شرح سنن ابن
ماجه للسيوطي وغيره بَاب الترجيع هُوَ اعادة الشَّهَادَتَيْنِ
بِصَوْت عَال بعد ذكرهمَا بخفض الصَّوْت قَالَ بن الْملك
الترجيع فِي الشَّهَادَتَيْنِ سنة عِنْد الشَّافِعِي
بِهَذَا الحَدِيث وَعند أبي حنيفَة لَيْسَ بِسنة
لِاتِّفَاق الرِّوَايَات على ان لَا تَرْجِيع فِي اذان
بِلَال وَابْن أم مَكْتُوم الى ان توفيا وأولنا الحَدِيث
بِأَن تَعْلِيمه عَلَيْهِ السَّلَام أَبَا مَحْذُورَة
الْأَذَان عقيب إِسْلَامه فَأَعَادَ عَلَيْهِ السَّلَام
كلمة الشَّهَادَة وكررها ليثبت فِي قلبه فَظن أَبُو
مَحْذُورَة انه من الْأَذَان انْتهى ذكره على القارى فِي
الْمرقاة
[708] فِي حجر أبي مَحْذُورَة بن معير أَبُو مَحْذُورَة
صَحَابِيّ مَشْهُور اسْمه أَوْس وَقيل سَمُرَة وَقيل
سَلمَة وَقيل سلمَان وَأَبُو معير بِكَسْر الْمِيم
وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح التَّحْتَانِيَّة وَقيل
عُمَيْر بن لوذان كَذَا فِي التَّقْرِيب وَقَوله حِين جهزه
أَي جهز أَبُو مَحْذُورَة عبد الله بن محيريز والتجهيز
التهيأ لاسباب السّفر وَالتِّجَارَة (إنْجَاح)
قَوْله متنكبون أَي معرضون عَن الْأَذَان أَو عَن
الْإِسْلَام وَقَوله فصرخنا نحكيه نهزأ بِهِ أَي ننقل
حِكَايَة الْمُؤَذّن استهزاء بالصراح وَالصَّوْت (إنْجَاح)
قَوْله فَقَالَ قل الله أكبر قَالَ القَاضِي عِيَاض
وَاعْلَم ان الْأَذَان كلمة جَامِعَة لعقيدة الْإِيمَان
مُشْتَمِلَة على نوعية من العقليات والسمعيات فأوله اثبات
الذَّات وَمَا يسْتَحقّهُ من الْكَمَال والتنزيه عَن
اضدادها وَذَلِكَ بقوله الله أكبر وَهَذِه اللَّفْظَة مَعَ
اخْتِصَار لَفظهَا دَالَّة على مَا ذَكرْنَاهُ ثمَّ صرح
بِإِثْبَات الوحدانية وَنفي ضدها من الشّركَة المستحيلة
فِي حَقه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهَذِه عُمْدَة
الْإِيمَان والتوحيد الْمُقدمَة على كل وظائف الدّين ثمَّ
صرح بِإِثْبَات النُّبُوَّة وَالشَّهَادَة بالرسالة لنبينا
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِي قَاعِدَة عَظِيمَة
بعد الشَّهَادَة بالوحدانية وموضعها بعد التَّوْحِيد
لِأَنَّهَا من بَاب الْأَفْعَال الْجَائِزَة الْوُقُوع
وَتلك الْمُقدمَات من بَاب الْوَاجِبَات وَبعد هَذِه
الْقَوَاعِد كملت العقائد العقليات فِيمَا يجب ويستحيل
وَيجوز فِي حَقه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثمَّ دَعَا الى
مَا دعاهم اليه من الْعِبَادَات فَدَعَاهُمْ الى الصَّلَاة
وعقبها بعد اثبات النُّبُوَّة لِأَن معرفَة وُجُوبهَا من
جِهَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا من
جِهَة الْعقل ثمَّ دَعَا بالفلاح وَهُوَ الْفَوْز والبقاء
فِي النَّعيم الْمُقِيم وَفِيه اشعار بِأُمُور الْآخِرَة
من الْبَعْث وَالْجَزَاء وَهِي اخر تراجم عقائد
الْإِسْلَام ثمَّ كرر ذَلِك بِإِقَامَة الصَّلَاة للاعلام
بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَهُوَ مُتَضَمّن لتأكيد الْإِيمَان
وتكرار ذكره عِنْد الشُّرُوع فِي الْعِبَادَة بِالْقَلْبِ
وَاللِّسَان وليدخل الْمصلى فِيهَا على بَيِّنَة من أمره
وبصيرة من ايمانه ويستشعر عَظِيم مَا دخل فِيهِ وعظمة حق
من يُعِيدهُ وجزيل ثَوَابه انْتهى
قَوْله ثمَّ أمرهَا على وَجهه فِيهِ الْتِفَات من
التَّكَلُّم الى الْغَيْبَة وَكَانَ امرار الْيَد على
سَبِيل التعطف والتلطف وَكَانَ كَذَلِك حَيْثُ رسخ
الْإِيمَان فِي قلبه وحبب اليه بعد أَن كَانَ أكره شَيْء
اليه (إنْجَاح)
قَوْله فَذهب كل شَيْء أَي من البغض والعناد لِلْإِسْلَامِ
ولأهله وَعدم محبته صلى الله
عَلَيْهِ
وَسلم
ورسوخ محبَّة الْكفَّار قَوْله وَعَاد ذَلِك كُله محبَّة
ثَبت هَذَا الْأَمر بفيض أَمر أُرِيد رَسُول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصَّدْر وببركته (إنْجَاح
الْحَاجة)
قَوْله بِالْأَبْطح الابطح فِي اللُّغَة مسيل وَاسع فِيهِ
دقاق الْحَصَى صَار علما للمسيل الَّذِي يَنْتَهِي اليه
السَّيْل من وَادي منى وَهُوَ الْموضع الَّذِي يُسمى محصبا
أَيْضا كَذَا فِي الْمرقاة
قَوْله فَاسْتَدَارَ أَي عِنْد الحيعلتين وَفِي
الْبُرْهَان ويستدير بهما فِي صومعته إِذا لم يسْتَطع
التَّبْلِيغ بتحويل وَجهه يَمِينا وَشمَالًا مَعَ ثبات
قَدَمَيْهِ مكانهما بِأَن كَانَت متسعة لما فِي
التِّرْمِذِيّ رَأَيْت بِلَالًا يُؤذن ويدورالحديث انْتهى
قَوْله معلقتان قَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ صفة خصلتان
وللمسلمين خير وصيامهم وصلاتهم بَيَان للخصلتين وَلَا شكّ
ان المتبادران قَوْله معلقتان خبر ونكارة الْمُبْتَدَأ قد
تكلمنا فِيهِ مرَارًا بِأَن الْمدَار على الإفادة كَمَا
ذكره الرضى ثمَّ بَعْدَمَا اخْتَارَهُ الظَّاهِر ان
يَجْعَل الْخَبَر قَوْله صِيَامهمْ وصلاتهم كَمَا لَا يخفى
لمعات
قَوْله
[715] أَمرنِي رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ان اثوب فِي الْفجْر المُرَاد من التثويب
هَهُنَا قَول الْمُؤَذّن فِي اذان الْفجْر الصَّلَاة خير
من النّوم وَنقل هَذَا عَن أَحْمد وَأما التثويب الَّذِي
أحدثه النَّاس وَهُوَ أَن يَقُول الْمُؤَذّن بعد الْأَذَان
إِذا استبطاء النَّاس الصَّلَاة الصَّلَاة أَو حَيّ على
الصَّلَاة حَيّ على الصَّلَاة مثلا فَهُوَ أَمر مُحدث لَا
يجوز وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وروى عَن مُجَاهِد قَالَ دخلت
مَعَ عبد الله بن عمر مَسْجِدا وَقد أذن فِيهِ وَنحن
نُرِيد أَن نصلي فِيهِ فثوب الْمُؤَذّن فَخرج عبد الله بن
عمر من الْمَسْجِد وَقَالَ اخْرُج بِنَا من عِنْد هَذَا
المبتدع وَلم يصل فِيهِ انْتهى وَقَالَ التوربشتي اما
النداء بِالصَّلَاةِ الصَّلَاة الَّذِي يعتاده النَّاس بعد
الْأَذَان على أَبْوَاب الْمَسَاجِد فَإِنَّهُ بِدعَة
يدْخل فِي الْقسم الْمنْهِي عَنهُ انْتهى (فَخر)
قَوْله
[717] وَمن اذن فَهُوَ يُقيم فَيكْرَه ان يُقيم غَيره
وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَعند أبي حنيفَة لَا يكره لما
روى ان بن أم مَكْتُوب رُبمَا كَانَ يُؤذن وَيُقِيم بِلَال
وَرُبمَا كَانَ عَكسه والْحَدِيث مَحْمُول على مَا إِذا
لحقه الوحشة بِإِقَامَة غَيره قَالَه بن الْملك (مرقاة)
قَوْله
(1/52)
[718] فَقولُوا مثل قَوْله عَام مَخْصُوص
بِحَدِيث عمر أَنه يَقُول فِي الحيعلتين لَا حول وَلَا
قُوَّة الا بِاللَّه اعْلَم انه يسْتَحبّ للسامع إِذا اذن
الْمُؤَذّن ان يَقُول مثل قَوْله الا فِي الحيعلتين
فَإِنَّهُ يَقُول لَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه
وَإِذا أَقَامَ يَقُول مثل قَوْله الا انه يَقُول فِي لفظ
الْإِقَامَة اقامها الله وادامها وَإِذا ثوب فَيَقُول فِي
اذان الْفجْر الصَّلَاة خير من النّوم يَقُول صدقت وبررت
وبالحق نطقت كَذَا سَمِعت من شَيخنَا مَوْلَانَا رشيد
أَحْمد طيب الله ثراه (فَخر)
قَوْله فَقولُوا مثل قَوْله قَالَ الشَّيْخ واجابه
الْمُؤَذّن وَاجِبَة وَيكرهُ التَّكَلُّم عِنْد الْأَذَان
وَلَو تعدد المؤذنون فِي مَسْجِد وَاحِد فالحرمة للْأولِ
وَلَو سمع الْأَذَان من جِهَات وَجب عَلَيْهِ إِجَابَة
مُؤذن مَسْجده وَلَو كَانَ فِي الْمَسْجِد لَا يجب وَلم
يكن آثِما لحُصُول الفعلية انْتهى لمعات
[724] الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مد صَوته قَالَ فِي
النِّهَايَة الْمَدّ الْقدر يُرِيد بِهِ قدر الذُّنُوب أَي
يغْفر لَهُ ذَلِك الى مُنْتَهى صَوته وَهُوَ تَمْثِيل لسعة
الْمَغْفِرَة نَحْو لَو لقيتني بقراب الأَرْض خَطَايَا
لقيتك بهَا مغْفرَة وَيرى مدى صَوته والمدى الْغَايَة أَي
يستكمل مغْفرَة الله إِذا اسْتَنْفَذَ وَسعه فِي رفع صَوته
فَبلغ الْغَايَة فِي الْمَغْفِرَة إِذا بلغ الْغَايَة فِي
صَوته وَقيل هُوَ تَمْثِيل أَرَادَ مَكَانا يَنْتَهِي اليه
الصَّوْت لَو قدر أَن يكون بَين اقصاه وَبَين الْمُؤَذّن
ذنُوب تملأ تِلْكَ الْمسَافَة لغفرها الله مِصْبَاح
الزجاجة
قَوْله
[725] المؤذنون أطول النَّاس اعناقا قَالَ فِي النِّهَايَة
أَي أَكثر اعمالا يُقَال لفُلَان عنق من الْخَيْر أَي
قِطْعَة وَقيل أَرَادَ طول الرّقاب لِأَن النَّاس
يَوْمئِذٍ فِي الكرب وهم متطلعون لِأَن يُؤذن لَهُم فِي
دُخُول الْجنَّة وَقيل أَرَادَ انهم يكونُونَ يَوْمئِذٍ
رُؤَسَاء سادة وَالْعرب تصف السَّادة بطول الاعناق وروى
أطول اعناقا بِكَسْر الْهمزَة أَي أَكثر اسراعا وَأعجل الى
الْجنَّة يُقَال أعنق يعنق اعناقا فَهُوَ معنق وَالِاسْم
الْعُنُق بِالتَّحْرِيكِ وَفِي سنَن الْبَيْهَقِيّ من
طَرِيق أبي بكر بن أبي دَاوُد سَمِعت أبي يَقُول لَيْسَ
معنى الحَدِيث ان اعناقهم تطول بل معنى ذَلِك ان النَّاس
يعطشون يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا عَطش الْإِنْسَان انطوت
عُنُقه والمؤذنون لَا يعطشون فاعناقهم قَائِمَة (زجاجة)
قَوْله
[728] من اذن ثِنْتَيْ عشرَة سنة الخ وَلَا تعَارض فِيهِ
بِالْحَدِيثِ السَّابِق لِأَن الزِّيَادَة لَا تنافى
الْقلَّة وَيحْتَمل ان يُرَاد بهما كَثْرَة التأذين
فَحِينَئِذٍ يكون الْعبْرَة بِمَفْهُوم الْعدَد أَو يكون
الْفرق بِحَسب اخلاص النِّيَّة جدا ولغيرها فَمن اذن سبع
سِنِين بالإخلاص الْكَامِل كتب لَهُ بَرَاءَة من النَّار
وَمن ثَبت نِيَّته فِي الْجُمْلَة تكون لَهُ فِي ثِنْتَيْ
عشرَة سنة وَالله اعْلَم (إنْجَاح)
قَوْله وَمن اذن ثِنْتَيْ عشرَة الخ قَالَ القَاضِي جلال
الدّين البُلْقِينِيّ سُئِلت عَن الْحِكْمَة فِي ذَلِك
فَظهر لي فِي الْجَواب ان الْعُمر الْأَقْصَى مائَة
وَعِشْرُونَ سنة والاثنى عشرَة عشر هَذَا الْعُمر وَمن سنة
الله تَعَالَى أَن الْعشْر يقوم مقَام الْكل كَمَا قَالَ
الله تَعَالَى من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر امثالها
وكما قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي إِيجَاب الْعشْر فِي
العشرات إِذا دَفعه بِمَنْزِلَة من تصدق بِكُل الْعشْر
وَكَانَ هَذَا يصدق بِالدُّعَاءِ الى الله تَعَالَى بِكُل
عمره لَو عَاشَ هَذَا الْقدر الَّذِي هَذَا عشره فَكيف
إِذا كَانَ دونه وَأما حَدِيث من اذن سبع سِنِين
فَإِنَّهَا عشر الْعُمر الْغَالِب (زجاجة)
قَوْله
[729] فَأمر بِلَال الخ فِيهِ حجَّة للشَّافِعِيّ وَلنَا
مَا روى بن أبي شيبَة بِسَنَد رِجَاله رجال الصَّحِيحَيْنِ
ان عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ جَاءَ الى النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول الله
رَأَيْت فِي الْمَنَام كَانَ رجلا قَامَ وَعَلِيهِ بردَان
اخضران فَأَقَامَ على حَائِط فَأذن مثنى مثنى وَأقَام مثنى
مثنى وَقَالَ الطَّحَاوِيّ فَأذن مثنى وَأقَام مثنى
وَالْجَوَاب عَن الْأَمر بالايتار بهَا أَنه من بَاب
الِاخْتِصَار فِي بعض الْأَحْوَال تَعْلِيما للْجُوَاز لَا
يسمتر سنة بِدَلِيل مَا روى الطَّحَاوِيّ وَابْن
الْجَوْزِيّ ان بِلَالًا كَانَ يثني الْإِقَامَة الى ان
مَاتَ كَذَا فِي الْبُرْهَان شرح مواهب الرَّحْمَن
قَوْله
[733] فقد عصى الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ وَأما للتفصيل
حَتَّى يَقْتَضِي شَيْئَيْنِ فَصَاعِدا وَالْمعْنَى اما من
ثَبت فِي الْمَسْجِد وَأقَام للصَّلَاة فِيهِ فقد أطَاع
أَبَا الْقَاسِم وَأما هَذَا فقد عصى
قَوْله
[734] فَهُوَ مُنَافِق أَي مُنَافِق فِي الْعَمَل لَا فِي
الْإِيمَان فَإِن عمله يشبه عمل الْمُنَافِقين قَالَ جلّ
ذكره إِذا قَامُوا الى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى
(إنْجَاح)
قَوْله
(1/53)
[736] من بنى لله مَسْجِدا قَالَ
الطَّيِّبِيّ التَّنْوِين فِي مَسْجِدا للتقليل وَفِي
بَيْتا للتنكير أوالتعظيم ليُوَافق الحَدِيث الَّاتِي من
بنى لله مَسْجِدا كمفحص قطاة الحَدِيث انْتهى قلت وَليكن
إِشَارَة الى زِيَادَة المثوبة بِهِ كمية وَكَيْفِيَّة
لِئَلَّا يرد عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى من جَاءَ
بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا (مرقاة)
قَوْله بنى الله لَهُ مثله أَي مثل الْمَسْجِد فِي الْقدر
وَلكنه أنفس مِنْهُ بِزِيَادَات كَثِيرَة أَو مثله فِي
مُسَمّى الْبَيْت وَإِن كبر مساحته أَو يرد أَن فَضله على
بيُوت الْجنَّة كفضل الْمَسْجِد على بيُوت الدُّنْيَا
وَهَذَا لمن بنى فِي مَظَنَّة الصَّلَاة 12 مجمع الْبحار
[738] كمفحص قطاة المفحص بِفَتْح الْمِيم والحاء
الْمُهْملَة مَوضِع تجثم هِيَ عَلَيْهِ وتبيض فِيهِ ماخوذ
من الفحص وَهُوَ الْبَحْث والكشف كَأَنَّهَا تفحص عِنْد
التُّرَاب أَي تكشفه كَذَلِك الا فحوص والقطاة ضرب من
الْحمام ذَوَات اطواق يشبه الفاختة والقماري وَهَذَا
الْموضع لَا يَكْفِي للصَّلَاة فَيحمل على الْمُبَالغَة
أَو على ان يشْتَرك جمَاعَة فِي بِنَاء أَو يزِيد فِيهِ
قدر مُحْتَاجا اليه كَذَا فِي الْمجمع أَو هَذَا بطرِيق
ضرب الْمِثَال وَالْمرَاد مِنْهُ الْمَسْجِد الصَّغِير
وَهَكَذَا مماثلة فِي الْجنَّة فِي الصغر وَالْكبر
(إنْجَاح)
قَوْله
تشييد شاد الْحَائِط طلاه بالشيد وَهُوَ مَا يطلى بِهِ
الْحَائِط من جص وَغَيره انجاح وَفِي شرح الشَّيْخ أَي
باعلاء بناءها وزخرفتها وتزويقها وَهَذَا بِدعَة لم
يَفْعَله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ
زَائِدَة على قدر الْحَاجة وَلِأَن فِيهِ مُوَافقَة
الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَمَا سيجئ
قَوْله
[740] كَمَا شرفت الخ فِي شرح السّنة كَانَت الْيَهُود
وَالنَّصَارَى تزخرف الْمَسَاجِد عِنْدَمَا حرفوا أَمر
دينهم وَأَنْتُم تصيرون الى مثل حَالهم فِي الاهتمام
بِالْمَسْجِدِ وتزيينها وَكَانَ الْمَسْجِد على عهد رَسُول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّبنِ وسقفه
بِالْجَرِيدِ وعمده خشب النّخل زَاد فِيهِ عمر رض فبناه
