عمدة القاري شرح صحيح البخاري

95 - (كتابُ أَخْبارِ الآحَادِ)

1

- (بابُ مَا جاءَ فِي إجازَة خَبَرِ الواحِدِ الصَّدُوقِفي الأذَانِ والصلاَةِ والصَّوْمِ والفَرائِضِ والأحْكامِ

(25/11)


(
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي إجَازَة خبر الْوَاحِد ... الخ، الْإِجَازَة هُوَ الإنفاذ وَالْعَمَل بِهِ وَالْقَوْل بحجيته. قَوْله: الصدوق، بِبِنَاء الْمُبَالغَة وَالْمرَاد أَن يكون لَهُ ملكة الصدْق يَعْنِي: يكون عدلا وَهُوَ من بَاب إِطْلَاق اللَّازِم وَإِرَادَة الْمَلْزُوم. قَوْله: فِي الْأَذَان ... الخ. إِنَّمَا ذكر هَذِه الْأَشْيَاء ليعلم أَن إِنْفَاذ الْخَبَر إِنَّمَا هُوَ فِي العمليات لَا فِي الاعتقاديات، وَالْمرَاد بِقبُول خَبره فِي الْأَذَان أَنه إِذا كَانَ مؤتمناً فَأذن تضمن دُخُول الْوَقْت فجازت صَلَاة ذَلِك الْوَقْت، وَفِي الصَّلَاة الْإِعْلَام بِجِهَة الْقبْلَة، وَفِي الصَّوْم الْإِعْلَام بِطُلُوع الْفجْر أَو غرُوب الشَّمْس. قَوْله: والفرائض من عطف الْعَام على الْخَاص. قَوْله: وَالْأَحْكَام جمع الحكم وَهُوَ خطاب الله تَعَالَى الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير، وَهُوَ من عطف الْعَام على عَام أخص مِنْهُ لِأَن الْفَرَائِض فَرد من الْأَحْكَام.
قُم اعْلَم أَنه عِنْد جَمِيع الروَاة هَكَذَا: بَاب مَا جَاءَ ... الخ، بِلَفْظ: بَاب، وَوَقع فِي بعض النّسخ قبل الْبَسْمَلَة: كتاب خبر الْوَاحِد، وَكَذَا وَقع عِنْد الْكرْمَانِي، وَثبتت الْبَسْمَلَة قبل لفظ: بَاب، فِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي، وَسَقَطت لأبي ذَر والقابسي والجرجاني.
وَقَوْل الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}
وَقَول الله تَعَالَى بِالْجَرِّ عطف على الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي بَاب مَا جَاءَ، أَي: وَفِي بَيَان قَول الله تَعَالَى، وسَاق الْآيَة كلهَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة غَيرهَا وَقَول الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} الْآيَة وَأول الْآيَة قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} الْآيَة. وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة أَن الله لما أنزل فِي حق الْمُنَافِقين مَا أنزل بِسَبَب تخلفهم عَن الْغُزَاة مَعَ رَسُول الله قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: وَالله لَا نتخلف غَزْوَة يغزوها رَسُول الله وَلَا سَرِيَّة أبدا، فَلَمَّا أرسل السَّرَايَا بعد تَبُوك نفر الْمُؤْمِنُونَ جَمِيعًا وتركوه وَحده، فَنزلت هَذِه الْآيَة ولفظها لفظ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ الْأَمر، وَالْمعْنَى: مَا كَانَ لَهُم أَن ينفروا جَمِيعًا بل ينفر بَعضهم وَيبقى مَعَ النَّبِي بعض قَوْله: {فلولا نفر} يَعْنِي: فحين لم يكن نفير الكافة وَلم يكن مصلحَة فَهَلا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة؟ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَي: من كل جمَاعَة كَثِيرَة قَليلَة مِنْهُم يكفونهم النفير {ليتفقهوا بِالدّينِ} أَي: ليتكلفوا الفقاهة. فِيهِ {ولينذروا قَومهمْ} بعلمهم {إِذا رجعُوا إِلَيْهِم} أَي النافرين لَعَلَّهُم يحذرون إِرَادَة أَن يحذروا الله فيعملوا عملا صَالحا، وَالْكَلَام فِي الطَّائِفَة، وَمُرَاد البُخَارِيّ أَن لفظ طَائِفَة يتَنَاوَل الْوَاحِد فَمَا فَوْقه وَلَا يخْتَص بِعَدَد معِين، وَهُوَ مَنْقُول عَن ابْن عَبَّاس وَالنَّخَعِيّ وَمُجاهد وَعَطَاء وَعِكْرِمَة، وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا: من أَرْبَعَة إِلَى أَرْبَعِينَ، وَعَن الزُّهْرِيّ: ثَلَاثَة، وَعَن الْحسن: عشرَة، وَعَن مَالك: أقل الطَّائِفَة أَرْبَعَة، وَعَن عَطاء: اثْنَان فَصَاعِدا، وَقَالَ الرَّاغِب: لفظ طَائِفَة يُرَاد بهَا الْجمع وَالْوَاحد طائف وَيُرَاد بهَا الْوَاحِد.
ويُسَمَّى الرَّجُلُ طائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُو اْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فَلَو اقْتَتَل رَجُلانِ دَخَلَ فِي مَعْنَى الآيَةِ.
لَو قَالَ: وَيُسمى الْوَاحِد، أَو الشَّخْص، لَكَانَ أولى. قَوْله لقَوْله تَعَالَى: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُو اْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} اسْتِدْلَال مِنْهُ بِهَذِهِ الْآيَة على أَن الْوَاحِد يُسمى طَائِفَة. قَوْله: فَلَو اقتتل رجلَانِ، دخل فِي معنى الْآيَة لإِطْلَاق الطَّائِفَة على الْوَاحِد، وَعَن مُجَاهِد فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة أَنَّهُمَا كَانَا رجلَيْنِ، ويروى: فَلَو اقتتل الرّجلَانِ بِالْألف وَاللَّام. قَوْله: دخل، ويروى: دخلا، وَهُوَ الصَّوَاب.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُو اْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُو اْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}
قَالَ الْكرْمَانِي: وَجه الِاسْتِدْلَال بِهِ أَنه أوجب الحذر عِنْد مَجِيء فَاسق بِنَبَأٍ، أَي: بِخَبَر وَأمر بالتبين عِنْد الْفسق فَحَيْثُ لَا فسق لَا يجب التبين فَيجب الْعَمَل بِهِ. وَقَالَ بَعضهم: وَجه الدّلَالَة مِنْهَا تُؤْخَذ من مفهومي الشَّرْط وَالصّفة فَإِنَّهُمَا يقتضيان قبُول

(25/12)


خبر الْوَاحِد الْعدْل. انْتهى. قلت: كَلَام الْكرْمَانِي كَاد أَن يقرب وَكَلَام الآخر كَاد أَن يبعد جدا لِأَن الْخصم لَا يَقُول بِالْمَفْهُومِ، وَالَّذِي يظْهر أَنه إِنَّمَا ذكر هَذِه الْآيَة لقَوْله فِي التَّرْجَمَة: خبر الْوَاحِد الصدوق، وَاحْتج بهَا على أَن خبر الْوَاحِد الْفَاسِق لَا يقبل، فَافْهَم.
وَكَيْفَ بَعَثَ النبيُّ أُمَرَاءَهُ وَاحِداً بَعْدَ واحِدٍ فإنْ سَهَا أحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنةِ.
اسْتدلَّ بِهَذَا أَيْضا على إجَازَة خبر الْوَاحِد الصَّادِق، فَإِن النَّبِي كَانَ يبْعَث أمراءه إِلَى الْجِهَاد وَاحِدًا بعد وَاحِد لِأَن خبر الْوَاحِد لَو لم يكن مَقْبُولًا لما كَانَ فِي إرْسَاله معنى. وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِذا كَانَ خبر الْوَاحِد مَقْبُولًا فَمَا فَائِدَة بعث الآخر بعد الأول؟ . قلت: لرده إِلَى الْحق عِنْد سَهْوه، وَهُوَ معنى قَوْله: فَإِن سَهَا وَاحِد مِنْهُم، أَي: من الْأُمَرَاء المبعوثين، رد إِلَى السّنة وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول، وَأَرَادَ بِالسنةِ الطَّرِيق الْحق والمنهج الصَّوَاب. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَالسّنة هِيَ الطَّرِيقَة المحمدية، يَعْنِي: شَرِيعَته وَاجِبا ومندوباً وَغَيرهمَا.

