شرح سنن ابن
ماجه للسيوطي وغيره قَوْله بِكَلِمَة الله قَالَ الْخطابِيّ
المُرَاد بهَا قَوْله تَعَالَى أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان
وَقيل المُرَاد بِالْكَلِمَةِ الْإِيجَاب وَالْقَبُول
وَمَعْنَاهُ على هَذَا بِالْكَلِمَةِ الَّتِي أَمر الله
تَعَالَى بهَا وَقيل المُرَاد كلمة التَّوْحِيد وَهِي لَا
إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله إِذْ لَا تحل
مسلمة بِغَيْر مُسلم وَقيل المُرَاد بِإِبَاحَة الله
والكلمة قَوْله تَعَالَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من
النِّسَاء وَلِهَذَا هُوَ الصَّحِيح (فَخر)
قَوْله لَا يوطئن فرشكم أحدا بِالتَّخْفِيفِ من الايطاء
وَهُوَ كِنَايَة عَن اقرار الْغَيْر عَلَيْهِنَّ والاختلاط
والْحَدِيث (إنْجَاح)
قَوْله وينكبها الى النَّاس أَي يميلها من نكب الْإِنَاء
ونكبه تنكيبا إِذا أماله وكبه وروى بفوقية بعد الْكَاف
وَهُوَ بعيد الْمَعْنى كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)
قَوْله حِين غَابَ القرص بدل من حَتَّى غربت الشَّمْس
وَهُوَ للتوضيح قَوْله فَدفع أَي انْصَرف من عَرَفَة الى
مُزْدَلِفَة (إنْجَاح)
قَوْله وَقد شنق بِفَتْح النُّون مُخَفّفَة أَي كفها
يُقَال شنقت الْبَعِير اشنقه شنقا إِذا كففته بزمامه
وَأَنت رَاكِبه (إنْجَاح)
قَوْله مورك رَحْله بِفَتْح مِيم وَكسر رَاء وموركه
المرفقة تكون عِنْد قادمة الرحل يضع الرَّاكِب رجله
عَلَيْهَا ليستريح من وضع رجله فِي الركاب أَرَادَ انه
بَالغ فِي جذب رَأسهَا ليكفها عَن السّير وَقَوله حبلا من
الحبال بِالْحَاء الْمُهْملَة هُوَ التل اللَّطِيف من
الرمل (إنْجَاح)
قَوْله وسيما أَي حسنا وجميلا قَوْله مر الظعن
بِضَمَّتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي جمع ظَعِينَة هِيَ
الْمَرْأَة الَّتِي تركب الْإِبِل وَقد تسْتَعْمل
للْمَرْأَة فَقَط (إنْجَاح)
قَوْله ببضعة أَي بِقِطْعَة من اللَّحْم هِيَ بِالْفَتْح
قَوْله فاكلا أَي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعلي كرم الله وَجهه (إنْجَاح)
قَوْله ثمَّ افاض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الى الْبَيْت فِيهِ مَحْذُوف تَقْدِيره
فَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ طواف الافاضة ثمَّ صلى
الظّهْر فَحذف ذكر الطّواف لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ
وَفِي هَذَا الحَدِيث انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صلى الظّهْر بِمَكَّة وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن بن عمر
انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظّهْر يَوْم
النَّحْر بمنى قَالَ بن الْهمام وَلَا شكّ ان أحد
الْخَبَرَيْنِ وهم إِذا تَعَارضا وَلَا بُد من صَلَاة
الظّهْر فِي أحد المكانين وَكَونهَا فِي مَكَّة
بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام لثُبُوت مضاعفة الْفَرَائِض فِيهِ