بِاللَّبنِ وَالْحَدِيد وَأعَاد عمده خشبا ثمَّ غير
عُثْمَان رض فَزَاد فِيهِ زِيَادَة كَثِيرَة وَبنى جِدَاره
وعمده بِالْحِجَارَةِ المنقوشة وبالجص والنورة وسقفه
بالساج (مرقاة)
قَوْله الا زخرفوا الخ أَي زَينُوا أَو أصل الزخرف
الذَّهَب أَي نقشوها وموهوها بِالذَّهَب وَهَذَا وَعِيد
شَدِيد لمن تصدى بعمارة الظَّاهِر وتخريب الْبَاطِن فَإِن
الصَّحَابَة رض كَانُوا ارغب النَّاس فِي أَعمال الْخَيْر
واسرعهم فِي أَفعَال الْبر وَمَا شيدوا مَسَاجِدهمْ الا
قَلِيلا وَفِي أَمْثَال هَذِه المواطن التَّخَلُّص عَن
الرِّيَاء والسمعة وَالْعجب أَشد وأصعب فَإِن الْإِنْسَان
قد يرى عمله خياأ وَهُوَ شَرّ قَالَ جلّ ذكره عَسى ان
تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم وَعَسَى ان تحبوا شَيْئا
وَهُوَ شَرّ لكم وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ
(إنْجَاح)
قَوْله
[743] حَيْثُ كَانَ الخ أَي اصنامه وَإِنَّمَا صنع هَذَا
لانتهاك الْكفْر وايذاء الْكفَّار حَيْثُ عبدُوا غير الله
هَهُنَا (إنْجَاح)
قَوْله
[744] عَن الْحِيطَان جمع حَائِط وَالْمرَاد هَهُنَا
الْبُسْتَان والعذرات النَّجَاسَات فَإِنَّهُم يلقونها فِي
أصُول الْأَشْجَار والزروع لتحصل الْقُوَّة النباتية
فَإِذا سقيت أَي فَإِذا أجْرى المَاء فِيهَا مرَارًا
حَيْثُ لَا يبْقى فِيهِ أثر النَّجَاسَة فَيصير ذَلِك
الْمَكَان طَاهِر فَيجوز الصَّلَاة فِيهِ فَلَا بَأْس
بِبِنَاء الْمَسْجِد فِي مثل ذَلِك الْمَكَان وَفِيه
التَّرْجَمَة (إنْجَاح)
قَوْله الْمقْبرَة بِفَتْح الْبَاء وَضمّهَا وَقَالَ بن
حجر بتثليثها وَفِي الْقَامُوس الْمقْبرَة مُثَلّثَة
الْبَاء مَوضِع الْقَبْر قَالَ الْقَارِي اخْتلفُوا فِي
هَذَا النَّهْي هَل هُوَ للتنزيه أَو للتَّحْرِيم ومذهبنا
الأول وَمذهب أَحْمد التَّحْرِيم بل وَعدم انْعِقَاد
الصَّلَاة قَالَ شَارِح الْمنية فِي الفتاوي لَا بَأْس
بِالصَّلَاةِ فِي الْمقْبرَة إِذا كَانَ فِيهَا مَوضِع
للصَّلَاة وَلَيْسَ فِيهِ قبر وَقَالَ القَاضِي من اتخذ
مَسْجِدا فِي جوَار صَالح أوصلى فِي مَقْبرَة وَقصد
الِاسْتِظْهَار بِرُوحِهِ ووصول اثر من اثر عِبَادَته اليه
لَا للتعظيم لَهُ والتوجه نَحوه فَلَا حرج عَلَيْهِ الا
ترى ان مرقد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي
الْمَسْجِد الْحَرَام عِنْد الْحطيم وان ذَلِك الْمَسْجِد
أفضل مَكَان يتحَرَّى الْمُصَلِّي لصلاته وَالنَّهْي عَن
الصَّلَاة فِي الْمَقَابِر مُخْتَصّ بالقبور المنبوشة لما
فِيهَا من النَّجَاسَة واختلاط التربة بصديد الْمَوْتَى
حَتَّى لَو كَانَ الْمَكَان طَاهِر فَلَا بَأْس وَمِنْهُم
من ذهب الى انه يكره الصَّلَاة فِي الْمقْبرَة مُطلقًا
لظَاهِر الحَدِيث (مرقاة)
قَوْله
[746] فِي المزبلة بِفَتْح الْبَاء وَقيل بضَمهَا الْموضع
الَّذِي يكون فِيهِ الزبل وَهُوَ السرجين وَمثله سَائِر
النَّجَاسَات والجزرة بِكَسْر الزَّاي وَيفتح هُوَ الْموضع
الَّذِي ينْحَر فِيهِ الْإِبِل ويذبح الْبَقر وَالشَّاة
نهى عَنْهَا لأجل النَّجَاسَة فِيهَا من الدِّمَاء
والارواث وَجَمعهَا مجازر قَارِعَة الطَّرِيق الْإِضَافَة
للْبَيَان أَي وَسطه فَالْمُرَاد الطَّرِيق الَّذِي يقرعه
النَّاس وَالدَّوَاب بأرجلهم لاشتغال الْقلب بالخلق عَن
الْحق وَلذَا شَرط بَعضهم ان يكون فِي الْعمرَان لَا فِي
الْبَريَّة وَالْحمام لِأَنَّهُ مَحل النَّجَاسَة ومأوى
الشَّيْطَان وَهُوَ مَأْخُوذ من الْحَمِيم وَهُوَ مَحل
لسلخ الثِّيَاب أَي نَزعهَا وَالتَّعْلِيل بِأَن دُخُول
النَّاس يشْغلهُ غير مطرد وَيُمكن ان يُقَال الِاعْتِبَار
للأغلب (مرقاة)
قَوْله
[747] لَا تجوز فِيهَا أَي بِلَا كَرَاهَة فَإِن الصَّلَاة
الْكَامِلَة هِيَ الَّتِي اديت مَعَ جَمِيع شرائطها
وآدابها (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله ظهر بَيت الله إِذْ نفس الارتقاء الى سطح
الْكَعْبَة مَكْرُوه لاستعلائه عَلَيْهِ الْمنَافِي للأدب
قَوْله وعطن الْإِبِل وَهُوَ مبرك الْإِبِل حول المَاء
وَجمعه معاطن وَقَالَ بن الْملك هُوَ جمع معطن بِكَسْر
الطَّاء وَهُوَ الْموضع الَّذِي يبرك فِيهِ الْإِبِل عِنْد
الرُّجُوع عَن المَاء وَيسْتَعْمل بالموضع الَّذِي يكون
الْإِبِل فِيهِ بِاللَّيْلِ وَقَالَ لِأَن هَذَا الْموضع
مَحل النَّجَاسَة فَإِن صلى فِيهَا بِغَيْر السجادة بطلت
وَمَعَ السجادة يكره للرائحة الكريهة انْتهى وَهَذَا ان لم
يكن الْإِبِل فِيهَا وَأما إِذا كَانَت فَالصَّلَاة
مَكْرُوهَة حِينَئِذٍ مُطلقًا لشدَّة نفارها مرقاة مَعَ
تَغْيِير يسير
قَوْله ومحجة الطَّرِيق بِشدَّة الْجِيم أَي الطَّرِيق
المسلوكة الَّتِي حضرت وحفت من كَثْرَة الْمَشْي وَفِي
الْقَامُوس المحج بِضَمَّتَيْنِ أَي الطَّرِيق المحضرة
(إنْجَاح)
قَوْله وَلَا يشهر فِيهِ الخ شهر السَّيْف إِخْرَاجه من
غمده وَلَعَلَّ المُرَاد من قبض الْقوس قَبضه لرمي
السِّهَام أَي لَا يلْعَب فِيهِ برمي السِّهَام لِأَن
الْمَسْجِد مُجْتَمع النَّاس وَعَسَى ان يجرح فِيهِ رجل
بِشَهْر السِّلَاح وَقبض الْقوس وَقد صرح فقهاءنا بِأَن كل
فعل لم يبن الْمَسَاجِد لَهَا كالخياطة وَالْكِتَابَة
وَتَعْلِيم الصّبيان لَا يجوز فِيهِ وَتَمَامه فِي كتب
الفقة (إنْجَاح)
قَوْله
[749] وَعَن تناشد الاشعار تناشد الشّعْر انشد بَعضهم
بَعْضًا وَالْمرَاد الالاشعار المذمومة الْبَاطِلَة واما
مَا كَانَ فِي مدح الْحق وَأَهله وذم الْبَاطِل فَلَا
يمْنَع لِأَنَّهُ قد كَانَ يفعل ذَلِك بَين يَدي رَسُول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا ينْهَى عَنهُ
لعلمه بالغرض الصَّحِيح وَصَحَّ ان حسانا وَكَعب بن الزبير
كَانَا ينشدان الشّعْر فِي الْمَسْجِد بِحَضْرَتِهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى أَحْمد فِي مُسْنده انه
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشّعْر
كَالْكَلَامِ حسنه كحسنه وقبيحه كقبيحه (مرقاة)
قَوْله
[750] وَاتَّخذُوا على أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر الخ جمع
مطهرة أَي مَحل الطَّهَارَة من الِاسْتِنْجَاء وَالْغسْل
وَالْوُضُوء والتجمير ايقاد الطّيب وَالْجمع كفرد جمع
جُمُعَة أَي فِي وَقت صَلَاة الْجُمُعَة فتجمير
الْمَسَاجِد مُسْتَحبَّة فِي يَوْم الْجُمُعَة (إنْجَاح)
قَوْله
(1/54)
[751] كُنَّا ننام الخ وَهَذِه رخصَة
لِابْنِ السَّبِيل وَالْمُسَافر فَإِن بن عمر مَا كَانَ
لَهُ حِينَئِذٍ أهل وَأما لغيرة فَيكْرَه الاعتياد
بِالنَّوْمِ فِيهِ وَلَو دخل أحد للصَّلَاة فَنَامَ هُنَا
فَلَا بَأْس بِهِ لِأَن الصَّحَابَة كَانُوا يَفْعَلُونَ
ذَلِك 12 (إنْجَاح)
[752] يعِيش وَهُوَ يعِيش بن طخفة بن قيس وَعكس بن ماجة
فَقَالَ يعِيش بن قيس بن طخفة قَالَ فِي التَّقْرِيب
بِكَسْر أَوله وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة ثمَّ فَاء
وَيُقَال بِالْهَاءِ وَيُقَال بالغين الْمُعْجَمَة بن قيس
الْغِفَارِيّ صَحَابِيّ لَهُ حَدِيث فِي النّوم على البط
(فَخر)
قَوْله أَي مَسْجِد وضع أول ظرف مَقْطُوع الْإِضَافَة
مَبْنِيّ على الضَّم والمضاف اليه مَحْذُوف وَهُوَ الازمان
أَي فِي أول الازمان قبل كل الْمَسَاجِد (إنْجَاح)
قَوْله أَرْبَعُونَ عَاما فِيهِ اشكال لِأَن الْكَعْبَة
بناها إِبْرَاهِيم والسمجد الْأَقْصَى بناه سُلَيْمَان
عَلَيْهِ السَّلَام وَبَينهمَا أَكثر من ألف سنة والاوجه
فِي الْجَواب مَا ذكره بن الْجَوْزِيّ ان الْإِشَارَة فِي
الحَدِيث الى أول الْبناء وَوضع أساس الْمَسْجِد وَلَيْسَ
إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أول من بنى الْكَعْبَة
وَلَا سُلَيْمَان أول من بنى بَيت الْمُقَدّس فقد روينَا
ان أول من بنى الْكَعْبَة آدم عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ
انْتَشَر وَلَده فِي الأَرْض فَجَائِز ان يكون بَعضهم قد
وضع بَيت الْمُقَدّس ثمَّ بنى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ
السَّلَام الْكَعْبَة وَقَالَ الشَّيْخ قد وجت مَا يشْهد
لَهُ فَذكر بن هِشَام ان ادم عَلَيْهِ إِسْلَام لما بنى
الْكَعْبَة امْرَهْ الله تَعَالَى بالسير الى بَيت
الْمُقَدّس وان يبنيه فبناه ونسك فِيهِ وَبِنَاء ادم
الْبَيْت مَشْهُور كَذَا فِي بعض الشُّرُوح وَذكره
الشَّيْخ فِي اللمعات
قَوْله
[754] عَن مَحْمُود بن الرّبيع وَهُوَ من صغَار
الصَّحَابَة لِأَنَّهُ عقل مجة مجها رَسُول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن عقل شَيْئا مِنْهُ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صغره مَعَ الْإِسْلَام يعد
صحابيا على الصَّحِيح وَقد ترْجم البُخَارِيّ فِي صَحِيحه
بَاب مَتى يَصح سَماع الصَّغِير فأورد فِي ذَلِك الْبَاب
هَذَا الحَدِيث (إنْجَاح)
قَوْله قد أنْكرت من بصر أَي وجدته على خلاف عَادَته من
رُؤْيَة المناظر (إنْجَاح)
قَوْله على خزيرة هِيَ لحم يقطع صغَارًا وَيصب عَلَيْهِ
مَاء كثير فَإِذا انضج ذَر عَلَيْهِ الدَّقِيق فَإِن لم
يكن فِيهَا دَقِيق فَهِيَ عصيدة وَقيل هِيَ حساء من دَقِيق
ودسم وَقيل إِذا كَانَ من دَقِيق فَهِيَ حريرة وَإِذا
كَانَ من نخالة فَهِيَ خزيرة وَقيل هِيَ بحاء مُهْملَة
وَرَاء مكررة مَا يكون من اللَّبن كَذَا فِي الْمجمع وَفِي
الحَدِيث التَّبَرُّك بآثار الصَّالِحين وَالصَّلَاة فِي
الْمَكَان الَّذِي صلوا فِيهِ ورخصة التَّخَلُّف عَن
الْجَمَاعَة للأعمى والاستيذان فِي دُخُول بَيت الْغَيْر
وَالصَّلَاة فِي بَيته قبل الْجُلُوس وَالصَّلَاة فِي
الْمَكَان الَّذِي يحب ان يُصَلِّي فِيهِ لِأَنَّهُ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صلى الا بعد سُؤَاله عَنهُ
وَالصَّلَاة النَّافِلَة مَعَ الْجَمَاعَة أَحْيَانًا
بِلَا تداع وَأما الْمُوَاظبَة عَلَيْهَا والتداعي لَهَا
فمكروهان كَمَا فِي كتب الْفِقْه وَتَفْسِير التداعي
الزِّيَادَة على الثَّلَاثَة وَقيل الْأَذَان وَفِيه اطعام
الطَّعَام لزائر وَقبُول دَعوته (إنْجَاح)
قَوْله
[756] فَحل هُوَ حَصِير يعْمل من سقف فحال النَّحْل وَهُوَ
فَحلهَا وَذكرهَا الَّذِي يلقح مِنْهُ كَذَا فِي الدّرّ
فكنس أَي اخْرُج كناسته ورش أَي نضح وَهَذَا اللتنظيف
والتطهير (إنْجَاح)
قَوْله رأى نخامة وَفِي رِوَايَة رأى بصاقا وَفِي رِوَايَة
مخاطا قَالَ أهل اللُّغَة المخاط من الْأنف والبصاق
والبزاق من الْفَم والنخامة وَهِي النخاعة من الرَّأْس
أَيْضا وَمن الصَّدْر وَيُقَال تفخم وتفخع نووي شرح مُسلم
قَوْله وليبزق عَن شِمَاله الخ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا
فِي غير الْمَسْجِد أما الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِد فَلَا
يبزق الا فِي ثَوْبه لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ البزاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة فَكيف يَأْذَن
فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا نهى عَن
البصاق عَن الْيَمين تَشْرِيفًا لَهَا وَفِي رِوَايَة
البُخَارِيّ فَلَا يبصق أَمَامه وَلَا عَن يَمِينه فَإِن
عَن يَمِينه ملكا انْتهى
قَوْله فِي قبْلَة الْمَسْجِد أَي جِدَاره الَّذِي يَلِي
الْقبْلَة وَلَيْسَ المُرَاد الْمِحْرَاب لِأَن المحاريب
من المحدثات بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن
ثمَّ كره جمع من السّلف اتخاذها وَالصَّلَاة فِيهَا وَأول
من أحدث ذَلِك عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ يَوْمئِذٍ
عَامل للوليد بن عبد الْملك على الْمَدِينَة لما أسس
مَسْجِد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهدمه
وَزَاد فِيهِ (مرقاة)
قَوْله
(1/55)
[763] كَانَ الله قبل وَجهه مَعْنَاهُ ان
يقْصد ربه بالتوجه الى الْقبْلَة فَيصير بالتقدير كَأَن
مَقْصُوده بَينه وَبَين الْقبْلَة فَأمر ان يصان تِلْكَ
الْجِهَة عَن البزاق قَالَه الْقَارِي وَقَالَ النَّوَوِيّ
أَي الْجِهَة الَّتِي عظمها فَلَا يُقَابل هَذِه الْجِهَة
بالبصاق الَّتِي هُوَ الاستخفاف لمن يبزق عَلَيْهِ واهانته
وتحقيره (فَخر)
قَوْله فَلَا يتنخمن أحدكُم قبل وَجهه الظَّاهِر انه عَام
فِي الْمَسْجِد وَغَيره أَي لَا يسْقط البزاق اماه نَحْو
الْقبْلَة وَتَخْصِيص الْقبْلَة مَعَ اسْتِوَاء جَمِيع
الْجِهَات بِالنِّسْبَةِ الى الله تَعَالَى لتعظيمها
فَإِنَّمَا يُنَاجِي الله وَمن يُنَاجِي أحدا مثلا لَا
يبصق نَحوه قَوْله وَلَا عَن يَمِينه تَعْظِيمًا للْيَمِين
وَزِيَادَة لشرفها فَإِن عَن يَمِينه ملكا يكْتب
الْحَسَنَات الَّتِي هِيَ عَلامَة الرَّحْمَة فَهُوَ أشرف
وَقد ورد أَنه أَمِير على ملك الْيَسَار يمنعهُ عَن
كِتَابَة السَّيِّئَات الى ثَلَاث سَاعَات لَعَلَّه يرجع
الى الطَّاعَات قَوْله وليبزق عَن شِمَاله وَقد اسْتشْكل
لِأَن على الْيَسَار أَيْضا ملك آخر كَاتب السَّيِّئَات
وَأجِيب بِأَن الصَّلَاة أم الْحَسَنَات الْبَدَنِيَّة
فَلَا دخل لكاتب السَّيِّئَات فِيهَا وَقيل عَن يَمِينه
ملك وَعَن يسَاره قرينه والبصاق حِينَئِذٍ إِنَّمَا يَقع
على القرين والشيطان وَلَعَلَّ ملك الْيَسَار حِينَئِذٍ
يكون بِحَيْثُ لَا يصير شَيْء من ذَلِك كَذَا فِي الْمرقاة
قَالَ النَّوَوِيّ اعْلَم ان البزاق فِي الْمَسْجِد
خَطِيئَة مُطلقًا سَوَاء احْتَاجَ الى البزاق أَو لم
يحْتَج بل يبزق فِي ثَوْبه فَإِن بزق فِي الْمَسْجِد فقد
ارْتكب الْخَطِيئَة وَعَلِيهِ ان يكفر هَذِه الْخَطِيئَة
بدفن البزاق هَذَا هُوَ الصَّوَاب ان البزاق خَطِيئَة
كَمَا صرح بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَقَالَهُ الْعلمَاء وللقاضي عِيَاض فِيهِ
كَلَام بَاطِل حَاصله أَن البزاق لَيْسَ بخطيئة الا فِي حق
من لم يدفنه وَأما من أَرَادَ دَفنه فَلَيْسَ بخطيئة
وَاسْتدلَّ لَهُ بأَشْيَاء بَاطِلَة فَقَوله هَذَا غلط
