكون أن يكون العقل في بيت المال، سواء كان مما تتحصل
فيه من الأموال العامة، أو أن يقطع شيئاً يسدد به هذه
الدية، هذا أقرب ما يكون؛ لأن هذه الأمور انقطعت يعني،
الديوان انقطع، وكل شيء انقطع، كان على عهد عمر -رضي
الله عنه-، ثم تتابعت العصور فصار بيت المال لا شك أنه
يضمن مثل هذه الأمور.
(166/20)
ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- ودى
القتيل في مسألة القسامة، لما حلف رفضوا أن يحلف
اليهود، ورفضوا أن يحلفوا، وداه النبي -عليه الصلاة
والسلام-، فدية مثل هذا لا تضيع، وإنما تكون في بيت
المال. "وقد تعاقل الناس في زمن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-، وفي زمان أبي بكر الصديق قبل أن يكون
ديوان" الآن من وجبت عليه الدية هل تدفعها العاقلة؟
العاقلة تفرقوا، كيف يجمعهم؟ وكيف يحصل عليهم؟ ولا
يوجد من يلزمهم بهذا، المقصود أنه يُدفع من بيت المال
"قبل أن يكون ديوان، وإنما كان الديوان في زمان عمر بن
الخطاب، فليس لأحد أن يعقل عنه غير قومه ومواليه لأن
الولاء لا ينتقل" لكن إذا رفض العاقلة الموالي أن
يعقلوا فإنهم حينئذٍ يكون عقلهم من بيت المال "لأن
الولاء لا ينتقل" لأنه لحمة كلحمة النسب "ولأن النبي
-عليه الصلاة والسلام- قال: ((الولاء لمن أعتق)) ".
"قال مالك: والولاء نسب ثابت.
قال مالك: والأمر عندنا فيما أصيب من البهائم أن على
من أصاب منها شيئاً قدر ما نقص من ثمنها" الأرش، يعني
كسائر السلع، الفرق بين قيمتها سالمة وبين قيمتها
معيبة، كما تقدم في الرقيق.
"قال مالك في الرجل يكون عليه القتل فيصيب حداً من
الحدود أنه لا يؤخذ به" عليه قود يبي يقتل، ثم بعد ذلك
أصاب حداً من الحدود فإنه حينئذٍ لا يؤخذ به، يعني يبي
يقتل وقد سرق، تقطع يده ثم يقتل؟ على كلام الإمام مالك
لا يؤخذ به، إنما يكفي، القتل يأتي على ذلك كله، أعظم
من أن تجدع أطرافه كلها إلا الفرية؛ لأنها حق آدمي، لا
يسقط، وعار لا ينمحي، فمثل هذه إن طالبوا بإقامة حد
الفرية عليه أقيمت عليه، وأما الجنايات في الأنفس
والأطراف فإنها تتداخل، ويقضي عليها أكبرها.
ونظير ذلك الزاني المحصن، الواجب في حقه؟ الرجم،
ويختلف أهل العلم في الجلد، هل يجلد قبل ذلك أو لا
يجلد؟ المعروف عند الحنابلة أنه يجلد، والجمهور
يقولون: إنه لا يجلد، والجمهور، وحديث عبادة بن
الصامت: ((الثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) يشهد لقول
الحنابلة.
(166/21)
"إلا الفرية" يعني القذف "فإنها تثبت على
من قيلت له، يقال له: ما لك لم تجلد من افترى عليك؟ "
يعني يعير بهذا، يعني لو سرق هل يعير بأنه لماذا ما
قُطع الذي سرق منك؟ لا هذا يختلف عن الفرية، يختلف عن
القذف.
"يقال له: ما لك لم تجلد من افترى عليك؟ " لولا أنه
صادق في كلامه لطالبت بجلده "فحينئذٍ فأرى أن يجلد
المقتول الحد من قبل أن يقتل ثم يقتل، ولا أرى أن يقاد
منه في شيء من الجراح إلا القتل لأن القتل يأتي على
ذلك كله" لأن ما دون القتل من قطع ومن أمور أخرى تدخل
في القتل.
"وقال مالك: الأمر عندنا أن القتيل إذا وجد بين ظهراني
قوم في قرية أو غيرها لم يؤخذ به أقرب الناس إليه
داراً" ما يقال: والله هو أقرب إلى بيت آل فلان، آل
فلان هم الذين قتلوه، لماذا؟ "وذلك أنه قد يقتل القتيل
ثم يلقى على باب قوم ليلطخوا به، فليس يؤاخذ أحد بمثل
ذلك" لكن لو ألقي من وراء السور في بيتهم، ثم من ألقاه
ذهب يبلغ، يؤاخذون وإلا ما يؤاخذون؟ القتيل في بيتهم،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يؤاخذون وإلا ما يؤاخذون؟ على كل حال يقررون، ويشد
عليهم في التقرير، والأصل أنهم قتلوه، وإلا لو أهدر دم
مثل هذا لاستدرج الناس إلى بيوتهم من كان بينه وبينه
إحن وعداوات فقتلوه وزعموا أنه ألقي عليهم، كما قيل في
الرجل يجد مع امرأته رجلاً فيقتله، أتقتلونه؟ قال: نعم
نقتله؛ لئلا يسترسل الناس في مثل هذا، فيكون هناك
عداوات فيدعى كضيف، ثم يدعى أنه وقع على امرأته أو على
بنته فيقتله، فمثل هذه الأمور لا تنتهي، فلا بد من
حسمها، والحكم في مثل هذا أنه يقتل.
"قال مالك في جماعة من الناس اقتتلوا فانكشفوا وبينهم
قتيل أو جريح لا يدرى من فعل ذلك به: إن أحسن ما قيل
في ذلك أن عليه العقل، وأن عقله على القوم الذين
نازعوه" يعني اقتتل حيان أو قبيلتان فقتل من أحدهما
قتيل على القبيلة الثانية، أو على الحي الثاني عقل
المقتول "وإن كان الجريح أو القتيل من غير الفريقين"
واحد مر بينهم فقتل "بين الفريقين فعقله على الفريقين
جميعاً" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
(166/22)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب العقول
(8)
باب: ما جاء في الغيلة والسحر - باب: ما يجب في العمد
- باب: القصاص في القتل -
باب: العفو في قتل العمد - باب: القصاص في الجراح -
باب: ما جاء في دية السائبة وجنايته.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الغيلة
والسحر
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن
المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قتل
نفراً خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة.
وقال عمر -رضي الله عنه-: لو تمالأ عليه أهل صنعاء
لقتلتهم جميعاً.
وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن
زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه
وسلم- ورضي الله تعالى عنها- قتلت جارية لها سحرتها،
وقد كانت دبرتها، فأمرت بها فقتلت.
قال مالك -رحمه الله-: الساحر الذي يعمل السحر ولم
يعمل ذلك له غيره هو مثل الذي قال الله -تبارك وتعالى-
في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا
لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [(102) سورة البقرة]
فأرى أن يقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الغيلة والسحر
(167/1)
الغيلة: يعني قتل الغيلة، وهي الخديعة
والسر، بأن يستدرجه إلى مكان بحيث يخفى أمره على غيره
فيقتله، ومنهم من يقول: إن الغيلة الذي لا شبهة في
كونه عمداً، على كل حال الغيلة ظاهرها أنها ما كان
خفية، ومنه الغيلة التي تكون بسبب وطء الحامل المرضع
... ، بسبب وطء المرضع؛ لأن النبي -عليه الصلاة
والسلام- يقول: ((أردت أن أنهى عن الغيلة فإذا فارس
والروم يغيلون فلا يضرهم)) لأن الولد الرضيع يتضرر
بالحمل لا سيما في بلاد العرب، وأما في بلاد فارس
والروم فإنهم لا يتضررون، فالنبي -عليه الصلاة
والسلام- أراد أن ينهى عن هذه الغيلة ظناً أن الناس
كلهم يتضررون، ولما كان الدين للعالمين للناس أجمعين
فالحكم للغالب، فنسبة العرب بالنسبة لغيرهم أقل من
غيرهم، فإذا كان الغالب لا يتضرر فإنه لا يحكم بالمنع
من أجل تضرر البعض، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد
أن ينهى عن الغيلة، ظناً منه أن الناس كلهم يتضررون،
فلما تبين له أن أكثر الناس لا يتضررون عدل عن هذا
النهي، ويبقى أنه في حق من يتضرر ممنوع؛ لأن الضرر يجب
رفعه، فلا ضرر ولا ضرار.