1

- (بابُ مَا جاءَ فِي إجازَة خَبَرِ الواحِدِ الصَّدُوقِفي الأذَانِ والصلاَةِ والصَّوْمِ والفَرائِضِ والأحْكامِ
(
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي إجَازَة خبر الْوَاحِد ... الخ، الْإِجَازَة هُوَ الإنفاذ وَالْعَمَل بِهِ وَالْقَوْل بحجيته. قَوْله: الصدوق، بِبِنَاء الْمُبَالغَة وَالْمرَاد أَن يكون لَهُ ملكة الصدْق يَعْنِي: يكون عدلا وَهُوَ من بَاب إِطْلَاق اللَّازِم وَإِرَادَة الْمَلْزُوم. قَوْله: فِي الْأَذَان ... الخ. إِنَّمَا ذكر هَذِه الْأَشْيَاء ليعلم أَن إِنْفَاذ الْخَبَر إِنَّمَا هُوَ فِي العمليات لَا فِي الاعتقاديات، وَالْمرَاد بِقبُول خَبره فِي الْأَذَان أَنه إِذا كَانَ مؤتمناً فَأذن تضمن دُخُول الْوَقْت فجازت صَلَاة ذَلِك الْوَقْت، وَفِي الصَّلَاة الْإِعْلَام بِجِهَة الْقبْلَة، وَفِي الصَّوْم الْإِعْلَام بِطُلُوع الْفجْر أَو غرُوب الشَّمْس. قَوْله: والفرائض من عطف الْعَام على الْخَاص. قَوْله: وَالْأَحْكَام جمع الحكم وَهُوَ خطاب الله تَعَالَى الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير، وَهُوَ من عطف الْعَام على عَام أخص مِنْهُ لِأَن الْفَرَائِض فَرد من الْأَحْكَام.
قُم اعْلَم أَنه عِنْد جَمِيع الروَاة هَكَذَا: بَاب مَا جَاءَ ... الخ، بِلَفْظ: بَاب، وَوَقع فِي بعض النّسخ قبل الْبَسْمَلَة: كتاب خبر الْوَاحِد، وَكَذَا وَقع عِنْد الْكرْمَانِي، وَثبتت الْبَسْمَلَة قبل لفظ: بَاب، فِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي، وَسَقَطت لأبي ذَر والقابسي والجرجاني.
وَقَوْل الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}
وَقَول الله تَعَالَى بِالْجَرِّ عطف على الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي بَاب مَا جَاءَ، أَي: وَفِي بَيَان قَول الله تَعَالَى، وسَاق الْآيَة كلهَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة غَيرهَا وَقَول الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} الْآيَة وَأول الْآيَة قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} الْآيَة. وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة أَن الله لما أنزل فِي حق الْمُنَافِقين مَا أنزل بِسَبَب تخلفهم عَن الْغُزَاة مَعَ رَسُول الله قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: وَالله لَا نتخلف غَزْوَة يغزوها رَسُول الله وَلَا سَرِيَّة أبدا، فَلَمَّا أرسل السَّرَايَا بعد تَبُوك نفر الْمُؤْمِنُونَ جَمِيعًا وتركوه وَحده، فَنزلت هَذِه الْآيَة ولفظها لفظ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ الْأَمر، وَالْمعْنَى: مَا كَانَ لَهُم أَن ينفروا جَمِيعًا بل ينفر بَعضهم وَيبقى مَعَ النَّبِي بعض قَوْله: {فلولا نفر} يَعْنِي: فحين لم يكن نفير الكافة وَلم يكن مصلحَة فَهَلا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة؟ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَي: من كل جمَاعَة كَثِيرَة قَليلَة مِنْهُم يكفونهم النفير {ليتفقهوا بِالدّينِ} أَي: ليتكلفوا الفقاهة. فِيهِ {ولينذروا قَومهمْ} بعلمهم {إِذا رجعُوا إِلَيْهِم} أَي النافرين لَعَلَّهُم يحذرون إِرَادَة أَن يحذروا الله فيعملوا عملا صَالحا، وَالْكَلَام فِي الطَّائِفَة، وَمُرَاد البُخَارِيّ أَن لفظ طَائِفَة يتَنَاوَل الْوَاحِد فَمَا فَوْقه وَلَا يخْتَص بِعَدَد معِين، وَهُوَ مَنْقُول عَن ابْن عَبَّاس وَالنَّخَعِيّ وَمُجاهد وَعَطَاء وَعِكْرِمَة، وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا: من أَرْبَعَة إِلَى أَرْبَعِينَ، وَعَن الزُّهْرِيّ: ثَلَاثَة، وَعَن الْحسن: عشرَة، وَعَن مَالك: أقل الطَّائِفَة أَرْبَعَة، وَعَن عَطاء: اثْنَان فَصَاعِدا، وَقَالَ الرَّاغِب: لفظ طَائِفَة يُرَاد بهَا الْجمع وَالْوَاحد طائف وَيُرَاد بهَا الْوَاحِد.
ويُسَمَّى الرَّجُلُ طائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُو اْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فَلَو اقْتَتَل رَجُلانِ دَخَلَ فِي مَعْنَى الآيَةِ.
لَو قَالَ: وَيُسمى الْوَاحِد، أَو الشَّخْص، لَكَانَ أولى. قَوْله لقَوْله تَعَالَى: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُو اْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} اسْتِدْلَال مِنْهُ بِهَذِهِ الْآيَة على أَن الْوَاحِد يُسمى طَائِفَة. قَوْله: فَلَو اقتتل رجلَانِ، دخل فِي معنى الْآيَة لإِطْلَاق الطَّائِفَة على الْوَاحِد، وَعَن مُجَاهِد فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة أَنَّهُمَا كَانَا رجلَيْنِ، ويروى: فَلَو اقتتل الرّجلَانِ بِالْألف وَاللَّام. قَوْله: دخل، ويروى: دخلا، وَهُوَ الصَّوَاب.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُو اْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُو اْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}
قَالَ الْكرْمَانِي: وَجه الِاسْتِدْلَال بِهِ أَنه أوجب الحذر عِنْد مَجِيء فَاسق بِنَبَأٍ، أَي: بِخَبَر وَأمر بالتبين عِنْد الْفسق فَحَيْثُ لَا فسق لَا يجب التبين فَيجب الْعَمَل بِهِ. وَقَالَ بَعضهم: وَجه الدّلَالَة مِنْهَا تُؤْخَذ من مفهومي الشَّرْط وَالصّفة فَإِنَّهُمَا يقتضيان قبُول خبر الْوَاحِد الْعدْل. انْتهى. قلت: كَلَام الْكرْمَانِي كَاد أَن يقرب وَكَلَام الآخر كَاد أَن يبعد جدا لِأَن الْخصم لَا يَقُول بِالْمَفْهُومِ، وَالَّذِي يظْهر أَنه إِنَّمَا ذكر هَذِه الْآيَة لقَوْله فِي التَّرْجَمَة: خبر الْوَاحِد الصدوق، وَاحْتج بهَا على أَن خبر الْوَاحِد الْفَاسِق لَا يقبل، فَافْهَم.
وَكَيْفَ بَعَثَ النبيُّ أُمَرَاءَهُ وَاحِداً بَعْدَ واحِدٍ فإنْ سَهَا أحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنةِ.
اسْتدلَّ بِهَذَا أَيْضا على إجَازَة خبر الْوَاحِد الصَّادِق، فَإِن النَّبِي كَانَ يبْعَث أمراءه إِلَى الْجِهَاد وَاحِدًا بعد وَاحِد لِأَن خبر الْوَاحِد لَو لم يكن مَقْبُولًا لما كَانَ فِي إرْسَاله معنى. وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِذا كَانَ خبر الْوَاحِد مَقْبُولًا فَمَا فَائِدَة بعث الآخر بعد الأول؟ . قلت: لرده إِلَى الْحق عِنْد سَهْوه، وَهُوَ معنى قَوْله: فَإِن سَهَا وَاحِد مِنْهُم، أَي: من الْأُمَرَاء المبعوثين، رد إِلَى السّنة وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول، وَأَرَادَ بِالسنةِ الطَّرِيق الْحق والمنهج الصَّوَاب. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَالسّنة هِيَ الطَّرِيقَة المحمدية، يَعْنِي: شَرِيعَته وَاجِبا ومندوباً وَغَيرهمَا.

