عمدة القاري شرح
صحيح البخاري (كتاب التَّطَوُّعِ)
أَي: هَذِه أَبْوَاب فِي بَيَان أَحْكَام التَّطَوُّع من
الصَّلَوَات وَلَا تُوجد هَذِه التَّرْجَمَة فِي غَالب نسخ
البُخَارِيّ، وَهِي تَنْفَع وَلَا تضر.
92 - (بابُ التَّطَوُّعِ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّطَوُّع من الصَّلَوَات
بعد الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، أَي: الْفَرِيضَة، وَاكْتفى
بِقَيْد البعيدية مَعَ أَن فِي أَحَادِيث هَذِه
الْأَبْوَاب بَيَان التَّطَوُّع قبل الْفَرِيضَة أَيْضا
إِلَى شدَّة احْتِيَاج الاهتمام فِي أَدَاء التطوعات بعد
الْفَرَائِض، أَو هُوَ من بَاب الِاكْتِفَاء كَمَا فِي
قَوْله تَعَالَى: {سرابيل تقيكم الْحر} (النَّحْل: 18) . .
2711 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيى بنُ
سَعِيدٍ عنْ عُبَيْدِ الله قَالَ أخبرنَا نافِعٌ عنِ ابنِ
عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ صَلَّيْتُ
مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَجْدَتَيْنِ
قَبْلَ الظُّهْرِ وسَجْدَتَيْنِ بعْدَ الظهْرِ
وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ
العِشَاءِ وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ فأمَّا
المَغْرِبُ وَالعِشَاءُ فَفِي بَيْتِهِ. قَالَ ابنُ أبي
الزِّنَادِ عنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ عَنْ نافِعٍ بَعْدَ
العِشَاءِ فِي أهْلِهِ. تابَعَهُ كَثِيرُ بنُ فَرْقَدٍ
وأيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ. وحدَّثتني أُخْتِي حَفْصَةُ أنَّ
النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يُصَلِّي
سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الفَجْرُ
وكانَتْ سَاعَةً لاَ أدْخُلُ عَلَى النبيِّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا.
(أنظر الحَدِيث 816 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن البعدية مَذْكُورَة
فِيهِ فِي خَمْسَة مَوَاضِع.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة ذكرُوا غير مرّة، وَيحيى بن سعيد
الْقطَّان، وَعبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر
بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم
وَأخرجه مُسلم عَن زُهَيْر بن حَرْب وَعبيد الله بن سعيد،
قَالَا: حَدثنَا يحيى وَهُوَ ابْن سعيد عَن عبيد الله
قَالَ أَخْبرنِي نَافِع عَن ابْن عمر وحَدثني أَبُو بكر بن
أبي شيبَة قَالَ حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، قَالَ: حَدثنَا
عبيد الله عَن نَافِع (عَن ابْن عمر قَالَ: صليت مَعَ
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل الظّهْر
سَجْدَتَيْنِ وَبعدهَا سَجْدَتَيْنِ، وَبعد الْمغرب
سَجْدَتَيْنِ وَبعد الْعشَاء سَجْدَتَيْنِ، وَبعد
الْجُمُعَة سَجْدَتَيْنِ، فَأَما الْمغرب وَالْعشَاء
وَالْجُمُعَة فَصليت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فِي بَيته) . وَقد مر حَدِيث ابْن عمر أَيْضا فِي:
بَاب مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّع مثنى مثنى، رَوَاهُ عَن
يحيى بن بكير عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن سَالم (عَن عبد
الله بن عمر قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم. .) الحَدِيث، وَسَيَأْتِي بعد أَرْبَعَة
أَبْوَاب فِي: بَاب الرَّكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر،
فَإِنَّهُ رَوَاهُ هُنَاكَ: عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن
حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع (عَن ابْن عمر
قَالَ: حفظت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر
رَكْعَات. .) الحَدِيث، وَقد مر حَدِيث ابْن عمر أَيْضا
فِي كتاب الْجُمُعَة فِي: بَاب الصَّلَاة بعد الْجُمُعَة
وَقبلهَا، فَإِنَّهُ رَوَاهُ هُنَاكَ عَن عبد الله بن
يُوسُف عَن مَالك عَن نَافِع (عَن ابْن عمر: أَن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي قبل الظّهْر
رَكْعَتَيْنِ. .) الحَدِيث. وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (صليت مَعَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم) ، المُرَاد من الْمَعِيَّة هَذِه مُجَرّد
الْمُتَابَعَة فِي الْعدَد، وَهُوَ أَن ابْن عمر صلى
رَكْعَتَيْنِ وَحده كَمَا صلى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
رَكْعَتَيْنِ لَا أَنه اقْتدى بِهِ، صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم، فيهمَا. قَوْله: (سَجْدَتَيْنِ) أَي: رَكْعَتَيْنِ،
عبر عَن الرُّكُوع بِالسُّجُود. قَوْله: (فَأَما الْمغرب)
أَي: فَأَما سنة الْمغرب، وَكلمَة: أما، للتفصيل وقسيمها
مَحْذُوف يدل عَلَيْهِ السِّيَاق أَي: وَأما الْبَاقِيَة
فَفِي الْمَسْجِد. فَإِن قلت: فِي رِوَايَته عَن ابْن عمر
فِي: بَاب الصَّلَاة بعد الْجُمُعَة. (وَكَانَ لَا
يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة حَتَّى ينْصَرف فَيصَلي
رَكْعَتَيْنِ) ، وَهَهُنَا: (وسجدتين بعد الْجُمُعَة) ،
يَعْنِي: وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة،
فَبين الرِّوَايَتَيْنِ تنافٍ ظَاهرا؟ قلت: قَوْله:
(حَتَّى ينْصَرف) ، من الِانْصِرَاف عَن الشَّيْء وَهُوَ
أَعم من الِانْصِرَاف إِلَى الْبَيْت، وَلَئِن سلمنَا
فالاختلاف إِنَّمَا كَانَ لبَيَان جَوَاز الْأَمريْنِ.
قَوْله: (وحدثتني أُخْتِي حَفْصَة) أَي: قَالَ ابْن عمر:
حَدَّثتنِي أُخْتِي حَفْصَة بنت عمر بن الْخطاب زوج
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (سَجْدَتَيْنِ)
فِي رِوَايَة الْكشميهني: (رَكْعَتَيْنِ) . قَوْله:
(وَكَانَت سَاعَة) أَي: كَانَت السَّاعَة
(7/232)
الَّتِي بعد طُلُوع الْفجْر سَاعَة لَا
يدْخل أحد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا،
وَقَائِل ذَلِك هُوَ ابْن عمر أَيْضا، وَإِنَّمَا كَانَ
كَذَلِك لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يشْتَغل
فِيهَا بالخلائق.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن السّنة قبل الظّهْر
رَكْعَتَانِ، وَلَكِن روى البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد
وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر (عَن
عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا
يدع أَرْبعا قبل الظّهْر) . وروى مُسلم وَأَبُو دَاوُد
وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ من رِوَايَة خَالِد
الْحذاء (عَن عبد الله بن شَقِيق، قَالَ: سَأَلت عَائِشَة
عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن
تطوعه؟ فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قبل الظّهْر
أَرْبعا) . وروى التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة عَاصِم بن
حَمْزَة (عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي قبل
الظّهْر أَرْبعا وَبعدهَا رَكْعَتَيْنِ) . وَقَالَ
التِّرْمِذِيّ: حَدِيث عَليّ حَدِيث حسن، وَقَالَ أَيْضا:
وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد أَكثر أهل الْعلم من أَصْحَاب
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمن بعده يختارون أَن
يُصَلِّي الرجل قبل الظّهْر أَربع رَكْعَات، وَهُوَ قَول
سُفْيَان الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك وَإِسْحَاق، وروى
مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
وَابْن مَاجَه حَدِيث أم حَبِيبَة، رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهَا، قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
(من صلى فِي يَوْم ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة تَطَوّعا بنى
الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة) ، وَزَاد التِّرْمِذِيّ
وَالنَّسَائِيّ: (أَرْبعا قبل الظّهْر وَرَكْعَتَيْنِ
بعْدهَا وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب وَرَكْعَتَيْنِ بعد
الْعشَاء وَرَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْغَدَاة) . وللنسائي
فِي رِوَايَة: (وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْعَصْر) بدل:
(وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء) ، وَكَذَلِكَ عِنْد ابْن
حبَان فِي صَحِيحه، وَرَوَاهُ عَن ابْن خُزَيْمَة
بِسَنَدِهِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي
(مُسْتَدْركه) وَقَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم وَلم
يخرجَاهُ، وَجمع الْحَاكِم فِي لَفظه بَين
الرِّوَايَتَيْنِ فَقَالَ فِيهِ: (وَرَكْعَتَيْنِ قبل
الْعَصْر وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء) . وَكَذَلِكَ عِنْد
الطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) وَاحْتج أَصْحَابنَا
بِهَذَا الحَدِيث أَن السّنَن الْمُؤَكّدَة فِي
الصَّلَوَات الْخمس اثْنَتَا عشرَة: رَكْعَتَانِ قبل
الْفجْر وَأَرْبع قبل الظّهْر وَبعدهَا رَكْعَتَانِ
رَكْعَتَانِ وركعتان بعد الْمغرب وَبعد الْعشَاء، وَقَالَ
الرَّافِعِيّ: ذهب الْأَكْثَرُونَ، يَعْنِي من أَصْحَاب
الشَّافِعِي، إِلَى أَن الرَّوَاتِب عشر رَكْعَات، وَهِي:
رَكْعَتَانِ قبل الصُّبْح، وركعتان قبل الظّهْر وركعتان
بعْدهَا، وركعتان بعد الْمغرب وركعتان بعد الْعشَاء.
قَالَ: وَمِنْهُم من زَاد على الْعشْر رَكْعَتَيْنِ
أُخْرَيَيْنِ قبل الظّهْر بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
(من ثابر على اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة من السّنة بنى الله
لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة) .
وَفِيه: (سَجْدَتَيْنِ بعد الظّهْر) يَعْنِي رَكْعَتَيْنِ،
وَقد روى أَبُو دَاوُد من رِوَايَة عَنْبَسَة بن أبي
سُفْيَان، قَالَ قَالَت أم حَبِيبَة زوج النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: (من حَافظ على أَربع رَكْعَات قبل الظّهْر وَأَرْبع
بعْدهَا حرم على النَّار) ، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ
وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا. وَقَالَ
التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، والتوفيق بَين
الْحَدِيثين أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بعد
الظّهْر رَكْعَتَيْنِ مرّة، وَصلى بعد الظّهْر أَرْبعا
مرّة، بَيَانا للْجُوَاز، وَاخْتِلَاف الْأَحَادِيث فِي
الْأَعْدَاد مَحْمُول على توسعة الْأَمر فِيهَا، وَأَن
لَهَا أقل وَأكْثر فَيحصل أقل السّنة بِالْأَقَلِّ،
وَلَكِن الِاخْتِيَار فعل الْأَكْثَر الْأَكْمَل، وَقد عد
جمع من الشَّافِعِيَّة الْأَرْبَع قبل الظّهْر من
الرَّوَاتِب وَحكى عَن الرَّافِعِيّ أَنه حكى عَن
الْأَكْثَرين أَن راتبة الظّهْر رَكْعَتَانِ قبلهَا
وركعتان بعْدهَا، وَمِنْهُم من قَالَ: رَكْعَتَانِ من
الْأَرْبَع بعْدهَا راتبة وركعتان مُسْتَحبَّة بِاتِّفَاق
الْأَصْحَاب. وَمذهب الشَّافِعِي فِي هَذَا الْبَاب أَن
السّنَن عِنْد الصَّلَوَات الْخمس عشر رَكْعَات: قبل
الظّهْر رَكْعَتَانِ، وَقد مر عَن قريب، وَبِه قَالَ
أَحْمد وَمن الشَّافِعِيَّة من قَالَ أدنى الْكَمَال
ثَمَان فأسقط سنة الْعشَاء، وَقَالَ النَّوَوِيّ: نَص
عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيّ، وَمِنْهُم من قَالَ: اثْنَتَا
عشرَة رَكْعَة، فَجعل قبل الظّهْر أَرْبعا، والأكمل عِنْد
الشَّافِعِيَّة ثَمَانِي عشرَة رَكْعَة، زادوا: قبل
الْمغرب رَكْعَتَيْنِ وَبعدهَا رَكْعَتَيْنِ وأربعا قبل
الْعَصْر. وَفِي (الْمُهَذّب) : أدنى الْكَمَال عشر
رَكْعَات، وَأتم الْكَمَال ثَمَانِي عشرَة، وَفِي
اسْتِحْبَاب الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب وَجْهَان: قيل
باستحبابهما وَقيل لَا تستحبان، وَبِه قَالَ أَصْحَابنَا،
ثمَّ الْأَرْبَع قبل الظّهْر بِتَسْلِيمَة وَاحِدَة عندنَا
لما روى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن
أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم قَالَ: (أَربع قبل الظّهْر لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيم
تفتح لَهُنَّ أَبْوَاب السَّمَاء) ، وَعند الشَّافِعِي
وَمَالك وَأحمد: يُصليهَا بتسليمتين، وَاحْتَجُّوا
بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (أَنه
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يصليهن بتسليمتين) ،
وَالْجَوَاب عَنهُ أَن معنى قَوْله: (بتسليمتين) يَعْنِي
بتشهدين، فَسمى التَّشَهُّد تَسْلِيمًا لما فِيهِ من
السَّلَام، كَمَا سمى التَّشَهُّد لما فِيهِ من
الشَّهَادَة، وَقد رُوِيَ هَذَا التَّأْوِيل عَن ابْن
مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَفِيه (وسجدتين بعد الْمغرب) أَي: وَرَكْعَتَيْنِ بعد
صَلَاة الْمغرب، وروى أَبُو دَاوُد من رِوَايَة عبد الله
بن بُرَيْدَة عَن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (صلوا قبل الْمغرب
رَكْعَتَيْنِ. .) الحَدِيث، وَاخْتلف السّلف فِي النَّفْل
قبل الْمغرب، فَأَجَازَهُ طَائِفَة من الصَّحَابَة
وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاء وحجتهم
(7/233)
هَذَا الحَدِيث، وَرُوِيَ عَن جمَاعَة من
الصَّحَابَة وَغَيرهم أَنهم كَانُوا لَا يصلونها، وَقَالَ
إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: هِيَ بِدعَة، والْحَدِيث مَحْمُول
على أَنه كَانَ فِي أول الْإِسْلَام ليتبين خُرُوج
الْوَقْت الْمنْهِي عَن الصَّلَاة فِيهِ بمغيب الشَّمْس.
وَفِيه: (وسجدتين بعد الْعشَاء) ، أَي: وَرَكْعَتَيْنِ بعد
صَلَاة الْعشَاء، وَرُوِيَ سعيد بن مَنْصُور فِي (سنَنه)
من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب، قَالَ: قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صلى قبل الظّهْر أَرْبعا
كَانَ كَأَنَّمَا تهجد من ليلته، وَمن صَلَّاهُنَّ بعد
الْعشَاء كَانَ كمثلهن من لَيْلَة الْقدر) . وَرَوَاهُ
الْبَيْهَقِيّ من قَول عَائِشَة: (قَالَت: من صلى أَرْبعا
بعد الْعشَاء كَانَ كمثلهن من لَيْلَة الْقدر) . وَفِي
(الْمَبْسُوط) : لَو صلى أَرْبعا بعد الْعشَاء فَهُوَ
أفضل، لحَدِيث ابْن عمر مَرْفُوعا وموقوفا أَنه صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من صلى بعد الْعشَاء أَربع
رَكْعَات كن كمثلهن من لَيْلَة الْقدر) .
