شرح سنن ابن
ماجه للسيوطي وغيره قَوْله
بَاب الْقسَامَة هُوَ اسْم بِمَعْنى الْقسم وَقيل مصدر
يُقَال قسم يقسم قسَامَة إِذا حلف وَقد يُطلق على
الْجَمَاعَة الَّذين يقسمون قَالَ فِي النِّهَايَة فَأَما
تَفْسِيرهَا شرعا فَمَا روى أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة
انه قَالَ فِي الْقَتِيل يُوجد فِي الْمحلة أَو فِي دَار
رجل من الْمصر ان كَانَ بِهِ جِرَاحَة أَو اثر ضرب أَو اثر
خنق وَلَا يعْمل من قَتله يقسم خَمْسُونَ رجلا من أهل
الْمحلة كلهم مِنْهُم بِاللَّه مَا قتلته وَلَا عملت لَهُ
قَاتلا انْتهى قَالَ القَاضِي حَدِيث الْقسَامَة أصل من
أصُول الشَّرْع وَقَاعِدَة من قَوَاعِد الاحكام وركن من
أَرْكَان مصَالح الْعباد وَبِه اخذ الْعلمَاء كَافَّة من
الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ من عُلَمَاء
الْأَمْصَار والحجازبين والشاميين والكوفيين وان اخْتلفُوا
فِي كَيْفيَّة الاخذ بِهِ وروى عَن جمَاعَة ابطال
الْقسَامَة وانه لَا حكم لَهَا وَلَا عمل بهَا وَمِمَّنْ
قَالَ بِهَذَا سَالم بن عبد الله وَقَتَادَة وَابْن علية
وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهم وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز
رِوَايَتَانِ وَاخْتلف الْقَائِلُونَ بهَا فِيمَا إِذا
كَانَ الْقَتْل عمدا هَل تجب الْقصاص بهَا فَقَالَ مَالك
وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَهُوَ قَول
الزُّهْرِيّ وَغَيره وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي
الْقَدِيم وروى عَن بن الزبير وَعمر بن عبد الْعَزِيز
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري
وَالشَّافِعِيّ فِي أصح قوليه وَغَيرهم لَا يجب بهَا
الْقصاص وَإِنَّمَا تجب الدِّيَة وَهُوَ مَرْوِيّ عَن
الْحسن الْبَصْرِيّ وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وروى أَيْضا
عَن أبي بكر وَعمر وَابْن عَبَّاس وَمُعَاوِيَة
وَاخْتلفُوا فِيمَن يحلف فِي الْقسَامَة فَقَالَ مَالك
وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَغَيرهم يحلف الْأَوْلِيَاء وَيجب
الْحق بحلفهم خمسين يَمِينا فَإِن نكلوا ردَّتْ على أهل
الْمحلة انْتهى أَقُول وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري
وَغَيرهمَا يحلف أهل الْمحلة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام
الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من انكر
وَبِمَا روى عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَغَيرهمَا
عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب ان النَّبِي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ باليهود فِي الْقسَامَة
وَجعل الدِّيَة عَلَيْهِم لوُجُود الْقَتِيل بَين اظهرهم
(فَخر)
قَوْله
[2677] وَألقى فِي فَقير هُوَ بِتَقْدِيم الْفَاء على
الْقَاف على وزن كَبِير بير يغْرس من فِيهَا وَجمعه فقر
بِضَمَّتَيْنِ أَي الحفرة الَّتِي حول النَّخْلَة تحفر