7246 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حدّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدثنَا أيُّوبُ عنْ أبي قِلابَةَ، حدّثنا مالِكٌ قَالَ: أتَيْنا النبيَّ ونَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقارِبُونَ فأقَمْنا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَانَ رسولُ الله رَقِيقاً فلمَّا ظَنَّ أنّا قَدِ اشْتَهَيْنا أهْلَنَا أوْ قَدِ اشْتَقْنا، سَألَنا عَمَّنْ تَرَكْنا بَعْدَنا، فأخْبَرَناهُ قَالَ: ارْجِعُوا إِلَى أهْلِيكُمْ فأقيمُوا فِيهِمْ، وعَلِّمُوهُمْ ومُرُوهُمْ وَذَكَرَ أشْياءَ أحْفَظُها، أَو لَا أحْفَظُها، وصلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أُصلِّي، فَإِذا حَضَرتِ الصِّلاة فليُؤذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ وَلِيؤمَّكُمْ أكْبَرْكُمْ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فليؤذن أحدكُم لِأَن أَذَان الْوَاحِد يُؤذن بِدُخُول الْوَقْت وَالْعَمَل بِهِ.
وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة بِكَسْر الْقَاف عبد الله بن زيد الْجرْمِي، وَمَالك هُوَ ابْن الْحُوَيْرِث بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة بن حشيش بشينين معجمتين على وزن عَظِيم من بني سعد بن لَيْث بن بكر بن عبد مَنَاة بن كنَانَة حجازي سكن الْبَصْرَة وَمَات بهَا سنة أَربع وَسبعين.
والْحَدِيث بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن قد مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب الْأَذَان للْمُسَافِر، وَقد كرر هَذَا الحَدِيث بِلَا فَائِدَة جَدِيدَة. وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: أَتَيْنَا النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَي: وافدين عَلَيْهِ. قَوْله: وَنحن شببة بشين مُعْجمَة وباءين موحدتين وفتحات: جمع شَاب، وَهُوَ من كَانَ دون الكهولة. قَوْله: متقاربون أَي: فِي السن، وَوَقع عِنْد أبي دَاوُد: متقاربون فِي الْعلم، وَعند مُسلم متقاربون فِي الْقِرَاءَة. قَوْله: رَقِيقا بقافين، ويروى: بفاء وقاف، وَعند مُسلم: بقافين، فَقَط. قَوْله: اشتهينا أهلنا وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَهْلينَا، بِكَسْر اللَّام وَزِيَادَة الْيَاء جمع أهل وَفِي الصَّلَاة: اشتقنا إِلَى أهلنا، وَالْمرَاد بالأهل الزَّوْجَات أَو أَعم من ذَلِك. قَوْله: سَأَلنَا بِفَتْح اللَّام وَالضَّمِير الْمَرْفُوع فِيهِ يرجع إِلَى النَّبِي قَوْله: ارْجعُوا إِلَى أهليكم إِنَّمَا أذن لَهُم بِالرُّجُوعِ لِأَن الْهِجْرَة كَانَت قد انْقَطَعت بعد الْفَتْح فَكَانَت الْإِقَامَة بِالْمَدِينَةِ بِاخْتِيَار الْوَافِد. قَوْله: وعلموهم أَي: الشَّرَائِع، قَوْله: ومروهم بالإتيان بالواجبات والاجتناب عَن الْمُحرمَات. قَوْله: أحفظها أَو لَا أحفظها لَيْسَ شكا بل هُوَ تنويع وَقَائِل هَذَا هُوَ أَبُو قلَابَة. قَوْله: وصلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي أَي: من جملَة الْأَشْيَاء الَّتِي حفظهَا أَبُو قلَابَة عَن مَالك هُوَ قَوْله هَذَا قَوْله: فَإِذا حضرت الصَّلَاة أَي: فَإِذا دخل وَقتهَا. قَوْله: أكبركم أَي: أفضلكم أَو أسنكم، وَعند النَّسَائِيّ: فِي الْفَضِيلَة.

7247 - حدّثنا مُسَدَّدٌ، عنْ يَحْياى، عنِ التَّيْمِيِّ، عنْ أبي عُثْمانَ، عنِ ابنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: لَا يَمْنَعَنَّ أحَدَكُمْ أذانُ بِلالٍ مِنْ سَحُورِه، فإنَّهُ يُؤذِّنُ أَو قَالَ: يُنادي بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قائِمَكُمْ ويُنَبِّهَ نائِمَكُمْ وَلَيْسَ الفَجْرُ أنْ يَقُولَ هاكذَا وجَمَعَ يَحْياى كَفَّيْهِ حتَّى يَقُولَ هاكَذَا

(25/13)


ومدَّ يَحَياى إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ.
انْظُر الحَدِيث 621 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: لَا يمنعن أحدكُم أَذَان بِلَال من سحوره فَإِنَّهُ يخبر أَن هَذَا الْوَقْت الَّذِي يُؤذن فِيهِ من اللَّيْل حَتَّى يجوز التسحر فِي ذَلِك الْوَقْت، وَهُوَ خبر وَاحِد صَدُوق فِي هَذَا الْأَذَان.
وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، والتيمي هُوَ سُلَيْمَان بن طرخان، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن النَّهْدِيّ، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْهَاء.
والْحَدِيث مضى فِي الْأَذَان قبل الْفجْر.
قَوْله: من سحوره بِالضَّمِّ وَهُوَ التسحر وبالفتح مَا يتسحر بِهِ من الطَّعَام. قَوْله: أَو قَالَ: يُنَادي شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: ليرْجع من الرجع وَهُوَ متعدٍ، وَمن الرُّجُوع لَازم. قَوْله: هَكَذَا أَي: مستطيلاً غير منتشر، وَهُوَ الصُّبْح الْكَاذِب. قَوْله: وَجمع يحيى هُوَ يحيى الْقطَّان الرَّاوِي قَوْله: حَتَّى يَقُول هَكَذَا أَي: حَتَّى يصير مستطيلاً منتشراً فِي الْأُفق ممدوداً من الطَّرفَيْنِ الْيَمين وَالشمَال، وَهُوَ الصُّبْح الصَّادِق.

7248 - حدّثنا مُوساى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ مُسْلِمٍ، حدّثنا عَبْدُ الله بنُ دِينارٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَوْله: إنَّ بِلالاً يُنادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُنادِيَ ابنُ أُمِّ مَكْتومٍ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: إِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي رَأس الحَدِيث السَّابِق، وَهُوَ أَيْضا فِي الْبَاب الْمَذْكُور.
وَابْن أم مَكْتُوم اسْمه عبد الله، وَقيل: عَمْرو بن قيس الْقرشِي العامري، وَاسم أم مَكْتُوم عَاتِكَة بنت عبد الله وَهُوَ ابْن خَال خَدِيجَة بنت خويلد رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، هَاجر إِلَى الْمَدِينَة قبل مقدم النَّبِي، اسْتَخْلَفَهُ النَّبِي على الْمَدِينَة ثَلَاث عشرَة مرّة، وَكَانَ أعمى.

7249 - حدّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنِ الحَكَم، عنْ إبْرَاهِيمَ، عنْ عَلْقَمَة عنْ عَبْدِ الله قَالَ: صلَّى بِنا النبيُّ الظُّهْرَ خَمْساً فَقِيلَ أزِيدَ فِي الصَّلاةِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قالُوا: صَلَّيْتَ خَمْساً؟ فَسَجَد سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ.
ا
قَالَ ابْن التِّين مَا حَاصله أَن هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بمطابق للتَّرْجَمَة لِأَن الْمخبر فِيهِ لَيْسَ بِوَاحِد وَإِنَّمَا كَانُوا جمَاعَة. وَأجَاب عَنهُ الْكرْمَانِي بِمَا حَاصله أَن هَذَا لم يخرج بِإِخْبَار الْجَمَاعَة عَن الْآحَاد، نعم صَار من الْأَخْبَار المفيدة لليقين بِسَبَب أَنه صَار محفوفاً بالقرائن. انْتهى. قلت: هَذَا جَوَاب غير مشبع، بل الْجَواب الْكَافِي هُوَ أَن حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن شيخين. أَحدهمَا هَذَا رَوَاهُ عَن حَفْص بن عمر بن غياث عَن شُعْبَة عَن الحكم بِفَتْح الْكَاف ابْن عتيبة مصغر عتبَة الْبَاب عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة بن قيس عَن عبد الله بن مَسْعُود، وَفِيه: قَالُوا صليت خمْسا. وَالْآخر أخرجه فِي الصَّلَاة فِي: بَاب مَا إِذا صلى خمْسا، رَوَاهُ عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة إِلَى ... آخِره، مثله سَوَاء، غير أَن فِيهِ: قَالَ، وَمَا ذَاك؟ قَالَ: صليت خمْسا فالقائل وَاحِد، فَصدقهُ النَّبِي، لكَونه صَدُوقًا عِنْده، فَهَذَا مُطَابق للتَّرْجَمَة فَلَا يضر إِيرَاد الحَدِيث الَّذِي فِيهِ الْقَائِلُونَ جمَاعَة فِي هَذِه التَّرْجَمَة، لِأَن الْحَدِيثين حَدِيث وَاحِد عَن صَحَابِيّ وَاحِد فِي حَادِثَة وَاحِدَة، وَأما حكم الحَدِيث فقد مضى بَيَانه هُنَاكَ.

