شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره

قَوْله

بَاب النشرة هُوَ بِالضَّمِّ ضرب من الرّقية والعلاج لمن ظن بِهِ مس من الْجِنّ وَسميت نشرة لأَنهم كَانُوا يرَوْنَ انه ينشر بهَا عَنهُ مَا خامره من الدَّاء أَي تكشف عقلا لَيْسَ كعقول النَّاس أَي بل هُوَ اعقل مِنْهُم إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله
[3534] ذِي الطفيتين وَهِي حَيَّة خبيثة على ظهرهَا خطان اسودان والطفية بِالضَّمِّ خوصَة الْمقل أَي ورقة وَجَمعهَا طفى شبه الخطان بِهِ (إنْجَاح)

قَوْله
[3536] يُعجبهُ الفأل الْحسن الفأل بِالْهَمْزَةِ فِيمَا يسر ويسؤو الطَّيرَة فِيمَا يسوء الا نَادرا تفالت بِهِ وتفالت على التَّخْفِيف وَالْقلب وَقد اولع النَّاس بترك همزَة تَخْفِيفًا والطيرة بِكَسْر طاء وَفتح يَاء وَقد تسكن التشاؤم لشَيْء وَهُوَ مصدر تطير طيرة كتخير خيرة وَلم يجِئ من الْمصدر هَكَذَا غَيرهمَا وَأَصله التطير بالوافح والسوارغ من الطير والظباء وَغَيرهمَا وَأَنَّهُمْ كَانُوا ينفرون الظباء والطيور فَإِذا أخذت ذَات الْيَمين يتْركُوا وَهُوَ السانح وان أخذت ذَات الشمَال تشَاء مرا وَهُوَ البارح وَكَانَ يصدهم عَن مقاصدهم فنفاه الشَّرْع وَنَهَاهُ عَنهُ وَأخْبر ان لَا تَأْثِير لَهُ فِي جلب نفع أَو دفع ضَرَر والتفاؤل مثلا ان يسمع العليل الْمَرِيض أَو طَالب الضَّالة يَا سَالم أَو يَا وَاجِد فَظن بُرْؤُهُ ووجدان مَطْلُوبه وَقد جَاءَت الطَّيرَة بِمَعْنى الْجِنْس والفأل بِمَعْنى النَّوْع وَمِنْه اصدق الطَّيرَة أَو أحْسنهَا أَو خَيرهَا الفأل وَإِنَّمَا احب الفأل لِأَن النَّاس إِذا املوا فَوَائِد الله ورجوا عوائده عِنْد كل سَبَب ضَعِيف أَو قوى فهم على خير وان غلطوا فِي جِهَة الرَّجَاء فَإِن الرَّجَاء لَهُم خير وَإِذا قطعُوا املهم وَرَجَاءَهُمْ من الله كَانَ ذَلِك من الشَّرّ فالطيرة فِيهَا سوء الظَّن بِاللَّه تَعَالَى وتوقع الْبلَاء هَذَا ملتقط من مجمع الْبحار قَالَ القَاضِي لَا يجوز الْعَمَل بالطيرة وَهُوَ التفاؤل بالطير والتشاؤم بهَا كَانُوا يجْعَلُونَ الْعبْرَة فِي ذَلِك تَارَة بالأسماء وَتارَة بالأصوات وَتارَة بالسنوح والبروح وَكَانُوا يهيجونها من اماكنها لذَلِك ثمَّ البارح هُوَ الَّذِي يمر من ميامنك الى مياسرك والسانح عكس ذَلِك انْتهى (إنْجَاح)

قَوْله

(1/252)