لتسقى النّخل وَقَوله تحلفون وتستحقون دم صَاحبكُم وَفِي
رِوَايَة استحقوا قتيلكم بِصِيغَة الْأَمر لههنا اشكالان
أَحدهمَا انه كَيفَ أَمر بِتَقْدِيم الْأَكْبَر مَعَ ان
الْمُدَّعِي كَانَ هُوَ الْأَصْغَر اعني عبد الرَّحْمَن
وَثَانِيهمَا انه كَيفَ عرضت الْيَمين على الثَّلَاثَة
وَالْوَارِث ولي الْمَقْتُول هُوَ عبد الرَّحْمَن خَاصَّة
أُجِيب عَن الأولى بِأَن المُرَاد كَانَ سَماع صُورَة
الْقَضِيَّة فَإِذا أُرِيد حَقِيقَة الدَّعْوَى تكلم
الْمُدَّعِي وَبِأَنَّهُ يحْتَمل ان عبد الرَّحْمَن وكل
حويصة وَهُوَ الْأَكْبَر وَعَن الثَّانِي بِأَنَّهُ اورد
لفظ الْجمع لعدم الالتباس وَالْخطاب لعبد الرَّحْمَن
مُنْفَرد أَو قَوْله فوداه أَي اعطاهم الدِّيَة من عِنْده
لدفع الْفِتْنَة إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله
[2680] قَالَ يَقُول أَرَأَيْت ان استرقني مولائي أَي
قَالَ الرَّاوِي فِي تَفْسِير قَوْله على من نصرتي يَقُول
أَي يعرض وَيُرِيد ذَلِك العَبْد الْمَجْبُوب ان لم ينفذ
مولائي عتقك اياي بل يَجْعَلنِي رَقِيقا لَهُ فَمن ينصرني
إِذا فَأجَاب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرك كل
مُؤمن (إنْجَاح)
قَوْله
[2681] ان من اعْفُ النَّاس الخ الْعَفِيف الْكَاف عَمَّا
لَا يحل وَلَا يحمل والقتلة بِالْكَسْرِ الْحَالة وبالفتح
الْمرة وَهُوَ عَام الْقَتْل قصاصا أَو حدا أَو ذَبِيحَة
كَذَا فِي الْمجمع فاهل الْإِيمَان إِذا قتلوا فِي المعارك
والغزوات وبطريق الْحَد وَالْقصاص أَو ذَبَحُوا ذَبِيحَة
وَغَيرهَا كفوا فِي كل ذَلِك عَمَّا لَا يحل وَلَا يجمل
فِي حَقهم فَكَانَ ذَلِك مرضيا عِنْد الله تَعَالَى
ومستحسنا فَكَانَ هَذَا الْقَتْل سَببا لرضاء الله
تَعَالَى فَكَانَ هَذَا الْقَاتِل اعْفُ النَّاس عَمَّا
لَا يحل وَلَا يجمل لَهُ كَمَا قيل اكرخول بفتوى بريزي
رداست وَالله اعْلَم قَوْله
(1/192)
[2683] الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ
دِمَاؤُهُمْ أَي تتساوى فِي الْقصاص والديات قَوْله وهم
يَد على من سواهُم أَي هم مجتمعون على اعدائهم لَا يسعهم
التخاذل بل يعاون بَعضهم بَعْضًا على جَمِيع الْأَدْيَان
والملل كَأَنَّهُ جعل أَيْديهم يدا وَاحِدَة وفعلهم فعلا
وَاحِدًا قَوْله يسْعَى بذمهم ادناهم أَي إِذا أعْطى أحدا
لجيش الْعَدو امانا جَازَ ذَلِك على الْمُسلمين وَلَيْسَ
لَهُم ان يخفروه وَلَا ان ينقضوا عَلَيْهِ عَهده قَوْله
وَلَا يرد عَلَيْهِم اقصاهم أَي ابعدهم وَذَلِكَ فِي
الْغَزْو أَي إِذا دخل الْعَسْكَر ارْض الْحَرْب فَوجه
الامام مِنْهُ السَّرَايَا فَمَا غنمت من شَيْء أخذت
مِنْهُ مَا سمى لَهَا ورد مَا بَقِي على الْعَسْكَر لأَنهم
وان لم يشْهدُوا الْغَنِيمَة لكِنهمْ ردع السَّرَايَا
وَظهر يرجعُونَ إِلَيْهِم (زجاجة)
قَوْله الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ أَي تتساوى وهم يَد أَي
كَأَنَّهُمْ يَد وَاحِد فِي التعاون والتناصر فِيمَا
بَينهم وَفِي الحَدِيث الَّاتِي فِي آخر الْبَاب وَيُجِير
