شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره

قَوْله
بَاب من شرب الْخمر مرَارًا قَالَ النَّوَوِيّ وَأما الْخمر فقد اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على تَحْرِيم شرب الْخمر واجمعوا على وجوب الْحَد على شاربها سَوَاء شرب قَلِيلا أَو كثيرا واجمعوا على انه لَا يقتل لشربها وان تكَرر ذَلِك مِنْهُ هَكَذَا حكى الْإِجْمَاع فِيهِ التِّرْمِذِيّ وخلائق وَحكى القَاضِي عَن طَائِفَة شَاذَّة انهم قَالُوا يقتل بعد جلده أَربع مراة للْحَدِيث الْوَارِد فِي ذَلِك وَهَذَا القَوْل بَاطِل مُخَالف لاجماع الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ على انه لَا يقتل وان تكَرر مِنْهُ أَكثر من أَربع مَرَّات وَهَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ قَالَ جمَاعَة دلّ الْإِجْمَاع على نسخه وَقَالَ بَعضهم نسخه قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يحل دم امْرَأَة مُسلم الا بِإِحْدَى ثَلَاث النَّفس بِالنَّفسِ وَالثَّيِّب الزَّانِي والتارك لدينِهِ المفارق للْجَمَاعَة انْتهى

قَوْله
[2576] من حمل علينا السِّلَاح الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي حمل على الْمُسلمين لاسلامهم فَلَيْسَ بِمُسلم وان لم يحملهُ لَهُ فقد اخْتلف فِيهِ وَقيل مَعْنَاهُ لَيْسَ مثلنَا وَقيل لَيْسَ متخلقا باخلاقنا وَلَا عَاملا بسنتنا انْتهى

قَوْله
[2578] فاجتووا الْمَدِينَة أَي اصابهم الجوي وَهُوَ الْمَرَض وداء الْجوف إِذا تطاول وَذَلِكَ إِذا لم يوافقهم هواءها واستوخموها وَيُقَال اجتريت الْبَلَد إِذا كرهت الْمقَام فِيهِ وان كنت فِي نعْمَة قَوْله وَسمر أَعينهم بِضَم سين وخفة مِيم وَقد يشدد أَي احمي لَهُم مسامير الْحَدِيد ثمَّ كحلهم بهَا وَفعله قصاصا لأَنهم سملوا عين الرَّاعِي وَقَطعُوا يَده وَرجله وغرزوا الشوك فِي لِسَانه وعينه حَتَّى مَاتَ والحرة ارْض ذَات حِجَارَة سود (فَخر)

قَوْله
[2579] وسمل أَعينهم أَي فقأها بحديدة محماة أَو غَيرهَا وَهُوَ بِمَعْنى السمر قَالَ فِي النِّهَايَة وَإِنَّمَا فعل ذَلِك لأَنهم فعلوا بالرعاة مثله وقتلوهم فجازاهم على صنيعهم بِمثلِهِ وَقيل اما هَذَا كَانَ قبل ان تنزل الْحُدُود فَلَمَّا نزلت نهى عَن الْمثلَة (زجاجة)

قَوْله

(1/185)


[2583] لعن الله السَّارِق الخ أَي ابعده الله تَعَالَى عَن رَحمته وَالْمذهب ان اللَّعْن على رجل مَخْصُوص لم ينص كفره عَن الشَّارِع كابليس وَفرْعَوْن وَأبي جهل غير جَائِز وإنكان كَافِرًا لأَنا لَا نقطع بِسوء الخاتمة لَاحَدَّ وَلم يبين الشَّارِع لنا وَلذَا منع السّلف عَن اللَّعْن على يزِيد وجوزوا اللَّعْن على قَاتل مُؤمن لقَوْله تَعَالَى من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا فجزاءه جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه وَاعد لَهُ عذَابا عَظِيما فاللعن على قوم مَخْصُوص بِفعل كالسرقة وَالْقَتْل جَائِز وَقد ورد أَمْثَاله على لِسَان الشَّرْع كثيرا ثمَّ المُرَاد من الْبَيْضَة قيل بَيْضَة الْحَدِيد وَهُوَ مَا يلْبسهُ الْمُحَارب عِنْد الْقِتَال وَمن الْحَبل هُوَ حَبل السَّفِينَة وهما ذُو ثمن وَقيل المُرَاد مِنْهُمَا الشَّيْء الْيَسِير فَإِن عشرَة دَرَاهِم مثلا يسيرَة فِي جنب الْيَد بِفَوَات الْمَنْفَعَة الْعَظِيمَة بقطعها فَكَأَنَّهُ قَالَ لعن الله السَّارِق يسرق الشَّيْء التافه فتقطع يَده بِسَبَبِهِ (إنْجَاح)

قَوْله يسرق الْبَيْضَة قَالَ فِي النِّهَايَة يَعْنِي بالبيضة الخوذة وَقَالَ بن قُتَيْبَة الْوَجْه فِي الحَدِيث ان الله لما انْزِلْ وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا ايديهما قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن الله السَّارِق يسرق الْبَيْضَة فتقطع يَده على ظَاهر مَا نزل عَلَيْهِ يَعْنِي بَيْضَة الدَّجَاجَة وَنَحْوهَا ثمَّ أعلم الله بعد ان الْقطع لَا يكون الا فِي ربع دِينَار فَمَا فَوْقه وانكرتا وَيْلَهَا بالخوذة لِأَن هَذَا لَيْسَ مَوضِع تَكْثِير لما يَأْخُذهُ السَّارِق إِنَّمَا هُوَ مَوضِع تقليل فَإِنَّهُ لَا يُقَال قبح الله فلَانا عرض نَفسه للضرب فِي عقد جَوْهَر إِنَّمَا يُقَال لعن الله فلَانا تعرض لقطع يَده فِي خلق رث أَو كبة شعر (زجاجة)

قَوْله يسرق الْبَيْضَة قيل أَرَادَ بَيْضَة الْفضة وحبل السَّفِينَة والا فالبيضة وَالْحَبل المعروفان من الْأَشْيَاء التافهة وَلَا يَصح فِيهَا قطع الْعُضْو وَالْحق ان ذَلِك وَارِد بطرِيق التَّمْثِيل وَلَيْسَ الْغَرَض بَيَان حكم الْقطع فيهمَا بخصوصهما وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث الْجُمُعَة من قرب دجَاجَة من قرب بَيْضَة مَعَ ان الدَّجَاجَة والبيضة لَا يَصح التَّقَرُّب بهما وَإِنَّمَا الْغَرَض تَصْوِير الثَّوَاب الْقَلِيل لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس الله سره

[2585] لَا تقطع الْيَد الا فِي ربع دِينَار وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَذهب مَالك وَأحمد الى انه سبع دِينَار أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يقطع الا فِي عشرَة دَرَاهِم وَقَالُوا ان الاخذ بِالْأَكْثَرِ فِي هَذَا الْبَاب أولى احتيالا للدرء فاعرف انه قد قيل فِي ثمن الْمِجَن أَكثر مِمَّا ذكر وَلِحَدِيث ايمن رَوَاهُ الْحَاكِم عَن مُجَاهِد عَن ايمن قَالَ لم تقطع الْيَد على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الا فِي ثمن الْمِجَن وثمنه يَوْمئِذٍ دِينَار وَقد اخْتلف فِي تَقْوِيم الْمِجَن فروى ثَلَاثَة أَو عشرَة فَيجب الاخذ بِالْأَكْثَرِ لايجاب الشَّرْع الدرء مَا أمكن ثمَّ يقوى مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِسَنَدِهِ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ ثمن الْمِجَن على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرَة دَرَاهِم وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَقد روى عَن بن مَسْعُود أَنه قَالَ لَا قطع الا فِي دِينَار أَو عشرَة دَرَاهِم وَهُوَ مُرْسل وروى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ رَضِي قَالَ لَا تقطع الْيَد فِي أقل من عشرَة دَرَاهِم وَلَا يكون الْمهْر أقل من عشرَة دَرَاهِم وَقَالَ مُحَمَّد بلغنَا ذَلِك عَن عَليّ وَعبد الله بن عمر وعامر وَإِبْرَاهِيم فتح الْقَدِير مُخْتَصرا

