عمدة القاري شرح صحيح البخاري

{بِسم الله الرحمان الرحيم}

92 - (كتابُ الفِتَنِ)

أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان الْفِتَن بِكَسْر الْفَاء جمع فتْنَة وَهِي المحنة والفضيحة وَالْعَذَاب، وَيُقَال: أصل الْفِتْنَة الاختبار ثمَّ اسْتعْملت فِيمَا أخرجته المحنة، والاختبار إِلَى الْمَكْرُوه ثمَّ أطلقت على كل مَكْرُوه وآيل إِلَيْهِ كالكفر وَالْإِثْم والفضيحة والفجور وَغير ذَلِك، وَفِي بعض النّسخ: الْبَسْمَلَة ذكرت بعد قَوْله: كتاب الْفِتَن وَهِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي.

1 - (بابُ مَا جاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُو اْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر مَا جَاءَ ... إِلَى آخِره، ذكر أَحْمد فِي تَفْسِيره وَهُوَ مَا عزاهُ إِلَيْهِ ابْن الْجَوْزِيّ فِي حدائقه حَدثنَا أسود حَدثنَا جرير سَمِعت الْحسن قَالَ: قَالَ الزبير بن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: نزلت هَذِه الْآيَة وَنحن متوافرون مَعَ رَسُول الله فَجعلنَا نقُول: مَا هَذِه الْفِتْنَة؟ وَمَا نشعر أَنَّهَا تقع حَيْثُ وَقعت. وَعنهُ أَنه قَالَ يَوْم الْجمل لما لَقِي مَا لَقِي: مَا توهمت أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِينَا أَصْحَاب مُحَمَّد الْيَوْم، وَقَالَ الضَّحَّاك: هِيَ فِي أَصْحَاب مُحَمَّد خَاصَّة. وَقَالَ ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَمر الله الْمُؤمنِينَ أَن لَا يقرُّوا مُنْكرا بَين ظُهُورهمْ، وَأَنْذرهُمْ بِالْعَذَابِ، وَقيل: إِنَّه تعم الظَّالِم وَغَيره، وَقَالَ الْمبرد: إِنَّهَا نهي بعد نهي لأمر الْفِتْنَة، وَالْمعْنَى فِي النَّهْي للظالمين أَن لَا يقربُوا الظُّلم، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: قَالَ الزبير: لقد خوفنا بِهَذِهِ الْآيَة وَنحن مَعَ رَسُول الله وَمَا ظننا أَن خصصنا بهَا. وَأخرجه

(24/175)


النَّسَائِيّ من هَذَا الْوَجْه. وَأخرجه الطَّبَرِيّ من طَرِيق السّديّ قَالَ: نزلت فِي أهل بدر خَاصَّة فَأَصَابَتْهُمْ يَوْم الْجمل.
وَمَا كانَ النبيُّ يُحَذِّرُ مِنَ الفِتَنِ
عطف على مَا قبله أَي: وَفِي بَيَان مَا كَانَ النَّبِي يحذر أَصْحَابه من الْفِتَن، ويحذر من التحذير، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا تضمنته أَحَادِيث الْبَاب من الْوَعيد على التبديل والإحداث.

7048 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا بِشْرُ بنُ السَّرِيِّ، حدّثنا نافِعُ بنُ عُمَرَ عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ قَالَ: قالَتْ أسْماءُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَنا عَلى حَوْضِي أنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ فَيُؤْخَذُ بِناسٍ مِنْ دُونِي فأقُولُ: أُمَّتِي فَيَقُولُ: لَا تَدْرِي مَشَوْا عَلى القَهْقَرَى.
قَالَ ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: اللَّهُمَّ إنّا نَعُوذُ بِكَ أنْ نَرْجِعَ عَلى أعْقابِنا أَو نُفْتَنَ.
انْظُر الحَدِيث 6593
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ. وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن السّري بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف الْبَصْرِيّ سكن مَكَّة وَكَانَ يلقب بالأفوه ثِقَة كَانَ صَاحب مواعظ وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع، وَنَافِع بن عمر بن عبد الله الْقرشِي من أهل مَكَّة، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: مَاتَ سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة، وَابْن أبي مليكَة اسْمه عبد الله وَاسم أبي مليكَة زُهَيْر، وَكَانَ عبد الله قَاضِي مَكَّة أَيَّام عبد الله بن الزبير، وَأَسْمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
والْحَدِيث مضى فِي ذكر الْحَوْض عَن سعيد بن أبي مَرْيَم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: أَنا على حَوْضِي يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة. قَوْله: انْتظر من يرد عَليّ بتَشْديد الْيَاء أَي: من يحضرني ليشْرب. قَوْله: من دوني أَي: من عِنْدِي. قَوْله: فَيَقُول أَي: فَيَقُول الله عز وَجل، ويروى: فَيُقَال. قَوْله: لَا تَدْرِي خطاب للنَّبِي قَوْله: مَشوا على الْقَهْقَرَى والقهقرى مَقْصُور وَهُوَ الرُّجُوع إِلَى خلف، فَإِذا قلت: رجعت الْقَهْقَرَى، كَأَنَّك قلت: رجعت الرُّجُوع الَّذِي يعرف بِهَذَا الِاسْم. لِأَن الْقَهْقَرَى ضرب من الرُّجُوع. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: معنى الحَدِيث الارتداد عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ. قَوْله: أَو نفتن على صِيغَة الْمَجْهُول.

7049 - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا أبُو عَوَانَةَ، عنْ مُغِيرَةَ، عنْ أبي وائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا فَرَطُكُمْ عَلى الحَوْضِ، لَيُرْفَعَنَّ إليَّ رِجالٌ مِنْكُمْ، حتَّى إذَا أهْوَيْتُ لأناوِلَهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِي: فأقُولُ: أيْ رَبِّ أصْحابي فَيَقُولُ: لَا تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ
انْظُر الحَدِيث 6575 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح الْيَشْكُرِي، ومغير بِضَم الْمِيم وَكسرهَا ابْن الْمقسم بِكَسْر الْمِيم الضَّبِّيّ الْكُوفِي، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي ذكر الْحَوْض عَن عَمْرو بن عَليّ.
قَوْله: فَرَطكُمْ بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء وبالطاء الْمُهْملَة أَي: أَنا أتقدمكم، والفرط من يتَقَدَّم الواردين فيهيىء لَهُم الإرشاء والدلاء وَعدد الْحِيَاض ويسقي لَهُم، وَهُوَ على وزن فعل بِمَعْنى فَاعل كَبيع بِمَعْنى بَائِع. قَوْله: ليرفعن على صِيغَة الْمَجْهُول الْمُؤَكّد بالنُّون الثَّقِيلَة. قَوْله: إِذا أهويت أَي: ملت وامتددت. قَوْله: اختلجوا على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: سلبوا من عِنْدِي. يُقَال: خلجه واختلجه إِذا جذبه وانتزعه. قَوْله: مَا أَحْدَثُوا أَي: من الْأُمُور الَّتِي لَا يرى الله بهَا، وَجَمِيع أهل الْبدع وَالظُّلم والجور داخلون فِي معنى هَذَا الحَدِيث.

7049 - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا أبُو عَوَانَةَ، عنْ مُغِيرَةَ، عنْ أبي وائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا فَرَطُكُمْ عَلى الحَوْضِ، لَيُرْفَعَنَّ إليَّ رِجالٌ مِنْكُمْ، حتَّى إذَا أهْوَيْتُ لأناوِلَهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِي: فأقُولُ: أيْ رَبِّ أصْحابي فَيَقُولُ: لَا تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ
انْظُر الحَدِيث 6575 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح الْيَشْكُرِي، ومغير بِضَم الْمِيم وَكسرهَا ابْن الْمقسم بِكَسْر الْمِيم الضَّبِّيّ الْكُوفِي، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي ذكر الْحَوْض عَن عَمْرو بن عَليّ.
قَوْله: فَرَطكُمْ بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء وبالطاء الْمُهْملَة أَي: أَنا أتقدمكم، والفرط من يتَقَدَّم الواردين فيهيىء لَهُم الإرشاء والدلاء وَعدد الْحِيَاض ويسقي لَهُم، وَهُوَ على وزن فعل بِمَعْنى فَاعل كَبيع بِمَعْنى بَائِع. قَوْله: ليرفعن على صِيغَة الْمَجْهُول الْمُؤَكّد بالنُّون الثَّقِيلَة. قَوْله: إِذا أهويت أَي: ملت وامتددت. قَوْله: اختلجوا على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: سلبوا من عِنْدِي. يُقَال: خلجه واختلجه إِذا جذبه وانتزعه. قَوْله: مَا أَحْدَثُوا أَي: من الْأُمُور الَّتِي لَا يرى الله بهَا، وَجَمِيع أهل الْبدع وَالظُّلم والجور داخلون فِي معنى هَذَا الحَدِيث.