وَفِيه (وسجدتين بعد الْجُمُعَة) ، أَي: وَرَكْعَتَيْنِ
بعد صَلَاة الْجُمُعَة: وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث
سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من كَانَ
مِنْكُم مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا) ، قَالَ:
هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَرَوَاهُ مُسلم أَيْضا
وَبَقِيَّة الْأَرْبَعَة، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ:
وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد بعض أهل الْعلم، وَرُوِيَ عَن
عبد الله بن مَسْعُود أَنه كَانَ يُصَلِّي قبل الْجُمُعَة
أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا، وَقد رُوِيَ عَن عَليّ بن أبي
طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه أَمر أَن يُصَلِّي
بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أَرْبعا، وَذهب سُفْيَان
الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك إِلَى قَول ابْن مَسْعُود،
وَقَالَ إِسْحَاق: إِن صلى فِي الْمَسْجِد يَوْم
الْجُمُعَة صلى أَرْبعا، وَإِن صلى فِي بَيته صلى
رَكْعَتَيْنِ، وَمِمَّنْ فعل من الصَّحَابَة رَكْعَتَيْنِ
بعد الْجُمُعَة عمرَان بن حُصَيْن، وَحَكَاهُ
التِّرْمِذِيّ عَن الشَّافِعِي وَأحمد، قَالَ شَيخنَا:
وَلم يرد الشَّافِعِي وَأحمد بذلك إلاَّ بَيَان أقل مَا
يسْتَحبّ وإلاَّ فقد استحبها أَكثر من ذَلِك، فنص
الشَّافِعِي فِي (الْأُم) على أَنه يُصَلِّي بعد
الْجُمُعَة أَربع رَكْعَات، ذكره فِي: بَاب صَلَاة
الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ من اخْتِلَاف عَليّ وَابْن
مَسْعُود، وَلَيْسَ ذَلِك اخْتِلَاف قَول عَنهُ،
وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان الأولى والأكمل كَمَا فِي سنة
الظّهْر، وَقد صرح بِهِ صَاحب (الْمُهَذّب) وَالنَّوَوِيّ
فِي (شرح مُسلم) وَفِي (التَّحْقِيق) . وَأما أَحْمد فَنقل
عَنهُ ابْن قدامَة فِي (الْمُغنِي) أَنه قَالَ: إِن شَاءَ
صلى بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ وَإِن شَاءَ صلى أَرْبعا،
وَفِي رِوَايَة عَنهُ: وَإِن شَاءَ سِتا وَكَانَ ابْن
مَسْعُود وَالنَّخَعِيّ وَأَصْحَاب الرَّأْي يرَوْنَ أَن
يُصَلِّي بعْدهَا أَرْبعا لحَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَعَن
عَليّ وَأبي مُوسَى وَعَطَاء وَمُجاهد وَحميد بن عبد
الرَّحْمَن وَالثَّوْري أَنه يُصَلِّي سِتا.
وَفِيه: قَول ابْن عمر: (فَأَما الْمغرب وَالْعشَاء فَفِي
بَيته أَرْبعا) وَقد اخْتلف فِي ذَلِك، فروى قوم من
السّلف، مِنْهُم: زيد بن ثَابت وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف،
أَنَّهُمَا كَانَا يركعان رَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب فِي
بيوتهما، وَقَالَ الْعَبَّاس بن سهل بن سعد: لقد أدْركْت
زمن عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ،. وَإِنَّا لنسلم
من الْمغرب فَلَا أرى رجلا وَاحِدًا يُصَلِّيهمَا فِي
الْمَسْجِد: كَانُوا يبتدرون أَبْوَاب الْمَسْجِد
فيصلونهما فِي بُيُوتهم. وَقَالَ مَيْمُون بن مهْرَان:
إِنَّهُم كَانُوا يؤخرون الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب
إِلَى بُيُوتهم، وَكَانُوا يؤخرونها حَتَّى تشتبك
النُّجُوم،، وَرُوِيَ عَن طَائِفَة أَنهم كَانُوا يتنفلون
النَّوَافِل كلهَا فِي بُيُوتهم دون الْمَسْجِد، وَرُوِيَ
عَن عُبَيْدَة أَنه كَانَ لَا يُصَلِّي بعد الْفَرِيضَة
شَيْئا حَتَّى يَأْتِي أَهله، وَقَالَ ابْن بطال: قيل:
إِنَّمَا كره الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد لِئَلَّا يرى
جَاهِل عَالما يُصليهَا فِيهِ فيراها فَرِيضَة، أَو
لِئَلَّا يخلي منزله من الصَّلَاة فِيهِ، أَو حذرا على
نَفسه من الرِّيَاء، فَإِذا سلم من ذَلِك فَالصَّلَاة فِي
الْمَسْجِد حَسَنَة، وَقد بَين بَعضهم عِلّة كَرَاهَة من
كرهه، وَمن ذَلِك مَا قَالَه مَسْرُوق، قَالَ: كُنَّا
نَقْرَأ فِي الْمَسْجِد فنقوم نصلي فِي الصَّفّ، قَالَ عبد
الله: صلوا فِي بُيُوتكُمْ لَا يرونكم النَّاس فيرون
أَنَّهَا سنة.
فَائِدَة: لَيْسَ فِي حَدِيث ابْن عمر، رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُمَا، الْمَذْكُور النَّفْل قبل الْعَصْر،
وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (رحم الله امْرأ صلى قبل
الْعَصْر أَرْبعا) ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا،
وَقَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب حسن، وَرَوَاهُ ابْن حبَان
فِي (صَحِيحه) : وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث
عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: (كَانَ يُصَلِّي
قبل الْعَصْر أَربع رَكْعَات يفصل بَينهُنَّ
بِالتَّسْلِيمِ على الْمَلَائِكَة المقربين وَمن
تَبِعَهُمْ من الْمُسلمين وَالْمُؤمنِينَ) . وَقَالَ:
حَدِيث عَليّ حَدِيث حسن، وَأخرجه بَقِيَّة أَصْحَاب
السّنَن مَعَ اخْتِلَاف، وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث
مُجَاهِد، (عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، قَالَ:
جِئْت وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد فِي
أنَاس من أَصْحَابه، مِنْهُم عمر بن الْخطاب، رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ، فأدركت آخر الحَدِيث وَرَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صلى أَربع رَكْعَات قبل
الْعَصْر لم تمسه النَّار) ، وَفِيه عبد الْكَرِيم بن أبي
الْمخَارِق ضَعِيف، وروى أَبُو نعيم من حَدِيث الْحسن عَن
أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: (من صلى قبل الْعَصْر أَربع رَكْعَات غفر الله عز
وَجل لَهُ مغْفرَة عزما) ، وَالْحسن لم يسمع من أبي
هُرَيْرَة على الصَّحِيح، وروى أَبُو يعلى من حَدِيث عبد
الله بن عَنْبَسَة، يَقُول:
(7/234)
سَمِعت أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان تَقول
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من حَافظ على
أَربع رَكْعَات قبل الْعَصْر بنى الله لَهُ بَيْتا فِي
الْجنَّة) ، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من
رِوَايَة عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أم سَلمَة عَن النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من صلى أَربع رَكْعَات
قبل الْعَصْر حرم الله بدنه على النَّار) ، وَقَالَ
شَيخنَا: وَفِيه اسْتِحْبَاب أَربع رَكْعَات قبل الْعَصْر،
وَهُوَ كَذَلِك، وَقَالَ صَاحب (الْمُهَذّب) : إِن
الْأَفْضَل أَن يُصَلِّي قبلهَا أَرْبعا، قَالَ
النَّوَوِيّ فِي (شَرحه) : إِنَّهَا سنة، وَإِنَّمَا
الْخلاف فِي الْمُؤَكّد مِنْهُ. وَقَالَ فِي (شرح مُسلم) :
إِنَّه لَا خلاف فِي استحبابها عِنْد أَصْحَابنَا، وَجزم
الشَّيْخ فِي التَّنْبِيه بِأَن من الرَّوَاتِب قبل
الْعَصْر أَربع رَكْعَات، وَمِمَّنْ كَانَ يُصليهَا
أَرْبعا من الصَّحَابَة: عَليّ بن أبي طَالب، وَقَالَ
إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: كَانُوا يصلونَ أَرْبعا قبل
الْعَصْر، وَلَا يرونها من السّنة، وَمِمَّنْ كَانَ لَا
يُصَلِّي قبل الْعَصْر شَيْئا: سعيد بن الْمسيب وَالْحسن
الْبَصْرِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَقيس بن أبي حَازِم
وَأَبُو الْأَحْوَص، وَسُئِلَ الشّعبِيّ عَن
الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْعَصْر؟ فَقَالَ: إِن كنت تعلم
أَنَّك تصليهما قبل أَن تقيم فصل، وَكَلَام الشّعبِيّ يدل
على أَنهم كَانُوا يعجلون صَلَاة الْعَصْر، وَأَن من ترك
الصَّلَاة قبلهَا إِنَّمَا كَانَ خشيَة أَن تُقَام
الصَّلَاة وَهُوَ فِي النَّافِلَة، وَقَالَ مُحَمَّد بن
جرير الطَّبَرِيّ: وَالصَّوَاب عندنَا أَن الْأَفْضَل فِي
التَّنَفُّل قبل الْعَصْر بِأَرْبَع رَكْعَات لصِحَّة
الْخَبَر بذلك عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن
النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
تابَعَهُ كَثِيرُ بنُ فَرْقَدٍ وَأيُّوبُ عنْ نَافِعٍ
أَي: تَابع عبيد الله الْمَذْكُور كثير بن فرقد، وَكثير ضد
الْقَلِيل، وفرقد، بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَفتح
الْقَاف، وَقد مر فِي: بَاب النَّحْر بالمصلى.
قَوْله: (وَأَيوب) أَي: تَابعه أَيْضا أَيُّوب
السّخْتِيَانِيّ، وَسَتَأْتِي هَذِه الْمُتَابَعَة بعد
أَرْبَعَة أَبْوَاب، فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن سُلَيْمَان بن
حَرْب عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع (عَن
ابْن عمر، قَالَ: حفظت من النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم) الحَدِيث.
وَقَالَ ابنُ أبِي الزِّنَادِ عنْ مُوسى بنِ عُقْبَةَ عنْ
نَافِعٍ بَعْدَ العِشَاءِ فِي أهْلِهِ
ابْن أبي الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون:
وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، وَأَبُو
الزِّنَاد اسْمه عبد الله بن ذكْوَان، ومُوسَى بن عقبَة،
بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف، مر فِي: بَاب إسباغ
الْوضُوء. قَوْله: (عَن نَافِع) أَي: عَن ابْن عمر أَنه
قَالَ: (بعد الْعشَاء فِي أَهله) بدل قَوْله: (فِي بَيته)
، فِي حَدِيث الْبَاب، وَقَوله: (تَابعه كثير) إِلَى
آخِره. قَوْله: (وَقَالَ ابْن أبي الزِّنَاد) ، هَكَذَا
وَقع فِي عدَّة نسخ، وَكَذَا ذكره أَبُو نعيم فِي مستخرجه،
وَوَقع فِي بعض النّسخ بعد. قَوْله: (فَأَما الْمغرب
وَالْعشَاء فَفِي بَيته، قَالَ ابْن أبي الزِّنَاد) إِلَى
آخِره، وَبعد قَوْله: (تَابعه كثير بن فرقد وَأَيوب عَن
نَافِع) . فَافْهَم.
03 - (بابُ مَنْ لَمْ يَتَطَوَّع بَعْدَ المَكْتُوبَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من لم يتَنَفَّل بعد
صَلَاة الْمَكْتُوبَة أَي: الْمَفْرُوضَة، لأجل
الْإِعْلَام لأمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن
التَّطَوُّع لَيْسَ بِلَازِم.
4711 - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله قَالَ حدَّثنا
سُفيَانُ عنْ عَمْرٍ وَقَالَ سَمِعتْ أَبَا الشَّعْثاءِ
جابِرا قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا قَالَ صلَّيْتُ مَعَ رسولِ الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ثَمانِيا جَمِيعا وسَبْعا جَمِيعا قُلْتُ
يَا أَبَا الشَّعثاءِ أظُنُّهُ أخَّرَ الظُّهْرَ وعَجَّلَ
العَصْرَ وعَجَّلَ العِشاءَ وأخَّرَ المَغْربَ قَالَ
وَأنَا أظُنُّهُ.
(أنظر الحَدِيث 345 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم لما صلى ثمانيا جَمِيعًا أَي: الظّهْر وَالْعصر، فهم
من ذَلِك أَنه لم يفصل بَينهمَا بتطوع، إِذْ لَو فصل لزم
عدم الْجمع بَينهمَا، فَصدق أَنه صلى الظّهْر الَّذِي هِيَ
الْمَكْتُوبَة وَلم يتَطَوَّع بعْدهَا، وَكَذَلِكَ
الْكَلَام فِي قَوْله: (وَسبعا جَمِيعًا) ، أَي: الْمغرب
وَالْعشَاء، وَلم يتَطَوَّع بعد الْمغرب وإلاَّ لم
تَكُونَا مجتمعتين، وَأما التَّطَوُّع بعد الثَّانِيَة
فمسكوت عَنهُ، وَعدم ذكره يدل على عَدمه ظَاهرا.
(7/235)
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة قد ذكرُوا كلهم،
وَعلي بن عبد الله بن الْمَدِينَة، وسُفْيَان بن
عُيَيْنَة، وَعَمْرو بن دِينَار وَأَبُو الشعْثَاء،
بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة
وبالثاء الْمُثَلَّثَة وبالمد: وَهُوَ كنية جَابر بن زيد،
وَقد مر فِي: بَاب الْغسْل بالصاع.
والْحَدِيث أخرجه فِي: بَاب الْمَوَاقِيت، فِي: بَاب
تَأْخِير الظّهْر إِلَى الْعَصْر، عَن أبي النُّعْمَان عَن
حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن زيد
عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،
صلى بِالْمَدِينَةِ سبعا وثمانيا: الظّهْر وَالْعصر
وَالْمغْرب وَالْعشَاء، فَقَالَ أَيُّوب: لَعَلَّه فِي
لَيْلَة مطيرة، قَالَ: عَسى، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ
مستقصىً هُنَاكَ.
13 - (بابُ صَلاةِ الضُّحى فِي السَّفَرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان صَلَاة الضُّحَى حَال كَون
الَّذِي يُصَلِّي فِي السّفر، وَالضُّحَى، بِالضَّمِّ
وَالْقصر: فَوق الضحوة، وَهِي ارْتِفَاع أول النَّهَار، و:
الضحاء، بِالْفَتْح وَالْمدّ هُوَ إِذا علت الشَّمْس إِلَى
ربع السَّمَاء فَمَا بعده.
5711 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا يَحْيى عنْ
شُعْبَةَ عنْ تَوْبَةَ عنْ مُورِّقٍ قَالَ قُلْتُ ل ابنِ
عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أتُصَلِّي الضُّحَى
قَالَ لاَ قُلْتُ فَعُمَرُ قَالَ لاَ قُلْتُ فأبُو بَكْرٍ
قَالَ لاَ قُلْتُ فالنَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ لاَ إخالُهُ.