7250 - حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ عنْ أيُّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْصَرَفَ مِن اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لهُ ذُو اليَدَيْنِ: أقَصُرَتِ الصَّلاةُ يَا رسولَ الله أمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ: أصَدقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ. فَقامَ رسولُ الله فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ

(25/14)


ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أوْ أطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ ثُمَّ رَفَعَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ، عمل بِخَبَر ذِي الْيَدَيْنِ وَهُوَ وَاحِد. فَإِن قلت: لم يكتف، بِمُجَرَّد إخْبَاره حَتَّى قَالَ: أصدق ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نعم قلت: لم يكن سُؤَاله مِنْهُم إِلَّا لأجل استثبات خَبره لكَونه انْفَرد دون من صلى مَعَه لاحْتِمَال خطئه فِي ذَلِك، وَلَا يلْزم من ذَلِك رد خَبره مُطلقًا.
وَشَيخ البُخَارِيّ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس واسْمه عبد الله ابْن أُخْت مَالك، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب من لم يتَشَهَّد فِي سَجْدَتي السَّهْو فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى. وَاسم ذِي الْيَدَيْنِ: خرباق، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الرَّاء وبالباء الْمُوَحدَة وبالقاف، ولقب بِهِ لطول فِي يَده.

7251 - حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ عنْ عَبْدِ الله بنِ دِينارٍ، عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنا النّاسُ بِقُباءٍ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ إذْ جاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إنَّ رسولَ الله قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فاسْتَقْبِلُوها، وكانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشّأمِ فاسْتَدارُوا إِلَى الكَعْبَةِ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي فِي قَوْله: إِذْ أَتَاهُم آتٍ لِأَن الصَّحَابَة قد عمِلُوا بِخَبَرِهِ واستداروا إِلَى الْكَعْبَة وَكَانَت وُجُوههم إِلَى الشَّام. وَمضى الحَدِيث فِي أَوَائِل الصَّلَاة فِي: بَاب مَا جَاءَ فِي الْقبْلَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك ... الخ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

7252 - حدّثنا يَحْياى، حدّثنا وَكِيعٌ عنْ إسْرَائِيلَ، عنْ أبي إسْحاقَ، عَن البَرَاءِ قَالَ: لما قَدِمَ رسولُ الله المَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَكَانَ يحبُّ أنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ. فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} فَوُجِّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ وصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ العَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَمَرَّ عَلى قَوْمٍ مِنَ الأنْصارِ فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أنّهُ صَلّى مَعَ النبيِّ وأنّهُ قَدْ وُجِّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فانْحَرَفُوا وهُمْ رُكُوع فِي صَلاَةِ العَصْرِ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي معنى قَوْله: وَصلى مَعَه رجل الخ.
وَشَيخ البُخَارِيّ يحيى بن مُوسَى الْبَلْخِي، ووكيع هُوَ ابْن الْجراح، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو بن عبد الله السبيعِي عَن الْبَراء بن عَازِب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب التَّوَجُّه نَحْو الْقبْلَة، عَن عبد الله بن رَجَاء. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الصَّلَاة وَفِي التَّفْسِير عَن هناد عَن وَكِيع، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: وَصلى مَعَه رجل الْعَصْر الصَّحِيح أَن الرجل لم يعرف اسْمه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: فِي الحَدِيث السَّابِق أَنَّهَا صَلَاة الْفجْر؟ قلت: التَّحْوِيل كَانَ عِنْد صَلَاة الْعَصْر وبلوغ الْخَبَر إِلَى قبَاء فِي الْيَوْم الثَّانِي وَقت صَلَاة الصُّبْح، فَإِن قلت: فَصَلَاة أهل قبَاء فِي الْمغرب وَالْعشَاء قبل وُصُول الْخَبَر إِلَيْهِم صَحِيحَة؟ قلت: نعم، لِأَن النّسخ لَا يُؤثر فِي حَقهم إلاَّ بعد الْعلم بِهِ. قَوْله: وهم رُكُوع أَي: رَاكِعُونَ.

7253 - حدّثنا يَحْياى بنُ قَزَعَةَ، حدّثني مالِكٌ عنْ إسْحاقَ بنِ عبْدِ الله بن أبي طَلْحَةَ، عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، رَضِي اللَّهُ عَنهُ، قَالَ: كُنْتُ أسْقِي أَبَا طَلْحَة الأنْصاريَّ وَأَبا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ وأُبَيَّ بنَ كَعْبٍ شَراباً مِنْ فَضِيخِ وهْوَ تَمْرٌ، فَجَاءَهُمْ آتِ فَقَالَ: إنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ أبُو طَلْحَةَ: يَا أنَسُ قمْ إِلَى هاذِهِ الجِرَارِ فاكْسِرْها. قَالَ أنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسِ لَنا فَضَرَبْتُها بأسْفَلِهِ حتَّى انْكَسَرَتْ.
ا

(25/15)


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَجَاءَهُمْ آتٍ لم يعرف اسْمه، وَورد فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: فوَاللَّه مَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلَا راجعوا بعد خبر الرجل، وَهُوَ حجَّة قَوِيَّة فِي قبُول خبر الْوَاحِد لأَنهم أثبتوا نسخ الشَّيْء الَّذِي كَانَ مُبَاحا حَتَّى أقدموا من أَجله على تَحْرِيمه وَالْعَمَل بِمُقْتَضى ذَلِك.
والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل كتاب الْأَشْرِبَة فِي: بَاب نزُول تَحْرِيم الْخمر، وَهِي من الْبُسْر وَالتَّمْر.
وَيحيى بن قزعة بِالْقَافِ وَالزَّاي وَالْعين الْمُهْملَة المفتوحات، وَإِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة واسْمه زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ ابْن أبي أنس بن مَالك، روى عَن أنس بن مَالك، وَاسم أبي عُبَيْدَة عَامر بن عبد الله بن الْجراح.
قَوْله: من فضيخ بالضاد وَالْخَاء المعجمتين شراب يتَّخذ من الْبُسْر. قَوْله: وَهُوَ تمر أَي: الفضيخ تمر مفضوخ أَي: مكسور. قَوْله: إِلَى مهراس بِكَسْر الْمِيم.

7254 - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا شُعْبَةُ عنْ أبي إسْحاقَ، عنْ صِلةَ، عنْ حُذَيْفَةَ أنَّ النبيَّ قَالَ لِأهْلِ نَجْرَانَ: لأبْعثَنَّ إلَيْكُمْ رَجُلاً أمِيناً حقَّ أمِينٍ فاسْتَشْرَفَ لَهَا أصْحابُ النبيِّ فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: لَأَبْعَثَن إِلَيْكُم رجلا أَمينا وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، وصلَة بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح اللَّام المخففة ابْن زفر، وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان الْعَبْسِي.
والْحَدِيث مضى فِي مَنَاقِب أبي عُبَيْدَة عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم وَفِي الْمَغَازِي عَن بنْدَار وَعَن عَبَّاس بن الْحُسَيْن.
قَوْله: لأهل نَجْرَان وقصتهم مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي: حَدثنِي عَبَّاس بن الْحُسَيْن حَدثنَا يحيى بن آدم عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن صلَة بن زفر عَن حُذَيْفَة، قَالَ: جَاءَ العاقب وَالسَّيِّد صاحبا نَجْرَان إِلَى رَسُول الله، الحَدِيث. وَفِيه ابْعَثْ مَعنا رجلا أَمينا فَقَالَ لَأَبْعَثَن إِلَيْكُم رجلا أَمينا ... الحَدِيث. قَوْله: لأهل نَجْرَان بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْجِيم وَهُوَ بلد بِالْيمن. قَوْله: فاستشرف لَهَا أَي: تطلع لَهَا وَرَغبُوا فِيهَا حرصاً على أَن يكون كل مِنْهُم هُوَ الْأمين الْمَوْعُود الْمَوْصُوف لَا حرصاً على الْولَايَة وَالْأَمَانَة وَإِن كَانَت مُشْتَركَة. بَين الْكل، لَكِن النَّبِي خص بَعضهم بِصِفَات غلبت عَلَيْهِم وَكَانُوا بهَا أخص: كالحياء بعثمان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