7050 - حدّثنا يِحْياى بنُ بُكَيرٍ، حدّثنا يَعْقُوبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ، عنْ أبي حازمِ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بنَ سَعْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النبيَّ يَقُولُ أَنا فَرَطُكُمْ عَلى الحَوْضِ، مَنْ وَرَدَهُ شَربَ

(24/176)


مِنْهُ ومَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أبَداً، لَيَرِدُ عَليَّ أقْوَامٌ أعْرِفُهُمْ ويَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحال بَيْنِي وبَيْنَهُمْ قَالَ أبُو حازِمٍ: فَسَمِعَنِي النُّعْمانُ بنُ أبي عَيَّاشٍ وَأَنا أُحَدِّثُهُمْ هاذا، فَقَالَ: هاكَذَا سَمِعْتَ سَهْلاً؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَأَنا أشْهَدُ عَلى أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ، يَزِيدُ فِيهِ قَالَ: إنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ: إنَّكَ لَا تَدرِي مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ. فأقُولُ: سُحْقاً سُحْقاً لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي
انْظُر الحَدِيث 6584
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ، وَيَعْقُوب بن عبد الرحمان بن مُحَمَّد بن عبد الله الْقَارِي من قارة حَيّ من الْعَرَب أَصله مدنِي سكن الْإسْكَنْدَريَّة، وَأَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سَلمَة بن دِينَار، والنعمان بن أبي عَيَّاش بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة وَاسم أبي عَيَّاش زيد بن الصَّامِت الزرقي الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَسَهل بن سعد الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي فضل النَّبِي عَن قُتَيْبَة.
قَوْله من ورده شرب وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: من ورده يشرب قَوْله: لم يظمأ قيل: هُوَ كِنَايَة عَن أَنه يدْخل الْجنَّة لِأَنَّهُ صفة من يدخلهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قَالَ أَولا: من ورده شرب، وآخراً: ليردن عليّ أَقوام. ثمَّ يُحَال؟ قلت: الْوُرُود فِي الأول إِنَّمَا هُوَ على الْحَوْض، وَفِي الثَّانِي عَلَيْهِ قلت: فِيهِ نظر لَا يخفى. قَوْله: مَا بدلُوا وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: مَا أَحْدَثُوا. وَاعْلَم أَن حَال هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين إِن كَانُوا من ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَلَا إِشْكَال فِي تبري النَّبِي مِنْهُم وإبعادهم، وَإِن كَانُوا مِمَّن لم يرتدوا وَلَكِن أَحْدَثُوا مَعْصِيّة كَبِيرَة من أَعمال الْبدن أَو بِدعَة من أَعمال الْقلب فقد أجابوا بِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه أعرض عَنْهُم وَلم يسمع لَهُم اتبَاعا لأمر الله فيهم حَتَّى يعاقبهم على جنايتهم، ثمَّ، لَا مَانع من دُخُولهمْ فِي عُمُوم شَفَاعَته لأهل الْكَبَائِر من أمته فَيخْرجُونَ عِنْد إِخْرَاج الْمُوَحِّدين من النَّار. قَوْله: سحقاً أَي: بعدا، وَكرر لفظ سحقاً من سحق الشَّيْء بِالضَّمِّ فَهُوَ سحيق أَي: بعيد، وأسحقه الله أَي أبعده.

2

- (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (سَتَرَوْنَ بَعْدِي أمُوراً تُنْكِرُونَها)) 2.
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي إِلَى آخِره، وَهَذِه التَّرْجَمَة بعض متن الحَدِيث الَّذِي يَأْتِي فِي أَحَادِيث الْبَاب.
وَقَالَ عَبْدُ الله بنُ زَيْدٍ: قَالَ النبيُّ اصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي عَلى الحَوْضِ
عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ العاصمي. وَحَدِيثه هَذَا طرف من حَدِيث وَصله البُخَارِيّ فِي غَزْوَة حنين من كتاب الْمَغَازِي.

7052 - حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى بنُ سَعيدٍ القَطَّانُ، حدّثنا الأعْمَشُ، حَدثنَا زَيْدُ بنُ وهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الله قَالَ: قَالَ لَنا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً وأُمُوراً تُنْكِرُونَها قالُوا: فَما تأمُرُنا يَا رسولَ الله؟ قَالَ: أدُّوا إلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وسَلُوا حَقَّكُمْ
انْظُر الحَدِيث 3603
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَزيد بن وهب أَبُو سُلَيْمَان الْهَمدَانِي الْجُهَنِيّ الْكُوفِي من قضاعة خرج إِلَى النَّبِي فَقبض النَّبِي وَهُوَ فِي الطَّرِيق، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
والْحَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن مُحَمَّد بن كثير، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: أَثَرَة بِفَتْح الْهمزَة والثاء الْمُثَلَّثَة: الاستئثار فِي الحظوظ الدُّنْيَوِيَّة وَالِاخْتِيَار لنَفسِهِ والاختصاص بهَا. قَوْله: وأموراً تنكرونها يَعْنِي: من أُمُور الدّين وَسَقَطت الْوَاو فِي: وأموراً فِي بضع الرِّوَايَات فعلى هَذَا يكون أموراً تنكرونها بَدَلا من: أَثَرَة. قَوْله: أَدّوا إِلَيْهِم حَقهم أَي: أَدّوا الْأُمَرَاء حَقهم أَي: الَّذِي لَهُم الْمُطَالبَة بِهِ، وَوَقع فِي رِوَايَة الثَّوْريّ: تؤدون الْحُقُوق الَّتِي عَلَيْكُم، أَي: بذل المَال الْوَاجِب فِي الزَّكَاة، وَالنَّفس الْوَاجِب فِي الْخُرُوج إِلَى الْجِهَاد عِنْد التَّعْيِين وَنَحْوه. قَوْله: وسلوا الله حقكم قَالَ الدَّاودِيّ: سلوا الله أَن يَأْخُذ لكم حقكم ويقيض

(24/177)


لكم من يُؤَدِّيه إِلَيْكُم. وَقَالَ زيد: يسالون الله سرّاً لأَنهم إِذْ سالوه جَهرا كَانَ سبّاً للولاة وَيُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَة.

7053 - حدّثنا مُسَدَّدٌ عنْ عبْدِ الوَارِثِ، عنِ الجَعْدِ، عنْ أبي رجاءٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ كَرِهَ مِنْ أمِيرهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِرْ فإنَّه مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطانِ شِبْراً ماتَ ميتَةً جاهِليَّةً
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث.
وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن سعيد والجعد بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة هُوَ أَبُو عُثْمَان الصَّيْرَفِي، وَأَبُو رَجَاء بِالْجِيم عمرَان العطاردي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام أَيْضا عَن سُلَيْمَان بن حَرْب. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن حسن بن الرّبيع وَغَيره.
قَوْله: من خرج من السُّلْطَان أَي: من طَاعَته. قَوْله: فليصبر يَعْنِي فليصبر على ذَلِك الْمَكْرُوه، وَلَا يخرج عَن طَاعَته لِأَن فِي ذَلِك حقن الدِّمَاء وتسكين الْفِتْنَة إلاّ أَن يكفر الإِمَام وَيظْهر خلاف دَعْوَة الْإِسْلَام فَلَا طَاعَة لمخلوق عَلَيْهِ. وَفِيه: دَلِيل على أَن السُّلْطَان لَا يَنْعَزِل بِالْفِسْقِ وَالظُّلم وَلَا تجوز منازعته فِي السلطنة بذلك. قَوْله: شبْرًا أَي: قدر شبر وَهُوَ كِنَايَة عَن خُرُوجه، وَلَو كَانَ بِأَدْنَى شَيْء. قَالَ بَعضهم: شبْرًا كِنَايَة عَن مَعْصِيّة السُّلْطَان ومحاربته، وَقَالَ صَاحب التَّوْضِيح شبْرًا يَعْنِي فِي الْفِتْنَة الَّتِي يكون فِيهَا بعض الْمَكْرُوه. قلت: فِي كل من التفسيرين بعد وَالْأَوْجه مَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: مَاتَ ميتَة بِكَسْر الْمِيم كالجلسة لِأَن بَاب فعلة بِالْكَسْرِ للحالة وبالفتح للمرة. قَوْله: جَاهِلِيَّة أَي: كموت أهل الْجَاهِلِيَّة حَيْثُ لم يعرفوا إِمَامًا مُطَاعًا، وَلَيْسَ المُرَاد أَنه يَمُوت كَافِرًا بل أَنه يَمُوت عَاصِيا.

7054 - حدّثنا أبُو النُّعْمانِ، حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عنِ الجَعْدِ أبي عُثْمانَ، حدّثني أبُو رجاءٍ العُطارِدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ عبَّاسٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ رأى مِنْ أمِيرِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَليْه، فإنَّهُ مَنْ فارَقَ الجَماعَةَ شِبْراً فَماتَ إلاّ ماتَ مِيتَةً جاهِليَّةً
انْظُر الحَدِيث 7053 وطرفه
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور أخرجه عَن أبي النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل بن النُّعْمَان السدُوسِي الْبَصْرِيّ إِلَى آخِره.
قَوْله: فَإِنَّهُ فَإِن الشان من فَارق الْجَمَاعَة إِلَى آخِره، قيل: المُرَاد بالمفارقة السَّعْي فِي حل عقد الْبيعَة الَّتِي حصلت لذَلِك الْأَمِير وَلَو بِأَدْنَى شَيْء، فكنى عَنْهَا بِمِقْدَار الشبر، لِأَن الْأَخْذ فِي ذَلِك يؤول إِلَى سفك الدِّمَاء بِغَيْر حق. قَوْله: فَمَاتَ إلاَّ مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة وَقَالَ الْكرْمَانِي مَا ملخصه: إِن إلَّا زَائِدَة قَالَ الْأَصْمَعِي: إلاَّ تقع زَائِدَة أَو تكون حرف عطف وَمَا بعْدهَا يكون مَعْطُوفًا على مَا قبلهَا.