أولى انْتهى قَالَ الْقَارِي وَالْحمل على انه أعَاد
الظّهْر بمنى مقتديا على مَذْهَبنَا واماما على مَذْهَب
الشَّافِعِي وَأمر اصحابه بِالظّهْرِ حَيْثُ انتظروه أولى
من الْحمل على
الْوَهم كَمَا لَا يخفى على انه روى انه كَانَ يزور
الْبَيْت فِي كل يَوْم من أَيَّام النَّحْر فليحمل على
يَوْم آخر انْتهى
قَوْله فَأتى بني عبد الْمطلب أَي اتاهم بعد فرغه من طواف
الافاضة وهم يسقون على زَمْزَم مَعْنَاهُ يغرقون بالدلاء
ويصبونه فِي الْحِيَاض وَنَحْوهَا ويسيلونه للنَّاس
وَقَوله لَوْلَا ان يغلبكم الخ أَي لَوْلَا خوفي ان
يعْتَقد النَّاس ذَلِك من مَنَاسِك الْحَج ويزدحمون
عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُونَكُمْ ويدفعونكم عَن الاستقاء
لاستقيت مَعكُمْ لِكَثْرَة فَضِيلَة هَذَا الاستقاء وَفِيه
فَضِيلَة الْعَمَل فِي هَذَا الاستقاء واستحباب شرب مَاء
زَمْزَم وَأما زَمْزَم فَهِيَ البير الْمَشْهُورَة فِي
الْمَسْجِد الْحَرَام بَينهَا وَبَين الْكَعْبَة ثَمَان
وَثَلَاثُونَ ذِرَاعا قيل سميت زَمْزَم لِكَثْرَة مَائِهَا
يُقَال مَاء زَمْزَم وزمزوم وزمازم إِذا كَانَ كثيرا وَقيل
لضم هَاجر رض لمائها حِين انفجرت وزمها إِيَّاه وَقيل
لزمزمة جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَكَلَامه عِنْد
فجره إِيَّاهَا وَقيل انها غير مُشْتَقَّة وَلها أَسمَاء
أخر (نووي)
قَوْله من كسر أَو عرج الخ قَالَ فِي النِّهَايَة يُقَال
عرج عرجانا إِذا غمز من شَيْء اصابه وعرج عرجا إِذا صَار
اعرج أَو كَانَ خلقَة أَي من احصره مرض أَو عَدو فَعَلَيهِ
ان يبْعَث بِهَدي ويواعد الْحَامِل يَوْمًا بِعَيْنِه
يذبحها فِيهِ فيتحلل بعده انْتهى وَبِه قَالَت
الْحَنَفِيَّة ان من احصر بعدو أَو مرض يبْعَث الْهَدْي
ويتحلل وَيجب عَلَيْهِ الْقَضَاء وَلَا تصغ الى قَول مُحي
السّنة فِي المصابيح انه ضَعِيف لِأَنَّهُ قَالَ التوربشتي
الحكم بِضعْف هَذَا الحَدِيث بَاطِل (فَخر)
قَوْله بَاب فديَة الْمحصر والاذى الْفِدْيَة مُضَاف الى
الْمحصر والى الْأَذَى أَيْضا وَالْمرَاد من الْأَذَى مَا
يتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَان من الْقمل وَالْمَرَض وَغير
ذَلِك وَحَدِيث كَعْب بن عجْرَة كَانَ قبل ثُبُوت
الْإِحْصَار لعدم الْعلم بِهِ كَانَ الْمَعْنى ان الْمحرم
إِذا وجد الْأَذَى مَعَ عدم الْعلم بالإحصار مَاذَا يفعل
واما بعد الْعلم بالإحصار فَعَلَيهِ حل الْإِحْرَام
وَعَلِيهِ الْعمرَة وَالْحج من قَابل فَلَا يَسْتَقِيم
معنى فديَة الْمحصر وَالله أعلم إنْجَاح الْحَاجة
[3079]
قَوْله ففدية من صِيَام الخ معنى الحَدِيث ان من احْتَاجَ
الى حلق الرَّأْس لضَرَر من قمل أَو مرض أَو نَحْوهمَا
فَلهُ حلقه فِي الْإِحْرَام وَعَلِيهِ الْفِدْيَة قَالَ
الله تَعَالَى فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى
من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك وَبَين
النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الصّيام
