عمدة القاري شرح
صحيح البخاري 16 - (بابُ مَا ذَكَرَ النبيُّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وحَضَّ عَلى اتِّفاقِ أهْلِ العِلْمِ وَمَا
اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الحَرَمانِ مَكَّةُ والمَدِينَةُ،
وَمَا كانَ بهَا مِنْ مَشاهِدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم والمُهاجِرِينَ والأنْصار ومُصَلَّى النبيِّ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم والمِنْبَرِ والقَبْرِ.)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا ذكر النَّبِي وحض أَي حرض.
فَقَوله: ذكر وَقَوله: حض تنَازعا فِي الْعَمَل فِي قَوْله
على اتِّفَاق أهل الْعلم، ويروى: وَمَا حض عَلَيْهِ من
اتِّفَاق أهل الْعلم، قَالَه الْكرْمَانِي. وَإِذا اتّفق
أهل عصر من أهل الْعلم عل قَول حَتَّى ينقرضوا وَلم
يتَقَدَّم فِيهِ اخْتِلَاف فَهُوَ إِجْمَاع، وَاخْتلف إِذا
كَانَ من الصَّحَابَة اخْتِلَاف ثمَّ أجمع من بعدهمْ على
أحد أَقْوَالهم هَل يكون ذَلِك إِجْمَاعًا؟ وَالصَّحِيح
أَنه لَيْسَ بِإِجْمَاع. وَاخْتلف فِي الْوَاحِد إِذا
خَالف الْجَمَاعَة: هَل يُؤثر فِي إِجْمَاعهم؟ وَكَذَلِكَ
فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثَة من الْعدَد الْكثير. قَوْله:
وَمَا اجْتمع عَلَيْهِ الحرمان عطف على مَا قبله. وَقَوله:
مَكَّة وَالْمَدينَة أَي: أحد الْحَرَمَيْنِ مَكَّة
وَالْآخر الْمَدِينَة، أَرَادَ أَن مَا اجْتمع عَلَيْهِ
أهل الْحَرَمَيْنِ من الصَّحَابَة وَلم يُخَالف صَاحب من
غَيرهمَا فَهُوَ إِجْمَاع، كَذَا قَيده ابْن التِّين، ثمَّ
نقل عَن سَحْنُون أَنه: إِذا خَالف ابْن عَبَّاس أهل
الْمَدِينَة لم ينْعَقد لَهُم إِجْمَاع، وَقَالَ ابْن
بطال: اخْتلف أهل الْعلم فِيمَا هم فِيهِ أهل الْمَدِينَة
حجَّة على غَيرهم من الْأَمْصَار فَكَانَ الْأَبْهَرِيّ
يَقُول: أهل الْمَدِينَة حجَّة على غَيرهم من طَرِيق
الاستنباط، ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: قَوْلهم من طَرِيق
النَّقْل أولى من طَرِيق غَيرهم، وهم وَغَيرهم سَوَاء فِي
الِاجْتِهَاد، وَهَذَا قَول الشَّافِعِي. وَذهب أَبُو بكر
بن الطّيب إِلَى أَن قَوْلهم أولى من طَرِيق الِاجْتِهَاد
وَالنَّقْل جمعياً، وَذهب أَصْحَاب أبي حنيفَة، رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ، إِلَى أَنهم لَيْسُوا حجَّة على غَيرهم
لَا من طَرِيق النَّقْل وَلَا من طَرِيق الِاجْتِهَاد،
وَقَالَ الْمُهلب: غَرَض البُخَارِيّ فِي الْبَاب تَفْضِيل
الْمَدِينَة بِمَا خصها الله بِهِ من معالم الدّين
وَأَنَّهَا دَار الْوَحْي ومهبط الْمَلَائِكَة بِالْهدى
وَالرَّحْمَة، وبقعة شرفها الله عز وَجل بسكنى رَسُوله
وَجعل فِيهَا قَبره ومنبره وَبَينهمَا رَوْضَة من رياض
الْجنَّة. قَوْله: وَمَا كَانَ ... إِلَى آخِره إِشَارَة
أَيْضا إِلَى تَفْضِيل الْمَدِينَة بفضائل وَهِي مَا كَانَ
من مشَاهد النَّبِي، وَإِنَّمَا جمع المشهد بقوله: من
مشَاهد النَّبِي، إِشَارَة إِلَى أَن الْمَدِينَة مشْهد
النَّبِي، ومشهد الْمُهَاجِرين ومشهد الْأَنْصَار وَأَصله
من شهد الْمَكَان شُهُودًا إِذا حَضَره. قَوْله: ومصلى
النَّبِي عطف على مشَاهد النَّبِي والمنبر والقبر معطوفان
عَلَيْهِ، وَهَذِه أَيْضا إِشَارَة إِلَى فَضِيلَة
الْمَدِينَة بِأُمُور. مِنْهَا: أَن فِيهَا مصلى النَّبِي
وَهُوَ مَوضِع يصلى فِيهِ، وَمِنْهَا: أَن فِيهَا منبره،
وَقَالَ فِيهِ: منبري على حَوْضِي، وَمِنْهَا: أَن فِيهَا
قَبره الَّذِي بَينه وَبَين منبره رَوْضَة من رياض
الْجنَّة، كَمَا ذَكرْنَاهُ.
7322 - حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ، عنْ مُحَمَّدِ
بنِ المُنْكَدِرِ، عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله
السَّلَمِيِّ، أنَّ أعْرَابِيّاً بايَعَ رسولَ الله عَلى
الإسْلامِ، فأصابَ الأعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالمَدِينَةِ
فَجاءَ الأعْرَابِيُّ إِلَى رسولِ الله فَقَالَ: يَا رسولَ
الله أقِلْنِي بَيْعَتِي، فأباى رسولُ الله ثُمَّ جاءَهُ
فَقَالَ: أقِلْني بَيْعَتِي، فأباى، ثُمَّ جاءَهُ فَقَالَ:
أقِلْنِي بَيْعتَي فأباى، فَخَرَجَ الأعْرابِيُّ فَقَالَ
رسولُ الله إنَّما المَدِينَةُ كالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا
ويَنْصَعُ طِيبُها
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْفَضِيلَة الَّتِي
اشْتَمَل على ذكرهَا كل مِنْهُمَا.
وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس. والْحَدِيث مضى فِي
الْأَحْكَام فِي: بَاب من بَايع ثمَّ استقال الْبيعَة،
وَمضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا.
(25/54)
7323 - حدّثنا مُوساى بنُ إسْماعِيلَ،
حدّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، حدّثنا مَعْمَرٌ عنِ
الزُّهْرِيِّ، عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله قَالَ:
حدّثني ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: كُنْتُ
أُقْرِىءُ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ عَوْفٍ فَلَمَّا كانَ
آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ، فَقَالَ عَبْدُ
الرَّحْمانِ بِمِنًى: لَوْ شَهِدْتَ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ
أتاهُ رَجُلٌ قَالَ: إنَّ فُلاناً يَقُولُ: لَوْ ماتَ
أمِيرُ المُؤْمِنينَ لَبَايَعْنا فُلاناً، فَقَالَ عُمَرُ:
لأقُومَنَّ العَشِيَّةَ فأُحَذِّرَ هاؤُلاءِ الرَّهْطَ
الّذِينَ يُرِيدونَ أنْ يَغْصِبُوهُمْ. قُلْتُ: لَا
تَفْعَلْ فإنَّ المَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعاعَ النَّاسِ
ويَغْلِبُونَ عَلى مَجْلِسكَ فأخافُ أنْ لَا يُنَزِّلُوها
عَلى وَجْهِها فَيُطِيرُ بِها كُلُّ مُطِيرٍ، فأمْهِلْ
حتَّى تَقْدَمَ المَدِينَةَ دارَ الهِجْرَةِ ودارَ
السُّنَّةِ فَتَخْلُصَ بِأصْحابِ رسولِ الله مِنَ
المُهاجِرِينَ والأنْصارِ فَيَحْفَظُوا مَقَالَتَكَ
ويُنَزِّلُوها عَلى وَجْهِها، فَقَالَ: وَالله لأقُومَنَّ
بِهِ فِي أوَّلِ مقامٍ أقُومُهُ بِالمَدِينَةِ.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَقَدِمْنا المَدِينَةَ فَقَالَ:
إنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ وأنْزَلَ عَلَيْهِ
الكِتابَ فَكانَ فِيما أُنْزِلَ آيَةُ الرَّجْمِ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: دَار الْهِجْرَة وَدَار
السّنة فتخلص بأصحاب رَسُول الله، من الْمُهَاجِرين
وَالْأَنْصَار وَذكر فِي التَّرْجَمَة مَا يتَعَلَّق
بِوَصْف الْمَدِينَة بِهَذِهِ الْأَشْيَاء.
ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ التَّبُوذَكِي يروي
عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن معمر بِفَتْح الميمين
ابْن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عبيد
الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود.
وَهَذَا الحَدِيث قِطْعَة من حَدِيث طَوِيل قد مضى فِي
كتاب الْحُدُود فِي: بَاب رجم الحبلى من الزِّنَى إِذا
أحصنت، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا.