7055 - حدّثنا إسْماعِيل، حدّثني ابنُ وهْبٍ عنْ عَمْرٍ و، عنْ بُكَيْرٍ، عنْ بُسْرِ بنِ سَعِيدٍ عنْ جُنادَةَ بنِ أبي أمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنا عَلى عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ وهْوَ مرِيضٌ، فَقُلْنا: أصْلَحَكَ الله حَدِّثْ بِحَدِيثِ يَنْفَعُكَ الله بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النبيِّ قَالَ: دَعَانَا النبيُّ فَبَايَعَنا. فَقَالَ: فِيما أخَذَ عَلَيْنا أنْ بايَعَنا عَلى السَّمْعِ والطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنا ومكْرَهِنا، وعُسْرِنا ويُسْرِنا، وأثَرَةٍ عَلَيْنا، وأنْ لَا نُنازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ إلاَّ أنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ الله فِيهِ بُرْهانٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَعَمْرو هُوَ ابْن الْحَارِث، وَبُكَيْر مصغر بكر هُوَ ابْن عبد الله بن الْأَشَج، وَبسر بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة ابْن سعيد مولى الْحَضْرَمِيّ من أهل الْمَدِينَة، وجنادة بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف النُّون ابْن أبي أُميَّة الدوسي، وَقيل: السدُوسِي، وَهُوَ الصَّوَاب وَاسم أبي أُميَّة كثير، مَاتَ جُنَادَة سنة سبع وَسِتِّينَ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أَحْمد بن عبد الرحمان.
قَوْله: وَهُوَ

(24/178)


مَرِيض الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: فَقُلْنَا: أصلحك الله يحْتَمل أَنه أَرَادَ الدُّعَاء بالصلاح فِي جِسْمه ليعافى من مَرضه أَو أَعم من ذَلِك، وَهِي كلمة اعتادوها عِنْد افْتِتَاح الطّلب. قَوْله: فَبَايعْنَا بِفَتْح الْعين أَي: فَبَايعْنَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَلَفظ: بَايع، مَاض وفاعله الضَّمِير الَّذِي فِيهِ: ونا، مَفْعُوله ويروى: فَبَايعْنَا، بِإِسْكَان الْعين أَي: فَبَايعْنَا نَحن رَسُول الله
قَوْله: فَقَالَ: فِيمَا أَخذ علينا أَي: فِيمَا اشْترط علينا. قَوْله: أَن بَايعنَا بِفَتْح الْعين وَكلمَة: أَن، بِفَتْح الْهمزَة مفسرة. قَوْله: على السّمع وَالطَّاعَة أَي: لله وَلِرَسُولِهِ قَوْله: فِي منشطنا بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح الشين الْمُعْجَمَة أَي: فِي حَالَة نشاطنا، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: المنشط، مفعل من النشاط وَهُوَ الْأَمر الَّذِي ينشط لَهُ ويخف إِلَيْهِ ويؤثر فعله، وَهُوَ مصدر بِمَعْنى النشاط. قَوْله: ومكرهنا أَي: ومكروهنا. وَقَالَ الدَّاودِيّ: أَي فِي الْأَشْيَاء الَّتِي تكرهونها. قلت: الْمُكْره أَيْضا مصدر وَهُوَ مَا يكره الْإِنْسَان ويشق عَلَيْهِ. قَوْله: وعسرنا ويسرنا أَي: فِي حَالَة الْعسر وَحَالَة الْيُسْر. قَوْله: وأثرة علينا بِفَتْح الْهمزَة والثاء الْمُثَلَّثَة أَي: على استئثار الْأُمَرَاء بحظوظهم واختصاصهم إِيَّاهَا بِأَنْفسِهِم. وَحَاصِل الْكَلَام: أَن طواعيتهم لمن يتَوَلَّى عَلَيْهِم لَا يتَوَقَّف على إيصالهم حُقُوقهم، بل عَلَيْهِم الطَّاعَة وَلَو مَنعهم حَقهم. قَوْله: وَأَن لَا ننازع الْأَمر أَهله عطف على قَوْله: أَن بَايعنَا وَالْمرَاد بِالْأَمر الْملك والإمارة، وَزَاد أَحْمد من طَرِيق عُمَيْر بن هانىء عَن جُنَادَة: وَإِن رَأَيْت أَن لَك فِي الْأَمر حَقًا فَلَا تعْمل بذلك الرَّأْي، بل اسْمَع وأطع إِلَى أَن يصل إِلَيْك بِغَيْر خُرُوج عَن الطَّاعَة. قَوْله: إِلَّا أَن تروا كفرا أَي: بَايعنَا قَائِلا: إلاَّ أَن تروا مِنْهُم مُنْكرا محققاً تعلمونه من قَوَاعِد الْإِسْلَام، إِذْ عِنْد ذَلِك تجوز الْمُنَازعَة بالإنكار عَلَيْهِم. وَقَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد بالْكفْر هُنَا الْمعاصِي، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الظَّاهِر أَن الْكفْر على ظَاهره، وَالْمرَاد من النزاع الْقِتَال. قَوْله: بواحاً بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة أَي: ظَاهرا بادياً من قَوْلهم: باح بالشَّيْء يبوح بِهِ بوحاً وبواحاً إِذا أذاعه وأظهره، وَأنكر ثَابت فِي الدَّلَائِل بواحاً وَقَالَ: إِنَّمَا يجوز بوحاً، بِسُكُون الْوَاو، وبؤاحاً، بِضَم الْبَاء والهمزة الممدودة، وَقَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ فِي مُعظم النّسخ من مُسلم بِالْوَاو وَفِي بَعْضهَا بالراء، وَقَالَ الْخطابِيّ: من رَوَاهُ بالراء فَهُوَ قريب من هَذَا الْمَعْنى، وأصل البراح الأَرْض القفراء الَّتِي لَا أنيس فِيهَا وَلَا بِنَاء. وَقيل: البراح الْبَيَان، يُقَال: برح الخفاء إِذا ظهر، وَوَقع فِي رِوَايَة حبَان أبي النَّضر: إلاَّ أَن يكون مَعْصِيّة لله بوحاً، وَوَقع عِنْد الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة أَحْمد بن صَالح عَن ابْن وهب فِي هَذَا الحَدِيث: كفرا صراحاً، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ بالراء. قَوْله: برهَان أَي: نَص آيَة أَو خبر صَحِيح لَا يحْتَمل التَّأْوِيل، وَقَالَ الدَّاودِيّ: الَّذِي عَلَيْهِ الْعلمَاء فِي أُمَرَاء الْجور أَنه إِن قدر على خلعه بِغَيْر فتْنَة وَلَا ظلم وَجب، وإلاَّ فَالْوَاجِب الصَّبْر، وَعَن بَعضهم: لَا يجوز عقد الْولَايَة لفَاسِق ابْتِدَاء، فَإِن أحدث جوراً بعد أَن كَانَ عدلا اخْتلفُوا فِي جَوَاز الْخُرُوج عَلَيْهِ، وَالصَّحِيح الْمَنْع إلاَّ أَن يكفر فَيجب الْخُرُوج عَلَيْهِ.

7057 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عنْ قَتادَةَ، عنْ أنسِ بنِ مالِكٍ، عنْ أسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ أنَّ رَجُلاً أتَى النبيَّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله اسْتَعْمَلْتَ فُلاَناً ولَمْ تَسْتَعْمِلْنِي؟ قَالَ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً فاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْني.
انْظُر الحَدِيث 3792
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ.
وَمُحَمّد بن عرْعرة الْقرشِي الْبَصْرِيّ، وَأسيد مصغر أَسد وحضير بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة ابْن سماك بن عتِيك أبي عبيد الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي.
والْحَدِيث مضى فِي فَضَائِل الْأَنْصَار عَن بنْدَار، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: اسْتعْملت فلَانا أَي: قلدته عملا. قَوْله: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ إِلَى آخِره. قَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ كَلَام يَنْفِي بعضه وَهُوَ كَلَام لَيْسَ من الأول إلاَّ أَنه أخبر عَن هَذَا الرجل مِمَّن يرى الأثرة وأوصاهم بِالصبرِ، وَقَالَ صَاحب التَّوْضِيح إِنَّه كَلَام وَإنَّهُ جَوَاب لما ذكر. انْتهى. قلت: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء، وَكَيف هُوَ جَوَاب يُطَابق كَلَام الرجل بل الَّذِي يُقَال: إِن غَرَضه أَن اسْتِعْمَال فلَان لَيْسَ لمصلحته خَاصَّة، بل لَك وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين، نعم نصير بعدِي الاستعمالات خَاصَّة فَيصدق

(24/179)


أَنه لفُلَان وَلَيْسَ لي فظهرت الْمُطَابقَة، هَذَا كَلَام الْكرْمَانِي، وتحرير الْكَلَام أَن جَوَابه، للرجل عَن طلب الْولَايَة بقوله: قَوْله: سَتَرَوْنَ بعدِي أَثَرَة إِرَادَة نفي ظَنّه أَنه أثر الَّذِي ولاه عَلَيْهِ، فَبين لَهُ أَن ذَلِك لَا يَقع فِي زَمَانه، وَأَنه لم يخص الرجل بذلك لذاته بل لعُمُوم مصلحَة الْمُسلمين، وَأَن الاستئثار للحظ الدنيوي إِنَّمَا يَقع بعده وَأمرهمْ عِنْد وُقُوع ذَلِك بِالصبرِ.