7255 - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ خالِدٍ، عنْ أبي قِلاَبَةَ، عَن أنَسٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ النبيُّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أمِينٌ وأمينُ هاذِهِ الأُمَّةِ أبُو عُبَيْدَةَ
انْظُر الحَدِيث 3744 وطرفه
ذكر هَذَا لكَونه مناسباً للْحَدِيث الَّذِي قبله فَيكون مناسباً للتَّرْجَمَة لِأَن الْمُنَاسب للمناسب للشَّيْء مُنَاسِب لذَلِك الشَّيْء.
وخَالِد هُوَ ابْن مهْرَان الْحذاء الْبَصْرِيّ، وَأَبُو قلَابَة عبد الله بن زيد.
والْحَدِيث مضى فِي مَنَاقِب أبي عُبَيْدَة.

7256 - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عنْ يَحْياى بنِ سَعيد، عنْ عُبَيْدِ بنِ حُنَيْنٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ عنْ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُم، قَالَ: وكانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصار إِذا غابَ عنْ رسولِ الله وشَهِدْتُهُ أتَيْت بِما يَكُونُ مِنْ رسولِ الله وَإِذ غِبْتُ عنْ رسولِ الله وشَهِدَ أتانِي بِما يَكُونُ منْ رسولِ الله
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يقبل خبر الشَّخْص الْوَاحِد.
وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَعبيد بن حنين كِلَاهُمَا مصغر مولى زيد بن الْخطاب.
والْحَدِيث مضى فِي الْعلم فِي: بَاب التناوب فِي الْعلم، بأتم مِنْهُ مطولا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: وشهدته أَي: وحضرته. قَوْله: بِمَا يكون أَي: من أَقْوَاله وأفعاله وأحواله. قَوْله: وَشهد وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَالْمُسْتَمْلِي: وشهده، بالضمير فِي آخِره. أَي: وَحضر عِنْد النَّبِي، وَشَاهد مَا كَانَ عِنْده من الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال.

(25/16)


7257 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، حدّثنا غُنْدَرٌ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عنْ زُبَيْد، عنْ سَعدِ بنِ عُبَيْدَةَ، عنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمانِ، عنْ عَلِيَ، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ النبيَّ بَعَثَ جَيْشاً وأمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً فأوْقَدَ نَارا وَقَالَ: ادْخُلُوها، فأرادُوا أنْ يَدْخُلُوها.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا فَرَرْنا مِنْها، فَذَكَرُوا للنبيِّ فَقَالَ لِلّذِينَ أرادُوا أنْ يَدْخُلُوها: لوْ دَخَلُوها لَمْ يَزَالُوا فِيها إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَقَالَ لِلْآخَرِينَ: لَا طاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إنَّما الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ
انْظُر الحَدِيث 4340 وطرفه
قَالَ ابْن التِّين مَا حَاصله أَنه لَا مُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث والترجمة لأَنهم لم يطيعوه، ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُم كَانُوا مُطِيعِينَ لَهُ فِي غير دُخُول النَّار، وَبِه يتم الْمَقْصُود.
قَوْله: غنْدر، هُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر، وزبيد بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة مصغر زيد ابْن الْحَارِث اليامي بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف، وَسعد بن عُبَيْدَة بِالضَّمِّ ختن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ واسْمه عبد الله.
والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل الْأَحْكَام فِي: بَاب السّمع وَالطَّاعَة للْإِمَام، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بأتم مِنْهُ عَن عمر بن حَفْص، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

7258 -، 7259 حدّثنا زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ، حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ، حدّثنا أبي، عنْ صالِحٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ أنَّ عُبَيْدَ الله بنَ عبْدِ الله أخْبَرَهُ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَزَيْدَ بنَ خالِدٍ أخْبَراهُ أَن رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النبيِّ
اما

7260 - حَدثنَا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عَن الزُّهْرِيِّ، أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتبَةَ بنِ مَسْعُود أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسُول الله إذْ قامَ رَجُلٌ مِنَ الأعْرَابِ فَقَالَ: يَا رسولَ الله اقْضِ لِي بِكِتابِ الله، فقامَ خَصْمُهُ فَقَالَ: صَدَقَ يَا رسولَ الله، اقْضِ لَهُ بِكِتابِ الله، وأْذَنْ لِي. فَقَالَ لهُ النبيُّ قُلْ فَقَالَ: إنَّ ابْنِي كَانَ عَسيفاً عَلى هاذا والعَسيفُ الأجِيرُ فَزَنَى بِامْرَأتِهِ فأخْبَرُونِي أنَّ عَلى ابْنِي الرَّجْمَ، فافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَألْتُ أهْلَ العِلْمِ فأخْبَرُونِي أنَّ عَلى امْرَأتِهِ الرَّجْمَ، وإنّما عَلى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْرِيبُ عامٍ. فَقَالَ: وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأقْضِيَنَّ بَيْنَكُما بِكِتابِ الله أمَّا الوَلِيدَةُ والغَنَمُ فَرُدُّوها وأمَّا ابْنُكَ فَعَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عامٍ، وأمَّا أنْتَ يَا أُنَيْسُ لِرَجُلٍ مِن أسْلَمَ فاغْدُ عَلَى امْرأَةِ هاذَا، فإنِ اعْتَرَفَتْ فارْجُمْها فَغَدا عَلَيْها أُنَيْسٌ فاعْتَرفَتْ فَرَجَمَهَا.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من تَصْدِيق أحد المتخاصمين الآخر وَقبُول خَبره، وَقد أخرجه من طَرِيقين أَحدهمَا عَن زُهَيْر مصغر زهر ابْن حَرْب بن شَدَّاد، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
وَالْآخر عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ ... إِلَى آخِره.
والْحَدِيث قد مضى فِي مَوَاضِع كَثِيرَة مِنْهَا عَن قريب فِي الْمُحَاربين فِي: بَاب إِذا رمى امْرَأَته أَو امْرَأَة غَيره بالزنى عِنْد الْحَاكِم، وأسفل مِنْهُ بسبعة أَبْوَاب فِي: بَاب هَل يَأْمر الإِمَام رجلا فَيضْرب الْحَد غَائِبا عَنهُ؟ وَمضى الْكَلَام فِيهِ مرَارًا.
قَوْله: وَأذن لي عطف على قَول الْأَعرَابِي أَي: ائْذَنْ فِي التَّكَلُّم وَعرض الْحَال. قَوْله: فَقَالَ أَي: الْأَعرَابِي: إِن ابْني ... إِلَى آخِره. قَوْله: والعسيف الْأَجِير مدرج. قَوْله: يَا أنيس بِضَم الْهمزَة مصغر أنس بالنُّون.

(25/17)


2 - (بابُ بَعْثِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً وَحْدَهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان بعث النَّبِي الزبير بن الْعَوام حَال كَونه طَلِيعَة حَال كَونه وَحده، والطليعة بِفَتْح الطَّاء هُوَ من يبْعَث ليطلع على أَحْوَال الْعَدو وَيجمع على طلائع.