قَوْله
[2589] فبيعوه بنش النش عشرُون درهما وَهُوَ بِإِظْهَار الْعَيْب لِأَنَّهُ لَا يَلِيق الْمُسلم ان يغتر الْمُسلم وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح تحب لاخيك مَا تحب لنَفسك قَالَ الطَّيِّبِيّ العَبْد إِذا سرق قطع آبقا كَانَ أَو غير آبق وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَمر بِهِ وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعَامة أهل الْعلم (إنْجَاح)

قَوْله
[2590] من رَقِيق الْخمس أَي المَال الَّذِي خمس من الْمغنم وَإِنَّمَا لم يقطعهُ إِمَّا بِعَدَمِ الْحِرْز وَإِمَّا لكَونه فِي دَار الْحَرْب وَذَلِكَ بِسَبَب خوف الارتداد واللحوق بهم وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله
[2595] فَهَلا قبل ان تَأتِينِي بِهِ أَي فَهَلا تَصَدَّقت وَتركت حَقك قبل وُصُوله الي وَأما الْآن فَقَطعه وَاجِب لَيْسَ لَك فِيهِ حق بل هُوَ حق الشَّرْع ثمَّ انهم شرطُوا فِي كَون الْمَسْجِد حوزا ان يكون هُنَا محافظ وَقَالَ فِي الدّرّ وَيعْتَبر أَي الْحَافِظ فِي الْمَسْجِد لِأَنَّهُ لَيْسَ بحرز وَبِه يغتي انْتهى (إنْجَاح)

قَوْله
[2596] مَا اخذ فِي أكمامه الاكمام جمع كم وَهُوَ بِالْكَسْرِ دُعَاء الطّلع وغطاء النُّور كالكمامة بِالْكَسْرِ فيهمَا وَجمعه اكمة واكمام وكمام كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح)

قَوْله فَاحْتمل أَي حمل تِلْكَ الثِّمَار وَذهب بهَا فثمنه أَي فَعَلَيهِ غَرَامَة ثمنه وَمثله مَعَه وَهَذِه سياسة والا فقد قَالَ الله جلّ ذكره فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم وَمَا كَانَ فِي الجرن فِي الْقَامُوس الجرن بِالضَّمِّ وكامير ومنير البيدر انْتهى وَفِي الْمجمع هُوَ مَوضِع لتجفيف التَّمْر وَهُوَ لَهُ كالبيدر للحنطة وَالشعِير انْتهى فَفِيهِ الْقطع قَالَ الطَّيِّبِيّ الْحِرْز مَشْرُوط فَلَا قطع الا فِيمَا سرق من حرز وَالْمُعْتَبر فِيهِ الْعرف قلت اما عندنَا فَلَا قطع فِيمَا يتسارع اليه الْفساد كاللبن وَاللَّحم والفواكه الرّطبَة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا قطع فِي ثَمَر وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام لَا قطع فِي الطَّعَام وَالْمرَاد مَا يتسارع اليه الْفساد كالمهيا للْأَكْل وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَاللَّحْمِ وَالتَّمْر كَذَا فِي اللمعات (إنْجَاح)

قَوْله وان أكل وَلم يَأْخُذ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضا مَحْمُول على الْعرف فَإِن لم يرض بِهِ صَاحب الْبُسْتَان فيعزر قَالَ الشَّاة الحريسة أَي الَّتِي تحرس بِالْجَبَلِ فَفِيهِ ثمنهَا وَمثله مَعَه وَهَذَا أَيْضا سياسة كَمَا مر والنكال الْعقُوبَة وَقَوله مَا كَانَ فِي المراح وَهُوَ مأوى الْإِبِل وَالْغنم بِاللَّيْلِ فَفِيهِ الْقطع للحرز (إنْجَاح)

قَوْله
[2597] مَا اخالك سرقت بِكَسْر الْهمزَة أفْصح أَي مَا اظنك وَفِيه انه لَو انكر فَلَا قطع قَالَ فِي الدّرّ وَندب تلقينه كَيْلا يقر بِالسَّرقَةِ وَأما إِذا كَانَ عَلَيْهِ شُهُود فَلَا يسْقط الْحَد (إنْجَاح)

قَوْله اسْتغْفر الله الخ هَذَا مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدل على ان الْحَد لَيْسَ مطهرا بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ فَسَاد النِّيَّة وَإِنَّمَا مطهر لعين ذَلِك الذَّنب فَلَا عتاب عَلَيْهِ ثَانِيًا من جِهَة الرب قَالَ القَاضِي بِهَذَا الحَدِيث يستشهد على ان للامام ان يعرض للسارق بِالرُّجُوعِ قَالَ بن الْهمام وَيجب الْقطع بِإِقْرَارِهِ مرّة وَاحِدَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأكْثر عُلَمَاء الْأمة وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يقطع وَهُوَ قَول أَحْمد وَابْن أبي ليلى وَزفر وَابْن شبْرمَة لهَذَا الحَدِيث حَيْثُ لم يقطعهُ الا بعد تكْرَار اقراره وَلأبي حنيفَة مَا اسنده الطَّحَاوِيّ الى أبي هُرَيْرَة فِي هَذَا الحَدِيث قَالُوا يَا رَسُول الله ان هَذَا سرق فَقَالَ مَا اخاله سرق فَقَالَ السَّارِق بلَى يَا رَسُول الله قَالَ اذْهَبُوا بِهِ فاقطعوه ثمَّ احسموه ثمَّ ائْتُونِي بِهِ قَالَ فَذهب بِهِ فَقطع الحَدِيث فقد قطعه بِإِقْرَارِهِ مرّة انْتهى (مرقاة)

قَوْله

(1/186)


[2601] لَا يجلد أحد فَوق عشر جلدات قَالَ الطَّيِّبِيّ قَالَ أَصْحَابنَا هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ وَاسْتَدَلُّوا بِأَن الصَّحَابَة جاوزوا من عشرَة أصوات وَقَالَ أَصْحَاب مَالك هَذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِزَمن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ضَعِيف انْتهى وَقَالَ الشَّيْخ الْمَذْهَب عندنَا أَن أَكْثَره تسعةثلاثون وَأقله ثَلَاث جلدات وَقَالَ أَبُو يُوسُف يبلغ التَّعْزِير خَمْسَة وَسبعين وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بلغ حدا فِي غير حد فَهُوَ من الْمُعْتَدِينَ وَإِذا حدد تبليغه حدا فَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد نظرا الى أدنى الْحَد وَهُوَ حد العَبْد فِي الْقَذْف فصرفاه اليه وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ فنقصا مِنْهُ سَوْطًا وَأَبُو يُوسُف اعْتبر أقل الْحَد فِي الْأَحْرَار إِذا الأَصْل هُوَ الْحُرِّيَّة ثمَّ نقص سَوْطًا فِي رِوَايَة عَنهُ وَهُوَ قَول زفر وَهُوَ الْقيَاس وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة نقص خَمْسَة وَهُوَ مأثور عَن عَليّ ثمَّ قدر الادنى بِثلث جلدات لِأَن مَا دونهَا لَا يَقع بِهِ الزّجر وَذكر مشائخنا ان أدناه على مَا يرَاهُ الامام كَذَا فِي الْهِدَايَة لمعات