صَرِيح مُخَالف لنَصّ الحَدِيث وَلما قَالَه الْعلمَاء
نبهت عَلَيْهِ لِئَلَّا يغتر بِهِ وَأما قَوْله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفارتها دَفنهَا فَمَعْنَاه ان
ارْتكب هَذِه الْخَطِيئَة فَعَلَيهِ تكفيرها كَمَا ان
الزِّنَا وَالْخمر وَقتل الصَّيْد فِي الْإِحْرَام
مُحرمَات وخطايا وَإِذا ارتكبها فَعَلَيهِ عقوبتها انْتهى
عَن انشاد الضوال فِي الْمَسْجِد أَي طلبَهَا بِرَفْع
الصَّوْت قَوْله من دَعَا الى الْجمل الْأَحْمَر أَي من
وجد الْجمل الْأَحْمَر فدعاني اليه وَكَانَ قد فقد جمله
(إنْجَاح)
قَوْله نهى عَن انشاد الضَّالة فِي الْمَسْجِد قَالَ أهل
اللُّغَة يُقَال نشدت الدَّابَّة إِذا طلبتها وانشدتها
إِذا عرفتها قَالَ النَّوَوِيّ وَيلْحق بِهِ مَا فِي
مَعْنَاهُ من البيع وَالشِّرَاء والاجارة وَنَحْوهَا من
الْعُقُود وَكَرَاهَة رفع الصَّوْت الى الْمَسْجِد قَالَ
القَاضِي قَالَ مَالك وَجَمَاعَة من الْعلمَاء يكره رفع
الصَّوْت فِي الْمَسْجِد بِالْعلمِ وَغَيره وَأَجَازَ
أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد بن سَلمَة من أَصْحَاب مَالك رفع
الصَّوْت فِيهِ بِالْعلمِ وَالْخُصُومَة وَغير ذَلِك
مِمَّا يحْتَاج اليه النَّاس لِأَنَّهُ مجمعهم وَلَا بُد
لَهُم مِنْهُ انْتهى
قَوْله
[767] لم تبن لهَذَا أَي لنشد الضَّالة وَنَحْوه بل بنيت
لذكر الله تَعَالَى وَالصَّلَاة وَالْعلم والمذاكرة فِي
الْخَيْر وَقد منع بعض الْعلمَاء تَعْلِيم الصّبيان فِي
الْمَسْجِد واجازه آخَرُونَ قَالَ القَاضِي فِيهِ دَلِيل
على منع عمل الصَّانِع فِي الْمَسْجِد كالخياطة وَشبههَا
انْتهى
قَوْله
[768] فصلوا فِي مرابض الْغنم جمع مربض هُوَ مأوى الْغنم
وَلَا تصلوا فِي اعطان الْإِبِل جمع عطن وَهُوَ مبرك
الْإِبِل حول المَاء وَذَلِكَ لَا للنَّجَاسَة فَإِنَّهَا
مَوْجُود فِي المرابض بل الْإِبِل تزدحم فِي المنهل فَإِذا
شربت رفعت رؤوسها وَلَا يُؤمن نفارها وتفرقها فتؤذي
الْمصلى أَو تذهبه عَن صلَاته أَو تنجسه برشاش أبوالها
قَوْله
[774] لَا ينهزه الا الصَّلَاة نهزه كمنعه وضربه دَفعه
كَذَا فِي الْقَامُوس وَالْمعْنَى لَا يَدْفَعهُ وَلَا
يُخرجهُ الا الصَّلَاة (إنْجَاح)
قَوْله لَضَلَلْتُمْ قَالَ الطَّيِّبِيّ وَهَذَا يدل على
أَن المُرَاد بِالسنةِ الْعَزِيمَة وَقَالَ بن الْهمام لَا
تنَافِي الْوُجُوب فِي خُصُوص ذَلِك الْإِطْلَاق لِأَن
سنَن الْهدى أَعم من الْوَاجِب وَقَوله لَضَلَلْتُمْ
يَقْتَضِي بِوُجُوب الْجَمَاعَة ظَاهرا وَفِي رِوَايَة
لأبي دَاوُد عَنهُ لكَفَرْتُمْ وَقد روى الْجفَاء كل
الْجفَاء وَالْكفْر والنفاق من سمع مُنَادِي الله يُنَادي
الى الصَّلَاة فَلم يجبهُ رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ
فَيُفِيد الْوَعيد مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
على ترك الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد وَإِنَّمَا يُقَال
لهَذَا الْوَاجِب سنة لكَونه ثَبت بِالسنةِ أَي الحَدِيث
مرقاه
قَوْله
[777] الا مُنَافِق قَالَ بن الْهمام يَعْنِي ان وصف
النِّفَاق يثبت عَن التَّخَلُّف لِأَن التَّخَلُّف لَا
يَقع الا من مُنَافِق فَإِن الْإِنْسَان قد يتَخَلَّف كسلا
مَعَ صِحَة الْإِسْلَام ويقين التَّوْحِيد وَعدم النِّفَاق
(مرقاة)
قَوْله التسترِي مَنْسُوب الى تستر كجندب بلد وششتر بشينين
معجمتين لحن وسورها أول سور وضع بعد الطوفان كَذَا فِي
الْقَامُوس (إنْجَاح)
قَوْله
(1/56)
[778] بِحَق السَّائِلين الخ اعْلَم انه
لَا حق لأحد فِي الْحَقِيقَة على الله تَعَالَى وَلَا يجب
عَلَيْهِ شَيْء عِنْد أهل السّنة وَإِنَّمَا هُوَ رَأْي
الْمُعْتَزلَة أَلا ان لَهُ مَعْنيين أَحدهمَا اللُّزُوم
وَالثَّانِي الِالْتِزَام فَالْأول كَمَا قُلْنَا
وَالثَّانِي تفضل مِنْهُ واحسان حَيْثُ الْتزم لنا
بأعمالنا مَا لسنا أَهلا لذَلِك فَهُوَ الْجواد والمنعم
يفضل على عباده بِمَا يَشَاء فَهَذَا الْمَعْنى ورد فِي
الْأَحَادِيث فَافْهَم انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم
شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى
الابعد فالابعد الخ تَقْدِيره الا بعد من الْمُصَلِّين
أعظم اجرا من الْأَقْرَب فالابعد من هَذَا الابعد أعظم
اجرا مِنْهُ وَالْحَاصِل أَن الْبعد مَا كَانَ زَائِدا
فالاجر كَذَلِك وَقَوله
[782] من الْمَسْجِد أَي من كَانَ مَسْجده بعد فثوابه
كَذَلِك وَلَيْسَ الْغَرَض مِنْهُ أَن الْمَسْجِد الابعد
أعظم اجرا من مَسْجِد محلته فَإِنَّهُ لَو فعل ذَلِك لربما
ضَاعَ مَسْجِد محلته وخلا فَيدْخل فِي الْوَعيد قَالَ الله
تَعَالَى وَمن أظلم مِمَّن منع مَسَاجِد الله ان يذكر
فِيهَا اسْمه وسعى فِي خرابها الْآيَة وَلذَا فضل فقهاؤنا
مَسْجِد محلته على الْجَامِع كَمَا فِي الدّرّ والتطبيق ان
ثَوَاب الْجَامِع ازيد فِي الكمية وثواب مَسْجِد محلته فِي
الْكَيْفِيَّة وَأما إِذا كَانَ مَسْجِد محلته لَا يخرب
بذهابه الى الْجَامِع فَلَا حرج عَلَيْهِ فِي طلب زِيَادَة
الثَّوَاب لِأَن هُنَا ثَوَاب خَمْسمِائَة صَلَاة وَالله
أعلم (إنْجَاح)
قَوْله
[783] وَكَانَ لَا تخطئه أَي لَا تفوته فتوجعت لَهُ أَي
حزنت وترحمت الرمض هُوَ شدَّة الْحر وَمِنْه رَمَضَان
وَإِنَّمَا سمى بِهِ لأَنهم لما نقلوا أَسمَاء الشُّهُور
عَن اللُّغَة الْقَدِيمَة سَموهَا بالازمنة الَّتِي وَقعت
فِيهَا فَوَافَقَ هَذَا الشَّهْر شدَّة الْحر والوقع
بِالتَّحْرِيكِ ان تصيب الْحِجَارَة الْقدَم فيوهنهما
والطنب وَاحِد اطناب الْخَيْمَة فاستعير للجانب والناحية
أَي مَا أحب ان بَيْتِي الى جَانب بَيته صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنِّي احتسب عِنْد الله كَثْرَة
الخطا من بَيْتِي الى الْمَسْجِد بل أحب أَن أكون بَعيدا
مِنْهُ ليكْثر ثوابي فِي خطاي كَذَا فِي الْمجمع وَقَوله
فَحملت بِهِ حملا أَي فَحملت من مقَالَة هَذِه ثقالته فِي
قلبِي لكَمَال حرصه على الْخَيْر (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
[784] ارادت بَنو سَلمَة الخ بِكَسْر اللَّام قَبيلَة من
الْأَنْصَار وَكَانَ بَينهم وَبَين الْمَسْجِد مَسَافَة
بعيدَة وَلذَا أَرَادوا قربه وَقَوله ان يعروا الْمَدِينَة
أَي تَخْلُو محلّة من محلاتها فتخرب عمارتها وَالْعلَّة
وان كَانَت عرو الْمَدِينَة لَكِن النَّبِي صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علل لَهُم بِمَا كَانُوا احرص فِيهِ
وَهُوَ ازدياد طلب الثَّوَاب فَلَا مُنَافَاة (إنْجَاح)
قَوْله ارادت بَنو سَلمَة الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ بَنو
سَلمَة بطن من الْأَنْصَار وَلَيْسَ فِي سَلمَة بِكَسْر
اللَّام غَيرهم كَانَت دِيَارهمْ على بعد من الْمَسْجِد
وَكَانَ يجهدهم فِي سَواد اللَّيْل وَعند وُقُوع الأقطار
وامتداد الْبرد فأرادوا ان يَتَحَوَّلُوا قرب الْمَسْجِد
فكره النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يعرى
جَوَانِب الْمَدِينَة فرغبهم فِيهَا عِنْد الله تَعَالَى
من الْأجر على نقل الخطا وَلَا يُنَافِي هَذَا الحَدِيث
وَالَّذِي بعده مَا ورد من ان شوم الدَّار عدم سماعهَا
الْأَذَان لِأَن الشامة من حَيْثُ أَنه رُبمَا أدّى الى
فَوت الْوَقْت وَالْجَمَاعَة وَله الْفضل من حَيْثُ
كَثْرَة الخطى المستلزمة لِكَثْرَة الْأجر فالحيثية
مُخْتَلفَة وروى أَحْمد خير فضل الدَّار الْبَعِيدَة عَن
الْمَسْجِد على الْقَرِيبَة كفضل الْفَارِس على الْقَاعِد
مرقاة مَعَ اخْتِصَار
قَوْله
[788] خمْسا وَعشْرين دَرَجَة قَالَ التوربشتي ذكر فِي
هَذَا الحَدِيث خمْسا وَعشْرين دَرَجَة وَفِي حَدِيث بن
عمر بِسبع وَعشْرين دَرَجَة وَجه التَّوْفِيق ان يُقَال
عرفنَا من تفَاوت الْفضل ان الزَّائِد مُتَأَخّر عَن
النَّاقِص لِأَن الله تَعَالَى يزِيد عباده من فَضله وَلَا
ينقصهم من الْمَوْعُود شَيْئا فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشر الْمُؤمنِينَ اولا بِمِقْدَار من
فَضله ثمَّ رأى ان الله تَعَالَى يمن عَلَيْهِ وعَلى أمته
فبشرهم بِهِ وحثهم على الْجَمَاعَة وَأما وَجه قصر
الْفَضِيلَة على خمس وَعشْرين وعَلى سبع وَعشْرين أُخْرَى
فمرجعه الى الْعُلُوم النَّبَوِيَّة الَّتِي لَا
يُدْرِكهَا الْعُقَلَاء إِجْمَالا فضلا عَن التَّفْصِيل
وَذكر النَّوَوِيّ ثَلَاثَة أوجه الأول ان ذكر الْقَلِيل
لَا يَنْفِي الْكثير وَالثَّانِي مَا ذكره التوربشتي
وَالثَّالِث أَنه يخْتَلف باخْتلَاف حَال الْمصلى
وَالصَّلَاة فلبعضهم خمس وَعِشْرُونَ ولبعضهم سبع
وَعِشْرُونَ بِحَسب كَمَال الصَّلَاة والمحافظة على
قِيَامهَا والخشوع فِيهَا وَشرف الْبقْعَة والأمام انْتهى
وَالظَّاهِر ان هَذِه الْفَضِيلَة لمُجَرّد الْجَمَاعَة
مَعَ قطع النّظر عَمَّا ذكر لِأَن بعض البقع يزِيد اضعافا
كثيرا فَالْمُعْتَمَد مَا ذكره التوربشتي (مرقاة)
قَوْله فَأحرق قيل هَذَا يحْتَمل ان يكون عَاما فِي جَمِيع
النَّاس وَقيل المُرَاد بِهِ المُنَافِقُونَ فِي زَمَانه
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالظَّاهِر الثَّانِي
إِذْ مَا كَانَ أحد يتَخَلَّف عَن الْجَمَاعَة فِي زَمَانه
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الا مُنَافِق ظَاهر
النِّفَاق أَو الشاك فِي دينه قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ
دَلِيل على أَن الْعقُوبَة كَانَت فِي بدع الْإِسْلَام
باحراق المَال وَقيل اجْمَعْ الْعلمَاء على منع الْعقُوبَة
بالتحريق فِي غير المتخلف عَن الصَّلَاة والقتال
وَالْجُمْهُور على منع تحريق متاعهما وَقَالَ بن حجر لَا
دَلِيل فِيهِ بِوُجُوب الْجَمَاعَة عينا بِالَّذِي قَالَ
بِهِ أَحْمد وَدَاوُد لِأَنَّهُ وَارِد فِي قوم
الْمُنَافِقين وَقَالَ القَاضِي الحَدِيث يدل على وجوب
الْجَمَاعَة وَظَاهر نُصُوص الشَّافِعِي يدل على أَنَّهَا
من فروض الكافية قلت ظَاهر الحَدِيث على الْوُجُوب
فَإِنَّهُ لَو كَانَ كِفَايَة لما اسْتحق بعض التاركين
التعذيب قَالَ بن الْهمام كَانَ الْقَائِل بالكفاية يَقُول
الْمَقْصُود من الْجَمَاعَة إِظْهَار الشعار وَهُوَ يحصل
بِفعل الْبَعْض وَهُوَ ضَعِيف إِذْ لَا شكّ فِي أَنَّهَا
كَانَت تُقَام على عَهده فِي مَسْجده صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ ذَلِك قَالَ فِي المتخلفين مَا
قَالَ وَلم يصدر مثله عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِيمَن يتَخَلَّف عَن الْجَنَائِز وَذهب
الْأَكْثَرُونَ مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَمَالك
الى أَنَّهَا سنة مُؤَكدَة وتمسكوا بِالْحَدِيثِ السَّابِق
الْوَارِد فِي بَاب فضل الصَّلَاة فِي جمَاعَة وَهُوَ
صَلَاة الرجل فِي جمَاعَة تزيد على صلَاته فِي بَيته الى
آخر الحَدِيث وَأَجَابُوا عَن هَذَا الحَدِيث بِأَن
التحريق لاستهانهم وَعدم مبالاتهم بهَا لَا لمُجَرّد
التّرْك مرقاة مُخْتَصرا
قَوْله
[794] عَن ودعهم الْجَمَاعَات وَهِي جمع جمَاعَة واخرج
مُسلم فِي بَاب الْجَمَاعَة بِلَفْظ الْجُمُعَات وَفِي بعض
نسخ سنَن بن ماجة أَيْضا كَذَلِك وَلَكِن تَرْجَمَة
الْبَاب لَا يساعد هَذَا اللَّفْظ الا ان يُقَال الْجمع
بِسُكُون الْمِيم فَإِنَّهُ بِمَعْنى الْجَمَاعَة فَيكون
هَذَا جمع لفظ الْجمع وَهَذَا وَعِيد شَدِيد انجاح
الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجددي
الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى
قَوْله
(1/57)
[795] عَن الزبْرِقَان بِالْكَسْرِ لقب
الْحُسَيْن بن بدر الصَّحَابِيّ لجماله أَو لصفرة عمَامَته
أَو لِأَنَّهُ لبس حلَّة وَرَاح إِلَى ناديهم فَقَالُوا
زبرق الْحُسَيْن كَذَا فِي الْقَامُوس وَهُوَ غير الَّذِي
ذكر هَهُنَا وَلكنه ضبطناه لضبط اللُّغَة وَالَّذِي ذكر
هَهُنَا زبرقان بن عَمْرو بن أُميَّة وَيُقَال بن عبد الله
بن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي من الساسة كَذَا فِي
التَّقْرِيب 12 إنْجَاح الْحَاجة
[798] أَرْبَعِينَ لَيْلَة الخ فِي عدد أَرْبَعِينَ سر
للسالكين نطق بِهِ الْكتاب عَن رب الْعَالمين وواعدنا
مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة وأتممناها بِعشر فتم مِيقَات
ربه أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَسنة سيد الْمُرْسلين فقد جَاءَ
فِي الحَدِيث من رِوَايَة أبي نعيم والديلمي من اخلص لله
أَرْبَعِينَ يَوْمًا ظَهرت ينابيع الْحِكْمَة من قلبه على
لِسَانه فَكَأَنَّهُ جعل هَذَا الْقدر من الزَّمَان معيارا
لكماله فِي كل شَأْن كَمَا كملت لَهُ الاطوار كل طور فِي
هَذَا الْمِقْدَار وَالله أعلم بحقائق الاسرار وروى
الْبَزَّار وَأَبُو يعلى خبر لكل شَيْء صفوة وصفوة
الصَّلَاة التَّكْبِيرَة الأولى فحافظوا عَلَيْهَا وَمن
ثمَّ كَانَ ادراكها سنة موكدة وَكَانَ السّلف إِذا
فَاتَتْهُمْ عزوا أنفسهم ثَلَاثَة أَيَّام فَإِذا
فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَة عزوا أنفسهم سَبْعَة أَيَّام
فَإِن فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَة عزوا أنفسهم سبعين يَوْمًا
مرقاة ويستنبط من هَذَا أَن من أدْرك الرَّكْعَة الأولى
مَعَ الامام فقد أدْرك تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح لِأَن مَا
فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى يدل على ذَلِك واردها صَاحب
الْمشكاة وَقد اخْتلفُوا فِي تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح
فَمنهمْ من يَقُول من أدْرك تَكْبِيرَة مَعَ تَكْبِيرَة
الامام وَمِنْهُم من يَقُول من أدْرك الامام قبل شُرُوع
الْقِرَاءَة وَمِنْهُم من يَقُول مَا قُلْنَا انفا الأول
مشدود الثَّالِث فِيهِ تَخْفيف وَمَعَ ذَلِك يُؤَيّدهُ
الحَدِيث وَالله أعلم (إنْجَاح)