يقول: "وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد
بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفراً خمسة أو سبعة
برجل واحد قتلوه قتل غيلة، قال عمر: لو تمالأ عليه أهل
صنعاء لقتلتهم جميعاً" يعني قتل الجماعة بالواحد مذهب
جمهور أهل العلم أنه لو اشترك مجموعة، وكل واحد منهم
صار سبباً في موته، لا شك أنهم يقتلون به، وخبر عمر
-رضي الله عنه- تلقاه العلماء بالقبول، وعملوا به،
وأفتوا بموجبه "لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم
جميعاً" يعني لو أن بعضهم لا يستقل بقتله إلا بمساعدة
فلان أو فلان أو فلان كلهم قتله، يقتلون به.
(167/2)
قالوا: "وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن
عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج
النبي -صلى الله عليه وسلم- قتلت جارية لها سحرتها"
السحر -نسأل الله العافية- كفر، وعقد ورقى شيطانية
وأدخنة وأبخرة يستعملها السحرة بعد أن يشركوا بالله
-جل وعلا-، وأن يقربوا لشياطينهم ما يخرجون به من
الدين، ثم بعد ذلك يحصل منهم ما يحصل من أثر هذا
السحر، من التفريق بين المرء وزوجه، ومن الضرر الحسي
والمعنوي للمسحور، وكل هذا بإذن الله -جل وعلا-
وإرادته، لكن هذه أسباب محرمة إجماعاً، وكفر بالله -جل
وعلا- كما دل عليه قوله -جل وعلا-: {وَلَقَدْ
عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ
مِنْ خَلاَقٍ} [(102) سورة البقرة] {حَتَّى يَقُولاَ
إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [(102) سورة
البقرة] والأئمة كلهم على أن السحر كفر، منهم من يقول:
إن مجرد تعلم السحر من غير فعل له، من غير أن يسحر به
أنه لا يكفر، وإن كان مرتكباً كبيرة من كبائر الذنوب،
وعظيمة من العظائم، وموبقة من الموبقات، لكنه إذا كفر
بسحره، وقدم للشياطين ما يخرج به من الملة هذا حينئذٍ
يكفر، هذا لا يحتاج إلى كلام، لو قدم إليهم بغير سحر
كفر إجماعاً، فالذي يدعو غير الله -جل وعلا- أو يقرب
يتقرب إلى غير الله -جل وعلا- بشيء من العبادات هذا
يكفر، ما يحتاج إلى أن يكون بسحر أو غيره، لكن عامة
أهل العلم على أن الساحر كافر، وأنه يقتل، وقد قتل
الصحابة وعمر بن عبد العزيز السحرة، ومنهم حفصة في
الخبر الذي معنا.
"قتلت جارية لها سحرتها، وكانت قد دبرتها" يعني أوصت
بعتقها بعد موتها، عن دبر حياتها "فأمرت بها فقتلت"
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تعلم السحر لا شك أنه من الموبقات، ولا يتم هذا إلا
بالشرك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(167/3)
يقرأ في الكتب، ويقرأ أيضاً ما يشرك به،
لكن الآن ما يحتاج إلى أن يقرأ، هنا قنوات تبث السحر،
وتعلم الناس السحر، يقول: أنا لا أتلفظ ولا أقرأ،
جاهل، نقول: لا أنت تقرأ ما في الشاشة أنت، أنت تقرأ
ما في الشاشة، فلا يجوز لك أن تتطلع على هذه الشاشات
بحال، والأمر جد خطير؛ لأنه مناقض لرأس المال للتوحيد
-نسأل الله السلامة والعافية-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أما إذا صدق هذا ما فيه إشكال، فقد كفر بما أنزل على
محمد، هذا ما فيه إشكال، لكن إذا كان مجرد إطلاع يقول:
أنا أريد أن أطلع، نقول: هذا إطلاع على محرم من غير
نية الإنكار، أما إذا كان يطلع عليه لينكر ويرد وينقض
هذا مأجور -إن شاء الله-، إذا كان أهلاً لذلك.
طالب:. . . . . . . . .
هذا إذا جاء إلى الكاهن ولو لم يصدقه لم تقبل له صلاة.
طالب: يقعد عندهم ويسمعهم ويشوف، ويقول: أنا ما أصدق،
لكن يسمع، وقد يتأثر يوماً ما، ويحصل في نفسه ...
لا المسألة مسألة عظيمة، موبقة من الموبقات، ولذلك
النظر في هذه الأمور، والتساهل فيها أمره عظيم جداً،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا إذا دعا غير الله -جل وعلا-، وتقرب إلى غير الله
-جل وعلا- بذبح أو ما شابه يُكفر، الكفر ما هو على هوى
على أشخاص، إذا أرتكب هذا المكفر متعمداً عارفاً بحكمه
غير جاهل به لا بد أن يكفر، فالساحر كافر.
"قال مالك: الساحر" ...
"أمرت بها فقتلت" يعني ما نفذت القتل بيدها، إنما
قالت: اقتلوها، فقتلت، والآمر بالقتل هو القاتل.
طالب: لكن القصد -أحسن الله إليك- هل هو مرده إلى
الشخص أم مرده إلى ولي الأمر؟
بالنسبة للعبيد والأرقاء مردهم إلى مالكهم، نعم ((إذا
زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها)) أما
بالنسبة للأحرار فمردهم إلى ولي الأمر.
طالب:. . . . . . . . .
والله الأصل أنه مثله كما يقرر أهل العلم أنه لا يعرف
مدى صحة توبته ولذلك لا يستتاب؛ لأن الفائدة المرتبة
على الاستتابة لا يمكن الإطلاع عليها، فأمره خفي خفاء
في خفاء، فلا يمكن الإطلاع عليها، لكن لو تاب من نفسه
قبل أن يستتاب، وحسنت توبته، وصلح أمره، وشهد له الناس
بالخير، ولم يعد إلى ذلك ما فيه إشكال -إن شاء الله
تعالى-، نعم؟
(167/4)
طالب: الساحر مرتد؟
نعم هو مرتد، هو كافر نعم.