قَوْله لَا يجلد أحد فَوق عشر جلدات الخ فَإِن قلت هَذَا الحَدِيث يُعَارض الحَدِيث السَّابِق اعني قَوْله إِذا قَالَ الرجل للرجل يَا لوطي فاجلدوه عشْرين وَإِذا قَالَ الرجل للرجل يَا مخنث فاجلدوا عشْرين فَكيف التَّوْفِيق قلت المُرَاد بِحَدّ من حُدُود الله مَا قدره الله تَعَالَى وَلَو على لِسَان رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاء كَانَ من حُدُود الْمَعْرُوفَة أَو التعزيرات فَلَا اشكال لشمس الْعُلُوم مَوْلَانَا عبد الْعَزِيز الدهلوي

[2603] فَهُوَ كَفَّارَته أَي يكفر اثم ذَلِك وَلم يُعَاقب بِهِ فِي الْآخِرَة وَهَذَا خَاص بِغَيْر الشّرك وَأخذ أَكثر الْعلمَاء من هَذَا ان الْحُدُود كَفَّارَات وتنافيه خبر لَا أَدْرِي الْحُدُود كَفَّارَات أم لَا اجابوا عَنهُ بِأَنَّهُ قبل هَذَا الحَدِيث لِأَنَّهُ فِيهِ نفي الْعلم وَفِي هَذَا إثْبَاته (مرقاة)

قَوْله
[2604] فَالله اعْدِلْ ان يثنى عُقُوبَته أَي بِأَن يُكَرر فِي الْآخِرَة مَعَ عَذَاب الدُّنْيَا قَوْله فستره الله عَلَيْهِ لكَمَال الرأفة وَالرَّحْمَة فَهَذَا من اذنب فِي السِّرّ وَلِهَذَا ورد كل أمتِي معافى الا المجاهرون قَوْله قد عَفا عَنهُ أَي فِي الدُّنْيَا بالستر فَإِن إِظْهَار الجريمة فِيهِ نوع من الْعقَاب (إنْجَاح)

قَوْله
[2606] انْتظر حَتَّى اجيئ الخ اسْتِفْهَام إِنْكَار أَي لَا انْتظر حَتَّى اجيئ بأَرْبعَة شُهَدَاء قَوْله الى مَا ذَاك مَا زَائِدَة أَي الى ذَلِك الاجل الَّذِي اطلب فِيهِ الشُّهَدَاء وَقد قضى الزَّانِي حَاجته وَقَوله أَو أَقُول عطف على انْتظر فَهَذَا أَيْضا مَحل الِاسْتِفْهَام أَي لَا افشي سر هَذَا فَإِنِّي لَو افشيته يضْربُونَ عَليّ حد الْقَذْف وَلَا يقبلُونَ لي شَهَادَة وَلَعَلَّ هَذَا قبل نزُول اللّعان فَإِن اللّعان يدرء الْحَد عَن الْقَاذِف لَو كَانَ الزَّوْج وَقَوله كفى بِالسَّيْفِ شَاهد أَي إِذا قَتلهمَا على هَذِه الْحَال يصدق الْقَاتِل فَلَا حَاجَة الى الشُّهُود ثمَّ لما علم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِتْنَة فِي هَذِه الْفتيا رَجَعَ وَقَالَ لَا افتي بذلك وَلَو افتيت بذلك يتتابع أَي يتَكَرَّر السكارى وَأَصْحَاب الْغيرَة الْقَتْل ثمَّ يعْتَذر بِفعل الْفَاحِشَة فَعلم من الحَدِيث ان هَذَا الرجل وان عذر ديانَة لِأَنَّهُ فِي مَحل الْمَدْح حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمعوا مَا يَقُول سيدكم وَفِي رِوَايَة أُخْرَى انا أغير مِنْهُ وَالله اغير مني لَكِن لَا يقبل عذره قَضَاء وَقَوله سَمِعت أَبَا زرْعَة يَقُول الخ أَشَارَ بن ماجة انه لم يسمع هَذَا الحَدِيث عَن عَليّ بن مُحَمَّد وَفَاته مِنْهُ مَعَ ان عليا شَيْخه لَكِن أَبَا زرْعَة اسنده الى عَليّ بن مُحَمَّد فَصَارَ وَاسِطَة بَينه وَبَين بن ماجة وَالله اعْلَم والغيران كسكران صفة من الْغيرَة (إنْجَاح)

قَوْله
[2608] واصفى من الاصفاء بِمَعْنى الاستصفاء قَالَ فِي الْقَامُوس استصفى مَاله أَي اخذه كُله انْتهى أَي اقتله وَأخذ مَاله كُله وَهَذَا يدل على ان قَتله وَأخذ مَاله كَانَ بِسَبَب كفره وردته أَي فعله استحلالا والا فالمحدود لَا يُؤْخَذ مَاله إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله
[2610] حرَام تَشْدِيد وتغليظ وَالْمرَاد المستحل اولا يدْخل مَعَ السَّابِقين أَو مَحْمُول على الزّجر لِأَنَّهُ يُؤَدِّي الى فَسَاد عريض لمعات

قَوْله
[2611] خَمْسمِائَة عَام وَفِي رِوَايَة مائَة عَام وَفِي الفردوس الف عَام وَذَلِكَ بِسَبَب اخْتِلَاف دَرَجَات بِالْأَعْمَالِ وَلَيْسَ عدم وجدان الرَّائِحَة كِنَايَة عَن عدم دُخُول الْجنَّة بل عدم وجدان أول مَا يحدها الصالحون كَذَا فِي اللمعات

قَوْله
[2612] لَا نقفوا منا الخ بِتَقْدِيم الْقَاف على الْفَاء من قفا يقفو قفوا وقفُوا وَهُوَ الْقَذْف بِالْفُجُورِ صَرِيحًا ورميا بِأَمْر قَبِيح فغرضه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انا لَا نقذف امنا بالحاق النّسَب مِمَّن لَيْسَ مِنْهُ وَذَلِكَ مُقْتَض للنَّفْي من الإباء أَيْضا فَلذَلِك اكده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولانتفى من ابائنا وَكِنْدَة بِالْكَسْرِ لقب ثَوْر بن عفير أبي حَيّ من الْيمن لِأَنَّهُ كند أَبَاهُ بكفران النِّعْمَة وَلحق باخواله وَالنضْر بن كنَانَة أَبُو قُرَيْش ولذك قيل ان النَّضر بن كنَانَة اجْتمع فِي ثَوْبه يَوْمًا فَقَالُوا تقرش والتقرش الِاجْتِمَاع وَقيل سموا بذلك لتجمعهم الى الْحرم وَقيل غير ذَلِك (إنْجَاح)

قَوْله

(1/187)


[2613] قد كتب عَليّ الشقوة أَي قد قدر عَليّ الشقوة وَهِي الشدَّة والعسر فآذن لي فِي الْغناء فِي غير فَاحِشَة فَإِنَّهُ كنى بالفاحشة عَن اللواطة وَغَيرهَا من افعال المخنثين قَوْله وَلَا كَرَامَة وَلَا نعْمَة عين أَي لَا كَرَامَة لَك من هَذَا الْفِعْل أَو لَا اكرمك بِالْإِجَازَةِ فِيهِ نعم عين ونعمة ونعام ونعيم بِفَتْح نونهن ونعمى ونعامى ونعام وَنعم ونعمة بِضَم نونهن ونعمة ونعام بِكَسْر نونهما وَينصب الْكل بِفعل مُقَدّر أَي افْعَل ذَلِك انعاما لعينك وإكراما وأنعم بك عينا أَي اقربك عين من تحبه أَو أقرّ عَيْنك بِمن تحبه كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله أَي عَدو الله تهديدا لَهُ (إنْجَاح)

