عمدة القاري شرح صحيح البخاري

68

- (بابٌ لَا تَأذن المَرْأةُ فِي بيْتِ زَوْجِها لأحدٍ إلاّ بإذْنهِ) 2.
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا تَأذن الْمَرْأَة إِلَى آخِره، وَالْمرَاد بِبَيْت زَوجهَا مَسْكَنه سَوَاء كَانَ ملكه أم لَا.

5915 - حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ حَدثنَا أبُو الزِّنادِ عَن الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يحلّ للْمَرْأةِ أنْ تصُومَ وزَوْجُها شاهِدٌ إلاّ بإذْنِهِ، وَلَا تأذَنَ فِي بيْتِهِ إِلَّا بإذْنِهِ، وَمَا أنْفَقَتْ مِنْ نَفَقةٍ عنْ غيْرِ أمره فإِنّهُ يُؤَدَّى إليْهِ شطْرُهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا تَأذن فِي بَيته إلاَّ بِإِذْنِهِ) وَهَذَا السَّنَد بِعَيْنِه قد مر غير مرّة لمتون مُخْتَلفَة.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة دِينَار الْحِمصِي، وَأَبُو الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون: عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج هُوَ عبد الرحمان بن هُرْمُز.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّوْم عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن مَيْمُون عَن أبي الْيَمَان بِقصَّة الصَّوْم.
وَهَذَا الحَدِيث مُشْتَمل على ثَلَاثَة أَحْكَام: الأول: فِي صَوْم الْمَرْأَة تَطَوّعا وَقد مر عَن قريب. الثَّانِي: قَوْله: (وَلَا تَأذن فِي بَيته) أَي: لَا تَأذن الْمَرْأَة فِي بَيت زَوجهَا لَا لرجل وَلَا لامْرَأَة يكرهها زَوجهَا، لِأَن ذَلِك يُوجب سوء الظَّن وَيبْعَث على الْغيرَة الَّتِي هِيَ سَبَب القطيعة، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق همام عَن أبي هُرَيْرَة: وَهُوَ شَاهد إلاَّ بِإِذْنِهِ، وَهَذَا الْقَيْد لَا مَفْهُوم لَهُ، بل خرج مخرج

(20/185)


الْغَالِب وإلاَّ فغيبة الزَّوْج لَا تَقْتَضِي الْإِبَاحَة للْمَرْأَة أَن تَأذن لمن يدْخل بَيته بل يتَأَكَّد حِينَئِذٍ عَلَيْهَا الْمَنْع لوُرُود الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي النَّهْي عَن الدُّخُول على المغيبات، أَي من غَابَ زَوجهَا، وَأما عِنْد الدَّاعِي للدخول عَلَيْهَا للضَّرُورَة كالإذن لشخص فِي دُخُول مَوضِع من حُقُوق الدَّار الَّتِي هِيَ فِيهَا أَو إِلَى دَار مُنْفَرِدَة عَن مَسْكَنهَا، أَو الْإِذْن لدُخُول مَوضِع معد للضيفان، فَلَا حرج عَلَيْهَا فِي الْإِذْن بذلك لِأَن الضرورات مُسْتَثْنَاة فِي الشَّرْع. الثَّالِث: قَوْله: (وَمَا أنفقت) أَي الْمَرْأَة (من نَفَقَة عَن غير أَمر زَوجهَا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَيْهِ شطرة) أَي: نصفه، وَالْمرَاد بِهِ نصف الْأجر، وَقد جَاءَ وَاضحا فِي رِوَايَة همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أنفقت الْمَرْأَة من كسب زَوجهَا من غير أمره فَلهُ نصف أجره، وَقد مر فِي أَوَائِل الْبيُوع فِي بَاب قَول الله تَعَالَى: {أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} (الْبَقَرَة: 762) وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: فلهَا نصف أجره، وَقَالَ الْخطابِيّ قَوْله: (يُؤَدِّي إِلَيْهِ شطره) مَحْمُول على المَال الْمُنفق وَإنَّهُ يلْزم الْمَرْأَة إِذا أنفقت بِغَيْر أَمر زَوجهَا زِيَادَة على الْوَاجِب لَهَا أَن تغرم الْقدر الزَّائِد، وَأَن هَذَا هُوَ المُرَاد بالشطر فِي الْخَبَر، لِأَن الشّطْر يُطلق على النّصْف وعَلى الْجُزْء. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَكل مَا أنفقت على نَفسهَا من مَاله وَبِغير إِذْنه فَوق مَا يجب لَهَا من الْقُوت بِالْمَعْرُوفِ غرمت شطره، يَعْنِي: قدر الزِّيَادَة على الْوَاجِب لَهَا. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : معنى (يُؤَدِّي إِلَيْهِ شطره) يتَأَدَّى إِلَيْهِ من أجر الصَّدَقَة مثل مَا يتَأَدَّى إِلَى البمتصدقة من الْأجر ويصيران فِي الْأجر نِصْفَيْنِ سَوَاء، وَيشْهد لَهُ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الدَّال على الْخَيْر كفاعله، وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُسَاوَاة. وَقَالَ ابْن الرابط: وَهَذِه النَّفَقَة هِيَ الْخَارِجَة عَن الْمَعْرُوف الزَّائِدَة على الْعَادة بِدَلِيل قصَّة هِنْد بِالْمَعْرُوفِ، وَحَدِيث: أَن للخازن فِيمَا أنْفق أجرا وللزوجة أجرا يَعْنِي بِالْمَعْرُوفِ، وَهَذَا النّصْف يجوز أَن يكون النّصْف الَّذِي أُبِيح لَهَا أَن تَتَصَدَّق بِهِ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَأما مَا روى البُخَارِيّ أَعنِي حَدِيثا آخر، فيخالف مَعْنَاهُ وَهُوَ أَنه قَالَ: إِذا أنفقت الْمَرْأَة من كسب زَوجهَا من غير أمره فَلهُ نصف أجره، فَهُوَ إِنَّمَا يتَأَوَّل على أَن تكون الْمَرْأَة قد خلطت الصَّدَقَة من مَاله بِالنَّفَقَةِ الْمُسْتَحقَّة لَهَا حَتَّى كَانَا شطرين. قلت: هَذَا لَا يدْفع أَن يكون غَرَامَة زِيَادَة مَا أنفقت لَازِمَة لَهَا أَن لم تطب نفس الزَّوْج بهَا، وروى ابْن الْجَوْزِيّ من حَدِيث لَيْث عَن عَطاء عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: لَا تَتَصَدَّق الْمَرْأَة من بَيته بِشَيْء إلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِن فعلت كَانَ لَهُ الْأجر وَعَلَيْهَا الْوزر، وَلَا تَصُوم يَوْمًا إلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِن فعلت أثمت وَلم تؤجر وَعَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه سُئِلَ: الْمَرْأَة تَتَصَدَّق من مَال زَوجهَا؟ قَالَ لَا إلاَّ من قوتها وَالْأَجْر بَينهمَا وَأما من مَاله فَلَا.
ورَواهُ أبُو الزِّناد أَيْضا عنْ مُوسى عَن أبِيهِ عَن أبي هُرَيْرَةَ فِي الصَّوْمِ
أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور أَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان عَن مُوسَى بن أبي عُثْمَان الَّذِي يُقَال لَهُ التبَّان بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَالْبَاء الْمُوَحدَة الثَّقِيلَة، واسْمه سعيد، وَيُقَال لَهُ: عمرَان، وَهُوَ مولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن رِوَايَة شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج اشْتَمَلت على ثَلَاثَة أَحْكَام كَمَا ذكرنَا، وَأَن لأبي الزِّنَاد أَيْضا إِسْنَادًا آخر عَن مُوسَى الْمَذْكُور فِي الصَّوْم خَاصَّة، وَهُوَ معنى قَوْله: (فِي الصَّوْم) وَوصل هَذِه الرِّوَايَة أَحْمد وَالنَّسَائِيّ والدارمي وَالْحَاكِم من طَرِيق الثَّوْريّ عَن أبي الزِّنَاد عَن مُوسَى بن أبي عُثْمَان بِقصَّة الصَّوْم.