7261 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا سُفْيانُ، حدّثنا ابنُ المُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله قَالَ: نَدَبَ النبيُّ النَّاسَ يَوْمَ الخَنْدَق فانتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فانْتَدبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ: لَكُلِّ نَبِيَ حَوَاريٌّ وحَواريِّ الزُّبَيْرُ.
قَالَ سُفْيانُ: حَفِظْتُهُ مِن ابنِ المُنْكَدِرِ، وَقَالَ لهُ أيُّوبُ: يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْهُمْ عنْ جابِرٍ فإنَّ القَوْمَ يُعْجِبُهْم أنْ تُحَدِّثَهُمْ عنْ جابِرٍ، فَقَالَ فِي ذالِكَ المَجْلِسِ: سَمِعْتُ جَابِراً ... فَتتابَعَ بَيْنَ أحادِيثَ، سَمِعْتُ جابِراً. قُلْتُ لِسُفْيانَ: فإنَّ الثَّوْرِيَّ يَقولُ: يَوْمَ قُرَيْظَة، فَقَالَ: كَذَا حَفِظْتُهُ: كَمَا أنَّكَ جالِسٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ.
قَالَ سُفْيانُ: هُوَ يَوْمٌ واحِدٌ، وتَبَسَّمَ سُفْيانُ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ندب النَّبِي فَانْتدبَ الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة يروي عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب هَل يبْعَث الطليعة وَحده.
قَوْله: ندب النَّبِي يُقَال: ندب إِلَى الْأَمر أَي دَعَا إِلَيْهِ وحث عَلَيْهِ. قَوْله: يَوْم الخَنْدَق قَالَ مُوسَى بن عقبَة: كَانَت فِي شَوَّال سنة أَربع قَوْله: فَانْتدبَ الزبير أَي: أَجَابَهُ وأسرع إِلَيْهِ. قَوْله: حوارِي بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَكسر الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَمَعْنَاهُ: النَّاصِر، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: يُقَال حوارِي من أَصْحَابِي أَي خاصتي من أَصْحَابِي وناصري، قيل: كل الصَّحَابَة كَانُوا أنصاراً لَهُ وَأجِيب: بِأَنَّهُ كَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالنصرة وَزِيَادَة فِيهَا على أقرانه لَا سِيمَا فِي ذَلِك الْيَوْم، وَهُوَ لفظ مُفْرد منصرف وَإِذا أضيف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم جَازَ حذفهَا والاكتفاء بالكسرة وتبديلها فَتْحة للتَّخْفِيف إِذْ فِيهِ استثقال.
قَوْله: قَالَ سُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة. قَوْله: وَقَالَ لَهُ أَيُّوب أَي: قَالَ لِابْنِ الْمُنْكَدر أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ. قَوْله: يَا أَبَا بكر أَصله: أَبَا بكر، حذفة الْهمزَة للتَّخْفِيف وَهُوَ كنية مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر. قَوْله: أَن تحدثهم أَي: بِأَن تحدثهم، وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة. قَوْله: فتتابع بتاءين فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فتتابع، بتاء وَاحِدَة. قَوْله: بَين أَحَادِيث وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَرْبَعَة أَحَادِيث. قَوْله: قلت لِسُفْيَان الْقَائِل هُوَ عَليّ بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ شيخ البُخَارِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة. قَوْله: فَإِن الثَّوْريّ أَي: سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول: يَوْم قُرَيْظَة يَعْنِي: مَوضِع يَوْم الخَنْدَق. قَوْله: فَقَالَ: كَذَا حفظته أَي: فَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: كَذَا حفظته من ابْن الْمُنْكَدر، يَعْنِي: يَوْم الخَنْدَق حفظا ظَاهرا محققاً كظهور جلوسك هُنَا. قَوْله: يَوْم الخَنْدَق ظرف لقَوْله: كَذَا حفظته.
قَوْله: قَالَ سُفْيَان أَي: ابْن عُيَيْنَة هُوَ يَوْم وَاحِد يَعْنِي: يَوْم الخَنْدَق وَيَوْم قُرَيْظَة يَوْم وَاحِد. وَقَالَ الْكرْمَانِي: يَوْم الْأَحْزَاب أَيْضا، إِذْ الثَّلَاثَة كَانُوا فِي زمن وَاحِد. قلت: قُرَيْظَة بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء وبالظاء الْمُعْجَمَة قَبيلَة من الْيَهُود، وَسمي يَوْم الْأَحْزَاب لِاجْتِمَاع طوائف النَّاس فِيهِ، جمع حزب بِالْكَسْرِ.

3

- (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىِّ فَيَسْتَحْيِى مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْئَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذاَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُو اْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذاَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً} فَإِذا أذِنَ لهُ واحدٌ جازَ) 2.
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول الله تَعَالَى ... إِلَى آخِره. كَانَ يَنْبَغِي أَن يذكر هَذَا فِي التَّفْسِير، قَالَ قَتَادَة وَمُقَاتِل: دخلت جمَاعَة فِي بَيت أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فَأَكَلُوا ثمَّ أطالوا الْجُلُوس. فتأذى بهم رَسُول الله، واستحيا مِنْهُم أَن يَأْمُرهُم بِالْخرُوجِ، وَالله لَا يستحيي من الْحق، فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة قَوْله: {إِلَّا أَن يُؤذن لكم} أَي: إلاَّ أَن تدعوا إِلَى طَعَام فَيُؤذن لكم فتأكلونه. قَوْله: فَإِذا أذن لَهُ وَاحِد جَازَ لعدم تعْيين الْعدَد فِي النَّص فَصَارَ الْوَاحِد من جملَة

(25/18)


مَا يصدق عَلَيْهِ وجود الْإِذْن.

7262 - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا حَمَّاد، عنْ أيُّوبَ، عنْ أبي عُثمانَ، عنْ أبي مُوساى أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَخَلَ حائِطاً وأمَرَنِي بِحِفْظِ البابِ، فَجاءَ رجُلٌ يَسْتأْذِنُ فَقَالَ: ائْذنْ لهُ وبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ فَإِذا أبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جاءَ عُمَرُ فَقَالَ: ائْذنْ لهُ وبَشَرْهُ بِالجَنَّةِ ثُمَّ جاءَ عُثْمانُ فَقَالَ: ائْذَنْ لهُ وبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن النَّهْدِيّ، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي: مَنَاقِب عمر بن الْخطاب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بأتم مِنْهُ: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى حَدثنَا أَبُو أُسَامَة حَدثنِي عُثْمَان بن غياث حَدثنَا أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي مُوسَى ... وَأخرجه أَيْضا فِي مَنَاقِب أبي بكر بأطول مِنْهُ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مِسْكين أَبُو الْحسن يحيى بن حسان حَدثنَا شريك بن أبي نمر عَن سعيد بن الْمسيب أخبرنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ... . الحَدِيث.
قَوْله: حَائِطا هُوَ بُسْتَان أريس بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الرَّاء. قَوْله: وَأَمرَنِي بِحِفْظ الْبَاب قَالَ ابْن التِّين: قَول أبي مُوسَى هُنَا: وَأَمرَنِي بِحِفْظ الْبَاب. وَقَالَ فِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة: وَلم يَأْمُرنِي بحفظه، فأحدهما وهم. وَأجَاب الْكرْمَانِي بِأَنَّهُ لم يَأْمُرهُ أَولا وَأمره آخرا.

7263 - حدّثنا عَبْدُ العَزِيز بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ بِلالٍ، عنْ يَحْياى، عنْ عُبَيْدِ بن حُنَيْنٍ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ عنْ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُم، قَالَ: جِئْتُ فَإِذا رسولُ الله فِي مَشْرُبَةٍ لهُ وغُلامٌ لِرَسولِ الله أسْوَدُ عَلى رَأس الدَّرَجَةِ، فَقُلْتُ: قُلْ: هاذا عُمَرُ بنُ الخَطّابِ، فأذِنَ لِي.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَعبيد بن حنين كِلَاهُمَا بِالتَّصْغِيرِ.
والْحَدِيث مضى فِي سُورَة التَّحْرِيم مطولا جدا.
قَوْله: فِي مشربَة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَضم الرَّاء وَفتحهَا: الغرفة. قَوْله: وَغُلَام اسْمه رَبَاح بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة.

4 - (بابُ مَا كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَبْعَثُ مِنَ الأُمَرَاءِ والرُّسُلِ واحِداً بَعْدَ واحِدٍ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا كَانَ النَّبِي، يبْعَث، وَفِي بعض النّسخ: بَاب مَا كَانَ يبْعَث النَّبِي، أما الْأُمَرَاء فَإِنَّهُ كَانَ أَمر على مَكَّة عتاب بن أسيد، وعَلى الطَّائِف عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ، وعَلى الْبَحْرين ابْن الْعَلَاء الْحَضْرَمِيّ، وعَلى عمان عَمْرو بن الْعَاصِ، وعَلى نَجْرَان أَبَا سُفْيَان بن حَرْب، وعَلى صنعاء وَسَائِر بِلَاد الْيمن باذان ثمَّ ابْنه شهر وفيروز المُهَاجر بن أُميَّة وَأَبَان بن سعيد بن الْعَاصِ، وَأمر على السواحل أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وعَلى الْجند وَمَا مَعهَا معَاذ بن جبل، وَكَانَ كل مِنْهُمَا يقْضِي فِي عمله ويسير فِيهِ وَكَانَا رُبمَا التقيا، وَأمر يزِيد بن أبي سُفْيَان على تيماء، وثمامة بن أَثَال على الْيَمَامَة، وَسَنذكر قصَّة باذان عَن قريب. وَأما الرُّسُل فَإِنَّهُ، بعث سِتَّة نفر مصطحبين فِي سنة سِتّ من الْهِجْرَة رسلًا مِنْهُ إِلَى من نذْكر، وهم:
حَاطِب بن أبي بلتعة أرْسلهُ إِلَى الْمُقَوْقس صَاحب الْإسْكَنْدَريَّة واسْمه جريج بن مينا فَمضى بِكِتَاب رَسُول الله إِلَيْهِ فَقبل الْكتاب وَأكْرم حَاطِبًا وَأحسن نزله وسرحه إِلَى النَّبِي وَأهْدى لَهُ مَعَ حَاطِب كسْوَة وَبغلة بسرجها وجاريتين إِحْدَاهمَا مَارِيَة أم إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالْأُخْرَى وَهبهَا لمُحَمد بن قيس الْعَبدَرِي.
وشجاع بن وهب أرْسلهُ إِلَى الْحَارِث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء من أَرض الشَّام، وَقيل: توجه لجبلة، وَقيل: لَهما مَعًا. وَقَالَ بن إِسْحَاق: ثمَّ بعث رَسُول الله شُجَاع

(25/19)


ابْن وهب إِلَى الْمُنْذر بن الْحَارِث بن أبي شمر الغساني صَاحب دمشق، قَالَ شُجَاع: فانتهيت إِلَيْهِ وَهُوَ بغوطة دمشق فَقَرَأَ كتاب رَسُول الله وَرمى بِهِ، وَقَالَ: أَنا أَسِير إِلَيْهِ، وعزم على ذَلِك فَمَنعه قَيْصر، وَلما بلغ رَسُول الله ذَلِك قَالَ: بادَ ملكه.
ودحية بن خَليفَة أرْسلهُ إِلَى قَيْصر ملك الرّوم فَأكْرمه قَيْصر وَوضع كتاب رَسُول الله على فخده وساله عَن النَّبِي وَثَبت عِنْده صِحَة نبوته، فهم بِالْإِسْلَامِ فَلم توافقه الرّوم، فخافهم على ملكه فَأمْسك ورد دحْيَة ردا جميلاً.
وسليط بن عَمْرو العامري أرْسلهُ إِلَى هَوْذَة بن عَليّ ملك الْيَمَامَة فَأكْرمه وأنزله ورد الْجَواب بقوله: إِن جعلت لي بعض الْأَمر صرت إِلَيْك وَأسْلمت ونصرتك، وَإِلَّا قصدت حربك فَقَالَ لَا وَلَا كَرَامَة اللَّهُمَّ اكفنيه فَمَاتَ.
وَعَمْرو بن أُميَّة الضمرِي أرْسلهُ إِلَى النَّجَاشِيّ ملك الْحَبَشَة واسْمه أَصْحَمَة فَأخذ كتاب رَسُول الله وَوَضعه على عَيْنَيْهِ، وَنزل عَن سَرِيره وَجلسَ على الأَرْض وَأسلم على يَد جَعْفَر بن أبي طَالب وَلما مَاتَ صلى عَلَيْهِ النَّبِي
وَعبد الله بن حذافة أرْسلهُ إِلَى كسْرَى إبرويز بن هُرْمُز، فمزق كِتَابه وَقَالَ: يكاتبني وَهُوَ عَبدِي؟ وَلما بلغ النَّبِي ذَلِك قَالَ: مزق الله ملكه ثمَّ كتب كسْرَى إِلَى باذان وَهُوَ نَائِبه على الْيمن: أَن ابْعَثْ إِلَى هَذَا الرجل بالحجاز رجلَيْنِ من عنْدك جلدين فليأتياني بِهِ، فَبعث باذان قهرمانه وَكَانَ كَاتبا حاسباً بِكِتَاب فَارس، وَبعث مَعَه رجلا من الْفرس يُقَال لَهُ: خرخرة، وَكتب مَعَهُمَا إِلَى رَسُول الله يَأْمُرهُ أَن ينْصَرف مَعَهُمَا إِلَى كسْرَى، فَخَرَجَا حَتَّى قدما على رَسُول الله ودخلا على رَسُول الله وَقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما، فكره النّظر إِلَيْهِمَا وَقَالَ لَهما. ارْجِعَا حَتَّى تأتيناني غَدا، وأتى الْخَبَر من السَّمَاء رَسُول الله بِأَن الله عز وَجل قد سلط على كسْرَى ابْنه شيرويه فَقتله فِي شهر كَذَا وَكَذَا فِي لَيْلَة كَذَا وَكَذَا فِي سَاعَة كَذَا وَكَذَا من اللَّيْل، فدعاهما النَّبِي فَأَخْبرهُمَا وَأعْطى خرخرة منْطقَة فِيهَا ذهب وَفِضة كَانَ أهداها لَهُ بعض الْمُلُوك، فَخَرَجَا من عِنْده حَتَّى قدما على باذان وأخبراه الْخَبَر، فَقَالَ: وَالله مَا هَذَا بِكَلَام ملك، وَإِنِّي لأرى الرجل نبيّاً كَمَا يَقُول، وليكونن مَا قد قَالَ، فَلم ينشب باذان أَن قدم عَلَيْهِ كتاب شيرويه فِيهِ أَنه قتل كسْرَى فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ قَالَ: إِن هَذَا الرجل لرَسُول، فَأسلم وَأسْلمت الْأَبْنَاء من فَارس، وَقَررهُ النَّبِي فِي مَوْضِعه وَهُوَ أول نَائِب من نوابه، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم.
وَيُقَال: إِنَّه أرسل الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ إِلَى الْمُنْذر بن ساوي الْعَبْدي ملك الْبَحْرين من قبل الْفرس فَأسلم وَأسلم جَمِيع الْعَرَب بِالْبَحْرَيْنِ. وَأرْسل الْحَارِث بن عُمَيْر إِلَى ملك بصرى فَلَمَّا نزل أَرض مُؤْتَة عرض لَهُ عَمْرو بن شُرَحْبِيل الغساني فَقتله وَلم يُقتَل لرَسُول الله رَسُول غَيره، وَأرْسل جرير بن عبد الله البَجلِيّ إِلَى ذِي الكلاع وَذي عَمْرو فَأَسْلمَا وَتُوفِّي رَسُول الله وَجَرِير عِنْدهمَا، وَأرْسل السَّائِب بن الْعَوام وَهُوَ أَخُو الزبير إِلَى فَرْوَة عَمْرو الجذامي وَكَانَ عَاملا لقيصر بعمان، فَأسلم وَكتب إِلَى النَّبِي وَبعث إِلَيْهِ هَدِيَّة مَعَ مَسْعُود بن سعد، وَهِي بغلة شهباء يُقَال لَهَا: فضَّة، وَفرس يُقَال لَهَا: الظرب، وقباء سندس مخوص بِالذَّهَب، فَقبل، هديته وَأَجَازَ مسعوداً اثْنَي عشر أُوقِيَّة، وَأرْسل عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي إِلَى الْحَارِث، وفروخ ونعيم بن عبد كلاب من حمير، وَالله أعلم.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: بَعَثَ النبيُّ ددَحْيَةَ الكَلْبِيَّ بِكِتابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْراى أنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ.
هَذَا قِطْعَة من الحَدِيث الطَّوِيل الْمَذْكُور فِي بَدْء الْوَحْي، وَهَذَا التَّعْلِيق لم يثبت إلَّا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده.