قَوْله وَلَو كنت تقدّمت إِلَيْك الخ أَي بِالنَّهْي عَن ذَلِك الْفِعْل الشنيع لفَعَلت بك وَفعلت من التَّعْزِير وَالْحَبْس وَغَيرهمَا قَوْله حلقت رَأسك مثلَة هَذَا أَيْضا تهديدا وَفِيه جَوَاز حلق الرَّأْس لأهل الْمعاصِي قلت هَذَا لَيْسَ بالمثلة الممنوعة لِأَن حلق الرَّأْس جَائِز بالِاتِّفَاقِ وَلَيْسَ فِيهِ غَرَض الا التهديد للعاصي والمثلة الْمُحرمَة قطع الْأَطْرَاف كالانف والاذن وَفِيه جَوَاز نفي أهل الْمعاصِي وَقد نفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخنثا من أهل الْمَدِينَة وَقَوله احللت سلبك بِفَتْح اللَّام هُوَ مَا يسلب من اللبَاس وَغَيره وَهَذَا أَيْضا تهديدا وَقَوله لَا يستر من النَّاس بهديه الْهدى بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الدَّال فِي اخره يَاء السِّيرَة أَي بعادته وسيادته الْقَدِيمَة فِي الدُّنْيَا وَفِي بعض النّسخ بهدبة بِالْبَاء الْمُوَحدَة فِي آخِره والهدب بِضَمَّتَيْنِ وبالضم خمل الثَّوْب (إنْجَاح)

[2614] مخنثا وَهُوَ الَّذِي يتشبه بِالنسَاء فِي اخلاقه وَكَلَامه وحركاته وسكناته فَتَارَة يكون هَذَا خلقَة فَلَا ذمّ لَهُ وَلَا اثم عَلَيْهِ وَلذَا لم يُنكر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اولا دُخُوله على النِّسَاء وَتارَة يكون بتكلف وَهُوَ مَلْعُون بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُور وَأما دُخُوله على أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فلانهن اعتقدن انه من غير أولي الاربة فَلَمَّا سمع عَلَيْهِ السَّلَام مِنْهُ الْكَلَام الَّاتِي علم انه من ذَوي الاربة فَمنع قَوْله تقبل بِأَرْبَع أَي بِأَرْبَع عُكَن فِي الْبَطن من قدامها لاجل السّمن فَإِذا أَقبلت رؤيت موَاضعهَا شاخصة من كَثْرَة الغصون وتدبر بثمان أَي أَطْرَاف هَذِه العكن من وَرَائِهَا عِنْد مُنْقَطع الجنبين وَقَالَ الاكمل وَذَلِكَ ان العكن جمع عكنة وَهِي الطي الَّذِي فِي المبطن من السّمن وَهِي تقبل بِهن من كل نَاحيَة ثِنْتَانِ وَلكُل وَاحِدَة طرفان فَإِذا أَدْبَرت صَارَت الْأَطْرَاف ثَمَانِيَة هَذَا يدل على منع الخنث والخصي والمجبوب من الدُّخُول على النِّسَاء مرقاة مُلَخصا

قَوْله
[2615] أول مَا يقْضِي الخ وَفِي رِوَايَة أول مَا يحكم بَين الْعباد فِي الدِّمَاء هَذَا لتعظيم أَمر الدِّمَاء وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث مُخَالفا لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد صلوته لِأَن ذَلِك فِي حق الله وَهَذَا فِيمَا بَين الْعباد وَكَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ

قَوْله
[2616] على بن ادم الأول صفة لِابْنِ وَهُوَ قابيل قتل اخاه هابيل حِين تزوج كل باخته الَّتِي مَعَ الاخر فِي بطن وَاحِد لِأَن شَرِيعَة ادم ان بطُون حَوَّاء كَانَت بِمَنْزِلَة الاقارب الاباعد كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ الْكرْمَانِي على بن ادم الأول قابيل لِأَنَّهُ أجْرى النَّاس على الْقَتْل ويجزى على الاجواء لَا على الْقَتْل وَهُوَ أول قتل وَقع فِي الْعَالم وَقَالَ الطَّيِّبِيّ كفل من دَمهَا أَي نصيب من اثمه وَقَيده بِالْأولِ لِأَنَّهُ فِي بَينه كَثْرَة وَهَذَا يدل على ان قابيل أول مَوْلُود من بنيه انْتهى

قَوْله
[2618] لم يتند بِدَم من الندى بالنُّون وَالدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الثرى والمطر والبلل فَمَعْنَاه لم يبلل يَده وكفه من دم حرَام وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله
[2620] بِشَطْر كلمة الشّطْر نصف الشَّيْء وجزؤه أَي أعَان على قَتله بِأَدْنَى كلمة تكون سَبَب سفك دَمه فَكيف من أَمر بِهِ أَو شرك فِي قَتله إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله
[2621] واني لَهُ الْهدى هَذَا مَذْهَب تفرد بِهِ بن عَبَّاس من الصَّحَابَة وَتَبعهُ فِي ذَلِك الْمُعْتَزلَة والخوارج وَقد نقل عَن بن عَبَّاس الرُّجُوع أَيْضا فَإِن الْأَحَادِيث الصِّحَاح تدل على صِحَة تَوْبَته وَعَلِيهِ إِجْمَاع الْأمة وَأما ادِّعَاء عدم النّسخ فَلَا يضرنا لأَنا لَا نسلم ان معنى الْآيَة على وَجههَا بل المُرَاد من الخلود الْمكْث الْكثير ويأول أَيْضا بِأَن هَذَا جَزَاؤُهُ ان جوزي وَقَول الْمُعْتَزلَة بِالْخرُوجِ عَن الْإِيمَان يُخَالف قَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى فلولا وجود الْإِيمَان لم يخاطبوا بِهِ وَقيل من قَتله لايمانه أَو مستحلا لقَتله وهما كفر (إنْجَاح)

قَوْله فَقَالَ بعد تِسْعَة وَتِسْعين نفسا إِنَّمَا قَالَ هَذَا إنكارا أَي كَيفَ تقبل تَوْبَته بعد قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا وَقَوله فانتضى بالنُّون وَالضَّاد سَيْفه أَي سَله (إنْجَاح)

قَوْله احتفز بِنَفسِهِ من الحفز بِالْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ الْفَاء ثمَّ الزائ الْمُعْجَمَة حفزه يحفزه دَفعه من خَلفه واحتفز فِي مشيته احتث واجتهد كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي البُخَارِيّ وَمُسلم فنَاء بصدره نَحْوهَا أَي نَهَضَ بِجهْد ومشقة فَمَعْنَاه سعى فِي توجهه الى الْقرْيَة الصَّالِحَة بِكَمَال حَده واجتهاده (إنْجَاح)

قَوْله
[2623] فَهُوَ الْخِيَار بَين إِحْدَى ثَلَاث ظَاهره ان الِاخْتِيَار لاولياء الْمَقْتُول ان شاؤوا اقتصوا وان شاؤوا أخذُوا الدِّيَة وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَعَن أبي حنيفَة وَمَالك لَا يثبت الدِّيَة الا برضى الْقَاتِل وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي لِأَن مُوجب الْقَتْل عمدا هُوَ الْقصاص لقَوْله تَعَالَى كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الا انه يُقيد بِوَصْف الْعمد لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعمد قَود أَي مُوجبه فإيجاب المَال زِيَادَة فَلَا يكون للْوَلِيّ اخذ الدِّيَة الا برضى الْقَاتِل والمسئلة مُخْتَلف فِيهَا بَين الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ وَيُمكن حمل الحَدِيث على ذَلِك أَيْضا فَافْهَم لمعات

قَوْله

(1/188)