قَوْله: (أقرىء بِضَم الْهمزَة من الإقراء. قَوْله:
فَلَمَّا كَانَ آخر حجَّة جَوَاب. لما، مَحْذُوف نَحْو:
رَجَعَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف من عِنْد عمر، رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُمَا. قَوْله: بمنى يحْتَمل أَن يتَعَلَّق
بقوله: كنت أُقرىء قَوْله: لَو شهِدت كلمة: لَو، إِمَّا
لِلتَّمَنِّي وَإِمَّا جَزَاؤُهُ مَحْذُوف. قَوْله:
الَّذين يُرِيدُونَ أَن يغصبوهم أَي: الَّذين يقصدون
أموراً لَيْسَ ذَلِك وظيفتهم وَلَا لَهُم مرتبَة ذَلِك
فيريدون أَن يباشرونها بالظلم وَالْغَصْب. قَوْله: رعاع
النَّاس بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْعين الْمُهْملَة
الأولى وهم أَحْدَاث النَّاس وَأَرَاذِلهمْ. قَوْله:
ويغلبون على مجلسك أَي: يكثرون فِي مجلسك. قَوْله: لَا
ينزلوها بِضَم الْيَاء أَي: لَا ينزلون خطبتك أَو وصيتك
أَو كلماتك أَو مَقَالَتك، والقرينة على ذَلِك قَوْله: على
وَجههَا أَي: على مَا يَنْبَغِي حق كلامك. قَوْله: فيطير
بهَا كل مطير قَالَ صَاحب التَّوْضِيح أَي يتَأَوَّل على
خلاف وَجههَا. قلت: مَعْنَاهُ ينقلها كل ناقل بالسرعة
والانتشار لَا بالتأني والضبط. وَقَوله: يطير بِفَتْح
الْيَاء مضارع من طَار. وَقَوله: كل مطير فَاعله، والمطير
بِضَم الْمِيم اسْم فَاعل من أطار، وَقَالَ الْكرْمَانِي:
ويروى: فيطيروا بهَا، بِصِيغَة الْمَجْهُول من التطير
مُفردا وجمعاً، وكل مطير بِفَتْح الْمِيم وَكسر الطَّاء،
ويروى: مطار، بِضَم الْمِيم. قَوْله: فأمهل أَمر من
الْإِمْهَال أَي: اصبر وَلَا تستعجل. قَوْله: دَار
الْهِجْرَة بِالنّصب على الْبَدَلِيَّة من الْمَدِينَة.
قَوْله: فتخلص بِالنّصب أَي: حَتَّى تقدم الْمَدِينَة فتصل
بأصحاب رَسُول الله قَوْله: فيحفظوا عطف على قَوْله: فتخلص
قَوْله: قَالَ ابْن عَبَّاس مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور.
قَوْله: بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ حذف مِنْهُ قِطْعَة
كَبِيرَة بَين قَوْله: فقدمنا الْمَدِينَة وَبَين قَوْله:
فَقَالَ، إِلَى آخِره، مضى بَيَانهَا فِي الْبَاب
الْمَذْكُور فِي الْحُدُود. قَوْله: آيَة الرَّجْم وَهِي
قَوْله: الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا
فَارْجُمُوهُمَا، وَهُوَ مَنْسُوخ التِّلَاوَة بَاقِي
الحكم.
7324 - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا حَمَّادٌ،
عنْ أيُّوبَ، عنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبي
هُرَيْرَةَ، وعَلَيْهِ ثَوْبانِ مُمَشَّقانِ مِنْ
كَتَّانٍ، فَتَمَخَّطَ فَقَالَ: بَخْ بَخْ، أبُو
هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِي الكَتّانِ؟ لَقَدْ رَأيْتُنِي
وإنِّي لأخِرُّ فِيما بَيْنَ مَنْبَرِ رسولِ الله إِلَى
حُجْرَةٍ عائِشَةَ مَغْشِيّاً عَلَيَّ فَيَجِيءُ الجائِي،
فَيَضَعُ رِجْلَهُ
(25/55)
عَلى عُنُقِي ويُراى أنِّي مَجْنُونٌ وَمَا
بِي مِنْ جُنُونٍ، مَا بِي إلاّ الجُوعُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَإِنِّي لأخر فِيمَا
بَين مِنْبَر رَسُول الله، إِلَى حجرَة عَائِشَة وَهِي
مَكَان الْقَبْر الشريف.
وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد يروي عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ
عَن مُحَمَّد بن سِيرِين.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن
قُتَيْبَة.
قَوْله: وَعَلِيهِ الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: ممشقان
بِضَم الْمِيم وَفتح الْمِيم الثَّانِيَة والشين
الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة وبالقاف أَي مصبوغان بالمشق
بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الشين وَهُوَ الطين الْأَحْمَر.
قَوْله: فتمخط أَي: استنثر. قَوْله: بخ بخ بِفَتْح الْبَاء
الْمُوَحدَة فِيهَا وَتَشْديد الْخَاء الْمُعْجَمَة
وبتخفيفها وَهِي كلمة تقال عِنْد الرِّضَا والإعجاب.
وَقَالَ الْجَوْهَرِي؛ هِيَ كلمة تقال عِنْد الْمَدْح
وَالرِّضَا بالشَّيْء وَقد تكون للْمُبَالَغَة. قَوْله:
لقد رَأَيْتنِي بضميري الْمُتَكَلّم وَهُوَ من خَصَائِص
أَفعَال الْقُلُوب أَي: لقد رَأَيْت نَفسِي. قَوْله: لأخر
أَي: أسقط. قَوْله: مغشياً عَليّ حَال أَي مغمى عَلَيْهِ.
قَوْله: وَيرى أَنِّي مَجْنُون أَي: يظنّ أَنِّي مَجْنُون،
وَالْحَال مَا بِي من الْجُنُون، وَمَا بِي إِلَّا
الْجُوع.
7325 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ، أخبرنَا سُفْيانُ،
عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عابِسٍ قَالَ: سُئِلَ ابنُ
عَبَّاسٍ: أشَهِدْتَ العِيدَ مَعَ النبيِّ قَالَ: نعَمْ،
ولَوْلا مَنْزِلَتي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ،
فأتَى العَلَمَ الّذِي عِنْدَ دارِ كَثِيرِ بنِ الصّلْتِ
فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ، ولَمْ يَذْكُرْ أذاناً وَلَا
إقامَةً، ثُمَّ أمَرَ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَ النِّساءُ
يُشِرْنَ إِلَى آذانِهِنَّ وحُلُوقِهِنَّ، فأمَرَ بِلالاً
فأتاهُنَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النبيِّ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فَأتى الْعلم
الَّذِي عِنْد دَار كثير بن الصَّلْت لِأَن الْعلم
بِفتْحَتَيْنِ هُوَ الْمصلى، وَفِي التَّرْجَمَة من مشَاهد
النَّبِي، مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ صَلَاة
الْعِيد والجنائز، وَدَار كثير بن الصَّلْت بنيت بعد
الْعَهْد النَّبَوِيّ، وَإِنَّمَا عرف الْمصلى بهَا
لشهرتها. وَقَالَ أَبُو عمر: كثير بن الصَّلْت بن معد يكرب
الْكِنْدِيّ ولد على عهد رَسُول الله وَسَماهُ كثيرا
وَكَانَ اسْمه قَلِيلا يروي عَن أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان،
وَزيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَقَالَ
الذَّهَبِيّ: الْأَصَح أَن الَّذِي سَمَّاهُ كثيرا عمر،
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَشَيخ البُخَارِيّ مُحَمَّد بن كثير بالثاء
الْمُثَلَّثَة، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَعبد
الرَّحْمَن بن عَابس بِالْعينِ الْمُهْملَة وَبعد الْألف
بَاء مُوَحدَة مَكْسُورَة وبالسين الْمُهْملَة ابْن ربيعَة
النَّخعِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة عَن عَمْرو بن عَليّ وَفِي
الْعِيدَيْنِ عَن مُسَدّد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
7326 - حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ، حدّثنا سُفْيانُ، عنْ عَبْدِ
الله بنِ دِينارٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا،
أنَّ النبيَّ كانَ يَأتِي قُباءً مَاشِيا وراكِباً.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من حَيْثُ إِن قبَاء مشْهد
من مشَاهد النَّبِي
وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ ابْن
عُيَيْنَة. والْحَدِيث مضى فِي أَوَاخِر الصَّلَاة فِي
ثَلَاثَة أَبْوَاب مُتَوَالِيَة أَولهَا: بَاب مَسْجِد
قبَاء.
