شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره

قَوْله
بَاب نزُول المحصب قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الْبَاب الْأَحَادِيث فِي نزُول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطح يَوْم النَّفر وَهُوَ المحصب وان أَبَا بكر وَعمر وَابْن عمر وَالْخُلَفَاء كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وان عَائِشَة وَابْن عَبَّاس كَانَا يَقُولَانِ بِهِ ويقولان هُوَ منزل اتفاقي لَا مَقْصُود فَحصل خلاف بَين الصَّحَابَة فمذهب أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور اسْتِحْبَابه اقْتِدَاء برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَغَيرهم واجمعوا على من تَركه لَا شَيْء عَلَيْهِ وَيسْتَحب ان يُصَلِّي بِهِ الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء ويبيت بِهِ بعض اللَّيْل أَو كُله اقْتِدَاء برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمحصب والحصبة والأبطح والبطحاء وَخيف بني كنَانَة اسْم لشَيْء وَاحِد وَاصل الْخيف كل مَا انحدر عَن الْجَبَل وارتفع عَن المسيل انْتهى

قَوْله
[3070] لَا ينفرن أحدا الخ فِيهِ دلَالَة لمن قَالَ بِوُجُوب طواف الْوَدَاع وَأَنه إِذا تَركه لزمَه دم وَهُوَ الصَّحِيح فِي مَذْهَبنَا وَبِه قَالَ أَكثر الْعلمَاء مِنْهُم الْحسن الْبَصْرِيّ وَالْحكم وَأحمد وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَقَالَ مَالك وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذر هُوَ سنة لَا شَيْء فِي تَركه وَعَن مُجَاهِد رِوَايَتَانِ كالمذهبين (نووي)

قَوْله
[3072] حَاضَت صَفِيَّة الخ فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على سُقُوط طواف الْوَدَاع عَن الْحَائِض وَالنُّفَسَاء وَلَا يلْزمهَا بِتَرْكِهِ دم وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَالْعُلَمَاء كَافَّة الا مَا حَكَاهُ بن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن عمر وَزيد انهم امروها بالْمقَام لطواف الْوَدَاع لَكِن الحَدِيث يردهُ وَالله اعْلَم مَوْلَانَا فَخر الْحسن

قَوْله
[3073] عقري حلقي وَفِي شرح جَامع الْأُصُول أَي عقرهَا الله واصاب بعقر فِي جَسدهَا وَظَاهره الدُّعَاء عَلَيْهَا وَلَيْسَ بِهِ حَقِيقَة قَالَ أَبُو عبيد الصَّوَاب تنوينهما لِأَنَّهُمَا مصدرا حلق وعقر قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هما صفتان للْمَرْأَة المشومة أَي انها تعقر قَومهَا وتحلقهم أَي تستأصلهم من شومها عَلَيْهِ وهما خبر هِيَ محذوفة أَو مصدر ان عَليّ فعلى كالشكوى وَقيل الالف للتأنيث كسكرى وَقَالَ فِي النِّهَايَة يَعْنِي اصابها الله بوجع فِي حلقها خَاصَّة كَذَا يَرْوُونَهُ غير منون كغضبى حَيْثُ هُوَ جَاءَ على الْمُؤَنَّث وَالْمَعْرُوف فِي اللُّغَة التَّنْوِين على انه مصدر مَحْذُوف وَالْفِعْل أَي حلقها الله حلقا وعقرها عقرا وَيُقَال لَا من يعجب مِنْهُ عقرا حلقا انْتهى

قَوْله
[3074] فَأَهوى بِيَدِهِ الى رَأْسِي أَي امدها اليه فَحل زرى وَاحِد من ازرار الْقَمِيص قَوْله فَقَامَ فِي نساجة هُوَ بِكَسْر نون وخفة سين مُهْملَة وبجيم ضرب من الملاحف منسوجة سميت بمصدر نسجت نساجة وروى ساجة بِحَذْف النُّون وَهِي الطيلسان الْأَخْضَر كَذَا فِي الْمجمع إنْجَاح

(1/220)


