شرح سنن ابن
ماجه للسيوطي وغيره قَوْله
بَاب النَّهْي أَن يسْبق الامام بصيغةالمجهول أَي يسْبق
الْمُقْتَدِي الامام (إنْجَاح)
قَوْله
[960] يعلمنَا ان لَا نبادر الامام الخ قَالَ الْمظهر
السّنة للْمَأْمُوم ان يتَخَلَّف عَن الامام فِي أَفعَال
الصَّلَاة يَسِيرا وان لم يتَخَلَّف بل سوى مَعَ الامام
جَازَ الا فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام إِذْ لَا بُد
للْمَأْمُوم أَن يصبر حَتَّى يفرغ الامام من التَّكْبِير
انْتهى ومذهبنا ان المطابعة بطرِيق المواصلة وَاجِبَة
حَتَّى لَو رفع الامام من الرُّكُوع أَو السُّجُود قبل
تَسْبِيح المقتدى ثَلَاثًا فَالصَّحِيح أَنه يُوَافق
الامام وَلَو رفع رَأسه من الرُّكُوع أَو السُّجُود قبل
الامام يَنْبَغِي ان يعود وَلَا يصير ذَلِك ركوعين (مرقاة)
قَوْله
[961] ان يحول الله رَأسه راس حمَار وَفِي رِوَايَة صورته
صُورَة حمَار قيل هَذَا كِنَايَة عَن بلادته وَعدم فهمه
معنى الْإِمَامَة والا يتمام والا فقد نرى حسا أَنه لم
يحول وَفِيه ان الثَّابِت خشيَة التَّحْوِيل لَا وُقُوعه
وَلَعَلَّ المُرَاد تحويله فِي الْآخِرَة لَا فِي
الدُّنْيَا قَالَ بن حجر يحْتَمل ان يكون حَقِيقَته فَيكون
ذَلِك مسخا خَاصّا والممتنع المسخ الْعَام كَمَا صرحت بِهِ
الْأَحَادِيث وَأَن يكون مجَازًا عَن البلادة وَيُؤَيّد
الأول مَا حكم عَن بعض الْمُحدثين انه ذهب رجل الى دمشق
لأخذ الحَدِيث عَن شيخ مَشْهُور بهَا فَقَرَأَ عَلَيْهِ
جملَة لكنه كَانَ بَينه وَبَينه حجاب وَلم ير وَجهه
فَلَمَّا طَالَتْ ملازمته لَهُ وَرَأى حرصه على الحَدِيث
كشف لَهُ السّتْر فَرَأى وَجهه وَجه حمَار فَقَالَ
وَاحْذَرْ يَا بني ان تسبق الامام فَإِنِّي لما مر بِي
الحَدِيث استبعدت وُقُوعه فسبقت الامام فَصَارَ وَجْهي
كَمَا ترى أَقُول لَعَلَّ وَجه المسخ استبعاد وُقُوعه
والاظهر أَن هَذَا تهديد كَذَا فِي الْمرقاة
قَوْله
[962] اني قد بدنت بتَشْديد الدَّال أَي كَبرت وَثقل بدني
من الضعْف (إنْجَاح)
قَوْله إِنِّي قد بدنت قَالَ أَبُو عبيد هَكَذَا روى فِي
الحَدِيث بِالتَّخْفِيفِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالتَّشْدِيدِ
أَي كَبرت واستنت وَالتَّخْفِيف من البدانة وَهِي كَثْرَة
اللَّحْم وَلم يكن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمينا
وَقَالَ فِي النِّهَايَة قد جَاءَ فِي صفته دون متماسك
وَهُوَ الَّذِي يمسك بعض اعضائه بَعْضًا فَهُوَ معتدل
الْخلق قَالَ الْبَيْهَقِيّ لم نضبط عَن شُيُوخنَا بدنته
أَو بدنت أَو بدنت بدنه وَاخْتَارَ أَبُو عبيد
بِالتَّشْدِيدِ وَنصب الدَّال يَعْنِي كَبرت وَمن بدنت
بِرَفْع الدَّال فَإِنَّهُ أَرَادَ كَثْرَة اللَّحْم
(زجاجة)
قَوْله
[963] فمهما اسبقكم بِهِ الخ أَي اللحظة الَّتِي أسبقكم
بهَا فِي ابْتِدَاء الرُّكُوع وتفوت عَنْكُم تدركونها إِذا
رفعت رَأْسِي من الرُّكُوع لِأَن اللحظة الَّتِي يسْبق
بهَا الامام عِنْد الرّفْع تكون بَدَلا عَن اللحظة الأولى
للمأمومين فالغرض مِنْهُ أَن التَّأْخِير الثَّانِي يقوم
مقَام الْمُتَأَخر الأول فَيكون مِقْدَار رُجُوع الامام
وَالْمَأْمُوم سَوَاء وَكَذَا السَّجْدَة (إنْجَاح)
قَوْله
[964] ان من الْجفَاء الخ المُرَاد من الْجفَاء الظُّلم
والتعدي يَعْنِي مسح الْجَبْهَة فِي الصَّلَاة وَهُوَ وضع
الشَّيْء فِي غير مَحَله فَإِن الصَّلَاة مَحل الخضوع
والخشوع والسكون وَمسح الْجَبْهَة ينافيها وَلذَا قَالَ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لافلح يَا أَفْلح ترب
وَجهك الحَدِيث وَأما بعد الصَّلَاة فَلَا بَأْس بمسحها
(إنْجَاح)
قَوْله
[965] لَا تفقع اصابعك التفقيع فرقعة الْأَصَابِع وغمز
مفاصلها حَتَّى تصوت (زجاجة)
قَوْله إِذا تثاءب بِالْهَمْزَةِ وَقيل بِالْوَاو هُوَ فتح
فِيهِ لكسل أَو فَتْرَة أوامتلاء أَو غَلَبَة نوم وكل
ذَلِك غير مرضِي لِأَنَّهُ يكون سَببا للكسل عِنْد
الطَّاعَة والحضور فِيهَا وَقَوله
[968] يضْحك مِنْهُ أَي من ذَلِك القَوْل أَو من صَاحبه