ثَلَاثَة أَيَّام وَالصَّدَََقَة ثَلَاثَة اصع لسِتَّة
مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع والنسك شَاة وَهِي شَاة
تجزى فِي الاضحية ثمَّ ان الْآيَة الْكَرِيمَة
وَالْأَحَادِيث متفقة على انه مُخَيّر بَين هَذِه
الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة وَهَكَذَا الحكم عِنْد الْعلمَاء
انه مُخَيّر بَين الثَّلَاثَة وَأما قَوْله عَلَيْهِ
السَّلَام فِي رِوَايَة لمُسلم هَل عنْدك نسك قَالَ مَا
اقدر عَلَيْهِ فَأمره ان يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام فَلَيْسَ
المُرَاد بَان الصَّوْم لَا يجزى الا لعادم الْهدى بل هُوَ
مَحْمُول على أَنه سَأَلَ عَن النّسك فَإِن وجده أخبرهُ
بِأَنَّهُ مُخَيّر بَينه وَبَين الصَّوْم والاطعام وان
عَدمه فَهُوَ مُخَيّر بَين الصّيام والاطعام نووي
(1/222)
[3081] احْتجم وَهُوَ صَائِم محرم وروى
مُسلم عَن بن بجينة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ احْتجم بطرِيق مَكَّة وَهُوَ محرم وسط رَأسه
قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل لجَوَاز
الْحجامَة للْمحرمِ وَقد اجْمَعْ الْعلمَاء على جَوَاز
هاله فِي الرَّأْس وَغَيره إِذا كَانَ لَهُ عذر فِي ذَلِك
وان قطع الشّعْر حِينَئِذٍ لَكِن عَلَيْهِ الْفِدْيَة لقلع
الشّعْر فَإِن لم يقطع فَلَا فديَة عَلَيْهِ وَدَلِيل
المسئلة قَوْله تَعَالَى فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو
بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية الْآيَة وَهَذَا الحَدِيث
مَحْمُول على ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ لَهُ عذر فِي الْحجامَة فِي وسط الرَّأْس لِأَنَّهُ
لَا يَنْفَكّ عَن قطع الشّعْر اما إِذا أَرَادَ الْمحرم
الْحجامَة بِغَيْر حَاجَة فَإِن تَضَمَّنت قطع شعر فَهِيَ
حرَام لتَحْرِيم قطع الشّعْر وان لم تَتَضَمَّن ذَلِك
بِأَن كَانَت فِي مَوضِع لَا شعر فه فِيهِ جَائِزَة عِنْد
الْجُمْهُور وَلَا فديَة فِيهَا وَعَن بن عمر وَمَالك
كراهتها وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ فِيهَا الْفِدْيَة
دليلنا ان إِخْرَاج الدَّم لَيْسَ حَرَامًا وَفِي هَذَا
الحَدِيث بَيَان قَاعِدَة من مسَائِل الْإِحْرَام وَهِي ان
الْحلق واللباس وَقتل الصَّيْد وَنَحْو ذَلِك من
الْمُحرمَات يُبَاح للْحَاجة وَعَلِيهِ الْفِدْيَة كمن
احْتَاجَ الى حلق أَو لِبَاس لمَرض أَو حر أَو برد أَو قتل
صيد للمجاعة وَغير ذَلِك انْتهى
قَوْله
[3082] عَن رهصة اخذته الرهصة أَصله ان وبيب بَاطِن حافر
الدَّابَّة شَيْء يوهنه أَو ينزل فِيهِ المَاء من الاعياء
وَاصل الرهص شدَّة الْعَصْر كَذَا فِي مجمع الْبحار
وَلَعَلَّ المُرَاد مِنْهُ الرقي وَهُوَ نوع من الوجع يحصل
بِسَبَب تحرّك رَأس الْعظم من مفصله بِلَا انخلاع مِنْهُ
وانكسار عظم وَغَيره فيمتد الاعصاب والاوتار الْمُحِيط
بِهِ فيوجع فقد ثَبت حجامته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ من هذاالوجع (إنْجَاح)
قَوْله