3 - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (هَلاَكُ أُمَّتي عَلى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهاءَ))

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَول النَّبِي إِلَى آخِره، وَفِي بعض النّسخ من قُرَيْش، وَهُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَلم يَقع لغيره، وروى أَحْمد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة سماك عَن أبي ظَالِم عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: إِن فَسَاد أمتِي على يَدي غلمة سُفَهَاء من قُرَيْش. قَوْله: أغيلمة تَصْغِير غلمة جمع غُلَام، وَوَاحِد الْجمع المصغر: غليم، بِالتَّشْدِيدِ يُقَال للصَّبِيّ من حِين يُولد إِلَى أَن يَحْتَلِم غُلَام، وَجمعه غلْمَان وغلمة وأغيلمة، وَقد يُطلق لفظ غُلَام على الرِّجَال المستحكم الْقُوَّة تَشْبِيها لَهُ بالغلام فِي قوته. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: المُرَاد بالأغيلمة هُنَا الصّبيان، وَلذَلِك صغرهم.

7058 - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا عَمْرُو بنُ يَحْيى بنِ سَعِيدِ بنِ عَمْرِو بنِ سَعيدٍ قَالَ أَخْبرنِي جَدِّي قَالَ: كُنْتُ جالِساً مَع أبي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النبيِّ بِالمَدِينةِ ومَعَنا مرْوَانُ، قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ المَصْدُوقَ يَقُولُ: هَلَكَةُ أمَّتِي عَلى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ: لَعْنَةُ الله عَليْهِمْ غِلْمةً، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لوْ شِئْتُ أنْ أقُولَ بَنِي فُلانٍ وبَني فُلاَنٍ لَفَعَلْتُ، فَكُنْتُ أخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مَلَكُوا بالشَّأمِ، فإذَا رآهُمْ غِلْماناً أحْدَاثاً قَالَ لَنا عَسَى هاؤُلاَءِ أنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ، قُلْنا: أنْتَ أعْلَمُ.
انْظُر الحَدِيث 3604 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: هلكة أمتِي على يَدي غلمة وَلَكِن لَيْسَ فِي الحَدِيث لفظ: سُفَهَاء، قَالَ الْكرْمَانِي: لَعَلَّه بوب ليستذكره فَلم يتَّفق لَهُ، أَو أَشَارَ إِلَى أَنه ثَبت فِي الْجُمْلَة لكنه لَيْسَ بِشَرْطِهِ. قلت: قد ذكرنَا الْآن لفظ: سُفَهَاء، عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ. أخرجه مُسلم.
قَوْله: أَخْبرنِي جدي هُوَ سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة. وَعمر بن سعيد هُوَ الْمَعْرُوف بالأشدق قَتله عبد الْملك بن مَرْوَان لما خرج عَلَيْهِ بِدِمَشْق بعد السّبْعين. قَوْله: كنت جَالِسا مَعَ أبي هُرَيْرَة كَانَ ذَلِك زمن مُعَاوِيَة. قَوْله: ومعنا مَرْوَان هُوَ ابْن الحكم بن الْعَاصِ بن أُميَّة الَّذِي ولي الْخلَافَة، وَكَانَ يَلِي لمعاوية إمرة الْمَدِينَة تَارَة، وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَالِد عمر، ويليها لمعاوية تَارَة. قَوْله: الصَّادِق المصدوق أَي: الصَّادِق فِي نَفسه والمصدوق من عِنْد الله، أَو بِمَعْنى الْمُصدق من عِنْد النَّاس. قَوْله: هلكة أمتِي الهلكة بِفتْحَتَيْنِ بِمَعْنى الْهَلَاك، وَفِي رِوَايَة: إِكْمَال هَلَاك أمتِي، قَالَ بَعضهم: هُوَ المطابق للتَّرْجَمَة. قلت: إِذا كَانَ الهلكة بِمَعْنى الْهَلَاك يحصل الْمُطَابقَة وَالْمرَاد بالأمة هُنَا أهل ذَلِك الْعَصْر وَمن قاربهم لَا جَمِيع الْأمة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. قَوْله: على يَدي غلمة كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بالتثنية، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ والكشميهني: على أَيدي، بِالْجمعِ. قَوْله: لعنة الله عَلَيْهِم غلمة بِنصب: غلمة، على الِاخْتِصَاص، وَفِي رِوَايَة عبد الصَّمد: لعنة الله عَلَيْهِم من أغيلمة، وَالْعجب من لعن مَرْوَان الغلمة الْمَذْكُورين مَعَ أَن الظَّاهِر أَنهم من وَلَده، فَكَأَن الله تَعَالَى أجْرى ذَلِك على لِسَانه ليَكُون أَشد فِي الْحجَّة عَلَيْهِم لَعَلَّهُم يتعظون، وَقد وَردت أَحَادِيث فِي لعن الحكم وَالِد مَرْوَان وَمَا ولد، أخرجهَا الطَّبَرَانِيّ وَغَيره. قَوْله: فَكنت أخرج مَعَ جدي قَائِل ذَلِك عَمْرو بن يحيى. قَوْله: حِين ملكوا بِالشَّام إِنَّمَا خص الشَّام مَعَ أَنهم لما ولوا الْخلَافَة ملكوا غير الشَّام أَيْضا لِأَنَّهَا كَانَت مساكنهم من عهد مُعَاوِيَة. قَوْله: أحداثاً جمع حَدِيث أَي: شباناً، وأولهم يزِيد عَلَيْهِ مَا يسْتَحق وَكَانَ غَالِبا ينْزع الشُّيُوخ من إِمَارَة الْبلدَانِ الْكِبَار ويوليها

(24/180)


الأصاغر من أَقَاربه. قَوْله: قَالَ لنا الْقَائِل هُوَ جد عَمْرو بن يحيى. قَوْله: قُلْنَا: أَنْت أعلم الْقَائِل ذَلِك لَهُ أَوْلَاده وَأَتْبَاعه مِمَّن سمع مِنْهُ ذَلِك.

4 - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (ويْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرَ قَدِ اقْتَرَبَ))

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي ويل الخ وَإِنَّمَا خص الْعَرَب بِالذكر لأَنهم أول من دخل فِي الْإِسْلَام، والإنذار بِأَن الْفِتَن إِذا وَقعت كَانَ الْهَلَاك إِلَيْهِم أسْرع.

7059 - حدّثنا مالكُ بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا ابنُ عُيَيْنَةَ، أنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ، عنْ عُرْوَةَ، عنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أمِّ سَلَمَةَ، عنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، رَضِي الله عَنْهُنَّ، أنَّها قالَتِ: اسْتَيْقَظَ النبيُّ مِنَ النَّوْمِ مُحْمَرّاً وجْهُهُ يَقُولُ لَا إلاهَ إِلَّا الله ويْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرَ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رِدْمِ يأجُوجُ ومأجُوجَ مِثْلُ هاذِهِ وعَقَدَ سُفْيانُ تِسْعِينَ أَو مِائَةً، قِيلَ: أنَهْلِكُ وفِينا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا كَثُرَ الخَبَثُ