على الْمُسلمين ادناهم الاجارة الْأمان أَي يتكفل مِنْهُم
ادناهم الْأمان مثلا الْمَرْأَة إِذا امنت كَافِرًا دخل
فِي الْأمان فَلَا يسع لَاحَدَّ من الْمُسلمين التَّعَرُّض
لَهُ بِالْقَتْلِ وَغَيره (إنْجَاح الْحَاجة)
[2687] من مسيرَة سبعين عَاما لَا يُعَارض هَذَا مَا فِي
الحَدِيث الَّذِي قبله من مسيرَة أَرْبَعِينَ لِأَن
الْعدَد لَا مَفْهُوم لَهُ بل يُرَاد بِهِ الْكَثْرَة
بطرِيق الْمجَاز وَعدم وجدان الرّيح كِنَايَة عَن عدم
دُخُول الْجنَّة ان كَانَ مستحلا فَهُوَ على ظَاهره والا
فَالْمُرَاد بِهِ الدُّخُول الأولى اوب طَرِيق التهديد
(إنْجَاح)
قَوْله
[2688] لمشيت فِيمَا بَين رَأس الْمُخْتَار وَجَسَده
كِنَايَة عَن قَتله وَالْمُخْتَار هُوَ بن أبي عبيد
الَّذِي قتل عبيد الله بن زِيَاد والى الْكُوفَة زاعما انه
اخذ بثار الْحُسَيْن بن عَليّ ثمَّ استولى على الْكُوفَة
وَادّعى النُّبُوَّة كَمَا نبه عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَة
الْآتِيَة صَرِيحًا بقوله قَامَ جِبْرَائِيل من عِنْدِي
السَّاعَة واليه الْإِشَارَة فِي قَوْله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَقِيف كَذَّاب ومبير وَقَالَ عبد
الله بن عصمَة يُقَال الْكذَّاب هُوَ الْمُخْتَار بن أبي
عبيد والمبير هُوَ الْحجَّاج بن يُوسُف وَقَالَ هِشَام بن
حسان احصوا من قَتلهمْ الْحجَّاج صبرا فَبلغ مائَة الف
وَعشْرين الْفَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وروى مُسلم فِي
الصَّحِيح عَن أَسمَاء بنت أبي بكر انها قَالَت لحجاج حِين
قتل ابْنهَا عبد الله بن الزبير ان رَسُول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدثنَا ان فِي ثَقِيف كذابا
ومبيرا فَأَما الْكذَّاب فرأيناه وَأما المبير فَلَا اخالك
الا إِيَّاه وَكَأن ثقيفا قيل كَانَ يبغض عليا قَتله معصب
بن الزبير فِي خلَافَة أَخِيه عبد الله بن الزبير
(إنْجَاح)
قَوْله من أَمن رجلا الخ لَعَلَّهُم آمنُوا الْمُخْتَار
حِين اخذ بثأر الْحُسَيْن لِأَن الْمُسلمين فرححوا بذلك
فَرحا شَدِيدا فَلَمَّا بلغ حَده الى حدا الارتداد نقموا
عَلَيْهِ وقتلوه أَو الْأمان كَانَ عَن جمَاعَة وَالْقَتْل
عَن جمَاعَة أُخْرَى وهم مُصعب بن الزبير وَأَصْحَابه
(إنْجَاح)
قَوْله
[2690] وَكَانَ مكتوفا بنسعة أَي مشدودا يَدَاهُ من خلف
بنسعة هِيَ الْكسر قِطْعَة سيرتنسج عريضا على هَيْئَة اعنة
النِّعَال يشد بِهِ الرِّجَال (إنْجَاح)
قَوْله
[2691] فاقتله فَإنَّك مثله أَي فِي نفس الْقَتْل لافي
الْجِنَايَة فَإِن جَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا
وَإِمَّا عرض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِهَذَا القَوْل لكَي يعْفُو عَنهُ فَكَانَ ذَلِك
التَّعْرِيض للْمصْلحَة وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ ان يعْفُو
عَنهُ لقَوْل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اعْفُ فَإِن اطاعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا
تَخْلُو عَن الْمصلحَة الدِّينِيَّة أَو الدُّنْيَوِيَّة