قَوْله
[800] مَا توطن رجل أَي بِشدَّة ملازمته إِيَّاهَا
وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ توطن الْمَكَان الْخَاص فِي
الْمَسْجِد فَإِنَّهَا هُوَ مَنْهِيّ عَنهُ فِي الحَدِيث
الآخر وَالله أعلم (إنْجَاح)
قَوْله تبشبش الله كَمَا يتبشبش بِهِ انسه وواصله وَهُوَ
من الله تَعَالَى الرضاء الاكرام (إنْجَاح)
قَوْله
[801] وعقب الخ أَي بَقِي وَخلف قد حفزه النَّفس أَي جهده
وضاقه وَقد حسر أَي كشف لَعَلَّ حسر الرُّكْبَتَيْنِ كَانَ
بِسَبَب السرعة لَا بِالْقَصْدِ (إنْجَاح)
قَوْله
[802] فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَان أَي بِأَنَّهُ مُؤمن
قَالَ بن حجر وَقد يسْتَشْكل بِحَدِيث عَائِشَة الَّذِي
فِيهِ إِنْكَاره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلهَا
فِي طِفْل الْأنْصَارِيّ الَّذِي مَاتَ طُوبَى لَهُ
عُصْفُور من عصافير الْجنَّة وَيُمكن ان يحمل هَهُنَا على
الْأَمر بِالشَّهَادَةِ ظنا وَمَا فِي تِلْكَ على الْقطع
بِأَنَّهُ فِي الْجنَّة وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي حَدِيث بن
مَظْعُون انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انكر على من
قطع لَهُ بِالْجنَّةِ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فَاشْهَدُوا
لَهُ أَي اقْطَعُوا لَهُ القَوْل بِالْإِيمَان لِأَن
الشَّهَادَة قَول صدر من مواطاة الْقلب على سَبِيل الْقطع
(مرقاة)
قَوْله انما يعمر مَسَاجِد الله أَي بابتنائها وتزيينها
أَو احيائها بِالْعبَادَة والدروس قَالَ صَاحب الْكَشَّاف
عمارتها تكنيسها وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها
واعتيادها لِلْعِبَادَةِ وَالذكر وصيانتها مِمَّا لم تبن
لَهُ الْمَسَاجِد من حَدِيث الدُّنْيَا فضلا عَن فضول
الحَدِيث (مرقاة)
قَوْله
[804] سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أعلم ان
سُبْحَانَكَ مصدر مُضَاف مفعول مُطلق للنوع أَي اسبحك
تسبيحا لائقا بجنابك الاقدس وَالْبَاء فِي بحَمْدك
للملابسة وَالْوَاو للْعَطْف وَالتَّقْدِير واسبحك تسبيحا
متلبسا بحَمْدك فَيكون الْمَجْمُوع فِي معنى سُبْحَانَ
الله وَالْحَمْد لله وَهُوَ أظهر الْوُجُوه لمعات
قَوْله وتبارك اسْمك أَي كثرت بركَة اسْمك وَتَعَالَى جدك
أَي عظمتك أَي مَا عرفُوا حق معرفتك وَلَا عظموك حق عظمتك
وَلَا عَبَدُوك حق عبادتك (مرقاة)
قَوْله
[805] بَابي أَنْت وَأمي قَالَ التوربشتي الْبَاء
مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف قيل هُوَ اسْم فَيكون مَا بعده
مَرْفُوعا تَقْدِيره أَنْت مفدى بَابي وامي وَقيل هُوَ فعل
أَي فديتك وَمَا بعده مَنْصُوب
قَوْله اللَّهُمَّ باعد الخ اعْلَم انه قد ورد فِي
الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْأَدْعِيَة والاذكار فِي
استفتاح الصَّلَاة وَمذهب أبي حنيفَة وَمُحَمّد
الِاقْتِصَار على قَوْله سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ
وَبِحَمْدِك الخ وَكَذَلِكَ عِنْد أَحْمد وَمَالك فِي
ظَاهر مَذْهَبهمَا وَعند أبي يُوسُف يجمع بَين سُبْحَانَكَ
اللَّهُمَّ والتوجيه وَهُوَ قَوْله وجهت وَجْهي الخ وَمَا
روى ذَلِك فَهُوَ مَحْمُول على التَّهَجُّد بل النَّوَافِل
مُطلقًا وَقَالَ بَعضهم مَحْمُول على الِابْتِدَاء لمعات
قَوْله
(1/58)
[807] بكرَة وَأَصِيلا أَي فِي أول
النَّهَار وَآخره منصوبان على الظَّرْفِيَّة وَالْعَامِل
سُبْحَانَ وَخص هذَيْن الْوَقْتَيْنِ لِاجْتِمَاع
مَلَائِكَة اللَّيْل وَالنَّهَار وَيُمكن ان يكون وَجه
التَّخْصِيص تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن التَّغَيُّر فِي
أَوْقَات تغير الْكَوْن وَالله أعلم وَقَالَ الطَّيِّبِيّ
الْأَظْهر ان يُرَاد بهما الدَّوَام كَمَا فِي قَوْله
تَعَالَى وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا (مرقاة)
قَوْله ونفخه الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ النفخ كِنَايَة عَن
الْكبر كَانَ الشَّيْطَان ينْفخ فِيهِ بالوسوسة فيعظمه فِي
عينه والنفث عبارَة من الشّعْر لِأَنَّهُ ينفث الْإِنْسَان
من فِيهِ كالرقية انْتهى (مرقاة)
قَوْله همزه الموتة هُوَ بِضَم الْمِيم وَفتح التَّاء نوع
من الْجُنُون والصرع يعترى الْإِنْسَان فَإِذا فاق عَاد
عَلَيْهِ كَمَال غَفلَة كالنائم ونفثه الشّعْر أَي المذموم
مِمَّا فِيهِ هجو مُسلم أَو كفر أَو فسق لما فِي
البُخَارِيّ ان من الشّعْر حِكْمَة أَي قولا صَادِقا
مطابقا للحق قَالَ الطَّيِّبِيّ ان كَانَ هَذَا
التَّفْسِير من متن الحَدِيث فَلَا عدُول وان كَانَ من بعض
الروَاة فالانسب ان يُرَاد بالنفث السحر لقَوْله تَعَالَى
وَمن شَرّ النفاثات وان يُرَاد بِالْهَمْزَةِ الوسوسة
لقَوْله تَعَالَى قل رب أعوذ بك من همزات الشَّيَاطِين أَي
الخطرات فَإِنَّهُم يحرضون النَّاس على الْمعاصِي مرقاة
لعَلي الْقَارِي
[812] يفْتَتح الخ ظَاهره أَنه لَا يقْرَأ الْبَسْمَلَة
وَهُوَ لَيْسَ بِمُرَاد فان قرَاءَتهَا فِي الصَّلَاة مجمع
عَلَيْهَا لم يُخَالف فِيهَا أحد فَمَعْنَاه عندنَا أَنه
يسر بالبسملة كَمَا يسر بالتعوذ ثمَّ يجْهر بِالْحَمْد لله
وَعند الشَّافِعِي مَعْنَاهُ مَا ذكر التِّرْمِذِيّ أَنه
كَانَ يبتدأ بقرأة فَاتِحَة الْكتاب قبل السُّورَة
وَلَيْسَ مَعْنَاهُ انه كَانَ لَا يقْرَأ بِسم الله قَالَ
الْقَارِي وَهَذَا ظَاهر فِي أَنه كَانَ يسر بالبسملة
كَمَا هُوَ مَذْهَبنَا أَو لَا يَأْتِي بهَا كَمَا هُوَ
مَذْهَب مَالك وَمَا رَوَاهُ أَحْمد أَنه صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يجْهر أول الْفَاتِحَة بالبسملة
وان رَوَاهُ عشرُون صحابيا فَمَحْمُول على كَونه فِي بعض
الاحيان للتعليم أَو لبَيَان الْجَوَاز وَكَانَ يسمعهُ من
يَلِيهِ نعم لَو صَحَّ فَهُوَ حجَّة على مَالك ان لم يكن
مُرَجّح عِنْد التَّعَارُض لمعات ومرقاة
قَوْله
[815] وقلما الخ قَائِله يزِيد بن عبد الله حَاصله ان
أَبَاهُ كَانَ أَشد إنكارا بالبدعات والمحدثات (إنْجَاح)
قَوْله وَمَعَ عُثْمَان لم يذكر عليا رَضِي الله عَنهُ
لِأَن عليا رَضِي الله عَنهُ عَاشَ فِي خِلَافَته
بِالْكُوفَةِ وَمَا أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ الا عسيار
يَسِيرا لَعَلَّ بن الْمُغَفَّل لم يُدْرِكهُ وَلم يضْبط
صلَاته (إنْجَاح)
قَوْله
[817] فَلَا أقسم وَهَذَا يُوهم ان رَسُول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتفى بِقِرَاءَة هَذِه الْآيَة
فَيُفِيد التَّخْفِيف فِي الصُّبْح وَهُوَ مُخَالف لما
ثَبت عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلم يرو
عَنهُ أَنه اكْتفى قطّ بِمَا دون ثَلَاث أيات وَأما قَول
بن حجر يحْتَمل أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اقْتصر على هَذِه الْآيَة لأمر مُهِمّ لَهُ فَهُوَ بعيد
جدا إِذْ لَو كَانَ لنقل وَذكر فِي شرح السّنة ان
الشَّافِعِي قَالَ يَعْنِي بِهِ إِذا الشَّمْس كورت بِنَاء
على أَن قِرَاءَة السُّورَة بِتَمَامِهَا وان قصرت أفضل من
بَعْضهَا وان طَال فَالْمَعْنى قِرَاءَة سُورَة فِيهَا
هَذِه الْآيَة (مرقاة)
قَوْله
[819] فيطيل فِي الرَّكْعَة الأولى تَطْوِيل لقِرَاءَة فِي
الرَّكْعَة الأولى وَهُوَ مَذْهَب الْأَئِمَّة فِي
الصَّلَوَات كلهَا وَذهب مُحَمَّد من أَصْحَابنَا
وَعِنْدَهُمَا مَخْصُوص بِصَلَاة الْفجْر إِعَانَة للنَّاس
على إِدْرَاك الْجَمَاعَة لِأَن الرَّكْعَتَيْنِ اسْتَويَا
فِي حق الْقِرَاءَة فليستويان فِي الْمِقْدَار ويستأنس
بِهِ بالرواية فِي حَدِيث مُسلم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ
رض قَالَ كُنَّا نحرز قيام رَسُول الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظّهْر وَالْعصر فحرزنا قِيَامه
فِي الرَّكْعَتَيْنِ الاوليين من الظّهْر قدر قِرَاءَة ألم
تَنْزِيل السَّجْدَة وَفِي رِوَايَة فِي كل رَكْعَة قدر
ثَلَاثِينَ آيَة انْتهى بِخِلَاف الْفجْر لِأَنَّهُ وَقت
نوم وغفلة وَحَدِيث الاطالة مَحْمُول على الاطالة من
حَيْثُ الثَّنَاء والتعوذ وَالتَّسْمِيَة وَبِمَا دون
ثَلَاث آيَات وَقَالَ فِي الْخُلَاصَة ان قَول مُحَمَّد
أحب كَذَا فِي اللمعات
قَوْله على ذكر عِيسَى وَهُوَ قَوْله تَعَالَى وَجَعَلنَا
بن مَرْيَم وَأمه آيَة الْآيَة (إنْجَاح)
قَوْله
[820] شرقة الخ شَرق بريقه أَي غص كَذَا فِي الْقَامُوس
فَلم يتَمَكَّن من إتْمَام السُّورَة (إنْجَاح)
قَوْله
[821] يَوْم الْجُمُعَة لَعَلَّ الْحِكْمَة فِي قرائتهما
يَوْم الْجُمُعَة أَن فيهمَا ذكر المبدأ والمعاد وَخلق آدم
وَالْجنَّة وَالنَّار وأهلهما وأحوال يَوْم الْقِيَامَة
وكل ذَلِك كَائِن وَيَقَع يَوْم الْجُمُعَة (مرقاة)
قَوْله
[825] لَيْسَ لَك فِي ذَلِك خير كَأَنَّهُ علم أَنه لَا
يُطيق هَذِه الاطالة فَإِن قلت أَمر رَسُول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَئِمَّة بتَخْفِيف الصَّلَاة
وأطالها بِنَفسِهِ قُلْنَا لَعَلَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيل إِذا قل النَّاس فينتظرهم فِي
الصَّلَاة لكَي يدركوا الْجَمَاعَة وَمَا كَانَ فعله ذَلِك
على سَبِيل الدَّوَام لِأَنَّهُ فِي الحَدِيث الَّاتِي قدر
الرَّكْعَة الأولى من الظّهْر ثَلَاثِينَ آيَة وَهَذَا
الْمِقْدَار لَا يحْتَمل هَذِه الاطالة كَمَا لَا يخفى
وَالْوَجْه الثَّانِي ان الصَّلَاة خلف النَّبِي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَت لَا تثقل على الْمُسلمين
لقُوَّة الْحُضُور وَالْعلَّة فِيهِ ثقالة الْقَوْم
فَكَانَ الْأَمر بِالتَّخْفِيفِ لغيره وَالله أعلم
(إنْجَاح)
قَوْله
[827] من فلَان وَهُوَ عمر بن عبد الْعَزِيز وَقيل عَليّ
بن أبي طَالب وَقيل عَمْرو بن سَلمَة (إنْجَاح)
قَوْله ثَنَا المَسْعُودِيّ واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عبد
الله (إنْجَاح)
قَوْله
(1/59)
[829] ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا وَلَا
يلْزم من ذَلِك الْجَهْر بِالْآيَةِ كلهَا حَتَّى يلْزم
الْجَهْر فِي صَلَاة المخافة فَإِنَّهُ من قَرَأَ طرفا من
الْآيَة يعلم بذلك انه يقْرَأ الْآيَة الْفُلَانِيَّة
فيتأسى النَّاس فَلَا حرج فِيهِ وَالله أعلم (إنْجَاح)
قَوْله ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا ذَلِك مَحْمُول على
أَنه لغَلَبَة الِاسْتِغْرَاق فِي التدبر يحصل الْجَهْر من
غير قصد أَو لبَيَان الْجَوَاز أَو يعلم انه يقْرَأ أَو
يقْرَأ كَذَا ليتأسوا بِهِ كَذَا قَالُوا وَالظَّاهِر من
الأسماع قَصده 12 لمعات
[831] يقْرَأ فِي الْمغرب بالمرسلات عرفا أَي أَحْيَانًا
لبَيَان الْجَوَاز والا فالمستحب فِيهَا قِرَاءَة الْقصار
الْمفصل وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قد يُطِيل
فِي الْمغرب الْقِرَاءَة لِأَن الصَّحَابَة كَانُوا كثير
الْحِرْص على اسْتِمَاع الْقُرْآن مِنْهُ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد يُطِيل الْقِرَاءَة للتعلم
وَهَاتَانِ العلتان مَفْقُود تان الْيَوْم (إنْجَاح)
قَوْله
[832] يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ قَالَ بن الْملك هَذَا
يدل على أَن وَقت الْمغرب بَاقٍ الى غرُوب الشَّفق
لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يقْرَأ على
التأني وَسورَة الطّور إِذا قَرَأت على التأني يقرب
الْفَرَاغ مِنْهَا عِنْد غرُوب الشَّفق وَهُوَ اسْتِدْلَال
غَرِيب مِنْهُ لاحْتِمَال أَنه قَرَأَ بَعْضهَا فِي
الرَّكْعَتَيْنِ أَو قَرَأَ بَعْضهَا فِي رَكْعَة
وَبَعضهَا فِي أُخْرَى وعَلى تَقْدِير أَنه قَرَأَ فِي كل
رَكْعَة السُّورَة بكمالها لم يخرج الْوَقْت لِأَنَّهَا
ثمن الْجُزْء وَنحن نتدارس جزئين من الْقُرْآن بعد صَلَاة
الْمغرب الى آذان الْعشَاء مَعَ أَن الشَّافِعِي جوز اطالة
الصَّلَاة الى خُرُوج الْوَقْت (مرقاة)
قَوْله
[837] لَا صَلَاة الخ اسْتدلَّ الشَّافِعِيَّة وَغَيره
بِهَذَا على أَن قِرَاءَة الْفَاتِحَة فرض وَقَالَ
الْحَنَفِيَّة لَيْسَ الْفَرْض عندنَا الا مُطلق
الْقِرَاءَة لقَوْله تَعَالَى فاقرؤا مَا تيَسّر من
الْقُرْآن وتقييده بِالْفَاتِحَةِ زِيَادَة على النَّص
وَذَا لَا يجوز فَعلمنَا بكلا النصين اعني الْآيَة
والْحَدِيث ففرضنا الْقِرَاءَة مُطلقًا بِالْآيَةِ وأوجبنا
بِالْحَدِيثِ الْفَاتِحَة بِأَن النَّفْي فِي قَوْله لَا
صَلَاة للكمال وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا يَأْتِي من صلى
صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَهِيَ خداج غير
تَمام لِأَنَّهُ يدل على النُّقْصَان لَا على الْبطلَان
لِأَنَّهُ وَقع مثل هَذَا فِي ترك الدُّعَاء بعد الصَّلَاة
وَأَيْضًا من الدَّلِيل على عدم فَرضِيَّة الْفَاتِحَة
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين يعلم
الْأَعرَابِي إِذا قُمْت الى الصَّلَاة فَكبر ثمَّ اقْرَأ
مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن الحَدِيث رَوَاهُ
البُخَارِيّ إِذْ لَو كَانَت فرضا لأَمره الْبَتَّةَ لِأَن
الْمقَام مقَام التَّعْلِيم فَلَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان
عَنهُ وَمَا قَالَ النَّوَوِيّ من أَن حَدِيث مَا تيَسّر
مَحْمُول على الْفَاتِحَة لِأَنَّهَا ميسرَة قَالَ
الْعَيْنِيّ هُوَ تمشية لمذهبه بالتحكم وخارج عَن معنى
كَلَام الشَّارِع لِأَن تركيب الْكَلَام لَا يدل عَلَيْهِ
أصلا لِأَن ظَاهره يتَنَاوَل الْفَاتِحَة وَغَيرهَا مِمَّا
يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْقُرْآن وَسورَة الْإِخْلَاص أَكثر
تيسيرا من الْفَاتِحَة فَمَا معنى تعْيين الْفَاتِحَة فِي
التَّيْسِير وَهَذَا تحكم بِلَا دَلِيل انْتهى
قَوْله لَا صَلَاة الخ قد اسْتدلَّ الشَّافِعِي وَأحمد