[2625] فَقَامَ اليه الْأَقْرَع بن حَابِس الخ وقصته ان محلم بن جثامة اللَّيْثِيّ قتل رجلا من أَشْجَع فعيينة بن حصن يطْلب دم الْأَشْجَعِيّ لِأَنَّهُ من قيس واقرع بن حَابِس يدْفع عَن محلم لِأَنَّهُ من خندف كَذَا فِي أَسد الغابة واقرع وعيينة كَانَا من الْمُؤَلّفَة الْقُلُوب وَكَانَا رئيسي قومهما وَقَول مكيتل مَا شبهت هَذَا الْقَتِيل فِي عزة بِكَسْر الْمُهْملَة ثمَّ الزائي الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة بِمَعْنى الْغَلَبَة وَفِي بعض النّسخ بالغين الْمُعْجَمَة المضمومة وَالرَّاء الْمُهْملَة بِمَعْنى الْبيَاض وَيُطلق على الشَّرِيعَة لوضوحها وبياضها لقَوْل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركتكم على مِلَّة بَيْضَاء لَيْلهَا كنهارها تعرض المكيتل ان تَشْبِيه هَذَا الْقَتِيل لَو لم يتدارك بِجِنَايَتِهِ وقصاصه مَعَ وجود هَذِه الْغَلَبَة والنصرة فِي الْإِسْلَام كغنم وَردت على المَاء فرميت أَولهَا فنفرت بِسَبَبِهَا آخرهَا أَي لَو لم يتدارك فِي أول الْإِسْلَام لم يكن صلاحا لآخر الْمُسلمين فَيكون سَببا للصلة (إنْجَاح)

[2626] وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ حقة الخ هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَمُحَمّد اخذا بِهَذَا الحَدِيث وَمذهب أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف مائَة من الْإِبِل ارباعا خمس وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَخمْس عشرُون بنت لبون وَخمْس وَعِشْرُونَ حقة وَخمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة تمسكا بِحَدِيث السَّائِب بن يزِيد ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى فِي الدِّيَة بِمِائَة من الْإِبِل ارباعا والْحَدِيث الَّذِي تمسك بِهِ الشَّافِعِي غير ثَابت لاخْتِلَاف الصَّحَابَة فالاخذ بالمتيقن أولى لمعات

قَوْله
[2627] قَتِيل الْخَطَأ شبه الْعمد قَتِيل السَّوْط الخ فِيهِ وُجُوه من الاعراب أَحدهَا ان يكون شبه الْعمد صفة الْخَطَأ وَهُوَ معرفَة وَجَاز لِأَن الشّبَه الْعمد وَقع بَين الضدين ثَانِيهَا ان يُرَاد بالْخَطَأ الْجِنْس فَهُوَ بِمَنْزِلَة النكرَة وقتيل السَّوْط اما بَدَلا أَو بَيَانا وَثَالِثهَا ان يكون شبه الْعمد بَدَلا من الْخَطَأ وقتيل السَّوْط بَدَلا من الْبَدَل وَقَوله مائَة من الْإِبِل خبر قَتِيل الْخَطَأ وَفِي شرح السّنة الحَدِيث يدل على اثبات عمد الْخَطَأ فِي الْقَتْل وَزعم بَعضهم ان الْقَتْل لَا يكون الا عمدا مَحْضا أَو خطأ مَحْضا وَأما شبه الْعمد فَلَا يعرف وَهُوَ قَول مَالك وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بِحَدِيث عبد الله بن عمر وعَلى ان الْقَتْل بالمثقل شبه عمد لَا يُوجب الْقصاص وَلَا حجَّة لَهُ فِيهِ لِأَن الحَدِيث فِي السَّوْط والعصا الْخَفِيفَة الَّتِي لَا يقْصد بهَا الْقَتْل وَذَلِكَ لِأَن الْغَالِب من أَمر السِّيَاط والعصا انها تكون خَفِيفَة وَالْقَتْل الْحَاصِل بهَا يكون بطرِيق شبه الْعمد وَأما الثّقل الْكَبِير فَيلْحق بالمحد وَالَّذِي هُوَ معد للْقَتْل انْتهى وَأَنت ترى ان الْعَصَا باطلاقها تَشْمَل لثقيلة والخفيفة فتخصيصها الى دَلِيل مثله أَو أقوى مِنْهُ (مرقاة)

قَوْله
[2628] الا ان كل ماثرة كَانَت الخ من الْأَثر محركة هُوَ بَقِيَّة الشَّيْء أَي كل بَقِيَّة من بقايا الْجَاهِلِيَّة من الْعَادَات والرسوم مَوْضُوعَة وَتَحْت قدمي هَاتين فانا لَا نكلف بعد ان فتحنا مصرا من امصار الْجَاهِلِيَّة بأحكامهم وَإِنَّمَا نتكلف بعد ان دَخَلنَا وتسلطنا عَلَيْهِم وَإِنَّمَا اسْتثْنى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سدانة الْبَيْت أَي خدمتها وسقاية الْحَاج لمصْلحَة لَهُم وَيَنْبَغِي للامام إِذا رأى مصلحَة فِي بعض احكامهم يمضيها على مَا كَانَ عَلَيْهِ (إنْجَاح)

قَوْله
[2629] جعل الدِّيَة اثْنَا عشر الْفَا وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَعند أبي حنيفَة الدِّيَة من الْإِبِل مائَة وَمن الْعين الف دِينَار وَمن الْوَرق عشرَة آلَاف دِرْهَم لما روى عَن عمر ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بِالدِّيَةِ فِي قَتِيل بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم كَذَا فِي اللمعات وَقَالَ الشمني الدِّيَة من الذَّهَب الف دِينَار وَمن الْفضة عشرَة آلَاف دِرْهَم وَمن الْإِبِل مائَة وَقَالَ الشَّافِعِي من الْوَرق اثْنَا عشر الْفَا وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَإِسْحَاق وَلنَا هُوَ قَول الثَّوْريّ وَأبي ثَوْر من أَصْحَاب الشَّافِعِي مَا روى الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الشَّافِعِي قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن بلغنَا عَن عمر انه فرض على أهل الذَّهَب الف دِينَار وَمن الْوَرق عشرَة آلَاف دِرْهَم حَدثنَا بذلك أَبُو حنيفَة عَن الْهَيْثَم عَن الشّعبِيّ عَن عمر قَالَ فَقَالَ أهل الْمَدِينَة فرض عمر رَضِي على أهل الْوَرق اثْنَي عشر الف دِرْهَم قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن صدقُوا وَلكنه فَرضهَا اثْنَي عشر الْفَا وزن سِتَّة وَذَلِكَ عشرَة آلَاف انْتهى

قَوْله
[2631] فِي دِيَة الْخَطَأ الخ اعْلَم ان دِيَة الْخَطَأ الْمَحْض اخماس بالِاتِّفَاقِ الا ان الشَّافِعِي يقْضِي بِعشْرين بن لبون مَكَان بن مَخَاض وَهَذَا الحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ وَمَا قَالَ صَاحب المشكوة ان خشفا مَجْهُول لَا يعرف الا بِهَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِصَحِيح قَالَ بن حجر فِي التَّقْرِيب خشف بِكَسْر أَوله وَسُكُون الْمُعْجَمَة بعْدهَا فَاء بن مَالك الطَّائِي وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ من الثَّانِيَة انْتهى وَذكره بن حبَان فِي الثِّقَات وروى الْأَرْبَعَة عَنهُ هَذَا الحَدِيث وَابْن ماجة حَدِيثا اخر كَذَا ذكرُوا وَحجَّة الشَّافِعِي مَا روى فِي شرح السّنة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودى قَتِيل خَيْبَر بِمِائَة من ابل الصَّدَقَة وَلَيْسَ فِي اسنان ابل الصَّدَقَة بن مَخَاض إِنَّمَا فِيهَا بن لبون (فَخر)

قَوْله
[2632] وَذَلِكَ قَوْله وَمَا نقموا الا ان أغناهم الله الخ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي شَأْن نُزُولهَا ان مولى الْجلاس قتل فَأمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدية اثْنَي عشر الف دِرْهَم فاستغنى قَالَ الْكَلْبِيّ كَانُوا أَي المُنَافِقُونَ قبل قدوم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة فِي ضنك من الْعَيْش فَلَمَّا قدم عَلَيْهِم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استغنوا بالغنائم قَالَ بن الْأَثِير فَتَابَ بعد ذَلِك الْجلاس عَن النِّفَاق وَحسنت تَوْبَته (إنْجَاح)