78 - (بابٌ)

أَي: هَذَا بَاب، كَذَا وَقع مُجَردا فِي رِوَايَة الْكل، وَقد قُلْنَا غير مرّة إِن هَذَا كالفصل لما قبله، وَسقط لفظ: بَاب، فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ.

6915 - حدّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا إسْماعِيلُ أخبرنَا التَّيْمِي عَن أبي عثْمانَ عنْ أُسامَةَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قُمْتُ على بابِ الجَنَّةِ فكانَ عامّة مَنْ دَخَلَها المَساكِينُ. وأصْحابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ غَيْرَ أنَّ أصْحابَ النّارِ قدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النّار، وقُمْتُ عَلَى بَابِ النّارِ فَإِذا عامّةُ مَنْ دَخَلَها النِّساء.
مطابقته للتَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة من حَيْثُ إِن الحَدِيث الْمَذْكُور فِيهَا يشْتَمل على أَحْكَام مُتَعَلقَة بِالنسَاء وأنهن يرتكبن النَّهْي الْمَذْكُور فِيهِ غَالِبا، فَلذَلِك كن أَكثر من يدْخل النَّار، وَأما لفظ بَاب الْمُجَرّد فَإِنَّهُ دَاخل فِي التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة.
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن

(20/186)