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فَإِن التَّرْجَمَة قِطْعَة مِنْهُ.
وَابْن عُيَيْنَة سُفْيَان. وَفِيه: ثَلَاث من الصحابيات: زَيْنَب بنت أم سَلمَة ربيبة النَّبِي وَأمّهَا أم سَلمَة زوج النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَأم حَبِيبَة زوج النَّبِي اسْمهَا رَملَة بنت أبي سُفْيَان، وَزَيْنَب بنت جحش أم الْمُؤمنِينَ تزَوجهَا النَّبِي سنة ثَلَاث، وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالُوا: هَذَا الْإِسْنَاد مُنْقَطع وَصَوَابه كَمَا فِي صَحِيح مُسلم زَيْنَب عَن حَبِيبَة عَن أم حَبِيبَة عَن زَيْنَب، بِزِيَادَة حَبِيبَة، وَهَذَا من الغرائب اجْتمع فِيهِ أَربع صحابيات: زوجتان لرَسُول الله وربيبتان لرَسُول الله ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن زَيْنَب سَمِعت من حَبِيبَة وَمن أمهَا، وَكِلَاهُمَا صَوَاب.
والْحَدِيث مضى فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن أبي الْيَمَان. وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة مَا خلا أَبَا دَاوُد، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مستقصًى.
قَوْله ويل للْعَرَب لفظ: ويل، مثل: وَيْح إلاَّ أَن ويلاً يُقَال لمن وَقع فِي هلكة يَسْتَحِقهَا، وويحاً يُقَال لمن لَا يَسْتَحِقهَا، وَأَرَادَ بالعرب أهل دين الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا خص بذكرهم لِأَن مُعظم شرهم رَاجع إِلَيْهِم. قَوْله: قد اقْترب أَي: قرب. قَوْله: فتح على صِيغَة الْمَجْهُول الْيَوْم نصب على الظَّرْفِيَّة. قَوْله: من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج الرَّدْم السد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: يُقَال: إِن يَأْجُوج هم التّرْك وَجرى مَا جرى بِبَغْدَاد مِنْهُم. قلت: هَذَا القَوْل غير صَحِيح لِأَن التّرْك مَا لَهُم ردم والردم بَيْننَا وَبَين يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهما من بني آدم من أَوْلَاد يافث بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، وَالَّذِي جرى بِبَغْدَاد كَانَ من هلاكو من أَوْلَاد جنكيز خَان فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي قتل الْخَلِيفَة المستعصم بِاللَّه العباسي وأخرب بَغْدَاد فِي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة. قَوْله: وَعقد سُفْيَان تسعين وَمِائَة كَذَا هُنَا، وَفِي رِوَايَة: حلق بإصبعه الْإِبْهَام وَالَّتِي تَلِيهَا، وَفِي لفظ: عقد سُفْيَان بِيَدِهِ عشرَة، وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: وَعقد وهيب بِيَدِهِ تسعين، وَقيل: المُرَاد التَّقْرِيب بالتمثيل لَا حَقِيقَة التَّحْدِيد، وَقَالَ الدَّاودِيّ فِي رِوَايَة سُفْيَان يَعْنِي: جعل طرف السبابَة فِي وسط الْإِبْهَام، وَلَيْسَ كَمَا ذكره، وَقد علم من مقَالَة أهل الْعلم بِالْحِسَابِ أَن صفة عقد التسعين أَن يثني السبابَة حَتَّى يعود طرفها عِنْد أَصْلهَا من الْكَفّ ويعلق عَلَيْهِ الْإِبْهَام. قَوْله: وَفينَا الصالحون؟ الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: إِذا كثر الْخبث بِفَتْح الْخَاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة فسروه بالفسوق كلهَا أَو بالزنى خَاصَّة.

7060 - حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ، حدّثنا ابنُ عُيَيْنَةَ عَن الزُّهْرِيِّ، عنْ عُرْوَةَ. وحدّثني مَحْمُودٌ أخبرنَا عبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنَا مَعْمَرٌ عنْ الزُّهْرِيِّ، عنْ عُرْوَةَ، عنْ أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: أشْرَفَ

(24/181)


النبيُّ عَلى أُطُمٍ مِنْ آطامِ المَدِينَةِ، فَقَالَ: هَلْ تَرَوْنَ مَا أرَى؟ قالُوا: لَا، قَالَ: فإنِّي لأرَى الفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ المَطَرِ

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ.
وَأخرجه من طَرِيقين: الأول عَن أبي نعيم الْفضل بن دُكَيْن عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن أُسَامَة: وَالثَّانِي عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن عبد الرَّزَّاق ... إِلَى آخِره. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْحَج عَن عَليّ وَفِي الْمَظَالِم عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن أبي نعيم. وَأخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره.
قَوْله: أشرف من الإشراف وَهُوَ الِاطِّلَاع من علو، وَفِي رِوَايَة عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَو فِي. قَوْله: على أَطَم بِضَمَّتَيْنِ وَهُوَ الْحصن وَالْقصر. قَوْله: خلال بُيُوتكُمْ أَي: أوساطها. وَقيل: الْخلال النواحي. قَوْله: كوقع الْمَطَر هَكَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: كوقع الْقطر، وَهُوَ الْمَطَر أَيْضا والتشبيه فِي الْكَثْرَة والعموم لَا خُصُوصِيَّة لَهَا بطَائفَة. وَفِيه: إِشَارَة إِلَى الحروب الْجَارِيَة بَينهم كَقَتل عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، وَيَوْم الْحرَّة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء. وَفِيه: معْجزَة ظَاهِرَة للنَّبِي

5 - (بَاب ظُهُورِ الفِتَنِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ظُهُور الْفِتَن، وَهُوَ جمع فتْنَة.

7061 - حدّثنا عَيَّاشُ بنُ الوَلِيدِ، أخْبرنا عَبْدُ الأعْلَى، حدّثنا مَعْمَرٌ، عنِ الزُّهْرِيِّ، عنْ سَعِيدٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَتَقارَبُ الزَّمانُ ويَنْقُصُ العَمَلُ ويُلْقَى الشُّحُّ، وتَظْهَرُ الفِتَنُ ويَكْثُرُ الهَرْجُ قالُوا: يَا رسولَ الله أيُّمُ هُوَ؟ قَالَ: القَتْلُ القَتْلُ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَتظهر الْفِتَن
وَعَيَّاش بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة ابْن الْوَلِيد الرقام الْبَصْرِيّ، وَعبد الْأَعْلَى بن الْأَعْلَى السَّامِي بِالسِّين الْمُهْملَة الْبَصْرِيّ، وَمعمر بن رَاشد، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم، وَسَعِيد بن الْمسيب.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْقدر وَابْن مَاجَه فِي الْفِتَن كِلَاهُمَا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
قَوْله: يتقارب الزَّمَان كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: الزَّمن، وَهِي لُغَة، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم. وَقَالَ الْخطابِيّ: يتقارب الزَّمَان حَتَّى تكون السّنة كالشهر وَهُوَ كَالْجُمُعَةِ وَهِي كَالْيَوْمِ وَهُوَ كالساعة وَهُوَ من استلذاذ الْعَيْش كَأَنَّهُ وَالله أعلم يُرِيد خُرُوج الْمهْدي وَبسط الْعدْل فِي الأَرْض، وَكَذَلِكَ أَيَّام السرُور قصار. وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا لَا يُنَاسب أخواته من ظُهُور الْفِتَن وَكَثْرَة الْهَرج، وَقيل: تقَارب الزَّمَان اعْتِدَال اللَّيْل وَالنَّهَار، وَقيل: إِذا دنا قيام السَّاعَة، وَقيل: السَّاعَات الْأَيَّام والليالي تقصر، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: قد يكون مَعْنَاهُ تقلب أَحْوَال أَهله فِي ترك طلب الْعلم خَاصَّة وَالرِّضَا بِالْجَهْلِ وَذَلِكَ لِأَن النَّاس لَا يتساوون فِي الْعلم لتَفَاوت درجاته، قَالَ تَعَالَى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذاَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ} وَإِنَّمَا يتساوون إِذا كَانُوا جُهَّالًا. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بتقارب الزَّمَان تسارع الدول فِي الِانْقِضَاء والقرون، إِلَى الانقراض، فيتقارب زمانهم وتتدانى أيامهم. وَقَالَ ابْن بطال: مَعْنَاهُ. وَالله أعلم تفَاوت أَحْوَاله فِي أَهله فِي قلَّة الدّين حَتَّى لَا يكون فيهم من يَأْمر بِمَعْرُوف وَلَا ينْهَى عَن مُنكر لغَلَبَة الْفسق وَظُهُور أَهله، وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث: لَا يزَال النَّاس بِخَير مَا كَانَ فيهم أهل فضل وَصَلَاح وَخَوف الله يلجأ إِلَيْهِم عِنْد الشدائد ويستشفى بآرائهم ويتبرك بدعائهم وَيُؤْخَذ بقَوْلهمْ وآثارهم. قَوْله: وَينْقص الْعَمَل قيل: نقص الْعَمَل الْحسي ينشأ عَن نقص الدّين ضَرُورَة، وَأما الْمَعْنَوِيّ فسببه مَا يدْخل من الْخلَل بِسَبَب سوء الْمطعم وَقلة المساعد على الْعَمَل، وَالنَّفس ميالة إِلَى الرَّاحَة. قَوْله: ويلقى الشُّح أَي: الْبُخْل والحرص، ويلقى بِضَم الْيَاء من الْإِلْقَاء وَالْمرَاد إلقاؤه فِي قُلُوب النَّاس على اخْتِلَاف أَحْوَالهم وَلَيْسَ المُرَاد وجود أصل الشُّح لِأَنَّهُ لم يزل مَوْجُودا. وَقَالَ الْحميدِي: الْمَحْفُوظ فِي الرِّوَايَات: يلقى، بِضَم أَوله وَيحْتَمل أَن يكون بِفَتْح اللَّام وَتَشْديد الْقَاف أَي: يتلَقَّى ويتعلم ويتواصى بِهِ، وَيُقَال: يحْتَمل أَن يكون إِلْقَاء الشُّح عَاما فِي الْأَشْخَاص، والمحذور من ذَلِك مَا يَتَرَتَّب

(24/182)


عَلَيْهِ مفْسدَة، والشحيح شرعا هُوَ من منع مَا وَجب عَلَيْهِ وَهُوَ مثلث الشين. قَالَ الْكرْمَانِي: وَذَلِكَ ثَابت فِي جَمِيع الْأَزْمِنَة ثمَّ قَالَ: المُرَاد غلبته وكثرته بِحَيْثُ يرَاهُ جَمِيع النَّاس. فَإِن قلت: تقدم فِي نزُول عِيسَى فِي كتاب الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، أَنه يفِيض المَال حَتَّى لَا يقبله أحد، وَفِي كتاب الزَّكَاة: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يطوف أحدكُم بِصَدَقَتِهِ لَا يجد من يقبلهَا. قلت: كِلَاهُمَا من أَشْرَاط السَّاعَة، لَكِن كل مِنْهُمَا، فِي زمَان غير زمَان الآخر. قَوْله: وَتظهر الْفِتَن المُرَاد كثرتها وانتشارها وَعدم التكاتم بهَا وَالله الْمُسْتَعَان. قَوْله: أيم هُوَ؟ أَي: الْهَرج: وأيم، بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَضم الْمِيم، وَأَصله: أَيّمَا، أَي: أَي شَيْء الْهَرج؟ قَالَ الْقَتْل الْقَتْل مكرراً وَضَبطه بَعضهم بتَخْفِيف الْيَاء، كَمَا قَالُوا: أيش، فِي مَوضِع أَي شَيْء، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: وَمَا هُوَ؟ وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: أيش هُوَ؟ قَالَ: الْقَتْل الْقَتْل.