فِيمَا هُوَ الْمَشْهُور من مذْهبه على تعْيين الْفَاتِحَة
وَكَونهَا ركنا فِي الصَّلَاة بِهَذَا الحَدِيث وَعِنْدنَا
وَعند أَحْمد فِي رِوَايَة قِرَاءَة آيَة من الْقُرْآن
لقَوْله تَعَالَى فاقرؤا مَا تيَسّر من الْقُرْآن
وَالْجَوَاب عَمَّا تمسك بِهِ الشَّافِعِي انه مُشْتَرك
الدّلَالَة لِأَن النَّفْي لَا يرد الا على النّسَب
الَّذِي هُوَ مُتَعَلق الْجَار لَا على نفس الْمُفْرد
فَيكون تَقْدِيره صَحِيحَة فيوافق مذْهبه أَو كَامِلَة
فيخالفه وَقدر الثَّانِي فِي نَحْو لَا صَلَاة لِجَار
الْمَسْجِد الا فِي الْمَسْجِد وَلَا صَلَاة للْعَبد الابق
فَيقدر هَهُنَا أَيْضا وَهُوَ الْمُتَيَقن لمعات
قَوْله
[839] فِي فَرِيضَة أَو غَيرهَا هَذَا الحَدِيث ضَعِيف
لِأَن مُحَمَّد بن الْفضل رمى بالتشييع وان كَانَ صَدُوقًا
وَأَبُو سُفْيَان السَّعْدِيّ اسْمه طريف بن شهَاب ضَعِيف
كَمَا فِي التَّقْرِيب وَلَو سلمنَا صِحَّته فَالْمُرَاد
نفي الْكَمَال لَا نفي نفس الصَّلَاة فعلى هَذَا الحَدِيث
حجَّة للحنفية لأَنهم ينفون كَمَال الصَّلَاة بترك
الْفَاتِحَة وَالسورَة وَمَا يقوم مقَامهَا من الْآيَات
فَإِنَّهُم يرَوْنَ قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَضم السُّورَة
مَعهَا وَاجِبَة فَافْهَم وَلَا دلَالَة للْحَدِيث على
وجوب الْقِرَاءَة خلف الامام فَإِن الْمُؤْتَم يقْرَأ حكما
لما كَانَ قِرَاءَة الامام قِرَاءَة لَهُ فَلَا يلْزم نفي
كَمَال صَلَاة الْمُؤْتَم (إنْجَاح)
قَوْله
(1/60)
[840] كل صَلَاة لَا يقْرَأ الخ ذهب أَبُو
حنيفَة الى أَن المقتدى لَا يقْرَأ الْفَاتِحَة فِي
السّريَّة وَلَا فِي الجهرية لقَوْله تَعَالَى وَإِذا قرئَ
الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وانصتوا والانصات فِي
اللُّغَة عدم الْكَلَام أَو السُّكُوت للاستماع وَفِي
الْقَامُوس اسْتمع لَهُ واليه اصغى أَي مَال يسمعهُ ونصت
وأنصت سكت ونصته وَله سكت لَهُ واستمع لحديثه انْتهى
فالاستماع يخص فِي الجهرية والانصات يعم فَيجب السُّكُوت
عِنْد الْقِرَاءَة مُطلقًا وَهَذَا بِنَاء على أَن وُرُود
الْآيَة فِي الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة اخْرُج
الْبَيْهَقِيّ عَن الامام أَحْمد قَالَ اجْمَعْ النَّاس
على ان هَذِه الْآيَة فِي الصَّلَاة واخرج عَن مُجَاهِد
قَالَ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يقْرَأ فِي
الصَّلَاة فَسمع قِرَاءَة فَتى من الْأَنْصَار فَنزل
وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وانصتوا واخرج بن
مردوية فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة
قَالَ سَأَلت بعض أشياخنا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسبهُ قَالَ عبد الله بن
مُغفل كل من سمع الْقُرْآن وَجب عَلَيْهِ الِاسْتِمَاع
الْإِنْصَات قَالَ إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة وَإِذا
قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا فِي القرأة خلف الإِمَام فِي
المدارك ظَاهره وجوب الإستماع والإنصات وَقت قِرَاءَة
الْقُرْآن فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا وَقيل مَعْنَاهُ وَإِذا
تَلا عَلَيْكُم الرَّسُول الْقُرْآن عِنْد نُزُوله
فَاسْتَمعُوا لَهُ وَجُمْهُور الصَّحَابَة على انه فِي
اسْتِمَاع الْمُؤْتَم وَقيل فِي اسْتِمَاع الْخطْبَة وَقيل
فيهمَا وَهُوَ الاصلح وَفِي المعالم الْأَصَح أَنَّهَا
نزلت فِي اسْتِمَاع الْمُؤْتَم لَا فِي اسْتِمَاع
الْخطْبَة لِأَن الْآيَة مَكِّيَّة وَالْجُمُعَة فرضت فِي
الْمَدِينَة وَلقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذا قَرَأَ فانصتوا رَوَاهَا مُسلم زِيَادَة فِي حَدِيث
إِذا كبر الامام فكبروا روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه فَإِن قلت قَالَ
أَبُو دَاوُد فِي سنَنه ان لَفْظَة فانصتوا لَيست بمحفوظة
والخطاء عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر قلت رد قَول أبي دَاوُد
الْحَافِظ عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصره
وَقَالَ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر سُلَيْمَان بن حبَان من
الثِّقَات حَتَّى اجْتمعَا البُخَارِيّ وَالْمُسلم فِي
الرِّوَايَة عَنهُ وَصَححهُ بن خُزَيْمَة مَعَ زِيَادَة
فانصتوا وَفِي سَنَد الْمُسلم سُلَيْمَان بن بِلَال
التَّيْمِيّ ثِقَة كَمَا فِي التَّقْرِيب فَلَا يلْتَفت
الى مَا نقل النَّوَوِيّ عَن الْحَافِظ تَضْعِيف هَذَا
الزِّيَادَة بعد صِحَة طرقها وثقة رواتها والى مَا نقل عَن
أبي على أَنه قد خَالف سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فِيهَا
جَمِيع أَصْحَاب قَتَادَة لِأَن حَاصله أَن
سُلَيْمَان ذكر لَفْظَة فانصتوا عَن قَتَادَة وَلم يذكر
غَيره من أَصْحَاب قَتَادَة عَنهُ وَهُوَ كَمَا ترى لَا
يقْدَح فِي صِحَّته لِأَن زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة
كَمَا تقرر فِي أصُول الحَدِيث فَإِن قيل يخصص هَذِه
الْآيَة بِمَا سوى الْفَاتِحَة بِحَدِيث عبَادَة بن
الصَّامِت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَلَا
تَفعلُوا الا بِأم الْقُرْآن فَإِنَّهُ لَا صَلَاة لمن لم
يقْرَأ بهَا قلت لَا لِأَن هَذَا الحَدِيث ضَعِيف لِأَن
فِي سَنَده مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَهُوَ مُدَلّس فِي
التَّقْرِيب مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار أَبُو بكر
المطلبي مَوْلَاهُم الْمدنِي نزيل الْعرَاق امام
الْمَغَازِي صَدُوق مُدَلّس وَرمى بالتشيع وَالْقدر من
صغَار الطَّبَقَة الْخَامِسَة انْتهى وَقَالَ الْعَيْنِيّ
مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار مُدَلّس قد كذبه مَالك
وَضَعفه أَحْمد وَقَالَ لَا يَصح الحَدِيث عَنهُ وَقَالَ
أَبُو زرْعَة لَا نقضي لَهُ بِشَيْء فَلَا يحْتَج بِهِ
لِأَن حكم من ثَبت عَنهُ التَّدْلِيس إِذا كَانَ عدلا ان
لَا يقبل مِنْهُ الا مَا صرح فِيهِ بِالْحَدِيثِ على
الْأَصَح كَمَا فِي النخبة فِي الْمقَام الاخر مِنْهُ
عنعنة المعاصر مَحْمُولَة على السماع الا من المدلس
فَإِنَّهَا لَيست مَحْمُولَة على السماع انْتهى وَهَذَا
إِذا سلم ان مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَدُوق وَأما إِذْ ان
الى مَا قَالَ مَالك وَأحمد وَأَبُو زرْعَة أَنه كَانَ
وَضَعِيف فَتَصِير رِوَايَته كَأَن لم يكن شَيْئا
مَذْكُورا وَإِن سلم صِحَّته فَلَا يجوز الزِّيَادَة
بِخَبَر الْوَاحِد لكَونه ظنيا على النَّص الْقطعِي على
أَنه يُعَارضهُ حِين إِذن مَا روى مَالك فِي الْمُوَطَّأ
وَالتِّرْمِذِيّ عَن جَابر يَقُول من صلى رَكْعَة لم
يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَلم يصل ان يكون وَرَاء
الامام وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح
وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن جَابر مَرْفُوعا وَمَا روى
مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ بِسَنَدِهِ على شَرط
الشَّيْخَيْنِ عَن جَابر عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من صلى خلف الامام فَإِن
قِرَاءَة الامام قِرَاءَة لَهُ وَمَا روى بن ماجة عَن
جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ من كَانَ لَهُ امام فقراءة الامام لَهُ قِرَاءَة
وَمَا روى مُسلم بِسَنَدِهِ عَن عَطاء انه سَأَلَ زيد بن
ثَابت عَن الْقِرَاءَة مَعَ الامام فَقَالَ لَا قِرَاءَة
مَعَ الامام فِي شَيْء وَمَا روى النَّسَائِيّ عَن كثير بن
مرّة عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه يَقُول سُئِلَ رَسُول الله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كل صَلَاة قِرَاءَة
قَالَ نعم قَالَ رجل من الْأَنْصَار وَجَبت هَذِه
فَالْتَفت الى وَكنت أقرب الْقَوْم مِنْهُ فَقَالَ مَا أرى
الامام إِذا أم الْقَوْم الا قد كفاهم وَمَا روى مَالك عَن
نَافِع عَن بن عمر انه كَانَ إِذا سُئِلَ
هَل يقْرَأ أحد مَعَ الامام قَالَ إِذا صلى أحدكُم مَعَ
الامام فحسبه قِرَاءَة الامام فَإِذا صلى وَحده فليقرأ
وَكَانَ بن عمر لَا يقْرَأ خلف الامام وَبِالْجُمْلَةِ لم
يثبت وجوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة على المقتدى بل الإحتياط
أَن لَا يَقْرَأها الْمُقْتَدِي لما فِيهِ من الْوَعيد روى
مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ عَن زيد بن ثَابت قَالَ من
قَرَأَ خلف الإِمَام فَلَا صَلَاة لَهُ وروى عَن دَاوُد
عَن قيس القرأ الْمدنِي قَالَ أَخْبرنِي بعض ولد سعد بن
أبي وَقاص ان سعد قَالَ وددت الَّذِي يقْرَأ خلف الامام
فِي فِيهِ جَمْرَة وروى أَيْضا فِي مؤطاه عَن دَاوُد بن
قيس عَن عجلَان عَن عمر بن الْخطاب قَالَ لَيْت فِي فَم
الَّذِي يقْرَأ خلف الامام حجرا وَقَالَ مُحَمَّد فِي
مؤطاه لَا قِرَاءَة خلف الإِمَام فِيمَا جهر وَلَا فِيمَا
لم يجْهر فِيهِ بذلك جَاءَت عَامَّة الْأَخْبَار وَهُوَ
قَوْله أبي حنيفَة وَقَالَ الْقَارِي فِي شرح الْمُوَطَّأ
نَاقِلا عَن الْكرْمَانِي وَعَن الشّعبِيّ قَالَ أدْركْت
سبعين بدر يؤاكلهم على أَنه لَا قِرَاءَة خلف الإِمَام 12
فَخر الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى
[843] كُنَّا نَقْرَأ الخ لَعَلَّ هَذَا كَانَ باجتهادهم
فَلَمَّا أحس رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَنعهم وَقَالَ من كَانَ لَهُ امام فَإِن قِرَاءَة الامام
لَهُ قِرَاءَة كَمَا سيجيئ فِي بَاب إِذا قَرَأَ الامام
فانصتوا (إنْجَاح)
قَوْله
[853] ترك النَّاس الخ هَذَا إِنْكَار من أبي هُرَيْرَة
على ترك الْجَهْر بالتأمين فَلَعَلَّ حَدِيث الْإخْفَاء لم
يبلغهُ (إنْجَاح)
قَوْله إِذا قَالَ غير المغضوب عَلَيْهِم الخ قَالَ بن
الْهمام روى أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ
وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي
حَدِيث شُعْبَة عَن عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه انه
صلى مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَلَمَّا بلغ غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين
قَالَ آمين اخفى بهَا صَوته وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا من حَدِيث سُفْيَان عَن وَائِل
بن حجر وَذكر الحَدِيث فِيهِ وَرفع بهَا صَوته فقد خَالف
سُفْيَان شُعْبَة فِي الرّفْع وَلما اخْتلف فِي الحَدِيث
عدل صَاحب الْهِدَايَة الى مَا روى عَن بن مَسْعُود أَنه
كَانَ يخفى لِأَنَّهُ يُفِيد أَن الْمَعْلُوم مِنْهُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإخْفَاء كَذَا فِي
الْمرقاة وَقَالَ فِي اللمعات وَورد فِي الْجَهْر بالتأمين
أَحَادِيث وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَفِي
مَذْهَب مَالك خِلَافه وَفِي مَذْهَب أبي حنيفَة يسر
بالتأمين مُطلقًا وَأورد التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه حَدِيث
رفع الصَّوْت بآمين وخفضها وَرجح حَدِيث الْجَهْر وَنقل
عَن البُخَارِيّ كَذَلِك قَالَ وَعَلِيهِ عمل أَكثر
الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ انْتهى وَقد
صحّح بعض الْعلمَاء حَدِيث الْخَفْض أَيْضا وروى عَن عمر
بن الْخطاب رض أَنه قَالَ يخفى الامام أَرْبَعَة أَشْيَاء
التَّعَوُّذ والبسملة وآمين وسبحانك اللَّهُمَّ وَعَن بن
مَسْعُود مثله وروى السُّيُوطِيّ فِي جمع الْجَوَامِع عَن
أبي وَائِل قَالَ كَانَ عمر رض وعَلى رض لَا يجهران
بالبسملة وَلَا بالتعوذ وَلَا بآمين رَوَاهُ بن جرير
والطَّحَاوِي وَابْن شاهين فِي السّنَن وَأورد بن الْهمام
عَن أَحْمد وَأبي يعلى وَالطَّبَرَانِيّ
وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من
حَدِيث شُعْبَة عَن عَلْقَمَة عَن أبي وَائِل فِي الخفاء
وَعَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا من حَدِيث
سُفْيَان عَن أبي وَائِل فِي الْجَهْر وَقَالَ كلا
الْحَدِيثين مَعْلُول والاعتماد على حَدِيث بن مَسْعُود رض
قَوْله فسمعناها مِنْهُ يدل هَذَا على أَنه تأمينه صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا كَانَ بالجهر لكَي
يعلمُوا مَا فعله كَمَا كَانَ قد يسمع الْآيَة أَحْيَانًا
فِي السّريَّة وَالله أعلم (إنْجَاح)
قَوْله
[856] مَا حسدتكم الى آخِره لَعَلَّ سَبَب حسدهم ان هذَيْن
الامرين مطبوعان لَهُم وَلَا يعْملُونَ بهما لِئَلَّا
يلْزمهُم التأسي والاقتداء بِأَهْل الْإِسْلَام (إنْجَاح)
قَوْله
(1/61)
[858] رفع يَدَيْهِ الخ فِي فتح الْقَدِير
أَنه اجْتمع الامام أَبُو حنيفَة مَعَ الْأَوْزَاعِيّ
بِمَكَّة فَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مَا لكم لَا ترفعون
أَيْدِيكُم عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ فَقَالَ
أَبُو حنيفَة لاجل أَنه لم يَصح عَن رَسُول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْء أَي لم يَصح معنى
إِذْ هُوَ معَارض والا فإسناده صَحِيح فَقَالَ
الْأَوْزَاعِيّ كَيفَ لم يَصح وَقد حَدثنِي الزُّهْرِيّ
عَن سَالم عَن أَبِيه عبد الله بن عمرَان رَسُول الله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا
افْتتح الصَّلَاة وَعند الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ
فَقَالَ أَبُو حنيفَة حَدثنَا عَن إِبْرَاهِيم عَن
عَلْقَمَة والأسو عَن عبد الله بن مَسْعُود ان النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يرفع يَدَيْهِ
الا عِنْد الِافْتِتَاح ثمَّ لَا يعود فَقَالَ
الْأَوْزَاعِيّ أحَدثك عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن
أَبِيه وَتقول حَدثنَا حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم فَقَالَ