قَالَ ابْن بطال: لَيْسَ هَذَا الحَدِيث من هَذَا الْبَاب،
وَإِنَّمَا يصلح فِي: بَاب من لم يصل الضُّحَى، وَأَظنهُ
من غلط النَّاسِخ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا الحَدِيث
إِنَّمَا يَلِيق بِالْبَابِ الَّذِي بعده لَا بِهَذَا
الْبَاب، وَقَالَ غَيرهمَا: إِن فِي تَوْجِيه ذَلِك مَا
فِيهِ من التعسفات الَّتِي لَا تشفي العليل، وَلَا تروي
الغليل، حَتَّى قَالَ بَعضهم: يظْهر لي أَن البُخَارِيّ
أَشَارَ بالترجمة الْمَذْكُورَة إِلَى مَا رَوَاهُ أَحْمد
من طَرِيق الضَّحَّاك بن عبد الله الْقرشِي (عَن أنس بن
مَالك قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم، صلى فِي السّفر سبْحَة الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات) ،
فَأَرَادَ أَن تردد ابْن عمر فِي كَونه صلاهَا أَولا، لَا
يَقْتَضِي رد مَا جزم بِهِ أنس، بل يُؤَيّدهُ حَدِيث أم
هانىء فِي ذَلِك. انْتهى. قلت: لَو ظهر لَهُ تَوْجِيه
هَذِه التَّرْجَمَة على وَجه يقبله السَّامع لما قَالَ
قولا تنفر عَنهُ سجية ذَوي الأفهام، فليت شعري كَيفَ
يَقُول: إِن البُخَارِيّ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة
إِلَى حَدِيث أنس الَّذِي فِيهِ الْإِثْبَات الْمُقَيد،
وَحَدِيث الْبَاب الَّذِي فِيهِ النَّفْي الْمُطلق؟ ثمَّ
يَقُول: فَأَرَادَ أَن تردد ابْن عمر. . إِلَى آخِره؟
فَكيف يَقُول: إِنَّه تردد؟ بل جزم بِالنَّفْيِ
فَيَقْتَضِي ظَاهرا رد مَا جزم بِهِ أنس بالإثبات. فَمن
لَهُ نظر وَمَعْرِفَة بهيئة التَّرْكِيب. كَيفَ يَقُول
بِأَن ابْن عمر تردد فِي هَذَا؟ والتردد لَا يكون إلاَّ
بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات. وَهُوَ قد جزم بِالنَّفْيِ
مَعَ تكْرَار حرف النَّفْي أَربع مَرَّات، وَيُمكن أَن
يُوَجه وَجه بالاستئناس بَين التَّرْجَمَة وحديثي الْبَاب
اللَّذين أَحدهمَا: عَن ابْن عمر، وَالْآخر عَن أم هانىء،
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، بِأَن يُقَال: معنى
التَّرْجَمَة: بَاب صَلَاة الضُّحَى فِي السّفر هَل
يُصَلِّي أَو لَا؟ فَذكر حَدِيث ابْن عمر إِشَارَة إِلَى
النَّفْي مُطلقًا، وَحَدِيث أم هانىء إِشَارَة إِلَى
الْإِثْبَات مُطلقًا، ثمَّ يبْقى طلب التَّوْفِيق بَين
الْحَدِيثين، فَيُقَال: عدم رُؤْيَة ابْن عمر من
الشَّيْخَيْنِ وَمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
صَلَاة الضُّحَى لَا يسْتَلْزم عدم الْوُقُوع مِنْهُم فِي
نفس الْأَمر، أَو يكون المُرَاد من نفي ابْن عمر نفي
المداومة لَا نفي الْوُقُوع أصلا، وَنَظِير ذَلِك مَا
قَالَت عَائِشَة فِي حَدِيثهَا الْمُتَّفق عَلَيْهِ: (مَا
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسبح سبْحَة
الضُّحَى وَإِنِّي لأسبحها) ، وَفِي رِوَايَة: (لاستحبها)
، وَمَعَ هَذَا ثَبت عَنْهَا فِي (صَحِيح مُسلم) أَنه صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبعا،
فمرادها من النَّفْي عدم المداومة. وَحكى النَّوَوِيّ فِي
(الْخُلَاصَة) عَن الْعلمَاء: أَن معنى قَول عَائِشَة،
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: (مَا رَأَيْته يسبح سبْحَة
الضُّحَى) ، أَي: لم يداوم عَلَيْهَا، وَكَانَ يُصليهَا
فِي بعض الْأَوْقَات فَتَركهَا فِي بَعْضهَا خشيَة أَن
تفرض. قَالَ: وَبِهَذَا يجمع بَين الْأَحَادِيث. فَإِن
قلت: يُعَكر على هَذَا مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر من
الْجَزْم بِكَوْنِهَا محدثة، وَكَونهَا بِدعَة أما الأول:
فَمَا رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور بِإِسْنَاد صَحِيح عَن
مُجَاهِد عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: إِنَّهَا محدثة،
وَإِنَّهَا لمن أحسن مَا أَحْدَثُوا. وَأما الثَّانِي:
فَمَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَاد صَحِيح عَن الحكم
بن الْأَعْرَج، قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن صَلَاة
الضُّحَى؟ فَقَالَ: بِدعَة، نعمت الْبِدْعَة. قلت: أجَاب
القَاضِي عَنهُ: أَنَّهَا بِدعَة، أَي: ملازمتها وإظهارها
فِي الْمَسَاجِد مِمَّا لم يكن يعْهَد، لَا سِيمَا وَقد
قَالَ: ونعمت الْبِدْعَة، قَالَ: وَرُوِيَ عَنهُ: مَا
ابتدع الْمُسلمُونَ بِدعَة أفضل من صَلَاة الضُّحَى، كَمَا
قَالَ عمر فِي صَلَاة التَّرَاوِيح: لَا إِنَّهَا بِدعَة
(7/236)
مُخَالفَة للسّنة. قَالَ: وَكَذَلِكَ
رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود لما أنكرها على هَذَا الْوَجْه،
وَقَالَ: إِن كَانَ وَلَا بُد فَفِي بُيُوتكُمْ، لم تحملون
عباد الله مَا لم يحملهم الله، كل ذَلِك خيفة أَن يحسبها
الْجُهَّال من الْفَرَائِض.
(ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة. الأول مُسَدّد وَقد تكَرر ذكره.
الثَّانِي يحيى بن سعيد الْقطَّان الْأَحول. الثَّالِث
شُعْبَة بن الْحجَّاج. الرَّابِع تَوْبَة بِفَتْح التَّاء
الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْوَاو وَفتح الْبَاء
الْمُوَحدَة ابْن كيسَان أَبُو الْمُوَرِّع بِفَتْح
الْوَاو وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة الْعَنْبَري مَاتَ سنة
إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. الْخَامِس مُورق بِضَم
الْمِيم وَفتح الْوَاو وَتَشْديد الرَّاء المكسوة ابْن
المشمرج بِضَم الْمِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون
الْمِيم وَفتح الرَّاء وبالجيم كَذَا ضَبطه الْكرْمَانِي
بِفَتْح الرَّاء وَضبط غَيره بِكَسْرِهَا. السَّادِس عبد
الله بن عمر بن الْخطاب (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ
التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي
ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه القَوْل فِي عشرَة مَوَاضِع
وَفِيه أَن رُوَاته كلهم بصريون مَا خلا الْحجَّاج
فَإِنَّهُ واسطي وَقيل مُورق كُوفِي وَفِيه أَنه لَيْسَ
للْبُخَارِيّ عَن تَوْبَة إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث
آخر وَفِيه أَنه لَيْسَ للْبُخَارِيّ عَن مُورق عَن ابْن
عمر غير هَذَا الحَدِيث وَفِيه رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن
التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ لِأَن تَوْبَة من
التَّابِعين الصغار وَفِيه أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَفِيه
أَن هَذَا الحَدِيث أَيْضا من أَفْرَاده (ذكر مَعْنَاهُ)
قَوْله " تصلي الضُّحَى " أَي أَتُصَلِّي صَلَاة الضُّحَى
قَوْله " قَالَ لَا " أَي قَالَ ابْن عمر لَا أُصَلِّي
قَوْله " فعمر " أَي أفيصلي عمر قَالَ لَا أَي لم يكن
يُصَلِّي قَوْله " فَأَبُو بكر " أَي أفيصلي أَبُو بكر
الصّديق قَالَ لَا أَي لم يكن يُصَلِّي قَوْله " فالنبي "
أَي أفيصلي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- " قَالَ لَا أخاله " أَي لَا أَظُنهُ إِنَّه صلى وَهُوَ
بِكَسْر الْهمزَة وَهُوَ الْأَفْصَح وَجَاز فِي جَمِيع
حُرُوف المضارعة الْكسر إِلَّا الْيَاء فَإِنَّهُ اخْتلف
فِيهِ وَبَنُو أَسد يَقُولُونَ أخال بِالْفَتْح وَهُوَ
الْقيَاس وَهُوَ من خلت الشَّيْء خُيَلَاء وخيلة ومخيلة
وخيلولة أَي ظننته وَهُوَ من بَاب ظَنَنْت وَأَخَوَاتهَا
الَّتِي تدخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر فَإِن ابتدأت
بهَا أعلمت وَإِن وسطتها أَو أخرت فَأَنت بِالْخِيَارِ
بَين الإعمال والإلغاء وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع
إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
ومفعوله الثَّانِي مَحْذُوف تَقْدِيره لَا أَظُنهُ مُصَليا
أَو لَا أَظُنهُ صلى
202 - (حَدثنَا آدم قَالَ حَدثنَا شُعْبَة قَالَ حَدثنَا
عَمْرو بن مرّة قَالَ سَمِعت عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى
يَقُول مَا حَدثنَا أحد أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الضُّحَى غير أم
هانىء فَإِنَّهَا قَالَت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل بَيتهَا يَوْم فتح مَكَّة
فاغتسل وَصلى ثَمَانِي رَكْعَات فَلم أر صَلَاة قطّ أخف
مِنْهَا غير أَنه يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود) قد ذكرنَا
وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا وآدَم
ابْن إِيَاس وَعَمْرو بن مرّة بِضَم الْمِيم وَتَشْديد
الرَّاء وَأم هانىء بنت أبي طَالب أُخْت عَليّ شقيقته
وَاسْمهَا فَاخِتَة (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره)
قد ذكرنَا فِي بَاب من تطوع فِي السّفر هَذَا الْفَصْل
وَغير مُسْتَوفى فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن حَفْص بن عمر
عَن شُعْبَة الحَدِيث وَأخرجه بَقِيَّة السِّتَّة قَوْله "
وَفِي قَول عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى مَا أَخْبرنِي أحد
أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا أم هانىء " دَلِيل على أَنه
أَرَادَ بِهِ صَلَاة الضُّحَى الْمَشْهُورَة وَلم يرد
بقوله " الضُّحَى " الظَّرْفِيَّة كَمَا احْتمل ذَلِك فِي
حَدِيث أنس الَّذِي مضى ذكره وَكَذَلِكَ قَول عبد الله بن
حَارِث بن نَوْفَل عِنْد مُسلم " سَأَلت وحرصت على أَن أجد
أحدا من النَّاس يُخْبِرنِي أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى سبْحَة الضُّحَى فَلم أجد غير
أم هانىء " الحَدِيث على أَن بعض الْعلمَاء كَمَا حكى
القَاضِي عِيَاض أنكر أَن يكون فِي حَدِيث أم هانىء
إِثْبَات لصَلَاة الضُّحَى قَالَ وَإِنَّمَا هِيَ سنة
الْفَتْح يَوْم فتح مَكَّة قَالَ وَقيل إِنَّمَا كَانَت
قَضَاء لما شغل عَنهُ تِلْكَ اللَّيْلَة بِالْفَتْح عَن
حزبه فِيهَا قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ
فَاسد بل الصَّوَاب صِحَة الِاسْتِدْلَال بِهِ فقد ثَبت "
عَن أم هانىء أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - يَوْم الْفَتْح صلى صَلَاة الضُّحَى ثَمَانِي
رَكْعَات يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
فِي سنَنه بِهَذَا اللَّفْظ بِإِسْنَاد صَحِيح على شَرط
البُخَارِيّ وَفِيه الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد لِأَن عبد
الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَعبد الله بن الْحَارِث بن
نَوْفَل ذكرا أَنَّهُمَا لم يخبرهما أحد بذلك إِلَّا أم
هانىء وَهَذَا
(7/237)
مَذْهَب أهل السّنة فَلَا يعْتد بِخِلَاف
من خَالف ذَلِك قَوْله " دخل بَيتهَا يَوْم فتح مَكَّة
فاغتسل " ظَاهره أَن الِاغْتِسَال وَالصَّلَاة كَانَا فِي
بَيت أم هانىء بعد دُخُول مَكَّة للتعبير بِالْفَاءِ
الْمُقْتَضِيَة للتَّرْتِيب والتعقيب (فَإِن قلت) روى
مَالك فِي موطئِهِ " إِن أم هانىء " ذهبت إِلَى رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوَجَدته
يغْتَسل " الحَدِيث قَالَ عِيَاض وَهَذَا أصح لِأَن نزُول
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا
كَانَ بِالْأَبْطح وَقد وَقع مُفَسرًا فِي حَدِيث سعيد بن
أبي هِنْد عَن أبي مرّة بِمثل حَدِيث مَالك وَفِيه "
وَهُوَ فِي قُبَّته بِالْأَبْطح " (قلت) لَا مَانع أَن
يكون صلى بِالْأَبْطح ثَمَانِي رَكْعَات وَصلى فِي بَيتهَا
ثَمَانِي رَكْعَات وَأَن يكون اغْتسل مرَّتَيْنِ
فَلَعَلَّهُ بعد أَن نزل بِالْأَبْطح دخل بَيتهَا فاغتسل
وَصلى وَخرج إِلَى منزله بِالْأَبْطح فاغتسل وَصلى
الصَّلَاتَيْنِ صَلَاة الضُّحَى وَالْأُخْرَى إِمَّا شكرا
لله تَعَالَى على الْفَتْح أَو استذكارا لما فَاتَهُ من
قِيَامه بِاللَّيْلِ فَإِنَّهُ قد صَحَّ أَنه كَانَ إِذا
لم يقم من اللَّيْل صلى بِالنَّهَارِ ثِنْتَيْ عشرَة
رَكْعَة فَلَعَلَّهُ كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة صلى الْوتر
فَقَط ثَلَاثًا ثمَّ صلى بِالنَّهَارِ ثمانيا وَالله
تَعَالَى أعلم (فَإِن قلت) فِي حَدِيث ابْن أبي أوفى
الْآتِي ذكره أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - صلى يَوْم الْفَتْح رَكْعَتَيْنِ فَكيف
الْجمع بَينه وَبَين حَدِيث أم هانىء (قلت) من صلى ثمانيا
فقد صلى رَكْعَتَيْنِ وَلَعَلَّ ابْن أبي أوفى رأى من
صلَاته رَكْعَتَيْنِ فَأخْبر بِمَا شَاهده وأخبرت أم هانىء
بِمَا شاهدت. وَفِي هَذَا الْبَاب عَن جمَاعَة من
الصَّحَابَة وهم أنس وَأَبُو هُرَيْرَة ونعيم بن همار
وَقيل هَبَّار وَقيل همام وَالصَّحِيح ابْن همار وَأَبُو
نعيم وهم فِيهِ وَقَالَ نعيم بن حَمَّاد ثمَّ رَجَعَ عَنهُ
وَأَبُو ذَر وَعَائِشَة وَأَبُو أُمَامَة وَعتبَة بن عبد
السّلمِيّ وَابْن أبي أوفى وَأَبُو سعيد وَزيد بن أَرقم
وَابْن عَبَّاس وَجَابِر بن عبد الله وَجبير بن مطعم
وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان وعائذ بن عَمْرو وَعبد الله بن
عمر وَعبد الله بن عَمْرو وَأَبُو مُوسَى وعتبان بن مَالك
وَعقبَة بن عَامر وَعلي بن أبي طَالب ومعاذ بن أنس والنواس
بن سمْعَان وَأَبُو بكرَة وَأَبُو مرّة الطَّائِفِي.
فَحَدِيث أنس عِنْد التِّرْمِذِيّ أَنه قَالَ قَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من صلى
الضُّحَى ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة بنى الله لَهُ قصرا من
ذهب فِي الْجنَّة " وَأخرجه ابْن مَاجَه. وَحَدِيث أبي
هُرَيْرَة عِنْد مُسلم من رِوَايَة أبي عُثْمَان
النَّهْدِيّ " عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَوْصَانِي خليلي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِثَلَاث بصيام
ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر وركعتي الضُّحَى وَأَن أوتر
قبل أَن أرقد " وَحَدِيث نعيم بن همار عِنْد أبي دَاوُد
وَالنَّسَائِيّ فِي الْكُبْرَى من رِوَايَة كثير بن مرّة "
عَن نعيم قَالَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول قَالَ الله عز وَجل يَا ابْن
آدم لَا تعجزني من أَربع رَكْعَات فِي أول النَّهَار أكفك
آخِره ". وَحَدِيث أبي ذَر عِنْد مُسلم من رِوَايَة أبي
الْأسود الديلمي " عَن أبي ذَر عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يصبح على كل سلامي
صَدَقَة " الحَدِيث وَفِي آخِره " ويجزىء من ذَلِك
رَكْعَتَانِ يركعهما من الضُّحَى ". وَحَدِيث عَائِشَة
عِنْد مُسلم أَيْضا من حَدِيث معَاذَة أَنَّهَا سَأَلت
عَائِشَة " كم كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي صَلَاة الضُّحَى قَالَت
أَربع رَكْعَات وَيزِيد مَا شَاءَ " وَحَدِيث أبي أُمَامَة
عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من رِوَايَة الْقَاسِم
عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن الله يَقُول اركع لي
أَربع رَكْعَات من أول النَّهَار أكفك آخِره ". وَحَدِيث
عتبَة بن عبد عِنْد الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من حَدِيث عبد
الله بن عَامر أَن أَبَا أُمَامَة وَعتبَة بن عبد
حَدَّثَاهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ " من صلى صَلَاة الصُّبْح فِي جمَاعَة
ثمَّ ثَبت حَتَّى يسبح الله سبْحَة الضُّحَى كَانَ لَهُ
كَأَجر حَاج ومعتمر " وَحَدِيث ابْن أبي أوفى عِنْد
الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير أَيْضا من رِوَايَة سَلمَة
بن رَجَاء " عَن شعثاء الكوفية أَن عبد الله بن أبي أوفى
صلى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ قَالَت لَهُ امْرَأَته إِنَّمَا
صليتها رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ إِن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى يَوْم الْفَتْح
رَكْعَتَيْنِ " وَحَدِيث أبي سعيد عِنْد التِّرْمِذِيّ
وَانْفَرَدَ بِهِ من حَدِيث عَطِيَّة الْعَوْفِيّ " عَن
أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كَانَ النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى
نقُول لَا يَدعهَا ويدعها حَتَّى نقُول لَا يُصليهَا ".