[3537] لَا عدوى الخ الْعَدْوى اسْم من الْأَعْدَاء كالبقوى من الابقاء اعداه الدَّاء بَان يُصِيبهُ مثل مَا بِصَاحِب الدَّاء وَهَهُنَا مُجَاوزَة الْعلَّة من صَاحبهَا الى غَيره وَذَلِكَ على مَا ذهب اليه المطببة وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل هَذَا مِنْهُم من يَقُول ان المُرَاد مِنْهُ نفي ذَلِك وابطاله على مَا يدل عَلَيْهِ ظَاهر الحَدِيث وَمِنْهُم من يرى انه لم يرد ابطاله كَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فر من المجذوم الحَدِيث وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك نفي مَا اعتقدوا ان الْعِلَل الردية مُؤثرَة لَا محَالة فاعلمهم انه لَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ مُتَعَلق بالمشية ان شَاءَ كَانَ وان لم يَشَأْ لم يكن وَيُشِير الى هَذَا الْمَعْنى قَوْله فَمن اعدى الأول وَبَين بقوله فر من المجذوم ان مداناة ذَلِك من أَسبَاب الْعلَّة خلقَة فالاتقاء مِنْهُ كاتقائه من الْجِدَار المائل كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح)
وَمَا منا أحد الا ان يعرض لَهُ الْوَهم من قبل الطَّيرَة فَلم يُصَرح بذلك الْحَالة الْمَكْرُوهَة وَلَكِن الله يذهب ذَلِك الْمَكْرُوه بالتوكل عَلَيْهِ ذكره السَّيِّد جمال الدّين وَفِي الْمجمع وَمعنى يذهبه بالتوكل مِنْهُ إِذا خطر لَهُ عَارض التطير فتوكل عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ وَلَو لم يعْمل بِهِ عقوله وَحذف الْمُسْتَثْنى لما فِيهِ من سوء حَال فَإِنَّهُم يرَوْنَ مَا يتشاءمون سَببا مؤثرا أَو مُلَاحظَة الْأَسْبَاب شرك خَفِي فَكيف إِذا انْضَمَّ اليه سوء اعْتِقَاد انْتهى قَالَ التِّرْمِذِيّ سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَعْنِي البُخَارِيّ يَقُول كَانَ سُلَيْمَان بن حَرْب يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث هَذَا عِنْدِي قَول بن مَسْعُود أَي قَوْله وَمَا منا الخ (إنْجَاح)

قَوْله وَلَا هَامة بتَخْفِيف الْمِيم أَي اسْم طير يتشاءم بِهِ النَّاس وَهُوَ طير كَبِير يضعف بَصَره بِالنَّهَارِ ويطير بِاللَّيْلِ ويصوت وَيُقَال هُوَ البومة وَقيل كَانَت الْعَرَب تزْعم ان عِظَام الْمَيِّت إِذا بليت تصير هَامة تخرج من الْقَبْر تَتَرَدَّد وَتَأْتِي بأخبار أَهلهَا وَقيل كَانَت تزْعم ان روح الْقَتِيل الَّذِي لَا يدْرك بثأره يصير هَامة فَيَقُول اسقوني اسقوني فَإِذا أدْرك بثاره طارت فَأبْطل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِه الادعاء والزعوم (إنْجَاح)

قَوْله وَلَا صفر بِفتْحَتَيْنِ كَانَت الْعَرَب تزْعم انه حَيَّة فِي الْبَطن واللدغ الَّذِي يجده الْإِنْسَان عِنْد الْجُوع من عضه وَقيل هُوَ الشَّهْر الْمَعْرُوف كَانُوا يتشاءمون بِدُخُولِهِ ويزعمون ان فِيهِ يكثر الدَّوَاهِي والفتن وَقيل أَرَادَ بِهِ النسيء فَإِن أهل الْجَاهِلِيَّة يحلونه عَاما ويحرمونه عَاما ويجعلون الْمحرم صفرا ويجعلون صفرا من اشهر الْحرم قَالَ جلّ ذكره إِنَّمَا النسيئ زِيَادَة فِي الْكفْر الْآيَة فَأبْطل كل هَذِه المزعومات ونفاها الشَّارِع (إنْجَاح)

قَوْله
[3541] لَا يُورد الممرض الخ هَذَا من قبيل حَدِيث فر من المجذوم من ان مداناة مثل هَذِه من الْأَسْبَاب العادية فالاتقاء مِنْهُ كالاتقاء من الْجِدَار المائل الى السُّقُوط (إنْجَاح)

قَوْله
[3545] قَالَ مطبوب أَي مسحور المشاطة مَا يسْقط من شعر الرَّأْس واللحية عِنْد التسريح بالمشط والجف بِضَم جِيم وَشدَّة فَاء وعَاء طلع النّخل وَهُوَ الغشاء الَّذِي عَلَيْهِ وأضاف الطلعة الى ذكر فَإِن النّخل نَوْعَانِ ذكر وانثى وبير ذِي اروان بِفَتْح الْهمزَة وَضبط بَعضهم ذروان بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء الْمُهْملَة ثمَّ الْوَاو الْمَفْتُوحَة هُوَ بير لبنى زُرَيْق بِالْمَدِينَةِ (إنْجَاح)