أَبُو حنيفَة حَمَّاد افقه من الزُّهْرِيّ وَكَانَ
إِبْرَاهِيم افقه من سَالم وعلقمة لَيْسَ دون بن عمر أَي
فِي الْفِقْه وان كَانَ لِابْنِ عمر صُحْبَة وَالْأسود
لَهُ فضل كثير وَعبد الله عبد الله فرجح أَبُو حنيفَة لفقه
الروَاة كَمَا رجح الْأَوْزَاعِيّ لعلو الْإِسْنَاد انْتهى
وروى عَاصِم بن كُلَيْب ان عليا رَضِي الله عَنهُ يرفع
يَدَيْهِ فِي أول تَكْبِيرَة الصَّلَاة ثمَّ لَا يرفع
وَلَا يفعل بعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خِلَافه الا بعد قيام الْحجَّة عِنْده على نسخ مَا كَانَ
مرقاة وَفِيه من الْآثَار مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ ثمَّ
الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث الْحسن بن عَيَّاش بِسَنَدِهِ الى
الْأسود قَالَ رَأَيْت عمر بن الْخطاب يرفع يَدَيْهِ فِي
أول تَكْبِيرَة ثمَّ لَا يعود قَالَ وَرَأَيْت إِبْرَاهِيم
وَالشعْبِيّ يفْعَلَانِ ذَلِك قَالَ الطَّحَاوِيّ هَذَا
الحَدِيث صَحِيح فَإِن مَدَاره على الْحسن بن عَيَّاش
وَهُوَ ثِقَة حجَّة ذكر ذَلِك يحيى بن معِين وَغَيره افترى
عمر بن الْخطاب خَفِي عَلَيْهِ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي الرُّكُوع
وَالسُّجُود وَعلم من دونه وَمن هُوَ مَعَه يرَاهُ يفعل
لَا يُنكر ذَلِك عَلَيْهِ هَذَا عندنَا محَال وَفعل عمر
هَذَا وَترك أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِيَّاه على ذَلِك دَلِيل صَرِيح على أَن هَذَا
هُوَ الْحق الَّذِي لَا يَنْبَغِي لأحد خِلَافه انْتهى
أَقُول جَاءَت فِي الرّفْع وَعَدَمه أَحَادِيث وآثار
كَثِيرَة فالشافعي وَمن وَافق مذْهبه يَقُول ان الرّفْع
سنة وَأَبُو حنيفَة يَقُول لم يثبت عِنْدِي سنيته لتعارض
الْأَدِلَّة ولاحتمال النّسخ وَعدم الرّفْع عِنْدِي احوط
لَان الرّفْع ان كَانَ فِي نفس الْأَمر سنة وَلم يَفْعَله
الْمصلى فَلَا
حرج لِأَن صلَاته حِينَئِذٍ أَيْضا يكون كَامِلا لَهُ
لِأَن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى مرّة أُخْرَى
وَلم يرفع يَدَيْهِ وَظَاهر أَن صلَاته هَذِه أَيْضا
كَانَت كَامِلَة وَمَا أَظن أحدا أَن يجترى على أَن يَقُول
ان صلَاته هَذِه لَيست بمجردة عَن النُّقْصَان وان كَانَ
مَنْسُوخا فِي الْوَاقِع فَفعله فِيهَا مُوجب لنقصانها
لِأَن الرّفْع حِينَئِذٍ لَا يكون من افعال الصَّلَاة
وَفعل مَالا يكون من افعال الصَّلَاة فِيهَا مُوجب
لنقصانها الْبَتَّةَ وَالْحَاصِل أَن الامام يَقُول
بِعَدَمِ ثُبُوت سنية الرّفْع لَا بِثُبُوت عدم سنية
الرّفْع وَلَا بِثُبُوت سنية عدم الرّفْع كَذَا سَمِعت
استاذي مَوْلَانَا الْمُعظم مولوي مُحَمَّد قَاسم
الْحَاشِيَة الْمُتَعَلّقَة بصفحة هَذَا
قَوْله
[871] لَا صَلَاة الخ عِنْد الْجُمْهُور مَحْمُول على
الظَّاهِر وَعند أبي حنيفَة على نفي الْكَمَال (إنْجَاح)
قَوْله
[872] لَو صب عَلَيْهِ المَاء أَي على ظَهره أَي فِي قَعْر
عظم الصلب وَيَقَع ذَلِك القعر عِنْد استوائه وَلَو كَانَ
مائلا الى أحد الجوانب لخرج المَاء من هَذَا الْجَانِب
(إنْجَاح)
قَوْله فطبقت قَالَ فِي الْمجمع التطبيق هُوَ أَن يجمع
بَين أَصَابِع يَدَيْهِ ويجعلهما بَين رُكْبَتَيْهِ فِي
الرُّكُوع وَالتَّشَهُّد قلت وَهُوَ مَنْسُوخ
بالِاتِّفَاقِ (فَخر)
قَوْله
(1/62)
[875] رَبنَا وَلَك الْحَمد بِالْوَاو
وَورد بِدُونِهَا قَالَ الطَّيِّبِيّ والمختاران
الْوَجْهَيْنِ جائزان وَلَا رُجْحَان لأَحَدهمَا على الاخر
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض على اثبات الْوَاو يكون قَوْله
رَبنَا مُتَعَلق بِمَا قبله تَقْدِيره سمع الله لمن حَمده
يَا رَبنَا فاستجب حمدنا ودعاءنا وَلَك الْحَمد انْتهى
قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات هَذَا الحَدِيث تمسك امام
أَبُو حنيفَة أَي فِي اتيان الامام بالتسميع وَالْمَأْمُوم
بالتحميد وان لَا يجمع الامام بَينهمَا لِأَن هَذَا قسْمَة
وَالْقِسْمَة تنَافِي الشّركَة وَلِهَذَا لَا يَأْتِي
المقتدى بالتسميع عندنَا وَمذهب مَالك أَيْضا مثل مَذْهَب
أبي حنيفَة وَكَذَا مَذْهَب أَحْمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ
تمسكا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور وَعند الشَّافِعِي كَمَا
ذكره الطَّيِّبِيّ الْجمع بَينهمَا للامام والماموم
وَالْمُنْفَرد لِأَنَّهُ ثَبت أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي
انْتهى وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ القادري فِيهِ ان
الدَّلِيل القولي أقوى من الدَّلِيل الْفعْلِيّ لِأَن
قَوْله تشريع لَا يحْتَمل الخصوصية بِخِلَاف فعله
وَأَيْضًا يحمل جمعه على حَالَة الِانْفِرَاد وافراده على
حَالَة الْجمع وَبِه يحصل الْجمع ويوافق قَوْله صلوا كَمَا
رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَالله أعلم لمعات ومرقاة
قَوْله مَلأ السَّمَاوَات بِالنّصب وَهُوَ أشهر صفة مصدر
مَحْذُوف وَقيل حَال أَي حَال كَونه ماليا لتِلْك
الْأَجْسَام على تَقْدِير تجسمه وبالرفع صفة الْحَمد
والملاء بِالْكَسْرِ مَا يَأْخُذهُ الْإِنَاء إِذا
امْتَلَأَ وَهُوَ مجَاز عَن الْكَثْرَة قَالَ المظهري
هَذَا تَمْثِيل إِذا الْكَلَام لَا يقدر بالمكائيل وَلَا
تسعه الْأَدْعِيَة إِنَّمَا المُرَاد مِنْهُ تكْثر الْعدَد
حَتَّى لَو قدر أَن تِلْكَ الْكَلِمَات تكون اجساما تملأ
الْأَمَاكِن لبلغت من كثرتها مَا تملأ السَّمَاوَات
والارضين قَوْله بعد أَي بعد ذَلِك أَي مَا بَينهمَا أَو
غير مَا ذكر من الْعَرْش والكرسي وَمَا تَحت الثرى
وَالْمرَاد بملاء مَا شِئْت مَا تعلق بِهِ مشيته قَالَ
التوربشتي هَذَا أَي مَلأ مَا شِئْت يُشِير الى
الِاعْتِرَاف بِالْعَجزِ من أَدَاء حق الْحَمد 12 (مرقاة)
[879] ذكرت الجدود الخ جمع جد بِالْفَتْح وَهُوَ الثروة
والرفعة فِي الدُّنْيَا أَي ذكر الصَّحَابَة ان فلَانا ذُو
ثروة فِي الْخَيل وَفُلَان فِي الْإِبِل وَهَكَذَا فكره
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن الدُّنْيَا
ذَاهِبَة ومتاعها قَلِيل وَدُنْيا الرجل لَا تَنْفَع من
الله شَيْئا يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون الا من أَتَى
الله بقلب سليم فَأنْكر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا مَانع الخ
(إنْجَاح)
قَوْله لَا ينفع ذَا الْجد الخ الْمَشْهُور فتح الْجِيم
بِمَعْنى العظمة والخط وَالْعِتْق أَو النّسَب قَالَ
التوربشتي أَي لَا ينفع ذَا الْغنى مِنْك غناءه وَإِنَّمَا
يَنْفَعهُ الْعَمَل بطاعتك فَمَعْنَى مِنْك عنْدك
وَيحْتَمل وَجها آخر أَي لَا يُسلمهُ من عذابك غناهُ قَالَ
المظهري أَي لَا يمْنَع عَظمَة الرجل وغناه عذابك عَنهُ ان
شِئْت عَذَابه وَقيل لَا ينفع مَعْطُوف على مَا قبله أَي
لَا ينفع عطاءه كَمَا لَا يضر مَنعه وَذَا الْجد منادى الى
الْجد وَقيل الْجد أَب الْأَب أَو أَب الْأُم أَي لَا ينفع
ذَا النّسَب الشريف نسبه مِنْك وَقَالَ الرَّاغِب
الْمَعْنى لَا يتَوَصَّل الى ثَوَاب الله فِي الْآخِرَة
بالجد وَإِنَّمَا ذَلِك بِالطَّاعَةِ انْتهى أَو فِي بعض
الرِّوَايَات وَقيل من النّسخ بِكَسْر الْجِيم فَالْمَعْنى
لَا يَنْفَعهُ مُجَرّد جده وجهده وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ
التَّوْفِيق وَالْقَبُول مِنْك بِعَمَلِهِ (مرقاة)
قَوْله فَلَو أَن بهمة بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون الْهَاء
ولد الضَّأْن والمعز أكبر من السخلة (إنْجَاح)
قَوْله بالقاع القاع الْمَكَان المستوي الْوَاسِع فِي
وطاءة من الأَرْض يعلوه مَاء السَّمَاء فيمسكه وَيُسَوِّي
بِذَاتِهِ والنمرة بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم مَكَان
قريب العرفات والعفرة بِالضَّمِّ بَيَاض لَيْسَ بناضع
خَالص وَنَظره الى عفريته لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يبعد عضديه عَن جَنْبَيْهِ (إنْجَاح
الْحَاجة)
قَوْله
[882] وضع رُكْبَتَيْهِ الخ وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد
أَكثر أهل الْعلم مِنْهَا أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ
وَأحمد عملا بِهَذَا الحَدِيث وَذهب مَالك
وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد فِي رِوَايَة الى أَن يضع
يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة إِذا
سجد أحدكُم فَلَا يبرك كَمَا يبرك الْبَعِير وليضع
يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ وَلَا يخفى ان أول هَذَا
الحَدِيث يُخَالف آخِره لِأَنَّهُ إِذا وضع يَدَيْهِ قبل
رُكْبَتَيْهِ فقد برك برك الْبَعِير وأوله الْمنْهِي عَنهُ
وَمَا قيل فِي توفيقه أَن الرّكْبَة من الْإِنْسَان فِي
الرجلَيْن وَمن ذَوَات الْأَرْبَع فِي الْيَدَيْنِ فَرده
صَاحب الْقَامُوس فِي سفر السَّعَادَة وَقَالَ هَذَا وهم
وَغلط ومخالف لائمة اللُّغَة وَقَالَ على الْقَارِي
وَالَّذِي يظْهر لي وَالله أعلم أَن هَذَا الحَدِيث آخِره
الْقلب على بعض الروَاة وَأَنه كَانَ لَا يضع يَدَيْهِ قبل
رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ بَعضهم هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ
بِحَدِيث مُصعب بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه قَالَ
كُنَّا نضع الْيَدَيْنِ قبل الرُّكْبَتَيْنِ فَأمرنَا
بِوَضْع الرُّكْبَتَيْنِ قبل الْيَدَيْنِ رَوَاهُ بن
خُزَيْمَة قلت قَالَ الْخطابِيّ حَدِيث وَائِل بن حجر
اثْبتْ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة انْتهى وَإِذا اخْتلف
الحديثان فَالْعَمَل على أقواهما أولى (فَخر)
قَوْله
[885] إِذا سجد العَبْد الخ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ
وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم وان سجد على
الْجَبْهَة وَحدهَا بِدُونِ الْأنف قَالَ قوم من أهل
الْعلم يَكْفِي وَالْأَكْثَر على أَنه لَا يَكْفِي وَمذهب
الْحَنَفِيَّة السَّجْدَة بالجبهة وَالْأنف هُوَ
الْأَفْضَل والاقتصار على أَحدهمَا جَائِز أَيْضا فَإِن
كَانَ بالجبهة وَحدهَا جَازَ عِنْد ابيحنيفة وصاحبيه
جَمِيعًا فِي رِوَايَة بِلَا كَرَاهَة وَفِي رِوَايَة
بِكَرَاهَة وان كَانَ بالأنف وَحده لم يخر عِنْد صَاحِبيهِ
وَفِي رِوَايَة عِنْده أَيْضا وَفِي الْأُخْرَى عَنهُ
جَائِز وَلَكِن مَعَ كَرَاهَة وَدَلِيله أَن السُّجُود
عبارَة عَن وضع الْوَجْه وَهُوَ الْمَذْكُور فِي
الْمَشْهُور وَلَا يُمكن وضع جَمِيع الْوَجْه لِأَن الْأنف
والجبهة عظمان ناتيان يمنعان عَن وضع الْبَعْض وَإِذا تعذر
وضع الْكل فالمأمور بِهِ وضع الْبَعْض وللوجه أَجزَاء
مُتعَدِّدَة الْجَبْهَة والانف والخدان والذقن وَلم يجز
وضع الْخَدين والذقن لتعيين الشَّارِع الْجَبْهَة والانف
وَأَيْضًا فِي وضع الْخَدين لَا يحصل الا مَعَ انحراف عَن
الْقبْلَة وَلَيْسَ فِي وضع الذقن فِي الْعرف تَعْظِيم
فَتعين الْوَجْه والانف فَإِن كَانَ بهما كَانَ أفضل بِلَا
شُبْهَة وان كَانَ بالجبهة جَازَ لذكرها فِي بعض
الْأَحَادِيث اسْتِقْلَالا وان كَانَ بالأنف وَحده فَلهُ
صُورَة جَوَاز لكَونه بعض الْوَجْه وَوَضعه يتَضَمَّن
التَّعْظِيم وَجَوَاز السُّجُود بالجبهة وَحدهَا مِمَّا
اتّفق عَلَيْهِ الْجُمْهُور الا عِنْد مَالك
وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأما وضع الْيَدَيْنِ
والركبتين فَهُوَ سنة عِنْد الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيّ
لتحَقّق السُّجُود بِدُونِهِ وَمَا جَاءَ فِي بعض
الرِّوَايَة بِلَفْظ أمرت ان اسجد الخ فَالْمُرَاد
بِالْأَمر الْمَعْنى الشَّامِل للْوُجُوب وَالنَّدْب
وَهُوَ طلب الْفِعْل وَالْمُخْتَار عِنْد الْفَقِيه أبي
اللَّيْث أَنه إِذا لم يضع الْمُصَلِّي ركبته على الأَرْض
لم يكف وَأما وضع الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ الْقَدُورِيّ فرض
كَذَا فِي الْهِدَايَة لِأَن السُّجُود مَعَ رفع
الْقَدَمَيْنِ أشبه بالتلاعب دون التَّعْظِيم وَيَكْفِي
فِي الْجَوَاز وضع أصْبع وَاحِدَة وان رفع أحد قَدَمَيْهِ
جَازَ مَعَ كَرَاهَة كَذَا فِي فتح الْقَدِير
قَوْله
[886] كُنَّا لناوى الخ أَي نترحم عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحُصُول الْمَشَقَّة لَهُ فان
السَّجْدَة بِهَذِهِ الْهَيْئَة اشق من السَّجْدَة
كَهَيئَةِ النِّسَاء (إنْجَاح)
قَوْله
(1/63)
[890] وَذَلِكَ أدناه قَالَ بن الْملك أَي
أدنى الْكَمَال فِي الْعدَد وأكمله سبع مَرَّات والاوسط
خمس مَرَّات وَقَالَ التِّرْمِذِيّ تجب أَن لَا ينقص الرجل
فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود من ثلث تسبيحات وروى عَن بن
الْمُبَارك أَنه قَالَ يسْتَحبّ للامام ان يسبح خمس
تسبيحات لكَي يدْرك من خَلفه ثَلَاث تسبيحات انْتهى
قَوْله فليعتدل قَالَ الْكرْمَانِي أَي توسطوا بَين
الافتراش وَالْقَبْض وبوضع الْكَفَّيْنِ على الأَرْض وَرفع
الْمرْفقين عَنْهَا وَعَن الجنبين والبطن عَن الفخذين إِذْ
هُوَ أشبه بالتواضع وأبلغ فِي تَمْكِين الْجَبْهَة وَأبْعد
من الكسالة وَقَوله وَلَا يفترش الخ فِي النِّهَايَة فِي
معنى الافتراش هُوَ أَن يبسط ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُود
وَلَا يرفعهما عَن الأَرْض كبسط الْقلب وَالذِّئْب راعيه
انْتهى 12
[894] لَا تقع بَين السَّجْدَتَيْنِ بِضَم التَّاء
وَسُكُون الْقَاف من الاقعاء وَهُوَ أَن يضع اليتيه على
الأَرْض وَينصب رُكْبَتَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَة
وَقَالَ هُوَ الصَّحِيح وَقَالَ بن الْهمام هَذَا
احْتِرَاز من قَول الْكَرْخِي هُوَ أَن ينصب قَدَمَيْهِ
كَمَا فِي السُّجُود وَينصب اليتيه على عَقِبَيْهِ لِأَن