علية، والتيميم هُوَ سُلَيْمَان بن طرخان الْبَصْرِيّ، وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْهَاء، وَأُسَامَة هُوَ ابْن زيد حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي آخر كتاب الدَّعْوَات عَن هدبة بن خَالِد وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن قُتَيْبَة بن سعيد وَفِي المواعظ وَالرَّقَائِق عَن عبد الله بن سعيد.
قَوْله: (الْجد) بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الدَّال وَهُوَ الْغنى والحظ، وَيَجِيء بِمَعْنى الْقطع وَأب الْأَب، وبالكسر: الِاجْتِهَاد قَوْله: (محبوسون) أَي: على بَاب الْجنَّة أَو على الْأَعْرَاف، كَذَا وَقع لفظ محبوسون بِالْحَاء الْمُهْملَة فِي الْأُصُول من الْحَبْس، وَكَذَا عِنْد أبي ذَر، وَقَالَ ابْن التِّين: وَكَذَا عِنْد الشَّيْخ أبي الْحسن وَلَعَلَّه بِفَتْح التَّاء وَالْوَاو: محتوشون، اسْم مفعول من قَوْلهم: احتوش فلَان بِالْمَكَانِ إِذا قَامَ بِهِ، يَعْنِي موقوفون لَا يَسْتَطِيعُونَ الْفِرَار، وَقَالَ الدَّاودِيّ: أَرْجُو أَن يكون المحبوسون أهل التفاخر، لِأَن أفاضل هَذِه الْأمة كَانَ لَهُم أَمْوَال ووصفهم الله تَعَالَى بِأَنَّهُم سَابِقُونَ. وَقَالَ ابْن بطال: إِنَّمَا صَار أَصْحَاب الْجد محبوسين لمنعهم حُقُوق الله تَعَالَى الْوَاجِبَة للْفُقَرَاء فِي أَمْوَالهم فحبسوا لِلْحسابِ كَمَا منعُوهُ، فَأَما من أدّى حُقُوق الله تَعَالَى فِي مَاله فَإِنَّهُ لَا يحبس عَن الْجنَّة إلاَّ أَنهم قَلِيل، وَإِذا كثر المَال تضيع حُقُوق الله فِيهِ لِأَنَّهُ محنة وفتنة. قَوْله: (غير أَن أهل النَّار) وهم الَّذين استحقوا دُخُول النَّار، وَقد أَمر بهم أَي: أَمر الله بهم إِلَى النَّار. قَوْله: (فَإِذا) كلمة المفاجأة أضيفت إِلَى الْجُمْلَة لِأَن قَوْله: (عَامَّة من دَخلهَا) مُبْتَدأ أَو قَوْله: (النِّسَاء) خَبره.

88 - (بابُ كُفْرَانِ العَشِيرِ وهُوَ الزَّوْجُ وهُوَ الخَلِيطُ مِنَ المُعَاشَرَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كفران الْمَرْأَة العشير، وَأَرَادَ بالكفران ضد الشُّكْر وَهُوَ جحود النِّعْمَة وَالْإِحْسَان وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الْكفْر الَّذِي يخرج بِهِ عَن أصل الْإِيمَان، والكفران مصدر من كفر يكفر كفورا وَكفرا وكفرانا مثل ضِدّه شكر يشْكر شكُورًا وشكرا أَو شكرانا. قَوْله: (وَهُوَ الزَّوْج) أَي: العشير هُوَ الزَّوْج، والعشير على وزن فعيل بِمَعْنى معاشر كالمصادق فِي الصّديق لِأَنَّهَا تعاشرا ويعاشرها من الْعشْرَة وَهِي الصُّحْبَة. قَوْله: (وَهُوَ الخليط) أَي: العشير هُوَ الخليط أَي المخالط لِأَن بَينهمَا مُخَالطَة. قَوْله: (من المعاشر) أَرَادَ بِهِ أَن العشير الَّذِي هُوَ الزَّوْج مَأْخُوذ من المعاشرة الَّتِي بِمَعْنى المصاحبة، وَاحْترز بِهِ عَن العشير الَّذِي بِمَعْنى الْعشْر، بِالضَّمِّ كَمَا فِي الحَدِيث تِسْعَة أعشراء الرزق فِي التِّجَارَة، وَهُوَ جمع عشير كنصيب وأنصباء وَمن العشير الَّذِي بِمَعْنى المعشور فَإِنَّهُ من عشرت المَال أعشره إِذا أخذت عشره.
فِيهِ عنْ أبي سَعِيدٍ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: فِي هَذَا الْمَعْنى روى عَن أبي سعيد بن مَالك الْخُدْرِيّ.

7915 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخْبرنا مالِكٌ عنْ زيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ عطاءِ بن يَسارٍ عنْ عبْدِ الله بنِ عَبَّاسٍ أنَّهُ قَالَ: خَفَتِ الشَّمْس على عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَصَلَّى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والنّاسُ معَهُ فقامَ قِياما طَوِيلاً نَحْوا مِنْ سورَةِ البَقَرَةِ، ثُمَّ ركَعَ رُكُوعا طَوِيلاً ثُمَّ رَفَعَ فقامَ قِياما طَوِيلاً وهْوَ دُونَ القِيامِ الأوَّل ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعا طَوِيلاً وهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ فقامَ قِيَاما طَوِيلاً وهْوَ دُونَ القيامِ الأوَّل، ثمَّ رَكَعَ رُكُوعا طَوِيلاً وهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّل، ثُمَّ رفَعَ فَقَامَ قِياما طَوِيلاً وهْوَ دُونَ القِيامِ الأوَّلِ، ثُمَّ ركَعَ ركُوعا طوِيلاً وهْوَ الرُّكُوعِ الأوَّل، ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَف وقدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتانِ مِنْ آيَاتِ الله لاَ يَخْسِفانِ لَموتِ أحَدٍ وَلَا لِحَياتِهِ، فإذَا رَأيْتُمْ ذالِكَ فاذْكُرُ الله. قالُوا: يَا رسُولَ الله! رأيناكَ تَناوَلْتَ شَيْئا فِي مَقامِكَ هاذا، ثمَّ رأيْنَاكَ

(20/187)