حَيْثُ أفسد صلواته قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي يرضى بِتِلْكَ
الفعلة (مرقاة)
قَوْله
[969] من الشَّيْطَان قَالَ القَاضِي أضَاف هَذِه
الْأَشْيَاء الى الشَّيْطَان لِأَنَّهُ يُحِبهَا ويتوسل
بهَا الى مَا يمنعهُ من قطع الصَّلَاة وَالْمَنْع من
الْعِبَادَة (مرقاة)
قَوْله
(1/68)
[970] لَا تقبل لَهُم صَلَاة قَالَ بن
الْملك أَرَادَ نفي كَمَال الصَّلَاة قلت لَا يلْزم من نفي
الْقبُول نُقْصَان أصل الصَّلَاة إِذْ المُرَاد بِنَفْي
الْقبُول نفي الثَّوَاب وَلَو كَانَت الصَّلَاة على وَجه
الْكَمَال (مرقاة)
قَوْله الادبار قَالَ فِي النِّهَايَة أَي بعد مَا يفوت
وَقتهَا وَقيل دبار جمع دبر وَهُوَ آخر أَوْقَات الشَّيْء
كادبلر السُّجُود وَالْمرَاد أَنه يَأْتِي الصَّلَاة حِين
ادبر وَقتهَا قَوْله وَمن اعتبد محررا أَي أَي اتَّخذهُ
عبدا وَهُوَ أَن يعتقهُ ثمَّ يَكْتُمهُ إِيَّاه أَو يعتقله
بعد الْعتْق فيستخدمه كرها أَو يَأْخُذ حرا فيدعيه عبدا
ويتملكه (زجاجة)
[971] وَزوجهَا عَلَيْهَا ساخط قَالَ المظهري هَذَا إِذا
كَانَ السخط لسوء خلقهَا ونشوزها وَقَوله واخوان متصارمان
أَي متهاجران قَالَ الطَّيِّبِيّ أَعم من أَن يكون من
جِهَة النّسَب أَو الدّين (زجاجة)
قَوْله
[973] فأقامني عَن يَمِينه قَالَ فِي شرح السّنة فِي
الحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا جَوَاز الصَّلَاة نَافِلَة
بِالْجَمَاعَة وَمِنْهَا أَن الْمَأْمُوم الْوَاحِد يقف
على يَمِين الامام وَمِنْهَا جَوَاز الْعَمَل الْيَسِير
فِي الصَّلَاة وَمِنْهَا عدم جَوَاز تقدم الْمَأْمُوم على
الامام لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اداره من خَلفه كَمَا فِي رِوَايَة وَكَانَ ادارته من بَين
يَدَيْهِ أيسر وَمِنْهَا جَوَاز الصَّلَاة خلف من لم ينْو
الْإِمَامَة لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ شرع فِي صلَاته مُنْفَردا ثمَّ ائتم بِهِ بن
عَبَّاس ثمَّ قَالَ أورد عَلَيْهِ كَيفَ جَازَ النَّفْل
بِجَمَاعَة وَهُوَ بِدعَة أُجِيب إِذا كَانَ بِلَا اذان
وَلَا إِقَامَة بِوَاحِد أَو اثْنَيْنِ يجوز على مَا نقُول
كَانَ التَّهَجُّد عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فرضا فَهُوَ اقْتِدَاء المتنفل بالمفترض وَلَا
كَرَاهَة انْتهى وَفِي الْهِدَايَة وان صلى خَلفه أَو على
يسَاره جَازَ وَهُوَ مسييء مرقاة بِتَغَيُّر
قَوْله
[976] فتختلف قُلُوبكُمْ يفهم من هَذَا الحَدِيث ان الْقلب
تَابع للاعضاء فيعارض الحَدِيث الْمَشْهُور الا ان فِي
الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله وَإِذا
فَسدتْ فسد الْجَسَد كلهَا الا وَهِي الْقلب فالتحقيق فِي
هَذَا الْمقَام ان بَين الْقلب والاعضاء تعلق عَجِيب
وتأثير غَرِيب بِحَيْثُ يسري مُخَالفَة كل الى الاخر الا
ترى ان تبريد الظَّاهِر يُؤثر فِي الْبَاطِن وَبِالْعَكْسِ
(مرقاة)
قَوْله ليليني قَالَ الطَّيِّبِيّ من حق هَذَا اللَّفْظ ان
يحذف مِنْهُ الْيَاء لِأَنَّهُ على صِيغَة الْأَمر
وَوجدنَا بِإِثْبَات الْيَاء وسكونها فِي سَائِر كتب
الحَدِيث وَالظَّاهِر أَنه غلط وَقَالَ النَّوَوِيّ هُوَ
بِكَسْر اللَّام وَتَخْفِيف من غير يَاء قبل النُّون
وَيجوز اثبات الْيَاء مَعَ تَشْدِيد النُّون على
التَّأْكِيد
قَوْله فأذنا وأقيما أَي يُؤذن وَيُقِيم احدكما أَي فليقع
الْأَذَان وَالْإِقَامَة مِنْكُمَا وَقَوله وليومكما أَي
ليكن إِمَامًا أكبركما وَلَعَلَّهُمَا كَانَا متساويين فِي
الْعلم وَالْقِرَاءَة والورع وَالْمرَاد أكبركما فِي
الْفضل لمعات
قَوْله اقرأهم الخ وَبِه قَالَ أَحْمد وَأَبُو يُوسُف اخذا
بِهَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله وَذهب أَبُو حنيفَة
وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي رِوَايَة الى
أَن يقدم الافقه على الاقرأ ومتمسكهم ان الْقِرَاءَة مقتصر
إِلَيْهَا الرُّكْن وَأحد وَالْعلم لسَائِر الْأَركان