الْمَذْكُور فِي الحَدِيث هُوَ صفة الْكَلْب وَهِي مَا
ذكرنَا وَمَا قَالَ الْكَرْخِي مَكْرُوه أَيْضا وَلِأَن
الاقعاء بذلك التَّفْسِير يكون بَين السَّجْدَتَيْنِ
وَبِهَذَا التَّفْسِير يكون فِي حَال السُّجُود
وَالتِّرْمِذِيّ بعد عقد بَاب فِي كَرَاهَة الاقعاء فِي
السُّجُود وإيراد حَدِيث عَليّ وتضعيف بعض رُوَاته عقد
بَابا آخر فِي رخصَة الاقعاء وَارِد حَدِيثا عَن بن
عَبَّاس قا هوسنة نَبِيكُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَقَالَ كَانَ بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب
النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ لَا
بَأْس بِهِ وَهَذَا قَول بعض أهل مَكَّة من أهل الْفِقْه
وَالْعلم وَكَثِيرًا هَل الْعلم يكْرهُونَ الاقعاء بَين
السَّجْدَتَيْنِ وَقَالَ بن الْهمام روى الْبَيْهَقِيّ عَن
بن عَمْرو بن الزبير أَنهم كَانُوا يقعون فَالْجَوَاب
الْمُحَقق عَنهُ ان الاقعاء على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا
مُسْتَحبّ وَهُوَ أَن يضع اليتيه على عَقِبَيْهِ
وَركبَتَاهُ على الأَرْض وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن العبادلة
والمنهي ان يضع اليتيه وَيَديه على الأَرْض وَينصب سَاقيه
فَتدبر لمعات
قَوْله
[900] يعلمنَا التَّشَهُّد الخ اعْلَم ان أَبَا حنيفَة
وَجُمْهُور الْعلمَاء اخْتَارُوا تشهد بن مَسْعُود
لِأَنَّهُ أصح وَاخْتَارَ مَالك تشهد عمر رض
وَالشَّافِعِيّ وَأحمد اختارا التَّشَهُّد لِابْنِ عَبَّاس
قَالَ الْقَارِي فِي شرح المؤطا قَالَ بن الْهمام تشهد بن
مَسْعُود اتّفق الْأَئِمَّة السِّتَّة عَلَيْهِ لفظا
وَمعنى وَهُوَ نَادِر لِأَن أَعلَى دَرَجَات الصَّحِيح
عِنْدهم مَا اتّفق عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَلَو فِي أَصله
فَكيف إِذا اتّفق السِّتَّة على لَفظه وَتشهد بن عَبَّاس
مَعْدُود من أَفْرَاد مُسلم وان رَوَاهُ غير البُخَارِيّ
من السّنة انْتهى قَالَ مُحَمَّد فِي المؤطا وَكَانَ بن
مَسْعُود يكره ان يُزَاد فِيهِ حرف أَو ينقص وَهَذَا
مِنْهُ يدل على غَايَة حفظه وَنِهَايَة ضَبطه وَذكر بن
الْهمام قَالَ أَبُو حنيفَة أَخذ حَمَّاد بيَدي وَعَلمنِي
التَّشَهُّد وَقَالَ حَمَّاد أَخذ إِبْرَاهِيم بيَدي
وَعَلمنِي التَّشَهُّد وَقَالَ إِبْرَاهِيم اخذ عَلْقَمَة
بيَدي وَعَلمنِي التَّشَهُّد وَقَالَ عَلْقَمَة أَخذ عبد
الله بن مَسْعُود بيَدي وَعَلمنِي التَّشَهُّد وَقَالَ عبد
الله اخذ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بيَدي وَعَلمنِي التَّشَهُّد كَمَا يعلمني السُّورَة
وَكَانَ يَأْخُذ علينا بِالْوَاو وَالْألف وَاللَّام
انْتهى وَالْمعْنَى انه كَانَ يَقُول التَّحِيَّات لله
والصلوات والطيبات بِالْوَاو العاطفة وبالالف وَاللَّام
مَوضِع السَّلَام
قَوْله
(1/64)
[903] قد عَرفْنَاهُ فَكيف الصَّلَاة قَالَ
الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه إِشَارَة الى السَّلَام على
النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّد
فَيكون قَوْله فَكيف الصَّلَاة المُرَاد بِهِ فِي
التَّشَهُّد أَيْضا قَالَه السُّيُوطِيّ فِي الزجاجة قلت
ان سلم ذَلِك فَالْمَعْنى انا أمرنَا بِالسَّلَامِ
وَالصَّلَاة عَلَيْك فقد علمنَا ذَلِك من السَّلَام فِي
التَّشَهُّد فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك فَلَو كَانَ أَمر
الصَّلَاة لَكَانَ مُبينًا عِنْدهم مَعَ السَّلَام وَالله
أعلم
قَوْله كَمَا صليت الخ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب
الْإِيمَان ذكر الْحَلِيمِيّ فِي معنى هَذَا التَّشْبِيه
ان الله تَعَالَى أخبر ان الْمَلَائِكَة قَالَت فِي بَيت
إِبْرَاهِيم مُخَاطبَة لسارة رَحْمَة الله وَبَرَكَاته
عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد وَقد علمنَا ان
النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل بَيت
إِبْرَاهِيم فَكَذَلِك أَله كلهم فَمَعْنَى قَوْلنَا
اللَّهُمَّ صل وَبَارك على مُحَمَّد الخ أَي اجب دُعَاء
ملائكتك الَّذين دعوا لأهل بَيت إِبْرَاهِيم فَقَالُوا
رحمت الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت فِي
مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد كَمَا أَجَبْته فِي الْمَوْجُودين
كَانُوا يَوْمئِذٍ من أهل بَيت إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ واله
من أهل بَيته أَيْضا وَلذَلِك ختم على هَذَا الدُّعَاء
بِأَن يَقُول إِنَّك حميد مجيد فَإِن الْمَلَائِكَة ختم
على هَذَا الدُّعَاء بِأَن يَقُول إِنَّك حميد مجيد انْتهى
مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم ذكر فِي وَجه تَخْصِيصه
من بَين الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وُجُوه أظهرها
كَونه جد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد
أَمر بمتابعته فِي الْأُصُول وعَلى آل إِبْرَاهِيم وَهُوَ
إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق واولادهما وَفِي هَذَا التَّشْبِيه
اشكال مَشْهُور وَهُوَ أَن الْمُقَرّر كَون الْمُشبه دون
الْمُشبه بِهِ ولاواقع هَهُنَا عَكسه وَأجِيب بأجوبة
مِنْهَا ان هَذَا قبل أَن يعلم أَنه أفضل وَمِنْهَا أَنه
قَالَ تواضعا وَمِنْهَا ان التَّشْبِيه فِي الأَصْل لَا
فِي الْقدر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى أحسن كَمَا أحسن
الله إِلَيْك وَمِنْهَا ان الْكَاف للتَّعْلِيل وَمِنْهَا
أَن التَّشْبِيه يتَعَلَّق بقوله وعَلى آل مُحَمَّد
وَمِنْهَا أَن التَّشْبِيه إِنَّمَا هُوَ الْمَجْمُوع
بالمجموع فَإِن الْأَنْبِيَاء من آل إِبْرَاهِيم كَثِيرَة
وَهُوَ أَيْضا مِنْهُم وَمِنْهَا أَن التَّشْبِيه من بَاب
الحاق بِمَا لم يشْتَهر بِمَا اشْتهر وَمِنْهَا ان
الْمُقدمَة الْمَذْكُورَة مَرْفُوعَة بل قد يكون
التَّشْبِيه بِالْمثلِ وَبِمَا دونه كَمَا فِي قَوْله
تَعَالَى مثل نوره كمشكوة فِيهَا مِصْبَاح الْآيَة (مرقاة)
[906] فَأحْسنُوا الصَّلَاة عَلَيْهِ واحسان الصَّلَاة
اخْتِيَار افضلها وأكملها فِي الْمعَانِي وَاخْتلفُوا فِي
أفضلهَا فَذهب أَكْثَرهم الى ان أفضلهَا مَا هِيَ مأثورة
فِي الصَّلَاة اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل
مُحَمَّد كَمَا صليت الخ وَقَول بن مَسْعُود يدل على
أَفضَلِيَّة الْمَذْكُورَة فِي هَذِه الرِّوَايَة وَلَا
شكّ ان هَذِه الصَّلَاة أفضلهَا فِي الْمعَانِي والمباني
لِأَن فِي آخرهَا الصَّلَاة المأثورة فِي الصَّلَاة وَفِي
أَولهَا مَا لَا يخفى من حسنها (إنْجَاح)
قَوْله لَا تَدْرُونَ الخ فِيهِ وَهُوَ ان الصَّلَاة
معروضة عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ قد جَاءَ ان لله مَلَائِكَة سياحين
يبلغون من أمتِي السَّلَام وَمَا من مُسلم صلى عَليّ الا
رد الله عَليّ روحي الخ فَلم جَاءَ بن مَسْعُود بِكَلِمَة
لَعَلَّ الدَّال على الرَّجَاء بِلَا يَقِين فَجَوَابه ان
الترجي فِي قبولية الصَّلَاة فَإِن عرضه لَا يكون الا
بِشَرْط الْقبُول لعدم اخْتِلَاطه بالرياء وَالْعجب فَإِن
الْهَدِيَّة لَا تقبل عِنْد الْخِيَار الا مَا كَانَ
مِنْهُ مُخْتَار والا ترد على صَاحبهَا (إنْجَاح)
قَوْله
[908] من نسي الصَّلَاة عَليّ الخ لَعَلَّ المُرَاد
بِالنِّسْيَانِ تَركهَا وَالنِّسْيَان يسْتَعْمل فِي
التّرْك كثيرا كَمَا فِي قَوْله جلّ ذكره يَا لَيْتَني مت
قبل هَذَا وَكنت نسيا منسيا أَي متروكة الذّكر بِحَيْثُ
لَا يذكر فِي أحد وَأما نِسْيَان الْمَعْرُوف فَلَيْسَ فِي
وسع الْإِنْسَان وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ان الله تَعَالَى رفع عَن أمتِي الْخَطَأ
وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ (إنْجَاح
الْحَاجة)
قَوْله
[909] وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات قَالَ الشَّيْخ
أوبو النجيب السهروردي قدس الله روحه يُرِيد بفتنة الْمحيا
الِابْتِلَاء مَعَ زَوَال الصَّبْر والرضاء والوقوع فِي
الافات والاصرار على الْفساد وَترك مُتَابعَة طَرِيق
الْهدى وبفتنة الْمَمَات سوال مُنكر وَنَكِير مَعَ
الْحيرَة وَالْخَوْف وَعَذَاب الْقَبْر وَمَا فِيهِ من
الْأَهْوَال والشدائد طيبي
قَوْله الْمَسِيح الدَّجَّال قيل سمى الدَّجَّال مسيحا
لِأَن أحد عَيْنَيْهِ ممسوحة فَيكون فعيلا بِمَعْنى مفعول
أَو لِأَنَّهُ يمسح الأَرْض أَي يقطعهَا فِي أَيَّام
محدودة فَيكون بِمَعْنى فَاعل قَالَه الطَّيِّبِيّ وَأما
الْمَسِيح الَّذِي هُوَ لقب عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام
فاصله المسيحا بالعبرانية وَهُوَ الْمُبَارك أَو لِأَنَّهُ
يمسح ذَا آفَة فيبر أَمر
قَوْله مَا أحسن الخ الدندنة الصَّوْت الْخَفي كصوت
الذُّبَاب والذنابير بِحَيْثُ يسمع صَوت وَلَا يفهم
كَلِمَاته وَمَعْنَاهُ لَا أعرف دعاءك الْخَفي الَّذِي
تَدْعُو بِهِ فِي الصَّلَاة وَلَا صَوت معَاذ وَكَانَ
معَاذ أَمَام الْقَوْم فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حولهَا تدندن أَي حول الْجنَّة أَي نَحن أَيْضا
نَدْعُو الله تَعَالَى بِدُخُول الْجنَّة ونعوذ بِهِ من
النَّار (إنْجَاح)
قَوْله وَيُشِير بِأُصْبُعِهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي
يرفعها عِنْد قَوْله لَا إِلَه لمناسبة الرّفْع للنَّفْي
ويضعها عِنْد الا الله لملايمة الْوَضع للاثبات ومطابقة
بَين القَوْل وَالْفِعْل حَقِيقَة (مرقاة)
قَوْله وَحلق الْإِبْهَام قَالَ الطَّيِّبِيّ وللفقهاء فِي
كَيْفيَّة عقدهَا وُجُوه أَحدهَا عقد ثَلَاثَة وَخمسين
وَهُوَ أَن يعْقد الْخِنْصر والبنصر وَيُرْسل المسبحة
وَيضم الْإِبْهَام الى أصل المسبحة كمارواه بن عمر
وَالثَّانِي ان يضم الْإِبْهَام الى الْوُسْطَى المقبوضة
كالقابض ثَلَاثًا وَعشْرين كَمَا رَوَاهُ بن الزبير
وَالثَّالِث ان يقبض الْخِنْصر والبنصر وَيُرْسل المسبحة
ويحلق الْوُسْطَى والإبهام كَمَا رَوَاهُ وَائِل بن حجر
والاخير هُوَ الْمُخْتَار عندنَا قَالَ الرَّافِعِيّ
الاخبار وَردت بهَا جَمِيعًا وَكَانَ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يضع مرّة هَكَذَا وَمرَّة
هَكَذَا (مرقاة)
قَوْله
[913] وضع يَدَيْهِ الخ ظَاهره مُوَافق لما فِي الدّرّ
المختاران الْمُفْتِي بِهِ عندنَا انه يُشِير باسطا
أَصَابِعه كلهَا قَالَ بن الْهمام لَا شكّ ان وضع الْكَفّ
مَعَ قبض الْأَصَابِع لَا يتَحَقَّق حَقِيقَة فَالْمُرَاد
وَالله أعلم وضع الْكَفّ ثمَّ قبض الْأَصَابِع بعد ذَلِك
عِنْد الْإِشَارَة وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن مُحَمَّد فِي
كَيْفيَّة الْإِشَارَة قَالَ يقبض خِنْصره وَالَّتِي
تَلِيهَا ويحلق الْوُسْطَى والابهام وَيضم المسبحة وَكَذَا
عَن أبي يُوسُف فِي الامالي وَهَذَا فرع تَصْحِيح
الْإِشَارَة وَعَن كثير من الْمَشَايِخ أَنه لَا يُشِير
أصلا وَهُوَ خلاف الرِّوَايَة والدراية انْتهى وَفِي
الْمُوَطَّأ لمُحَمد كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا جلس فِي الصَّلَاة وَوضع كَفه
الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى وَقبض أَصَابِعه كلهَا
وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تلِي الْإِبْهَام وضع كَفه
الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى قَالَ مُحَمَّد وبصنع
رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَأْخُذ
وَهُوَ قو أبي حنيفَة قَالَ الْقَارِي وَكَذَا قَول مَالك
وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَلَا يعرف فِي المسئلة خلاف السّلف
من الْعلمَاء وَإِنَّمَا خالفوا فِيهَا بعض الْخلف فِي
مَذْهَبنَا من الْفُقَهَاء
قَوْله
(1/65)
[917] يَوْم الْجمل الخ يَوْم الْجمل يَوْم
وَقع الْحَرْب بَين عَليّ رض وَعَائِشَة رض وَكَانَت تطلب
قتلة عُثْمَان وَمَعَهَا الزبير وَطَلْحَة وَكَانَت راكبة
على الْجمل فسميت المعركة بالجمل (إنْجَاح)
قَوْله مُحَمَّد الصغاني مَنْسُوب الى صغانيان بالصَّاد
الْمَفْتُوحَة والغين الْمُعْجَمَة هُوَ كورة عَظِيمَة
بِمَا وَرَاء النَّهر مُعرب جغانيان كَذَا فِي الْقَامُوس
وَقَالَ النِّسْبَة اليه صغاني وصاغاني (إنْجَاح)
قَوْله كَانَ يسلم الخ ذهب مَالك الى أَنه يسلم وَاحِدَة
قبل وَجهه اخذ بِهَذَا الحَدِيث وَالثَّلَاثَة على أَنه
يسلم بتسليمتين لما سبق من حَدِيث بن مَسْعُود رَوَاهُ
الْخَمْسَة وَمُسلم بِمَعْنَاهُ قَالَ بن الْهمام حَدِيث
بن مَسْعُود أرجح مِمَّا اخذ بِهِ مَالك من حَدِيث
عَائِشَة وروى عَن أَحْمد فِي تَأْوِيل حَدِيث عَائِشَة ان
مَعْنَاهُ انه كَانَ يجْهر بِتَسْلِيمَة وَاحِدَة قَالَ بن
قدامَة وَالْمعْنَى فِي هَذَا ان الْجَهْر فِي غير
الْقِرَاءَة انما هُوَ للاعلام وَقد حصل بِالْأولَى
وَقَالَ معنى قَول عَائِشَة تِلْقَاء وَجهه أَنه صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يبتدى بقوله السَّلَام
عَلَيْكُم الى الْقبْلَة ثمَّ يلْتَفت عَن يَمِينه ويساره
والتفاته كَانَ فِي أثْنَاء سَلَامه 12 لمعات
[921] فَردُّوا عَلَيْهِ أَي نوى الرَّد على الامام
بالتسليمة الثَّانِيَة من على يَمِينه وبالاولى من على
يسَاره وَبِهِمَا من على محاذاته (مرقاة)
قَوْله لم يقْعد الا مِقْدَار مَا يَقُول الخ قَالَ بن
الْهمام مُقْتَضى الْعبارَة ان يفصل بِذكر قدر ذَلِك
تَقْرِيبًا فَأَما مَا يكون من زِيَادَة غير مُتَقَارِبَة
مثل الْعدَد السَّابِق من التسبيحات والتحمديات والتكبيرات
فَيَنْبَغِي استنان تَأْخِيره عَن السّنة الْبَتَّةَ
وَكَذَا آيَة الْكُرْسِيّ وَمَا ورد فِي الاخبار لَا
يَقْتَضِي وصل هَذِه الْأَذْكَار بل كَونهَا عقيب السّنة
انْتهى لمعات مُخْتَصرا
قَوْله عَليّ بن الْقَاسِم قَالَ فِي التَّقْرِيب صَوَابه
عبد الا على كَذَا عِنْد من ذكر اسْمه على ورقم عَلَيْهِ
لِابْنِ ماجة وَفِي ذكر عبد الا عَليّ رقم عَلَيْهِ
لِابْنِ ماجة وَقَالَ عبد الا على بن الْقَاسِم
الْهَمدَانِي أَبُو الْبشر النصري اللؤلؤئي انْتهى لَكِن
الَّذِي فِي بن ماجة على بن الْقَاسِم مَوْلَانَا شاه عبد
الْعَزِيز قدس سره
قَوْله
[926] فَأَيكُمْ يعْمل الخ يَعْنِي إِذا حَافظ على
الخصلتين حصل الفان وَخَمْسمِائة حَسَنَة فِي يَوْم
وَلَيْلَة فيعفى عَنهُ بِعَدَد كل حَسَنَة سَيِّئَة
فَأَيكُمْ يَأْتِي بِأَكْثَرَ من هَذَا من السَّيِّئَات
حَتَّى لَا يصير معفوا عَنهُ فَمَا لكم لَا تأتون بهما
وَلَا تحصونهما سيد
قَوْله وَكَيف الخ أَي كَيفَ لَا يُحْصى الْمَذْكُورَات
فِي الخصلتين وَأي شَيْء يصرفنا عَنْهُمَا فَهُوَ استبعاد
لَهما فِي الاستحصاء فَرد استبعادهم بِأَن الشَّيْطَان
يوسوس لَهُ فِي الصَّلَاة حَتَّى يغْفل عَن الذّكر عَقِيبه
وينومه عِنْد الِاضْطِجَاع بذلك سيد
قَوْله
[927] وَرُبمَا قَالَ الخ شكّ سُفْيَان وَالْقَائِل بقوله
قلت أَبُو ذَر كَانَ سُفْيَان شكّ فِي أَن أَبَا ذَر قَالَ
قلت لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو
قَالَ قيل للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(إنْجَاح)
قَوْله ادركتم من قبلكُمْ من مُتَقَدِّمي الْإِسْلَام
عَلَيْكُم من هَذِه الْأمة أَو تدركون بِهِ جَمِيع من
سبقكم من الْأُمَم وتسبقون بِهِ من بعدكم من متأخري
الْإِسْلَام مِنْكُم الْمَوْجُودين من عصركم كَذَا فِي
اللمعات وَقَالَ فِي الْمجمع ادركتم من قبلكُمْ أَي من أهل
الْأَمْوَال فِي الدَّرَجَات اولا يسبقكم من بعدكم لَا من
أَصْحَاب الْأَمْوَال وَلَا من غَيرهم وَلَا يمْتَنع أَن
يفوق الذّكر مَعَ سهولة الْأَعْمَال الشاقة نَحْو
الْجِهَاد وَأَن ورد أفضل الْأَعْمَال آخرهَا لِأَن فِي
الْإِخْلَاص فِي الذّكر من الْمَشَقَّة سِيمَا الْحَمد
حَال الْفقر بِالصبرِ بِهِ أعظم
قَوْله وفتم من بعدكم من الْفَوْت أَي جاوزتم وسبقتم
وتركتموهم خلفكم فَإِن الْإِنْسَان إِذا جَاوز وَسبق فَاتَ
من كَانَ مَعَه وَترك (إنْجَاح)
قَوْله لَا أَدْرِي الخ جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى
على التَّحْقِيق التَّكْبِير أَرْبعا وَثَلَاثِينَ
(إنْجَاح)
قَوْله
[929] فَكَانَ ينْصَرف الخ يَعْنِي ان الْأَمر وَاسع لم
يجب الِاقْتِصَار على جَانب وَاحِد لِأَنَّهُ قد صَحَّ
الامران عِنْد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلما
يرْوى عَن عَليّ رض أَنه قَالَ انكانت حَاجته عَن يَمِينه
اخذ عَن يَمِينه وان كَانَت حَاجته عَن يسَاره اخذ عَن
يسَاره قَالَ الْقَارِي فَإِن اسْتَوَى الجانبان
فَيَنْصَرِف الى أَي جَانب شَاءَ وَالْيَمِين أولى
لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب
التَّيَامُن فِي كل شَيْء انْتهى فَعلم من هَذَا أَن
الِانْصِرَاف على الْيَمين مَنْدُوب وعَلى الشمَال رخصَة
كَذَا يفهم من الطَّيِّبِيّ وَقَول بن مَسْعُود رض لَا
يَجْعَل أحدكُم للشَّيْطَان فِي نَفسه جُزْء يرى أَن حَقًا
عَلَيْهِ ان لَا ينْصَرف الا عَن يَمِينه هَذَا إِذا
اعْتقد الْوُجُوب كَمَا يدل كلمة عَلَيْهِ قَالَ
الطَّيِّبِيّ فِيهِ ان من أصر على أَمر مَنْدُوب وَجعل
عزما وَلم يعْمل بِالرُّخْصَةِ فقد أصَاب مِنْهُ
الشَّيْطَان من الاضلال فَكيف من أصر على بِدعَة أَو مُنكر
انْتهى هَذَا مَحل تذكر للَّذين يصرون على الِاجْتِمَاع
فِي الْيَوْم الثَّالِث للْمَيت ويدونه أرجح من حُضُور
الْجَمَاعَة
قَوْله فابدؤوا بالعشاء بِفَتْح الْعين هُوَ مَا يُوكل فِي
ذَلِك الْوَقْت وَقيل مَا يُوكل بعد الزَّوَال وَاخْتلفُوا
فِي هَذَا الْأَمر فالجمهور على أَنه للنَّدْب وَقيل
للْوُجُوب وَبِه قَالَت الظَّاهِرِيَّة وَقَالَ ميرك نقلا
عَن التَّصْحِيح وَهَذَا إِذا كَانَ جائعا وَنَفسه متشوق
الى الْأكل وَفِي الْوَقْت سَعَة وَمَا أحسن مَا روينَا
عَن أبي حنيفَة لِأَن يكون أكلي كُله صَلَاة أحب من أَن
يكون صَلَاتي كلهَا أكلا والا فَيبْدَأ بِالصَّلَاةِ لِأَن
النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يحتز من
كتف شَاة فدعى الى الصَّلَاة فألقاها وَقَامَ يُصَلِّي
عمده الْقَارِي ومرقاة
قَوْله
(1/66)
[936] استفتحت الخ أَي طلبت فتح الْبَاب
عَن أهل بَيْتِي وَالسَّمَاء الْمَطَر لم تبل اسافل نعالنا
كِنَايَة عَن قلَّة الْمَطَر كَانَ أَبَاهُ انكر عَلَيْهِ
خُرُوجه للصَّلَاة فِي هَذِه اللَّيْلَة مُعَللا بِأَن
رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص فِي عدم
الْحُضُور للْجَمَاعَة بِسَبَب قَلِيل من الْمَطَر انجاح
الْحَاجة صلوا فِي رحالكُمْ قَالَ فِي الْقَامُوس الرحل
مركب للبعير كالراحول جمعه ارحال وارحل ومسكنك وَمَا
تستصحبه من الاناث انْتهى وَالْمرَاد هَهُنَا الْمَعْنى
الْأَوْسَط قَالَ بن الْهمام عَن أبي يُوسُف سَأَلت أَبَا
حنيفَة عَن الْجَمَاعَة فِي طين وروغة أَي وَحل كَثِيرَة
فَقَالَ لَا أحب تَركهَا وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ
فِي الحَدِيث رخصَة مر
قَوْله
مَا يستر الْمُصَلِّي أَي مَا يصلح ستْرَة لَهُ من النَّاس
وَالدَّوَاب فَإِن الْمُرُور بَين يَدَيْهِ مَمْنُوع انجاح
قَالَ الْقَارِي وتكفي قدر ذِرَاع فِي غلظ أصْبع وَقَالَ
النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء الْحِكْمَة فِي الستْرَة كف
الْبَصَر عَمَّا وَرَاءَهَا وَمنع من يجتاز بِقُرْبِهِ
قَالَ أَصْحَابنَا يَنْبَغِي أَن يدنو من الستْرَة وَلَا
يزِيد على ثَلَاثَة أَذْرع وسترة الامام ستْرَة
الْمَأْمُوم وَيجْعَل الستْرَة على حَاجِبه الْأَيْمن أَو
الْأَيْسَر (مرقاة)
قَوْله
[940] مثل مؤخرة الرحل قَالَ النَّوَوِيّ المؤخرة بِضَم
الْمِيم وَكسر الْخَاء وهمزة سَاكِنة وَيُقَال بِفَتْح
الْخَاء مَعَ فتح الْهمزَة وتشديدالخاء وَمَعَ اسكان
الْهمزَة وَتَخْفِيف الْخَاء وَيُقَال آخِرَة الرحل
بِهَمْزَة ممدودة وَكسر الْخَاء فَهَذَا أَربع لُغَات
وَهِي الْعود الَّذِي فِي آخر الرحل وَفِي هَذَا الحَدِيث
النّدب الى الستْرَة بَين يَدي الْمُصَلِّي وَبَيَان ان
أقل الستْرَة مؤخرة الرحل وَهِي قدر عظم الذِّرَاع وَهُوَ
نَحْو ثُلثي ذِرَاع وَيحصل بِأَيّ شَيْء أَقَامَهُ بَين
يَدَيْهِ هَكَذَا وَشرط مَالك ان يكون فِي غلظ الرمْح
قَالَ الْعلمَاء وَالْحكمَة فِي الستْرَة كف الْبَصَر
عَمَّا وَرَاءَهَا وَمنع من يجتاز بِقُرْبِهِ وَاسْتدلَّ
القَاضِي عِيَاض بِهَذَا الحَدِيث على أَن الْخط بَين يَدي
الْمُصَلِّي لَا يَكْفِي قَالَ وان كَانَ قد جَاءَ بِهِ
حَدِيث وَأخذ بِهِ أَحْمد رح فَهُوَ ضَعِيف وَاخْتلف فِيهِ
فَقيل يكون مقوسا كَهَيئَةِ الْمِحْرَاب وَقيل قَائِما
بَين يَدي الْمُصَلِّي الى الْقبْلَة وَقيل من جِهَة
يَمِينه الى شِمَاله قَالَ وَلم ير مَالك وَلَا عَامَّة
الْفُقَهَاء الْخط هَذَا كَلَام القَاضِي وَحَدِيث الْخط
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِيه ضعف واضطراب اخْتلف قَول
الشَّافِعِي فِيهِ فاستحبه فِي سنَن حَرْمَلَة وَفِي
الْقَدِيم ونفاه فِي الْبُوَيْطِيّ وَقَالَ جُمْهُور
أَصْحَابه باستحبابه وَلَيْسَ فِي حَدِيث مؤخرة الرحل
دَلِيل على بطلَان الْخط انْتهى
قَوْله
[942] ويحتجره بِاللَّيْلِ أَي يَتَّخِذهُ حجرَة لنَفسِهِ
وَكَانَ ذَلِك الْعَمَل فِي الِاعْتِكَاف غَالِبا كَمَا
فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فَإِن الْمُعْتَكف لَا بُد
لَهُ من مَكَان مَخْصُوص يمنعهُ عَن المشاغل وَأما صلَاته
بِاللَّيْلِ فِي غير الِاعْتِكَاف فَكَانَت غَالِبا فِي
بَيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح)
قَوْله
[943] فليخط خطا قَالَ بن الْهمام وَأما الْخط فقد
اخْتلفُوا حسب اخْتلَافهمْ فِي الْوَضع إِذا لم يكن مَعَه
مَا يغرزه أَو يَضَعهُ فالمانع يَقُول لَا يحصل
الْمَقْصُود بِهِ إِذْ لَا يظْهر من بعيد والمجيز يَقُول
ورد الْأَثر بِهِ وَاخْتَارَ صَاحب الْهِدَايَة الأول
وَالسّنة أولى بالاتباع مَعَ أَنه يظْهر فِي الْجُمْلَة
إِذا الْمَقْصُود جمع الخاطر بربط الخيال بِهِ كَيْلا
ينتشر انْتهى
قَوْله
[944] لِأَن يقوم أَرْبَعِينَ المُرَاد من العددالتكثير
والا فَالرِّوَايَة الْآتِيَة عَن أبي هُرَيْرَة معَارض
لَهُ (إنْجَاح)
قَوْله لِأَن يقوم أَرْبَعِينَ قَالَ الْكرْمَانِي
تَخْصِيص الْأَرْبَعين بِالذكر لكَون كَمَال طور
الْإِنْسَان بالاربعين كالنطفة والمضغة والعلقة وَكَذَا
بُلُوغ الاشد
قَوْله
[948] هن اغلب أَي النِّسَاء تغلبن على الرِّجَال
أَحْيَانًا بالتفاته قَالَ زَيْنَب لم تمْتَنع من
الْمُضِيّ بِمَنْعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
واخاها امْتنع فَمَا مر بَين يَدَيْهِ وَعمر وَزَيْنَب
هَذَانِ ايتام سَلمَة ربيبا رَسُول الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح)
قَوْله
[949] يقطع الصَّلَاة الخ اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا
فَقَالَ بَعضهم يقطع هَؤُلَاءِ الصَّلَاة قَالَ أَحْمد
يقطعهَا الْكَلْب الْأسود وَفِي قلبِي من الْحمار
وَالْمَرْأَة شَيْء وَجه قَوْله ان الْكَلْب لم يَجِيء فِي
الترخيص فِيهِ شَيْء يُعَارض هَذَا الحَدِيث وَأما
الْمَرْأَة فَفِيهَا حَدِيث عَائِشَة وَهُوَ أَن النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَأَنا
مُعْتَرضَة بَينه وَبَين الْقبْلَة الخ وَفِي الْحمار
حَدِيث بن عَبَّاس وَهُوَ أَقبلت رَاكِبًا على أتان الى
أَن قَالَ فمررت بَين يَدي الصَّفّ فَنزلت وَأرْسلت للأتان
ترتع وَدخلت فِي الصَّفّ فَلم يُنكر عَليّ أحد وَقَالَ
الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَجُمْهُور الْعلمَاء من السّلف
وَالْخلف لَا تبطل الصَّلَاة بمرور شَيْء من هَؤُلَاءِ
وَلَا من غَيرهم وَقَالُوا هَذَا الحَدِيث على أَن
المُرَاد بِالْقطعِ نقص الصَّلَاة لشغل الْقلب بِهَذِهِ
الْأَشْيَاء وَلَيْسَ المُرَاد إِبْطَالهَا وَمِنْهُم من
يدعى نسخه بِالْحَدِيثِ الاخر لَا يقطع صَلَاة الْمَرْء
شَيْء وادراؤا مَا اسْتَطَعْتُم وهذاغير مرضِي لِأَن
النّسخ لَا يُصَار اليه الا إِذا تعذر الْجمع بَين
الْأَحَادِيث وتأويلها وَعلمنَا التَّارِيخ وَلَيْسَ هُنَا
تَارِيخ وَلَا تعذر الْجمع والتأويل بل يتَأَوَّل على مَا
ذَكرْنَاهُ مَعَ أَن حَدِيث لَا يقطع صَلَاة الْمَرْء
شَيْء ضَعِيف قَالَه النَّوَوِيّ
قَوْله يقطع الصَّلَاة الخ فِي الْمعرفَة للبيهقي من
طَرِيق حَرْمَلَة قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول فِي
تَفْسِير هَذَا الحَدِيث يقطع عَن الذّكر والشغل بهَا
والالتفات إِلَيْهَا لِأَنَّهَا تفْسد الصَّلَاة نَقله
السُّيُوطِيّ فِي الزجاجة قَالَ الشَّيْخ وَإِنَّمَا خص
هَذِه الثَّلَاثَة لشدَّة الشّغل فِي الْمَرْأَة وملازمة
الشَّيَاطِين للحمار وغلظة النَّجَاسَة من الْكَلْب
وَالْجُمْهُور من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ على أَنه لَا
تقطع شَيْء مِمَّا يمر وَالْمرَاد من الْأَحَادِيث
الْوَارِدَة الْمُبَالغَة فِي الْحَث على نصب الستْرَة
انْتهى
قَوْله الْكَلْب الْأسود الشَّيْطَان قيل المُرَاد هُوَ
الظَّاهِر فَإِن الشَّيَاطِين وَالْجِنّ يتشكلون بأشكال
الافاعي وَالْكلاب كَمَا فِي الحَدِيث وَقيل تَشْبِيه
الْكَلْب الْأسود بالشيطان لكَمَال خسته ودناءته وَكَثْرَة
نَومه وَشدَّة ايذائه وَيسْتَعْمل مثل هَذَا الْكَلَام فِي
المتنفرات طبعا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى كَأَنَّهُ
رُؤُوس الشَّيَاطِين وَهَذِه لشدَّة التهويل وَالله أعلم
(إنْجَاح)
قَوْله
(1/67)
[953] فبادره رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَي سابقه وسارع الى الْقبْلَة لدفعه عَن الْمُرُور بَين
يَدَيْهِ وَفرض بن عَبَّاس ان مُرُور هَذِه الْأَشْيَاء
يمْنَع حُضُور الْقلب فِي الصَّلَاة حَيْثُ يشغل
الْمُصَلِّي بهما فَلَا فَارق بَين الْكَلْب والجدي فَلَا
بُد من منع الْمُرُور سَوَاء كَانَ انسانا أَو دَابَّة
شريفة أَو خسيسة انجاح الْحَاجة لمولانا شاه عبد الْغَنِيّ
رح فليقاتله قَالَ القَاضِي عِيَاض اجْمَعُوا على أَنه لَا
يلْزمه مقاتلته بِالسِّلَاحِ وَلَا مَا يُؤَدِّي الى
هَلَاكه فَإِن دَفعه بِمَا يجوز فَهَلَك من ذَلِك فَلَا
قَود عَلَيْهِ بالِاتِّفَاقِ وَهل يجب الدِّيَة مذهبان
وَاخْتلفُوا فِي معنى قَاتله فالجمهور على أَن مَعْنَاهُ
الدّفع بالقهر لَا جَوَاز الْقَتْل وَالْمَقْصُود
الْمُبَالغَة فِي كَرَاهَة الْمُرُور عَيْني
قَوْله
[955] فَإِن مَعَه القرين القرين الشَّيْطَان كَمَا جَاءَ
فِي الحَدِيث مَا مِنْكُم من أحد الا وَقد وكل بِهِ قرين
من الْجِنّ الخ يَعْنِي مَعَه شَيْطَانه غلب عَلَيْهِ
ويحثه على الْمُرُور فليقاتل وليدفعه (إنْجَاح)
قَوْله
[956] كاعتراض الْجِنَازَة الِاعْتِرَاض صيرورة الشَّيْء
حَائِلا بَين الشَّيْئَيْنِ قَالَ الطَّيِّبِيّ جعلت
نَفسهَا بِمَنْزِلَة الْجِنَازَة دلَالَة على أَنه لم
يُوجد مَا يمْنَع الْمُصَلِّي من حُضُور الْقلب ومناجاة
الرب بِسَبَب اعتراضها بَين يَدَيْهِ بل كَانَت كالسترة
وَفِيه دَلِيل على أَن مُرُور الْمَرْأَة لَا يفْسد
الصَّلَاة (مرقاة)
قَوْله
[957] بحيال مَسْجِد الخ أَي بحذائه وَالْمرَاد من
الْمَسْجِد مُصَلَّاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي بَيته (إنْجَاح)
قَوْله
[959] خلف المتحدث والنائم لِأَن حَدِيثه يقطع حُضُور قلبه
عَن الصَّلَاة وَلَعَلَّ المُرَاد بالنائم من كَانَ
قَرِيبا مِنْهُ فَرُبمَا يتقلب فيضيق الْمُصَلِّي والا فقد
كَانَت عَائِشَة تنام مُعْتَرضَة بَينه صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَين الْقبْلَة كَمَا مر الحَدِيث
فِي أول الْبَاب (إنْجَاح) |