(167/5)
"قال مالك: الساحر الذي يعمل السحر ولم
يعمل ذلك له غيره هو مثل الذي قال الله -تبارك وتعالى-
في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا
لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [(102) سورة البقرة]
فأرى أن يقتل ذلك" لأن عندك السحرة مراتب ودرجات
وطبقات، قد لا يستطيع هذا الساحر أن يسحر فلاناً،
فيذهب إلى من فوقه في المرتبة، وقد يوصي هذا الشخص
الذي أراد السحر منه أن يذهب إلى فلان بالبلد الفلاني،
فهل مراد الإمام مالك أن الساحر الذي يعمل السحر ولم
يعمل ذلك غيره يعني أن الساحر الواسطة، هما سحرة كلهم،
نفترض أنهم عشرة كل واحد فوق الثاني، وكل واحد شر من
الثاني، فجاء إلى الساحر، وحصل قضايا يذهب إلى ساحر
مثلاً في بلد، ثم يقول: اذهب إلى البلد الفلاني فهناك
ساحر يعني شر منه، أمهر منه على حد زعمه، فهل نقول: إن
هذا الوسيط لا يكفر مع أنه مرتكب للسحر، ويقرب، ويفعل
مع غير هذا الشخص؟ كلهم كفار نسأل الله السلامة
والعافية، وليس معنى هذا أن الساحر الذي يعمل السحر
ولم يعمل ذلك له غيره، يعني مراد الإمام مالك أن
الساحر الذي عمل السحر لا المسحور، وإن ذهب إلى .. ،
أو لا الشخص الذي يذهب إلى الساحر ليسحر غيره؛ لأن
عندنا ساحر ومسحور وواسطة بينهما، فمثلاً شخص تعجبه
امرأة فيخطبها فترفض، فيذهب إلى ساحر فيقول: أنا أريد
البنت الفلانية ورفضت، قال: أبداً، اعتبرها عندك،
أمهلنا أسبوع وهذه حصلت، أمهله أسبوع فجاء إليه قال:
عجزت، انتظر أسبوع ثاني، ثم لما جاء الأسبوع الثاني،
قال: عجزت، انتظرني ثالث، ثم بعد ذلك عجز في النهاية،
وذهبوا الشياطين الذين أرادهم لهذه البنت لأخت
الواسطة، عجزوا عن هذه، والسبب أنها ملازمة للأذكار في
وقتها، وهذه مسألة واقعية بلا إشكال، يعني سئلنا عنها،
ومثل هذه الأمور تجعل تعلق الإنسان بربه -جل وعلا-،
ولا يلتفت إلى غيره، ولن يضره أحد، لا يستطيع أحد أن
يوصل إليه أي ضرر إلا من قبله هو، إذا حصل الخلل من
قبله، فمراد الإمام مالك الساحر الذي عقد العقد لا
الواسطة بينهما، هو الساحر الذي يجب أن يقتل، لكن ماذا
عن الواسطة؟ هذا الذي طلب السحر ليحصل لفلان يقتل وإلا
ما يقتل؟
(167/6)
طالب: مثل الغيلة إذا كان يقتل بالواحد
مائة يقتل في السحر، أشر من القتل، هذا فساد دين
ودنيا.
هو ما في شك الأمر عظيم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيهما المباشر وأيهما المتسبب؟ الذي عقد العقد وسحر
بنفسه، الذي يقصده الإمام مالك، والمتسبب؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب الآن المباشرة تقضي على أثر التسبب أو نقول: إنه
مثل الذي أمسك للقاتل؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه إذا أشرك انتهى، إذا أشرك بنفسه انتهى.
طالب:. . . . . . . . . يقول: أنا. . . . . . . . .
هو الذي ينقلها إيه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تمالئوا على سحره، لكن الرجل ما مات، الساحر كفر بسحره
فيقتل حداً، حد كفر ما فيه إشكال، ردة، والواسطة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حكمه ومسألة التحريم, وكونه لا تقبل له صلاة، وكفر بما
أنزل على محمد، وهل هو كفر دون كفر؟ أو كفر أكبر مخرج
عن الملة؟ لا سيما إذا قدم شيء إلى هذا الساحر؛ لأنهم
لا يخدمونه مجاناً، لا يخدمونه إلا أن يقدم لهم شيء،
لكن قد يقدم لهم من مال، ما يقدم لهم شرك، أولاً: من
لازم هذا الفعل التصديق؛ لأنه لو لم يصدقه ما ذهب
إليه، ولا دفع إليه المال، فهو مصدق له بلا شك، فالكفر
حاصل له، ولو لم يقرب؛ لأنه صدقه، هل يمكن أن يذهب
ويدفع إليه الأموال وهو مكذب له؟ ما يمكن، إذا تضرر
بسببه أحد لا بد أن يؤاخذ به؛ لأنه ما تمالئ عليه،
الإمام مالك يرى أن القتل هو خاص بالساحر، ولو لم يحصل
منه تعدي على غيره، يعني عُرف أن هذا ساحر، وأنه
يتعامل مع الشياطين، ويقدم لهم، ويشرك معهم، هذا يقتل
ولو لم يضر أحد؛ لأنه ساحر، أما إذا تضرر أحد بسحره
فيعاقب هو ومن تسبب في هذا الضرر، فإذا كان الرائش
ملعون كلعن المرتشي والراشي، فالمتسبب في هذا السحر لا
شك أنه أمره عظيم، فما يلحق من الضرر بالنسبة للمسحور
يتحمل تبعته، والساحر حده القتل على كل حال.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكنه صدقه، يبي يدفع قروش، وهو ما .. ، يبي يدفع
المقابل وهو ما صدق؟!
طالب:. . . . . . . . .
صدقه بأنه يضر هذا المسحور.
طالب:. . . . . . . . .
(167/7)
المهم أنه صدقه، هذا تصديق، ولذلك هذا
الموضوع في غاية من الخطورة، وحصلت بسببه كوارث، كوارث
حصلت بسببه، نسأل الله السلامة والعافية، وأمر السحر
والسحرة يزيد ويستشري بين المسلمين، والتساهل في مثل
هذا الباب لا شك أنه زلة عظيمة وهفوة؛ لأن ضررها ليس
بالأمر اليسير والهين، يعني امرأة مسكينة صينة دينة،
تُجلب إلى بيت دعارة بسبب السحر، نسأل الله السلامة،
صوامة قوامة بسبب هذا، أمر خطير جداً، قد تفتن في
دينها، قد تكفر بسبب هذا.
طالب:. . . . . . . . .
ومثله أيضاً، مثله نعم، يعني هذا تصديق للسحرة، إذا
ذهبت لساحر ليحل عنك السحر فأنت مصدق له، أنت مصدق له،
والله المستعان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما دام قصد هذه القناة، وفتح عليها قاصداً لها، ويعرف
رقمها، هذا ذاهب إليها، لكن لو كان مثلاً شخص نسأل
الله العافية مبتلى بقنوات كثيرة، ويبحث عن أخبار،
ويبحث عن كذا، فوقع عليها عليه لزاماً أن ينصرف مباشرة
كنظرة الفجأة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لو قال: إنه وقع عليها من غير قصد.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل يستطيع أن يحذفها قبل أن يعلم بها؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا قلنا: إنه حكمه حكم نظر الفجأة، ينصرف عنه مباشرة،
نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
المسحور إذا غلب على عقله بحيث لا يستطيع أن يتصرف
تصرف العقلاء فإنه يرفع عنه التكليف، كثيراً ما يسأل
أن امرأة مسحورة، وفيها جن مثلاً، وأن من الجن ممن
فيها قد لا يمكنها من الصلاة مثلاً، أو من الصيام،
يفطرها قهراً عنها، أو يهددها بفعل الفاحشة فيها
مثلاً، إن صامت أو صلت، هذه أمور عظائم، يعني أمور لا
يحتملها البشر، لكن نسأل الله السلامة والعافية، الأمر
خطير جداً، فعلى من ولاه الله -جل وعلا- أمر المسلمين
أن يهتم لهذا الأمر، وهذا من أعظم المنكرات التي من
أجلها وجبت الولايات وفرضت، فرض الخليفة لأي شيء؟ فرضت
الإمامة لأي شيء؟ لمثل هذه الأمور، للأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، والقيام بالدين، وهذا منه، بل من
أعظم الأمور هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(167/8)
على كل حال بالنسبة ما يعرض على القضاة لهم
رأيهم ونظرهم من خلال القضايا التي تردهم، قد يكون فيه
ما فيه، ما يمنع من الحكم بالقتل، وقد يكون، هذا لهم
اجتهادهم ولهم تأويلهم، لكن على القضاة أن يتقوا الله
-جل وعلا-، أن لا يتساهلوا في هذا الأمر؛ لأنه خطير
جداً، يعني شوف رأينا الآثار، رأينا الآثار شخص من
خيار الناس يقف في منتصف الطريق بين بلدتين متباعدتين
ليقتل أولاده بالسكين؛ لأنه مسحور، نسأل العافية،
يضجعه مثل ما يضجع الشاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش هي؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم ((من تصبح)) يعني عندنا مطلق وعندنا مقيد، وحمل
المطلق على المقيد معروف عند أهل العلم، لكن منهم من
يقول: إنه ليس من باب الإطلاق والتقييد، أنه من باب
العموم والخصوص، ومقتضى ذلك أن التنصيص على بعض أفراد
العام لا يقتضي التخصيص، التنصيص على بعض أفراد العام
بحكم موافق لا يقتضي التخصيص، على كل حال يحرص الإنسان
على العجوة, ومن العالية، من المدينة، إن تيسرت وإلا
فغيرها يرجى -إن شاء الله تعالى- أن يقوم مقامه.
{وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي
الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [(102) سورة البقرة] ما له
نصيب في الآخرة، ليس له أدنى نصيب في الآخرة "فأرى أن
يقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه" يعني هو الذي باشر
السحر.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما يجب في العمد
وحدثني يحيى عن مالك عن عمر بن حسين مولى عائشة بنت
قدامة أن عبد الملك بن مروان أقاد ولي رجل من رجل قتله
بعصا، فقتله وليه بعصا.
قال مالك -رحمه الله-: والأمر المجتمع عليه الذي لا
اختلاف فيه عندنا أن الرجل إذا ضرب الرجل بعصا أو رماه
بحجر أو ضربه عمداً فمات من ذلك، فإن ذلك هو العمد،
وفيه القصاص.
قال مالك: فقتل العمد عندنا أن يعمد الرجل إلى الرجل
فيضربه حتى تفيض نفسه، ومن العمد أيضاً أن يضرب الرجل
الرجل في النائرة تكون بينهما، ثم ينصرف عنه، وهو حي
فينزى في ضربه فيموت، فتكون في ذلك القسامة.
قال مالك: الأمر عندنا أنه يقتل في العمد الرجال
الأحرار بالرجل الحر الواحد، والنساء بالمرأة كذلك،
والعبيد بالعبد كذلك.
يقول -رحمه الله تعالى-:
(167/9)
ما يجب في العمد
عرفنا سابقاً أن القتل ثلاثة أنواع، عمد وشبه عمد
وخطأ، وأن الإمام مالك عنده العمد والخطأ، وشبه العمد
يدخل في العمد، وهو في الحقيقة عمد؛ لأنه قاصد للضرر،
لكنه قاصد للضرر بما لا يقتل غالباً، فبالنظر إلى
الآلة الآلة لا تقتل، عصا صغيرة ضربه بها فمات، هذا
شبه عمد عند الجمهور، لكنه قاصد للضرر عند مالك فدخل
في العمد.
وهنا يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عمر بن حسين مولى
عائشة بنت قدامة أن عبد الملك بن مروان أقاد ولي رجل
من رجل قتله بعصا، فقتله وليه بعصا" يعني مماثلة، قتله
بعصا، هل المراد به ضربه مرة واحدة بعصا فمات، والعصا
مما لا يقتل فيكون مؤيداً لقول مالك؟ أو أنه قتله بعصا
غليظة تقتل غالباً إذا ضربه من بعض المواضع؟ أو أنه
كرر عليه الضرب بهذا العصا حتى مات؟ فيكون بالفعل عمد
حتى عند الأكثر، حتى عند الجمهور إذا كرر عليه الضرب
بآلة لا تقتل بمرة واحدة، فإنه يكون عمد، فقتله وليه
بعصا، وعلى كل حال يمكن حمله على وجه يصح عند الجمهور،
إذا كرر الضرب حتى مات، أو تكون العصا غليظة بحيث تقتل
غالباً، وأما عند مالك فلا إشكال أنه لو ضربه بعصا لا
تقتل غالباً فمات فإن هذا عمد، ويحصل أحياناً أن تكون
المنية دنت والآلة لا تقتل، كما حصل لمعلم ضرب طالباً
بالقلم مع أصابعه فمات، هل هذا نستطيع أن نقول: إنه
عمد؟ هل تعمد قتله؟ ضربه، هو تعمد الضرر، لكن ما تعمد
الموت، هذا شبه عمد عند الجمهور؛ لأن الآلة لا تقتل
غالباً.
(167/10)
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه الذي لا
اختلاف فيه عندنا أن الرجل إذا ضرب الرجل بعصا أو رماه
بحجر، أو ضربه عمداً فمات من ذلك فإن ذلك هو العمد،
وفيه القصاص" افترض أن الحجر صغير لا يقتل غالباً،
والرجل الذي رمي بالحجر مريض، تبعه فجرى المتبوع فرماه
بحجر صغير لا يقتل غالباً فمات الرجل؛ لأن عنده مرض،
قد يكون بالقلب مثلاً، ماذا نقول عن مثل هذا؟ نعم؟
يقتل به وإلا لا يقتل؟ يعني الاعتداء على مثل هذا
الرجل المريض كالاعتداء على الصحيح أو لا؟ يعني ما
دامت الروح في الجسد، يعني يختلف الحكم بين شخص مريض
وبين شخص صحيح؟ الحكم واحد كله، ما دامت الروح في
الجسد فالحكم واحد، لكن عند من يقول: إنه شبه عمد،
والآلة لا تقتل غالباً يكون شبه عمد ما فيه قصاص،
والذي يقول: إنه ما في شيء اسمه شبه عمد يكون قتله
عمداً.
"قال مالك: فقتل العمد عندنا هو أن يعمد الرجل إلى
الرجل فيضربه حتى تفيض نفسه" حتى تخرج روحه، يعني يكرر
عليه الضرب حتى يموت "ومن العمد أيضاً أن يضرب الرجل
الرجل في النائرة تكون بينهما" بينهم منافسة، بينهم
عداوة، بينهم شحناء، بينهم ضغائن، بينهم أحقاد "ومن
العمد أيضاً أن يضرب الرجل الرجل في النائرة تكون
بينهما، ثم ينصرف عنه وهو حي فينزى في ضربه" يعني ينزف
جرحه "فتكون في ذلك القسامة" القسامة من أجل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن الآن هل في شك في الضارب والمضروب؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا إذا جهل الضارب واضح بالنسبة للقسامة مع اللوث،
نعم، لكن إذا علم الضارب، نعم، القسامة ما فائدتها
حينئذٍ؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
انصرف عنه وهو حي فنزف فمات.
طالب:. . . . . . . . .