وَقَالُوا ان الْأَحَادِيث الدَّالَّة على تَقْدِيم الاقرأ
لِأَن أقرأهم كَانَ أعلمهم لأَنهم كَانُوا يتلقون
الْقُرْآن بأحكامه فَقدم فِي الحَدِيث وَلَا كَذَلِك فِي
زَمَاننَا فقدمنا الا علم كَذَا فِي الْهِدَايَة لمعات
وَقَالَ بن الْهمام أحسن مَا يسْتَدلّ بِهِ لتقديم الأعلم
على الاقرأ حَدِيث مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ
وَكَانَ ثمَّة من هُوَ اقْرَأ مِنْهُ لَا أعلم دَلِيل
الأول قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقرأهم أبي
وَدَلِيل الثَّانِي قَول أبي سعيد كَانَ أَبُو بكر أعلمنَا
وَهَذَا آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيكون هُوَ الْمعول عَلَيْهِ انْتهى
قَوْله وَلَا يؤم الرجل الخ أَي فِي مَوضِع يملكهُ أَو
يتسلط عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ كصاحب الْمجْلس وَإِمَام
الْمَسْجِد فَإِنَّهُ أَحَق من غَيره وان كَانَ أفقه فَإِن
شَاءَ تقدم وان شَاءَ يقدم غَيره وَلَو مفضولا مجمع
قَوْله
[980] على تكرمته هِيَ الْموضع الْخَاص لجُلُوس الرجل من
فرَاش وسرير مِمَّا يعد لاكرامه وَهِي تفعلة من
الْكَرَامَة (زجاجة)
قَوْله
(1/69)
[981] يقدم فتيَان قومه إِنَّمَا ترك سهل
الْإِمَامَة مَعَ فضيلته ومسنيته للتورع وَالْخَوْف كَمَا
بَينه وَلِأَن الفتيان احفظ من الشُّيُوخ للمسائل
الشَّرْعِيَّة وَالشَّيْخ رُبمَا يخطي وَلَا يشْعر بِهِ
(إنْجَاح)
قَوْله الامام ضَامِن الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَرَادَ
بِالضَّمَانِ هَهُنَا الْحِفْظ وَالرِّعَايَة لَا ضَمَان
الغرامة لِأَنَّهُ يحفظ على الْقَوْم صلواتهم فَهُوَ
كالمتكفل لَهُم صِحَة صلواتهم وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ
الامام متكفل لصَلَاة الْجَمِيع فَيحْتَمل الْقِرَاءَة
عَنْهُم أما مُطلقًا عِنْد من لَا يُوجب الْقِرَاءَة على
الْمَأْمُوم أَو إِذا كَانُوا مسبوقين ويحفظ عَلَيْهِم
الْأَركان وَالسّنَن وَعدد الرَّكْعَات ويتولى السفارة
بَينهم وَبَين رَبهم فِي الدُّعَاء (زجاجة)
قَوْله يوجز من الإيجاز وَهُوَ ضد الإطناب أَمر النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحَدِيث السَّابِق
بالايجاز وَهَهُنَا فعله بِنَفسِهِ فَعلم ان الإيجاز مَعَ
الْإِكْمَال مَنْدُوب لِأَنَّهُ ثَبت بقول النَّبِي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفعله عُمْدَة الْقَارِي
وَقَالَ الشَّيْخ الدهلوي يَنْبَغِي ان يعلم أَنه لَيْسَ
المُرَاد بِالتَّخْفِيفِ وَترك التَّطْوِيل ان يتْرك سنة
الْقِرَاءَة والتسبيحات ويتهاون فِي ادائها بل أَن يقْتَصر
على قِرَاءَة الْمفصل باقسامها على مَا عين مِنْهَا فِي
الصَّلَاة ويكتفي على ثَلَاث مَرَّات من التَّسْبِيح
بأدائها كَمَا يَنْبَغِي مَعَ رِعَايَة القومة والجلسة
وَأكْثر مَا يُرَاد بتَخْفِيف الصَّلَاة الْوَارِد فِي
الْأَحَادِيث تَخْفيف الْقِرَاءَة وَقيل المُرَاد أَن
تطويله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرى بِالنِّسْبَةِ
الى صَلَاة الآخرين فِي غَايَة الْقلَّة يَعْنِي لَو كَانَ
غَيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقْرَأ فِي مثل
هَذِه الصَّلَاة الصَّلَاة يرى طَويلا وَيُورث ملالة
بِخِلَافِهَا عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَإِنَّهُ كَانَ يُورث شوقا ونشاطا وَلَذَّة وحضورا
باستماع عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَيْضًا
كَانَ فِي قِرَاءَة سرعَة وطي لِسَان يتم فِي أدنى سَاعَة
كثيرا مِنْهَا 12 لمعات واقدر النَّاس الخ أَي قدر
بِالظَّنِّ والتخمين النَّاس الَّذين أَنْت امامهم بأضعف
من كَانَ فيهم وَالْمرَاد مِنْهُ وَالله أعلم أجعَل
النَّاس كلهم كَأَنَّهُمْ ضعفاء بِسَبَب الرجل الْوَاحِد
الَّذِي هُوَ أضعفهم فعلى هَذَا الامام مقتدي فِي هَذَا
الْأَمر بِالنَّاسِ كلهم وَالْمرَاد من الْبعيد بعيد