وَإِنَّمَا ورد موعدا للوعيد لعدم امتثاله امْرَهْ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا التَّأْوِيل الثَّانِي
يُؤَيّدهُ قَوْله عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم فَلَيْسَ
لَاحَدَّ بعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الخ إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله فاقتله فَإنَّك مثله قَالَ النَّوَوِيّ الصَّحِيح
فِي تَأْوِيله انه مثله فِي انه لَا فضل وَلَا منَّة
لأَحَدهمَا على الاخر لِأَنَّهُ استوفى حَقه مِنْهُ
بِخِلَاف مالو عفى عَنهُ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ الْفضل
والْمنَّة وجزيل ثَوَاب الْآخِرَة وَجَمِيل الثَّنَاء فِي
الدُّنْيَا وَقيل فَهُوَ مثله فِي انه قَاتل وان اخْتلفَا
فِي التَّحْرِيم والاباحة لكنهما اسْتَويَا فِي طاعتهما
الْغَضَب ومتابعة الْهوى لَا سِيمَا وَقد طلب النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ الْعَفو انْتهى
قَوْله فَإنَّك مثله قَالَ فِي النِّهَايَة فِي رِوَايَة
أبي هُرَيْرَة ان الرجل قَالَ وَالله مَا أردْت قَتله
فَمَعْنَاه انه قد ثَبت قَتله إِيَّاه وانه ظَالِم لَهُ
فَإِن صدق هُوَ فِي قَوْله انه لم يرد قَتله ثمَّ قَتله
قصاصا كنت ظَالِما مثله لِأَنَّهُ قد يكون الْقَتْل خطأ
(زجاجة)
قَوْله
[2696] أَبُو بكر كَانَ يتأمر الخ الظَّاهِر ان هَذَا
الْكَلَام من الْهُذيْل بن شُرَحْبِيل على سَبِيل
الِاسْتِفْهَام للانكار وحرف الِاسْتِفْهَام مُقَدّر
يُرِيد إِنْكَار ان يكون من جَانِبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَصِيّا بالخلافة أحدا بعده وَيكون أَبُو بكر
رَضِي الله عَنهُ بِذَاتِهِ أَمِيرا ويتركه أَي لَيْسَ
شَأْن أبي بكر ان يصير أَمِيرا على من كَانَ وَصِيّا
بالخلافة لِأَنَّهُ رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَ محبا
للخلافة وحريصا على الامارة بل كَانَ متنفرا عَنْهَا
وكارها لَهَا وَيرد ان يثبت أَمر الْخلَافَة لغيره فيتبعه
هُوَ بِنَفسِهِ وَلذَا رد الْأَمر يَوْم السَّقِيفَة على
عمر بن الْخطاب وَأبي عُبَيْدَة بن الْجراح وَقَالَ
بَايعُوا أَيهمَا شِئْتُم فَلَمَّا لم يجد بدا من
الْخلَافَة تَأمر بالثقالة والكلفة لِأَن عمر رَضِي لم يرض
وَأخذ بِيَدِهِ لِلْبيعَةِ (إنْجَاح)
قَوْله فخزم أَنفه بخزام قَالَ فِي النِّهَايَة مَعْنَاهُ
لَو كَانَ على معهودا عَلَيْهِ بالخلافة لَكَانَ فِي أبي
بكر من الطَّاعَة والانقياد اليه مَا يكون فِي الْجمل
الذَّلِيل المنقاد بحزامته وَهِي بمعجمتين حَبل فِي انف
الْبَعِير (إنْجَاح)
قَوْله مَا حق امرء مُسلم مَا بِمَعْنى لَيْسَ وَقَوله
(1/193)
[2699] ان يبيت لَيْلَتَيْنِ صفة ثَانِيَة
لامرئ ويوصي فِيهِ صفة لشَيْء والمستثنى خبر وَقيد
لَيْلَتَيْنِ تَأْكِيد وَلَيْسَ بتحديد يَعْنِي لَا
يَنْبَغِي لَهُ ان يمْضِي عَلَيْهِ زمَان وان كَانَ
قَلِيلا والا وَصيته مَكْتُوبَة فِيهِ حث على الْوَصِيَّة
وَمذهب الْجُمْهُور انها مَنْدُوبَة وَقَالَ الشَّافِعِي