(167/11)
لا ما جهل، لكن ينظر في الموت، هل كان بسبب
الجرح أو كان بسبب آخر؟ مثل ما قلنا في المسألة
السابقة رجل ضرب فجرح جرح يسير، ثم بعد ذلك أصبح
ميتاً، هل مات بسبب هذا الجرح أو مات بسبب آخر؟
وحينئذٍ تكون القسامة، فيحلف هذا أنه ما مات بسبب هذا
الجرح، ويحلف أولياء المقتول أنه مات بسببه، لكن هل
مثل هذا مرده إلى مثل هذه القسامة، أو مرده إلى
التقارير وأهل المعرفة والخبرة؟ فالإمام -رحمه الله
تعالى- يقول: "ومن العمد أيضاً أن يضرب الرجل الرجل في
النائرة تكون بينهما، ثم ينصرف عنه وهو حي فينزى في
ضربه فيموت، فتكون في ذلك القسامة" الحلف يحلف القاتل
أنه ما مات بسبب هذا الجرح، ويحلف أولياء المقتول أنه
مات بسبب هذا الجرح، يعني هل القسامة التي ستأتي
قريباً -إن شاء الله تعالى- شرعت من أجل هذا، أو شرعت
حينما يجهل القاتل، الأصل في شرعيتها حينما يجهل
القاتل، على ما سيأتي، فإذا جهل القاتل وجد المقتول،
وهناك لوث، في عداوة بين فلان وفلان، يستدعى هذا الرجل
الذي دلت القرينة على أنه هو القاتل فتحصل القسامة،
أما هنا فالمعتدي معروف.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لكن مثل هذه الأمور حينما يعلم القاتل.
طالب: الآن لا نستطيع أن نجزم بأنه قاتل.
لا أقول: حينما يعلم الجاني، خله جاني أوسع شوي، حينما
يعلم الجاني ما فائدة القسامة؟ الجاني مقر بأنه جرحه
وهذا الجرح، لكن هل يموت بسبب هذا الجرح أو لا يموت؟
هذا يحتاج إلى خبرة، ولا يحتاج إلى قسامة، نعم؟
طالب: وش معنى ينزى؟
ينزى يعني ينزف، ينزف الجرح.
طالب:. . . . . . . . .
لا، فينزى في ضربه.
طالب:. . . . . . . . .
عداوة.
طالب:. . . . . . . . .
لا النائرة، مأخوذة من النار التي تحرق القلوب.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا النائرة، مثل ما صرح الشراح أنها مأخوذة من
النار التي تحرق القلوب، قلوب بعض الناس على بعض،
عداوة، شحناء، بغضاء.
طالب: قد يكون .... وهم كلهم لهم شحناء، أو بينهم
شحناء بين هذا وهذا.
إذا ما عرف، إذا ما عرف معروف، وسيأتي لها باب، بعد
ورقتين بيجي باب، كتاب القسامة.
(167/12)
طالب: إذا عرف الجاني، أن هذا ضرب، لكن ترك
في هذا المكان. . . . . . . . .، وفي حي كلهم بينهم
عداوة، يعني في الطب يثبت، ممكن أنه يثبت هذا الجرح،
لكن إذا كان في ضربات كثيرة.
والله المسألة ما تسلم.
طالب: ينظر إلى .... لكن ما ينظر. . . . . . . . .
دعونا من مسألتنا الأولى، وهذه مسألة واقعية، شخص وجد
شخصاً عند خبائه يتحرش بالنساء، في البر، فلما جاء ولي
أمر هؤلاء النسوة هرب فتبعه هذا وصار يرميه بالحجارة،
والرجل مريض بالقلب المتبوع، فسقط ميتاً، هل موته بسبب
الحجارة؟ أولاً: هل جنايته توجب قتله أو تجيز قتله؟
لا، أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟
لا، هذا سد للباب، وإلا ترتب على ذلك شر مستطير، أمور
ما تنتهي، هذا ما يوجب القتل، ولا يبيح القتل، تبعه
فرجمه بحجر فخر ميتاً، وهناك تقارير تثبت أنه مريض
بالقلب، فهل يلتفت إلى هذه التقارير أو يقال: بأنه هو
السبب الظاهر الآن؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه حقوق ليست حدود.
طالب:. . . . . . . . .
فيها قصاص، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن مثل هذه الأمور أمور ينتابها أيضاً أمور
أخرى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب: القاتل الولد وليست السيارة، يعني توصل إلى
العلم إلى. . . . . . . . . هل الموت بسبب نوبة قلبية.
. . . . . . . . باعتبار قرائن يستدل بها. . . . . . .
. . يؤخذ بها ... ؟
والله ما في شك أن هذه مردها إلى القضاء، والقاضي
بوسائله وأعوانه لا شك أنه يصل إلى ما يصل إليه، إن
اجتهد فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد.
"قال مالك: الأمر عندنا أنه يقتل في العمد الرجال
الأحرار بالرجل الحر" كما تقدم في الباب الماضي أن
الجماعة يقتلون بالواحد، والنساء بالمرأة كذلك،
والعبيد بالعبد كذلك، يعني كما مضى في الباب السابق.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: القصاص في القتل
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كتب
إلى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله تعالى عنهما- يذكر
أنه أتي بسكران قد قتل رجلاً فكتب إليه معاوية -رضي
الله تعالى عنه-: أن أقتله به.
(167/13)
قال يحيى: قال مالك: أحسن ما سمعت في تأويل
هذه الآية قول الله -تبارك وتعالى-: {الْحُرُّ
بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(178) سورة
البقرة] فهؤلاء الذكور والأنثى بالأنثى أن القصاص يكون
بين الإناث كما يكون بين الذكور، والمرأة الحرة تقتل
بالمرأة الحرة، كما يقتل الحر بالحر، والأمة تقتل
بالأمة، كما يقتل العبد بالعبد، والقصاص يكون بين
النساء كما يكون بين الرجال، والقصاص أيضاً يكون بين
الرجال والنساء، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال في
كتابه: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ
النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ
وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ
بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [(45) سورة المائدة]
فذكر الله -تبارك وتعالى- أن النفس بالنفس، فنفس
المرأة الحرة بنفس الرجل الحر، وجرحها بجرحه.
قال مالك في الرجل يمسك الرجل للرجل فيضربه فيموت
مكانه إنه إن أمسكه وهو يرى أنه يريد قتله قتلا به
جميعاً، وإن أمسكه وهو أنه يرى إنما يريد الضرب مما
يضرب به الناس لا يرى أنه عمد لقتله فإنه يقتل القاتل،
ويعاقب الممسك أشد العقوبة، ويسجن سنة لأنه أمسكه، ولا
يكون عليه القتل.
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يقتل الرجل عمداً، أو
يفقأ عينه عمداً، فيقتل القاتل أو تفقأ عين الفاقئ قبل
أن يقتص منه: إنه ليس عليه دية ولا قصاص، وإنما كان حق
الذي قتل أو فقئت عينه في الشيء بالذي ذهب، وإنما ذلك
بمنزلة الرجل يقتل الرجل عمداً، ثم يموت القاتل فلا
يكون لصاحب الدم إذا مات القاتل شيء، دية ولا غيرها،
وذلك لقول الله -تبارك وتعالى-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ
وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(178) سورة البقرة].
قال مالك: فإنما يكون له القصاص على صاحبه الذي قتله،
وإذا هلك قاتله الذي قتله فليس له قصاص ولا دية.