قَوْله ولكان نخلها الخ قَالَ الْقَارِي قَالَ التوربشتي أَرَادَ بِالنَّخْلِ طلع النّخل وَإِنَّمَا اضافه الى البير لِأَنَّهُ كَانَ مَدْفُونا فِيهَا وَأما تَشْبِيه ذَلِك برؤس الشَّيَاطِين فَلَمَّا صادفوه عَلَيْهِ من الوحشة والنفرة وقبح المنظر وَكَانَت الْعَرَب تعد صور الشَّيَاطِين من أقبح المناظر ذَهَابًا فِي الصُّورَة الى مَا يَقْتَضِيهِ الْمَعْنى انْتهى ثمَّ الْحِكْمَة فِي تَأْثِير السحر فِي الْجِسْم الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَار ان السحر حق ثَابت جرت بِهِ السّنة الإلهية وَإِظْهَار صِحَة نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن السحر لَا يُؤثر فِي السَّاحر كَذَا فِي اللمعات (إنْجَاح)

قَوْله كرهت ان أثير على النَّاس شرا أَي افشي عَلَيْهِم لأَنهم إِذا رَأَوْا ذَلِك تعلمُوا مِنْهُ والمصلحة فِي هَذِه الْأُمُور اخفاؤها ثمَّ الْحِكْمَة فِي تَأْثِير السحر فِي جِسْمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَار أَن السحر حق ثَابت جرت بِهِ السّنة الإلهية وَإِظْهَار صِحَة نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن السحر لَا يُؤثر فِي السَّاحر وَكَانَ سحره بعد رُجُوعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْحُدَيْبِيَة فِي ذِي الْحجَّة من السّنة السَّادِسَة وَمُدَّة بَقَائِهِ قيل أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَفِي رِوَايَة سِتَّة اشهر وَفِي رِوَايَة سنة وَيجمع بِأَن قوته وغلبته كَانَت أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَوُجُود اثاره الى سِتَّة اشهر وَبَقِيَّة بعض بقاياه الى سنة لمعات

قَوْله

(1/253)


[3546] لَا يزَال يصيبك كل عَام وجع الخ اخْرُج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول من مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَا عَائِشَة مَا أَزَال أجد الم الطَّعَام الَّذِي اكلته بِخَيْبَر وَهَذَا اوان وجدت انْقِطَاع ابهري من ذَلِك السم والابهر بِفَتْح الْهمزَة وَالْهَاء بَينهمَا مُوَحدَة عرق يتَعَلَّق بِهِ الْقلب فَإِذا انْقَطع مَاتَ صَاحبهَا والسر فِي ذَلِك ان يَنْضَم لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النُّبُوَّة دَرَجَة الشَّهَادَة أَيْضا (إنْجَاح)

قَوْله من الشَّاة المسمومة الخ قَالَ النَّوَوِيّ والفاعلة للسم الْمَرْأَة الْيَهُودِيَّة وَاسْمهَا زَيْنَب بنت الْحَارِث أُخْت مرحب الْيَهُودِيّ رَأينَا تَسْمِيَتهَا هَذِه فِي مغازي مُوسَى بن عقبَة وَدَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي قَالَ القَاضِي عِيَاض وَاخْتلف الْآثَار وَالْعُلَمَاء هَل قَتلهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لَا فَوَقع فِي مُسلم انهم قَالُوا الا نقتلها قَالَ لَا وَمثله عَن أبي هُرَيْرَة وَجَابِر وَعَن جَابر من رِوَايَة أبي سَلمَة انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتلهَا وَفِي رِوَايَة بن عَبَّاس انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفعهَا الى أَوْلِيَاء بشر بن الْبَراء بن الْمَعْرُور وَكَانَ أكل مِنْهَا فَمَاتَ بهَا فَقَتَلُوهَا وَقَالَ بن سَحْنُون اجْمَعْ أهل الحَدِيث ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتلهَا قَالَ القَاضِي وَجه الْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات انه لم يَقْتُلهَا وَلَا حِين اطلع على سحرها وَقيل لَهُ اقتلها فَقَالَ لَا فَلَمَّا مَاتَ بشر بن الْبَراء من ذَلِك سلمهَا لاوليائه فَقَتَلُوهَا قصاصا فَيصح قَوْلهم لم يَقْتُلهَا أَي فِي الْحَال وَيصِح قَوْلهم قَتلهَا أَي بعد ذَلِك انْتهى