وَحَدِيث زيد بن أَرقم عِنْد مُسلم من رِوَايَة الْقَاسِم
بن عَوْف الشَّيْبَانِيّ أَن زيد بن أَرقم رأى قوما يصلونَ
من الضُّحَى فَقَالَ أما لقد علمُوا أَن الصَّلَاة فِي غير
هَذِه السَّاعَة أفضل إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَالَ صَلَاة الْأَوَّابِينَ حِين
ترمض الفصال ". وَحَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد
الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة طَاوس عَن ابْن
عَبَّاس يرفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " على كل سلامي من بني آدم
فِي كل يَوْم صَدَقَة ويجزىء من ذَلِك كُله رَكعَتَا
الضُّحَى " وَحَدِيث جَابر بن عبد الله عِنْد
الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة
مُحَمَّد بن قيس " عَن جَابر بن عبد الله قَالَ أتيت
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعرض
عَلَيْهِ بَعِيرًا لي فرأيته صلى الضُّحَى سِتّ رَكْعَات
". وَحَدِيث جُبَير بن مطعم عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي
الْكَبِير من رِوَايَة نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن
أَبِيه أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الضُّحَى. وَحَدِيث حُذَيْفَة عِنْد
(7/238)
ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه من رِوَايَة
عَليّ بن عبد الرَّحْمَن " عَن حُذَيْفَة قَالَ خرجت مَعَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى
حرَّة بني مُعَاوِيَة فصلى الضُّحَى ثَمَانِي رَكْعَات طول
فِيهِنَّ ". وَحَدِيث عَائِذ بن عَمْرو عِنْد أَحْمد
وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير فِيهِ حَدثنِي شيخ " عَن
عَائِذ بن عَمْرو قَالَ كَانَ فِي المَاء فَتَوَضَّأ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "
الحَدِيث قَالَ " ثمَّ صلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الضُّحَى ". وَحَدِيث عبد
الله بن عمر عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من
رِوَايَة مُجَاهِد عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَقُول الله ابْن آدم اضمن لي
رَكْعَتَيْنِ من أول النَّهَار أكفك آخِره ". وَحَدِيث عبد
الله بن عَمْرو عِنْد أَحْمد من رِوَايَة أبي عبد
الرَّحْمَن الحبلي عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ "
قَالَ بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - سَرِيَّة " الحَدِيث وَفِيه " ثمَّ خرج " أَي رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لسبحة
الضُّحَى ". وَحَدِيث أبي مُوسَى عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي
الْأَوْسَط من رِوَايَة أبي بردة عَن أبي مُوسَى قَالَ
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
" من صلى الضُّحَى أَرْبعا بني لَهُ بَيت فِي الْجنَّة ".
وَحَدِيث عتْبَان بن مَالك عِنْد أَحْمد من رِوَايَة
مَحْمُود بن الرّبيع " عَن عتْبَان بن مَالك أَن النَّبِي
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى فِي بَيته
سبْحَة الضُّحَى " وَحَدِيث عقبَة بن عَامر عِنْد أَحْمد
وَأبي يعلى فِي مسنديهما من رِوَايَة نعيم بن هَارُون "
عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِن الله عز وَجل
يَقُول يَا ابْن آدم اكْفِنِي أول النَّهَار بِأَرْبَع
رَكْعَات أكفك بِهن آخر يَوْمك ". حَدِيث عَليّ بن أبي
طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عِنْد النَّسَائِيّ فِي
سنَنه الْكُبْرَى من رِوَايَة عَاصِم بن ضَمرَة " عَن
عَليّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - كَانَ يُصَلِّي من الضُّحَى ". وَحَدِيث معَاذ بن أنس
من رِوَايَة زبان بن فائد " عَن سهل بن معَاذ بن أنس
الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ من قعد فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى
ينْصَرف من صَلَاة الصُّبْح حَتَّى يسبح رَكْعَتي الضُّحَى
لَا يَقُول إِلَّا خيرا غفرت لَهُ خطاياه وَإِن كَانَت
أَكثر من زبد الْبَحْر " وَإِسْنَاده ضَعِيف. وَحَدِيث
النواس بن سمْعَان عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من
رِوَايَة أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ قَالَ " سَمِعت
النواس بن سمْعَان يَقُول سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول قَالَ الله عز وَجل
ابْن آدم لَا تعجزني من أَربع رَكْعَات فِي أول النَّهَار
أكفك آخِره ". وَحَدِيث أبي مرّة الطَّائِفِي عِنْد أَحْمد
من رِوَايَة مَكْحُول عَن أبي مرّة الطَّائِفِي قَالَ "
سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- ابْن آدم لَا تعجزني من أَربع رَكْعَات من أول النَّهَار
أكفك آخِره " وَبَقِي الْكَلَام هَهُنَا فِي فُصُول الأول
فِي عدد صَلَاة الضُّحَى وَقد ورد فِيهَا رَكْعَتَانِ
وَأَرْبع وست وثمان وَعشر وثنتا عشر فَالْكل مضى فِي
الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة غير عشر رَكْعَات قَالَ ابْن
مَسْعُود رُوِيَ عَنهُ مَرْفُوعا " من صلى الضُّحَى عشر
رَكْعَات بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة " وَلَيْسَ
مِنْهَا حَدِيث يرفع صَاحبه وَذَلِكَ أَن من صلى الضُّحَى
أَرْبعا جَازَ أَن يكون رَآهُ فِي حَالَة فعله ذَلِك
وَرَأى غَيره فِي حَالَة أُخْرَى صلى رَكْعَتَيْنِ وَرَآهُ
آخر فِي حَالَة أُخْرَى صلاهَا ثمانيا وسَمعه آخر يحثه على
أَن يُصَلِّي سِتا وَآخر يحث على رَكْعَتَيْنِ وَآخر على
عشر وَآخر على ثِنْتَيْ عشر فَأخْبر كل وَاحِد مِنْهُم
عَمَّا رأى أَو سمع وَمن الدَّلِيل على صِحَة مَا
قُلْنَاهُ مَا رَوَاهُ الْبَزَّار " عَن زيد بن أسلم قَالَ
سَمِعت عبد الله بن عَمْرو يَقُول لأبي ذَر أوصني قَالَ
سَأَلتنِي عَمَّا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ من صلى الضُّحَى
رَكْعَتَيْنِ لم يكْتب من الغافلين وَمن صلى أَرْبعا كتب
من العابدين وَمن صلى سِتا لم يلْحقهُ ذَلِك الْيَوْم
ذَنْب وَمن صلى ثمانيا كتب من القانتين وَمن صلى ثِنْتَيْ
عشرَة رَكْعَة بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَقَالَ
صلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يَوْمًا الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يَوْمًا أَرْبعا ثمَّ
يَوْمًا سِتا ثمَّ يَوْمًا ثمانيا ثمَّ ترك (فَإِن قلت)
هَل تزاد على ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة (قلت) مَفْهُوم
الْعدَد وَإِن لم يكن حجَّة عِنْد الْجُمْهُور إِلَّا أَنه
لم يرد فِي عدد صَلَاة الضُّحَى أَكثر من ذَلِك وَعدم
الْوُرُود بِأَكْثَرَ من ذَلِك لَا يسْتَلْزم منع
الزِّيَادَة وَقد رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ
سَأَلَ رجل الْأسود فَقَالَ كم أُصَلِّي الضُّحَى قَالَ كم
شِئْت وَقَالَ الطَّبَرِيّ وَالصَّوَاب أَن يُصَلِّي على
غير عدد وَذهب قوم إِلَى أَن يُصَلِّي أَرْبعا لما رُوِيَ
فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَل تَدْرُونَ مَا
وَفِي وفى فِي عمل يَوْمه بِأَرْبَع رَكْعَات الضُّحَى "
وَقَالَ الْحَاكِم صَحِبت جمَاعَة من أَئِمَّة الحَدِيث
الْحفاظ الْأَثْبَات فوجدتهم يختارون هَذَا الْعدَد
وَيصلونَ هَذِه الصَّلَاة أَرْبعا لتواتر الْأَخْبَار
الصَّحِيحَة فِيهِ وَإِلَيْهِ أذهب وَذكر الطَّبَرِيّ أَن
سعد بن أبي وَقاص وَأبي سَلمَة كَانَا يصليان الضُّحَى
ثمانيا وَكَانَ عَلْقَمَة وَالنَّخَعِيّ وَسَعِيد بن
الْمسيب يختارون الْأَرْبَع وَعَن الضَّحَّاك أَنه كَانَ
يخْتَار رَكْعَتَيْنِ
(7/239)
وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ أَكْثَرهَا ثنتا
عشرَة حَكَاهُ الرَّافِعِيّ عَنهُ وَجزم بِهِ فِي
الْمُحَرر وَتَبعهُ النَّوَوِيّ فِي الْمِنْهَاج وَخَالف
ذَلِك فِي شرح الْمُهَذّب فَحكى عَن الْأَكْثَرين أَنه
أَكْثَرهَا ثَمَان رَكْعَات وَقَالَ فِي الرَّوْضَة
أفضلهَا ثَمَان وأكثرها ثنتا عشرَة فَفرق بَين الْأَفْضَل
وَالْأَكْثَر وَفِيه نظر من حَيْثُ أَن من صلى ثَمَان
رَكْعَات فق فعل الْأَفْضَل فكونه يُصَلِّي بعد ذَلِك
رَكْعَتَيْنِ أَو أَرْبعا يكون ذَلِك مفضولا وَينْقص من
أجره الْمُتَقَدّم وَهَذَا فِي غَايَة الْبعد. الْفَصْل
الثَّانِي فِي أَن صَلَاة الضُّحَى مُسْتَحبَّة وَقيل
كَانَت وَاجِبَة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وَيَردهُ حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - يسبح سبْحَة الضُّحَى وَقيل كَانَت من
خَصَائِصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورد
بِأَن ذَلِك لم يثبت بِخَبَر صَحِيح. وَاخْتلف الْعلمَاء
هَل الْأَفْضَل الْمُوَاظبَة عَلَيْهَا أَو فعلهَا فِي
وَقت وَتركهَا فِي وَقت فَالظَّاهِر الأول لعُمُوم
الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أحب الْعَمَل إِلَى الله تَعَالَى
مَا داوم صَاحبه عَلَيْهِ وَإِن قل " وَنَحْو ذَلِك وروى
الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أبي هُرَيْرَة
عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه
قَالَ " إِن فِي الْجنَّة بَابا يُقَال لَهُ الضُّحَى
فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد أَيْن
الَّذين كَانُوا يديمون صَلَاة الضُّحَى هَذَا بَابَكُمْ
فادخلوه برحمة الله " وروى ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه
عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - " لَا يحافظ على صَلَاة الضُّحَى إِلَّا أواب
قَالَ وهذي صَلَاة الْأَوَّابِينَ " وَذهب بَعضهم إِلَى
أَن الْأَفْضَل أَن لَا يواظب عَلَيْهَا لحَدِيث أبي سعيد
الْخُدْرِيّ الَّذِي مضى وَحَكَاهُ صَاحب الأكمال عَن
جمَاعَة ورد بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - يحب الْعَمَل ويتركه مَخَافَة أَن يفْرض على أمته وَقد
روى الْبَزَّار من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يتْرك
صَلَاة الضُّحَى فِي سفر وَلَا غَيره لكنه ضَعِيف الْفَصْل
الثَّالِث اسْتدلَّ بِحَدِيث أم هانىء على اسْتِحْبَاب
التَّخْفِيف فِي صَلَاة الضُّحَى لقولها " مَا رَأَيْته
صلى صَلَاة قطّ أخف مِنْهَا " ورد أَن التَّخْفِيف فِيهَا
كَانَ لأجل اشْتِغَاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - بمهمات الْفَتْح من مَجِيئه إِلَى الْمَسْجِد وخطبته
وَأمره بقتل من أَمر بقتْله وَقد روى ابْن أبي شيبَة فِي
مُصَنفه من حَدِيث حُذَيْفَة " أَنه - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الضُّحَى ثَمَانِي رَكْعَات طول
فِيهِنَّ " الْفَصْل الرَّابِع فِيمَا يقْرَأ فِيهَا روى
الْحَاكِم من حَدِيث أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر
قَالَ " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَن نصلي الضُّحَى بالشمس وَضُحَاهَا
وَالضُّحَى " الْفَصْل الْخَامِس فِي وَقتهَا يدْخل
وَقتهَا من أول النَّهَار بِطُلُوع الشَّمْس لقَوْله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يعجزني من
أَربع رَكْعَات من أول النَّهَار " وَحكى النَّوَوِيّ فِي
الرَّوْضَة أَن وَقت الضُّحَى يدْخل بِطُلُوع الشَّمْس
وَلكنه يسْتَحبّ تَأْخِيرهَا إِلَى ارْتِفَاع الشَّمْس
وَخَالف ذَلِك فِي شرح الْمُهَذّب وَحكى فِيهِ عَن
الْمَاوَرْدِيّ أَن وَقتهَا الْمُخْتَار إِذا مضى ربع
النَّهَار وَجزم بِهِ فِي التَّحْقِيق وروى الطَّبَرَانِيّ
من حَدِيث زيد بن أَرقم أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - مر بِأَهْل قبَاء وهم يصلونَ الضُّحَى حِين
أشرقت الشَّمْس فَقَالَ صَلَاة الْأَوَّابِينَ إِذا رمضت
الفصال وَهَذَا يدل على جَوَاز صَلَاة الضُّحَى عِنْد
الْإِشْرَاق لِأَنَّهُ لم ينههم عَن ذَلِك وَلَكِن أعلمهم
أَن التَّأْخِير إِلَى شدَّة الْحر صَلَاة الْأَوَّابِينَ
قَوْله " إِذا رمضت الفصال " هُوَ أَن تحمى الرمضاء وَهِي
الرمل فتبرك الفصال من شدَّة حرهَا وإحراقها أخفافها
(بَاب من لم يصل الضُّحَى وَرَآهُ وَاسِعًا)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من ترك صَلَاة الضُّحَى
وَرَآهُ أَي وَرَأى الضُّحَى أَي صَلَاة الضُّحَى قَوْله "
وَاسِعًا " أَي غير لَازم وانتصابه على أَنه مفعول ثَان
لرَأى
203 - (حَدثنَا آدم قَالَ حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب عَن
الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
قَالَت مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - سبح سبْحَة الضُّحَى وَإِنِّي لأسبحها)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس
واسْمه عبد الرَّحْمَن وَقيل غير ذَلِك وَابْن أبي ذِئْب
بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة هُوَ مُحَمَّد بن الْمُغيرَة
بن الْحَارِث بن أبي ذِئْب وَاسم أبي ذِئْب هِشَام
الْقرشِي العامري أَبُو الْحَارِث الْمدنِي
(7/240)
وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن
شهَاب وَقد تقدم هَذَا فِي بَاب تحريض النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قيام اللَّيْل وَمَا
سبح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
سبْحَة الضُّحَى قطّ وَإِنِّي لأسبحها وَقد مر الْكَلَام
من أَن السبحة بِضَم السِّين الْمُهْملَة النَّافِلَة
وَأَن فِيهِ رِوَايَة مَالك عَن ابْن هِشَام " لأستحبها "
من الِاسْتِحْبَاب وَالْفرق بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَن لفظ
أسبحها يَقْتَضِي الْفِعْل وَلَفظ أستحبها لَا
يَقْتَضِيهِ. وَاعْلَم أَنه قد رُوِيَ فِي ذَلِك أَشْيَاء
مُخْتَلفَة عَن عَائِشَة هَذَا يدل على نفي السبحة من
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وَجَاء عَنْهَا مَا رَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة عبد الله بن
شَقِيق قَالَ قلت لعَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا
هَل كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- يُصَلِّي الضُّحَى قَالَت لَا إِلَّا أَن يَجِيء من
مغيبه وَجَاء عَنْهَا أَيْضا مَا رَوَاهُ مُسلم من
رِوَايَة معَاذَة أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة كم كَانَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يُصَلِّي صَلَاة الضُّحَى قَالَت أَربع رَكْعَات وَيزِيد
مَا شَاءَ. وَهَذَا كَمَا رَأَيْت يدل الأول على النَّفْي
مُطلقًا. وَالثَّانِي على النَّفْي الْمُقَيد. وَالثَّلَاث
على الْإِثْبَات الْمُطلق وَتَكَلَّمُوا فِي التَّوْفِيق
بَينهَا فَمَال ابْن عبد الْبر وَآخَرُونَ إِلَى تَرْجِيح
مَا اتّفق الشَّيْخَانِ عَلَيْهِ دون مَا انْفَرد بِهِ
مُسلم وَقَالُوا إِن عدم رؤيتها لذَلِك لَا يسْتَلْزم عدم
الْوُقُوع فَيقدم من روى عَنهُ من الصَّحَابَة الْأَثْبَات
وَقيل عدم رؤيتها أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - مَا كَانَ يكون عِنْد عَائِشَة فِي وَقت الضُّحَى
إِلَّا فِي النَّادِر لكَونه أَكثر النَّهَار فِي
الْمَسْجِد أَو فِي مَوضِع آخر وَإِذا كَانَ عِنْد
نِسَائِهِ فَإِنَّهَا كَانَ لَهَا يَوْم من تِسْعَة
أَيَّام أَو ثَمَانِيَة وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ عِنْدِي أَن