7062 - 7063 حدّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوسَى، عنِ الأعْمَشِ، عنْ شَقِيقٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْده الله وَأبي مُوسَى فَقَالَا: قَالَ النبيُّ إنَّ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ لأيَّاماً يَنْزِلُ فِيها الجهْلُ، ويُرْفَعُ فِيها العِلمُ ويَكْثُرُ فِيها الهَرْجُ، والهرْجُ القَتْلُ
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ. وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وشقيق بن سَلمَة، وَعبد الله بن مَسْعُود، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَوَقع هُنَا عَن أبي ذَر عَن شُيُوخه فِي نُسْخَة مُعْتَمدَة: حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى، وَسقط فِي بعض النّسخ الْغَيْر الْمُعْتَمدَة. وَقَالَ عِيَاض: ثَبت للقابسي: عَن أبي زيد الْمروزِي، وَسقط للباقين، وَهُوَ الصَّوَاب.
قَوْله: لأياماً وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِحَذْف اللَّام. قَوْله: ينزل فِيهَا الْجَهْل نزُول الْجَهْل تمكنه فِي النَّاس بِرَفْع الْعلم، وَرفع الْعَمَل بِمَوْت الْعلمَاء. وَهُوَ معنى قَوْله: وَيرْفَع فِيهَا الْعلم

7064 - حدّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعْمَشُ، حدّثنا شَقِيقٌ قَالَ: جَلَسَ عَبْدُ الله وأبُو مُوَسى فَتَحَدَّثا، فَقَالَ أبُو مُوسَى: قَالَ النبيُّ إنَّ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ أيَّاماً يُرْفَعُ فِيها العِلْمُ، ويَنْزِلُ فِيها الجَهلُ، ويَكْثُرُ فِيها الهَرْجُ، والهَرْجُ القَتْلُ.
انْظُر الحَدِيث 7063 وطرفه
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه حَفْص بن غياث إِلَى آخِره.
قَوْله: أَيَّامًا ويروى لأياماً. وَقد فسر الْهَرج فِي هَذِه الرِّوَايَات الثَّلَاث بِالْقَتْلِ، فتدل صَرِيحًا على أَن تَفْسِير الْهَرج مَرْفُوع، وَلَا يُعَارض ذَلِك مَجِيئه فِي غير هَذِه الرِّوَايَات مَوْقُوفا، وَلَا كَونه بِلِسَان الْحَبَشَة.

7065 - حدّثنا قُتَيْبَةُ، حدّثنا جَرِيرٌ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ أبي وائِلٍ قَالَ: إنِّي لَجالِسٌ مَعَ عَبْدِ الله وَأبي مُوسَى، رَضِي الله عَنْهُمَا، فَقَالَ أبُو مُوسَى: سَمِعْتُ النبيَّ مِثْلَهُ والهَرْجُ بِلِسانِ الحَبَشَةِ القَتْلُ
انْظُر الحَدِيث 7063 وطرفه
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن جرير بن عبد الحميد عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة.
قَوْله: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: سَمِعت النَّبِي قيل: قَوْله: فَقَالَ أَبُو مُوسَى يدل على أَن الْقَائِل هُوَ أَبُو مُوسَى وَحده فِي الرِّوَايَات الْمَاضِيَة الَّتِي قَالَ فِيهَا: وَقَالا، لاحْتِمَال أَن أَبَا وَائِل سَمعه من عبد الله أَيْضا لدُخُوله فِي قَوْله فِي رِوَايَة الْأَعْمَش: فَقَالَ: قَالَا. قلت: أَكثر الروَاة اتَّفقُوا عَن الْأَعْمَش على أَنه عَن عبد الله وَأبي مُوسَى مَعًا. فَإِن قلت: رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش فَقَالَ: إِنَّه عَن أبي مُوسَى وَلم يذكر عبد الله: أخرجه مُسلم. قلت: أَشَارَ ابْن أبي خَيْثَمَة إِلَى تَرْجِيح قَول الْجَمَاعَة. قَوْله: والهرج بِلِسَان الْحَبَشَة الْقَتْل قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ إدراج من أبي مُوسَى، وَقَالَ صَاحب التَّوْضِيح قد عرفت أَن تَفْسِير الْهَرج ذكر غير مرّة مَا ظَاهره الرّفْع، وَمرَّة من كَلَام أبي مُوسَى، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأَنه بلغَة الْحَبَشَة، وَكَذَا سَاقه الْجرْمِي فِي غَرِيبه من كَلَام أبي مُوسَى

(24/183)


قَالَ: الْحَبَش يدعونَ الْقَتْل الْهَرج، وَقيل، فِي ذَلِك: إِن، أصل الْهَرج فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة الِاخْتِلَاط، يُقَال: هرج النَّاس إِذا خلطوا وَاخْتلفُوا، وهرج الْقَوْم فِي حَدِيثهمْ إِذا أَكْثرُوا وخلطوا، وَأَخْطَأ من قَالَ: فنسبة تَفْسِير الْهَرج بِالْقَتْلِ للسان الْحَبَشَة وهم من بعض الروَاة وإلاَّ فَهِيَ عَرَبِيَّة صَحِيحَة، وَوجه الْخَطَأ أَنَّهَا لَا تسْتَعْمل فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة بِمَعْنى الْقَتْل، إلاَّ على طَرِيق الْمجَاز، لكَون الِاخْتِلَاط مَعَ الِاخْتِلَاف يُفْضِي كثيرا إِلَى الْقَتْل، وَكَثِيرًا مَا يسمون الشَّيْء باسم مَا يؤول إِلَيْهِ، وَكَيف يدعى على مثل أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْوَهم فِي تَفْسِير لَفْظَة لغوية، بل الصَّوَاب مَعَه وَاسْتِعْمَال الْعَرَب الْهَرج بِمَعْنى الْقَتْل لَا يمْنَع كَونهَا لُغَة الْحَبَشَة وَإِن ورد اسْتِعْمَالهَا فِي الِاخْتِلَاط وَالِاخْتِلَاف لحَدِيث معقل بن يسَار رَفعه: الْعِبَادَة فِي الْهَرج لهجرة إِلَيّ، أخرجه مُسلم.

7066 - حدّثنا مُحَمَّد، حدّثنا غُنْدَرٌ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ واصِلٍ، عنْ أبي وائِلٍ، عنْ عَبْدِ الله، وأحْسِبهُ رفَعَهُ قَالَ: بَيْنَ يَدَي السَّاعةِ أيَّامُ الهرْجِ يَزُول فِيها العِلْمُ ويَظْهَرُ فِيها الجَهْلُ، قَالَ أبُو مُوسَى: والهَرْجُ القَتْلُ بِلِسانِ الحَبَشَةِ.
انْظُر الحَدِيث 7062
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي مُوسَى أخرجه عَن مُحَمَّد وَلم ينْسبهُ أَكثر الروَاة وَنسبه أَبُو ذَر فِي رِوَايَته، وَقَالَ مُحَمَّد بن بشار: وَقَالَ الكلاباذي: مُحَمَّد بن بشار وَمُحَمّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن الْوَلِيد رووا عَن غنْدر فِي الْجَامِع قلت: يُشِير بذلك إِلَى أَن مُحَمَّدًا الَّذِي ذكر هُنَا غير مَنْسُوب يحْتَمل أَن يكون أحد الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين، وَلَكِن أَبُو ذَر نسبه فَقَالَ: مُحَمَّد بن بشار، وَهُوَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ كثيرا مَا يروي عَن غنْدر وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وواصل هُوَ ابْن حبَان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف يروي عَن أبي وَائِل شَقِيق عَن عبد الله بن مَسْعُود.
قَوْله: وَأَحْسبهُ رَفعه أَي: قَالَ أَبُو وَائِل: أَحسب عبد الله رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي

7067 - وَقَالَ أبُو عَوَانَةَ، عنْ عاصِمٍ، عنْ أبي وائِلٍ، عنِ الأشْعَرِيِّ أنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ الله: تَعْلَم الأيَّامَ الَّتي ذَكَرَ النبيُّ أيَّامَ الهَرْجِ نَحْوَهُ
أَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَبعد الْألف نون اسْمه الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي، وَعَاصِم هُوَ ابْن أبي النجُود القارىء الْمَشْهُور يروي عَن أبي وَائِل شَقِيق عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.
قَوْله: نَحوه أَي: نَحْو الحَدِيث الْمَذْكُور: بَين يَدي السَّاعَة أَيَّام الْهَرج.
قَالَ ابنُ مَسْعُودٍ: سَمِعْتُ النبيَّ يَقُولُ مَنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وهُمْ أحْياءٌ
فِي بعض النّسخ: فَقَالَ ابْن مَسْعُود، يَعْنِي بالسند الْمَذْكُور، وَقَالَ ابْن التِّين: هَذَا إِخْبَار عَن أَن الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ شرار الْخلق وهم حينئذٍ أَحيَاء إِذْ ذَاك، وَقَالَ ابْن بطال: وَهُوَ، وَإِن كَانَ لَفظه الْعُمُوم فَالْمُرَاد بِهِ الْخُصُوص، وَمَعْنَاهُ: أَن السَّاعَة تقوم فِي الْأَغْلَب وَالْأَكْثَر على شرار النَّاس بِدَلِيل قَوْله لَا تزَال طَائِفَة، من أمتِي على الْحق منصورة لَا يَضرهَا من ناوأها حَتَّى تقوم السَّاعَة، فَدلَّ هَذَا الْخَبَر على أَن السَّاعَة أَيْضا تقوم على قوم فضلاء وَأَنَّهُمْ فِي صبرهم على دينهم كالقابض على الْجَمْر.