تَكَعْكَعْتَ. فَقَالَ: إنِّي رأيْتُ الجَنَّةَ أوْ أُرِيتُ الجَنَّة، فَتنَاوَلْتُ مِنْها عُنُقُودا، ولَوْ أخَذْتُهُ لأكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيا، ورأيْتُ النّارَ فَلَمْ أرَ كالْيَوْمِ مَنْظَرا قَطُّ، ورَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِها النسِّاءَ قالُوا: لِمَ يَا رسُولَ الله؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ. قيلَ: يكْفُرْنَ بِاللَّه؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ ويَكْفُرْنَ الإحْسَانَ لوْ أحْسَنْتَ إِلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رأتْ مِنْكَ شَيْئا قالَتْ: مَا رَأيْتُ مِنْكَ خيْرا قَطُّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (يكفرن العشير) وَعَطَاء بن يسَار بِفَتْح الْبَاء آخر الْحُرُوف وَتَخْفِيف السِّين الْمُهْملَة. والْحَدِيث قد مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب صَلَاة الْكُسُوف جمَاعَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك عَن زيد بن أسلم إِلَى آخِره وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (تكعكعت) أَي: تَأَخَّرت.

8916 - حدّثنا عُثْمانُ بنُ الْهَيْثَمِ حَدثنَا عَوْفٌ عنْ أبي رَجَاء عنْ عمْرَانَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اطَّلَعْتُ فِي الجَتَّةِ فَرَأَيْتُ أكْثَرَ أهْلِها الفُقَرَاء، واطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِها النَّساء.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إنَّهُنَّ لما كن مصرات على كفر النِّعْمَة وَعدم الشُّكْر فِي حق أَزوَاجهم وَهُوَ مَعْصِيّة، وَالْمَعْصِيَة من أَسبَاب الْعَذَاب استحققن دُخُول النَّار، وَأما كونهن أَكثر أهل النَّار وفبالنظر إِلَى وَقت دخولهن، وَقيل: هَذَا من بَاب التَّغْلِيظ وَفِيه نظر.
وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة الْبَصْرِيّ كَانَ مُؤذنًا بِجَامِع الْبَصْرَة، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وعَوْف هُوَ الْأَعرَابِي وَأَبُو رَجَاء بِالْجِيم عمرَان بن ملْحَان جاهلي أسلم يَوْم الْفَتْح عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة وَتُوفِّي فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَقيل: غير ذَلِك، وَعمْرَان هُوَ ابْن أبي الْحصين، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. والْحَدِيث قد مضى فِي صفة الْجنَّة.
تابَعَهُ أيُّوبُ وسَلْمُ بن زَرِيرٍ
أَي: تَابع عوفا عَن أبي رَجَاء أيوبُ السّخْتِيَانِيّ، وَوصل النَّسَائِيّ مُتَابَعَته من حَدِيث أَيُّوب عَن أبي رَجَاء عَن عمرَان هَكَذَا فِي رِوَايَة عبد الْوَارِث، وَفِي رِوَايَة غَيره: عَن أَيُّوب عَن أبي رَجَاء عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَوْله: (وَسلم) أَي وتابع عوفا أَيْضا سلم بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام ابْن زرير بِفَتْح الزاء وَكسر الرَّاء الأولى الْبَصْرِيّ، وَوصل مُتَابَعَته البُخَارِيّ فِي صفة الْجنَّة فِي بَدْء الْخلق، وَفِي: بَاب فضل الْفقر من الرقَاق.

98 - (بابٌ لِزوْجِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ أَن لزوجك عَلَيْك حَقًا. وَأَرَادَ بِالزَّوْجِ الزَّوْجَة. قَوْله: (حق) بِالرَّفْع مُبْتَدأ وَقَوله: (لزوجك عَلَيْك) مقدما خَبره وَلكُل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ حق على الآخر، وَمن جملَة حق الْمَرْأَة على زَوجهَا أَن يُجَامِعهَا، وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَاره فَقيل: يجب مرّة، وَقيل فِي كل أَربع لَيَال، وَقيل: فِي كل طهر مرّة. وَقَالَ ابْن حزم: فرض على الرجل أَن يُجَامع امْرَأَته الَّتِي هِيَ زَوجته، وَأدنى ذَلِك مرّة فِي كل طهر إِن قدر على ذَلِك، وَإِلَّا فَهُوَ عَاص لله تَعَالَى، وروى عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن مَالك بن مغول عَن الشّعبِيّ، قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! إِن زَوجي يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل. فَقَالَ عمر: لقد أَحْسَنت الثَّنَاء على زَوجك فَقَالَ كَعْب بن سوار: لقد اشتكت فَقَالَ عمر: أخرج من مَقَالَتك فَقَالَ: أَتَرَى أَن ينزل منزلَة الرجل لَهُ أَربع نسْوَة فَلهُ ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَلها يَوْم وَلَيْلَة. وَقَالَ أَحْمد: وَقَالَ مَالك: إِذا كف رجل عَن جماع أَهله من غير ضَرُورَة لَا يتْرك حَتَّى يُجَامع أَو يُفَارق أحب ذَلِك أَو كرهه، لِأَن مضارّ بهَا. وبنحوه قَالَ أَحْمد، وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: يُؤمر أَن يبيت عِنْدهَا. وَقَالَ الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا يفْرض عَلَيْهِ من الْجِمَاع شَيْء بِعَيْنِه، وَإِنَّمَا يفْرض لَهَا النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَأَن يأوي إِلَيْهَا. وَقَالَ الثَّوْريّ: إِذا اشتكت زَوجهَا جعل لَهُ ثَلَاثَة أَيَّام وَلها يَوْم وَلَيْلَة، وَهُوَ قَول أبي ثَوْر.
قالَهُ أبُو جُحَيْفَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: قَالَ: (لزوجك عَلَيْك حق) أَبُو جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة: اسْمه وهب بن عبد الله، وَوَصله البُخَارِيّ فِي كتاب الصَّوْم فِي: بَاب من أقسم على أَخِيه ليفطر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ مطولا.

(20/188)


9915 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أخبَرنا عَبْدُ الله أخبرَنا الأوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدثنِي: يحيى بنُ أبي كَثِيرٍ قَالَ: حَدثنِي: أبُو سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمن قَالَ: حَدثنِي: عبْدُ الله بنُ عَمْرُ بنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَبْدَ الله! ألَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ النَّهارَ وتَقُومُ اللَّيْلَ؟ قُلْتُ: بَلى يَا رسولَ الله، قَالَ: فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وأفْطِرْ وقُمْ ونَمْ، فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لَعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِن لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث. وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَالْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو، وَقد مضى حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فِي هَذَا الْبَاب فِي كتاب الصَّوْم بِوُجُودِهِ كَثِيرَة وطرق مُخْتَلفَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مشروحا مفصلا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فِي هَذَا الحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَن وَرَاء الْجَسَد يَعْنِي هَذَا الهيكل المحسوس للْإنْسَان شَيْء آخر يعبر عَنهُ تَارَة بِالروحِ وَأُخْرَى بِالنَّفسِ.

09 - (بابٌ المَرْأةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِها)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ الْمَرْأَة راعية فِي بَيت زَوجهَا.

0025 - حدّثنا عَبْدَانُ أخبرَنا عبدُ الله أخبرنَا مُوسى بنُ عُقْبَةَ عنْ نافِعٍ عَن ابنِ عْمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: كُلّكُمْ راعٍ وكُلّكُمْ مَسْؤُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ على أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأةُ رَاعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فكلّكُمْ راعٍ وكُلّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالْمَرْأَة راعية على بَيت زَوجهَا) وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان بن جبلة، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، ومُوسَى بن عقبَة بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف والْحَدِيث قد مر فِي صَلَاة الْجُمُعَة فِي: بَاب الْجُمُعَة فِي الْقرى والمدن بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

19 - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { (4) الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض} إِلَى قَوْله: { (4) إِن الله كَانَ عليا كَبِيرا} (النِّسَاء: 43)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول الله عز وَجل: {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} إِلَى آخِره وَفِي رِوَايَة أبي ذَر (الرِّجَال قواموان على النِّسَاء) فَحسب، وَفِي رِوَايَة غَيره إِلَى قَوْله: {عليا كَبِيرا} قَوْله: (قوامون) أَي: يقومُونَ عَلَيْهِنَّ آمرين ناهين كَمَا تقوم الْوُلَاة على الرعايا، وَالضَّمِير فِي بَعضهم، يرجع إِلَى الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيعًا، كَذَا قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ ثمَّ قَالَ: يَعْنِي إِنَّمَا كَانُوا مسيطرين عَلَيْهِنَّ بِسَبَب تَفْضِيل الله بَعضهم وهم الرِّجَال على بعض وهم النِّسَاء. قَوْله: (وَبِمَا أَنْفقُوا) أَي: وبسبب مَا أخرجُوا فِي نِكَاحهنَّ من أَمْوَالهم فِي المهور والنفقات. قَوْله: (فالصالحات) أَي: المحسنات لِأَزْوَاجِهِنَّ، وقرىء: فالصوالح قوانت حوافظ. قَوْله: (والقانتات) أَي: المطيعات والحافظات غيبَة أَزوَاجهنَّ من صِيَانة أَنْفسهنَّ. قَوْله: (فعظوهن) يَعْنِي؛ مروهن بتقوى الله وطاعته. (واللاتي) أَي: النِّسَاء اللَّاتِي تخافون نشوزهن أَي: عصيانهن. قَوْله: (فاهجروهن فِي الْمضَاجِع) أَي فِي المراقد، وَهُوَ كِنَايَة عَن ترك الْجِمَاع، وَقيل ترك الْكَلَام وَأَن يوليها ظَهره، وَقيل: يتْرك فراشها وينام وَحده {واضربوهن} ضربا غير مبرح وَلَا مهلك، وَهُوَ مَا يكون تأديبا تزجز بِهِ عَن النُّشُوز {فَإِن أطعنكم} فِيمَا يلْتَمس مِنْهُنَّ {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} من الِاعْتِرَاض والأذى والتوبيخ {إِن الله كَانَ عليا كَبِيرا} فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَن قدرته أعظم من قدرتكم على من تَحت أَيْدِيكُم من نِسَائِكُم وعبيدكم.

1025 - حدّثنا خالِدُ بنُ مَخْلَدٍ حَدثنَا سُليْمانُ قَالَ: حَدثنِي: حُمَيْدٌ عنْ أنَسٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ:

(20/189)


آلَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نِسائِهِ شَهْرا وقَعَدَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ فَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ. فَقِيلَ: يَا رسولَ الله إنَّكَ آلَيْتَ علَى شَهْرٍ؟ قَالَ: إنَّ الشَّهْرَ تسعٌ وعِشْرُونَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِي الْآيَة: {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} (النِّسَاء: 43) وَقد هَجرهنَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا على مَا يذكر الْآن، وَبِهَذَا يرد على الْإِسْمَاعِيلِيّ قَوْله: لم يَتَّضِح لي دُخُول الحَدِيث فِي تَرْجَمَة الْبَاب.
وخَالِد بن مخلد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء وَفتح اللَّام الْقَطوَانِي الْكُوفِي، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وَحميد هُوَ ابْن أبي حميد الطَّوِيل الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّوْم أخرجه عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله.
قَوْله: (آلى) بِمد الْهمزَة أَي: حلف من الْإِيلَاء، وَلَا يُرَاد بِهِ الْمَعْنى الفقهي بل الْمَعْنى اللّغَوِيّ، وَإِنَّمَا قدم الْمَعْنى اللّغَوِيّ هُنَا على الْمَعْنى الشَّرْعِيّ للقرينة الدَّالَّة على ذَلِك وَهِي كَونهَا شهرا وَاحِدًا، وَكَانَ سَبَب إيلائه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا إفشاء حَفْصَة سره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَذَلِكَ أَنه أصَاب مَارِيَة فِي بَيت حَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وهجرهن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا وَقعد فِي مشربَة لَهُ وَهِي الغرفة وَقد مر تَفْسِيرهَا عَن قريب. قَوْله: (فَنزل) أَي من الغرفة قَوْله: (لتسْع) أَي عِنْد تسع وَعشْرين لَيْلَة قَوْله: (فَقيل) الْقَائِل هُوَ عَائِشَة، وَقيل: سألة عمر وَغَيره عَن ذَلِك قَوْله: (على شهر) ، كَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: إِنَّك آلَيْت شهرا.

29 - (بابُ هَجْرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ فِي غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان هجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: إعراضه عَنْهُن وتركهن شهرا، وسكناه فِي غير بُيُوتهنَّ.
ويُذكَرُ عَن مُعاوِيَةَ بنِ حَيْدَةَ رَفْعُهُ غَيْرَ أنْ لَا تهْجَرَ إلاَّ ي البَيْتِ، والأوَّلُ أصَحُّ
مُعَاوِيَة بن حيدة صَحَابِيّ مَشْهُور، وحيدة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالدَّال الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة ابْن مُعَاوِيَة بن حيدة الْقشيرِي، مَعْدُود فِي أهل الْبَصْرَة غزا خُرَاسَان وَمَات بهَا وَهُوَ جد بهز بن حَكِيم بن مُعَاوِيَة. قَوْله: (وَيذكر) بِصِيغَة التمريض. قَالَ الْكرْمَانِي: الْمَذْكُور وَلَا يهجر إلاَّ فِي الْبَيْت. (وَرَفعه) جملَة حَالية أَي: وَيذكر عَنهُ: وَلَا يهجر إلاَّ فِي الْبَيْت مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (وَالْأول) أَي: الهجر فِي غير الْبيُوت أصح إِسْنَادًا من الهجر فِيهَا، وَفِي بَعْضهَا غير أَن لَا يهجر إلاَّ فِي الْبَيْت وَحِينَئِذٍ فَاعل: يذكر هجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ فِي غير بُيُوتهنَّ أَي: وَيذكر عَن مُعَاوِيَة رَفعه، غير أَن لَا يهجر أَي رويت عَنهُ قصَّة الهجر مَرْفُوعَة إلاَّ أَنه قَالَ: أَن لَا يهجر إلاَّ فِي الْبَيْت، وَهَذَا الَّذِي لمحه غلط مَحْض، فَإِن مُعَاوِيَة بن حيدة مَا روى قصَّة هجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَزوَاجه وَلَا يُوجد هَذَا فِي شَيْء من المسانيد وَلَا فِي الْأَجْزَاء، وَلَيْسَ مُرَاد البُخَارِيّ مَا ذكره، وَإِنَّمَا مُرَاده حِكَايَة مَا ورد فِي سِيَاق حَدِيث مُعَاوِيَة بن حيدة، فَإِن فِي بعض طرقه وَلَا يقبح وَلَا يضْرب الْوَجْه غير أَن لَا تهجر إلاَّ فِي الْبَيْت، فَظن الْكرْمَانِي أَن الِاسْتِثْنَاء من تصرف البُخَارِيّ وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ حِكَايَة مِنْهُ عَمَّا ورد من لفظ الحَدِيث. انْتهى.
قلت: نِسْبَة الْكرْمَانِي إِلَى غلط مَحْض غلط مَحْض مِنْهُ، وَفِيه ترك الْأَدَب وَذَلِكَ أَن الْكرْمَانِي مَا تصرف فِي هَذَا الحَدِيث إِلَّا على حسب مَا يَقْتَضِيهِ اخْتِلَاف الرِّوَايَتَيْنِ المذكورتين اللَّتَيْنِ ذكرهمَا، وَمَعَ هَذَا يحْتَمل أَن يكون مُعَاوِيَة قد روى قصَّة هجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ، فَإِن بَاب الرِّوَايَة وَاسع جدا. وَقَوله: فَإِن مُعَاوِيَة بن حيدة مَا روى قصَّة هجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَزوَاجه وَلَا يُوجد هَذَا فِي شَيْء من المسانيد وَلَا فِي الْأَجْزَاء دَعْوَى بِلَا برهَان، وليت شعري كَيفَ يَدعِي هَذِه الدَّعْوَى وَهُوَ لم يحط بِمَا جَاءَ من المسانيد وَمن الْأَجْزَاء، وَلَا وقف هُوَ على قدر عشر معشار مَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على أَن كَلَام الْكرْمَانِي إِثْبَات وَكَلَامه نفي، وَالْإِثْبَات مقدم لِأَنَّهُ إِخْبَار عَن مَوْجُود، وَالنَّفْي إِخْبَار عَن مَعْدُوم.
قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) قَول البُخَارِيّ: وَيذكر عَن مُعَاوِيَة إِلَى آخِره، يُرِيد بذلك مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قلت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب النِّكَاح فِي: بَاب حق الْمَرْأَة على الزَّوْج: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد قَالَ: أخبرنَا أَبُو قزعة سُوَيْد بن حُجَيْر الْبَاهِلِيّ عَن حَكِيم بن مُعَاوِيَة الْقشيرِي عَن أَبِيه قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله! مَا حق زَوْجَة أَحَدنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: (أَن تطعمها إِذا طعمت، وتكسوها إِذا اكتسيت، وَلَا تضرب الْوَجْه وَلَا تقبح وَلَا تهجر إلاَّ فِي الْبَيْت) . قَالَ أَبُو دَاوُد: وَلَا تقبح، أَي: لَا تَقول: قبحك الله. وَقَالَ الْمُهلب: وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ البُخَارِيّ لَا يكون إلاَّ فِي غير بيُوت الزَّوْجَات من