قَوْله قَالَ بِهِ لمَم أَي مس من الْجِنّ أَو جُنُون فِي الْقَامُوس واللمم محركة الْجُنُون والملموم الْمَجْنُون واصابته من الْجِنّ مِلَّة أَي مس أَو خبلى انْتهى (إنْجَاح)

[3550] فِي خميصة قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ ثوب خَزًّا وصوف معلم وَقيل لَا تسمى خميصة الا ان تكون سَوْدَاء معلمة وَكَانَت من لِبَاس النَّاس قَدِيما وجمعهما خمائص إنْجَاح وزجاجة

قَوْله اذْهَبُوا بهَا الى أبي جهم بِفَتْح مُعْجمَة وَكسر مِيم روى انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتى بخميصتين فَلبس إِحْدَاهمَا وَبعث بِالْأُخْرَى الى أبي جهم ثمَّ بعث اليه بعد الصَّلَاة الملبوسة وَطلب مِنْهُ الاخر (إنْجَاح)

قَوْله بانبجانيته قَالَ الطَّيِّبِيّ الْمَحْفُوظ بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة ويروى بِفَتْحِهَا وَهُوَ مَنْسُوب الى منبج الْمَدِينَة الْمَشْهُور وَهِي مَكْسُورَة الْبَاء فتحت فِي النِّسْبَة وابدلت الْمِيم همزَة وَقيل انه مَنْسُوب الى مَوضِع اسْمه انبيجان وَهُوَ أشبه وَالْأول فِيهِ تعسف وَهُوَ كسَاء يتَّخذ من الصُّوف وَله خمل وَلَا علم لَهُ وَهُوَ من ادون الثِّيَاب الغليظة والهمزة فِيهَا زَائِد وَقيل مَنْسُوب الى اذربيجان وَقد حذف بعض حروفها وعرب وَقيل إِنَّمَا أرسل الى أبي جهم لِأَنَّهُ الَّذِي أرسل تِلْكَ الخميصة اليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطلب انبجانية فالحكمة فِيهِ ان لَا يتَأَذَّى قلبه بردهَا اليه وَفِيه ايذان بِأَن للصور والاشياء الظَّاهِرَة تَأْثِيرا فِي النُّفُوس الظَّاهِرَة والقلوب الزاكية (إنْجَاح)

قَوْله
[3551] تَدعِي الملبدة قَالَ الْعلمَاء الملبد بِفَتْح الْبَاء وَهُوَ المرقع يُقَال لبدت الْقَمِيص الملبدة بِالتَّخْفِيفِ فيهمَا لبدته والبدته بِالتَّشْدِيدِ وَقيل هُوَ الَّذِي ثخن وَسطه حَتَّى صَار كاللبد وَقَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات وَفِي هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله بَيَان مَا كَانَ صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ من الزهادة فِي الدُّنْيَا والاعراض من متاعها وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد لبس فِي بعض الاحيان أحسن الملابس واعلاها اما بَيَانا للْجُوَاز وابتلا فالقلب مهديها أَو رفعا للتكلف حِين حضر ذَلِك وَالْأَكْثَر انه حِين لبس الاحسن وهبه فِي سَاعَة والبسه غَيره وَتَحْقِيق الْمقَام ان الْأَحَادِيث كَمَا وَردت فِي بَاب فَضِيلَة الزّهْد وَترك التنعم فِي ملاذ الدُّنْيَا وملابسها ومتاعها وَالتَّرْغِيب والتحريص عَلَيْهِ كَذَلِك وَقعت فِي شَأْن التجمل والزينة إِظْهَارًا للنعمة والغنى وتركا للتكلف وَالْمُعْتَبر فِي ذلكالقصد وَالنِّيَّة فَترك التجمل وَلبس ادون الثِّيَاب ان كَانَ للبخل والخسة وَإِظْهَار الْفقر والتزهد والطمع فِي أَيدي النَّاس ومرائيا بهم فَهُوَ مَذْمُوم وعَلى قصد الزّهْد والتواضع والايثار مَحْمُود وَكَذَلِكَ التزين والتجمل والترفع وَلبس افخر الملابس ان كَانَ على وَجه التكبر وَالْخُيَلَاء والتفاخر والبطر والاسراف فَهُوَ قَبِيح وَحرَام وان كَانَ لإِظْهَار النِّعْمَة والغناء أَو التعفف وَستر الْحَال فَهُوَ حسن وَهَذَا هُوَ القَوْل الفيصل انْتهى مُخْتَصرا