مَا الحزم وَالِاحْتِيَاط لمُسلم الا ان يكون وَصيته
مَكْتُوبَة عِنْده وَقَالَ دَاوُد وَغَيره من أهل
الظَّاهِر هِيَ وَاجِبَة لهَذَا الحَدِيث ولادلالة لَهُم
فِيهِ على الْوُجُوب لَكِن ان كَانَ على الْإِنْسَان دين
أَو وَدِيعَة لزمَه الايصاء بذلك وَيسْتَحب تَعْجِيلهَا
وان يَكْتُبهَا فِي صحيفَة وَيشْهد عَلَيْهِ فِيهَا وان
تجدّد لَهُ أَمر يحْتَاج الى الْوَصِيَّة بِهِ الْحَقْهُ
بهَا طيبي
[2700] المحروم من حرم وَصيته أَي المحروم عَن الْخَيْر
أَو الطَّرِيقَة المرضية السّنيَّة من حرم وَصيته اما
بِتَرْكِهَا مُطلقًا فعلى هَذَا كَانَ الحَدِيث يُوجب
الْوَصِيَّة لَكِن نسخ بِآيَة الْمِيرَاث أَو لمن كَانَ
على ذمَّته حُقُوق النَّاس فَغَفَلَ عَن الْوَصِيَّة
وَمَات وأبطل الْحُقُوق وَصَارَ على غير سَبِيل وَسنة أَو
المُرَاد من حرم الْوَصِيَّة عَن الطَّرِيقَة المرضية
بِحَيْثُ اضر فِي الْوَصِيَّة بِأَن اوصى أَكثر من ثلث
مَاله أَو اوصى لبَعض ورثته فَإِنَّهُ لَا وَصِيَّة لوَارث
(إنْجَاح)
قَوْله
[2706] فَقَالَ نعم وَأَبِيك لتنبأن أَي لتخبرن وَمَا بعده
جَوَاب عَن سُؤَاله بِأَن أَحَق النَّاس مِنْك بِحسن صحبتك
أمك فَإِن قيل هَذَا الحَدِيث مُخَالف لحَدِيث
الشَّيْخَيْنِ عَن بن عمر ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ان الله تَعَالَى يَنْهَاكُم ان
تحلفُوا بابائكم من كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو
ليصمت وَقد جَاءَ عَن بن عَبَّاس لِأَن احْلِف بِاللَّه
تَعَالَى مائَة مرّة فآثم خير من ان احْلِف لغيره فأبر
كَذَا فِي الْمرقاة وَالْجَوَاب ان هَذِه الْكَلِمَة تجرى
على اللِّسَان لَا يقْصد بهَا الْيَمين بل هُوَ من جملَة
مَا يُزَاد فِي الْكَلَام لمُجَرّد تَقْرِير التَّأْكِيد
وَلَا يُرَاد بِهِ الْقسم كَمَا يُزَاد صِيغَة النداء
لمُجَرّد الِاخْتِصَاص دون الْقَصْد الى النداء كَذَا ذكره
القَاضِي والا ظهر ان هَذَا وَقع قبل وُرُود النَّهْي أَو
بعده لبَيَان الْجَوَاز ليدل على ان النَّهْي لَيْسَ
للتَّحْرِيم ذكره على الْقَارِي قلت يرد هَذَا التَّأْوِيل
حَدِيث التِّرْمِذِيّ من حلف بِغَيْر الله فقد اشرك قَالَ
السَّيِّد فَكَأَنَّهُ اشرك اشراكا جليا فَيكون زجر
الْمُبَالغَة فَهَذَا الْمُبَالغَة لَا تكون الا
بِالتَّحْرِيمِ فَكَانَ التَّأْوِيل بِعَدَمِ الْقَصْد
بَان جرى على اللِّسَان بِلَا إِرَادَة أولى وَالله اعْلَم
إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله ثمَّ أمك الخ اسْتدلَّ بِهِ من قَالَ للام ثَلَاثَة
أَمْثَال مَا للْأَب من الْبرد ذَلِك لصعوبة الْحمل ثمَّ
الْوَضع ثمَّ الرَّضَاع وَهَذِه تنفرد بهَا الام ثمَّ
تشارك الْأَب بالتربية كَذَا ذكر السُّيُوطِيّ اخذ ذَلِك
من تكْرَار حق الام ثَلَاث مَرَّات وَالظَّاهِر ان يكون
تَأْكِيد اومبالغة لرعاية حق الام وَذَلِكَ لتهاون أَكثر
النَّاس فِي حَقّهَا بِالنِّسْبَةِ الى الْأَب
وَالْمَذْكُور فِي كتب الْفِقْه ان حق الْوَالِد أعظم من