[3077] قَوْله على مشجب هُوَ بِكَسْر مِيم وَسُكُون مُعْجمَة وَفتح جيمه خشبات مَنْصُوبَة تُوضَع عَلَيْهِ الثِّيَاب قَوْله فعقد تسعا وَهُوَ العقد الْمَشْهُور بِأَن تضم رُؤُوس الانامل الثَّلَاث الْخِنْصر والبنصر وَالْوُسْطَى بوسط رَاحَة كَفه الْيُمْنَى وتضع رَأس السبابَة فِي أصل الْإِبْهَام قَوْله فَأذن فِي النَّاس بِلَفْظ الْمَجْهُول وَفِي رِوَايَة بِلَفْظ الْمَعْرُوف أَي اعْلَم نجاح

قَوْله بشر كثير ورد فِي بعض الرِّوَايَات انهم كَانُوا أَكثر من الْحصْر والاحصاء وَلم يعينوا عَددهمْ وَقد بلغُوا فِي غَزْوَة تَبُوك الَّتِي آخر غزوات النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائَة الف وَحجَّة الْوَدَاع كَانَت بعد ذَلِك وَلَا بُد ان يزدادوا فِيهَا ويروى مائَة الف وَأَرْبَعَة عشر الْفَا وَفِي رِوَايَة مائَة الف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ الْفَا وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله فَكَانَ أبي يَقُول الخ هَذَا قَول جَعْفَر الصَّادِق وَأَبوهُ مُحَمَّد بن عَليّ الباقر وَلَا أعلم الا ذكره عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي قَالَ مُحَمَّد لَا أعلم جَابر الا ذكر عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القرأة فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَة قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَسورَة الْإِخْلَاص فَكَانَ جَابر شكّ فِي هَذَا فَلهَذَا بَينه إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله ثمَّ رَجَعَ الى الْبَيْت الخ فِيهِ دلَالَة لما قَالَه الْعلمَاء انه يسْتَحبّ للطائف طواف الْقدوم إِذا فرغ من الطّواف وَصلَاته خلف الْمقَام ان يعود الى الْحجر الْأسود فيستلمه ثمَّ يخرج من بَاب الصَّفَا ليسعى وَاتَّفَقُوا على ان هَذَا الإستلام لَيْسَ بِوَاجِب وَإِنَّمَا هُوَ سنة لَو تَركه لم يلْزمه دم قَوْله نبدأ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ قَالَ الْعلمَاء يشْتَرط فِي السَّعْي ان يبْدَأ بالصفا وَقد ثَبت فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابدأوا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ بِصِيغَة الْأَمر قَوْله فرقى عَلَيْهِ فِيهِ انه يَنْبَغِي ان يرقى على الصَّفَا والمروة وَهَذَا الرقى سنة لَا وَاجِب قَوْله حَتَّى رأى الْبَيْت وَكَانَ إِذْ ذَاك يرى من الصَّفَا والان حجبها بِنَاء الْحرم (فَخر)

قَوْله وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ هَزَمَهُمْ بِغَيْر قتال من الادميين وَلَا بِسَبَب من جهتهم وَالْمرَاد الْأَحْزَاب الَّذين تحزبوا على رَسُول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الخَنْدَق وَكَانَ الخَنْدَق فِي شَوَّال سنة أَربع من الْهِجْرَة وَقيل سنة خمس انْتهى

قَوْله حَتَّى إِذا انصبت قدماه أَي انحدرت فِي الْمَسْعَى قَوْله حَتَّى إِذا صعدتا مَعْنَاهُ ارْتِفَاع الْقَدَمَيْنِ فِي بطن المسيل الى الْمَكَان العالي لِأَنَّهُ ذكر فِي مُقَابلَة الانصباب لمعات

قَوْله فَفعل على الْمَرْوَة الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ انه لَيْسَ عَلَيْهَا من الذّكر وَالدُّعَاء والرقي مثل مَا يسن على الصَّفَا وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ قَوْله فَلَمَّا كَانَ آخر طواف على الْمَرْوَة فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَالْجُمْهُور ان الذّهاب من الصَّفَا الى الْمَرْوَة يحْسب مرّة وَالرُّجُوع من الْمَرْوَة الى الصَّفَا ثَانِيَة وَالرُّجُوع الى الْمَرْوَة ثَالِثَة وَهَكَذَا فَيكون ابْتِدَاء السَّبع من الصَّفَا وَآخِرهَا بالمروة