الدَّار وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بأضعفهم بَدَلا من النَّاس بدل الْبَعْض من
الْكل فَمَعْنَاه واقدر بأضعفهم وَالله أعلم (إنْجَاح)
قَوْله
[989] فاتجوز الخ وَبِه اسْتدلَّ بعض الشَّافِعِيَّة على
أَن الامام إِذا كَانَ رَاكِعا فأحس بداخل يُرِيد
الصَّلَاة مَعَه ينْتَظر ليدرك فَضِيلَة الرَّكْعَة
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا جَازَ التَّجَوُّز لَهُ
لحاجةالانسان فِي بعض أُمُور الدُّنْيَا فَلهُ ان يزِيد
فِيهَا لِلْعِبَادَةِ بل هَذَا أَحَق وَأولى وَمِمَّنْ
أجَاز ذَلِك الشّعبِيّ وَالْحسن وَابْن أبي ليلى وَقَالَ
الْقُرْطُبِيّ وَلَا دلَالَة فِيهِ لِأَن هَذَا زِيَادَة
عمل بِخِلَاف الْحَذف وَقَالَ أَبُو حنيفَة اخشى عَلَيْهِ
أمرا عَظِيما يَعْنِي الشّرك وَقَالَ مَالك ينْتَظر
لِأَنَّهُ يضر من خَلفه وَهُوَ قَول أبي حنيفَة
وَالشَّافِعِيّ وَقيل ينْتَظر مَا لم يشق عل أَصْحَابه
وَهُوَ قَول أَحْمد وَإِسْحَاق عَيْني ملتقطا
قَوْله
[992] يتمون الخ وَهَذَا يدل على كَثْرَة الْمَلَائِكَة
وَالْمعْنَى لَا يشرعون فِي الصَّفّ حَتَّى يكمل الَّذِي
قبله قَوْله ويتراصون أَي يتضامون ويتلاصقون حَتَّى يتَّصل
المناكب وَلَا يكون فُرْجَة من رص الْبناء لصلق بعضه
بِبَعْض قَالَ تَعَالَى إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون
فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص (مرقاة)
قَوْله
[993] من تَمام الصَّلَاة أَي من كَمَال الصَّلَاة أَو من
حسن تَمام الصَّلَاة وَلَا خَفَاء ان تَسْوِيَة الصَّفّ
لَيست من حَقِيقَة الصَّلَاة وَإِنَّمَا هِيَ من حسنها
وكمالها وان كَانَت هِيَ فِي نَفسهَا سنة أَو وَاجِبَة أَو
مُسْتَحبَّة على اخْتِلَاف الْأَقْوَال كَذَا فِي
الْعَيْنِيّ وَقَالَ تَسْوِيَة الصَّفّ من سنَن الصَّلَاة
عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَزعم بن حزم
أَنه فرض لِأَن إِقَامَة الصَّلَاة فرض فَمَا كَانَ من
الْفَرْض فَهُوَ فرض عَيْني
قَوْله
[994] أَو ليخالفن الله أَي يكون الْوَاقِع أحد الامرين
يُرِيد ان كلا مِنْهُم يصرف وَجهه عَن الاخر ويوقع بَينهم
التباغض فَإِن إقبال الْوَجْه على الْوَجْه من أثر
الْمَوَدَّة والالفة وَقيل أَرَادَ بهَا تحويلها الى
الادبار وَقيل تغير صُورَة الى صُورَة أُخْرَى كَذَا فِي
النِّهَايَة وَالْمجْمَع وَقَالَ المظهري أدب الظَّاهِر
عَلامَة أدب الْبَاطِن فَإِن لم يطيعوا أَمر الله
وَرَسُوله فِي الظَّاهِر يُؤَدِّي ذَلِك الى اخْتِلَاف
الْقُلُوب فيورث كدورة فيسري ذَلِك الى الظَّاهِر فَيَقَع
مِنْكُم عَدَاوَة بِحَيْثُ يعرض بَعْضكُم عَن بعض (مرقاة)
قَوْله
[998] لكَانَتْ قرعَة الخ مَنْصُوب أما بِنَزْع الْخَافِض
أَو على الخبرية لكَانَتْ وَاسم كَانَت مَحْذُوف
وَتَقْدِيره لكَانَتْ النجَاة من الْخُصُومَة فِي
التَّقْدِيم والزحمة فِيهِ بِقرْعَة يَعْنِي لَو يعلمُونَ
فَضِيلَة الصَّفّ الأول لازدحموا واختصموا فِي تَحْصِيله
فَلَا يحصل التَّقَدُّم الا بِسَبَب الْقرعَة (إنْجَاح)
قَوْله خير صُفُوف النِّسَاء آخرهَا لبعدهن من الرِّجَال
وشرها أَولهَا لقربهن من الرِّجَال وَقَالَ بن الْملك لَان
مرتبَة النِّسَاء مُتَأَخِّرَة عَن مرتبَة الذُّكُور
فَيكون آخر الصُّفُوف أليق بمرتبتهن وَقَالَ الطَّيِّبِيّ
الرِّجَال مأمورون بالتقدم فَمن كَانَ أَكثر تقدما فَهُوَ
أَشد تَعْظِيمًا لأمر الشَّرْع فَيحصل لَهُ من الْفَضِيلَة
مَالا يحصل لغيره وَأما النِّسَاء فمأمورات بالاحتجاب بل
بالتأخر أَيْضا للْخَبَر الْمَشْهُور أخروهن من حَيْثُ
أخرهن الله فهن لذَلِك شَرّ من اللَّاتِي يكن فِي الصَّفّ
الْأَخير وَالظَّاهِر أَن الصَّفّ الأول مَا لم يكن
مَسْبُوقا بصف آخر وَقَالَ بن حجر الصَّفّ الأول هُوَ
الَّذِي يَلِي الامام (مرقاة)
قَوْله
[1002] كُنَّا ننهى الخ لَعَلَّ سَبَب النَّهْي أَنه مُوجب
للفرقة وَالْجَمَاعَة سَبَب الجمعية وَهَذَا إِذا كَانَ
الْمَكَان وَاسِعًا وَأما إِذا ضَاقَ الْمَكَان وازدحم
النَّاس فَلَا بُد من الصُّفُوف بَين السَّوَارِي وَقَوله
نطرد عَنْهَا أَي نزجر بالعنف انجاح قَالَ التِّرْمِذِيّ
قد كره قوم من أهل الْعلم ان يصف بَين السَّوَارِي وَبِه
يَقُول أَحْمد وَإِسْحَاق وَرخّص قوم من أهل الْعلم فِي
ذَلِك قَالَ فِي الْعَيْنِيّ وَالْفَتْح إِذا كَانَ
مُنْفَردا لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ بَين الساريتين بِخِلَاف
الْجَمَاعَة لِأَن ذَلِك يقطع الصُّفُوف وتسوية الصُّفُوف
فِي الْجَمَاعَة مَطْلُوبَة
قَوْله
(1/70)
[1003] اسْتقْبل صَلَاتك أَي اسْتِحْبَابا
لارتكاب الْكَرَاهَة قَالَ الطَّيِّبِيّ إِنَّمَا أمره
بِإِعَادَة الصَّلَاة تَغْلِيظًا وتشديدا وَقَالَ القَاضِي
ذهب الْجُمْهُور الى أَن الِانْفِرَاد خلف الصَّفّ
مَكْرُوه غير مُبْطل قَالَ بن الْهمام رَوَاهُ بن حبَان
فِي صَحِيحه وَقَالَ بن حجر وَصَححهُ بن حبَان وَالْحَاكِم
ويوافق الْخَبَر الصَّحِيح أَيْضا لَا صَلَاة الَّذِي خلف
الصَّفّ وَمِنْهَا اخذ أَحْمد وَغَيره بطلَان صَلَاة
الْمُنْفَرد عَن الصَّفّ مَعَ إِمْكَان الدُّخُول فِيهِ
وَحمل أَئِمَّتنَا الأول على النّدب وَالثَّانِي على
الْكَمَال ليوافقا حَدِيث البُخَارِيّ عَن أبي بكرَة أَنه
دخل وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِع
فَرَكَعَ قبل ان يصل الى الصَّفّ فَذكر للنَّبِي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ زادك الله حرصا لَا تعد
أَي لَا تفعل ثَانِيًا وَلَو كَانَ الِانْفِرَاد مُفْسِدا
لم تكن صلَاته منعقدة لاقتران الْمُفْسد بتحريمها مَعَ ان
حَدِيث الْبَاب وان صَححهُ وَحسنه التِّرْمِذِيّ لَكِن
علله بن عبد الْبر بِأَنَّهُ مُضْطَرب وَضَعفه
الْبَيْهَقِيّ كَذَا فِي الْمرقاة وَأورد فِي
الظَّهِيرِيَّة وَلَو جَاءَ والصف مُتَّصِل انْتظر حَتَّى
يَجِيء الاخر فَإِن خَافَ فَوت الرَّكْعَة جذب وَاحِدًا من
الصَّفّ إِن علم أَنه لَا تؤذيه وان اقْتدى خلف الصُّفُوف
جَازَ كَمَا فِي حَدِيث أبي بكرَة أَنه قَامَ خلف الصَّفّ
فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا
أَبَا بكرَة زادك الله حرصا وَلَا تعد 12
[1007] من عمر ميسرَة الْمَسْجِد الخ لما بَين صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَة ترك النَّاس قيامهم
بالميسرة فتعطلت الميسرة فأعلمهم ان فَضِيلَة الميمنة إِذا
كَانَ الْقَوْم سَوَاء فِي جَانِبي الامام واما إِذا كَانَ
النَّاس فِي الميمنة أَكثر لَكَانَ لصَاحب الميسرة كفلان
من الْأجر وَالْحَاصِل أَنه يسْتَحبّ توَسط الامام
(إنْجَاح)
قَوْله
[1008] وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى وَهُوَ أَمر
اسْتِحْبَاب ومقام إِبْرَاهِيم الْحجر الَّذِي فِيهِ اثر
قَدَمَيْهِ أَو الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ حِين قَامَ
عَلَيْهِ ودعا النَّاس الى الْحَج أَو رفع بِنَاء الْبَيْت
وَهُوَ مَوْضِعه الْيَوْم وَقيل المُرَاد بِهِ الْأَمر
بركعتي الطّواف لما روى جَابر أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لما فرغ من طَوَافه عمد الى مقَام إِبْرَاهِيم
فصلى خَلفه رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأَ وَاتَّخذُوا من مقَام
إِبْرَاهِيم مصلى وَقيل مقَام إِبْرَاهِيم الْحرم كُله
وَقيل مَوَاقِف الْحَج قَالَه الْبَيْضَاوِيّ وَكَيْفِيَّة
الدّلَالَة على التَّرْجَمَة فعلى قَول من فسر مقَام
إِبْرَاهِيم الْكَعْبَة فَظَاهر وَأما على قَول من قَالَ
هُوَ الْحرم كُله فَيُقَال أَن من للتَّبْعِيض ومصلى أَي
قبْلَة أَو مَوضِع الصَّلَاة وَالْمرَاد من التَّرْجَمَة
مَا جَاءَ فِي الْقبْلَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا وَهَذَا
أظهر لِأَن الْمُتَبَادر الى الْفَهم من الْمقَام الْحجر
الَّذِي وقف عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم وموضعه مَشْهُور قَالَ
الْخطابِيّ سَأَلَ عمر رض رَسُول الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يَجْعَل ذَلِك الْحجر الَّذِي فِيهِ