[3083] كَانَ يدهن رَأسه بالزيت الخ اعْلَم ان الْمحرم
إِذا ادهن بدهن مُطيب كدهن الْورْد عضوا كَامِلا فَعَلَيهِ
الدَّم بالِاتِّفَاقِ وان ادهن بِزَيْت أَو حل أَي دهن
السمسم غير مخلوط بِطيب إِذا كثر مِنْهُ فَعَلَيهِ دم
عِنْد أبي حنيفَة وَصدقَة عِنْدهمَا وان اسْتَعْملهُ على
وَجه التَّدَاوِي فَلَا شَيْء عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاع
وَلَعَلَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادهن على وَجه
التَّدَاوِي (مرقاة)
قَوْله غير المقتت أَي غير المطيب وَهُوَ مَا يطْبخ فِيهِ
الرياحين الطّيبَة ليطيب رِيحه (إنْجَاح)
قَوْله
[3084] وَلَا تخمروا وَجهه وَلَا رَأسه الخ فِي هَذَا
الحَدِيث دلَالَة لمَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق
فِي ان الْمحرم إِذا مَاتَ لَا يجوز ان يلبس الْمخيط وَلَا
يخمر رَأسه وَلَا يمس طيبا وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ
وَأَبُو حنيفَة وَغَيرهم يفعل بِهِ مَا يفعل بالحي ودليلهم
مَا روى الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَطاء مُرْسلا انه صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن محرم مَاتَ فَقَالَ
خمروا وَجهه وَرَأسه وَلَا تشبهوه باليهود وَأَجَابُوا عَن
حَدِيث الْبَاب بِأَنَّهُ وَاقعَة حَال لَا عُمُوم لَهَا
فَلَا ينفذ الى غَيره الا بِدَلِيل وَبِالْجُمْلَةِ لَو
كَانَت هَذِه سنة مستمرة للْمحرمِ لنقلت وَجَرت فِي زمن
الصَّحَابَة وَلم يفعل الصَّحَابَة خلَافهَا مَعَ ان بن
عمر مَعَ انه كَانَ شَدِيد الِاتِّبَاع فعل خِلَافه روى
مَالك عَن نَافِع ان عبد الله بن عمر كفن ابْنه واقدا
وَمَات بِالْجُحْفَةِ محرما وَقَالَ لَوْلَا انا حرم
لطيبناه وخمر رَأسه وَوَجهه قَالَ مُحَمَّد وَبِهَذَا
نَأْخُذ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة إِذا مَاتَ ذهب
الْإِحْرَام عَنهُ (فَخر)
قَوْله
[3087] خمس فواسق هُوَ بتنوين خمس يقتلن فِي الْحل
وَالْحرم الْحَيَّة وَهُوَ مَعْرُوف والغراب الابقع وَهُوَ
الَّذِي فِي ظَهره وبطنه بَيَاض وَهُوَ الَّذِي يَأْكُل
النَّجَاسَة والفارة وَهُوَ مَعْرُوف وَالْكَلب الْعَقُور
وَهُوَ الْمَجْنُون الَّذِي يعَض وَقيل كل مَا يفترس لِأَن
كل مفترس من السبَاع يُسمى كَلْبا عقورا فِي اللُّغَة
والحدأة بِكَسْر الْحَاء مَهْمُوزَة وَجَمعهَا حدأ بِكَسْر
الْحَاء مَهْمُوز كعنبة وعنب طَائِر مَعْرُوف وَفِي
الرِّوَايَة الْأُخْرَى الحدياة تَصْغِير الحدأة وَفِي
الرِّوَايَة الْآتِيَة الْعَقْرَب بدل الْحَيَّة وَفِي
رِوَايَة مُسلم عَن عائةشة أَربع بِحَذْف الْحَيَّة
وَالْعَقْرَب وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ عَن بن عمر
يقتل الذِّئْب فالمنصوص عَلَيْهِ السَّبع قَالَ
الْعَيْنِيّ نَص النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
على قتل خمس من الدَّوَابّ فِي الْحرم والاحرام وَبَين
الْخمس مَا هن فَدلَّ هَذَا على ان حكم غير هَذِه الْخمس