قَوْله لَو اني اسْتقْبلت الخ أَي لَو ظهر لي هَذَا الراي الَّذِي رَأَيْته آخر أَو امرتكم بِهِ فِي أول أَمْرِي من الْإِحْرَام لم اسْقِ الْهدى وَفِي هَذَا دَلِيل على جَوَاز قَول لَو فِي التأسف على فَوَات أُمُور الدّين ومصالح الشَّرْع وَأما الحَدِيث الصَّحِيح فِي ان لَو تفتح عمل الشَّيْطَان فحمول على التأسف على حظوظ الدُّنْيَا وَنَحْوهَا وَقد كثرت الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي اسْتِعْمَال لَو فِي غير حظوظ الدُّنْيَا وَنَحْوهَا فَيجمع بَين الْأَحَادِيث بِمَا ذَكرْنَاهُ

قَوْله محرشا على فَاطِمَة أَي غَضْبَان هُوَ من التحريش بَين الْبَهَائِم (إنْجَاح)

قَوْله ثمَّ حل النَّاس كلهم أَي الَّذين لم يسوقوا الْهدى وَقَوله اهلوا بِالْحَجِّ أَي احرموا بِهِ (إنْجَاح)

قَوْله وَقصرُوا وَإِنَّمَا قصروا وَلم يحلقوا مَعَ ان الْحلق أفضل لأَنهم أَرَادوا ان يبْقى شعر يحلق فِي الْحَج فَلَو حَلقُوا لم يبْق شعر فَكَانَ التَّقْصِير هَهُنَا أحسن ليحصل فِي النُّسُكَيْنِ إِزَالَة شعر (نووي)

قَوْله وامر بقبة من شعر فَضربت لَهُ بنمرة هِيَ بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم هَذَا أَصْلهَا وَيجوز فِيهَا مَا يجوز فِي نظائرها وَهُوَ اسكان الْمِيم مَعَ فتح النُّون وَكسرهَا وَهِي مَوضِع بِجنب عَرَفَات وَلَيْسَت من عَرَفَات فِيهِ اسْتِحْبَاب النُّزُول بنمرة إِذا ذَهَبُوا من منى لِأَن السّنة ان لَا يدخلُوا عَرَفَات الا بعد زَوَال الشَّمْس وَبعد صَلَاتي الظّهْر وَالْعصر جمعا فَالسنة ان ينزلُوا بنمرة فَمن كَانَ لَهُ قبَّة ضربهَا ويغتسلون للوقوف قبل الزَّوَال فَإِذا زَالَت الشَّمْس سَار بهم الامام الى مَسْجِد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وخطب بهم خطبتين خفيفتين وخف الثَّانِيَة جدا فَإِذا فرغ مِنْهُمَا صلى بهم الظّهْر وَالْعصر جَامعا بَينهمَا فَإِذا فرغ من
الصَّلَاة سَار إِلَى الْموقف وَفِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز الاستظلال للْمحرمِ بقبة وَغَيرهَا وَلَا خلاف فِي جَوَازه للنازل وَاخْتلفُوا فِي جَوَازه للراكب فمذهب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ والاكثرين جَوَازه وَكَرِهَهُ مَالك وَأحمد (نووي)

قَوْله لَا تشك قُرَيْش الا انه وقف أَي الا فِي وُقُوفه وَفِي الِاسْتِثْنَاء وقته يَعْنِي ان قُريْشًا لم يشكوا فِي انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخالفهم فِي سَائِر مَنَاسِك الْحَج الا الْوُقُوف عِنْد الْمشعر الْحَرَام فَإِنَّهُم لم يشكوا فِي الْمُخَالفَة بل تحققوا انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقف عِنْده لِأَنَّهُ من مَوَاقِف الحمس وَأهل حرم الله والمشعر الْحَرَام جبل بِمُزْدَلِفَة يُقَال لَهُ قزَح كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ

قَوْله فَأجَاز أَي فجاوز من الْمزْدَلِفَة الى عَرَفَات قَوْله فرحلت لَهُ أَي شدّ على ظهرهَا ليرْكبَهَا قَوْله مَوْضُوع تَحت قدمي أَي بَاطِل فَالْمُرَاد بِالْوَضْعِ تَحت الْقدَم ابطاله وَتَركه سبق تَحْقِيقه قَوْله دم ربيعَة بن الْحَارِث اسْمه إِيَاس هُوَ بن عَم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(1/221)