المُرَاد بقولِهَا مَا رَأَيْته سبحها أَي داوم عَلَيْهَا
وَقَوْلها وَإِنِّي لأسبحها أَي لأداوم عَلَيْهَا وَقيل
جمع بَين قَوْلهَا مَا كَانَ يُصَلِّي إِلَّا أَن يَجِيء
من مغيبه وَقَوْلها كَانَ يُصَلِّي أَرْبعا وَيزِيد مَا
شَاءَ بِأَن الأول مَحْمُول على صلَاته إِيَّاهَا فِي
الْمَسْجِد وَالثَّانِي على الْبَيْت وَقَالَ عِيَاض
قَوْله مَا صلاهَا مَعْنَاهُ مَا رَأَيْته يُصليهَا
وَالْجمع بَينه وَبَين قَوْلهَا كَانَ يُصليهَا أَنَّهَا
أخْبرت فِي الْإِنْكَار عَن مشاهدتها وَفِي الْإِثْبَات
عَن غَيرهَا وَقيل يحْتَمل أَن تكون نفت صَلَاة الضُّحَى
الْمَعْهُودَة حِينَئِذٍ من هَيْئَة مَخْصُوصَة بِعَدَد
مَخْصُوص فِي وَقت مَخْصُوص وَأَنه - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا كَانَ يُصليهَا إِذا قدمن
من سَفَره لَا بِعَدَد مَخْصُوص وَلَا بِغَيْرِهِ كَمَا
قَالَت يُصَلِّي أَرْبعا وَيزِيد مَا شَاءَ الله تَعَالَى
وَذهب قوم إِلَى ظَاهر الحَدِيث الْمَذْكُور وَأخذُوا بِهِ
وَلم يرَوا صَلَاة الضُّحَى حَتَّى قَالَ بَعضهم إِنَّهَا
بِدعَة وَقد ذكرنَا أَن ابْن عمر قَالَ ذَلِك ايضا وَقَالَ
مرّة ونعمت الْبِدْعَة وَقَالَ مرّة مَا استبدع
الْمُسلمُونَ بِدعَة أفضل مناه وروى الشّعبِيّ عَن قيس بن
عباد قَالَ كنت أختلف إِلَى ابْن مَسْعُود السّنة كلهَا
فَمَا رَأَيْته مُصَليا الضُّحَى وَقَالَ إِبْرَاهِيم
النَّخعِيّ حَدثنِي من رأى ابْن مَسْعُود صلى الْفجْر ثمَّ
لم يقم لصَلَاة حَتَّى أذن لصَلَاة الظّهْر فَقَامَ فصلى
أَرْبعا وَكَانَ ابْن عَوْف لَا يُصليهَا وَقَالَ أنس
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ صَلَاة النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْفَتْح كَانَت سنة
الْفَتْح لَا سنة الضُّحَى وَلما فتح خَالِد بن الْوَلِيد
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْحيرَة صلى صَلَاة الْفَتْح
ثَمَان رَكْعَات لم يسلم فِيهِنَّ وَقد ذكرنَا الْجَواب
عَن ذَلِك فِيمَا مضى وَالله تَعَالَى أعلم
(بَاب صَلَاة الضُّحَى فِي الْحَضَر)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان صَلَاة الضُّحَى فِي الْحَضَر
(قَالَه عتْبَان بن مَالك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) وَفِي بعض النّسخ قَالَ عتْبَان
عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد
ذكره البُخَارِيّ فِي بَاب إِذا زار الإِمَام قوما فَأمهمْ
حَدثنَا معَاذ بن أَسد قَالَ أخبرنَا عبد الله قَالَ أخرنا
معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ أَخْبرنِي مَحْمُود بن الرّبيع
قَالَ عتْبَان بن مَالك الْأنْصَارِيّ قَالَ اسْتَأْذن على
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَذنت
لَهُ فَقَالَ أَيْن تحب أَن أُصَلِّي فِي بَيْتك فأشرت
لَهُ إِلَى الْمَكَان الَّذِي أحب فَقَامَ وصففنا خَلفه
ثمَّ سلم فسلمنا انْتهى وَلَيْسَ فِيهِ ذكر السبحة
وَرَوَاهُ أَحْمد من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن مَحْمُود بن
الرّبيع عَن " عتْبَان بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى فِي بَيته سبْحَة
الضُّحَى فَقَامُوا وَرَاءه فصلوا بِصَلَاتِهِ " وَأخرجه
مُسلم من رِوَايَة ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب أَن
مَحْمُود بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ حَدثهُ عتْبَان بن
مَالك وَهُوَ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّن شهد بَدْرًا من الْأَنْصَار
" أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي قد أنْكرت بَصرِي "
الحَدِيث بِطُولِهِ وَلَيْسَ فِيهِ ذكر السبحة وسيذكره
البُخَارِيّ أَيْضا بعد بَابَيْنِ فِي بَاب صَلَاة
النَّوَافِل جمَاعَة
(7/241)
204 - (حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم قَالَ
أخرنا شُعْبَة قَالَ حَدثنَا عَبَّاس الْجريرِي هُوَ ابْن
فروخ عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي هُرَيْرَة
رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَوْصَانِي خليلي بِثَلَاث لَا
أدعهن حَتَّى أَمُوت صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر
وَصَلَاة الضُّحَى ونوم على وتر) قيل لَا مُطَابقَة بَينه
وَبَين التَّرْجَمَة لِأَن الحَدِيث مُطلق لَيْسَ فِيهِ
ذكر سفر وَلَا حضر والترجمة مُقَيّدَة بالحضر (قلت)
الحَدِيث بِإِطْلَاقِهِ يتَنَاوَل حَالَة السّفر والحضر
يدل عَلَيْهِ قَوْله " لَا أدعهن حَتَّى أَمُوت " فَحصل
التطابق من هَذَا الْوَجْه وَفِيه كِفَايَة (ذكر رِجَاله)
وهم خَمْسَة. الأول مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ
القصاب وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الثَّالِث عَبَّاس بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد
الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن فروخ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة
الْجريرِي بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء الأولى وَهُوَ
نِسْبَة إِلَى جرير بن عباد بِضَم الْعين وَتَخْفِيف
الْبَاء الْمُوَحدَة. الرَّابِع أَبُو عُثْمَان عبد
الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ بِفَتْح النُّون وَسُكُون
الْهَاء وبالدال الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى نهد بن زيد بن
لَيْث بن سود بن الحاف بن قضاعة. الْخَامِس أَبُو
هُرَيْرَة (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة
الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه العنعنة فِي موضِعين
وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه اثْنَان
مذكوران بِالنِّسْبَةِ أَحدهمَا باسمه وَالْآخر بكنيته
وَفِيه أَن رُوَاته بصريون مَا خلا شُعْبَة فَإِنَّهُ
واسطي (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه
البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّوْم عَن أبي معمر عَن عبد
الْوَارِث عَن أبي التياح وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن
شَيبَان بن فروخ وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن
بشار وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن بشار عَن
غنْدر عَن شُعْبَة وَعَن مُحَمَّد بن عَليّ وَعَن بشر بن
هِلَال. (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " خليلي " أَرَادَ بِهِ
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهَذَا
لَا يُخَالف مَا قَالَه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - " لَو كنت متخذا خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر "
لِأَن الْمُمْتَنع أَن يتَّخذ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَيره خَلِيلًا لَا الْعَكْس
والخليل هُوَ الصّديق الْخَالِص الَّذِي تخللت محبته
الْقلب فَصَارَت فِي خلاله أَي فِي بَاطِنه وَفِي رِوَايَة
النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء " أَوْصَانِي
حَبِيبِي " على مَا نذكرهُ عَن قريب إِن شَاءَ الله
تَعَالَى ثمَّ هَل فرق بَينهمَا أم لَا قَالَ بَعضهم لَا
يُقَال أَن المخاللة تكون من الْجَانِبَيْنِ لأَنا نقُول
إِنَّمَا نظر الصَّحَابِيّ إِلَى أحد الْجَانِبَيْنِ
فَأطلق ذَلِك أَو لَعَلَّه أَرَادَ مُجَرّد الصُّحْبَة أَو
الْمحبَّة (قلت) هَذَا الْكَلَام فِي غَايَة الوهاء وليت
شعري فَأَيْنَ صِيغَة المفاعلة هَهُنَا حَتَّى يَجِيء
هَذَا السُّؤَال وَالْجَوَاب أَو هِيَ من السُّؤَال لِأَن
أحدا من أهل الْأَدَب لم يق لذَلِك بِهَذَا الْوَجْه
قَوْله " بِثَلَاث " أَي بِثَلَاثَة أَشْيَاء قَوْله " لَا
أدعهن " أَي لَا أتركهن وَالضَّمِير يرجع إِلَى الثَّلَاث
وَقَالَ بَعضهم " لَا أدعهن " إِلَى آخِره من جملَة
الْوَصِيَّة أَي أَوْصَانِي أَن لَا أدعهن وَيحْتَمل أَن
يكون من أَخْبَار الصَّحَابِيّ بذلك عَن نَفسه (قلت) هُوَ
إِخْبَار عَن نَفسه بِتِلْكَ الْوَصِيَّة بِأَن لَا
يَتْرُكهَا إِلَى أَن يَمُوت بعد إخْبَاره بهَا عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن قَوْله " لَا أدعهن حَتَّى
أَمُوت " غير مَذْكُور فِي رِوَايَة مُسلم مَعَ أَنه أخرجه
من رِوَايَة أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنهُ قَالَ "
أَوْصَانِي خليلي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
بِثَلَاث بصيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر وركعتي
الضُّحَى وَأَن أوتر قبل أَن أرقد " وَرَوَاهُ أَيْضا من
رِوَايَة أبي رَافع الصَّائِغ عَنهُ وَكَذَلِكَ وَرَوَاهُ
النَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنهُ
كَذَلِك فَالْحَدِيث وَاحِد ومخرجه وَاحِد فَلَا يحْتَاج
فِي تَفْسِير قَوْله " لَا أدعهن " إِلَى التَّرَدُّد
وَأقوى الدَّلِيل على مَا قُلْنَا رِوَايَة النَّسَائِيّ
وَلَفظه " أَوْصَانِي خليلي بِثَلَاث لَا أدعهن إِن شَاءَ
الله أبدا أَوْصَانِي بِصَلَاة الضُّحَى " الحَدِيث على
مَا نذكرهُ عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى (فَإِن قلت)
مَا مَحل هَذِه الْجُمْلَة من الْإِعْرَاب (قلت) يجوز
فِيهِ الْوَجْهَانِ الْجَرّ لكَونهَا صفة لقَوْله "
بِثَلَاث " لِأَنَّهُ يشبه النكرَة فِي الْإِبْهَام وَإِن
كَانَ مَوْضُوعا فِي الأَصْل لعدد معِين وَالنّصب على أَن
يكون حَالا بِالنّظرِ إِلَى الأَصْل فَافْهَم قَوْله "
حَتَّى أَمُوت " كلمة حَتَّى للغاية وأموت مَنْصُوب بِأَن
الْمقدرَة وَالْمعْنَى إِلَى أَن أَمُوت أَي إِلَى موتِي
قَوْله " صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام " يجوز فِي صَوْم الْجَرّ
على أَن يكون بَدَلا من قَوْله " بِثَلَاث " وَيكون صَلَاة
الضُّحَى وَيَوْم مجرور أَن عطفا عَلَيْهِ وَيجوز فِيهِ
الرّفْع على أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هِيَ
صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام وَصَلَاة الضُّحَى ونوم على وتر
بِالرَّفْع فِي الْكل وَالْمرَاد من ثَلَاثَة أَيَّام
ظَاهره هِيَ أَيَّام الْبيض وَإِن كَانَ يحْتَمل أَن يكون
سرد الشَّهْر قَوْله " وَصَلَاة الضُّحَى " لم يتَعَرَّض
فِيهِ إِلَى الْعدَد وَبَينه فِي رِوَايَة مُسلم بقوله "
وركعتي
(7/242)
الضُّحَى " كَمَا مر الْآن وَفِي رِوَايَة
أَحْمد زِيَادَة وَهِي قَوْله " وَصَلَاة الضُّحَى كل
يَوْم " قَوْله " ونوم على وتر " وَفِي رِوَايَة
البُخَارِيّ من طَرِيق ابْن التياح على مَا يَجِيء فِي
الصَّوْم " وَأَن أوتر قبل أَن أَنَام " وبمثل وَصِيَّة
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأبي
هُرَيْرَة أوصى بهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- لأبي الدَّرْدَاء فِيمَا رَوَاهُ مُسلم حَدثنَا هَارُون
بن عبد الله وَمُحَمّد بن رَافع قَالَ حَدثنَا ابْن فديك
عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله
بن حنين عَن أبي مرّة مولى أم هَانِيء " عَن أبي
الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أَوْصَانِي
حَبِيبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِثَلَاث
لن أدعهن مَا عِشْت بصيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر
وبصلاة الضُّحَى وَبِأَن لَا أَنَام حَتَّى أوتر " وبمثل
ذَلِك أَيْضا أوصى لأبي ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ قَالَ أخبرنَا عَليّ بن حجر
قَالَ أخبرنَا إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي
حَرْمَلَة عَن عَطاء بن يسَار " عَن أبي ذَر قَالَ
أَوْصَانِي خليلي بِثَلَاث لَا أدعهن إِن شَاءَ الله
تَعَالَى أبدا أَوْصَانِي بِصَلَاة الضُّحَى وبالوتر قبل
النّوم وبصيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر " (فَإِن قلت)
مَا الْحِكْمَة فِي الْوَصِيَّة بالمحافظة على هَذِه
الثَّلَاث (قلت) أما فِي صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر
إِشَارَة إِلَى تمرين النَّفس على جنس الصّيام وَفِي
صَلَاة الضُّحَى إِشَارَة إِلَى ذَلِك فِي جنس الصَّلَاة
وَأما فِي الْوتر قبل النّوم إِشَارَة إِلَى أَن ذَلِك فِي
الْمُوَاظبَة عَلَيْهِ وَفِيه إِمَارَة الْوُجُوب وَوَقته
فِي اللَّيْل وَهُوَ وَقت الْغَفْلَة وَالنَّوْم والكسل
وَوقت طلب النَّفس الرَّاحَة (فَإِن قلت) مَا وَجه
تَخْصِيص أبي هُرَيْرَة وَأبي ذكر بِهَذِهِ الْوَصِيَّة
(قلت) لِأَنَّهُمَا كَانَا من الْفُقَرَاء وَلم يَكُونَا
من أَصْحَاب الْأَمْوَال فالصوم وَالصَّلَاة من أشرف
الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة فوصاهما بِمَا يَلِيق بهما
وَالْوتر من جنس الصَّلَاة. وَمن فَوَائِد الحَدِيث
الْمَذْكُور الْإِشَارَة إِلَى فَضِيلَة صَلَاة الضُّحَى
وفضيلة صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فالحسنة بِعشر
أَمْثَالهَا فَإِذا صَامَ فِي كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام
وَصَامَ شهر رَمَضَان فَكَأَنَّمَا صَامَ سنته تِلْكَ
كلهَا وَقيل أما الْوتر فَإِنَّهُ مَحْمُول على من لَا
يَسْتَيْقِظ آخر اللَّيْل فَإِن أَمن فالتأخير أفضل
للْحَدِيث الصَّحِيح " فَانْتهى وتره إِلَى السحر "
205 - (حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد قَالَ أخبرنَا شُعْبَة
عَن أنس بن سِيرِين قَالَ سَمِعت أنس بن مَالك
الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رجل من الْأَنْصَار وَكَانَ
ضخما للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
إِنِّي لَا أَسْتَطِيع الصَّلَاة مَعَك فَصنعَ للنَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَعَاما فَدَعَاهُ
إِلَى بَيته ونضح لَهُ طرف حَصِير بِمَاء فصلى عَلَيْهِ
رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ فلَان ابْن فلَان ابْن جارود لأنس
رَضِي الله عَنهُ أَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الضُّحَى فَقَالَ مَا
رَأَيْته صلى غير ذَلِك الْيَوْم) مطابقته للتَّرْجَمَة
فِي قَوْله " فَدَعَاهُ إِلَى بَيته " إِلَى آخِره
فَإِنَّهُ صلى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي
بَيته فأوقع فِي الْحَضَر (ذكر رِجَاله) وهم أَرْبَعَة
عَليّ بن الْجَعْد بِفَتْح الْجِيم مر فِي بَاب أَدَاء
الْخمس من الْإِيمَان وَشعْبَة بن الْحجَّاج قد تكَرر ذكره
وَأنس بن سِيرِين مولى أنس بن مَالك وَيُقَال أَنه لما ولد
ذهب بِهِ إِلَى أنس بن مَالك فَسَماهُ أنسا وكناه أَبَا
حَمْزَة باسمه وكنيته وَمَات بعد أَخِيه مُحَمَّد وَمَات
مُحَمَّد سنة عشر وَمِائَة وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي
بَاب هَل يُصَلِّي الإِمَام بِمن حضر فَإِنَّهُ أخرجه
هُنَاكَ عَن آدم عَن شُعْبَة عَن أنس بن سِيرِين قَالَ
سَمِعت أنسا الحَدِيث وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصى
قَوْله " قَالَ رجل من الْأَنْصَار " قيل هُوَ عتْبَان بن
مَالك قَوْله " وَقَالَ فلَان بن فلَان " قَالَ
الْكرْمَانِي قيل هُوَ عبد الحميد بن الْمُنْذر بن جارود
بِالْجِيم وبضم الرَّاء وبإهمال الدَّال يرفع الحَدِيث فِي
بَاب هَل يُصَلِّي الإِمَام بِمن حضر.