6 - (بابٌ لَا يَأْتِي زَمانٌ إلاّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا يَأْتِي زمَان ... إِلَى آخِره.

7068 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ، حدّثنا سُفْيانُ، عنِ الزُّبَيْرِ بنِ عَدِيَ قَالَ: أتَيْنا أنَسَ بنَ مالِكٍ فَشَكَوْنا إلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: اصْبِرُوا فإنهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمانٌ إلاَّ والّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ

(24/184)


التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة هِيَ عين الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الْبَاب.
وَمُحَمّد بن يُوسُف أَبُو أَحْمد البُخَارِيّ البيكندي، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالزُّبَيْر بن عدي الْكُوفِي الْهَمدَانِي بِسُكُون الْمِيم من صغَار التَّابِعين ولي قَضَاء الرّيّ وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْفِتَن عَن ابْن بشار بِهِ.
قَوْله: مَا نلقى من الْحجَّاج هُوَ ابْن يُوسُف الثَّقَفِيّ الْأَمِير الْمَشْهُور، ويروى: شَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا يلقون، فِيهِ الثِّقَات، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: فشكوا، وَوَقع عِنْد أبي نعيم: نشكوا، بنُون وَمَعْنَاهُ: شكوا مَا يلقون من ظلمه لَهُم وتعديه، وَذكر الزبير فِي الموفقيات من طَرِيق مجَالد عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَمن بعده إِذا أخذُوا العَاصِي أقاموه للنَّاس ونزعوا عمَامَته، فَلَمَّا كَانَ زِيَاد ضرب فِي الْجِنَايَات بالسياط، ثمَّ زَاد مُصعب بن الزبير حلق اللِّحْيَة، فَلَمَّا كَانَ بشر بن مَرْوَان سمر كف الْجَانِي بمسمار، فَلَمَّا قدم الْحجَّاج قَالَ: هَذَا كُله لعب فَقتل بِالسَّيْفِ. قَوْله: اصْبِرُوا أَي: عَلَيْهِ، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة عبد الرحمان بن مهْدي. قَوْله: فَإِنَّهُ أَي: فَإِن الشان وَالْحَال. قَوْله: زمَان وَفِي رِوَايَة عبد الرحمان: عَام. قَوْله: إلاَّ وَالَّذِي بعده كَذَا لأبي ذَر بِالْوَاو وَسَقَطت فِي رِوَايَة البَاقِينَ. قَوْله: شَرّ مِنْهُ كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر والنسفي، أشر، وَعَلِيهِ شرح ابْن التِّين يُقَال: كَذَا وَقع أشر، بِوَزْن أفعل، وَقد قَالَ الْجَوْهَرِي: فلَان شَرّ من فلَان، وَلَا يُقَال: أشرَ إلاَّ فِي لُغَة رَدِيئَة. قلت: إِن صحت الرِّوَايَة بأفعل التَّفْضِيل لَا يلْتَفت إِلَى مَا قَالَه الْجَوْهَرِي وَغَيره. فَإِن قلت: هَذَا الْإِطْلَاق مُشكل لِأَن بعض الْأَزْمِنَة يكون فِي الشَّرّ دون الَّذِي قبله، وَهَذَا عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بعد الْحجَّاج بِيَسِير وَقد اشْتهر خيرية زَمَانه بل قيل: إِن الشَّرّ اضمحل فِي زَمَانه. قلت: حمله الْحسن الْبَصْرِيّ على الْأَكْثَر الْأَغْلَب فَسئلَ عَن وجود عمر بن عبد الْعَزِيز بعد الْحجَّاج، فَقَالَ: لَا بُد للنَّاس من تَنْفِيس، وَقيل: إِن المُرَاد بالتفضيل تَفْضِيل مَجْمُوع الْعَصْر، فَإِن عصر الْحجَّاج كَانَ فِيهِ كثير من الصَّحَابَة أَحيَاء، وَفِي عصر عمر بن عبد الْعَزِيز انقرضوا، وَالزَّمَان الَّذِي فِيهِ الصَّحَابَة خير من الزَّمَان الَّذِي بعده لقَوْله خير الْقُرُون قَرْني، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَوله: أَصْحَابِي أَمَنَة لأمتي فَإِذا ذهب أَصْحَابِي أَتَى أمتِي مَا يوعدون، أخرجه مُسلم. فَإِن قلت: مَا تَقول فِي زمن عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِنَّهُ بعد زمَان الدَّجَّال. قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: إِن المُرَاد بِالزَّمَانِ الزَّمَان الَّذِي يكون بعد عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، أَو المُرَاد جنس الزَّمَان الَّذِي فِيهِ الْأُمَرَاء وإلاَّ فمعلوم من الدّين بِالضَّرُورَةِ أَن زمَان النَّبِي الْمَعْصُوم لَا شَرّ فِيهِ. قَوْله: حَتَّى تلقوا ربكُم أَي: حَتَّى تَمُوتُوا. قَوْله: سمعته من نَبِيكُم وَفِي رِوَايَة أبي نعيم: سَمِعت ذَلِك.

7069 - حدّثنا أبُو اليمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنِ الزُّهْرِيِّ. ح وحدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني أخِي عنْ سُلَيْمانَ عنْ مُحَمَّدِ بنِ أبي عَتِيقٍ، عَن ابْن شِهاب عنْ هِنْدٍ بِنْتِ الحارِثِ الفِراسِيَّةِ أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتِ اسْتَيْقَظَ رسولُ الله لَيْلَةً فَزِعاً يَقُولُ سُبْحانَ الله مَاذَا أنْزَلَ الله مِنَ الخَزائِنِ؟ وماذا أُنْزِلَ مِنَ الفِتَنِ؟ مَنْ يُوقظُ صَواحِبَ الحُجَرَاتِ يُرِيدُ أزْواجَهُ لِكَيْ يُصَلِّينَ؟ رُبَّ كاسِيَةٍ فِي الدنيْا عارِيَةٍ فِي الآخِرَة
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: وماذا أنزل من الْفِتَن أَي: الشرور فَتكون تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي اسْتَيْقَظَ فِيهَا النَّبِي أشر من اللَّيْلَة الَّتِي قبلهَا.
وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن هِنْد. وَالْآخر: عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أَخِيه عبد الحميد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ابْن شهَاب عَن هِنْد بنت الْحَارِث الفراسية بِكَسْر الْفَاء وَتَخْفِيف الرَّاء وبالسين الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى بطن من كنَانَة وهم إخْوَة قُرَيْش، وَكَانَت هِنْد زوج معبد بن الْمِقْدَاد، وَقد قيل: إِن لَهَا صُحْبَة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم والعظة فِي اللَّيْل.
لَة نصب على الظَّرْفِيَّة. قَوْله: فَزعًا بِفَتْح الْفَاء وَكسر الزَّاي وبالعين الْمُهْملَة أَي: خَائفًا وَهُوَ نصب على الْحَال. قَوْله: يَقُول فِي مَوضِع الْحَال، وَفِي رِوَايَة

(24/185)