قَوْله
[2634] وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ دلّ على مِيرَاث ذَوي الْأَرْحَام دلَالَة وَاضِحَة فرحم الله على من اذعن الْحق وَلم يأوله بِأَنَّهُ على طَريقَة الْجُوع زَاد من لَا زَاد لَهُ سيد

قَوْله
[2635] فِي عمية بِكَسْر عين وَضمّهَا وبكسر مِيم وياء مشددتين هِيَ الْأَمر الْأَعْمَى لَا يستبين وَجهه كتقاتل الْقَوْم عصبيته قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ فعيلة من الْعَمى الضَّلَالَة كالقتال فِي العصبية والاهواء قَوْله أَو عصبية هِيَ المحاماة والمدافعة والعصبي هُوَ الَّذِي يغْضب لعصبته أَي اقاربه ويحامي عَنْهُم يَعْنِي ان يُوجد بَينهم قَتِيل يعمى امْرَهْ وَلَا يتَبَيَّن قَاتله وَلَا حَال قَتله فَلهُ حكم الْخَطَأ تجب فِيهِ الدِّيَة قَوْله وَمن قتل عمدا فَهُوَ قَود أَي بصدد ان يُقَاد ومستوجب لَهُ اطلق الْمصدر على الْمَفْعُول بِاعْتِبَار مايؤل قَوْله وَمن حَال دونه أَي دون الْقَاتِل أَي منع الْمُسْتَحق عَن الْقصاص فَعَلَيهِ لعنة الله الخ (فَخر)

قَوْله لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل قَالَ فِي الْقَامُوس الصّرْف فِي الحَدِيث التَّوْبَة وَالْعدْل الْفِدْيَة أَو هُوَ النَّافِلَة وَالْعدْل الْفَرِيضَة اوبالعكس أَو هُوَ الْوَزْن وَالْعدْل الْكَيْل وَهُوَ الِاكْتِسَاب وَالْعدْل الْفِدْيَة وَالْحِيلَة انْتهى (إنْجَاح)

قَوْله
[2636] فاستعدى عَلَيْهِ أَي طلب الْغَوْث والعون مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْله وَلم يقْض لَهُ بِالْقصاصِ الظَّاهِر انه رضى بِالدِّيَةِ بعد قَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذ الدِّيَة بَارك الله لَك فِيهَا أَو كَانَ ضربه بالْخَطَأ (إنْجَاح)

قَوْله

(1/189)


[2637] لَا قَود فِي المأمومة وَهِي الَّتِي تصل بِأم الدِّمَاغ وَهِي الغشاء الَّتِي فِيهَا الدِّمَاغ والجائفة هِيَ الَّتِي وصلت الى الْجوف والمنقلة الْجراحَة الَّتِي نقلت الْعظم بعد الْكسر وَإِنَّمَا لم يحكم فِيهَا بِالْقصاصِ لِانْعِدَامِ الممائلة وفيهَا حُكُومَة عدل وتفسيرها فِي كتب الْفِقْه (إنْجَاح)

[2639] فِي الْجَنِين بعزة عبد أَو امة هِيَ العَبْد أَو الْأمة وَقيل بِشَرْط الْبيَاض فيهمَا وَأَصلهَا بَيَاض فِي وَجه الْفرس وَلَيْسَ ذَلِك شرطا عِنْد الْفُقَهَاء إِنَّمَا الْغرَّة عِنْدهم مَا بلغ ثمنهَا نصف عشر الدِّيَة وَهَذَا إِذا سَقَطت مَيتا فَإِن سقط حَيا ثمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَة كَامِلَة وروى عبد أَو امة أَو فرس أَو بغل قيل هما غلط من الرَّاوِي أَو هما على سَبِيل الْقيمَة إِذا عدمت الرقَاق قَالَ الْكرْمَانِي بِالضَّمِّ وَشدَّة الرَّاء بِالتَّنْوِينِ وَعبد بدل وروى بِالْإِضَافَة مجمع الْبحار

قَوْله ان هَذَا ليقول بقول شَاعِر وَفِي رِوَايَة إِنَّمَا هَذَا من اخوان الْكُهَّان انكر عَلَيْهِ قَوْله الْبَاطِل فِي مُقَابلَة الشَّارِع وَزَاد يعِيبهُ بالتكلف بالسجع الَّذِي هُوَ من عَادَة أهل الكهانة فِي ترويج اقاويلهم الْبَاطِلَة ليستميلوا بِهِ قُلُوب أهل البطالة وَلَيْسَ مذموما على الْإِطْلَاق لوُقُوعه فِي الْقُرْآن وَكَلَام النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا المذمومة مِنْهُ مَا يتَكَلَّف بِهِ وَيكون الْغَرَض ترويج الْبَاطِل لمعات

قَوْله
[2641] فَقضى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِين قَالَ الشمني وَمن ضرب بطن امْرَأَة يجب غرَّة خمس مائَة دِرْهَم على عَاقِلَته ان القت مَيتا وَالْقِيَاس ان لَا يجب فِي الْجَنِين السَّاقِط مَيتا شَيْء لِأَنَّهُ لم يتَيَقَّن لِحَيَاتِهِ فَإِن قيل الظَّاهِر انه حَيّ أُجِيب بِأَن الظَّاهِر لَا يصلح حجَّة للاستحقاق وَوجه الِاسْتِحْسَان مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ ان النَّبِي قضى فِي جَنِين من بني الْحَيَّانِ بغرة عبد أَو امة وَإِنَّمَا فسرنا الْغرَّة بِخمْس مائَة دِرْهَم لما فِي رِوَايَة بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عمر بن الْخطاب قوم الْغرَّة خمس مائَة دِينَار وكل دِينَار بِعشْرَة دَرَاهِم واخرج الْبَزَّار فِي مُسْنده عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه ان امْرَأَة حذفت امْرَأَة فَقضى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَلَدهَا بِخمْس مائَة وَنهى عَن الْحَذف (مرقاة)

قَوْله بغرة عبد وان تقتل بهَا لِأَن هَذِه الْجِنَايَة اشْتَمَلت على جنايتين فَفِي الْجِنَايَة الأولى وَهِي قتل الْجَنِين حكم بالغرة وَفِي الْجِنَايَة الثَّانِيَة حكم بقتلها الثُّبُوت قتل الْعمد قَالَ فِي الدّرّ فِي تَفْسِير قتل الْعمد وَهُوَ ان يتَعَمَّد ضربه فِي أَي مَوضِع من جسده بالة تفرق الاجزاء مثل سلَاح ومثقل من خشب أَو من حَدِيد جوهره وَقَالَ مُوجبه الْإِثْم والقود عينا لَا الْكَفَّارَة (إنْجَاح)

قَوْله
[2642] ورث امْرَأَة الخ نقل الطَّيِّبِيّ عَن على انه كَانَ لَا يُورث من دِيَة الزَّوْج الزَّوْجَة وَلَا الاخوة من الام لمعات

قَوْله
[2644] قضى ان عقل أهل الْكِتَابَيْنِ نصف عقل الْمُسلم قَالَ أَحْمد دِيَة الْكِتَابِيّ نصف دِيَة الْمُسلم وَقَالَ الشَّافِعِي دِيَة الْكَافِر ثلث دِيَة الْمُسلم وَهُوَ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ فِي الْهِدَايَة لنا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام دِيَة كل ذِي عهد فِي عَهده الف دِينَار وَكَذَا قضى أَبُو بكر وَعمر وَذكر فِي حَاشِيَة الْهِدَايَة عَن الْمَبْسُوط عَن الزُّهْرِيّ ان أَبَا بكر وَعمر كَانَا يجعلان دِيَة الَّذِي مثل دِيَة الْمُسلم وَعَن بن مَسْعُود دِيَة الَّذِي مثل دِيَة الْمُسلم على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلَمَّا كَانَ زمن مُعَاوِيَة جعلهَا على النّصْف وَتَمام الجث فِي اللمعات (إنْجَاح)