(بَاب الرَّكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ
قبل صَلَاة الظّهْر وَقد ذكرُوا أَولا الرَّوَاتِب الَّتِي
بعد المكتوبات ثمَّ ذكر مَا يتَعَلَّق بِمَا قبلهَا
فَبَدَأَ أَولا بِمَا قبل الظّهْر وَفِي بعض النّسخ بَاب
الركعتان قبل الظّهْر وَوَجهه أَن يُقَال هَذَا بَاب يذكر
فِيهِ الركعتان قبل الظّهْر
206 - (حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب قَالَ حَدثنَا حَمَّاد
بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن
(7/243)
عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ حفظت من
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عشر
رَكْعَات رَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر وَرَكْعَتَيْنِ بعْدهَا
وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب فِي بَيته وَرَكْعَتَيْنِ بعد
الْعشَاء فِي بَيته وَرَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الصُّبْح
وَكَانَت سَاعَة لَا يدْخل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا حَدَّثتنِي حَفْصَة أَنه
كَانَ إِذا أذن الْمُؤَذّن وطلع الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله " رَكْعَتَيْنِ
قبل الظّهْر " وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة وَأَيوب هُوَ
السّخْتِيَانِيّ وَأخرجه فِي بَاب مَا جَاءَ فِي
التَّطَوُّع مثنى مثنى عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن
عقيل عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن عبد الله بن عمر وَقد
مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى هُنَاكَ
207 - (حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا يحيى عَن شُعْبَة
عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن أَبِيه
عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يدع أَرْبعا قبل
الظّهْر وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْغَدَاة) طرق هَذَا الحَدِيث
الصِّحَاح أَربع وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر
وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة عبد الله ابْن شَقِيق
عَنْهَا أَربع غير أَن التِّرْمِذِيّ روى من حَدِيث عبد
الله بن شَقِيق عَنْهَا " كَانَ يُصَلِّي قبل الظّهْر
رَكْعَتَيْنِ " وَصَححهُ قيل حَدِيث عَائِشَة هَذَا لَا
يُطَابق التَّرْجَمَة وَأجِيب بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن ابْن
عمر قد نسي رَكْعَتَيْنِ من الْأَرْبَع ورد بِأَن هَذَا
الِاحْتِمَال بعيد وَالْأولَى أَن يحمل على حَالين فَكَانَ
يُصَلِّي تَارَة ثِنْتَيْنِ وَتارَة يُصَلِّي أَرْبعا
(قلت) الْحمل على النسْيَان أقرب إِلَى التَّرْجَمَة من
الَّذِي قَالَه لِأَن النسْيَان غير مَرْفُوع فَإِذا حمل
على مَا قَالَه لَا تتمّ الْمُطَابقَة أصلا وَقيل أَنه
مَحْمُول على أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد يقْتَصر
على رَكْعَتَيْنِ وَفِي بَيته صلي أَرْبعا وعَلى كل حَال
لَا يتْرك الْأَرْبَع والركعتان موجودتان فِي الْأَرْبَع
وَقيل كَانَ ابْن عمر رأى مَا فِي الْمَسْجِد وَعَائِشَة
اطَّلَعت على الْأَمريْنِ جَمِيعًا وَلما كَانَ الْأَرْبَع
من الرَّوَاتِب لِلظهْرِ ذكره اسْتِطْرَادًا لحَدِيث ابْن
عمر حَيْثُ اقْتصر على رَكْعَتَيْنِ فَأخْبر كل مِنْهُمَا
بِمَا شَاهده وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا قَالَه الطَّبَرِيّ
الْأَرْبَع كَانَت فِي كثير من أَحْوَاله والركعتان فِي
قليلها (ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة. الأول مُسَدّد تكَرر
ذكره. الثَّانِي يحيى بن سعيد الْقطَّان. الثَّالِث
شُعْبَة بن الْحجَّاج. الرَّابِع إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
بن الْمُنْتَشِر ابْن أخي مَسْرُوق الْهَمدَانِي.
الْخَامِس أَبوهُ مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر بن الأجدع
والمنتشر بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح التَّاء
الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَفِي
آخِره رَاء بِلَفْظ الْفَاعِل من الانتشار ضد الانقباض.
السَّادِس أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة
الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع
وَفِيه أَن شَيْخه بَصرِي وَكَذَا شيخ شَيْخه وَشعْبَة
واسطي وَإِبْرَاهِيم وَأَبوهُ كوفيان وَفِيه عَن أَبِيه
عَن عَائِشَة وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَن شُعْبَة عَن
إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه سَمِعت عَائِشَة أخرجه
الْإِسْمَاعِيلِيّ وَحكى عَن شيخ أبي الْقَاسِم
الْبَغَوِيّ أَنه حَدثهُ بِهِ من طَرِيق عُثْمَان ابْن عمر
عَن شُعْبَة فَأدْخل بَين مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر
وَعَائِشَة مسروقا وَأخْبرهُ أَن حَدِيث وَكِيع وهم ورد
ذَلِك الْإِسْمَاعِيلِيّ بِأَن مُحَمَّد بن جَعْفَر قد
وَافق وكيعا على التَّصْرِيح بِسَمَاع مُحَمَّد عَن
عَائِشَة ثمَّ سَاقه بِسَنَدِهِ إِلَى شُعْبَة عَن
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَنه سمع أَبَاهُ أَنه سمع
عَائِشَة وَلما خرجه النَّسَائِيّ أَدخل بَين مُحَمَّد
وَعَائِشَة مسروقا كَمَا فِي رِوَايَة الْبَغَوِيّ فَقَالَ
حَدثنَا ابْن المنثى حَدثنَا عُثْمَان بن عمر بن فَارس
حَدثنَا شُعْبَة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن أَبِيه
عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة بِلَفْظ " كَانَ لَا يدع أَربع
رَكْعَات قبل الظّهْر وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر "
وَقَالَ النَّسَائِيّ هَذَا الحَدِيث لم يُتَابِعه أحد على
قَوْله عَن مَسْرُوق وَخَالفهُ مُحَمَّد بن جَعْفَر
وَعَامة أَصْحَاب شُعْبَة وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ قد
ذكر سَماع ابْن الْمُنْتَشِر عَن عَائِشَة غير وَاحِد
فَإِن وكيعا رَوَاهُ عَن شُعْبَة فَقَالَ فِيهِ سَمِعت من
رِوَايَة عُثْمَان وَأبي كريب وَكَذَا قَالَ غنْدر عَن
شُعْبَة وَقَالَ صَاحب التَّلْوِيح فالحمل فِي ذَلِك على
عُثْمَان بن عمر فَإِن يحيى بن سعيد لم يكن ليحمل
(7/244)
هَكَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ
قَالَ وَلقَائِل أَن يَقُول تَصْرِيح أُولَئِكَ
بِسَمَاعِهِ عَن عَائِشَة لَا يَنْفِي دُخُول مَسْرُوق
بَينهمَا الِاحْتِمَال أَن يكون أَولا رَوَاهُ بِوَاسِطَة
ثمَّ سَمعه بِغَيْر وَاسِطَة فَأدى مَا سَمعه عَنهُ
شُعْبَة فِي الْحَالَتَيْنِ لِأَن الطَّرِيق فِي كل
مِنْهُمَا صَحِيحَة (ذكر من أخرجه غَيره) أخرجه أَبُو
دَاوُد أَيْضا عَن مُسَدّد نَحْو البُخَارِيّ وَأخرجه
النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن أَحْمد بن عبد الله عَن
غنْدر وَعَن عبيد الله بن سعيد عَن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن
عبد الْأَعْلَى عَن خَالِد بن الْحَارِث ثَلَاثَتهمْ عَن
شُعْبَة. (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " لَا يدع " أَي لَا
يتْرك وأمات الْعَرَب ماضيه قَوْله " قبل الْغَدَاة " أَي
قبل صَلَاة الصُّبْح وَاخْتلفت الْأَحَادِيث فِي
التَّنَفُّل قبل الظّهْر وَبعدهَا وَقد ذَكرْنَاهُ مستقصى
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ وَاخْتلف الْعلمَاء هَل للفرائض
رواتب مسنونة أَو لَيست لَهَا فَذهب الْجُمْهُور وَقَالُوا
هِيَ سنة مَعَ الْفَرَائِض وَذهب مَالك فِي الْمَشْهُور
عَنهُ إِلَى أَنه لَا رواتب فِي ذَلِك وَلَا تَوْقِيت
حماية للفرائض وَلَا يمْنَع من تطوع بِمَا شَاءَ إِذا أَمن
ذَلِك.
(تَابعه ابْن أبي عدي وَعَمْرو عَن شُعْبَة) أَي تَابع
يحيى بن سعيد بن أبي عدي وَعمر وَعلي رِوَايَته عَن
شُعْبَة وَابْن أبي عدي هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
وَأَبُو عدي هُوَ كنية إِبْرَاهِيم مولى بني سليم من
القساملة الْبَصْرِيّ مكنى أَبَا عَمْرو مَاتَ سنة أَربع
وَتِسْعين وَمِائَة وَعَمْرو بِفَتْح الْعين هُوَ ابْن
مَرْزُوق أَبُو عُثْمَان مولى باهلة من مُضر الْبَصْرِيّ
روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي أول الدِّيات وَفِي مَنَاقِب
عَائِشَة وَقَالَ مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ
وَتَابعه أَيْضا ابْن الْمُبَارك ومعاذ بن معَاذ ووهب بن
جرير كلهم عَن شُعْبَة بِسَنَد لَيْسَ فِيهِ مَسْرُوق
وَقَالَ الْمزي قَالَ النَّسَائِيّ هَذَا الصَّوَاب
وَحَدِيث عُثْمَان بن عمر خطأ يَعْنِي عَن شُعْبَة عَن
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن أَبِيه عَن
مَسْرُوق عَن عَائِشَة (قلت) قد مر أَن دُخُول مَسْرُوق
بَين مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر وَعَائِشَة غير مُمْتَنع
وَقد ذَكرْنَاهُ على أَن البُخَارِيّ قد أَرَادَ بِهَذِهِ
الْمُتَابَعَة السَّلامَة من هَذِه الشائية
(بَاب الصَّلَاة قبل الْمغرب)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الصَّلَاة قبل صَلَاة
الْمغرب.
208 - (حَدثنَا أَبُو معمر قَالَ حَدثنَا عبد الْوَارِث
عَن الْحُسَيْن عَن ابْن بُرَيْدَة قَالَ حَدثنِي عبد الله
الْمُزنِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ صلوا قبل صَلَاة الْمغرب قَالَ فِي
الثَّالِثَة لمن شَاءَ كَرَاهِيَة أَن يتخذها النَّاس سنة)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَلم يذكر الصَّلَاة قبل
الْعَصْر مَعَ أَن أَبَا دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَأحمد
رووا عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " رحم الله امْرأ صلى
قبل الْعَصْر أَرْبعا " وَأخرجه ابْن حبَان وَصَححهُ
لكَونه على غير شَرطه وَقد ذكرنَا هَذَا الْبَاب فِيمَا
مضى مُسْتَوفى. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة. الأول أَبُو
معمر بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو بن أبي الْحجَّاج
الْمنْقري. الثَّانِي عبد الْوَارِث بن سعيد يكنى بِأبي
عُبَيْدَة. الثَّالِث حُسَيْن بن ذكْوَان الْمعلم.