7327 - حدّثنا عُبَيْدُ بنُ إسماعِيلَ، حدّثنا أبُو
أُسامَةَ، عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ، عنْ عَائِشَةَ قالَتْ
لِعَبْدِ الله بنِ الزُّبَيْرِ: ادْفِنِّي مَعَ صَواحِبِي
وَلَا تَدْفِنِّي مَعَ النبيِّ فِي البَيْتِ، فَإِنِّي
أكْرَهُ أنْ أُزَكَّى. وعنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ أنَّ عُمَرَ
أرْسَلَ إِلَى عائِشَةَ: ائْذَنِي لي أنْ أُدْفَنَ مَعَ
صاحِبَيَّ؟ فقالَتْ: إِي وَالله، قَالَ: وكانَ الرَّجُلُ
إذَا أرْسَلَ إلَيْها مِنَ الصَّحابَةِ قالَتْ: لَا
وَالله، لَا أُوثِرُهُمْ بأحَدٍ أبَداً.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: أَن أدفن مَعَ
صَاحِبي يَعْنِي فِي قبر النَّبِي
وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام هُوَ ابْن
عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير، رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُم.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: ادفني مَعَ صواحبي أَي: أُمَّهَات
(25/56)
الْمُؤمنِينَ، يَعْنِي: ادفني فِي مَقْبرَة
البقيع مَعَهُنَّ. قَوْله: فِي الْبَيْت أَرَادَ
حُجْرَتهَا الَّتِي دفن فِيهَا النَّبِي وصاحباه. قَوْله:
أَن أزكى على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّزْكِيَة،
الْمَعْنى أَنَّهَا كرهت أَن يظنّ أَنَّهَا أفضل
الصَّحَابَة بعد النَّبِي وصاحبيه حَيْثُ جعلت نَفسهَا
ثَالِثَة الضجيعين.
قَوْله: مَعَ صاحبيّ أَرَادَ بهما رَسُول الله وَأَبا بكر،
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: إِي وَالله بِكَسْر
الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء وَهُوَ حرف جَوَاب بِمَعْنى
نعم، وَلَا يَقع إلاَّ بعد الْقسم. قَوْله: من الصَّحَابَة
فِيهِ حذف تَقْدِيره: إِذا أرسل إِلَيْهَا أحد من
الصَّحَابَة يسْأَلهَا أَن يدْفن مَعَهم. قَوْله: قَالَت
جَوَاب الشَّرْط. قَوْله: لَا أؤثرهم بالثاء الْمُثَلَّثَة
يُقَال: آثر كَذَا بِكَذَا أَي اتبعهُ إِيَّاه أَي لَا
أتبعهم بدفن آخر عِنْدهم. وَقَالَ صَاحب الْمطَالع هُوَ من
بَاب الْقلب أَي: لَا أوثر بهم أحدا، وَيحْتَمل أَن يكون
لَا أثيرهم بِأحد، أَي: لَا أنبشهم لدفن أحد، وَالْبَاء
بِمَعْنى اللَّام وَاسْتَشْكَلَهُ ابْن التِّين بقول
عَائِشَة فِي قصَّة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:
لأوثرنه على نَفسِي، ثمَّ أجَاب بِاحْتِمَال أَن يكون
الَّذِي آثرت عمر بِهِ الْمَكَان الَّذِي دفن فِيهِ من
وَرَاء قبر أَبِيهَا بِقرب النَّبِي وَذَلِكَ لَا يَنْفِي
وجود مَكَان آخر فِي الْحُجْرَة، وَذكر ابْن سعد من طرق:
أَن الْحسن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أوصى
أَخَاهُ أَن يدفنه عِنْدهم إِن لم تقع بذلك فتْنَة، فصده
عَن ذَلِك بَنو أُميَّة فَدفن بِالبَقِيعِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن سَلام،
وَقَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة صفة مُحَمَّد وَعِيسَى،
عَلَيْهِمَا السَّلَام، يدْفن مَعَه. قَالَ أَبُو دَاوُد
أحد رُوَاته: وَبَقِي فِي الْبَيْت مَوضِع قبر، وَفِي
رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ يدْفن عِيسَى مَعَ رَسُول الله،
وَأبي بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَيكون
قبراً رَابِعا.
7329 - حدّثنا أيُّوبَ بنُ سُلَيْمانَ، حَدثنَا أبُو
بَكْرِ بنُ أبي أُويْسٍ، عنْ سُلَيْمانَ بنِ بِلاَلٍ، عنْ
صالِحِ بنِ كَيْسانَ قَالَ ابنُ شِهابٍ: أَخْبرنِي أنَسُ
بنُ مالِكٍ أنَّ رسولَ الله كانَ يُصَلِّي العَصْرَ فيأْتي
العَوَالِيَ والشّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.
وزادَ اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ: وبُعْدُ العَوَالِي
أرْبَعَةُ أمْيالٍ، أوْ ثَلاثَةٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله:
فَيَأْتِي العوالي لِأَن إِتْيَانه إِلَى العوالي يدل على
أَن العوالي من جملَة مشاهده فِي الْمَدِينَة.
وَأَيوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال، وَأَبُو بكر بن أبي أويس
اسْمه عبد الحميد، وَأَبُو أويس اسْمه عبد الله الأصبحي
الْأَعْشَى الْمَدِينِيّ، والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: وَالشَّمْس الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: وَزَاد اللَّيْث أَي زَاد اللَّيْث فِي رِوَايَته
عَن يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب عَن أنس، وَوصل هَذِه
الزِّيَادَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبد الله بن صَالح
كَاتب اللَّيْث: حَدثنِي اللَّيْث عَن يُونُس أَخْبرنِي
ابْن شهَاب عَن أنس فَذكر الحَدِيث بِتَمَامِهِ، وَزَاد
فِي آخِره: وَبعد العوالي من الْمَدِينَة أَرْبَعَة
أَمْيَال. قَوْله: أَو ثَلَاثَة شكّ من الرَّاوِي أَي: أَو
ثَلَاثَة أَمْيَال، والعوالي جمع عالية وَهِي مَوَاضِع
مُرْتَفعَة على غَيرهَا قرب الْمَدِينَة، وَذكر هُنَا
بعْدهَا من الْمَدِينَة أَرْبَعَة أَمْيَال، وَقيل:
ثَلَاثَة، والأميال جمع ميل وَهُوَ ثلث الفرسخ، وَقيل:
هُوَ مد الْبَصَر.
7330 - حدّثنا عَمْرُو بنُ زُرارَةَ، حدّثنا القاسِمُ بنُ
مالِكٍ، عنِ الجُعَيْدِ سَمِعْتُ السَّائِبَ بنَ يَزِيدَ
يَقُولُ: كانَ الصَّاعُ عَلى عَهْدِ النبيِّ مُدّاً
وثُلُثاً بِمُدِّكُمُ اليَوْمِ وقدْ زِيدَ فِيهِ
انْظُر الحَدِيث 1859 وطرفه
لم يذكر أحد هُنَا وَجه الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث
والترجمة أصلا، وَيُمكن أَن يكون الصَّاع النَّبَوِيّ
دَاخِلا فِي قَوْله: وَمَا اجْتمع عَلَيْهِ الحرمان، لِأَن
الصَّاع النَّبَوِيّ كَانَ مِمَّا اجْتمع عَلَيْهِ أهل
الْحَرَمَيْنِ فِي أَيَّام النَّبِي، وَهُوَ أَنه كَانَ
مدا وَثلث مد، وَقد زيد بعده، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسلم، فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ، مد وَثلث وَهُوَ معنى قَوْله: وَقد زيد فِيهِ وَهِي
جملَة حَالية.
وَشَيخ البُخَارِيّ عَمْرو بِالْفَتْح ابْن زُرَارَة بِضَم
الزَّاي وَفتح الراءين بَينهمَا ألف، وَالقَاسِم بن مَالك
أَبُو جَعْفَر الْمُزنِيّ الْكُوفِي، والجعيد بِضَم
الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة مصغر جعد وَقد يسْتَعْمل
مكبراً، وَهُوَ ابْن
(25/57)
عبد الرَّحْمَن بن أويس الْكِنْدِيّ
الْمدنِي، والسائب بن يزِيد ابْن أُخْت النمر الْكِنْدِيّ،
وَيُقَال: غَيره الصَّحَابِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي الْحَج عَن عَمْرو بن زُرَارَة وَفِي
الْكَفَّارَات عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة. وَأخرجه
النَّسَائِيّ فِي الزَّكَاة عَن عَمْرو بن زُرَارَة.
قَوْله: مدا وَثلثا ويروى: مد وَثلث، وَوَجهه أَن يكون على
اللُّغَة الربيعية يَكْتُبُونَ الْمَنْصُوب بِدُونِ
الْألف، وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَو يكون فِي: وَكَانَ،
ضمير الشَّأْن. قلت: فعلى هَذَا يكون: مد وَثلث، مرفوعان
على الخبرية عَن الصَّاع الْمَرْفُوع على الِابْتِدَاء.
7331 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ، عنْ مالِكٍ،
عنْ إسْحاق بنِ عَبْدِ الله بنِ أبي طَلْحَةَ، عنْ أنَسِ
بنِ مالِكٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: اللَّهُمَّ باركْ لَهُمْ فِي مِكْيالِهِمْ، وبارِكْ
لَهُمْ فِي صاعِهمْ ومُدِّهِمْ يَعْنِي: أهْلَ
المَدِينَةِ.
انْظُر الحَدِيث 2130 وطرفه
هَذَا الحَدِيث مُتَعَلق بِالْحَدِيثِ السَّابِق لِأَن
فِيهِ الدُّعَاء بِالْبركَةِ فِي صاعهم، فمطابقة ذَاك
للتَّرْجَمَة تسد مُطَابقَة هَذَا.