قَوْله
[2648] على عَاقِلَة القاتلة قَالَ فِي الْمجمع الْعقل الدِّيَة وَأَصله ان من يقتل يجمع الدِّيَة من الْإِبِل فيعقلها بِفنَاء أَوْلِيَاء الْمَقْتُول أَي يشدها فِي عقلهَا يُسَلِّمهَا إِلَيْهِم ويقبضوها مِنْهُ يُقَال عقل الْبَعِير عقلا وَجَمعهَا عقول الْعَاقِلَة الْعصبَة والاقارب من قبل الْأَب الَّذين يُعْطون دِيَة قَتِيل الْخَطَأ وَهِي صفة جمَاعَة اسْم فَاعل من الْعقل

قَوْله لزَوجهَا وَوَلدهَا تَخْصِيص التوريث لزَوجهَا وَوَلدهَا لأَنهم كَانُوا من ورثتها والا فَالظَّاهِر ان مِيرَاثهَا لورثتها كَمَا مر كَذَا فِي اللمعات

قَوْله الْقصاص فِي السن قَالَ بن بطال اجْمَعُوا على قلع السن بِالسِّنِّ فِي الْعمد وَاخْتلفُوا فِي سَائِر عِظَام الْجَسَد فَقَالَ لَك فِيهَا الْقود الا مَا كَانَ مجوفا أَو كَانَ كالمأمومة فَفِيهَا الدِّيَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَاللَّيْث وَالْحَنَفِيَّة لَا قصاص فِي الْعظم غير السن لِأَن دون السن حَائِل من جلد وَلحم وَعصب يتَعَذَّر مَعَه الْمُمَاثلَة وَقَالَ الطَّحَاوِيّ اتَّفقُوا على انه لَا قصاص فِي عظم الرَّأْس فَيلْحق بهَا سَائِر الْعِظَام عَيْني

قَوْله
[2649] لَا تكسر لَيْسَ رد كَحكم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل هُوَ أَخْبَار بِعَدَمِ الْكسر ثِقَة بِاللَّه ان يرضى الْخصم سيد

قَوْله
[2651] قضى فِي السن أَي الْوَاحِد خمْسا وَفِي كلهَا كل الدِّيَة إِذا كَانَ خطأ سَوَاء كَانَ ضرسا أَو ثنية لما فِي كتاب عَمْرو بن حزم فِي السن خمس من الْإِبِل لِأَن الْكل فِي أصل الْمَنْفَعَة وَهُوَ المضغ سَوَاء وَبَعضهَا وانكان فِيهِ زِيَادَة مَنْفَعَة لَكِن فِي الْبَعْض الاخر جمال وَهُوَ الْمَنْفَعَة فِي الادمي وَإِنَّمَا قيدنَا بالْخَطَأ لِأَن الْعمد فِيهِ الْقصاص (مرقاة)

قَوْله

(1/190)


[2652] هَذِه وَهَذِه سَوَاء يَعْنِي الْخِنْصر والابهام أَي هما مستويان فِي الدِّيَة وان كَانَ الْإِبْهَام أقل مفصلا من الْخِنْصر اذني كل أصْبع عشر الدِّيَة وَهُوَ عشر من الْإِبِل

[2655] فِي المواضح خمس خمس أَي فِي كل وَاحِد من الموضحات خمس من الْإِبِل قَالَ فِي الْمجمع الْمُوَضّحَة الَّتِي تبدي وضح الْعظم أَي بياضه وَجمعه مواضح وَالَّتِي فِيهَا خمس من الْإِبِل مَا كَانَ فِي الرَّأْس وَالْوَجْه فاما فِي غَيرهمَا فَحُكُومَة عدل

قَوْله
[2656] كعضاض الْفَحْل وَفِي رِوَايَة كَمَا يعَض الْفَحْل الْفَحْل الذّكر من كل حَيَوَان وَيُرَاد ذكر الْإِبِل كثيرا وَهُوَ المُرَاد هَهُنَا وَكَذَا حكم من اضْطر الى الدّفع كلامرأة تدفع عَن نَفسهَا من قصد الْفُجُور بهَا مثلا لَكِن يَنْبَغِي ان يرفق فِي الدّفع الا من قصد الْقَتْل كن شهر سَيْفا أَو عَصا لَيْلًا فِي مصر أَو نَهَارا فِي طَرِيق فِي غير مصر فَقتله الْمَشْهُور عَلَيْهِ عمدا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَة لمعات

قَوْله
[2658] فهما فِي الْقُرْآن وَفِي بعض الرِّوَايَة الا فهما أَي لَيْسَ عندنَا الا فهما وَالْمرَاد مِنْهُ مَا يستنبط بِهِ الْمعَانِي وَيدْرك بِهِ الإشارات والعلوم الْخفية والاسرار الْبَاطِنَة الَّتِي تظهر للْعُلَمَاء الراسخين فِي الْعلم

قَوْله أَو مَا فِي هَذِه الصَّحِيفَة وَفِي رِوَايَة مَا فِي الصَّحِيفَة وَهِي صحيفَة كتب فِيهَا بعض الاحكام لَيْسَ فِي الْقُرْآن مِنْهَا الْعقل يَعْنِي احكام الدِّيات وفكاك الاسير بِفَتْح الْفَاء وَيجوز كسرهَا اسْم من فك الاسير اخلصه وفكاك الرَّهْن مَا يفك وان لَا يقتل مُسلم بِكَافِر سَوَاء كَانَ ذِمِّيا أَو حَرْبِيّا وَهُوَ مَذْهَب كثير من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ وَهُوَ مَذْهَب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَعند بعض الْعلمَاء يقتل الْمُسلم بالذمي واليه ذهب كثير من الْأَئِمَّة وَهُوَ مَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَقيل كَانَ فِي الصَّحِيفَة من الاحكام غير مَا ذكر لكنه لم يذكر هَهُنَا بِأَنَّهُ لم يكن مَقْصُودا كَذَا فِي اللمعات

قَوْله
[2660] لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر أَي كَافِر حَرْبِيّ بِدَلِيل قَوْله وَلَا ذُو عهد فِي عَهده أَي لَا يجوز قَتله مَا دَامَ فِي عَهده غير نَاقض إِيَّاه فَالْمُرَاد بِذِي عهد هُوَ الذِّمِّيّ وَلما يجز قَتله يقتل الْمُسلم بقتْله فَلَا يُنَافِي مَذْهَب أبي حنيفَة انه يقتل الْمُسلم بالذمي فَافْهَم وَقيل مَعْنَاهُ لَا يقتل الذِّمِّيّ فِي عَهده بِكَافِر وَالْكَافِر الَّذِي يقتل الذِّمِّيّ بِهِ لَا بُد ان يكون حَرْبِيّا فبهذه الْقَرِينَة يكون المُرَاد بالكافر الَّذِي لَا يقتل الْمُسلم بِهِ الْحَرْبِيّ ليتلازم الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ لمعات مُخْتَصرا