7264 - حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حدّثني اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهاب أنَّه قَالَ: أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ أخْبَرَهُ أنَّ رسولَ الله بَعَثَ بِكِتابِهِ إِلَى كِسْراى، فأمَرَهُ أنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البحْرَيْنِ، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْراى، فَلَمَّا قَرَأهُ كِسْراى مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أنَّ ابنَ المُسَيَّب قَالَ: فَدَعا عَلَيْهِمْ رسولُ الله أنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ.
ا
قد مرت الْآن قَضِيَّة كسْرَى، وَذكرنَا أَن الرَّسُول كَانَ عبد الله بن حذافة.
وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي.
قَوْله: فَأمره

(25/20)


أَي أَمر حَاصله وَهُوَ عبد الله بن حذافة. قَوْله: فحسبت الْقَائِل هُوَ ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ. قَوْله: كل ممزق أَي: كل تمزيق، وَكَذَا جرى وَلم يبْق من الأكاسرة أحد وَآخرهمْ يزدجرد فَقتل فِي أَيَّام عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَقيل: فِي أَيَّام عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

7265 - حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى، عنْ يَزِيدَ بنِ أبي عُبَيْدٍ، حدّثنا سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ أنَّ رسولَ الله قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أسْلَم: أذِّنْ فِي قَوْمِكَ أوْ فِي النَّاس يَوْمَ عاشُوراءَ أنَّ مَنْ أكَلَ فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ومَن لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ
انْظُر الحَدِيث 1924 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: قَوْله: قَالَ لرجل من أسلم أذن فِي قَوْمك فَإِنَّهُ من جملَة الرُّسُل الَّذين أرسلهم. وَاسم الرجل هِنْد بن أَسمَاء بن حَارِثَة.
وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي عبيد مولى سَلمَة بن الْأَكْوَع.
والْحَدِيث مضى فِي آخر كتاب الصَّوْم عَن الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم ثلاثياً.
قَوْله: فليتم بَقِيَّة يَوْمه أَي: ليصم تَمام يَوْمه.

(بَاب وَصاةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وُفُودَ العَرَب أنْ يُبَلِّغُوا مَنْ ورَاءَهُمْ، قالَهُ مالِكُ بنُ الحُوَيْرِثِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وصاة النَّبِي بِفَتْح الْوَاو وبالقصر، وَيجوز كسرهَا أَي: وَصِيَّة النَّبِي قَوْله: وُفُود الْعَرَب الْوُفُود جمع وَفد، وَقد مر تَفْسِيره عَن قريب. قَوْله: أَن يبلغُوا أَي: بِأَن يبلغُوا، وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة و: يبلغُوا، من التَّبْلِيغ قَوْله: من وَرَاءَهُمْ فِي مَحل النصب على المفعولية. قَوْله: قَالَه مَالك بن الْحُوَيْرِث أَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيثه الَّذِي مضى فِي أَوَائِل: بَاب مَا جَاءَ فِي إجَازَة خبر الْوَاحِد، فَليُرَاجع إِلَيْهِ.

7266 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أخبرنَا شُعْبَةُ. وحدّثني إسْحاقُ أخْبرَنا النَّضْرُ أخبرنَا شُعْبَةُ، عنْ أبي جَمْرَةَ قَالَ: كانَ ابنُ عَبَّاسٍ يُقْعِدُني عَلى سَرِيرهِ، فَقَالَ: إنَّ وفْدَ عبْدِ القَيْسِ لما أَتَوْا رسولَ الله قَالَ: مَنِ الوَفْد؟ قالُوا: رَبِيعةُ. قَالَ: مرْحَبًا بالْوَفْدِ أوْ القَوْمِ غَيْرَ خَزَايا وَلَا نَدَامَى قالُوا: يَا رَسُول الله إنَّ بَيْنَنا وبَيْنَكَ كُفارَ مُضَرَ، فَمُرْنا بأمْرٍ نَدْخُلُ بِهِ الجَنةَ ونُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَراءَنا، فَسَألُوا عنِ الأشْرِبَةِ فَنَهاهُمْ عنْ أرْبَعٍ وأمَرَهُمْ بأرْبَعٍ: أمَرَهُمْ بِالْإِيمَان باللَّهِ، قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الإيمانُ بِاللَّه؟ قالُوا: الله ورسُولُه أعْلَمُ. قَالَ: شَهَادَةُ أنْ لَا إلاهَ إِلَّا الله، وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، وأنَّ مُحَمَّداً رسُولُ الله، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وأظُنَّ فِيهِ صِيامُ رَمَضانَ وتؤتُوا مِنَ المَغَانِمِ الخُمُسَ ونَهاهُمْ عنِ الدُّبَّاءِ والحَنْتَمِ والمُزَفَّتِ والنَّقِيرِ ورُبَّما قَالَ: المُقَيَّرِ، قَالَ: احْفَظُوهُنَّ وأبْلُغُوهُنَّ مَنْ وَراءَكُمْ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث وَهُوَ ظَاهر. وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا عَن عَليّ بن الْجَعْد بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة ابْن عبيد الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ عَن شُعْبَة عَن أبي جَمْرَة بِفَتْح الْجِيم وبالراء نصر بن عمرَان الضبعِي الْبَصْرِيّ. وَالْآخر عَن إِسْحَاق. قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ إِمَّا ابْن مَنْصُور وَإِمَّا ابْن إِبْرَاهِيم، وَقَالَ بَعضهم: إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، كَذَا ثَبت فِي رِوَايَة أبي ذَر فأغنى عَن تردد الْكرْمَانِي. قلت: ثُبُوته فِي رِوَايَة أبي ذَر لَا يُنَافِي ثُبُوت غَيره فِي رِوَايَة غَيره.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب أَدَاء الْخمس من الْإِيمَان فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ ابْن الْجَعْد ... إِلَى آخِره. وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.
قَوْله: يقعدني من الإقعاد، وَكَانَ ترجماناً بَينه وَبَين النَّاس فِيمَا يستفتونه، فَلذَلِك كَانَ يقعده على سَرِيره. قَوْله: عبد الْقَيْس هُوَ أَبُو قَبيلَة كَانُوا ينزلون الْبَحْرين وحوالي القطيف بِفَتْح الْقَاف. قَوْله: ربيعَة فَخذ من عبد الْقَيْس لأَنهم من أَوْلَاده. قَوْله: خزايا جمع خزيان وَهُوَ المفتضح والذليل. قَوْله: وَلَا ندامى أَي: وَغير ندامى وَهُوَ جمع ندمان بِمَعْنى النادم. قَوْله: مُضر بِضَم الْمِيم وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة

(25/21)


وبالراء قَبيلَة، وَيُقَال: ربيعَة وَمُضر أَخَوان، يُقَال: ربيعَة الْخَيل وَمُضر الْحَمْرَاء، لِأَنَّهُمَا لما اقْتَسمَا الْمِيرَاث أَخذ مُضر الذَّهَب وَرَبِيعَة الْفرس وَلم يكن لَهُم الْوُصُول إِلَى الْمَدِينَة إلاَّ عَلَيْهِم، وَكَانُوا يخَافُونَ مِنْهُم إلاَّ فِي الشَّهْر الْحَرَام. قَوْله: من وَرَاءَنَا بِحَسب الْمَكَان من الْبِلَاد الْبَعِيدَة. أَو بِحَسب الزَّمَان من الْأَوْلَاد وَنَحْوهم، ويروى: من وَرَائِنَا بِكَسْر الْمِيم. قَوْله: وتؤتوا من الْمَغَانِم قَالَ الْكرْمَانِي: لم عدل عَن أسلوب أخواته؟ قلت: للإشعار بِمَعْنى التجدد لِأَن سَائِر الْأَركان كَانَت ثَابِتَة قبل ذَلِك. بِخِلَاف الْخمس فَإِن فرضيته كَانَت متجددة، وَلم يذكر الْحَج لِأَنَّهُ لم يفْرض حينئذٍ، أَو لأَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ الْحَج بِسَبَب لِقَاء مُضر. فَإِن قلت: الْمَذْكُور خمس لَا أَربع؟ قلت: لم يَجْعَل الشَّهَادَة من الْأَرْبَع لعلمهم بذلك، وَإِنَّمَا أَمرهم بِأَرْبَع لِأَنَّهُ لم يكن فِي علمهمْ أَنَّهَا من دعائم الْإِيمَان. قَوْله: والدباء بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالمد اليقطين والمزفت بتَشْديد الْفَاء المطلي بالزفت والنقير بِفَتْح النُّون وَكسر الْقَاف الْجذع المنقور الْوسط كَانُوا ينبذون فِيهِ. قَوْله: وَرُبمَا قَالَ أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس: المقير، أَي المطلي بالقار وَهُوَ الزفت، وَالنَّهْي عَن الظروف لَكِن المُرَاد مِنْهُ النَّهْي عَن شرب الأنبذة الَّتِي فِيهَا.