والْحَدِيث مضى فِي الْبيُوع عَن عبد الله بن مسلمة
أَيْضا، وَفِي الْكَفَّارَات عَن عبد الله بن يُوسُف.
وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ كِلَاهُمَا عَن قُتَيْبَة.
7332 - حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ، حدّثنا أبُو
ضَمْرَةَ، حدّثنا مُوسَى بنُ عُقْبَةَ، عنْ نافِعٍ، عنِ
ابنِ عُمَرَ أنَّ اليَهُودَ جاءُوا إِلَى النبيِّ بِرَجُلٍ
وامْرَأةٍ زَنَيا فأمَرَ بِهِما فَرُجِما قَرِيباً مِنْ
حَيْثُ تُوضَعُ الجَنائِزُ عِنْدَ المَسْجِدَ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: من حَيْثُ تُوضَع
الْجَنَائِز وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: حَيْثُ مَوضِع
الْجَنَائِز، أَي: للصَّلَاة عَلَيْهَا، وَهُوَ الْمصلى.
وَأَبُو ضَمرَة بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون
الْمِيم وبالراء واسْمه أنس بن عِيَاض.
والْحَدِيث مضى فِي الْمُحَاربين فِي: بَاب أَحْكَام أهل
الذِّمَّة عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بأتم مِنْهُ، وَمضى
الْكَلَام فِيهِ.
7333 - حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ عنْ عَمْرٍ
ومَوْلى المُطَّلِبِ، عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، رَضِي الله
عَنهُ، أَن رَسُول الله طَلَعَ لهُ أُحُدٌ فَقَالَ: هاذَا
جَبَلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إنَّ إبْرَاهِيمَ
حَرَّمَ مَكَّة، وإنِّي أحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْها.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن أحدا أَيْضا من مشاهده
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَعَمْرو مولى الْمطلب
بن عبد الله المَخْزُومِي.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد عَن عبد الْعَزِيز بن عبد
الله وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَن القعْنبِي وَفِي
الْمَغَازِي فِي أخر غَزْوَة أحد عَن عبد الله بن يُوسُف،
وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: يحبنا أَي: يحبنا أَهله، وَيحْتَمل أَن يكون
حَقِيقَة بِأَن الله يخلق فِيهِ الْحَيَاة والإدراك
والمحبة كحنين الْجذع. قَوْله: مَا بَين لابتيها تَثْنِيَة
لابة بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة المخففة وَهِي الْحرَّة
وَهِي الْحِجَارَة السود أَي: مَا بَين طرفيها من
الْحِجَارَة السود.
تابَعَهُ سَهْلٌ عنِ النبيِّ فِي أُحُدٍ.
أَي تَابع أنس بن مَالك سهل بن سعد فِي رِوَايَته الحَدِيث
الْمَذْكُور لَكِن تَابعه سهل بن سعد فِي غير التَّحْرِيم،
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا ذكره فِي كتاب الزَّكَاة مُعَلّقا
من حَدِيث سهل بن سعيد، وَلَفظه: وَقَالَ سلميان عَن سهل
بن سعد عَن عمَارَة بن غزيَّة عَن عَبَّاس عَن أَبِيه عَن
النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، قَالَ:
أحد جبل يحبنا ونحبه وعباس هُوَ ابْن سهل بن سعد يروي
عَنهُ.
(25/58)
7334 - حدّثنا ابنُ أبي مَرْيَمَ، حدّثنا
أبُو غَسَّانَ، حدّثني أبُو حازِمٍ، عنْ سَهْلٍ أنَّه كانَ
بَيْنَ جِدَارِ المَسْجِدِ مِمَّا يَلي القِبْلَةَ وبَيْنَ
المِنْبَرِ مَمَرُّ الشَّاةِ.
انْظُر الحَدِيث 496
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَابْن أبي مَرْيَم هُوَ
سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم الْمصْرِيّ
وَأَبُو غَسَّان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد
السِّين الْمُهْملَة مُحَمَّد بن مطرف وَأَبُو حَازِم
بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سَلمَة بن دِينَار
الْأَعْرَج عَن سهل بن سعد والْحَدِيث مر فِي أَوَائِل
الصَّلَاة.
7335 - حدّثنا عَمْرُو بنُ عَلِيَ، حدّثنا عَبدُ
الرَّحْمانِ بنُ مَهْدِيَ، حدّثنا مالِكٌ، عنْ خُبَيْبِ
بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ، عَنْ حَفْصِ بنِ عاصِمٍ، عنْ أبي
هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله مَا بَيْنَ بَيْتِي
ومِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنَّةِ، ومِنْبَرِي
عَلى حَوْضِي
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وخبيب بِضَم الْخَاء
الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، وَحَفْص بن
عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي آخر الصَّلَاة وَفِي آخر الْحَج عَن
مُسَدّد وَفِي الْحَوْض عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.
قَوْله: رَوْضَة من رياض الْجنَّة يجوز أَن يكون حَقِيقَة
وَأَنَّهَا تنْتَقل إِلَى الْجنَّة أَو الْعَمَل فِيهَا
موصل إِلَى الْجنَّة، وَاحْتج بِهِ فِي المعونة على
تَفْضِيل الْمَدِينَة لِأَنَّهُ قد علم أَنه إِنَّمَا خص
ذَلِك الْموضع مِنْهَا بفضيلة على بقيتها فَكَانَ بِأَن
يدل على فَضلهَا على مَا سواهَا أولى. وَقَالَ
الْكرْمَانِي: رَوْضَة أَي: كروضة أَو هُوَ حَقِيقَة،
وَكَذَا حكم الْمِنْبَر قَالُوا: مَعْنَاهُ من لزم
الْعِبَادَة فِيمَا بَينهمَا فَلهُ رَوْضَة مِنْهَا، وَمن
لَزِمَهَا عِنْد الْمِنْبَر يشرب من الْحَوْض.
7336 - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا جُوَيْرِيةُ،
عنْ نافِغٍ، عَن عَبْدِ الله قَالَ: سابَقَ النبيُّ بَيْنَ
الخَيْلِ فأُرْسِلَتِ الَّتي ضُمِّرَتْ مِنْها وأمَدُها
إِلَى الحَفْياءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ، والَّتي لَمْ
تُضَمَّر أمَدُها ثَنِيَّةُ الوَداعِ إِلَى مَسْجد بَني
زُرَيقٍ، وأنَّ عَبْدَ الله كانَ فِيمَنْ سابَقَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَوَاضِع
الْمَذْكُورَة فِيهِ تدخل فِي لفظ الْمشَاهد فِي
التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة.
وَجُوَيْرِية مصغر جَارِيَة ابْن أَسمَاء الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب هَل يُقَال
مَسْجِد بني فلَان.
قَوْله: سَابق من الْمُسَابقَة وَهِي الْمُرَاهنَة فِي
إعداء الْخَيل. قَوْله: فَأرْسلت على صِيغَة الْمَجْهُول،
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فَأرْسل أَي: فَأرْسل
النَّبِي، أَي بأَمْره. قَوْله: ضمرت على صِيغَة
الْمَجْهُول من التضمير، وَقَالَ الْخطابِيّ: تضمير
الْخَيل أَن يظاهر عَلَيْهَا بالعلق مُدَّة ثمَّ تغشى
بالجلال وَلَا تعلف إلَّا قوتاً حَتَّى تعرق فَيذْهب
كَثْرَة لَحمهَا وتصلب، وَزيد فِي الْمسَافَة للخيل
المضمرة لقوتها، وَنقص مِنْهَا لما لم تضمر لقصورها عَن
شأو ذَات التضمير ليَكُون عدلا بَين النَّوْعَيْنِ، وَكله
إعداد للقوة فِي إعزاز كلمة الله امتثالاً لقَوْله
تَعَالَى: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن
قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ
عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ
لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا
تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ
إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} قَوْله: مِنْهَا
أَي: من الْخُيُول. قَوْله: وأمدها: الأمد الْغَايَة،
قَوْله: إِلَى الحفياء بِفَتْح الْمُهْملَة وَإِسْكَان
الْفَاء وبالياء آخر الْحُرُوف وبالمد: وَهُوَ مَوضِع
بَينه وَبَين ثنية الْوَدَاع خَمْسَة أَمْيَال أَو سِتَّة،
والثنية أضيفت إِلَى الْوَدَاع لِأَن الْخَارِج من
الْمَدِينَة يمشي مَعَه المودعون إِلَيْهَا. قَوْله: بني
زُرَيْق بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء، وَبَنُو زُرَيْق من
الْأَنْصَار. قَوْله: وَأَن عبد الله هُوَ عبد الله بن
عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
حدّثنا قُتَيْبَةُ، عنْ لَ يْثٍ، عنْ نافِعٍ، عنِ ابنِ
عُمَرَ. وحدّثني إسْحاق، أخبرنَا عِيسَى وابنُ إدْرِيسَ،
وابنُ أبي غَنِيَّةَ، عنْ أبي حَيَّانَ، عنِ الشّعْبِيِّ
عنِ ابنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ
عُمَرَ عَلى مِنْبَرِ النبيِّ.