قَوْله
[2661] لَا يقتل بِالْوَلَدِ الْوَالِد ان كَانَ المُرَاد بِهِ عدم الاقتصاص عَن الْوَالِد ان قتل وَلَده وَهُوَ الظَّاهِر فَفِيهِ خلاف مَالك فَإِنَّهُ قَالَ يُقَاد إِذا ذبحه ذبحا وان قتل الْوَالِد وَلَده ضربا بِالسَّيْفِ فَلَا قصاص عَلَيْهِ لاحْتِمَال انه ضربه تأديبا وأتى على النَّفس من غير قصد وان ذبحه فَعَلَيهِ الْقصاص لِأَنَّهُ عمد بِلَا شُبْهَة وَلَا تَأْوِيل بل جِنَايَة الْأَب اغلظ لِأَن فِيهِ قطع الرَّحِم وَهُوَ كمن زنى بابنته فَإِنَّهُ يلْزم الْحَد والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ وان كَانَ المُرَاد عدم قتل الْوَالِد بِجِنَايَة وَلَده وَقَتله احداكما كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ وَالْمعْنَى الأول أظهر وأوفق بِالْبَابِ لمعات

قَوْله
[2663] من قتل عَبده قَتَلْنَاهُ الخ قَالَ الْخطابِيّ هَذَا زجر ليرتدعوا فَلَا يقدموا على ذَلِك كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَارِب الْخمر إِذا شرب فاجلدوه فَإِن عَاد فاجلدوه ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة أوالخامسة فَإِن عَاد فَاقْتُلُوهُ ثمَّ لم يقْتله حِين جِيءَ بِهِ وَقد شرب رَابِعا أَو خَامِسًا وَقد تَأَوَّلَه بَعضهم على انه إِنَّمَا جَاءَ فِي عبد كَانَ يملكهُ فَزَالَ عَنهُ ملكه فَصَارَ كفوا لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَذهب بَعضهم الى ان الحَدِيث مَنْسُوخ بقوله الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ الى والجروح قصاص انْتهى وَذهب أَصْحَاب أبي حنيفَة الى ان الْحر يقتل بِعَبْد غَيره دون عبد نَفسه وَذهب الشَّافِعِي وَمَالك الى انه لَا يقتل الْحر بِالْعَبدِ وان كَانَ عبد غَيره وَذهب إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ الى انه يقتل بِالْعَبدِ وان كَانَ عبد نَفسه (مرقاة)

قَوْله
[2666] على اوضاح لَهَا الاوضاح بِالْحَاء الْمُهْملَة جمع وضح محركة وَهِي حلى من الْفضة والخلخال أَي قَتلهَا بِسَبَب الْحلِيّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا وَقَوله ثمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَة وسمى الْيَهُودِيّ الَّذِي قَتلهَا فَأَشَارَتْ برأسها ان نعم ثمَّ قتل الْيَهُودِيّ لم يكن على صرف اقرارها بل أقرّ الْيَهُودِيّ كَمَا فِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ فَإِن قَول الْمَجْنِي عَلَيْهِ لَا يَكْفِي وَفَائِدَة السُّؤَال عَن الْمَقْتُول ان يعرف الْقَاتِل وَيتَعَيَّن الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَيُطَالب فَإِن أقرّ ثَبت والا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء بِدُونِ الْحجَّة وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وروى عَن مَالك انه اثْبتْ الْقصاص بِمُجَرَّد قَول الْمَقْتُول وَفِيه دَلِيل على ان الْقَتْل بالمثقل يُوجب الْقصاص واليه ذهب الْجُمْهُور وَهُوَ مَذْهَب الصاجين ثمَّ الْقود عِنْد الْحَنَفِيَّة إِنَّمَا هُوَ بِالسَّيْفِ فَقَط لحَدِيث لَا قَود الا بِالسَّيْفِ وَلِأَن الْمُمَاثلَة لَا تحصل بالرضخ إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله

(1/191)


[2669] الا لَا يجني جَان الا على نَفسه هَذَا رد على مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ إِذا قتل وَاحِد مِنْهُم أخذُوا بجريمته أهل بَيت الْقَاتِل فَأبْطل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَتهم هَذِه فَإِن الظَّاهِر ان الْجِنَايَة من وَاحِد فَأخذ غَيره ظلم (إنْجَاح)

[2673] العجماء جرحها جَبَّار العجماء بِالْمدِّ هِيَ كل حَيَوَان سوى الادمي وَسميت الْبَهِيمَة عجماء لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم والجبار بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْبَاء الهدر قَالَ النَّوَوِيّ فَأَما قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العجماء جرحها جَبَّار فَمَحْمُول على مَا إِذا اتلفت شَيْئا بِالنَّهَارِ أَو اتلفت بِاللَّيْلِ بِغَيْر تَفْرِيط من مَالِكهَا أَو اتلفت شَيْئا وَلَيْسَ مَعهَا أحد فَهَذَا غير مَضْمُون وَهُوَ مُرَاد الحَدِيث فَأَما إِذا كَانَ مَعهَا سائق أَو قَائِد أَو رَاكب فاتلفت بِيَدِهَا اوبرجلها أَو فمها وَنَحْوه وَجب ضَمَان فِي مَال الَّذِي هُوَ مَعهَا سَوَاء كَانَ مَالِكهَا أَو مُسْتَأْجر أَو مستعير أَو غَاصبا أَو مودعا أَو وَكيلا أَو غَيره الا ان يتْلف آدَمِيًّا فَتجب دِيَته على عَاقِلَته الَّذِي مَعهَا وَالْكَفَّارَة فِي مَاله وَالْمرَاد بِجرح العجماء اتلافها سَوَاء كَانَ بِجرح أَو غَيره قَالَ القَاضِي جمع الْعلمَاء على ان جِنَايَة الْبَهَائِم بِالنَّهَارِ لَا ضَمَان فِيهَا إِذا لم يكن مَعهَا أحد فَإِن كَانَ مَعهَا رَاكب أَو سائق أَو قَائِد فجمهور الْعلمَاء على ضَمَان مَا اتلفته وَقَالَ دَاوُد وَأهل الظَّاهِر الضَّمَان بِكُل حَال الا ان يحملهَا الَّذِي هُوَ مَعهَا على ذَلِك أَو يَقْصِدهُ وجمهورهم على ان الضاربة من الدَّوَابّ كَغَيْرِهَا أَعلَى مَا ذَكرْنَاهُ وَقَالَ مَالك وَأَصْحَابه يضمن مَالِكهَا مَا اتلفت وَكَذَا قَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِي يضمن إِذا كَانَت مَعْرُوفَة بالافساد لِأَن عَلَيْهِ ربطها وَالْحَالة هَذِه واما إِذا اتلفت لَيْلًا فَقَالَ مَالك يضمن صَاحبهَا مَا اتلفته وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَصْحَابه يضمن ان فرط فِي حفظهَا والافلا وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا ضَمَان فِيمَا اتلفته الْبَهَائِم لَا فِي ليل وَلَا فِي نَهَار وجمهورهم على انه لَا ضَمَان فِيمَا رعته نَهَارا وَقَالَ اللَّيْث وَسَحْنُون يضمن انْتهى

قَوْله والمعدن جَبَّار مَعْنَاهُ ان الرجل يحْفر الْمَعْدن فِي ملكه أَو فِي موَات فيمر بهَا مارا فَيسْقط فِيهَا فَيَمُوت أَو يسْتَأْجر اجراء يعْملُونَ فِيهَا فَيَقَع عَلَيْهِم فيموتوا فَلَا ضَمَان فِي ذَلِك وَكَذَا البير جَبَّار مَعْنَاهُ انه يحفرها فِي ملكه أَو فِي موَات فَيَقَع فِيهَا انسان أَو غَيره ويتلف فَلَا ضَمَان وَكَذَا لَو اسْتَأْجرهُ بحفرها فَوَقَعت عَلَيْهِ فَمَاتَ فَلَا ضَمَان فَأَما إِذا حفر البير فِي طَرِيق الْمُسلمين أَو فِي ملك غَيره بِغَيْر اذنه فَتلف فِيهَا انسان فَيجب ضَمَانه على عَاقِلَة حافرها وَالْكَفَّارَة فِي مَال الْحَافِر وان تلف بهَا غير الادمي وَجب ضَمَانه فِي مَال الْحَافِر (نووي)