الرَّابِع عبد الله بن بُرَيْدَة بِضَم الْبَاء
الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف
وبالدال الْمُهْملَة. الْخَامِس عبد الله بن الْمُغَفَّل
بِضَم الْمِيم وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد
الْفَاء الْمَفْتُوحَة الْمُزنِيّ بِضَم الْمِيم وَفتح
الزَّاي وبالنون. (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث
بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي
مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه
القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه أَن رُوَاته كلهم بصريون
يغر ابْن بُرَيْدَة فَإِنَّهُ مروزي. (ذكر تعدد مَوْضِعه
وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي
الِاعْتِصَام عَن أبي معمر أَيْضا وَأخرجه أَبُو دَاوُد
فِي الصَّلَاة عَن عبيد الله بن عمر القواريري. (ذكر
مَعْنَاهُ) قَوْله " صلوا قبل صَلَاة الْمغرب " وَفِي
رِوَايَة أبي دَاوُد عَن القواريري بِالْإِسْنَادِ
الْمَذْكُور " صلوا قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ
صلوا قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ " قَوْله " قَالَ فِي
الثَّالِثَة لمن شَاءَ " هَذَا يدل على أَنه - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ صلوا قبل صَلَاة
الْمغرب ثَلَاث مَرَّات وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة
الْإِسْمَاعِيلِيّ من هَذَا الْوَجْه ثَلَاث مَرَّات
وَقَالَ فِي الثَّالِثَة لمن شَاءَ وَفِي
(7/245)
رِوَايَة أبي نعيم فِي الْمُسْتَخْرج "
صلوا قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ قَالَهَا ثَلَاثًا ثمَّ
قَالَ لمن شَاءَ " قَوْله " كَرَاهِيَة أَن يتخذها النَّاس
سنة " وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد " خشيَة أَن يتخذها
النَّاس سنة " وانتصاب كَرَاهِيَة وخشية على التَّعْلِيل
وَمعنى سنة طَريقَة لَازِمَة يواظبون عَلَيْهَا (ذكر مَا
يُسْتَفَاد مِنْهُ) اخْتلف السّلف فِي التَّنَفُّل قبل
الْمغرب فَأَجَازَهُ طَائِفَة من الصَّحَابَة
وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاء وحجتهم هَذَا الحَدِيث
وَأَمْثَاله وَرُوِيَ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَغَيرهم
أَنهم كَانُوا لَا يصلونها وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ
اخْتلف الصَّحَابَة فيهمَا وَلم يفعلهما أحد بعدهمْ
وَقَالَ سعيد بن الْمسيب مَا رَأَيْت فَقِيها يُصَلِّيهمَا
إِلَّا سعد بن أبي قاص وَذكر ابْن حزم أَن عبد الرَّحْمَن
بن عَوْف كَانَ يُصَلِّيهمَا وَكَذَا أبي بن كَعْب وَأنس
بن مَالك وَجَابِر وَخَمْسَة آخَرُونَ من أَصْحَاب
الشَّجَرَة وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَقَالَ حبيب بن
سَلمَة رَأَيْت الصَّحَابَة يهبون إِلَيْهَا كَمَا يهبون
إِلَى صَلَاة الْفَرِيضَة وَسُئِلَ عَنْهُمَا الْحسن
فَقَالَ حَسَنَتَانِ لمن أَرَادَ بهما وَجه الله تَعَالَى
وَقَالَ ابْن بطال وَهُوَ قَول أَحْمد وَإِسْحَق وَفِي
الْمُغنِي ظَاهر كَلَام أَحْمد أَنَّهُمَا جائزتان وليستا
سنة قَالَ الْأَثْرَم قلت لِأَحْمَد الرَّكْعَتَيْنِ قبل
الْمغرب قَالَ مَا فعلته قطّ إِلَّا مرّة حِين سَمِعت
الحَدِيث قَالَ وَفِيهِمَا أَحَادِيث جِيَاد أَو قَالَ
صِحَاح عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- وَأَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ إِلَّا أَنه قَالَ لمن
شَاءَ فَمن شَاءَ صلى وَعند الْبَيْهَقِيّ عَن معمر عَن
الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب قَالَ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ
لَا يركعونهما وَكَانَت الْأَنْصَار تركعهما وَمن حَدِيث
مَكْحُول عَن أبي أُمَامَة كُنَّا لَا نَدع
الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب فِي زمَان رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ ابْن بطال
قَالَ النَّخعِيّ لم يصلهمَا أَبُو بكر وَلَا عمر وَلَا
عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم قَالَ إِبْرَاهِيم
وَهِي بِدعَة قَالَ وَكَانَ خِيَار الصَّحَابَة
بِالْكُوفَةِ عَليّ وَابْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة وعمار
وَأَبُو مَسْعُود أَخْبرنِي من رمقهم كلهم فَمَا رأى أحدا
مِنْهُم يُصَلِّي قبل الْمغرب قَالَ وَهُوَ قَول مَالك
وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَفِي شرح الْمُهَذّب
لِأَصْحَابِنَا فِيهَا وَجْهَان أشهرهما لَا يسْتَحبّ
وَالصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقين استحبابهما وَقَالَ بعض
أَصْحَابنَا أَن حَدِيث عبد الله الْمُزنِيّ مَحْمُول على
أَنه كَانَ فِي أول الْإِسْلَام ليتبين خُرُوج الْوَقْت
الْمنْهِي عَن الصَّلَاة فِيهِ بمغيب الشَّمْس وَحل فعل
النَّافِلَة وَالْفَرِيضَة ثمَّ الْتزم النَّاس
الْمُبَادرَة لفريضة الْوَقْت لِئَلَّا يتبطأ النَّاس
بِالصَّلَاةِ عَن وَقتهَا الْفَاضِل وَادّعى ابْن شاهين
أَن هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ بِحَدِيث عبد الله بن
بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن عِنْد كل أذانين
رَكْعَتَيْنِ مَا خلا الْمغرب " ويزيده وضوحا مَا رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد فِي سنَنه حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا
مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي شُعَيْب "
عَن طَاوس قَالَ سُئِلَ ابْن عمر عَن الرَّكْعَتَيْنِ قبل
الْمغرب فَقَالَ مَا رَأَيْت أحدا عَن عهد رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّيهمَا وَرخّص
فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر " قَالَ أَبُو دَاوُد
سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول هُوَ شُعَيْب يَعْنِي وهم
شُعْبَة فِي اسْمه (قلت) يَعْنِي وهم فِي ذكره بالكنية
وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ شُعَيْب وَسَنَده صَحِيح وَقَالَ
ابْن حزم لَا يَصح لِأَنَّهُ عَن أبي شُعَيْب أَو شُعَيْب
وَلَا يدرى من هُوَ ورد عَلَيْهِ بِأَن وكيعا وَابْن ابْن
غنية رويا عَنهُ وَقَالَ أَبُو زرْعَة لَا بَأْس بِهِ
وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ ابْن خلفون روى
عَنهُ عمر بن عبيد الطنافسي ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل
التَّبُوذَكِي
209 - (حَدثنَا عبد الله بن يزِيد قَالَ حَدثنَا سعيد بن
أبي أَيُّوب قَالَ حَدثنِي يزِيد بن أبي حبيب قَالَ سَمِعت
مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي قَالَ أتيت عقبَة بن عَامر
الْجُهَنِيّ فَقلت أَلا أعْجبك من أبي تَمِيم يرْكَع
رَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْمغرب فَقَالَ عقبَة إِنَّا
كُنَّا نفعله على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلت فَمَا يمنعك الْآن قَالَ
الشّغل) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة من قَوْله " إِنَّا
كُنَّا نفعله على عهد النَّبِي ". (ذكر رِجَاله) وهم
خَمْسَة الأول عبد الله بن يزِيد من الزِّيَادَة الْمقري
أَبُو عبد الرَّحْمَن مر فِي بَاب بَين كل أذانين صَلَاة.
الثَّانِي سعيد بن أبي أَيُّوب الْخُزَاعِيّ وَاسم أبي
أَيُّوب مِقْلَاص يكنى أَبَا يحيى. الثَّالِث يزِيد بن أبي
حبيب يزِيد من الزِّيَادَة يكنى بِأبي رجا وَاسم أبي حبيب
سُوَيْد وحبِيب ضد الْعَدو. الرَّابِع مرْثَد بِفَتْح
الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة
وبالدال الْمُهْملَة ابْن عبد الله الْيَزنِي بِفَتْح
الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالزَّاي وبالنون وَهُوَ نِسْبَة
إِلَى يزن بطن من حمير مر فِي بَاب إطْعَام الطَّعَام من
الْإِيمَان. الْخَامِس عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ بِضَم
الْجِيم وَفتح الْهَاء وبالنون وَالِي مصر مر فِي بَاب من
صلى فِي فروج الْحَرِير. (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ
حَدثنَا بِصِيغَة الْجمع
(7/246)
فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع
وَفِيه السماع والإتيان وَفِيه القَوْل فِي أَرْبَعَة
مَوَاضِع وَفِيه أَن رُوَاته مصريون غير أَن شَيْخه من
نَاحيَة الْبَصْرَة وَسكن مَكَّة (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله "
أَلا أعْجبك " قَالَ بَعضهم بِضَم أَوله وَتَشْديد الْجِيم
من التَّعَجُّب (قلت) التَّعَجُّب من بَاب التفعل وَلَا
يَأْتِي الْفِعْل مِنْهُ على مَا قَالَه وَمَا غَيره
إِلَّا قَول الْكرْمَانِي لَا أعْجبك من التَّعَجُّب
وَلَيْسَ هَذَا إِلَّا من بَاب الْإِعْجَاب بِكَسْر
الْهمزَة وَمَعْنَاهُ أَن مرْثَد بن عبد الله يخبر عقبَة
بن أبي تَمِيم شَيْئا يتعجب مِنْهُ حَاصله أَنه يستغربه
وَأَبُو تَمِيم بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق عبد
الله بن مَالك الجيشاني بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْيَاء
آخر الْحُرُوف بعْدهَا شين مُعْجمَة نسبته إِلَى جيشان بن
عَبْدَانِ بن حجر بن ذِي رعين وَهُوَ تَابِعِيّ كَبِير
مخضرم أسلم فِي عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وَقَرَأَ الْقُرْآن على معَاذ بن جبل رَضِي
الله تَعَالَى عَنهُ ثمَّ قدم فِي زمن عمر رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ فَشهد فتح مصر وسكنها قَالَه ابْن يُونُس
وَقد عده جمَاعَة فِي الصَّحَابَة لهَذَا الْإِدْرَاك
وَذكره الذَّهَبِيّ فِي تَجْرِيد الصَّحَابَة قَوْله "
يرْكَع رَكْعَتَيْنِ " وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ "
حِين يسمع أَذَان الْمغرب " وَفِيه " فَقلت " لعقبة "
وَأَنا أُرِيد أَن أغمصه " بغين مُعْجمَة وصاد مُهْملَة
أَي أعيبه قَوْله " على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَي على زَمَنه قَوْله " الشّغل "
بِضَم الشين وَضم الْغَيْن وسكونها (ذكر مَا يُسْتَفَاد
مِنْهُ) فِيهِ دلَالَة على اسْتِحْبَاب الرَّكْعَتَيْنِ
قبل الْمغرب لمن كَانَ متأهبا بِشُرُوط الصَّلَاة لِئَلَّا
يُؤَخر الْمغرب عَن أول وَقتهَا كَذَا قَالَه قوم وَقد مر
بَيَان الْخلاف فِيهِ ورد على من اسْتدلَّ بِهِ على امتداد
وَقت الْمغرب وَقَالَ بَعضهم وَفِيه رد على قَول القَاضِي
أبي بكر بن الْعَرَبِيّ لم يفعلهما أحد من الصَّحَابَة
لِأَن أَبَا تَمِيم تَابِعِيّ وَقد فعلهمَا (قلت) قَول
القَاضِي على قَول من عد أَبَا تَمِيم من الصَّحَابَة
فَلَا وَجه للرَّدّ عَلَيْهِ
(بَاب صَلَاة النَّوَافِل جمَاعَة)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان صَلَاة النَّوَافِل جمَاعَة
وانتصاب جمَاعَة يجوز أَن يكون بِنَزْع الْخَافِض أَي
بِجَمَاعَة
(ذكره أنس وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) أَي ذكر حكم صَلَاة
النَّوَافِل بِالْجَمَاعَة أنس بن مَالك وَعَائِشَة
الصديقة وَحَدِيث أنس ذكره البُخَارِيّ فِي بَاب الصَّلَاة
على الْحَصِير حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا
مَالك بن أنس عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة "
عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن جدته مليكَة "
الحَدِيث وَفِيه " فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصففت أَنا واليتيم وَرَاءه والعجوز
من وَرَائِنَا فصلى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف "
وَحَدِيث عَائِشَة ذكره فِي صَلَاة الْكُسُوف فِي بَاب
الصَّدَقَة فِي الْكُسُوف حَدثنَا عبد الله بن مسلمة عَن
مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه " عَن عَائِشَة
أَنَّهَا قَالَت خسفت الشَّمْس فِي عهد رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالنَّاسِ " وَذكره
أَيْضا فِي بَاب تحريض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - على قيام اللَّيْل حَدثنَا عبد الله بن
يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن
الزبير " عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى ذَات لَيْلَة فِي الْمَسْجِد
فصلى بِصَلَاتِهِ نَاس " الحَدِيث
210 - (حَدثنِي إِسْحَاق قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن
إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنَا أبي عَن ابْن شهَاب قَالَ
أَخْبرنِي مَحْمُود بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ أَنه عقل
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعقل
مجة مجها فِي وَجهه من بِئْر كَانَت فِي دَارهم فَزعم
مَحْمُود أَنه سمع عتْبَان بن مَالك الْأنْصَارِيّ رَضِي
الله عَنهُ وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا مَعَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول كنت أُصَلِّي
لقومي ببني سَالم وَكَانَ يحول بيني وَبينهمْ
(7/247)
وَاد إِذا جَاءَت الأمطار فَيشق عَليّ
اجتيازه قبل مَسْجِدهمْ فَجئْت رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت لَهُ إِنِّي أنْكرت
بَصرِي وَإِن الْوَادي الَّذِي بيني وَبَين قومِي يسيل
إِذا جَاءَت الأمطار فَيشق عَليّ اجتيازه فوددت أَنَّك
تَأتي فَتُصَلِّي من بَيْتِي مَكَانا أتخذه مصلى فَقَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سأفعل
فغدا عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بعد مَا
اشْتَدَّ النَّهَار فَاسْتَأْذن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَذنت لَهُ فَلم يجلس
حَتَّى قَالَ أَيْن تحب أَن أُصَلِّي من بَيْتك فأشرت لَهُ
إِلَى الْمَكَان الَّذِي أحب أَن أُصَلِّي فِيهِ فَقَامَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكبر
وصففنا وَرَاءه فصلى ركعتن ثمَّ سلم وَسلمنَا حِين سلم
فحبسته على خزير يصنع لَهُ فَسمع أهل الدَّار رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيْتِي
فَثَابَ رجال مِنْهُم حَتَّى كثر الرِّجَال فِي الْبَيْت
فَقَالَ رجل مِنْهُم مَا فعل مَالك لَا أرَاهُ فَقَالَ رجل
مِنْهُم ذَاك مُنَافِق لَا يحب الله وَرَسُوله قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا
تقل ذَاك أَلا ترَاهُ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله
يَبْتَغِي بذلك وَجه الله فَقَالَ الله وَرَسُوله أعلم أما
نَحن فوَاللَّه لَا نرى وده وَلَا حَدِيثه إِلَّا إِلَى
الْمُنَافِقين قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِن الله قد حرم على النَّار من
قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله
قَالَ مَحْمُود فحدثتها قوما فيهم أَبُو أَيُّوب صَاحب
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي
غزوته الَّتِي توفّي فِيهَا وَيزِيد بن مُعَاوِيَة
عَلَيْهِم بِأَرْض الرّوم فأنكرها عَليّ أَبُو أَيُّوب