غير حكم الْخمس والا لم يكن للتنصيص على الْخمس فَائِدَة
قَالَ عِيَاض ظَاهر قَول الْجُمْهُور ان المُرَاد أَعْيَان
مَا سمى فِي هَذَا الحَدِيث وَهُوَ ظَاهر قَول مَالك وَأبي
حنيفَة وَلِهَذَا قَالَ مَالك لَا يقتل الْمحرم الوزغ وان
قَتله فدَاه انْتهى قلت وَأما بَاقِي السبَاع فالمنصوص
عَلَيْهِ فِي ظَاهر الرِّوَايَة انه يجب بقتلها الْجَزَاء
لَا يُجَاوز شَاة ان ابتدأها الْمحرم وان ابتدأته بالأذى
فَقَتلهَا لَا شَيْء عَلَيْهِ وَذَلِكَ كالاسد والفهد
والنمر والصقر والبازي وَقسم صَاحب الْبَدَائِع الصَّيْد
الْبري الى ماكول وَغَيره فالمأكول لَا يحل قَتله للْمحرمِ
الا ان يصول وَغير الْمَأْكُول ان ابتدأته بالأذى غَالِبا
كالاسد وَالذِّئْب والنمر والفهد يحل قَتله وان لم يصل
وَجعل وُرُود النَّص فِي الفواسق ورودا فِيهَا دلَالَة وان
لم يكن كَذَلِك كالضبع والثعلب لَا يحل قَتله الا ان يصول
انْتهى قلت وَهَذِه الرِّوَايَة أولى بِالْقبُولِ
لِأَنَّهُ كَذَلِك يثبت عَن الْأَحَادِيث مِنْهَا الحَدِيث
الَّاتِي يقتل الْمحرم الْحَيَّة وَالْعَقْرَب والسبع
العادي وَمَا روى الدَّارَقُطْنِيّ يقتل الذِّئْب وَمَا
روى بن ماجة وَأَبُو دَاوُد والدارمي عَن جَابر جعل رَسُول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضبع يُصِيبهُ
الْمحرم كبشار وَجعله من الصَّيْد فَتَأمل (فَخر)
قَوْله والحدياة تَصْغِير الحدأة بِكَسْر الْحَاء وَكسر
الدَّال على زنة عنبة قَوْله فَقيل لم قيل لَهُ الفويسقة
وَهُوَ تَصْغِير فاسقة للتحقير وَالْمرَاد بِهِ الموذي
وَصفَة الفارة بالفويسقة صفة كاشفة لَا احترازية فَإِن كل
فارة كَذَلِك (إنْجَاح)
قَوْله
[3090] فَرده عَليّ الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ دلّ الحَدِيث
على ان الْمحرم لَا يجوز لَهُ قبُول الصَّيْد إِذا كَانَ
حَيا وان جَازَ لَهُ قبُول لَحْمه وَقيل الْهدى كَانَ لحم
حمَار وَحشِي وَإِنَّمَا لم يقبل لِأَنَّهُ ظن انه صيد
لأَجله وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أبي قَتَادَة وَحَدِيث جَابر
انْتهى
قَوْله
[3092] أعطَاهُ حمَار وَحش الخ قَالَ مُحَمَّد إِذا صَاد
الْحَلَال الصَّيْد فذبحه فَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُل
الْمحرم من لَحْمه ان كَانَ صيد من أَجله أَو لم يصد من
أَجله لِأَن الْحَلَال صَاده وذبحه وَذَلِكَ لَهُ حَلَال
فَخرج من حَال الصَّيْد فَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الْمحرم
مِنْهُ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة من فقهائنا مؤطا
(1/223)
[3093] وَلم يَأْكُل مِنْهُ الخ الظَّاهِر ان هَذِه
الْقِصَّة غير الْقِصَّة الَّتِي أخرجهَا الشَّيْخَانِ عَن
أبي قَتَادَة ان أَبَا قَتَادَة عقر حمارا وحشيا
فَأَكَلُوا وندموا فَلَمَّا ادركوا رَسُول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سالوه فَقَالَ هَل مَعكُمْ
مِنْهُ شَيْء قَالُوا مَعنا رجله فَأَخذه النَّبِي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأكلها أَو يُقَال فِي التطبيق