سُفْيَان: فَقَالَ: سُبْحَانَ الله. قَوْله: مَاذَا أنزل الله هَكَذَا فِي راية الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: مَاذَا أنزل، بِضَم الْهمزَة من الخزائن أَي: الْخيرَات، وَهُوَ جمع خزانَة وَهُوَ الْموضع أَو الْوِعَاء الَّذِي يحفظ فِيهِ الشَّيْء. قَوْله: وماذا أنزل من الْفِتَن أَي: الشرور. وَقَوله: من يوقظ صَوَاحِب الحجرات كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان: أيقظوا، بِصِيغَة الْأَمر، ندب بعض خدمه لذَلِك، والصواحب جمع صَاحِبَة، والحجرات جمع حجرَة، وَهُوَ الْموضع الْمُنْفَرد فِي الدَّار. قَوْله: يُرِيد أَزوَاجه لكَي يصلين وَفِي رِوَايَة شُعَيْب: حَتَّى يصلين، وخلت سَائِر الرِّوَايَات من هَذِه الزِّيَادَة. قَوْله: رب كاسية وَفِي رِوَايَة سُفْيَان: فَرب كاسية، بفاء فِي أَوله، وَفِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك: يَا رب كاسية، وَفِي رِوَايَة هِشَام: كم من كاسية: وَهَذَا يُؤَيّد مَا قَالَ ابْن مَالك: رب، أَكثر مَا يرد للتكثير وَهَذَا بِخِلَاف مَا قَالَ أَكثر النَّحْوِيين: إِن، رب، للتقليل وَأَن معنى مَا يصدر بهَا الْمُضِيّ، وَالصَّحِيح أَن مَعْنَاهَا فِي الْغَالِب التكثير وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَاب كم: وَاعْلَم أَن كم فِي الْخَبَر لَا تعْمل إلاَّ مَا تعْمل فِيهِ: رب، لِأَن الْمَعْنى وَاحِد إلاَّ أَن كم اسْم، وَرب غير اسْم، وَمعنى: كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية فِي الْآخِرَة كاسية فِي الدُّنْيَا بالثياب لوُجُود الْغنى عَارِية فِي الْآخِرَة من الثَّوَاب لعدم الْعَمَل فِي الدُّنْيَا. وَقيل: كاسية فِي الدُّنْيَا لَكِنَّهَا شفافة لَا تستر عورتها فتعاقب فِي الْآخِرَة بالعري جَزَاء على ذَلِك، وَقيل: كاسية من النعم عَارِية من الشُّكْر، فَهِيَ عَارِية فِي الْآخِرَة من الثَّوَاب.

7 - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من حَمَلَ عَليْنا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا))

أَي: هَذَا بَاب فِيهِ قَول النَّبِي من حمل ... الخ.

7070 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ، أخبرنَا مالِكٌ، عنْ نافِعٍ، عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ حَمَلَ عَليْنا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا
انْظُر الحَدِيث 6874
التَّرْجَمَة عين الحَدِيث. والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْمُحَاربَة عَن أبي الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح، وَمعنى الحَدِيث: من حمل السِّلَاح على الْمُسلمين لقتالهم بِهِ بِغَيْر حق. قَوْله: فَلَيْسَ منا أَي: لَيْسَ على طريقتنا أَو لَيْسَ مُتبعا طريقتنا لِأَن حق الْمُسلم على الْمُسلم أَن ينصره وَيُقَاتل دونه لَا أَن يرعبه بِحمْل السِّلَاح عَلَيْهِ لإِرَادَة قِتَاله أَو قَتله. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَي لَيْسَ مِمَّن اتبع سنتنا وسلك طريقتنا إِلَّا أَنه يُرِيد لَيْسَ من ديننَا. قَالَ: فَمَا قَوْلك فِي الطَّائِفَتَيْنِ إِحْدَاهمَا باغية؟ ثمَّ أجَاب بقوله: الباغية لَيست متبعة سنة النَّبِي

7071 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلاءِ، حدّثنا أبُو أُسامَةَ، عنْ بُرَيْدٍ، عنْ أبي بُرْدَةَ، عنْ أبي مُوساى عنِ النبيِّ قَالَ: مَنْ حَمَلَ عَليْنا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا
هَذَا أَيْضا مثل مَا قبله أخرجه عَن أبي كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَن أبي أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة عَن بريد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء ابْن عبد الله عَن جده أبي بردة عَامر أَو حَارِث عَن أَبِيه أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن أبي كريب وَأبي عَامر. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْحُدُود عَن أبي كريب وَأبي السَّائِب. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مَحْمُود بن غيلَان وَغَيره.

7072 - حدّثنا مُحَمَّدٌ، أخبرنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ هَمَّامٍ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يُشِيرُ أحَدُكُمْ عَلى أخِيهِ بِالسِّلاحِ فإنّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطانَ يَنْزِغُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: لَا يُشِير أحدكُم على أَخِيه بِالسِّلَاحِ فَإِن فِيهِ معنى الْحمل عَلَيْهِ.
أخرجه عَن مُحَمَّد قَالَ

(24/186)


الْكرْمَانِي: هُوَ الذهلي، وَكَذَا جزم بِهِ أَبُو عَليّ الجياني بِأَنَّهُ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون مُحَمَّد بن رَافع فَإِن مُسلما أخرج هَذَا الحَدِيث عَن مُحَمَّد بن رَافع عَن عبد الرَّزَّاق. قلت: الِاحْتِمَال بعيد فَإِن إِخْرَاج مُسلم هَذَا الحَدِيث عَن مُحَمَّد بن رَافع عَن عبد الرَّزَّاق لَا يسْتَلْزم إِخْرَاج البُخَارِيّ كَذَلِك، وَمعمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد وَهَمَّام بِالتَّشْدِيدِ ابْن مُنَبّه.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن رَافع.
قَوْله: لَا يُشِير نفي وَيجوز: لَا يشر، بِصُورَة النَّهْي. قَوْله: فَإِنَّهُ أَي: فَإِن الَّذِي يُشِير لَا يدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَان ينزغ بالغين الْمُعْجَمَة، قَالَ الْخَلِيل فِي الْغَيْن: نَزغ الشَّيْطَان بَين الْقَوْم نزغاً حمل بَعضهم على بعض بِالْفَسَادِ، وَمِنْه {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا وَقَالَ ياأَبَتِ هَاذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاى مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَى إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ السِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِى وَبَيْنَ إِخْوَتِى إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِالْعينِ الْمُهْملَة، وَنقل عِيَاض عَن جَمِيع رُوَاة مُسلم بِالْعينِ الْمُهْملَة وَمَعْنَاهُ: يَرْمِي بِيَدِهِ ويحقق الضَّرْبَة، وَمن رَوَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ قَالَ: هُوَ من الإغراء، أَي: يزين لَهُ تحقق الضَّرْبَة. قَوْله: فَيَقَع فِي حُفْرَة من النَّار كِنَايَة عَن وُقُوعه فِي الْمعْصِيَة الَّتِي تُفْضِي بِهِ إِلَى دُخُول النَّار.
وَفِي الحَدِيث: النَّهْي عَمَّا يُفْضِي إِلَى الْمَحْذُور وَإِن لم يكن الْمَحْذُور محققاً، سَوَاء كَانَ ذَلِك فِي جد أَو هزل، وروى التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة خَالِد الْحذاء عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: من أَشَارَ إِلَى أَخِيه بحديدة لعنته الْمَلَائِكَة، وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.

7073 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا سُفيْانُ، قَالَ: قُلْتُ لِ عَمْرو: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ بِسِهامٍ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ رسولُ الله أمْسِكْ بِنِصِالِها قَالَ: نَعَمْ.
انْظُر الحَدِيث 451 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: أمسك بنصالها فَإِن فِي تَركه رُبمَا يحصل خدش وَهُوَ فِي معنى حمل السِّلَاح على الْمُسلمين.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة فِي أول الْمَسَاجِد.
قَوْله: قَالَ: نعم الْقَائِل هُوَ عَمْرو جَوَابا لقَوْل سُفْيَان، وَأَبُو مُحَمَّد كنية عَمْرو.

7074 - حدّثنا أبُو النُّعْمانِ، حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عنْ عَمْرِو بنِ دِينارٍ، عنْ جابِرٍ أنَّ رَجُلاً مَرَّ فِي المَسْجِدِ بِأسْهُمٍ قَدْ أبْدَى نُصُولها، فأُمِرَ أنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِها لَا يَخْدِشُ مُسْلِماً.
انْظُر الحَدِيث 451 وطرفه
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث جَابر أخرجه عَن أبي النُّعْمَان بن مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي.
قَوْله: بأسهم جمع سهم. قَوْله: قد أبدى أَي: أظهر، والنصول جمع نصل وَهُوَ حَدِيدَة السهْم. قَوْله: فَأمر على صِيغَة الْمَجْهُول والآمر هُوَ الشَّارِع. قَوْله: لَا يخدش بِالْخَاءِ والشين المعجمتين من خدش يخدش من بَاب ضرب يضْرب خدشاً بِالْفَتْح وخدش الْجلد قشره بِعُود أَو نَحوه، وَهُوَ أول الْجراح.

7075 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلاءِ، حدّثنا أبُو أُسامَة، عنْ بُرَيْدٍ عنْ أبي بُرْدَةَ، عنْ أبي مُوساى عنِ النبيِّ قَالَ: إِذا مَرَّ أحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنا أوْ فِي سُوقِنا ومَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلى نِصالها، أوْ قَالَ: فَلْيَقَبِضْ بِكَفِّهِ أنْ يُصِيبَ أحَداً مِنَ المُسْلِمِينَ مِنْها شَيْءٌ
انْظُر الحَدِيث 452
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فليمسك على نصالها كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب.
وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد بِضَم الْبَاء ابْن عبد الله يروي عَن جده أبي بردة عَامر أَو حَارِث عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: فليقبض بكفه أَي: على النصال. قَوْله: وَمَعَهُ نبل جملَة حَالية، والنبل بِفَتْح النُّون السِّهَام. قَوْله: أَن يُصِيب كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: كَرَاهَة الْإِصَابَة أَو كلمة: لَا، فِيهِ مقدرَة نَحْو: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلَالَةِ إِن امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُو اْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ}