عمدة القاري شرح
صحيح البخاري 8 - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفاراً يَضْرِبُ
بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضِ))
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي لَا ترجعوا الخ
وَهَذِه التَّرْجَمَة بِلَفْظ ثَانِي أَحَادِيث الْبَاب.
(24/187)
7076 - حدّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ، حدّثني
أبي، حدّثنا الأعْمَشُ، حدّثنا شَقِيقٌ قَالَ: قَالَ
عَبْدُ الله: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وقِتالُهُ كُفرٌ
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث بالتعسف.
وَأخرجه عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن
سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة
عَن عبد الله بن مَسْعُود. والْحَدِيث قد مضى فِي
الْإِيمَان.
قَوْله: سباب الْمُسلم بِكَسْر السِّين مصدر من سبه يسبه
سباً وسباباً. قَوْله: كفر يَعْنِي: إِذا كَانَ مستحلاً
لَهُ أَو هُوَ للتغليظ.
7077 - حدّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ، حدّثنا شُعْبَةُ،
أَخْبرنِي واقدٌ، بنِ مُحَمَدٍ عنْ أبِيهِ عَن ابنِ عُمَرَ
أنّهُ سَمِعَ النبيَّ يَقولُ لَا تَرْجِعُوا بعدِي
كُفَّاراً يَضْربُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ
التَّرْجَمَة عين الحَدِيث. وَأخرجه فِي أول الدِّيات
وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: لَا ترجعوا بِصِيغَة النَّهْي وَهُوَ الْمَعْرُوف.
وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: لَا ترجعون، بِصِيغَة الْخَبَر.
قَوْله: كفَّارًا فِي مَعْنَاهُ أَقْوَال كَثِيرَة قد
ذكرنَا أَكْثَرهَا هُنَاكَ مِنْهَا: المُرَاد مِنْهُ
السّتْر يَعْنِي: لَا ترجعوا بعدِي ساترين الْحق، لِأَن
معنى الْكفْر فِي اللُّغَة السّتْر، وَمِنْهَا: أَن
الْفِعْل الْمَذْكُور يُفْضِي إِلَى الْكفْر. وَقَالَ
الدَّاودِيّ: مَعْنَاهُ لَا تَفعلُوا بِالْمُؤْمِنِينَ مَا
تَفْعَلُونَ بالكفار وَلَا تَفعلُوا بهم مَا لَا يحل
وَأَنْتُم تَرَوْنَهُ حَرَامًا. قَوْله: يضْرب بِالْجَزْمِ
جَوَابا لِلْأَمْرِ، وبالرفع استئنافاً أَو حَالا. وَقَالَ
صَاحب التَّلْوِيح من جزم أَوله على الْكفْر وَمن رفع لَا
يَجعله مُتَعَلقا بِمَا قبله بل حَالا أَو مستأنفاً.
7078 - حدّثنا مُسَدَّدٌ، حَدثنَا يَحْياى، حدّثنا قُرَّةُ
بنُ خالِدٍ، حدّثنا ابنُ سِيرينَ، عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ
بنِ أبي بَكْرَةَ، عنْ أبي بَكْرَة، وعنْ رَجُل آخَرَ هُوَ
أفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبي
بَكْرَةَ، عنْ أبي بَكْرَةَ أَن رسولَ الله خَطَبَ
النَّاسَ فَقَالَ: أَلا تَدْرُونَ أيُّ يَوْمٍ هاذا؟
قالُوا: الله ورَسُولُهُ أعْلَمُ قَالَ: حتَّى ظَننَّا
أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: ألَيْسَ
بِيَوْمِ النَّحْرِ قُلْنا: بَلاى يَا رسولَ الله، قَالَ:
أيُّ بَلَدٍ هاذا ألَيْسَتْ بِالبَلْدَةِ؟ قلْنا: بَلاى
يَا رسولَ الله قَالَ: فإنَّ دِماءَكُمْ وأمْوالَكُمْ
وأعراضَكُمْ وأبْشارَكُمْ عَليْكُمْ حَرامٌ، كَحُرْمَةِ
يَوْمِكُمْ هاذا فِي شَهْرِكُمْ هاذا فِي بَلَدِكُمْ هاذا،
أَلا هَلْ بَلَّغْتُ قُلْنا: نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ
اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغائِبَ فإنَّه رُبَّ
مُبَلِّغِ يُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أوْعاى لهُ فَكانَ
كَذالِكَ.
قَالَ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفاراً يضْرِبُ بَعْضُكُمْ
رِقابَ بَعْضٍ فَلمَّا كَانَ يَوْمُ حُرِّقَ ابنُ
الحَضْرَمِيِّ حِينَ حَرَّقَهُ جارِيَة بنُ قُدامَةَ،
قَالَ: أشْرِفُوا عَلى أبي بَكْرَةَ، فَقَالُوا: هاذا أبُو
بَكْرَةَ يَراكَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ:
فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي عنْ أبي بَكْرَةَ أنّهُ قَالَ: لَوْ
دَخَلُوا عَلَيَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهَا قِطْعَة مِنْهُ.
وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَابْن سِيرِين مُحَمَّد
بن سِيرِين، والسند كُله بصريون.
وَمضى الحَدِيث فِي كتاب الْحَج فِي: بَاب الْخطْبَة
أَيَّام منى.
قَوْله: عَن أبي بكرَة هُوَ نفيع مصغر نفع ابْن الْحَارِث
الثَّقَفِيّ نزل الْبَصْرَة وتحول إِلَى الْكُوفَة.
قَوْله: وَعَن رجل آخر هُوَ حميد بن عبد الرحمان بن عَوْف
صرح بِهِ فِي كتاب الْحَج. قَوْله: خطب النَّاس يَعْنِي
يَوْم النَّحْر صرح بِهِ فِي الْحَج. قَوْله:
وَأَعْرَاضكُمْ جمع عرض وَهُوَ الْحسب وَمَوْضِع الْمَدْح
والذم من الْإِنْسَان. قَوْله: وَأَبْشَاركُمْ جمع الْبشر
وَهُوَ ظَاهر الْجلد. قَوْله: فِي شهركم قَالَ
الْكرْمَانِي: لم يذكر أَي شهر فِي هَذِه
(24/188)
الرِّوَايَة مَعَ أَنه قَالَ بعد: فِي
شهركم هَذَا فَكيف شبهه بِهِ فِيمَا قَالَ فِي شهركم؟ ثمَّ
أجَاب بقوله: كَانَ السُّؤَال لتقرير ذَلِك فِي أذهانهم
وَحُرْمَة أشهر كَانَت متقررة عِنْدهم. فَإِن قلت: فَكَذَا
حُرْمَة الْبَلدة؟ . قلت: هَذِه الْخطْبَة كَانَت بمنى،
وَرُبمَا قصد دفع وهم من يتَوَهَّم أَنَّهَا خَارِجَة عَن
الْحرم، أَو دفع من يتَوَهَّم أَن الْبَلدة لم تبْق
حَرَامًا لقتاله فِيهَا يَوْم الْفَتْح، أَو اقتصره
الرَّاوِي اعْتِمَادًا على سَائِر الرِّوَايَات مَعَ أَنه
لَا يلْزم ذكره فِي صِحَة التَّشْبِيه. قَوْله: رب مبلغ
قَالَ الْكرْمَانِي: بِكَسْر اللَّام، وَكَذَا يبلغهُ
وَالضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الحَدِيث الْمَذْكُور مفعول
أول لَهُ وَمن هُوَ أوعى مفعول ثَان لَهُ واللفظان من
التَّبْلِيغ أَو من الإبلاغ، وَقَالَ بَعضهم: رب مبلغ،
بِفَتْح اللَّام الثَّقِيلَة، ويبلغه بِكَسْرِهَا. قلت:
الصَّوَاب مَا قَالَه الْكرْمَانِي. قَوْله: من هُوَ وَفِي
رِوَايَة الْكشميهني: لمن هُوَ. قَوْله: أوعى لَهُ أَي:
أحفظ، وَزَاد فِي الْحَج، مِنْهُ. قَوْله: فَكَانَ كَذَلِك
جملَة مَوْقُوفَة من كَلَام مُحَمَّد بن سِيرِين تخللت
بَين الْجمل المرفوعة أَي: وَقع التَّبْلِيغ كثيرا من
الْحَافِظ إِلَّا الأحفظ.
قَوْله: قَالَ: لَا ترجعوا بالسند الْمَذْكُور من رِوَايَة
مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عبد الرحمان بن أبي بكرَة.
قَوْله: فَلَمَّا كَانَ يَوْم حرق على صِيغَة الْمَجْهُول
من التحريق، وَضبط الْحَافِظ الدمياطي: أحرق من الإحراق،
وَقَالَ: هُوَ الصَّوَاب وَقَالَ بَعضهم: وَلَيْسَ الآخر
بخطأ بل جزم أهل اللُّغَة باللغتين أحرقه وَحَرقه،
وَالتَّشْدِيد للتكثير انْتهى. قلت: هَذَا كَلَام من لَا
يَذُوق من مَعَاني التراكيب شَيْئا، وتصويب الدمياطي بَاب
الْأَفْعَال لكَون الْمَقْصُود حُصُول الإحراق وَلَيْسَ
المُرَاد الْمُبَالغَة فِيهِ حَتَّى يذكر بَاب التفعيل.
قَوْله: ابْن الْحَضْرَمِيّ هُوَ عبد الله بن عَمْرو بن
الْحَضْرَمِيّ وَأَبوهُ عمر وَهُوَ أول من قتل من
الْمُشْركين يَوْم بدر، ولعَبْد الله رُؤْيَة على هَذَا،
وَذكره بَعضهم فِي الصَّحَابَة، وَاسم الْحَضْرَمِيّ عبد
الله بن عمار وَكَانَ حَالف بني أُميَّة فِي
الْجَاهِلِيَّة، والْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ الصَّحَابِيّ
الْمَشْهُور عَم عبد الله. قَوْله: حِين حرقه جَارِيَة
بجيم وياء آخر الْحُرُوف. ابْن قدامَة بِضَم الْقَاف
وَتَخْفِيف الدَّال ابْن مَالك بن زُهَيْر بن الْحصين
التَّمِيمِي السَّعْدِيّ، وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك مَا
ذكره العسكري فِي الصَّحَابَة قَالَ: كَانَ جَارِيَة يلقب
محرقاً لِأَنَّهُ أحرق أبي الْحَضْرَمِيّ بِالْبَصْرَةِ،
وَكَانَ مُعَاوِيَة وَجه ابْن الْحَضْرَمِيّ إِلَى
الْبَصْرَة يستنفرهم على قتال عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ، فَوجه على جَارِيَة بن قدامَة فحصره فتحصن مِنْهُ
ابْن الْحَضْرَمِيّ فِي دَار فأحرقها جَارِيَة عَلَيْهِ،
وَذكر الطَّبَرِيّ فِي حوادث سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ
هَذِه الْقَضِيَّة، وفيهَا: بعث عَليّ، رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ، جَارِيَة بن قدامَة فحصر ابْن
الْحَضْرَمِيّ فِي الدَّار الَّتِي نزل فِيهَا ثمَّ أحرق
الدَّار عَلَيْهِ وعَلى من مَعَه، وَكَانُوا سبعين رجلا
أَو أَرْبَعِينَ، وَنقل الْكرْمَانِي عَن الْمُهلب قَالَ:
ابْن الْحَضْرَمِيّ رجل امْتنع عَن الطَّاعَة فَأخْرج
إِلَيْهِ جَارِيَة بن قدامَة جَيْشًا فظفر بِهِ فِي
نَاحيَة من الْعرَاق، كَانَ أَبُو بكرَة الثَّقَفِيّ
الصَّحَابِيّ يسكنهَا، فَأمر جَارِيَة بصلبه فصلب ثمَّ
ألقِي فِي النَّار فِي الْجذع الَّذِي صلب فِيهِ. قلت:
الْعُمْدَة على مَا ذكره العسكري والطبري وَمَا ذكره
الْمُهلب لَيْسَ لَهُ أصل. قَوْله: قَالَ: أشرفوا على أبي
بكرَة ... إِلَى آخِره جَوَاب قَوْله: فَلَمَّا كَانَ
إِلَى آخِره، وَذَلِكَ أَن جَارِيَة لما أحرق ابْن
الْحَضْرَمِيّ أَمر جَيْشه أَن يشرفوا على أبي بكرَة هَل
هُوَ على الاستسلام والانقياد أم لَا، فَقَالَ لَهُ
جَيْشه: هَذَا أَبُو بكرَة يراك وَمَا صنعت بِابْن
الْحَضْرَمِيّ وَمَا أنكر عَلَيْك بِكَلَام وَلَا بسلاح،
فَلَمَّا سمع أَبُو بكرَة ذَلِك وَهُوَ فِي غرفَة لَهُ
قَالَ: لَو دخلُوا عليّ مَا بهشت بقصبة بِكَسْر الْهَاء
وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفِي رِوَايَة الْكشميهني
بِفَتْح الْهَاء، وهما لُغَتَانِ وَالْمعْنَى: مَا دفعتهم
بقصبة وَنَحْوهَا فَكيف أَن أقاتلهم لِأَنِّي مَا أرى
الْفِتْنَة فِي الْإِسْلَام وَلَا التحريك إِلَيْهَا مَعَ
إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ. قَوْله: قَالَ عبد الرحمان هُوَ
ابْن أبي بكرَة الرَّاوِي وَهُوَ مَوْصُول بالسند
الْمَذْكُور. قَوْله: حَدَّثتنِي أُمِّي هِيَ: هَالة بنت
غليظ العجيلة، ذكر كَذَلِك خَليفَة بن خياط فِي تَارِيخه
وَجَمَاعَة. وَقَالَ ابْن سعد: هِيَ هولة، وَالله أعلم.
قَوْله: عَليّ بتَشْديد الْيَاء.
7079 - حدّثنا أحْمَدُ بنُ إشْكابٍ، حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ
فُضَيْلٍ، عنْ أبِيهِ عنْ عِكْرِمَةَ عنْ ابنِ عَبَّاسٍ،
رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم لَا تَرْتَدُّوا بَعْدِي كُفَّاراً
يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ
(24/189)
رقابَ بَعْضٍ
انْظُر الحَدِيث 1739
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهَا قِطْعَة مِنْهُ.
وَأحمد بن إشكاب بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الشين
الْمُعْجَمَة وبالباء الْمُوَحدَة بعد الْألف الصفار
الْكُوفِي، وَمُحَمّد بن فُضَيْل مصغر الْفضل بالضاد
الْمُعْجَمَة يروي عَن أَبِيه فُضَيْل بن غَزوَان بِفَتْح
الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الزَّاي.
قَوْله: لَا ترتدوا تقدم فِي الْحَج من وَجه آخر عَن
فُضَيْل بِلَفْظ: لَا ترجعوا وسياقه هُنَاكَ أتم.
7080 - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا شُعْبَةُ،
عنْ عَلِيَ بنِ مُدْرِكٍ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بنَ
عَمْرِو بنِ جَرِيرٍ، عنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ لي
رسولُ الله فِي حَجَّةِ الوَداعِ: اسْتَنْصِتِ النَّاسَ
ثمَّ قَالَ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ
بَعْضَكُمْ رِقابَ بَعْضٍ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن مدرك على صِيغَة
اسْم الْفَاعِل من الْإِدْرَاك الْكُوفِي، وَأَبُو زرْعَة
بِضَم الزَّاي اسْمه هرم بِفَتْح الْهَاء ابْن عَمْرو بن
جرير بن عبد الله البَجلِيّ، وَلَيْسَ لأبي زرْعَة بن
عَمْرو بن جرير عَن جده فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا
الحَدِيث. وَمضى الحَدِيث فِي كتاب الْعلم.
قَوْله: لَا ترجعوا كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين،
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لَا ترجعن، بِضَم الْعين
وَالنُّون المثقلة. وكفاراً جمع كَافِر نصب على الْحَال.
(
(تَكُونُ فِتْنَةٌ القاعِدُ فِيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: تكون ... إِلَى آخِره،
وَهَذِه التَّرْجَمَة بعض الحَدِيث.
7080 - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا شُعْبَةُ،
عنْ عَلِيَ بنِ مُدْرِكٍ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بنَ
عَمْرِو بنِ جَرِيرٍ، عنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ لي
رسولُ الله فِي حَجَّةِ الوَداعِ: اسْتَنْصِتِ النَّاسَ
ثمَّ قَالَ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ
بَعْضَكُمْ رِقابَ بَعْضٍ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن مدرك على صِيغَة
اسْم الْفَاعِل من الْإِدْرَاك الْكُوفِي، وَأَبُو زرْعَة
بِضَم الزَّاي اسْمه هرم بِفَتْح الْهَاء ابْن عَمْرو بن
جرير بن عبد الله البَجلِيّ، وَلَيْسَ لأبي زرْعَة بن
عَمْرو بن جرير عَن جده فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا
الحَدِيث. وَمضى الحَدِيث فِي كتاب الْعلم.
قَوْله: لَا ترجعوا كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين،
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لَا ترجعن، بِضَم الْعين
وَالنُّون المثقلة. وكفاراً جمع كَافِر نصب على الْحَال.
(
(تَكُونُ فِتْنَةٌ القاعِدُ فِيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: تكون ... إِلَى آخِره،
وَهَذِه التَّرْجَمَة بعض الحَدِيث.
7080 - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا شُعْبَةُ،
عنْ عَلِيَ بنِ مُدْرِكٍ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بنَ
عَمْرِو بنِ جَرِيرٍ، عنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ لي
رسولُ الله فِي حَجَّةِ الوَداعِ: اسْتَنْصِتِ النَّاسَ
ثمَّ قَالَ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ
بَعْضَكُمْ رِقابَ بَعْضٍ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن مدرك على صِيغَة
اسْم الْفَاعِل من الْإِدْرَاك الْكُوفِي، وَأَبُو زرْعَة
بِضَم الزَّاي اسْمه هرم بِفَتْح الْهَاء ابْن عَمْرو بن
جرير بن عبد الله البَجلِيّ، وَلَيْسَ لأبي زرْعَة بن
عَمْرو بن جرير عَن جده فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا
الحَدِيث. وَمضى الحَدِيث فِي كتاب الْعلم.
قَوْله: لَا ترجعوا كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين،
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لَا ترجعن، بِضَم الْعين
وَالنُّون المثقلة. وكفاراً جمع كَافِر نصب على الْحَال.
(
(تَكُونُ فِتْنَةٌ القاعِدُ فِيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: تكون ... إِلَى آخِره،
وَهَذِه التَّرْجَمَة بعض الحَدِيث.
7081 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ الله، حدّثنا
إبْراهِيمُ بنُ سَعْدٍ، عنْ أبِيهِ عنْ أبي سَلَمَةَ بنِ
عَبْدِ الرَّحمانِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ.
قَالَ إبْراهِيمُ: وحَدثني صالحُ بنُ كيْسانَ، عنِ ابنِ
شهِابٍ، عنْ سَعِيد بنِ المُسَيَّبِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
سَتَكُونُ فِتَنٌ القاعدُ فِيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ،
والقائِمُ فِيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فِيها
خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَها
تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيها مَلْجأ أوْ مَعاذاً
فَلْيَعُذْبِهِ
انْظُر الحَدِيث 3601 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد بن عبيد الله
مُصَغرًا ابْن مُحَمَّد مولى عُثْمَان بن عَفَّان
الْأمَوِي، وَإِبْرَاهِيم بن سعد يروي عَن أَبِيه سعد بن
إِبْرَاهِيم بن عبد الرحمان بن عَوْف عَن عَمه أبي سَلمَة
بن عبد الرحمان بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفِتَن أَيْضا عَن إِسْحَاق
بن مَنْصُور.
قَوْله: سَتَكُون فتن وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي:
فتْنَة، وَالْمرَاد جَمِيع الْفِتَن، وَقيل: هِيَ
الِاخْتِلَاف الَّذِي يكون بَين أهل الْإِسْلَام بِسَبَب
افتراقهم على الإِمَام وَلَا يكون المحق فِيهَا مَعْلُوما،
بِخِلَاف عَليّ وَمُعَاوِيَة. قَوْله: الْقَاعِد فِيهَا
أَي: فِي الْفِتَن خير من الْقَائِم إِشَارَة إِلَى أَن
شَرها يكون بِحَسب التَّعَلُّق بهَا، وَزَاد
الْإِسْمَاعِيلِيّ: والنائم فِيهَا خير من الْيَقظَان،
وَالْيَقظَان فِيهَا خير من الْقَاعِد وَلمُسلم:
الْيَقظَان فِيهَا خير من النَّائِم وللبزار: سَتَكُون فتن
ثمَّ تكون فتن بِزِيَادَة: والمضطجع خير من الْقَاعِد
فِيهَا وَلأبي دَاوُد: المضطجع فِيهَا خير من الْجَالِس،
والجالس خير من الْقَائِم وَمعنى الْقَاعِد خير من
الْقَائِم الَّذِي لَا يستشرفها. وَقَالَ الدَّاودِيّ:
الظَّاهِر أَنه إِنَّمَا أَرَادَ أَن يكون فِيهَا قَاعِدا.
وَحكى ابْن التِّين عَنهُ أَن الظَّاهِر أَن المُرَاد من
يكون مباشراً لَهَا فِي الْأَحْوَال كلهَا، يَعْنِي: أَن
بَعضهم فِي ذَلِك أَشد من بعض فأعلاهم فِي ذَلِك السَّاعِي
فِيهَا بِحَيْثُ يكون سَببا لإثارتها، ثمَّ من يكون
قَائِما بأسبابها وَهُوَ الْمَاشِي، ثمَّ من يكون مباشراً
لَهَا وَهُوَ الْقَائِم، ثمَّ من يكون مَعَ النظارة وَلَا
يُقَاتل وَهُوَ الْقَاعِد، ثمَّ من يكون محسناً لَهَا
وَلَا يُبَاشر وَلَا ينظر وَهُوَ المضطجع الْيَقظَان، ثمَّ
من لَا يَقع مِنْهُ شَيْء من ذَلِك وَلكنه رَاض وَهُوَ
النَّائِم، وَالْمرَاد بالأفضلية فِي هَذِه الْخَيْرِيَّة
من يكون أقل شرّاً مِمَّن فَوْقه على التَّفْصِيل
الْمَذْكُور. قَوْله: من تشرف بِفَتْح التَّاء
الْمُثَنَّاة من فَوق والشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد
الرَّاء على وزن تفعل، أَي: تطلع لَهَا بِأَن يتصدر ويتعرض
(24/190)
لَهَا وَلَا يعرض عَنْهَا. وَقَالَ
الْكرْمَانِي: ويروى: من يشرف، من الإشراف. قَوْله:
تستشرفه أَي: تهلكه بِأَن يشرف مِنْهَا على الْهَلَاك
يُقَال: استشرفت الشَّيْء علوته، وأشرفت عَلَيْهِ. قَوْله:
ملْجأ أَي موضعا يلتجأ إِلَيْهِ من شَرها. قَوْله: أَو
معَاذًا بِفَتْح الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة وبالذال
الْمُعْجَمَة أَي: مَوضِع العوذ، وَهُوَ بِمَعْنى الالتجاء
أَيْضا. وَقَالَ ابْن التِّين: روينَاهُ بِالضَّمِّ،
يَعْنِي بِضَم الْمِيم. قَوْله: فليعذبه جَوَاب قَوْله:
فَمن وجد
7082 - حدّثنا أبُو اليَمان، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنِ
الزُّهْرِيِّ أَخْبرنِي أبُو سَلَمَة بنُ عَبْدِ
الرَّحْمانِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَتَكُونُ فِتَنٌ القاعدُ
فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمِ خَيْرٌ مِنَ
الماشِي، والماشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ
تَشَرَّفَ لَها تَسْتَشْرفْه، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجأً أوْ
مَعاذاً فَلْيَعُذْ بِهِ
انْظُر الحَدِيث 3601 وطرفه
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن أبي
الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن
مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره.
قد ذكرنَا أَن المُرَاد من قَوْله: فتن جَمِيع الْفِتَن.
فَإِن قلت: إِذا كَانَ المُرَاد جَمِيع الْفِتَن فَمَا
تَقول فِي الْفِتَن الْمَاضِيَة وَقد علمت أَنه نَهَضَ
فِيهَا من خِيَار التَّابِعين خلق كثير؟ وَإِن كَانَ
المُرَاد بعض الْفِتَن فَمَا مَعْنَاهُ وَمَا الدَّلِيل
على ذَلِك؟ . قلت: أجَاب الطَّبَرِيّ: بِأَنَّهُ قد اخْتلف
السّلف فِي ذَلِك، فَقيل: المُرَاد بِهِ جَمِيع الْفِتَن،
وَهِي الَّتِي قَالَ الشَّارِع فِيهَا: الْقَاعِد فِيهَا
خير من الْقَائِم وَمِمَّنْ قعد فِيهَا من الصَّحَابَة:
حُذَيْفَة وَمُحَمّد بن سَلمَة وَأَبُو ذَر وَعمْرَان بن
حُصَيْن وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأُسَامَة بن زيد
وأهبان بن صَيْفِي وَسعد بن أبي وَقاص وَابْن عمر وَأَبُو
بكرَة، وَمن التَّابِعين: شُرَيْح وَالنَّخَعِيّ. وَقَالَت
طَائِفَة بِلُزُوم الْبَيْت، وَقَالَت طَائِفَة بِلُزُوم
التَّحَوُّل عَن بلد الْفِتَن أصلا، وَمِنْهُم من قَالَ:
إِذا هجم عَلَيْهِ شَيْء من ذَلِك يكف يَده وَلَو قتل،
وَمِنْهُم من قَالَ: يدافع عَن نَفسه وَعَن مَاله وَعَن
أَهله وَهُوَ مَعْذُور إِن قتل أَو قتل، وَقيل: إِذا بَغت
طَائِفَة على الإِمَام فامتنعت عَن الْوَاجِب عَلَيْهَا
ونصبت الْحَرْب وَجب قتالها، وَكَذَلِكَ لَو تحاربت
طَائِفَتَانِ وَجب على كل قَادر الْأَخْذ على المخطىء
وَنصر الْمَظْلُوم، وَهَذَا قَول الْجُمْهُور، وَقَالَ
الطَّبَرِيّ: وَالصَّوَاب أَن يُقَال: إِن الْفِتْنَة
أَصْلهَا الِابْتِلَاء، وإنكار الْمُنكر وَاجِب على كل من
قدر عَلَيْهِ، فَمن أعَان المحق أصَاب وَمن أعَان المخطىء
أَخطَأ، وَأَن أشكل الْأَمر فَهِيَ الْحَالة الَّتِي ورد
النَّهْي عَن الْقِتَال فِيهَا، وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن
الْأَحَادِيث وَردت فِي حق نَاس مخصوصين وَأَن النَّهْي
مَخْصُوص بِمن خُوطِبَ بذلك، وَقيل: إِن أَحَادِيث
النَّهْي مَخْصُوصَة بآخر الزَّمَان حَيْثُ يحصل التحقق
أَن الْمُقَاتلَة إِنَّمَا هِيَ فِي طلب الْملك. قلت:
يدْخل فِيهَا التّرْك أَصْحَاب مصر حَيْثُ لم يكن بَينهم
قتال إلاَّ لطلب الْملك.
10 - (بابٌ إِذا الْتَقاى المُسْلِمانِ بَسَيْفَيْهِما)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا التقى المسلمان بسيفيهما،
وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف لم يذكرهُ اكْتِفَاء بِمَا ذكر
فِي الحَدِيث، وَهُوَ قَوْله: فكلاهما من أهل النَّار،
وَقَوله فِي الحَدِيث: إِذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فِي
معنى: إِذا التقيا.
7083 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حدَّثنا
حَمَّادٌ عنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ، عنِ الحَسَنِ قَالَ:
خَرَجْتُ بِسِلاحِي لَيالِيَ الفِتْنَةِ فاسْتَقْبَلَنِي
أبُو بَكْرَةَ، فَقَالَ: أيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أُريدُ
نُصْرَةَ ابنِ عَمِّ رسولِ الله قَالَ: قَالَ رسولُ الله
إِذا تَواجَهَ المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِما فَكِلاهُما
مِنْ أهْلِ النَّار قِيلَ فَهاذا القاتِلُ فَما بالُ
المَقْتُولِ؟ قَالَ: إنَّهُ أرادَ قَتْلَ صاحِبهِ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: فَذَكَرْتُ هاذا الحَدِيثَ
لأيُّوبَ ويُونُسَ بنِ عُبَيْدٍ وَأَنا أُرِيدُ أنْ
يُحَدِّثانِي بِهِ، فَقَالَا:
(24/191)
إنَّما رَواى هاذا الحَديثَ الحسَنُ عنِ
الأحْنَفِ بنِ قَيْسٍ عنْ أبي بَكْرَةَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: إِذا تواجه
المسلمان بسيفيهما وَقد ذكرنَا أَن مَعْنَاهُ: إِذا
التقيا.
وَعبد الله بن عبد الْوَهَّاب أَبُو مُحَمَّد الحَجبي
الْبَصْرِيّ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَحَمَّاد هُوَ ابْن
زيد وَقد نسبه فِي أثْنَاء الحَدِيث.
قَوْله: عَن رجل قَالَ بَعضهم: هُوَ عَمْرو بن عبيد شيخ
الْمُعْتَزلَة، وَكَانَ سيىء الضَّبْط، قَالَه الْحَافِظ
الْمزي فِي التَّهْذِيب وَقَالَ صَاحب التَّلْوِيح هُوَ
هِشَام بن حسان أَبُو عبد الله القردوسي، وَتَبعهُ على
ذَلِك صَاحب التَّوْضِيح وَكَذَا قَالَه الْكرْمَانِي
نَاقِلا عَن قوم، وَقَالَ بَعضهم فِيهِ بعد قلت: لَيْت
شعري مَا وَجه الْبعد، وَوجه الْبعد فِيمَا قَالَه،
وَيُؤَيّد مَا قَالَه هَؤُلَاءِ مَا قَالَه
الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي صَحِيحه حَدثنَا الْحسن حَدثنَا:
مُحَمَّد بن عبيد حَدثنَا حَمَّاد بن زيد حَدثنَا هِشَام
عَن الْحسن ... فَذكره، وتوضحه رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن
عَليّ بن مُحَمَّد عَن خلف بن تَمِيم عَن زَائِدَة عَن
هِشَام عَن الْحسن. . الحَدِيث، وَالْحسن هُوَ
الْبَصْرِيّ. قَوْله: ليَالِي الْفِتْنَة أَرَادَ بهَا
الْحَرْب الَّتِي وَقعت بَين عَليّ وَمن مَعَه وَعَائِشَة
وَمن مَعهَا، كَذَا قَالَ بَعضهم. قلت: مَا معنى إبهامه
ذَلِك وَالْمرَاد بِهِ وقْعَة الْجمل ووقعة صفّين؟ قَوْله:
فاستقبلني أَبُو بكرَة هُوَ نفيع بن الْحَارِث
الثَّقَفِيّ. قَوْله: قلت: أُرِيد نصْرَة ابْن عمر رَسُول
الله وَهُوَ عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: أُرِيد نصر ابْن عَم رَسُول
الله يَعْنِي: عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَالَ:
فَقَالَ لي: يَا أحنف ارْجع. قَوْله: قَالَ: قَالَ رَسُول
الله وَفِي رِوَايَة مُسلم قَالَ: سَمِعت رَسُول الله
قَوْله: إِذا تواجه المسلمان ويروى: توجه. وَقَالَ
الْكرْمَانِي: تواجه أَي ضرب كل وَاحِد مِنْهُمَا وَجه
الآخر، أَي: ذَاته. قَوْله: فكلاهما من أهل النَّار وَفِي
رِوَايَة الْكشميهني: فِي النَّار، وَفِي رِوَايَة مُسلم:
فالقاتل والمقتول فِي النَّار قَوْله: أهل النَّار أَي
مُسْتَحقّ لَهَا، وَقد يعْفُو الله عَنهُ. وَقَالَ
الْكرْمَانِي: عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ،
وَمُعَاوِيَة كِلَاهُمَا كَانَا مجتهدين، غَايَة مَا فِي
الْبَاب أَن مُعَاوِيَة كَانَ مخطئاً فِي اجْتِهَاده
وَنَحْوه. انْتهى. قلت: كَيفَ يُقَال: كَانَ مُعَاوِيَة
مخطئاً فِي اجْتِهَاده، فَمَا كَانَ الدَّلِيل فِي
اجْتِهَاده؟ وَقد بلغه الحَدِيث الَّذِي قَالَ وَيْح ابْن
سميَّة تقتله الفئة الباغية، وَابْن سميَّة هُوَ عمار بن
يَاسر، وَقد قَتله فِئَة مُعَاوِيَة، أَفلا يرضى
مُعَاوِيَة سَوَاء بِسَوَاء حَتَّى يكون لَهُ أجر وَاحِد؟
وروى الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عَمْرو عَن
أَبِيه قَالَ: مَا وجدت فِي نَفسِي من شَيْء مَا وجدت
أَنِّي لم أقَاتل هَذِه الفئة الباغية كَمَا أَمرنِي الله.
فَإِن قلت: كَانَ عبد الله بن عَمْرو مِمَّن روى الحَدِيث
الْمَذْكُور وَأخْبر مُعَاوِيَة بِهَذَا، فَكيف كَانَ مَعَ
فِئَة مُعَاوِيَة؟ . قلت: رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: لم
أضْرب بِسيف وَلم أطعن بِرُمْح وَلَكِن رَسُول الله قَالَ:
أطع أَبَاك فأطعته، وَقيل لإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: من
كَانَ أفضل عَلْقَمَة أَو الْأسود؟ فَقَالَ: عَلْقَمَة،
لِأَنَّهُ شهد صفّين وخضب سَيْفه بهَا، وَقيل: كَانَ أويس
الْقَرنِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَعَ عَليّ، رَضِي
الله تَعَالَى عَنهُ، فِي الرجالة؛ قَالَه إِبْرَاهِيم بن
سعد، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مساعدة الإِمَام الْحق وَدفع
الْبُغَاة وَاجِبَة فَلم منع أَبُو بكرَة الْحسن عَن
حُضُوره مَعَ فِئَة عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ؟
وَأجَاب بقوله: لَعَلَّ الْأَمر لم يكن بعد ظَاهرا
عَلَيْهِ. قَوْله: قيل فَهَذَا الْقَاتِل الْقَائِل هُوَ
أَبُو بكرَة. فَقَوله: الْقَاتِل مُبْتَدأ وَخَبره
مَحْذُوف أَي: هَذَا الْقَاتِل يسْتَحق النَّار، فَمَا
بَال الْمَقْتُول؟ أَي: فَمَا ذَنبه؟ قَالَ: إِنَّه أَي:
إِن الْمَقْتُول أَرَادَ قتل صَاحبه، وَتقدم فِي
الْإِيمَان أَنه كَانَ حَرِيصًا على قتل صَاحبه فَإِن قلت:
مُرِيد الْمعْصِيَة إِذا لم يعملها كَيفَ يكون من أهل
النَّار؟ . قلت: إِذا جزم بعملها وأصر عَلَيْهِ يصير بِهِ
عَاصِيا، وَمن يعْص الله وَرَسُوله يدْخلهُ نَارا.
قَوْله: قَالَ حَمَّاد بن زيد هُوَ مَوْصُول بالسند
الْمَذْكُور. قَوْله: قلت لأيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ،
وَيُونُس بن عبيد بن دِينَار الْقَيْسِي الْبَصْرِيّ.
قَوْله: فَقَالَا أَي: أَيُّوب وَيُونُس، إِنَّمَا روى
هَذَا الحَدِيث الْحسن عَن الْأَحْنَف بن قيس عَن أبي
بكرَة يَعْنِي: أَن عَمْرو بن عبيد أَخطَأ فِي حذف
الْأَحْنَف بَين الْحسن وَأبي بكرَة والأحنف بن قيس
السَّعْدِيّ التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ واسْمه الضَّحَّاك
والأحنف لقبه وَعرف بِهِ، ودعا لَهُ النَّبِي مَاتَ سنة
سبع وَسِتِّينَ بِالْكُوفَةِ. وَقَالَ أَبُو عمر:
الْأَحْنَف بن قيس أدْرك النَّبِي وَلم يره ودعا لَهُ،
وَإِنَّمَا ذَكرْنَاهُ فِي الصَّحَابَة لِأَنَّهُ أسلم على
عهد النَّبِي
حدّثنا سُلَيْمانُ حدّثنا حَمَّادٌ بِهاذَا، وَقَالَ
مُؤَمَّلٌ: حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ حدّثنا أيُّوبْ
(24/192)
ويُونُسُ وهِشامٌ ومُعَلَّى بنُ زِيادٍ عنِ
الحَسَنِ عنِ الأحْنَفِ عَن أبي بَكْرَةَ عنِ النبيِّ
سُلَيْمَان هَذَا هُوَ ابْن حَرْب، وحما هُوَ ابْن زيد،
وَأَشَارَ بقوله: بِهَذَا إِلَى الحَدِيث الْمَذْكُور
الَّذِي رَوَاهُ آنِفا، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الْأَحْنَف،
ثمَّ قَالَ: وَقَالَ مُؤَمل، يَعْنِي ابْن هِشَام أحد
مَشَايِخ البُخَارِيّ عَن عَلْقَمَة عَن حَمَّاد بن زيد
وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَيُونُس بن عبيد وَهِشَام بن
حسان وَمعلى بن زِيَاد ... إِلَى آخِره.
وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ حَدثنَا مُوسَى حَدثنَا يزِيد
بن سِنَان حَدثنَا أَيُّوب وَيُونُس ... إِلَى آخِره.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: رَوَاهُ أَيُّوب وَيُونُس
هِشَام وَمعلى عَن الْحسن عَن الْأَحْنَف عَن أبي بكرَة،
وَقَالَ: أَبُو خلف عبد الله بن عِيسَى، ومحبوب بن الْحسن
عَن مُوسَى عَن الْحسن عَن أبي بكرَة، وَرَوَاهُ قَتَادَة
وجسر بن فرقد ومعروف الْأَعْوَر عَن الْحسن عَن أبي بكرَة
وَلم يذكرُوا فِيهِ الْأَحْنَف، وَالصَّحِيح حَدِيث
أَيُّوب حدث بِهِ عَنهُ حَمَّاد بن زيد.
ورَواهُ مَعْمَرٌ عنْ أيُّوبَ.
أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور معمر عَن أَيُّوب، وَأخرجه
الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن ابْن ياسين: حَدثنَا زُهَيْر بن
مُحَمَّد والرمادي قَالَا: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق نَا
معمر عَن أَيُّوب عَن الْحسن عَن الْأَحْنَف بن قيس عَن
أبي بكرَة: سَمِعت رَسُول الله فَذكر الحَدِيث دون
الْقِصَّة.
وروَاهُ بَكَّارُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ عنْ أبِيهِ عنْ أبي
بَكْرَة.
بكار بن عبد الْعَزِيز رَوَاهُ عَن أَبِيه عبد الْعَزِيز
بن عبد الله بن أبي بكرَة، وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لوَلَده
بكار فِي البُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَوَصله
الطَّبَرِيّ من طَرِيق خَالِد بن خِدَاش بِكَسْر الْخَاء
الْمُعْجَمَة وبالدال الْمُهْملَة وبالشين الْمُعْجَمَة
قَالَ: حَدثنَا بكار بن عبد الْعَزِيز بالسند الْمَذْكُور
وَلَفظه: سَمِعت النَّبِي أَن فتْنَة كائنة، الْقَاتِل
والمقتول فِي النَّار، إِذْ الْمَقْتُول قد أَرَادَ قتل
الْقَاتِل.
وَقَالَ غُنْدَرٌ: حدّثنا شُعْبَةُ عنْ منْصُور عنْ
رِبْعِيِّ بنِ حِراشٍ عنْ أبي بَكْرةَ عنِ النبيِّ ولَمْ
يَرْفَعْهُ سُفْيانُ عنْ مَنْصُورٍ
غنْدر بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَفتح
الدَّال وبالراء ابْن حِرَاش لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر،
وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، ورِبْعِي بِكَسْر
الرَّاء وَإِسْكَان الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْعين
الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء ابْن حِرَاش بِكَسْر
الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء وبالشين
الْمُعْجَمَة الْأَعْوَر الْغَطَفَانِي التَّابِعِيّ
الْمَشْهُور، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الإِمَام أَحْمد
قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر وَهُوَ غنْدر بِهَذَا
السَّنَد مَرْفُوعا وَلَفظه: إِذا التقى المسلمان حملا
أَحدهمَا على صَاحبه السِّلَاح فهما على حرف جَهَنَّم
فَإِذا قتل أَحدهمَا الآخر فهما فِي النَّار. قَوْله: وَلم
يرفعهُ سُفْيَان، أَي: لم يرفع الحَدِيث الْمَذْكُور
سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر بالسند
الْمَذْكُور، وَوَصله النَّسَائِيّ من رِوَايَة يعلى بن
عبيد عَن سُفْيَان الثَّوْريّ بالسند الْمَذْكُور عَن أبي
بكرَة، قَالَ: إِذا حمل الرّجلَانِ المسلمان السِّلَاح
أَحدهمَا على الآخر فهما فِي النَّار قَالَ الْعلمَاء:
معنى كَونهمَا فِي النَّار أَنهم يستحقان ذَلِك وَلَكِن
أَمرهمَا إِلَى الله عز وَجل إِن شَاءَ عاقبهما فِي
النَّار كَسَائِر الْمُوَحِّدين، وَإِن شَاءَ عَفا
عَنْهُمَا فَلم يعاقبهما أصلا، وَقيل: هُوَ مَحْمُول على
من اسْتحلَّ ذَلِك.
11 - (بابٌ كَيْفَ الأمْرُ إذَا لَمْ تَكُنْ جَماعَةٌ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ كَيفَ أَمر الْمُسلم؟ يَعْنِي
مَاذَا يفعل فِي حَال الِاخْتِلَاف والفتنة إِذا لم تكن
أَي إِذا لم تُوجد، وَكَانَ تَامَّة، وَجَمَاعَة أَي
مجتمعون على خَليفَة؟ وَحَاصِل معنى التَّرْجَمَة أَنه
إِذا وَقع اخْتِلَاف وَلم يكن خَليفَة فَكيف يفعل الْمُسلم
من قبل أَن يَقع الِاجْتِمَاع على خَليفَة؟ وَفِي حَدِيث
الْبَاب بيَّن ذَلِك وَهُوَ أَنه يعتزل النَّاس كلهم وَلَو
بِأَن يعَض بِأَصْل شَجَرَة حَتَّى يُدْرِكهُ الْمَوْت
وَذَلِكَ خير لَهُ من دُخُوله بَين طَائِفَة لَا إِمَام
لَهُم خشيَة مَا يؤول من عَاقِبَة ذَلِك من فَسَاد
الْأَحْوَال باخْتلَاف الْأَهْوَاء وبسبب الآراء.
(24/193)
7084 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى،
حدّثنا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ، حدّثنا ابنُ جابِرٍ،
حدّثني بُسْرُ بنُ عُبَيْدِ الله الحَضْرَمِيُّ أنَّهُ
سَمِعَ أَبَا إدْرِيسَ الخَوْلاَنِيَّ أنَّهُ سَمِعَ
حُذَيْفَةَ بنَ اليَمانِ يَقولُ: كانَ النَّاسُ يَسألُونَ
رسولَ الله عنِ الخَيْرِ وكُنْتُ أسْألُهُ عنِ الشَّرِّ
مَخافَةَ أنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله إنَّا
كُنَّا فِي جاهِلِيَّةٍ وشَرَ، فَجاءَنَا الله بِهَذَا
الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرَ؟ قَالَ:
نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ
قَالَ: نَعَمْ وفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ؟
قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هدْيِي تَعْرِفُ
مِنْهُمْ وتنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ
مِنْ شَرَ قَالَ: نَعَمْ دُعاة عَلى أبْوابِ جَهَنَّمَ،
مَنْ أجابَهُمْ إلَيْها قَذَفُوهُ فِيها قُلْتُ يَا رسُولَ
الله صفْهُمْ لَنا. قَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدتِنا
ويَتَكَلَّمُونَ بألْسِنَتِنا قُلْتُ فَما تأمُرُني إنْ
أدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَماعَةَ
المُسْلِمِينَ وإمامَهُمْ قُلْتُ فإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ
جَماعَةٌ وَلَا إمامٌ؟ قَالَ: فاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ
كُلّها، ولوْ أنْ تَعَضَّ بأصْلِ شَجَرَةٍ حتَّى
يُدْرِكَكَ المَوْتُ وأنْتَ عَلى ذَلِكَ
انْظُر الحَدِيث 3606 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فَإِن لم يكن
لَهُم جمَاعَة وَلَا إِمَام إِلَى آخِره.
وَابْن جَابر بِالْجِيم وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة هُوَ
عبد الرحمان بن زيد بن جَابر، كَمَا صرح بِهِ مُسلم فِي
رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن الْمثنى شيخ البُخَارِيّ فِيهِ،
وَبسر بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين
الْمُهْملَة ابْن عبد الله الْحَضْرَمِيّ بِفَتْح الْحَاء
الْمُهْملَة وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة، وَأَبُو
إِدْرِيس عَائِذ الله بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة
الْخَولَانِيّ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة.
والْحَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن يحيى بن
مُوسَى: وَأخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن مُحَمَّد بن
الْمثنى بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن
مُحَمَّد بِبَعْضِه.
قَوْله مَخَافَة أَي: لأجل مَخَافَة أَن يدركني أَي
الشَّرّ، وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة. قَوْله: فِي
جَاهِلِيَّة وَشر يُشِير بِهِ إِلَى مَا كَانَ قبل
الْإِسْلَام من الْكفْر وَقتل بَعضهم بَعْضًا وَنهب بَعضهم
بَعْضًا وارتكاب الْفَوَاحِش. قَوْله: بِهَذَا الْخَيْر
يَعْنِي: الْإِيمَان والأمن وَصَلَاح الْحَال وَاجْتنَاب
الْفَوَاحِش. قَوْله: دخن بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة
وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ الدُّخان، وَأَرَادَ
بِهِ لَيْسَ خيرا خَالِصا بل فِيهِ كدورة بِمَنْزِلَة
الدُّخان من النَّار، وَقيل: أَرَادَ بالدخن الحقد، وَقيل:
الدغل، وَقيل: فَسَاد فِي الْقلب، وَقيل: الدخن كل أَمر
مَكْرُوه. وَقَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد من الدخن أَن لَا
تصفو الْقُلُوب بَعْضهَا لبَعض كَمَا كَانَت عَلَيْهِ من
الصفاء. قَوْله: يهْدُونَ بِفَتْح أَوله قَوْله: بِغَيْر
هَدْيِي بياء الْإِضَافَة عِنْد الْأَكْثَرين وبياء
وَاحِدَة بِالتَّنْوِينِ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي
رِوَايَة الْأسود: تكون بعدِي أَئِمَّة يَهْتَدُونَ بهديي
وَلَا يستنون بِسنتي. قَوْله: تعرف مِنْهُم أَي: من
الْقَوْم الْمَذْكُورين وتنكر يَعْنِي من أَعْمَالهم.
وَقَالَ القَاضِي: الْخَيْر بعد الشَّرّ أَيَّام عمر بن
عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالَّذِي تعرف
مِنْهُم وتنكرهم الْأُمَرَاء بعده وَمِنْهُم من يَدْعُو
إِلَى بِدعَة وضلالة كالخوارج، وَقَالَ الْكرْمَانِي:
يحْتَمل أَن يُرَاد بِالشَّرِّ زمَان قتل عُثْمَان، رَضِي
الله تَعَالَى عَنهُ، وبالخير بعده زمَان خلَافَة عَليّ،
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، والدخن الْخَوَارِج وَنَحْوهم،
وَالشَّر بعده زمَان الَّذين يلعنونه على المنابر. قَوْله:
دعاة بِضَم الدَّال جمع دَاع على أَبْوَاب جَهَنَّم قَالَ
ذَلِك بِاعْتِبَار مَا يؤول إِلَيْهِ حَالهم. قَوْله: من
جلدتنا أَي: من قَومنَا وَمن أهل لِسَانا وملتنا. وَفِيه:
إِشَارَة إِلَى أَنهم من الْعَرَب، وَقَالَ الدَّاودِيّ:
أَي من بني آدم، وَقَالَ القَاضِي: مَعْنَاهُ أَنهم فِي
الظَّاهِر على ملتنا وَفِي الْبَاطِن مخالفون، وجلدة
الشَّيْء ظَاهره وَهِي فِي الأَصْل غشاء الْبدن. قَوْله:
وإمامهم بِكَسْر الْهمزَة أَي: أَمِيرهمْ، وَفِي رِوَايَة
الْأسود: تسمع وتطيع وَإِن ضرب ظهرك وَأخذ مَالك. قَوْله:
وَأَن تعض بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الضَّاد
الْمُعْجَمَة من عضض يعضض من بَاب علم يعلم أَي: وَلَو
كَانَ الاعتزال من تِلْكَ الْفرق بالعض فَلَا تعدل عَنهُ،
وَلَفظ: تعض، مَنْصُوب عِنْد الروَاة كلهم، وَجوز بَعضهم
(24/194)
الرّفْع وَلَا يجوز ذَلِك إلاَّ إِذا جعل
أَن مُخَفّفَة من المثقلة. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ:
الْمَعْنى إِذا لم يكن فِي الأَرْض خَليفَة فَعَلَيْك
بالعزلة وَالصَّبْر على تحمل شدَّة الزَّمَان، وعض أصل
الشَّجَرَة كِنَايَة عَن مكايدة الْمَشَقَّة، كَقَوْلِهِم:
فلَان يعَض الْحِجَارَة من شدَّة الْأَلَم، أَو المُرَاد
اللُّزُوم كَقَوْلِه فِي الحَدِيث الآخر: عضوا عَلَيْهَا
بالنواجذ. قَوْله: وَأَنت على ذَلِك أَي: على العض الَّذِي
هُوَ كِنَايَة عَن لُزُوم جمَاعَة الْمُسلمين وإطاعة
سلاطينهم وَلَو جاروا.
وَفِيه: حجَّة لجَماعَة الْفُقَهَاء فِي وجوب لُزُوم
جمَاعَة الْمُسلمين وَترك الْقيام على أَئِمَّة الْحق
لِأَنَّهُ أَمر بذلك وَلم يَأْمر بتفريق كلمتهم وشق عصاهم.
وَاخْتلفُوا فِي صفة الْأَمر بذلك، فَقَالَ بَعضهم: هُوَ
أَمر إِيجَاب بِلُزُوم الْجَمَاعَة وَهِي السوَاد
الْأَعْظَم، وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَة ابْن مَاجَه من
حَدِيث أنس مَرْفُوعا: إِن بني إِسْرَائِيل افْتَرَقت على
إِحْدَى وَسبعين فرقة، وَإِن أمتِي سَتَفْتَرِقُ على
ثِنْتَيْنِ وَسبعين فرقة، كلهَا فِي النَّار إلاَّ
وَاحِدَة وَهِي الْجَمَاعَة، وَقَالَ آخَرُونَ:
الْجَمَاعَة الَّتِي أَمر الشَّارِع بلزومها هِيَ جمَاعَة
الْعلمَاء، لِأَن الله عز وَجل جعلهم حجَّة على خلقه
وإليهم تفزع الْعَامَّة فِي دينهَا وهم تبع لَهَا وهم
المعنيون بقوله: إِن الله لن يجمع أمتِي على ضَلَالَة.
وَقَالَ آخَرُونَ: هم جمَاعَة الصَّحَابَة الَّذين قَامُوا
بِالدّينِ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهَا جمَاعَة أهل
الْإِسْلَام مَا داموا مُجْتَمعين على أَمر وَاجِب على أهل
الْملَل، فَإِذا كَانَ فيهم مُخَالف مِنْهُم فليسوا
مُجْتَمعين. وَقَالَ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن
أَحْمد بن إِسْحَاق التسترِي فِي كِتَابه افْتِرَاق الْأمة
أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فرقة، والخوارج خمس عشرَة فرقة،
والشيعة ثَلَاث وَثَلَاثُونَ، والمعتزلة سِتَّة، والمرجئة
اثْنَا عشر، والمشبهة ثَلَاثَة، والجهمية فرقة وَاحِدَة،
والضرارية وَاحِدَة، والكلابية وَاحِدَة، وأصول الْفرق
عشرَة أهل السّنة والخوارج والشيعة والجهمية والضرارية
والمرجئة والنجارية والكلابية والمعتزلة والمشبهة، وَذكر
أَبُو الْقَاسِم الفوراني فِي كِتَابه فرق الْفرق إِن غير
الإسلاميين: الدهرية والهيولي أَصْحَاب العناصر الثنوية
والديصانية والمانوية والطبائعية والفلكية والقرامطة.
12 - (بابُ مَنْ كَرِه أنْ يُكَثِّرَ سَوادَ الفِتَنِ
والظُّلْمِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من كره أَن يكثر من
الْإِكْثَار أَو من التكثير. قَوْله: سَواد الْفِتَن
وَالظُّلم أَي: أهلهما، والسواد بِفَتْح السِّين
الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو الْأَشْخَاص.
7085 - حدّثنا عبْدُ الله بنُ يَزِيدَ، حَدثنَا حَيْوَةُ
وغَيْرُهُ قَالَا: حدّثنا أبُو الأسْوَدِ. وَقَالَ
اللّيْثُ: عنْ أبي الأسْوَدِ قَالَ: قُطِعَ عَلى أهْلِ
المَدِينَةِ بَعْثٌ فاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ
عِكْرِمَةَ فأخْبَرْتُهُ، فَنَهاني أشَدَّ النَّهْي ثُمَّ
قَالَ: أخبرَني ابنُ عبَّاسٍ أنَّ أُناساً مِنَ
المُسْلِمِينَ كانُوا مَعَ المْشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ
سَوادَ المُشْرِكِينَ عَلى رسولِ الله فَيأتِي السَّهْمُ
فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أوْ
يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ فأنْزَلَ الله تَعَالَى: {إِنَّ
الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِى
أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا
مُسْتَضْعَفِينَ فِى الاَْرْضِ قَالْو اْ أَلَمْ تَكُنْ
أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا
فَأُوْلَائِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءَتْ مَصِيراً}
انْظُر الحَدِيث 4596
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن يزِيد من
الزِّيَادَة الْمقري، وحيوة بن شُرَيْح التجِيبِي.
والْحَدِيث مضى فِي التَّفْسِير عَن عبد الله بن يزِيد
أَيْضا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن
زَكَرِيَّا بن يحيى.
وَأَبُو الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرحمان الْأَسدي يَتِيم
عُرْوَة بن الزبير. قَوْله: وَغَيره قَالَ صَاحب
التَّوْضِيح قيل: المُرَاد بِهِ ابْن لَهِيعَة، وَقيل:
كَأَنَّهُ يُرِيد ابْن لَهِيعَة فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن أبي
الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرحمان وَقد رَوَاهُ عَنهُ
اللَّيْث أَيْضا وَقَالَ الْكرْمَانِي ويروى: وَعَبدَة ضد
الْحرَّة وَالْأول أصح. قَوْله: قطع على أهل الْمَدِينَة
بعث أَي أفرد عَلَيْهِم بعث بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة
وَهُوَ الْجَيْش، وَمِنْه كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يقطع
بعثاً. قَالَ ابْن الْأَثِير: أَي يفرد قوما يَبْعَثهُم
فِي الْغَزْو ويعينهم من غَيرهم. قَوْله: فاكتتبت فِيهِ
على صِيغَة الْمَجْهُول. قَالَ الْكرْمَانِي: وبالمعروف
يُقَال: اكتتبت أَي: كتبت نَفسِي فِي ديوَان السُّلْطَان.
قَوْله: يكثرون من الْإِكْثَار أَو التكثير. قَوْله:
فَيرمى أَي: فَيرمى بِهِ، ويروى كَذَلِك، قيل: هُوَ من
الْقلب وَالتَّقْدِير
(24/195)
فَيرمى بِالسَّهْمِ فَيَأْتِي. وَقَالَ
الْكرْمَانِي: وَفِي بعض الرِّوَايَات لفظ: فَيرمى،
مَفْقُود وَهُوَ ظَاهر، وَقيل: يحْتَمل أَن تكون الْفَاء
الثَّانِيَة زَائِدَة وَثَبت كَذَلِك لأبي ذَر فِي سُورَة
النِّسَاء فَيَأْتِي السهْم يرْمى بِهِ. قَوْله: أَو
يضْربهُ مَعْطُوف على فَيَأْتِي لَا على فَيُصِيب أَي:
يقتل إِمَّا بِالسَّهْمِ وَإِمَّا بِالسَّيْفِ. قَوْله
فَأنْزل الله تَعَالَى: {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم
الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم}
13 - (بابٌ إذَا بَقِيَ فِي حُثالَةٍ مِنَ النَّاسِ)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ، إِذا بَقِي مُسلم فِي حثالة من
النَّاس، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الثَّاء
الْمُثَلَّثَة وَهِي رَدِيء كل شَيْء وَمَا لَا خير فِيهِ.
وَجَوَاب: إِذا، مُقَدّر وَهُوَ: مَاذَا يصنع؟ قيل: هَذِه
التَّرْجَمَة لفظ حَدِيث أخرجه الطَّبَرِيّ وَصَححهُ ابْن
حبَان من طَرِيق الْعَلَاء بن عبد الرحمان بن يَعْقُوب عَن
أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: كَيفَ بك يَا عبد
الله بن عَمْرو إِذا بقيت فِي حثالة من النَّاس قد مرجت
عهودهم وأماناتهم وَاخْتلفُوا فصاروا هَكَذَا؟ وَشَبك بَين
أَصَابِعه. قَالَ: فَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: عَلَيْك
بخاصتك ودع عَنْك عوامهم وَقَالَ ابْن بطال: أَشَارَ
البُخَارِيّ إِلَى هَذَا الحَدِيث وَلم يُخرجهُ لِأَن
الْعَلَاء لَيْسَ من شَرطه فَأدْخل مَعْنَاهُ فِي حَدِيث
حُذَيْفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
7086 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ، أخبرنَا، سُفْيانُ،
حدّثنا الأعمَشُ، عنْ زَيْدِ بنِ وهْبٍ، حَدثنَا
حُذَيْفَةُ قَالَ: حَدثنَا رسولُ الله حَدِيثَيْن رأيْتُ
أحَدَهُما وَأَنا أنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدثنَا: أنَّ
الأمانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجالِ، ثُمَّ
علِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِن السُّنةِ.
وَحدثنَا عنْ رفْعِها. قَالَ: يَنامُ الرَّجُلُ
النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأمانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ
أثَرُها مِثْلَ أثَرِ الوَكْتِ، ثمَّ يَنامُ النَّوْمَةَ
فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيها أثَرُها مِثْلَ أثَرِ المَجْلِ
كَجَمْرٍ دَحْرَجتَهُ عَلى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَراهُ
مُنْتَبِراً ولَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، وَيُصْبَحُ النّاسُ
يَتَبايَعُونَ فَلا يَكادُ أحَدٌ يُؤَدِّي الأمانَةَ،
فَيُقالُ: إنَّ فِي بَني فُلانٍ رجُلاً أمِيناً، ويُقالُ
لِلرَّجُلِ: مَا أعْقَلَهُ وَمَا أظْرَفَهُ وَمَا
أجْلَدَهُ؟ وَمَا فِي قلْبِهِ مِثْقالُ حبَّةِ خَرْدَلٍ
مِنْ إيمانٍ، ولَقَدْ أتَى عَليَّ زَمانٌ وَلَا أُبالي
أيَّكُمْ بايَعْتُ، لَئنْ كانَ مُسْلِماً رَدَّهُ عَليَّ
الإسْلاَمُ، وإنْ كانَ نَصْرانِيّاً ردَّهُ عَليَّ
ساعِيهِ، وأمَّا اليوْمَ فَما كُنْتُ أُبايِعُ إلاّ
فُلاَناً وفُلاَناً
انْظُر الحَدِيث 6497 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ. وَقد ذكرنَا
أَن ابْن بطال قَالَ: أَدخل البُخَارِيّ معنى حَدِيث أبي
هُرَيْرَة الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن فِي حَدِيث حُذَيْفَة.
وَهَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه سنداً ومتناً مضى فِي كتاب
الرقَاق فِي بَاب رفع الْأَمَانَة، فَرَاجعه لِأَن
الْكَلَام فِيهِ قد بسطناه.
قَوْله: وَحدثنَا عَن رَفعهَا هُوَ الحَدِيث الثَّانِي،
وَفِيه علم من أَعْلَام نبوته لِأَن فِيهِ الْإِخْبَار عَن
فَسَاد أَدْيَان النَّاس وَقلة أمانتهم فِي آخر الزَّمَان،
والجذر بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا وَسُكُون الذَّال
الْمُعْجَمَة: الأَصْل أَي: كَانَت لَهُم بِحَسب الْفطْرَة
وحصلت لَهُم بِالْكَسْبِ من الشَّرِيعَة. والوكت، بِفَتْح
الْوَاو وَسُكُون الْكَاف وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق:
الْأَثر الْيَسِير، وَقيل: السوَاد، وَقيل: اللَّوْن
الْمُخَالف للون الَّذِي قبله والمجل بِفَتْح الْمِيم
وَسُكُون الْجِيم وَفتحهَا: هُوَ التنفط الَّذِي يحصل فِي
الْيَد من الْعَمَل، ونفط بِكَسْر الْفَاء وَلم يؤنث
الضَّمِير بِاعْتِبَار الْعُضْو. ومنتبراً مفتعلاً من
الانتبار وَهُوَ الِارْتفَاع، وَمِنْه: الْمِنْبَر
وَالْأَمَانَة ضد الْخِيَانَة، وَقيل: هِيَ التكاليف
الإلاهية. وَمعنى الْمُبَايعَة هُنَا البيع وَالشِّرَاء
أَي: كنت أعلم أَن الْأَمَانَة فِي النَّاس فَكيف أقدم على
مُعَاملَة من اتّفق غير مبال بِحَالهِ وثوقاً بأمانته أَو
أَمَانَة الْحَاكِم عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ إِن كَانَ مُسلما
فدينه يمنعهُ من الْخِيَانَة ويحمله
(24/196)
على أَدَائِهَا، وَإِن كَانَ كَافِرًا
وَذكر النَّصْرَانِي على سَبِيل التَّمْثِيل فساعيه أَي
الْمولى عَلَيْهِ يقوم بالأمانة فِي ولَايَته فينصفني
ويستخرج حَقي مِنْهُ، وَأما الْيَوْم فقد ذهبت الْأَمَانَة
فلست أَثِق الْيَوْم بِأحد أئتمنه على بيع أَو شِرَاء
إلاَّ فلَانا وَفُلَانًا يَعْنِي أفراداً من النَّاس
قَلَائِل.
14 - (بابُ التَّعَرُّبِ فِي الفِتْنَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّعَرُّب بِفَتْح الْعين
الْمُهْملَة وَضم الرَّاء الْمُشَدّدَة وبالباء
الْمُوَحدَة وَهُوَ الْإِقَامَة بالبادية والتكلف فِي
صَيْرُورَته أَعْرَابِيًا، وَقيل: التَّعَرُّب السُّكْنَى
مَعَ الْأَعْرَاب، وَهُوَ أَن ينْتَقل المُهَاجر من
الْبَلَد الَّذِي هَاجر إِلَيْهِ فيسكن الْبَادِيَة فَيرجع
بعد هجرته أَعْرَابِيًا، وَكَانَ ذَلِك محرما إلاَّ أَن
يَأْذَن لَهُ الشَّارِع فِي ذَلِك، وَقَيده بالفتنة
إِشَارَة إِلَى مَا ورد من الْإِذْن فِي ذَلِك عِنْد
حُلُول الْفِتَن، وَوَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة: التعزب،
بالزاي وَبَينهمَا عُمُوم وخصوص. وَقَالَ صَاحب الْمطَالع
وجدته بِخَط البُخَارِيّ بالزاي، وأخشى أَن يكون وهما،
فَإِن صَحَّ فَمَعْنَاه: الْبعد والاعتزال.
7087 - حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعيدٍ، حَدثنَا حاتِمٌ عنْ
يَزِيدَ بنِ أبي عُبَيْدٍ، عنْ سَلَمَة بنِ الأكْوَعِ
أنَّهُ دَخَلَ عَلى الحَجَّاجِ، فَقَالَ: يَا ابنَ
الأكوَعِ ارْتَدَدْتَ عَلى عَقِبَيْكَ؟ تَعَرَّبْتَ؟
قَالَ: لَا، ولَكِنَّ رسولَ الله أذِنَ لي فِي البَدوِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وحاتم بِالْحَاء
الْمُهْملَة هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل الْكُوفِي، وَيزِيد من
الزِّيَادَة ابْن أبي عبيد بِضَم الْعين مولى سَلمَة بن
الْأَكْوَع.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي. وَالنَّسَائِيّ
فِي الْبيعَة كِلَاهُمَا عَن قُتَيْبَة كالبخاري. قَوْله:
على الْحجَّاج هُوَ ابْن يُوسُف الثَّقَفِيّ، وَذَلِكَ لما
ولي الْحجَّاج إمرة الْحجاز بعد قتل ابْن الزبير فَسَار من
مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، وَذَلِكَ فِي سنة أَربع
وَسبعين، وَقيل: إِن سَلمَة مَاتَ فِي آخر خلَافَة
مُعَاوِيَة سنة سِتِّينَ، وَلم يدْرك زمن إِمَارَة
الْحجَّاج. قَوْله: ارتددت على عقبيك كَأَنَّهُ أَشَارَ
بِهَذَا إِلَى مَا جَاءَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود أخرجه
النَّسَائِيّ مَرْفُوعا: لعن الله آكل الرِّبَا وموكله ...
الحَدِيث وَفِيه: وَالْمُرْتَدّ بعد هجرته إِلَى مَوْضِعه
من غير عذر يعدونه كالمرتد. قَوْله: قَالَ لَا، أَي: لم
أسكن الْبَادِيَة رُجُوعا عَن هجرتي. وَلَكِن
بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف. قَوْله: فِي البدو أَي: فِي
الْإِقَامَة فِيهِ، والبدو الْبَادِيَة.
وعنْ يَزِيدَ بنِ أبي عُبَيْدٍ قَالَ: لما قُتِلَ عُثْمانُ
بنُ عَفّانَ خَرَجَ سَلمَةُ بنُ الأكْوَعِ إِلَى
الرَّبَذةِ وتَزَوَّجَ هُناكَ امْرأةً وَوَلَدَتْ لهُ
أوْلاَداً، فَلَمْ يَزَلْ بِها حتَّى أقْبَل قَبْلَ أنْ
يَمُوتَ بِلَيالٍ فَنَزَلَ المَدِينَةَ.
هُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور. قَوْله: إِلَى الربذَة،
بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة والذال
الْمُعْجَمَة مَوضِع بالبادية بَين مَكَّة وَالْمَدينَة،
قَالَه بَعضهم. قلت: الربذَة هِيَ الَّتِي جعلهَا عمر،
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حمى لإبل الصَّدَقَة، وَهِي
بِالْقربِ من الْمَدِينَة على ثَلَاث مراحل مِنْهَا قريب
من ذَات عرق. قَوْله: فَلم يزل بهَا وَفِي رِوَايَة
الْكشميهني هُنَاكَ. قَوْله: فَنزل الْمَدِينَة هَكَذَا:
فَنزل بِالْفَاءِ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي،
وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا، نزل بِلَا فَاء، وَهَذَا يشْعر
بِأَن سَلمَة لم يمت بالبادية كَمَا جزم بِهِ يحيى بن عبد
الْوَهَّاب بن مندة فِي معرفَة الصَّحَابَة، وَقَالَ يحيى
بن بكير وَغَيره: مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة أَربع وَسبعين
وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة.
7088 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ، أخبرنَا مالِكٌ،
عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عبْدِ الله بنِ أبي
صَعْصَعَةَ، عنْ أبِيهِ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ،
رَضِي الله عَنهُ، أنَّه قَالَ: قَالَ رسولُ الله يُوشِكُ
أنْ يَكُونَ خَيْرَ مالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بهَا
سَعَفَ الْجبَال، ومَوَاقِعَ القَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ
مِنَ الفِتَنِ
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من آخر الحَدِيث، وَتقدم فِي
الْإِيمَان فِي: بَاب من الدّين الْفِرَار من الْفِتَن،
فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن
(24/197)
عبد الله بن سَلمَة عَن مَالك إِلَى آخر،
وَتقدم أَيْضا فِي: بَاب الْعُزْلَة من كتاب الرقَاق.
قَوْله: سعف الْجبَال بِالسِّين وَالْعين
الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالفاء: رَأس الْجَبَل وَأَعلاهُ.
قَوْله: ومواقع الْقطر أَي: الْمَطَر والمواقع جملَة
حَالية من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي: يتبع.
15 - (بابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الفِتَنِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّعَوُّذ من الْفِتَن،
قَالَ ابْن بطال: فِي مَشْرُوعِيَّة ذَلِك الرَّد على من
قَالَ: اسألوا الله الْفِتْنَة فَإِن فِيهَا حصاد
الْمُنَافِقين، وَزعم أَنه ورد فِي حَدِيث لَا يثبت رَفعه
بل الصَّحِيح خِلَافه، وَقد أخرج أَبُو نعيم من حَدِيث
عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِلَفْظ: لَا تكْرهُوا
الْفِتْنَة فِي آخر الزَّمَان فَإِنَّهَا تَعْبِير
الْمُنَافِقين، وَفِي سَنَده ضَعِيف ومجهول.
7089 - حدّثنا مُعاذُ بنُ فَضالَةَ، حَدثنَا هِشامٌ، عنْ
قَتَادَةَ، عنْ أنَسٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: سألُوا
النبيَّ حتَّى أحْفَوْهُ بالمَسألَةِ، فَصَعِدَ النبيُّ
ذَاتَ يَوْمٍ المِنْبَرَ فَقَالَ: لَا تسألُوني عنْ شَيءٍ
إلاّ بَيَّنْتُ لَكُمْ فَجَعَلْتُ أنْظُرُ يَمِيناً
وشِمالاً فإذَا كلُّ رجُلٍ لاثَ رَأسَهُ فِي ثَوْبِهِ
يَبْكِي، فأنْشأ رجُلٌ كانَ إذَا لاحَى يُدْعَى إِلَى
غَيْرِ أبِيهِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله منْ أبي؟
فَقَالَ: أبُوكَ حُذَافة، ثُمَّ أنْشأ عُمَرُ فَقَالَ:
رَضِينَا بِاللَّه ربّاً وبالإسْلاَمِ دِيناً وبِمُحَمَّدٍ
رَسُولا، نَعُوذُ بِاللَّه مِنْ سوءِ الفِتَنِ فَقَالَ
النبيُّ مَا رأيْتُ فِي الخَيْرِ والشَّرِّ كاليَوْمِ
قَطُّ، إنَّهُ صُوِّرَتْ لي الجنَّةُ والنّارُ حتَّى
رأيْتُهُما دُونَ الحائِطِ.
قَالَ قتادَةٌ يُذْكَرُ هاذَا الحَدِيثُ عِنْدَ هاذِهِ
الْآيَة: {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ
عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن
تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْءَانُ تُبْدَ
لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: نَعُوذ بِاللَّه من شَرّ
الْفِتَن ومعاذ بِضَم الْمِيم ابْن فضَالة بِفَتْح الْفَاء
وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة، وَهِشَام هُوَ
الدستوَائي. والْحَدِيث مضى فِي الدَّعْوَات عَن حَفْص بن
عمر.
قَوْله: حَتَّى أحفوه بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي: ألحوا
عَلَيْهِ فِي السُّؤَال وبالغوا. قَوْله: ذَات يَوْم
المنبروفي رِوَايَة الْكشميهني: على الْمِنْبَر. قَوْله:
لاث رَأسه هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني؛ وَفِي
رِوَايَة غَيره: فَإِذا كل رجل رَأسه فِي ثَوْبه، ولاث
بالثاء الْمُثَلَّثَة من اللوث وَهُوَ الطي وَالْجمع،
وَمِنْه: لثت الْعِمَامَة ألوثها لوثاً. قَوْله:
فَأَنْشَأَ رجل أَي: بَدَأَ بالْكلَام. قَوْله: كَانَ إِذا
لاحى بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي: إِذا جادل وَخَاصم يدعى
إِلَى غير أَبِيه يَعْنِي: يَقُولُونَ لَهُ يَا ابْن
فلَان، وَهُوَ خلاف أَبِيه. قَوْله: فَقَالَ: أَبوك حذافة
فِي رِوَايَة مُعْتَمر: سَمِعت أبي عَن قَتَادَة عِنْد
الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَاسم الرجل خَارِجَة، وَقيل: قيس بن
حذافة، وَقيل: الْمَعْرُوف أَن الْقَائِل عبد الله بن
حذافة أَخُو خَارِجَة. قَوْله: من سوء الْفِتَن بِضَم
السِّين وبالهمزة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: من شَرّ
الْفِتَن، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء.
قَوْله: صورت على صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي رِوَايَة
الْكشميهني: صورت لي قَوْله: دون الْحَائِط أَي: عِنْده.
قَوْله: قَالَ قَتَادَة: يذكر بِضَم الْيَاء وَسُكُون
الذَّال وَفتح الْكَاف، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني:
يذكر على صِيغَة الْمَعْلُوم، وَهَذَا أوجه.
7090 - وَقَالَ عبَّاسٌ النَّرْسِيُّ: حدّثنا يَزِيدُ بنُ
زُرَيْعٍ، حدّثنا سَعيدٌ، حدّثنا قَتادَةُ أنَّ أنسا
حدَّثَهُمْ أنَّ نبِيَّ الله بِهَذَا، وَقَالَ: كلُّ رجُلٍ
لافّاً رأسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، وَقَالَ: عائِذاً
بِاللَّه مِنْ سُوءِ الفِتَنِ، أوْ قَالَ: أعُوذُ بِاللَّه
مِنْ سوءِ الفِتَنِ.
عَبَّاس بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالسِّين الْمُهْملَة ابْن
الْوَلِيد بن نصر الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ النَّرْسِي
بِفَتْح النُّون وَسُكُون الرَّاء وبالسين الْمُهْملَة،
وَقَالَ الكلاباذي: نرس لقب جدهم كَانَ اسْمه نصرا فَقَالَ
لَهُ بعض النبط: نرس، بدل نصر فَبَقيَ لقباً عَلَيْهِ فنسب
وَلَده إِلَيْهِ، وَقيل: نهر من أَنهَار الْفُرَات بالعراق
يُقَال لَهُ نهر النرس تُضَاف إِلَيْهِ الثِّيَاب النرسية،
وَهُوَ يروي عَن يزِيد بن زُرَيْع مصغر زرع عَن سعيد بن
أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة ... إِلَى آخِره.
بِهَذَا أَي: بِهَذَا الحَدِيث الْمَاضِي، وَصله أَبُو
نعيم فِي
(24/198)
الْمُسْتَخْرج من رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد
الله بن رسته بِضَم الرَّاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة
وبالتاء الْمُثَنَّاة الْمَفْتُوحَة، قَالَ: حَدثنَا
الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بِهِ. قَوْله: وَقَالَ: كل رجل
أَي: قَالَ أنس: كل رجل كَانَ هُنَاكَ حَال كَونه لافاً
بتَشْديد الْفَاء رَأسه فِي ثَوْبه يبكي، ويروى: لاف،
وَهُوَ الْأَوْجه. وَقَوله: يبكي خبر: قَوْله: كل رجل
لِأَنَّهُ مُبْتَدأ، وَلما ألحوا على رَسُول الله فِي
الْمَسْأَلَة كره مسائلهم وَعز على الْمُسلمين الإلحاح
والتعنت عَلَيْهِ وتوقعوا نزُول عُقُوبَة الله عَلَيْهِم،
فبكوا خوفًا مِنْهَا، فَمثل الله تَعَالَى الْجنَّة
وَالنَّار لَهُ وَأرَاهُ كل مَا يسْأَله عَنهُ. قَوْله:
وَقَالَ أَي: كل رجل قَالَ: عائذاً بِاللَّه أَي: حَال
كَونه مستعيذاً بِاللَّه من سوء الْفِتَن. قَوْله: أَو
قَالَ: أعوذ بِاللَّه شكّ من الرَّاوِي، وَيحْتَمل أَن
يكون الشَّك بَين قَوْله: عائذاً بِاللَّه وَقَوله: أعوذ
بِاللَّه وَيحْتَمل أَن يكون بَين قَوْله: من سوء الْفِتَن
وَقَوله: من شَرّ الْفِتَن
7091 - وَقَالَ لي خَلِيفَةُ، حدّثنا يَزِيدُ بنُ
زُرَيْعٍ، حَدثنَا سعِيدٌ ومُعْتَمِرٌ عنْ أبِيهِ، عنْ
قتادَةَ: أنَّ أنسا حدَّثَهُمْ عنِ النبيِّ بِهاذَا،
وَقَالَ: عائِذاً بِاللَّه مِنْ شَرِّ الفِتَنِ.
أَي: قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ لي خَليفَة هُوَ ابْن خياط
بطرِيق المذاكرة عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد بن أبي
عرُوبَة ومعتمر بن سُلَيْمَان بن طرخان عَن قَتَادَة ...
إِلَى آخِره. قَوْله: بِهَذَا أَي بِالْحَدِيثِ
الْمَذْكُور، قَالَ عَائِذ بِاللَّه من شَرّ الْفِتَن
بالشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمُشَدّدَة.
16 - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
(الفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ المَشْرَقِ))
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي الْفِتْنَة من قبل
الْمشرق، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي:
من جِهَته.
7092 - حدّثني عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ، حدّثنا هِشامُ
بنُ يُوسُفَ، عنْ مَعْمرٍ، عنِ الزُّهْرِيِّ، عنْ سالِمٍ،
عنْ أبِيهِ عنِ النبيِّ أنّهُ قامَ إِلَى جَنْبِ
المِنْبَرِ فَقَالَ: الفِتْنَةُ هاهُنا الفِتْنَةُ هاهُنا
مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطانِ أوْ قَالَ قَرْنُ
الشَّمْسِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن مُحَمَّد
الْمَعْرُوف بالمسندي، وَمعمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد،
وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله يروي عَن أَبِيه عبد الله بن
عمر عَن النَّبِي
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْفِتَن عَن عبد بن
حميد عَن عبد الرَّزَّاق.
قَوْله: حَدثنِي عبد الله ويروى: حَدثنَا. قَوْله: قرن
الشَّيْطَان ذهب الدَّاودِيّ إِلَى أَن للشَّيْطَان قرنين
على الْحَقِيقَة، وَذكر الْهَرَوِيّ أَن قرنيه ناحيتي
رَأسه، وَقيل: هَذَا مثل أَي: حينئذٍ يَتَحَرَّك
الشَّيْطَان ويتسلط، وَقيل: الْقرن الْقُوَّة أَي: تطلع
حِين قُوَّة الشَّيْطَان، وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَى
الْمشرق لِأَن أَهله يومئذٍ كَانُوا أهل كفر فَأخْبر أَن
الْفِتْنَة تكون من تِلْكَ النَّاحِيَة وَكَذَلِكَ كَانَت
وَهِي وقْعَة الْجمل ووقعة صفّين، ثمَّ ظُهُور الْخَوَارِج
فِي أَرض نجد وَالْعراق وَمَا وَرَاءَهَا من الْمشرق،
وَكَانَت الْفِتْنَة الْكُبْرَى الَّتِي كَانَت مِفْتَاح
فَسَاد ذَات الْبَين قتل عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ، وَكَانَ يحذر من ذَلِك وَيعلم بِهِ قبل وُقُوعه،
وَذَلِكَ من دلالات نبوته قَوْله: أَو قرن الشَّمْس شكّ من
الرَّاوِي، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: قرن الشَّمْس
أَعْلَاهَا.
7093 - حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعيدٍ، حَدثنَا لَ يْثٌ،
عنْ نافِعٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا،
أنَّهُ سَمِعَ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ
مُسْتَقْبِلٌ المَشْرِقَ يَقُولُ ألاَ إنَّ الفِتْنَةَ
هاهُنا مِنْ حَيْثُ يَطلُعُ قَرْنُ الشَّيْطان.
هَذَا عَن عبد الله بن عمر أَيْضا أخرجه عَن قُتَيْبَة عَن
لَيْث بن سعيد إِلَى آخِره.
(24/199)
7094 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله،
حَدثنَا أزْهَرُ بن سَعْدٍ، عنِ ابنِ عَوْنِ، عنْ نافِعٍ،
عنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ النبيُّ اللَّهُمَّ باركْ
لَنا فِي شأمِنا، اللَّهُمَّ باركْ لَنا فِي يَمَنِنا
قالُوا: يَا رَسُول الله وَفِي نَجْدنا؟ قَالَ: اللَّهُمَّ
بارِكْ لَنا فِي شأمِنا اللَّهُمَّ بارِكْ لَنا فِي
يَمَنِنا قالُوا: يَا رَسُول الله وَفِي نَجْدِنا؟
فأظُنُّهُ قَالَ: فِي الثَّالِثَةِ: هُناكَ الزَّلازِلُ
والفِتَنُ وَبهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطانِ.
انْظُر الحَدِيث 1037
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَهُنَاكَ الزلازل
والفتن وَبهَا يطلع قرن الشَّيْطَان وَأَشَارَ بقوله:
هُنَاكَ إِلَى نجد، ونجد من الْمشرق قَالَ الْخطابِيّ: نجد
من جِهَة الْمشرق، وَمن كَانَ بِالْمَدِينَةِ كَانَ نجده
بادية الْعرَاق ونواحيها، وَهِي مشرق أهل الْمَدِينَة،
وأصل النجد مَا ارْتَفع من الأَرْض وَهُوَ خلاف الْغَوْر
فَإِنَّهُ مَا انخفض مِنْهَا، وتهامة كلهَا من الْغَوْر،
وَمَكَّة من تهَامَة الْيمن.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وأزهر بن سعد
السمان الْبَصْرِيّ يروي عَن عبد الله بن عون بالنُّون
ابْن أرطبان الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي الاسْتِسْقَاء عَن مُحَمَّد بن
الْمثنى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن بشر بن
آدم ابْن بنت أَزْهَر السمان عَن جده أَزْهَر بِهِ،
وَقَالَ: حسن صَحِيح غَرِيب، والفتن تبدو من الْمشرق وَمن
ناحيتها يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج والدجال، وَقَالَ كَعْب:
بهَا الدَّاء العضال وَهُوَ الْهَلَاك فِي الدّين، وَقَالَ
الْمُهلب: إِنَّمَا ترك الدُّعَاء لأهل الْمشرق ليضعفوا
عَن الشَّرّ الَّذِي هُوَ مَوْضُوع فِي جهتهم لاستيلاء
الشَّيْطَان بالفتن.
7095 - حدّثنا إسْحاقُ الوَاسِطِيُّ، حَدثنَا خَالِدٌ، عنْ
بَيانٍ، عنْ وبَرَةَ بنِ عبْدِ الرَّحْمانِ، عنْ سَعِيدِ
بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: خَرَجَ عَليْنا عبْدُ الله بنُ عُمَرَ
فَرَجَوْنا أَن يُحَدِّثَنا حَدِيثا حَسناً، قَالَ:
فَبادَرَ إلَيْهِ رجلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عبْدِ
الرَّحْمانِ حدِّثْنا عنِ القِتال فِي الفِتْنَةِ، وَالله
يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ
وَيَكُونَ الدِّينُ للَّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ
عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} {وَقَاتِلُوهُمْ
حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ
لِلهِ فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا
يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا
الْفِتْنَةُ ثَكِلَتْكَ أُمُّك؟ إنّما كانَ مُحَمَّدٌ
يُقاتِلُ المُشْرِكِينَ وكانَ الدُّخُولُ فِي دِينهِمْ
فِتْنَةً ولَيْسَ كَقِتالِكُمْ عَلى الملْكِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهَا الْفِتْنَة من
قبل الْمشرق، سَأَلُوا هُنَا عَن ابْن عمر أَن
يُحَدِّثهُمْ بِحَدِيث حسن فِيهِ ذكر الرَّحْمَة
فَحَدثهُمْ بِحَدِيث الْفِتْنَة.
وَإِسْحَاق هُوَ ابْن شاهين الوَاسِطِيّ يروي عَن خَالِد
بن عبد الله الطَّحَّان، وَوَقع فِي بعض النّسخ: خلف، بدل:
خَالِد، وَمَا أَظن صِحَّته، وَبَيَان بِفَتْح الْبَاء
الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْيَاء وَبعد الْألف نون بن بشر
بالشين الْمُعْجَمَة الأحمسي بالمهملتين، ووبرة بِفَتْح
الْوَاو وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء ابْن عبد الرحمان
الْحَارِثِيّ وَالْبَاء مَفْتُوحَة عِنْد الْجَمِيع وَبِه
جزم ابْن عبد الْبر، وَقَالَ عِيَاض: ضبطناه فِي مُسلم
بِسُكُون الْبَاء.
والْحَدِيث مضى فِي التَّفْسِير عَن أَحْمد بن يُونُس.
قَوْله: حَدِيثا حسنا أَي: حسن اللَّفْظ يَشْمَل على ذكر
الرَّحْمَة والرخصة. قَوْله: فبادرنا بِفَتْح الرَّاء فعل
ومفعول. وَقَوله: رجل فَاعله واسْمه حَكِيم. قَوْله:
إِلَيْهِ أَي: إِلَى ابْن عمر. قَوْله: فَقَالَ: يَا عبد
الرحمان أَصله: يَا أَبَا، فحذفت الْألف للتَّخْفِيف،
وَأَبُو عبد الرحمان كنية عبد الله بن عمر. قَوْله: وَالله
يَقُول يُرِيد الِاحْتِجَاج بِالْآيَةِ على مَشْرُوعِيَّة
الْقِتَال فِي الْفِتْنَة وَأَن فِيهَا الرَّد على من ترك
ذَلِك كَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَقَالَ
ابْن عمر ثكلتك أمك، بِكَسْر الْكَاف أَي: عدمتك أمك،
وَهُوَ وَإِن كَانَ على صُورَة الدُّعَاء عَلَيْهِ، لكنه
لَيْسَ مَقْصُودا وَقد مرت قصَّته فِي سُورَة الْبَقَرَة
وَهِي أَنه قيل لَهُ فِي فتْنَة ابْن الزبير، رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُمَا: مَا يمنعك أَن تخرج وَقَالَ تَعَالَى:
والفتنة هِيَ الْكفْر، وَكَانَ قتالنا على الْكفْر وقتالكم
على الْملك، أَي: فِي طلب الْملك، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى
مَا وَقع بَين مَرْوَان ثمَّ عبد الْملك ابْنه، وَبَين
ابْن الزبير وَمَا أشبه ذَلِك، وَكَانَ رَأْي عبد الله بن
عمر ترك الْقِتَال فِي الْفِتْنَة، وَلَو ظهر أَن إِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ محقة وَالْأُخْرَى مبطلة.
(24/200)
17 - (بابُ الفِتْنَةِ الّتي تَمُوجُ
كَمَوْجِ البَحْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْفِتْنَة الَّتِي تموج كموج
الْبَحْر، قيل: أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا أخرجه ابْن أبي
شيبَة من طَرِيق عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ، رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ: فِي هَذِه الْأمة خمس فتن، فَذكر
الْأَرْبَعَة، ثمَّ فتْنَة تموج كموج الْبَحْر وَهِي
الَّتِي يصبح النَّاس فِيهَا كَالْبَهَائِمِ أَي: لَا عقول
لَهُم.
وَقَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ عنْ خَلَفِ بنِ حَوْشَبٍ: كانُوا
يَسْتَحِبُّونَ أنْ يَتَمَثَّلُوا بِهاذِهِ الأبْياتِ
عِنْدَ الفِتَنِ، قَالَ امرُؤ القَيْسِ:
(الحَرْبُ أوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيّةً ... تَسْعَى
بِزِينَتها لِكُلِّ جَهُولِ)
(حتَّى إذَا اشْتَعَلَتْ وشَبَّ ضِرامُها ... ولّتْ
عَجُوزاً غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ)
(شَمْطاءَ يُنْكَرُ لَوْنُها، وتَغَيَّرَتْ ...
مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ والتَّقْبِيلِ)
أَي: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن خلف بِالْخَاءِ
وَاللَّام المفتوحتين ابْن حَوْشَب بِفَتْح الْحَاء
الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الشين الْمُعْجَمَة
وبالباء الْمُوَحدَة كَانَ من أهل الْكُوفَة، روى عَن
جمَاعَة من كبار التَّابِعين وَأدْركَ بعض الصَّحَابَة
لَكِن لَا يعلم رِوَايَته عَنْهُم، وَكَانَ عابداً من عباد
أهل الْكُوفَة وَثَّقَهُ الْعجلِيّ، وَقَالَ النَّسَائِيّ:
لَا بَأْس بِهِ، وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن عُيَيْنَة،
وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الْموضع،
قَوْله: كَانُوا أَي: السّلف. قَوْله: عِنْد الْفِتَن أَي:
عِنْد نُزُولهَا. قَوْله: قَالَ امْرُؤ الْقَيْس كَذَا
وَقع عِنْد أبي ذَر فِي نسخته، وَالْمَحْفُوظ أَن هَذِه
الأبيات لعَمْرو بن معد يكرب الزبيدِيّ، وَقد جزم بِهِ
الْمبرد فِي الْكَامِل وَتَعْلِيق سُفْيَان هَذَا وَصله
البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الصَّغِير عَن عبد الله بن
مُحَمَّد المسندي: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة. قَوْله:
فتية بِفَتْح الْفَاء وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق
وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف أَي: شَابة، وَيجوز فِيهِ
ضم الْفَاء بِالتَّصْغِيرِ، وَيجوز فِيهِ الرّفْع
وَالنّصب. وَأما الرّفْع فعلى أَنه خبر وَذَلِكَ أَن
الْحَرْب مُبْتَدأ وَأول مَا تكون بدل مِنْهُ وَمَا
مَصْدَرِيَّة وَتَكون تَامَّة تَقْدِيره: أول كَونهَا،
وفتية خبر الْمُبْتَدَأ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَجَاز
فِي: أول، وفتية، أَرْبَعَة أوجه: نصبهما ورفعهما، وَنصب
الأول وَرفع الثَّانِي، وَالْعَكْس. وَكَانَ، إِمَّا
نَاقِصَة وَإِمَّا تَامَّة، ثمَّ سكت وَلم يبين وَجه
ذَلِك. قلت: وَجه نصبهما أَن يكون الأول مَنْصُوبًا على
الظّرْف، وفتية مَرْفُوعا على الخبرية، وَتَكون نَاقِصَة،
وَالتَّقْدِير: الْحَرْب فِي أول حَالهَا فتية، وَوجه
الْعَكْس أَن يكون الأول مُبْتَدأ ثَانِيًا أَو بَدَلا من
الْحَرْب. وَيكون تَامَّة، وَقد خبط بَعضهم فِي هَذَا
الْمَكَان يعرفهُ من يقف عَلَيْهِ. قَوْله: بزينتها
بِكَسْر الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون،
وَرَوَاهُ سِيبَوَيْهٍ، ببزتها، بِالْبَاء الْمُوَحدَة
وَالزَّاي الْمُشَدّدَة، وَالْبزَّة اللبَاس الْجيد.
قَوْله: حَتَّى إِذا اشتعلت بشين مُعْجمَة وَعين مُهْملَة،
يُقَال: اشتعلت النَّار إِذا ارْتَفع لهيبها وَإِذا، يجوز
أَن يكون ظرفية وَيجوز أَن يكون شَرْطِيَّة وجوابها
قَوْله: ولت قَوْله: وشب بالشين الْمُعْجَمَة وَالْبَاء
الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة يُقَال: شبت الْحَرْب إِذا
اتقدت. قَوْله: ضرامها بِكَسْر الضَّاد الْمُعْجَمَة
وَهُوَ مَا اشتعل من الْحَطب. قَوْله: غير ذَات حليل
بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر اللَّام وَهُوَ
الزَّوْج، ويروى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ ظَاهر.
قَوْله: شَمْطَاء من شمط بالشين الْمُعْجَمَة اخْتِلَاط
الشّعْر الْأَبْيَض بالشعر الْأسود، وَيجوز فِي إعرابه
النصب على أَن يكون صفة لعجوز، وَيجوز فِيهِ الرّفْع على
أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هِيَ شَمْطَاء.
قَوْله: يُنكر على صِيغَة الْمَجْهُول. ولونها مَرْفُوع
بِهِ أَي: بدل حسنها بقبح، وَوَقع فِي رِوَايَة الْحميدِي
والسهيلي فِي الرَّوْض
شَمْطَاء جزت رَأسهَا
قَوْله: مَكْرُوهَة نصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي
فِي: تَغَيَّرت، وَالْمرَاد بالتمثيل بِهَذِهِ الأبيات
استحضار مَا شاهدوه وسمعوه من حَال الْفِتْنَة فَإِنَّهُم
يتذكرون بإنشادها ذَلِك فيصدهم عَن الدُّخُول فِيهَا
حَتَّى لَا يغتروا بِظَاهِر أمرهَا أَولا.
7096 - حدّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِياثٍ، حدّثنا أبي،
حدّثنا أبي، حدّثنا الأعْمَشُ، حدّثنا شَقِيقٌ سَمِعْتُ
(24/201)
حُذَيْفَةَ يَقُولُ: نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ
عُمَرَ إِذْ قَالَ: أيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النبيِّ فِي
الفِتْنَةِ؟ قَالَ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أهْلِهِ
ومالِهِ ووَلدِهِ وجارِهِ، يُكَفِّرُها الصَّلاةُ
والصَّدَقَةُ والأمرُ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهْيُ عَن
المُنْكَرِ قَالَ: لَيْسَ عنْ هاذا أسْألُكَ، ولاكنِ الّتي
تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْها
بأسٌ يَا أمِيرِ المُؤْمِنِينَ، إنَّ بَيْنَكَ وبَيْنها
بَابا مُغَلقاً. قَالَ عُمَرُ: أيُكْسَرُ البابُ أمْ
يُفْتَحُ؟ قَالَ: بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ عُمَرُ: إِذا لَا
يُغْلَقَ أبدا. قُلْتُ: أجَلْ. قُلْنا لحُذَيْفَةَ: أكانَ
عُمَرُ يَعْلَمُ البابَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أعْلَمُ
أنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً. وذالِكَ أنِّي حَدَّثْتُهُ
حَدِيثاً لَيْسَ بِالأغالِيطِ، فَهِبْنا أنْ نَسْألَهُ
مَنِ البابُ؟ فأمَرْنا مَسْرُوقاً فَسَألُهُ، فَقَالَ:
مَنِ البابُ؟ قَالَ: عُمَرُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعمر بن حَفْص يروي عَن
أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن
شَقِيق بن سَلمَة عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب الْمَوَاقِيت
مطولا، وَفِي الزَّكَاة عَن قُتَيْبَة عَن جرير، وَفِي
الصَّوْم عَن عَليّ بن عبد الله، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: لَيْسَ عَلَيْك وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:
عَلَيْكُم، بِالْجمعِ. قَوْله: بَيْنك وَبَينهَا بَابا
مغلقاً قيل: قَالَ هَذَا ثمَّ قَالَ آخرا: هُوَ الْبَاب،
وَأجِيب بِأَن المُرَاد بَين زَمَانك وحياتك وَبَينهَا أَو
الْبَاب بدل عمر وَهُوَ بَين الْفِتْنَة وَبَين نَفسه.
قَوْله: أيكسر الْبَاب أم يفتح؟ قَالَ ابْن بطال: أَشَارَ
بِالْكَسْرِ إِلَى قتل عمر وبالفتح إِلَى مَوته. وَقَالَ
عمر: إِذا كَانَ بِالْقَتْلِ فَلَا تسكن الْفِتْنَة أبدا.
قَوْله: كَمَا أعلم أَن دون غَد لَيْلَة أَي: علما
ضَرُورِيًّا. قَوْله: بالأغاليط جمع الأغلوطة وَهِي
الْكَلَام الَّذِي يغالط بِهِ ويغالط فِيهِ. قَوْله:
فَأمرنَا أَي: قُلْنَا أَو طلبنا.
وَفِيه: أَن الْأَمر لَا يشْتَرط فِيهِ الْعُلُوّ
والاستعلاء.
7097 - حدّثنا سَعيدُ بنُ أبي مَرْيَمَ، أخبرنَا مُحَمَّدُ
بنُ جَعْفَرٍ، عنْ شَريكٍ بنِ عَبْدِ الله، عنْ سَعِيدِ
بنِ المُسيَّبِ، عنْ أبي مُوساى الأشْعَرِيِّ قَالَ:
خَرَجَ النبيُّ يَوْماً إِلَى حائِطٍ مِنْ حَوائِطِ
المَدِينَةِ لِحاجَتِهِ، وخَرَجْتُ فِي إثْرِهِ، فَلمَّا
دَخَلَ الحائِطَ جَلَسْتُ عَلى بابِهِ، وقُلْتُ:
لأكُونَنَّ اليَوْم بَوَّابَ النبيِّ ولَمْ يَأمُرْنِي.
فَذَهَبَ النبيُّ وقَضاى حاجَتَهُ وجَلَسَ عَلى قُفِّ
البِئرِ فَكشَف عنْ ساقَيْهِ ودَلَّاهُما فِي البِئرِ،
فَجاءَ أبُو بَكْرٍ يَسْتَأذِنُ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ
فَقُلْتُ: كَمَا أنْتَ حتَّى أسْتَأذِنَ لَكَ، فَوَقَفَ
فَجِئْتُ إِلَى النبيِّ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ الله أبُو
بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ. قَالَ: ائْذَنْ لهُ
وبَشِّرْهُ بِالجَنَةِ فَدَخَلَ فَجاءَ عنْ يَمِينِ
النبيِّ فَكَشَفَ عنْ ساقَيْهِ ودَلَّاهُما فِي البِئْرِ.
فَجاءَ عُمَرُ فَقُلْتُ: كَمَا أنْتَ حتَّى أسْتَأْذِنَ
لَكَ، فَقَالَ النبيُّ ائْذَنْ لهُ وبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ
فجاءَ عنْ يَسارِ النبيِّ فَكَشَفَ عنْ ساقَيْه فَدلاهُما
فِي البِئر فامْتَلأ القُفُّ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ
مَجْلِسٌ، ثُمَّ جاءَ عثْمانُ فَقُلْتُ: كَمَا أنْتَ حتَّى
استَأذْنِ لَكَ، فَقَالَ النبيُّ ائْذَنْ لهُ وبشَرِّهُ
بِالجَنَّةِ مَعَهَا بَلاءٌ يُصِيبُهُ فَدَخَلَ فَلَمْ
يَجِدْ مَعَهُمْ مَجْلساً فَتَحَوَّلَ حتَّى جاءَ
مُقابِلَهُمْ عَلى شَفَةِ البِئرِ، فَكَشَفَ عنْ ساقَيْهِ
ثُمَّ دَلاَّهُما فِي البِئْرِ، فَجَعَلْتُ أتَمَنَّى أَخا
لي وأدْعُو الله أنْ يأتِيَ.
قَالَ ابنُ المُسَيَّبِ: فَتأوَّلْتُ ذالِكَ قُبُورَهُمُ
اجْتَمَعَتْ هاهُنا وانْفَرَدَ عُثْمانُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: وبشره
بِالْجنَّةِ مَعهَا بلَاء يُصِيبهُ وَهَذَا من جملَة
الْفِتَن الَّتِي تموج كموج الْبَحْر، وَلِهَذَا خصّه
(24/202)
بالبلاء وَلم يذكر مَا جرى على عمر، رَضِي
الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَنَّهُ لم يمْتَحن مثل مَا امتحن
عُثْمَان من التسلط عَلَيْهِ ومطالبة خلع الْإِمَامَة
وَالدُّخُول على حرمه وَنسبَة القبائح إِلَيْهِ.
وَشريك بن عبد الله هُوَ ابْن أبي نمر وَلم يخرج
البُخَارِيّ عَن شريك بن عبد الله النَّخعِيّ القَاضِي
شَيْئا.
والْحَدِيث مضى فِي فضل أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ، عَن مُحَمَّد وَكسر الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر
الْحُرُوف، وبالسين الْمُهْملَة. قَوْله: وَلم يَأْمُرنِي
يَعْنِي: بِأَن أعمل بواباً، وَقَالَ الدَّاودِيّ فِي
الرِّوَايَة الْأُخْرَى أَمرنِي بِحِفْظ الْبَاب وَهُوَ
اخْتِلَاف وَلَيْسَ الْمَحْفُوظ إلاَّ أَحدهمَا ورد
عَلَيْهِ بِإِمْكَان الْجمع بِأَنَّهُ فعل ذَلِك ابْتِدَاء
من قبل نَفسه، فَلَمَّا اسْتَأْذن أَولا لأبي بكر وَكَانَ
كشف عَن سَاقيه أمره بِحِفْظ الْبَاب. قَوْله: على قف
الْبِئْر وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَجلسَ فِي قف
الْبِئْر، والقف مَا ارْتَفع من متن الأَرْض، وَقَالَ
الدَّاودِيّ مَا حول الْبِئْر، وَقَالَ الْكرْمَانِي: القف
بِضَم الْقَاف وَهُوَ الْبناء حول الْبِئْر وَحجر فِي
وَسطهَا وشفيرها ومصبها. قَوْله: ودلاهما أَي: أرسلهما
فِيهَا. قَوْله: كَمَا أَنْت أَي: قف واثبت كَمَا أَنْت
عَلَيْهِ. قَوْله: مَعهَا بلَاء هُوَ البلية الَّتِي صَار
بهَا شَهِيد الدَّار. قَوْله: مقابلهم اسْم مَكَان فتحا،
وَاسم فَاعل كسراً. قَوْله: فتأولت وَفِي رِوَايَة
الْكشميهني: فأولت، أَي: فسرت ذَلِك بقبورهم، وَذَلِكَ من
جِهَة كَونهمَا مصاحبين لَهُ مُجْتَمعين عِنْد الحضرة
الْمُبَارَكَة الَّتِي هِيَ أشرف الْبِقَاع على وَجه
الأَرْض، لَا من جِهَة أَن أَحدهمَا عَن الْيَمين وَالْآخر
عَن الْيَسَار. قَوْله: وَانْفَرَدَ عُثْمَان يَعْنِي: لم
يدْفن مَعَهُمَا وَدفن فِي البقيع.
حدّثني بِشْرُ بنُ خالِدٍ، أخبرنَا مُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرٍ، عنْ شُعْبَةَ، عنْ سُلَيْمانَ سَمِعْتُ أَبَا
وائِلٍ قَالَ: قِيلَ لأسامَةَ: أَلا تُكلِّمُ هاذا؟ قَالَ:
قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أنْ أفْتَحَ بَابا أكُونُ
أوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ، وَمَا أَنا بِالّذِي أقُولُ
لِرَجُلٍ بَعْدَ أَن يَكُونَ أمِيراً عَلى رَجُلَيْنِ:
أنْتَ خَيْرٌ، بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رسولِ الله
يَقُولُ يُجاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِي النَّارِ
فَيطْحَنُ فِيها كَطَحْنِ الحِمارِ برَحاهُ، فَيُطِيفُ
بِهِ أهْلُ النَّارِ فَيَقُولونَ: أيْ فُلانُ؟ ألسْتَ
كُنْتَ تَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وتَنْهاى عَن المُنْكَرِ؟
فَيَقُولُ: إنِّي كُنْتُ آمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلَا
أفْعَلُهُ، وأنْهاى عَن المُنْكَرِ وأفْعَلُهُ.
انْظُر الحَدِيث 3267
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ بالتعسف من كَلَام
أُسَامَة وَهُوَ أَنه لم يرد فتح الْبَاب بالمجاهرة
بالتنكير على الإِمَام لما يخْشَى من عَاقِبَة ذَلِك من
كَونه فتْنَة رُبمَا تؤول إِلَى أَن تموج كموج الْبَحْر.
وَبشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين
الْمُعْجَمَة، ابْن خَالِد الْيَشْكُرِي وَسليمَان هُوَ
الْأَعْمَش، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَأُسَامَة
هُوَ ابْن زيد حب رَسُول الله
والْحَدِيث مضى فِي صفة النَّار عَن عَليّ بن عبد الله.
وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن يحيى بن يحيى وَغَيره.
قَوْله: قيل لأسامة: ألاَّ تكلم هَذَا لم يبين هُنَا من
هُوَ الْقَائِل لأسامة: أَلا تكلم هَذَا، وَلَا الْمشَار
إِلَيْهِ بقوله: هَذَا، من هُوَ، وَقد بَين فِي رِوَايَة
مُسلم قيل لَهُ: أَلا تدخل على عُثْمَان، رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ، وتكلمه فِي شَأْن الْوَلِيد بن عقبَة
وَمَا ظهر مِنْهُ من شرب الْخمر؟ وَقَالَ الْكرْمَانِي:
أَلا تكلم فِيمَا يَقع بَين النَّاس من الْغَيْبَة
وَالسَّعْي فِي إطفاء إثارتها؟ . قَوْله: قَالَ: قد كَلمته
مَا دون أَن أفتح بَابا أَي: كَلمته شَيْئا دون أَن أفتح
بَابا من أَبْوَاب الْفِتَن، أَي: كَلمته على سَبِيل
الْمصلحَة وَالْأَدب والسر دون أَن يكون فِيهِ تهييج
للفتنة وَنَحْوهَا، وَكلمَة: مَا، مَوْصُوفَة. قَوْله:
أكون أول من يَفْتَحهُ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أول من
فَتحه، بِصِيغَة الْمَاضِي. قَوْله: وَأَنت خير فِي
رِوَايَة الْكشميهني: ائْتِ خيرا، بِكَسْر الْهمزَة
وَالتَّاء بِصِيغَة الْأَمر من الإيتاء، وَخيرا بِالنّصب
على المفعولية. قَوْله: يجاء بِرَجُل على صِيغَة
الْمَجْهُول. وَكَذَلِكَ فيطرح قَوْله: فيطحن على بِنَاء
الْمَعْلُوم. قَوْله: كطحن الْحمار وَفِي رِوَايَة
الْكشميهني: كَمَا يطحن. قَوْله: فيطيف بِهِ أهل النَّار
أَي: يَجْتَمعُونَ حوله، يُقَال: أطاف بِهِ الْقَوْم إِذا
حَلقُوا حوله حَلقَة. قَوْله: أَي فلَان يَعْنِي:
(24/203)
يَا فلَان. فَإِن قلت: مَا مُنَاسبَة ذكر
أُسَامَة هَذَا الحَدِيث هُنَا؟ . قلت: ذكره ليتبرأ مِمَّا
ظنُّوا بِهِ من سُكُوته عَن عُثْمَان فِي أَخِيه، وَقَالَ:
قد كَلمته سرا دون أَن أفتح بَاب الْإِنْكَار على
الْأَئِمَّة عَلَانيَة خشيَة أَن تفترق الْكَلِمَة، ثمَّ
عرفهم بِأَنَّهُ لَا يداهن أحدا وَلَو كَانَ أَمِيرا بل
ينصح لَهُ فِي السِّرّ جهده.
18 - (بابٌ)
كَذَا وَقع لفظ بَاب من غير تَرْجَمَة وَسقط لِابْنِ بطال،
وَقد ذكرنَا غير مرّة أَن هَذَا كالفصل للْكتاب وَلَا يعرب
إلاَّ إِذا قُلْنَا: هَذَا بَاب، لِأَن الْإِعْرَاب لَا
يكون إلاَّ فِي الْمركب.
7099 - حدّثنا عُثْمانُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنا عَوْفٌ
عنِ الحَسَنِ عنْ أبي بَكْرَةَ قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي
الله بِكَلِمَةٍ أيَّامَ الجَمَلِ، لمّا بَلَغَ النبيَّ
أنَّ فارِساً مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى، قَالَ: لَنْ
يُفْلِحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمُ امَرأةً.
انْظُر الحَدِيث 4425
مطابقته للْكتاب من حَيْثُ إِن أَيَّام الْجمل كَانَت
فتْنَة شَدِيدَة ووقعتها مَشْهُورَة كَانَت بَين عَليّ
وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَسميت:
وقْعَة الْجمل، لِأَن عَائِشَة كَانَت على جمل.
وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون
الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة،
وعَوْف هُوَ الْأَعرَابِي، وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ.
كلهم بصريون.
والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي.
قَوْله: لقد نَفَعَنِي الله أخرج التِّرْمِذِيّ
وَالنَّسَائِيّ عَن أبي بكرَة بِلَفْظ: عصمني الله بِشَيْء
سمعته من رَسُول الله قَوْله: إِن فَارِسًا مَصْرُوف فِي
النّسخ، وَقَالَ ابْن مَالك: الصَّوَاب عدم الصّرْف.
وَقَالَ الْكرْمَانِي: يُطلق على الْفرس وعَلى بِلَادهمْ،
فعلى الأولى يجب الصّرْف إلاَّ أَن يُقَال: المُرَاد
الْقَبِيلَة، وعَلى الثَّانِي جَازَ الْأَمْرَانِ. قَوْله:
ابْنه كسْرَى كسْرَى هَذَا شيرويه بن إبرويز بن هُرْمُز،
وَقَالَ الْكرْمَانِي: كسْرَى بِكَسْر الْكَاف وَفتحهَا
ابْن قباذ بِضَم الْقَاف وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة،
وَاسم ابْنَته بوران بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء
وَالنُّون، وَكَانَت مُدَّة ملكهَا سنة وَسِتَّة أشهر.
قَوْله: لن يفلح قوم ولوا أَمرهم امْرَأَة قوم مَرْفُوع
لِأَنَّهُ فَاعل: لن يفلح، وَامْرَأَة نصب على المفعولية،
وَفِي رِوَايَة حميد: ولي أَمرهم امْرَأَة، بِالرَّفْع
لِأَنَّهُ فَاعل: ولي، وَأمرهمْ بِالنّصب على المفعولية.
وَاحْتج بِهِ من منع قَضَاء الْمَرْأَة، وَهُوَ قَول
الْجُمْهُور، وَخَالف الطَّبَرِيّ فَقَالَ: يجوز أَن
تَقْتَضِي فِيمَا تقبل شهادتها فِيهِ، وَأطلق بعض
الْمَالِكِيَّة الْجَوَاز.
7100 - حدّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ، حَدثنَا يحْياى
بنُ آدَمَ، حَدثنَا أبُو بَكْرِ بنُ عَيَّاشٍ، حَدثنَا
أبُو حَصِينٍ، حَدثنَا أبُو مَرْيَمَ عبْدُ الله بنُ زِياد
الأسَدِيُّ قَالَ: لمّا صارَ طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ
وعائِشَةُ إِلَى البَصْرَةِ بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارَ بنَ
ياسِرٍ وحَسَنَ بنَ عَلِيَ فَقَدِما عَلَيْنا الكُوفَةَ،
فَصَعِدَ المِنْبَرَ فَكَانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيَ فَوْقَ
المِنْبَرِ فِي أعْلاَهُ، وقامَ عَمَّارٌ أسْفَلَ مِنَ
الحَسَنِ فاجْتَمَعْنا إلَيْهِ، فَسَمِعْتُ عَمَّاراً
يَقُولُ: إنَّ عائِشَةَ قَدْ سارَتْ إِلَى البِصْرَةِ
وَوَاللَّه إنَّها لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ فِي الدُّنْيا
والآخِرَةِ، ولاكِنَّ الله تَباركَ وَتَعَالَى
ابْتَلاَكُمْ لِيَعْلَمَ إيَّاهُ تَطِيعُونَ أمْ هِيَ.
انْظُر الحَدِيث 3772 وطرفه
هَذَا مُطَابق للْحَدِيث السَّابِق من حَيْثُ الْمَعْنى،
فالمطابق للمطابق للشَّيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء.
وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وَيحيى بن
آدم بن سُلَيْمَان الْكُوفِي صَاحب الثَّوْريّ، وَأَبُو
بكر بن عَيَّاش بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد
الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة الْمقري،
وَأَبُو حُصَيْن بِفَتْح الْحَاء وَكسر الصَّاد
الْمُهْمَلَتَيْنِ اسْمه عُثْمَان بن عَاصِم الْأَسدي،
وَأَبُو مَرْيَم عبد الله بن زِيَاد بِكَسْر الزَّاي
وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف الْأَسدي الْكُوفِي،
وَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَمَا لَهُ فِي
البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث.
(24/204)
قَوْله: لما سَار طَلْحَة هُوَ ابْن عبيد
الله أحد الْعشْرَة وَالزُّبَيْر هُوَ ابْن الْعَوام أحد
الْعشْرَة، وَعَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُم، وأصل ذَلِك أَن عَائِشَة كَانَت
بِمَكَّة لما قتل عُثْمَان وَلما بلغَهَا الْخَبَر قَامَت
فِي النَّاس تحضهم على الْقيام بِطَلَب دم عُثْمَان،
وطاوعوها على ذَلِك وَاتفقَ رَأْيهمْ فِي التَّوَجُّه
إِلَى الْبَصْرَة ثمَّ خَرجُوا فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ
فِي ألف من الفرسان من أهل مَكَّة وَالْمَدينَة، وتلاحق
بهم آخَرُونَ فصاروا إِلَى ثَلَاثِينَ ألفا، وَكَانَت
عَائِشَة على جمل اسْمه عَسْكَر اشْتَرَاهُ يعلى بن
أُميَّة رجل من عرينة بِمِائَتي دِينَار فَدفعهُ إِلَى
عَائِشَة، وَكَانَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ،
بِالْمَدِينَةِ وَلما بلغه الْخَبَر خرج فِي أَرْبَعَة
الآف فيهم أَرْبَعمِائَة مِمَّن بَايعُوا تَحت الشَّجَرَة
وَثَمَانمِائَة من الْأَنْصَار، وَهُوَ الَّذِي ذكره
البُخَارِيّ: بعث عَليّ عمار بن يَاسر وَابْنه الْحسن
فَقدما الْكُوفَة فصعدا الْمِنْبَر يَعْنِي عماراً
وَالْحسن صعدا مِنْبَر جَامع الْكُوفَة، فَكَانَ الْحسن بن
عَليّ فَوق الْمِنْبَر لِأَنَّهُ ابْن الْخَلِيفَة وَابْن
بنت رَسُول الله صلى الله تَعَالَى وَآله وَسلم. قَوْله:
فَسمِعت عماراً الْقَائِل أَبُو مَرْيَم الرَّاوِي يَقُول:
سَمِعت عماراً يَقُول: إِن عَائِشَة قد سَارَتْ إِلَى
الْبَصْرَة، وَالله إِنَّهَا لزوجة نَبِيكُم فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أَرَادَ بذلك عمار، رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ، أَن الصَّوَاب مَعَ عَليّ، وَإِن صدرت
هَذِه الْحَرَكَة عَن عَائِشَة فَإِنَّهَا بذلك لم تخرج
عَن الْإِسْلَام وَلَا عَن كَونهَا زَوْجَة النَّبِي فِي
الْجنَّة، وَلَكِن الله ابتلاكم ليعلم على صِيغَة
الْمَجْهُول أَي: ليميز. قَوْله: إِيَّاه الضَّمِير يرجع
إِلَى عَليّ. قَوْله: أم هِيَ أَي: أم تطيعون هِيَ،
يَعْنِي: عَائِشَة وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة من
طَرِيق بشر بن عَطِيَّة عَن عبد الله بن زِيَاد قَالَ:
قَالَ عمار: إِن أمنا سَارَتْ مسيرها هَذَا وَإِنَّهَا
وَالله زوج مُحَمَّد فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَلَكِن
الله ابتلانا بهَا ليعلم إِيَّاه نطيع أَو إِيَّاهَا.
انْتهى. إِنَّمَا قَالَ هِيَ، وَكَانَ الْمُنَاسب أَن
يَقُول إِيَّاهَا، لِأَن الضمائر يقوم بَعْضهَا مقَام
الْبَعْض، وَالَّذِي يفهم من كَلَام الشُّرَّاح أَن
قَوْله: ليعلم، على بِنَاء الْمَعْلُوم فَلذَلِك قَالَ
الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: إِن الله تَعَالَى عَالم أبدا
وأزلاً وَمَا هُوَ كَائِن وسيكون. قلت: المُرَاد بِهِ
الْعلم الوقوعي أَو تعلق الْعلم أَو إِطْلَاقه على سَبِيل
الْمجَاز عَن التَّمْيِيز، لِأَن التَّمْيِيز لَازم
للْعلم. انْتهى. ثمَّ إِن وُقُوع الْحَرْب بَين
الطَّائِفَتَيْنِ كَانَ فِي النّصْف من جُمَادَى الْآخِرَة
سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، وَلما توَاثب الْفَرِيقَانِ بعد
استقرارهم فِي الْبَصْرَة، وَقد كَانَ مَعَ عَليّ نَحْو
عشْرين ألفا وَمَعَ عَائِشَة نَحْو ثَلَاثِينَ ألفا كَانَت
الْغَلَبَة لعسكر عَليّ. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: مَا شوهدت
وقْعَة مثلهَا فني فِيهَا الكماة، من فرسَان مُضر، فهرب
ابْن الزبير فَقتل بوادي السبَاع وَجَاء طَلْحَة سهم غرب
فَحَمَلُوهُ إِلَى الْبَصْرَة وَمَات، وَحكى سيف عَن
مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا: كَانَ قَتْلَى الْجمل عشرَة
آلَاف نصفهم من أَصْحَاب عَليّ ونصفهم من أَصْحَاب
عَائِشَة، وَقيل: قتل من أَصْحَاب عَائِشَة ثَمَانِيَة
آلَاف وَقيل ثَلَاثَة عشر ألفا وَمن أَصْحَاب عَليّ ألف،
وَقيل: من أهل الْبَصْرَة عشرَة آلَاف وَمن أهل الْكُوفَة
خَمْسَة آلَاف، وَقيل: سَبْعُونَ شَيخا من بني عدي كلهم
قراء الْقُرْآن سوى الشَّبَاب.
(بَاب)
للإسماعيلي وَسقط فِي رِوَايَة البَاقِينَ لِأَن فِيهِ
الحَدِيث الَّذِي قبله، وَإِن كَانَ فِيهِ زِيَادَة فِي
الْقِصَّة.
7101 - حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ، حَدثنَا ابنُ أبي غَنِيَّةَ،
عنِ الحَكَمِ، عنْ أبي وائلٍ: قامَ عَمَّارٌ عَلى منْبَرِ
الكُوفَةِ فَذَكَرَ عائشةَ وذَكَرَ مَسِيرَها وَقَالَ:
إنَّها زَوْجَةُ نَبيِّكمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَة،
ولاكِنّها مِمَّا ابْتُلِيتُمْ.
انْظُر الحَدِيث 3772 وطرفه
أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن وَابْن أبي غنية بِفَتْح
الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر النُّون وَتَشْديد الْيَاء
آخر الْحُرُوف وَهُوَ عبد الْملك بن حميد الْكُوفِي أَصله
من أصفهان وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا
الحَدِيث، وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ ابْن عتيبة مصغر
عتبَة الدَّار وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة.
قَوْله: قَامَ عمار على مِنْبَر الْكُوفَة هَذَا طرف من
الحَدِيث الَّذِي قبله، وَأَرَادَ البُخَارِيّ بإيراده
(24/205)
تَقْوِيَة حَدِيث أبي مَرْيَم لكَونه
مِمَّا انْفَرد بِهِ أَبُو حُصَيْن. وَلكنهَا أَي: وَلَكِن
عَائِشَة. قَوْله: مِمَّا ابتليتم على صِيغَة الْمَجْهُول
أَي: امتحنتم بهَا.
7102 -، 7103، 7104 حدّثنا بَدَلُ بنُ المُحَبَّرِ،
حَدثنَا شُعْبَةُ، أَخْبرنِي عَمْرٌ و، سَمِعْتُ أَبَا
وائِلٍ يَقُولُ: دخَلَ أبُو مُوسَى وأبُو مَسْعُودٍ عَلى
عَمَّارٍ حَيْث بَعَثَهُ عَلِيٌّ إِلَى أهْلِ الكُوفَةِ
يَسْتَنْفِرُهُمْ، فَقَالَا: مَا رأيْناكَ أتَيْتَ أمْراً
أكْرَهَ عِنْدَنَا مِنْ إسْراعِكَ فِي هاذَا الأمْرِ
مُنْذُ أسْلَمْتَ. فَقَالَ عَمَّارٌ: مَا رَأيْتُ مِنْكُما
مُنذ أسْلَمْتُما أمْراً أكْرَهَ عِنْدِي مِنْ إبْطائِكُما
عنْ هاذا الأمْرِ، وكَساهُما حُلَّةً، حُلَّةً، ثُمَّ
راحُوا إِلَى المَسْجِدِ.
الحَدِيث 7102 طرفه فِي: 7106 0 الحَدِيث 7103 طرفه فِي:
7105 0 الحَدِيث 7104 طرفه فِي: 7107
بدل بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالدَّال الْمُهْملَة
ابْن المحبر بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة
وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء من التحبير
الْيَرْبُوعي الْبَصْرِيّ، وَقيل: الوَاسِطِيّ، وَهُوَ من
أَفْرَاده، وَعَمْرو هُوَ ابْن مرّة بِضَم الْمِيم
وَتَشْديد الرَّاء، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة،
وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس، وَأَبُو
مَسْعُود عقبَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف
وبالباء الْمُوَحدَة ابْن عَامر البدري الْأنْصَارِيّ.
قَوْله: حَيْثُ بَعثه عَليّ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:
حِين بَعثه. قَوْله: يستنفرهم أَي: يطْلب مِنْهُم
الْخُرُوج لعَلي على عَائِشَة، وَفِي رِوَايَة
الْإِسْمَاعِيلِيّ: يستنفر أهل الْكُوفَة على أهل
الْبَصْرَة. قَوْله: فَقَالَا أَي: أَبُو مُوسَى وَأَبُو
مَسْعُود. قَوْله: مَا رَأَيْنَاك الْخطاب لعمَّار، وَجعل
كل مِنْهُم الإبطاء والإسراع عَيْبا بِالنِّسْبَةِ لما
يَعْتَقِدهُ، وَالْبَاقِي ظَاهر. قَوْله: وكساهما أَي: كسى
أَبُو مَسْعُود، وَالدَّلِيل على أَن الَّذِي كسى أَبُو
مَسْعُود ماصرح بِهِ فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة، وَإِن
كَانَ الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي: كساهما هَاهُنَا
مُحْتملا. قَوْله: وَكَانَ أَبُو مَسْعُود مُوسِرًا
جواداً، وَقَالَ ابْن بطال: كَانَ اجْتِمَاعهم عِنْد أبي
مَسْعُود فِي يَوْم الْجُمُعَة، فكسى عماراً حلَّة ليشهد
بهَا الْجُمُعَة لِأَنَّهُ كَانَ فِي ثِيَاب السّفر وهيئة
الْحَرْب، فكره أَن يشْهد الْجُمُعَة فِي تِلْكَ
الثِّيَاب، وَكره أَن يكسوه بِحَضْرَة أبي مُوسَى وَلَا
يكسو أَبَا مُوسَى، فكسى أَبَا مُوسَى أَيْضا، والحلة اسْم
لثوبين من أَي ثوب كَانَ إزاراً ورداء. قَوْله: ثمَّ راحوا
إِلَى الْمَسْجِد أَي: ثمَّ رَاح عمار وَأَبُو مُوسَى
وَعقبَة إِلَى مَسْجِد الْجَامِع بِالْكُوفَةِ.
7105 -، 7106، 7107 حدّثنا عَبْدانُ، عنْ أبي حَمْزَةَ،
عَن الأعْمَشِ، عنْ شَقِيقِ بنِ سَلَمَة قَالَ: كُنْتُ
جالِساً مَعَ أبي مَسْعُودٍ وَأبي مُوسَى وعَمَّارٍ،
فَقَالَ أبُو مَسْعُود: مَا مِنْ أصْحابِكَ أحَدٌ إلاَّ
لوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فِيهِ غَيْرَكَ، وَمَا رَأيْتُ مِنْكَ
شَيئاً مُنْذُ صَحِبْتَ النبيَّ أعْيَبَ عِنْدِي مِنْ
اسْتِسْراعِكَ فِي هاذا الأمْرِ. قَالَ عَمَّارٌ: يَا
أَبَا مَسْعُودٍ وَمَا رَأيْتُ مِنْكَ وَلَا مِنْ صاحِبَكَ
هاذا شَيْئاً مُنْذُ صَحِبْتُما النبيَّ أعْيَبَ عِنْدِي
مِن إبْطائِكُما فِي هاذا الأمْرِ، فَقَالَ أبُو مَسْعُودٍ
وَكَانَ مُوسِراً يَا غُلامُ هاتٍ حُلَّتَيْنِ، فأعْطاى
إحْداهُما أَبَا مُوساى والأُخْراى عَمَّاراً، وَقَالَ:
رُوحا فِيهِ إِلَى الجُمعَةِ.
انْظُر الْأَحَادِيث: 7102 و 7103 و 7104
عَبْدَانِ لقب عبد الله بن عُثْمَان، وَأَبُو حَمْزَة
بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي مُحَمَّد بن مَيْمُون،
وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وشقيق بن سَلمَة أَبُو وَائِل.
قَوْله: لَقلت فِيهِ أَي: لقدحت فِيهِ بِوَجْه من
الْوُجُوه. قَوْله: أعيب أفعل التَّفْضِيل من الْعَيْب،
وَفِيه رد على النُّحَاة حَيْثُ قَالُوا: أفعل التَّفْضِيل
من الألوان والعيوب لَا يسْتَعْمل من لَفظه، قَالَ
الْكرْمَانِي: الإبطاء فِيهِ كَيفَ يكون عَيْبا؟ . قلت:
لِأَنَّهُ تَأَخّر عَن مُقْتَضى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُواْ
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
19 - (بابٌ إِذا أنْزَلَ الله بِقَوْمٍ عَذاباً)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا أنزل الله بِقوم عذَابا،
وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف اكْتفى بِهِ بِمَا ذكر فِي
الحَدِيث.
7108 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ عُثْمانَ، أخبرنَا عَبْدُ
الله، أخبرنَا يُونُسُ، عَن الزُّهْرِيِّ أَخْبرنِي
حَمْزَةُ
(24/206)
بنُ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ أنَّهُ سَمِعَ
ابنَ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَالَ رسولُ
الله إِذا أنْزَلَ الله بِقَوْمٍ عذَابا أصابَ العَذابُ
مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلى أعْمالِهِمْ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن عُثْمَان
هُوَ عَبْدَانِ الْمَذْكُور فِيمَا قبل الْبَاب، وَعبد
الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَيُونُس هُوَ ابْن
يزِيد، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم، وَحَمْزَة بن عبد
الله يروي عَن أَبِيه عبد الله بن عمر بن الْخطاب.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي صفة النَّار عَن حَرْمَلَة.
قَوْله: من كَانَ فيهم كلمة: مَن من صِيغ الْعُمُوم
يَعْنِي: يُصِيب الصَّالِحين مِنْهُم أَيْضا، لَكِن يبعثون
يَوْم الْقِيَامَة على حسب أَعْمَالهم فيثاب الصَّالح بذلك
لِأَنَّهُ كَانَ تمحيصاً لَهُ، ويعاقب غَيره.
20 - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لِلْحَسَنِ بنِ عَلِيَ: (إنَّ ابْني هَذا لَسَيِّدٌ،
ولَعَلَّ الله أنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ
المُسْلِمِينَ))
أَي: هَذَا بَاب قَول النَّبِي الخ قَوْله: لسَيِّد
اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد. وَفِي رِوَايَة الْمروزِي
والكشميهني: سيد، بِغَيْر لَام.
7109 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا سُفْيانُ،
حدّثنا إسْرائِيلُ أبُو مُوساى ولَقِيتُهُ بِالكُوفَةِ
وجاءَ إِلَى ابنِ شُبْرُمَةَ: فَقَالَ: أدْخِلْني عَلى
عِيساى فأعِظَهُ، فَكأنَّ ابنَ شُبْرُمَةَ خافَ عليْهِ
فَلَمْ يَفْعَلْ قَالَ: حدّثنا الحَسَنُ قَالَ: لَمَّا
سارَ الحَسَنُ بنُ عَلِيَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، إِلَى
مُعاوِيَةَ بالكَتائِبِ قَالَ عَمْرُو بنُ العاصِ
لِمُعاوِيَةَ: أراى كَتِيبَةً لَا تُوَلِّي حتَّى تُدْبِر
أُخْراها، قَالَ مُعاويَةُ: مَنْ لِذَرارِيِّ
المُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: أَنا. فَقَالَ عَبْدُ الله بنُ
عامِرٍ وعَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ سَمُرَةَ: نَلْقَاهُ
فَنَقُولُ لهُ الصُّلْحَ.
قَالَ الحَسَنُ: ولَقَد سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ:
بَيْنا النبيَّ يَخْطَبُ جاءَ الحَسنُ فَقَالَ النبيُّ
إنَّ ابْني هَذا سَيِّد، ولَعَلَّ الله أنْ يُصْلِحَ بِهِ
بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن عبد الله بن
الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة،
وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن مُوسَى وكنيته أَبُو مُوسَى
وَهُوَ مِمَّن وَافَقت كنيته اسْم أَبِيه، وَهُوَ بَصرِي
كَانَ يُسَافر فِي التِّجَارَة إِلَى الْهِنْد وَأقَام
بهَا مُدَّة.
قيته بِالْكُوفَةِ قَائِل هَذَا سُفْيَان وَالْجُمْلَة
حَالية. قَوْله: وَجَاء ابْن شبْرمَة هُوَ عبد الله قَاضِي
الْكُوفَة فِي خلَافَة أبي جَعْفَر الْمَنْصُور، وَمَات
فِي زَمَنه سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة، وَكَانَ
صَارِمًا عفيفاً ثِقَة فَقِيها. قَوْله: أدخلني على عِيسَى
فأعظه عِيسَى هُوَ ابْن مُوسَى بن مُحَمَّد بن عَليّ بن
عبد الله بن عَبَّاس ابْن أخي الْمَنْصُور، وَكَانَ
أَمِيرا على الْكُوفَة إِذْ ذَاك، و: أعظه بِفَتْح
الْهمزَة وَكسر الْعين الْمُهْملَة وَفتح الظَّاء
الْمُعْجَمَة من الْوَعْظ. فَكَأَن بِالتَّشْدِيدِ أَي:
فَكَانَ ابْن شبْرمَة خَافَ عَلَيْهِ أَي: على إِسْرَائِيل
فَلم يفعل أَي: فَلم يدْخلهُ على عِيسَى بن مُوسَى،
وَلَعَلَّ سَبَب خَوفه عَلَيْهِ أَنه كَانَ ناطقاً
بِالْحَقِّ فخشي أَن لَا يتلطف بِعِيسَى فيبطش بِهِ لما
عِنْده من عزة الشَّبَاب وَعزة الْملك. وَفِيه: دلَالَة
على أَن من خَافَ على نَفسه سقط عِنْد الْأَمر
بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر. قَوْله:
بِالْكَتَائِبِ جمع كَتِيبَة على وزن عَظِيمَة وَهِي
طَائِفَة من الْجَيْش تجمع وَهِي فعيلة بِمَعْنى مفعولة
لِأَن أَمِير الْجَيْش إِذا رتبهم وَجعل كل طَائِفَة على
حِدة كتبهمْ فِي ديوانه. قَوْله: لَا تولَّي
بِالتَّشْدِيدِ أَي: لَا تدبر أخراها أَي: الكتيبة الَّتِي
لخصومهم. قَوْله: قَالَ مُعَاوِيَة: من لذراري الْمُسلمين؟
أَي: من يتكفل لَهُم حينئذٍ؟ والذراري بِالتَّشْدِيدِ
وَالتَّخْفِيف جمع ذُرِّيَّة. قَوْله: فَقَالَ عبد الله بن
عَامر بن كريز مصغر الكرز بالراء وَالزَّاي العبشمي، وَعبد
الرحمان بن سَمُرَة نَلْقَاهُ أَي: نَجْتَمِع بِهِ ونقول
لَهُ نَحن نطلب الصُّلْح، وَهَذَا ظَاهره أَنَّهُمَا
بَدَأَ بذلك وَالَّذِي تقدم فِي كتاب الصُّلْح أَن
مُعَاوِيَة هُوَ الَّذِي بعثهما فَيمكن الْجمع
بِأَنَّهُمَا عرضا أَنفسهمَا فوافقهما، وَآخر الْأَمر وَقع
(24/207)
الصُّلْح فَقيل: فِي سنة أَرْبَعِينَ، وَقيل: فِي سنة
إِحْدَى وَأَرْبَعين، وَالأَصَح أَنه تمّ فِي هَذِه السّنة
وَلِهَذَا كَانَ يُقَال لَهُ: عَام الْجَمَاعَة،
لِاجْتِمَاع الْكَلِمَة فِيهِ على مُعَاوِيَة.
قَوْله: قَالَ الْحسن أَي: الْبَصْرِيّ وَهُوَ مَوْصُول
بالسند الْمُتَقَدّم. قَوْله: وَلَقَد سَمِعت أَبَا بكرَة
هُوَ نفيع بن الْحَارِث الثَّقَفِيّ، وَفِيه تَصْرِيح
بِسَمَاع الْحسن عَن أبي بكرَة. قَوْله: ابْني هَذَا أطلق
الابْن على ابْن الْبِنْت. قَوْله: وَلَعَلَّ الله
اسْتعْمل: لَعَلَّ، اسْتِعْمَال عَسى لاشْتِرَاكهمَا فِي
الرَّجَاء، وَالْأَشْهر فِي خبر لَعَلَّ بِغَيْر: أَن،
كَقَوْلِه تَعَالَى: {ياأيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا
طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ
وَأَحْصُواْ الْعِدَّةَ وَاتَّقُواْ اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ
تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ
أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ
اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ
نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ
ذَلِكَ أَمْراً} قَوْله: فئتين زَاد عبد الله بن مُحَمَّد
فِي رِوَايَته: عظيمتين، وَحَدِيث الْحسن هَذَا قد مضى فِي
كتاب الصُّلْح بأتم مِنْهُ.
وَفِيه من الْفَوَائِد: علم من أَعْلَام النُّبُوَّة،
ومنقبة لِلْحسنِ بن عَليّ لِأَنَّهُ ترك الْخلَافَة لَا
لعِلَّة وَلَا لذلة وَلَا لقلَّة بل لحقن دِمَاء
الْمُسلمين. وَفِيه: ولَايَة الْمَفْضُول الْخلَافَة مَعَ
وجود الْأَفْضَل لِأَن الْحسن وَمُعَاوِيَة ولي كل
مِنْهُمَا الْخلَافَة، وَسعد بن أبي وَقاص وَسَعِيد بن زيد
فِي الْحَيَاة، وهما بدريان، قَالَه ابْن التِّين. وَفِيه:
جَوَاز خلع الْخَلِيفَة نَفسه إِذا رأى فِي ذَلِك صلاحاً
للْمُسلمين. وَجَوَاز أَخذ المَال على ذَلِك وإعطائه بعد
اسْتِيفَاء شَرَائِطه بِأَن يكون المنزول لَهُ أولى من
النَّازِل، وَأَن يكون المبذول من مَال الْبَاذِل.
7110 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا سُفْيانُ
قَالَ: قَالَ عَمْرٌ و: أَخْبرنِي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيَ
أنَّ حَرْمَلَةَ مَوْلى أُسَامَةَ أخْبَرَهُ قَالَ عَمْرٌ
و: وقَدْ رأيْتُ حَرْمَلَةَ قَالَ: أرْسَلَنِي أُسامَةُ
إِلَى عَلِيَ وَقَالَ: إنّهُ سَيَسَألُكَ الآنَ فَيَقُولُ
مَا خَلَّفَ صاحِبَكَ؟ فقُلْ لهُ: يَقُولُ لَكَ: لَوْ
كُنْتَ فِي شِدْقِ الأسَد لأحْبَبْتُ أنْ أكُونَ مَعَكَ
فِيهِ، ولاكِنَّ هِذَا أمْرٌ لَمْ أرَهُ فَلَمْ يُعْطِني
شَيْئاً، فَذَهَبْتُ إِلَى حَسَنٍ وحُسَيْنٍ وابنِ
جَعْفَرٍ فأوْقَرُوا إِلَيّ راحِلَتِي.
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله:
فَذَهَبت إِلَى حسن وحسين إِلَى آخِره. فَإِن فِيهِ
دلَالَة على غَايَة كرم الْحسن وسيادته لِأَن الْكَرِيم
يصلح أَن يكون سيداً.
وَأخرجه عَن عَليّ بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ عَن
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن مُحَمَّد
بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ أبي جَعْفَر الباقر عَن
حَرْمَلَة مولى أُسَامَة بن زيد.
وَفِي هَذَا السَّنَد ثَلَاثَة من التَّابِعين فِي نسق
عَمْرو وَأَبُو جَعْفَر وحرملة. وَهَذَا الحَدِيث من
أَفْرَاده.
قَوْله: أَرْسلنِي أُسَامَة إِلَى عَليّ أَي: من
الْمَدِينَة إِلَى عَليّ وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، وَلم يذكر
مَضْمُون الرسَالَة، وَلَكِن قَوْله: فَلم يُعْطِنِي
شَيْئا دلّ على أَنه كَانَ أرْسلهُ يسْأَل عليا شَيْئا من
المَال. قَوْله: وَقَالَ: إِنَّه أَي: وَقَالَ أُسَامَة
لحرملة: إِنَّه أَي: عليا سيسألك الْآن فَيَقُول: مَا خلف
صَاحبك؟ أَي: مَا السَّبَب فِي تخلفه عَن مساعدتي. قَوْله:
فَقل لَهُ أَي لعَلي: يَقُول لَك أُسَامَة: لَو كنت فِي
شدقه الْأسد لأحببت أَن أكون مَعَك فِيهِ أَي: فِي شدق
الْأسد، وَهُوَ بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَيجوز فتحهَا
وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وبالقاف، وَهُوَ جَانب
الْفَم من دَاخل، وَلكُل فَم شدقان إِلَيْهِمَا يَنْتَهِي
شدقه الْفَم، وَهَذَا الْكَلَام كِنَايَة عَن الْمُوَافقَة
فِي حَالَة الْمَوْت لِأَن الَّذِي يفترسه الْأسد بِحَيْثُ
يَجعله فِي شدقه فِي عداد من هلك. قَوْله: وَلَكِن هَذَا
أَمر لم أره يَعْنِي: قتال الْمُسلمين، وَكَانَ قد تخلف
لأجل كَرَاهَته قتال الْمُسلمين، وَسَببه أَنه لما قتل
مرداساً وعاتبه النَّبِي على ذَلِك قرر على نَفسه أَن لَا
يُقَاتل مُسلما. قَوْله: فَلم يُعْطِنِي شَيْئا هَذِه
الْفَاء فَاء الفصيحة، وَالتَّقْدِير: فَذَهَبت إِلَى
عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فبلغته ذَلِك فَلم
يُعْطِنِي شَيْئا. قَوْله: فأوقروا إِلَيّ رَاحِلَتي أَي:
حملُوا إِلَيّ على رَاحِلَتي مَا أطاقت حمله، وَلم يعين
جنس مَا أَعْطوهُ وَلَا نَوعه، وَالرَّاحِلَة النَّاقة
الَّتِي صلحت للرُّكُوب من الْإِبِل ذكرا كَانَ أَو
أُنْثَى، وَأكْثر مَا يُطلق الوقر بِكَسْر الْوَاو على مَا
يحمل الْبَغْل وَالْحمار، وَأما حمل الْبَعِير فَيُقَال
لَهُ: الوسق. |