حق الوالدة وبرها أوجب كَذَا فِي شرعة الْإِسْلَام ذكر
الشَّيْخ فِي اللمعات
قَوْله وَهُوَ لَهُم أَي للْوَرَثَة فَلَا ينفعك
الْوَصِيَّة لَهُم فَإِن لَهُم وان كرهت وَلَا لغَيرهم فِي
هَذَا الزَّمَان الا فِي الثُّلُث (إنْجَاح)
قَوْله
[2707] اني يعجزني أَي كَيفَ يعجزني وَأَشَارَ بِمثل هَذِه
الى نُطْفَة المنى فَإِنَّهَا تشبه البزاق إنْجَاح
الْحَاجة لمولانا الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ كَأَن الله لَهُ
قَوْله
[2708] وَلَيْسَ يَرِثنِي يَعْنِي لَيْسَ لي وَارِث من
أَصْحَاب الْفَرَائِض الا ابْنَتي أَو مِمَّن أَخَاف
عَلَيْهِ الضّيَاع الا ابْنَتي بِقَرِينَة ان تذر وَرثتك
وَلَيْسَ المُرَاد انه لَا وَارِث لَهُ غير ابْنَته بل
كَانَ لَهُ عصبَة كَثِيرَة قَوْله وان تذر مُبْتَدأ
بِتَأْوِيل الْمصدر وَخير خَبره وَقيل يجوز ان يكون ان
شَرْطِيَّة وَخير جزاءه بِحَذْف الْمُبْتَدَأ وَالْفَاء
لَكِن قد حكم النُّحَاة بِعَدَمِ جَوَاز حذف الْفَاء عَن
الْجَزَاء إِذا كَانَ جملَة اسمية وَلَا الْتِفَات الى
قَوْلهم بعد ان صحت الرِّوَايَة بل يصير حجَّة عَلَيْهِم
وَقد جَاءَ فِي كَلَامهم أَيْضا وَلَيْسَ ذَلِك بضرورة
الشّعْر بل جَاءَ فِي السعَة على قلَّة قَوْله
يَتَكَفَّفُونَ تكفف السَّائِل واستكف طلب بكفه كَذَا فِي
الْقَامُوس وَفِي النِّهَايَة استكف وتكفف مد كَفه للسوال
أَو سَأَلَ كفا كفا من الطَّعَام وَمَا يكف الْجُوع طيبي
ولمعات
قَوْله
[2709] زِيَادَة لكم فِي أَعمالكُم بِأَن خيروا وتصدقوا من
الثُّلُث ان فاتكم ذَلِك فِي صحتكم وهذاتكرم من الله
تَعَالَى حَيْثُ إجَازَة والا فَحق الْوَرَثَة تعلق بِهِ
أَيْضا (إنْجَاح)
قَوْله
[2710] لم تكن لَك وَاحِدَة مِنْهُمَا أَي لَا حق لَك فِي
وَاحِدَة مِنْهُمَا الا اني ترحمت عَلَيْك فأجزت لَك
التَّصَدُّق بِثلث مَعَ اقْتِضَاء الْمَانِع وَهُوَ
اسْتِحْقَاق الْوَرَثَة والكظم بِالتَّحْرِيكِ مخرج
النَّفس من الْحلق وَالْمرَاد بِهِ امارة الْمَوْت قَوْله
وَصَلَاة عبَادي عَلَيْك أَي اسْتِغْفَار الْمُؤمنِينَ لَك
بِأَن أمرت عبَادي بَان يَقُولُوا رَبنَا اغْفِر لنا
ولاخواننا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان وَورد أَن دُعَاء
الاحياء للأموات يصل إِلَيْهِم كأمثال الْجبَال (إنْجَاح)
قَوْله
(1/194)
[2712] لتقصع بجرتها فِي الْقَامُوس قصع كمنع ابتلع جرع
المَاء والناقة بجرتها ردتها الى جوفها أَو مضغتها أَو
هُوَ بعد الدسع وَقبل المضغ وَهُوَ ان تملأ بهَا فَاه أَو
شدَّة المضغ انْتهى وَفِي الْمجمع الجرة هِيَ مَا يُخرجهُ
الْبَعِير من بَطْنه ليمضغه ويبتلع اجتر الْبَعِير يجتر
(إنْجَاح)
قَوْله لتقصع بجرتها أَرَادَ شدَّة المضغ وَضم بعض
الْأَسْنَان على الْبَعْض وَقيل قصع الجرة خُرُوجهَا من
الْجوف الى الشدق ومتابعة بَعْضهَا بَعْضًا وَإِنَّمَا
تفعل النَّاقة ذَلِك إِذا كَانَت مطمئنة وَإِذا خَافت
شَيْئا لم تخرجها مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله فَلَا يجوز لوَارث كَانَت الْوَصِيَّة للأقارب فرض