أثر مقَامه بَين يَدي الْقبْلَة فَيقوم الامام عِنْده
فَنزلت الْآيَة كرماني
قَوْله
[1010] صلينَا أَي بِالْمَدِينَةِ وَاخْتلفُوا فِي
الْجِهَة الَّتِي كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مُتَوَجها إِلَيْهَا للصَّلَاة بِمَكَّة فَقَالَ
بن عَبَّاس وَغَيره كَانَ يُصَلِّي الى بَيت الْمُقَدّس
وَقَالَ آخَرُونَ الى الْكَعْبَة وَهُوَ ضَعِيف يلْزم
مِنْهُ النّسخ مرَّتَيْنِ وَالْأول أصح كَذَا فِي
التَّلْخِيص
قَوْله بعد دُخُوله الى الْمَدِينَة بشهرين هَذَا لَا
يُطَابق الرِّوَايَات الصَّحِيحَة الْوَارِدَة فِي أَن صرف
الْقبْلَة كَانَ فِي رَجَب وغزوة بدر فِي رَمَضَان
وَالظَّاهِر أَنه من وهم الروَاة والعبارة الصَّحِيحَة قبل
بدر بشهرين أَو بعد خُرُوجه من الْمَدِينَة نَحْو بدر
بشهرين وَالله سُبْحَانَهُ أعلم شمس الْعُلُوم مَوْلَانَا
الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس سرهم
قَوْله
[1011] مَا بَين الْمشرق الخ قَالَ فِي النِّهَايَة
أَرَادَ بِهِ الْمُسَافِر إِذا التبست عَلَيْهِ قبْلَة
وَأما الْحَاضِر فَيجب عَلَيْهِ التَّحَرِّي
وَالِاجْتِهَاد وَهَذَا إِنَّمَا يَصح لمن كَانَت
الْقبْلَة فِي جنوبه أَو فِي شِمَاله وَيجوز أَن يكون
أَرَادَ بِهِ قبْلَة أهل الْمَدِينَة ونواحيها فَإِن
الْكَعْبَة جنوبها (زجاجة)
قَوْله
[1012] فَلَا يجلس حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ قَالَ بن
بطال اتّفق أَئِمَّة الْفَتْوَى على أَنه مَحْمُول على
النّدب والارشاد مَعَ استحبابهم الرُّكُوع أَي الصَّلَاة
لكل من دخل الْمَسْجِد لما روى أَن كبار أَصْحَاب رَسُول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدْخلُونَ
الْمَسْجِد ثمَّ يخرجُون وَلَا يصلونَ وَأوجب أهل
الظَّاهِر على كل دَاخل فِي وَقت يجوز فِيهِ الصَّلَاة
وَقَالَ بَعضهم فِي كل وَقت كَذَا فِي الْكرْمَانِي قَالَ
بن حجر تعَارض الْأَمر بِالصَّلَاةِ للداخل بِحَدِيث
النَّهْي عَنْهَا فِي وَقت الطُّلُوع وَنَحْوه فَذهب
الشَّافِعِيَّة الى تَخْصِيص النَّهْي وَالْحَنَفِيَّة الى
عَكسه
قَوْله
[1015] فَلَا يؤذينا بهَا الخ قَالَ النَّوَوِيّ فَذهب بعض
الْعلمَاء الى أَن النَّهْي خَاص لمَسْجِد رَسُول الله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله مَسْجِدنَا
وَالْجُمْهُور على أَنه عَام لكل مَسْجِد لما ثَبت فِي بعض
الرِّوَايَات فَلَا يقربن الْمَسَاجِد ثمَّ قَالَ الثوم
وَنَحْوه من الْبُقُول حَلَال بِإِجْمَاع من يعْتد بِهِ
وَحكى تَحْرِيمهَا عَن أهل الظَّاهِر لِأَنَّهَا يمْنَع من
حُضُور الْجَمَاعَة وَهِي عِنْدهم فرض عين كرماني
قَوْله
[1016] فَلَا يَأْتِين الْمَسْجِد الْغَرَض مِنْهُ وَالله
أعلم ان اتيان الْمَسْجِد ضَرُورِيّ فَمن فعل شَيْئا يُوجب
حرمانه كَانَ مسيئا أَي لَا يَأْكُل من هَذِه الشَّجَرَة
فَيمْتَنع من دُخُول الْمَسْجِد وَأَشد مِنْهُ من
يسْتَعْمل التنباك شربا أَو سعوطا فَإِنَّهُ يتَأَذَّى
النَّاس بِهِ فدخول الْمَسْجِد بعد اسْتِعْمَال هَذَا أَشد
وَاغْلُظْ وَهَذَا الْأَمر يكثر وُقُوعه وَالنَّاس عَنهُ
غافلون وَمحل حلّه وحرمته كتب الْفِقْه (إنْجَاح)
قَوْله
(1/71)
[1017] كَانَ يُشِير بِيَدِهِ فِي شرح
السّنة أَكثر الْفُقَهَاء على أَنه لَا يرد بِلِسَانِهِ
وَلَو رد بطلت صلَاته وَيُشِير بِأُصْبُعِهِ وَيَده
وَقَالَ بن حجر انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَشَارَ بِيَدِهِ كَمَا صَححهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ
الْخطابِيّ رد السَّلَام بعد الْخُرُوج عَن الصَّلَاة سنة
وَقد رد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بن
مَسْعُود بعد الْفَرَاغ عَن الصَّلَاة وَبِه قَالَ أَحْمد
وَجَمَاعَة من التَّابِعين (مرقاة)
قَوْله لشغلا بِضَم الشين والغين وبسكون الْغَيْن والتنوين
فِيهِ للتنويع أَي نوعا من الشّغل لَا يَلِيق مَعَه