ا
(25/59)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: على
مِنْبَر النَّبِي وَاقْتصر من الحَدِيث على هَذَا
الْمِقْدَار لكَون الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ هُنَا هُوَ
ذكر الْمِنْبَر، وَتَمَامه مضى فِي كتاب الْأَشْرِبَة فِي:
بَاب مَا جَاءَ فِي أَن الْخمر مَا خامر الْعقل: حَدثنَا
أَحْمد بن أبي رَجَاء أخبرنَا يحيى عَن أبي حَيَّان
التَّيْمِيّ عَن الشّعبِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: خطب عمر
على مِنْبَر رَسُول الله فَقَالَ: إِنَّه قد نزل تَحْرِيم
الْخمر وَهِي من خَمْسَة أَشْيَاء: الْعِنَب وَالتَّمْر
وَالْحِنْطَة وَالشعِير وَالْعَسَل ... الحَدِيث.
وَهنا أخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن قُتَيْبَة بن سعيد
عَن لَيْث بن سعد عَن نَافِع عَن عبد الله بن عَمْرو.
وَالْآخر: عَن إِسْحَاق، قَالَ الكلاباذي: هُوَ ابْن
إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه،
وَهُوَ يروي عَن عِيسَى بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَمْرو
بن عبد الله الْهَمدَانِي السبيعِي وَعَن عبد الله بن
إِدْرِيس بن زيد الْكُوفِي وَعَن ابْن أبي غنية بِفَتْح
الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر النُّون وَتَشْديد الْيَاء
آخر الْحُرُوف واسْمه يحيى بن عبد الْملك بن حميد بن أبي
غنية الْخُزَاعِيّ الْكُوفِي، وَأَصله من أَصْبَهَان
تحولوا عَنْهَا حِين افتتحها أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ
إِلَى الْكُوفَة وَهُوَ يروي عَن أبي حَيَّان بِفَتْح
الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف
وبالنون واسْمه يحيى بن سعيد بن حَيَّان أَبُو حَيَّان
التَّيْمِيّ، تيم الربَاب، الْكُوفِي، وَهُوَ يروي عَن
عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ عَن عبد الله بن عمر، رَضِي
الله عَنْهُمَا.
7338 - حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنِ
الزُّهْرِيِّ، أَخْبرنِي السَّائبُ بنُ يَزيدَ سَمِعَ
عُثمانَ بنَ عفّانَ خَطِيباً عَلى مِنْبَرِ النبيِّ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي الْمِنْبَر. وَأَبُو الْيَمَان
الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة يروي
عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد
الصَّحَابِيّ، وَاقْتصر على هَذَا الْمِقْدَار من الحَدِيث
لأجل لفظ الْمِنْبَر.
قَوْله: خَطِيبًا حَال من عُثْمَان، ويروى: خَطَبنَا،
بنُون الْمُتَكَلّم مَعَ غَيره بِلَفْظ الْمَاضِي أَي:
خَطَبنَا عُثْمَان، وَقد أخرج أَبُو عبيد فِي كتاب
الْأَمْوَال من وَجه آخر عَن الزُّهْرِيّ فَزَاد فِيهِ
يَقُول: هَذَا شهر زَكَاتكُمْ فَمن كَانَ عَلَيْهِ دين
فليؤده ... الحَدِيث، وَنقل فِيهِ عَن إِبْرَاهِيم بن سعد
أَنه أَرَادَ شهر رَمَضَان، وَقَالَ أَبُو عبيد: وَجَاء من
وَجه آخر أَنه شهر الله الْمحرم.
7339 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشارٍ، حدّثنا عبْدُ
الأعْلَى، حدّثنا هِشامُ بنُ حَسَّانَ أنَّ هِشامَ بنَ
عُرْوَةَ حدَّثَهُ عنْ أبِيهِ أنَّ عائِشَةَ قالَتْ: قَدْ
كانَ يُوضَعُ لي ولِرَسولِ الله هاذا المِرْكَنُ
فَنَشْرَعُ فِيهِ جَمِيعاً.
ا
لم أر أحدا من الشُّرَّاح ذكر وَجه دُخُول هَذَا الحَدِيث
فِي هَذَا الْبَاب، غير أَن وَاحِدًا مِنْهُم ذكر وَقَالَ:
إِن مركن عَائِشَة الَّذِي كَانَت تشرع فِيهِ مَعَ رَسُول
الله وَمِقْدَار مَا يكفيهما من المَاء سنة، وَلَا يُوجد
ذَلِك المركن إلاَّ بِالْمَدِينَةِ. انْتهى. قلت: يُمكن
أَن يُؤْخَذ من هَذَا وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة فِي ذكر
الْمَدِينَة.
وَعبد الْأَعْلَى هُوَ ابْن عبد الْأَعْلَى السَّامِي
بِالسِّين الْمُهْملَة الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْغسْل فِي: بَاب غسل الرجل مَعَ
امْرَأَته.
قَوْله: المركن بِكَسْر الْمِيم، قَالَ الْكرْمَانِي:
الإجانة، وَقَالَ بَعضهم: وَأبْعد من فسره بالإجانة
بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد الْجِيم ثمَّ نون وَهِي
القصرية بِكَسْر الْقَاف. قلت: قَالَ ابْن الْأَثِير:
المركن الإجانة الَّتِي يغسل فِيهَا الثِّيَاب وَالْمِيم
زَائِدَة، وَكَذَا فسره الْأَصْمَعِي.
7340 - حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا عبَّادُ بنُ عَبَّادٍ،
حدّثنا عاصِمٌ الأحْوَلُ عنْ أنَسٍ قَالَ: حالَفَ النبيُّ
بَيْنَ الأنْصارِ وقُرَيْشٍ فِي دارِي الّتي بِالمَدِينةِ.
وقَنَتَ شَهْراً يَدْعُو عَلَى أحْياءٍ مِنْ بَنِي
سُلَيْمٍ.
ا [
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فِي دَاري الَّتِي
بِالْمَدِينَةِ
وَعباد بن عباد بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد
الْبَاء الْمُوَحدَة فيهمَا.
والْحَدِيث مضى فِي الْكفَالَة عَن مُحَمَّد بن الصَّباح
وَعنهُ روى مُسلم فِي الْفَضَائِل. وَأخرجه أَبُو دَاوُد
عَن مُسَدّد فِي الْفَرَائِض.
قَوْله: حَالف من المحالفة وَهِي المعاقدة والمعاهدة على
التعاضد والتساعد والاتفاق. فَإِن قلت: ورد لَا حلف فِي
الْإِسْلَام؟ قلت: هَذَا على الْحلف الَّذِي كَانَ فِي
الْجَاهِلِيَّة على الْفِتَن والقتال والغارات وَنَحْوهَا،
فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي نهى عَنْهَا.
قَوْله: وقنت الخ حَدِيث مُسْتَقل مضى فِي
(25/60)
كتاب الْوتر إِنَّمَا دَعَا على أَحيَاء من
بني سليم لأَنهم غدروا وَقتلُوا الْقُرَّاء، وَقد مر
بَيَانه فِيمَا مضى.
7342 - حدّثنا أبُو كُرَيْبٍ، حدّثنا أبُو أُسامَةَ،
حدّثنا بُرَيْدٌ عنْ أبي بُرْدَةَ قَالَ: قَدِمْتُ
المَدِينَةَ فَلَقِيَنِي عَبْدُ الله بنُ سَلامٍ فَقَالَ
لي: انْطَلِقْ إِلَى المَنْزِلِ فأسْقِيَكَ فِي قَدَحٍ
شَرِبَ فِيهِ رسولُ الله وتصَلِّي فِي مَسْجِدٍ صَلَّى
فِيهِ النبيُّ فانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَسَقانِي سَوِيقاً
وأطْعَمَنِي تَمْراً وَصَلَّيْتُ فِي مَسْجِدِهِ.
انْظُر الحَدِيث 3814
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَصليت فِي مَسْجده
وَأَبُو كريب بِضَم الْكَاف مُحَمَّد بن الْعَلَاء وَأَبُو
أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد بِضَم الْبَاء
الْمُوَحدَة ابْن عبد الله بن أبي بردة بِضَم الْبَاء
أَيْضا ابْن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَاسم أبي بردة
عَامر أَو الْحَارِث وَقد مر غير مرّة، وَعبد الله بن
سَلام بِالتَّخْفِيفِ وَبَين فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق
سَبَب قدوم أبي بردة الْمَدِينَة.
وَأخرجه من طَرِيق سعيد بن أبي بردة عَن أبي بردة قَالَ:
أَرْسلنِي أبي إِلَى عبد الله بن سَلام لأتعلم مِنْهُ،
فَسَأَلَنِي: من أَنْت؟ فَأَخْبَرته فَرَحَّبَ بِي.
قَوْله: انْطلق إِلَى الْمنزل أَي: انْطلق معي إِلَى
منزلي، فالألف وَاللَّام بدل من الْمُضَاف إِلَيْهِ.
قَوْله: فسقاني ويروى: فأسقاني.