(20/190)


أجل مَا فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يستن النَّاس بذلك فِي هجر نِسَائِهِم لما فِيهِ من الرِّفْق، لِأَن هجرانهن فِي بُيُوتهنَّ آلم لقلوبهن وأوجع لما ينظرن من الْغَضَب والإعراض، وَلما فِي غيبَة الرجل عَن أعينهن من تسليتهن عَن الرِّجَال قَالَ: وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ لَيْسَ بِوَاجِب، لِأَن الله تَعَالَى أَمر بهجرانهن فِي الْمضَاجِع فضلا عَن الْبيُوت، ورد عَلَيْهِ بِأَن الهجران فِي غير الْبيُوت أنكى لَهُنَّ وأبلغ فِي عقوبتهن، روى ابْن وهب عَن مَالك بَلغنِي أَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يغاضب بعض نِسَائِهِ، فَإِذا كَانَت لَيْلَتهَا بَات عِنْدهَا وَلم يبت عِنْد غَيرهَا من غير أَن يكلمها وَلَا ينظر إِلَيْهَا. قلت: لمَالِك: وَذَلِكَ لَهُ وَاسع؟ فَقَالَ: نعم، وَذَلِكَ فِي كتاب الله تَعَالَى: {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} (النِّسَاء: 43) وَقيل: الْحق فِي هَذَا أَنه يخْتَلف باخْتلَاف الْأَحْوَال، فَرُبمَا يكون الهجران فِي الْبيُوت أَشد من الهجران فِي غَيرهَا، وَبِالْعَكْسِ، بل الْغَالِب أَن الهجران فِي غير الْبيُوت أَشد ألما للنفوس، وَرب نسْوَة تتألم بِمُجَرَّد بيتوتة الرجل فِي غير بيوتها من غير هجران وَلَا سِيمَا مَعَ الهجران، وَهَذَا ظَاهر لَا يخفى.

2025 - حدّثنا أبُو عاصِمٍ عَن ابنِ جُرَيْجٍ وحدّثني مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلِ أخبرنَا عبدُ الله أخبرنَا بنُ جُرَيْج قَالَ: أخبَرَني يَحْيَى بنُ عبْدِ الله بن صَيفِيٍّ أنَّ عِكْرِمَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ الحارثِ أخْبَرَهُ أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أخْبَرَتْهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلى بعْضِ أهْلِهِ شَهْرا فَلما مَضَى تِسْعَةٌ وعِشْرُونَ يَوْما غَدَا علَيْهِنَّ أوْ رَاحَ. فَقِيل لَهُ: يَا نَبيَّ الله! حَلِفْتَ أَن لَا تَدْخلَ علَيْهِنَّ شَهْرا. قَالَ: إنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وعِشْرِينَ يَوْما.
(انْظُر الحَدِيث 0191)
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن فِي طَرِيق من طرق هَذَا الحَدِيث غير أم سَلمَة أَنه قعد فِي مشربَة لَهُ، وَذَلِكَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما هجر بعض نِسَائِهِ طلع إِلَى مشربَة لَهُ وَقعد فِيهَا، وَمِنْه تُؤْخَذ الْمُطَابقَة وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين. أَحدهمَا: عَن أبي عَاصِم النَّبِيل، واسْمه الضَّحَّاك بن مخلد، يروي عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَالْأُخْرَى: عَن مُحَمَّد بن مقَاتل الْمروزِي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن ابْن جريج عَن يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي بتَشْديد الْيَاء للنسبة عَن عِكْرِمَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة، وَهُوَ أَخُو أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ غير هَذَا الحَدِيث، وَمضى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الصَّوْم فِي: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال فصوموا، وَأَنه أخرجه هُنَاكَ من طَرِيق أبي عَاصِم وَحده.
قَوْله: (حلف) فِي كتاب الصَّوْم إِلَى قَوْله: (على بعض أَهله) ويروى: على بعض نِسَائِهِ. قَوْله: (أَو رَاح) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (فَقيل لَهُ) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْقَائِل لَهُ هِيَ عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَوْله: (أَن لَا تدخل شهرا) ويروى: أَن لَا يدْخل عَلَيْهِنَّ شهرا. قَوْله: (قَالَ أَن الشَّهْر) ، ويروى فَقَالَ.