قال مالك: ليس بين الحر والعبد قود في شيء من الجراح،
والعبد يقتل بالحر إذا قتله عمداً، ولا يقتل الحر
بالعبد، وإن قتله عمداً، وهو أحسن ما سمعت.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القصاص في القتل
(167/14)
"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن مروان بن
الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان يذكر أنه قد أتي
بسكران قد قتل رجلاً فكتب إليه معاوية: أن أقتله به"
هذا قاتل لكنه قتل في حالة لا يعقل فيها التصرف، فهل
يدرأ عنه مثل هذا؟ أو نقول: إنه قد يفتح باباً يتذرع
به، فيشرب الخمرة وقبل أن تغطي عليه عقله يقتل، ولا شك
أنه هو المتسبب لرفع التكليف عنه، ولذا يختلفون في
طلاقه عن السكران، منهم من يقول: ما دام هو المتسبب
يؤاخذ به، وكذلك سائر تصرفاته، ومنهم من يقول: إنه ما
دام ارتفع العقل ارتفع التكليف، ولكن لا شك أن سد
الأبواب الموصلة إلى الفوضى والعبث بأموال ودماء
وأعراض المسلمين لا بد من أن يحتاط لها، النبي -عليه
الصلاة والسلام- لما جيء، أو لما جاء ماعز إليه -عليه
الصلاة والسلام- معلناً التوبة، ومبيناً أنه زنى زنا
صريح، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((هل بك من
جنون؟ )) وسأل عنه، قالوا: لا، ما نعلم إلا أنه وفي
العقل، من صالحينا، ثم قال النبي -عليه الصلاة
والسلام-: ((استنكهوه)) يعني شموه، هل شرب خمر وإلا ما
شرب؟ فاستنكهوه، ويريد بذلك أن يدرأ عنه الحد، هل يفعل
هذا بجميع الجناة؟ ويجعل هذا أصل لما جاء تائباً
منيباً مسلماً نفسه ليطهر مما ارتكبه من حد؟ ويقاس
عليه غيره من أهل السوابق والجرائم من المفسدين في
الأرض؟ لا يمكن أن يقال بمثل هذا، فمن أراد أن يتشفى
أو يقتل أو يفعل ما يريد بغيره يشرب شيئاً من الخمر،
ويقال: إنه سكران، قتل وهو سكران، فمثل هذا لا بد أن
يقتل به؛ لأنه إنما أتخذ ذلك ذريعة، إلى أن يصل إلى
غرضه فيقتل مسلماً، لكن إذا حصل أن هذا صحيح، شرب
الخمر، ولا نية له في قتل أحد، ودلت القرائن على ذلك،
ثم قتله حال سكره، فتسمعون من القضايا يحصل القتل
العمد، ثم يدرأ القصاص؛ بأن هذا عنده مرض نفسي، وعنده
تقارير تدل على ذلك، يستفيد وإلا ما يستفيد؟ عنده
تقارير تدل على أنه عنده مرض نفسي، يصل به هذا المرض
إلى أن يتصرف بغير عقل، ولا شك أن هذا ليس من تسببه،
بينما شرب الخمر من تسببه، ولذا قال: "كتب إليه
معاوية: أن أقتله به" فهل شرب الخمر يدرأ الحد؟ زوال
العقل يدرأ الحد بلا شك، لكن الزوال إن كان هو المتسبب
(167/15)
بزواله عقله يختلف عما إذا زال عقله من غير
تسبب، وإذا دلت القرائن على أنه إنما شرب ليرتكب هذا
المنكر، هذا لا بد أن يؤاخذ به، بلا شك، وإن كان شرب
هذه الخمرة التي هي أم الخبائث، ثم بعد ذلك طرأ له بعد
زوال عقله ما يقتل به نفساً معصومة، مثل هذا هو محل
الاجتهاد.
"قال يحيى: قال مالك: أحسن ما سمعت في تأويل هذه الآية
قول الله -تبارك وتعالى-: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ
وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(178) سورة البقرة] فهؤلاء
الذكور {وَالأُنثَى بِالأُنثَى} [(178) سورة البقرة]
أن القصاص يكون بين الإناث كما يكون بين الذكور" يعني
مثل المرأة إذا قتلت قتل عمد فإنها تُقتل بمن قتلت،
ولا يقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن قتل
النساء والذرية، إنما هذا في الحرب، نعم.
"والمرأة الحرة تقتل كما يقتل الحر بالحر، والأمة تقتل
بالأمة" يعني التكافؤ لا إشكال، عند التكافؤ بين
القاتل والمقتول لا إشكال "كما يقتل العبد بالعبد،
والقصاص يكون بين النساء كما يكون بين الرجال" يعني في
النفس والطرف "والقصاص أيضاً يكون بين الرجال والنساء"
وفي الآية السابقة: {وَالأُنثَى بِالأُنثَى} {الْحُرُّ
بِالْحُرِّ} [(178) سورة البقرة] يعني الرجل الحر
بالرجل الحر {وَالأُنثَى بِالأُنثَى} فماذا عن الرجل
بالأنثى والأنثى بالرجل؟ هل نقول: ما فيه تكافؤ فلا
قصاص؟ أو نقول: فيه تكافؤ لما جاء عن الله -تبارك
وتعالى- في كتابه؟ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا
أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [(45) سورة المائدة]
والمرأة نفس، والرجل نفس {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ
وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ
بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [(45) سورة المائدة]
ولم يميز في هذا بين الذكور والنساء؛ لأنها كلها نفس،
نعم ميز بينهما في الدية، فهل يميز بينهما في القصاص؟
الجمهور على أن المرأة تقتل بالرجل، والرجل يقتل
بالمرأة، فذكر الله -تبارك وتعالى- أن النفس بالنفس،
فنفس المرأة الحرة بنفس الرجل الحر، وجرحها بجرحه.
(167/16)
"قال مالك في الرجل يمسك الرجل للرجل
فيضربه فيموت مكانه" أنه لا يخلو إما أن يمسكه ليقتله،
أو يمسكه ليؤدبه، وهناك صورة ثالثة أن يمسكه ليأخذ
حقه، أحياناً يأتي الشخص يريد القتل والممسك يعرف أنه
يريد القتل هذا يقتل، أحياناً يقول: هذا اعتدى علي
ضربني فأريد أن أضربه فأعني عليه، فيمسكه يريد أن
يضربه فقط دون قتل، هذا لا يقتل به، وأحياناً يريد أن
يأخذ منه حقه في الظاهر؛ لأنه أحياناً في بعض الظروف
لا سيما مع اختلاط الناس، يستغل بعض الظروف فيقول شخص
يرفع صوته: الحرامي الحرامي، ثم يتبعونه فيمسكه واحد
على أنه سارق، نعم فيقتله، هذا ماذا يسأل؟ الممسك وش
عليه ذا؟ نعم؟
هذه صورة ثالثة تختلف عن الصورتين اللتين ذكرهما
الإمام، ولذا مثل هذه الفوضى، ومثل هذه الغوغاء لا شك
أن الإسلام يحسمها التي يتذرع بها من يريد الفساد،
ولذلك المظاهرات والغوغائيات كلها لا قيمة لها في
الإسلام، بل لا يقرها؛ لأنه يندس فيها من يريد الفساد،
فإذا قيل: الحرامي الحرامي وتبعه الناس ومسكوه، ثم جاء
أفرغ فيه رصاصة ومات، هذا يدخل في الصورتين اللتين
ذكرهما الإمام؟ لا يدخل أبداً، هذه صورة ثالثة، ولا
شيء على الممسك، اللهم إلا إذا وجد ما يدل على كذب هذا
المدعي، أو وجد صور نظيرة لهذه الصورة قد تقدمتها،
يعني أول مسألة يصدقها الناس، لكن إذا حصلت هذه ووجد
هذه القضية ألا يتحفظ الناس من مثل هذا التصرف؟ لا شك
أنهم يحتاطون، فإذا أمسك وقتله كالصورة السابقة لا شك
أنه عليه شيء من المؤاخذة، يقول: "إنه إن أمسكه وهو
يرى أنه يريد قتله قُتل به جميعاً، وإن أمسكه وهو يرى
إنه إنما يريد الضرب مما يضرب به الناس لا يرى أنه عمد
لقتله، فإنه يقتل القاتل، ويعاقب الممسك أشد العقوبة،
ويسجن سنة؛ لأنه أمسكه، ولا يكون عليه القتل" لكن لو
هو بالفعل سارق، هذا سارق، مر محل من المحلات، وأخذ
شيئاً ثميناً وهرب به، فلحقه صاحب المحل، وأعانه شخص
آخر أسرع منه، وأقوى فأمسكه، هذا ما اكتفى بأخذ ما
أخذه وإنما قتله، هذا الممسك لا شيء عليه؛ لأنه إنما
أمسكه ليؤخذ منه هذه الظلامة التي ارتكبها.