7343 - حدّثنا سعيدُ بنُ الرَّبِيعِ، حدّثنا عَليُّ بنُ
المُبارَكِ، عَن يَحْياى بنِ أبي كَثِيرٍ حدّثني
عِكْرِمَةُ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ عُمَرَ رَضِي الله
عَنهُ، حَدَّثَهُ قَالَ: حدّثني النبيُّ قَالَ: أتانِي
اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي وهْوَ بِالعَقِيقِ أنْ صَلِّ
فِي هاذا الوادِي المُبارَكِ وَقُلْ: عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ
وَقَالَ هارُونُ بنُ إسْماعِيلَ: حدّثنا علِيٌّ: عُمْرَةٌ
فِي حَجَّةٍ. 0 انْظُر الحَدِيث 1534 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَهُوَ بالعقيق
لِأَنَّهُ دَاخل فِي مشاهده،
وَسَعِيد بن الرّبيع أَبُو زيد الْهَرَوِيّ كَانَ يَبِيع
الثِّيَاب الهروية فنسب إِلَيْهَا وَهُوَ من أهل
الْبَصْرَة.
والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل الْحَج فِي: بَاب قَول
النَّبِي العقيق وَاد مبارك، وَمضى الْكَلَام فِيهِ
هُنَاكَ.
قَوْله: آتٍ هُوَ الْملك وَالظَّاهِر أَنه جِبْرِيل،
عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. قَوْله: بالعقيق وَهُوَ
وَاد بِظَاهِر الْمَدِينَة. قَوْله: أَن صل قَالَ
الْكرْمَانِي: لَعَلَّ المُرَاد بِالصَّلَاةِ سنة
الْإِحْرَام. وَفِيه: دَلِيل على أَنه كَانَ قَارنا.
قَوْله: عمْرَة وَحجَّة منصوبان أَي: نَوَيْت أَو أردْت.
قَوْله: وَقَالَ هَارُون بن إِسْمَاعِيل هُوَ أَبُو الْحسن
الخزاز بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة والزاءين المعجمتين
الْبَصْرِيّ.
قَوْله: حَدثنَا عَليّ هُوَ ابْن الْمُبَارك. قَوْله:
عمْرَة فِي حجَّة مَعْنَاهُ: عمْرَة مَعَ حجَّة، أَو:
عمْرَة مدرجة فِي حجَّة يَعْنِي القِران.
7344 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ، حدّثنا سُفْيانُ عنْ
عبْدِ الله بنِ دِينارٍ عنِ ابنِ عُمَرَ: وقَّتَ النبيُّ
قَرْناً لِأَهْلِ نَجِدٍ والجُحْفَةَ لأهْلِ الشّأْمِ وذَا
الحُلَيْفَةِ لِأَهْلِ المَدِينَةِ. قَالَ: سَمِعْتُ هاذَا
مِنَ النبيِّ وبَلَغَنِي أنَّ النبيَّ قَالَ: ولِأَهْلِ
اليَمَنِ يَلَمْلَمُ وذُكِرَ العِرَاقُ فَقَالَ: لَمْ
يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة لَا تخفى لمن يَتَأَمَّلهَا
وَمُحَمّد بن يُوسُف أَبُو أَحْمد البُخَارِيّ البيكندي،
وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
والْحَدِيث قد مضى فِي أَوَائِل الْحَج عَن ابْن عمر من
وُجُوه.
قَوْله: وَقت أَي: عين الْمِيقَات. قَوْله: قرنا بِسُكُون
الرَّاء، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ بِفَتْحِهَا، وَهُوَ
على مرحلَتَيْنِ من مَكَّة، ويروى: قرن، بِاعْتِبَار أَنه
غير منصرف أَو بِاعْتِبَار اللُّغَة الربيعية. قَوْله:
وَبَلغنِي فَإِن قلت: هَذِه رِوَايَة عَن مَجْهُول. قلت:
لَا قدح بذلك لِأَنَّهُ يروي عَن صَحَابِيّ آخر
وَالصَّحَابَة كلهم عدُول. قَوْله: وَذكر على صِيغَة
الْمَجْهُول
(25/61)
قَوْله: فَقَالَ أَي: ابْن عمر. قَوْله: لم
يكن عراق يومئذٍ يَعْنِي: لم يكن أهل الْعرَاق فِي ذَلِك
الْوَقْت مُسلمين حَتَّى يُوَقت لَهُم مِيقَات، وَكَانَت
الْعرَاق يومئذٍ بأيدي كسْرَى وعماله من الْفرس وَالْعرب.
وَقَالَ بَعضهم: يُعَكر على هَذَا الْجَواب ذكر أهل
الشَّام فَلَعَلَّ مُرَاد ابْن عمر نفي العراقين وهما
المصران المشهوران: الْكُوفَة وَالْبَصْرَة، وكل مِنْهُمَا
إِنَّمَا صَار مصرا جَامعا بعد فتح الْمُسلمين بِلَاد
الْفرس. انْتهى. قلت: هَذَا كَلَام واهٍ لِأَن ابْن عمر
يَقُول: وَقت النَّبِي، فَفِي ذَلِك الْوَقْت لم يكن اسْم
الْكُوفَة وَلَا اسْم الْبَصْرَة مَذْكُورا وَلَا خطر
بخاطر أحد أَن فِي الْعرَاق بلدين الْكُوفَة وَالْبَصْرَة،
وَإِنَّمَا تمصرتا فِي أَيَّام عمر بن الْخطاب، رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ، وَالْجَوَاب عَن قَوْله: وَيُعَكر، أَن
الْحَج فرض فِي سنة سِتّ من الْهِجْرَة كَمَا قَرَّرَهُ
الشَّافِعِي، فَلهَذَا ذهب إِلَى أَنه للتراخي لِأَنَّهُ
لم يحجّ إلاَّ فِي سنة عشر وَبَينهمَا أَربع سِنِين، وَفِي
هَذِه الْمدَّة دخل نَاس فِي الْإِسْلَام من القاطنين
فِيمَا وَرَاء الْمَدِينَة من نَاحيَة الشَّام، وتوقيت
النَّبِي الْمَوَاقِيت كَانَ فِي زمن حجه.
7345 - حدّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ المُبَارَكِ، حدّثنا
الفُضَيْلُ، حدّثنا مُوسَى بنُ عُقْبَةَ، حدّثني سالِمُ
ابنُ عَبْدِ الله عنْ أبِيهِ عنِ النبيِّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ أُرِي وهْوَ فِي مُعَرَّسِهِ بِذِي
الْحُلَيْفَةِ فَقِيلَ لَهُ: إنكَ بِبَطْحاءَ مُبارَكَةٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة لَا تخفى لِأَن ذَا الحليفة أَيْضا
من أعظم مشاهده، وَلِهَذَا قيل لَهُ: إِنَّك فِي بطحاء
مباركة وبطحاء الْوَادي وأبطحه حصاه اللين فِي بطن المسيل،
وَذُو الحليفة على سِتَّة أَمْيَال من الْمَدِينَة، وَقيل:
سَبْعَة، وَهُوَ مَاء من مياه بني جشم بَينهم وَبَين جحفة،
وَهِي مِيقَات أهل الْمَدِينَة الَّتِي تسميها الْعَوام
آبار عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَعبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك بن عبد الله، والفضيل
بِضَم الْفَاء ابْن سُلَيْمَان النميري الْبَصْرِيّ
والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل الْحَج.
قَوْله: أرِي بِضَم الْهمزَة على بِنَاء الْمَجْهُول.
قَوْله: فِي معرسه وَهُوَ اسْم الْمَكَان من التَّعْرِيس
وَهُوَ الْمنزل الَّذِي كَانَ فِي آخر اللَّيْل.
انْتَهَت أَحَادِيث هَذَا الْبَاب وَهِي أَرْبَعَة
وَعِشْرُونَ حَدِيثا كلهَا دَاخِلَة تَحت تَرْجَمته، فبعون
الله ولطفه ذكرنَا وُجُوه المطابقات فِيهَا على الْفَتْح
الإلاهي والفيض الرباني فللَّه الْحَمد أَولا وآخراً أبدا
دَائِما.
17 - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ
الاَْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ
يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول الله عز وَجل: {لَيْسَ لَكَ
مِنَ الاَْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ
يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} أَي: لَيْسَ لَك من
أَمر خلقي شَيْء، وَإِنَّمَا أَمرهم وَالْقَضَاء فيهم
بيَدي دون غَيْرِي وأقضي الَّذِي أَشَاء من التَّوْبَة على
من كفر بِي وعصاني، أَو الْعَذَاب إِمَّا فِي عَاجل
الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ، وَإِمَّا فِي الآجل بِمَا
أَعدَدْت لأهل الْكفْر. وَمضى ذكر سَبَب نُزُولهَا فِي
تَفْسِير سُورَة آل عمرَان، وَيَجِيء الْآن أَيْضا.
وَقَالَ ابْن بطال: دُخُول هَذِه التَّرْجَمَة فِي كتاب
الِاعْتِصَام من جِهَة دُعَاء النَّبِي، على الْمَذْكُورين
لكَوْنهم لم يذعنوا للْإيمَان ليعتصموا بِهِ من
اللَّعْنَة، وَإِن معنى قَوْله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ
الاَْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ
يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} هُوَ معنى قَوْله:
{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى
مَن يَشَآءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلاَِنفُسِكُمْ
وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَآءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا
تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ
تُظْلَمُونَ}
7346 - حدّثنا أحْمدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أخبرنَا عَبْدُ الله،
أخبرنَا مَعْمَر عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ سالِمِ عنِ ابنِ
عُمَرَ أنَّهُ سَمِعَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَقُولُ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ، ورَفَعَ رَأسَهُ مِنَ
الرُّكُوعِ، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنا ولَكَ الحمْدُ فِي
الآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاناً
وفُلاناً فأنْزَلَ الله عَزَّ وجلَّ {لَيْسَ لَكَ مِنَ
الاَْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ
يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأحمد بن مُحَمَّد
السمسار الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك،
وَمعمر بن رَاشد.