الِاشْتِغَال لغيره قَالَه الْكرْمَانِي وَيجوز أَن يكون
للتعظيم أَي شغلا عَظِيما وَهُوَ اشْتِغَال بِاللَّه
تَعَالَى دون غَيره فِي مثل هَذِه الْحَالة عَيْني
قَوْله واعلمنا بِصِيغَة الْمَجْهُول أَي من جِهَة
الْغَيْر فكأنهم تحروا أَولا ثمَّ سَأَلُوا عَن غَيرهم
فَأخْبرُوا أَو كَانَ الْأَمر على خلاف ذَلِك وَلِهَذَا
بَين بقوله فَلَمَّا طلعت الشَّمْس الحَدِيث وَيحْتَمل أَن
يكون بِصِيغَة الْمَعْلُوم بِمَعْنى جعلنَا عَلامَة للجهة
الَّتِي صلينَا إِلَيْهَا لتبين حَالهَا بعد الطُّلُوع
(إنْجَاح)
[1021] وَلَا عَن يَمِينك زَاد فِي رِوَايَة البُخَارِيّ
فَإِن عَن يَمِينه ملكا وَلَا بُد من وَجه يَقْتَضِي
الْمَنْع بِالْيَمِينِ لأجل الْملك إِذْ الْملك فِي يسَاره
أَيْضا وَذَلِكَ الْوَجْه هُوَ أَن يُقَال ان ملك الْيَمين
يكْتب حَسَنَات الْمُصَلِّي فِي حَالَة صلَاته وَلما
كَانَت الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء كَانَ ملك
الْيَسَار فَارغًا وَأحسن مَا قيل فِيهِ ان لكل أحد قرينا
أَي شَيْطَانا وموقعه يسَاره كَمَا ورد فِي حَدِيث أبي
امامة على مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فَإِنَّهُ يقوم بَين
يَدي الله وَملكه عَن يَمِينه وقرينه عَن يسَاره فَلَعَلَّ
الْمُصَلِّي إِذا تفل عَن يسَاره يَقع على قرينه وَهُوَ
الشَّيْطَان وَلَا يُصِيب الْملك كَذَا فِي الْخَيْر
الْجَارِي والعيني وَيُؤَيِّدهُ مَا ورد فِي دفع الحنزب
بالتفل على الْيَسَار
قَوْله
[1023] حَتَّى يَنْقَلِب أَي عَن الصَّلَاة أَو يحدث حدث
سوء أَي يفعل أمرا كَانَ منافيا لخشوع الصَّلَاة وحضورها
أَو المُرَاد من الْحَدث نَاقض الْوضُوء وَإِنَّمَا نسب
الى سوء لِأَن عروضه فِي الصَّلَاة يكون من الشَّيْطَان
غَالِبا وَالله اعْلَم (إنْجَاح)
قَوْله
[1026] ان كنت فَاعِلا فَمرَّة وَاحِدَة قَالَ النَّوَوِيّ
مَعْنَاهُ لَا تفعل وان فعلت فافعل وَاحِدَة لَا تزد
وَهَذَا نهى كَرَاهَة تَنْزِيه فِيهِ كَرَاهِيَة وَاتفقَ
الْعلمَاء على كَرَاهَة الْمسْح لِأَنَّهُ يُنَافِي
التَّوَاضُع وَلِأَنَّهُ يشغل الْمُصَلِّي قَالَ القَاضِي
وَكره السّلف مسح الْجَبْهَة فِي الصَّلَاة قبل
الِانْصِرَاف يَعْنِي من الْمَسْجِد مِمَّا يتَعَلَّق بهَا
من تُرَاب وَنَحْوه
قَوْله
[1027] فَإِن الرَّحْمَة تواجهه أَي تنزل عَلَيْهِ وَتقبل
اليه فَلَا يَلِيق لعاقل يلهي من شكر تِلْكَ النِّعْمَة
الخطيرة بِهَذِهِ الفعلة الحقيرة أَو لَا يَنْبَغِي فَوت
تِلْكَ النِّعْمَة أَو الرَّحْمَة بمزاولة هَذِه
الْغَفْلَة والذلة الاحالة الضَّرُورَة (مرقاة)
قَوْله
[1028] يُصَلِّي على الْخمْرَة قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ
مِقْدَار مَا يضع الرجل عَلَيْهِ وَجهه فِي سُجُوده من
حَصِير أَو نسيجة خوص وَنَحْوه من الثِّيَاب وَلَا يكون
خمرة الا فِي هَذَا الْمِقْدَار وَسميت خمرة لِأَن خيوطها
مستورة بسعفها وَقد جَاءَ مَا يدل على إِطْلَاق الْخمْرَة
على الْكَبِير من نوعها (زجاجة)
قَوْله
[1029] على حَصِير فِي الْفَائِق فِيهِ دَلِيل على جَوَاز
الصَّلَاة على شَيْء يحول بَينه وَبَين الأَرْض سَوَاء نبت
من الأَرْض أم لَا وَقَالَ القَاضِي عِيَاض الصَّلَاة على
الأَرْض أفضل الا لحَاجَة كحر أَو برد أَو نَجَاسَة انْتهى
قَوْله
[1033] بسط ثَوْبه يحْتَمل الثَّوْب الملبوس كالفاضل من
كمه أَو ذيله أوالثوب الَّذِي يقلعه من جِسْمه قَالَه
الْعَيْنِيّ وَالظَّاهِر الثِّيَاب الملبوسة فَالْحَدِيث
يدل على جَوَاز السَّجْدَة على ثوب الْمُصَلِّي كَمَا ذهب
اليه أَبُو حنيفَة فَهُوَ حجَّة على الشَّافِعِي فِي عدم
تجويزه السُّجُود على ثوب وَهُوَ لابسه وَأول الحَدِيث
بِأَن المُرَاد مِنْهَا الثَّوْب الْغَيْر الملبوس
قَوْله
[1034] والتصفيق للنِّسَاء لِأَن صوتهن عَورَة وَهُوَ
عِنْد الْفُقَهَاء ان تضرب الْمَرْأَة بطن كفها الْأَيْمن
على ظهر كَفه الْيُسْرَى وَالتَّسْبِيح هُوَ قَول
سُبْحَانَ الله كرماني