(167/17)
"قال مالك في الرجل يقتل الرجل عمداً، أو
يفقأ عينه عمداً فيقتل القاتل أو تفقئ عين الفاقئ قبل
أن يقتص منه: إنه ليس عليه دية ولا قصاص" "فالرجل يقتل
الرجل عمداً، أو يفقأ عينه عمداً فيقتل القاتل" قتل
زيد فتبعه عمرو فقتله، جاء أولياء المقتول قالوا: ما
وصلنا لنا شيء، قتل صاحبنا، قتل أبانا، قتل أخانا،
إحنا ما لنا دعوة كونه .. ، أو قتله فهرب فدهس، أو وقع
في بئر، يقولون: ما وصلنا شيء إحنا، وما دام فاتت
النفس نريد الدية، لهم شيء وإلا ما لهم شيء؟ يقول
الإمام: ليس لهم شيء "فيقتل القاتل، أو تفقأ عين
الفاقئ قبل أن يقتص منه: إنه ليس عليه دية ولا قصاص،
وإنما كان حق الذي قتل أو فقئت عينه في الشيء بالذي
ذهب" طيب، شخص سافر بآخر فحصل حادث بالسيارة مات
الراكب، وبعد يوم مات السائق، هل يقال: إن دية الراكب
تلزم في مال السائق؟ أو نقول: مات ولا يلزم شيء؟ افترض
أن هذا مات فوراً، والسائق ذهب به إلى المستشفى فمات
"فيقتل القاتل، أو تفقأ عين الفاقئ قبل أن يقتص: إنه
ليس عليه دية ولا قصاص" هذا يختص بالعمد أو يشمل جميع
أنواع القتل؟ الإمام نص على العمد، وإنما كان حق الذي
قتل أو فقئت عينه في الشيء بالذي ذهب إنما ذلك بمنزلة
الرجل يقتل الرجل عمداً ثم يموت القاتل، إذا مات ما
فيه إشكال، فلا يكون لصاحب الدم إذا مات القاتل شيء
دية ولا غيرها، وذلك لقول الله -تبارك وتعالى-:
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(178)
سورة البقرة] "فإنما يكون له القصاص على صاحبه الذي
قتله، وإذا هلك قاتله الذي قتله فليس له قصاص ولا دية"
لأن الحق تعلق بالنفس، ما تعلق بالمال، الحق إنما تعلق
بالنفس وذهبت النفس، ما تعلق بالمال، وفي قتل شبه
العمد وفي الخطأ تعلقه بالمال، والدية على العاقلة،
فتؤخذ ديته من عاقلة القاتل.
"قال مالك: ليس بين الحر والعبد قود في شيء من الجراح"
إنما فيه القيمة إذا قتل، أو الأرش إذا جرح، "والعبد
يقتل بالحر" لأنه كفاءة وزيادة "إذا قتله عمداً، ولا
يقتل الحر بالعبد وإن قتله عمداً"، "وهو أحسن ما سمعت"
لعدم التكافؤ.
نعم.
أحسن الله إليك.
(167/18)
باب: العفو في قتل العمد
حدثني يحيى عن مالك أنه أدرك من يرضى من أهل العلم
يقولون في الرجل إذا أوصى أن يُعفى عن قاتله إذا قتل
عمداً: إن ذلك جائز له، وأنه أولى بدمه من غيره من
أوليائه من بعده.
قال مالك في الرجل يعفو عن قتل العمد بعد أن يستحقه
ويجب له: إنه ليس على القاتل عقل يلزمه إلا أن يكون
الذي عفا عنه اشترط ذلك عند العفو عنه.
قال مالك في القاتل عمداً إذا عفي عنه أنه يجلد مائة
جلدة، ويسجن سنة.
قال مالك: وإذا قتل الرجل عمداً فقامت على ذلك البينة،
وللمقتول بنون وبنات، فعفا البنون، وأبى البنات أن
يعفون، فعفو البنين جائز على البنات، ولا أمر للبنات
مع البنين في القيام بالدم والعفو عنه.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: العفو في قتل العمد
نعرف أن قتل العمد فيه القصاص، فإذا عدل أولياء
المقتول عن القصاص إلى الدية فرفض القاتل، يقول: أنا
ما عندي دية، تقتلون أقتلوا، لهم أن يلزموه بدفع الدية
أو ليس لهم؟
يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك أنه أدرك
من يرضى من أهل العلم يقولون في الرجل إذا أوصى أن
يعفى عن قاتله إذا قتل عمداً: إن ذلك جائز له" لأن هذا
يملك نفسه، وإذا كان لأوليائه أن يعفو عن القاتل فهو
أولى بالعفو عنه، لكن هل هذا في حال الصحة أو بعد
القتل؟ يعني بعد مباشرة القتل وقبل خروج الروح، يعني
لو قال قائل مثلاً: أنا عفوت عمن يقتلني عمداً في حال
الصحة، له ذلك أو ليس له ذلك؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا يجرئ على قتله، ويفتح باب.
طالب: لكن لو علم والله بينهم مثلاً شيء أو يحصل
بينهم؟
لا في حال الصحة ليس له ذلك؛ لأنه لا يملك نفسه، فليس
له ذلك في حال الصحة، لكن لو ضربه ضرباً مبرحاً، أو
طعنه مثلاً، وقال: هو في حل مني، ولا أريد قصاص، هو
أولى بالعفو من أوليائه "إن ذلك جائز" أنه أولى بدمه
من غيره من أوليائه من بعده.
(167/19)
"قال مالك في الرجل يعفو عن قتل العمد بعد
أن يستحقه، ويجب له أنه ليس على القاتل عقل يلزمه" إذا
قالوا: عفونا عن القصاص، ثم جاءوا من الغد قالوا: نريد
الدية، لا أنتم ما اشترطتم دية في العفو، ليس لكم ذلك،
لكن إن قالوا: عفونا عنه، وعدلنا عن القصاص إلى الدية
لهم ذلك.
"قال مالك: إلا أن يكون الذي عفا عنه اشترط ذلك عند
العفو عنه".
"قال مالك في القاتل عمداً إذا عفي عنه: إنه يجلد مائة
جلدة، ويسجن سنة" هذا تعزير؛ لئلا يتمادى في جريمته؛
لأن بعض العفو بالنسبة لبعض الناس يجعله يتمادى، فلا
بد أن يردع، ولكم في القصاص حياة، فإذا عفي عنه إلى
غير بدل لا شك أن هذا يجرئه إلى قتل آخر، لكن هل من
دليل على أنه يجلد مائة، ويسجن سنة؟ أو أن هذا اجتهاد
من الإمام يرى أنه مناسب لمثل هذه الجناية؟
"قال مالك: وإذا قتل الرجل عمداً، وقامت على ذلك
البينة، وللمقتول بنون وبنات فعفا البنون، وأبى البنات
أن يعفون، فعفو البنين جائز على البنات" لأنه حق
للعصبة، والبنون هم العصبة، وهم الذين يعقلون، بخلاف
البنات "ولا أمر للبنات مع البنين في القيام بالدم
والعفو عنه".
سم.
أحسن الله إليك.
باب: القصاص في الجراح
قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من
كسر يداً أو رجلاً عمداً: إنه يقاد منه، ولا يعقل.