قبل نزُول اية الْمِيرَاث لقَوْله تَعَالَى كتب عَلَيْكُم
إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت ان ترك خير الْوَصِيَّة
للْوَالِدين والاقربين فَلَمَّا نزلت اية الْمَوَارِيث
نسخت الْوَصِيَّة لمعات
قَوْله الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر أَي الزَّانِي من
عهر عهرا أَو عهورا إِذا اتى الْمَرْأَة لَيْلًا للفجور
ثمَّ غلب على الزِّنَا مُطلقًا يَعْنِي لَا حَظّ للزاني
فِي الْوَلَد وَإِنَّمَا هُوَ لصَاحب الْفراش أَي لصَاحب
أم وَهُوَ زَوجهَا أَو مَوْلَاهَا كَقَوْلِه الاخر لَهُ
التُّرَاب أَي لَا شَيْء لَهُ وَقيل هُوَ الرَّجْم وَضعف
بِأَنَّهُ لَيْسَ كل زَان مرجوما وَلِأَنَّهُ لَا يلْزم من
رجمه نفي الْوَلَد فَالْمَعْنى لَهُ الخيبة لَا النّسَب
قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي الْوَلَد مَنْسُوب لصَاحب الْفراش
أَي الْمَرْأَة لِأَنَّهُ يفترشها الزَّوْج والصاحب
السَّيِّد أَو الزَّوْج أَو الواطي بِشُبْهَة
[2715] وَأَنْتُم تقرؤنها الخ يَعْنِي قد قدمت الْوَصِيَّة
فِي هَذِه الْآيَة على الدّين مَعَ ان النَّبِي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بِالدّينِ قبل الْوَصِيَّة
فَلَا تظنوا الْمُخَالفَة بَين الْآيَة وَفعله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واعلمو ان الدّين مقدم فِي الحكم
وان كَانَ مُؤَخرا فِي الذّكر وتأخيره فِي الذّكر إِنَّمَا
هُوَ للاعتناء بشأن الْوَصِيَّة لكَونهَا شاقة على نفوس
الْوَرَثَة قَوْله وان أَعْيَان بِفَتْح الْهمزَة
بِتَقْدِير الْجَار عطف على قَوْله بِالدّينِ أَي وَقضى
بِأَن أَعْيَان الخ وَقَوله دون بنى العلات يَعْنِي ان
أَعْيَان بني الام يَعْنِي الاخوة لأَب وَأم إِذا
اجْتَمعُوا مَعَ بني العلات يَعْنِي الاخوة لأَب فالميراث
للاخوة من اب وَأم وهم مقدمون على الاخوة لأَب لقُوَّة
الْقَرَابَة فَلَا يوهمكم ذكر الاخوة فِي الْقُرْآن
التَّسْوِيَة لمعات
قَوْله
[2717] ان أُمِّي افتلتت من الفلت وَهِي المفاجاة والفجاءة
من غير تردد وتدبر وافتتلت على بِنَاء الْمَجْهُول مَاتَت
فجاءة (إنْجَاح)
قَوْله
[2718] وَلَا تَقِيّ مَالك بِمَالِه أَي لَا تجْعَل مَاله
وقاية لمَالِك فترته على وَجهه وتتصرف فِي مَال الْيَتِيم
فقسم الْأَمر بَين الْغَنِيّ وَالْفَقِير فالغني يستعفف
عَن اكله وَالْفَقِير يَأْكُل قوتا مُقَدرا محتاطا فِي
اكله عَن إِبْرَاهِيم مَا سد الْجُوع ووارى الْعَوْرَة
كَذَا فِي المدارك (إنْجَاح)
قَوْله
[2719] فَإِنَّهُ نصف الْعلم قَالَ السُّبْكِيّ فِي شرح
الْمِنْهَاج قيل جعلت نصف الْعلم تَعْظِيمًا لَهُ وَقيل
لِأَنَّهُ مُعظم احكام الْأَمْوَات فِي مُقَابلَة احكام
الاحياء وَقيل لِأَنَّهُ إِذا بسطت فروعه وجزئياته كَانَ
مِقْدَار بَقِيَّة أَبْوَاب الْفِقْه قيل هَذَا الحَدِيث
من الْمُتَشَابه لَا يدرى مَعْنَاهُ كَمَا قيل بذلك فِي
حَدِيث قل هُوَ الله أحد ثلث الْقُرْآن وَقل يَا أَيهَا
الْكَافِرُونَ ربع الْقُرْآن (زجاجة) |