والْحَدِيث مضى فِي سُورَة آل عمرَان وَمضى الْكَلَام
فِيهِ.
قَوْله: يَقُول قَالَ الْكرْمَانِي: أَيْن مقول يَقُول؟
ثمَّ أجَاب بقوله: جعله كالفعل اللَّازِم أَي: يفعل
القَوْل ويخفيه، أَو هُوَ مَحْذُوف. وَقَالَ بَعضهم:
يحْتَمل أَن يكون بِمَعْنى قَائِلا. أَو لفظ: قَالَ،
الْمَذْكُور زَائِد. قلت: هَذَا
(25/62)
الِاحْتِمَال لَا يمْنَع السُّؤَال
لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ حَالا فَلَا بُد لَهُ من مقول،
ودعواه بِزِيَادَة، قَالَ: غير صَحِيحَة لِأَنَّهُ وَاقع
فِي مَحَله. قَوْله: وَرفع رَأسه الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: رَبنَا وَلَك الْحَمد ويروى بِدُونِ الْوَاو.
قَوْله: فِي الْآخِرَة من كَلَام ابْن عمر، أَي: فِي
الرَّكْعَة الْآخِرَة، وَوهم فِيهِ الْكرْمَانِي وهما
فَاحِشا وَظن أَنه مُتَعَلق بِالْحَمْد حَتَّى قَالَ: وَجه
التَّخْصِيص بِالآخِرَة مَعَ أَن لَهُ الْحَمد فِي
الدُّنْيَا أَيْضا لِأَن نعيم الْآخِرَة أشرف فَالْحَمْد
عَلَيْهِ هُوَ الْحَمد حَقِيقَة. أَو المُرَاد بِالآخِرَة:
الْعَاقِبَة، أَي: قَالَ كل الحمود إِلَيْك انْتهى. وَفِي
جمع الْحَمد على الحمود نظر. قَوْله: فلَانا وَفُلَانًا
قَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي رعلاً وذكوان، قيل: وهم فِيهِ
أَيْضا لِأَنَّهُ سمى نَاسا بأعيانهم لَا الْقَبَائِل.
18 - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا
فِى هَاذَا الْقُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ
وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىءٍ جَدَلاً} وقَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَلاَ تُجَادِلُو اْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ
بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ
مِنْهُمْ وَقُولُو اْءَامَنَّا بِالَّذِى أُنزِلَ
إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَاهُنَا
وَإِلَاهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ
تُجَادِلُو اْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ
أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُو
اْءَامَنَّا بِالَّذِى أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ
إِلَيْكُمْ وَإِلَاهُنَا وَإِلَاهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ
لَهُ مُسْلِمُونَ} وَفِي التَّفْسِير بيّن سَبَب
نُزُولهَا. قَوْله. وَقَوله تَعَالَى: ل م ... الْآيَة
اخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل هَذِه الْآيَة، فَقَالَت
طَائِفَة: هِيَ محكمَة وَيجوز مجادلة أهل الْكتاب
بِالَّتِي هِيَ أحسن على معنى الدُّعَاء لَهُم إِلَى الله
والتنبيه على حججه وآياته رَجَاء إجابتهم إِلَى
الْإِيمَان، هَذَا قَول مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير.
وَقَالَ ابْن زيد: مَعْنَاهُ {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب}
يَعْنِي إِذا أَسْلمُوا وأخبروكم بِمَا فِي كتبهمْ وى ييً
فِي المخاطبة {إِلَّا الَّذين ظلمُوا} بإقامتهم على
الْكفْر، فخاطبوهم بِالسَّيْفِ. وَقَالَ قَتَادَة: هِيَ
مَنْسُوخَة بِآيَة الْقِتَال.
7347 - حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنِ
الزُّهْرِيِّ. ح وحدّثني مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ، أخبرنَا
عَتَّابُ بنُ بَشِيرٍ عنْ إسْحاقَ عنِ الزُّهْرِيِّ،
أَخْبرنِي عليُّ بنُ حُسَيْنٍ أنَّ حُسَيْنَ بنَ عَلِيَ
رَضِي الله عَنْهُمَا، أخْبَرَهُ أنَّ علِيَّ بنَ أبي
طالِبٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: إنَّ رسولَ الله
طَرَقَهُ وفاطِمَةَ عَلَيْها السّلاَمُ، بِنْتَ رسولِ الله
فَقَالَ، لَهُمْ: أَلا تُصَلُّونَ؟ فَقَالَ عليٌّ:
فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله إنّما أنْفُسُنا بِيَدِ الله
فإذَا شاءَ أنْ يَبْعَثَنا بَعَثَنا، فانْصَرَفَ رسولُ
الله حِينَ قَالَ لهُ ذَلِكَ: وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ
شَيْئاً، ثُمَّ سَمِعَهُ وهْوَ مُدبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ
وهْوَ يَقُولُ: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَاذَا
الْقُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ
الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىءٍ جَدَلاً} .
مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرجه من
طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع
عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم
الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن. وَالْآخر: عَن
مُحَمَّد بن سَلام بِالتَّخْفِيفِ وَوَقع عِنْد
النَّسَفِيّ غير مَنْسُوب عَن عتاب بِفَتْح الْعين
الْمُهْملَة وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق
وبالباء الْمُوَحدَة ابْن بشير بِفَتْح الْبَاء
الْمُوَحدَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة والجزري بِالْجِيم
وَالزَّاي وَالرَّاء عَن إِسْحَاق بن رَاشد الْجَزرِي
أَيْضا وَوَقع إِسْحَاق عِنْد النَّسَفِيّ وَأبي ذَر غير
مَنْسُوب وَنسب عِنْد البَاقِينَ، وسَاق الْمَتْن على
لَفظه عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ بن
أبي طَالب عَن أَبِيه الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب،
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة عَن أبي الْيَمَان أَيْضا
وَفِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن عبد الله.
قَوْله: طرقه أَي: طرق عليّاً وَفَاطِمَة، مَنْصُوب
لِأَنَّهُ عطف على الضَّمِير الْمَنْصُوب بِطرقِهِ،
وَمَعْنَاهُ: أَتَاهُ لَيْلًا وَسَيَأْتِي مزِيد الْكَلَام
فِيهِ. قَوْله: فَقَالَ لَهُم: أَلا تصلونَ؟ أَي: لعَلي
وَفَاطِمَة وَمن عِنْدهمَا. أَو إِن أقل الْجمع اثْنَان،
وَفِي رِوَايَة شُعَيْب أَلا تصليان؟ بالتثنية على
الأَصْل. قَوْله: بعثنَا أَي من النّوم للصَّلَاة. قَوْله:
حِين قَالَ لَهُ ذَلِك فِيهِ الْتِفَات، وَفِي رِوَايَة
شُعَيْب: حِين قلت لَهُ ذَلِك. قَوْله: وَهُوَ مُدبر بِضَم
أَوله وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: مول ظَهره بتَشْديد
اللَّام، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَهُوَ منصرف.
قَوْله: يضْرب فَخذه جملَة وَقعت حَالا، وَكَذَلِكَ
قَوْله: وَهُوَ يَقُول وَكَأن رَسُول الله حرضهم على
الصَّلَاة بِاعْتِبَار الْكسْب وَالْقُدْرَة، وأجابه
عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِاعْتِبَار الْقَضَاء
وَالْقدر. قَالُوا: وَكَانَ يضْرب فَخذه تَعَجبا من سرعَة
جَوَابه وَالِاعْتِبَار بذلك أَو تَسْلِيمًا لقَوْله.
وَقَالَ الْمُهلب: لم يكن لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ، أَن يدْفع مَا دَعَاهُ النَّبِي، صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِلَيْهِ من الصَّلَاة بقوله
(25/63)
بل كَانَ عَلَيْهِ الِاعْتِصَام بقبوله،
وَلَا حجَّة لأحد فِي ترك الْمَأْمُور بِهِ بِمثل مَا
احْتج بِهِ عَليّ: قيل لَهُ: مَا فَائِدَة قَوْله: رفع
الْقَلَم عَن النَّائِم؟ .
قَالَ أبُو عَبْدِ الله: يُقالُ: مَا أتاكَ لَيْلاً فَهُوَ
طارِقٌ، ويُقالُ: الطّارِقُ النَّجْمُ، والثّاقِبُ
المُضِيءُ، يُقالُ: أثْقِبْ نارَكَ لِلْمُوقِدِ.