قَوْله
[1037] يُصَلِّي فِي نَعْلَيْه هَذَا إِذا كَانَا طاهرين
ويتمكن مَعَهُمَا من إتْمَام السُّجُود بِأَن يسْجد على
جَمِيع أَصَابِع رجلَيْهِ وَمَعَ ذَلِك الْأَدَب خلع
النَّعْلَيْنِ وَأما إِذا لم يكن طاهرين أَو لم يتَمَكَّن
من إتْمَام السُّجُود فخلعهما وَاجِب قَالَ الطَّيِّبِيّ
إِذا أصَاب الْخُف أَو النَّعْل وَنَحْوه من النَّجَاسَة
ان كَانَ لَهَا جرم فجف ومسحه بِالتُّرَابِ أَو بالرمل على
سَبِيل الْمُبَالغَة يطهر وَكَذَلِكَ بالحك وان لم يكن
لَهَا جرم كالبول وَالْخمر فَلَا بُد من الْغسْل
بالِاتِّفَاقِ رطبا كَانَ أَو يَابسا (مرقاة)
قَوْله من موطئ أَي مَا يُوطأ من الْأَذَى فِي الطَّرِيق
الوطاء الدوس بالقدم أَي لَا نعيد الْوضُوء من الْأَذَى بل
نغسل مَوضِع الوطئ من الْقدَم كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)
قَوْله
(1/72)
[1043] ان تلتمع أَي مَخَافَة الا تلتمع أبصاركم أَي تختلس
من التمع بِهِ إِذا اختلسه واختطف بِسُرْعَة كَذَا فِي
الْمجمع (إنْجَاح)
[1044] أَو ليخطفن الله أَي ليسلبن الله أَبْصَارهم ان لم
ينْتَهوا عَن ذَلِك قَالَ الطَّيِّبِيّ أَو هَهُنَا
للتَّخْيِير تهديدا أَي ليَكُون أحد الامرين كَقَوْلِه
تَعَالَى لنخرجنك يَا شُعَيْب وَالَّذين آمنُوا مَعَك من
قريتنا أَو لتعودن فِي ملتنا وَفِي الْمشكاة بِرِوَايَة
مُسلم لينتهين أَقوام عَن رفعهم أَبْصَارهم عِنْد
الدُّعَاء فِي الصَّلَاة الى السَّمَاء أَي خُصُوصا عِنْد
الدُّعَاء لإيهام ان الْمَدْعُو فِي الْجِهَة الْعليا مَعَ
تعاليه عَن الْجِهَات كلهَا والا فَرفع الابصار مُطلقًا
فِي الصَّلَاة مَكْرُوه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض اخْتلفُوا
فِي كَرَاهَة رفع الْبَصَر الى السَّمَاء فِي الدُّعَاء
فِي غير الصَّلَاة فكره القَاضِي شُرَيْح وَآخَرُونَ
وَجوزهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَن السَّمَاء قبْلَة الدُّعَاء
كَمَا ان الْكَعْبَة قبْلَة الصَّلَاة فَلَا يكره رفع
الْبَصَر اليه كَمَا لَا يكره رفع الْيَد فِي الدُّعَاء
انْتهى وَصَحَّ أَيْضا أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يرفع بَصَره الى السَّمَاء فَلَمَّا نزل
الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون طأطأ رَأسه (مرقاة)
قَوْله اوكلكم يجد ثَوْبَيْنِ هُوَ بِهَمْزَة
الِاسْتِفْهَام فَإِن قلت مَا الْمَعْطُوف عَلَيْهِ
بِالْوَاو قلت مُقَدّر أَي أَنْت سَائل عَن مثل هَذَا
الْكَلَام وَمَعْنَاهُ لَا سُؤال عَن مثل هَذَا الظَّاهِر
ولاثوبين لكلكم إِذْ الِاسْتِفْهَام للانكار كَذَا فِي
الْكرْمَانِي وَفِي الْخَيْر الْجَارِي وَيُسْتَفَاد
مِنْهُ الحكم بِجَوَاز الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد وَهُوَ
مَذْهَب الْجُمْهُور من الْعلمَاء انْتهى قَالَ
الْعَيْنِيّ كل مَا روى من منع الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد
فَهُوَ مَحْمُول على الْأَفْضَل لَا على عدم الْجَوَاز
وَقيل هُوَ مَحْمُول عَليّ التَّنْزِيه
قَوْله متوشحا التوشح ان يَأْخُذ طرف ثوب أَلْقَاهُ على
مَنْكِبه الْأَيْمن من تَحت يَده الْيُسْرَى وَيَأْخُذ
طرفه الَّذِي أَلْقَاهُ على الْأَيْسَر تَحت يَده
الْيُمْنَى ثمَّ يعقدها على صَدره والمخالفة بَين
طَرفَيْهِ والاشتمال بِالثَّوْبِ بِمَعْنى التوشح مجمع
قَوْله على عَاتِقيهِ العاتق مَا بَين الْمنْكب الى أصل
الْعُنُق وَالْحكمَة فِي ذَلِك ان لَا يخلوا العاتق من
شَيْء لِأَنَّهُ أقرب الى الْأَدَب وأنسب الى الْحيَاء من
الرب وأكمل فِي أَخذ الزِّينَة وَالله أعلم قَالَ
النَّوَوِيّ قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ
وَالْجُمْهُور هَذَا الْأَمر للنَّدْب لَا للْوُجُوب وَلَو
صلى فِي ثوب وَاحِد سَاتِر عَوْرَته لَيْسَ على عَاتِقه
شَيْء صحت صلَاته مَعَ الْكَرَاهَة وَأما أَحْمد وَبَعض
السّلف فَذَهَبُوا الى أَنه لَا يَصح صلَاته عملا بِظَاهِر
الحَدِيث (مرقاة) |