وَقَالَ وَالله مَا أَظن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ مَا قلت قطّ فَكبر ذَلِك
عَليّ فَجعلت لله عَليّ إِن سلمني حَتَّى أقفل من غزوتي
أَن أسأَل عَنْهَا عتْبَان بن مَالك رَضِي الله عَنهُ إِن
وجدته حَيا فِي مَسْجِد قومه فقفلت فَأَهْلَلْت بِحجَّة
أَو بِعُمْرَة ثمَّ سرت حَتَّى قدمت الْمَدِينَة فَأتيت
بني سَالم فَإِذا عتْبَان شيخ أعمى يُصَلِّي لِقَوْمِهِ
فَلَمَّا سلم من الصَّلَاة سلمت عَلَيْهِ وأخبرته من أَنا
ثمَّ سَأَلته عَن ذَلِك الحَدِيث فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا
حَدَّثَنِيهِ أول مرّة) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله "
فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- وصففنا وَرَاءه فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم وَسلمنَا
حِين سلم " (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة. الأول إِسْحَاق
ذكره غير مَنْسُوب لَكِن يحْتَمل أَن يكون إِسْحَاق بن
رَاهَوَيْه أَو إِسْحَاق بن مَنْصُور لِأَن كليهمَا يرويان
عَن يَعْقُوب الزُّهْرِيّ وَالْبُخَارِيّ يروي عَنْهُمَا
لَكِن الْأَظْهر أَن يكون إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فَإِنَّهُ
روى هَذَا الحَدِيث فِي مُسْنده بِهَذَا الْإِسْنَاد لَكِن
فِي لَفظه بعض الْمُخَالفَة. الثَّانِي يَعْقُوب بن
إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن
عَوْف الزُّهْرِيّ. الثَّالِث أَبوهُ إِبْرَاهِيم
الْمَذْكُور. الرَّابِع مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب
الزُّهْرِيّ. الْخَامِس مَحْمُود بن الرّبيع أَبُو
مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ توفّي سنة تسع
وَتِسْعين وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الصَّلَاة فِي
بَاب الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ
عَن سعيد بن عفير قَالَ حَدثنِي اللَّيْث قَالَ حَدثنِي
عقيل عَن ابْن شهَاب قَالَ أَخْبرنِي مَحْمُود بن الرّبيع
الْأنْصَارِيّ أَن عتْبَان بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ الحَدِيث وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصى ولنذكر
الْآن بعض شَيْء زِيَادَة للْبَيَان قَوْله " وعقل مجة "
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب الْعلم فِي بَاب مَتى
يَصح سَماع الصَّغِير روى هُنَاكَ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد
بن يُوسُف قَالَ حَدثنَا أَبُو مسْهر قَالَ حَدثنِي
مُحَمَّد بن حَرْب قَالَ حَدثنِي الزبيدِيّ عَن
الزُّهْرِيّ " عَن مَحْمُود بن الرّبيع قَالَ عقلت من
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مجة مجها
فِي وَجْهي وَأَنا ابْن خمس سِنِين من دلو انْتهى "
(7/248)
وَهَهُنَا قَالَ " من بِئْر كَانَت فِي
دَارهم " هَذِه رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره
" كَانَ فِي دَارهم " أَي كَانَ الدَّلْو قَوْله " فَزعم
مَحْمُود " أَي أخبر أَو قَالَ وَيُطلق الزَّعْم وَيُرَاد
بِهِ القَوْل قَوْله " إِذْ جَاءَت " أَي حِين جَاءَت
وَيجوز أَن تكون إِذْ للتَّعْلِيل أَي لأجل مَجِيء الأمطار
قَوْله " فَيشق عَليّ " هَذِه رِوَايَة الْكشميهني وَفِي
رِوَايَة غَيره " فشق " بِصِيغَة الْمَاضِي قَوْله " قبل "
بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي جِهَة
مَسْجِدهمْ قَوْله " سأفعل فغدا عَليّ " وَهُنَاكَ " سأفعل
إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ عتْبَان فغدا " قَوْله "
بَعْدَمَا اشْتَدَّ النَّهَار " وَهُنَاكَ " فغدا على
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وَأَبُو بكر حِين ارْتَفع النَّهَار " قَوْله " أَيْن تحب
أَن أُصَلِّي من بَيْتك " هَذِه رِوَايَة الْكشميهني وَفِي
رِوَايَة غَيره " نصلي " بنُون الْجمع قَوْله " على خزير "
بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الزَّاي وَسُكُون
الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء وَهُنَاكَ " على خزير
صنعناها لَهُ " وَهُوَ طَعَام من اللَّحْم والدقيق الغليظ
قَوْله " مَا فعل مَالك " وَهُنَاكَ " فَقَالَ قَائِل
مِنْهُم أَيْن مَالك بن الدخيشن أَو ابْن الدخشن " الدخيشن
بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة
وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الشين الْمُعْجَمَة
وَفِي آخِره نون والدخشن بِضَم الدَّال وَسُكُون الْخَاء
وَضم الشين وبالنون قَوْله " لَا أرَاهُ " بِفَتْح
الْهمزَة من الرُّؤْيَة قَوْله " فوَاللَّه لَا نرى وده
وَلَا حَدِيثه إِلَّا إِلَى الْمُنَافِقين " وَهُنَاكَ "
فَإنَّا نرى وَجهه ونصيحته لِلْمُنَافِقين " ويروى " إِلَى
الْمُنَافِقين " قَوْله " فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَهُنَاكَ " قَالَ "
بِدُونِ الْفَاء ويروى هُنَاكَ أَيْضا بِالْفَاءِ قَوْله "
قَالَ مَحْمُود بن الرّبيع " أَي بِالْإِسْنَادِ الْمَاضِي
قَوْله " أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ " هُوَ خَالِد بن
زيد الْأنْصَارِيّ الَّذِي نزل عَلَيْهِ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما قدم الْمَدِينَة
قَوْله " صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - " ويروى " صَاحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَوْله " فِي غزوته " وَكَانَت
فِي سنة خمسين وَقيل بعْدهَا فِي خلَافَة مُعَاوِيَة
ووصلوا فِي تِلْكَ الْغَزْوَة إِلَى القسطنطينة وحاصروها
قَوْله " وَيزِيد بن مُعَاوِيَة عَلَيْهِم " أَي وَالْحَال
أَن يزِيد بن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان كَانَ أَمِيرا
عَلَيْهِم من جِهَة أَبِيه مُعَاوِيَة قَوْله " بِأَرْض
الرّوم " وَهِي مَا وَرَاء الْبَحْر الْملح الَّتِي فِيهَا
مَدِينَة القسطنطينة قَوْله " فأنكرها " أَي الْقِصَّة أَو
الْحِكَايَة قَوْله " فَكبر " بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة
أَي عظم قَوْله " حَتَّى أقفل " بِضَم الْفَاء قَالَ
الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) مَا سَبَب الْإِنْكَار من أبي
أَيُّوب عَلَيْهِ (قلت) إِمَّا أَنه يسْتَلْزم أَن لَا
يدْخل عصاة الْأمة النَّار وَقَالَ تَعَالَى {وَمن يعْص
الله وَرَسُوله فَإِن لَهُ نَار جَهَنَّم} وَإِمَّا أَنه
حكم بَاطِن الْأَمر وَقَالَ نَحن نحكم بِالظَّاهِرِ
وَإِمَّا أَنه كَانَ بَين أظهرهم وَمن أكابرهم وَلَو وَقع
مثل هَذِه الْقِصَّة لاشتهر ولنقلت إِلَيْهِ وَإِمَّا غير
ذَلِك وَالله أعلم (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) وَهُوَ
خَمْسَة وَخَمْسُونَ فَائِدَة. الأولى أَن من عقل رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو من عقل
مِنْهُ فعلا يعد صحابيا. الثَّانِيَة مَا كَانَ عَلَيْهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الرَّحْمَة
لأَوْلَاد الْمُؤمنِينَ وَفعل ذَلِك ليعقل عَنهُ الغلمان
ويعد لَهُم بِهِ الصُّحْبَة لينالوا فَضلهَا وناهيك بهَا.
الثَّالِثَة استئلافهم لِآبَائِهِمْ بمزحه مَعَ بنيهم.
الرَّابِعَة مزحه ليكرم بِهِ من يمازحه. الْخَامِسَة
استراحته فِي بعض الْأَوْقَات ليستعين على الْعِبَادَة فِي
وَقتهَا. السَّادِسَة إِعْطَاء النَّفس حَقّهَا وَلَا يشق
عَلَيْهَا فِي كل الْأَوْقَات. السَّابِعَة اتِّخَاذ
الدَّلْو. الثَّامِنَة أَخذ المَاء مِنْهُ بالفم.
التَّاسِعَة إِلْقَاء المَاء فِي وَجه الطِّفْل.
الْعَاشِرَة صَلَاة الْقَبَائِل الَّذين حول الْمَدِينَة
فِي مَسَاجِدهمْ الْمَكْتُوبَة وَغَيرهَا. الْحَادِيَة عشر
إِمَامَة الضَّعِيف والتخلف عَن الْمَسْجِد فِي الطين
والظلمة. الثَّانِيَة عشر صَلَاة الْمَرْء الْمَكْتُوبَة
وَغَيرهَا فِي بَيته. الثَّالِثَة عشر سُؤال الْكَبِير
إِتْيَانه إِلَى بَيته ليتَّخذ مَكَان صلَاته مصلى.
الرَّابِعَة عشر ذكر الْمَرْء مَا فِيهِ من الْعِلَل
معتذرا وَلَا يكون شكوى فِيهِ. الْخَامِسَة عشر إِجَابَة
الشَّارِع من سَأَلَهُ. السَّادِسَة عشر سير الإِمَام مَعَ
التَّابِع. السَّابِعَة عشر صُحْبَة أفضل الصَّحَابَة
إِيَّاه. الثَّامِنَة عشر تَسْمِيَته لأبي بكر وَحده
لفضله. التَّاسِعَة عشر صَاحب الْبَيْت أعلم بأماكن بَيته
وَهُوَ أدرى بِهِ. الْعشْرُونَ التَّبَرُّك بآثار
الصَّالِحين. الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ طلب الْيَقِين
تَقْدِيمًا على الِاجْتِهَاد فَإِن ذَلِك مَوضِع صلى فِيهِ
الشَّارِع فَهُوَ عين لَا يجْتَهد فِيهِ. الثَّانِيَة
وَالْعشْرُونَ طلب الصَّلَاة فِي مَوضِع معِين لتقوم
صلَاته فِيهِ مقَام الْجَمَاعَة ببركة من صلى فِيهِ.
الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ ترك التطلع فِي نواحي الْبَيْت.
الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ صَلَاة النَّافِلَة جمَاعَة فِي
الْبيُوت. الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ فضل مَوضِع صلَاته -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. السَّادِسَة
وَالْعشْرُونَ نوافل النَّهَار تصلى رَكْعَتَيْنِ كالليل.
السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ الْمَكَان الْمُتَّخذ مَسْجِدا
ملكه بَاقٍ عَلَيْهِ. الثَّامِنَة
(7/249)
وَالْعشْرُونَ أَن النَّهْي عَن أَن يوطن
الرجل مَكَانا للصَّلَاة إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَسَاجِد
دون الْبيُوت. التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ صَلَاة الضُّحَى
مُسْتَحبَّة. الثَّلَاثُونَ صنع الطَّعَام للكبير عِنْد
إِتْيَانه لَهُم وَإِن لم يعلم بذلك. الْحَادِيَة
وَالثَّلَاثُونَ عدم التَّكَلُّف فِيمَا يصنع. الثَّانِيَة
وَالثَّلَاثُونَ كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - لَا يعيب طَعَاما. الثَّالِثَة
وَالثَّلَاثُونَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - أدوم على فعل الْخيرَات. الرَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ
الِاكْتِفَاء بِالْإِشَارَةِ. الْخَامِسَة وَالثَّلَاثُونَ
يجوز أَن تكون بِلَفْظ مَعهَا. السَّادِسَة
وَالثَّلَاثُونَ يعبر بِالدَّار عَن الْمحلة الَّتِي
فِيهَا الدّور كَمَا فِي الحَدِيث " خير دور الْأَنْصَار
دور بني النجار " ثمَّ عدد جمَاعَة وَفِي آخِره " وَفِي كل
دور الْأَنْصَار خير ". السَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ
اجْتِمَاع الْقَبِيل إِلَى الْموضع الَّذِي يَأْتِيهِ
الْكَبِير ليؤدوا حَقه ويأخذوا حظهم مِنْهُ. الثَّامِنَة
وَالثَّلَاثُونَ عيب من حضر على من تخلف ونسبته إِلَى أَمر
مُتَّهم بِهِ وَهُوَ مَالك بن الدخشن وَأَنه قد شهد
بَدْرًا وَاخْتلف فِي شُهُوده الْعقبَة فَظهر من حسن
إِسْلَامه مَا يَنْفِي عَنهُ تُهْمَة النِّفَاق.
التَّاسِعَة وَالثَّلَاثُونَ كَرَاهَة من يمِيل إِلَى
الْمُنَافِقين فِي حَدِيثه ومجالسته. الْأَرْبَعُونَ من
رمى مُسلما بالنفاق لمجالسته لَهُم لَا يُعَاقب وَلَا
يُقَال لَهُ أثمت. الْحَادِيَة وَالْأَرْبَعُونَ الشَّارِع
كَانَ يَأْتِيهِ الْوَحْي وَلَا شكّ فِيهِ. الثَّانِيَة
وَالْأَرْبَعُونَ الْكَبِير إِذا علم بِصِحَّة اعْتِقَاد
من نسب إِلَى غَيره يَقُول لَهُ لَا تقل ذَلِك.
الثَّالِثَة وَالْأَرْبَعُونَ من عيب غَيره بِمَا ظهر
مِنْهُ لم يكن غيبَة. الرَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ من
تلفظ بِالشَّهَادَتَيْنِ واعتقد حقية مَا جَاءَ بِهِ
وَمَات على ذَلِك فَازَ وَدخل الْجنَّة. الْخَامِسَة
وَالْأَرْبَعُونَ اخْتِيَار من سمع الحَدِيث من صَاحب
صَاحب مثله أَو غَيره ليثبت مَا سمع وَيشْهد مَا عِنْد
الَّذِي يُخبرهُ من ذَلِك. السَّادِسَة وَالْأَرْبَعُونَ
إِنْكَار من روى حَدِيثا من غير أَن يقطع بِهِ.
السَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ الْمُرَاجَعَة فِيهِ إِلَى
غَيره فَإِن مَحْمُود بن الرّبيع أوجب على نَفسه إِن سلم
أَن يَأْتِي عتْبَان بن مَالك وَكَانَ مَحْمُود فِي
الشَّام. الثَّامِنَة وَالْأَرْبَعُونَ الرحلة فِي الْعلم.
التَّاسِعَة وَالْأَرْبَعُونَ ذكر مَا فِي الْإِنْسَان على
وَجه التَّعْرِيف لَيْسَ غيبَة كذكره عمى عتْبَان.
الْخَمْسُونَ إِمَامَة الْأَعْمَى. الْحَادِيَة
وَالْخَمْسُونَ الْإِسْرَار بالنوافل. الثَّانِيَة
وَالْخَمْسُونَ فِيهِ طلب عين الْقبْلَة. الثَّالِثَة
وَالْخَمْسُونَ الاسْتِئْذَان من صَاحب الدَّار إِذا أَتَى
إِلَى صَاحبهَا لأمر عرض لَهُ. الرَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ
تَوْلِيَة الإِمَام أحد السّريَّة أَمِيرا إِذا بَعثهمْ
لغزو. الْخَامِسَة وَالْخَمْسُونَ الْجمع بَين الْحجَّة
وَطلب الْعلم فِي سفرة وَاحِدَة
(بَاب التَّطَوُّع فِي الْبَيْت)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان صَلَاة التَّطَوُّع فِي
الْبَيْت
211 - (حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد قَالَ حَدثنَا
وهيب عَن أَيُّوب وَعبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اجعلوا فِي بُيُوتكُمْ من
صَلَاتكُمْ وَلَا تتخذوها قبورا) مطابقته للتَّرْجَمَة
ظَاهِرَة والْحَدِيث بِعَيْنِه قد سلف فِي بَاب كَرَاهِيَة
الصَّلَاة فِي الْمَقَابِر لَكِن هُنَاكَ رَوَاهُ عَن
مُسَدّد عَن يحيى عَن عبيد الله عَن نَافِع وَهنا عَن عبد
الْأَعْلَى بن حَمَّاد بن نصر أبي يحيى قَالَ البُخَارِيّ
مَاتَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ يروي عَن
وهيب بن خَالِد عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وَعبيد الله
بن عمر كِلَاهُمَا عَن نَافِع قَوْله " وَعبيد الله "
بِالْجَرِّ عطفا على أَيُّوب قَوْله " من صَلَاتكُمْ "
قَالَ الْكرْمَانِي كلمة من زَائِدَة كَأَنَّهُ قَالَ
اجعلوا صَلَاتكُمْ النَّافِلَة فِي بُيُوتكُمْ (قلت) فِيهِ
نظر لَا يخفى بل كلمة من هَهُنَا للتَّبْعِيض ومفعول
اجعلوا مَحْذُوف وَالتَّقْدِير اجعلوا شَيْئا من
صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتكُمْ وَلَا تجعلوها قبورا أَي مثل
الْقُبُور بِأَن لَا يصلى فِيهَا
(تَابعه عبد الْوَهَّاب عَن أَيُّوب) أَي تَابع وهيبا عبد
الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ
وَهَذِه الْمُتَابَعَة أخرجهَا مُسلم حَدثنَا مُحَمَّد بن
الْمثنى قَالَ حَدثنَا عبد الْوَهَّاب قَالَ أخبرنَا
أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " صلوا فِي
بُيُوتكُمْ وَلَا تتخذوها قبورا " وَعند الطَّبَرِيّ من
حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن أَبِيه عَن النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " نوروا
بُيُوتكُمْ بِذكر الله تَعَالَى وَأَكْثرُوا فِيهَا
تِلَاوَة الْقُرْآن وَلَا تتخذوها قبورا كَمَا اتخذها
الْيَهُود وَالنَّصَارَى "
(7/250)
|