3025 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حدَّثنا مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ حدَّثنا أَبُو يَعْفُورٍ قَالَ تَذَاكَرْنا عِنْدَ أبِي الضُّحَى، فَقَالَ: حَدثنَا ابنُ عَبَّاس، قَالَ: أصْبَحْنا يَوْما ونِساءُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَبْكين عِنْدَ كُلِّ امْرأةٍ مِنْهُنَّ، فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فإذَا هُوَ مَلْآنٌ مِنَ النَّاس، فَجاءَ عُمَرَ بنُ الخَطَّابِ فَصَعِدَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهْوَ فِي غُرْفَةٍ لهُ، فَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ ثُمَّ سَلّمَ فلمْ يُجِبْهُ أحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فلَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ، فناداهُ فَدخَلَ عَلى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أطَلَّقْتَ نِساءَكَ؟ فَقَالَ: لَا ولَكنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرا، فَمَكَثَ تِسْعا وعِشْرِينَ ثُمَّ دَخَلَ عَلى نِسائِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، ومروان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، بِالْفَاءِ وَالزَّاي، وَأَبُو يَعْفُور هُوَ الْمَشْهُور بِالْأَصْغَرِ، وَهُوَ بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَضم الْفَاء وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره رَاء: واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عبيد، كُوفِي ثِقَة وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هذاالحديث، وَأَبُو الضُّحَى مُسلم بن صبيح.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّلَاق

(20/191)


عَن أَحْمد بن عبد الله بن الحكم عَن مَرْوَان بن مُعَاوِيَة.
قَوْله: (تَذَاكرنَا) لم يذكر مَا تَذَاكَرُوا بِهِ، وَبَينه فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَلَفظه: تَذَاكرنَا الشَّهْر، فَقَالَ بَعْضنَا: ثَلَاثِينَ، وَقَالَ بَعْضنَا: تسعا وَعشْرين. قَوْله: (وَنسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (فَإِذا هُوَ ملآن) كلمة إِذا، للمفاجأة وملآن، على وزن فعلان كَذَا هُوَ فِي الْأُصُول بالنُّون، وَقَالَ ابْن التِّين عِنْد أبي الْحسن ملأى، وَعند غَيره ملآن وَهُوَ الصَّحِيح، وَإِنَّمَا ملآى نعت للمؤنث. فَإِن أُرِيد الْبقْعَة فَيصح ذَلِك قَوْله: (وَهُوَ فِي غرفَة) وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: فِي علية، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَقد تكسر وَتَشْديد اللَّام الْمَكْسُورَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهُوَ الْمَكَان العالي، وَهِي الغرفة، وَقد تقدم فِيمَا مضى أَنَّهَا مشربَة. قَوْله: (فناداه) فعل ومفعول وَهُوَ الضَّمِير الْمَنْصُوب الَّذِي يرجع إِلَى عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَلم يذكر الْفَاعِل فِي النّسخ الْمَوْجُودَة، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي نعيم مُصَرحًا. بِأَن الَّذِي ناداه بِلَال رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلَفظه: فَلم يجبهُ أحد فَانْصَرف فناداه بِلَال فَسلم ثمَّ دخل، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ هَكَذَا، وَلَكِن فَنَادَى بِلَال، بِحَذْف الْمَفْعُول. قلت: لَا خلاف فِي جَوَاز حذف الْمَفْعُول وَلَكِن لَا يجوز حذف الْفَاعِل لِأَنَّهُ ركن فِي الْكَلَام. قيل: وَالظَّاهِر أَن ذكر الْفَاعِل هُنَا سقط من النَّاسِخ. قلت: لم لَا يجوز أَن يكون الْفَاعِل هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِأَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، صعد إِلَى الغرفة الَّتِي فِيهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ووقف على الْبَاب فَسلم وَلم يسمع شَيْئا، هَكَذَا ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ لما أَرَادَ الِانْصِرَاف ناداه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل. فَإِن قلت: وَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي يَعْفُور: فِي غرفَة لَهُ لَيْسَ عِنْده فِيهِ إلاَّ بِلَال، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن ابْن عَبَّاس عَن عمر أَن اسْم الْغُلَام الَّذِي أذن لَهُ رَبَاح. قلت: التَّوْفِيق بَينهمَا أَن يُقَال: إِن بِلَالًا كَانَ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الغرفة، وَإِن رباحا كَانَ خَارج الغرفة على الْبَاب، فَلَمَّا أذن لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلغه بِلَال لرباح ورباح ونادى عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (أطلقت نِسَاءَك؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله: (وَلَكِن آلَيْت) أَي: حَلَفت، وَقد ذكرنَا عَن قريب أَنه لَيْسَ المُرَاد الْإِيلَاء الشَّرْعِيّ، فَافْهَم.