انه لم يُخبرهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول
الوهلة بِأَنَّهُ صَاده لأَجله فَلَمَّا أكل مِنْهُ شَيْئا
أخبرهُ بِأَنَّهُ صَاده لأَجله فَترك وَلم يَأْكُل
والْحَدِيث يُؤَيّد مَذْهَب الْجُمْهُور وَأما أَبُو
حنيفَة فأحله وان صيد لأجل الْمحرم (إنْجَاح)
قَوْله
[3097] اشعر الْهدى الخ قَالَ الْعَيْنِيّ الاشعار ان
يضْرب فِي صفحة سنامها الْيُمْنَى بحديدة حَتَّى يتلطخ
بِالدَّمِ ظَاهر أَو فِي اللمعات الاشعاران يشق أحد سنامي
الْبدن حَتَّى يسيل دَمهَا وَهُوَ سنته ليعرف انها هدى
ويتميز ان خلطت وَعرفت ان ضلت ويرتدع السراق عَنْهَا
ويأكلها الْفُقَرَاء إِذا ذبح بعطب وقلد نَعْلَيْنِ أَي
جَعلهمَا قلادة فِي عُنُقه وَقَالُوا كَانَ من عَادَة
الْجَاهِلِيَّة اشعار الْهَدْي وتقليده بنعل أَو عُرْوَة
أَو لحاء شَجَرَة أَو غير ذَلِك فقرره الْإِسْلَام أَيْضا
الصِّحَّة الْغَرَض وَاتَّفَقُوا على ان الْغنم لَا يشْعر
لِضعْفِهَا أَو لِأَنَّهُ يستر بالصوف ويقلد وَأعلم ان
الاشعار سنة عَن جُمْهُور الْأَئِمَّة وروى عَن أبي حنيفَة
انه يسْتَحبّ التَّقْلِيد والأشعار بِدعَة مَكْرُوه
لِأَنَّهُ مثلَة وتعذيب الْحَيَوَان وَهُوَ حرَام
وَإِنَّمَا فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن
الْمُشْركين لَا يمتنعون عَن تعرضه الا بالاشعار وَقَالُوا
انه مُخَالف للأحاديث الصَّحِيحَة الْوَارِدَة بالاشعار
وَلَيْسَ مثله بل هُوَ كالفصد والحجامة والختان والكي
للْمصْلحَة وَأَيْضًا تعرض الْمُشْركين فِي ذَلِك الْوَقْت
بعيد لقُوَّة الْإِسْلَام هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَقد قيل
ان كَرَاهَة أبي حنيفَة الاشعار إِنَّمَا كَانَ من أهل
زَمَانه كَانُوا يبالغون فِيهِ بِحَيْثُ يخَاف سرَايَة
الْجراحَة وَفَسَاد الْعُضْو انْتهى وَقيل إِنَّمَا كره
إيثاره على التَّقْلِيد وَقَالَ الْعَيْنِيّ قَالَ
الطَّحَاوِيّ الَّذِي هُوَ أعلم النَّاس بِمذهب أبي حنيفَة
ان أَبَا حنيفَة لم يكره أصل الاشعار وَلَا كَونه سنة
وَإِنَّمَا كره مَا يفعل على وَجه يخَاف مِنْهُ هلاكها
لسراية الْجرْح لَا سِيمَا فِي حر الْحجاز مَعَ الطعْن
بِالسِّنَانِ أَو الشَّفْرَة فَأَرَادَ سد الْبَاب على
الْعَامَّة لأَنهم لَا يراعون الْحَد فِي ذَلِك وَأما من
وقف على الْحَد فَقطع الْجلد دون اللَّحْم فَلَا يكرههُ
انْتهى فالاشعار المقتصد الْمُخْتَار عِنْده أَيْضا
مُسْتَحبّ
قَوْله
[3099] وان لَا أعْطى الجزار الخ الجزار بالزائ
الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره رَاء مُهْملَة القصاب الَّذِي
ينْحَر الاجل قَالَه الْكرْمَانِي أَي لَا أعطي من اجرة
الجزار مِنْهُ شَيْئا لِأَن الْأُجْرَة فِي معنى البيع
وَلَا مدْخل للْبيع فِي شَيْء مِنْهَا كَذَا فِي شُرُوح
البُخَارِيّ قَالَ الْخطابِيّ أَي لِأَن لَا أعطي
الْأُجْرَة وَأما ان يتَصَدَّق عَلَيْهِ فَلَا بَأْس بِهِ
(إنْجَاح) |