قَوْله
[3552] فِي شملة الخ الشملة مَا يشْتَمل بِهِ فَهُوَ أَعم من الْبردَة وَقد عقد عَلَيْهَا إِشَارَة الى صغرها (إنْجَاح)

قَوْله
[3554] وَلَا يطوى لَهُ ثوب اما لِأَنَّهُ كَانَ يُعْطِيهِ غَيره وَلَا يدّخر أَو الْمَعْنى انه كَانَ يخْدم نَفسه الشَّرِيفَة وَلَا يكل الى غَيره (إنْجَاح)

قَوْله فجَاء فلَان بن فلَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقَوله
[3555] فَكَانَت كَفنه يَوْم مَاتَ وَفِيه التَّبَرُّك بآثار الصَّالِحين حَيا وَمَيتًا (إنْجَاح)

قَوْله

(1/254)


[3559] فاشتمال الصماء الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَأما اشْتِمَال الصماء بِالْمدِّ فَقَالَ الْأَصْمَعِي هُوَ ان يشْتَمل بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلل بِهِ جسده لَا يرفع مِنْهُ جانبا فَلَا يبْقى مَا يخرج مِنْهُ يَده وَهَذَا يَقُوله أَكثر أهل اللُّغَة قَالَ بن قُتَيْبَة سميت صماء لِأَنَّهَا سد المنافذ كلهَا كالصخرة الصماء الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خرق وَلَا صدع قَالَ أَبُو عبيد وَأما الْفُقَهَاء فَيَقُولُونَ هُوَ ان يشْتَمل بِثَوْب لَيْسَ عَلَيْهِ غَيره ثمَّ يرفعهُ من أحد جانبيه فيضعه على أحد مَنْكِبَيْه قَالَ الْعلمَاء فعلى تَفْسِير أهل اللُّغَة يكره الاشتمال الْمَذْكُور لِئَلَّا تعرض لَهُ حَاجَة من دفع بعض الْهَوَام وَنَحْوهَا أَو غير ذَلِك فيعسر عَلَيْهِ أَو يتَعَذَّر فيلحقه الضَّرَر وعَلى تَفْسِير الْفُقَهَاء يحرم الاشتمال الْمَذْكُور ان انْكَشَفَ بِهِ بعض الْعَوْرَة والا فَيكْرَه واما الاحتباء بِالْمدِّ فَهُوَ ان يقْعد الْإِنْسَان على التييه وَينصب سَاقيه ويحتوي عَلَيْهِمَا بِثَوْب أَو نَحوه أَو بِيَدِهِ وَهَذِه الْقعدَة يُقَال لَهَا الحيوة بِضَم الْحَاء وَكسرهَا وَكَانَ هَذَا الاحتباء عَادَة للْعَرَب فِي مجَالِسهمْ فَإِن انْكَشَفَ مَعَه شَيْء من عَوْرَته فَهُوَ حرَام وَالله أعلم انْتهى

قَوْله فاشتمال الصماء بِمُهْملَة وَشد مِيم وَمد هُوَ ان يتجلل الرجل بِثَوْب وَلَا يرفع مِنْهُ جَانبهَا ويشد على يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ المنافذ كلهَا كالصخرة الصماء الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خرق وَلَا صدع وَيَقُول الْفُقَهَاء هُوَ ان يتغطى بِثَوْب وَاحِد لَيْسَ عَلَيْهِ عتيرة فيرفعه من أحد جانبيه فيضعه على مَنْكِبَيْه فتنكشف عَوْرَته وَيكرهُ على الأول لِئَلَّا يعرض لَهُ حَاجَة من دفع بعض الْهَوَام أَو غَيره فيتعذر عَلَيْهِ أَو يعسر وَيحرم على الثَّانِي ان انْكَشَفَ بعض عَوْرَته والا يكره والاحتباء الاشتمال أَو الْجمع بَين ظَهره وساقيه بعمامة وَنَحْوهَا (إنْجَاح)