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ قَوْله: يُقَال مَا
أَتَاك لَيْلًا فَهُوَ طَارق كَذَا لأبي ذَر، وَسقط من
رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَثَبت للباقين لَكِن بِدُونِ لفظ:
يُقَال، وَقيل: معنى طرقه جَاءَهُ لَيْلًا، وَقَالَ ابْن
فَارس: حكى بَعضهم أَن ذَلِك قد يُقَال فِي النَّهَار
أَيْضا، وَقيل: أصل الطروق من الطّرق وَهُوَ الدق، وَسمي
الْآتِي بِاللَّيْلِ طَارِقًا لِحَاجَتِهِ إِلَى دق
الْبَاب. قَوْله: وَيُقَال الطارق النَّجْم، والثاقب
المضيء. قَالَ تَعَالَى: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ
النَّجْمُ الثَّاقِبُ} كَأَنَّهُ يثقب الظلام بضوئه فَينفذ
فِيهِ، وَوصف بالطارق لِأَنَّهُ يَبْدُو بِاللَّيْلِ.
قَوْله: أثقب أَمر من الثقب وَهُوَ مُتَعَدٍّ، يُقَال:
ثقبت الشَّيْء ثقباً وَهُوَ من بَاب نصر ينصر وَالْأَمر
مِنْهُ: أثقب بِضَم الْهمزَة. قَوْله: للموقد، بِكَسْر
الْقَاف وَهُوَ الَّذِي يُوقد النَّار.
حدّثنا قُتَيْبَةُ، حَدثنَا اللّيْثُ، عنْ سَعِيدٍ عنْ
أبِيهِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنا نَحْنُ فِي
المَسْجِدِ خَرَجَ رسولُ الله فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى
يَهُودَ فَخَرَجْنَا مَعَهُ حتَّى جِئْنا بَيْتَ
الْمِدْراسِ فقامَ النبيُّ فَناداهُمْ فَقَالَ: يَا
معْشَرَ يَهُودَ أسْلِمُوا تَسْلَمُوا فقالُوا: قَدْ
بَلّغْتَ يَا أَبَا القاسِمِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ رسولُ
الله ذَلِكَ أُرِيدُ أسْلِمُوا تَسْلَمُوا فقالُوا: قَدْ
بَلّغْتَ يَا أَبَا القاسِمِ، فَقَالَ لَهُمْ رسولُ الله
ذَلِكَ أُرِيد ثُمَّ قالَها الثّالِثَةَ، فَقَالَ:
اعْلَمُوا أنَّما الأرْضُ لله ورسولِهِ وأنِّي أُرِيدُ أنْ
أُجْلِيَكُمْ مِنْ هاذِهِ الأرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكمْ
بِمالِهِ شَيْئاً فَلْيَبِعْهُ، وإلاّ فاعْلَمُوا أنَّما
الأرْضُ لله ورسُولِهِ
انْظُر الحَدِيث 3167 وطرفه
مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه
بلغ الْيَهُود ودعاهم إِلَى الْإِسْلَام فَقَالُوا: بلغت
وَلم يذعنوا لطاعته فَبَالغ فِي تبليغهم وكرره، وَهَذِه
مجادلة بِالَّتِي هِيَ أحسن.
وَسَعِيد هُوَ المَقْبُري يروي عَن أَبِيه كيسَان.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِزْيَة عَن عبد الله بن يُوسُف
وَفِي الْإِكْرَاه عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله. وَأخرجه
مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كلهم عَن قُتَيْبَة،
فَمُسلم فِي الْمَغَازِي، وَأَبُو دَاوُد فِي الْخراج،
وَالنَّسَائِيّ فِي السّير.
قَوْله: بَيت الْمِدْرَاس بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الَّذِي
يقْرَأ فِيهِ التَّوْرَاة، وَقيل: هُوَ الْموضع الَّذِي
كَانُوا يقرأون فِيهِ، وَإِضَافَة الْبَيْت إِلَيْهِ
إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص، ويروى: الْمدَارِس بِضَم
الْمِيم، قَالَه الْكرْمَانِي: قَوْله: أَسْلمُوا بِفَتْح
الْهمزَة من الْإِسْلَام وتسلموا من السَّلامَة. قَوْله:
ذَلِك أُرِيد بِضَم الْهمزَة وَكسر الرَّاء أَي:
التَّبْلِيغ هُوَ مقصودي {إِنِّى أُرِيدُ أَن تَبُوءَ
بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ
وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ} ، وَغَيرهَا وَفِي
رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي فِيمَا ذكره الْقَابِسِيّ
بِفَتْح الْهمزَة وبزاي من الزِّيَادَة وأطبقوا على أَنه
تَصْحِيف، وَوَجهه بَعضهم بِأَن مَعْنَاهُ: أكرر مَقَالَتي
مُبَالغَة فِي التَّبْلِيغ. قَوْله: أَن أجليكم أَي:
أطردكم من تِلْكَ الأَرْض وَكَانَ خُرُوجهمْ إِلَى
الشَّام. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: جلوا عَن أوطانهم وجلوتهم
أَنا يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى، وأجلوا عَن الْبَلَد
وأجليتهم أَنا كِلَاهُمَا بِالْألف، وَزَاد فِي الغريبين
وجلى عَن وَطنه بِالتَّشْدِيدِ. قَوْله: بِمَالِه الْبَاء
للمقابلة نَحْو: بِعته بِذَاكَ.
19 - (بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَالِكَ جَعَلْنَاكُمْ
أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ
وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا
الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ
مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى
عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى
الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ
إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ
رَّحِيمٌ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَوْله تَعَالَى: الخ مَعْنَاهُ
مثل الْجعل الْغَرِيب الَّذِي اختصصناكم فِيهِ بالهداية
أَي عدلا يَوْم الْقِيَامَة كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث نوح
يَقُول قوم نوح، عَلَيْهِ السَّلَام: كَيفَ يشْهدُونَ
علينا
(25/64)
وَنحن أول الْأُمَم وهم آخر الْأُمَم؟ فَيَقُولُونَ: نشْهد
أَن الله عز وَجل بعث إِلَيْنَا رَسُولا وَأنزل إِلَيْنَا
كتابا فَكَانَ فِيمَا أنزل الله إِلَيْنَا خبركم.
وَمَا أمَرَ النبيُّ بِلُزُومِ الجَماعَةِ وهُمْ أهْلُ
العِلْمِ
هَذَا عطف على مَا قبله، تَقْدِيره: وَفِيمَا أَمر
النَّبِي، بِلُزُوم الْجَمَاعَة المُرَاد بِالْجَمَاعَة
أهل الْحل وَالْعقد فِي كل عصر. وَقَالَ الْكرْمَانِي:
مُقْتَضى الْأَمر بِلُزُوم الْجَمَاعَة أَنه يلْزم
الْمُكَلف مُتَابعَة مَا اجْتمع عَلَيْهِ المجتهدون وهم
المُرَاد بقوله: وَهل أهل الْعلم.
7349 - حدّثنا إسْحاقُ بنُ مَنْصُورٍ، حَدثنَا أبُو
أُسامَةَ، حدّثنا الْأَعْمَش، حدَّثنا أبُو صالِحٍ، عنْ
أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رسولُ الله يُجاءُ
بِنُوحٍ يَوْمَ القِيامَةِ فَيُقالُ لهُ هلْ بَلَّغْتَ
فَيَقُولُ نَعَمْ يَا رَبِّ فَتُسْألُ أُمَّتُهُ: هَلْ
بَلَغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا جاءَنا مِنْ نَذِيرٍ،
فَيَقُولُ: مَنْ شُهُودُك؟ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ
وأُمَّتُهُ. فَيُجاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ ثُمَّ قَرَأَ
رسولُ الله {وَكَذَالِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا
لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ
الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا
الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ
مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى
عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى
الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ
إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ
رَّحِيمٌ}
انْظُر الحَدِيث 3339 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْحَاق بن مَنْصُور بن
بهْرَام الكوسج أَبُو يَعْقُوب الْمروزِي، وَأَبُو
أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان،
وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.
والْحَدِيث مضى فِي ذكر نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، عَن
مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَفِي التَّفْسِير عَن يُونُس بن
رَاشد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: حَدثنَا، الْأَعْمَش ويروى: قَالَ الْأَعْمَش، حذف
مِنْهُ: قَالَ، الثَّانِيَة. قَوْله: فَيَقُول مُحَمَّد
ويروى: فَيُقَال.
وعنْ جَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ حدّثنا الأعْمَشُ عنْ أبي صالِحٍ
عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ عنِ النبيِّ بِهاذَا.
وجعفر بن عون بالنُّون بن جَعْفَر المَخْزُومِي الْقرشِي
الْكُوفِي، وَهُوَ مَعْطُوف على قَوْله: أَبُو أُسَامَة،
وَالْقَائِل هُوَ إِسْحَاق بن مَنْصُور، فروى هَذَا
الحَدِيث عَن أبي أُسَامَة بِصِيغَة التحديث. وَعَن
جَعْفَر بن عَوْف بالعنعنة. وَأَبُو نعيم جزم بِأَن
رِوَايَة جَعْفَر بن عون معلقَة. وَأخرجه من طَرِيق أبي
مَسْعُود الرَّازِيّ عَن أبي أُسَامَة وَحده، وَمن طَرِيق
بنْدَار عَن جَعْفَر بن عون وَحده. |