قال مالك: ولا يقاد من أحد حتى تبرأ جراح صاحبه فيقاد
منه، فإن جاء جرح المستقاد منه مثل جرح الأول حين يصح
فهو القود، وإن زاد جرح المستقاد منه أو مات فليس على
المجروح الأول المستقيد شيء، وإن برئ جرح المستقاد
منه، وشل المجروح الأول، أو برئت جراحها وبها عيب أو
نقص أو عثل، فإن المستقاد منه لا يكسر الثانية، ولا
يقاد بجرحه، قال: ولكنه يعقل له بقدر ما نقص من يد
الأول، أو فسد منها، والجراح في الجسد على مثل ذلك.
قال مالك: وإذا عمد الرجل إلى امرأته ففقأ عينها، أو
كسر يدها، أو قطع إصبعها، أو شبه ذلك متعمداً لذلك
فإنها تقاد منه، وأما الرجل يضرب امرأته بالحبل أو
بالسوط فيصيبها من ضربه ما لم يرد ولم يتعمد، فإنه
يعقل ما أصاب منها على هذا الوجه، ولا يقاد منه.
(167/20)
وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر
بن محمد بن عمرو بن حزم أقاد من كسر الفخذ.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: القصاص في الجراح
يعني فيما دون النفس.
يقول: "قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا
أن من كسر يداً أو رجلاً عمداً أنه يقاد منه، ولا
يعقل" يعني ما يدفع دية إلا إذا حصل الصلح بذلك؛ لأن
هذا عمد فيه القصاص، فإذا تنازلوا عن القصاص إلى الدية
فكما يحصل ذلك في النفس الكاملة يحصل في الطرف.
"قال مالك: ولا يقاد من أحد حتى تبرأ جراح صاحبه" لأنه
لا يعلم أين ينتهي الحد في هذه الجراح؟ لأنها قد تزيد،
فيحتاج إلى قصاص ثاني للسراية، فينتظر حتى يبرأ الجرح
فيقاد منه "فإن جاء جرح المستقاد منه مثل جرح الأول
حين يصح فهو القود، وإن زاد جرح المستقاد منه أو مات
فليس على المجروح الأول للمستقيد منه شيء" يعني جرح
جرحاً فاستقيد منه مثله، شفي المجروح الأول فاستقيد من
الجارح عمداً مثله، ثم مات منه، ليس على المستقاد له
الأول شيء؛ لأن هذا هو المعتدي، وهو الجاني الأول
"فليس على المجروح الأول المستقيد شيء، وأن برأ جرح
المستقاد منه، وشل المجروح الأول، أو وبرئ وجراحها بها
عيب أو نقص أو عثل" يعني أثر وشين "فإن المستقاد منه
لا يكسر الثانية، ولا يقاد بجرحه، قال: ولكنه يعقل عنه
بقدر ما نقص من يد الأول" يعني يؤخذ من المال بقدر هذا
الشلل، وبقدر هذا العثل، أو العيب والنقص "من يد الأول
أو فسد منها، والجراح في الجسد على مثل ذلك".
(167/21)
"قال مالك: وإذا عمد الرجل إلى امرأته ففقأ
عينها" نعم القصاص يكون بين الزوجين، كما يكون بين
الرجل والأجنبية، والأجنبي منه "أو كسر يدها، أو قطع
أصبعها، أو شبه ذلك" يعني "متعمداً لذلك، فإنها تقاد
منه" تفقأ عينه، وتكسر يده، ويقطع أصبعه وهكذا "فإنها
تقاد منه، وأما الرجل يضرب امرأته بالحبل أو بالسوط"
من أجل تأديبها "فيصيبها من ضربه ما لم يرد ولم يتعمد"
أراد ضربها ففقأ عينها، أراد ضربها مع ظهرها فتحرفت
عنه لتقي نفسها من الضرب ففقأ عينها، هذا ما عليه منه،
هي التي تسببت في هذا "وأما الرجل يضرب امرأته بالحبل
أو بالسوط فيصيبها من ضربه ما لم يرد ولم يتعمد فإنه
يعقل ما أصاب منها على هذا الوجه، ولا يقاد منه؛ لأنه
خطأ وليس بعمد" إنما هو خطأ، وليس بعمد.
"وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر بن محمد بن
عمرو بن حزم أقاد من كسر الفخذ" لأنه يمكن القود منه
بدقة.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في دية
السائبة وجنايته
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار
أن سائبة أعتقه بعض الحجاج فقتل ابن رجل من بني عائذ،
فجاء العائذي أبو المقتول إلى عمر بن الخطاب -رضي الله
تعالى عنه- يطلب دية ابنه، فقال عمر: لا دية له، فقال
العائذي: أرأيت لو قتله ابني، فقال عمر: إذاً تخرجون
ديته، فقال: هو إذاً كالأرقم إن يترك يلقم، وإن يقتل
ينقم.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في السائبة
وجنايته
السائبة هو العبد يتركه سيده، ويعتقه ويتركه يسيب،
ويذهب حيثما شاء، ولا يكون ولاؤه له.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن
يسار أن سائبة أعتقه بعض الحجاج، فقتل ابن رجل من بني
عائذ، فجاء العائذي أبو المتقول إلى عمر بن الخطاب
يطلب دية ابنه" يطلبها من من؟
طالب: من أمير المؤمنين، من الوالي.
يطلب دية ابنه.
طالب: لأن هذا ليس له ولاء ولا شيء، فرجع إلى ولي
الأمر.
(167/22)
يعني في مثل هذه الحالة إذا كان هذا القاتل
.. ، أولاً: يختلف هذا القتل بالنسبة للعمد والخطأ،
إذا كان عمداً فإنه يقاد به، وإذا كان خطأ فالدية،
والدية على العاقلة، وهذا لا عاقلة له؛ لأنه سائبة
"جاء العائذي أبو المقتول إلى عمر بن الخطاب يطلب دية
ابنه، فقال عمر: لا دية له" من أين نأتي لك بالدية
وهذا لا عاقلة له؟ "فقال العائذي: أرأيت لو قتله ابني؟
فقال عمر: إذاً تخرجون ديته" يخاطب من؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
إذاً تخرجون ديته، دية من؟ دية السائل، إيش السائل؟ لو
أن العائذي قتل غيره؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الآن السائبة، قال: لا دية له؛ لأنها افترضنا
المسألة في قتل الخطأ، فقال: "أرأيت لو قتله ابني؟
فقال عمر: إذاً تخرجون ديته" دية المقتول الذي قتله
ابنك.
طالب:. . . . . . . . .
لو قتله تخرجون؛ لأن له عاقلة ولدك.
طالب:. . . . . . . . .
نعم "فقال: هو إذاً كالأرقم إن يترك يلقم" يعني
كالأفعى كالحية "إن يترك يلقم، وإن يقتل ينقم" كيف
يلقم وينقم؟ "فقال" من القائل؟ العائذي "إذاً هو
كالأرقم إن يترك يلقم" يعني إن يترك يقتل مثل الحية
"وإن يقتل ينقم" كيف ينقم؟
نعم ينتقم، فما صار فيه تكافؤ، يعني مثل هذا السائبة
إذا قتل لا دية للمقتول، وإذا قُتل فيه الدية، لماذا؟
لأن السائبة لا عاقلة له، والقاتل الثاني العائذي له
عاقلة، لكن مثل هذا ألا يمكن أن يودى من بيت المال؟
كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في مسألة القسامة
على ما سيأتي، دفع ديته، ودية المسلم لا تهدر ولا
تضيع، فقوله: "لا دية له" يعني من أقاربه، ولا يمنع أن
يودى من بيت المال، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
(167/23)